أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، مارس 31، 2016

حكايات -ألف ليلة وليلة - والآلهام المسرحي المتميز / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مارس 31, 2016  | لا يوجد تعليقات


أنّ (ألف ليلة وليلة) هي عبارة قصص حكائية مشوقة و يمكن اعدادها للمسرح في كل وقت وحين، ,ونحن نعلم أنّ حكايات ألف ليلة وليلة التي شغلت الناس لمدّة لا تقلّ عن خمسة عشر قرنا، هي الحكايات نفسها التي لا تزال إلى يومنا هذا تثري المكتبات العربية والغربية، ويهتم بها المؤلفين المسرحين في الشرق والغرب. فمردّ هذا الأهتمام في توظيف الحكايات ذات الوقع السحري لليالي في كتابات المبدعين الّذين اقتبسوا وأستلهموا منها مسرحيات رائعة ؛ فكانت مصدرا للإبداع والتخييل وكسرت الحدود بين الأجناس الأدبية بل وحتى بين الفنون. إن هذه الحكايات- فيما يرى الدكتور محسن جاسم الموسوي- تبدو للروائي والناقد الأدبي المتخصص ينابيع الفن القصصي، وتمتلك مواصفات ومزايا لا بدّ أن يراجعها باستمرار قبل أن يواجه مشكلة الكتابة."(1) ونجد شخصيات الحكايات تعددت في ألف ليلة وليلة بتعدد الحكايات والأزمنة والأمكنة . ويمكن أستلهمها كشخصيات ذات أبعاد مسرحية فهناك في الحكايات 
- شخصيات رمزية , والهدف منها الأيحاء الى رموز أجتماعية وأخلاقية وثقافية وتاريخية كشهريار , وشهرزاد والسندباد .
- وشخصيات واقعية , وقد صيغت بقوالب فنية تبتعد عن الواقع , وأصبحت تبدو شبهه ذاتية , كشخصية هارون الرشيد فهو في ألف ليلة وليلة ليس هو بذاته , بينما تظهره الحكايات كملك عادل.
ويمكن آستلهام الشخصيات الأسطورية التي لامثيل لها فشهريار نموذج للمأساة , وشهرزاد مثال لمأساة المرأة .. 
ويمكن جعل الثيمة هنا وتعنى الفكرة أو القضية أو المشكلة التى يقوم المؤلف بستنباطها من خلال حكايات ألف ليلة وليلة فتقوم عليها المسرحية بأكملها فالفكرة هى اللبنة الأولى والأساسية فى بناء أى نص درامى, و الشخصيات تٌعد بمثابة الوسيط الذى يٌحمل المضمون الفكرى الذى يعبر عن رؤية المؤلف فى القضية التى يتناولها من خلال النص المسرحى الذى يكتبه ، إذ أنه من خلال تصوره ورسمه للشخصيات يقوم بتحميلها بالخطاب العام للنص المسرحى من خلال كيفية طرح شكل الشخصية وطبيعتها ودورها فى شبكة العلاقات بينها وبين الشخصيات الأخرى ولكل شخصية ابعادها المختلفة والمتميزة كالبعد الطبيعي والبعد الأجتماعي والنفسي , والحبكة المسرحية متوفرة في الحكايات ألف ليلة وليلة فهي تنظيم المتن الحكائي ككائن متوحد. أنها عملية هندسة وبناء أجزاء القصة وربطها ببعضها بهدف الوصول إلى تحقيق تأثيرات فنية وانفعالية معينة. وعلى هذا فكل مسرحية حتى ولو كانت عبثية لا تخلو من الحبكة أى من الاشتمال المرتب على شخصيات وأحداث ولغة وحركة موضوعة فى شكل معين ومن ثم فإن الحبكة لا يمكن فصلها عن جسم المسرحية إلا نظرياً فقط لأنها هى روح العملية المسرحية وتتكون الحبكة من : التقديمة الدرامية, نقطة الإنطلاق , الحدث الصاعد, الاكتشافات, التنبؤ , التعقيد , التشويق, الأزمة, الذروة, الحدث الهابط, الحل
و يتكون النص المسرحى من مجموعة من العناصر التى تتضافر معاً منتجة النص المسرحى إذ أن كل عنصر من تلك العناصر يساهم بقدر معين فى تشكيل النص المسرحى، وعند التعرض إلى النص المسرحى بالدراسة لا يمكن الاعتماد على عنصر من تلك العناصر دون الأخر ولكن ما نقوم به من تقسيم النص المسرحى إلى عناصر بهدف تسهيل عملية دراسة مكونات النص المسرحى ولكن عند التعامل معه لابد أن يُنظر له كعمل فنى متكامل مستوحى من ألف ليلة وليلة من مجموعة قصص وحكايات وحوارات وعوالم وشخوص معلومة وأخرى مجهولة , فهنالك أحداث واقعية , وأحداث آخرى تدور بين الجن والناس , فهي مزج بين الواقع والخيال والسحر والحلم والأسطورة والتاريخ .والزمن فيها متعدد بتعدد الحكايات الذي قد يصل الى مئات السنين مع مئات التجارب والعادات والتقاليد والعقائد والخرافات , وهي ليس لها مكان مححد تدور فية بل أمكنة متعددة بتعدد الأزمان , والتاريخ والمكان ويكون وقعها كبير في حالة آستلهامها كنص مسرحي وحكايات ألف ليلة وليلة تمتلك جو من الغموض والأيحاء بالأشياء والأحداث , الغمو ض في الموقف , والمفاجأة في الأحداث وأعتمدت حبكة الآحداث في الحكايات مبدأ الأنقطاع عن الحكاية الأصلية نحو الفرعية مستمرا على مدار الحكايات مما يثير التشوق والرغبة لأتمام الحكايات وأن التسلسل المنطقي للأحداث في الحكايات جاء وفق نسيج عام من البناء للوصول الى الفكرة الرئيسية لتحقيق الغاية او الهدف , بتفاعل داخلي وهو من المظاهر التناصية التي يمكن القول إن الليالي تتفرد بها عن غيرها من النصوص.في حالة آستلهمها للمسرح والمقصود بالتفاعل الدّاخلي تفاعل النصوص الصغرى فيما بينها، وترابطها، بشكل لا يكاد يُشعر القارئ بالانتقال من حكاية إلى أخرى، بالرُّغم من اختلاف مضامين هذه الحكايات. فصوت شهرزاد حاضر في كل الحكايات، وحرصُها على إثارة وتشويق الملك- حفاظا على بقائها فحكايات ألف ليلة وليلة باعتبارها نصا عالميا ، يُمكن أن تُفَكَّ شِفرتُهُ انطلاقا من مجمل التركيب لصياغة نص مسرحي فبرغم تعدد الحكايات وأرتباطها مع بعضها البعض الأ أنه من الممكن فصل أي حكاية منها وجعلها مسرحية بذاتها دون أن يكون لذلك اي تأثير على الخط العام لسير الحكايات .
ومن الميزات المسرحية في ألف ليلة وليلة نجد انها تحتوي على الشخوص اي الشخصيات بأبعادها الأنسانية والمسرحية , ونجد فيها الحوار المتبادل بين الشخصيات ومن الممكن ان يتحول الى حوار مسرحي , ونجد الصياغة المسرحية تغلب على الصياغة القصصية للحكايات في ألف ليلة وليلة كونها تعتمد في روايتها للآحداث على الصراع .
ثم إن الاستلهام قد يتجاوز حدود المباشرة في التوظيف، إلى الرمز والإيحاء من خلال توظيف بعض أسماء الشخوص الفاعلة داخل الحكايات، كتوظيف إسم السندباد - مثلا- للدلالة على معاني التيه والضياع وعدم الاستقرار...إلخ. وهذا كله يضيف قوة معينية لا ينضب.للنص المسرحي المستوحى من الحكايات 
ومن مظاهر الروعة التي تضطلع بها حكايات ألف ليلة وليلة قيمة النص تتحقق، من خلال قَبوله التفاعل مع نصوص من جنسه؛ أي أن التفاعل يكون خارجيا بين النصوص الكبرى. ومقاربة ألف ليلة وليلة من هذا المنظور، تظهر أن التفاعل النصي في الليالي هو تفاعل مزدوج يمكن ان يغني الآلهام في صياغة مسرحيات مؤثرة نابعة من متون الحكايات .
-------------------------------
الهوامش :
1-- محسن جاسم الموسوي– ألف ليلة وليلة في نظرية الأدب الإنجليزي منشورات مركز الإنماء القومي- ط2-1986/ص:219.

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المسرح العربي وتحديات الراهن..التاريخ.. الأرشفة.. التنوع.. التحدي.. الإرهاب / د. أحمد شرجي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مارس 31, 2016  | لا يوجد تعليقات

جاءت طروحات النقاد والمخرجين العرب في الملتقى الفكري على هامش أيام الشارقة المسرحية في دورتها الخامسة والعشرين ، حبلى بالكثير من الاسئلة والطروحات التي نتفق ونختلف مع بعضها، وذلك لتحميل المسرح دورا في التمظهرات السياسية في الساحة العربية . انفتح  الملتقى على الراهن المسرحي الذي تعيشه المنطقة العربية التي تعاني من أزمات متسارعة، بشكل يصعب معه تشكيل رأي أو موقف إزاء ما يحدث، لأنه حتما سيكون متسرعا وعاطفيا، بحكم المتغيرات اليومية التي تفرضها المنطقة ديمغرافيا، واقتصاديا، وسياسيا، وثقافيا. 

