أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، مايو 17، 2016

الخصائص المتميّزة في مسرح كركلا… الاعتماد على أبجدية عالمية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 17, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يضيف مسرح «كركلا» الألوان الناشطة بصريا على التعبير الجسدي المتوازن مع فضاءات مسرحية تتألف من لوحات مشهدية متنوعة بصريا، وحركيا حيث يلعب الايقاع الحسي دورا مهما في ابراز الخصائص المتميّزة في مسرح «كركلا» بشكل خاص مع الحفاظ على الأضواء، والمؤثرات البصرية والسمعية حيث يؤدي الرقص التعبيري أدواره التعبيرية والدرامية الحركية لتشمل التأثيرات الفعل المؤدي الى خلق مصطلحات فنية خاصة بمسرح «كركلا» الراقص من حيث الرسم بالأجساد على إيقاع الصوت، لتتشكّل الألوان ضمن لوحات فنية بصرية  تختلط فيها الملابس، وألوانها مع الرؤية الزخرفية لمسرح غني بالتداخلات والتحوّلات والتغيّرات التعبيرية المثيرة للدهشة والتي تعصف بالوجدان والحس الادراكي حيث يلعب الجمال التعبيري دورا مهما في خلق المشاهد المختلفة كل دقيقة، وكأن مدة المسرحية أو مدة العروض الراقصة هي معرض تعبيري تجسيدي يقتصر على الجماعة والفرد بمعنى من الكل الى الجزء، وبالعكس ضمن دائرية تصميمية تتكرر فيها الخطوات، ولكن ضمن نغمة موسيقية تتقابل فيها الادوار الدرامية على مسرح فني مكتمل الأركان.
ترحل بكل الحواس الجمالية في مسرح «كركلا» فهو الخروج من الواقع الى الواقع عبر الخيال الزاخر بالفضاءات التخيّلية المتأثرة بالسينوغرافيا، فالأضواء والألوان والكتل الراقصة الموحية بلوحات تجريدية ورومانسية وواقعية تتغيّر بدينامية على المسرح تترك المشاهد في لحظة نشوة بصرية ترتبط بانفعالات الراقص والمشاهد على السواء. يقول الاميركي جوليان غرين Julien Green في مذكراته «كان حلما حقيقيا، أكثر بكثير من الحياة اليومية. وهذا يؤكد اعتقادي ان الانسان الذي يحلم يكون فنانا ذا موهبة تفوق كثيرا موهبة الانسان الذي يكون يقظا. لا تقدر الكلمات على التعبير عن الوقت الذي تستغرقه الرؤية قي ثوانٍ»، في المشاهد التعبيرية الراقصة ضمن مسرحيات «كركلا» بشكل عام تولد لغة تحاكي الرائي بمختلف لغات العالم لتنكسر مرايا الجمود الصامت بالأحلام التي ترحل بك نحو الواقع، وكأن «عبد الحليم كركلا» يلعب على تحجيم الحدث ضمن مفاهيم مسرحية تؤدي دورها في إيصال الفكرة تعبيريا من خلال العناصر الفنية الحركية ضمن فضاءات المسرح، والرواسب الحسية التي تسمح للرائي التقاط الاشارات من الراقصين التعبيريين، وكأن المسرح هو القلب النابض بالحياة، المأخوذ بالأحلام المؤدية الى الواقع الممزوج بالحوار المفتوح بين البصر وبقية الحواس حيث الوصول الى ذروة الحدث من خلال النغمة والايقاع، والخطوات الراقصة والفضاءات الداخلية المرسومة براقصين أو بعالم مرئي يخلق البهجة في النفس.
يجمع مسرح «كركلا» بين التوليفات الحسية من مفردات فنية مشتركة تتميّز بالدهشة والاستبصار المبني على انعكاسات مسرحية تنسجم مع الازمنة المجتمعة في مكان واحد، وهو خشبة المسرح أو الفضاء الداخلي الانعكاسي الذي يضيء الفضاءات الخارجية المفتوحة على ايحاءات زمكانية محصورة بالمعنى التعبيري المؤدّى من قبل الراقصين والموسيقى، والألبسة التي تلعب دورا مهما ايضا تنسجم مع اللغة اللونية التي تتواءم مع تكنيك الضوء، وعظمة المشهد الانساني، ومعانيه التمثيلية المؤداة برقصات قوية مسرحياً تتوحد مع الرسم الحسي الترابطي بين الجسد والايقاع السمعي والبصري، ليختزل الف كلمة بتعبير جسدي راقص ملون بتلوينات الواقع والخيال، والهادف الى تحويل المادة المكتوبة الى ايحاءات راقصة مؤداة على خشبة مسرح هي بمثابة فضاءات مسرحية مفتوحة.
