أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح العالمي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح العالمي. إظهار كافة الرسائل

السبت، مارس 05، 2022

رسالة اليوم العالمي للمسرح – 27 مارس 2022 كتبها: بيتر سيلرز مخرج مسرح وأوبرا ومدير مهرجانات من الولايات المتحدة الأمريكية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, مارس 05, 2022  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


رسالة اليوم العالمي للمسرح  – 27 مارس 2022
كتبها: بيتر سيلرز  مخرج مسرح وأوبرا ومدير مهرجانات من الولايات المتحدة الأمريكية 

الأصدقاء الأعزاء،
لأن عالمنا اليوم معلقٌ بالساعة وبالدقيقة على موجز الأخبار اليومية وكأنه يتم تغذيتنا بالتنقيط، هل لي بدعوتنا جميعاً كمبدعين، إلى الدخول في نطاقنا ومجالنا السليمَيْن ومنظورنا الخاص لهذا الزمن الملحمي والتغيير الملحمي والوعي الملحمي والانعكاس الملحمي والرؤية الملحمية؟ فنحن نعيش في فترة ملحمية من تاريخ البشرية، نتج عنها تغييرات عميقة في علاقات البشر مع أنفسهم، ومع بعضهم البعض، ومع العوالم غير البشرية، تغييراتٍ تكاد أن تتجاوز قدرتنا على الفهم والتعبير والتحدث عنها.

نحن لا نعيش في دائرة الأخبار على مدار الساعة، إننا نعيش على حافة الزمن. والصحف ووسائل الإعلام غير مجهزة بالمرة وغير قادرة على التعامل مع ما نمر به.
أين هي اللغة، وما هي الحركات والصور التي قد تسمح لنا بفهم التحولات والتمزقات العميقة التي نمر بها؟ وكيف يمكننا أن ننقل مضمون حياتنا الآن ليس كريبورتاجٍ صحفي بل كتجربة؟

المسرح هو الشكل الفني للتجربة.

في عالمٍ تغمره الحملات الصحفية الواسعة وتجارب محاكاة الواقع والتكهنات المروعة، كيف يمكننا تجاوز التكرار اللانهائي للأرقام لنجرّب قدسية ولا محدودية حياةٍ واحدة، أو نظامٍ بيئيٍ واحد، أو صداقةٍ واحدة، أو جودة وجمال الضوء في سماءٍ غريبة؟ عامان من كوفيد-19 قد أضعف حواس الناس، وضيّق حياتهم، وقطع العلاقات فيما بينهم، ووضعنا في موضع نقطة الصفر الغريبة من حياة البشرية.
ما هي البذور التي يجب زراعتها وإعادة زراعتها في هذه السنوات، وما هي الأنواع الدخيلة والمتضخمة التي يجب إزالتها بشكل تامٍ ونهائي؟ هنالك الكثير من الناس ممن يعيشون على حافة الهاوية، ويشتعل الكثير من العنف بشكل غير منطقي وغير متوقع، وتم الكشف عن العديد من الأنظمة الراسخة على أنها هياكل للقسوة المستمرة.
أين ذهبت مراسم الذكرى التي نحتفي بها؟ وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي الطقوس التي تسمح لنا أخيراً بإعادة التخيّل والبدء في التدرب على خطواتٍ لم نخطوها من قبل؟
إن مسرح الرؤية الملحمية والغرض الملحمي والتعافي الملحمي والإصلاح الملحمي والرعاية الملحمية يحتاج إلى طقوسٍ جديدة. لسنا بحاجة إلى الترفيه، بل إلى التجمع ومشاركة الفضاء الواحد، نحن بحاجة إلى إنشاء فضاءٍ مشترك ومساحاتٍ محمية للاستماع العميق والمساواة.

المسرح هو خلق تلك المساحة على الأرض التي يكون فيها الكل متساوياً، سواءً البشر أو الآلهة أو النباتات أو الحيوانات أو قطرات المطر أو الدموع أو عملية التجديد. إن فضاء المساواة والاستماع بعمق مضاءٌ بالجمال الخفي ويبقى نابضاً بالحياة من خلال التفاعل العميق للخطر ورباطة الجأش والحكمة والعمل الدؤوب والصبر.

في كتاب "زخرفة الزهور" يسرد بوذا عشرة أنواعٍ للصبر العظيم في حياة الإنسان، وأحد أقوى هذه الأنواع هو الصبر على إدراك أن جميع الناس هم في النهاية مجرد سراب. ولطالما قدم المسرح حياة هذا العالم على أنها تشبه السراب، مما يتيح لنا أن نرى بوضوحٍ وقوةٍ وتحرر من خلال غشاء الوهم والتضليل والعمى والإنكار البشري.
نحن متيقنون جداً مما نراه والطريقة التي نراه بها لدرجة أننا غير قادرين على رؤية الواقع البديل والإمكانيات الجديدة والنهج المختلفة والعلاقات غير المرئية والصلات الخالدة والشعور بها.

حان الوقت للانتعاش العميق لعقولنا، لحواسنا، لتخيلاتنا، لتاريخنا، ومستقبلنا. ولا يمكن القيام بهذا العمل من قبل أشخاصٍ معزولين يعملون بمفردهم، يتعيّن علينا القيام بهذا العمل معاً، والمسرح دعوة للقيام بهذا العمل معاً.
أشكركم بعمق على كل ما تفعلونه.
-------------------------------ا
ترجمة: حصة الفلاسي  
مركز الإمارات للهيئة الدولية للمسرح - الفجيرة
الترجمة العربية
___________________

عن اليوم العالمي للمسرح

تم إنشاء يوم المسرح العالمي من قبل الهيئة الدولية للمسرح وتم الاحتفال به لأول مرة في 27 مارس 1962، وهو تاريخ إطلاق موسم "مسرح الأمم" في باريس، منذ ذلك الحين وفي هذا التاريخ من كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح على نطاق عالمي.

أهداف اليوم العالمي للمسرح كما هو الحال مع اليوم العالمي لفنون الرقص هي:
• الترويج لهذا الفن عبر العالم.
• نشر المعرفة بين الناس حول قيمة النموذج الفني.
• تمکین مجتمعات الرقص والمسرح من الترويج لإعمالهم علی نطاق واسع حتی یدرك صناع القرار قیمة ھذه النماذج الفنية ودعمھما.
• التمتع بالفن بحد ذاته.

تابع القراءة→

الثلاثاء، سبتمبر 07، 2021

إيوجينيو باربا وأنثروبولوجيا المسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, سبتمبر 07, 2021  | لا يوجد تعليقات



إيوجينيو باربا وأنثروبولوجيا المسرح / محسن النصار


تعتبر الأنثربولوجيا كونها علما مستقلا من العلوم الإنسانية . أما من حيث علاقتها بالمسرح ، فقد شكلت توجها في البحث المسرحي، يغطي مجالات عديدة تشمل الدراسات التي اهتمت بدراسة الظواهر المسرحية في المجتمعات البدائية من ناحية، ومن ناحية أخري دراسة الظواهر الأنثربولوجية الموجودة في المسرح. وتعُرّف ألانثروبولوجــــــــيا :
بعلمُ الإنسان
وعلمُ الإنسان وأعماله وسلوكه
وعلمُ الجماعات البشرية وسلوكها وإنتاجها
وعلمُ الإنسان من حيث هو كائنٌ طبيعي وإجتماعي وحضاري
وعلمُ الحضارات والمجتمعات البشرية
.
وحققت المنظومة الحركية والبصرية في تجارب إيوجينيو باربا شبكة جمالية عبر توظيف الأنثروبولجيا المسرحية

فهو يمتلك طاقة حركية و تعبيرية تظل قائمة في خلق ابعاد انسانية لتقريب المجتمعات الأنسانية بوسائل الاتصال المسرحية .
إ فرّق باربا بين الحركة التي يمارسها الممثل في الواقع والحركة التي يمارسها على خشبة المسرح وهو من المبادئ الأساس في المسرح الشرقي التي لم يتعرّف عليها المسرح في الغرب إلا عبر أنفتاحه على ما يحمله المسرح الشرقي من جماليات خاصة به وخاصة مسرح النوة الياباني

