مجلة الفنون المسرحية
----------------------------------------------
المصدر : جريدة المدى
أربعة أيام شهدتها كلية الفنون الجميلة بمسرحها وفضائها ليبث طلاب جامعاتنا العراقية سلسلة من العروض المسرحية صباحاً ومساءً لخلق جوٍ من السباق والتشويق والمنافسة ضمن مهرجان المسرح الطلابي للجامعات العراقية الاول (دورة الاستاذ الفنان المرحوم د. عبدالمرسل الزيدي) اذ شاركت كل من (كلية الفنون الجميلة/ بابل, كلية الفنون الجميلة/ بغداد, كلية جامعة الحلة, جامعة المستقبل, الديوانية, الكوت, القاسم, كربلاء), وكانت على هامش المهرجان مسرحية للدكتور زهير كاظم "غريب الدار."
تنوعت العروض المسرحية الطلابية لهذا المهرجان بين انتماء الكليات لذوي الاختصاص أي كليات الفنون, والاخرى اعتمدت على شعبها الفنية. لذا جاءت العروض مختلفة في جودة أدائها واساليب إخراجها وموضوعاتها التي حاولت من خلالها نقل تصورها الذاتي لحقب زمنية ولكن برؤى اخراجية مختلفة احداها عن الاخرى.
ومن بين الجامعات والكليات المشاركة شعبة النشاط الفني/ جامعة بغداد بعرض (نهايات) إخراج (أمير أبو الهيل) . وبدءاً من العنوان (نهايات) التي عبرت وللوهلة الاولى عن نهايات لعدة دلالات منها الاحلام, الاماني, والحياة العامة, وجاءت دلالة (نهايات) موجزاً او نهايات لعدة مسرحيات لنصوص عالمية مثل (غاليغولا, هاملت ....).
وهذه النهايات اعتمدها المخرج ثيمة للعرض المسرحي, كونها تتوافق مع نهايات الواقع المعاش ومنظومة تلك الثيمات.
كما انها (نهايات) تمثل بالنسبة الى العروض المشاركة الاخرى نهاية لبداياتها.
شارك في العرض ثلاثة طلبة أسهموا معاً في تجسيد ثيمة العرض (النهايات) اذ تناوبوا وتشاركوا في أداء الادوار المختلفة لنهايات عدة, حيث أفصح كل واحد منهم عن نهاية لمسرحية ما, لذا جاءت ادوارهم متنوعة في نهاياتها ومتراوحة بين التقمص وبين الاداء الملحمي الذي يمتد الى الكواليس.
بدأت احداث المسرحية بوجود ثلاثة ممثلين بزيهم العملي (الابيض, الاسود) الخاص بالتمارين المسرحية وفقاً لطبيعة الادوار التي تجمع بين الخير والشر, اضافة الى كونه زياً يتناسب مع طبيعة العمل (بروفات) لعدة نهايات مسرحية. إذ يقابل كل منهم كرسي وهم يتوسطون اعلى المسرح, آخذين بالتحرك نحو اسفل المسرح حاملاً كل منهم كرسياً موجهاً إياه نحو الجمهور (اشبه بالسلاح الموجه) نحوهم مع حركة (الهرولة والمراوحة العسكرية) باتجاهات مختلفة بحثاً عن حلم. وينصح أحدهم الآخر ضمن حوارات تحدد فيه سلوك ومسار هذا الطريق اولاً:
الاول: اني راح اروح بهذا الطريق.
الثاني, لا , ... الحلم بيه مسدود.
وتقدم احدهم بتوضيح طبيعة العمل:
الاول:مرحباً بالحضور الكرام راح انقدم مجموعة مشاهد تمثل نهايات لعدة مسرحيات. عندها يتم الكشف عن (اللعبة المسرحية), وشروعاً من هذا الحوار الموجه الى الجمهور قام ذات الممثل بتحديد منطقة اللعب التي سوف تدور فيها النهايات, وذلك باستخدام الشريط اللاصق محدداً به مساحة مربعة الشكل اذ اصبحت أشبه بالحلبة لأن الأداء فيها يشمل كل الاتجاهات الأربعة, اما خارجها ( أي داخل المسرح) فيعد كواليس لها ضمت (السلم وبعض الملحقات الاخرى التي يعتمدونها في لعبتهم (الميتا مسرحية).
كانت اول نهاية, هي نهاية مسرحية (غاليغولا), وبها اخذ الممثل بتقمص حال دخوله المنطقة المحددة/ الحلبة التي سبق وان حددت بالشريط اللاصق مستخدماً المسدس, ليطلق النار على نفسه ثم نحو الفضاء مردداً الحوارات الاخيرة, بهذا خلق الايهام بتجسيده للدور المسند اليه, وحال خروجه من الحلبة, أخذ بتناول علبة الماء والتكلم مع زميله في الكواليس (خارج الحلبة/ كسر الايهام) بأحاديث شخصية.