ومن هذا المنطلق، اتخذ الملتقى لنفسه عنوانا مضيئا هو: (المسرح العربي وتحديات الراهن)، بالإضافة إلى عنوانين فرعيين: (المسرح العربي الآن: الموقع والأثر)، و (المسرح في مواجهة التحديات: تجارب الأمس واليوم).
أراد المنظمون لهذا الملتقى البحث عن الهوية التي اكتسبها المسرح في المنطقة العربية بعد تحديات سياسية واقتصادية متسارعة، أهمها الثورات التي حملها الربيع العربي الذي كان شتاء قاسيا ملبدا بالغيوم ... فما الذي يتوجب على المسرح أن يقدمه في ظل كل تلك المتغيرات؟ وهل مهمة المسرح العربي المساهمة في ذلك التغيير؟ وما هو دور المسرح: هل يبقى نخبويا، متعاليا على جمهوره؟ أم ينزل إلى الشارع ومع الناس يتلمس شظايا العنف والدموية؟ وهل مهمة المسرح تغيير الأنظمة؟ أم أن له وظيفة جمالية بحتة، وليس خلق التحريض والتنوير الاجتماعي والثقافي؟...
وحاول الناقد محمد المديوني استحضار الموقف الديني من المسرح من خلال الشيخ ( سعيد الغبرا) ، محاولا عقد مقارنة  ومقاربة زمنية ، بين القرن التاسع عشر ، وزمننا الآني. وطرح الناقد محمد المديوني  في بحثه (أبو الفنون: حياة مسرحية أو لا يكون)، سؤالا مهما: هل المسرح حاجة أم ضرورة؟.  وفي ظل ما تشهده المنطقة العربية من متغيرات يومية وأحداث متسارعة، قدم المديوني مقاربة سوسيولوجية ومسرحية لموقف الشيخ سعيد الغبرا من المسرح الذي قدمه أبو خليل القباني من أعمال تاريخية غنية بالموسيقى والأناشيد الدينية، وتآليب السلطان العثماني على ما قدمه القباني. في هذا السياق، تناول المديوني شخصيات تاريخية مثل: هارون الرشيد التي كانت سببا في عريضة الشكوى التي قدمها الشيخ سعيد الغبرا إلى السلطان: "أدركنا يا أمير المؤمنين، فإن الفسق والفجور، قد تفشيا في الشام فهتكت الأعراض، وماتت الفضيلة، ووئد الشرف واختلطت النساء بالرجال"( محمود كامل الخطيب ، نظرية المسرح ، القسم الثاني: مقدمات وبيانات، ص978). وأدت تداعيات هذا الخطاب إلى إحراق مسرح القباني وهروبه إلى مصر.
ولم يكن السبب أخلاقيا كما أشار إلى ذلك الغبرا، بل كان سببا سلطويا تمثل في  الحضور الاجتماعي لرجال الدين داخل المجتمع. فقد أراد الشيخ الغبرا ومن معه بسط نفوذهم الاجتماعي وسلطتهم الرديكالية بإيقاف تدفق الفكر التنويري الاجتماعي. فالعروض التي قدمها القباني لم تكن مجرد ممارسة مسرحية هدفها التسلية والمتعة، بل حملت "أبعادا أخرى غير مباشرة، إلى جانب الفن المسرحي. حملت الأفكار المتنورة التي ترافقت مع النهضة العربية، وجسدت صيرورة التحول الاجتماعي آنذاك، حيث بدأت طلائع البرجوازية تحتل مكانها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، على حساب الإقطاع. وبما ان هذا الأخير، كان حليفا لرجال الدين، يمنحهم الأموال والعقارات، كان طبيعيا أن تأتي الضربة التي قصمت ظهر القباني وما يمثله مسرحه، من الرجعية الدينية ( نديم معلا ، في المسرح السوري 4 ، ابو خليل القباني ، الحياة المسرحية، دمشق، ع 24-25، ربيع- صيف 1985 ، ص44). 
وهو ما أكده الكاتب الراحل سعد الله ونوس حين حدد أسباب الحملة الرجعية فيما هو سياسي، لإجهاض فكرة التغيير الاجتماعي آنذاك، لأن شخصية هارون الرشيد التي استند إليها الغبرا، كانت تُجسد داخل خيم الكراكوز في المقاهي الدمشقية. تاريخيا نجد ذات الموقف في ايطاليا، إذ اتخذته الكنيسة ورجالاتها من فرقة المسرح المرتجل، ومن المحاولات الشعبية لتجسيد مسرحيات (الأسرار). وذات الذريعة التي تمسك بها الغبرا، تمسك بها رجال الكنيسة، وهي عدم إنزال الهيبة والقدسية من الشخوص التاريخية والدينية. 
واجتهد المديوني لوضع مقاربته وإسقاطها على الواقع العربي الآن، نظرا لسطوع شمس رجالات الدين وفوضى الإفتاء التي تحاول تدمير كل ملمح حضاري وثقافي. لكن نسي المديوني أن الزمن تغير مع دخول التكنولوجيا وعالم الانترنت واختلاف تداعيات الأزمنة من بلد إلى آخر. فلا يعاني المسرح الآن من السلطة الدينية بقدر انحسار دور المسرح وابتعاده عن الجمهور، والشعب، وتحميله ما لا طاقة له به، ومطالبته بموقف راهن إزاء ما يحدث الآن. كما تناسى أيضا بأن أغلب العروض المسرحية تتناول الهم اليومي وتداعيات الأحداث، فمهمتها ليس تغيير الأنظمة، بل مهمة ثقافية. وهنا نعود  إلى السؤال الذي طرحه: هل المسرح حاجة أم ضرورة؟. نرى بأنه ضرورة اجتماعية لترسيخ الوعي الاجتماعي والثقافي، وحاجة في تناوله اليومي للمتغيرات الراهنة، لكن يبقى المسرح مسرحا بوصفه حراكا ثقافيا.
 وإذا كان المديوني يدين السلطة الاجتماعية لرجال الدين داخل المجتمعات العربية ، يرى الدكتور فاضل الجاف بأن المسرح في المنطقة العربية بحاجة إلى مواكبة العصر، فهي التي تلد له تجارب مهمة ،وتناول في بحثه (مسرح العرب اليوم ومواكبة العصر)؛ جانبا آخرا من المسرح في المنطقة العربية والذي يشهد تطورا نسبيا - حسب الجاف-. ويرى بأننا في حاجة إلى التطور على صعيد التكوين الاحترافي لاسيما على صعيد الإخراج والتمثيل. فالحاجة ماسة  (إلى أن يطور المسرح العربي وسائله الأدائية عبر الاستفادة من منجزات المسرح العالمي، وتطويعها بطريقة حضارية وفق حاجات المسرح العربي وخصوصياته). ويرى أن تحقيق ذلك يستلزم إقامة الورش في كل الاختصاصات ومراجعة المناهج الدراسية في كليات ومعاهد المسرح في الوطن العربي، وفق منهاج حضاري يواكب تطور العصر والمسرح في العالم.
لكن هذا يحلينا إلى سؤال: هل هذا يكفي لتطور المسرح في المنطقة العربية؟ وهل يمكن تعميم ذلك على جميع ممارسي المسرح في الوطن العربي؟ وهل يقصد الجاف، الهواة أم المحترفين؟. إن نظرة بسيطة إلى عدد البعثات الدراسية العربية إلى مختلف مسارح العالم تفند كل ذلك، نظرا  للعدد الهائل للورش التي تقام في الوطن العربي في كافة الاختصاصات:(تمثيل، وإخراج، وسينغرافيا، وكتابة درامية).
إذن ما السبب؟ فرغم كل هذا الحراك التنظيمي من مهرجانات ومعاهد وكليات وأوراش متخصصة، فمازال المسرح في الوطن العربي يعمل بذات الآلية. نرى بأن تطور المسرح مقرون بتطور الوعي والذائقة والخيال والسعي إلى المغايرة. فما فائدة إقامة عدد هائل من الورش لأناس لا ينتمون إلى المسرح بشكل كلي ولا يملكون أهداف التطور والمغايرة، علاوة على تأطير هذا الورش من قبل غير المختصين في أغلب الأحيان بموضوعة الورشة. 
كما نرى ، فإن المشكلة ليست بالتكوين بل بالفكر، لأن التكوين لا يخلق فكرا، فما أهمية أن أقيم ورشة متخصصة في الأداء في مسرح العبث –مثلا- لهواة على مستوى التمثيل؟ وما قيمة تنظيم ورشة في أساليب الإخراج لأشخاص لا يعرفون ماهية المسرح ودوره، وكل همهم أن يكونوا مخرجين - مثلا-.... تكمن أهمية الورش –حسب اعتقادنا- عندما تكون ذات هدف محدد ولشريحة معينة وفق المرجعية الثقافية والدراسية للمتدربين، وهذا لا يتحقق إلا من خلال تعضيد فكرة المسرح المدرسي وإدراج المسرح بوصفه درسا ضمن المناهج الدراسية، وكذلك كفاءة أساتذة المسرح وفق التخصصات، إذ يصعب أن يُدرس طلبة التمثيل والإخراج أساتذة لم يعتلوا خشبة ويحملون شهادة ورقية وتلك ميزتهم.
وإذا طالب فاضل الجاف بضرورة مواكبته للعصر حتى يكون مسرحا متطورا، يجد الدكتور حميد علاوي ، إن المشكلة في المسرح العربي تكمن في النص وكيفية التعامل معه بوصفه عرضا ، بعيدا عن ادبيته ، وينظر علاوي في (مسرحة الراهن، الكائن والممكن) إلى النص بوصفه فعلا تواصليا، من خلال قدرته التوليدية عند تحويله إلى عرض، وقدرته التأثيرية الآنية لحظة تقديمه على الخشبة، على اعتبار أن المسرح (فن زمني بامتياز يقوم على قاعدة "يحدث الآن" حتى لو تعلق الأمر بمشروع مستلهم من التراث).

ويستشهد الدكتور علاوي بالنصوص الكلاسيكية العظيمة التي ظلت خالدة والتي مازالت تقدم في معظم مسارح العالم، ومنها التراجيديات الإغريقية ونصوص الانكليزي وليم شكسبير، رغم أنها نصوص لا تنتمي زمنيا إلى الآن/ الراهن. ولهذا مازال سؤال هاملت الفلسفي "أكون أو لا أكون" حاضرا وبقوة، وقد يكون حاضرا في القرون القادمة إذا حضر الراهن الآني نفسه مستقبلا. 
ويخلص علاوي إلى وجود أزمة نص مسرحي في المنطقة العربية. وقد يكون هذا الطريق بسيطا وتكرارا لإقرار طالما سمعناه، أي ابتعاد النصوص المسرحية عن القضايا الإنسانية، واعتماد المخرجين على نصوص عالمية. ونرى في ذلك تعميم وحكم قيمة من الصعب تقبله على كل ما ينتج من نصوص مسرحية في المنطقة العربية، لأنه لا يمكن أن يكون الدكتور علاوي قرأ كل النصوص العربية أو شاهد كل العروض المسرحية. فهناك العشرات من النصوص المسرحية التي تنتج سنويا، وهناك مؤلفون رسخوا أسماءهم بقوة في المشهد المسرحي العربي، ومنهم على سبيل المثل لا الحصر: (فلاح شاكر، علي عبد النبي الزيدي، اسماعيل عبدالله، طلال محمود، الزبير بن بوشتي، أحمد السبيعي، صفاء البيلي، وغيرهم الكثير). لكن المشكل الأهم- حسب ظني- اغتراب الملفوظ بين الثقافات العربية. ونعني اعتماد الكثير من الكتاب اللهجة المحلية في نصوصهم وهذا ليس مثلبة، لكن يقابله رفض قرائي من المخرجين العرب، رغم أهمية ما يطرح من قضايا تعتد بالراهن اليومي وتداعياته داخل المجتمعات العربية.
ولعل نصوص علي عبد النبي الزيدي والزبير بن بوشتي مثالان مهمان في هذا الجانب، لاعتمادهما على موضوعات عالية الحساسية. ويمكن تقديمها كعروض في أي بلد عربي. وقد فات الدكتور علاوي بأن هناك مسابقات سنوية للنصوص المسرحية للكبار والصغار ويتم تقييم كتّابها معنويا وماديا. ومن ثم طباعتها ككتب مقروءة وتوزيعها. ولذلك لا نجد بأن هناك أزمة نص مسرحي بل أزمة وعي مسرحي، وأزمة متابعة ومشاهدة. كما نرى بأن المسرح في المنطقة العربية لا يتطور بحكم ارتكانه إلى مستويات عرضية ركيكة لا تعتمد المغايرة الجمالية والمشاكسة الإخراجية على المستوى البصري واللفظي، بل ظلت قرينة المكرر والعادي.
المسرح بوصفه ممارسة اجتماعية تنويرية ، يحتاج إلى الوعي ، من أجل الالمام بكل التمظهرات السياسية والاجتماعية ، ومن ثم إسقاط وعي صناع العرض على المتفرج ، وتجد الناقدة السعودية حليمة مظفر بأن (المسرح... صناعة الوعي)، وذهبت إلى عمق ماهية الممارسة المسرحية أو وظيفة المسرح، بل طرحت مقاربة معرفية مهمة استنادا إلى أفكار المفكر محمد أركون من خلال الأنسنة وإسقاطها على المسرح، أي أنسنة الخطاب المسرحي ومسايرته للمتغيرات العربية وتحدياتها الراهنة. وترى في هذا السياق بأن (المسرح العربي ابن بيئته وظروفه وثقافته.. [ و أن]  المسرح هو صنيعة الوعي نقص أو زاد. وإذا  كان يعاني قبل الثورات العربية الضعف وقلة الدعم والتقليد ومصادرة الرقيب له، فإن معاناته زادت بعد الثورات العربية وباتت أكبر تحدياته تتمثل في أنسنة الخطاب الدرامي، والخروج من عنق زجاجة النرجسية الايديولوجية التي تأججت بعد فوران (الثورات العربية) نتيجة حرية لم تتنفس سوى شعارات يكتبها الحالمون العرب أثناء نومهم في الكهف).
 وتؤكد الناقدة على أهمية أنسنة الخطاب المسرحي بعدما أهدرت إنسانيته تداعيات الثورات العربية المتسارعة التي فرقتها الايدولوجيات عقائديا، ومذهبيا، وعرقيا ما أدى إلى غربة الإنسان وتقوقعه على ذاته المتشظية بين الايديولوجيات التي تأخذه يمينا وشمالا.
وتكمن أهمية ورقة حليمة مظفر بتخليص الخطاب المسرحي من الايديولوجيات الحزبية، والطائفية، والعقائدية، والعرقية مقابل طغيان الخطاب الإنساني داخل النص وفق مفهوم أركون للأنسنة. لكن كيف سيتحقق ذلك من دون قراءة مختبرية لنماذج منتقاة، لتأكيد أهمية البحث والطرح، لأنه من السهل جدا وضع المقاربات المعرفية على الورق والربط بينهما، ولكن التطبيق  يشكل إحدى المعضلات الكبيرة التي تواجه الباحث.
إن تصورات مظفر مهمة جدا على المستوى النظري، بيد أن هذا لا يعني بأن الخطاب المسرحي بعيد عن الأنسنة، فإذا كان لا يستخدم ذات المصطلح، فإنه في جوهره إنساني. فالخطاب المسرحي برمته يتناول الإنسان ومشاكله وتداعيات الأحداث، كما في المسرح الإغريقي عبر نصوص سوفوكلس، واسخيلوس، ويوربيدس التي هدفت إلى التطهير وتخليص الإنسان من الخطايا والآثام. وتحتفي نصوص شكسبير بالإنسان أولا وأخيرا وتعري طموحه السلطوي كما في مسرحية رتشارد الثالث، وتمجد طهرانية المرأة ونبلها كما في عطيل وهاملت، وغيرها من النصوص،  وتناول خطاب مسرح العبث تداعيات الحضارة والحروب على الإنسان، ولعل مقولة بكيت في  نص: في انتظار كودو (لا شيء .. لاشيء) تختصر سلطوية الآلة ودمويتها على الإنسان، بعد أن دمرته الحروب وانتهكت انسانيته.  أما على المستوى العربي فإن الخزانة المسرحية تشير بلا عناء إلى نصوص سعد الله ونوس ويوسف العاني والفريد فرج وعبد الكريم برشيد وغيرهم إلى الخطاب الإنساني، ونريد أن نخلص إلى أن النص المسرحي منذ نشأته كان ذا خطاب انساني. ويبقى السؤال ولعل هذا ما تريد الباحثة الوصول إليه: كيفية توظيف الأنسنة وتخليص النص المسرحي من التبعية الايديولوجية، وأن يكون هدفه إنساني بالمقام الأول بعيدا عن  تدجينه بثقافة مذهبية وعقائدية وعرقية ضيقة والأهم ايديولوجية.
ولكن السؤال: هل العرب هم أول من مارس المسرح ، وبالتالي نستطيع توظيف التداعيات الاجتماعية والمسرح والراهن العربي بكل تجلياته مسرحيا؟ ويأتينا الجواب من الدكتور سعيد طاجين في بحث حمل عنوان: (خطاب المسرح العربي بين الأنا والآخر)، بصيغة سؤال ايضا:  هل كان المسرح العربي يحاكي خطاباً لم يساهم في إنتاجه؟  إذ أكد أن المسرح العربي في أغلبية انتاجاته المسرحية يعتمد على نصوص عالمية أوروبية وأمريكية. فالمسرح العربي يسعى لاسترداد ما ينتجه الآخر ويعيد تقديمه عن طريق الاقتباس، أو الترجمة، أو الكتابة الدراماتورجية، ونمّت هذه العملية فعل النقل مقابل نكوص دور العقل. وهكذا خلص إلى أن المسرح العربي فقد العقل المفكر الخلاق، واجتهد بالنقل من الآخر. وقد يكون الدكتور بوطاجين محقا في ورقته، لكنه تناسى بأن المسرح هو في حالة تأثير وتأثر منذ نشأته إلى الآن.
وإذا كانت هناك هويات وخصوصيات أنتجها المسرح، فهي فردية. ومن جانب آخر لم يعرف العرب المسرح والعرض المسرحي إلا عن طريق الآخر، ما رسخ فكرة التقليد والاستعارة التي ابتدأت منذ تعرفنا عن المسرح بوصفه عرضا في بيت مارون النقاش عام 1847 . ففكرة التأصيل والهوية فكرة حالمة يتشدق بها المسرحيون في مهرجاناتهم ومؤتمراتهم، ناسين أننا نمارس مسرحا كباقي البلدان. فالمسرح لا يغازل الهوية ولا يتوسل بجغرافية ضيقة ولا يدجن ضمن ايديولوجيا مقيتة، بقدر توسله بالجمال والإنسان.

