مجلة الفنون المسرحية |  at السبت, أغسطس 27, 2011
| 
مجلة الفنون المسرحية |  at السبت, أغسطس 27, 2011
| 
مجلة الفنون المسرحية |  at السبت, أغسطس 27, 2011
| 
قام المخرج الألماني بيتر شتاين بعرض مسرحية (الطائر الأسود) عن نص للكاتب الاسكتلندي ديفيد هروار ويعتبر بيتر شتاين هو أحد المخرجين العالميين الأكثر ارتياداً وتواجدا في مهرجان إدنبره الدولي ، وقد قدم العديد من المسرحيات التي شاركت في المهرجان من هذه المسرحيات ، يوليوس قيصر عام 1993، الأورستية عام 1994، الخال فانيا 1996، بستان الكرز عام 1997، باراسيفال وكلاديو أبادو عام 2002، والنورس عام 2003. أما هذا العام قدم بيتر شتاين ضمن فعاليات المهرجان عرضأ مسرحياً بعنوان (الطائر الأسود)، وهو عرض مأخوذ عن نص جديد للكاتب الاسكتلندي ديفيد هروار
ودام العرض لمدة ساعتين تقريباً. دور الأحداث في مكتب لرجل أعمال كبير في أواخر الستينيات، تقتحم شابة مكان عمله، وتطالبه بمسؤولية ما كونه مارس الجنس معها عندما كانت قاصرة في سن الثانية عشرة بينما كان هو في الأربعينيات. ويبدأ العرض المسرحي في مكتب صغير، مليء بالأوساخ والأوراق التالفة وكأنه مكتب مهجور، بداية المسرحية كما هو واضح مهيأة لعرض مشحون وعلاقة غريبة تبدأ في مكان غريب باتساخه، وفتاة قادمة إلي هذا الشخص الذي أفقدها عذريتها وهي لا تزال طفلة لتعلن حبها لهذا الرجل وهو في أواخر الخمسينات من عمره، أي يبدأ العرض المسرحي من السؤال الأساسي لهذا العرض حول إمكانية استمرار علاقة بدأت شاذة، الأمر الذي يحيد المحاكمة الأخلاقية لفعل الجنس الشاذ بالنسبة لشخصيات المسرحية علي الأقل. ويطرح سؤالاً عن جدوي هذه العلاقة ومشروعيتها. وهو الأمر الذي عبر عنه الكاتب نفسه، الذي أراد تحييد محاكمته الأخلاقية لشخصياته والسعي لكشف ما يمكن أن تقوم به هذه الشخصيات فيما لو حدث اللقاء الافتراضي كما هو الحال في نصه.
بقي هذا التوتر مشحوناً بفضل طاقة الممثلين الاثنين الكبيرة واللذين أجادا طوال الساعتين ليبقيا العرض علي هذا المستوي من التوتر، كما تبقي الشخصيتان في حالة فوضي وعدم استقرار بين رجل لا يدري إن كان رجلاً فعلاً أو علي ثقة بنفسه لإحياء العلاقة مع تلك الفتاة، وفتاة لا تدري إن كانت تريد أن تبقي بالنسبة لهذا الرجل طفلة أم شريكة. ومع تتالي الأحداث والنقاش يبدأ الشك حول طبيعة هذا الرجل وإن كان مهووساً بممارسة الجنس مع الفتيات الصغيرات الى أسئلة أخري عن عمله وهل هو مدير المكتب كما يوحي لباسه أم أنه عامل التنظيفات الذي يبقي حتي انتهاء الدوام لينظف ركام الأوساخ في المكتب. يتخلل حوارهما مرور بعض الشخصيات الأخري أمام المكتب ليلقوا نظرات سريعة من النوافذ الخلفية لهذا المكتب، وكأن جمهوراً آخر هناك مقابلاً لجمهور المسرحية الرئيسي.
