أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، مايو 21، 2010

برتولت بريخت : أحد قمم اعمدة المسرح في القرن العشرين 1808- 1956 / عادل حبه

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, مايو 21, 2010  | لا يوجد تعليقات

في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت بريخت، احد ابرز كتاب الشعر والمسرحية في القرن العشرين بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيله. ولهذا العرض في الولايات المتحدة الآن مغزى خاص حيث ان هستيريا الحرب الباردة التي طغت على هذا البلد خلال قرابة خمسة عقود، وغيبت الكثيرين من رموز الثقافة والتنوير، واجبرتهم على مغادرة البلاد او الاعتكاف او السجن ، قد ولت. ويجري منذ انهيار الحرب الباردة المشينة اعادة الاعتبار لضحايا تلك المرحلة المظلمة وعرض نتاجاتهم وطبع كتبهم في الولايات المتحدة الامريكية او في روسيا على حد سواء. وهكذا جرى ، على سبيل المثال، انتاج فلم امريكي عن حياة تشارلي شابلن في السنوات الاخيرة بعد ان منعت كل نتاجاته بحجة الشيوعية و تهمة النشاط المعادي للولايات المتحدة واجبر على مغادرة البلاد. لقد طالت هذه الهيستيريا ابرز كتاب المسرح وهو برتولت بريخت بنفس التهمة واضطر هو الآخر الى مغادرة البلاد في عام 1947. وقد تطول القائمة، والحيز لا يسمح بذلك، لو استعرضنا جميع الكتاب والمسرحيين والفنانين ونجوم السينما والتنويريين والفلاسفة وعلماء الاجتماع والاقتصاد والشخصيات السياسية والنقابية والمهنية ممن طالها سيف الحرب الباردة وشرورها والتي سادت العالم شرقها وغربها مما الحق أضراراً جمة بالمجتمع الامريكي وفي الثقافة والوجدان والضمير فيه، ناهيك عما لحق من اضرار بالثقافة في العالم عموماً. 
ولد بريخت في عام 1898 في مدينة اوغسبرغ من محافظة باير جنوب المانيا عن أب كاثوليكي وام بروتستانتية. وبدأ بكتابة الشعر في سن مبكرة ، ونشرت اولى مقطوعاته الشعرية في عام 1914. وعندما انهى بريخت المدرسة الابتدائية انتقل الى "غومنازيوم كونيغليشزه" لاكمال دراسته المتوسطة. وفي عام 1917 سجل في جامعة لودفيغ ماكسيمليان في مدينة ميونيخ لدراسة الطب. وبعد انهاء الخدمة العسكرية كطبيب متدرب في الجيش، تابع الدراسة في الطب والتي سرعان ما تركها في عام 1921. وبعد احداث الثورة البافارية في عام 1918 كتب اول مسرحية له وهي "بال" والتي اخرجت 1923 في عام ولقت نجاحاً كبيراً. 
بدأ ارتباط بريخت بالشيوعية عام 1919، عندما انضم الى الحزب الديمقراطي الاشتراكي المستقل. واثناء ذلك اقام علاقة وطيدة مع الكاتب الالماني ليون فوشتوانغر والتي كانت لها اهمية كبيرة بالنسبة الى الكاتب الشاب من الناحية الادبية. ونصحه فوشتوانغر بالانضباط بقدر ما يتعلق بكتابة المسرحيات. وعين بريخت في عام 1920 كمشاور اساسي في اختيار المسرحيات في كمرسبايد في ميونيخ. وبعد علاقة عاطفية مع فراولين باي ولد ابنه الاول فرانك. وفي عام 1922 تزوج من الممثلة ماريان زوف. وتم تعيين بريخت في عام 1924 مستشاراً لمسرح ماكس راينهاردت دويتشس في برلين. وصعد نجم بريخت مع عرض مسرحيته "تشرد في الليل" (1924) واستمرت مع عرض "اوبرا الشحاذين" او "اوبرا القروش الثلاثة" للمؤلف جون غاي، والتي اتفق على تلحينها مع الموسيقار كورت ويل.