-------------------------------------
المصدر : 1- 2- جريدة المدى 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأحد، مارس 27، 2016

اليوم العالمي للمسرح وقيمتة المؤثرة في المجتع الأنساني / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, مارس 27, 2016  | لا يوجد تعليقات

أناتولي فاسيلييف ممثل ومخرج مسرحي روسي

هذا اليوم الأحد 27 مارس 2016 اليوم العالمي للمسرح حيث يعتبر المسرح واحداً من أشكال الفنون المؤثرة في الذاكرة الجمعية للمجتع الأنساني ، ومكاناً للرقي الجمالي والمعرفي لفنون الأداء للأداء التمثيلي ، أي أنّه المكان الّذي يجسّد أو يترجم المشاعر والأحاسيس الأنسانية بمزيج من الكلمات، و الإيماءات والموسيقى والأزياء والديكور والصّوت بسينوغرافيا تجعل المتلقي يرتفع في تفكيرة وعقله نحو القيم السامية ...
، فالمتأمل في تاريخ المسرح نجد في ارثه المسرحي العالمي القيم الإنسانية الرفيعة، قيم أكدت حقيقتها وأهدافها، واثبتت صورتها ومعالمها، وأنتشر معناها وجوهرها، وجنيت ثمارها، وتذوقها الحقيقي لقيم المسرح كقيمة لها تأثير كبير في الفكر الأنساني . فكلما يسمع سمعك أويبصر بصرك أو فكرك تجد مسرحيات مؤلفة وعروض ومهرجانات مسرحية تقام في كل عام باليوم العالمي للمسرح تتغنى بالمسرح ، وتدعو إلى الإخاء الإنساني والعيش المشترك. ومن جانب اخر تؤكد على عالمنا المعاصر في قلقلقه واكتئابه وإدمانه ، وتنافراه واضطرابه وانفراطه ؟، وأين مضمونه الحقيقي وشواهده وثماره في حياة المجتمع والأنساني ؟.
فنحن المسرحيون نفرح بثمار وآثار المسرح فهذا اليوم العالمي للمسرح يشكل علامة بارزة تغمر قيمته الحقيقية، ومضمونه الفعال للواقع المسرحي العالمي فيسمو به نحو غايات سامية وأهداف نبيلة
فالعروض المسرحية تتكاثر والمهرجانات والندوات تتنوع وتلقى فيها رسالة اليوم العالمي للمسرح وتترجم إلى أكثر من عشرين لغة وتقرأ أمام عشرات الآلاف من المشاهدين قبل بدء العروض المسرحية في جميع أنحاء العالم، وتنشر في آلاف الصحف اليومية في وسائل الإعلام السمعية والبصرية تمجيدا لليوم العالمي للمسرح ، فأكثر القنوات الفضائية ومحطات الأرسال الإذاعي والتلفزيوني تنقل رسالة اليوم العالمي للمسرح للمشاهدين والمستمعين في جميع أنحاء العالم ويعتبر اليوم العالمي للمسرح هو مناسبة للفانيين في فنون المسرح للاحتفال بهذا المناسبة ليشاركوا الجمهور المسرحي في تكوين فكرة ونظرة طيبة عن فن المسرح وعن قدرة الفن لمسرحي المساهمة في خلق التفاهم والسلام بين افراد المجتمع الأنساني 

كل التحية والحب لكل المسرحيين وخاصة الرواد الذين وضعوا الأساس ، وشكرا للمسرحي البناني د. هشام زين الدين الذي قام بترجمة سيرة الممثل والمخرج المسرحي الروسي أناتولي فاسيلييف الذي كتب رسالة اليوم العالمي للمسرح 27-3- 2016 وقد جاء في ترجمته عن الروسية :

"أناتولي فاسيلييف ممثل ومخرج مسرحي روسي ولد عام 6/11/1946 في مدينة “تاغيل السفلى” الروسية، في شبابه المبكر كان موسيقياً قام بإحياء العديد من الحفلات والسهرات الموسيقية والغنائية عازفاً على آلة الغيتار، وكان يغني أغاني الفرقة العالمية “البيتلز” (beatles) خلال فترة الحكم الشيوعي في الاتحاد السوفياتي. بعد إنهاء دراسته المتوسطة التحق بمعهد تقني ثم درس الكيمياء في جامعة روستوف الحكومية وتخرج منها عام 1969، لكنه سرعان ما بدّل اختياره لمهنة المستقبل وقرر مغادرة مدينته إلى موسكو لكي يدرس التمثيل، والتحق بأهم أكاديمية مسرحية في الاتحاد السوفياتي آنذاك هي “أكاديمية موسكو للفنون المسرحية” (GITIS) لكي يدرس فن التمثيل على أيدي أهم فناني المسرح في روسيا وتخرج منها عام 1973. بعد تخرجه عمل كمخرج في مسرح “ساتيري” المعروف وفي “مسرح الفن” الشهير في موسكو، ثم انتقل عام 1974 للعمل في “مسرح الجيش السوفياتي” العريق، ولمع اسمه كممثل شاب كونه كان يتمتع بحضور قوي تميّز برجوليته الجذابة وبصوته الجميل في الغناء والاداء التمثيلي. وتابع عمله في التمثيل بين المسرح والسينما فعمل في “مسرح ستانسلافسكي” حتى عام 1982 عندما قرر تركه مع مجموعة من الممثلين، وفي العام 1985 تلقى دعوة من المخرج السوفياتي الكبير يوري لوبيموف للعمل كمخرج في مسرح “تاغانغا” الشهير حيث حصل على لقب أفضل مخرج خلال الموسم المسرحي 1985-1986، في العام 1987 يقوم اناتولي فاسيلييف مع مجموعة من رفاقه الممثلين الذين خرجوا معه من مسرح ستانسلافسكي بتأسيس مسرحه الخاص القائم على التجريب والبحث المسرحي والذي سماه “مدرسة فن الدراما”، وفي هذا المسرح انتج أعمالاً مسرحية جال فيها على مسارح العالم في برلين وروما وباريس وبروكسل وبلغراد وبودابست وهلسنكي ولندن وميونخ وغيرها من المدن الاوروبية، كما حصل على وسام ستانسلافسكي عام 1988 عن اعماله المسرحية، وفي العام 1989 حصل على وسام من رتبة فارس في مجال الادب والفن من الحكومة الفرنسية، في العام 1995 تلقى دعوة للعمل في مسرح “موس سوفيات” الشهير في موسكو الذي قدم للمسرح أهم الاعمال المسرحية وعمل فيه أبرز المخرجين والممثلين الروس. أخرج للمسرح السوفياتي والروسي اكثر من خمسة عشر عملا مسرحياً على خشبات اهم المسارح الروسية، وفي الخارج قام باخراج تسعة اعمال مسرحية بدءًا من العام 1992 وحتى العام 2016، وفي السينما عمل أناتولي فاسيلييف كممثل في أكثر من خمسين فيلماً سينمائياً، كان أهمها دوره في فيلم درامي بعنوان “الفريق” ( L’Equipage) الذي نال عليه أهم الجوائز السينمائية. بين العامين 2005 و2006 تعرض اناتولي فاسيلييف لتضييق الخناق عليه إدارياً من قبل السلطات الادارية في بلدية موسكو حيث صدر قرار عن رئيس بلدية موسكو يمنع فاسيلييف من إدارة المكان الذي يشغله كمركز لمؤسسته المسرحية “مدرسة الفن الدرامي” وتحويله إلى إدارة أخرى وبذلك تم عزله وحرمانه من متابعة العمل في مشروعه المسرحي فما كان منه إلا أن غادر بلاده ليستقر في باريس بشكل نهائي. في السنوات الأخيرة اتجه اناتولي فاسيلييف للعمل البحثي والأكاديمي وجال في المدن والجامعات ومراكز الابحاث الاوروبية المتخصصة بالفن المسرحي حيث أقام العديد من المحاضرات وورش العمل البحثية كان أهمها عمله في “معهد غروتوفسكي” في بولونيا، وفي برنامج البحث والتدريب المسرحي للدول الاوروبية في فينيسيا – ايطاليا. وبعد سنوات طويلة من التمثيل والاخراج والبحث والمحاضرات في روسيا وأوروبا يعود المسرحي الكبير في العام 2016 الحالي الى الاخراج في عمل من إنتاج مسرح “الكوميدي فرانسيز” في باريس بعنوان” La Musica Deuxieme” (الموسيقى الثانية). خلال مسيرته المسرحية والفنية حصد اناتولي فاسيلييف العديد من الجوائز والتقديرات في البلدان الأوروبية كما في بلده، كان أهمها حصوله مع المخرج الروسي الكبير إيغور بوبوف على أرفع وسام روسي يمنح للفنانين والمبدعين في روسيا هو الوسام الوطني الاكبر في الفن والادب" 