تتفوّق التعبيرات الراقصة التي تفوح من أجساد الراقصين، وما تحمل من معاني تأثيرية تتداخل وتتقارب وتتماثل فيما بينها بحيث لا تقتصر على العروض الراقصة المختلفة المشاهد في كل الفصول المسرحية بل تعتمد على الفن الحسي المندمج مع الفنون الراقصة بأنواعها من باليه أوبرالية ورقص شعبي يحمل في طياته تراثيات جمالية، وما الى ذلك من الأنواع الأخرى التي تجمع ما بين الشرق والغرب، وحتى بلغة استشراقية معاصرة مرسومة بتعبيرات فلكلورية غنية بتفاصيل شرقية ذات أصول عربية، ولكن ضمن أسلوب الفن التعبيري الراقص والمعاصر.
تصاحب الحركة التعبيرية ذات الرؤية الفنية مؤثرات تتمثل بالانفعالات الذهنية حيث يتأثر الرائي بمؤثرات الراقصين من فرح وحزن وغضب، فالاستعراض الكلي  للمعنى التمثيلي المفتوح تأويليا على تعبيرات مستوحاة من قصص واساطير واحداث تاريخية، وحتى أدبية تترجم المضمون التشكيلي المنبعث من الألوان والأضواء والسينوغرافية الديناميكية، والمنسجمة مع الاداء الحركي، والبلاغة التعبيرية المنبعثة من ليونة الأجساد وحركتها المتكاملة مع الرقص بشكل عام.
تتضافر العناصر البشرية في مسرح «كركلا» التكويني من حيث العنصر الحركي والموسيقى بمختلف حيثياتها المؤثرة سمعيا وبصريا في تكوين لوحات تعبيرية بشرية تترجم المضمون الدرامي الحركي الناطق فنيا بالجمال، وبمختلف المواضيع المحسوسة وجدانيا والمنبعثة من تصميمات كل مشهد اندمج بشكل كلي مع المعنى والعناصر المسرحية الاخرى من مؤلفات موسيقية، وما الى ذلك مما يهدف الى إيصال المضمون بشكل بصري مقروء حسيا من قبل الرائي، وبشكل اختزالي زاخر بالتحسينات البديعية، كاللباس والاضواء والسينوغرافية، وهذا يكشف مدى قوة الأداء الاحترافي في مسرح كركلا الفني.
توافق حركي وسمعي متجانس مع الرؤية العامة التي يتأملها كل من الراقص والرائي على السواء مما يؤثر على الاشباع الفني المرتبط بتنمية الفهم والادراك عن طريق المشهد التعبيري الراقص، المحمّل بالمشاعر الجمالية من تخيّلات داخلية وخارجية تمتزج بالفضاءات المتنوعة، وبموضوعية راقصة وذاتية تعبيرية تنبعث منها روح الجماعة، والقدرة الكامنة في الكل الحركي المؤدي الى نجاح المسرح التعبيري الراقص لكركلا الذي يجعل الرائي مقيّد بالخيال والتخيّل والتفكر والتأمل مما يحفز المشاعر على المتابعة لكل مشهد ديناميكي احترافي يجسّد الحدث بلغة تعبيرية راقصة تجيّش بالانفعالات والمشاعر، وحتى بعقلانية انسانية تتناغم مع المحاكاة التمثيلية وتعدد الوانها ومعانيها وابجدياتها الراقصة  المتوافقة مع الاطر الفنية المتخيلة والواقعية.
ان مسرح كركلا يعتمد على أبجدية عالمية يحاكي من خلالها الشعوب كافة، وبمختلف المستويات الفنية التي تكشف عن قيمة الحركة والايماء والتعبير الصامت في حياة الانسان، فلا تكتمل الحضارات ما لم تستطع محاكاة الشعوب بابسط التعبيرات واصعبها في آن، لأن الحركة في  المفاهيم البصرية تكشف عن كل ما هو داخلي وصامت ويرتسم في الفضاءات بحرية حركية مناسبة لكل راقص استطاع منح جسده تعبيراته الانفعالية المتفاعلة مع الرؤية أو الفكرة والتصور العقلي المراد إيصالة جماليا من خلال المسرح التعبيري الراقص.