وفي حوالي عام 1927 شرع بريخت بدراسة كتاب "الرأسمال" لكارل ماركس، وتأثر بمفهوم البناء الفوقي الذي طرجه ماركس والذي اصبح محوراً في مفهوم بريخت لنظريته المسرحية. وغدا بريخت، في عام 1929، عضواً في الحزب الشيوعي الالماني. وقام اثناء عمله في مسرح شيفباوردام بتدريب الكثير من الممثلين الذين تحولوا الى نجوم في عالم المسرح والسينما الالمانية ومن بينهم اوسكار هومولكا وبيتر لور والمغنية لوت لينيا زوجة كورت ويل. وعمل بريخت مع هانس ايزلر على انتاج فلم سياسي هو "كوهله وامب"،وهو الاسم الذي كان يطلق على احد الاحياء الفقيرة التي تحتضن العاطلين عن العمل. وسمحت السلطات بعرض الفلم في عام 1932 الا انه سرعان ما منعته السلطة النازية الجديدة التي سيطرت على الحكم حينذاك. في عام 1930 عرضت مسرحيته الملتزمة سياسياً وهي "الاجراءات اتخذت" والتي تتميز بالمباشرة واللاعاطفية، والتي تحفظ الحزب الشيوعي الالماني عليها لتضمنها قدراً من التطرف السياسي. ان الدرس الذي يقدمه بريخت في هذه المسرحية هي التضحية بالفرد بأي نحو من اجل توفير الحرية للبشرية في المستقبل. 
في عقد الثلاثينيات من القرن العشرين فرضت السلطة النازية حضراً على جميع مؤلفات بريخت ومسرحياته واشعاره. وغالباً ما كان البوليس يهاجم دور العرض ويوقف عرض مسرحيات بريخت. ولذا قرر بريخت الهجرة الى الدانيمارك واستقر في جزيرة فين حتى عام 1939. ثم رحل الى فنلندا حيث استقر في مدينة ليتي وكضيف على الكاتب الفنلندي هيلا ويوهلجوكي. وهناك كتب بريخت مسرحيته الشهيرة "السيد بونتيلا وتابعه ماتي" في عام 1940. وفي نفس السنة كتب مقالته الشهيرة "حول المسرح التجريبي" حيث القى فيها ضوءا على اعمال فاختانغوف وانتوين ومايرهولد وراينهاردت واوخلوبوكوف وستانيسلافسكي وجيسنر وغيرهم من المسرحيين الانطباعيين. وناقش بريخت اتجاهين في المسرح المعاصر هما الطبيعي والانطباعي. واعتبر الطبيعية عبارة عن "تمثيل بين الفن والعلم"، والذي يعطي المسرح الطبيعي تأثيراً اجتماعياً كبيراً ولكن على حساب قدرته على رفع المتعة الجمالية. اما الانطباعية فهي على حد قول بريخت "تغني الى حد كبير وسائل المسرح في التعبير وتجلب مكتسبات جمالية قابلة للاستغلال". ولكنها برهنت على انها غير قادرة على القاء اي ضوء على العالم بإعتباره موضوع للنشاط الانساني. 
ومن فنلندا انتقل بريخت الى الاتحاد السوفييتي ليستقر لفترة قصيرة ويتعرف على نمط من الاداء المسرحي القفقازي والشرقي التقليدي عموماً بما يعرف عندنا في الادب العربي بـ "الحكواتي" او "القصه خون" في الادب الفارسي، والتي على ضوئها كتب مسرحيته المعروفة "دائرة الطباشير القفقازية" (1941 -1945). ان جوهر هذه المسرحية توضح ان الملكية يجب أن لا تعود الا الى اؤلئك الذين يمكن ان يستفيدوا منها بطريقة انسانية. كما بادر الى كتابة مسرحيته الشهيرة الاخرى وهي "الانسانة الطيبة من ستشوان" عن حكاية صينية. وفي هاتين المسرحيتين اقتبس بريخت من اساليب المسارح الصينية والروسية والشرقية المبادئ الاساسية لمنصة المسرح وتقسيمه والاداء المسرحي.
و انتقل بريخت بعد ذلك الى الولايات المتحدة واستقر في مدينة سانتا مونيكا، ورافقته في رحلته الممثلة الدانماركية روث بيرلو والممثلة البروليتارية الالمانية مارغريت ستيفان التي وافاها الاجل في موسكو.
