أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، سبتمبر 09، 2010

خصائص العلامة المسرحية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, سبتمبر 09, 2010  | لا يوجد تعليقات


-السميأة (الوجوب العلاماتى) 

ان عملية انتقال النص بصفته خطابا حواريا متخيلا الى عرض مسرحي متحرك يمثل جدليا ارتباطا بالفعل (السيميائي) أي (العلاماتي) وهذه العملية تأتي متزامنة مع شغل الممثل التلقائي وموجوداته، وما سوف تنتجه هذه المزاوجة من اكتشاف أنواع من العلامات المتحققة فعلا (سواء كانت أصلا في النص او العرض او أثنائه)، وعليه فان العرض المسرحي لابد ان يخضع لمفهوم (السمياة) بعلمنا او بدونه فانتقال الممثل بجسده الى خشبة المسرح يعني اكتسابه صفة العلامة، وانتقال الموجودات من الحياة الى الخشبة يعني جعلها (مسومة)، أي إحالتها من واقع حياتي او وظيفة اجتماعية عادية الى علامات دالة بمجرد حصول هذا الانتقال، وبجعلها بالضرورة ان تشير الى أشياء اخرى ودلالات اخرى فان "الأشياء التي تلعب دور الاشارات المسرحية على الخشبة يمكن في سياق المسرحية ان تكتب بذات وخصائص وصفات معينة لا تتمتع بها في الحياة الواقعية"([1])، هذا الانتقال الذي يغذي المادة على خشبة المسرح شكلها وعملها (التسويمي) أي (العلاماتي) هو الذي جعلها تتحول من خصوصيتها الوظيفيةالاجتماعية في الحياة الواقعية الى خصوصية اعم ومتحققة جدلا على رقعة الخشبة، إذن كل ما هو على المسرح بفعل (السيمياء) هو علامة، فالكرسي على المسرح مثلا قد اكتسب صفة (العلامة) تنبع من قيمته الدلالية في (صناعته) او (تاريخيته) او دلالاته القومية او الطبقية او الاقتصادية او أي إفراز علاماتي اخر، ثم ما سوف ينتج عن تحريكه وتغيير نمط شكله العلاماتي من دلالات مغايرة متحولة عن عمل علامته الدلالية الأولى، ولكن نفس هذا الكرسي في الحياة الواقعية ليس له دلالة مهمة إلا ضمن مفهوم الاستخدام الحياتي لا أكثر بالإضافة الى ان كل الموجودات المرئية والمسموعة على الخشبة من (ممثل، ديكور، إكسسوار، ملابس، إنارة) قد أصبحت (علامات) كونها مشاهدة او مسموعة لحظتها من قبل المتلقي، فان الفعل (التسويمي) قد يطال العلامات غير المرئية خارج الخشبة (فوقها، او جوانبها، او تحتها) فان "مجرد سماع صوت من جزء جانبي من المسرح او من الراديو سيدل على شخصية درامية وعندها فان مثل هذا الصوت سيكون بمثابة ممثل"([2])، أي بمثابة (علامة) دالة غير مرئية ولكنها اكتسبت صفة (السمياة) لفعلها الدلالي المؤثر في الإحداث، بل ان الخشبة نفسها قد اكتسبت صفة (السمياة) او العلامة لا كونها شكلاً مسرحياً معيناً بل لأنها مكان للتمثيل الدرامي فـ"رغم انه تأكد لنا ان الخشبة هي اعادة بناء وليست طبيعتها البنائية التي تجعلها خشبة مسرح، بل حقيقة كونها تمثل مكانا دراميا، والشيء ذاته هو عادة شخص يتكلم ويتحرك على الخشبة ولكن الطبيعة الأساسية للممثل لا تكمن في حقيقة انه شخص يتكلم ويتحرك على الخشبة بل في انه يمثل شخص ما"([3])،  ولكن اكتساب صفة العلامة على المسرح يأتي من خلال التوظيف لها وتسويغ وجودها والاهم ارتباطها بموضوعتها.