((وقادتني الطريقة العلمية في البحث الى الكشف عن قوانين خاصة بتقنيات الممثل في المسرح الشرقي .
اولها : التوازن غير الثابت ، فالممثل في مسرح ( نو ) الياباني يمشي وقدماه تمسحان الارض ولايرفعهما عنها .
ومن ذلك نكتشف ان مركز ثقل الجسم وتوازنه متغيران وعندما يمشي ممثل ( نو) بتلك الطريقة فانما يثني ركبتيه قليلاً ويضغط خفيفاً على اسفل العمود الفقري ، ويشبه هذا الوضع تماماً ذلك الوضع الذي نتخذه عندما نتهيأ للوثوب او القفز . في مسرح ( كابوكي ) الياباني ، هناك قانون الخطوط المائلة ـ اي ان يكون رأس الممثل بوضع بشكل اعلى خط مائل ويكون القدمان قاعدته ويبقى الجسم كله في حالة توازن متحرك ومستند الى ساق واحدة . وهذا وضع جسماني مخالف لوضع الممثل الغربي الذي يتخذه محاولاً عدم تبذير الطاقة بافتراض التوازن المستمر وبأدنى حد من الجهد ويسمى ذلك الوضع المائل ( اراغوتو ) . وهناك وضعية ثانية تسمى ( واغوتو ) يتخذها الممثل في مسرح ( كابوكي ) وهي وضعية قريبة من الاسلوب الواقعي حيث يأخذ جسم الممثل اثناء المشي ثلاثة منحنيات . وهذه هي الوضعية التي يتخذها الراقص الهندي في الرقص الكلاسيكي . وفي رقصة ( اوريسي ) الهندية يتشكل جسم الراقص بشكل حرف (S ) وتتضح مثل هذه الوضعية في المنحوتات الهندية الكلاسيكية . وعليه فان الممثل في مسرح ( الكابوكي) يتحرك حركة متموجة نحو الجانب ويكون للعمود الفقري الدور الرئيس لتحقيق التوازن المستمر او العلاقة المستمرة بين ثقل الجسم ومركزه وقاعدته ـ القدمين . في الرقص البالينى يدفع الممثل / الراقص براحتي قدميه الى امام ويرفع اصابع قدميه الى اعلى ليقلل اتصالها بالارض ولكي يتفادى السقوط ينشر قدميه ويثني ركبتيه ويحدث التوازن . اما راقص البالية الغربي فيسند ثقل جسمه بالكامل الى ساق واحدة وعلى اطراف اصابع قدم واحدة ، اذن لماذا هذا الاختلاف بين اسلوب المشي في الحياة اليومية واسلوب المشي في حالة الرقص سواء لدى الغربيين ام لدى الشرقيين ، السبب هو الايحاء بالجمال ـ جمال الحركة وعدم الخضوع الى الطبيعة .
يقال ان الممثل في مسرح ( نو ) و ( كابوكي ) يعتمد كثيراً على ردفيه فهما اللذان يحركان ساقيه بينما في حركته اثناء الحياة اليومية يحدث العكس حيث تحرك الساقان الردفين . وفي الحالة الاولى يحقق الممثل طاقة اضافية لحركته ، ويحقق ايضاً توازناً متغيراً . هناك قاعدة تطبق في مسرح ( نو ) الياباني تقول ان ثلاثة اعشار الفعل تتم فقط في المكان اما السبعة اعشار الباقية فتتم في الزمان حيث ان الطاقة لدى الممثل تخزن مكانياً وتستهلك زمانياً . وهناك قاعدة اخرى تسمى ( التعارض ) وتقوم على اساس خزن الطاقة مكانياً وتصريفها زمانياً حيث يتم التعارض بين الخزن والتصريف . ذهب ( غرونوفسكي ) الى الصين خلال ستينيات القرن الماضي وعند عودته الى بولندا اخبرني ان الممثل الصيني عندما يريد تنفيذ اية حركة جسمية فانه يبدأ بقاعدة التعارض فاذا اراد ان يتحرك الى امام فانه يبدأ بالحركة الى الخلف قليلاً اولاً ثم ينفذ الحركة الى امام . واذا ما اراد الممثل ان ينحني الى الاسفل فانه يبدأ حركته بانحناءة الى الاعلى اولاً ، وقد ادركت ان الغرض من فعل التعارض هو تكبير فعل الحركة ولخلق تأثير الادهاش ، وتستخدم قاعدة ( التعارض ) من قبل الممثل في المسرح الشرقي عموماً ، والخط المستقيم المباشر في الحركة لا وجود له في المسرح الشرقي . القاعدة الثالثة في المسرح الشرقي تسمى ( الترابط المفكك ) وهي تقنية لاتستخدم في الحياة اليومية بل على خشبة المسرح فقط . وتقضي هذه التقنية افتراض افعال تعيق حركة الممثل ثم يتغلب على الاعاقة بما لديه من طاقة كامنة وهكذا يقوم الممثل بفعل التفكيك الذي يؤدي الى التهذيب بواسطة التدريب المستمر لتطوير الافعال العضلية الانعكاسية . قادتني تلك القوانين او القواعد التي يتبعها المسرح الشرقي الى تأسيس ( المعهد العالمي لانثروبولوجيا المسرح ))(1)
.
أن مفهوم "الأنثربولوجيا" لم يتبلور في أستخدام المسرح له إلا عند"يوجينو باربا". ولكن كانت له بعض السمات في مسرح جروتوفسكي. حيث يري أن مفهوم الأنثربولوجيا يتضح عنده خلال العلاقة الذاتية للممثل وعلاقة الفرد بالجماعة. ويتضمن ذلك العمل الجماعي للممثلين وعلاقة الممثل بالمتفرج.

ومن رؤياه المسرحية في اكتشاف لغة جديدة للمسرح بحيث تكون قوة سلوكية وانسانية تستحضر السلوك البشري للتقريب بين المجتمع الأنساني وربط بين الميتافيزيقا لخلق مسرحا ميتافيزيقيا يستبدل فيه الكلام المنطوق بلغة جسدية بصرية محسوسة لانه كان يؤمن بان المسرح لا يؤثر على السمع فقط وانما على الحواس الاخرى.


(1)أنظر : سامي عبد الحميد - انثروبولوجيا المسرح في العمل - صحيفة التآخي - 2- 8- 2012)

تابع القراءة→

الثلاثاء، مايو 26، 2020

تاريخ موجز للآشكال المسرحية (من أرسطو الى بريشت وباراكا وأونيل وبول)

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 26, 2020  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


تاريخ موجز للآشكال المسرحية (من أرسطو الى بريشت وباراكا وأونيل وبول)

ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد – البصرة

بقلم: أليس لوفليس أتلانتا ، جورجيا

هذه المقالة الموجزة مقتطفة من مقالة طويلة بقلم أليس لوفلاس بعنوان ( الصلة المتبادلة: التوسّط ومسرح المضطهدين في عملية التغيير الأجتماعي). تتطرق هذه المقالة الى تطور المسرح الحديث وعلاقته بالجمهور وكذلك المجتمع وصلة ذلك كله بالتغيير الآجتماعي.
يصف ريتشارد سيثيرن Richard Southern (1961) الفن بأنه شكل من اشكال التواصل ومنه الحوار (الذي يتيح الفرصة للتواصل مع الناس). ويقسم سيثيرن تاريخ الأشكال المسرحية الى (الفترة ماقبل الديانة المسيحية) Pre-Christian Era ، أي فترة الأسطورة الوثنية أو البدائية و(الفترة المسيحية) Christian Era. ففي المجتمعات التي سبقت الديانة المسيحية في أوربا مثل الثقافات الأراواكية Arawaks والسلتية Celtic وبعض الثقافات في غرب أفريقيا وأسيا حيث كان السحر يمارس أثناء الطقوس الدينية وهو شكل مسرحي فيما أتجهت المسيحية الأوربية الغربية الى ابعاد السحر عن الدين واستثمرته في مسرحها.
ويمكن تمييز الفترتين التاريخيتين أيضا على أنهما (عصر مسرح الشعب) و (عصر الشعب في المسرح). وفي المسرح البدائي (حيث كان الممثلون يمثلون جزءا من المجتمع)كان المتفرجون يتجمعون في الهواء الطلق حيث كانت الطبيعة توفر المناظر الطبيعية والستارة الخلفية. وكانت الحركة متعددة المجالات تبدأ يأستخدام الأقنعة والغناء والرقص وأداء طقوس معينة. وكان لجمهور الحاضرين الحرية بالتداخل وتكييف الأداء المسرحي وفق أحتياجاتهم. وكان مثل هذا المسرح تحت سلطة المجتمع حيث كان الجميع يسردون قصصهم التي تعكس قيمهم أضافة الى رؤية العالم. وفي عصر أشكال المسرح المسيحي أصبح الممثل محط ألآهتمام ، أما دور الجمهور (المجتمع) فقد تقلص ليأخذ دور الشخص المصغي أو المستجيب. وفي هذه الفترة بدأ التمثيل يجري في الداخل على خشبة المسرح التي أصبحت أعلى من الجمهور (المجتمع) وتحت أضواء أصطناعية.
ومع أبتداع هذا النمط من المسرح اصبحت الكلمات هي محط الأهتمام. وعلى أثر ذلك تحول التواصل من أعتماد المعنى الرمزي المعرّض للتـأويلات الى المعنى المحدد بكل أحكام. وأصبحت اللغة بمثابة عقبة مما جعل الحوار يتحول الى مناجاة فردية على المسرح (أنظر سيثيرن 1961).
وكانت ملاحظات أرسطو حول بنية المسرح وغرضه قد استندت الى التراجيديا الأغريقية. ورغم أن بعض ملاحظاته قد حورت في مابعد فأن الكثير من أفكاره قد جمعت ونظمّت بصيغة قواعد صارمة للمسرح (أنظر كارل أج شوبس Schoeps 1977. وقد أرتقى أرسطو بحياة أفراد الطبقة الحاكمة والكنيسة وقيمها الى مقام المسرح العظيم ، حينذاك اصبح للآله وجها محددا كما أصبح بالأمكان مطابقة الفضيلة مع نمط حياة معين. والمسرح ، في نظر أرسطو ، يحمل رؤية عالمية وقيما أخلاقية تمثل أولئك الذين يمسكون بزمام السلطة وأستثمار لغتهم ورموزهم مع ترك الجماهير تتخذ دور الجمهور السلبي.
بعد ذلك ظهرت الطبقة الوسطى ، وبظهورها أنبثقت شخصية جديدة مثلت الفرد الأستثنائي وهذا أدى الى بروز الولع الشديد بالبطل (أنظر بول Boal 1979). وقد أرتبطت شخصية البطل بالطبقة الحاكمة أو الطبقة ألأرستقراطية مع وجود خط مستقل. وبموجب قواعد التراجيديا الأرسطية فأن البطل يكافيء بسبب تأييده لقيم الطبقة التي ينتمي أليها ، عير أنه يتعرض في نهاية المطاف الى عقوبة صارمة من جراء الخلل في شخصيته ، وأن مثل هذا الخلل كان السبب في أرتقاءه الى مكانة البطل. في هذه الأثناء يشاهد المتفرجون مايحصل فيشعرون بالمعاناة مثله من خلال عواطفهم وتعاطفهم معه.
تطور مسرح المضطهدين
بذهب شوبس Schoeps الى الآعتقاد أن برتولت بريشت (1896 – 1956) Bertolt Brecht قد أسهم كثيرا في أثراء اشكال المسرح الحديث ، فقد كان دوره بارزا الى حد كبير في المسرح الحديث ومثّل تحديا لمنهج أرسطو بخصوص المسرح بصفته نشاطا يرتبط بالمتفرجين.
ورغم أنه أيد رأي أرسطو من أن المسرح لابد أن يكون (مكانا للترفيه والمتعة) فأنه لم يرغب (بأنتزاع المسرات) من الجمهور من خلال تجفيفهم عاطفيا. لكن بريشت عارض مفهوم أرسطو حول تطهير العواطف بالفن catharsis وسعى بدلا من ذلك الى تحفيز عقول الجمهور في ما يخص العالم من حولهم ومكانتهم في ذلك العالم والنزاعات التي تحيط بهم. وكانت الرغبة تحدو بريشت بأن يكون رد فعل الجمهور من خلال العقل وليس العاطفة.
ويعتبر شوبس بريشت (مجددا) ومتمكنا من تكييف التراث الأدبي وتطويعه لآهدافه الخاصة ، كما أنه أفلح في تضمين الأقتصاد والسياسة في نصوصه ويرى أن أفضل أسهام لبريشت في المسرح الحديث يتجسد في مسرحية (دائرة الطباشير القوقازية) The Caucasian Chalk Circle التي يقوم بها المغني / الحاكي بدور القاص والمعلق والمفسر للنزاع ، وهي شخصية تدل بوضوح على أبداع الكاتب.
وفي الولايات المتحدة هناك العديد ممن ساروا على خطى بريشت لعل من أهمهم وأكثرهم شهرة جماعة (المسرح الحي التعاوني) Living Theater Collective التي تأسست في عام 1947 بقيادة الممثلين (جوديث مالينا) Judith Malina و (جوديث بيك) Judith Beck. ومنذ فترة الخمسينيات من القرن الماضي تعاظم تأثيره وألهم جماعات مثل (فرقة التمثيل الأيمائي في سان فرانسيسكو) San Francisco Mime Troupe وكذلك فرقة (التيترو كامبيسينو) El Teatro Campesino. كما يتضح تأثير بريشت بجلاء في أعمال الناشط المقروء كثيرا (أيمامو أميري باراكا) Imamu Ameri Baraka الذي كان يعرف في السابق بأسم (ليروي جونس) LeRoi Jone. وفي عام 1964 أضفى باراكا صبغة سياسية على المسرح الوطني من خلال مسرحيته الموسومة (الهولندي) The Dutchman التي حصلت على (جائزة أوبي) Obei Award تبعها في السنة اللاحقة بمسرحية (العبد والمرحاض) .The Slave and the Toilet. وترمز مسرحيات باراكا الى المواجهات والعداء وفقدان الثقة بين السود والبيض في أمريكا (أنظر شوبس 1977).
وقد وصل تأثير بريشت مختلف أرجاء الولايات المتحدة ، وقد أثر على فنانين نشطاء مثل (جون أونيل) John O’Neal وهو كاتب أمريكي من أصول أفريقية ، وهو ممثل مغروف بتجسيد الشخصية الشعبية المعروفة ب (جون باك جوبا جونز) June Bug Jubba Jones. ويقر أونيل بالتأثير الذي تركه بريشت والمسرح الحي على قراره في ابتداع المسرح الذي يتحدث عن كرامة الأمريكان من أصول أفريقية وعزتهم غي مواجهة الأضطهاد الفاضح. وقد استخدم أونيل بريشت مصدرا رئيسيا له في كتاباته وتفكيره ، كما أنه أستخدم (مسرح الحقيبة) Suitcase Theater الذي أرتبط ب (لانكيستن هيوز) Langston Hughes و (تيد وارد) Ted Wared مثالا يحتذى به ليعمل بعدها بالتعاون مع (توم دينت) Tom Dent و(جيلبرت موس) Gilbert Moss على تأسيس (المسرح الجنوبي الحر) Free Southern Theater (1963) في نيوأورلينز وكان الهدف من ذلك تأسيس مسرح يشجع أولئك المنضمين الى الحركة ويدعمهم. وقد سعى هذا المسرح الى تجسيد حياة الفقراء والطبقة العاملة في الجنوب على خشبة المسرح مما حفز العاملين في (حركة الحقوق المدنية) Civil rights Movement على التفكيرالنقدي والتأملي. وكان الشعار الذي تبناه (المسرح الجنوبي الحر) هو (هذا المسرح لمن لامسرح له).
ويعتبر اوغستو بول Augusto Boal ، وهو ناشط سياسي برازيلي ومخرج مسرحي في (مسرح أرينا) Arena Theater (1956 – 1971) من أفضل تلامذة بريشت المجددين البارزين. وفي عام 1971 نشر بول كتابه الموسوم (مسرح المضطهدين) الذي يسرد فيه تطوره الثقافي ويوضح فيه تجاوبه مع تأثير بريشت والمنظّر التربوي (باولو فريري) Paulo Freire وتأثيرهما على تفكيره. وقد طالب فريري (1970) بأن يقدم الفنانون دعمهم لكفاح الناس من خلال تكريس أنفسهم لتفكير الناس. ولم يشجع على التركيز على أفعال الأنسان لأن مثل هذا التركيز سوف يفضي الى الفوضى. والتركيز الحقيقي يجب أن ينصب على (التفكير – اللغة) اللتان تستثمران في الأشارة الى الواقع ، والمستويات التي يتم أدراك ذلك الواقع بموجبهما وكذلك وجهة نظرهم أزاء العالم. وحذر قائلا: لاتقصد الناس بهدف تخليصهم أنما عليك أن تفهم من خلال الحوار.
لقد تأثر بول كثيرا بذلك وعمد الى ربط عمله في مجال النشاط المدني مع خبرته في مجال المسرح ليبتدع شكلا من المسرح أثبت جدواه في المساعي التي قامت بها الطبقة الدنيا في البرازيل في تغيير واقعهم الشخصي والأجتماعي الى وعي وفعل سياسي. ونظر بول الى المسرح باعتباره أداة للتربية والتعليم وفق الفكرة السائدة عن المسرح بأعتباره يقدم عروضا عادية وتسلية! وكان هدفه زيادة القدرة على مواجهة العوامل الداخلية والخارجية في النزاعات المتأصلة من خلال تعزيز القدرة على الأعتقاد لأحداث التغيير.
وفي أعقاب أنتاج مسرحية (زومي) ZUMI وهي أكثر مسرحيات (مسرح أرينا) نجاحا جاءت مسرحية (الجوكر) The Joker والتي تمثل أكثر اسهامات بول التجديدية في المسرح الجماهيري والتي تعهدت بأحداث التغيير الأجتماعي. ومسرحية (الجوكر) تحث الجمهور على النظر الى النزاع من زوايا كثيرة والتفكير بمسببات مثل هذا النزاع ومايمكن أن يحصل بعد ذلك. ويرى بول (1979) أن مثل تلك الأهداف يمكن أن تتحقق من خلال شكل مسرحي يعمل (ضمن زوال الأساليب المسرحية). ويشمل منهج بول الذي يتألف من سبع مراحل مايأتي: التكريس والأيضاح وسلسلة الأحداث المترابطة والمشاهد والتعليق والمقابلة والنصح.
تشبه مرحلة (التكريس) dedication كثيرا الطقس الأفريقي المعروف ب (الأراقة)1 تكريما الى الأسلاف قبل الدخول في أي حوار عام. وربما يكون التكريس في أطار هدف مسرحية (الجوكر) تكريما لشخص مثالي ربما يقدم تاريخه الشخصي معرفة للأنتاج القائم في تلك اللحظة ، وهو مايسهم بتثقيف الجمهورالحاضر للعرض.
وأثناء (الأيضاح) explanation يحظى (الجوكر) بالسلطة الكافية التي تؤهله للتداخل في أي وقت يشاء حين تدعو الحاجة الى طرح مزيد من المعلومات وعند ذاك يتوقف الأداء وتتم عملية تبادل المعلومات بشكل محاضرة يتم فيها عرض الخرائط أو الشرائح المنزلقة (السلايدات). ويهدف ذلك الى (توجيه التركيز على الأداء من منظور الشخص الذي يقوم بتلك الحركة).
وتشير (سلسلة الأحداث المترابطة) episodes الى المشاهد المترابطة مع بعضها.ويطالب بول بسلسلتين من تلك الأحداث المترابطة بشرط أن تضم السلسلة الأولى مشهدا أضافيا على ماتحتويه السلسلة الثانية.
وتحظى (المشاهد) scenes بأهمية محدودة لكن المشهد مع ذلك يعتبر شيئا متكاملا بذاته ويمكن أن يتخذ شكل حوار أو أغنية او رقص أو قصيدة أو خطاب. ويهدف كل مشهد من المشاهد الى بيان (التغيير النوعي في نظام القوى المتنازعة).
ويعمل (التعليق) commentary على ربط كل مشهد بالمشهد الآخر ويرجّح أن يكون ذلك بصيغة شعر مقفى تلقيه جوقة من المنشدين. ولأن كل مشهد يحمل في طياته تنوعا كبيرا فأن التعليق يستهدف أشعار الجمهور بحصول أي تغيير.
وحين يرى (الجوكر) أن أحدى الشخصيات تحتاج الى المزيد من الوقت لأيضاح فكرة ما يتم حينئذ اللجوء الى (المقابلة) interview. وخلال فترة المقابلة يسمح للشخصية بالحديث المباشر لما تظنه صحيحا وبيان أسباب ذلك.
وأثناء فترة (النصح) exhortation يلتمس (الجوكر) الجمهور على نحو عاجل مستخدما النثر أو الغناء بالتوافق مع الموضوع.
ويعتبر (مسرح الصورة) Image Theater واحدا من أهم ألأساليب الشعبية التي تبناها بول لأعانة أطراف النزاع على تصور النزاع. وقد تأثر مسرح الصورة بمنتج الأفلام الياباني (أكيرا كوروساوا) Akira Kurosawa في دراسته للمدركات الحسية متعددة العناصر. وهذا الأسلوب يتعاطى وفق التوجه الآتي:(كيف لنا أن نخلق الآخر وهو مدرك حسي سلبي صارم يفضي الى التحيز والكراهية). ويمثل مسرح الصورة أداة لتحدي القوالب النمطية ويشجع على التقمص العاطفي. وتشمل أساليب مسرح المضطهدين الأخرى الصورة التحليلية والصورة متغيرة الألوان والصورة السينمائية والصورة المضادة وصورة الخصوم … الخ).
وقد سار بول (1979) على منوال بريشت فأبدى توافقه الوظيفي مع ارسطو لكنه ناقضه من الناحية السياسية ، وأبدى موافقته من أن المسرح لابد أن يؤدي دورا في حياة المتلقي من خلال أبراز القيم والتطلعات لكن بول يبدي رفضه لآرسطو الذي آمن بأستقلالية الفن في أطار العلاقة مع السياسة.
والمسرح من منظور أرسطو يمثل أحدى وسائل التحكم اللازمة لتعليم وتعزيز الدور الثانوي لأولئك الذين ينظر اليهم بأعتبارهم غير متساوين. ويفسر بول فكرة ارسطو بالآتي: (تكمن السعادة في الأنصياع للقوانين) ، وعليه فأن بول يرى أن أرسطو يعمل على تأسيس نظام سياسي قوي هدفه (ترويع المشاهد بهدف التخلص من التوجهات السيئة أو غير القانونية لدى الجمهور).

https://www.inmotionmagazine.com/theater.html
تابع القراءة→

الجمعة، مارس 27، 2020

الأمل والتفاؤل في يوم المسرح العالمي / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, مارس 27, 2020  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