وفي موطنه الجديد حاول بريخت الكتابة لهوليوود، ولكن المتنفذين فيها لم يوافقوا الا على نص واحد له وهو "الجلادون يموتون ايضاً" والذي حول الى فلم اخرجه المخرج السينمائي البارز فريتس لانك في عام 1942. وفي عام 1947 استدعي الى التحقيق من قبل لحنة النشاط المعادي لامريكا والتابعة للكونغرس الامريكي برئاسة جي. بارنل توماس. والتزم بريخت الصمت امام المحققين، ولم "يشاكس". وغادر بريخت الولايات المتحدة مباشرة دون انتظار حضور عرض مسرحيته "حياة غاليلو غاليلي" في مدينة نيويورك، والتي قام بدور البطولة فيها تشارلز لافتون الممثل المسرحي والسينمائي المعروف. وتحكي هذه المسرحية عن استسلام غاليلو، هذه الشخصية العلمية وتنازلها عن نظريته حول الكون امام محاكم التفتيش الدينية القروسطائية مقابل الابقاء على حياته. وفي خلال فترة بقائه في الولايات المتحدة تعرف على الناقد والاديب الانجليزي المقيم في الولايات المتحدة اريك بنتلي، من انصار السلام والتقدم المعروفين آنذاك، حيث قام الاخير بترجمة آثار بريخت الى اللغة الانجليزية لتسهيل تقديمها على مسارح الدول الناطقة بالانجليزية. وقد الف بنتلي اخيراً كتاباً قيماً عن حياة بريخت بعنوان "خواطري عن بريخت" الذي بعتبر افضل ما كتب عن هذا المبدع والفيلسوف. 
وانتقل بريخت الى سويسرا حيث عكف خلال سنة من استقراره في مدينة زوريخ على تقديم مسرحية "انتيغونا" لصوفوكوليس. كما قام بتأليف كتابه النظري المعروف حول المسرح وهو بعنوان "مبادئ مختصرة في المسرح". وبعد 15 سنة في المنفى عاد بريخت الى وطنه المانيا في عام 1948 واستقر في برلين حيث اسس مسرحاً خاصاً به هو مسرح "برلينر انسامبل". وشاركته في نشاطه زوجته الثانية هيلين فايغل التي تزوجها عام 1928 إذ قامت بأداء أدوار رئيسية في مسرحياته الى جانب إخراج هذه المسرحيات. ولم تخلو علاقاته مع الاجهزة الرسمية في المانيا الديمقراطية من المشاكل رغم انه كان يحاول تخطي المشاكل مع اجهزة الرقابة فيها. وفي ملاحظاته التي دونها آنذاك كتب يقول "اية أزمنة هي التي نعيشها عندما يصبح الحديث عن الشجرة جريمة لا تغتفر لانه يخترق جدار الصمت على الاعمال الشائنة!". ومن اجل التمتع بإمكانية الحركة والانتقال بحرية في اوربا، بادر الى طلب الحصول على جواز سفر نمساوي في عام 1950. 
لقد اصبح برتولت بريخت الاكثر شعبية في الشعر المعاصر، ولم ينافسه سوى شكسبير وشيللر. وشاعت شهرته بنحو اكثر عندما قام المخرج الفرنسي جين فيلار بإخراج مسرحية بريخت "الام الشجاعة وابنائها" في باريس عام 1951. وتبع ذلك قيام فرقة بريخت المسرحية "برلينر انسامبل" في المشاركة في المهرجان الدولي للمسرح في باريس عام 1954 مما زاد احترام العالم لفنه. وقد ترجمت مسرحياته الى42 لغة وطبعت مؤلفاته في 70 مجلداً.
لقد اراد بريخت من المسرح ان يتحول الى منبر للحوار وليس منصة للاوهام. ووضع مفهوماً جديداً للابداع المسرحي عرف بـ "التغريب" او "مسرح ابيك" او "المسرح الملحمي"، الذي يهدف الى حث دائرة النقد في ذهن المتفرج. ان هذا المفهوم يستند الى فكرة "صناعة ما هو غريب" وهذا ما يحوله الى فعل شعري. وكان بريخت يهدف من مفهومه الى انتزاع الانفعال من الانتاج المسرحي وابعاد المشاهد عن الشخصيات المسرحية وانفكاك الممثلين عن ادوارهم. وعند ذاك تصبح الحقيقة اكثر سهولة للادراك. وكان بريخت يردد على الدوام المقولة التالية :"لا شئ اهم من تعلم التفكير بشكل خام. فالتفكير الخام هو تفكير الرجال العظام". ان مسرح بريخت يهدف الى دفع المشاهد للتفكير. لقد قادت معتقدات بريخت الفلسفية الماركسية الى دمج وظيفتين للمسرح؛ اي وظيفة التوجيه والمتعة اوالتسلية. وهنا سعى بريخت الى ان يجعل من المسرح مشروع صورة للعالم بادوات فنية، ويقدم نماذج للحياة بإمكانها ان تساعد المتفرج على فهم بيئته الاجتماعية والسيطرة عليها من الناحية العقلانية والعاطفية. 
