أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الاثنين، نوفمبر 21، 2016

المونودراما، خصائصها، وإشكالية التلقي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, نوفمبر 21, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية


 عباس الحايك

سادت في الآونة الأخيرة عروض مسرح المونودراما، إذ لا يخلو مهرجان مسرحي على مستوى العالم و العالم العربي من عروض مسرحية تنضوي تحت هذا التصنيف، حتى باتت أشبه بموضة مثيرة للتجربة، فالعمل في عروض المونودراما صار يغري الكثيرين بدءً من الكاتب، وحتى الممثل الذي يجد فيها فرصة لاختبار قدراته الأدائية واستعراضها، مروراً بالمخرج الذي يضع كل إمكاناته في تدريب ممثل واحد بدل الجهد الذي يبذل في تدريب طاقم تمثيلي في المسرحيات متعددة الشخصيات. مما حدا بالباحثين المسرحيين إلى التنظير لهذا النوع المسرحي الذي لم يكن سائداً ولا معتنىً به، وحدا ببعض الجهات المسئولة عن المسرح إلى تنظيم مهرجانات مسرحية لعروض المونودراما، تكون تجمعاً لهذه العروض التي تتنافس على الأفضلية في مجال  النص المونودرامي، التمثيل، الإخراج وبقية العناصر المسرحية التي تشترك فيه المونودراما مع المسرح المتعدد الشخصيات.

المونودراما و المونولوج

وكلمة المونودراما Monodrama هي كلمة يونانية تنقسم إلى Mono وتعني (وحيد)، و Drama وتعني (الفعل). وهي، إصطلاحاً، تعني مسرحية الممثل الواحد، بمعنى أن يقوم بتشخيص المسرحية ممثل واحد فقط وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنباً إلى جنب عناصر المسرحية الأخرى،وفي بعض الأحيان يستعمل تعبير رديف هو عرض الشخص الواحد One Man Show ، أو الـ solo play  عند الألمان. والمونودراما بهذا المعنى تختلف عن المونولوج Monologue كما تشرحه الموسوعة البريطانية Encyclopedia Britannica   وهو ” حديث مطول لشخصية مسرحية. فالمونولوج الدراميdramatic monologueهو أي حديث توجهه شخصية لشخصية أخرى في المسرحية، بينما المناجاة soliloquy نوع من المونولوج الذي يقوله الممثل للجمهور مباشرة، أو يفصح عن أفكاره وما يجول في داخله بصوت مسموع حين يكون وحيداً أو حين يكون بقية الممثلين صامتين”(1)، فثمة خلط يقع فيه الكثيرون بين المونودراما والمونولوج. هذا الاختلاف يعني بأن المونودراما نوع مستقل من أنواع المسرح، بينما المونولوج هو جزء من المسرحية وليس نوعاً منفصلاً، لذا يصح للمونودراما أن تمتلك خصائصها و نظرياتها الخاصة، وليس بالضرورة أن تكون خاضعة لاشتراطات المسرحية، وإن تكن تأخذ منها بعض هذه الخصائص وتشترك معها فيها.

الظهور الأول للمونودراما

وترتبط المونودراما بالأداء الفردي الذي يعتبر قديماً قدم الإنسان، فهي نتاج فن القول أو سرد القصص، وهو فن له علاقة بوجود الإنسان و فعل من الأفعال التي يعبر فيها الإنسان عن كوامنه، ولينفس من خلال الإستماع إلى القصص أو سردها عن همومه وضجره. ولكن المونودراما كفن ارتبط بإرهاصات المسرح الأولى عند اليونانيين، فمنذ نشأته، أعتمد المسرح، وبعد أن كان لا يعدو كونه طقوساً تعبدية، على الممثل، الذي انتقل مع  المسرح اليوناني القديم من مرحلة السرد إلى مرحلة التمثيل مع أول ممثل في التاريخ ثيسبيس Thespis ، والذي أخذ من إسمه المصطلح الأنجليزي Thespian ويعني مسرحي أو ممثل، إذ يعد”(ثيسبيس) مرجعاً متطوراً في إعطاء المسرح نفحته الأولى والتي كان يحكي فيها حكايات، ويشد شغف الجمهور إلى تلك التنويعة في تقديم شحصيات حكايته من خلال الأقنعة والملابس والصوت والتكوين الجسماني، ومن هنا فهو يعتبر المؤسس الأول لهذا النشاط البشري”(2). هذا الممثل الأول الذي نقل المسرح من إطاره الديني إلى الدنيوي كان البذرة الأولى لما يعرف الآن بالمونودراما، فهو كان يقدم مسرحياته وحيداً، قبل أن يدخل أبو التراجيديا أسخيلوس في القرن الخامس الممثل الثاني على المسرح اضافة الى الجوقة، وكان الممثل الثالث قد استحدث في المسرح على يد سوفكليس، ليخضع، بعد ذلك، قانون الكتابة والتمثيل للممثلين الثلاثة لقرون. و انتهت الصيغة الجنينية للمونودراما بهذا التطوير الذي أحدثه أسخيلوس بكسر فردانية الأداء. وبين هذا التاريخ والظهور الأول للمونودراما الحديثة، ظهرت أشكال مسرحية تعتمد على الممثل الفرد، مثل عروض الجونجلرز Jongleurs والذي كانت تقدمه بعض الفرق الجوالة، وهو شكل من أشكال المايم في زمن الرومان، إضافة لفن البانتومايم وهو أن يقوم ممثل واحد بأداء عمل درامي إيمائياً وعادة ما يكون عرضاً منفرداً.

الظهور الثاني للمونودراما

و المونودراما الحديثة كما هي معروفة اليوم يعود تاريخ ظهورها، كما تشير الدراسات إلى القرن الثامن عشر على يد رائد فن المونودراما الممثل والكاتب المسرحي الألماني جوهان كريستيان برانديز (1735-1799)، الذي أعاد الحياة لفن ثيسبيس واستحضره في مسرحياته التي كان يقدمها بنفسه وبشخصية واحدة بمرافقة الجوقة.

ويعود أوَّل نص مسرحي يصنف كمونودراما مكتملة الشروط الفنية إلى الفيلسوف و المفكر الفرنسي جان جاك روسو و كان ذلك عام 1760 م، وهو نصه (بجماليون)، ولكن أول من أطلق مسمى مونودراما على نصه (مود Maud)كان الشاعر ألفريد تينيسون Alfred Lord Tennyson في العام 1855م. لاحقاً، بدأت نصوص المونودراما تتكاثر و يرتفع لها الصوت، فكتب تشيخوف نصه الشهير (مضار التبغ) ووصفه بالمونولوج في فصل واحد، وكتب الفرنسي جان كوكتو نصه (الصوت الإنساني)، وكتب يوجين أونيل نصاً مونودرامياً بعنوان (قبل الإفطار)، بينما كتب صموئيل بيكيت (شريط كراب الأخير) والذي اعتنى بالمونودراما ووجدها أنسب الأشكال المسرحية للتعبير عن العبثية والتي تقوم على عزلة الفرد واستحالة التواصل الاجتماعي. هذا الاحتفاء بفن المونودراما من قبل كتاب مسرحيين معروفين، فتح الباب لتقبل هذا النوع من الفن المبتعث من زمن الأغريق، والاشتغال عليه من قبل كتاب ومخرجين وبالذات من ممثلين، ويتجلى الاهتمام بهذا الفن عالمياً بتخصيص مهرجانات تلتقي فيها الفرق التي تقدم عروض المونودراما، وأشهرها مهرجان ثيسبيس العالمي للمونودراما في ألمانيا الذي يقام سنوياً.