يستمر العرض دون أن يذكر أي موقف أخلاقي من قبل شخصياته أو التعبير عن رأي ما بفئة اجتماعية معينة ، بل بقي نص ديفيد هروار وعرض بيتر شتاين محافظين علي الدقة في سرد العلاقة دون إفساح المجال لتأويلات اجتماعية، وتبقي حالة التوتر العالية وتقوم الشخصيتان بتقديم مونولوجين طويلين لا يمكن المرور علي العرض المسرحي هذا دون الإشارة إليهما وإلي قوة الممثلين. يتطور هذا التوتر إلي حالات عصابية، فتجرح الفتاة الرجل، ثم يقومان سوية بزيادة الفوضي في المكتب، وفي النهاية يمارسان الجنس في مؤخرة المسرح، إلي أن تقتحم المكتب فتاة صغيرة لا نعرف العلاقة بينها وبين الرجل سوي أنها تخبره بأن والدتها تنتظرها في الخارج، ولكنها تمرر يدها علي بطنه مما يثير الريب بأن هناك علاقة شاذة أخري قد تمت بينهما. يحدث هذا بينما الفتاة الأخري مختبئة. تخرج الفتاة الصغيرة، ويجري اشتباك بين الرجل والمرأة مرة أخري ينتهي بخروج الرجل من المكتب. وهنا ينتهي نص ديفيد هروار.
أما بيتر شتاين فلا يزال لديه ما يقوله، يدخل عمال المسرح بعد أن يخرج الرجل ليغيروا الديكور ثم يتم عرض المشهد الثاني والقصير نسبياً في مرآب، ونري سيارتين علي خشبة المسرح، يدخل الرجل في إحداهما، بينما تبقي السيارة الثانية واقفة، وتخرج الفتاة معترضة السيارة التي يقودها الرجل في محاولة لتمنعه من المرور. يوقف الرجل سيارته، تفتح الفتاة باب السيارة ويتعاركان إلي أن يموتا سوية. وهنا الإشارة التي لا تختلف كثيراً عن موقف الكاتب ديفيد هروار والتي تصرح باستحالة إحياء العلاقة، وفي الوقت الذي يكتفي الكاتب بنهاية يخرج الرجل منها، ليستمر بحياة قد لا نعرف الكثير عنها، إلا أن بيتر شتاين قدم موقفاً أكثر عنفاً ينتهي بعراك وموت.
المشهد الأخير هذا وهو إضافة بيتر شتاين علي العرض، يحمل أيضاً ما هو غير مألوف علي المسرح الإنكليزي المعاصر. فتجري أحدث غالبية النصوص الانكليزية المعاصرة في غرف أما المشاهد الخارجية فهي نادرة ولنا أن نجد حضوراً لها في أمثلة مثل بعض نصوص إدوارد بوند، إلا أن سمة المشاهد الداخلية باتت سمة للمسرح الانكليزي، وهذا أمر تقني يؤكد علي التركيز علي المشاهد الداخلية والعوالم الداخلية النفسية للشخصيات، ولكن مع محاولة بيتر شتاين الخروج بشخصيتيه في مشهد قصير نسبياً إلي المرآب تفلت الأحداث من الضوابط التي تفرضها المشاهد الداخلية وتقتل الشخصيتان بعضهما البعض الآخر وكأنها إشارة الى أن معادل التوتر السابق داخل المكتب هو مشهد واسع في كراج مع سيارتين وعراك وقتل في الخارج، وهذه إضافة يمكن لها أن تقرأ علي عدة مستويات نتيجة لرؤية بيتر شتاين لهذه الشخصيات.
لا يعكس أمر تقديم بيتر شتاين لعرض بطريقة تقليدية سبيلاً معيناً في شكل مسرحي معين في مهرجان اتصف بالتنوع والجرأة في طرح أشكال مسرحية جديدة، فالمخرج نفسه قام في ما مضي بإخراج عرض أوبرالي. إن تقديم مخرج مثل بيتر شتاين لنص الكاتب ديفيد هروار انتصار للنص والحكاية ورد علي مقولات راجت حول افتقار المسرح المعاصر إلي النصوص والكتاب.