وكل التقدير للمركز المصري للمعهد الدولي للمسرح بترجمتة رسالة المسرح العالمي الى العربية وقام بنقلها عن النسخة الإنجليزية : د. حازم عزمي من مصر.
وفي رسالته في يوم المسرح العالمي يقول المخرج والممثل أناتولي فاسيلييف :

"أو حقا نحتاج المسرح؟
سؤال لطالما سأله لأنفسهم الآلاف من ممارسي المسرح وقد اعتراهم الإحباط، في حين يطرح السؤال ذاته ملايين البشر العاديين وقد أدركهم الملل.
وفيم حاجتنا إليه؟
فيم حاجتنا إلى المسرح وفنونه في أوقات كهذه، بينما تتضاءل أهميته أمام ساحات الميادين وأراضي الدول، والتي بدورها صارت مسرحا تجري عليه تراجيديات حقة من صلب واقعنا المعاش؟
وما المسرح بالنسبة لنا؟
أتراه يعني في نظرنا تلك المقصورات والشرفات المذهبة، والمقاعد الوثيرة مخملية الملمس، وكواليس المسرح المتسخة، وأصوات الممثلين التي يعتورها الإرهاق؟ أم أنه على العكس من ذلك كله شئ جد مختلف: محض صناديق سوداء يعلوها الطين وتلطخها بقع الدماء، وبداخلها كومة من الأجساد المكشوفة الممسوسة بنزق الجنون.
عن أي شئ يحدثنا المسرح؟
أقول: كل شيء
فبمقدور المسرح أن يخبرنا عن كافة الأشياء
فهو الذي يقص علينا أخبار الآلهة في علاها السماوي، و أخبار المساجين الذين يذوون في بطء داخل كهوف منسية تحت الأرض، وهو الذي يخبرنا عن عاطفة تسمو بالبشر وترتقي، أو عشق يورد أصحابه مورد الندم والأذى، وقد يرينا عالما لا يجد الأخيار لهم فيه مكانا، أو يكشف واقعا يسود فيه الخداع ويبسط الزيف سلطانه. وقد يخبرنا عمن يحيون داخل بيوتهم في دعة وأمان، بينما الأطفال بوجوه ذابلة في مخيمات اللاجئين يغالبون جوعهم ويعانون شظف العيش، وهو الذي يؤكد أن الجميع عائدون لا محالة إلى الصحراء القاحلة، وأننا مع مجيء كل يوم مجبرون على مفارقة بعض من نحب …نعم! بمقدور المسرح أن يحدثنا عن كافة الأمور والأشياء.
والآن، فقد تنامت الحاجة إلى المسرح خلال الخمسين أو السبعين عاما الأخيرة على وجه الخصوص، فلو انك نظرت إلى الفنون الجماهيرية في مجملها فستدرك على الفور ان المسرح — وحده — هو القادر على إحداث ذلك التواصل الحميمي المباشر : تلك الكلمة التي تمضي مباشرة من فم إلى فم آخر، أو نظرة من عين لعين أو إيماءة من يد ليد ومن جسد لجسد. فالمسرح لا يحتاج إلى وسيط كي يفعل مفعوله بين البشر بل هو بمثابة الجانب الأكثر شفافية من الضوء: وهو في هذا لا ينتمي إلى الجنوب أو الشمال أو الشرق أو الغرب فما هو إلا جوهر النور نفسه، يشع علينا من أركان العالم الأربعة فيتعرف عليه الجميع من فورهم سواء أكانوا ممن يحبون المسرح أم ممن يعادونه.
أقول إننا نحتاج المسرح القادر على أن يظل مختلفا بل وأيضا نحتاج أنواعا مختلفة ومتنوعة من المسرح.
وعلى الرغم من هذا يخيل لي انه من بين جميع أشكال المسرح وأنواعه يظل احتياجنا للأنواع القديمة المهجورة الاحتياج الأكثر إلحاحا على الإطلاق. إذ لا أجد نفعا يرجى من وضع المسرح المرتكز على أشكال طقسية في تناقض زائف مع مسرح الأمم ” المتحضرة”. فقد أصاب الوهن الثقافات الدنيوية وأخذت قدرتها على الفعل تضعف يوما بعد يوم وحل ما يسمى ب”المعلومات الثقافية” محل الأشكال البسيطة والأولية للوجود مزيحا إياها عن مكانها فإذا بها اليوم وقد بدت أبعد منالا من أن نجدد صلتنا بها.
ولكني أرى الأمر الآن بجلاء تام: فها هو المسرح يفتح أبوابه علي مصراعيها معلنا ان الدخول مجاني للجميع.
فلتذهب كل الأجهزة الالكترونية والحواسب إلى الجحيم! اذهبوا إلى المسرح واتخذوا أماكنكم في الصفوف الأمامية وفي الشرفات وارهفوا السمع لكل كلمة تنطق علي مسامعكم وتـأملوا مليا كل مشهد حي يتجسد أمامكم! هاهو المسرح أمامكم فلا تتركوه نهبا للنسيان، ولا تتركوا فرصة تمضي دون أن تتشاركوا فيه… فلعلها تكون الفرصة الأثمن والأندر في خضم حيواتنا اللاهثة الخاوية من المعنى.
نعم نحن في حاجة إلى المسرح بكل أنواعه وأشكاله …
نوع واحد فقط من المسرح لا يحتاجه إنسان، ألا وهو مسرح السياسة وألاعيبها، مسرح مصائد الفئران السياسية، مسرح محترفي السياسة ومشاغلهم العقيمة غير المجدية.
إن مسرح الإرهاب اليومي ليس مما نحتاجه بكل تأكيد. جماعيا كان هذا الإرهاب أم فرديا. لسنا بحاجة إلى مسرح الدماء والجثث الملقاة في الشوارع والميادين وفي العواصم والأقاليم. فياله من مسرح مزيف قوامه الصراع الكاذب بين الأديان والعرقيات!"

محسن النصار 
مسرحي من العراق 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

السبت، مارس 26، 2016

اساليب الأداء التمثيلي عبر العصور

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, مارس 26, 2016  | لا يوجد تعليقات


كتاب "اساليب الأداء التمثيلي عبر العصور "للاستاذ الدكتور عبود المهنا – الأستاذ في كلية الفنون الجميلة  - قسم الفنون المسرحية واشترك في تأليف هذا الكتاب كل من الدكتور علي الحمداني والدكتور نشأت مبارك صليوا  والكتاب صادر عن دار المنهجية للنشر والتوزيع / الاردن - عمان ...ويعد هذا الكتاب إضافة معرفية أكاديمية في تاريخ فن التمثيل والتطور الاسلوبي عبر العصور ، متناولا فيه مراحل تطور تلك الاساليب فضلا عن الحقب الزمنية التي مرت بها هذه المراحل ...  تمنياتنا للاستاذ الدكتور المهنا بالمزيد من العطاء الثر ومزيدا من النجاح والابداع خدمة لرفد الحركة المسرحية العراقية المعاصرة  واثراء الساحة الفنية العربية بهذه البحوث الفنية .

--------------------------------------------
المصدر : م . ضياء حمود الاعرجي -اعلام كلية الفنون الجميلة بابل 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأدب المسرحي المعاصر تأليف: د. محمد الدالي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, مارس 26, 2016  | لا يوجد تعليقات


هذا الكتاب يقدم دراسة عن الأدب المسرحي المعاصر، حيث تناول المؤلف في هذه الدراسة الاتجاه التاريخي في الأدب المسرحي، والاتجاه الاجتماعي، والاتجاه الذهني، والاتجاه السياسي، ونماذج من المسرحية النثرية المعاصرة من منظور فني.

الأدب المسرحي المعاصر

المؤلف: د. محمد الدالي

الناشر: عالم الكتب

رقم تسلسلي عالمي: 977-232-156-4


تابع القراءة→

0 التعليقات:

ملتقى المهرجان يكسبهم الخبرة والمعرفة «أوائل المسرح» على طريق الاحتراف

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, مارس 26, 2016  | لا يوجد تعليقات


في كل سنة يلتقي أوائل جدد في أيام الشارقة المسرحية، وهو تقليد مصاحب للمهرجان الذي يستضيف مجموعة من الشباب المتفوقين بمعاهد وكليات المسرح العربي، ليكون الملتقى داعماً قويا لهم في بداية مشوارهم المسرحي.

إضافة لاكتساب الخبرة والمعرفة على طريق الاحتراف، حيث يتضمن ملتقى الشارقة لأوائل المسرح العربي العديد من الورشات التدريبية القصيرة ولقاءات تعريفية وحوارية، وهو ملتقى ليس له مثيل في مهرجانات المسرح في الوطن العربي.

ورش متخصصة

وفي حديث مع الطلبة المتفوقين عن تجربتهم أشارت لينا عزيران من لبنان وخريجة التمثيل والإخراج المسرحي، بأنها كانت تجربة للإلتقاء بمجموعة من الأشخاص المتخصصين في العمل بالمسرح، إضافة إلى النقاد والكتاب والمخرجين من كل العالم العربي، سررت بالأشخاص الذين تعرفت عليهم، وكنت طموحة إلى المزيد من الورش المتخصصة وليست العمومية.

وعن العروض قالت: كان مستوى العروض ضعيفاً بعض الشيء، وهذا يؤكد على الحاجة لوضع برنامج لإعداد ممثل والاعتماد على منهج وليس على خبراتنا، ولابد من وجود منهج عالمي للمسرح، إضافة إلى ضعف النصوص التي تحتاج إلى المزيد من العمل للوصول للكتابة المتميزة والقوية.

مشاريع مستقبلية

واعتبر ياسر السيد من جمهورية السودان عن سعادته بعد أن شارفت الأيام على الانتهاء، وانتهاء مرحلة المعرفة والتعارف مع مجموعة جميلة ومتجانسة التي كانت تصب في صميم العمل والاستفادة من التجارب المقدمة والمجالات المفتوحة والخيارات المطروحة، وقد لاقوا التشجيع من قبل الأساتذة، وناقشوا مشاريع مستقبلية قد يتم تنفيذها على هامش المهرجان.

وأضاف: «لاقينا الحفاوة وتقبل الآخر وجمال الإنسان الإماراتي، والعربي، ففي المهرجان اعتبر الوطن العربي عبارة عن خارطة عاطفية تجمع وتتجانس بها الألوان وتشكل فسيفساء جمالية رائعة أكبر من رواسب السياسة والكراهية، ونتمنى أن تترجم كل العروض إلى واقع أفضل للمسرح العربي».

كما أكد محمد سراج الدين من جمهورية مصر العربية خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، بأنها كانت تجربة مختلفة وهي الأولى له، وسعد بمشاهدة مسرح مختلف تتعدد فيه الحوارات كتعدد واختلاف الجنسيات في الدولة، حيث إنها فرصة للحديث والتشاور مع مجموعة من الطلاب المتفوقين،.


ولتبادل المعرفة معهم حيث فتحوا له المجال للتركيز على فن آخر من المسرح وهو السينوغرافيا، و أعطت الورش لنا الفرصة بأن نكون كمدربين في التمثيل أو الإخراج، أما بالنسبة للعروض فبعضها جيد وبعضها غير موفق ونحن نستفيد في كل الأحوال.