المونودراما عربياً

على المستوى العربي، يعد مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما هو الأشهر خاصة بعد حصوله على التصنيف الدولي من الهيئة العالمية للمسرح، و تنصيب مديره محمد سيف الأفخم رئيساً للرابطة الدولية للمونودراما، ولكن ثمة مهرجان في كل بلد عربي للمونودراما، ففي سوريا هناك مهرجان اللاذقية للمونودراما، وفي الكويت مهرجان للمونودراما، وكذلك في بغداد ومصر والمغرب وعكا الفلسطينية و في السعودية. ويعد فن المونودرما حديثاً حداثة المسرح، رغم أن أشكال التعبير الإنساني التي قد تعد صيغة أولية للمسرح موجودة منذ القديم، خاصة تلك التي يمكن ربطها بفن المونودراما، كفن الحكواتي، الذي اشتهر تاريخياً به (إبن المغازلي) الذي كان “يضرب الأرض بقدميه ويحرك يديه ويغير صوته إلى أصوات شخصيات روايته”(3)، والذي وصفه المسعودي في كتابه “(مروج الذهب) بأنه كان حكاءً في غاية الحذق يضحك الثكلى”(4). و يعود ظهور المونودراما، بشكلها الحديث، عربياً إلى العراقي يوسف العاني الذي قدم أول “مونودراما شهدها المسرح العراقي والعربي في مسرحية (مجنون يتحدى القدر) التي كتبهاعام 1949م ومثلها بنفسه على مسرح معهد الفنون الجميلة مطلع عام 1950م”(5)، أما أول نص مسرحي عربي مونودرامي نشر في الصحافة العربية فهو نص (إبن زيدون في سجنه) للشاعر المصري أحمد زكي أبو شادي الذي نشره في مجلة البعثة الكويتية في العدد الثاني الصادر في شباط 1954م. في سوريا دخلت المونودراما على يد المخرج الراحل فواز الساجر بعرضه المونودرامي (يوميات مجنون) عن نص لغوغول أعده الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس ومثله أسعد فضة، ويعد الممثل الفلسطيني زيناتي قدسية أشهر من أشتغل على عروض المونودراما وارتبط إسمه بها فقد قدم مسرحيات (الزبال, القيامة, حال الدنيا, أكلة لحوم البشر للكاتب وكلها للراحل ممدوح عدوان)، أما في لبنان فقد ارتبطت المونودراما بالممثل المسرحي رفيق علي أحمد الذي قدم عدداً من العروض ضمن مسرح الحكواتي (الجرس، جرصة)، وفي تونس، أشتهر المسرحي محمد إدريس بتقديم عروض المونودراما مثل عرضه (حي المعلم) التي كتبه وأداه، بينما يعد المغربي عبد الحق الزروالي رائداً لمسرح المونودراما في المغرب، إذ قدم أول عروضه في العام 1961،  وكان واحداً من مؤسسي أول مهرجان مونودراما عربي في العام 1976 بالتعاون مع وزارة الثقافة.

المونودراما في منطقة الخليج العربي

ظهرت المونودراما في الخليج متأخرة عن ظهورها العربي، ففي الإمارات كانت أول مونودراما للمسرحي الدكتور حبيب غلوم في العام 1989م، وهي نصه “لحظات منسية” المعدة عن نص للكاتب العراقي جليل القيسي وأدت دورها الممثلة سميرة أحمد، وقبلها بأربع سنوات وتحديداً في العام 1985م قدم المسرحي البحريني إبراهيم خلفان المونودراما الأولى في مملكة البحرين (عطسة بو منصور) وجسد شخصيتها الوحيدة عبد الله ملك، بينما كانت بدايات المونودراما في المملكة العربية السعودية من  الطائف، إذ قدمت جمعية الثقافة والفنون بالطائف مونودراما (صفعة في المرآة) عام 1985م، وكانت من تأليف عبدالعزيز الصقعبي وإخراج عبدالعزيز الرشيد وتمثيل راشد الشمراني. ومنذ تلك البدايات أفتتن بهذا الفن عدد من المسرحيين الذي وجدوا فيه مغامرة فنية، أو صرعة مسرحية، أو حتى محاولة حقيقية للتجريب على هذا الفن وتأصيله في المسرح العربي، فتنامى عدد العروض المونودرامية حتى باتت إقامة مهرجان لهذه العروض ضرورة، لذا أطلقت دولة الإمارات مهرجان الفجيرة للمونودراما والذي يستضيف فرق مسرحية عربية واجنبية العام 2003م، تبعتها جمعية الثقافة والفنون بالطائف وأقامت مهرجانها الأول للمونودراما في ذات العام، ومهرجان المونودراما التي أعلنت فرقة الخليج بالكويت عن إقامته في مايو 2008، ومهرجان المونودراما في العاصمة السعودية الرياض والذي نظمته جمعية الثقافة والفنون بالرياض في يوليو 2008م.

إشكالية الوحدانية في المونودراما

ومع هذا الافتتان بهذا الفن وتزايد عروضه حول العالم، يقف عدد من المسرحيين في وجهه، متسلحين بفكرة يمكن أن يختصرها بيتر بروك الذي كان يقف في الضد تجاه المونودراما، إذ يرى “أن المونودراما تفقد المسرح الكثير من ألقه ووهجه الخاص, لأنها تعتمد الممثل الواحد الذي ينبني عليه العرض بأكمله, فلا تفاعل بين ممثل أول وممثل ثان ضمن ثنائية الأخذ والرد, التي تؤسس لفعل درامي حقيقي على الخشبة”(6)، و ما يذهب إليه بروك يصطلح عليه الدكتور فاضل خليل بالوحدانية، ويعتبرها إشكالية محنة  في فن المونودراما (7). لكن الألق الذي يمكن أن تفقده المونودراما من الغياب، والحديث مع الغائب الذي يعد من أهم “المشكلات في مسرحيات المونودراما”، يمكن أن يستعيده المشتغلون بمسرح المونودراما، من خلال بعض الحلول، فغالبا “ما نرى الممثل حين يدخل المحنة وحيدا على المسرح يبحث له عن من ينقذه من هذه الورطة. فيوجه الحديث إلى آخر متخيل يساعده على قتل غربته فيكون هذا المتخيل هو النفس حين يوجه لها الحديث، أو مع الأشباح التي تحيط به وهي كثيرة. وفي أحسن الأحوال يكون الحديث موجها إلى متخيل عبر (المرآة) أو عبر (الهاتف)”(8)، ولكن ثمة مقترحات لتجاوز هذه المحنة (الوحدانية)، فتشيخوف وفي مسرحيته (أضرار التبغ) وجه الحديث لجمهور المسرحية الذي أعتبره هو ذاته جمهور المحاضرة التي تتحدث عن أضرار التبغ، بينما أقحم شخصية (بتروشكا) في مسرحيته (أغنية التم) لتجاوز هذه الوحدانية، أو بواسطة “تقديم الشخصية وهي تؤدي مجموعة شخصيات وبأصوات مختلفة معتمداً أسلوب المخرج في تنوع المبتكر الإخراجي، والبعض يستخدم الدمى للمشاركة في الحدث مبتعداً عن الشخصيات الحية. ومنهم من يحاور أصوات خارجية لشخصيات داخلة في بنية النص”(9). هذه المقترحات يمكنها أن تؤسس لفعل درامي داخل العمل المونودرامي، وقادرة على خلق الصراع الذي ينتجه الحوار التبادلي بين شخصيات المسرحية ولتعويض الغياب الذي تفرضه مسرحيات الممثل الواحد.

خصائص المونودراما

(الكتابة)

تقترب المونودراما من المسرحية العادية في تقنية الكتابة “من الوضعية الاستهلالية والوضعية الأساسية وحبكة رصينة وحدث صاعد وذروة وحدث متهاو وحل”(10)، وتقترب في الرؤى الإخراجية واشتغالات السينوغرافيا وفي تقنيات أداء الممثل، إلا أنها تمتلك خصائصها التي تفترق فيها عن المسرحية متعددة الشخصيات، وهذا لا يعني أن ثمة قوانين تحكم الكتابة المونودرامية أو تحكم تنفيذ العرض المونودرامي، إلا أنه يمكن من خلال قراءة نص مونودرامي إستنتاج خصائص هذه الكتابة، والتي فصلتها الممثلة الأردنية مجد القصص في مقالها المعنون بـ(المونودراما:مسرح الشخص الواحد)(11)، فمن خصائص النص المونودرامي:

الموضوع: غالباً ما تكون موضوعات المونودراما مأساوية الطابع، ناتجة عن تجربة ذاتية مريرة، هذه المأساوية هي ما يفتح الأسئلة المصيرية، الكونية، والوجودية.

الزمن: يكون الزمن في المونودراما ملحمي البعد، بمعنى أن يكون متعدد المستويات، ولكن يكون للزمن الحاضر النصيب الأكبر، ويمكن أن تختلط المستويات دون تسلسل منطقي.

المكان:  المكان أيضا متعدد المستويات في المونودراما، حيث تستحضر الشخصية الوحيدة ملامح الأمكنة خلال عملية التداعيات الفكرية .