الكاتب والفنان محسن النصار 


الأمل والتفاؤل في يوم المسرح العالمي / محسن النصار

اليوم العالمي للمسرح هو يوم الأبداع  والأمل نحو المسرح الذي جعل من الأنبعاث الفكري والفلسفي والثقافي والأجتماعي الركيزة الاساسية التي أنطلق منها معظم الكتاب في العالم على المستوى العالمي والعربي ونحن  في هذا الظرف العصيب الذي يمر علينا  بسبب فايروس كورونا هذا الفايروس الذي  جعل المسرح يعيد صياغته للحياة من جديد نحو الأمل والتفاؤل الذي يبعث الحياة في عيده الجميل الذي يصادف اليوم  الجمعة 27 - 3- 2020
علينا ان جعل من الأمل والتفاؤل  عنصران اساسيان كونهما شعوران مترابطان وإيجابيان في المسرح وتأثيرهما كبير على الجمهور المسرحي الذي  يحسن الظن بالأمل ويتفاءل بما يقدم ويحدث على خشبة المسرح   في خلق  سمات  الجمال عن طريق التفاؤل والأمل  فالمسرح  ينهض  بالحياة، ولا حياة بدون  مسرح يكون هناك  خلل جمالي  في كل شيء فالمسرح  يدخل الحس الجمالي كضوء نور يشع في الحياة   فليس  هناك من يتذمر لان للمسرح أمل  وتفاؤل لانه
يمنح  الفرصة للجمهور  ان  يكون  ذواقا جماليا وحسيا و كنافذة كبيرة  تفتح آفاقاً واسعة في غد مشرق للحياة.
 فاليوم هو عيد المسرح العالمي  بأمل مملوءة  بالحب نجد في هذا اليوم المسرحيين يحتفلون في وحدتهم بعدم الخروج من البيت لبث لروح السلامة والتبشير بغدا افضل بعيدا عن كورونا الذي الغى الأحتفال بيوم المسرح العالمي   الذي يحتفل به العالم يوم 27 مارس من كل عام، حيث تقام جملة من المهرجانات و الأنشطة والاحتفاليات والتكريمات الخاصة بهذه المناسبة وقد تم  اختيار شخصية إبداعية ومسرحية لكتابة كلمة خاصة بهذه المناسبة تلقى في اليوم ذاته، ويتم تعميمها على جميع المؤسسات المسرحية في العالم. 
وبرزت في هذا اليوم وهو الأحتفال بيوم المسرح العالمي  الهجمة الفايروسية لكورونا  في وقت  وصل فيه المسرح هذا  العام لقمة التطور والأبداع وحيث أعد المسرحيون في ارجاء العالم المهرجانات  والعروض المسرحية لللأحتفال بهذا اليوم الجميل يوم المسرح العالمي لكن الغي كل شى للأحتفال بيوم المسرح حيث  أنتشار  فايروس كورنا في   استهداف العالم و بلدان المشرق والمغرب العربي وتحويلها إلى بلدان موبؤة
 فكان على المسرحيين إيجاد مداخل جديدة للقضاء في مكافحة الفايروس اللعين  فكانت كفة المسرح اليوم قد  أصبحت جاهزه نحو   التفاعل بالأمل والفكر الأبداعي  والفلسفي  والنفسي والأجتماعي  لأيجاد مواجهة جديدة تجعل من المسرح أملا كبيرا في نشر الأمل  والتفاؤل بقيم جديدة للمسرح  العالمي .
وفي الختام اتقدم  بالتهنئة  للمسرحيين بيوم المسرح العالمي  الذي كان وجوده إشراقا للقيم المسرحية النبيلة في عالم  اصبح متوحشا نحو الظلام فلابد للمسرح ان يبعث الأمل وينير الحياة .

تابع القراءة→

الأحد، فبراير 09، 2020

" رسالة اليوم العالمي للمسرح 2020 " كتبها الكاتب الباكستاني شهيد نديم

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, فبراير 09, 2020  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

" رسالة اليوم العالمي للمسرح 2020 " كتبها الكاتب الباكستاني شهيد نديم

( رسالة اليوم العالمي للمسرح 2020 )
كتبها الكاتب الباكستاني شهيد نديم ترجمها للعربية ( سامي الزهراني ) أمين عام مكتب الهيئة الدولية للمسرح iti بالمملكة العربية السعودية رئيس فرقة مسرح الطائف، يطيب لي ان انشرها لكل المسرحيين العرب مع امنياتي بالتوفيق للجميع : 
                     ( المسرح المزار )
شرف لي شخصياً ان اكتب رسالة اليوم العالمي للمسرح 2020، اشعر بالتواضع والإثارة للاعتراف بالمسرح الباكستاني بل بكل الباكستان من قبل الهيئة العالمية للمسرح iti التي تشرف وتهتم بالمسرح في أنحاء العالم وفي مختلف الأوقات، هذا الشرف الغالي هو تحيه وإهداء لشريكة حياتي مؤسسة مسرح اجوكا أيقونة المسرح مديحة جوهر (1) التي رحلت عن الدنيا قبل عامين .
تأسيس فريق اجوكا المسرحي (2) لم يكن سهلاً بل هو صراع مستمر وتحدي للصعاب بدء من الشارع وانتهى بالمسرح، قصة فريق اجوكا هي قصة اغلب الفرق المسرحية في الباكستان .
جئت من بلد يقطنه أغلبية مسلمة شهد حكم العديد من الديكتاتوريات العسكرية، هجوم المتطرفين الدينية، ثلاثة حروب مع الهند التي تشاركنا الجوار، التاريخ، التراث منذ الاف السنين وما زلنا نعيش حالة الخوف من الحرب النووية معها لان كلا البلدين يمتلكان أسلحة نووية .
( الأوقات السيئة هي وقت جيد للمسرح ) هذه المقولة نذكرها أحياناً عندما تشتد المصاعب، عدد لا محدود من الصعاب نواجهها، تناقضات يجب الكشف عنها، وضعنا الراهن نتعرض فيه للتدمير، كل هذه الأمور كونت حبلاً مشدوداً بين طرفين لا نزال انا وفريقي المسرحي اجوكا منذ 36 عاماً نحاول التوازن والعبور من عليه .
هذا الحبل المشدود جعلنا نوازن بين الترفيه والتعليم، التعلم من الماضي والإعداد للمستقبل، التعبير الحر الإبداعي والمغامرة بالتعبير ضد السلطة، المسرح الاجتماعي الناقد والمسرح الربحي، الوصول الى الجمهور وكيف تصبح طليعياً،  قد يقول المرء ان صانع المسرح يجب ان يكون ساحراً او مشعوذاً ليستطيع ان يخلق هذا التوازن .
في الباكستان هناك فصل واضح بين المقدس والمحرم، المحرم الذي لا يوجد فيه مكان للأسئلة الدينية، المقدس الذي لا يحبذ النقاشات المفتوحة والأفكار الجديدة، في حقيقة الامر المؤسسات المحافظة تعتبر الفن والثقافة فعل خارج حدود القداسة، لهذا أصبحت ساحة الاداء التمثيلي المسرحي ساحة مليئة بالعقبات والعثرات، اصبح من الضروري على جميع الفنانين المسرحيين ان يثبتوا للجميع انهم مسلمين ومواطنين صالحين اولاً ثم عليهم ثانياً بعد ذلك إثبات ان المسرح والموسيقى والرقص فعل مباح في الإسلام، عدد كبير من المسلمين الملتزمين بدينهم لديهم تردد في التعامل مع المسرح مع انهم يتعاملون ويتكيفون مع بعض مكونات المسرح في حياتهم اليومية كالرقص والموسيقى، أتت بعد ذلك مرحلة أخرى أصبحت ايضاً حجر عثرة أمام مسيرة المسرح وهي ثقافة فرعية سمحت بوضع المقدس والمحرم على خشبة المسرح .
عام 1980م وخلال الحكم العسكري في الباكستان انطلقت فرقة اجوكا من خلال مجموعة من الشباب تحدو وعارضو الديكتاتورية العسكرية بواسطة مسرح اجتماعي سياسي جريء، الشاعر الصوفي(3) (بُلهي شاه)(4) الذي عاش قبل ٣٠٠ عام استطاع من خلال شعره ان يعبر عن مشاعر الغضب والألم بشكل مدهش لهؤلاء الشباب، قامت فرقة اجوكا بالاستفادة من هذا الامر بالتعبير عن نفسها سياسياً من خلال شعر الشاعر (بُلهي شاه) متحديه بذلك السلطة السياسيه الفاسدة وتعصب المؤسسة الدينية التي كانت من الممكن ان تعاقبهم او تنفيهم من البلاد لكنهم امنوا بأن هذه السلطة لا تستطيع ان تمحي او تشوه تأريخ هذا الشاعر ، حياة الشاعر (بُلهي شاه) درامية وأصولية اثرت في شعرة كثيراً، أصدرت في حقة الكثير من الفتاوي والعقوبات في عصره .
حياة الشاعر (بُلهي شاه) الذي يصنف من شعراء البنجاب الذين كانوا ضد سلطة الأباطرة الجائرة والديماغوجية الدينية بلا خوف، صراعاته الحياتية لغته البسيطة الشعبية شعره الذي ينبض بتطلعات الشعب دفعتني لكتابة نص مسرحي عن هذا الشاعر اخترت له اسم (بُلهي) .
داخل هذا النص استخدمت الموسيقى والرقص كأدوات تتيح التواصل المباشر مع الله دون اي وسيط، تحديت الفصل مابين الذكر والأنثى، نظرت بإعجاب الى كوكب الأرض كأحد الدلائل لوجود الذات الإلهية .
مجلس الفنون في لاهور رفض اجازة النص تماماً علتهم في ذلك ان النص لم يكن نص مسرحي إنما سيرة ذاتية للشاعر (بُلهي شاه)، فاتجهت لمعهد جوته الذي أجاز النص وتم عرض المسرحية للجمهور الذي تفاعل بالتقدير والتفهم للرمزية في النص لانها تتقاطع مع حياتهم الواقعية لذلك سمي الشاعر (بُلهي شاه) بشاعر الناس .
ولد يوم عرض المسرحية الأول شكل جديد من أشكال المسرح عام 2001م مزج ما بين موسيقى القوالي(5) التعبديه مع رقصة الدهمال (6) الصوفية، قصائد الشعر الملهمة، ترانيم الذكر(7) التأملية، هذه العناصر أصبحت رئيسة في العرض المسرحي، صادف عرض المسرحية الأول تجمعاً لمجموعة من السيخ(8) الهنود لحضور مؤتمر عن البنجاب فتسللت هذه المجموعة لمشاهدة مسرحية (بُلهي) بعد نهاية المسرحية صعدت المجموعة لعناق وتقبيل الممثلين على خشبة المسرح وسط نوبة من البكاء فقد كان الشاعر (بُلهي شاه) عزيزاً على السيخ كما هو عند المسلمين البنجاب، اعتبر هذا الموقف اول مشاركة مسرحية ولقاء مابين السيخ والمسلمين بعد تقسيم الهند عام 1947م(9) الذي نتج عنه تقسيم اقليم البنجاب ما بين الهند والباكستان تجاوزوا به كل الانقسامات الدينية والطائفية . 
بعد هذا العرض التاريخي للمسرحية الذي لا ينسى انطلقت مسرحية (بُلهي) بمجموعة من العروض في الجزء البنجابي للهند وأمتدت العروض لتغطي الهند طولاً وعرضاً وفي كل مكان حتى في المناطق التي لايستطيع أهلها ان يفهموا البنجابية ولكنهم احبوا كل تفاصيل العرض المسرحي هناك، استمرت المسرحية في عروضها في الهند في ظل التوترات مابين الباكستان والهند وإغلاق كل أبواب الحوار مابين البلدين، فُتحت أبواب القاعات المسرحية وقلوب الشعب الهندي على مصرعيها لمسرحية (بُلهي)، في احد عروض المسرحية في مناطق البنجاب الهندية الريفية تقدم رجل عجوز نحو الممثل الرئيس المنوط بدور الشاعر الصوفي (بُلهي شاه) في المسرحية يرافقه حفيده الصغير المريض وطلب من الممثل ان يدعوا للطفل بالشفاء، تنحى الممثل جانباً وقال له -باباجي-(10) يا ابي انا لست (بُلهي شاه) انا ممثل فقط، بدء الرجل العجوز بالبكاء وأصر على الممثل ان يدعوا للطفل بالشفاء وقال له ان اثق انك اذا دعوت له سوف يشفى، أشرنا جميعاً للممثل ان يقوم بالدعاء للطفل لتحقيق أمنيه هذا الرجل العجوز، قام الممثل بالدعاء للطفل بالشفاء وقبل ان يخرج الرجل العجوز التفت صوب الممثل وقال له " يا ابني انت لست ممثلاً انت تجسد شخصية افتار (11) الشاعر العظيم بُلهي شاه " بعد هذه المقولة من هذا الرجل العجوز تكون لدينا مفهوم جديد عن الاداء المسرحي من خلال الدراسة الواعية لتأريخ الشخصية المسرحية التي سوف يقوم بتجسيدها الممثل او الممثلة في الفريق المسرحي، لاحظنا خلال رحلتنا لعرض مسرحية (بُلهي) التي استمرت 18 عاماً ردات فعل مشابهه لردة فعل الرجل العجوز عند جمهور العامة من الناس، فالاداء المسرحي ليس فقط تجربة مسليه او محفزة فكرياً بل هو لقاء روحي مابين الممثل والجمهور، موقف الرجل العجوز تأثر به الممثل المجسد لشخصية الشاعر (بُلهي شاه) فأصبح شاعراً صوفياً ونشر مجموعتين من القصائد، تأثر طاقم العمل التمثيلي بهذا المفهوم وأصبحوا يشعرون بروح الشاعر (بُلهي شاه) بينهم ومعهم عند بداية العرض المسرحي هذا التأثر رفع من مستوى الاتقان لكل الممثلين بالعرض الذي بدورة انتقل للجمهور وقد تأثر احد العلماء في الهند بالعرض فوضع عنوناً للعرض " عندما يصبح المسرح مزار " .
انا شخص مدني واهتمامي بالصوفية ثقافي بالأساس اهتم بالجوانب الادائية والفنية لشعراء البنجاب الصوفين وهناك جمهور لديه معتقدات دينية صادقة لا تدعوا الى التطرف والتعصب .
هناك العديد من القصص المشابهه لقصة الشاعر (بُلهي شاه) في مختلف الثقافات حول العالم تنتظر الاكتشاف والبحث لتكون جسراً بيننا نحن المسرحيين وبين الجمهور المتحمس لهذه القصص فهو جمهور غير معروف بالنسبة لنا، معاً يمكننا ان نكتشف الجوانب الروحية في المسرح وبناء جسور مابين الماضي والحاضر  تقودنا للمستقبل تقودنا الى مصير المجتمعات التي تتكون من المؤمنين وغير المؤمنين، الممثلين وكبار السن، والأحفاد .
السبب في مشاركة قصة الشاعر (بُلهي شاه) والغوص في داخل المسرح الصوفي معكم، هي فلسفتنا تجاه المسرح التي تحملنا تجاه الإرهاصات الاجتماعية المتغيرة لمجموعة كبيرة من الجماهير والتي نعبر عنها عبر الاداء المسرحي على خشبة المسرح، تحديات العصر الحالي تحرمنا احياناً من التحرك نحو تجربة روحية عميقة جديدة يمكن للمسرح ان يوفرها لنا .
عالمنا اليوم يكثر فيه التعصب، الكراهية، العنف، الأمم تحرض بعضها على بعض، المؤمنين يقاتلون المؤمنين، المجتمعات تبث الكراهية، الأطفال يموتون من سوء التغذية، الأمهات يمتن اثناء الولادة بسبب عدم وجود رعاية طبية جيدة، أيدلوجية الكراهية تزيد وتزدهر .
كوكبنا اليوم يغرق اكثر وأكثر تحت مناخ كارثي من الحروب، المجاعات، الموت، كل هذا يحدث صمتاً رهيباً تستطيع من خلاله ان تسمع وقع حوافر خيول الفرسان الأربعة(12) في الطرف الآخر من العالم هذا ينبأ بالفعل بنهاية العالم، نحن بحاجة في هذه الايام لتجديد قوتنا الروحية نحن بحاجة لمحاربة اللامبالاة، الخمول، التشاؤم، الجشع، محاربة من يتجاهل عالمنا الذي نعيش به، الكوكب الذي نعيش عليه .
للمسرح دور نبيل من خلال إعطاء مساحة الاداء والاهتمام بقيمة خشبة المسرح والسعي لتحويلها لخشبة مقدسة تعطي طاقة، حيوية، تعبئة بشرية لعدم السقوط في الهاوية .
الفنان المسرحي في جنوب اسيا يشعر بحساسية خشبة المسرح قبل ان يصعد عليها، يساعده على اتمام ذلك تقليد قديم يمزج بين الروح والثقافة، حان الوقت لاستعادة العلاقة التكاملية مابين الفنان المسرحي والجمهور، مابين الماضي والمستقبل، العمل في المسرح هو عمل مقدس، وللرفع من قيمة الأعمال المسرحية الروحية يجب على الممثلين التعمق في الشخصية وتاريخها، اخيراً المسرح لديه القدرة ليتحول الى مزار للاداء الروحي .   
مراجع :
1- مديحة جوهر (1956-2018): مخرجة مسرحية، ممثلة، نسوية، مؤسسة مسرح أجوكا، حائزة على ماجستير في المسرح من كلية رويال هولواي بلندن، حاصلة على وسام التميز من حكومة باكستان وجائزة الأمير كلوز من هولندا .
2- مسرح أجوكا: أنشئ في عام 1984م وتعني كلمة أجوكا "المعاصرة" في البنجابية، مضمون مواضيع مسرحيات هذه الفرقة حول التسامح الديني، السلام والعنف، حقوق الإنسان .
 3- الصوفية: تقليد الإسلامي يسعى إلى العثور على حقيقة الحب الإلهي من خلال تجربة شخصية مباشرة مع الله، اصبح هذا التقليد شائعًا بسبب تبشيره بالأخوة العالمية، معارضته للتطبيق العقائدي الصارم للتعاليم الدينية. الشعر الصوفي يتم تقديمه في الغالب مع الموسيقى ، وهو عبارة عن تعبير روحاني داخلي من خلال الحب الأبدي .
4- بُلهي شاه :  ( 1680م -1757م ) شاعر بنجابي صوفي، كتب مواضيع فلسفية معقدة بلغة بسيطة، انتقد العقيدة الدينية المتشددة والنخبة الحاكمة ، هجر ونفي من مدينة كاسور لاتهامه بالابتداع الديني ولم يدفن في مقابر المدينة، له شعبية جارفة بين المطربين الشعبين .
5- القوالي: شعر صوفي تعبدي قدمه مجموعة من المطربين المزارات الصوفية يؤدي بالمستمعين لهذا النوع من الغناء لحالة من النشوة .
 6- الدهمال : رقص على الطبول يمارس في المزارات الصوفية يؤدي الى النشوة .
7- الذكر: تلاوة الادعية التعبدية بشكل إيقاعي جماعي لتحقيق التنوير والتطهير الروحي .
8- السيخ: أتباع الديانة السيخية ، التي أسسها جورو ناناك في البنجاب في القرن الخامس عشر .
9- 1947م انفصلت الباكستان عن الهند وسط مذابح جماعية غير مسبوقة وهجرة جماعية للسكان . 
10- باباجي: تعبير عن احترام الرجل المسن .
11- افتار : نسخة تظهر على الأرض من الإله حسب الثقافة الهندوسية .
12- الفرسان الأربعة: يصف جون أوف باتموس في كتابه ( الوحي ) أربعة فرسان في نهاية العالم هذا الكتاب يعتبر آخر كتاب في العهد الجديد، في معظم الروايات يُنظر إلى الفرسان الأربعة على أنهم يمثلون الاحتلال، الحرب، المجاعة، الموت على التوالي .

