أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات حورات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حورات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، سبتمبر 14، 2016

مدير مهرجان المسرح العربي: الهيئة العربية للمسرح لم تنجح في تفعيل فروع بالدول العربية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, سبتمبر 14, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

أكد مدير مهرجان المسرح العربي «بدوراته الأربع عشرة»2001- 2016 «ومؤسس الجمعية المصرية لهواة المسرح د. عمرو دوارة ان المسرح المصري حاليا في مرحلة مخاض جديدة، وقد كشفت فعاليات «المهرجان القومي للمسرح المصري» بدوراته الأخيرة كم المتغيرات الكثيرة التي يمر بها، حيث اختفت تقريبا جميع فرق القطاع الخاص التجاري بشكلها المألوف. حول المسرح العربي وموقع الشباب ونهضة المسرح كان للجسر الثقافي هذا الحوار مع دوارة:
تابع القراءة→

الأربعاء، أغسطس 31، 2016

الكاتب السيد حافظ: نحتاج إلى مسرح شعبي جماهيري

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, أغسطس 31, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

كرم مهرجان الإبداع الطفولي بالأردن، الكاتب المصري الكبير السيد حافظ، وهو صاحب مشاريع أدبية وإبداعية كاملة سواء في المسرح أو الرواية أو التراث، وقال حافظ في حوار له إنه سعيد بهذا التكريم، وتم إعداد عشرات الرسائل الجامعية عن أعماله في الوطن العربي، ولكنه لم يجد احتفاء في مصر بقدر ما وجد في عدة دول عربية وأولها الأردن، وأشار إلى اهمية وجود مشاريع ثقافية كبرى، تخرج المثقف من عزلته، وضرورة العمل على الارتقاء بالفن خاصة فن المسرح، لافتا إلى اننا في حاجة إلى مسرح جماهيري وشعبي للارتقاء بحياة الناس ومناقشة قضاياهم.

ـــ كيف بدأت الدخول إلى عالم المسرح.. وما الذي تتذذكره من تلك المرحلة الأولى؟

- بدأت أهتم بالمسرح في سن مبكر، ومنذ المرحلة الثانوية اشتركت في المسرح المدرسي، وقرأت العديد من الكتب المهمة، ففي مرحلة الإعدادية قرأت أعمال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، ثم اتجهت إلى المسرح العالمي، فقرأت في إجازة الصيف في الصف الثاني الثانوي 176 مسرحية عالمية، وكانت هذه المسرحيات متوفرة في الأسواق بسعر زهيد 5 قروش، هذا الزخم المعرفي والفكري جعلني أنضج مبكرا، وفي السنة الأولى بالجامعة بكلية دار العلوم سنة 1970 نشرت أول كتاب لي وهو ما اسميه بالمسرح التجريبي، لأنني بعد نكسة يونيو شعرت بأن الهزيمة الفكرية أكبر من الهزيمة العسكرية، حيث أننا صدمنا جميعا بعد أن ترسخ في أذهاننا أننا دولة رائدة وخطيرة وكبيرة، ثم اكتشفنا أننا خلال 3 ساعات كانت إسرائيل تحتل أجزاء من 3 دول عربية وأولها مصر.

ـــــ كيف واجه جيلكم تلك الهزيمة؟

- كان من الضروري البحث عن الهوية ن والبحث عن أسباب الهزيمة الفكرية، كيف يهزم شعب فكريا، ويضع كل مقدرته في كف السلطة، ولا يملك الإرادة للمعارضة أو النقد، وفي تلك الفترة نشرت أول كتبي وهو مسرحية قصيرة بعنوان «كبرياء التفاهة في بلاد اللامعنى» وكتب على غلافه «المسرح التجريبي»، وأثار ضجة وقتها وكتب عنه نبيل عصمت وعبدالفتاح البارودي، وكان شبه لطمة في الوطن العربي، فالكل تساءل ما هو المسرح التجريبي، حتى ان الكاتب على سالم كتب: «اقتلوا هذا الشاب قبل أن يخرب المسرح المصري والعربي»، ولولا تدخل أمل دنقل وقتها في ندوة في دار الأدباء، وقال إن هذا الشاب يبشر بميلاد كاتب جديد، لما استطعت أن أواجه هذا الهجوم.

ــــ في هذا الوقت ازدهر المسرح الشعري على يد صلاح عبدالصبور، فهل كنت قريبا منه؟

- طبعا كانت تربطني به علاقة على مستوى الكتابة، ففي عام 1976 تولي رئاسة تحرير مجلة الكاتب، بدلا من أحمد عباس صالح، واتهموا صلاح عبدالصبور بالخيانة، فانضممنا إليه أنا ونجيب سرور ونعمان عاشور وعلي شلش، في أسرة التحرير، وكنت أصغرهم سنا، وصرف لي مكافأة نشر مضاعفة ليشجعني على الكتابة، وقبل ذلك عند صدور النص الشعري مسافر ليل قمت بإخراجه مسرحيا للأطفال، وشارك فيه 30 طفلا، كانوا جميعا أطفال من مركز شباب الحرية، وحضر هذه التجربة فاروق حسني قبل أن يتولى الوزارة، ولولا بعض العبارات التي قيل إنها إلحادية لحصلنا على الجائزة الأولى، هذه كانت البداية في اهتمامي بالاطفال بعد ان فشلت في إقناع الكبار بتمثيل المسرحية، لأنهم لم يفهمومها.

ــــ هل يمكن القول أنك متخصص في المسرح ومسرح الطفل على وجه الخصوص؟

- لا.. أنا صاحب مشاريع، ففي مسرح الطفل مثلا قدمت مشروعا من 18مسرحية، وفي المسرح والتراث العربي 13 مسرحية، ولي مشروع في المسرح الكوميدي كتبت 9 مسرحيات، وعن القضية الفلسطينية كتبت 5 مسرحيات، وفي المسرح النسوي قدمت 7 مسرحيات، وفي المسرح التجريبي كتبت 36 مسرحية، وكل مشروع يستغرق عدة سنوات، وأنا الآن ومنذ 7 سنوات أكتب روايات، وآخرها روايتي «كل من عليها خان»، وهناك اهتمام كبير برواياتي في الجزائر والمغرب وأكثر من دولة، وهناك دراسات وأبحاث كثيرة قدمت عن اعمالي، وستقيم جامعة عين شمس يوم 7 سبتمبر سيمنار حول روايتي الأخيرة.

ـــ وأين أنت من المسرح التجريبي الآن.. وأنت من المبشرين بهذا المسرح؟

- فاروق حسني كان من الهمتمين بهذا الأمر، وعندما تولى الوزارة وعدني بالاهتمام بهذا المشروع، حتى أن الدكتور فوزي فهمي كان يسألني نكرم من من الفنانين والكتاب العرب، فكنت أقول لهم فلان وفلان، لكن المشكلة كما قلت في روايتي «كل من عليها خان»، وفي رأيي لابد من التنظير لهذا المسرح حتى تظهر قواعده أو أسسه، قلة فقط نجحت في هذا المسرح.

ــــ وماذا عن مشروعك في التراث.. متى بدأ هذا المشروع ؟

- أنا مهموم بالتراث العربي، خاصة الحقبة الفاطمية التي كانت مزدهرة جدا سواء فتوحات أو حضارة أو فكر، ورغم ذلك تذكر في كتاب التاريخ في سطر واحد فقط.

ـــ وكيف ترى مسألة تكريمك

- أهدي هذا التكريم الذي حصلت عليه من دولة الأردن إلى وزراء الثقافة المصريين بدءا من ثروت عكاشة إلى حلمي النمنم.. لقد أمضيت خمسين عاما في المسرح لم أكرم من أي مهرجان مصري سواء على مسستوى المسرح التجريبي أو القومي، ولم أشارك في إحداها، وليس هذا بجديد على مصر معي، فقد كانت اول دولة تقدم اعمالي هي العراق في عام 1978 في مسرح الشارع، خمسين عاما مضت في المسرح قدمت 88 كتابا ودراسات، ولم أحصل على أي لفتة أو تقدير من مصر ومثقفينها العظام، واحمد الله أني نجوت من مقصلة التجاهل والاستغناء والتهميش، بالكم الهائل من رسائل الماجستير والدكتوراة في الوطن العربي من الكويت حتى المغرب، واخيرا في مصر منذ 4 سنوات بدأ الالتفات إلى اعمالي في جامعة عين شمس والقاهرة والمنوفية والاسكندرية، نحن في بلد كما يقول صلاح جاهين «لا بتفتكر ولا بتنسي» وكما قال صلاح الدين الايوبي، «ذاكرة مصر كالزير المثقوب»، فهي دائما تنسى.

ــــ ما الذي نحتاجه الآن للارتقاء بالفن في مصر؟

*نحتاج إلى مسرح جماهيري، مسرح شعبي، يعلم الناس ابسط الاشياء عن الفن، ويعالج قضاياهم ومشاكلهم، لماذا لا نستدعي تجارب سابقة كانت لدينا، مثل مهرجان المسرح المتجول ويذهب إلى كافة ربوع مصر، ويصل إلى كل الاقاليم، أو استعادة مسرح الحكواتي، بما يضمن حدوث حالة «الفرجة» المسرحية الجميلة التي افتقدناها، كما أشار إلى اهمية وضرورة عودة المسرح التجريبي باعتباره يقدم تجارب مختلفة وثرية جدا تساهم في اثراء الحالة المسرحية المصرية والعربية.

--------------------------------------
المصدر : محمد الكفراوي - مصر اليوم 
تابع القراءة→

السبت، أغسطس 27، 2016

المسرح العراقي اليوم ينتمي للعصور الوسطى

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أغسطس 27, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يقوم المسرح على سياق من التكامل الإنساني والجمالي القائم على روح المشاركة الجماعية والتعاون، وتعميقهما لدى منظومتي الأداء الإبداعي والتلقي الواعي دون التورّط في عسكرة وعي المجتمع عقائدياً أو أدلجته، إلى جانب احترام العقل والفردية والاستقلالية في الخلق الفني من جهة، وتشكيل المعاني الإنسانية المستخلصة من العرض المسرحي من جهة ثانية. “العرب” التقت الأكاديمي المسرحي العراقي محمد صبري الصالحي في حديث عن حال المسرح العراقي اليوم.

تواجه الحركة المسرحية في العالم العربي اليوم تحديات جمّة ناتجة عن التقلبات السياسية والأمنية، والاختلالات الاقتصادية، والمخاضات الاجتماعية وتداعياتها المعطلة لتقدم الحياة الثقافية والفنية، إذ يتميّز النشاط المسرحي بحساسيته الشديدة للتوترات الاجتماعية، وهو ما يتجلّى في واقع المسرح العراقي اليوم الذي تضرر بالفوضى السياسية والاضطراب الاجتماعي، ما أعاق تطوّر الحس الثقافي والذائقة الفنية للمجتمع.
ويلفت الأكاديمي العراقي المتخصص في فنون المسرح محمد صبري الصالحي، وهو أستاذ الفنون المسرحية ورئيس قسم الدراما في جامعة دهوك بكردستان العراق، في مقابلة مع “العرب”، إلى أن خسارة المسرح العراقي، الذي يمثّل واحدة من أهم التجارب المسرحية العربية، كانت مزدوجة؛ فقد “خسر الجمهور الواسع بسبب الأوضاع الحالية، كما خسر فرصة الحفاظ على كيانه كفنٍ راقٍ يفترض ألّا ينجرف مع التيار السياسي المهيمن أو المزاج الشعبي المتقلب”.