اللغة: تميل لغة الحوار في النص المونودرامي إلى السرد وصيغة الفعل الماضي، لأنها تعتمد غالباً على تداعي الأفكار.

الشخصيات : يعتمد النص المونودرامي على شخصية واحدة، يكون حضورها فعلياً، بينما يكون حضور بقية الشخصيات، متى ما اعتمد الكاتب حضورها كمقترح لتجاوز الوحدانية، مجازياً.

الصراع: يقوم الصراع في بنية الحدث الدرامي على تنامي الحدث وتصعيده من خلال ما يخلقه من التصادم و التعارض بين أطرافه ليستولد الأزمات، فهو جوهر الدراما، والصراع نوعان:

1)    الصراع الداخلي، ويتجلى في الصراع بين الإنسان ونفسه وعواطفه.

2)    الصراع الخارجي، ويتجلى في الصراع بين الإنسان وشخصية أخرى مضادة، أو مع الطبيعة وظواهرها، أو مع المحيط والمجتمع، أو مع قوى كبرى (القدر – الموت – الزمن ).

وفي المونودراما تختزل كافة تجليات وأشكال الصراع في الصراع الداخلي،حيث تنمو حالة التداعي وتبرز حالة الوحدانية المشار إليها، فالبطل في المونودراما يكون عرضة لكل أشكال الصراعات التي تواجه الإنسان.

ونص المونودراما يحتاج لإمكانات كاتب واسع الخيال، وصاحب رؤية تمكنه من ضبط  السرد والترهل الذي يمكن أن ينتج عن طبيعة اللغة في هذا النوع من الكتابة، وكاتب متمكن من تصعيد الحالة الدرامية بشخصية واحدة على الخشبة، إذ يتحول “الفعل التبادلي، في المسرحية متعددة الشخصيات، إلى فعل ذاتي يقوم الكاتب اثناءه بتحفيز شخصية واحدة ويدفعها نحو التطور والنمو ويحدد ردود أفعالها أثناء نمو الحدث”(12)، المونودراما تحتاج إلى كاتب تشغله قضايا ذات أهمية، يتناولها بعمق ودون تسطيح، عبر شخصية قادرة على انتزاع الدهشة من الجمهور، من خلال الحدث الدرامي المتنامي، ومن خلال عملية الكشف الكامنة في الصراع الداخلي التي تعشيه الشخصية، التي يجب أن تمتلك ديناميكيتها على الخشبة، شخصية غير ساكنة، شخصية تملك لغتها المسرحية بحيويتها، والبعيدة عن الخطابات والشعارات. نعم كتابة المونودراما تختلف عن كتابة النص المتعدد الشخصيات، ويمكن أن يقال أن النص المونودرامي أصعب في الكتابة من النص المسرحي المألوف، فهو نص يمتلك استثنائيته وخصائصه.

(الإخراج)

مخرج المونودراما، هو الآخر، يجب أن يمتلك قدرات خاصة، فهو يتعامل مع نص مختلف، فهو مطلوب منه توجيه هذا الممثل الفرد، ورسم حركة هذه الشخصية في مساحة يملكها وحده، ومطلوب منه أن يمتلك أدوات إخراجية لصياغة رؤية بصرية يقدم فيها فرجة مسرحية مدهشة، تقلل من رتابة المونودراما وحوارها السردي الطويل.

(التمثيل)

أما المممثل المسرحي الذي يجسد الشخصية المونودرامية، فيجب أن يمتلك ميزات خاصة، قد لا تحتاجها المسرحيات متعدد الشخصيات، فهو ممثل من نوع خاص، يملك أدواته الخاصة، فالممثل المسرحي هو الوسيط بين النص وبين الجمهور، وهو الذي يحمل دلالات النص ورسالته، والممثل في المونودراما هو البطل الوحد، وهو وحده الذي يحمل عبء المسرحية، فهو الذي يسرد حكايتها، وهو الذي يواجه الصراعات وصولاً إلى الذروة المفترضة في المسرح، وحده من يواجه التحدي في مواجهته للجمهور، ووحده من يوصل رسالة المسرحية للجمهور عبر (الكلام/ الإيماءة/ الإشارة/ حركة الجسد/ الصمت/ الانفعال الداخلي.. إلخ)، هذه المسئولية تحتاج لممثل يملك قدرات أدائية عالية، وقدرة على ضبط إيقاع العرض، فالمونودراما لاتحتمل أنصاف ممثلين، فإما أن يكون ممثلاً متميزاً هو من يقدمها، أو يسقط العرض في الرتابة والفشل.

و يذكر لنا تاريخ المسرح العربي ممثلون أنشغلوا بعروض المونودراما حتى صاروا علامة في أقطارهم، ففي لبنان يبرز إسم المسرحي رفيق علي أحمد، وفي سوريا، الممثل الفلسطيني زيناتي قدسية الذي صدر عنه مؤخراً كتاب (القابض على الجمر: زيناتي قدسية ومسرح المونودراما) والذي يقرأ فيه إبنه قصي قدسية تجربته مع المونودراما، وفي المغرب يبرز إسم عبد الحق الزروالي الذي قدم ما يقارب الأربع وعشرين مسرحية كان فيها الكاتب والمخرج والممثل الوحيد على خشبة المسرح منذ العام 1961م، وفي الكويت يبرز إسم الممثل المسرحي عبد العزيز الحداد الذي قدم عدد من المونودراما منذ أول تجربة مونودرامية له في العام 1989م. هؤلاء الممثلون اختاروا المونودراما طريقاً، وابدعوا فيها لأنهم يمتلكون هذه الأدوات الخاصة، أدوات جعلت من أدائهم مختلفاً، وتفوقوا على سردية اللغة المونودرامية، ممثلون استطاعوا أن يشغلوا الحيز المكاني (الخشبة) والحيز الزماني (مدة العرض) دون أن يتسرب الضجر إلى الجمهور، هؤلاء هم ممثلو المونودراما المفترضون.

المونودراما، فن نرجسي

ولكن كثير ممن ولجوا عالم المونودراما كانوا مدفوعين بالإنفراد الذي يحققه هذا النوع من العروض المسرحية، والذي يغذي نرجسية الممثل الذي بدوره يبحث عن ذاته مؤمناً بقدراته، لكنه غالباً ما يجد نفسه في ورطة الوحدانية التي تحدث عنها الدكتور فاضل خليل ” فالقلة من ممثلي المسرح العربي قادرين على تولي مسؤولية التورط في محنة  الوحدانية على المسرح, لأنه غالباً لا يمتلك من أدواته اكثر من موهبة (السير والحوار والبكاء) وهي أقصى غايات الإبداع لديه, وكلها قاصرة عن تقديم عرض فني متكامل”(13).

إشكالية التلقي في مسرح المونودراما

ومع شيوع هذا النوع من الفن وتملكه لمساحة من الاهتمام من قبل المسرحيين والمسئولين عن المسرح حول العالم، إلا أنه يواجه إشكالية حقيقية، وهي إشكالية التلقي، فالجمهور هو الحكم الأول لأي عرض مسرحي، وهو الذي يقرر نجاحه من فشله من خلال استجابته وتلقيه لهذا العرض، لذا تلقى المونودراما نفوراً من جمهور المسرح، وتبدو أكثر نخبوية، يتابعها الخاصة، إلا ما ندر من تجارب مونودرامية تمسكت بالجماهيرية بتناولها لقضايا تهم الجمهور ولكنها لا تتنازل عن القيمة، كمونودراما رفيق على أحمد التي ربحت معادلة الجمهور، وفي ذات الوقت لم تخسر القيمة، بينما لا يتابع عروض الكثير من المونودراما سوى جمهور المهرجانات.

