أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات وبحوث مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات وبحوث مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، مارس 08، 2022

أنثروبولوجيا المسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مارس 08, 2022  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار%25D9%2585%25D8%25B3%25D8%25B1%25D8%25AD%25D9%258A%25D8%25A9%2B%25E2%2580%259D%2B%25D8%25B4%25D8%25B8%25D8%25A7%25D9%258A%25D8%25A7%2B%25D8%25B7%25D9%258A%25D9%2586%2B%25D9%2580%25D9%2580%25D9%2580%25D9%2580%2B%25D8%25AC%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25A7%25D9%2585%25D8%25B4%25E2%2580%259D

أنثروبولوجيا المسرح  / محسن النصار 

قد أعطت  المعرفة  والفلسفة للمسرح  الكثير من العوامل المختلفة والمتنوعة التي أدت إلى ظهورها وإبرازها، كعامل  فكري محفز للمسرح  نحو أنثروبولوجيا مسرحية جديدة  

والتي يعرّفها  باربا بأنها ((دراسة التصرفات البيولوجية والثقافية للإنسان وهو في حالة العرض المسرحي، أي حين يستخدم حضوره الجسدي والذهني حسب مبادئ مختلفة عن تلك التي تتحكم بالحياة اليومية”، ذلك لأن الممثل يستخدم جسده في الحياة اليومية المعتادة بنوع من التقنية المشروطة بثقافته ووضعه الاجتماعي وطبيعة مهنته، في حين يستخدمه في العرض المسرحي بطريقـــة أخرى، وتقنية مختلفة كليا.
ويسمي باربا النوع الثاني من الاستخدام بالتقنية الخارجة عن المعتاد، ويرى أن المسافة التي تفصل بين التقنيتين في الغرب غالبا ما تكون غير واضحة وغير مدركة، في حين يوجد اختلاف واضح بينهما في الهند مقرّ به وله اصطلاحاته: “لوكادهارمي” و”تاتيادهامي”.
ويكمن الاختلاف في أن التقنية اليومية تتبع عادة مبدأ بذل الجهد الضئيل، أي بمعنى الحصول على النتيجة القصوى من خلال توظيف أدنى حدّ من الطاقة. لكن في التقنية الخارجة عن المعتاد يحدث العكس، إذ تعتمد على البذخ في الطاقة، لذلك يعبّر المتلقون في المسرح الياباني عن شكرهم للممثلين في نهاية العرض بعبارة “أنت متعب”، إشارة منهم إلى أن الممثل الذي أثار اهتمامهم وأمتعهم وترك تأثيره فيهم متعب لأنه لم يوفر شيئا من طاقته، بل فاض في استخدامها.

رغم ارتباط ظاهرة أنثروبولوجيا المسرح بـباربا، فإن ثمة من يذهب إلى أنها نشأت وتطورت، جنبا إلى جنب مع الأنثروبولوجيا بوصفها علما، في أوروبا وأميركا، نتيجة لأزمة ثقافية وأخلاقية لا يمكن فصلها عن التطور الحضاري وظهور الاستعمار، فقد دفعت هذه الأزمة باتجاه البحث عما هو أصيل ونقي وبدائي إما في أصول الحضارة الغربية في بداية تشكلها، أو في الحضارات الأخرى.))(1)

وكلمة “أنثروبولوجيا” معناها اللغوي هي دراسة الإنسان. ونتيجة لتنوع الأنشطة التي يقوم بها الإنسان، تبنى الأنثروبولوجيون التعريف اللغوي لعلمهم؛ ولذلك يحاولون دراسة الإنسان وكل أعماله، أي كل منجزاته المادية والفكرية، أي الدراسة الشاملة للإنسان .
و تعددت   مجالات الانثروبولوجيا وفروعها :الأنثروبولوجيا البيولوجية ,الأنثروبولوجيا الفيزيقية السّمات الفيزيقية للإنسان .
الأنثروبولوجيا الاجتماعية ,الأنثروبولوجيا الثقافية ,ويمكن  دراستها بطريقتين
الأولى، هي الدراسة المتزامنة: أي في زمن واحد، أي دراسة المجتمعات والثقافات في نقطة معينة من تاريخها .
الثانية، هي الدراسة التتبعية أو التاريخية: أي دراسة المجتمعات والثقافات عبر التاريخ
وتتناول الأنثروبولوجيا الثقافية، بمعناها العام، الحياة الثقافية للمجتمعات الإنسانية. وفي هذا الإطار العريض، يتجه علماء الأنثروبولوجيا الثقافية إلى الاهتمام بالفنون المهارية وتصميماتها، وتقنيات تصنيعها.

ولهذا فإن الأنثروبولوجيا هي أكثر العلوم التي تدرس الإنسان وأعماله شمولاً على الإطلاق. وهناك دلائل وشواهد عديدة على هذا الشمول؛ فالأنثروبولوجيا تجمع في علم واحد بين نظرتي كل من العلوم البيولوجية والعلوم الاجتماعية، ثم إن الأنثروبولوجيا تهتم بالأشكال الأولى للإنسان وسلوكه بدرجة اهتمامها نفسها بالأشكال المعاصرة؛ إذ يدرس الأنثروبولوجي كلاً من التطورات البنائية للبشرية ونمو الحضارات ,واهتمامه بالجماعات والحضارات الإنسانية المعاصرة.
وأنثروبولوجيا المسرح من المفاهيم الجديدة  في علم الأنثروبولوجيا وهذا المصطلح  الذي  ظهر في بريطانيا عام 1593، وكان المقصود به دراسة الإنسان من جميع جوانبه الطبيعية والسيكولوجية والاجتماعية، وظل يحمل معنى الدراسة المقارنة للجنس البشري.

إلا أن تزايد البحث، وخاصة في المجتمعات البدائية، أدى إلى تطورات مهمة في النظر إلى الأنثروبولوجيا، وخاصة في علاقتها بالعلوم المتفرعة منها وغيرها من الدراسات التي تتصل بدراسة الإنسان. , ولهذا فإن الأنثروبولوجيا هي أكثر العلوم التي تدرس الإنسان وأعماله شمولاً على الإطلاق وقد كان المخرج الفرنسي أنتونان آرتو أوّل من تنبه للأشكال المسرحية غير الغربية عند مشاهدته لعروض الرقص القادمة إلى فرنسا من جزيرة بالي الاندونيسية ((فكرة"المسرح
الحر"المنبثق من "الجماعات الخلاقة" المتحدة، وهي الفكرة – التي مقابل المسرح المحترف والتجاري اليوم- تفرض مبادئ جمالية فوضوية جديدة...إن المسرح الحر هو شكل من الاحتفال الجماعي يستفيد من تعدد المواهب في مجموعة من الإفراد الذين يجمعهم"حب واحد للاحتفال"المسرحي .))(2)

 ويحدد إيوجينيو باربا ميدان عمل أنثروبولوجيا المسرح في محاولة أيجاد تقنية لمسرحه تعتمد الحركة وذاتية الممثل  واكتساب طرق معينة للحركة والنطق والايماءات اثناء التدريب، ويوجد كأساس لمختلف الأجناس والأساليب والأدوار للتقاليد الشخصية والجماعية  وهذا التحديد الذي يذهب إليه باربا بوصفه المؤسس الحقيقي لأنثروبولوجيا المسرح ، ولم يأتِ أهتمام باربا دون مرجعيات محددة لذلك فقد تأثر وتتلمذ على يد المخرج البولندي جيرزي غروتوفسكي للمدة من 1961 – 1964 وغروتوفسكي تعامل مع الممثل والفضاء والنص المسرحي والجمهور، حيث تتضافر هذه العناصر معاً في نسق جمالي يولّد أثناء العرض حالة خاصة تتركز وظيفتها في تحريض الممثل على خلق دوره بنفسه، وليس على إعادة إنتاج الشخصية حسبما تخيلها ووصفها الكاتب. ومن هنا فقدت النصوص الأدبية قدسيتها عند غروتوفسكي، وأضحت محض مادة خام قابلة لإعادة النظر وللحذف والتطوير وإعادة الكتابة انطلاقاً من راهنية لحظة العمل. صحيح أن غروتوفسكي يتكىء على نصوص مسرحية لكتَّاب مسرحيين معروفين، إلا أن نص عرضه المسرحي الجاهز للقاء مع الجمهور لايتطابق ونص المؤلف إلا من حيث العمود الفقري للحدوث، أي إن ما يتعرفه المشاهد في العرض هو سيناريو جديد نتج من حال الارتجال مع الممثل في أثناء التمرينات .
وفي الفضاء المسرحي يركز غروتوفسكي على الممثل وحسب متخلياً عن مكونات العرض الأخرى كافة من ديكور وأزياء ومكياج وموسيقى وإضاءة. وقد أطلق على عروضه الجديدة تسمية «المسرح الفقير» في مواجهة المسرح الثري المزود بالتقانات الحديثة.
  و قد تعامل مع أنثروبولوجيا المسرح بوصفها علماً عبر أعتماده على التدريبات الطقسية للممثل والإفادة من الفلسفات الشرقية في تكوين نظرية ( المسرح الفقير ) التي أعتمدت بشكل أساس تكنيك  الممثل لذلك نادي "بممثل قديس لمسرح فقير"، فما كان يريده جروتوفسكي هو قاعة خالية تصلح لجلوس المتفرجين بينهم ممرات وفجوات لأداء الممثلين مشركين معهم الجمهور، فالمسرح بالنسبة إليه هو كل ما يدور بين الممثل والمتفرج وكل ما عدا ذلك يعد ثانويا. ويقوم منهج جروتوفسكي علي تقنية (الترانس) أي تكامل جميع القوي النفسية والجسمية التي تنطلق من أعماق الممثل وغرائزه وتنفجر بصورة تكشف عن هذه الأعماق. وتقوم تقنية (الترانس) هذه علي ثلاثة عناصر هي :الموقف الاستنباطي , الاسترخاء الجسمي , تركيز نشاط الجهاز العضوي كله في منطقة القلب.
  وكان يؤكد على ما هو طقسي احتفالي، وقد لجأ منذ منتصف الستينيات إلى استخدام الأساطير الوثنية والدينية وتضمينها في ثنايا عروضه، ولكن ليس بالمعنى الجمالي أو المعرفي، وإنما بوصفه حاملاً لقضايا الإنسان المعاصرفي همومه ومحنته  في الجماعة  وينسجم هذا الهدف وأسلوب العمل داخل فرقته، أي حياة التقشف المادي الجماعية التي يعيشها أعضاء الفرقة، وإبداعهم الجمالي وأخلاقياتهم الرفيعة
عبر العديد من الطقوس  الروحية وفي مقدمتها الإفادة من تكنيكات فن اليوغا الهندية ، ما دفع باربا إلى تأسيس  المدرسة العالمية للأنثروبولوجيا المسرحية ,الذي أكد فية على  دراسة التصرُّفات  والسلوك الذاتي للمثل وربطه بععلاقته مع الجماعة والمجتمع 
 ((فالمسرح يجد في الثقافة والحضارة المعاصرة موضوعا مهما  في انتاجه الجمالي , وفي محاولة لجعل الذاتي الفرداني المحلي موضوعا عالميا يمتلك
التاؤيل , بذلك ناقش المسرح الكلاسيكي في حالة معاصرة تنبع من عصر الحدث , وهذه احدى اشتراطات
العولمة التي تسعى الى تسطيح الخصوصية وتوحيد اللحظة الفنية بوصفها حالة كونية مستديمة  )) (3)

