أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، يناير 01، 2010

وديع شامخ: مسرحية الرداء… نسمة جمالية في سماء المسرح العراقي.

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, يناير 01, 2010  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

لقد إجتهد المسرح الحديث للتخلص من ربقة وسطوة الحكاية والحكواتية، إجتهد للقفز على التسلسل الإرسطي الصارم ، والملحمي البريشتي بتغريبه، اجتهد كثيرا حتى توصل الى جنسه الابداعي الذي كان عصيا على الحيازة ، فالمسرح خشبة واحدة ولكن النجارين عدّة، والأهواء والأمزجة والمدارس بكبر قدرة العقل البشري على إنتاج الجديد، وأهم ما أُتفق عليه هو طرح الاسئلة؟
لم يعد المسرح والابداع عموما أجوبة يقين، بقدر ماهو اسئلة وقلق .المسرح الحديث  صورة وفكرة وحكاية، متعة، دهشة، وقلق ، وتغريب  أو هو عدوى ايضا على طريقة ” انطوان ارتو”.
في مسرحية الرداء التي شاهدتها مرتين، مرة في بغداد آبان التسعينات وكانت من بطولة  ” ليلى محمد وفيصل وجواد” ، ومرة ثانية في أستراليا عندما عرضت على مسرح الفنون التابع الى  بلدية مدينة” فيرفلد” في ولاية  سدني، وهي بحلّة جديدة ومن بطولة ” الفنان المبدع  منير العبيدي ومشاركة  الفنانتين المتألقتين رغد آغا و خلود النمر”، وكان القاسم المشترك هو المبدع عباس الحربي الذي كتب المسرحية وأخرجها أيضا .
النص والتأويل
alredaaينهل  الكاتب عباس الحربي في هذه المسرحية من ومضة تاريخية مُستلّة من التاريخ السري للحياة الشخصية للخلفاء المسلمين الأمويين ، وتحديدا حكاية زوجة الخليفة الوليد بن عبد الملك مع الشاعر وضاح اليمن الذي عاش في عصر الدولة الاموية وهو عصر ازدهر فية الادب إزدهارا تعددت فية مواضيعة واختلفت فية اتجاهاتة ومدارسة،  وكان فيه شعراء السياسة والهجاء مثل جرير والفرزدق والاخطل وعدي بن الرقاع وغيرهم كما ظهر فية الشعراء الغزليين والعذريين امثال عمروبن ابي ربيعة وابن قيس الرقيات والعرجي وجميل بثينة وكثير عزة وغيرهم كثير . تقول الحكاية الرسمية: “إن  وضـّاح اليمن (توفي 89 هـ/708 م) هو عبدالرحمن بن إسماعيل الخولاني، لقب بالوضّاح لوسامته، من شعراء الغزل في العصر الأموي. قيل إنه مات مقتولاً بأمر الخليفة الوليد بن عبدالملك لتشبيبه بزوجته” وان الحقيقة السرية تقول كما يروي – كتاب الاغاني لابو فرج الاصفهاني “رأته أم البنين فهويته . أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثنا القاسم بن الحسن المروزي قال حدثنا العمري عن لقيط والهيثم بن عدي أن أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان استأذنت الوليد بن عبد الملك في الحج فأذن لها وهو يومئذ خليفة وهي زوجته فقدمت مكة ومعها من الجواري ما لم ير مثله حسنا وكتب الوليد يتوعد الشعراء جميعا إن ذكرها أحد منهم أو ذكر أحدا ممن تبعها وقدمت فتراءت للناس وتصدى لها أهل الغزل والشعر ووقعت عينها على وضاح اليمن فهويته فحدثنا الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير ابن بكار قال حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن محمد بن جعفر مولى أبي هريرة عن أبيه عن بديح قال قدمت أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان وهي عند الوليد بن عبد الملك حاجة والوليد يومئذ خليفة فبعثت إلى كثير وإلى وضاح اليمن أن انسبا بي فأما وضاح اليمن فإنه ذكرها وصرح بالنسيب بها فوجد الوليد عليه السبيل فقتله”