إشكالية التلقي تنبع من القصور في مميزات وخصائص المونودراما، تلك التي تعطي للمونودراما ألقها وجمالها، و تعطيها حالة الخلق. هذه الإشكالية تنبع من نص يتناول موضوع ليس ذي أهمية، أو نص لا يحمل مقومات الجمال، نص لا يحمل سحر نص المونودراما وفرادته، ونص ذي حوار سردي مترهل لا حيوية فيه، وهذه الإشكالية تبنع أيضاً من فقر مخرج في رؤية خلاقة لعرض مونودرامي، وفقره في أدوات المسك بكل عناصر المسرحية وترجمتها إلى عرض مبدع، و تنبع أيضاً، من أولئك الممثلين العاديين في أدائهم، المشغولين بالبراني في فهمهم للشخصية التي يلعبونها، فالمونودراما تحتاج للممثل الذي لا يستطيع أن “يحقق تناصاً حداثياً مع الأداء المسرحي إلا إذا ابتلع دوره، ويقوم بلوك وهضم الدور، يفكك روح جسده وعادات وإشارات الشخصية التي سيلعبها في جسده هو وصولاً إلى كيمياء روحي وجسدي بينه وبين الشخصية. إذ يمضي إلى أبعد من قشرة الدور الخارجية وحتى يصل بوعي بصري ووعي فكري إلى نبش قيعان الشخصية”(14)، والإشكالية تنبع أيضاً من غياب الهارموني في العناصر المسرحية و الممثل. كل هذا يرخي ذلك الخيط الوهمي الموصول بن العرض والجمهور، فيفقد هذا الجمهور إنشداده للعرض واستجابته لمفرداته.

ومع شيوع هذا الفن المسرحي ورواجه، و دخول قائمة طويلة من المسرحيين في مغامرته، فإن الأصلح هو من سيبقى، هو من سيترك أثراً يذكره به التاريخ المسرحي، كما ترك فنانون أعطوا لهذا الفن من روحهم وفكرهم، فأعطاهم خلود إسمهم، المونودراما ليست للجميع، وليست فناً سهلاً يحتمل العاديين من كتاب ومخرجين وممثلين. المونودراما رديف حقيقي للإبداع.



إحالات:

(1)     http://www.britannica.com

(2)     المونودراما.. مسرحية الممثل الواحد، محمو أبو العابس-كواليس العدد 8 يناير 2003م.

(3)     نفسه

(4)     الممثل الواحد فن نرجسي بطله الاختزال، مرعي الحليان-جريدة البيان العدد 14 يونيو 2008م.

(5)     نفسه

(6)     مفتش (بيتر بروك) يطلق العنان لسؤاله!!…، لميس علي-جريدة الثورة السورية، الأربعاء 18/6/2008م.

(7)     إشكالية محنة الوحدانية في المونودراما : د.فاضل خليل، مجلة الفوانيس المسرحية الالكترونية.

(8)     نفسه.

(9)     المونودراما.. مسرحية الممثل الواحد، محمو أبو العابس-كواليس العدد 8 يناير 2003م.

(10)  نفسه.

(11)  جريدة الغد الأردنية، الجمعة 5 كانون أول 2008م.

(12)  المونودراما: مواجهة عميقة مع دواخل الذات بلا أقنعة، مجد القصص، جريدة الغد الأردنية 24 تشرين ثاني 2008م.

(13)  إشكالية محنة الوحدانية في المونودراما : د.فاضل خليل، مجلة الفوانيس المسرحية الالكترونية.

(14)  الموت نصاً ، حافة النص – جواد الأسدي – دار الفارابي – بيروت، الطبعة الأولى 1999

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الخميس، نوفمبر 17، 2016

مهرجان نيويورك السنوي للمسرح الأيرلندي.."Afterplay".. حيث تلتقي شخصيتان من عملين مختلفين لتشيخوف

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, نوفمبر 17, 2016  | لا يوجد تعليقات

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأحد، نوفمبر 13، 2016

مسرحية "الزجاج المحطم" تأليف محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, نوفمبر 13, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية
الفنان محسن النصار


تابع القراءة→

0 التعليقات:

الطقس الدرامي وأكتمال الصورة المسرحية / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, نوفمبر 13, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية




الطقس الدرامي هو عملية يؤكد فيها الأنسان كراماته وحريته فهو اعلان للتحدي واحتجاج على القوة أي هي ممارسة يتم فيها التعبير عن النفس دراميا ,وهي تطوي تحديا خفيا وعلنيا ضد قوة الشر فهذا الشئ هو الذي ادى الى تنامي تمثيل هذا الطقس العاشورائي ومن ثم التقرب بهذه الشعائر الدينية في محاولة ايجاد مزج بين الحياة الدينية والحياة الدنيوية والتي تؤكد الواجب الديني في داخل الانسان وحاجته في استذكار واقعة كربلاء في عملية يعلق فيها الانسان عن خضوعه وحبه للحسين المتمثل بالقيم النبيلة فالانسان عندما يقوم بأداء الشعائر الدينية يؤكد حبه وخضوعة للقيم الحقة ويكون مستسلم ومنفذ لتعليمات اداء الشعائر وبذلك يكون مضحي للأرادة في الطقوس والشعائر الدينية وهكذا صار النشاط التمثيلي في ايام عاشوراء من اهم الفعاليات التي ترافق المناسبة الأليمة ونجاح هذه الفعاليات ادى الى ازدياد الأهتمام بها واللجوء الى توسيع هذه الظاهرة واعطائها بعدا فنيا ومسرحيا بعد توفر الحبكة اي ترابط الأحداث بداية ووسط ونهاية ووجود الشخصيات ذات الطابع المميز , والحوار , والفكرة والمنظر المسرحي والمادة التي تتمثل في لغة ذات خصائص معينة ، والطريقة وتتمثل في العرض الدرامي ، والهدف والذي يتمثل في تحقيق التطهير . فضلاً عن جود الوحدات الثلاث للتراجيديا ,الزمان ، المكان ، والحدث , . وبذلك اكتملت الصورة المسرحية التي اكد عليها ارسطو في كتابة فن الشعر ,
ويتجسد الصراع الاجتماعي والطبقي ، وربط هذا الصراع بالقيم الإلهية التي ضحى من أجلها الأمام الحسين ( ع ) في كربلاء ضد الحكم الجائر من بني أمية الجلادين المتحكمين في مصائر الناس ،
وهكذا كان لهذا الطقس أن يؤسس لمسرح عربي أصيل ، بعفويته وانطلاقه من أرضية دينية واجتماعية وثقافية يبعث إحساساً بالحياة وتطهيرا للذات عند المتلقي لطقس عاشوراء , فنجد أن التفاعل يتجدد في مواسم طقوس عاشوراء ، كما تتجدد حركة التغيير الحسينية ، لما تمتلكه من أبعاد فلسفية وفكرية وروحية ووجدانية لا تنقطع بانقطاع الزمن ، فاسترجاع المأساة يثير في النفوس الألم . حدث يكاد أن يكون في الحاضر ، كان الماضي ماثلاً أمامنا هنا الآن ، كان قرار البطل الحسين الشجاع (ع) من أجل هذه اللحظة ، لم يكن المشهد هو وصف الماضي ، ولم يكن هو رسم الماضي ، في موت حقيقي ، لشخص حقيقي قد مات منذ مئات السنين ، فالقصة تقرأ للناس مرات عديدة وبصوت مأساوي وحزين يثير في القلوب الرأفة والمحبة للحسين والبغض لأعدائه ، وتشرح لهم بالكلمات والعبارات ، ولكن الشكل المسرحي عند تمثيله هو الذي يجعل من هذا الطقس البطولي جزءاً من تجربة معاشة مؤثرة في نفوس المجتمع الجمعي .
ولأن الطقوس الدينية هي اداة ينبري في ممارستها الفرد ليتقي المحرم أو ليتخلص منه أو يأتي بطقس بديل يعتقد بإمكانية تعويض ما ارتكبه من ذنوب فتصبح الطقوس أدوات لتطهير النفوس .وطقس عاشوراء هو فرجة تفاعلية ذات بعد مأساوي .
ولتفعيل الطقس بشكل يتزامن مع المتغيرات الجديدة سواءا على مستوى الفكر والثقافة وجب توظيفه والاشتغال على تطويره بما يخدم الأنفتاح الثقافي ، من خلال استخلاص الزخم الكبير الذي تملكه مأساة كربلاء من أحداث وبطولات وشخصيات ارتبطت بالمأساة ، و في انتاج نصوص ترتكز على القيم الحسينية النبيلة التي لها علاقة مباشرة في احياة والمجتمع .
من هنا نستخلص أن طقس عاشوراء ، مسرح بمقاييس العلم المسرحي الحديث والكلاسكي ، حيث يمتلك نسقا دراميا في الأحداث وذروة درامية لا يمكن اغفالها . وطقس عاشوراء يمتلك استمراريته ونجاحه ، ويحتاج إلى توظيفه لخلق مسرح عربي أصيل.. فطقس عاشوراء هو شكل مأساوي (تراجيدي) في استعادته لحادثة كربلاء، وقد خرج هذا الطقس إلى النور بعفوية ، تمتلك كل مقومات المسرح.
وهناك من المخرجين من أبدع في تقديم هذا الطقس بوصفه مسرحاً، فهذا الطقس يملك فكرة وقوة درامية ومسرحية . تتضمن العديد من الخصائص والعناصر الدرامية ، فيها الكثير من التشخيص الديني المقدس ، أذ أخذ شكله الاسلامي في أنعاش طقوس التعازي الحسينية ، بعد ان ترسخ في عمق الوجدان الجمعي و ازدادت رقعته بمرور الاعوام الى مسرح ينبض بالحياة ويعتبر من الجذور الحية لمسرحنا العراقي المعاصر .
تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأربعاء، نوفمبر 09، 2016