البيولوجية والثقافية للإنسان وهو في حالة العَرْض ، أي حين يستخدم حضوره الجسدي والذهني حسب مبادئ مختلفة عن تلك التي تتحكم بالحياة اليومية  لذلك كان أهتمام باربا في بحثه المسرحي ينصب على الممثل بوصفه الخالق للطقس المسرحي والسارد لتفاصيله ، وقد أفاد من في معمله
 المسرحي  من نظرية جروتوفسكي التي يسميها "من خلال الطريق السلبي "((إن الفرق في التدريبات في الفترة الأولى 1959- 1962 , والفترات التي تلت ذلك يتضح في التدريبات البدنية والصوتية .فقد أحتفظنا بمعظم العناصر الأساسية في التدريبات البدنية , ولكن أعدنا توجيهها بحيث تشكل بحثا عن العلاقة بين الممثل والآخرين , كما تدربه على تلقي الباعث من الخارج وكيفية رد فعله لما يتلقاه (وهي العملية التي نسميها خذ وأعطي ) ومازلنا نستخدم أجهزة تضخيم صدى الصوت في تدريباتنا الصوتية , ولكنها تسخدم الآن من خلال أنواع الدوافع المختلفة والأتصال بالجمهور . ومع تطور تدريباتنا استغنينا تماما عن تدريبات التنفس , فنحن نكتشف المعوقات في هذا المجال في كل حالة على حدة والبتالي نستطيع أن نحدد السبب فيها ونقضي عليها . فليست هناك تدريبات مباشرة للتنفس , وأنما نعمل في هذا المجال بطريقة غير مباشرة من خلال التدريبات الفردية التي تكاد أن تكون ذا طابع نفسي وبدني في آن واحد  )) (4)
وكان من ابرز التريبات التي يقوم بها جيروتوفسكي في المعل المسرحي  التدريبا ت البدنية , كالتسخين من خلال السير بأيقاع معين وتمرينات لتلين العضلات والعمود الفقري وتمرينات الأنقلاب رأسا على عقب وتمارين الطيران وتمارين تشكلية وتدريبا تفي التكوين ..الخ 
 ((الاستخدام السحري، لا على انه انعكاس لنص مكتوب ، ومجموعة القرائن المادية التي تنبعث من المكتوب . بل على انه انعكاس ملتهب لكل ما يمكن أن نستخلصه من نتائج موضوعية في الحركة، والكلمة، والصوت، والضوء، والموسيقى وتركيباتها))(5).

وللتجريب المسرحي وخاصة في المختبر العملي المسرحي يساهم في خلق ذهنية سريعة وقادة توسع فكر وخيال الممثل لتتوافق مع مجريات  الفعل والتركيب الحركي  ((إنني أؤمن ان الفنانين ـ وبخاصة التجريبين منهم ـ يتحملون مسؤوليات فريدة. ان الأصل الاشتقاقي لكلمة «تجريبي» يعني الذهاب خارج، او بعد الحدود. والحدود ليست مادية فقط؛ بل هي مادية وفكرية في الوقت نفسه، وهي تفصل بين الأمم والشعوب والأفكار. ومع ان الحدود قد تكون في الغالب ضرورية، فإن ثمة أمكنة وأزمنة يتعين فيها علينا ان نعبر هذه الحدود، ان نفكر في ما قد لا يخطر على بال، أو ما قد لا يصدقه عقل، وان نمثل في عوالم الخيال ليس فقط ما يحدث الآن؛ بل ايضاً ما سوف يحدث مستقبلاً.
ان العلم التجريبي يعتمد أساساً على طرح الفرضيات واختيارها ثم مراجعتها. اما التجريب في الفن فشيء آخر. فالتجريب الفني يتأسس على التجسيد، وتوظيف الرمز والاستعارة، واللعب على كل أوتار الخيال البشري)).(6)

((طريقة المبادلة المعرفية وبأساليب التدرب والأداء للدور، كل ذلك يجري في التمارين، ومن غير تدخل كبير حتى على كيفية بناء النص، وتخرج بالتالي موضوعات إنسانية شمولية، تتناسق فيها فنون العديد من الشعوب في عرض مسرحي واحد.
إن طريقة المدرسة العالمية لعلم أجناس المسرح الأساسية في التمرين هي المبادلة بين العلاقات المسرحية التي يوضحها باربا بقوله : إن مجتمع المسرح سوف يثبت في الوقت الحاضر في المجتمعات المحيطة خلال انتشاره، وخصوصيته. وفي الحقيقة فإن المسرح ليس فقط عرضاً، ولكنه أيضاً تقاليد للأفكار، والانتماء، ونقل التقنيات. وهو نموذج لعلاقات اجتماعية، ومقترح ينتظم، ويتحد من خلال الاختلاف. ويقول باربا بهذا الصدد: إن أسئلة كثيرة تشغل بال الفنانين، والأساتذة، والعلماء من مختلف القوميات الذين يتعاملون مع المدرسة العالمية لعلم أجناس المسرح )).(7)

ومن  أحدث فروع الأنثروبولوجيا، وهو أنثروبولوجيا الجسد، ويهتم بدراسة عمليات تجميل الجسد، التي عُدّت أسلوباً يتحول فيه الجسد البشري الطبيعي إلى ظاهرة ثقافية.
((وفي كتاب «الأنثروبولوجيا والأنثروبولوجيا الثقافية: وجوه الجسد» تتعمّق الزهرة إبراهيم في دراسة الجسد كدلالة ثقافية تبعاً لما أفرزته الحداثة، مروراً بالقناع والدمية وتوظيفهما المسرحي والسياسي)) (8)
وعلاقة المسرح بالأنثروبولوجيا، تأكد  في إجابتها إلى ما هو اجتماعي، وما هو ثقافي داخل الحقل الأنثروبولوجي، لسبب أساسي، هو كون الظاهرة المسرحية، على حد تعبير”باتريس بافيس” متنوعة وشمولية ((يرى بافيس أن التحليل الدراماتورجي، وهو عنصر حتمي وجوهري في النظرية المسرحية، وينطوي على نموذج جدلي يستمد مقولاته من جماليات الإرسال والتلقي، الذي يقوم به المخرج، في حال تحويل النص إلى عرض، أو الذي يقوم به المتلقي، في حال تلقيه للعرض في شكله الإخراجي النهائي، يقوم على تمثّل نظام العلامات المتقابلة، ويصبح العمل الدرامي، وفق هذا التحليل، سواء أكان نصا نقرأه، أم عرضا نتلقاه، عملية وسيطة بين الإرسال والتلقي تنتظم من خلال ثلاثة مفاهيم جوهرية هي: التجسيد، الذي يلخص مفهوم التأويل من خلال القارئ، أو المتلقي، أو الجمهور في شكله الجماعي، ويكتسب شكل خطاب ملموس، في هيئة مقال، أو مراجعة نقدية، أو تعليق. ))(9)

وفي محاضرة ألقاها باربا  عام 1985 في مهرجان المسرح العالمي في برشلونة  بعنوان   (جسد الممثل المعطاء إمكانية الممثل المفترضة، لـتأهيله على حمل الرسالة للمتلقي) مبيناً علاقة الممثل الجسدية بين ما يفُهم ويُدرك. وبين ما يراد له عرضه، ضمن الرسالة. وهذا يتطلّب من الممثل وعياً كبيراً لمعرفة أعضائه فسيولوجياً، لتستجيب وتعكس التعبير المناسب.

 ((وحسب ريتشارد ششنر في مقدمته التي وضعت ضمن كتاب نحو مسرح ثالث لايوجنييو باربا  بأن المسرح الانثروبولوجي هو ابتداء مقارنة وبعدها مقاربة يضعها العاملون في المسرح الشرقي والغربي لاساليب عملهم حتى يتوصلوا الى تكنيك اساسي في مجال ماقبل التعبير, وهو المستوى الذي يتناول الكيفية التي يمكن بها جعل طاقة الممثل مفعمة بالحيوية كي يكون له حضور يستطيع من خلاله جذب الجمهور, من خلال اكتساب طرق معينة للحركة والنطق والايماءات اثناء التدريب، هكذا يصف ششنر اشتغالات باربا الذي يرى في المسرح بأنه الوسيط الفني والثقافي))(10)
فقد كان الممختبر العملي عند يوجنييوباربا يعتمد على مجموعة من الممثليين  من جنسيات مختلفة  ويتم تعايش الممثلين فيما بينهم رغم التنوع الثقافي  , فالمسرح عند  باربا مهمة انسانية  وثقافية يعالج فيها السلوك البشري بأسلوب الأنفتاح نحو الآخر.

المصادر :
--------------------
 (1)أنظر : عواد علي - مقالة  ليوجينو باربا من لحام إلى مؤسس أنثروبولوجيا المسرح - جريدة العرب - العدد 10007 - 14- 8- 2015
 (2)أنظر:اندريه يستسلر .الجمالية الفوضوية . تر: هنري زغيب ، ط1(بيروت – باريس : منشورات عويدان للطباعة والنشر ،1982)ص53.
 (3)أنظر : سوزان ملروز ,اتجاها ت جديدة في المسرح , ترجمة : د. ايمان حجاز , القاهرة , اصدار مهرجان
. المسرح التجريي , 2002 , ص 65
 ( 4)أنظر : الدكتور سمير سرحان - تجارب جديدة في الفن المسرحي - اصدار دائرة الشؤون الثقافية العامة -العراق ص 170
(5)أنظر:  انتونا ن ارتو. المسرح وقرينه، ترجمة د.سامية اسعد. مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر (القاهرة) 1973 . ص64 .
 (6)أنظر : ما هو المسرح التجريبي؟من كلمة المسرحي الكبير ريتشارد شيكنر في افتتاح مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة 2009
 (7)أنظر : كتاب المسرح الثالث ليوجينو باربا: ترجمة سامي عبد الحميد من منشورات المكتبة الوطنية\- المجمع الثقافي - أبوظبي
 (8)أنظر : الزهرة إبراهيم - كتاب «الأنثروبولوجيا والأنثروبولوجيا الثقافية: وجوه الجسد» (دار النايا ـــــ دمشق)
 (9)أنظر :عواد علي - باتريس بافيس: المسرح والتلقي - جريدة العرب 2016/11/05، العدد: 10446، ص15
 (10)أنظر : صادق مرزوق  - إيوجنييو باربا والمسرح الآخر- جريدة الصباح -16/5/2012
تابع القراءة→

الأربعاء، مارس 10، 2021

تقنية المختبر العملي في مسرح الصورة عند د.صلاح القصب / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مارس 10, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