المسرح والتنوير

يلمح الصالحي إلى تأثر المسرح العراقي بالفضاء السياسي العقائدي والأيديولوجي الضاغط، مشيرا إلى أن “المسرح العراقي صار يذكرنا بفترة العصور الوسطى، وكأننا إزاء المسرحيات الأخلاقية ومسرحيات الأسرار التي كانت سائدة آنذاك”، على الرغم من تقديم هذا المسرح لأعمال متميزة في السبعينات والتسعينات رغم الرقابة الفكرية الصارمة وقتها.

ويُذكر أن مسرحيات الأسرار أو المعجزات هي نمط من التمثيليات الدينية القروسطية التي كانت سائدة في أوروبا، وتستمد موضوعاتها من الكتب الدينية أو حياة القديسين.

أما بخصوص الأطر التنظيمية المحيطة بالمسرح العراقي وبنيته التحتية، فيؤكد الصالحي، وهو مؤلف ومخرج وممثل مسرحي أنجز أعمالاً عديدة في العراق وخارجه مثل “رقصة النار” و”زمن من زجاج”، أن “للدولة وسياستها وأسلوب إدارتها ومستوى دعمها المالي للحركة الفنية تأثيرا كبيرا على مسيرة المسرح في أي مجتمع، فلا أحد قادر على بناء صالة مسرح كبيرة بمواصفات فنية ومعمارية جيدة أو تنظيم المهرجانات غير الدولة”.

وينفي الصالحي إمكانية تطور فن المسرح في العراق تحت الظروف الراهنة، منتقداً تخريج الجامعات للآلاف من المتخصصين في الفنون المسرحية من دون حاجة فعلية، إذ يرى أن العبرة ليست بعدد الشهادات؛ فالمسرح العراقي كان أفضل حالاً قبل هذا العدد الهائل منها. ويُفيد بأن نشاط المسرح العراقي ينحصر حالياً في إنتاج أعمال محدودة تحصل على فرصة مشاركة خارجية.


محمد الصالحي: المسرح مؤسسة اجتماعية وثقافية تشترك في تنمية الذوق
يمكن للمسرح أن يؤدي دوراً في تعزيز قيم التسامح في المجتمعات التي تعاني من النزاعات الأهلية، وفي إطار يجمع بين الاحتراف والجمالية دون الانزلاق للأدلجة أو قولبة وعي المتلقي، ويطرحون في هذا السياق تجربة “المسرح التفاعلي” ذي النزعة التوجيهية التي تتمظهر عبر إشراك المتلقي في العرض المسرحي بحيث يتفاعل معه ويندمج فيه.

وفي هذا السياق يقول الصالحي، إن “فن المسرح منذ الإغريق وعبر مراحل تاريخه يمارس دوره في تلقين المجتمع الأفكار، ويلعب دور المنبّه والمحذّر من المخاطر، فضلاً عن قدرته على تشخيص الواقع وتفكيكه، وخلق الدوافع الاجتماعية نحو التغيير”، لكن الصالحي يشترط لنجاح المسرح في هذه المهمة الالتزام بحدود دوره “التنويري” وألّا يتحوّل إلى “مرشد أو مصلح اجتماعي”.

وفي ما يتعلق بالمسرح كتقنية تربوية، يؤاخذ الصالحي وزارة التربية العراقية على عدم إيمانها بأهمية مسرح الطفل والمسرح المدرسي إلا باعتبارهما من الأنشطة المُكمّلة التي توفر قدراً من التسلية للتلاميذ لا أكثر، بينما يتعدى دورهما الحقيقي باعتقاده هذه المهمة إلى التأثير الكبير على التنشئة والنمو النفسي والذهني والسلوكي للفرد، مطالباً بتغيير القناعات التقليدية التي تعيق أخذ المسرح لدوره الفعال في المجتمع.

ويتحفّظ ضيفنا، الحائز على عدة جوائز في الإبداع المسرحي، على ما يسمى بـ”المسرح التجاري”، معتبراً أن “هدفه الأساسي الربح المادي، فهو يسعى إلى كسب الجمهور بكل الأساليب، فغايته تجارية لأنه يأخذ من الناس ولا يعطيهم غير التسلية الرخيصة والكوميديا الفجة”. ويستثني الصالحي من هذا الوصف أعمالاً قليلة تستطيع برأيه خلق التوازن بين المتعة والمعرفة، والثقافة والترفيه.


فن للجميع

يتداول مثقفون وصناع قرار في العالم العربي مصطلح “الاستثمار الثقافي”، الذي يرى ضيفنا أنه “لا يعني تحويل فن المسرح إلى علامة تجارية، وإنما يكون لأغراض محدودة كالإعلان مثلاً، ودعم المهرجانات تحت رعاية الفاعلين الاقتصاديين وليس تسخيرها في خدمتهم”.

وتشهد الحياة المسرحية ما يوصف بالفجوة بين المسرحيات التي تتسم بالجماهيرية ومحاكاة الذائقة الشعبية غير المثقفة مسرحياً، وبين المسرحيات الجادة التي تقدّم من الرمزية والتجريد والفلسفة ما قد يستقطب متلقياً نخبوياً أو نوعياً لكنه يبقى مملاً للجمهور العام.

وتعليقاً على هذه المفارقة، يوضح الصالحي، وهو أيضاً أستاذ المذاهب المسرحية والمدارس النقدية والنظريات الدرامية في جامعتي بغداد وطرابلس الليبية، أن “المهرجانات الدولية تقتضي نمطاً من الأعمال تتصف بلغة فنية عالية، وليست بالضرورة رمزية، حتى في إطار بنية النص وتركيب الحكاية والثيمة التي تطرحها والوسائل الفنية وأسلوب التمثيل وغيرها، وطبعاً يكون هذا صعباً على الجمهور غير المحترف إذا صح التعبير، الذي اعتاد على لغة مبسطة وأساليب واضحة وكليشهات معتادة وواقعية ساذجة”، وهذا وفقاً للأكاديمي العراقي يسهم في خلق فجوة بين النمطين المسرحيين، الجاد والجماهيري.

المسرح يؤدي دورا في تعزيز قيم التسامح في المجتمعات شرط أن يجمع بين الاحتراف والجمالية دون أدلجة
كما ينحت في جمالية العرض المسرحي الجاد الإفراط أو التعسّف في الترميز، لذلك يُحمّل الصالحي، الحاصل على الدكتوراه في التأليف الدرامي من جامعة بغداد، البعض من تجارب المسرح الجاد المسؤولية عن صورته النمطية وعزلته الاجتماعية بسبب ما اعتبره “محاكاة الأعمال ذات الطراز الفني الرفيع بصورة سيئة، ومن دون دراية بأصول فن المسرح، فتكون المخرجات مفعمة بالغموض والتناقض والتداخل”.

ويعتقد الصالحي، وهو خبير في التدريب المسرحي أيضاً، أن انقسام الظاهرة المسرحية بين نخبوية وجماهيرية ليس جديداً، مشيراً إلى وجود “مسرحيات للجمهور المتذوّق ومسرحيات لجمهور شعبي في مختلف مراحل تاريخ المسرح، كما في المسرح اليوناني والروماني”.

ويؤكد الأكاديمي الذي نشر العديد من الدراسات منها “المسرح البابلي: تاريخه وطرازه وخصائصه” و”أهمية الفن في المجتمع”، أن “المسرح للجميع، ولكن العمل قد يستهدف هذا الجمهور أو ذاك”، مبيّناً إمكانية “تقديم أعمال ترضي أصناف التذوّق، كما فعل شكسبير من قبل عبر مشاهد كانت من أجل جمهور الباحة الوسطية”.

ويدعو الصالحي إلى إنعاش الحياة المسرحية عبر تطوير الذائقة الفنية للجمهور، ولكن هذه المهمة، من وجهة نظره، “لا تقع على عاتق المسرحيين فقط، فالمسرح مؤسسة اجتماعية وثقافية من ضمن مؤسسات أخرى، تعليمية وإعلامية ودينية وسياسية، كلها تشترك في تنمية الذوق وأصول الفرجة وآلية المشاهدة”، مؤكداً أن تنمية فضاءات وثقافة التلقي مسؤولية مشتركة بين فاعليات المجتمع، داعياً المؤسسة المسرحية لتطوير علاقتها مع الجمهور. كما يلفت الصالحي لدور المناخ الديمقراطي الحقيقي في منح كاتب النص والمخرج وجهات الإنتاج حرية أوسع واطمئناناً أكثر في العمل المسرحي، لكنه لا ينفي أهمية ما يسميه “الرقابة الجزئية” لتحديد الأطر والقيم الفنية التي يعمل المسرح من خلالها، فعند اليونان كانت هنالك شروط للمشاركة في المسابقات السنوية، والأكاديمية الفرنسية وضعت شروطها أيضاً.


--------------------------------------------
المصدر : همام طه - العرب 
تابع القراءة→

الاثنين، أغسطس 22، 2016

تغريد الداود: لم أقتبس «بلا غطاء» من «رحلة حنظلة»

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أغسطس 22, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

المسرحية عُرضت ضمن فعاليات مهرجان «صيفي ثقافي11»

أكدت المؤلفة تغريد الداود أن نص مسرحيتها «بلا غطاء» من بنات أفكارها، نافية أن يكون مقتبساً من «رحلة حنظلة» لسعد الله ونوس.

قدمت فرقة مسرح الخليج العربي، مساء أمس الأول، مسرحية «بلا غطاء»، على مسرح الدسمة، ضمن ليالي مهرجان «صيفي ثقافي11» والذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

وجاءت فصول المسرحية التي كتبتها المؤلفة تغريد الدواد، غنية بالأحداث، وثرية من حيث تركيبة الأشخاص، ورسم الشخصيات المركبة، من خلال طرح راق، وأسلوب سلس، وعبارات ثرية بالمعاني والإيماءات.

وأكدت المؤلفة تغريد الداود لـ«الجريدة» أن نص مسرحيتها من بنات أفكارها، وأنها لم تقتبس أي شيء من الآخرين، «رغم محاولة البعض الإيماءة في ظلم شديد لاجتهادي، إلى أن نصها يقترب في أفكاره كثيرا من نص مسرحية الراحل السوري سعد الله ونوس (رحلة حنظلة)، رغم البون الشاسع بين الفكرتين، لأن ونوس في نصه، المقتبس من مسرحية الكاتب السويدي بيتر فايس (كيف تخلص السيد موكينبوت من آلامه) يحاكم أنظمة وينتقد سياسات ويعري أفكاراً، وأنا أحاسب ضمائر أشخاص من ناحية انسانية بحتة».

وأشارت إلى أنها قرأت كثيرا للعديد من الأدباء الذين يمثلون مختلف مدارس الفكر الأدبي في العالم، مثلها مثل كل من يريد تحقيق أفضل ما تقدم به غيره، والانطلاق من آخر نقطة وصل إليها الآخرون في التناول، ومنهم الأدباء نيقولاي فاسيليفيتش غوغول ومكسيم غوركي وأوجين يونسكو، وسعد الدين وهبه ومحمود أبو العباس ويوسف العاني.

وأعلنت أن كتابها الذي يحتوي على 6 من أعمالها المسرحية سوف ينشر في نوفمبر المقبل.