تعلم واكتشاف

حليمة الراسي من المملكة المغربية خريجة المعهد العالي لفنون المسرح والتنشيط الثقافي بالرباط، وتقول: هي تجربتي الأولى لحضور أيام الشارقة المسرحية، واستفدنا كثيراً لأننا التقينا بأشخاص بالميدان المسرحي، وتعرفنا على مدارس إخراجية مع مشاهدة عروض مسرحية إضافة لاكتشافنا للمدينة، وقد زرنا متحف الشارقة للفنون وهو مشابه للمتحف المغربي المعاصر، وقد أحببت الأعمال والمشاريع التي يتزين بها المتحف.


------------------------------------------
المصدر: الشارقة - وفاء السويدي - البيان

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الجمعة، مارس 25، 2016

بذور الدراما الرافدينية في عصور ما قبل التاريخ / خزعل الماجدي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, مارس 25, 2016  | لا يوجد تعليقات



   تزخر عصور ما قبل التاريخ بالكثير من الآثار واللقى التي تبدو لنا مثل مرايا متماسكة في صندوق واحد يمكن النظر إليها ، عبر زوايا متعددة ، بحيث تعطينا في كل مرة منظراً مختلفاً  وصوراً معادة التأويل وفق طريقة النظر إليها.
    وتشكل آثار وادي الرافدين منذ العصر الحجري الحديث (النيوليت) وحتى مطلع العصور التاريخية أكثر الآثار خصباً وتنوعاً في الشرق الأدنى القديم. وإذا كان البحث في الفنون المادية والمظاهر الدينية لهذه الفترة يسيراً بعض الشيء، إلا أنه يبدو مستحيلاً فيما يخص الأشكال الدرامية وجذورها هناك. ولا سبيل إلى إدراك ذلك سوى ما يمكن أن نؤوله ونعزز به تلك الشذرات الموحية هنا وهناك.
    إن الفترة الممتدة من الألف التاسع إلى الألف الرابع قبل الميلاد في العراق القديم ليست بالفترة البسيطة فهي تعادل الفترة بين ظهور سومر حتى يومنا هذا.. وهي بلا شك تحتوي على الكثير من جذور وشعيرات الحضارات العراقية القديمة، ولذلك تحرينا فيها بدقة وأمسكنا ببعض ما يمكن أن نسميه التقدمات أو الجذور الأولى للأشكال الدرامية الرافدينية.
وإذا كانت سومر تحمل بذور الحضارات التاريخية في العراق القديم والعالم القديم بأكمله فأن الثقافات أو الحضارات الزراعية والمعدنية التسع(1) التي تسبق سومر حملت، هي الأخرى، بذور الحضارة السومرية. ولولا ذلك التراتب والنقلات الحضارية المتتابعة في هذه الحضارات التسع لم تظهر نواميس الحضارة السومرية التي كانت قاعدة العصور التاريخية بأكملها.
    لقد حاولنا الاستفادة في هذا البحث من طرائق المنهج الجدلي بمعناه العام في البحث عن الجذور الدرامية الأولى في عصور ما قبل التاريخ. فقد رأينا أن العصر الحجري الحديث (النيوليتNeolithe) بثقافاته الأربع، يحتوى على بواكير مادة الأشكال الدرامية الأولى بشكلها البسيط والمرتبط بالأرض، وخصوبة التربة، والقرية الزراعية، والمرأة، والإلهة الأم والتي سادت في القسم الشمالي من العراق واعتبرنا ذلك بمثابة الأطروحة (Thesis)، ولكننا عندما انتقلنا إلى العصر الحجري المعدني (الكالكوليت Chalcolithe) بثقافاته الخمس ( مضيفين له مرحلة العصر الشبيه بالكتابي أو الشبيه بالتاريخي)(2)، وجدنا أن وظيفة الأشكال الدرامية السابقة (النيوليتية) تنقلب أو تنعكس تماماً وترتبط بأفكار جديدة، تتمحور حول استعمال المعادن، وخصوبة الماء، وظهور المدينة والمعبد، وسيطرة الرجل، وبدء الانقلاب الذكوري في الدين. وكان المسرح الواسع لكل هذه التحولات جنوب العراق (وليس شماله كما في حضارات النيوليت) وبسبب هذه المتضادات الحضارية اعتبرنا ذلك بمثابة الأطروحة المضادة (Anithesis)، وهكذا نشأت من الصراع أو الجدل بين العصرين وحضاراتهما المتضادة حركة واسعة وقوية ومركبة، شكلت المادة الثقافية للعصور التاريخية في العراق القديم والتي بدأت بسومر، واعتبرنا ذلك بمثابة التركيب (Synthesis).
    ونرى أن حركة الجدل هذه لا تشمل الجذور الدرامية فقط بل تكاد تنطبق على مجمل أنشطة ومظاهر الحضارات العراقية ما قبل التاريخية ثم التاريخية. فقد نبتت في الثقافة النيوليتية العناصر الأولى، ثم ظهرت في الثقافة الكالوليتية مضاداتها، ومن صراعهما ظهرت عناصر الثقافة السومرية التي هي برأينا نتاج صراع وجدل طويل بين الثقافات والحضارات النيوليتية والكالكوليتية بكل ما حفلتا به من تضاد وتنازع.

العصر الحجري القديم (الباليوليت)
الأصول العميقة للعمل والدين والفن
    لا تسعفنا الآثار المستخرجة في وادي الرافدين والدالة على العصر الحجري القديم (الباليوليتPaleolithe) بمشهد دقيق وواضح يشير إلى أي مظهر من المظاهر الدرامية، ولكننا وقياساً على طرق البحث الاستنتاجية نرى أن هذا العصر حفل بظهور البذور الأولى للعمل والدين والفن.
    ففي العراق القديم ظهر العصر الحجري القديم الأدنى وأدواته الحجرية الكبيرة الأشولية في (بردة بلكا) في جمجمال، أما في العصر الحجري القديم الأوسط فقد ظهرت جماعات من البشر سكنت الكهوف في العراق، وفي كهف شانيدر ظهرت في أعمق طبقاته وهي الطبقة الموستيرية ثلاثة هياكل عظمية لإنسان النياندرتال (3) الذي كان يستعمل الأدوات المتوسطة الحجم، أما الإنسان العاقل فقد ظهرت ثقافته المنتمية للعصر الحجري القديم الأعلى والتي تسمى في العراق بـ(الثقافة البرادوستية)، أما العصر الحجري الوسيط (الميزوليت) فقد ظهرت ثقافة الإنسان العاقل في العراق في كهف زرزي (الثقافة الزرزية) حيث بدأ يستعمل الأدوات الحجرية الدقيقة.
    وكان الإنسان في كل هذه العصور قد تطور بطيئاً في أعماله وثقافاته. ولا شك أنه من خلال استعمال الأدوات الحجرية للصيد تعلم العمل، ومن خلال دفن الأموات عرف ملامح الدين الأولى، ومن خلال الرسم على الصخور وأحجار الكهوف عرف الفن. وهكذا اكتملت الدوافع الأساسية لتشكل الحضارة القديمة ما قبل التاريخية.
    إن أهازيج وترانيم العمل اليومي واكتمال حنجرة الإنسان وقدرتها على التصويت والكلام والغناء وظهور أول أشكال الموسيقى البدائية المنفذة بالصوت البشري والأغصان اليابسة والعظام وجلود الحيوانات.. كانت تحصيلاً طبيعياً لعلاقة إنسان الباليوليت مع الطبيعة ومع ظهور العمل والدين والفن بأشكالها البدائية.
    هناك من يرى مثلاً أن الموسيقى البدائية الناشئة عن غناء وإنشاد الإنسان يمكن أن تنتظم وفق طريقتين، اعتماداً على سلوكه ودرجة أنفعاله النفسي أمام أجوائه وظروفه الصعبة، حيث تعمد الطريقة الأولى على "ترتيل بسيط لبعض العبارات، تاركاً للكلمات المجال لتكون مركز الاهتمام الوحيد بغية إيصال المعنى المطلوب فهو إذن أسلوبٌ لحني تولد من موسيقى تتابع مقاطع كلماته، أو أنه وليد الكلمة ويصطلح عليه بـ( لوغوجينك Logogenic) . وقد ارتبط هذا الأسلوب اللحنى مع حالات استقراره النفسي وهدوئه وراحته وإطمئنانه.(4)
أما الطريقة الثانية فتتكون مع حالات ذعره وخوفه وهياجه وتوتره حيث تنطلق العبارات والكلمات والمقاطع منه متلاحقة بعنف بالغ القوة على شكل أنطلاقات عنيفة حيث تقل أهمية المعاني وتزداد أهمية التعبيرات الصوتية ويسمى هذا الأسلوب بـ(الأسلوب العاطفي أوالمرضي Pathogenic). وقد نشأ بين هذين النوعين الأسلوب اللحنى أو المثير (Melogenic) الذي استقل عن أسلوب الكلمة الأول وأسلوب العاطفة الثاني واعتمد على اللحن(5).
    وتصلح هذه التقسيمات لأي عصر حجري متواتر في مراحله، لأنها تعتمد على كلام الإنسان وأصواته وصراخه ورقصه وحركاته. ويمكن بالإضافة على ذلك استنتاج أن الإنسان في هذا العصر وفق عقيدته الدينية المرتبطة بالحيوان تأثر بالحيوان واعتبره تجلياً من تجليات (المقدس). وهكذا كان تقليد حركات الحيوان بمثابة شكل من أشكال التقديس والعبادة. وكذلك كانت طقوس صيد الحيوان وذبحه ودفنه واستخدام بعض أعضائه مثل القرون والجماجم والجلد والصوف والشعر كأزياء تنكرية كمحاكاة له، وقد كان ينبوعاً ثراً للعقائد اللاحقة.
    وفي هذه المرحلة التي ساد فيها السحر ورافقاها صيد الحيوان وتقديسه في الوقت نفسه، يمكننا أن نؤكد ظهور المكياج الأول وتخطيط وجه وجسم الإنسان، وخصوصاً عند زعيم القوم أو الشامان(6) الذي كان الكاهن والساحر والزعيم بغية تميزه عن غيره وزيادة في هيبة الطقوس السحرية والدينية ومن ضمنها الرقص وتقليد حركات الحيوانات، لقد كانت هذه العناصر التي تغرق في هيولي دينية وروحية بدائية هي التي اعطت البذور الأولى للطقوس الدينية ذات الطابع الدرامي والتي ظهرت واضحة في العصور اللاحقة.

العصر الحجري الحديث (النيوليت)
أشكال الدراما الأولى
    بعد أكتشاف الزراعة وتدجين الحيوان واستقرار الإنسان ونشوء القرى والتجمعات الفلاحية حصل تحول نوعي في الطقوس والممارسات الدينية النيوليتية، فقد شدّها جميعاً إلى مركز واحد جوهر أساسي هو الإخصاب وظهور الإلهة الأم الممثلة لخصب الأرض.
وظهرت من خلال الممارسات الزراعية والدينية مجموعة من الطقوس التي يمكن عدّها بمثابة الأشكال الدرامية الأولى رغم أنها تحمل رسالة ثقافية عامة وهذه الطقوس هي:
1.   عبادة الإلهة الأم: طقوس التشبيه والمحاكاة
    أفرزت الزراعة ديانة الخصب النيوليتية التي كانت تستند بالأساس إلى عبادة الإلهة الأم، فحينما كان الرجل منشغلاً بصيد الطرائد وجمع القوت كانت المرأة الملازمة لأبنائها تقضي وقتها في جمع الحبوب ثم توصلت إلى تكثيره عن طريق دفن الحبوب في الأرض من أجل خزنه في بداية الأمر، لكنها فوجئت أن هذه الحبوب أنتجت نباتات تحمل أضعاف تلك الحبوب وهكذا تهيأ للمرأة القيام بأعظم اكتشاف في التاريخ وهو اكتشاف الزراعة. وقد قام الإنسان والرجل بصفة خاصة بربط عملية التكاثر عن طريق الزراعة بالمرأة فقط لأنه كان يعتقد أن قدرتها الخاصة بالولادة هي التي تجعلها مؤهلة للزراعة. ولم يكن الرجل آنذاك يعرف دوره في حمل المرأة، إذ من أين له معرفة ذلك طالما أن انتفاخ بطن المرأة وظهور بوادر الحمل ثم الولادة يأتي بعد شهور من الاتصال الجنسي بالمرأة..!!

  
http://www.anninevandermeer.nl/images/moederland/Irak/chronologie.htm
الإلهة الأم في حضارة حسونة

    هكذا أصبحت القداسة تحيط بالمرأة، وكان لا بد من تصور قوة خصبة في الكون على شكل أنثى. ولأن الإنسان طابق بين المرأة والأرض، فلذلك نراه حصر القوة الإخصابية في الكون بالدمى الطينية المصنوعة على شكل امرأة وبالطبع كان شكل هذه الدمى على صورة المرأة البدينة المعافاة الخصيبة الحامل التي هي رديفة الأرض الخصبة المثمرة.
    هكذا ارتفعت الأم إلى مرتبة الألوهية وأصبحت الإلهة الأم لاحقاً تبدو وكأنها سبب إخصاب الأرض في العقيدة الدينية.