تقنية المختبر العملي في مسرح الصورة عند د.صلاح القصب   / محسن النصار

ان المختبر العملي المسرحي عند د.صلاح القصب تجعلنا نؤشر ابرز كتاب المسرح العالمي الذي تعامل معهم د. صلاح القصب هو وليم شكسبير في (هاملت، لير، العاصفة وماكبث) وكذلك انطوان تشيخوف في (الخال فانيا) و(الشقيقات الثلاث) و(طائر البحر) وقدم للكاتب والشاعر خزعل الماجدي، مسرحية (عزلة في الكرستال وحفلة الماس) وقد كان اشتغال صلاح القصب على النص المسرحي ثانويا فقط يعتبره نقطة انطلاق نحو افكار وفلسفة كونية من خلال تجاوز الخطوط الحمراء البنوية والشكلية من خلال ( جسد ، فضاء ، سينوغرافيا ، أدوات ) .. ومنها : - تفكيك النص و إلغاء سلطته ، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب ، ليقدم نفسه ويحمل هم التجديد والتصدي لقضايا معاصرة ويوحد النظرة إليها عبر رؤيا متقدمة ،أو على الأقل رؤيا يمكننا من خلالها فهم ما يجري حولنا عبر صيغ جمالية وفنية وفكرية وفلسفية ، لكنها في جوهرها تمثل جزءا من مكاشفة يتصدى لها في مختبره العملي المسرحي لمسرح الصورة وأعتماد الصورة المجسدة بالتشكيل الحركي و السينوغرافيا والفضاء المسرحي نحو دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفعل المسرحي وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأيحاءات والعلامات والأدوات المتاحة في تجسيد الصورة المسرحية جماليا 

من خلال الممثليين الذين يكونون في مختبره العملي في حالة أبتكار مستمر ويساهمون بصورة أبداعية بصناعة العرض ومشاركين في رؤيته الاخراجية عبر تدخلاتهم الكثيرة في انشاء الفضاء ورسم مسارات العرض الجمالية، وكان د. صلاح القصب يؤكد دائما في مختبره العملي في تجاربه مع الممثلين انه لا شيء ثابت على الاطلاق، ولذلك فهم يبتكرون نحو أداء تمثلي مبدع ومؤثر بعيدا عن الأطر التقليدية (( خطاب الممثل في مسرح الصورة خطاب حركي إيمائي يفجر طاقات الجسد التعبيرية للوصول إلى التألق الصوفي، يبني رموزا وإشارات تتجاوز الحدود البيولوجية الساكنة، إنه منتج لعلامات مشهدية، فهو في بنية العرض كائن بشري يتلخص دوره داخل عمله في صنع العلامات، وتحويل ذاته إلى علامات ))(1)
ففي مسرحية مكبث التي اخرجها د.صلاح القصب في الهواء الطلق في باحة كلية الفنون الجميلة بغداد , جعل الحوار شئ ثانوي وقام بتميشه لدرجة كبيرة , فكان شبح بانكو يلاحق مكبث فصرخ بوجهه قائلا : أغرب عني ثم خاطب الليدي قائلا : الدم يطلب الدم وقد حاول محو آثار الجريمة حينما راحت الليدي تغسل السيارة والارض لأزالة آثار الجريمة التي وقعت هناك لكنها لم تتمكن من التخلص من غضب البقعة الملازمة لها رغم محاولة تجميل وجهها الا انها تبقى بشعة . وفي المشهد رائع يثبت التأثير الكبير للصورة المرئية وكان المشهد الاخير , يبقى مكبث يدخل ويخرج من سيارته متوقعا نهايته فقال آخر كلامه : حسبي من العمر ما رأيت فطريق حياتي يهبط الى الكهف كأصفرار اوراق الشجر ، اتوقع اللعنات . وهكذاتكون الرؤية الأخراجية بأن يذهب مكبث الى عالم الجنون . 

و((الصورة هي المتدفق الذي يهز العمق وينطق المسكوت فيه ,بل وينطق ويكلم الساكن في دواخلنا ,لكن ليس داخل الوضوح ,وليس داخل العادي والمبتذل , وأنما داخل الغامض والمدهش والعجائبي .

وحتى تنتقل هذه التجربة التنظرية الى مجال التطبيق ولإعطاء الحركة المسرحية أبعادها (الجسمانية والنفسية والأجتماعية )جاء النموذج المقترح لهذا التطبيق في :

- مسرحية (هاملت )لشكسبير 

- (كلكامش وكيفية تفسير الخلود )

- ثم (الخليقة البابلية ), و(وطائر البحر ), و(الملك لير ).

ويبرر الدكتور صلاح القصب تعامله مع هذه التجارب الإنسانية كونها ( أبدا حاضرة كتذكير دائم العودة الأبدي للشئنفسه ...لذلك يجوز تصور كل من , كلكامش , أنكيدو , تميمات , أبسو , اوديب ,إلكترا , هاملت , لير , تريليوف , وكأنهم في حضور دائم , نماذج لازمانية للوجود الإنساني كرموز تقترح التكرار الدائري للشئ نفسه , أو لوضع إنساني متشابه يمكن أن تعاش ثابتة في دلالاتها على وضع يدوم خارج المكان والزمن )) (2)

يعتبر مسرح الصورة تجربة عراقية وعربية فريدة قام بوضع الأسس والتنظيرات لها د. صلاح القصب من خلال بحوث نظرية وتطبيقية وأصدار 

بيانات مسرحية وهي كمياء الصورة، جماليات الصورة، أثيرية الصورة، مابعد الصورة والصورة مابين 

النظرية والتطبيق .. وكذلك مجموعة من المقالات والدراسات للتعريف بمنهجه المسرحي الجديد الذي أسماه " مسرح الصورة " وقد ظهرت التجارب المسرحية من خلال المختبر والعمل المسرحي الذي أعتمده القصب مع طلبتة في كلية الفنون الجميلة بغداد .

ومسرح الصورة أسلوب جديد أنه تأليف شعري ,يعتمد أقتباس فكرة معينة دون التقيد بنص معين ,ويكون المخرج هو الخالق الأوحد ,بحيث يكون العرض المسرحي مكتملا في مخيلة المخرج ,فيقوم بنقله الى الممثلين ,ويكون الهدف الأسمى للمخرج هو السعي الى الشمولية والى اشاعة الأنسجام الفني في كافة أجزاء العرض المسرحي ,وهذامانجده في أغلب الأعمال المسرحية , العاصفة 89، عزلة في الكرستال 1990، حفلة الماس 92، الخال فاينا 93، الشقيقات الثلاث 97 , ماكبث 1998 ,ومسرحية رتشارد الثالث2009 وهذه المسرحيات التي قام بأخراجها صلاح القصب ,وهي من أبرز المسرحيات في مسرح الصورة ,وفي مسرحيتة ريتشارد الثالث (( ان تتزامن ومضات الحركة , والضوء ,واللون والكتل والمستويات بين الأعلى (المترو )والأسفل (القصر) والخارج (قرب الكنيسة ) في مجرى واحد والابتعاد عن تكريس مشهد واحد مستقر بل تتشظى المشاهد , بأفعال تقام بمناطق تبئير مختلفة ,ومتقاطعة حسب سياقات مرسومة ومرتجلة ,في تدفقها غير الساكن والكارثي ))(3).

ويؤكد صلاح القصب في أخراجه على عمق وتألق وكمال جميع العناصر الفنية في مسرح الصورة ,وبالسعي أليها يتمكن الممثلين من اظهار مواهبهم وقوة خيالهم وأحساسهم ,حيث ان مهمتهم تكون مهمة صعبة لما يلاقوه من عملية تجسيد أفكار فلسفية كونية عمقها الكون والأنسان عبر التاريخ ,لخلق صور ورموز اسطورية لأضاءة جوانب عميقة من الحياة الآنسانية ,

((يستيقظ التجريب ليوقظ سلطة الحلم/ الحر/ خطاب الأنا الباطني.إن منطقة ما قبل التجريب منطقة يضطرب فيها الخطاب باطمئنان حائر، في استقرار، ومشروخ في انسجام، يتكلم بعقل باطني يتحدث بعاطفة عاقلة، ويحلم بوعي، ويعي في حلم، وتمتزج لغة العقل بلغة الحلم. إن معمارية الخطاب الحر وقواه البصرية تحتاج إلى رسم التناقض والصراع سواء في الذات الواحدة أو بإضافة الشخصية النقيض.إن الرؤية التجريبية للعرض لا تخضع كما هو الشأن في البنية التقليدية للمنطق الشديد في تعاقبية الأزمنة: ماض، حاضر، مستقبل، وإنما تخضع لمنطقها الداخلي المنفلت، الباحث عن الحرية في التمظهر وممارسة الحضور من قيود العقل الكابت والقامع، ومن الوعي الذي لا يعد سوى جسر الذات إلى العالم الخارجي، وبهذا التحرر تتداخل الأزمنة التي تأتي نتيجة تصادم الذات برغبتها، وبموضوع الرغبة، والحلم، أو بالمانع لينعكس أثرها في لاوعي المتلقي، وفي التجريب الصوري تنكسر خطية الترتيب الزمني العقلاني الذي تؤسسه سلطة العرض التقليدي))(4)

ومسرح الصورة في أفكاره وشخصياته يمثل الأنسان بأكمله طموحاته ومستقبله وهواجسه وفرحه وحزنه وقلقه وحريته وموقفه من الحياة الأنسانية ,كونها تخلق ضروفها ,ومسرح الصورة يعتمد أعادة خلق احساس او شعور في العقل يتم بواسطة ادراك مادي بحيث يكون التخيل ,فيتهيأ الغقل في تكوين صورا نتيجة للأدراك والأفكار كما في حالة التفكير وأدراك موقف او حالة أنسانية ,او كما في أنسياق العقل نحو تجربة ما أنسياقا موجها من قبل المخرج ,كما في حالة مزج بين مجموعة من الشخصيات بصور مسرحية معبرة ,يتم تكوينها عن طريق العقل او الخيال او الأحلام ,

((يمثل العرض المسرحي لوحة متناسقة متحركة,وان عين المتلقي تهرع منذ البدء صوب التكوينات المنظورة كي تشع جمالياً عقب تأمل حثيث لمفردات الإنشاء المشهدي وهو ما يجعل من الصعب تصور العرض المسرحي من دون الطاقة الجمالية الكامنة والمضافة بفعل التقنية الحديثة في المدرك التشكيلي المتحرك)).(5 )

ومسرح الصورة يعتمد المشاعر والأحاسيس والوجدان اساس له,بحيث تكون الكلمة شئ ثانوي كونها قاصرة عن التعبير عن الحالة الأنسانية بشكل صوري ,فمسرح الصورة ينقلنا الى الحالة الشعورية للشئ بحيث تكون هناك نقطة أتصال حميمية لمشاهدة العرض المسرحي في مسرح الصورة وموقع هذا الأتصال هو الأحساس ,فنحن نعلم بأن الكلمة تخاطب العقل الأنساني ,بينما الصورة لديها القدرة الحسية والشعورية على الولوج الى أعماق النفس الأنسانية من خلال ماتوفره لنا الصورة من نقل الحالة الكونية التي تجعل المتلقي على أتصال مباشر عبر علاقة وجدانية وحسية وشعورية ,لخلق صور ميتافيزيقية تقترب من الصورة في الشعر ,

(( وسواء كانت الدال النصي اشارة ام علامة ام رمز، فأن من واجبات العرض ان يعبر عن سيميولوجيا ليس باللغة المنظومة الحسية فقط، بل باللغات ذات التقنيات العالية التي يختص بها العرض ويتميز بها))(6).