--------------------------------------------------
المصدر: ضحى عبد الرؤوف المل - ”اللواء”

تابع القراءة→

0 التعليقات:

صدور كتاب "إضاءات في نظرية الدراما" لمؤلفيه د.سافرة ناجي.. وحمد حماد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 17, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تعد نظرية الدراما من الفنون التعبيرية الأولى التي كشفت عن توق الانسان الى المعرفة، وقد جسدت تساؤلاته الوجودية في متون محاكاتها ، إذ تمثل حقيقة وجود الانسان وجدلية الوجودية القائمة على أن الصراع متن الدراما الرئيس، وما الحياة الانسانية إلاعبارة عن صراعات متعددة الاسباب، ومن الصراع نتجت المعرفة، وعند تأمل واقع الحياة بشكل مجرد نجد أن كل ما أنتج الفكر الانساني هو عبارة عن أدراك لماهية صراعاته الروحية والمادية، فالدراما هي الادراك الاول للوجود الذي يحقق صداه الاول في الاسطورة، وما الاسطورة إلا تعبيراً عن شكل الصراع الميتافيزيقي، فكان صورة تعبيرية شفاهية مثلت المدرك العام لسؤال الانسان الأول عن أثر الصراع في حياته، ومن هذا المنطلق في قراءة الدراما جاءت فكرة كتاب (إضاءات في نظرية الدراما) لمؤلفيه( د.سافرة ناجي.. وحمد حماد )والذي  جاء في مقدمته. أن أثر الصراع في حياة الانسان كان أحد الاسباب التي أدت الى أن يقييم طقوسه الدينية، ومن جدلية الدراما نتج الدين، وهذا موقف معرفي تحول بالفكر البدائي الاول الى أن يصيغ لهُ رموز تمثل صراعه الميتافيزيقي. ومن الواحد الى الكثير التي أدت الى أنشاء بنى أجتماعية قوامها الفرد ثم العائلة فالقبيلة الى أن توسعت القبائل في دول وأمبراطوريات، وخاصة الانسان الى تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع أستلزم وسائل عديدة وفكر يحدد ويوصف هذه العلاقة.

وعن مجمل أشكالية هذا أخترع وسيطاً للتفاهم، يمكن أن يكون فضاء تواصل ووسيلة من وسائل التفاهم التي أنتجها الفكر الانساني في صورة رموز اللغة على مستوى الصوت أو العلاقة الدرامية بصيغ متنوعة مما ولد نوع من التداخل الفكري في نصوصها، وأذا أخذت الدراما من الاسطورة موضوعاً، لأن الدراما في مولدها الفكري هي السا بقة ولكن مدلولها الحركي المشهدي هي اللا حقة لان فنون المشاهدة الدرامية بحاجة الى بنى معرفية متقدمة من شأنها أن تستوعب الشكل الفني الحي لارسالية الدراما وفنونها، سيما وأن كل التأكيدات والبحوث الفلسفية وآراء المنظرين تؤكد أن المحا كات غريزة أنسانية كامنة في وعي ولا وعي الانسان، هذا المتن التعبيري الذي يواكب ويستجيب الى الفكر، ليكون فضاءاً إبتكارياً للإنسان المعاصر. ولانها تحاكي ماهية الوجود حددها الكثير بأنها تتسم بالتقليد لهذه الماهية، وهذا الالتباس المفاهيمي حاولنا في دراستنا أن نضيئة، وعلى ضوء هذا لم نعيد شرح تفاصيل العناصر المشكلة لإجراءات الدراما في التراجيديا والكوميديا، وأنما قد تم أضائتها من خلال جدليتها المعرفية بوصفها سؤال الانسان الأول/ سؤال الوجود، وتفصيلاً لفكرة الدراسة أشتغلنا على الفكري المعرفي بوصفها دالة الوجود الحضاري للفكر الانساني والشكل له، لهذا حددنا بالعناوين التي ضمتها متن هذه الدراسة، ونعتقد أن هذه الدراسة ستفيد الباحثين والدارسين والمهتمين بفنون الدراما، وكلنا وعي وأدراك أن المعرفة دائرة مفتوحة في السؤال المغاير لمحولات ما أنتج الفكر الانساني، وهذا ما يؤكد عليه قانون الدراما بأنها ذات سيا قات متحولة من أجل إعادة صياغة معنى آخر لهذا الوجود.