وجسد كل ممثل في مسرحية «بلا غطاء» اكثر من دور، فقامت الممثلة أحلام بتشخيص شخصيات الممرضة والعاهرة وسيدة المجتمع والزوجة والقلب والوسط، وجسد الممثل إبراهيم الشيخلي شخصيات مدير المستشقى والعسكري والنفس والمشهور، كما لعب الممثل علي بولند شخصيات المجرم والبودي غارد، وشخّص الممثل سعود بوعبيد ادوار الطبيب والصحافي والعسكري والفنان والزوج.

البحث عن الذات

وتدور أحداث المسرحية التي أخرجتها المخرجة منال الجارالله ووضع موسيقاها التصويرية والمؤثرات الصوتية د. وليد سراب، في إطار عنوان كبير هو «البحث عن الذات»، حيث وجد شاب نفسه بلا هوية إثر استعادة وعيه بعد إصابته بغيبوبة طويلة، بعدما أضاعت المستشفى الذي كان يرقد فيه كل أوراقه الثبوتية والملفات.

وتبدأ معاناة الشاب الذي أعطته المؤلفة اسما رمزيا (هو) رحلته في البحث عن كينونته، فذهب إلى الجهات المسؤولة التي بدلا من ان تساعده في التعرف على نفسه كالت له التهم؛ مرة بالعمالة وأخرى بالجاسوسية، وتارة بأنه ينتمي إلى حزب محظور أو تنظيم ارهابي، وعندما حاول شرح قضيته لوسائل الاعلام قوبل بالتجاهل التام لموضوعه.

وعندما قرر الهرب من واقعه ودخل إلى أحد المنازل، ألقاه حظه العاثر أمام رجل سكير يتهمه بالخيانة مع زوجته، وتستمر أحداث المسرحية لتعزز في النهاية أهمية انتصار الانسان لإنسانيته بالدرجة الأولى، حيث يقاوم عمل الشخصيات المريضة من حوله لإعادة تشكيله بما يتوافق مع مصالحها، ليثبت ان الانسان قوي بذاته وضميره، حتى لو كان فاقدا للذاكرة والهوية.

يذكر أن الإشراف العام على مسرحية «بلا غطاء» لعبدالعزيز صفر والتدقيق اللغوي لخالد المفيدي. وصمم الديكور محمد ربيعان والإضاءة لأيمن عبدالسلام، وإدارة الإنتاج لعبدالوهاب عباس، والأزياء لنواف الحرز، والمخرج المساعد وضحى السني وعبدالله البصيري.

-----------------------------------------------------
المصدر :

كتب  مصطفى جمعة - الجريدة 
تابع القراءة→

السبت، أغسطس 20، 2016

فن الحركات الإيحائية ينتشر على نطاق واسع في العراق

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أغسطس 20, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يحظى فن الحركات الإيحائية أو «البانتو مايم» وهو نوع من فن التمثيل الصامت المؤدى من قبل فنان أو مجموعة فنانين، بانتشار واسع في شوارع البلاد .
ويهدف هذا الفن إلى التعبير عن الأفكار والمشاعر والآراء عن طريق الحركة الإيحائية للجسم فقط، وهو فن يصفه كثيرون بالجميل لسهولة فهمه واستيعابه من قبل الكبـار والصغـار علـى حـد سـواء.
ويتحدث المخرج المسرحي حسين درويش عن بدايات هذا الفن قائلًا , انه فرع من فروع المسرح الصامت انتشر في أوروبا مطلع القرن العشرين، تزامنًا مع انتشار وازدهار فنون الشارع.
ويعتمد فن «مايم التماثيل» على محاكاة نصب التماثيل الموجودة في الساحات والشوارع العامة. والغاية منه خلق الدهشة والمتعة لدى المتلقي ولا توجد في الغالب فكرة أساسية يدور حولها محور العرض.
ولم تكن لهذا الفن أرضية مناسبة في العراق، حيث أن رواد التمثيل الصامت لم يتفتحوا على مثل هكذا تجارب ولم تكن هناك محفزات من قبل مؤسسات حكومية او فنية او من منظمات المجتمع المدني تشجع العمل على مثل هذه التجارب المعبرة.
وعن تجربته الأولى بين درويش : بأنها كانت في احد منتزهات العاصمة مطلع عام 2015، مؤكداً ان تجربته تلك هي الأولى في العراق في هذا الفن.
وفي مطلع عام 2016 اتسعت دائرة المشاركين في هذا الفن الايمائي الصامت لتشمل مجموعة من الشباب المهتمين بهذا الفن وقدموا عروضًا في شوارع بابل.
ويؤكد درويش أن هذه العروض اتسمت بأفكار يغلب عليها الطابع التثقيفي والتوعوي، فيما اتسم القسم الآخر من العروض على النقد السياسي والاجتماعي.
ويضيف درويش حول استيعاب وتقدير الجمهور لهذا الفن، ان بعض الناس كانوا في البداية يشاهدون العروض باستغراب فيما يسخر آخرون منه ويهاجم قسم ثالث من الناس العروض ويعدونها ضرباً من العبث.
ويتابع المخرج قوله : ان الانتشار الواسع الذي حققته العروض الأولى في وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تعرف الناس بنحو اكبر على مضامين عروض مايم التماثيل وأهدافها فبدأ الناس يتقبلون هذه العروض تدريجياً حتى وصل الامر بهم الى حد والتفاعل والمشاركة.
هكذا أصبح فن مايم التماثيل متابعًا من قبل الناس وقد اسهم انتشاره في مواقع التواصل الاجتماعي على تشجيع بعض الفرق على العمل في هذا الفن ونشره في شتى محافظات البلاد بنحو مبرمج.
ان العروض الأولى تم إنتاجها بنحو شخصي حسب المخرج، مشيراً الى عدم وجود اي دعم من قبل مؤسسات حكومية او فنية ولكن بعد الانتشار تم تقديم عروض كثيرة مقابل أجور مالية.
وقال درويش انه لم تتم أي مشاركة دولية له او لجماعته لكنه حصل على دعوة من قناة (أم بي سي) ,لتقديم عروض على شاشتها من خلال برنامج عرب كوت تالنت، كما حصل على دعوة من قبل إدارة مهرجان القصر الكبير في المغرب، لتقديم أكثر من عرض لكنه اضطر لإلغاء المشاركة بسبب غياب الدعم الحكومي.
وأكد المخرج درويش في ختام حديثه أن انطلاقة هذا الفن في العراق كانت مغايرة عن التجارب التي تقدم في أوروبا حيث أن عروضه تتضمن فكرة يتفاعل معها الجمهور بعكس العروض الأخرى التي تعتمد الترفيه فقط.
ويقول علي عبادي ممثل فن المايم في مجموعة محافظة البصرة إن فن مايم التماثيل بدأ أول مرة في مهرجان القمرة في البصرة بإشراف المخرج حسين درويش وكان عدد المشاركين من الممثلين الشباب لا يتجاوز ثلاث شخصيات فقط.
ويواصل عبادي انه بعد الاتصالات والمداولات التي اكدت حرص المجموعة العاملة في هذا الفن على الارتقاء به بوصفه رسالة فنية وانسانية واعية تمثل نقداً خلاقا للمرحلة السياسية والاجتماعية بشتى تناقضاتها ونكوصها، ازداد عدد المجموعة وتنوعت عروضها.
ويهدف فن المايم لإيصال رسائل الى المشاهد بطريقة الإيماءات الإيحائية للحث على حب الناس والعمل والحفاظ على البلد ونبذ الطائفية. ويسرد عبادي المزيد عن هذا الفن قائلا «نتعرض في أعمالنا للمشكلات السياسية والاجتماعية والمتغيرات الجديدة وكل ما يتصل بالرأي العام ونحاول عبر الفن الصامت إيصال هذه القضايا بطريقة فنية مختلفة وبعمل تطوعي في اغلب الاحيان».
ويضيف «لا يوجد دعم من أي جهة لمجموعتنا ونحن لا نتبع أي جهة سياسية لان رسالتنا الفنية ذات طابع إنساني وأخلاقي ونحاول معالجة المشكلات المتراكمة في البلاد عن طريق هذا الفن بعد ان تحول المسرح العراقي الى وسيلة للضحك والابتزاز».
ويقول عبادي إن «فن المايم ينتمي الى مسرح الشارع ونحن نسعى من خلاله لننشر رسالة فنية على نطاق أوسع، لأننا نعبر في أعمالنا عن الظلم والاضطهاد والحرمان الذي تعاني منه اغلب الفئات في العراق».
ويقول هذا الممثل الشاب عن ردة فعل الناس ازاء الاعمال التي يؤديها الفنانون إن «هناك نظرة استغراب ممزوجة بإعجاب لأن الفن جديد على الناس لكن بمرور الوقت ازداد إعجاب الناس به وإقبالهم عليه وطلبوا منا تقديم الكثير من العروض».

----------------------------------
المصدر : وكالات 
تابع القراءة→

الأربعاء، يوليو 27، 2016

ستربتيز.. مسرحية جادة تسلط الضوء على واقع العراق ومعاناته

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, يوليو 27, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تتناول مسرحية (ستربتيز) واقع العراق وما مر على كل عائلة عراقية من اعمال عنف وتقسيم وقتل للحريات، وحاولت تسليط الضوء على فساد المسؤولين وكل ما مر به شعب العراق من قسوة وعنف وموت ودمار.

ويسعى الفنانان احمد شرجي وياسر قاسم في احد المشاهد تصوير واقع العراقي وما يتمناه بدقيقة واحدة فقط، وبرؤية اخراجية من المخرج علاء قحطان.

فيما يحاول الفنانان وسلم عدنان وعامر نافع بأدائهما وحركاتهما التعبيرية المعبرة ايصال رسالة المسرحية للجمهور العراقي الكبير الذي حضر المسرحية،  من خلال  ثقافته ووعيه وإدراكه للفن الهادف.

 الفنانة الشابة هند نزار احدى نجوم المسرحية، اشارت عبر حديثها  عن المجتمع والنظرة الضيقة للبعض على الممثلة التي تؤدي هكذا ادوار جريئة.

وعن دورها قالت انه كان دورا جريئا وأول مرة يقدم مثل هكذا دور في المسرح العراقي، إلا انها عبّرت عن سعادتها بوعي الجمهور وإدراكه بأنها ممثلة يجب ان تؤدي كل الادوار التي تعبر عن الواقع الذي يمر به بلدها مهما كان مرارته.

من جهته، يؤكد الفنان احمد شرجي للمربد على ضرورة تعرية الفاسدين، فالعراق يستحق ان نظهر حقيقة هؤلاء وما فعلوه بالعراق وشعبه، واشار الى أنه "في تحدٍ الآن، لان عرض مسرحية الجادة يستمر لثلاثة ايام، إلا ان اسرة العمل جميعا راهنوا على ثقافة الجمهور العراقي وحبه للمسرح الجاد وسيستمر العرض لخمسة ايام متتالية".

ومسرحية ستربتيز من انتاج فرقة مسرح بغداد للتمثيل ودائرة السينما والمسرح، وعرضت امس علَى خشبة المسرح الوطني، وتستمر لأربعة ايام اخرى وهي من تأليف مخلد راسم، وبطولة احمد شرجي وياسر قاسم وهند نزار ووسام عدنان وعامر نافع، وفكرة وإخراج علاء قحطان.

