مجلة الفنون المسرحية |  at الأحد, نوفمبر 21, 2010
| 
عام 1965 .. أي بعد عامين من وجودي ببيروت وعلاقتي الوثيقة بالمسرحيين هناك وبالفنانين عامة.. تبلورت الصورة عندي كاملة عن واقع المسرح هناك كان يعكس اتجاهين لا ثالث لهما.. هناك مدرسة مثقفة تقلد مسرح الغرب فكرا وشكلا.. وتكاد تحبس نفسها في قوقعة لايستطيع بل لا يجرؤ رجل الشارع الوصول الى ما تقدمه من مسرحيات غريبة عنه اولاً، وعسيرة عليه استيعاباً وتقبلاً ثانياً –واتجاه آخر، ولا اسميه مدرسة- هو مسرح (الملهى) الغارق في سطحيته والمتعكز اولاً واخيراً على النكتة السمجة وتناول المواضيع المستهلكة التي تبدو ذات مساس بحياة الناس لكنها تشوه وتبتعد عن حس وجوهر ذلك الواقع او تلك الحياة الحقيقية، ووضع المشاهد في ضلال واضحاك عليه دون ان يدري.
آنذاك وبعد لقاءات.. ومناقشات طويلة.. اُقترح علي ان اقدم محاضرات في مدرسة (المقاصد الاسلامية) تتناول المسرح دون الدخول في مجالات الاختصاص البحت.. الذي يظل من سمات الدراسات الاكاديمية.. والطلبة يحبون ان يتعرفوا على فن المسرح، وان يقدموا مسرحاً قريباً منهم.. بعد فترة الاقتراب منه على الصعيد النظري والعلمي.
اخترت مسرحية (المفتش العام) لجوجول.. مادة للقراءة والدراسة.. واتصلت بقاسم محمد كان يدرس المسرح في موسكو ان يرسل لي أهم الدراسات التي نشرت او توفرت هناك عن اخراج هذه المسرحية عبر سنوات وعبر اكثر من تجربة.
وقاسم من المسرحيين الجادين الذين لايبخلون عن تلبية مثل هذه الطلبات.. وصلتني عشرات الصفحات.. ومعالجات من اكثر من مخرج سبق وقدم المسرحية.. وبدأنا نضع انفسنا في مجال التهيؤ لتقديم المسرحية.. ورحت اخطط لاخراجها على وفق تصوراتي.. وما اكتسبته مما قرأت.. وبقينا مع الطلبة.. في عمل مختبري.. حميم.. حتى تمت التجربة.. واوشكت لان تدعونا.. الى توفير (الملاك) المتمكن لتنفيذ انتاج المسرحية.. توقفت وانا (مخرج) العمل المسرحي عند اختيار الجديرين منهم.. كان في مقدمتهم شاب متحمس وموهوب.. هو زياد مكوك، الذي صار واحدا من ممثلي المسرح مع شوشو –رحمه الله- ثم انتقل الى السينما في ادوار ثانوية، ثم ادوار متميزة في بيروت والقاهرة.. واخترنا آخرين لكننا اصطدمنا بجدار العنصر النسائي المفقود.. سيما والمدرسة للطلاب فقط وليس هناك طالبات.. واجراءات الادارة.. والمشرفين عليها.. ليست لديهم الصلاحية في الاستعارة من جهات اخرى لهذا الغرض.. وجاءنا اقتراح بالغاء الادوار النسائية للخروج من المشكلة..! رفضت انا.. واعتذرت.. وبقينا في المختبر المسرحي.. نقرأ ونمثل مشاهد منفصلة عن بعضها حتى دب الملل عندي.. وعند الطلبة فأغلقنا المسرحية، واعدنا المفتش العام الى مكانه في المكتبة نصاً لم تدب فيه الحياة.. ولم يشاهده الجمهور.. وكان على ان ابحث عن تجربة اخرى..
--------------------------------
المصدر : اليوم الآخر العدد 110
تابع القراءة→
من مواضيعنا المتميزة
-
أولى مسرحيات توفيق الحكيم المسرحية كانت تحمل عنوان " الضيف الثقيل ". ويقول عنها في كتابه سجن العمر ما يلي " … كانـت أ...