    إن الإنسان العراقي القديم قام أولاً بتشبيه الأرض بالمرأة البدينة ذات الأعضاء الجنسية الكبيرة كإلهة كبرى، بدلاً من الحيوان المقدس الذي سيطر على العبادة في العصر الحجري القديم. ثم قام الإنسان بعد ذلك بمحاكاة هذه الإلهة فأصبحت المرأة زعيمة القوم وكانت صفاتها بالضرورة القوة والخصب والصحة لأنها تناظر الإلهة الأم، وظهرت طقوس العبادة التي تحاكيها أيضاً.
    إن فعلي التشبيه والمحاكاة يحملان جوهر الدراما.. ونرى كذلك أن عبادة الإلهة الأم جرى في العصر النيوليتي في العراء وكانت الأرض التي يريد الإنسان زراعتها مسرحاً لها بالدرجة الأساس ولذلك كانت تماثيلها المخروطية الشكل ذات النهاية المدببة السفلى تُنبّت في الأرض أثناء عمليات الزراعة، أما التماثيل الهرمية الشكل ذات النهاية اسفلى المسطحة فكانت توجد في القرى والبيوت تبركاً بالإلهة الأم، وكانت هذه العبادة تشتمل على طقوس مختلفة تختلط معها الكثير من العناصر الدرامية والفنية والغنائية.

2.   المصارعة كطقس ديني درامي
    لم تكن المصارعة في العصور ما قبل التاريخية نشاطاً رياضياً بل ارتبطت جذورها البعيدة بالحياة الدينية.
    إن المرأة التي تزعمت النشاط الإجتماعي والسياسي والديني في الثقافات النيوليتية الشمالية في وادي الرافدين كانت تختار زوجها أو ضجيعها عن طريق إجراء منافسة قوى بين الرجال الأشداء ليكون الزوج جديراً بالمرأة الزعيمة.
    وكانت مسابقات المصارعة بين الرجال تجري كل عام قبل طقس الزواج المقدس الديني، حيث يتم زواج المرأة الزعيمة باعتبارها ممثلة للإلهة الأم من الرجل القوي المنتصر في المصارعة، وبزواجها هذا يُشار إلى إخصاب الطبيعة.
    إنه لمما يلفت الانتباه أن مشاهد المصارعة في الأعمال النحتية والتشكيلية تظهر في العصر السومري القديم (حوالي 2500-2235 ق.م) ثم تزول في العصور اللاحقة وهذا يدل على أن طقس المصارعة كان يمتد بجذوره إلى فترة قديمة أبعد من هذا التاريخ بكثير.
ويرى الدكتور (فوزي رشيد) أن المصارعة كانت جزءاً من طقوس استنزال المطر في شمال العراق حيث "توحي لنا بأن رياضة المصارعة في العراق كانت تمثل في أغلب الظن الأختبار الذي يختار من خلاله الكاهن الذي يأخذ على عاتقه مهمة استنزال المطر والذي يكون كذلك عريّساً في الزواج المقدس."(7)
    إن صفات الشباب والحيوية والسمنة هي التي تجمع بين العريس والمصارع وتشير إلى ما تمتاز به الإلهة الأم البدينة المخصبة، ولأن الزواج المقدس كان يحصل في ربيع كل عام لذلك كان سرعان ما يفشل الكاهن المصارع العريّس في الاختبارات القادمة لظهور رجل أقوى يليق بالكاهنة العليا الممثلة للإلهة الأم.
   

    ويذكرنا هذا الأمر بفكرة (الغصن الذهبي) في عبادة (ديانا) في نيمي حيث يتمكن الشخص الذي يكسر هذا الغصن من شجرة محرمة من منازلة الكاهن فإذا استطاع قتله فإنه سيحصل على لقب (ملك الغابة). وكانت ديانا تقوم بدور الإلهة الأم في هذه الشعيرة.(8)
    ويرى (فرويد) أن جذور هذا الطقس تكمن في تقاليد القردة العليا التي نزح منها الإنسان حيث القرد الأقوى الأعظم هو الذي يسيطر على إناث مجموعته حتى يتهيأ له قرد أقوى منه يقوم بقتله ويحتل مكانه.(9)
    إن هذه الجذور البعيدة توضح بما لا يقبل الشك أن طقس المصارعة يقوم على أساس ديني غذائي جنسي قبل أن يكون رياضة وأنه كان ،ذات يوم، شكلاً درامياً بما يحتويه من صراع ونظّارة ومشاهدين يشاهدونه وروح ديني يعطيه عمقاً طقسياً، وهذه ،من وجهة نظرنا ،تشكل جوهر الدراما وأحدى جذورها الأهم في العراق القديم.
    إن مشاهدة المصارعة الحرة التي نتعرف عليها بكثافة في العصر الروماني مترافقة مع الأعياد والاحتفالات الشعبية تمتد بجذورها إلى عصور قديمة جداً وربما إلى العصر النيوليتي الشمالي الذي يمكن أن يكون تقليداً تطورت صيغته عبر العصور، وتنوعت أساليبه وأغراضه كلما تقدمنا في التاريخ حتى تحول إلى مجرد رياضة حرة فقدت جذورها الدينية وتحولت إلى ممارسات دنيوية تدخل في إطار الألعاب الرياضية القديمة.
3.   استنزال المطر (الاستسقاء): الرقص الديني
    كشفت لنا الثقافة النيوليتية الشمالية وخصوصاً في سامراء في حدود الألف الخامس قبل الميلاد عن مجموعة من الآثار الدالة على ظهور طقس استنزال المطر (الاستسقاء). لعلّ أهمها ذلك الطبق الخزفي الذي تظهر عليه أربع نساء متقابلات تتطاير شعورهن من اليسار إلى اليمين (باتجاه عقرب الساعة) وهنّ في مظهر عار يؤدين رقصة واضحة أساسها نثر الشعور باتجاه الشرق (أنظر الشكل في بداية الفصل والشكل 3)، ويشكل مظهر النسوة وشعورهن ما يشبه الصليب المعقوف أو رمز السواستيكا الذي هو رمز الخصب الأنثوي الذي تمثله المرأة في نهاية عصر النيوليت ويجسد هنا علاقة المرأة بالخصب توسلاً بالمطر الذي هو أساس الزراعة في منطقة مثل منطقة سامراء التي تقع جنوب الخط المطري في وادي الرافدين.
وقد انتشر هذا الرمز انتشاراً واسعاً في العالم القديم انطلاقاً من وادي الرافدين حيث نجده وقد ترسخ في الحضارات الآرية ليدل على الخصب حتى جاءت النازية فاعتبرته رمز التفوق الآري وصار مع ممارساتها العنصري رمزاً للخراب والدمار.
  
الإلهة الأم السمكة ورمز الصليب المعقوف (سواستيكا ) الدال على الخصب الانثوي/ سامراء 6000ق.م

    إن النساء العاريات الأربع محاطات بثمان عقارب تسير وراء بعضها من اليسار إلى اليمين. وهذا ما يعزز علاقة المرأة بالإلهة الأم التي كان بعض رموزها العقرب والأفعى، فقد كانت الأفعى نموذجاً للتكامل الأنثوي عندما تضع ذيلها في فمها وتشكل الأوربورس الأول الذي خرج منه الكون، أما العقرب فقد كانت طريقة تفقيس البيوض التي في جسدها عن طريق شق العقارب الصغيرة لظهرها، نموذجاً فريداً للإلهة الأم التي كان أبناؤها يفترسونها بعد الولادة مضحية بحياتها. وكذلك رمزَ الإنسان الرافديني للإلهة الأم بالسمكة التي تظهر في الأواني الخزفية بدلاً من العقرب. وربما شكلت الجداء رمز السواستيكا بقرونها.
    إن هذه الآثار كلها تدل على أن ترميزة الاستسقاء هي السواستيكا أو الصليب المعقوف التي كانت منتشرة في ثقافة سامراء، وذلك لأن إنسان الحجري الحديث عندما هبط قليلاً جنوب مواقعه الأولى في (ملفعات) و(جرمو) و(الصوان) اكتشف أن الماء يعوزه في الزراعة وكان المطر هو المصدر الأول للمياه لأنه لم يكن قد عرف بعد السيطرة على مياه الأنهار والاستفادة منها في الزراعة.
    ولكن سامراء كانت جنوب خط الأمطار ولذلك تتذبذب فيها موجات المطر دون نظام معين ومن الأفضل القيام بطقوس سحرية لإسقاط هذه الأمطار، وتكاد رقصة نثر الشعور هذه أن تكون مثالاً جيداً لتطبيق قانون السحر الأول الذي هو القانون التشابهي حيث العلل المتشابهة تعطي نتائج متشابهة، فالنساء الأربع اللائي ينثرن شعورهن يقمن بتحريك الهواء والغبار في هذا الجزء من العالم (حيث يجري الطقس) مما يؤدي وفق القانون السحري إلى تحريك هواء العالم كله. وهو ما يجلب الغيوم ويجعلها تمطر خصوصاً أن المرأة هي التي تؤدي هذا، والغيوم والأمطار والمرأة كلها عناصر خصب.
    إن طقس الاستسقاء السحري هذا هو طقس درامي في جوهره لأنه يقوم على صراع  الخصوبة (المرأة وشعرها) مع الجفاف وتذبذب نزول المطر، ثم أن فيه عمقاً دينياً واضحاً، ولا شك أنه كان يجري تحت رعاية الكهنة (أو الكاهنات) والناس الذين يشكلون النظارة والذين يترقبون الطقس ويعيشون فيه.
    إن ما يؤكد هذه الحقيقة العثور على قطعتين خزفيتين أخريتين من سامراء أيضاً تشمل كل واحدة أربع راقصات متشابكات الأيدي يؤدين رقصة تكاد تشبه الدبكة العربية المعروفة، رجّح أغلب الباحثين أنها رقصة استسقاء أيضاً.
    ويذهب الدكتور (فوزي رشيد) إلى أن طقس الاستسقاء هذا هو جذر أعياد الأكيتو السومرية والبابلية ويدلل على ذلك من خلال العلامات المسمارية التي كُتبت بها كلمة (أكيتو) والتي تدل على تفسيرها على الاستسقاء حيث "أن أقدم صيغة لكلمة أكيتو جاءتنا بحدود 2400 ق.م على شكل (آ- كي- تي)، العلامة (آ) تعني الماء ومجازاً المطر و(كي) تعني الأرض و(تي) فعل بمعنى يقرّب، فيكون بذلك معنى الكلمة كاملاً (تقريب الماء إلى الأرض أي الاستسقاء"(10)
    إن طقس الاستسقاء الذي عرفنا أصله لم يبق على حاله في العصور اللاحقة وبعد أن أصبح الري في جنوب العراق عماد الزراعة، فهو لوحده أصبح ممارسة فنية تقليدية فقدت جذورها السحرية والدينية في حين ظهر طقس الأكيتو بشكل مركّب ومختلف تماماً، وهكذا ظل من بقايا ذكرى الاستسقاء النيوليتي ذلك الرقص الذي تمارسه النسوة أو الرجال ونلاحظ اليوم أن رقصات النساء ناثرات الشعور في فنون الريف العراقي ورقصات النساء والرجال المتلازمين الأيدي في فنون الريف والبادية العراقية هي بقايا ذلك الطقس السحري والديني القديم.