-------------------------------------------------
المصدر : المربد 
تابع القراءة→

السبت، يوليو 16، 2016

المسرح.. بين الواقع وتحدّي الرّاهنية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, يوليو 16, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

سامر اسماعيل: ليس هناك أزمة مسرح في سورية بل هناك أزمة تشخيص

عكست الأزمة على قطاع الثقافة في سورية أثراً سلبياً فنصف كتابها غادروا البلاد وآخرون اعتزلوا الكتابة وأُغلق عدد كبير من دور السينما والمراكز الثقافية والمسارح وأصبحت النشاطات الثقافية فقيرة بكل جوانبها في سورية.

وعن واقع المسرح في سورية تحدث الكاتب الصحفي سامر محمد اسماعيل من خلال حوار معه :

- الدراما يجب أن تكون حاضرة وبقوة، وأخذ النص السينمائي أو المسرحي أو الأدبي إلى مناخات شعرية لا يعني إطلاقاً التخلي عن الدراما، سوفوكليس وشكسبير وراسين وأحمد شوقي وممدوح عدوان كانوا شعراء، لكنهم كتبوا للمسرح أهم التراجيديات وأجمل النصوص، ما قصدته تماماً من المستويات الشعرية للنص ليس إلغاء درامية النص، لكن الدراما هنا يجب أن تكون قادرة على فهم الكائن الإنساني في كنه وجوده، في علاقتنا مع الآخر، ولهذا ليس مطلوباً مسرحيات شعرية أو سينما شعرية، المطلوب هو قدرة النص على أن يكون جديداً في كل مرة تتم العودة إليه، وهذا بالضرورة يتطلب خبرة عالية في تطويع الحدث الدرامي بجعله حدثاً استثنائياً، حدثاً بعيداً عن المعالجة التلفزيونية، فالشخصية المكتوبة للمسرح والسينما يجب أن تكون شخصيات استثنائية، لا مجرد أدوار وظائفية.

 مسرحية "ليلي داخلي" التي قُدمت، أعتقد أولاً أن المشكلة هي في الفكرة القديمة عن الكتابة المسرحية التي عززتها النصوص المترجمة بشكل سيء ساهمت بنوع هذياني يلفه الهذر والإستهلال، البعض يظن أن كتابة مسرحية هي ذاتها كتابة نص مسرحي، وهذا سوء فهم مزمن، فكتابة المسرح تحتاج إلى دراية حقيقية بالفن المسرحي، لا كتابة نصوص أدبية جافة ومريضة، كتابة المسرح هي كتابة للخشبة، هي كتابة لا يمكن الخلاص لها إلا في زمن البروفة التي أقوم مع فرق العمل على إنجازها على خشبة مسرح القباني، زمن التخلص من النبرة الأدبية التي لا تمت للفن المسرحي بصلة، ولهذا تجد أن سعد الله ونوس مثلاً لم يكن يمانع في تعريض نصه للكثير من التعديلات وإعدادات المخرج وفريق العمل، النص المسرحي الأدبي لا علاقة له بنص الكتابة للممثل، هذا شيء آخر تماماً، ولهذا نحتاج اليوم في مسرحنا العربي إلى ما يشبه ورشات إبداعية، فرق مسرحية تعمل على تطوير مسوداتها للانتقال من الصيغة شبه الأدبية إلى تقديم نصوص ذات حمولات إخراجية حقيقية، فالنص المسرحي هو قبل كل شيء تصور دقيق للأفعال وللشخصيات وللفضاء، يتم تطويره من الكتابة الأدبية الخرساء إلى مادة درامية تضج بالصراع والحركة، حيث يساهم في ذلك كامل فريق العمل وفق مبدأ التأمل الجماعي نحو "الإنعتاق من الإلتصاق الأحمق بالنص" كما يسميها أنطونان آرتو.

في مسرحية "ليلي داخلي" قمتُ بإنجاز نص الرّاهن السوري عبر مسرحية ماركيز:

 النص الذي كتبه صاحب "مئة عام من العزلة" هو النص المسرحي الوحيد الذي أنجزه ماركيز للخشبة، لكنه نص رائع وخاص جداً، قمت بإعداده بما يتناسب مع الحدث السوري، ليكون بمثابة احتجاج علني على العنف، على القتل، على براعة النخب الإنتهازية عبر مونولوج تلقيه امرأة في عيد زواجها العاشر على زوجها المثقف، زوجها الذي ينتمي بقوة لعالم النخبة، والذي يمزج بخبث بين طبقة رجال الأعمال وصفقات البزنس وتبييض الأموال والنجومية التلفزيونية من جهة، وبين طبقة الإنتلجنسيا، هي خطبة لاذعة بلهجة شامية بيضاء، وقفة صراحة مع الذات السورية التي شبعت دماءً وفساداً وتهميشاً للآخر، وأوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم، ولذلك أحاول مع الممثلة روبين عيسى والروائي خليل صويلح تقديم مادة غنية على الخشبة عبر معطيات معاصرة يكون فيها المسرح وجهاً لوجه مع السينما والفيديو والفوتوغراف والإنترنت، عناصر متعددة أستخدمها هنا لتحقيق العرض، بعيداً عن استعمال هذه المعطيات كعناصر تزيينية، بل لتكون السينما والصورة في جوهر بينة العرض المسرحي.

- لطالما قلت أن المسرح هو الدراما:

 التلفزيون شيء آخر كونه يقدم دائماً بصيغ ترفيهية بغية اعتقال الناس في بيوتها، المسرح ظاهرة اجتماعية ووسيلة من وسائل الإتصال الجماهيري، وهذا الإتصال لا يمكن أن يتم إلا عبر هذا البرلمان الشعبي الحر، ليس هناك أزمة مسرح في سورية، بل هناك أزمة تشخيص أزمة، بمعنى ثمة تركيز إعلامي جاهل على أن موديل المسرح أو المشتغلين في المسرح في أزمة لا خلاص منها، وهذا عائد إلى شكل السلطة العربية وطريقتها في التعامل مع المسرح كفن يدعو للإجتماع والتجمع، أي للحوار، للجدل، للسؤال، وهذا ما تخاف منه السلطة وتدفعه دائماً إلى أن يكون على أنه في أزمة، هناك تجارب جديدة هامة في سوريا لم تلقى التشجيع الكافي، ثم أنه هناك تركيز على تقديم النصوص المترجمة دون الإلتفات إلى الراهن، ودون العمل على إعداد إنشاء درامي للنصوص المنقولة، وهذا بدوره يلغي أن الجمهور في النهاية كائن تاريخي وجغرافي، مما يدفع إلى "تطفيش" المتفرج، الجمهور بحاجة إلى أن يشاهد نفسه على الخشبة، يشاهد ما يعنيه لا أن يظل يشاهد عطيل يقتل ديزديمونة دون أن يتدخل ولو لمرة، بالله عليك كيف لجمهور سورية 2012 أن يتعاطف مع مسرحيات من عصر النهضة، المطلوب اليوم هو مسرح طازج وراهن يحاكي هموم الناس، يتكلم بلغتهم لا يتفاصح عليهم.

- هل ينضوي "ليلي داخلي" في سياق الأعمال المسرحية التي قدمتها مع اليوم:

 بعد انقضاء أكثر من خمسة عشر عاماً على فرقتي المسرحية "أنصار المسرح" التي كانت تجوب المحافظات السورية لتقديم عروضها في القرى النائية وعلى خشبات ومسارح المدن، أجد أن النقد المسرحي يوفر لي مساحة جديدة للتفكير؛ مساحة أظنها تنتهي اليوم إلى العودة إلى التأليف والإخراج المسرحي، خاصةً أنني أرى أن هناك مجالاً اليوم لبزوغ طليعة ثقافية جديدة في المسرح والسينما والشعر.. النقد المسرحي دائماً يعني لي كتابة للنص من جديد وتقديم رؤية إخراجية لما كان يمكن أن يكون عليه العرض الذي أنقده، إضافةً إلى أن معظم خريجي قسم النقد المسرحي ـ للأسف ـ  لم يتصدوا لهذه المهمة.. أنا لم أدرس النقد، كما تعرف، أنا خريج قسم الصحافة في جامعة دمشق، لكنني لا أجد مندوحة من تعزيز أي نشاط مسرحي سوري، فعلى مدى السنوات العشر الأخيرة تصدّيت لكتابة نصوص نقدية عن عشرات الأعمال المسرحية، في الوقت الذي كان فيه من يتخرّج في قسم النقد، أومعظمهم، يذهبون إلى كتابة التلفزيون.. حتى إن معظمهم لا يحضرون مسرحاً، فمعظمهم ـ للأسف ـ  دخل إلى المعهد ليشتغل في التلفزيون.. اليوم نحتاج إلى الكتابة ضد البروشور؛ إنها الكتابة المعقمة من التدليس؛ كتابة قادرة على مواكبة التجربة المسرحية السورية.

 لا أدّعي أنني أستطيع القيام بهذه المهمة بمفردي.. لكنني من خلال إشرافي على ملفّ المسرح في جريدة «شرفات الشام» التابعة لوزارة الثقافة، استطعت أن أجمع حولي العديد من الأقلام النقدية الجادة التي رافقتني منذ خمس سنوات في تحرير ملف المسرح بقصد مواكبة الحراك المسرحي السوري، ليس في دمشق وحدها؛ بل في كامل المحافظات السورية..حلمي اليوم هو طباعة كتابي عن المسرح السوري المعاصر، الذي يحمل عنوان "الكتابة ضد البروشور" هذا الكتاب الذي حققته عن حوالي ثلاثمئة عرض مسرحي سوري معاصر، بالإضافة إلى أرشيف خاص بصور هذه العروض.

 لقد استطعت مع فرقتي المسرحية الجديدة "تجمع أشجار المسرحي" أن نتفوق على الظروف القاهرة التي تمر بها سورية، فقدمنا المسرحية لثلاثة اسابيع متتالية على مسرح القباني بدمشق في آذار 2013  كما قدمناها على المسرح القومي في اللاذقية لمدة ستة أيام متتالية وبحضور جماهيري كبير ورُشح العرض للمشاركة في الدورة السادسة لمهرجان قرطاج المسرحي بتونس حيث قدمنا هناك عرضين: الأول بجنوب تونس في مدينة " مدنين" والثاني على مسرح الحمراء في العاصمة تونس حيث لاقى عرض "ليلي داخلي" احتفاءاً منقطع النظير من الجمهور التونسي الحبيب والذواق.
كل هذه المشاركات لهذا العرض لم تكن لولا إيمان فرقة أشجار أن المسرح عصي على الهزيمة وأنه يشكل إرادة السوريين وإصرارهم على الحياة.

------------------------------------------------
المصدر : هديل عدره - تحولات 

تابع القراءة→

الخميس، يوليو 07، 2016

نص شعري موسقي عربي على خشبة مسارح اوروبا ..حوار مع المسرحي صلاح الحمداني

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, يوليو 07, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

لايزال الشاعر والفنان المسرحي العراقي صلاح الحمداني، برفقة عازف العود الفنان احمد المختار والممثلة الفرنسية فردريك بارياس، يحيون حفلاتهم الموسيقية الشعرية، على خشبات مسارح العديد من المدن الاوربية. وفي مدينة تورينو الايطالية كانت لهم امسية نالت اعجاب الجمهور الايطالي ونقاد الصحافة المحلية التي اشادت بروعة العمل الفني الشعري الممسرح، والذي تناول صلاح الحمداني من خلاله نصوصه الشعرية، عن مدينته الاثيرة بغداد.

