مجلة الفنون المسرحية
تشكّل الملابس، وهي الجندي المجهول في مسرحيات وليام شكسبير، محور معرض جديد يكشف الجهد الكبير الذي يبذل في تصميم ملابس أبطال وبطلات أعمال الشاعر والكاتب المسرحي الانكليزي. حرائر مقصّبة بالذهب وساتان باروكي مطرز بأحجار شبه كريمة… قد يتفهم المرء إن قررت فرق المسرح التي تحتاج دائماً الى دعم مادي خفض كلفة ملابس المسرحيات الشكسبيرية. إلا انها لا تعمد الى ذلك، خصوصاً بسبب الغرور الذي كان يتّسم به عصر الملكة اليزابيث الاولى وهوس الناس بالملابس الانيقة، كما تقول مصممة الملابس المسرحية البريطانية جيني تيراماني التي تعرض ثلاثة من ملابسها في المعرض.
فقد كلّف طوق عنق صممته في 2012 من أجل مسرحية «ريتشارد الثالث» في مسرح غلوب في لندن، أكثر من ألفَي دولار. وتوضح: «هذا السعر لا يقارن بأسعار هذه الاطواق التي كانت توضع في بلاط الملكة اليزابيث وكانت تكلّف بالقيمة الراهنة 10 و20 بل مئة مرة أكثر من المبلغ هذا». وكان أكبر هذه الاطواق يزيد على قدم (0,304 متر) مع عرض كبير جداً وكانت تحتاج الى إطار مصنوع من أسلاك معدنية لتثبيت الكشاكش حول العنق.
وتوضح تيراماني الحائزة جوائز عدة: «كانت معقّدة جداً بحيث كان خدم متخصصون يحتاجون الى أيام لإعادة الياقات الى شكلها بعد غسلها وتغميسها في النشاء وإعادة التخريمات الى شكلها الاساسي وكيّها». ومن الاشكال الضخمة الأخرى التي كانت رائجة في نهاية القرن السادس عشر، إطار حديدي يوضع حول الخصر ليحمل تنورة واسعة وثقيلة جداً، أما لدى الرجال، فكانت هناك السترة الضيقة المبطّنة بحيث تشكّل انتفاخاً عند مستوى البطن.
ويضم المعرض الذي افتتح في «المركز الوطني لملابس المسرح» في مدينة مولان في وسط فرنسا، مجموعة كبيرة من الأزياء تغطّي قرناً من العروض المسرحية. ومن أهم الملابس فستان ذهبي صمّمه الفرنسي تييري موغلر لمسرحية «ماكبيث» في إطار مهرجان «أفينيون» للمسرح عام 1985.
وفستان موغلر من بين ثلاثة فساتين لليدي ماكبيث في المعرض وقد «بالغ» المصصم الفرنسي كعادته في نحت الفستان مانحاً إياه مقاسات كبيرة مع تنورة على شكل علبة وأكمام على شكل أجنحة.
ويقول مؤرخون إن حب حقبة اليزابيث الاولى للفخامة كان عائداً جزئياً الى توسّع طبقة التجار التي كانت تلجأ الى الملابس للاشارة الى ثورتها الجديدة وطبقتها الاجتماعية. وهذه المبالغة في الملابس تحولت الى تحدٍ للنظام الاجتماعي القائم الى حد تدخلت فيه الملكة اليزابيث الاولى في محاولة احتوائها.
وبسبب القلق من عدم القدرة من تحديد أفراد الطبقة النبيلة من ملابسهم، تحرّك البرلمان معدلاً قوانين الاستهلاك.
فحُدّد الانفاق الشخصي على الملابس وفُرضت قيود على الالوان والاقمشة التي يمكن شخصاً أن يرتديها وفقاً للطبقة الاجتماعية التي ينتمي اليها.
فالحرير البنفجسي مثلاً، كان حكراً على العائلة المالكة في حين أن الدوقات واللّوردات كان في إمكانهم استخدام هذا اللّون على بعض القطع مثل السترة بأزرار أو الجوارب. حتى الاحذية كانت تخضع لقيود تشير الى أي فئة ينتمي الفرد.
لكن تيراماني التي فازت بجائزة «توني» هذه السنة على الملابس التي صممتها لمسرحية «تويلفث نايت» تقول إن القوانين لم يكن لها تأثير كبير. وتوضح أن «هناك حالات مسجلة لأشخاص انتهكوا القوانين وعوقبوا على ذلك لكن لا يمكن القول إنه كان لها تأثير كبير. كان الناس يسعون الى لبس أكبر كمية ممكنة من القماش ليشيروا الى أنهم أثرياء. كان مجتمعاً مهووساً كلياً بالمستوى الاجتماعي».
وأستمر المعرض حتى مطلع كانون الثاني /يناير.
-------------------------
المصدر : أ ف ب – وكالات
0 التعليقات:
إرسال تعليق