وفي استهلال أول تحت عنوان (الدراما سؤل الوجود)  تعد الدراما من الفنون العقلية- الحسية التي تستبطن سؤالاً إشكالياً حول ماهية الوجود الإنساني وحركية تفاعله معه وتعاطيه وماينتج عن هذا التعاطي من موقف جديد.. ولان الانسان والوجود عبارة عن ثنائيات متضادة تحقق وجودها من خلال الصراع بين هذه المتضادات، سيما وأن كل محمولات الوجود هي صورتي ظاهره وباطنه، ولكل من هذه الصورة دوال مفاهيمية يحققها الاستنتاج الذهني لها، ليشكل بذلك موقفاً جديداً، وعلى ضوء هذه التناقضات تحقق الدراما دالتها في أنها مستقرء هذا الوجود من خلال ثنائية التضاد بين العقل والحس وعلى ضوء هذا تعرف الدراما.. وفي باب الفصل الاول الموسوم (محاولة التوفيق بين المتضادات الوجودية لأنتاج موقف جديد) نقرأ: تعد الدراما وعي الإنسان الاول بالوجود، ولكي يعبر الانسان درامياً عن وعيه فهو بحاجة الى أن يبحث عن صياغة معينة أو أطار تعبيري يمكنه من أن يبلور أفكاره عبر أداة التعبير المختارة. وفي الباب نفسه: أن مفهوم الدراما قا ئم على خلق المدركات الواعية بالوجود. بوصفها فن إعادة تركيب مستمر بتجربتنا.. وأنها عملية جدل للاتصال الانساني.

إذ تعيد تنظيم أجراء الوجود الملموس واللا ملموس في صيغ أخرى، وبما أن الدراما معرفة مؤجلة لخلق الصور الذهنية على مستوى النص.. إذ تسعى لتؤسس الى تحقيق معنى اخر مجرد، ففنون الدراما هي إستجابة لكل ماهو أشكالي وفظيع، أنها تعلم الانسان عدم التوقف أو العودة الى الوراء أو الانكماش.. فالدراما تجاوز للواقع بما هو موجود...الدراما والميتافيزيقي.. عنوان محبث .جاء فيه:ان محمولات الدراما الفكرية تنطلق من محاكاتها للحضور المادي للإنسان وجدلية علاقة الغيبية مع الطبيعة ذات المعطيات الماورائية ‘وتشترك كل من الدراما والميتافيزيقيا في انهم فضاءات انشائية معرفية تحاول أن تعبر عن الوجود،أوتجد دالة تشير له معبرة عنه بشكل ما وفضاء المقارنة بين الدراما والمتافيزيقيا في أنهما من(الآن)المتفاعل مادياً في التعاطي مع الوجود،ويعرَّف المذهب الميتافيزيقي على انه((اتجاه أدبي وفلسفي يبحث في ظواهر العالم بطريقة عقلية وليست حدسية صوفية ويمزج العقل بالعاطفة ويبتدع اساليب أدبية تجمع  بين المختلف والمؤتلف من الاخيلة الفكرية والظواهر الطبيعية ))كما جاء في هذا الباب .الطروحات المتافيزيقية تكتنز جدلية الدراما الفكرية من خلال الواقع  والمشا بهة معه رمزيا إلا انها ايضاً تعارضه في سؤال ماهوي لما بعد الوجود ، لذلك فأن الدراما هي فعل السؤال الدائم عن كل ماهو كامن خلف ماأظهر لنا الضوء من اشكال ،وبمعنى آخران كل مايظهر مع اكتشافه فانه يستتر شيئا آخرغير منظور ،لهذا في كل مرة تقدم الدراما قراءتها له بشكل تعبيري جديد فمرة من خلال الاسطورة وثانية من خلال الشعر واخرى من خلال الملحمة،فهي تقدم توازناً من خلال الذاتي والمحسوس والمادي والموضوعي في صياغة جمالية لاكتشاف الوجود ،لذلك فأن قراءة عقلية حسية لتغيير ظواهر الوجود بتعدد اشكالها،.