ويتم دخول ممثل اخر بدور (هاملت) وتكرار ذات الحالة السابقة , أي (خلق حالة ايهام) وبمغادرته الحلبة (كسر الايهام), وبقية الحال عليه بقية نهايات المسرحيات بالتناوب بين (الايهام/كسر الايهام) أي داخل/ خارج الحلبة, وصولاً الى المشهد ما قبل الاخير, اذ استخدم فيه اكياسا من الماء اخذت ترمى على الممثل في داخل الحلبة من الكواليس وكأنهم يرشقونه بالدم, أي ان هناك تحولاً دلالياً كان الماء فيه بديلاً للدم (اختلاف اللون) مع بقاء التأثير الذي يحدثه الدم, وكانت هذه التصويبات/ اكياس الماء دقيقة بتوجهها إلى جسم الممثل مسببة بلله بلون دموي.
ثم يتم قطع المشهد بالحوار التالي للتحول من (الايهام/ الى كسر الايهام).
الممثل: يمعودين كافي موبللتوني , كافي شقه.
وجاء استخدام المؤثرات الذاتية التي يتم اصدارها من قبل الممثلين ذاتهم, وهي اصوات الضجيج, صوت طائرة, صوت اطلاق نار ومدافع, أي ان التركيز كان على المؤثر الذي يحدثه الممثل اكثر مما هو مسجل في جهاز فني.
كما كان لدخول (المخرج) الممثل الرابع, الى خشبة المسرح او الحلبة التي يتم تحديدها للتمثيل, يمثل لحظة وقوف الممثلين في داخلها, وبخروجه يتم استكمال ماتم قطعة او ايقافه من المشهد, وهو ايضاً يمثل التناوب بين الايهام وكسر الايهام سواءً من حيث التمثيل داخل وخارج الحلبة بالنسبة للممثلين او بالنسبة الى حالات دخول وخروج (المخرج) والممثل الرابع.
يقوم العرض على نوعين من الاداء, احدهما يخص التواصل مع الجمهور داخل القاعة, والاخر يخص الممثلين واداءهم داخل الفضاء الذي يعتمد على تقسيم الفضاءين ايضاً مانوع طبيعة الميزانين والحركة الخاصة بالممثلين, حيث يحدد احد الممثلين فضاء العرض/ اللعبة المسرحية شريط لاصق فيفصل الفضاء الى ساحة مربعة للعب المسرحي واخر يمثل فضاء للتواصل او التعقيب من قبل الممثلين ذاتهم, يعتمد الاداء على اداء تقمصي داخل المربع, حيث المسرح للمسرح الذي تعرفه الناقدة باتريس بافي بأنه (نوع من المسرح تكون الاشكالية فيه كافة في المسرح عينه, بمعنى انه ((يتكلم)) نفسه ويعرض نفسه).
وتتوزع احداث المسرحية على اسلوبين تمثيليين هما الايهام وكسر الايهام, يمثل اللاايهام فضاء المسرح ويتحدد الثاني الايهام داخل المربع والتي تعرض فيه نصوص عالمية يتم فيها اختيار ثيمة النهاية, مثل شخصية (غاليغولا) لـ(البيركامو) حينما ينتهي الحلم لديه نهاية مأساوية. ويلي ذلك حضور لشخصية (هاملت) لـ(لوليام شكسبير) بنهايته التراجيدية.
وتتصل النهاية المسرحية ببدايتها حين يتم انزال المسرحية على كل الاحلام التي تحملها الشخصيات الثلاث معلنة عن موت كل الاحلام ونهايته.
واعتمد المخرج (ابو الهيل) سمات اللعبة المسرحية ومفهوم المسرح للمسرح في دخول شخصية المخرج وتنظيمه للمشهد, وهو ما يؤكد مقومات هذا النمط المسرحي (وهكذا فعملية الاخراج لا تكتفي بسرد تاريخ او قصة انما تهتم ايضاً بمواضيع تتعلق بالمسرح او تعرض افكارها صوب المسرح, وذلك بإدخالها نوعاً ما عضوياً في العرض). كما تراه بافيس ايضاً .
ويطرح الممثلون افعالهم الشخصية وآراءهم تجاه بعضهم البعض وكأنهم في لعبة يومية او في شارع الحياة. ان عرض (نهايات) يسعى الى الاختلاف عن العروض التقليدية التي تعتمد على توالي المشاهد بعضها لبعض. وصولاً الى النهاية او الحل.
المصدر : جريدة المدى
0 التعليقات:
إرسال تعليق