يدرك هذا الشاعر الفنان (المسرحي) أعباء الكلمة، في نصه الشعري، ويعي مسؤولية الابداع فيه، ومن ثم فانه لم يسقط في عقدة المثقف المحبط، بل يسلك مع هذا النص ليشخص حالة التداخل التي تعيشها ذاكرة مدينة، وهي تداهم الجميع واينما كانوا بفضائع الرعب والالم والموت اليومي، ليخرج، بحمم شعرية، وعبارات نثرية، عربية وفرنسية، ما اختزنته ذاكرة المدينة الجريحة، وهي تجوس بين مرابع الشباب والحنين، فيطل علينا وعليها كاتب هذا النص الشاعر والفنان صلاح الحمداني، على ذكرى الحاضر، يلونه ويضبط إيقاعاته، وكأنه دفق الذاكرة المثلومة، الثائرة، ليجرف المشاهد الى الرؤية الداخلية الصادرة عن معاناة الابن الذي يريد أن يستحضر معه كل أمكنة مدينته في الآن نفسه، بحثا عما يسند الذاكرة ويبطل زيف المدعين والارهابيين مشوهي التعايش وحوار الثقافات لكل الطوائف والاثنيات التي عاشت وتآلفت فيها.

تتبلور وترسخ طريقه صلاح الحمداني في الكتابة ونسج رؤيته الحياتية المستمدة من ذاكرة تلك المدينة وعيشها، وكأنها حالة استيقاظ لحضور الزمن بكليته، والشعور بالفاجعة بكل ملامحها ومناطق وجعها وندوبها لرؤية الأزمنة والشخوص التي تتحاذى وتتجاور، بينها وبين الأمكنة، فهو لا يكتب ليحكي أو ينقل مشاهدات واحداثا، بل ليلتقط "حياة مدينة" وتجربته مع ذاكرتها، مع الحلم، وتناقضات العيش فيها، مع اسئلة الوعي والكينونة.

هناك في بغداد الحبيبة على قلب الشاعر، شرك الحياة الذي لايخطاه صلاح الحمداني بمجرد اصطناع البلاغة الشعرية والتعامل الخارجي مع اللغة. على العكس، يخوض الشاعر مغامرة الكتابة نثرا وشعرا، عربيا وفرنسيا، بعد ان غربل الاحداث ورتب المشاهد، واضاف لها ما كتبه قبل سقوط النظام البائد، وتلك التي كتبها ايام عودته للقاء مدينته بعد ثلاثين عاما من الغياب البعيد، وأضاف ما يصيبها الان من ايام عجاف، حيث ينتزع اعدائها كل حجارات الماضي من جدرانها العريقة لتفتته بنادقهم الهمجية. انه يخوض الكتابة منفتحا على مسالكها ومتاهاتها، وحريصا، في الآن نفسه، على ان يرسم ملامح العذاب الكامن وراء تجربته الكتابية عن مكان وزمان اسمه بغداد.

لقد كان صلاح الحمداني مثيرا للانظار وهو يقف على خشبة المسرح بصوته الجهوري البديع، جاء الى الشعر والمسرح بعد تجربة سياسية طويلة، وفي فترات تاريخية تبددت خلالها شروخ مجتمع كان يركض نحو الفاشية، حيث عجز الخطاب السياسي المكرور امام التحولات الاجتماعية السريعة والمعقدة التي كانت تمر بها بلاده. هاجر، إذن، إلى الفن، ومعه حصيلة حياة زاخرة بالاحداث والنضالات، غنية بخصوصيتها من خلال انتماءه إلى واحد من اعرق الاحياء الشعبية (محلة الفضل) في المدينة، ليهرب فارا من جحيم البلاد، الى مدينة باريس، المستندة إلى ثقافة عالمية واسعة وحساسية مرهفة. وستكون ذاكرة المدينة، "سماء مفتوحة" حتى الآن بطفولتها ومراهقتها، بتقلباتها ومسؤولياتها، بانكساراتها وأفراحها، هي الإطار العام الذي استمد منه صلاح الحمداني مادته الشعرية، لا بهدف إعادة تكوين بيئة، أو تأريخ قوم، أو تصفية حساب مع أحد، وإنما لاستعادة صوته الحقيقي الضائع وسط الحنين والشوق الذي يتحرك بداخله يوما بعد يوم.

في هذا العمل الشبه مسرحي، الشبه شعري، الشبه موسيقي، والذي لم يسبق لاحد ان قام به على هذا المنحى الجمالي، تكون الشهادة الجريئة الحالمة والتي تتميز بوعيها النقدي لتستوحي تجربة إنسان وتضعها موضع التساؤل، وتتخذ منها مادة للتخيل والانتقاد والحنين.

لقد استطاع صلاح الحمداني أن يكسر رتابة السرد من خلال انجاز تشخيص ادبي شعري للغة وهو ينقل للمشاهد ملامح المدينة ومناخاتها وطبيعة العلائق، وهذا ما يفسر لنا حرصه على ادراج العبارات العربية مخلوطة مع العبارات الفرنسية على شكل ابيات شعر وعبارات محكية، ويكتسي الوصف والاهتمام بالتفاصيل القديمة والجديدة مكانة اساسية عند الشاعر، لانه يعي بان الفضاء متصل بالعيش المحفور في ثنايا الذاكرة، مما يجعله حريصا على تشخيص التضاريس المبرزة لخصوصية المحيط البغدادي. وكل ذلك يجعل نص (بغداد سماء مفتوحة) نصا روائيا شعريا كثيفا، مركبا، شفافا وعميقا في آن. وإذا كان هذا النص الشعري المسرحي المرسوم باقتصاد ودقة ولقطات ساحرة وساخرة، تملأ فضاء العمل بالحياة والحركة، فان شخصيته على خشبة المسرح جنبا الى جنب الموسيقار المبدع أحمد مختار، والممثلة الفرنسية فردريك بارياس، ببعديها الرمزي والواقعي، تظل هي المتكلم الاول في النص، متكلم يبلغ كل قيم الوفاء لمدينة لازال حبها يمتلك قلبه، أنه شهادة ضد اجتثاث مدينة تاريخية عريقة وجميلة، وضد تحطيم ثقافتها، وضد الكراهية، وتقتيل الابرياء، انه يغني الحب والتآلف والتعايش المتفاعل بين كل البشر.

لقد استطاع صلاح الحمداني في "بغداد سماء مفتوحة"، أن يؤكد، أهمية الكتابة التي لاتنساق وراء إغراء سهولة الصنعة، ولا تخشى استيحاء الموضوعات الساخنة الملتصقة بحياتنا اليومية، وهو بذلك يسهم في إحياء ذاكرة مدينة.

بعد انتهاء العرض الذي قوبل بالتصفيق من قبل الحاضرين، التقينا بالشاعر والفنان صلاح الحمداني.

لماذا اخترت اسم بغداد سماء مفتوحة على هذا العمل الشعري المسرحي؟

اسم العمل مستوحى من عنوان مجموعتي الشعرية التي كتبتها عام 2006 باللغة الفرنسية وصدرت من قبل دارين للنشر هما "النرد الأزرق" الفرنسية و"الكتابة المنصهرة" الكندية. وباعتقادي أن اسم هذا العمل قريب جدا من واقع العراق اليوم. فعلا أن هناك عملية مخاض محتدمة وعصية وعلى كافة الاصعدة، فالمستقبل مفتوح على مصراعيه، وأن سماء بغداد زرقاء ومنفتحة على كافة الاحتمالات، رغم كل ما يحدث من خراب.

هل يمكن تصنيف عملك هذا بالعمل المسرحي؟

العمل ليس عملا مسرحيا بالمعنى الحرفي للكلمة، بل اننا استفدنا لتقديمه على وسائل وأدوات المسرح، مثل استخدام خشبة المسرح، الانارة، التسجيل الصوتي، وعرض  الصور (السلايدات). أما النص الذي يقرأ، فهو مستلهم عن مجموعة من النصوص المكتوبة نثرا وشعرا، عربيا وفرنسيا، وأيضا، من نصوص كنت قد كتبتها بالفرنسية وترجمتها إلى العربية، غربلتها ورتبتها، وحتى أضفت لها بعضا من تلك النصوص المكتوبة والمنشورة قبل سقوط النظام الديكتاتوري السابق في العراق، وكذلك قسما من تلك التي كنت قد كتبتها ايام عودتي للقاء بغداد والاهل بعد ثلاثين عاما من المنفى، وزودتها ايضا بما كتبته باللغة الفرنسية في بغداد وارسلته عن طريق "الانترنيت" وأصدرته بعد رجوعي الى فرنسا في كتاب فني حمل عنوان "قصائد بغداد". العمل بمجموعه أعد بعقلية اختيارية منتقاة، هدفه خلق وعكس حالة درامتيكية وحسية لمسيرة إنسانية عراقية، تمثل حقبا ومراحل مختلفة من حياة منفي عراقي بقى مشدودا بحنين الانتماء الى مكان الولادة الأولى "بغداد". بغداد المكان، وبغداد الروح، تلك المدينة التي لازالت تصارع من أجل الثبات في مكانها، كجسد أسس بجذوره عميقا في تاريخ البشرية، وذلك رغم كل ما أصابها من مسخ وتصدع في بنيتها الآدمية، جراء الحروب والطغاة، واليوم الاحتلال والارهاب البعثي السلفي، اللذان يلهبان حتى التراب.

إلى أي حد ساهمت موسيقى العود للفنان احمد مختار وصوت وحركات الممثلة فردريك بارياس في تهيئة هذه الروح الجديدة لنجاح مثل هذا العمل الفني؟

إن ما يميز هذا العمل إبداعيا وفنيا، هو امتزاج موسيقية آلة العود مع اللغة الفرنسية والعربية وتقاسمهما مع الشعر الحديث. والآلة هنا لاتشكل فقط حضورا "نوتات موسيقية" للطرب، كما اعتاد عليها غالبية الموسيقيين عمله، بل هي مقاطع ألفها الموسيقار احمد مختار خصيصا لهذا العمل، حيث جعلها تحاكي وتحاور النصوص دراميا، موسيقى تحاور وتنصهر مستفادة من أصوات وأداء الممثلين والإنارة الذكية، التي كان لها هي الأخرى دورا مكملا لعناصر العرض. وتخلل العرض مقاطعا موسيقية إبداعية، اسميها الموسيقى "الطارئة" المباشرة على المسرح. من هنا جاء حضور الموسيقار احمد مختار برفقة آلته "العود" فوق خشبة المسرح، أي انه عنصرا حيويا ومسرحيا، يرافق لهثة القراءة، ولكنة اللسان.

موسيقاه تتعاطاه ويتعاطاها، مع نبرة الصوت، نطق الكتابة مع الحرف العربي والفرنسي، بين الفارزة والهمزة، تأتي حركة الممثلة الفرنسية ونطقها الاصيل بلغتها الأم الفرنسية، ونطقي العربي، مما يغني علاقتنا بين آلة العود، أحمد مختار، فردريك برياس، وحضور صوت وكيان كاتب النصوص جسديا، لغته العربية ولكنة لسانه وهو ينطق الحروف الفرنسية، والجمهور.