بحيث تكون المحصلة مخيلة أبداعية ومكن الأحداث يكون ليس واقعا ملموسا ,وانماعالم تخيلي يتناول الحالة الأنسانية كونها رحبة تدلل على الوجود الأنساني بحيث يتم خلق صور وأيماءات ورموز واسعة غنية ,لذا نرى الشخصيات في مسرح الصورة لاتمتلك ابعادا نفسية وأجتماعية كما في المسرح التقليدي ,وللحلم أهمية في بناء مسرح الصورة,حيث انه ينقلنا من الواقع الى عام اخر متجاوزين الواقع والمنطق للوصول الى أبعادوحالات عميقة من اجل الكشف عن المجهول,وللون والخط والكتلة والكثافة والحجم والفضاء المسرحي والعناصر الفنية المتمة للعرض المسرحي ,اهمية كبيرة في اضفاء الجمالية للصورة المسرحية وتأكيد ميتافيزيقية المكان والشخصيات والحالات والمواقف في الصورة المسرحية أيماءا اورمزا او ايحاءا , و((تكنلوجيا المسرح ترتيب لمعادلات هرمية لافكار ورؤى وطروحات مستقبلية تبحث هناك لاهنا وهي اشبه بماسحات الرنين النووي المغناطيسي القادرة على تتبع دورة ذرات معينة في اشتغالات تقنيات الرياضيات والاحصاء من اجل تحليل المعطيات وعلوم الكومبيوتر تدخلت في مناح عديدة لطرح انفتاحات لمعرفة جديدة بالكلية تنمو وتتطور لنتائج مهمة .فقد كانت الدراسات السابقة تقول بأن الصورة البصرية هي تقريبا صورة فوتوغرافية تتشكل على الشبكة وترسل كما هي الى المخ حيث يقوم بتحليلها بهذة الطريقة ستكون مرحلة الادراك الحسي ومرحلة الفهم منفصلين . إن الشبكة انسجة عصبية على تعقيد كبير وهي التي تقوم بتنفيذ التحليل المفصل للصور الواردة ومن خلالها سنتعرف على ما إذا كانت الصورة تحوي خطوطا رأسية قطاعات اخرى تتعرف على الخطوط الافقية وتبقى قطاعات عصبية اخرى تميز الالوان وشدة الضوء وشدة وتكوينات الحركة وهكذا تنقسم الصورة لحظيا الى مكونات عديدة لاعادة تجميعها لكي يعيد المخ تشييد الشيء المرئي.))(26)واخيرا يجب التأكيد بان مسرح الصورة له تأثير كبير في الذهن والفكر الأنساني.

(( الصورة المسرحية ليست هي الشكل البصري فقط، بل هي العلاقات البصرية والحوارية البصرية؛ العلاقات البصرية فيما بين مكونات العمل أو العرض الفني المسرحي ذاته، والحوارية البصرية بين هذه المكونات والممثلين والمتفرجين.)) (7)

((وتمثل ما بعد الحداثة صراعاً بين النظريات والاتجاهات المعرفية المختلفة يتبلور فيها الوعي بالصورة ، إنها اللحـظة التي تتحكم فيـها " الحكاية الصغيرة Little narrative" بـ" الحكاية الكبيرة "Grand narrative بعكس الحداثة التي تحتاج للسرد وتفترض وجود نص شارح ، وكما يرى ليوتار أن مفهوم ما بعد الحداثة يعنى محاولة تدمير كل التصنيفات والتقسيمات والإفلات منها ، كما أنه عمل في حالة عدم استقرار ))(8)

ومسرح الصورة يعتمد على الفكرة الفلسفية في مضمون النص المسرحي ويتم تجسيد الفكرة ومجموعة الأفكار الثانوية التي تقود الفكرة الفاسفية في العرض المسرحي من خلال مختبر العمل المسرحي في أجراء التجارب لأيجاد الإحساس البصري، وهذا ما حدث في العديد من المسرحيات التي قدمها القصب ، كما هو لدى المخرج الفرنسي أنطون ارتو ومجموعة من المسرحيين الطليعين الذين اشتغلوا على فكرة أن يكون الممثل تجسيداً لصورة الفكرة التي جاء بها المؤلف، وليس الفكرة ذاتها، بالإشارة إلى آرتو، فهو استفاد من فهمه للشعرية ليجسد ذلك في عروض تجريبية ، فقد أسهم ارتو بتأسيس ما يسمى «مسرح القسوة» في كتابه المعروف «المسرح وقرينه».

((يعتبر التعامل مع الجسد وتحولات الاشياء الذي بدأ في بداية القرن الماضي ، كمفردة بصرية ديناميكية لخلق الصورة المعبرة في فضاء الطقس ، إسلوب عمل فني معاصر ، حيث سعت الكثير من التجارب المسرحية على تحقيق الجانب البصري في أداء الممثل او الرؤيا الاخراجية او سينوغرافيا الفضاء المسرحي .

ومن هنا جاءت أهمية التجريب في الرؤى الاخراجية واكتشاف لغة ووسائل المخرج الخاصة التي لا تعتمد على الادب فقط وانما على الجانب البصري من خلال الاستغلال الابداعي لإمكانيات جميع الفنون ، بالرغم من ان لغة المسرح في الفضاء تبقى هي اللغة البصرية الابداعية الخاصة المتميزة بدينامكيتها الحركية والصورية .

وتؤكد الكثير من الدراسات والعروض والتيارات والتجارب المسرحية الاوربية على تحقيق هذا الجانب البصري كلغة جديدة في الاخراج المسرحي ، بدءا من تجارب جوردن كريج و راينهاردت ، ومايرهولد وادلف آبيا ومخرجي مسرح الطليعة الفرنسيين وانتهاءا بتجارب بيتر بروك وجوزيف شاينا وروبرت ولسن وليباج وكانتور وبينا باوش ويوجين باربا واريان منوشكين والياباني تاداشي سوزوكي وكل مايرتبط بتجارب مسرح الصورة الاوربي .))(9)

مسرح الصورة اضافة جديدة للمسرح العربي من خلال المنظومة الجمالية التي اعتمد فيها د.صلاح القصب على الشعر والفن التشكيلي، والسينما والأبتكار وجمالية الأداء لدى الممثلين , معتبرا مسرح الصورة ,السحر الكوني الذي يحاكي الروح تحت وطأة الجسد.

المصادر :
---------------------

(1)أنظر :د. صلاح القصب: مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق، المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، الدوحة، قطر، الطبعة الأولى سنة 2003م، ص44

(2)أنظر : الدكتور عبد الرحمن بن زيدان - المسرح العراقي رؤية تراجيدية في وطن متغير - أصدار مكتبة عدنان - ص 20

(3)أنظر : أ.د.عقيل مهدي - كتاب النقد الجمالي 2010/ ص138

(4)أنظر : د. صلاح القصب: مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق، المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، الدوحة، قطر، الطبعة الأولى سنة 2003م، ص23

(5)أنظر :باسم الاعسم, الثابت والمتحرك في الخطاب المسرحي, ط1, (دمشق: تموز للطباعة والنشر والتوزيع, 2011), ص34.

(6)أنظر : مصطفى صمودي، قراءات مسرحية، منشورات اتحاد الكتاب العرب، 2000 ، ص78.

أنظر : صلاح القصب "نظرية الكوانتم وقوانينها الفيزيائية بتكنلوجيا المسرح(26)

الحوار المتمدن - العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26

(7) أنظر : شاكر عبد الحميد: عصر الصورة، سلسلة عالم المعرفة، العدد:311، يناير 2005، ص:306.

(8)انظر : نك كاى ,مابعد الحداثيةوالفنون الأدائية ,ترجمة نهاد صليحة,اكاديمية الفنون,1997 .ص24

(9)أنظر : فاضل سوداني - دلالات الصورة في المسرح البصري ( رؤيا تطبيقية ) – الحوار المتمدن العددد 2017 -24- 8- 2007

تابع القراءة→

الخميس، فبراير 25، 2021

المعرفة وعلاقتها بالظاهرة المسرحية / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


المعرفة وعلاقتها بالظاهرة المسرحية  / محسن النصار                                         
عندما نتناول المعرفة وعلاقتها وبالظاهرة المسرحية على وجه الخصوص تضعنا المعرفة امام عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات تتميز بعدد من الخصائص والتي تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية في ميدان الفن وخصوصا المسرح , فهو فكر وفلسفة تناوله الفلاسفة والمفكرين منذ أفلاطون وارسطو حتى العصر الحديث، وقد تحدث عنه فنانون وشعراء وادباء عاشوا تجربة الإبداع الفني والمسرحي وقدموا روائع مؤثرة في الوجود الأنساني. والمعرفة ثلاثة أنواع رئيسة هي المعرفة الحسية التجريبية
والمعرفة الفلسفية , والمعرفة العلمية , وقد اتفق كل من المذهبان الحسي والعقلي على الحواس باعتبارها مصدراً للمعرفة

والمَعْرِفَة هي الإدراك والوعي وفهم الحقائق عن طريق العقل المجرد أو عن طريق اكتساب المعلومة عن طريق فهم العقل للتجربة أو الخبر، أو من خلال التأمل في طبيعة الأشياء وتأمل النفس أو من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين وقراءة استنتاجاتهم، المعرفة مرتبطة بالبديهة والبحث لاكتشاف المجهول وتطوير الذات وتطوير التقنيات

والمعرفة الفلسفية أو التأملية وتعتمد على التفكير والتأمل في الأسباب البعيدة .                        
إن كلمة معرفة تعبير يحمل العديد من المعاني لكن المتعارف عليه هو ارتباطها مباشرة مع المفاهيم التالية:المعلومات، التعليم، الإتصال، والتنمية ,والثقافة ,والفلسفة

فنظرية   المعرفة عند ارسطو  تعالج  علم الجمال الارسطي فيجمع بين الفن والعلم في اكثر من جذر واحد ففي نظرية المعرفة يجمع بينهما في مرحلتين من مراحل المعرفة ان العلم والفن يبدأ تاريخهما في الممارسة الذاتية من نقطة واحدة هي الاحساس ثم يلتقيان في المرحلة التالية للاحساس وهي مرحلة تكوين  التصور

(( إن تصورات النظرية المعرفية لا تقوم على بنية منغلقة ذَّات توجه آحادي في العلوم ذات المبادئ التجريبية، فقد أرست نظرية المعرفة بما يمكن وصفه بالمباديء المستقرةـ حتى لا تفقد المعرفة المنطق الذي يفسر غاياتها حيثما بلغ الوعي بقيمة الحوار مبلغاً تخففت معه القيود التي تؤدي إلى تعصب يتنافي مع الطبيعة الانسانية المعرفية ))(1)

وفي تحديد مذهبه الفني ينطلق ارسطو  من فكرة محاكاة الطبيعة لانه يرى ان من خصائص الفن تحويل كل شيء في الطبيعة والحياة حتى البشاعات فيهما الى شيء جميل تنعكس انعكاسا فنيا كاملا وصحيحا تصبح عنصرا جماليا ولكي تصبح البشاعة الواقعية جمالا فنيا لابد للفنان ان يستند خلال عملية الخلق الى الوضع المحتمل في الشيء اي الى ما يمكن ان يكون لا الى ما هو كائن بالفعل فحسب ذلك يعني ان فكرة محاكاة الطبيعة في مذهب ارسطو لا تجري مجرى المذهب الطبيعي في الفن لان (ارسطو) لا يرى ضرورة تصوير الواقع كما هو في لحظة عملية الخلق بل يرى ضرورة ان يكون الفنان قادرا على تحديد المحتملات  وارسطو  ((يوجد عند ارسطو في فن الشعر الذي يتجنب التفسير الترميزي بوصفه دفاعا , ويؤكد على الأثر العاطفي للشعر بوجه عام وللمأساة بوجه خاص , فيصل بذلك الى مبدأ التطهر الشهير ))(2) 