ويقول الدكتور طة حسين في كتابة حديث الأبعاء الجزء الاول – كانت تريد” أم البنين ” أن يتغزل بها الشعراء كما تغزلوا باخت زوجها فاطمة بنت عبدالملك امراة عمر بن عبدالعزيز وكما تغزلوا بسكينة بنت الحسين وكما تغزلوا ببنت معاوية من قبل وكما كانوا يتغزلون بكل شريفة وجميلة وردت مكة فطلبت إلى كثيرعزة ووضاح ان يذكراها، فاما كثير فخاف الخليفة ولكنة ذكر احدى جواريها تدعى غاضرة أما وضاح فتغزل بام البنين فحبت وضاح وحبها وطلبت منة ان يتبعها إلى الشام كما يذ كر اكرم الرافعي في قصة وضاح تحت سلسلة افاق عربية طبعة 1960 تبعها وضاح ومدح زوجها ،امير المؤمنين الوليد بن عبدالملك حسب نصيحة حبيبتة ام البنين ووعدها انها ستعمل على حمايتة ورفعة شانة فقربة زوجها واكرمة علية القوم وكان يتردد على مخدع (غرفة نوم) ام البنين وكان جميلا حتى تعلق بة وبشعرة بنات ونساء رجال الديوان وبداو يتربصون بة – حسب ما تذ كر الرواية – ويذ كر الدكتور طة حسين ان الوليد اهدى جواهر اعجتبة وارسلها مع أحد الخدم ود خل الخادم فراى عندها وضاح فاسرعت ووضعت وضاح في الصند وق والخادم يرى ثم اخذ ت الجواهر من الخادم فطمع الخادم وطلب أحد هذ ة الجواهر فابت علية وسبتة فانصرف غاضبا واخبر الخليفة بما راى فاظهر الخليفة تكذ يبة وامر بقتلة ثم نهض من فورة ودخل على الملكة فاذا بها تتمشط فجلس على الصندوق الذي وصفة له الخادم وطلب منها ان تعطية ذلك الصند وق فلم تستطع الرفض فاخذه إلى مجلسة وامر بحفر بئر في هذا المجلس والقى الصند وق  في هذ ة البئر ثم دفنها بالتراب وسوى بها الارض ورد البساط فوقها كما كان واختفى وضاح”، قال بديح فلما قتل الوليد وضاح اليمن حجت بعد ذلك أم البنين محتجبة لا تكلم أحد”.
من هذه الحكاية يستل المؤلف عباس الحربي نسقا حكائيا ليصوغ به ثيمة المسرحية ،
يضع الحربي الاميرة والعبد امام خيارين متباعدين ” لحظة وجود العبد شاهدا على وجود وضاح اليمن في سرير الامير” .. امسك المؤلف هذا الخيط ، ووضع الحكاية بطريقة مقلوبة بيد العبد ناسيا موت العبد على يد الخليفة ومؤلفا حكاية متوازية ثانية، عنوانها متوالية القلق.. قلق العبد من مواجهة سيدته ، وقلق السيدة من افتضاح السر. متوالية القلق بين العبد الرازح تحت وطأة الثأر من عبوديتة ، والاميرة الخائنة. تستمر الاحداث وفقا لهذا المنظور ، الخيانة “الخطية ” واجرتها  الموت .. فلابد من قربان .. قربان العبد هو الوشاية ، وقربان الاميرة جسدها الذي يرده العبد المخصي.
مسرحة الحدث
إعتمد عباس الحربي المخرج سينوغرافيا موفقة  للتوصل الى محاولة  اقلاق حواس المشاهد، بالسرير،و كان موفقا في ابرازه كمهينة بصرية .. لانه يمثل ذروة الصراع في الحكاية بشقيها الرسمي والتأويلي، والسيفين والكأس ومبعدا وجود الصندوق الذي وفقا للحكاية كان الثيمة الرئيسة في  موضوع الخيانة،  وهذه لم تكن في اصل الحكاية التي عرضنا لها ، ولكن عباس الحربي جعل تأويله للحكاية  مادة مسرحية ذات اشكالية متعددة، وهنا ينجح المبدع في الإستفادة من الحكاية التاريخية وتحويلها الى ومضة جمالية وفكرية . كل مفردات العرض تحركت بخطين متقاطعين ، يرافقهما خط عمودي ثالث ، وهو علاقة العبد المخصي بزوجته ، وهي اضافة نوعية لتأجيج رغبة العبد بالانعتاق .. عبد مخصي .. امام زوجته الأَمة ” العبدة” .
عبد مخصي ، ومعه سر الانعتاق .. امام اميرة خائنة. المؤلف لم يرد الاقتصاص من الاميرة الخائنة، لانها معروفة تاريخيا بكثرة عشاقها وما يحمله العصر الاموي من فضائح واحداث لاتجعل فعل الاميرة خيانة وعند الرجوع الى اصل الحكاية سنجد ان الخليفة قد دفن وضاح قائلا ” اذا كان في الصندوق مانظن دفنا شرا وان لم يكن دفنا خشب”
القناع التاريخي والقناع الطائفي
لقد أدخل المخرج مناخا طقسيا من الإرث الشيعي تناغم بين العبد الذي يصرخ بمأساة “الأمام الحسين” ومرور الفرس الخشبي على المسرح  ” تذكرنا بالتشابيه الحسينية الشيعية ” لتقديم المظلومية، وهذا برأي قد اخلّ قليلا بفكرة العرض وحركة العرض لغويا وبصريا ، لانعدام  التناغم الفكري العام بين هذا المشهد والرؤيا العامة والشمولية للعرض.
العبودية والإخصاء