بريشت ومسرحيات مهمة ومؤثرة في المسرح العالمي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, نوفمبر 09, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية


بريشت ومسرحيات مهمة ومؤثرة في المسرح العالمي
محسن النصار

عندما نتفحص مسرحيات  بريشت ,بعل, طبول في الليل ,حياة إدوارد الثاني ملك إنجلترا ,الرجل هو الرجل ,أوبرا الثلاثة قروش ,صعود وسقوط مدينة مهاجوني حياة جاليليو,الاستثناء والقاعدة ,الأم ,البؤس والخوف في الرايخ الثالث ,الأم شجاعة وأبنائها ,الإنسان الطيب من سيتشوان ,دائرة الطباشير القوقازية ,الزفاف ,الشحاذ, أو اليد الميتة ,كم يكلف الحديدالخطايا السبعة المهلكة , نجدها مسرحيات مهمة  ومؤثرة   في المسرح العالمي في القرن العشرين ,وكتب بريشت أولى أعماله المسرحية وهي"بعل" Baal وكان متأثرا فيها بفترة التعبيرية. أما في مسرحية "أوبرا الثلاثة قروش" 1928 التي حققت له نجنحا عالميا, فقد كانت تصور بطريقة عفوية مبدأ: "في البداية الطعام, ثم الأخلاق". وكان بريشت من أهم كتاب المسرح في ألمانيا قبل عام 1933. ولكن بعد استيلاء هتلر على الحكم، واضطهاده اليهود, وإحراقه كتب الأدباء الذين لا ينتهجون نهجا نازيا, هرب من ألمانيا إلى الدانمارك, وعاش فيها في الفترة بين عامي 1933 و 1939. ثم هرب إلى أمريكا حيث اجتاحت القوات النازية الدانمارك. وكتب في أمريكا أهم أعماله, منها نظريته عن المسرح الملحمي, التي نشرها بريشت عام 1948, بعنوان الأرجانون الصغير للمسرح.
ونجد في أعمال بريشت حيرته إزاء العالم وقضاياه, ففى نهاية مسرحيته "الإنسان الطيب في ستشوان" يقول بريشت "نقف هنا مصدومين, نشاهد بتأثر الستارة وهي تغلق وما زالت كل الأسئلة مطروحة للإجابات".
وفي مسرحية "حياة جاليليو" التي كتبها عام 1943 في المهجر في الدانمارك, تدور الأحداث حول عالم الفيزياء الإيطالي جاليليو, الذي يتراجع أمام سلطة الكنيسة, ويتخلى عن إنجازاته وأعماله العظيمة خوفا من التعذيب والحرق. وترمز هذه المسرحية إلى وضع العلماء الألمان بعد تولي هتلر السلطة في ألمانيا.

المزج بين الوعظ والتسلية, أو بين التحريض السياسي وبين السخرية الكوميدية. واستخدام مشاهد متفرقة  لأن بعض مسرحياته تتكون من مشاهد متفرقة, تقع أحداثها في أزمنة مختلفة, ولا يربط بينها غير الخيط العام للمسرحية. كما في مسرحية "الخوف والبؤس في الرايخ الثالث" 1938. فقد كتبها في مشاهد متفرقة تصب كلها في وصف الوضع العام لألمانيا في عهد هتلر, وما فيه من القمع والطغيان والسوداوية التي ينبأ بحدوث كارثة ما.
استخدام أغنيات بين المشاهد وذلك كنوع من المزج بين التحريض والتسلية.
وتقوم مسرحياته على فكرة التغريبا ويقصد بها تغريب الأحداث اليومية العادية, و جعلها غريبة ومثيرة للدهشة, وباعثة على التأمل والتفكير من خلال الخروج عن المألوف في العرض المسرحي  وجعل المشاهد هو العنصر الأهم في تكوين العمل المسرحي, فمن اجله تكتب المسرحية, حتى تثير لديه التأمل والتفكير في واقعه , واتخاذ موقف ورأي من القضية المتناولة في العرض المسرحي , وبذلك تميزه مسرحه  بألغاء الجدار الرابع بحيث يجعل المشاهد مشاركا في العمل المسرحي, واعتباره العنصر الأهم في كتابة المسرحية. والجدار الرابع معناه أن خشبة المسرح التي يقف عليها الممثلون, ويقومون بأدوارهم، هي تشبه غرفة من ثلاثة جدران, والجدار الرابع هو جدار وهمي وهو الذي يقابل الجمهور.المزج بين الوعظ والتسلية, أو بين التحريض السياسي وبين السخرية الكوميدية. واستخدام مشاهد متفرقة  لأن بعض مسرحياته تتكون من مشاهد متفرقة, تقع أحداثها في أزمنة مختلفة, ولا يربط بينها غير الخيط العام للمسرحية. كما في مسرحية "الخوف والبؤس في الرايخ الثالث" 1938. فقد كتبها في مشاهد متفرقة تصب كلها في وصف الوضع العام لألمانيا في عهد هتلر, وما فيه من القمع والطغيان والسوداوية التي ينبأ بحدوث كارثة ما.
واستخدام أغنيات بين المشاهد وذلك كنوع من المزج بين التحريض والتسلية.



تابع القراءة→

0 التعليقات:

رحيل المنصف السويسي.. سيظل باب المسرح مفتوحاً

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, نوفمبر 09, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

فارس يواكيم


لقائي الأول به لم يكن في تونس ولا في بيروت. كان ذاك اللقاء في الكويت سنة 1978 للمشاركة في عزاء المخرج المسرحي الكويتي الراحل صقر الرشود. وجدته يخشى الموت مثلي، وها هو الموت يختطف المخرج المسرحي التونسي المنصف السويسي (الذي غيّبه الموت أول من أمس الأحد). صقر الرشود لم يشعر به آتياً إذ توفي في عمر مبكر إثر حادث تصادم. أما المنصف السويسي فمنذ داهمه داء السرطان أدرك أنه على موعد مع الموت.
بعدها تلاقينا كثيراً في مهرجانات مسرحية، ثم في عقد ثمانينيات القرن العشرين، حين جمعتنا الغربة مجدداً في الكويت. كان قد استدعي لتدريس الإخراج في معهد الفنون المسرحية. وفي فترة إقامته في الكويت أخرج مسرحيتين كوميديتين من تأليف الكاتب المصري نبيل بدران وبطولة نجم الكوميديا الكويتي عبد الحسين عبد الرضا: «باي باي لندن» و «باي باي يا عرب». وبرغم أناقة الإخراج، فمن الظلم أن يختصر تاريخ المنصف السويسي بهما. فهو من الرعيل الذي ساهم في تجديد المسرح التونسي بعد جيل علي بن عياد.
المنصف السويسي درس المسرح في باريس، وكان جان فيلار مثاله الأعلى. ساهم في تأسيس فرقة المسرح الوطني في تونس العاصمة، وفي بدايات مسرح مدينة الكاف، وفي تأسيس مهرجان أيام قرطاج المسرحية. نشط كممثل في المسرح وفي التلفزيون، لكنه كان يفضل دوره في الإخراج المسرحي. وشكل في السبعينيات ثنائياً مع المؤلف التونسي عز الدين المدني وأثمر التعاون مسرحيات عدة خلّت طابعها، وكانت ذات تأثر بمنهج الألماني برتولد بريشت، المسرح الملحمي، ومنها «ثورة صاحب الحمار»، «ديوان الزنج»، «الحلاج». ومن أبرز مسرحياته الأخرى: «عطشان يا صبايا» عن نص سمير العيادي، و «حال وأحوال» من تأليف أحمد القديدي. وكان المنصف من جيل الفاضل الجعايبي والفاضل الجزائري. وفيما مال الأخيران إلى المسرح التجريبي، ظل المنصف السويسي، مع الاتجاه الحداثي، ميالاً إلى المسرح الشعبي والاحتفالي، مسرح الفرجة. ولا غرابة فهو من مواليد حي الحلفاوين، وقد ورث لزوم الصلة بالناس عن أبيه الصحافي والمناضل السياسي عز الدين السويسي. وهو بدأ نشاطه المسرحي بكوميديا «الهاني بو دربالة» وهي اقتباس من «جورج داندان» لموليير.
في التسعينيات عاد إلى مسرح الكاف الذي شهد بداياته. مديراً للفرقة ومخرجاً. وحرص في العروض التي قدّمتها على الاهتمام بالمسرح العالمي كما بالمسرح التونسي. وفي السنوات الأخيرة تلقى دعماً من أمير الشارقة سلطان القاسمي فأنشأ مسرحاً خاصاً به في تونس العاصمة. وآخر مرة التقيت به كانت سنة 2013 وكانت آثار الربيع العربي تلقي ظلالاً سلبية على الحياة الأدبية والفنية في تونس. كنا نجلس في مقهى: المخرج السينمائي رضا الباهي والمنصف السويسي وأنا غداة إقدام سلفيين على إشعال النار في معرض للفنون التشكيلية في مدينة المرسى. أخبرني المنصف بحسرة عن ضعف الإقبال على المسرح بسبب الحالة الأمنية، وأردف بعزم «لكننا لن نستسلم. سيظل باب مسرحي مفتوحاً».