يحدد بناء قاعدة جمالية للمسرح فيؤكد
((المأساة إذن هي محاكاة فعل تام , لها طول معلوم , بلغة مزودة بألوان من التزيين تختلف وفقا لأختلاف الأجزاء , وهذه المحاكاة تتم بواسطة اشخاص يفعلون لابواسطة الحكاية وتثير الرحمة والخوف في نفوس المشاهدين , فتؤدي إلى التطهير من هذه الأنفعالات .
واللغة  المزودة بألوان التزيين تلك التي فيها ايقاع ولحن ونشيد , وأقصد بقولي تختلف وفقا لأختلاف الأجزاء , ان بعض هذه الأجزاء تؤلف بمجرد استخدام الوزن , وبعضها الآخر بأستخدام النشيد , ولما كانت المحاكاة إنما تتم بأشخاص يعملون فبالضرورة يمكن أن نعد من أجزاء المأساة : المنظر المسرحي ثم النشيد "الموسيقى " , والمقولة , فأن هذه هي الوسائل التي بها تتم المحاكاة , وأعني المقولة تركيب الأوزان نفسه , اما النشيد فله معنى واضح تماما , وفي ناحية أخرى لما كان الأمر أمر محاكاة فعل , والفعل يفترض وجود أشخاص يفعلون , لهم بالضرورة أخلاق أو أفكار خاصة , لأن الأفعال الأنسانية تتميز بمراعاة هذه الفوارق , فأن ثمة علتين طبيعتين تحدان الأفعال وأعني : الفكر والخلق والأفعال  هي التي تجعلنا ننجح او نخفق , والخرافة هي محاكاة الفعل لأنني أعني بالخرافة تركيب الأفعال المنجزة , وأعني بالخلق مايجعلنا نقول عن الأشخاص الذين نراهم يفعلون أنهم يتصفون بكذا وكذا من الصفات , وأعني الفكر كل مايقوله الأشخاص لأثبات شئ أو للتصريح بما يقررون ))(3)
ففكرة المسرح  وأفعاله مرتبطة بالوعي الجمالي والخبرة الجمالية الأدائية للممثل فهو محور نظم العلامات وحامل الخطاب المسرحي والوسيط المسؤول عن توصيل رسالة العرض إلى المتفرج عبر عمليات متعددة يعيها هذا الأخير بفكره وإدراكه بحواسه.
فمهمة الممثل هي التعبير وقدراته الإبداعية يجب أن تكون موجهة نحو التجسيد بأسلوب جمالي ((فعندما ينطق شخص ما بطريقة أدائية فهذا لا يعني أنه يلقي ببساطة عبارة ما، بل إن الشخص هنا يؤدي فعلا ما"))(4 ) فيجسد التعبيرات الدرامية والانفعالية صوتا وحركة ومرتكزا على بواعث ذاتية وموضوعية نلمسها من خلال الأداء السمعي  والحركي والبصري .
 ((يتصور بليخانوف أن علم الجمال المادي يتحرك على أرضية التاريخ وصراع الطبقات، ويدرس تبدل الأذواق والمثل العليا والتصورات الجمالية عبر التطور الاجتماعي، فالفنون مرتبطة بالمجتمع تعكس وتعبّر عن السمات
النوعية لفئة اجتماعية معينة في زمان معين، وتتعلق شتى البنى الفوقية
الايديولوجية ))(5 ).
ان نشوء الظاهرة المسرحية في بلاد اليونان كان لها جذورها وطقوسها الدينية  وتقاليدها وتربيتها كظاهرة مسرحية ا نشأمنها المسرح وجمهوره على حد سواء؛ أما العرب ، وعلى الرغم من امتلاكهم لأكثر من ظاهرة مسرحية، تبلوت في مجتماعتنا العربية  لكنها   ظلت الظاهرة نفسها بلا تقاليد ,واسس لتطويرها نحوالأفضل بينما كانت 
(( القضية في المسرح الأرسطي القديم قضية جبرية ؛ حيث الفعل هو أهم أساس قامت عليه نظرية المحاكاة الأرسطوية بعكس نظرية المحاكاة الأفلاطونية التي ألحت على ( محاكاة الفكرة المثالية المطلقة) فتلزم الفنان يمحاكاة ظل الصورة الأصلية المحفوظة في عالم الغيب . والفعل الدرامي أو الفكرة المطلقة كلاهما سابق الوجود( نظرية الماهية أسبق من الوجود) فالفعل بيد الغيب ( القدرة الإلهية) وما علي الإنسان إلا تجسيده ؛ وهذا هو جوهر الفلسفة المثالية عند أفلاطون وعند أرسطو؛ التي تقف عند حدود تبرير الوجود باعتباره المعطي الإلهي الدي نعيشه ونتفاعل معه على طريقتنا حتى نمضي فيعيشه من يأتي بعدنا ويتفاعل معه على طريقته إلى أن يمضي . وفي التبرير ثبات لظواهر ذلك الوجود على هيئته المعطاة .
ولا شك أن المسرح باعتباره فن الإتصال الجماهيري الحاضر هو ابن عصره يتغير بتغير العصر ،
وكدلك الفكر الفلسفي هو ابن عصره أبضا .))(6)
فكانت للمعرفة والفلسفة  تأثير  في خلق أجواء ساهمت في تطور الفعل المسرحي نحو الأفضل .


المصادر 
---------------------------

أنظر : الحوار و نظرية المعرفة - ناصر السيد النور - صحيفة  التحرير - 9 / 5 / 2017(1)

 (2)أنظر : جون ماكوين - موسوعة المصطلح النقدي - الترميز - ترجمة عبد الواحد لؤلؤة - دار المأمون للترجمة والنشر - بغداد -1990- ص 25

 (3)أنظر :   فن الشعر – ارسطو طاليس – ترجمة وشرح وتحقيق :عبد الرحمن بدوي – القاهرة – مطبعة مصر – مكتبة النهضة المصرية – ص18- ص 19
 (4)أنظر : مارفن كارلسون: فن الأداء، مقدمة نقدية، تر: د/منى سلام، مركز اللغات والترجمة، أكاديمية الفنون، ص29.

 (5)أنظر : الفن والتطور المادي للتاريخ , جورج بليخانوف , ترجمة جورج طرابيشي- دار الطليعة بيروت طبعة 1 - 1977ص22

أ(6)أنظر :  أبو الحسن سلام - التكوين المعرفي في المسرح بين النظرية ومناهج الإخراج
الحوار المتمدن-العدد: 5393 - 2017 / 1 / 5
تابع القراءة→

لمعرفة والفلسفة والمسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


لمعرفة والفلسفة  والمسرح  / محسن النصار 

 فالفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية  التي أسهمت في خلق حرية الفكر و الإبداع في شتى المجالات. إن الفن  المسرحي هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، تقدم أفكارها للمسرح وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير"، أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون. وكان شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة، فمن الإغريق الذين أسّسوا قواعد الفلسفة الأساسية كعلم يحاول بناء نظرة شموليّة للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني دامجين إياه مع التجربة ومحولين الفلسفة الواقعية إلى فلسفة ٱسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية ومذاهب الحداثة ومابعد الحداثة والعدمية حيث  كانت منبعا مهما  في نظريات  المسرح((النظرية هي الإطار المنهجي الفكري النظري المحدد لجوهر خاصية موضوعية لبلورة ماهية النوع وفلسفة وجوده كظاهرة بالكيفية التي هو عليها وسببية وجوده على تلك الكيفية ؛ مع ترسيم حدود تلك الظاهرة علي هيئة اصطلاحية ذات مفهوم محكم منضبط الحدود تؤكد خواص الموضوع وتثبت أسسه وأغراضه ؛ بحيث تشكل النظرية قاعدة جديدة مؤسسة في مجال التخصص النوعي ؛ تعد إضافة إبستمولوجية لاتجاه علمي أو لنوع أدبي أو فني ، أو لنشاط فكري أو علمي مبتكر تأصل وأصبح ظاهرة جديدة مكتشفة عبر تراكمات تطور ذلك النشاط ؛ لتصبح مرجع قياس منهجي يقاس عليها في تنظيم استمرارية تلك الحركة من عصر إلي عصر ؛ وفق الحاجة إلى الموضوعات الفرعية ذات الصلة بالنظرية نفسها . ومن أمثلتها :
- نظرية المحاكاة عند أرسطو.))(1)
فالحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني والمساحة المكانية  والحركة هي المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي ((لكل مادة صورة ولكل صورة مادة مكونة منها هذه الصورة، يقول أرسطو: ((إن المادة والصورة شيئان لا ينفصلان فحسب، بل كل منهما يعتمد على الآخر فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الروح والجسد فلن تغدو مادة ما على شكل ما دون صورة ما ولن تغدو صورة ما لم يكن هناك مادة بشكل ما))(2) وبذلك يمكن التأكيد بان المسرح هو المادة المتكونه من  المؤلف والمخرج والممثل كمضون  وأما الشكل فهو العناصر المسرحية المتعلقة بالديكور, والأضاءة , والموسيقى , والأزياء , والمكياج ,  لأنتاج الحس الجمالي والبصري لصورة المعبرة عن الفكرة الفلسفية لمضمون في العرض المسرحي  ، وقد اهتم المسرح المعاصر كثيرا في بناء الصورة المسرحية المؤثرة   من خلال التجاب في المختبر العملي المسرحي ,لأيجاد  تنوع في الأداء والتشكيل الحركي لدعم  وتكوين عناصر بصرية  وتأطيرها بالتجريب المسرحي ا. ومن أهم هؤلاء المخرجين الذين أعطوا أهمية كبرى لتشكيل الصورة المسرحية حركيا  المخرج الروسي ماييرخولد الذي اعتبر ((أن الكلمات ليست كل شيء، ولا تقول كل شيء، ويجب أن يستكمل المعنى بالحركة التشكيلية الجسدية، بشرط ألا تكون هذه الحركة ترجمة للكلمات: إن حقيقة العلاقات بين الأشخاص، تقررها الاشارات، والاوضاع، والنظرات، ولحظات الصمت...أما الإيقاع، فيجب ألا يكون واحدا بالنسبة للصوت والحركة))(3) والفنان المسرحي المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. وأكد ماييرخولد بعد ذلك على التدريب الفيزيقي لجسم الممثل وصوته وحركته. وتتركز حصيلة شغل ماييرخولد في اهتمامه بالتكنيك كأساس في العملية المسرحية لخلق صورا مسرحية جمالية معبرة . ونجد هذا الاهتمام أيضا لدى ألكسندر تايروف. فالمسرح عند هذا المخرج الروسي:” يتحدد بمعارضته لتقليد الحياة. ولا ينبغي كما يقول أن يكون عين الكاميرا، وهو فن قائم بذاته وله نظامه وتكنيكه الخاص. وفي رأي تايروف أن فن البانتوميم يعتبر من أنقى الأشكال المسرحية، وهو في هذه النقطة يلتقي مع مايير خولد. والممثل عند تايروف يرتكز عمله على الجسم والإشارة، وتشكل حركاته أهمية أكبر من التركيز على الإلقاء الذي كان يخضع في تصوره للأصول الموسيقية والإيقاعية”ويقدم لاوتو الذي اعتبر أن الفنان المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. هذا، ويعد جاك كوپوه من أهم المخرجين الفرنسيين الذين نهجوا منهج الاعتدال والتعقل في مجابهة الواقعية التفصيلية. وقد دخل عالم المسرح من باب الصحافة وعتبة النقد الأدبي، وكان إخراجه يعطي نوع من الاهتمام بالصورة المسرحية  المعبرة، والاشتغال على الفضاء الفارغ على مستوى الديكور والسينوغرافيا. ووظف بيتر بروك في إخراجه لكثير من عروضه المسرحية في بناء صوري  لمشاهد درامية معينة داخل عروضه المسرحية التي استعمل فيها منهجا يعتمد على توظيف مجموعة من التقنيات الإخراجية التي استلهمها من مخرجين آخرين تناصا وتضمينا وتجريبا. ومن هنا، فقد " أفاض بروك في إخراجه عرض مارا صاد عن رؤية متعددة التفاصيل، فالشخصيات تستخدم الماكياج بمعيار مبالغ فيه إلى جانب المبالغة في التشويهات الخلقية والجسدية مع تقديم مشاهد تعبيرية صامتة(ميم) وإضافات صوتية وحركات تعبيرية وضوئية في اعطاء صورا مسرحية . وكل ذلك يختبره بروك لتحقيق أهدافه الفنية التي تمثلت في امتزاج التناغم البريختي مع قسوة آرتو الأمر الذي أثار كيان النقاد في العالم، فهو قد استفزهم وخدرهم وسحرهم"وينطلق كوردون گريگ في كتابه" فن المسرح" من أن جذور المسرح تعود إلى الرقص والحركات الصامتة، وقد رفض فلسفة الواقعية كثيرا. وفي المقابل، كان يدعو إلى المسرح الشامل، وخاصة المسرح الذي ينبني على المسرحية الصامتة، و شعر العرض المسرحي الجامع بين طقوس الكلمة والحركة… وبالتالي، يتحدد المسرح الشامل لدى گريگ في الحدث والكلمات والخط واللون والكتلة والإيقاع في تكوين الصورة المسرحية جماليا