تابع القراءة→

الخميس، فبراير 14، 2019

رسالة اليوم العالمي للمسرح 2019

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 14, 2019  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

   رسالة اليوم العالمي للمسرح 2019

كتبها المخرج والدراماتورج ..كارلوس سيلدران ..من دولة كوبا ، استاذ مسرح بجامعة هافانا – كوبا …
ترجمها : المخرج والكاتب سفيان عطية .. مدير مسرح العلمة ..الجزائر …
نص الرسالة :
قبل معرفتي بالمسرح و التعرف عليه ، كان أساتذة المسرح الذين هم أساتذتي موجودين هنا كانوا قد بنوا إقامتهم و مناهجهم الشعرية على بقايا حياتهم الشخصية . الكثير منهم الآن غير معروفين أو لا يُستحضرون كثيرا في الذاكرة ، كانوا يعملون في صمت و في قاعات التدريبات المتواضعة داخل مسارح مزدحمة . بعد سنوات من العمل و الإنجازات الرائعة راحت أسماؤهم تتوارى تدريجيا ثم اختفوا .
عندما فهمت أن قدري هو اتباع خطواتهم فهمت أيضا أنني ورثت من تقليدهم الفريد و المدهش العيش الآن و في الحاضر دون أن آمل سوى إلى الوصول لتلك اللحظة الشفافة و غير القابلة للاستنساخ ، لحظة اللقاء مع الآخر في ظل المسرح ، لا يحمينا إلا صدق إيماءة و كلمة تعبر عن الكثير .
موطن مسرحي … هو لحظات اللقاء مع الجمهور القادم إلى قاعاتنا ليلة بعد ليلة من الأحياء المختلفة بمدينتي لكي يرافقنا و يتقاسم معنا بعض الساعات ، بعض الدقائق … من هذه اللحظات المنفردة تتكون حياتي ، عندما أكف من أن أكون أنا ، من أن أتألم لأجلي و أولد من جديد و أنا مدرك و مستوعب لمفهوم المهنة المسرحية : أعيش الحقيقة المطلقة للحظة سريعة الزوال … عندما يصبح ما نقوله و نفعله تحت نور الأضواء الكاشفة حقيقيا و يعكس أعمق الحنايا من أنسفنا و أكثرها شخصية .
موطن مسرحي و مسرح الممثلين معي هو وطن منسوج من لحظات نتعرى فيها من كل أقنعتنا ، من البلاغة ، نتعرى ربما مما يمكن أن نكون نحن و نمسك بأيدي بعضنا البعض في الظلام .
التقليد المسرحي أفقي ، لا يمكن لأحد أن يجزم بأن هناك مركزا عالميا للمسرح في أي مدينة كانت أو في أي صرح متميز كان ، المسرح كما عرفته ينتشر حسب جغرافيا غير مرئية و يختلط مع حياة الذين يمارسونه . الفن المسرحي إيماءة توحد بين الناس
كل أساتذة المسرح يحملون معهم إلى قبورهم لحظاتهم التي يتجسد فيها الوضوح و الجمال و التي لا يمكن أن تعاد مرة أخرى ، كل واحد منهم يضمحل بالطريقة نفسها بدون أي رد للاعتبار لحماية عطائهم و تخليدهم .
أساتذة المسرح يعرفون كل هذا يقينا ، لا يمكن لأي شكل من أشكال الاعتراف بالجميل أن يكون صالحا خارج هذا اليقين الذي هو أساس عملنا . خلق لحظات حقيقة ، إبهام ، قوة ، حرية وسط هشاشة محفوفة بالمخاطر. لا شيء يبقى إذا استثنينا المعلومات و التسجيلات من صور و فيديوهات التي تحمل بين ثناياها فكرة باهتة عن منجزاتهم .
فكل هذه التسجيلات ينقصها الردود و التفاعلات الصامتة لجمهور فهم أن تلك اللحظة لا يمكن أن تترجم و لا أن يلتقي بها خارج ذاته. و إيجاد هذه الحقيقة التي يتقاسمها مع الآخر هي تجربة حياة بل أكثر شفافية من الحياة نفسها لبعض الثواني.
لما فهمت أن المسرح في حد ذاته موطن و مساحة شاسعة تغطي العالم ، نشأ في أعماق نفسي قرار و هذا القرار في ذاته تحرر : لا تبتعد من المكان الذي أنت فيه ، لا جدوى من الركض و التنقل . حيث ما كنت يكون الجمهور ، يكون الرفقاء الذين تحتاجهم بجانبك . هناك خارج منزلك توجد الحقيقة اليومية المبهمة و الغير قابلة للاختراق ، اشتغل وفق هذا الجمود الواضح لتحقق أكبر رحلة على الإطلاق ، تبدأ من جديد ، من زمن المغارات : كن أنت المسافر غير القابل للتغيير و الذي لا يتوقف عن تسريع كثافة و صلابة حقيقة عالمك .تتجه رحلتك نحو اللحظة ، الوقت و التقاء أشباهك ، رحلتك تتجه نحوهم نحو قلوبهم ، نحو ذاتيتهم . سافر في داخلهم ، في مشاعرهم ، في ذكرياتهم التي توقظها و تجمعها . رحلتك مذهلة ، لا أحد يمكن أن يعطيها حق قدرها أو يسكتها ، ولا احد يمكنه أن يقيس حجمها الصحيح . إنها رحلة في مخيلة شعبك ، بذرة مغروسة في أبعد أرض موجودة : الوعي المدني ، الأخلاقي و الإنساني للمتفرجين عليك .
و هكذا أبقى غير قابل للتغيير ، دائما في بيتي مع أهلي في هدوء واضح أعمل ليل نهار . لأن لدي سر الانتشار و التوغل .
المركز الجزائري للمعهد الدولي للمسرح ITI …
نتقدم بجزيل الشكر للفنان الجزائري الشاب ..سفيان عطية …
كل عام والمسرح وانتم بألف خير …