-------------------------------------------------------------------
المصدر : السفير 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

عروض مسرحية وتجريبية وأدائية عن العنف الراهن والذاكرة والخسارات الفردية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, نوفمبر 09, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية
«طقوس التحولات والإشارات» (إخراج نضال الأشقر ــ كتابة سعد الله ونوس) خلال عرضها في المسرح عام 1996

تجمع الاحتفالية المسرحيين الذين شغلوا الساحة الفنية طوال السنوات الـ 25 الأخيرة. وهذا سبب دعوتهم، وفق نضال الأشقر، إذ أنّ الحدث الضخم يعد بمثابة تذكر الوجوه والتجارب المسرحية المختلفة التي صنعت ألق المسرح اللبناني إخراجاً وتمثيلاً وكتابة في السابق.

تلك الوجوه ربما لا تعرف أجيال اليوم عنها أكثر مما بقي في الذاكرة الجمعية عنها. من ناحية أخرى، فإن هذا اللقاء هو فرصة لإلقاء نظرة بانورامية على ما وصلت إليه الحركة المسرحية المعاصرة، وإن لا تزال معالمها غير واضحة أو مكتملة حتى اليوم. طبعاً لم يستطع كل المسرحيين المدعوين المشاركة في العمل، إلا أن معظمهم قدموا عروضاً جديدة (قام «مسرح المدينة» بانتاجها)، بعضها أنجز كتحية رمزية للمسرح في عيده. تستعيد بعض المسرحيات نصوصاً كلاسيكية من المسرح العالمي، مقابل ضآلة محاولات الكتابة المسرحية المحلية.
بين التجريب والبناءات الدرامية الكاملة، سنشاهد أعمالاً بسيكودرامية ومونودرامية، بينما تنصرف أخرى إلى محاكاة مجتمعات العنف الراهنة، والذاكرة والخسارات الفردية. على البرنامج عروض دمى (راجع الكادر)، وفرق تجريبية شابة كما «زقاق» (راجع الكادر الآخر في الصفحة)، إلى جانب عروض متعددة الوسائط، ومشاركات أدائية مختلفة.
الافتتاح سيكون مع «الملك يموت» (14/10 ــ س: 20:30) بتوقيع الصحافي والتشكيلي والمخرج المسرحي اللبناني فؤاد نعيم. لهذا العمل الذي كتبه المسرحي الروماني الفرنسي أوجين يونسكو عام 1962، أهمية كبيرة في تطوّر المسرح اللبناني. عام 1965، خرجت المسرحية إلى الضوء بتوقيع منير أبو دبس مع «فرقة المسرح الحديث»، وبترجمة واقتباس الشاعر أنسي الحاج وكانت بمثابة انطلاقة أنطوان كرباج الممثل، بعدما أدى دور الملك حين قدّمت عروضها في بيروت ودير القمر. نعيم الآتي من خلفية في التصوير السينمائي، رسّخ تجارب متفرّدة في الإخراج المسرحي مثل «البكرة» (1973) عن نص تيريز عوّاد بصبوص، و«أنتيغون» (المتمردة) لسوفوكل، اقتبسها الشاعر بول شاوول، و«الحلبة» (1991) عن نص لشاوول.
لكن هذه المرة، ستتاح لنا رؤية ترجمته وتوليفه وإخراجه لأشهر نصوص يونسكو، حول ملك ينهار يوماً بعد يوم، بينما يواجه الموت الذي لا تستطيع سلطته إيقافه، يؤديها جورج خباز، وباتريسيا سميرة، وبرناديت حديب، ومي أوغدن سميث، وموريس معلوف، ووليد جابر، برفقة الموسيقيين محمد عقيل ونبيل الأحمر وعماد حشيشو. روجيه عساف أحد ضيوف المهرجان أيضاً. المسرحي المعروف، الذي رافق تطور المحترف المسرحي اللبناني منذ «المركز الجامعي للدراسات المسرحية»، و«محترف بيروت للمسرح»، وصولاً إلى «جمعية شمس» أخيراً، كان أحد صانعي خشبة بيروت، وأكثر الممثلين تميزاً إلى جانب تجارب لا تنسى في الإخراج مثل «السيد» لكورناي عام 1965، و«الآنسة جولي» لسترندبرغ نهاية الستينيات أيضاً. في الفترة الأخيرة، دعم عساف مسرحيين شباناً أمثال عصام بو خالد وربيع مروة، حيث مثل تحت إدارتهم ليعيد التجربة هذه السنة مجدداً في «عشق» لارا قانصوه. في «بيروت غيابياً» (16/ 10 ــ س: 80:30)، يستعيد عساف مقتطفات من تاريخ بيروت خلال الخمسينيات والستينيات. البطلة الرئيسية في العرض متعدد الوسائط هي بيروت. الشاعر أنسي الحاج والناقد نزيه خاطر هما البطلان الثانويان اللذان سيعرض حوارهما المصوران مع روجيه عساف عام 2012 على المسرح. سيكون الأخير بمثابة مقدّم للعرض، إلى جانب أغنية مسجلة بصوت دالين جبور. هذه التوليفة الأدائية ستتوقف عند الحياة الثقافية والفنية والشعرية والتشكيلية لعصر بيروت المتألق، من خلال شخصيتين الراحلتين رافقتا تلك الفترة وساهمتا في نهضته.
يعد ناجي صوراتي من الجيل الناشط في المسرح حالياً أكان من الناحية الأكاديمية أو الاحترافية. بعد «ذرّة رمل في عين شمس» (2012) و«الواوية» (2013) المقتبسة عن نص المسرحي الألماني برتولت بريخت، يعود صوراتي بـ «جيوغرافيا» (18/ 10 ــ س: 20:30) الذي لا ينفصل عن اللحظة السياسية الراهنة. انطلاقاً من الجغرافيا كعلم يدرس ظواهر سطح الأرض الطَّبيعيّة وتوزع الحيوات النباتية والحيوانية والبشريّة وممارساتها عليها، يفلش المخرج اللبناني خرائطه. تعد الأخيرة نتيجة اختبارات صوراتي على هذا العلم أمام المدينة والمسرح والجسد والعقل على ضوء التحولات التاريخية الكبرى، وتؤديها كل من كورنيليا كرافت وهالة المصري، وهشام الحلاق، ومحمد خضرا، وفراس بوزين الدين، وجواد المولى. لينا خوري المخرجة التي صنعت مسرحاً لكل الناس، من دون أن تتنازل عن قيمة العمل عبر تطويع نصوص مقتبسة لنقد قضايا اجتماعية وسياسية راهنة، تقدّم لنا «بانتظار العرض ــ بانتظار غودو» (18/ 10 ــ س: 22:00). العمل عبارة عن مشهدين يقارنان بين حالة انتظار العرض المسرحي (مقتبس عن نص للاسكتلندي إيريك كوبل)، وحالة انتظار مسلسل لبناني على شاشة التلفزيون (كتابة غبريال يمين).