و((تعددت النظريات حسبما تعددت الظواهر والأنواع في كل المجالات تفاعلا مع مستجدات الجدل التاريخي المادي ؛ بما في ذلك الظواهر المسرحية في تنوعاتها المختلفة مابين النص الدرامي والعرض المسرحي وفنون التمثيل وفنون العرض المسرحي ومجالات التلقي ومجالات النقد .
وفيما يتعلق بنظرية الإبداع نجد من بينها ما يؤسس لماهية موضوعه اعتمادا على المحاكاة سواء أكانت محاكاة الطبيعة  طبيعة الفعل، أو طبيعة الفكرة المطلقة أو مجارة لها.))(4)

إن المعرفة والفلسفة والمسرح  نشأت وتطورت عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن المعرفة  مهدت  في منهجيتها الفكرية والفلسفية والجمالية للمسرح كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان
قبل نشوء الفلسفة شكلت الأسطورة إحدى أسس حضارات اليونان والمسرح ارتبط بتــكامل نشوء المدينة الــيونانية تـــماما كمـــا
تطورت الفلسفة بظهور الذاتية الواعية إن الفلسفة والمسرح أسهما في خلق حرية الفكر وتجريبية الإبداع في شتى المجالات.

إفالمعرفة   هي  أحد أشكال الوعي المعرفي و الجمالي  تجد نفسها  داخل المسرح ، فالمسرح  
يقدم  مواضيع فكرية وفلسفية  عن الحياة وعن البيئة المحيطة بالإنسان التي تتطلب منه استيعابها على اعتبار أنها تعبر عن الخبرة الإنسانية وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان .
 ((من جهة أخرى يعرف هنري كوهيي فلسفة المسرح بتمييزها عن عدة مفاهيم خصوصا عن الشعرية وعن الجمالية الدرامية: "هذه، مع ذلك، شيء آخر غير علم نفس الدراماتورج أو الممثل. إنها لا تختلط لا مع فن شعري ولا حتى مع جمالية. فهي تطرح مشاكلها مرة رافضة كل الأبحاث حول تكون الأعمال، وكل النقاشات حول القواعد، وكل جدل حول الجميل: إنها تمسك بالمسرح وتصفه باعتباره جوهرا.غايتها هي طبعا تحديد ما هو جوهري بالنسبة إليه.إن موضوع فلسفة المسرح هو روح هذا الفن مع ما لهذه الكلمة من معنى مزدوج يشمل المبدأ الروحي والنفس الحيوية. إن تعريف ما هو المسرح مع تحديد ما ليس هو، وتحليل بنيته، وقول في أي ظروف يوجد وفي أي ظروف يتخلى عن الوجود، ونقل دلالته للإنسان الذي يريده والذي يبدعه، هو البرنامج".
تتحدد فلسفة المسرح عند هنري كوهيي، وهي تستلهم بيركسون Bergson وجابرييل مارسيل Gabriel Marcel وخصوصا التصور البيركسوني للحدس الجمالي، في منتصف طريق الأصالة والمعاصرة، الجمالية الدرامية والميتافيزيقا، الحتمية والوجودية، الوضعية والتصوف. ورغم أن هنري كوهيي يدافع عن نفسه بكونه يتبنى وجهة نظر أرسطية ("أرسطو المتجاوز")، فإن مقولات التحليل: الفعل، والحبكةّ ، والوحدة، والتراجيدي، والكوميدي، والشخصيات والأجناس، مقولات كلاسيكية. وعلى العكس فإن المصادرةpostulat في الواقع معاصرة وترتكز على معرفة البعد المشهدي للمسرح: "خلق العمل المسرحي ليؤدى. الغاية المقصودة بهذه الكلمة هي انتظار الجمهور، لأن العمل المسرحي لن يكون تماما هو نفسه إلا بحضور هذا الجمهور: "تتأسس فلسفة المسرح على أعمال، ممارسات، جماهير. ويبدأ جوهر المسرح L’Essence du théâtre بأربع شهادات، شهادات أربعة مخرجين من كارطيلCartel: بيطويف Pitoeff، دولان Dullin، جوفيط Jouvet وباتي Baty. وقد أعطيت الكلمة كذلك في الحال للمنجزين الذين يخطط كل واحد منهم فلسفته الشخصية للمسرح. فلويس جوفيط Louis Jouvet مثلا الذي يحلم بجمالية تختلط فيها الوضعية والتصوف يرى أنه: "عند "إحياء" جمالية درامية قد تُضلنا الكلمة ولا تضلنا البنية. إنها تقول حصرا وتماما ما لديها لتقول. لهذا أحلم أحيانا، على غرار كيفييCuvier، أن أستطيع دراسة الفن المسرحي، في بضعة أيام، انطلاقا من معماريته، وإيجاد الوظيفة الأسخيلوسية eschylienne بناء على هيكل ديونيزوس Dionysos أو ابيدور Epidaure، تلك الوظيفة التي نجدها لدى شكسبير في آثار هذا الحيوان المنقرض الذي اسمه مسرح "الكلوب"، أو لدى موليير من خلال فضاء فرساي حيث قدم عروضه المسرحية. وبإيجاز يمكنني من خلال حجرة، تماما مثل فقرة من هيكل، إقامة الجسد الكبير الحي من ماض غريب ))(5)"
ويجب على الممثل أن يخلق شخصيته من خلال الكشف عن روحه الإنسانية عبر تجسيدها على نحو طبيعي على خشبة المسرح في شكل فني للكشف عن العالم الداخلي للإنسان، لذلك يجب الجمع بين العمل الجسدي والنشاط العقلي فهذا الأخير يتطلب أقصى حد من الهدوء العضلي وهذا معناه أن الممثل حينما ينجح في تركيز انتباهه على الموضوع المطلوب يختفي التوتر العضلي الزائد، إن الغرض هو أن نكشف عن العالم السيكولوجي المعقد للممثل فكلما تحكمنا في النشاط العصبي كلما استعد الجسم كله لأنه مرتبط بالإحساس بقوته الكاملة واستعداده للخروج من حالة السكون للقيام بأية مهمة عضلية، فسيطرة الممثل على جسمه أمر ضروري ومؤكد للانسجام مع عمله وهذه الأمور لا يمكن أن تنجح إلا بإتقان الممثل لفن الإلقاء وتشكيل كلامه على نحو جيد وواضح لإيصال المعنى، الفلسفي  المؤثر.

المصادر :
----------------------------
 (1)أنظر : أبو الحسن سلام – نظرية المسرح – قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
 (2)أنظر : أ.د.عقيل مهدي - كتاب السؤال الجمالي - سلسلة عشتار الثقافية- اصدار جمعية التشكيليين العراقيين-بغداد 2007. ص 120
 (3) أنظر :سعد أردش -كتاب المخرج في المسرح المعاصر - سلسة عالم المعرفة 19 الكويت , ص234
 (4)أبو الحسن سلام - نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
(5) أنظر : الفصل الثالث من القسم الأول من كتاب ( الجمالية المسرحية ) تاليف : كاثرين نوكريت ترجمة: م. أحمد حسيني
تابع القراءة→

الاثنين، يونيو 15، 2020

بحث في (المسرح في علاقته بالمعرفة:المعرفة في المفهوم الفلسفي والأنتربولوجي والعملي، وعلاقتها بالفنون بصفة عامة، وبالظاهرة المسرحية على وجه الخصوص) / الأستاذ محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, يونيو 15, 2020  | لا يوجد تعليقات

تابع القراءة→

الجمعة، أكتوبر 26، 2018

نــص مسرحية "رؤية فـلسفيـة " بين الرقعتين / نــجيـب طـــلال

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أكتوبر 26, 2018  | لا يوجد تعليقات


نــص مسرحية "رؤية فـلسفيـة " بين الرقعتين / نــجيـب طـــلال

داخــــل الرقــعــة :

من المفارقات العجيبة؛ في ثقافتنا العربية ؛ التي تتجلى :بأن هنالك العـديد من المبدعين والمفكرين؛ يشتغلون في الـظل وفي صـمت شبه مطلق؛ وبعـيدا عن الأضواء والبهرجة الإعـلامية؛ وهـذا ليس خطأ بل اختيارا؛ لبقاء صفوة شخصيتهم منسجمة مع وجودها؛ وطبيعة تفكيرها؛ ولكن الإشكالية العظمى؛ بأن الإعلام بكل أطيافه لا ينتبه إليهم ؛ ولا سيما أن الإعلام الحق/ الصادق؛ هو الذي يبحث عن مثل هؤلاء؛ ولكن النزقين والوصوليين؛ دائما يسعون قطع الطريق؛ وخلق العتمة بين الإعلام ورجال في الظل؛ والمؤسف؛ أن هنالك من يطلق على أنفسهم ( نقـاد )  وبعضهم  يتكلم ويكتب في كل شيء ويخلط بين التشكيل والتسفير والتطبيل والمسرح والتهليل ! بدون حسيب ولا رقيب ! مما تختلط الأوراق وتبدأ الفقاعات تنمو وتكبر وتتقوى في النسيج الاجتماعي؛ بفضل نزقية هؤلاء أو مصالحهم الشخصية؛ ومدعاة هـذا الـقول هنالك العديد من الفعاليات الثقافية / المسرحية؛ لم ينتبه لأعمالهم ومجهوداتهم أحد ؛ وبخلاف ما قلته أعلاه؛ يمكن أن أشير؛ بأن مثل هؤلاء لا يتملقون أو يستجدون أحدا لمآزرتهم ودعمهم ؛ ولم ينخرطوا في (لوبيات ثقافية) ومن داخل الرقعة أستشهد بأحد المبدعين والكتاب المسرحيين: الكاتب والمخرج - محسن النصار- الذي يشتغل في صمت وهدوء؛ رغم أنه مسؤول عن موقع  مسرحي له إشعاعه الفعال وقيمته  عبر خرائط المسرح ؛وساهم في مهرجانات مسرحية ؛ وعضو مؤسس في تعاونية الإعلام الإلكتروني المسرحي العربي التابعة للهيئة العربية للمسرح وعضو نقابة الفنانين العراقيين, وعضو اتحاد المسرحيين العراقيين . وحاصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية ومن بين أعماله [– النبيل / امرأة رائعة / الرشوى / صرخة بوجه الارهاب /الزجاج المحطم / رسم حـديث / رؤية فلسفية /] وهاته المسرحية الأخيرة ؛ أثارتني بشكل خاص؛ وبحثت هل تم عرضها أم لا؛ فاكتشفت بأنها أنجزت في إحدى الورش المسرحية التي قامت بها  وزارة التراث والثقافة ممثلة بدائرة المسرح والسينما والفنون التشكيلية على مسرح مدرسة مسقط الدولية / 2015 (1) ولكن المثير لا وجود لنقد أو شبيهه حولها لماذا؟                                                                                                  الإجابة تلتصق بما أشرت إليه سلفا ؛ أنه يحاول أن يعيش في الظل؛ كالعديد من أمثاله؛ وإن كان – المبدع – محسن النصار – فاعلا ومهـووسا بالكتابة والمسرح ؛فـلا يستكين إلا لهوسه ؛ بدل الجري وراء الأضواء الفاقعة .