ومن خلال ما تقدم يمكن القول بأن الدراما هي القراءة الكلية الجدلية الفكرية لظاهرة الوجود الانساني بكل مايظهر ويحتجب عن العقل الانساني،فهي فضاء ادرك العالم (المثل\الميتافيز يقيا)،تعمل على ادراك عالم المثل من خلال العالم المحسوس ،التي يظهرها الخيال القادر على صياغة ما تفترض الدراما ان يكون عليه العالم من حوله ،ومن هنا يمكن القول ان علاقة الدراما بالميتافيزيقيا هي البحث عن اسرار الوجود وسؤالها الاستفزازي له مدركات حسية .وفي (الدراما والاسطورة)نقرأ:تعد الدراما تجسيدا للصراع الدائر في الحياة ،في محاولة للكشف عن جوهر هذا الصراع ،اي انها ليست مجرد تصوير للصراع،لكونها تضفي عليه ادراكها وفهمها لقوانينه ،فتقدمه بحلّة جديدة من خلال الرؤية والمعالجات التي تطرحها للحياة في صورة درامية واعية .كما جاء في الكتاب:هل ان الاسطورة الحديثة تتوازى مع الاسطورة القديمة؟-ان الاسطورة لاتشكل بؤرة لنصها الجديد من كونه يعتمد على الابتكار والخلق،فهي تنشأ من اعماق الذات الانسانية المعاصرة لتنسجم مع مشكلاتها وقلقها المعاصر،ومع هذا فأن الاسطورة القديمة والحديثة يتوازيان مع كونهما يمثلان صورة من الخلق الألهي،ومن هنا نستخلص بأن الاسطرة الدرامية هي سلوك اجرائي فني يختص بالبناء وآليات التشكيل الداخلي للنص،من غير ابتكار قيمة معيارية لمثله الجديد،إذ ترسم رؤيتها عبر اسطورتها الجديدة.وقد استشهد المؤلف بمعادلة (الأسطورة+دراما=اسطرة)ومن ذلك نستخلص بأن الدراماهي الفكر المؤسطر لقيم المثال ،ولهذا تعد الاسطرة هي الاجراءات التقنية التي يجريها الكاتب في تشكيل البنى الداخلية للنص الدرامي ،أي ان الاسطرة هي كل ما يقدمه المبدع في شكل تعبيري عن الواقع الانساني.وعليه نجد ان الدراما واجراءها الاولي الراسخ في الاسطورة هي الشكل الاول الذي ظهرت به الدراما المتوافقة مع فكر الانسان البدائي آنذاك .وفي باب (الدراما والرمز)ان محاكات الدراما الاسطورية تتخذ  من الرمز مدخلاً لايجاد معادلات موضوعية لحركية الوجود.لذلك نجد الدراما توظف أو تستعير تعابير رمزية لتمثل مفاهيم  لانكون قادرين على تحديدها أوادراكها تمام الادراك .وفي (الدراما والشعر)يتداخل نسقي الدراما والشعر على أعتبار ان الشعر شكل من اشكال المحاكات التي لهما نظامهما المتداخل درامياً لذلك فأن العلاقة بين مفهوم الدراما لمدركات الواقع الانساني والشعر ،أوغنائية الوجدان الذاتي هي علاقةحركية متداخلة في البوح ،إذ كلاهما يجمع بين المنطق الخاص للبوح الفردي وبين المنطق العام للبوح الجماعي مادامت الدراما تمثل فضاء هذه الحركة بانساقها المتداخلة جمالياً،لهذا يعد الشعر عند(ارسطو)هو "فن المحاكات:ان الشاعر محاك مثله مثل المصور أو أي محاك آخر"، مايؤكد على عمق التداخل بين الدراما والشعر،ولاسيما كلاهما يكشف عن حاجات الانسان  ويناقشها جماليا، لذلك تعد الدراما هي"ذلك النوع الفني الذي يمثل التركيب النهائي للشعر عموما".وفي(الدراما والفلسفة)كتبوا:تعد الفلسفة هي السؤال الذي يبغي الحقيقة وادراكها،وعلاقة الدراما بالفلسفة هي علاقة تحقق المجرد عند زجه في فضاء التجريب الجمالي ،  وهذا يشير الى ان الدراما هي فضاء فحص التساؤلات الكونية   لان"الفلسفة تنتج نظاماً مترابطاً من المفاهيم التجريدية تدعي تفسير العالم،والدراما تقدم نظامها المترابط لمفاهيم الفلسفةالمجردة في حدها الجمالي وتوظيفها في خلق نظام انساني ذو نظام تراتبي،وبناء على هذانجد ان تعاطي الدراما مع الفلسفة هو أحد التقنيات الفكريةالتي كشفت عن الوجود وصراعه الفكري في ماهية الكون والاشياء ،وعليه فان الدراما والفلسفة هما حدي الوجود.