لم يعرف المعنيون بالمسرح في العراق بريخت الا متأخراً. ففي اوائل الخمسينيات حمل المسرحي البارز جاسم العبودي وزوجته الفاضلة الامريكية مارغريت العبودي بعد عودتهم من الولايات المتحدة ملامح المسرح الانطباعي ومدرسة ستانيسلافسكي بالذات ولم يقدموا مسرح بريخت الى الجمهور العراقي. لقد ارسى جاسم العبودي المسرح العراقي على اسس علمية حديثة، كما قامت السيدة الفاضلة مارغريت بتدريس اسس المكياج المسرحي العلمي وتتلمذ على يدها الكثير من طلبة معهد الفنون الجميلة ومنهم المسرحي عبدالله حبه. ولكن في منتصف الخمسينيات بدأ المهتمون بالمسرح قراءة ما يكتب عن بريخت في صحف عربية وعراقية. فقد كتب الرسام والمسرحي والصحفي عبدالله حبه في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي اول مقالة عن بريخت في مجلة السينما التي كان يصدرها المخرج السينمائي كامران حسني وهو نفس مخرج الفلم العراقي الشهير "سعيد افندي" الذي قام ببطولته كل من الفنان القدير يوسف العاني والفنان الرائع عبد الواحد طه والفنانة الموهوبة ناهدة الرماح. وبعد عودة الفنان الراحل ابراهيم جلال من الولايات المتحدة في اوائل الستينيات من القرن الماضي، عمل على ادراج مسرح بريخت في مادة الاخراج في معهد الفنون الجميلة وفي الاكاديمية. واعتمد المرحوم ابراهيم جلال مدرسة بريخت في الاسلوب التقني واعتمد الواقعية الملحمية ضمن نظرة فلسفية مع اضافة عناصر وتشكيلات من رقص وموسيقى في الاخراج. الا ان القمع السياسي لم يدع الفنان ابراهيم جلال تحقيق مشروعه بذريعة ماركسية هذا المنهج. لقد عمل ابراهيم جلال على هذا المنهج عند اخراجه لمسرحية "مصرع كليوباترا" لاحمد شوقي و "ماكبث" لشكسبير و "كاليغولا" لكامو و "فوانيس" لطه سالم. لقد تكللت جهود ابراهيم جلال في النجاح في النهاية عندما قام بإخراج مسرحية "البيك والسائق"، المقتبسة من مسرحية بريخت "بونتيلا وتابعه ماتي"، والتي جرى تعريقها من قبل الشاعر والسنياريست صادق الصائغ. وقد مثل دور بونتيلا الممثل القدير يوسف العاني ومثل دور ماتي الممثل البارع قاسم محمد. ان هذه المسرحية في الحقيقة كانت اطروحة الماجستير التي قدمها ابراهيم جلال في معهد غودمان ثياتر في الولايات المتحدة في اثناء دراسته.
في عام 1964 نشرت "سلسلة مسرحيات عالمية" لاول مرة نص مسرحية لبريخت وهي "القاعدة والاستثناء". "وكتب المسرحي الشاب علي رفيق الطالب في معهد الفنون الجميلة دراسة لهذا الاسلوب غير المألوف في العراق في المعهد. وتلقى المسرحي الشاب التشجيع من الفنان الراحل جعفر السعدي، وشرع علي رفيق بالاستعداد لاخراج هذه المسرحية. و تطلب التحضير لهذه المسرحية الاتفاق مع الشاعر الراحل طارق ياسين لتهيئة النص الشعري وتهيئته موسيقياً. وتولى الفنان الراحل كمال السيد بالتلحين، حيث لحن 11 اغنية وكانت اول اعماله الموسيقية. وبعد التدريب المضني على هذا الاسلوب الجديد تم العرض في عام 1965 ضمن الموسم المسرحي الطلابي الرابع على قاعة حقي الشبلي، وهو يعد اول عرض لاعمال بريخت في العراق. وعرضت المسرحية لمدة يومين ولكن تدخلت عمادة المعهد في اليوم الثالث ومنعت العرض وافرغت القاعة من الكراسي بذريعة ان المسرحية ماركسية!! ولكن مخرج العرض دخل القاعة عنوة ودعى الجمهور لمشاهدة المسرحية وقوفاً. وإستجاب الجمهور للعرض الذي دام ساعتان. وشارك في التمثيل كل من الفنانين سامي السراج وكاظم فارس وساهرة احمد وعبد الحسين كامل وحكمت الكلو وتحسين شعبان وعوني كرومي وقصي البصري وقاسم الملاك وفيصل صالح وصمم الديكور الفنان فائق حسين". *
ثم جرى تباعاً عرض مسرحيات لبريخت في العراق. فقام المخرج صلاح الكصب بإخراج مسرحية "محاكمة لوكولوس". واعاد الشهيد كاظم الخالدي إخراج مسرحية "القاعدة والاستثناء". كما قام المخرج فيصل المقدادي باخراج مسرحية "القائل نعم القائل لا". وقام المرحوم ابراهيم جلال بإخراج مسرحية "دائرة الطباشير القفقازية" بعد ان عرقها واعاد كتابتها المؤلف عادل كاظم واطلق عليها اسم "دائرة الفحم البغدادية" التي منعت بعد العرض الاول من قبل طارق عزيز منظر "النازيين العراقيين"، تماماً كما منعت اعمال بريخت من قبل غوبلز والسلطات النازية قبل خمسة عقود. وقام الفنان عوني كرومي بإخراج مسرحية " حياة غاليلو غاليلي" ايضاً.