«بيروت غيابياً» لروجيه عساف يستعيد مقتطفات من تاريخ العاصمة خلال الخمسينيات والستينيات
طبعاً يتخذ العرض مسافة نقدية من الدراما اللبنانية ضمن قالب فكاهي، يقدمه خريجون جدد من الجامعة اللبنانية مع زملاء من الجامعة اللبنانية سيؤدون المشهدين (18/10 ـــ س: 22:00). تنصرف لينا أبيض إلى مناخات شخصية عميقة في «الصوت البشري» (20/10 ــ س: 22:00) الذي اقتبسته عن نص للكاتب والشاعر الفرنسي جان كوكتو بالعنوان نفسه (1927). المسرحية التي ألهمت المعلم الإيطالي روبرتو روسيليني في فيلمه L›Amore عام 1948، هي مونودراما عاطفية ستؤديها رندا كعدي برفقة غنائية لغادة غانم. توغل المسرحية في مشاعر العذاب الناتج عن انقضاء الحب، وأجواء الخسارة والغياب والعاطفة المدمرة للذات. بعد اتصالها بحبيبها السابق للمرة الأخيرة، وفشلها في ترميم ما تهشم بينهما، يقودنا العمل إلى سيكولوجية امرأة على حافة الانهيار. ليس غريباً أن تحضر العوالم الداخلية للنساء في «كيفك يا ليلى» (20/10 ــ س: 20:30) لميشال جبر. شكلت النساء ملمحاً أساسياً ودافعاً لعدد من مسرحياته ضمن معالجات بسيكودرامية، وأخرى ضمن قوالب فكاهية خفيفة آخرها مونودراما ساخرة بعنوان «بلا تحشيش». في هذه الدراما النفسية التي كتبها وأخرجها جبر، لن تكون سهلة عودة الممثلة ليلى (تؤديها نيللي معلوف) إلى المسرح بعد غياب طويل، لأسباب وظروف عائلية. سيضعها اعتلاء الخشبة مجدداً وجهاً لوجه مع حياتها المتناقضة والممزقة، التي تتماهى مع دور شخصية المرأة البدينة التي تؤديها عن طريق الارتجال بناء على طلب المخرج. سحر عساف تعود إلى إرث الكاتب الإسباني ميغيل دي ثرفانتس في ذكراه الـ 400 هذه السنة. رواية «حوار الكلاب» محور مسرحيتها التي تحمل العنوان نفسه (21/10 ــ 20:30). أربعة ممثلين هم سحر عساف، وسني عبد الباقي، ورافي فغالي، وفداء غبريل وعساف، سيقدمون العمل بعدما نقلته الأخيرة إلى العربية وأخرجته. إننا في «مستشفى القيامة» في اسبانيا القرن السادس عشر. الكلبان بيرجانثا وثيبيون سيرويان حكايات وقصصاً متشابكة في حوارهما الفلسفي والاجتماعي الطويل أثناء حراستهما للمستشفى في إحدى الليالي. بعد نجاح «فينوس» دافيد آيفز العام الماضي، يخرج جاك مارون نصاً مسرحياً للكاتبة الأميركية إلاين ماي بعنوان The Way of All Fish اقتبسه غبريال يمين بعنوان «إخت الرجال» (19/10 ــ س: 22:00). تتصاعد أحداث العمل، حين تدعو مديرة المؤسسة (نوال كامل) سكرتيرتها (ديامان بو عبود) إلى العشاء في المكتب ذات ليلة، بعد أن يلغى موعدها في الخارج. وبسبب تأثير الكحول على السكرتيرة، تفصح عما كانت تخبئه طوال تلك الفترة. تشارك مديرتها طريقتها الوحيدة إلى الشهرة المنشودة، وهي أن ترتكب جريمة بإحدى الشخصيات المشهورة. يتطوّر الحوار في هذه الدراما السيكولوجية الاجتماعية (40 د)، ضمن قالب كوميدي وساخر يظهر صراع القوة في المجتمعات. لقاء الختام المسرحي سيكون مع نضال الأشقر. ربما اختارت أن تستعيد فصولاً من سيرتها وذكرياتها في هذه المناسبة الاستثنائية، رغم عودتها قبل سنوات إلى الخشبة في «الواوية» (2013) لناجي صوراتي. «مش من زمان» (26/10 ــ س: 20:30) سيكون فرصة لإعادة اكتشاف نضال الممثلة والكاتبة، والمخرجة، بالتعاون مع الموسيقي والممثل خالد العبدالله الذي سيؤدي العمل معها، برفقة الموسيقي زياد الأحمدية وفرقته. مشوار الطفولة والماضي سينفتح أمامنا، لكننا لا نعرف ما إذا كانت ذكريات الصبية الصغيرة في بيت أهلها في الجبل هي حقيقة أم مجرد خيال. على الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم وبين الخيال والوقائع، تتوالى الذكريات والحكايات والقصص وصولاً إلى الحاضر لتصلنا بالسؤال التالي: هل حدث ذلك فعلاً؟ رغم طابعه الاحتفالي، سيقدم الحدث لمحة مقربة عن واقع المسرح اللبناني على صعيد الإخراج والكتابة والتجريب والتأثرات والاقتباسات.

رقص معاصر ولذة الحبّ

خلال مؤتمر إطلاق «مسرح المدينة ــ إحتفالية 20 سنة»، شاهدنا مقتطفات من «بين السلاسل» للمصمم والراقص الشاب بيار جعجع. هذا العرض الذي يجمع الرقص المعاصر والدمى ولغة الإشارة، سيقدّم بنسخته الكاملة ضمن الإحتفالية (22/10 ــ س: 20:30)، بمشاركة الراقصين ألين كيروز، كارول أيوب، حبيب فواز وجو رشماني إلى جانب جعجع. العرض الأدائي الذي يسلّط الضوء على حقوق الأشخاص الصمّ، يبرز ضرورة خلق الروابط والتواصل بين الأفراد والعالم الخارجي. محرّضة على ضرورة الصلة بين الأفراد، تستند حركات الراقصين إلى رمزية اللغة بهدف ضمان اندماج الصمّ وقبولهم في المجتمع على أساس المساواة مع الجميع. محطة أخرى مع الرقص المعاصر ضمن الحدث الكبير، لكن هذه المرة في «الحب لذة» (16/ 10 ــ س: 22:00) للراقصة والمصممة اللبنانية ندى كنعو التي صممته انطلاقاً من عبارة سبينوزا: «الحب لذة مصحوبة بفكرة علّة خارجية». يؤدي العرض البصري الراقص كل من شادي عون وسيندي جرماني، ترافقهما مشاهد أنيميشن من تصميم الإيراني رضا عابديني، الذي صنع منها مرادفاً بصرياً لبعض نصوص سبينوزا.

---------------------------------------------------------
المصدر : روان عز الدين - الأخبار


تابع القراءة→

0 التعليقات:

الجمعة، نوفمبر 04، 2016

مفهوم مسرح العبث او اللامعقول في المسرح المعاصر / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, نوفمبر 04, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