إذن، فمسرحية – رؤية فلسفية – أعادت بي من خلال طرحها الهادئ والسلس؛ لتفعيل العقل. باعتبارأن التفلسف وفعله يفرض لامحالة  الرجـوع إلى العقل؛ لكي  نطرح تساؤلات؛ من بينها عن علاقة المسرح بالفلسفة ؟ والفلسفة بالمسرح ؟ وهـل الفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية  التي أسهمت في خلق حرية الفكر والإبداع في شتى المجالات؟ وقبل هـذا وذاك ؛ فمسرحية - رؤية فلسفية - فرضت نفسها علينا لأسباب من بينها:

1/ طبيعة هـدوئها من خلال شخصياتها ؛ وسلاسة خطابهم واقتضابه ؛ الذي أساسا خطاب الكاتب

2/ تلاقي وتداخل الأصل ( الفلسفة) بالأصل( المسرح) بطريقة مكشوفة ؛

3/ أعادت بنا بطريقة لاشعورية لعوالم فلاسفة اتخـذوا المسرح قناة لتصوراتهم الفكرية والمعرفية كأرسطـو/ألبير كامو/ سارتر/ سينيكا الروماني/ عزيز الحبابي/ ...../

تـداخل الرقـعـة :

بما أن أصل تدوين الفلسفة والنصوص المسرحية ؛ في بداية عهدهما تمت في رقع الجلد؛ وتطـور الأمر؛ حتى أمـست الرقعة نوع من أنواع الخط ؛ فبأي خط تمت كـتابة هـذا النص؟ بما أن الفلسفة والمسرح متداخلان تداخلا معقدا وبشكل مكثف؛ رغم عـدة محاولات في الحقول المعرفية للفصل التاريخي بينهما، وإن كان المسرح في بداية عهده انطلق من الأسطورة ؛ولحظة إنشا ء الحكمة؛ عن فـرض المسرح حضوره في انشغالات الفلاسفة ؛ إلى الآن. فمن هذا التداخل فمن الصعوبة تحقيق توصيف أو تأطير خطاب فلسفي خالص ؛ عن خطاب أدبي صرف . لأن الخطابات هي ممتزجة. بشكل تلقائي أو بناء على بنية التصور الدرامي. وهـذا ما يلاحظ في النص بنية خطاب الأفعال الملتصقة حتى بالبنية الذهنية للشخصيات ؛ بمعنى ومن خلال هاته المعادلة نستشف ذلك:
( الجامعة )=   الأستاذ       +    سمير        +      سلام     =      ( الفلســفة)

( الجامعة )= (عالم فلسفة) -  (طالب دكتوراه) -  (طالب دكتوراه) =  ( الفلســفة)

فهاته الشخصيات تتحرك في فضاء مغلق حسب ما هو مدون في اٌلإرشاد المسرحي في الفصل الأول:

(مكتب استاذ جامعي يحتوي على منضدة كبيرة وضع عليها مجموعة من الكتب والأوراق وحاسبة دفترية لابتوب, وساعة معـلقة على الحائط وكذلك بعـض الشهادات التكريمية )(2)

فأول ما يلفت الانتباه؛ غياب أو انعدام  – الحاسوب –  الذي له علاقة وطيدة بالشبكة العنكبوتية والتواصل الرقمي؛ في المكتب؛ والذي يحيل أوتوماتيكيا إلى الانفتاح والانغماس الحضاري ( للأستاذ الجامعي ) فالمسألة لها أبعاد يتحكم فيها التداخل بين الفلسفة والمسرح؛ أي المجال الفلسفي/ المعرفي؛ لا يمكن أن يأخذ إلا من أمهات الكتب.

الأستاذ : ( بعصبية ) لن اذهب , أنا في حالة من التفكير والتأمل ؛ أفضل ما يمكن ان تفعله في   

           هذا الوقت قراءة كتاب شيق  !فأنت طالب دكتوراه وستحصل على منفعة كبيرة تساعدك

           في اختيار مناسب لمشروع الدكتوراه ....(3)

فـفعل الأمر الضمني؛ فرض فعلا اختياريا يكشف نوعـا من اللامبالاة للطلبة تجاه أبحاثهم؛ ؛وكذا استغلال العلاقة الأفقية بين الأستاذ/ الطالب؛ وإن كانت ضمنيا تفعيل البعد الديمقراطي؛ الذي فرضته طبيعة التحولات الفكرية والسياسية حاليا؛ وفي نفس الإطار؛ تذكية على ما أنشأت في أرجائه – الفلسفة –  الفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية  التي أسهمت في خلق حرية الفكر و الإبداع في شتى المجالات (4) وهذا ما يعَـبر عنه صاحب النص في دراسته ؛ والتي اعتبرها شخصيا؛ نوعا من الاستئناس لماهية العمل الدرامي ، وليست مشروع تنظير. كما سيتوهم البعض؛ إن حاول مزاوجة بين ( رؤية فلسفية/ دراسات) منشورة هنا وهناك. كمبحث مبني على أسس فلسفية ولكنه في أصله  رؤى بحثية تعالج الشأن المسرحي بالأساس.وبالتالي فأي نظرية سواء أكانت فنية أو علمية أو أدبية تعـد قاعدة بديلة عن قاعدة سابقة في مجال التخصص النوعي ؛ ولكن نحن أمام تخصصين متداخلين ( المسرح/ الفلسفة) علما أن المسرح في طروحاته يتغدى من الفلسفة؛ والعكس وارد: إن الفن  المسرحي هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، تقدم أفكارها للمسرح وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير"(5)

إذن؛ المسألة الديمقراطية متجسدة بين ( الأستاذ والطلبة) وهذا يتأكد عبر عدة حوارات؛ وأهمها في الفصل الثاني: شهادة سعيد (موظف في الجامعة) الذي يعتبر علاقتهم ؛ علاقة صداقة .

 سـعيد: ....وعندئذ سوف يسب ويلعَـن ويتهم صديقه سلام وسمير(6)

إذ ربما توطيد العلائق في مثل هاته الحالات؛ أفرز كما اشرت نوعا من اللامبالاة؛ عند الطلبة تجاه بحوثهم ودبلوماتهـم ؛ وهذا ما يعبر عنه الأستاذ؛ بنية حسنة.

الأستاذ: ....وانت تطلب مني ان اقوم في نزهة من اجل الراحة...هيا اذهب انت .اما انا فقد أضناني التعب .لم يبق أمامي سوى القليل ، حتى اتوصل الى فلسفة جديدة تخدم الانسانية والعودة بها الى سابق عهدها !!!

سلام : ( بفرح وسرور) الحمد لله..لقـد أحْـسنت صنعا .!!!
الأستاذ : (ينظر الى مكتبة مليئة بالكتب موجودة في المكان)  أخذتُ بتحليل جميع النظريات....                 

           الفلسفية ولذا لن يهدأ لي بال حتى اجد الفلسفة المناسبة ، للإنسانية ويقرأ كل فرد   

           فلسفتي وفي كل مكتبة حتى يرتاح بعض الوقـت،...... 
 سمير : ( بتودد ومحبة ) ومن الإنصاف يا أستاذ يجب أن قول بأنك مؤلفا لم يغـفل أيا من  

          الاتجاهات الفلسفية....فأنت تناولت فلسفة أفلاطون ثم فلسفة سقـراط (7)
    
ففي هذا الفلك يبحث ( الأستاذ) على أمل إيجاد  نظرية ؛ قوامها ايجاد  فلسفة مناسبة  للإنسانية في اكتساب بعْـض السلوكيات التي توفر لنا الجهد والوقت ؛وفي نفس الوقت يأمل أن يقرأ كل فرد فلسفتـه وفي كل مكتبة حتى يرتاح بعض الوقت؟ وهذا الطموح؛ يذكي أن ( الأستاذ / العالم ) متحفظ مـن التطور الحضاري المتمثل في وسائل التواصل وعوالم الكتب الإلكترونية ؛ لأنه يركز ما مرة في البحث في مكتبته العامرة؛ ويعـلن صراحة التركيز على :( القراءة في كل مكتبة) بحيث مَـر عبر كل المذاهب والاتجاهات وأخـذ في تحليل جميع النظريات الفلسفية .وهـذا يتضح بين ( الأستاذ/ سمير) في حوارمكثف ؛ ليصل بنا إلى ماهية ما يؤمن به ( الأستاذ) تلك فـلسفة سقراط ؛ هـذا الأخير ؛ يعتبره ( الأستاذ) أبا الفلسفة الغربية، وفي نفس الوقت يرسل لنا بالكاد أنه  شخصية يكتنفها الغموض بشكل عام . لأنه لم يدَون حَقيقة مذهبه الفلسفي؛ لكن أجمع أغلب المؤرخين ومؤرخي الفلسفة  على أن محاورات أفلاطون؛ وإن  صيغت في قـالب فني؛ فهي أهم مصدر لمعرفة فلسفة سقراط. وهاته الإشارة غير موجود في النص ؟

انــفصام الرقـــعــة :

فمن خلال المسرحة ؛ التي فرضت نفسها لتحويل الانتباه في سياق توالي الأحداث في فضاء مغلق( المكتب) ليتحول إلى إعادة تشخيص( محاكمة سقراط) عبر:

(إضاءة حمراء تعم المكان ويقوم الأستاذ بارتداء الملابس اليونانية وكذلك سلام وسمير ويقومون بتمثيل اعـدام سقراط مع موسيقى حزينة )(8)

 هنا لا نجد إشارات  تصويرية لإطار المحاكمة بشكل واضح ؛ ولا لشخصنة الشّخصيات وحيوية التّبادل المقولي في المرافعة بين المدعي والمدعى عليه؛ ونوعية صك الاتهام ؛ هـذا الصك يطرحه المؤلف؛ بعـد مسرحة المحاكمة :

الأستاذ: .....تلقى اهتمامًا كبيرًا من قبل الشبيبة، مما أثار قلق أولياء الأمور، الذين سرعان ما

             اتَّهموه بالإلحاد وبالتجديف وبإفساد أبنائهم؛ الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى

             محاكمته والحكم عليه بالموت – تلك المحاكمة الشهيرة التي حاول سقراط عبثًا الدفاع  

             عن نفسه خلالها ...كان يعتقد بأن فطنة الإنسان إنما تعود فقط لامتلاكه يـدين أدوات

             عمل. أما سقراط فقد كان يعتقد بأن فطنة الكائن البشري إنما علَّتُها تلك الروح العاقلة

            القوَّامة على الجسد، والتي تشارك الإله في طبيعته. انطلاقًا من هذه القناعة ومن هذا

           الاعتقاد انبثق العديد من تعاليمه؛

سلام : الداعي إلى ضرورة تفهُّم أفضل للنفس، أي "اعرف نفسك"، العبارة المنحوتة على واجهة

        هيكل ذلفُس، التي اتخذها سقراط شعارًا: "حياة لا يُفحَص عنها لا تستحق أن تعاش". لأن

        أكثر ما يشدِّد العزيمة، حينما يتعلق الأمر بفناء الجسد ،هو الإيمان بخلود الروح.