ناقش المؤلف عباس الحربي العبودية بطريقة فنية وفلسفية مختلفةعن الحكاية التاريخية .
فالعبد ظل عبدا حتى بعد ان ضاجع الاميرة ، والعبد ظل عبدا حتى بعد ان تبادل الوظيفة بينه وبينها في السرير . لان لا توجد هناك عبودية .. بل هناك رجال عبيد..
هذه ثيمة وفهم مهمة جدا،استطاع الحربي ان يكرس له كل تفاصيل العرض ، حتى ان العبودية ستظل كعربة  تحمل تاريخها وتمتد ويلاتها وهو ما شهدناه في الحركة الاخيرة من المسرحية ، عندما تتدخل الكاميرا السينمية لتعرض لنا سرير الاميرة مجرورا من قبل زوجة العبد المخصي ، وهي تحمل اهوال الحروب والتي يرى الكاتب ان  العبودية او الرجال العبيد هم وراء اهوال هذا التاريخ الدموي.
,وبما ان المؤلف ركّز على ثيمة العبودية . فلنر كيف كانت معالجته فكريا ؟
فقد استخدم المخرج المؤلف ” السرير” بدلا من ” الصندوق  في اصل الحكاية” الذي لا وجود له في الحكاية الاصلية  واستبدله بمنظومة انماط جديدة من الاسرار وتمضي المسرحية بجدل حول السرير  بين العبد القابض على سر الدسيسة وجسد الاميرة المستباح ، بلغة شعرية عالية  وعلى سبيل المثل هذه  العبارات المستلّة من المسرحية ” الاجداد الاشداء الذين يرون مايأتي من الجنه ومن السعير، ماهذه اليله في اقداركم بل مَن هذا المرسل الي فك رحى أم انامل دود سليمان ومامن عصى للاتكاء غير الدم… أيها الميزان المعلق بين زحل واسطبل العبيد تسامى فما عادت كفتيك بحاجه لكومه جياع مثلي لتعادل فردا متخوما بالخيانة… مالذي أتى بك الى هنا والليل يبتلع أصابعه خوفا من هذه اليله المجنونه؟ أتى بي فراشي البارد يازوجي ا لعزيز…ونحن نسبح ببحر انسانيتك لماذا جزّر هذا البحر وكشف عوراتنا للهجير ونحن لانملك غير ذراعين لانعرف، أنستر بهما عوراتنا أم نعتذر بهما للكبير فماعاد فينا من الكبر مانحيي به صباح فضائحنا”.
المسرحية فكريا إنتمت للانتصار الى الحل، غير تاركة النهايات مفتوحة . فالعبد قد انتصر على جسد الاميرة المستباح، وتم تبادل الادوار بين العبد ليصبح أميرة ، وبين الأميرة الجارية ، وهو حوار مقلوب يتمم وجهة نظرنا بان المسرحية سارت الى مآلها للنهاية ، العبد ينتصرعلى عبوديته بحل عقد ” الإخصاء”القرين الدائم  للعبودية .
الأداء والبعد  الجمالي  للعرض المسرحي
أما على مستوى أداء الممثلين فقد كان الفنان منير العبيدي منتصرا على نفسه  في هذا النص المركب حيث  طوع كل ملكاته ومواهبه الجسدية والصوتية لتجسيد دور العبد المخصي، ” تعامل مع الشخصية في ثلاث مراحل وذلك بتجميع اكثر من شخصية تكاد تكون قريبة من  شخصية العبد ، والثانية باستخدام المخيلة وهو كيف  يرى  العبد خلافا لما يراه المؤلف ، وثالثا استخدم” الكاركتر” الذي جمع بين الحالتين  السابقتين باستخدام  البودي التكنيك وتناغمها مع الطبقة الصوتية المناسبة ، أي ان هناك توافقا  جسديا أنصب لرسم  ملامح  الشخصية ، الايماءة ، الحركة ، وكذلك  فهم لطبيعة الدور المركب ..وقد استطاع منير العبيدي بأدائه المميز  كذلك أن يكون حافزا للفنانة الواعدة رغد آغا  أن تؤدي برشاقة،  مشيرة الى طاقة واعدة في المسرح العراقي وكذلك الممثلة خلود النمر الذي تخطت رهبة الخوف من العمل  مع ثنائي مسرحي محترف ،  وهما منير العبيدي  وعباس الحربي.