2- التضمين العلاماتى

أي بمعنى طغيان الدلالات الثانوية للعلامة المصاحبة على دلالاتها الكبرى او المزاوجة لاكثر من دلالة في وقت واحد، أحداهما ثانوية والأخرى رئيسية "فقد يدل زى حربي مثلا بالاضافة الى صنف (الدرع) الذي يدل عليه حقيقة على (الشجاعة) او الرجولة ...وقد يدل كذلك على ما في داخل منزل برجوازي من (ثروة) و(تفاخر) او (ذوق سيء)"([4])، هذه المزاوجة تحيلنا الى بث العلامة لرموزها ودلالاتها المزدوجة او أكثر في وقت واحد (خصوصا في العلامات المركبة) ومن المفترض ان تكون الدلالة الكبرى هي الأفضل والأسرع (بالرغم من عدم ثباتها او ارجحيتها في التصديق)، فالزي الحربي علامة ذات دلالة كبرى، اما الشجاعة او الرجولة فهي علامة ذات دلالة صغرى، ولكن ليس بالضرورة ان ترمز للشجاعة او الرجولة، فقد يكون العكس، وغالبا ما تحدث هذه الإشكالية بسبب تشظي العلامة ورموزها لأكثر من معنى دلالي متجاور فـ" أحيانا قد يشير الزي المسرحي او المشهد الى إشارات عديدة قد يرمز الزي المسرحي مثلا الى ثري صيني ويتم ذلك بتمييز المصورة بإشارة لقوميتها وبإشارة لمكانتها الاقتصادية"([5])، ويرى الباحث تحفظا في مفهوم طغيان الدلالة المصاحبة على الدلالة الكبرى او الرئيسة، إذ ان هذا الأمر مرتبط بوعي المتلقي لا بمسلمات ثابتة، إذ ان هذا الوعي يتفادى الانجرار الى الجزء وترك الاهم أي بمعنى ان عملية التحليل الفكري والذهني لابد ان تفرق بين صنف الملابس العسكرية وبين ارتباطها بالرجولة او الشجاعة وبين الثراء والذوق القبيح، ثم ان اهم خاصية من خواص السيمياء وعلاماتها هو انتاج (الشفرات) وهي موجهة الى المتلقي وهو المعنى بحلها وهي تشكل العملية الأصعب فكيف تنطلي عليه البساطة بمفهوم طغيان الدلالة المصاحبة.



3- (الترتيب الافتراضى في الظهور)

ان الخاصية السيميائية تعطي الاهمية لمدى قوة هذه العلامة او تلك وفق ترتيب ظهورها، وقدرتها على تحريك العرض ومن ثم ذهنية ومخيلة المتلقي للوصول الى معنى دلالي منطقي لتلك العلامة ودلالاتها، وهنا ياتي الترتيب المحسوب لظهور الشخصيات المسرحية أي (الممثلين) لانهم يشكلون علامات مستقلة اضافة لانتاجها وايصالها وياتي هذا الترتيب وفق التسلسل (الافتراضي في اهمية الظهور) ووقته ومنطقيته على مجرى الاحداث فـ" عندما يحتل الممثل ولاسيما ممثل الدور الرئيس قمة التراتب الهرمي حيث يجتذب الى شخصه هو معظم انتباه المشاهدين ويقع تقديم عناصر اخرى الى الصدارة عندما تكون هذه العناصر قد رقيت من تابعية ادوارها الكمداء الى مقام بروز مفاجئ أي عندما تكتسب ذاتيتها السيميائية"([6])، ولكن في بعض الاحيان فان الطرفين المهمين في الصياغة المسرحية والعلاماتية (المؤلف+المخرج) غير قادرين في الافتراض المتخيل لما سيحصل في اهمية وقدرة هذا التسلسل او البروز في نجاح ظهور (العلامة) من خلال الشخصية (خصوصا في المسرح التقليدي او الواقعي) أي ان بروز مفاجيء لاي شخصية حتى لو كانت بسيطة، قد ياتي في بعض الاحيان بتاثير غير متوقع (في الاحداث والمتلقي) ربما بسبب (قوة أدائها او ظهورها في وقت مناسب غير متوقع) وفق ترتيب هرمي كان يجب ان يكون قصدياً وافتراضياً من ناحية الأهمية والتأثير.



ولكن هناك ترتيب هرمي (تصدير) متعمد وقصدي يتدخل فيه المخرج لابراز علامة على حساب اخرى، خصوصا في المسرح البرشتي، إذ تكون "ايماءة الاستعراض عند برشت كما يحصل عندما ينفرد الممثل ليعقب على ما يدور او عندما تقوم سلسلة، حيل كتجميد الحركات، ومؤثرات تبطيء الحركة، وتغيرات الاضاءة المفاجئة بجعل الوسائط التمثيلية كمداء"([7])، هذه القصدية في زمن الظهور التراتبي ليست جديدة بل استعارها (برشت) من المسرح الاغريقي الذي اعتمد الكلمة والحوار لترتيب موجوداته وشرح افعاله واحداثه على الخشبة من خلال سرد الجوقة فان "القناع التراجيدي الثابت للحزن الذي لبسه الممثل والمحيط اللامتغير للقصر الملكي على الخشبة بالامكان تغيرها وذلك بواسطة الكلمة (اللغة) التي مثل الشمس في وسط عالم الشاعر، اما ان تضي الخشبة والممثل والإحداث الدرامية او العكس.. فالافعال والاعمال قد تحققت بشكل مرئي على الخشبة القديمة وذلك بواسطة الدلالة اللفظية اليها فقط"([8])، لكن حيثما كان الترتيب الهرمي في الظهور عفويا (افتراضياً) او قصدياً (تدخل مباشر) فكل علامة على الخشبة تعطي دلالة او دلالات ولها دورها وقيمتها سواء كانت ظاهرة او متوارية الى حين بروزها، فالعلامات مكونات تستمد مكانتها ووظيفتها او توظيفها من حركتها وموقعها في سياق الاحداث أي حيزها الطبيعي ومن ثم فان نجاح الممثل او فشله في اداء شخصيته كفيل في بروز العلامة من عدمه أي ان بروز هذه العلامة او تلك ياتي وفق سياقها الفكري والجمالي (من خلال اداء الشخصية طبعا) لا زمن ظهورها بالضروره.