-
مجلة الفنون المسرحية تعتبر الأزياء المسرحية من العناصر الفنية الأساسية المكلمة للعرض المسرحي حيث تعيش كل عناصر العرض البصرية في ارتب...
-
مجلة الفنون المسرحية من عرض مسرحية سهرة مع أبي خليل القباني ملخص البحث: لقد استقر مصطلح التنا...
-
الأيهام في المسرح//وهو نوع من الأداء التمثيلي يخص الدراما الواقعية والطبيعية على مستوى التمثيل والأخراج وهو يتميز ويتصف بكل مانوهم به ...
-
مجلة الفنون المسرحية الاتجاهات الإخراجية في المسرح الألماني الحديث الأستاذ المساعد أحمد سلمان عطية الفصل الأول مشكل...
-
يعرفها ارسطو بأنها محاكاة.... فعل تام نبيل لها طول معلوم بلغة مزودة بألوان من التزيين ... تختلف وفقاً لاختلاف الأجزاء وهذه المحاكاة تتم ...
-
كتاب "اعداد الدور المسرحي " تأليف كونسستانتين ستانيسلافسكي يولي المنظر المسرحي الروسي الراحل كونستانتين ستانيسلافسك...
-
مجلة الفنون المسرحية ظهر اتجاه "البنائية Constructivism " فى روسيا عام 1919م ، كنتيجة أو تحول من المستقبلية الإيطالية،...
-
الأنشطة التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح منذ التأسيس 10/2007 ولغاية 4/2012 الفهرست · اليوم العربي للمسرح رسالة اليوم ...
-
البير كامو قراءة استعادية لنصوص مسرحية العادلون إنموذجا / سعد عزيز عبد الصاحب كان مخالفا بامتياز ...سابحا ضد التيار برفضه تمجي...
جديد المقالات
-
أولى مسرحيات توفيق الحكيم المسرحية كانت تحمل عنوان " الضيف الثقيل ". ويقول عنها في كتابه سجن العمر ما يلي " … كانـت أ...
-
الأيهام في المسرح//وهو نوع من الأداء التمثيلي يخص الدراما الواقعية والطبيعية على مستوى التمثيل والأخراج وهو يتميز ويتصف بكل مانوهم به ...
-
مجلة الفنون المسرحية مشكلة البحث والحاجة اليه تشكل ابعاد الخبرة المسرحية المختلفة جانبا مهما من حياة معظم الناس ، والمسرح احد وسائل...
-
مجلة الفنون المسرحية ظهر اتجاه "البنائية Constructivism " فى روسيا عام 1919م ، كنتيجة أو تحول من المستقبلية الإيطالية،...
-
شكَّلت الأقنعة في المسرح الشرقي وخاصة في العروض الطقسية الدرامية الآسيوية في الملاحم الدرامية الهندية مثل الرامايانا والمهابهارات...
-
مجلة الفنون المسرحية تتناول مسرحية (ستربتيز) واقع العراق وما مر على كل عائلة عراقية من اعمال عنف وتقسيم وقتل للحريات، وحاولت تسليط الض...
-
إننا نلعب حياتنا في عرض يتجلى للعيان علي خشبة المسرح ، هذا ما نادي به آرتو في المنفستو الأول لمسرح الفريد جارلي، ردا علي الحركة السري...
-
على ذات القدر من الجلال الذي تحتله الأم في واقع الحياة، يأتي التصوير المعبر والتجسيد الفني الذي يقدمه الكتاب والروائيون للأم ف...
-
مجلة الفنون المسرحية المقدمة نحسب بدرجات ما إن الفيلسوف الروماني الرواقي لوسيوس آنيس سينيكا (4 ق.م – 65 ميلادية) هو جان بول سارتر...
-
قد تكون دراما (بريشت) الملحمية الديالكتيكية تعكس في الاساس وضعاً سياسياً معيناً وأنها “مسرحيات آنية”، مسرحيات ثورية دعت الى الفعل السي...
جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016
0 التعليقات:
إرسال تعليق