------------------------------------------------
المصدر : الناقد العراقي 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

في احتفالية جان جينيه بعيون عربية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, يناير 01, 2010  | لا يوجد تعليقات


في سياق «بيروت عاصمة عالمية للكتاب» يُقيم مسرح بابل مهرجان «جان جينيه بعيون عربية». تُحيط هذه الإحتفالية بالكاتب الفرنسي جان جينيه من كلّ جوانب شخصيته وحياته وأدبه: معارض رسم، روايات، أفلام، طاولة مستديرة لمناقشة يومياته وتفاصيل حياته وعلاقته بالمقاومة الفلسطينية ونضاله ضدّ التمييز العنصري.

ويبدو أنّ المخرج العراقي جواد الأسدي الذي وصف جينيه بأنّه «أباً باراً للأرواح التائهة» قد أراد من خلال هذا المهرجان الذي يُقدّمه مسرح بابل لغاية ٢٠ تشرين الثاني/ نوفمبر أن يُعطي الجمهور العربي فرصة التعرّف على كاتب يُشبههم رغم أنّه لم يولد بينهم ولم ينطق لغتهم يوماً إلاّ أنّه كرّس حبره لكلّ مقهور في الأرض من الفلسطينيين والزنوج والعمّال والخدم. كما ارتأى عاشق جينيه- جواد الأسدي- إعادة عرض مسرحية «الخادمتان» التي سبق أن قدّمها على «مسرح بيروت» عام ١٩٩٥.

وكان اختيار الأسدي لهذا الكاتب المعروف بمواقفه الإنسانية الكبيرة وانحيازه للطبقة المقهورة والمظلومة موفّقاً ضمن زحمة العروض المسرحية والثقافية خلال هذا العام. في «الخادمتان» يغوص جينيه في متاهات العالم السفلي حتى يصل إلى الحضيض، فوضع الكاتب الذي اتخّذ «من الهامش وطناً له» الشخصيات المهمّشة في الواجهة.

الخادمتان «صولانج وكلير» هما البطلتان المطلقتان في المسرحية. هما تحلمان بقتل السيّدة التي تستعبدهم منذ ٣٠ عاماً داخل قصرها. منعزلتان تماماً عن العالم الخارجي الذي لا تعرفان منه سوى صوت القطار المزعج والحلاّب «ماريو» اللتان تتواصلان معه. في «الخادمتان»، التي كتبها جينيه كبيان صريح ومباشر ضدّ السادة، تصوير لعالمين متباعدين ومتناقضين لا يُمكن أن يجتمعا سوى في الحلم، لذا تعمد الأختان «كلير وصولانج» يومياً إلى تقليد «السيّدة»، فتقوم كلير (ندى أبو فرحات) بتقمّص دور «المدام» المترفة والمتسلّطة بينما تلعب «صولانج» (كارول عبّود) دور أختها كلير الخادمة المُستعبدة.