سمير : كان قبل أن يجرع كأس السمِّ الذي وضع حدًّا لحياته ( 9)

ففي تقديري؛ أن هاته الحوارات؛ كانت أن تكون في سياق المسرحة ؛ وإن سعى المؤلف- محسن النصار-  قصدا أو عفويا ، ترك محاكمة لتصور إخراجي (مـا) . فلا مناص من أن ينطلق أي ( مخرج) إلى مسرحية السحب – لأرستوفانس- لأنها هي الوجه الأمثل لمحاكمة – سقراط – وهنا سنكون أمام انفصام في الرقعة؛ بمعنى أن المسرح يحاكم الفلسفة المتجسدة في( سقراط) وهذا في حد  تعارض بين الفلسفة والمسرح، والذي يمثله أفلاطون في ( جمهوريته) تجاه (المسرحيين/ الشعراء)  وأرستوفانس في ( مسرحياته) تجاه ( الفلاسفة) ولهذا :   لقد كان مقدرا للفلسفة، وهي العلم الذي يهتم بالحقيقة والوجود وأسس المعرفة، أن تمقت المسرح، الذي يرتكز على الكذب والتظاهر والعوالم الزائفةفلم تكن الهجمات الفلسفية على المسرح، لأنها صاحبت تاريخ الفلسفة منذ أفلاطون، متكررة فقط، بل كانت غير مفاجئة. وفي الوقت نفسه، دافع عن المسرح كثيرون من بينهم الكثير من كتاب المسرح من خلال ابتكار صورة ساخرة للفلاسفة فجسدوهم كحمقى ومشعوذين على خشبة المسرح، وهو التقليد الذي بدأ مع أرستوفانيس في مسرحية «السحب Clouds»(10)

لكن رغم ذلك هنالك تداخل الرقعتين ؛ التي تنطلق  من الفيلسوف [ أرسطو] الذي اعتمد على تراجيديا [سوفوكليس] مصدراً مهـما وناجعا في كتابة  فن الشعـر. وهاته الحقيقة هي التي تترك الرقعة في حيرة نظرا: أن المعرفة والفلسفة والمسرح  نشأت وتطورت عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن المعرفة  مهدت  في منهجيتها الفكرية والفلسفية والجمالية للمسرح كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان ( 11 ) وهذا طبيعي جدا ما دام المسرح في أبعاده الجمالية والفكرية؛ يعكس نمط فكر كل عصر من العصور، فأغلب المسرحيات  في بعدهـا الأعم  تفلسف ؛ يطرح شيئية الإنتاج الفني الذي يشخّص وجـود الموجودات. فمن هنا فالمسرح بإمكانياته وتصوراته  الغنية  يسـاهم بشكل كبير في صياغة الفكر الفلسفي ؛ وهذا ما نراه جليا في أعمال (ألبير كامو) الذي استطاع أن يفلسف المسرح، وأن يقدم من خلاله بعض أفكاره الفلسفية ؛ أو أعمال ( سينيكا) واهتمامه بالفلسفة الرواقية تحديدا.

رؤيــــة فــــلسفـــية :

ففي الفصل الثاني من النص؛ تنقلب الرؤية المسرحية؛ بأسلوب أكثرحركية؛ وبإيقاع مختلف عن الفصل الأول؛ مما أعطـى حسا جماليا؛ ولاسيما أن: الحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني والمساحة المكانية  والحركة هي المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي ((لكل مادة صورة ولكل صورة مادة مكونة منها هذه الصورة، يقول أرسطو: ((إن المادة والصورة شيئان لا ينفصلان فحسب، بل كل منهما يعتمد على الآخر فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الروح والجسد فلن تغدو مادة ما على شكل ما دون صورة ما ولن تغدو صورة ما لم يكن هناك مادة بشكل ما))(12) وهـذا يتحقق عبر الإخراج؛ ولكن حركية النص ونبضاته؛ توحي للعلاقة الوطيدة بين ( الصورة / المادة ) بحيث نلاحظ ( الأستاذ) يتشبث بأبحاثه وأفكاره؛ باعـتبارها جزء من ذاتيته وكينونته ؛ وبالتالي ينفعل ويتوتر حينما أدرك باختفائها من مكتبه
 ( الجامعة )=(الأستاذ)--------≥(النظرية)≤--------(سعيد / سليمان- موظف) = الجامعة 

 (الجامعة ) =( النظرية)≤-----≥(سـرقة)≤-----≥(سعـيد/شرير)+(سليمان/مراوغ)=المحـيط

فمن خلال هاته المعادلة؛ يتضح بأن (الأستاذ) يعـيش في عالم مغلق( الجامعة/ البحث) بينما (الواقع/ المحيط) الذي له رؤية أخرى؛ وفلسفة مغايرة؛ يعبر عنها النص بكل تلقائية ووضوح:
الأستاذ : : ماذا تقول؟ ما هذا الذي تتمتم به؟ هيا تكلم وأفصح، فمن الصعب تمييز ما تقول. كيف

           تجرؤ على العودة من خلفي ؟ والأدهى من ذلك تجيء لي وتقول بأنك لم تسرق .
سعيد : انا لا اهتم (يتحرك في المكان وبحقد) كما تعلم بأي شيئا وكان كل وقتي في خدمتك ...
سليمان : كان قبل قليل يقول لي ان كتاباتك لا تساوي دينارا واحدا !!!
الأستاذ : ( بعصبية وغضب ) هل قررت السخرية مني يا سعـيد ؟ هه؟ أتريد أن سرقة جهدي

        الإبداعي مجاناً؟ أبذل كل جهدي من أجل حياة جديدة تسعون انتم في سرقته ..وها أنتم قد

      عُـدتم إلى أتعـس المراتب في الحياة الانسانية  (يدور في المكان وهو في حالة فوران ) خالين

      الوفاض !!! والأكثر من ذلك جئتم  بما تسمونه كتابات ...عديمة الفائدة والجدوى ثم تحكوا لي

       مواقف لا أصل لها ولا ضمير . انكم في حقيقة الأمر، لصوص تقتاتون على الكتابات الفلسفية

      وتسرقونها وتبعونها بأبخس الأثمان ولا تهتموا لذلك ،وهذا هو الذي جعل اناس اغبياء يدعون

      العلم والثقافة !!! بسرقة جهود الاخرين ...يشقون الطاعة عليك.. مهلاً يا عزيزي.. سألقنك

      درساً لن تنساه ؟.(13) 

هـذا  الوضوح؛ يكشف أن مجال البحث العلمي؛ في الوسط ( الجامعي) هراء؛ مادامت جهود الآخرين تسرق وتباع بأبخس الأثمان؛ وهاته حقيقة أمست واضحة؛ فالأغلب الأعم موجود وكائن في الساحة الثقافية/ الفكرية؛ بعوالم السرقات الأدبية؛ والبعض يعرف هاته الحقائق؛ وملتزم الصمت ! ربما لأنه سيسقط يوما ما في انتحال وسرقة نص (مـا) أو قصيدة ( ما)  أو فكرة (ما) مما أمسى النسيج الثقافي/ الإبداعي/ الفلسفي/ يعـيش خللا واندحارا معرفيا؛ مع العلم أن:المعرفة  هي  أحد أشكال الوعي المعرفي و الجمالي  تجد نفسها  داخل المسرح ، فالمسرح  يقدم  مواضيع فكرية وفلسفية  عن الحياة وعن البيئة المحيطة بالإنسان التي تتطلب منه استيعابها على اعتبار أنها تعبر عن الخبرة الإنسانية وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان( 14) هنا نكون أمام تعارض الرقعتين؛ باعتبار أن المسرح يكشف ما يمارسه دعاة الفلسفة؛ وذلك من خلال سرقة أفكار ونظريات الآخرين .

هنا فالطالبين( سمير/سـلام ) هـل مساهمين في سرقة أفكار ونظريات( الأستاذ) أم الأمرلا يعـنيهما ؟ مدعاة هـذا السؤال؛ بأن المؤلف – النصار- لم يذكرهما في الفصل الثاني ولو إشاريا؛ بمعنى : انسحـبا من الفعل الدرامي كليا؛ وفي هذا التغييب تنطرح عدة أسئلة  وذلك بناء على الحالة النفسية والعقلية التي يعـيشها (الأستاذ (وهو يتحرك بالمكان و في حالة اندماج مع فلسفته ؟؟ :

 ) وأن العادة يراقبها الشعور الهامشي الذي... ينتقل مباشرة للشعور كلما عجزت الآلية ...عن

   مواصلة الحركة فإذا أخطأنا أثناء!!! الكتابة شعرنا بخطئنا وانتبهنا....وأنت ايها الوقح تقوم بسرقة جهودي وتعطيها للآخرين بأبخس الأثمان !!!!
سعيد : ( يبكي ويصرخ) آه يالتعاستي .. آه ! أرجوك ايها الأستاذ ارحمني وارحم عائليتي
الأستاذ : هل هذه حيلة جديدة تريد ان تلعبها علي ؟ ( 15)

الإحـــــالات :

1 /1 / موقع  الجسرة الثقافية الالكترونية بقلم محمد سعد- بتاريخ 12سبتمبر/أيلول 2015


2 / رؤية فلسفية لمحسن النصار- منتدى مجلة الفنون المسرحية - 2014

3 / نــفـــســــــــهـــا

4 / المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار- الحوار المتمدن- عـدد: 5735 – في 22/12/2017

5 / نــفســـــهــــــا

6 / رؤية فلسفية لمحسن النصار

7 / نــــفـــســــهـــا

8 / نــــفـــســــهـــا

9 / نــــفـــســــهـــا

10/ من كتاب “فلسفة الأداء المسرحي: التقاطع بين المسرح والأداء والفلسفة” الذي صدرعن        

      جامعة ميتشغان عام 2009. تأليف : مارتن بوشنر- ترجمة أحمد عبد الفتاح مجلة مسرحنا

       عدد 563 بتاريخ /11 /06/ 2018

11/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار- إحالة سابقة

12/) كتاب السؤال الجمالي. للمهدي عقيل - ص 120- سلسلة عشتار الثقافية- اصدار جمعية التشكيليين العراقيين- بغداد 2007.

13/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار-

14/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار-

15/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار-

تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9