4.   الزواج المقدس: الاحتفال الدرامي الأول
    الزواج المقدس هو الطقس والعيد الأكبر في الديانة النيوليثية الشمالية حيث تقع المرأة الكاهنة في مركزه وهي تمثل الإلهة الأم استمراراً وتكريساً للدور العظيم الذي اكتسبته المرأة بعد الزراعة حيث مثّلت قوة خصب الأرض. ورغم أننا لا نملك الكثير من الآثار والوثائق التي تشرح لنا طبيعة هذا الزواج إلا أننا يمكن أن نستنتج أن زعامة المرأة للمجتمع الزراعي فرضت ظهور طقوس تأتي مع بداية كل سنة ربيعية يتم فيها زواج الزعيمة الممثلة بالكاهنة العليا من الزوج الذي اختارته من طقس المصارعة ليكون ترميزاً لإخصاب الأرض باعتبارها أنثى الأرض ورمزاً لها.
    وتشير لنا تقاليد الزواج المقدس السومرية إلى الكثير من الجذور القديمة له فهو زواجٌ إلهي بالدرجة الأولى ثم زواج ملكي يقوم به الملك والملكة وتقوم الكاهنة العليا بدور الزوجة الإلهة، ويمكننا الاستنتاج أن الكاهن الأعلى هو الذي كان يقوم بدور الزوج ولكنه لا يقوم بدور الإله بل هو القوي الساحر المؤثر الذي يجيد ممارسة الطقوس الدينية والذي يجب أن يدافع عن موقعه هذا مع بداية كل سنة بالمنافسة مع الرجال الجدد الذين يحاولون جمع صفاته وغالباً ما يتم هذا عن طريق المنافسة بالمبارزة والمصارعة وغيرها.....
    إن هذا الطقس كان يجرى وسط الزرع مع بداية الربيع وكان الناس يشاركون به، وكانت الملكة تقوم بدور تمثيلي درامي عن الإلهة الأم، وكان الكاهن يقوم بدور تمثيلي درامي على أنه قرينها.. فهو طقسٌ يشاهده نظّارة وله عمق ديني وفيه صراع وانتصار الخصوبة على أيام الشتاء القاسية.. إنه ترميز لصراع الفصول الذي كان ينتج أدباً وفناً وديناً شفاهياً متداولاً كما يقول بذلك الناقد (نوثروب فراي).

العصر الحجري المعدني (الكالكوليت)
انقلاب وظيفة الطقوس
    نرجّح أن الرجل، في العصر الحجري المعدني، قام بدور جديد وبثورة تشبه الثورة الزراعية في أهميتها وهي اكتشافه للمعادن، وقد ظلّ طيلة العصر الحجري الحديث تابعاً لهيمنة المرأة.
بعد أن أصبح (الصيد والرعي) وظيفة تقاليدية للرجل تقع على هامش الزراعة كان لا بد له من القيام بدور جديد خصوصاً بعد أن بدأ يتعرف على دوره الحقيقي في الإنجاب وبالتالي دور المطر في الزراعة (ولا شك أنه طابق بين وظيفة المني والمطر).. وهكذا وجد الرجل القوي ضالته في حجارة المعادن الخام التي قام بتطويعها واستخلاص المعادن منها، فالثورة الكالكوليتية ثورة رجولية نتج عنها فيما بعد مفردات دينية جديدة كثيرة، فقد حلت المدينة محل القرية وظهر المعبد مركزاً للمدينة وظهرت الحرف والعمارة والتجارة وتميزت الحياة الاجتماعية وازداد الدين تركيباً وبدأت العقيدة الدينية تزحزح دور المرأة المركزي فظهر الإله الأب والإله الإبن بجوار الإلهة الأم "وأصبح أب السماء في أهمية الربة الأم الأرض، وغالباً ما أصبح الناس يتصورون المطر في كثير من معتقداتهم على أنه المني الخصب لأب السماء ويرى العلماء أن سبب هذه التغيرات يرجع على أن الرجال قد اقتلعوا الأساس الاقتصادي لمكانة المرأة، فلم يقتصر الأمر على جعل الفلاحة عمل الرجال بل تمّ أيضاً حرمان النساء من دورهن في الحرف الأخرى فقد اخترع رجال المدن مثلاً عجلة كانت وسيلة أكثر فاعلية لصناعة القدور وأصبحوا في أكثر الحالات تقريباً صنّاع أدوات الحرف،،(11)
    وهكذا بدأ المشهد بالتغير تماماً وكأن اكتشاف المعادن كان مفتاحاً لقلب المشهد وتغيير رموزه وأصبح الأساس الاجتماعي الجديد مغايراً لما كان عليه في النيوليت فإذا كانت الأم مركز الأسرة فالرجل الآن مركز الأسرة وتوسّع مفهوم الأسرة اجتماعياً لتتكون أسرة جماعية هي القبيلة أو الجماعة المنحدرة من أب واحد وهكذا حل مفهوم القبيلة محل الأسرة (دون أن يلغيه) وأصبح الرجل زعيم القبيلة بالإضافة إلى كونه ربّ الأسرة الأول.
    إن الانقلاب الذكوري الذي أحدثه عصر الكالكوليت بكل ثقافاته (حلف، أريدو، العبيد، الوركاء،جمدت نصر) كان متواتراً سريعاً وسبب انقلاباً لكل مفاهيم العصر النيوليتي الشمالي، ولنتأمل ما حصل من انقلاب في وظائف الطقوس الدينية الدرامية التي أتينا على ذكرها في العصر النيوليتي:
1.   تغير مركز الإلهة الأم ولم يعد الوحيد في مقامه الديني بل شاركها الإله الأب والإله الإبن (الإله الذكر) وظهرت تماثيل الثور والثور الوحشي وذكور الماعز والأغنام، ففي ثقافة العبيد ظهر الإله الذكر يحمل عموداً صغيراً وظهرت الإلهة الأم وهي تحمل إبنها، كما أن شكل الإلهة الأم بدأ يميل إلى النحافة وبدأت المبالغات في رسم ونحت الأعضاء الجنسية تقل بل أن أجسام الذكور والإناث لم تعد تختلف إلا قليلاً، ومع اقتراب العصور التاريخية أصبح الإله الذكر في المركز وتعددت حوله آلهة كثيرة من الذكور والإثاث وأصبح لكل إله وظيفة محددة، ولم تعد الإلهة الأم تحتفظ بكل الوظائف، وهذا يعني أن مجال التمثيل والمحاكاة أتسع.. وأصبحت الطبيعة تتمثل بعدد كبير من الآلهة وازداد عدد كهان الآلهة.
           
                           
    إن محاكاة الآلهة أصبحت أكثر حضوراً من خلال الشعائر  الدينية والمنحوتات والأشكال الفنية والطقوس الدرامية، ولعلّ الخيال الرافديني الكالكوليتي ابتكر آنذاك أساطير خاصة حملت جوهر صراع واضح لكل إله ممثلاً بما يرمز إليه. ويمكن أن تكون هذه الفترة حاسمة في بلورة صيغة ما من صيغ الأسطورة الرافدينية الأم حول دور المرأة الذي يهمِّش الأم ويرفّع دور البنت أو العذارء وهو ما نلمحه لاحقاً في أسطورة (إنانا) وهبوطها على العالم السفلي.. ولعل هذه الأسطورة كانت تستعاد درامياً سنوياً بوقائع مشحونة بالعنف والحب معاً مع قدوم الربيع أو رأس السنة أو في احتفالات كهنية خاصة.
2.   عندما تغير مركز الإلهة الأم لم يعد هناك من ضرورة لإقامة سباقات مصارعة لاختيار الرجل القوي الذي يشارك الإلهة الأم أو الأنثى، بل لعلّ ا لذكر القوي كان يفرض نفسه بقوة من خلال مشاركته المرأة الحكم والمركزية، حتى اكتمل الانقلاب الذكوري بأن أصبح الرجل هو الملك الوحيد وكانت زوجته هي الملكة التي تتمتع بامتيازاته هو قبل كل شيء.. وبذلك فقدت المصارعة جذرها الديني وتحولت إلى رياضة عادية تقام في الاحتفالات أو الأعياد أولا لا تقام، أي أن هذا الطقس تحوّل من طقس ديني إلى ممارسة دنيوية وبذلك أكتسب صفة أخرى واندرج ضمن نشاطات الأعياد والأفراح والرياضة.
3.   إما طقس الاستسقاء الذي كان يجري لاستنزال المطر فقد فقد، هو الآخر، مبرره وأصبح الاعتماد، في الزراعة، على الري لا على المطر، ولذلك نجد أن الصيغة اللاحقة لكلمة (أكيتي) أي استنزال المطر تحولت واستقرت علامة الـ(أ) من علامة تدل على المطر على علامة تدل على الجهد والعمل والساعد. حيث أصبح العمل وشق القنوات وبناء السدود هو الأساس في الثقافات الكالكوليتية الجنوبية، وبذلك فقد الاستسقاء بعده الديني الروحي والعملي وتحولت مظاهره الرقصية على عمل فني أصبح يؤديه الناس الذين كانوا يقيمون على تخوم المدن والذين يمتازون بالترحال وهم الغجر والبدو، وتشير رقصات نثر الشعور والدبكات التي كانت أساس طقس الاستسقاء إلى رقصات ما زالت حتى يومنا هذا يمارسها الغجر والبدو، على التوالي، دون أن يعلموا هم ومن حولهم أن هذه الرقصات ذات جذور دينية غارقة في القدم.
4.   لا شك أن طقوس الزواج المقدس في هذه المرحلة شهدت تغيرات كثيرة فيما يخص مركز الكاهنة التي تمثل الإلهة الأم، ومركز الملك الذي أصبح يمثل الإله الأب، فقد مال هذا الطقس إلى الجانب السياسي أكثر من ميله إلى جذره الديني القديم. إلا أن هذا التحول لم يُحسم تماماً إلا مع مجيء الأكديين.
    ونرجح أيضاً أن طقوس تتويج الملك والزواج المقدس كانت ذكورية فقد أصبح الأمر معكوساً، وكان يتم اختيار الملكة عن طريق الكهانة فقد كانت عملية انخراط النساء في الرتب الدينية وتدرجهن فيه هو الذي يعطي لواحدة منهن وهي (الكاهنة العليا) الحق في الاقتران الموسمي بالملك.. وهكذا حلّت، في طقوس الزواج المقدس، الكهانة الدينية محل المصارعة بالنسبة للرجل اختباراً لاختيار قرينة الملك.
    ونرجّح أيضاً أن عقيدة نزول الإله الذكر إلى العالم السفلي وحلول الجدب ظهرت في هذه المرحلة لتشكل طقساً ذكرياً آخر وهو طقس الحزن الجماعي الذي يبدأ بعد موت الإله ونزوله إلى العالم الأسفل وهو ما ستشير إليه بوضوح المثولوجيا السومرية لاحقاً.
    إننا إجمالاً نودّ القول أن الطقوس الدينية الدرامية أصبحت في العصر الكالكوليتي تميل إلى أن تكون طقوساً دنيوية درامية.. ومن هذه الطقوس الدينية الدرامية ستنشأ الأشكال الدرامية في العصور التاريخية فقد أصبح الجذر الديني المتماسك بعيداً ضعيفاً واصبح بالامكان استعمال الطقوس المنحدرة من ذلك الماضي البعيد في اتجاهات أخرى. والمهم أن خلخلةً حصلت في وظائف ثم في أشكال الطقوس الدينية القديمة وسيتيح هذا الجدل الفرصة لنشوء أشكال درامية جديدة.