وتناول الكتاب عدة محاور مثل :الدراما واللذة الجمالية،والدراما والقدر،والدراما والملحمة،وفي هذا المحور:تنفرد الدراما عن الملحمة في انها تكشف عن الشخصية ،سيما الملحمة تشرح كل شي للمتلقي وتغلق عليه دائرة البحث أو التوقع لما يمكن ان يحدث لمستقبل قص الحدث،والابرز في ذلك ان المشكلة العامة هي التي تتحكم في الملحمة،بينما الشخصية في الدراما هي من يمنح المشكلة قيمتها،ولاسيما فيالدراما الحديثة.كما جاء في الكتاب محاور:الدراما والشكل،والدراما وقانون التراجيديا، وقانون الكوميديا الدرامي، وثنائية التضاد،والدراما وقانون الحبكة،وايقاع الفعل الدرامي،والدراما ومفهوم البطل التراجيدي،والدراما وتقنية الاكتشاف والتحول،والدراما والزمن والمكان،والعقدة والفعل،والدراما ومفهوم التما ثل،والدراما ومفهوم السرد،وفيه:الوجود عبارة عن سرد متواصل وحكاية انسانية طويلة،وما الافعال الانسانية إلاشكل من اشكال الحكاية حتى وان تعددت انساقها الثقافية ،لذلك يعني السرد بصوت عال ،وبما ان الدراما تمتاز بخصوصية زج جميع الاجناس الفنية الاخرى في خطابها ،فعندما تستعير اللغة لتقديم الفعل الدرامي عن طريق الشخصيات فهي تمارس عملية السرد ولكن بتقنية التقديم لا العرض.اما محاور الكتاب الاخرى:الدراما ومفهوم التطهير،والدراما والاسلوب،ومنه الاسلوب الدرامي له قيمة اسلوبية خاصة به تحددها طبيعة الموضوع المحاكى وهذا نجده حاضراًفي الفنون المجاورة للدراما،إلا ان الاسلوب الدرامي هو الانحراف بالكا مل عن الواقع بغض النظر عن الشكل الذي يظهر فيه،فهو يكتنز الانحراف متناًجمالياً.وفي محور الكتاب الاخير الدراما والمجتمع  ،نجد ان هناك تخصصاًفي المتن الداخلي لهذه النصوص،وعليه نجد ان علاقة المجتمع بالدراما الآن تغيرت من منظور الخصوصية البحتة شكلاً ومضموناً،ليكون محاكاتها موضوعاً انسانيا عاماًبالدال العام وشيوع المدلول..ومن خاتمة الكتاب نختزل :الدراما متن تعبيري ذات مسارات فكرية تبحث عن حقية الوجود عبر نسقاها الاجرائي الرئسيين التراجيديا والكوميديا.وما الفلسفة واسئلتها عن الحقيقة إلا أنثيالاًعن الدراما،سيما وان الدراما تؤكد على فاعل ومحرك الوجود (الانسان)بما يمتلك من قدرة تخيلية على صنع الرمز، فان المثل وصورتها(الافلاطونية)ما هي إلا من صناعة هذا الفاعل،فحقيقة المثال هو الانسان ،ولتحقيق ذلك فانها تؤكد على قانون تقديم الفعل لاسرده،لان الاول ينتج فكر والثاني يكمم الفكر،لذلك قانون الدراما انتاج المدلولات اللامتناه ،لهذا نؤكد ان الدراما هي الفن التعبيري الاول وما الاسطورة والغنائية والملحمية إلاموقف جمالي من مواقف الدراما من الوجود،وكما تأكد ذلك في ان الدراما قانون متحول دائماً لكل عصر جديد فأن الاسطورة هي تعبيردرامي عن الوجود ومحدداته الفكرية  آنذاك ،وكما في باقي فنون التعبير..

----------------------------------
المصدر : دار الشؤون الثقافية العامة 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9