لقد كان تأثير بريخت على المسرح المعاصر ضخماً ومثيراً للنقاش والجدل في نفس الوقت. ان المخرج والممثل والمصصم والمؤلف الموسيقي يحتفظون بمكانة متساوية في الانتاج، وهو ابداع جديد في الفن المسرحي. كما إن وجهة نظربريخت الماركسية كانت حجر عثرة امام اندماجه بالمسرح الغربي، في حين شكلت تكنيكاته الشكلية في خدمة المتعة الجمالية صعوبات جدية في الاداء المسرحي في الدول الاشتراكية. ولكن وبدون شك فان المشاهد والملابس التي استخدمها بريخت في عروضه المسرحية اضحت الاكثر نفوذاً في المسرح المعاصر.
تابع القراءة→

0 التعليقات:

هموم المسرح العراقي .. من جديد في هولنــــــدا

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, مايو 21, 2010  | لا يوجد تعليقات

لأن عالم المسرح العراقي بشخوصه المتعددة من ممثلين و كتاب و نقاد و متابعين و جمهور و مسارح شهدت العطاءات الرائعة ، و مهرجانات صفقت وأنتصرت للأبداع المسرحي العراقي في بقاع مختلفة من العالم ، لأن كل هؤلاء قد تركوا بصمة واضحة تفخر بها الثقافة العراقية عبر كل العهود في تأريخ العراق الحديث ، فإن المسرحيين العراقيين في هولندا ومن جديد ومن يواكب بعض من أعمالهم، رغم قلتها و ندرتها من متخصصين و جمهور، لا زالوا على نفس تلك الروح والأصرار الكبيرين في تقديم ما يمكن تقديمه، لا من أعمال فنية وحسب ، بل ولمتابعة هموم الثقافة العراقية ومنها المسرح وما يحيق به من أخطار و رغم أختلاف الزمان والجغرافيا ممن هم فيها وعليها و رغم الصعاب الكبيرة التي يعانون منها في بلدان الشتات و من أجل أن تبقى جذوة المسرح العراقي والفن العراقي الذي يحاكي هموم الشعب اليومية متوهجة ، منتصرة لتطلعات واحدة من أهم أماني الشعب العراقي في أن يحيا حياة مدنية حرة وكريمة ، تليق به وبعطاء أبناءه الثر والوفير ومنهم الفنانون العراقيون .. وأزاء ذلك كله ومن جديد ، فقد أنتظمت للمرة الثانية وبعد أشهر من اللقاء الأول ، الطاولة المسرحية الثانية التي نظمتها لجنة العمل الفكري و الثقافي في منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا يوم الجمعة المنصرم الموافق 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 و بالتعاون مع النادي الثقافي المندائي في مدينة دنهاخ ( لاهاي ) الهولندية والذي أكتضت قاعته بعدد من المتابعين والجمهور من أبناء الجالية العراقية في هولندا.