تابع القراءة→

السبت، يونيو 23، 2018

الانثروبولوجيا المسرحية*

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, يونيو 23, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

الانثروبولوجيا المسرحية*

ترجمة : د.انتظار علي جبر 

وجدت الأنثروبولوجيا في المسرح مجالًا استثنائيًا للتجريب لأنه وجدت أمام عينيه أناس يقومون بأداء ادوار لتمثيل أناس آخرين. هذه المحاكاة تهدف إلى تحليل وإظهار كيف يكون سلوكهم في المجتمع . من خلال وضع الإنسان في وضع تجريبي، يمنح المسرح والأنثروبولوجيا المسرحية الفرصة لإعادة توظيف هذا المجال في المجتمعات الصغيرة وتقييم ارتباط الفرد بالمجموعة. كيف يكون هناك تقديم أفضل للإنسان بدون تمثيله؟ هناك تقديرات وضعها ششيشنر ((Schechner، تقارب نماذج من الأنثروبولوجيا والمسرح: ‹‹بالطريقة نفسها التي يتم فيها انثربولوجية المسرح، تتم مسرحة الأنثروبولوجيا. هذا هو المنطق لا تشوبه شائبة للأنثروبولوجيا المسرحية‹‹.

لسوء الحظ، الأمور أكثر تعقيدًا في هذا المجال لأنه من الناحية النظرية يمكن لعالم الأنثروبولوجيا المسرحية أن ينظم معرفة المسرح واليوم توجدت أكثر من دعوة للاجتماع أو رغبة في المعرفة للانثروبولوجيا أكثر من النظام المؤسس، ومع ذلك، فقد بدأت هذه المهمة بالفعل بفضل ISTA (المسرح المدرسي الدولي اللأنثروبولوجيا) ل اوجينيو باربا(Eugenio Barba) التي نظمت ندوة منذ عام 1980: ISTA هو المكان الذي يتم فيه نقل وتحويل وترجمة علم أصول المسرح الجديد. وهو مختبر أبحاث متعدد التخصصات و الإطار الذي يسمح لمجموعة من المسرحيين بالتدخل في البيئة الاجتماعية المحيطة به، على حد سواء في عمله الفكري ومن خلال عروضه المسرحية.

الكتاب الذي كتبه اوجينيو باربا (Eugenio Barba) مع نيكولا سافاريزي(Nicola Savarese)، تشريح الممثل الذي هو قاموس الإنثروبولوجيا المسرحية (1985/1995) يقدم سلسلة من ابحاث ISTA في الوقت نفسه يثبت برنامج الأنثروبولوجيا المسرحية: (دراسة السلوك البيولوجي والثقافي للإنسان في حالة التمثيل، أي الانسان الذي يستخدم حضوره الجسدي والعقلي وفقا لمبادئ مختلفة عن تلك التي تحكم الحياة اليومية. (نظرا لأهمية مؤلف باربا ومؤلف ISTA ، سنلجأ إلى مثل هذه المبادئ على نطاق واسع بعد تحديد أسباب ظهور الفكر الأنثروبولوجي في المسرح، وكيف تكون شروط نجاح مثل هذا العمل أو المهمة ومناقشة بعض من أطروحته.

1-أسباب ظهور الفكر الانثروبولوجي في المسرح

 أ-النسبية الثقافية: فكرة النظر في المسرح من وجهة نظر الأنثروبولوجيا أو نظرية الثقافية ليست جديدة. تقريبا كل الاطروحات المسرحية تصوغ بعض الفرضيات مهما كانت متواضعة عن اصول المسرح.


وينتهي فكر الأنساب من هذا النوع في القرن العشرين على سبيل المثال مع انطوان ارتود ((Antonin Artaud، في الحنين أو الرغبة في العودة  للأصول في مقارنة مع الثقافات أبعد من الثقافة الغربية. يبدو أن الأنثروبولوجيا المطبقة على الثقافة (حتى عندما لا تأخذ هذا الاسم بعد) تنشأ نتيجة الوعي (بعدم رفاهية الحضارة) كما يقول فرويد(Freud)، عدم ملاءمة الثقافة للحياة المشابهة لتلك التي يشخصها انطوان ارتود ((Antonin Artaud يقول:على الرغم أن الحياة هي ما يهرب منا، يتحدث كثيرا عن الحضارة والثقافة. وهناك تباين غريب بين هذا الانهيار المعمم للحياة الذي هو على أساس المعنويات الحالية والقلق من الثقافة التي ابدا لا تتزامن مع الحياة، والتي تم إنشاؤها لتحكم الحياة.

الشعور بانهيار ثقافتنا وفقدان نظام المرجعي المهيمن في تصرف المسرحيين كما سماه بيتر بروك (Peter Brook)غرتشوسكي (Grotowski) أو باربا (Barba) النسبية لممارساتهم السابقة- يفتحونها على أشكال مسرحية غريبة وقبل كل شيء، تقدم لهم نظرة إثنولوجية عن الممثل. وترتبط هذه التجارب المسرحية جزئيا بأنثروبولوجيا ليفي ستروس(lévi- straussian) التي تحاول فهم الإنسان (اعتبارا من اللحظة التي فيها نوع التفسير يسعى إلى التوفيق بين الفن والمنطق والفكر والحياة ، والحس و المفهوم).

ب -عدم كفاية المنطق العقلاني

وفقا لتقليد مختلف عن التفكير العرضي لفرويد (Freud)، يتم وضع رمز فوق المفهوم، ومع المفكرين مثل يونغ، كيريني أو إليادي(Jung, Kerenyi, Eliade) (1965)، يبقى ذلك مرتبط بالجهود المبذولة لترجمة ما في الخبرة الذاتية لنفس أو في اللاوعي الجماعي، خارج حدود هذا المفهوم، يبتعد عن درجات الفهم لذلك لا يمكن معرفته بالمعنى الدقيق للكلمة، والذي مع ذلك يمكن التفكير به، ومعترف به من خلال أشكال التعبير اذ يتم إدراج التطلع البشري بما هو غير مكيف، وما هو مطلق، وما هو لانهائي، وما هو كلي أي اللجوء إلى لغة الظاهرة الدينية، و الانفتاح على ما هو مقدس. غالبًا ما ترافق هذه الظاهرة العودة إلى ما هو مقدس، حتى لو لم يميز ذاته ؛ يتطلب الأمر في بعض الأحيان، كما أشار السيد بوري(Borie)،الى شكل الوعي سيئ للأنثروبولوجيا الغربية ضد المجتمعات المثالية البدائية والبحث عن الأصالة المفقودة (المسرح، مفهوم كل مرة أكثر حتى قبل آرتود (Artaud)، ليس كمساحة لتوضيح النص وتقديمها. ليس كفضاء مقدر لتوضيح النص وتقديمه لسيادة ما هو مكتوب، بل كمكان للتميز في الاتصال الجسدي بين الممثلين و ألمتفرجين ألا يوفر لنا ربما مساحة مميزة لتجربة العودة إلى أصالة العلاقات ألإنسانية؟ . مسرح المشاركة، والبحث عن حدث جماعي أو أداء تمثيلي ذاتي من هذا المصدر يستخرج الأصالة التي ينبغي أن تسمح بالاتصال المسرحي.

ت-البحث عن لغة جديدة

إن التطلع إلى ما هو مقدس يحتاج إلى لغة جديدة لا ترتبط باللغة التي يمكن التنبؤ بها الطبيعية أو الكتابة التي تسند بشكل كبير الى ألعقلانية: ‹‹كسر حاجز اللغة لوصول الحياة يعني العمل أو إعادة عمل مسرح، ومن المهم عدم تصديق أنه ينبغي لهذا الفن ان يبقى مقدسا″، أي محفوظا″ والشيء المهم هو أن نعتقد أنه لا يمكن كل العالم أن يفعل ذلك ولان هذا الامر يتطلب الاعداد››. هذا الإعداد للغة يرفض السهولة في العثور على نوع من لغة مشفرة التي هي في الوقت نفسه لغة أولئك الذين يخلقون المشهد ومن المشاركين في الطقس المسرحي والممثلين الذين هم (كضحايا لمحنة النار الذين يعملون إشارات من المحرقة)، هذا يعني القول أنه ليس من السهل العثور على كلمة المرور الخاصة بك أو أنه سيحرق من يريد العثور عليها. هذه الهيرمونات التي لا تثق بالعقلانية وبمعنى آخر، تود أن تفكك شفرات اللغة المسرحية الأسطورية، سواء كانت هيروغليفية مايرهولد (Meyerhold) أو إيديوغليفت غروتوفسكي (Grotowski) أو ‹‹قاعدة معبرة سلفا للممثل››باربا(Barba).