 ليس كتابك الأول بالفرنسية الذي يحمل أسم بغداد كعنوان يتصدر الأغلفة، ما سر ذلك؟

بعد إصدار أكثر من عشرين مجموعة شعرية، وبالتتالي مرة بالعربية ومرة بالفرنسية أو ما كنت أترجمه من قصائدي العربية إلى الفرنسية، وكثيرا من الأحيان أتطرق في هذه المجموعات هنا وهنا إلى بغداد مدينة ولادتي. أخذت أفكر فعلا بأن "بغداديتي" تختلف تماما عن من كان يتحدث ويتبجح بها، دكتاتوريا كان أو قزما مصفقا بشوشا برعونة هذه الدكتاتورية، وحينما وقفت ضد الحرب، ليس دفاعا عن زمرة لصوص شوارع وعصابات بدوية متخلفة دمروا حضارة العراق ونهبوا خيرات العراق وأثار بابل وذلك قبل مجيء المحتل الأمريكي. وإنما كأن من أجل ناس بغداد وظلالها وبيوتها وأزقتها ونهرها العظيم دجلة. والسبب الأخر يعود إلى ازدرائي من الصراع العراقي العربي السخيف الذي لا زالت تدور رحاه بين المثقف والسياسي، وتبجح وتتطاول بعض السكارى والمخمورين من الشعراء العراقيين على الأديب الملتزم، وترويجهم المبطن لأفكار فاشية، أخذت على عاتقها تمزيق مفهوم الالتزام السياسي للمثقف والشاعر، حيث وصل الأمر إلى بعض حشاشي الشعر والأدب إلى محاربة الشاعر المناهض للقمع والاضطهاد السياسي، والإشارة إليه بأصبع الاتهام كونه ملتزم بالدفاع عن حرية الناس ومصادر رزقها، وغلق أبواب النشر بوجهه، واتهامه بالكتابة المباشرة، اللامبدعه، ضيقة الأفق، وعدم الحديث عن كتبه ونتاجه وعدم دعوته للمحافل الثقافية العربية... لقد جرى ويجرى استنكار الأديب العربي الملتزم. بالمقابل فتحوا الأبواب والنوافذ على مصراعيها بالجوائز والمقالات الرنانة الفارغة على من هب ودب من الشعراء الذين لا يتمكنون الكتابة إلا وهم في حالة سكر، ولا ينطقون أدبا إلا من خلال ما تعكسه عليهم مخيلتهم المخمورة . فما عليك، يا صاحبي، كن أهبلا وأكتب حماقات هلوسة، كن أرعنا حتى، وستكون شاعرا يكتب عنك الدونيين. من هنا أردت أن أبين وعلى جميع الأصعدة أن وضع بغداد كعنوان لأكثر من كتاب شعري، وباللغة الفرنسية، مثل: مقبرة العصافير، بغداد حبيبتي، والعودة إلى بغداد، وبغداد سماء مفتوحة"، كل هذا هو نوع من الالتزام الأخلاقي والسياسي، فأنا كنت ولا زلت نقابيا في فرنسا، ومنظم في حزب يساري فرنسي، وأملك اليوم وسام شرف أكثر قيمة من الشعر، أقصد أعوام المنفى الطويل بسبب نضالي ومناهضتي للطغاة ،وأين ما وجدت، خصوصا تلك التي تربت وأكلت من ولائم مذابح الدكتاتورية المقبورة في العراق. علما أن مجموعة "بغداد سماء مفتوحة" رشحت إلى عدة جوائز أدبية في فرنسا وبلجيكا، وترجمت إلى الإنكليزية وستصدر العام القادم ضمن مختارات من نتاجي الشعري والنثري في أمريكا سيحمل عنوان بغداد حبيبتي، وقسم منها ترجم إلى الألمانية والأسبانية والعبرية. وأقول لك، أن سماء بغداد وعلى الرغم من كل ما جرى وسيجري هي صافية زرقاء من دون صدام وحاشيته!

 أدرجتك انطولوجيا الشعر الفرنسي الحديث لهذا العام ضمن شعرائها. على من يستند هذا التصنيف؟

لا شيء يجبر العاملين على انطولوجيا للشعر الفرنسي بوضع أو حذف شاعر ما. فهم ليس شعراء ومثقفين عرب، يتعاملون مع النتاج الإبداعي على أسس العشائرية والمحسوبية والصداقية العائلية، والوصايا السياسية. وهم بعيدون عن المصلحة الذاتية الضيقة الخ. هؤلاء لا يقلقون على وجودهم الشعري حينما يقيمون فكريا شاعرا ما، بخلاف ما نراه من كم لأنطولوجيات العربية والعراقية، التي ليس فقط تتنكر على حقوق المبدع، وإنما تلغيه من الوجود تماما، وذلك دوما على حساب "الطبطبة" على الأكتاف وضرب الثريد، وتجارة الخبث والربح المادي وطريقة "أكتب عني أولا ومن ثم سأكتب عنك"، وهي طريقة همجية تجعل المبدع الذي لا يفقه قواعد لعبتهم السمجة هذه، يموت مرات عدة، أكاد أقول يقتلوه عمدا وتكرارا. فلا الثقافة العربية ولا مثقفيها وصلوا إلى التقييم الأخلاقي في الأقل لما هو موجود حقا من نتاج فكري عربي، قد ذهب بعيدا بتجاوزه لتلك العقلية الجامعية الصحفية البائسة، "والتصفيط" اللغوي، الذي يسخر من عقلية القارئ.. أقصد من هذا، يتمكن الشاعر القادم من بلادنا أن يعيش خمسين سنة في محيط غربي، لكن تبقى آفاقه مردومة وعقله غير نشط وحتى أحيانا يصل إلى نوع من البدائية المقفرة، تراه حتى يفقد إنسانيته، ومرات كثيرة تجده معلنا وبنشوة مريضة هندسته الفكرية بكيفية اختياراته بين الجثث، ولا يفرق بين الضحية والجلاد، ولا يدرك أهمية حياة الناس والشعوب. بصراحة أيها الصديق، ما هو منعش للفكر وتطوره الثقافي بمفهومه الآدمي، أنني لا أعرف مؤلفي هذه الانطولوجيا، ولكنهم قرؤوني واختاروني، ولم يوقفهم لا أسمي العربي ولا مناهضتي العلنية في فرنسا لدكتاتورية صدام وموقفي ضد الحرب على العراق، ناهيك عن وقوفي اليومي هنا بتعرية الإرهاب ومسببيه الحقيقيين الذين يمزقون أجساد أهلي هناك في واد الرافدين، ويكاد يضرب حضارة الغرب.

فالمؤلفون لم يشطبوا على قصائدي الفرنسية بحجة أن هذا الأديب والشاعر هو عراقي منفي سياسيا، ويعلن الحرب على الحرب، ولم يضعوا خطا أحمرا على أسمي لأنه لا يمت بصلة بأسماء أبنائهم الحقيقيين وأدبائهم، فهم لا يتعاملون مع الشعر كما نتعامل نحن به في منهاج عقليتنا العربية ، ولا يقلقون على وجودهم الشعري والإبداعي "كشعراء وكتاب" حينما يختارون شاعر أخرا، ويتحدثون عنه بعيدا عن المصالح الآنية التي تفسد الإبداع الشعري. وحده النص وجمالية الشعر تعبيريا كما يبدو ما جعلهم يختاروني، وهذا ما كان في حسبانهم، وأن دل على شيء فيدل أن هناك آدميين بالعالم، وأن الثقافة بمفهومها الكوني لا زالت بعافية.

 ممكن أن تحدثنا عن مشاريعك وكتاباتك القادمة؟

ما هو مؤسف أيها الصديق، أن كتابي الروائي السردي "العودة إلى بغداد"، الذي كتبته باللغة العربية، ويتطرق إلى عودتي إلى بغداد بعد ثلاثين عاما من المنفى، لرؤية الوالدة والأهل، لم يصدر للآن، وقد رفضته دار المدى العراقية في سوريا بحجة أن الرقابة لا ترخص طبعه. علما أنه صدر باللغة الفرنسية وسيصدر باللغة الإنكليزية ويترجم حاليا إلى الألمانية. جاهز أيضا للنشر وبالعربية كتابين "وداعا يا جلادي"، و"لم يعد يتذكرني أحد هناك"، وهن كتب سردية روائية شعرية، وكتاب أخر، قصائد هذه المرة بالعربية، تحمل عنوان "أوهام الحضور"، ومجموعة كتبتها باللغة الفرنسية ولكني لا زلت أعمل عليها، وفيلم بالفرنسية سينتهي تصويره بعد أشهر في باريس، يتحدث عن تجربتي الإنسانية كعراقي منفي وشاعر وفنان مسرحي يعيش منذ زمن طويل في فرنسا.


-----------------------------------------
حاوره: موسى الخميسي - العربي الجديد 

تابع القراءة→

السبت، يونيو 18، 2016

العراقي علي الزيدي: تشابهت أوضاعنا العربية حتى بات المواطن مستنسخا كاتب مسرحي «يبحث عن الهم الإنساني أينما كان»

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, يونيو 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

 شكَّل الكاتب المسرحي العراقي علي عبد النبي الزيدي حالة جديدة في الكتابة المسرحية، فلم تمنعه التابوات من التحدث عن موضوعات حرجة وممنوعة على مدى عشرات السنين في العراق، بل كان يدخل في صلب موضوعات السياسة والدين والجنس، كلما ضاق عليه الخناق، حتى وصل الأمر به إلى مناقشة قضايا مسكوت عنها في أعماله الأخيرة، مثل مسرحية «تحوير» و»بتول» اللتين عرضتا في أكثر من مكان، فضلا عن عمله الأخير «يا رب» الذي انتهى عرضه على المسرح الوطني في بغداد قبل أيام، وما زال مثار نقاش حاد بين المساندين للعرض والمعارضين له، لأنه أدخل فيه شخصيات دينية مثل النبي موسى، وجعله يتحدث مع الإله ويجادله، مسقطا هذا الأمر على الراهن العراقي وما يحدث فيه.
مشوار الزيدي بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي كقاص، لكنه سرعان ما اتجه لكتابة المسرح، وحصل على جوائز عدة حتى سمي بـ»صائد الجوائز»، كان آخرها حصوله على جائزة هيئة المسرح العربي في الإمارات. عن رؤيته الكتابية، والمسرح العراقي، كان لنا معه هذا الحوار:

■ تسعى دائما لخرق التابوات، فالجنس والسياسة والدين تحضر دائما في أعمالك، لماذا هذا الخرق المتعمد؟ وما الذي تريد إيصاله من خلال وضوح فكرتك إحيانا، وتلغيزها في أحايين أخرى؟
□ قد يسميه البعض (خرقا) في حين لا أجدني (قصديا) أو متعمدا في هذا الخرق، أنا (حكّاء) وباحث عن الهم الإنساني، وأحاول جاهدا إيجاد أفكار تتناسب وحجم الدمار الذي لحق بالإنسان بغض النظر عن مكانه وزمانه، وأجد أن هذا (الثالوث) الذي ذكرته كان هو المحور على طول خط الكتابة عربيا وعالميا منذ سنوات طويلة جدا، لكنني هنا أتناول اليومي وأضع معه المفترض، المفترض (التابو) فيتحولان إلى خطين متوازيين: أحدهما يثير الأسئلة ويكشف ويعري ما يحدث للإنسان، والآخر (المقدس) يصغي ويحاول أن يجد إجابات مقنعة للأول، قد تنهزم إجاباته أمام هول الأسئلة العظيمة التي يَطلق من وقع عليه الظلم والقهر ويقف معه ويتمرد ربما، ولكن كل هذا ليس انتصارا قصديا أريد أن يفهمه البعض هكذا، على الإطلاق، نحن نحتاج إلى فهم أوسع من تلك الدوائر المغلقة التي يصنعها الآخر لنفسه ويضع نفسه في حدود (المعتقدات والأديان والمقدسات) ويرمي منتج الخطاب الأدبي بالزندقة… الآراء – كما أرى- تحتاج إلى هدوء واسترخاء ونفس عميق، ما يهمني هو قراءة هذا الواقع من وجهات نظر أراها جديدة في نصوصي، لذلك هي محط اهتمام المشهد المسرحي العراقي والعربي. مثلا في نص «إطفائيثيوس» لم أكن أريد ان أشير إلى أن لا جهنم هناك في السماء مثلما يؤمن البعض، هذه ليست منطقة اشتغالي، كل ما أريده أن أنقله تصور لما يحدث ولكن من زوايا نظر مختلفة، إيمان (الإطفائي) أن إطفاء نار جهنم في السماء هي وجهة نظره وليست بالضرورة وجهة نظري، هذا إيمانه الذي انطلق من صلب عمله كإطفائي ملّ من عمليات إطفاء حرائق الانفجارات والعبوات الناسفة. أما الفهم (المتعمد) عند البعض وفي سياق سؤالك، أعتقد بأنه يحتاج قدرة أبعد لقراءة هذه النصوص بعيدا عن الانتماءات والمعتقدات ضيقة الأفق… ربما يجدني البعض غاضبا في الكتابة، نعم.. وهذا مصدره الحياة التي أعيش في وسطها عنوة، والجوع والعوز الذي عشته في العراق لعقود من الزمن وما زال قائما، ومناظر القتل والزنزانات والطغيان المستمرة في وطني.. كل ذلك المزيج بالتأكيد أثر في أفكاري بشكل كبير وجعلني غاضبا من كل شيء.
■ قدمت أكثر من عمل عراقي، والكثير من هذه الأعمال أعيد تقديمها عربيا، ما الاختلاف الذي تشتغل عليه بين عمل عراقي وعمل عربي؟ وكيف يتلقى العربي أعمالك العراقية البحتة؟
□ هذا أمر مهم بالنسبة لي بالتأكيد، ربما الأهم هنا أن تكتب عن الإنسان في كل مكان، أي تعطي مساحة أوسع للأفكار التي يمكن لها أن تعبّر عن هموم وتطلعات الإنسان العربي والإنساني عموما، وهناك الكثير من المخرجين العرب الذين قدموا نصوصي وجدوا ضالتهم فيها، أي أنهم عثروا على مادة أدبية تعبر عن واقعهم أو تقترب من ذلك، لذلك لم أستغرب عندما قدم لي العشرات من العرب نصوصي على خشبات مسارحهم، وراحوا يمثلون بلدانهم في المحافل الدولية والعربية، لأنهم شعروا بأن هذه الأفكار يمكن لها أن تكون صوتا مهما في أوطانهم وتعبر عن قلقهم المستمر في هذه الحياة.. ولم أجد الفارق واسعا بين مخرج عراقي وآخر عربي قدم النصوص نفسها لأنني أرى أن مشكلاتنا وقضايانا الكبرى واحدة، والإنسان العربي واقع في مناطق القهر والديكتاتورية ونزيف الدماء المستمر… الأوطان باتت اليوم تتشابه تماما، وتجد المواطن مستنسخا في بلدان عربية متعددة، يشعر بالظلم ومواضيع أخرى مهمة كالإرهاب مثلا، ولكن يظل المخرج العراقي هو الأقرب إلى نصوصي، خاصة أننا نعيش واقعا مشتركا معا، ويدرك الكثير من المناطق في أفكاري وتصوراتي التي قد تغيب عن المخرج العربي.
■ بدأت قاصا ومن ثم اتجهت لكتابة المسرح، ما الذي أضافته لك القصة في بناء النص المسرحي؟ وكيف تمكنت من تجــاوز النص القصير والمكثف والمليء بالاستعارات إلى نص مفتوح يتلقاه المشاهد مباشرة؟
□ أعتقد أن القصة هي لحظة عابرة في حياتي، بتعبير أدق كنت في الوقت نفسه الذي أكتب فيه القصة كتبت النص المسرحي، واستفدت كثيرا من قراءاتي في هذا المجال ورحت أستعير من القصة الكثير من آليات كتابتها، وفي الوقت نفسه كان هاجسي أن أكون مغايرا جاء من كتابتي للقصة القصيرة، ومن ثمَّ انتقل للمسرح في ما بعد… النص المسرحي له اشتراطاته بعيدا عن جنس القصة، وله روحه وشخصياته ولغته وبناؤه، ولكن في الوقت نفسه أجدني مهتما بشكل بالغ في صناعة (حكاية) صادمة، أو فيها الكثير من المناخ الغرائبي، على الرغم من أنها تنهل من الواقع اليومي، وبالتأكيد القصة فعل خاص على مستوى القراءة، أي أنك تتلقى القصة كقارئ لوحدك في حين تشارك المئات أو الآلاف مسرحية تعرض على خشبة المسرح، وهنا جوهر اختلاف المسرح على أجناس الأدب والفنون الاخرى.
■ سميت مؤخرا بصائد الجوائز، إذ لم تشارك بمسابقة أو مهرجان إلا وكانت لك إحدى الجوائز، ما الذي أضافته لك هذه الجوائز؟ وما الأسباب التي تجعلها تمنح لك من وجهة نظرك؟
□ حصلت على عشرات الجوائز عراقيا وعربيا، هذا صحيح، وهي تأتي لتؤكد لي بأنني في المسار الصحيح من باب أن هناك (خبراء) في لجان التحكيم، وجلّهم من الأكاديميين والمشتغلين ردحا طويلا في المسرح، هذا جانب مهم، ولكنني في الوقت نفسه لا أكتب من أجل جائزة هنا وجائزة هناك، فالكتابة عندي مشروع حياة متواصل ومتطور، بل يهمني ما سأطرحه من قضايا تعنى بالإنسان وهمومه وأحلامه وتطلعاته، أفكر كثيرا بهذا المشروع وكيف له أن يتحوّل إلى وثائق إبداعية في ما بعد تُدين السلطات القامعة لهذا الكائن، السلطات بشتى تسمياتها وأشكالها وأحجامها. 
أما أسباب منحي لهذه الجوائز ربما للمغايرة التي يجدونها في نصوصي وأفكاري، أو لغة وبناء مختلفا، لا أعرف بالضبط، هناك أشياء أحاول أن أجس النبض في مدى استجابة تلقيها، وفعلت ذلك مع نص «فلك أسود» مثلا، واستغربت كثيرا عندما حصلت على جائزة الهيئة العربية للمسرح في الشارقة مؤخرا عن هذا النص، خاصة أن مناخه وعلاقته بالمقدس ربما لا تنسجم مع المناخ الخليجي الذي يعرفه الجميع، ولكن- وهذا المهم- أن لجان التحكيم تمتلك أفقا ورؤية مسرحية بعيدا عن الاشتراطات والمقاسات، جعلتهم يرشحون هذا النص للفور.
■ ضمن خريطة المسرح العراقي، غالبا ما يقفز اسمك من ضمن أهم الكتاب، ما الذي تقرأه في الراهن المسرحي العراقي؟ والى أين وصلت الكتابة للمسرح؟
□ هذا مصدر اعتزاز وسعادة بالنسبة لي بالتأكيد، المسرح العراقي زاخر بأسماء مهمة في حقل الكتابة للمسرح، ونحن معا نصنع شكل الكتابة في العراق منذ عقود، ولكل واحد منا أسلوبه الخاص في هذا المجال الصعب، مسرحنا قدم عطاءات كبيرة وهو أحد المسارح المهمة عربيا، وحقل التجريب مستمر منذ جيل الرواد الاوائل وصولا إلى جيل الشباب اليوم الذين هم امتداد طبيعي لذلك الجيل المتمرد في وقته… أنا ما زلت أبحــث باستمرار، بحثي متواصل لنص أجده كاملا ولن أصل إليه. المهم أنني أظل أبحث إلى ما لا نهاية، ولن أتوقف عن التواصل مع المسرح في كل لحظة من عمري، وربما عندما أجد نفسي أن مشروعي (الإلهيات) قد وصل إلى نهاية المطاف سأرحل إلى منطقة أخرى تفرضها الظروف التي تحيط بي كشاهد عيان على هذا الواقع المرّ.
■ منذ خمسينيات القرن الماضي برز كتّاب مسرحيون، وتوالت أسماء أخرى وصولا إلى الكتابة الحالية، ما الذي تغير في هذا المسرح؟ وما التحولات التي طرأت عليه خلال تلك العقود؟
□ الكتابة للمسرح تأليفا جاءت في وقت متأخر من القرن الماضي للعراق، بدأت بالاقتباس ومن ثم الإعداد وجاء بعدها التأليف وإن كان بسيطا، ولكنه شكّلَ الدعامة الأولى للكتابة للمسرح… هناك أسماء مهمة كانت في وقتها، كتبوا وجرّبوا وكانوا شهود عيان على ما يحدث في واقعهم المضطرب سياسيا واجتماعيا، ولكن المشكل في أغلب كتابات هؤلاء أنهم ظلوا بحدود المرحلة التي كتبوا فيها.. لذلك نصوصهم لا يمكن أن تقدم الآن على خشبات المسارح. أعتقد أن حجم التحوّلات السياسية المتلاحقة والذي جاء في سؤالك هو الأهم هنا، نحن نعيش زلازل في كل ساعة، ونفكر بطريقة تختلف عنهم، ونعيش عصر المتغيرات السريعة، في حين أن حياتهم كانت ساكنة وبطيئة، على الرغم من أن فيها أحداثا مهمة، ولكنها متباعدة، وهنا لا يمكن أن نقيس أحداثا جرت ما بعد عام 2003 مع أي أحداث أخرى في العراق. لذلك أعتقد أن الكاتب المسرحي العراقي، ومن جيلي، يعيش هذه التحوّلات ويفكر بطريقة أخرى للكتابة عنها مستفيدا من حركة المسرح في العالم والانفتاح الكبير في وسائل الاتصال التي جعلتنا نشاهد ما يقدم في الكون بضغطة زر واحدة، ونرى إلى أين وصل المسرح اليوم، ومن هناك جاء الاختلاف بين تلك الاجيال وجيلنا الذي يعيش وسط النار.

------------------------------------
المصدر : القدس العربي - صفاء ذياب 
تابع القراءة→

الأربعاء، يونيو 08، 2016

الكاتب والمخرج والممثل د.موسى مرعب :"الدراماالمسرحية لاتقوم إلا بتناغم كل اللغات المشتركة"

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, يونيو 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تشتد خشبة المسرح وتنقبض أركانه عندما يقبض الكاتب والمخرج والممثل  الدكتور "موسى مرعب" على العناصر الدرامية،  لتتحول اعماله الى صرخة فنية تزلزل أركان المسرح او العمل الدرامي كتابة وتمثيلاً وحتى إخراجاً . في لقائه صرخات استنكار تؤكد على وجوب احترام مادة الدراما المسرحية او التلفزيونية وحتى السينمائية بكافة اشكالها وانواعها ان بالتمثيل او بالاخراج او الكتابة ، فهو لا يحب التفريط بقواعد العمل الدرامية اكاديميا. لتكون بمثابة مادة عالمية يحاكي بها تلاميذه قبل مشاهديه.