   
وقد جاءت أولى المساهمات على تلك الطاولة التي أتسعت لعدد من الفنانين والنقاد العراقيين لشيخ الفنانين والمسرحيين العراقيين الفنان القدير خليل شوقي الذي أسترجع من جديد معاني التضحيات التي قدمها الفنانون العراقيون منذ الأربعينيات، رغم عدم توفر أية بنى تحتية لما يمكن أن يسمى مسرحاً عراقياً ، وأشار الى الهموم الكبيرة التي حملها المسرحيون العراقيون منذ تلك السنوات وحتى يومنا هذا والتي لا يمكن تشخيصها بالسهولة المعتادة، لكثرة المنعطفات الكبيرة والخطيرة التي صاحبت الحياة اليومية للعراقيين ومنهم المسرحيون ، لذا فإن الحديث عن تشخيص الهموم مرة واحدة ، هو ما يمكن أن يترك للنقاد وللمتابعين وللجمهور للحديث عنه . كما أشار الى عدم وجود ما يسمى بمسرح عراق الداخل أو الخارج أو مسرح لجوء ، بل أن هناك مسرحاً عراقياً واحداً لا يتجزأ يحمل هويته المعروفة منذ عقود طويلة مضت .. وتابع بسرد مشوّق كعادته الى الكثير من الأعمال التي قدمها مع مجموعة من الفنانين الهواة في سنوات تلك العقود من أجل الأنتصار لقضايا الكادحين و هموم الناس اليومية وأعتبر المسرح جزء من قضية كبيرة هي قضية الشعب الوطنية ، تاركاً الحديث لأحد متابعي المسرح من النقاد الذي أستضافته الطاولة لكي يتحدث عن أنطباعاته التي لا تنقطع حتى اللحظة عن المسرح العراقي وشجونه ، فقد أشار الناقد ياسين النصيّر الى ما تطرق اليه الفنان خليل شوقي حول مفهوم المسرح و خشبة المسرح وما تعنيه وتحدث عن الجذور التأريخية لظهور المسرح في عهود ما قبل الميلاد والتي كانت عادة ما تتم في الهواء الطلق ,امام عامة الجمهور وأرتباطها بالطقوس الدينية وعبادة الخالق والتطلع اليه بأعتباره ( المنقذ ) لما يحيط بالناس من مشاكل أجتماعية وأقتصادية آنذاك، خذلهم فيها السلاطين والحكام في إيجاد حلول ناجعة لها واشار الى الى أن المسرح العراقي يحتوي على نوى فكرية كالتي يحويها المسرح العالمي و بوجود فنانين مسرحيين قديرين .. و تطرق الى ما كان يقدم من أعمال مسرحية أجتماعية نقدية في فترة الأربعينيات من القرن المنصرم ، دون وضوح الأبعاد السياسية لتلك الأعمال ، لكن ما تلا تلك الفترة تحديدا ، هو ظهور مسرح ذو قيمة أجتماعية كبيرة ، بعد أن أتضح و نضج البعد السياسي للكثير من الأعمال المسرحية ، كما صاحب ذلك تحول كبير في النص المسرحي وذلك لتعدد حالات الواقع الأجتماعي ومشاكله وذلك عبر الترابط الواضح للفصول واللوحات التي تحويها نصوص المسرحيات ، وكانت هذه الحالة سباقة للمسرح العراقي على بقية المسارح العربية ، كما أضاف المسرح العراقي الى شخصيته ، أستثماره للميثولوجيا العراقية القديمة من خلال أعمال متميزة كثيرة أضفت للمسرح ثقافة مسرحية جديدة بكل التفاصيل ، و تطرق الة فترة السبعينيات التي أعتبرها قفزة نوعية هائلة في أعمال المسرح العراقي ، حيث أتسعت دائرة الممثلين والكتاب و كثرة النصوص و بروز العديد من النقاد الذين أثروا الصفحات النقدية في العديد من المجلات والصحف المتخصصة في المسرح التي ظهرت آنذاك وأخذت تواكب هذا النشاط الكبير والمتلاحق ، وأشار الى حصاد المسرحيات العراقية للعديد من الجوائز في مهرجانات كثيرة داخل و خارج الوطن ، أضافة الى بروز العديد من الفرق المسرحية في العديد من محافظات العراق والتي قدمت وأنتجت أعمالاً و فنانين كبار ساهموا في عملية الأبداع الفني المسرحي وعلى سبيل المثال أشار النصيــّر الى أن عدد المسرحيات التي قدمت خلال خمس سنوات في تلك الفترة قد بلغ 182 عملاً مسرحياً ، ولهذا فإن هذا التطور الكمي والنوعي في تلك الأعمال قد أثار حفيظة السلطات الحاكمة آنذاك التي لم يرق لها هذا التلاحم الكبير بين الجمهور والفنانين المسرحيين وأعمالهم التي أرتبطت بهموم الناس و تطلعاتهم الحياتية اليومية .. ! وعن وجود الطاقات والكفاءات من الفنانين المسرحيين في أوروبا وغيرها من البلاد ، فقد أوضح أنها لا تؤشر بطبيعتها الى وجود مسرح عراقي واضح المعالم ، فهناك أعمال منفردة وقليلة ، تقدم هنا وهناك .. تبقى الحاجة الى وجود ترابط وصياغة جديدة وأستثمار أمثل لكل هذه الطاقات المبعثرة هنا وهناك .. وفي حديثه عن المسرح الكردي فقد أعتبره هو الوحيد الذي نشط في كثير من الأعمال والنصوص المسرحية وإقامة المهرجانات المنتظمة في بعض البلدان الأوروبية .