.2-الشروط المعرفية للأنثروبولوجيا المسرحية

لإيجاد أنثروبولوجيا مسرحية، من الضروري جمع عدد معين من الشروط.

أ- طبيعة الأنثروبولوجيا

التمييز عادة بين الأنثروبولوجيا المادية (دراسات حول خصائص الفسيولوجية للانسان والسلالات)، والأنثروبولوجيا الفلسفية (دراسة الإنسان بصفة عامه وعلى سبيل المثال بمعنى كانت (Kant): الانثروبولوجيا النظرية و العملية والأخلاقية)، وأخيرا الأنثروبوجيا الثقافية أو الاجتماعية (تنظيم المجتمعات والأساطير، والحياة اليومية، وما إلى ذلك): سواء ان كانت الانثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، فهي دائما تتطلع لمعرفة التأمل أو التفكير الشامل للانسان، في حالة واحدة من خلال إنتاجه ومن جهة أخرى، من خلال تمثيله. الأنثروبولوجيا المسرحية خصوصا أنثروبولوجية باربا- تتعامل مع البعد الفسيولوجي و الثقافي للمثل في حالة التمثيل ! برنامج طموح ! طموح لأنه ينبغي أن يتوافق مع الوصف المورفولوجي والتشريحي لجسم الممثل؟ هل من الضروري قياس عمل العضلات، ومعدل ضربات القلب، وما إلى ذلك؟ هل ينبغي أن نجعل البحث المسرحي طبيًا؟ . وقد أجريت دراسات من هذا النوع دون الوصول الى النتائج التي يمكن أن تكون ذات صلة بسلسلة أخرى من الأحداث لا سيما العوامل الاجتماعية والثقافية.

ب-اختيار وجهة نظر

يعتقد ليفي شتراوس(lévi- straussian)، بأن وجهة نظر الانثربولوجي تتميز بالموضوعية والشمولية قبل كل شيء، والاهتمام بمعنى وبكرامة العلاقات الشخصية وأصالتها، و العلاقات ملموسة بين الأفراد. ومع ذلك، فإن الأنثروبولوجيا، في مفهوم باربا (الذي من ناحية أخرى، لا يشير أبدا إلى أعمال ليفي شتراوس) لا تختار نفس البرنامج. لا تفضل وجهة النظر الخارجية و الموضعية، لملاحظ البعيد المتفرج، ولا الملاحظ الاثنولوجي، الذي يحاول جمع كل البيانات التي يمكن ملاحظتها. على العكس من ذلك، كلام تاویانی Taviani)) في (باربا Barba و ستروس straussian)، يواجه الجانبان وجهات النظر من الممثل و المشاهد لانه يهمه الاستفادة من ملاحظات الممثل، وهو نهج تجريبي أصيل لظاهرة الممثل، وبالتالي رده على الممارسة المسرحية: ‹‹عندما يقوم علماء الأحياء بتحليل عرض كتقسيم كثيف جدا للعلامات فإنهم يلاحظون الظاهرة المسرحية من خلال نتائجها، ومع ذلك، لا شيء يثبت أن هذا الإجراء يمكن أن يكون مفيدا لمؤلفي العرض المسرحي، لهذا ينبغي عليهم ان يبدؤوا من البداية أما الى المؤلفين الذين سيشاهدون المشاهدين سيكون نقطة الوصول››. ولكن قلب الأنثروبولوجيا المسرحية لباربا هو في مفهوم ‹‹تقنية الجسد›› وهو على عكس ما يضع موس (Mauss)‹‹استخدام الخاص لعمل الجسد في العرض المسرحي يكون خارج المعتاد على عمل الجسد يوميا››.

ت-الحالة التقنية لجسد

يمكننا هنا كما يفعل، وإنما جزئيا - اللجوء إلى مقال مرسيل موس (Marcel Mauss) بشأن ‹‹تقنيات الجسد››(1936)، أي الطرق التي فيها يعرف الانسان في المجتمع ان يستخدم جسده، موس قدم العديد من الأمثلة المستمدة من جميع الأنشطة البشرية، لكنه لا يذكر المسرح أو الفن، وفي أي حال لا يعارضها، لأنه في وجهة نظره كل تقنيه يتم تحديدها من قبل المجتمع. باربا يأخذ من موس (1936) هذا المفهوم لجسد المكيف وفقا للثقافة، ولكن مايفعله هو تقديم معارضة بين الحالة اليومية وحالة التمثيل: نحن نستخدم أجسادنا بطريقة مختلفة في الحياة وفي المواقف تمثيلية. على مستوى اليومي، لدينا تقنية الجسد المتكيفة بثقافتنا، وضعنا الاجتماعي ومهنتنا. ولكن في حالة التمثيل، هناك تقنية مختلفة تمامًا للجسد.

يبدو أن باربا يقترح، في التمثيل، أن يغير تقنية الجسد بشكل جذري وأن يتوقف الممثل عن الخضوع المتزامن بتكيف مع الثقافة. ومع ذلك، فنحن لا نرى ماذا ينتج في مثل هذا التحول، الذي يتسبب في قيام الممثل بتغيير جسد عندما يغير الإطار. حتى في التمثيل، الممثل، وخاصة الممثل الغربي فهم تحت رحمة ثقافتهم الأصلية، ولا سيما إيماءاتهم اليومية. إن الفكرة نفسها فصل الحياة عن التمثيل أمر غريب؛ لان الجسد المستخدم هو نفسه، ولا يمكن أن يمحوه التمثيل بالكامل. هذا التمييز بين ما هو يومي والتمثيل ينطوي على خطر الوقوع في معارضة جذرية بين الطبيعة (الجسد اليومي) والثقافة (الجسد في التمثيل)، وهذه المعارضة، على وجه التحديد، الأنثروبولوجيا تريد دحضها. وفي ترتيب آخر للأفكار، يبدو كما لو أننا قد عدنا إلى الحقبة التي فيها الأسلوبية أرادت أن تميز بأي ثمن بين اللغة عادية واللغة شعرية، دون أن تشرح كيفية إثبات التمييز. بالطريقة نفسها، هنا يتم تعريف الجسد في التمثيل مليئا بالحشو: الجسد في التمثيل هو الجسد الممثل يمتلك خصائص محددة ومميزة مختلفة عن الجسد اليومي

على أي حال، على الرغم من أنه في الواقع يمكن أقامت هذا الاختلاف بشكل براغماتي، فإن الفرق سطحي ولا يدخل في فهم الإيماءات و الحضور، لماذا يحتفظ بهذا الحضور فقط للتمثيل فنحن أيضاً لا نكون تقريبا"حاضرين في الحياة؟

ث- البحث عن الثقافات العالمية

 على الرغم من أن الأنثروبولوجيا تهدف إلى دراسة تنوع المظاهر البشرية، إلا أنه غالبًا ما يتوصل إلى استنتاج مفاده أنه على الرغم من ألاختلافات هناك ركيزة مشتركة لجميع البشر أن الأسطورة نفسها، على سبيل المثال تظهر في أماكن متنوعة جدا. يقترح ليفي ستروس (lévi- straussian) تأملاً يسعى ‹‹للتغلب على التناقض الظاهر بين تفرد حالة الإنسان والتعددية التي لا تنضب على ما يبدو من الأشكال التي نفهمها››.

يوجّه اهتمام مماثل غروتوفسكي (Grotowski)، الذي يلخص إلى أن ‹‹الثقافة كل ثقافة معينة تحدد الأساس الموضوعي الاجتماعي لأنه يربط كل ثقافة بالتقنيات اليومية للجسد. وبالتالي من المهم ملاحظة ما تبقى ثابتًا في مواجهة تباين الثقافات ما هو موجود عبر الثقافات››.

يشترك باربا في هذه المعلومة مع معلمه، غروتوفسكي، لأن المسارح المختلفة لا تتشابه في مظاهرها، ولكن في مبادئها. يحتوي الكتاب على مادة غنية جداً في الإيقونات تهدف إلى إظهار تشابهات معينة بين مواقف الممثلين وإيماءاتهم الذين ينتمون إلى أكثر التقاليد المسرحية تنوعاً.

في الواقع يكتشف باربا عنصر تعدد الثقافات في ‹‹المستوى التعبيري السابق لفن الممثل›› في الحضور (وبأخص للممثلين الشرقيين).‹‹الذي يصدم المشاهد ويجبره على النظر››، الى ‹‹نواة الطاقة، إشعاع غضبه وحكمته، لكن غير معتمده، بأن تلتقط حواسنا››.لايتناول الأمر بعد مسألة تمثيل، أو صورة مسرحية، بل قوة التي تنبثق من جسد وضعت في الشكل.

باربا، يتفق مع غروتوفسكي ، لا يثق في قصد الممثل و رغبته في التعبير التي تعني مثل أو ذلك الشى، وهكذا اختار أن يقترب من الممثل قبل هذا التعبير، وبالتحديد على مستوى ما قبل التعبيرية، والذي يمكن بالتالي وصفه عام تمامًا كما تنطلق القوة التي تنبع من الجسد.أو مصادر أصل الإنسان التي هي في أساس الثقافات المسرحية المختلفة التي يمكن أن تفسر، كتقنيات سابقة للتعبير، تنبع من القوة الابداعية. ومهما كانت القوة المجازية الناشئة، والمصدر، ونواة الطاقة والتعبير السابق- يمكننا أن نسأل أنفسنا ما إذا كان هذا الجسد موضوع في شكل لا يكون من قبل معبرًا، إذا كان هذا التعبير غير مقصود وليس متواصلا ألا يمكننا أن نتواصل؟  ليس وضع التمثيل اتصالاً بالاتصال؟

ج. اعتبارات أخرى

أحدى الهواجس الانثربولوجية الثقافية، لا سيما في القرن الثامن عشر كان موضوع اصل اللغة وتم اغلاق النقاش بفضل علم اللغة البنيوي ولكن نشأ قلق مماثل ومستمر حرك التأمل أو البحث عن أصل المسرح أو الاشكال التي سبقت ظهور المسرح. مهما كان التاريخ الذي حدد فيه ظهور المسرح، يوجد هناك اتفاق عام بان المسرح يحتوي على رؤية علمانية تقدمية للطقوس أو الشعائر.