اذ اثبت خلال مسيرته الفنية بكافة مضامينها كتابة واخراجا ان العمل الدرامي هو الانضباط مع قوة التعبير الروحي قبل الجسدي ودون تكلف . ربما من يشاهد اعمال "موسى مرعب"  يشعر برعب المشهد الذي يسبغه بقدرات يفجرها من داخل الممثل،  ومن داخله هو لتكون لغة مخاطبة تحفيزية يتأثر بها الكل وليس الجزء،  ليكون ايضا التواصل متينا من خلال العمل،  فتصل الاهداف الى ما يصبو اليه،  ولكن في صرامة اقواله تحديات تجبرك على سماعه رغم انتقاداته التي لا يمكن الانكار انها بناءة وهادفة تقنيا وفعليا ، ولكنها شديدة الانتقاد لأنه يؤمن ان العمل الدرامي هو حبكة قوية في وجه الزمن ولا ادري ان كنت قد اخرجت من هذا الرجل العتيد  كل ما هو مهم في العمل الدرامي ضمن هذا الحوار  الذي اجريته اثناء تكريمه بمناسبة صدور كتابيه "قلم احمر ناشف" و"علّ  صوتك" في الرابطة الثقافية - طرابلس لبنان..
* لغة المسرح الغامضة تحتاج غالبا لقدرة عالية تؤثر على مخيلة المشاهد. هل نتملك هذه القدرات في المسرح اللبناني؟
- هي القدرات موجودة ونحن نصرخ بالصوت العالي اننا نتملك . لكن اين هو المسرح اللبناني بعد المسرح الاختباري الذي كان شرف تأسيسه مع وجود لطيفة وانطوان ملتقى. اين هو المسرح اللبناني بعد رحيل  يعقوب الشدراوي وريمون جبارة واعتكاف جلال خوري وشكيب خوري وروجيه عساف ..لقد انتحر المسرح بعدما هجروه.   وهل يكون هناك ربيع بلا سنونو !!..
*موسى مرعب من انت؟
-بعيداً عن التأليف والتدريس الجامعي انا لبناني منذ اكثر من عشر سنوات، هكذا يقول اخراج القيد..وبناء عليه يوم ولدت زلزلت الدنيا زلزالها...فعشت حياتي ما بين العواصف والرعد والمطر...تعرفت الى كل انواع القهر والتعذيب والجوع والحرمان، فعرفت بعدها ان الحياة  لا تؤخذ الا غلابا...فرحت اصارعها متسلحاً بالقلم والكتاب والدفتر حتى اكون بمستوى "الكلمة" وبناء عليه ايضا قررت ان اكتب وجودي "بالكلمة" وبالقلم الرصاص..وبالقلم الاحمر الناشف..ليسمع من به صمم.ومن يومها اتخذت قراري أن اموت تحت انقاض بيتي علّ الدنيا تزلزل زلزالها الاخير.
*يظهر انك كتبت نهاية مسرحية حياتك مع بداية وجودك؟
-وبالقلم الرصاص كتبتها،  فأنا لا اريد ان اموت ميتة طبيعية، ولا صريع مرض..بل قتلا بالرصاص وعلى فكرة رصاصة واحدة لا تقتلني..ومن تسول له نفسه لقتلي فعليه ان يطلق (30 طلقة).
*النرجسية تطفح من عقلك وقلبك، فهل انت نرجسي ، والى اي حد؟
-الى ابعد من حدود الافق والسماء..هي مفاهيم خاصة اخترتها بنفسي.وتعذبت في تكوينها.واستعذبت عذابي بها وما زلت وسأبقى حتى الرمق الاخير.
*هل تعذبت في بداية تكوينك الفني؟
-كثيراً ..كثيراً استعذبت عذابي به..في البداية ألفت فرقة فنية ورحت اجوب بها المناطق حتى كانت البداية مع تلفزيون لبنان في عام 1959 يومها كلفت بكتاب قصص الاديب ميخائيل نعيمة وتبعتها "برانية" و"هذا الاخير" و "غمرة ورد" وكرت السبحة  ممثلا وكاتبا في معظم المسلسلات ولمعظمها .حتى كان عام( 1968) فالتحقت بالجامعة اللبنانية (معهد الفنون)وتخرجت منه بشهادة دبلوم دراسات عليا..وخلال دراستي احتل اسمي معظم الاعمال المسرحية منها "وصية كلب" الى "البيت الحدود" الى" رقصة الموت" " فالمهرج" و "والمارسيلياز العربي"و "ضاعت الطاسة" وكثيراً ما كانت نرجسيتي تكبر امامي على الصفحات الاولى من الصحف والمجلات..
اثناء دراستي لفن السينما اخرجت فيلما اسميته "الحبل"  نلت على اثره الجائزة الاولى في مهرجان ليبزغ المانيا (1971) وتخرجت في العام )1972( فالتحقت "بمعهد بيكولو تياترا"في ايطاليا ثم الى فرنسا فتخرجت بشهادة الدكتوراه في المسرح.
*ماذا اضافت شهادة  الدكتوراه لمفاهيمك؟
-اشبعتني بثقافتها فالتهمت الكتب التهاما.مكتبتي الان تضم نحو( 4000 )كتاب ومرجع،  وهذا ما جرّدته بعدما احرق المغول والتتر مكتبتي الاولى..
*ملاحظة لا بد منها؟.
-يوم  كنت في المعهد. كتبت ( جريمتكم انكم ابرياء) فقدمت للجمهور التلفزيوني فيها (انطوان كرباج) و(منير معاصيري) و(نبيه ابو الحسن)هذه ومعي كانت بدايتهم ونقطة على السطر .ولا نقاش في ذلك.
*ما هي الاعمال التي قمت بها بعد عودتك من باريس؟
-التحقت في وزارة الاعلام مسؤولا عن وحدة الاخراج والبرامج الثقافية ..الى جانب اعمالي المسرحية  والتلفزيوينة ، فكتبت "السجن الكبير" (للجديد) و"سجن الايام" لتلفزيون لبنان و"العين الثالثة" لاستديو الارز حيث نال الجائزة الاولى في مهرجان مراكز ثم "رحيل الطيور" و"دخان المطر" لتلفزيون المستقبل وغيرها وغيرها .
*كيف تنظر الى الدراما اللبنانية الان؟
-انا لا اعترف ..ولا اعتبر ان ما يقدم على شاشاتنا هو دراما لبنانية لانها لا تقنعني بالفكر والمعالجة والتمثيل.وحتى بالاخراج موضوعها من المسلسلات البرازيلية..كتابها لا حنكة عندهم ولا دراية بفن السناريو والحوار ومعظم النساء اللاتي يكتبنها مثلن معي في مسلسلاتي، وكن يسألنني عن كيفية كتابة السناريو والحوار حتى صرت كاتباً ومعظم الابطال من سوريا ومصر..كم واحد كومبارس من لبنان..وتصور في كل مكان..فهل تكون هكذا الهوية. ويدعين بعد هذا ان كتابتهن فيها الحوار "الواقعي" فاية واقعية هذه في ان تتلفظ الكاتبة بما يقوله اولاد الشوارع وعليه اقول لهن " الكاتب الذي يساير واقعه كاتب تخلف عن واقعه."
*افهم من كلامك انك غاضب لأن "الكاتبات" قد ابعدنك عن الكتابة؟
-الكاتبات لا..انما هناك قرف مما يكتبن ولكن المنتجين الذين يسهرن مع الكاتبات وعفواً  جاء الجمع مؤنثا، فانه يؤنث مع المذكر ويذكر مع المؤنث..هؤلاء يسهرن لمناقشة تعديل الجملة حتى الصباح.مع علمي ان غير ذلك يحصل..والكاتبة لا تكتب واسألي المخرج سمير حبشي واساليني عن الموظفين في ادارة الانتاج في الشركات المصونة. ان كانوا يفهمون ماذا يقرأون.او يعيدون اليك ما تكرمت به عليهم من دون استثناء هم ...
*هدف المسرح  ايصال فكرة بتماثل وليد تناغم بين كافة العناصر، ما صعوبة ذلك بالنسبة لك وما هي الاخطار التي عالجتها انت في مسيرتك المسرحية؟
-لا صعوبة عندي بتماثل التناغم بين النص وليد الفكرة وبقية العناصر. هي الدراما المسرحية لا تقوم  الا بتناغم كل اللغات المشتركة  من همسة وحركة وحرف وكلمة وايماءة..مع الموسيقى والوان الديكور والملابس والضوء وما بين تاثير الجمهور والتفاعل مع العمل..الصالة واحدة من الشارع التي هي فيه حتى غياهب كواليسها، وأنا لا اهمل اي حركة في تشكيل العمارة المسرحية الا وأعمرها بأحساسي ولغتي..
*ما الصعوبة الوحيدة التي صارعتك حتى صرعتها؟.
-كانت على مسرح الرابطة الثقافية في طرابلس  يوم اخرجت مسرحية "بطلة من بلادي" عن سيرة "عائشة البشناتية  فالصعوبة كانت في كيفية تجسيد بطولة عائشة ومن معها في صراعها مع المماليك. والبطولة تحتاج اسلحة بيضاء...ومكانا للحرب..فنهجت نهج الاخراج السينمائي على المسرح واحضرت كل العوامل المؤثرة في تحقيق البطولة التي كانت تدور في الصالة وعلى الخشبة بالسيوف الحادة وجعلت من الديكور حلبة من الاحجار تتساقط على ايقاع قرع الاجراس وصلاة الماذن لدرجة ان حملت الرئيس المغفور له رشيد كرامي للوصول فجأة للمسرح لحضورها..
*هل من صعوبة اخرى كانت بمثابة تحدٍ اكبر ؟
-والصعوبة الثانية كانت في مسرحية" التحدي" الاستعراضية التي كتبتها واخرجتها ايضا على مسرح الرابطة كانت يومها صراع الشعب العربي مع اليهود مغتصبي فلسطين..وما بين بين كان معتقل انصار ..الذي عملت على تفجيره..مع دخول الخيول العربية من سقف الصالة . واقتحام الثوار القاعة من الشارع برشاشاتهم وهم يطلقون النار ..لدرجة ان اختبأ الجمهور ما بين المقاعد. وفي اليوم التالي كانت طرابلس تزحف لحضور حرب حقيقية على مسرح الرابطة ومن بعدها اخرجت عمل طرابلس عاصمة ثقافية. حركت فيها الجموع من مستديرة نهر ابي علي الى الرابطة.. ومن ثم الى الملعب البلدي. في عروض مسرحية متنوعة.وما تبقى كنت اعمل على الناحية الاخراجية بما يفرضه علي مفهوم النص الذي كتبه غيري.
*المسرح الغنائي وجدلية لغة الحياة اليومية هل يتقبل الجمهور ذلك؟ واين نحن اليوم من المسرح الغنائي؟
-بلا طول سيرة ..المسرح الغنائي عندنا راح يوم راح الاخوان رحباني..بكل ما في الكلمة من معنى ولكن هناك بعض المحاولات التي يقوم بها.. ورثة الاخوين رحباني..وروميو لحود تدل على ان المسيرة ستكتمل وستصبح بدراً في سماء لبنان والله يعطيهم الف عافية .لتتأكد اهمية لغة الحياة في المسرح الغنائي هو مع البعض الاخر ..حفلة غنائية ليس اكثر.

----------------------------------
المصدر : المدى - حاورته: ضحى عبد الرؤوف المل 

تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9