   
في الجزء الثاني من أعمال الطاولة المسرحية هذه التي غاب عنها عدد من الفنانين لأرتباطهم بأعمال أخرى كالفنانة مي شوقي والفنان فارس شوقي والفنان نور الدين فارس ، فقد أحتوى على مادة فيلمية ولقطات مصورة عرضت على الشاشة المعدة للعرض قدمها الفنان فارس الماشطة، لأعمال الفنان خليل شوقي ولحفلات التكريم وما نشرته الصحافة العراقية من صحف ومجلات عن تلك الأعمال وعن البوسترات الأخيرة لمسرحية ( السيد والعبد ) التي أدى أدوارها الفنان شوقي والفنان منذر حلمي وأخرجها الفنان الراحل الكبيرعوني كرومي والتي قدمت لأكثر من مرة في العاصمة الألمانية برلين قبل سنوات قلائل .. كما عُرضت صوراً لنشاطات الفنان الماشطة في الجزائر وغيرها من البلدان ، وأستمرت لقطات العرض المصوّرة التي هيأتها الشابة أروى عبر جهاز الكومبيوتر بأقتدار تتوالى أمام أنظار المتابعين، لنشاهد أعمالاً متميزة قدمها مسرحيو هولندا وهم يشاركون في مهرجان ( آسيا تلتقي آسيا ) في اليابان عام 2003 ، فها هي عشتار المفرجي و هادي الخزاعي وفارس الماشطة يقفون وبالأشتراك مع ممثلة يابانية على خشبة المسرح في إحدى القاعات المسرحية ليقدموا للجمهور الياباني ولأول مرة في تأريخ المسرح العراقي طاقاتهم الفنية والفكرية التي لاقت أستحسان الجمهور والصحافة اليابانية.
و دعا الرفيق سمير العتابي المتابع لأعمال المسرح العراقي الى تقديم أعمال جماعية واعية ذات معاني فكرية تحاكي هموم الشعب العراقي وما يقاسيه من هموم و محن .. و تحدث عن الأعمال التي قدمها الشيوعيون العراقييون في المعتقلات والسجون وفي نضالات الأنصار خلال عقد الثمانينات، متحدين ظروف القهر والأحوال الصعبة التي كانوا يعانون منها طوال تلك السنين .. وأشار الى الدعم المادي الذي بدونه لايمكن للمسرحيين العراقيين أن ينهضوا و يواصلوا تقديم عطاءاتهم الفنية والفكرية. وعاد الفنان فارس الماشطة من جديد ليقدّم هذه المرة مجموعة من الملاحظات والمقترحات للنهوض بالتعليم الأكاديمي المسرحي من خلال وجود مناهج طرق تدريسية واضحة و علمية و تطبيقية و تواجد الخبرات العملية الناضجة والمتمكنة و كذلك تنويع اللغات ( وتحديداً اللغة الأنكَليزية ) في عملية التدريس والتطبيق للطلبة الدارسين في الأكاديميات الفنية من أجل رفع المستوى الثقافي والعلمي للطلبة وأعتبار تلك مادة اللغة المذكورة شرطاً أساسياً لتجاوز الطلبة مراحلهم الدراسية التخصصية.