4- تحول العلامة

وهي من اهم خواص السيمياء وعلاماتها على المسرح، وذلك في تغيير انماط ووضعيات الممثل عبر شخصياته الممثلة وانتقالها من حالة الى اخرى او سلوك الى اخر يتبعه بالضرورة تغيير علاماتي وفق هذا التحول، او تدخل الممثل في تغيير أنماط وأشكال ووظيفة الموجودات على الخشبة من (ديكور ومهمات مسرحية) ومن ثم تحولها من علامة الى أخرى ثم تغير مدلولاتها في المعنى والفكر مع ارتباطها بسياق الحدث او الموضوع او تغيير كلي في مجمل المفاهيم الفكرية لثيمة الموضوع او ذلك الحدث "فما يظهر انه قبضة سيف في مشهد ما يمكن ان ينقلب الى صليب في المشهد التالي وذلك بتعديل بسيط في وضعه"([9])، وهذا تفعيل ديناميكي داخل بنية المشهد وفعاليته الصورية الواردة من الخشبة تقنيا وجماليا وفكريا فان "الاشياء في المسرح-تماما مثل الممثل نفسه- قابلة للتحول كما يمكن ان يتحول الممثل على الخشبة الى شخص اخر"([10])،هذا التنوع في تحول العلامة ودلالاتها رافقها تنوع في انماط اضافية للتغير والتحليل والتأويل عند المتلقي، نتيجة التغير المتدرج او المفاجيء على مجريات الشكل والفكر داخل احداث العرض المسرحي وتحولاته العلاماتية ومدلولاتها المعنياتية فان"الحذاء الشهير لشارلي شابلن في فيلم (الاندفاع نحو الثروة) يتحول حين ينهمك شابلن في الاكل، يصبح رباط الحذاء معكرونة وفي ذات الفلم لفافتين ترقصان كعاشقين"([11])، ولكن بالرغم من ان هذا التحول العلاماتي يتبعه إيحاء وتأويل وهدف جديد، فانه لابد من مسوغ مقنع له في منطقية هذا التحول، ويرى الباحث ان هناك نوعين من التحولات التي تحصل على الخشبة ولها تأثير في التعبير الدلالي عن المعنى وتفسير جديد له، فالعلامة الاولى تكون منسجمة وقائمة على وجود تماثل مع نظيرتها المتحولة كالمهمات المسرحية، مثلا مقبض الخنجر قريب من الصليب، إذ بالإمكان جعله وتدا لخيمة او شاهدا لقبر او مفتاحا، فالأشكال والإحجام شبه متقاربة ومن ثم فان تحولها قابل للتحقيق والإقناع، اما التحول الثاني في شكل العلامة ووظيفتها فهو غير منسجم في اشكاله، كتحول الكرسي الى قفص او المكنسة الطويلة الى حصان، او خيط الحذاء الى معكرونة، او المنضدة الى طائرة، او السجادة الى بساط سحري طائر، فهذا التحول هو تحول (راديكالي) ومتخيل فنتازى تختص به العروض البعيدة عن الواقعية، والتي تسمح بهذا الانعطاف في التحول العلاماتي الحاد والذي يضفي ديناميكية ومتعة في غرابته وتحوله الرمزي والقسري وغير المالوف، يصل الى فهم (برشتي) في تغريبه (للصورة والفكر)، أي تفقيد الواقع من واقعيته في صورة المشهد المتمركزة على الخشبة، ويجد الإقناع لانه لا يتناول مفردات واقعية في شكلها بل في مضمونها الفكري فحسب.
 

([1]) بوغاتيريف، بيتر، سيمياء براغ للمسرح، ص 66.

([2]) هونزل، يندريك، نفس المصدر، ص 99.

([3]) هونزل، يندريك، نفس المصدر، ص 98.

([4]) ايلام ، كير، سيمياء المسرح والدراما، ص 19.

([5]) بوغاتيريف، بيتر، سيمياء براغ للسرح، ص \63.

([6]) ايلام، كير، سيمياء المسرح والدراما، ص 29-30.

([7]) المصدر نفسه، ص 31.

([8]) هونزل يندريك:: سيمياء براغ للمسرح، مصدر سابق، ص 126-127.

([9]) ايلام، كير، مصدر سابق، ص 22.

([10]) بوغاتيرف، بيتر، مصدر سابق، ص 66-67.

([11]) المصدر نفسه، ص 67.        

                  
----------------------------------------------------
المصدر :د. سامي الحصناوي - النور 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9