بقي يتعين تحديد إذا ما كان المسرح يحتفظ بأي أثر لهذا الاصل الطقسي في أشكاله الحديثة. الشخصيات المسرحية الحديثة جدا" التي كتبت في هذا المجال مثل بن خامين (Benjamin) وبريشت (Brecht) يتعارضا حول هذا الموضوع. بن خامين (Benjamin) يقول: ‹‹ان كل عمل فني حتى في حقبة الانتاج الآلي›› (حسب ما ذكر في عنوان المقال 1936), ‹‹يوجد أساسه في الطقس اذ وجدت قيمة استخدامه الاصلية و الاولية.

على الرغم من كل الجهود في كل الطرق الممكنة هذا الاساس نميزه حتى في الاشكال الدنيوية ذات الجمال وفي اغلب في الطقس المقدس››.

على العكس بريشت (Brecht) ، التحرر بشأن ما يتعلق في الطقس يكون قد أكتمل عندما نقول أن المسرح قد نشأ من طقوس الشعيرة وأكد ببساطة مغادرتها تكون عندما يتحول الطقس الى المسرح, مثلا" مسرحية الاسرار التي هي في الاصل شعائر دينية مسيحية لم تحتفظ الوظيفة الدينية،وببساطة يجد فيها الانسان المتعة.

وعلى ما يبدو ان بريشت (Brecht) لم يقبل الجدليه المتواصلة بين ما هو مقدس ودنيوي وحول امكانية تقديس المسرح.

ان العروض المسرحية من ارتود (Artuad)،بيتر بروك (Peter Brook) و غروتشوفسكي (Grotowski) قد وضعوا في دليل الانثربولوجية الدينية لميرسيا إلياد (Mircea Eliade) ويمكننا التوصل في ول باول ستفانك(Paul Stefanek) 1976، بان المسرح لم يخرج ابدا بشكل حقيقي من الممارسة الدينية؛ لان الطقس كان منذ البداية مسرحا″. وسنعود هكذا الى صيغة ششيشنر ((Schechner بشأن مسرحة الانثربولوجية وانثربولوجية المسرح، الصيغة الدائرية غير الوقتية.


________________________________________________

* القاموس المسرحي (2008) باتريس بافيس, ص 43-47

تابع القراءة→

السبت، يوليو 08، 2017

عبقرية شكسبير ومصادر مسرحياته

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, يوليو 08, 2017  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

عبقرية شكسبير ومصادر مسرحياته 


محسن النصار 

ان عبقرية شكسبير تنحصر في كشفه عن اهمية  تعقيد  التصادمات والطبائع البشرية الى جانب قدرته على جعلنا نحس بجو الحدث الخارجي وطبيعته‏ و مسرحياته التاريخية المبكرة » هنري السادس «و » ريتشارد الثالث و » الملك جون« تتضمن الكثير من الاحداث المسرحية والشيء الكثير من الشرور الانسانية , و يكشف لنا بشكل دقيق ما يدور في جوانب الحياة السياسية و آلية سيرها .‏
ولكن ابطال هذه المسرحيات ذوو طبيعة غير معقدة فهم إما شريرون وإما ضحايا , غير ان عبقرية شكسبير في كتابة المسرحية التاريخية تتجلى على أوضح وجه في مسرحية » هنري الرابع« حيث نجد كل بطل من أبطال هذه المسرحية التي تصور الصراع على السلطة , له شخصية متميزة , فريدة , وميزتها الاساسية هي كونها لا تصور ما يجري في مقدمة المسرح التاريخي الطبقة العليا فحسب بل تصور ما يجري خارج ابواب التاريخ حيث يعيش اناس بعيدون عن اهتمامات الدولة العظمى , غارقون في همومهم الصغيرة والعادية جدا ..‏
وفي الكوميديا بدأ شكسبير بها كبدايته في المسرحية التاريخية بتصوير الحدث الخارجي , وكوميدياته المبكرة اقرب الى الاعمال الهزلية وموضوعاتها ليست اكثر من حكايات غرامية ذات صبغة رومانتيكية مليئة بالمغامرات وتقمص الشخصية لغير صفاتها والمغالطات والالتباس المضحك ولا تتعقد الاحداث المسرحية الا في » تاجر البندقية « و » جعجعة بلا طحن« و »واحدة بواحدة « حيث تسحق هذه الاحداث الطابع الرومانتيكي وتضفي على هذين العملين طابع القتامة , وكوميدياته تكاد تكون خالية من العناصر الانتقادية وثمة صفة اخرى هامة من صفات الكوميديا الشكسبيرية هي الاحساس بالقرب من الطبيعة .‏
لكن شكسبير معروف اكثر في انه ذلك المبدع في تراجيدياته الخالدة » روميو وجولييت « و » هاملت« و » الملك لير « و » مكبث« والذي كان يفكر بعمق بتناقضات الحياة ويغضب في اعماقه لظواهر الشر التي يصطدم بها في الواقع , وهو الكاتب المسرحي الموهوب منذ صباه عندما كتب تراجيدياته العاطفية الرائعة » روميو وجولييت « غير ان السنين أكسبت الكاتب العبقري خبرة كبيرة في شؤون الحياة أنضجت افكاره و أغنتها الى أبعد حد .‏
لكن طابع التراجيديات المتأخرة كانت أشد قتامة , وتراجيدية الحياة فيها عميقة الى حد لامثيل له عند شكسبير وليس ذلك ناتجا« عن اخفاق في حياة الكاتب او بسبب مصيبة اصابته , بل الاعوام التي ابدع فيها شكسبير هذه المسرحيات التراجيدية كانت افضل اعوام حياته من جميع النواحي .‏
وقدرة شكسبير على تجسيد الحياة تجسيدا دراميا فائق الروعة , والقدرة على سكب رؤيته للحياة في قالب شعري فريد , وقد استخدم الشعر وسيلة فعالة يتغلب بواسطتها على فضول المشاهد السطحي تجاه احداث المسرحية وينفذ الى روحه فيوقظ فيها قوة الخيال التي تساعد المرء على رؤيته للعالم افضل مما لوكان ينظر اليه نظرة عملية ذات اهداف تطبيقية .‏

مصادر مسرحيات شكسبير

ن اصالة شكسبير لا تظهر فقط في طريقة علاجه لحبكات مسرحياته فقط ولكن ايضا في جدته وتأثيره الدرامي، ان مسرحيات شكسبير مستقاة من مصادر متعددة اما عن طريق مسرحة قصص حزينة في تراجيدياته او قصص فكهه في كوميدياته , اضافة الى انه اعتاد ان يمسرح موادا تاريخية واخرى من السير الشخصية , ومن هنا تعددت مصادر مسرحياته التي كات يكتبها بمعدل مسرحييتين في كل عام . اعتمد شكسبير في كوميدياته الرومانسية العاطفية على الانتفاع من الروايات البسيطة التي كانت شائعة بين المواطنين، كما انتفع ايضا في هذا المجال من اشعار الشاعر الروماني " اوفير" وكوميديات " بلاوتوس" وكتب الرحالة المعاصرين المليئة بالقصص والحوادث المسلية والطريفة.
اما تراجيدياته فترجع موضوعاتها الى ( قصص مصارع الملوك) كقصة المراكشي الغيور" عطيل " المأخوذة من رواية ايطالية والى قصص تاريخية او سير شخصية يتناولها بالمعالجة باسلوبه الشكسبيري.
وبخصوص مسرحيات شكسبير التاريخية تقوم على اعمال فنية مستمدة من التاريخ, ومن هنا لاحظ النقاد ان مسرحية ( الحب جهد ضائع) هي المسرحية الوحيدة التي يصعب تتبع اصلها في اي مصدر من المصادر المتاحة حتى الان. اما مسرحياته الباقية فيمكن دراستها في ضوء مقارنتها باصولها التي تحولت في يديه الى اشكال درامية رفيعة المستوى, ومهما كان المصدر فان معالجات شكسبير تكشف دائما عن موقفه الشخصي الفني من المادة التي ينتقيها نظريا وعمليا، فإن المادة الخام التي كان يستخدمها قد تكون سردا روائيا او تاريخيا او شعرا قصصيا كل ذلك يتحول في بوتقة فنه الى صيغة حوارية , ولكن في شكل درامي مشحون بعناصر فنية مختلفة من حيث الشكل والمضمون ( مثل عاطفة، انفعال، تشويق، ازمة، تصوير صادق... الخ).
ان شكسبير لم يكن يتردد في ان يخرج تفصيلات ثانوية يقتطعها من مصدر او اكثر او ان يغير من طبيعة المواقف التي يقتبسها عن طريق تأكيدها او تحويرها او حتى تغيير ملامحها تغييرا تاما والاكثر من ذلك انه كان في الغالب يغير من ترتيب القصة الاصلية من ناحية ( كمها وكيفها) فأما ان يكتب بعض المشاهد الموسعة وترك مجرد اشارة للأصل واما ان يغير النتائج التي وردت في الاصل او يضيف شيئا اخر من عنده , واذا كان هذا هو الحال مع حبكاته فانه يتبع الاسلوب نفسه مع شخصياته فهو قد يستبقي شخصية وردت في الاصل او يغيرها او يسقطها او يضيف اليها وهذا كله وغيره يدل على تمكن شكسبير من صنعته وقد  قسم  النقاد مسرحيات شكسبير الى ثلاثة انواع من حيث الناحية الشكل والمضمون .

أولا : المسرحيات الكوميدية

الحب جهد ضائع، 1591م ,

كوميديا الاخطاء، 1590/1591

السيدان المهذبان من فيرونا،1591/1592 ,

حلم منتصف ليلة صيف،1593/1595م

تاجر البندقية،1594/1596م ,

 ترويض الشرسة او( النمرة)،1596

زوجات وندسور المرحات،15998م ,

جعجعة بلا طحين،1599م

كما تهواه ،1600م ,

الليلة الثانية عشر، 1600م

العبرة بالخواتيم،1595/1604م ,

واحدة بواحدة،1603/1604م

بيريكليس،1606/1607م ,

سيملين ملك بريطانيا، 1609/1610م

قصة الشتاء،1610/1611م ,

العاصفة،1611م

ثانيا : المسرحيات التاريخية

الملك جون،1592/1593م ,

ريتشلرد الثاني، 1594م ,

هنري الرابع الجزء الاول، 1597م ,

هنري الرابع الجزء الثاني، 1597م ,

هنري الخامس،1599م ,

هنري لسادس ج1،ج2،ج3، 1590/1592م ,

ريتشارد الثالث، 1592/1593م ,

هنري الثامن، 1612م

ثالثا : المسرحيات التراجيدية

تيتوس اندرينكوس، 1590/1591م ,

روميو وجولييت،1594/1597م

يوليوس قيصر،1599/1600م ,

هاملت امير الدنمارك، 1600م

ترويلوس وكريسدا، 1602م ,

عطيل،1604م

الملك لير،1605م ,

مكبث،1606م

انطونيو و كليوباترة، 1608م ,

تيمون الاثيني، 1606/1608م

كاريولانوس،1609م
تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9