أما الأستاذ جاسم المطير وهو الذي واكب هموم المسرح والثقافة العراقية بشكل عام لعقود طويلة، فقد أشار الى أن النظرة الى هذا الفصل المهم والحيوي من الفنون يجب أن تتغير تغيراً كلياً بأعتباره عنصراً من عناصر التغيير الأجتماعي في بلدان عديدة والذي أسهم من خلال نشاطه المؤثر والواضح في تحريك عملية التغيير السياسي والأجتماعي وأشار بهذا الخصوص الى نماذج عديدة أسهم فيها الفنانون المسرحيون في العديد من البلدان . كما أشار الى عدم وجود ظروف موضوعية مؤاتية لنشوء مسرح عراقي في هولندا ، لعدم توفر الأمكانات المادية وصعوبة إيجادها ، مما يخلق عثرة واضحة في نشوء مثل هذا المسرح ، وشددّ على المقترحات التي قدمها في الطاولة المسرحية الأولى التي أنعقدت قبل أشهر ومنها الدعم المتواصل للمسرح العراقي في داخل الوطن ومناشدة الجهات الثقافية في تخصيص جائزة للأعمال المسرحية المتميزة بأسم الفنانة الكبيرة الراحلة ( زينب ) . وعن الأمكانات المادية التي يجدها ضرورية لمواصلة المسرحيين العراقيين لأعمالهم في الخارج ومواصلة دعم زملائهم في الداخل ، فقد أرتأى أن يتم التعاون مع المنظمات الهولندية ذات الأهتمام المشترك بالشؤون الثقافية لأشراك فناني الداخل من المسرحيين في أعمال مشتركة في داخل هولندا والأستفادة من الدعم المادي لتلك المنظمات. ولم يغب عن بال الأستاذ المطير الدور المهم الذي تلعبه القنوات الفضائية العراقية في تطوير المسرح العراقي بالتنسيق مع الأجهزة الثقافية في داخل الوطن ، كما أكد على ضرورة الأهتمام بالطاقات الشابة الواعدة وصقلها وخلق مسرح للشباب ، يمكن أن يكون للرواد من المسرحيين دوراً مؤثراً وكبيراً في تطويره.
الفنان حمودي الحارثي الذي حضر هذا اللقاء الثقافي للمرة الثانية وبحماس كبير، أشار الى أن الملاحظات والتجارب التي تحدث عنها بقية الفنانين والنقاد المشاركين في الندوة قد أغنت هذا اللقاء الشيّق وأبدى أستعداده الدائم لأغناء أية تجربة أو مشروع أو تجمع للمسرحيين العراقيين في هولندا والمساهمة معهم في رفد الثقافة العراقية في الداخل والخارج من خلال الأعمال المسرحية أو التمثيلية .
ولم تكتفي كاميرات التصوير الثابتة والمحمولة التي وجدت لها حضوراً ملحوظاً عن قناتي الفيحاء والعراقية الفضائيتين في تغطية هذا اللقاء المهم ، بل وساهم الأعلامي كريم بدر عن قناة الفيحاء في الحديث عن سنوات القهر التي عاشها الفنانون المسرحيون العراقيون خلال عقد الثمانينات من القرن المنصرم وما قدموه من أعمال فنية متميزة رغم سلطة الرقيب و دموية النظام السابق ، وأشار الى مجموعة من تلك الأعمال والى أولئك الفنانين البواسل الذين واصلوا عطاءاتهم داخل الوطن رغم تداعيات الحرب التي فرضت نفسها على حياة الناس والتي تم تجسيدها في أعمال مسرحية عدة. ودعا بدر النقاد والكتاب والمهتمين بشؤون المسرح الى تسليط الضوء على تلك الأعمال الرائعة ومعانيها العميقة في تلك السنوات المريرة من حياة الشعب العراقي.
ومع أقتراب الوقت المخصص لهذا اللقاء على نهايته ، فقد أستثمر بعض الحضور من الجمهور الدقائق المتبقية ليشارك في تقديم عدد من المقترحات ، منها تشكيل رابطة للمسرحيين العراقيين في هولندا تضم نقاداً و ممثلين وكتاباً ، يمكن لها أن تساهم في أحتضان الطاقات المسرحية المتواجدة و تربية كوادر مسرحية شابة والتواصل مع الداخل.
الفنان المسرحي هادي الخزاعي الذي أدار الحوار بكفاءته وخبرته المعهودة خلال الساعات الثلاث لهذا اللقاء وبالأشتراك مع الدكتور هاشم نعمة عن لجنة العمل الفكري و الثقافي في المنظمة ، أشار بدوره الى ضرورة إنشاء رابطة للمسرحيين العراقيين و ضرورة التنسيق مع منظمات الشبيبة الهولندية لتدريب الكوادر العراقية الشابة والأستفادة من الدعم المادي لتلك المنظمات.


التغطية الصحفية / المكتب الأعلامي - منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9