العصور التاريخية
الأعياد كدراما احتفالية كبرى
    يمكننا القول أن المرحلة التاريخية التي ابتدأت مع الكتابة شهدت في وادي الرافدين ظهور نمط درامي مركّب (ديني ودنيوي) في الوقت نفسه وهو: العيد. أما المسرح بالمفهوم المتعارف عليه فلم يظهر إلاّ مع الأغريق.
    وهكذا نرى أن الأعياد كانت حاضنة كبرى للدراما المسرحية التي تفتحت زهورها لاحقاً مع مجيء الأغريق، أما الشرق، قبل القرن السادس قبل الميلاد، فلم يشهد إلاّ ظهور الأعياد التي كانت تتضمن شحنات ولمحات درامية أدت فيما بعد إلى تفجّر فن المسرح.
    ظهرت الأعياد مع العصور التاريخية وكانت "كلمة عيد في اللغة السومرية هي Ezzen وتعني الفرصة والاحتفال الذي لا يتبط بوقت محدد من أوقات السنة، أما كلمة عيد في اللغة الأكدية فهي Isinnu ولها صيغة أخرى Issinnu وتعني كلمة Isinnu العيد الدوري الموقوت وقد استعمل الأكديون لفظة Um sinnu والتي تعني يوم العيد"(12)


    ونحن نرى أن كلمة (سنة) العربية مشتقة من الجذر السومري القديم (إيزن) أو (إيسن) لأن العيد كان مرتبطاً برأس السنة وهكذا يكون عيد رأس السنة أهم الأعياد قاطبة في وادي الرافدين.
    إن الأعياد تعد أهم شكل درامي في الحضارات السومرية والبابلية والآشورية، ونرى أنها لم تتطور إلى الشكل المسرحي المألوف الذي نراه في اليونان.. أي أن المسرح بالمفهوم المتعارف عليه لم يظهر مطلقاً في وادي الرافدين (ولا حتى في وادي النيل).. بل كانت هناك نشاطات درامية احتفالية تشكِّل الأعياد شكلها الأوسع والأكمل.
    أن الأعياد وخصوصاً عيد (الأكيتو) هي الدراما الجماعية العفوية الكبرى التي كان الجميع يمارسها ويشاهدها في الوقت نفسه، وكان يقوم بأدوارها الرئيسية عدد كبير من رجال الدين والكهنة الكبار والملك والملكة، وكانت ذات وجهين: وجه ديني طقسي روحي يذكّر بالجذور النيوليتية لها، ووجه دنيوي فني مادي يذكّر ابلجذور الكالكوليتية لها. ومن دمج هذين المظهرين ظهرت الأعياد التاريخية الرافدينية باعتبارها البؤرة التي تجمع جميع أشكال الدراما الرافدينية ولكنها ظلت أسيرة شكلها الجمعي وأعرافها الخاصة بها، ولم تفرز على حدةٍ ما يمكن أن نسميه بجرأة بـ(المسرح العراقي القديم).
    إن عيد الأكيتو في جوهره مناسبة مثولوجية تطبيقية لاستعادة أساطير نشوء الكون والآلهة والإنسان وكانت الطقوس التي تجري فيه طقوس تأمل في الخليقة الأولى من جهة وطقوس عمل لإحراق وإلغاء الذنوب والخطايا من جهة أخرى وبما أن العام الجديد هو إعادة تعيين للنشكونية، فإنه يقتضي استعادة الزمن لبدايته أي بعث الزمن البدئي، الزمن النقي.. ذلك الذي كان يوجد في فترة الخلق ولهذا السبب، وبمناسبة العام الجديد، تجري التطهيرات لطرد الذنوب والشياطين أو ببساطة كبش المحرقة.(13)
    إن المسرح الشرقي القديم (العراقي والمصري والشامي) لم يكن مسرحاً بالمعنى الدقيق للكلمة لأنه لم يكن دنيوياً بل كان دينياً تتفاعل فيه الأساطير والطقوس لأداء دور ديني محدد. بل أن الطقوس نفسها كانت وسيلة لاستعادة الأساطير النشكونية الأولى وليس العكس. في حين أن الطقس في المسرح الدنيوي هو أحد أهم أهداف المسرح.
    أن أسطورة الخليقة البابلية (إينوما إليش) كانت تستعاد درامياً وكانت الطقوس هي العمل الحقيقي في الأعياد. أما الأسطورة فغاية يراد منها التذكير بدليل أنها تُتلى عندما تُمثل أحداثها "وفي الواقع إن المعركة بين تيامت ومردوخ كان يوحى لها بصراع بين مجموعتين من الممثلين، صراع احتفالي يوجد أيضاً لدى الحيثيين، ودائماً في نطاق سيناريو مأساوي للعام الجديد، لدى المصريين وفي رأس شمرا.. إلخ وكانت المعركة بين مجموعتين من المحتلين تكرر المرور من العماء إلى الكون وكانت تحيّن النشكونية. فالحادث الأسطوري يصبح حاضراً..(14).
    أن أية طقوس دينية أو أساطير أو شعائر أو أحداث صراع كبرى تصلح لأن تكون مادة درامية تمثل على حدة، ولكن ذلك لم يحصل بل بقيت كل هذه الأشياء لصيقةً بمشيمتها الدينية بشكل خاص ولم تنفصل كأجنّة مسرحية خاصة، وقد ظلّ حال التراث الدرامي الديني الاحتفالي في الشرق كله في هذا الإطار ومثال ذلك مصر والهند والصين وبلاد الشام ولم يحصل مثل هذا التطور النوعيّ إلاّ في القرن الخامس قبل الميلاد في اليونان عندما انفصلت الاحتفالات الدرامية عن الطقوس الدينية وتحولت إلى فن قائم بذاته هو: المسرح. ولنتذكر معاً أن مثل هذه الأعياد في اليونان كانت هي المادة الي أنفصل منها المسرح وظهرت لاحقاً منه تقاليد التمثيل والكتابة والإخراج الخاصة بالمسرح، ألم تكن أعياد الاحتفال بديونزيوس هي البذرة التي ظهرت منها شجرة المسرح الأغريقي، ومن هو (ديونيزيوس)؟ أليس هو ذاته (دموزي) السومري أو (تموز) البابلي أو (أدونيس) السوري أو (أوزيريس) المصري!! بل أن الكوميديا تحديداً كانت تقابل أعياد الفرح وزواج تموز من عشتار أيام الحصاد والربيع، وأن التراجيديا تحديداً كانت تقابل مآتم الحزن الجماعي على موت تموز وذهابه إلى العالم الأسفل أيام البذار والخريف وهو ما يحتاج إلى وقفة طويلة وبحث مفصل.
* * *
    لو راقبنا إجمالاً تطور النواة الدينية الدرامية منذ بداية العصر النيوليتي لوجدنا أن هذه النواة تتمثل منذ الألف الثامن ق.م في عبادة الإلهة الأم حيث عناصر الدراما في التشبيه والمحاكاة موجودة ضمناً في هذه العبادة، وكلما اقتربنا من نهاية هذا العصر وتحديداً في الألف السادس قبل الميلاد في سامراء نجد أن هذه العبادة تزداد كثافة وطقسية ويمثلها بالدرجة الأساس طقوس الزواج المقدس الذي ترافقت معه وشحنته طقوس أخرى ذات طبيعة درامية كالمصارعة والاستسقاء لتكون النواة الدينية الدرامية لنهايات العصر النيوليتي.
    وما أن حلّ عصر الكالكوليت حتى انقلبت العبادة والأفكار والعادات وحصل انقلاب مماثل في وظائف الطقوس الدينية فكان أن أنعكس ذلك واضحاً على الأشكال الدرامية النازحة من عصر النيوليت، وقد ظهر ذلك بشكل واسع مع قدوم العصور التاريخية حيث انفصل طقس المصارعة وتحول إلى رياضة بسبب فقدان مبرره الديني وانفصل كذلك طقس الاستسقاء لنفس السبب وتحوّل إلى نمط من الرقص الغجري والبدوي. (أنظر الشكل التخطيطي).


    أما عيد الأكيتو فقد أصبح الاحتفالية الدرامية الكبرى حيث هضم في داخله جميع الأشكال الدرامية السابقة في وحدة وسياق لا نظير لهما. ولم يمنع هذا من ظهور متدرج لأنماط من الدراما الطقسية البسيطة متمثلة في إعادة تشخيص نزول إنانا للعالم الأسفل.
أما على مستوى النصوص فنلمح فكرة الدراما المعبَّر عنها بالصراع في الملاحم والأساطير من ناحية وفي فنيين حواريين أدبيين (لا مسرحيين) من ناحية أخرى وهما (أدب البلبال) وهو أدب المحاورات بين أثنين أو الديالوج و(أدب الأدمندوكا) وهو أدب المناظرات والمفاخرات بين متقابلين. وقد ظهرت نصوص عديدة من كليهما في الأدب السومري والبابلي، ولم تُمثل هذه النصوص أو تنتج أدباً مسرحياً بل ظلت أدباً حوارياَ محضاً.

الهوامش والمراجع
(1)   الحضارات التسع في وادي الرافدين هي حضارات العصر الحجري الحديث الخمس (جرمو، الصوان، حسونة ، سامراء) والتي استغرقت (8000-4900) ق.م أي ما يقرب ثلاثة آلاف سنة، وحضارات العصر الحجري النحاسي (الكالكوليت)ومعهاالعصر الشبيه بالتاريخي الخمس(حلف، أريدو، العبيد، الوركاء، جمدت نصر) والتي استغرقت (4900-2900) ق.م أي الفا سنة. وتقع كل هذه الحضارات التسع في نهاية عصور ما قبل التاريخ.
(2)   العصر الشبيه بالكتابي أو الشبيه بالتاريخي (البرتولتريت) يمتد لحوالي 200 سنة (3100-2900) ق.م ويشمل مرحلتين هما (الوركاء الثانية، جمدت نصر) وهو مرحلة انتقالية بين عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية بسبب ظهور أول أشكال الكتابة الصورية.
(3)   انظر الرويشدي، سعدي: الكهوف في الشرق الأدنى. مجلة سومر/ المجلد 25ج1،ج2، 1969. مديرية الآثار العامة-بغداد.ص260
(4)   فريد، طارق حسون: تاريخ الفنون الموسيقية. جامعة بغداد. بيت الحكمة. بغداد 1990 ص36.
(5)   فريد، طارق حسون: المرجع السابق. ص38.
(6)   شامان (shaman) هو اصطلاح كان يطلق في الأصل، بين قبائل سيبيريا الرحل، على كل ما كان يزاول تطبيب المرضى، ثم انتشر فصار يطلق على التطبيب في كافة مجتمعات القط الشمالي ثم أصبح دالاً على الطبيب الساحر.
(7)   رشيد، فوزي: من هم السومريون. مجلة آفاق عربية. السنة السادسة العدد (12) آب 1981 ص86.
(8)   انظر فيزر، سيرجيمس: الغصن الذهبي (دراسة في السحر والدين) ج1 ترجمة د.أحمد أبو زيد. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر. القاهرة 1971. ص73.
(9)   انظر فروي، سيغموند: الطوطم والتابو. ترجمة جورج طرابيشي. دار الطليعة للنشر. بيروت 1982
(10)           رشيد، فوزي: من هم السومريون. مجلة آفاق عربية. السنة السادسة العدد  (12) آب 1981 ص85.
(11)           رايلي، كافين: الغرب والعالم. سلسلة عالم المعرفة الكويتية رقم (90) ص 61-62.
(12)           النعيمي، راجحة خضر: أعياد رأس السنة البابلية. مجلة سومر ج1 المجلد 46، 1989-1990 ص112.
(13)           إلياد، مرسيا: المقدس والمدنس. ترجمة عبد الهادي عباس المحامي، دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع ط1 1988 ص63.
(14)           المرجع السابق .
---------------------------------------
المصدر: موقع فوزي كريم 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9