تابع القراءة→
مجلة الفنون المسرحية |  at السبت, أغسطس 27, 2011
| 
من مواضيعنا المتميزة
-
أولى مسرحيات توفيق الحكيم المسرحية كانت تحمل عنوان " الضيف الثقيل ". ويقول عنها في كتابه سجن العمر ما يلي " … كانـت أ...
-
الأيهام في المسرح//وهو نوع من الأداء التمثيلي يخص الدراما الواقعية والطبيعية على مستوى التمثيل والأخراج وهو يتميز ويتصف بكل مانوهم به ...
-
مجلة الفنون المسرحية تعتبر الأزياء المسرحية من العناصر الفنية الأساسية المكلمة للعرض المسرحي حيث تعيش كل عناصر العرض البصرية في ارتب...
-
مجلة الفنون المسرحية من عرض مسرحية سهرة مع أبي خليل القباني ملخص البحث: لقد استقر مصطلح التنا...
-
مجلة الفنون المسرحية الاتجاهات الإخراجية في المسرح الألماني الحديث الأستاذ المساعد أحمد سلمان عطية الفصل الأول مشكل...
-
يعرفها ارسطو بأنها محاكاة.... فعل تام نبيل لها طول معلوم بلغة مزودة بألوان من التزيين ... تختلف وفقاً لاختلاف الأجزاء وهذه المحاكاة تتم ...
-
كتاب "اعداد الدور المسرحي " تأليف كونسستانتين ستانيسلافسكي يولي المنظر المسرحي الروسي الراحل كونستانتين ستانيسلافسك...
-
مجلة الفنون المسرحية ظهر اتجاه "البنائية Constructivism " فى روسيا عام 1919م ، كنتيجة أو تحول من المستقبلية الإيطالية،...
-
الأنشطة التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح منذ التأسيس 10/2007 ولغاية 4/2012 الفهرست · اليوم العربي للمسرح رسالة اليوم ...
-
مجلة الفنون المسرحية مشكلة البحث والحاجة اليه تشكل ابعاد الخبرة المسرحية المختلفة جانبا مهما من حياة معظم الناس ، والمسرح احد وسائل...
جديد المقالات
-
مجلة الفنون المسرحية ضمن فاعليات مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى عرضت اليوم 4 مسرحيات على مسارح القاهرة المختلفة، وهى “...
-
مجلة الفنون المسرحية المعرفة والفلسفة والمسرح / محسن النصار فالفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية التي أسه...
-
غالباً ما يعدّ الصوت والموسيقي جزئين متممين للعمل المسرحي الناجح، والمؤثرات الصوتية والموسيقي التصويرية قديمان قدم المسرح، فمن عصر الط...
-
الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي ( 9 سبتمبر 1828- 20 نوفمبر 1910 ) من عمالقة الروائيين الروس ومن أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع ...
-
مسرحية 'رؤية فلسفية ' (بفصلين ) تأليف محسن النصار مدونة مجلة الفنون المسرحية
-
أيها الزملاء المسرحيون في هذا اليوم الثاني والعشرين من مايو/ أيار 2013 نعلن نحن المواقع الإلكترونية التالية : موقع رادي...
-
مجلة الفنون المسرحية الملخص صاحب المسرح منذ نشأته ، نزعة التجريب في أساليب التعبير ، وذلك من اجل طرح أفكار جديدة بأشكال تساير المتغير...
-
كتاب "اعداد الدور المسرحي " تأليف كونسستانتين ستانيسلافسكي يولي المنظر المسرحي الروسي الراحل كونستانتين ستانيسلافسك...
-
مجلة الفنون المسرحية له مسميات عدة من بينها مسرح الدمى، ومسرح الماريونيت، ومسرح الكراكيز، ومسرح الأراجوز وقد عرف فى أوروبا تحديدا ...
-
مجلة الفنون المسرحية النسخة السابعة عشرة – 2025 من مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للطفل من سن 3 إلى 18 . (أطفالنا أبطال جدد في حكاياتن...
جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016
0 التعليقات:
إرسال تعليق