في هذه اللعبة المعقّدة تبرز شخصيتا صولانج وكلير المعقدّتين واللتين تجمعهما علاقة غريبة تحضر فيها مشاعر الحب والكراهية والخوف والجبن والشبق والغيرة والإنتقام، فكلاهما تتنابذان بالشتائم والألفاظ البذيئة وكأنّها الطريقة الوحيدة للتنفيس عن الضغط النفسي لسجينتين لا تفقهان معنى العيش فوق الأرض. وعرف المخرج كيف يُخرج السجن من معناه الضيّق ليُصبح شعوراً حقيقياً يتولّد لدى الشخصية والمشاهد على حدّ سواء. فالمسرحية ليست مجرّد تعرية لحقيقة تلك العلاقة الأزلية «السيّد- العبد»، بل إنّها تحمل أيضاً شرحاً لعلاقة «الحريّة- السجن»، وقد تكون هذه هي إضافة المخرج الذي يعمل في كلّ قراءة جديدة لمسرحية «الخادمتان» التي يُقدّمها للمرّة الرابعة في مسيرته والثانية في لبنان على تأكيد فعل الحريّة وبالتحديد حريّة الخدم الروحية التي تدوسها السيّدة. وهذا ما يتجلّى في المشهد الأخير من المسرحية أي عندما تعجز الشقيقتان عن قتل السيّدة، فتطلب كلير من أختها أن تعطيها الكأس المسموم لتشربه، فتسكب السمّ في فمها وتنام إلى الأبد. وهي بذلك لا تقتل نفسها لتريحها، بل لتقتل روح السيّدة التي تسكنها أو بمعنى آخر لقتل فكرة العبوديّة في داخلها.

وبالرغم من أنّ المسرحية فقيرة في الديكور وعدد الشخصيات إلاّ أنّها عالية من حيث المضمون والتكنيك المسرحي، وهذه هي نقطة القوّة في أعمال المخرج العراقي جواد الأسدي. فهو من أكثر المخرجين المسرحيين الذين يتحرّرون من النصّ الأصلي ويشتغلون على الفانتازيا، فمع أنّ المسرحية مأخوذة من واقع فعلي مُعاش إلاّ أنّ روح المخرج التوّاقة للفانتازيا وعمله الدقيق على تفاصيل الإضاءة والموسيقى وحركات الممثلين الجسدية منحت المسرحية شيئاً من الخيال والمناخ الغرائبي الذي يتقنه الأسدي أكثر من غيره.

ولا بدّ من الوقوف أيضاً عند اختيار الممثلتين كارول عبود وندى أبو فرحات اللتين أديتا دور «الخادمتين» بحرفيّة عالية بعدما كانت جوليا قصّار ورندا الأسمر قد لعبتا نفس الدور عام ١٩٩٥. ولا شكّ في أنّ الوقوف على الخشبة تحت إدارة جواد الأسدي يُظهر الممثّل في أعلى مستوياته لأنّه يستنفذ قدرات الممثلين بذكاء ويُدرك جيداً كيف يُخرجهم من ذاتهم ليتماهوا كلياً في حيثيات الشخصية. وهذا الجهد أو الطاقة التي يبذلها الممثل على خشبة الأسدي تبدو واضحة بالنسبة إلى الجمهور الحاضر الذي يتفاعل هو بدوره في العمل.
أمّا «السيّدة» التي لعبتها رينيه الديك وبهرت الجمهور بأدائها وشكلها عندما ظهرت صلعاء من أجل تنفيذ الدور على أكمل وجه فلم تُستبدل بأي ممثّلة أخرى، وارتأى المخرج أن تكون «السيّدة» بمثابة الشخصية الغائبة- الحاضرة في المسرحية عوضاً عن استبدالها بممثلّة أقلّ مستوى من رينيه الديك. وهكذا كانت «الخادمتان» تحيّة إلى جان جنيه ككاتب وإلى رينيه الديك كمبدعة حاضرة دائماً في ذاكرة المسرح اللبناني والعربي.

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9