يتميز مفهوم مسرح العبث او اللامعقول بأنه نتاج ظروف سياسية وعالمية كبرى أدت بالفلاسفة المحدثين إلى التفكير في الثوابت العبثيون هم مجموعة من الأدباء المحدثين والطليعين الذين تأثروا بنتائج الحروب العالمية المدمرة والويلات والدمار المادي الذي طال أوروبا فرأوا أن جميع النتائج التي نجمت عن تلك الحروب هي سلبية أخلقت نفسية سيطر عليها انعدام الثقة في الآخرين فكان انعزال الإنسان الأوروبي وفرديته، فظهر مفهوم جديد في المسرح المعاصر اطلق علية مسرح اللامعقول ( العبث ) كأتجاه جديد يسعى الى التجديد والتخلص من العالم البرجوازي ومن الحضارة الآلية الجديدة محاولة وضع تفسير جديد للأنسان المعاصر وانتشالهِ من تفسخ الانظمة والقوانين التي تربطه به صلات متعددة ، (لامعقول مسرح ال: مصطلح يطلق على جماعة من الدراميين في حقبة 1950 لم يعدوا انفسهم مدرسة ولكن يبدوا انهم كانوا يشتركون في مواقف بعينها نحو ورطة الانسان في الكون وبخاصة اولئك الذين اوجز القول فيهم البير كامي في دراسته اسطورة سيزيفوس ( 1942) تشخص هذه الدراسة مصير الانسانية على انة انعدام هدف في وجود غير منسجم مع ماحولة ( وتعني صفة عن الدراميين السابقين الذين اظهروا اهتماما مشابها في اعمالهم هوأن الافكار يترك لها ان تقرر الشكل الى جانب تقرير المحتوى : فجميع ما يشبة التركيب المنطقي والربط المعقول بين فكرة وفكرة في النقاش مقبول على المستوى العقلي يترك جانبا لتحل على المسرح مكانة لامعقولية التجربة ولهذه الخطوة مزاياها وقيودها معا فقد وجد اغلب الدراميين من اصحاب اللامعقول ان من الصعب الحفاظ على امسية كاملة في المسرح بغير شيء من التوفيق ... وبحول ام 1962 يبدو في الواقع ان الحركة قد استنفذت قوتها رغم ان اثاره في تحرير المسرح التقليدي ماتزال ماثلة ) (1 ) تعتبر حركة العبث أو اللامعقول والتي سميت بأكثر من مسمى مثل الكوميديا المظلمة و كوميديا المخاطر و مسرح اللاتوصيل امتداداً لحركات أدبية مختلفة ظهرت لفترات قصيرة في بدايات القرن العشرين وازدهرت هذه الحركات التي عبرت عن مفاهيم ثائرة على القيم الفنية والأدبية في القرن العشرين، وكان ظهورها واضحاً جلياً بعد الحروب العالمية في محاوله للتعبير الصارخ عن التمرد الاجتماعي على الحروب الدامية وما فيها من مصائب وما تبعها من ويلات وأهوال ، وما خلفته من القتلى و الجرحى من أهم السمات العامة لمسرح العبث قلة عدد شخوص المسرحية التي غالباً ما تدور أحداثها في مكان ضيق أو محدود جداً كغرفة مثلاً، وعلى سبيل المثال نرى كل مسرحيات هارولد بنتر تدور أحداثها داخل غرفة، والغرفة عادة مظلمة موحشة أو باردة ورطبة ـ لا يشعر من يعيش فيها براحة ولا باستقرار ولا بأمان على الإطلاق ويظل قلقاً دوماً والغرفة وفيها يخاف من بداخلها من كل شيء خارج فهي مصدر قلق لعدم ملاءمتها وفي الوقت نفسه ملجأ حماية من مخاطر خارجية محدقة دوماً، ودور المرآة في مسرح العبث يكون دوماً أقل أهمية من دور الرجل وتكون المرآة أكثر كآبة من الرجل لما تعانيه من اضطهاد اجتماعي واضح كما ونرى الغرفة في مسرحيات يوجين يونسكو إن كان لها مفهوم آخر فهي تبعث على الاطمئنان النسبي لأنها ملجأ ضد الأخطار الخارجية ووسيلة حماية لشخصيات المسرحية، والضوء الخافت أو العتمة و الرطوبة العالية من سمات المكان في المسرح العبثي، كما أن اللغة فيها تكرار في الموقف الواحد وهذا التراكم الكمي من الأسباب يعطي مدلولات واضحة للخوف و عدم الطمأنينةوالقلق الدائم، تلك العناصر التي تؤدي إلى غياب التفريق بين الوهم والحقيقة، وتؤدي أيضاً إلى عدم ثقة الشخصيات في المسرحية ببعضها البعض كما أنها تبين بما لا يدع مجالا للشك غياب الحلول الفعلية لمشاكل كثيرة، وعدم القدرة على مواجهة الأمر الواقع مع حيرة مستمرة وقلق متواصل وخوف متجدد من ماهية المستقبل وكيف سيكون.(يفرق جياري بين انواع شتى من العبثية - منهاعبثية بيكيت, وهي مثل عبثية كافكا , توجد في الخيالوتدرك ان الحالة البشرية من دون إله تواجه الخيبة, ومنها عبثية ايونيسكو واداموف وهي مغرقة في الخيال وتقرر ماتشاء حتى سارتر مضطرب : فعلى فرض ان العالم عبث وان على المرء مواجهة الحرية اللاحقة بشعور من المسؤولية الشخصية كامل, فان ذلك يعني ان الانسان السارتري يختاران يكون سيزيفوس هل يسعة اختيار ان يكون اي شيء اخر؟ انه لايقدر على ذلك حتى يتخلص من العبثية , وهو امر ليس بمقدوره لان محض التفكير بمثل هذه الامكانية يكون من باب اليقين الفاسد ,عالم بيكيت يخلو من المعنى بسبب غياب كودو , ولكن عالم ايونيسكو تشويش صرف بينما ,عالم جينيه يعني بالهوية الفردية والنفي الا جتماعي وبالمسرح كطقس ولكن ليس بالعبثية ابدا)(2) بينما (يجد ايسلن في المسرحيات جينيه حقيقة نفسية واحتجاجا اجتماعيا وسمات درامه العبث كالتخلي عن الشخصية والاثارة في سبيل حالات ذهنية والتقليل في قيمة اللغة كوسيلة في التواصل ورفض الهدف الوعظي وموضوع التغريب والعزلة والبحث عن معنى )(3)
مسرح العبث حركة قامت انعكاسا عن واقع معين ، ولذلك فأن بقائه مشروط بوجود المبرر الموضوعي له ، والعبثية المزعومة وغياب المعنى
الحقيقي للواقع الآلي المتكرر ومعنى الوضعية البشرية الذي يتغلف بالإحساس بالعزلة ، هذا المبرر الموضوعي جعل كتاب مسرح اللامعقول من امثال: بيكيت ويونسكو وارتوادموف وجان جينيه وجورج شحاته وغيرهم ، من ان يرفضوا الاسس الثقافية والسياسية للعالم البرجوازي : عالم الحروب والمنافسات الدموية واوهام المجد الكاذب وسيطرة الاشياء وشحوب الروح والعقل وانسحاق فردية الانسان في مواجهة المؤسسات القوية التي تقوم بوظائف الحكم والاستثمار وتغذية ارواح الناس وعقولهم بالخرافات أو الثقافات الكاذبة وتجنيدهم للدفاع عن مكاسب نفس المؤسسات غير الانسانية ،فاخذ مسرح العبث من تقديم صورة اكثر صدقاً للواقع من خلال استخدام الصورة الشعرية لما تتسم به من غموض وتداخل الصور الجزئية وافتراض الاشياء في غير موضعها لتجرد الواقع من اطار المألوف بأستعمالهم اسلوب التهكم والسخرية ، كونه موقفاً اخلاقياً معبراً عنه بالتمرد مستعينا بالحلم الذي هو أحد اساليب اللامعقول للنزول الى اعماق النفس البشرية ، واتخاذهم للحلم كونه يُبنىبغرائبية خاصة لا تخضع الى قوانين المنطق مثيراً بذك الاحساس بالقلق نحوالوجود لعكس ذات الانسان المعاصر،ومعظم الموضوعات التي يركزون عليها في مسرحياتهم كانت تتخذ من القلق أشكالا خيالية وأسطورية عند شخصيات هذاالمسرح ،وعادة ما تنتهي المسرحية عندما تبلغ التساؤلات الميتافيزيقية عنالانسان ،الزمن والحياة والموت ذروتها ، وكونهم لمحوا العجز التعبيري للأشكال الفنية والادبية التي كانت تخضع الى قوالب القيم والمفاهيم
الاجتماعية لذا ركزوا اهتمامهم على الذات والخيال الانساني لقد كان أول ظهور لهذه المجموعة في فرنسا في الثلاثينات من القرن العشرين وحينها قدموا نمطاً جديداً من الدراما المتمردة على الواقع، فجددوا في شكل المسرحية ومضمونها. بدأ مسرح العبث ظهوره في أوائل الخمسينات من القرن العشرين، وبالذات في العام1953 عندما طلع علينا الفرنسي الموطن والإيرلندي
الأصل صاموئيل بيكيت (1906-1989 بمسرحية سماها ( Waiting for Godotفي انتظار غودو) اتسمت بغموض الفكرة وعدم وجود عقده تقليدية، وانعدام الحل لما عرضته المسرحية فكانت رمزية مبهمة للغاية ولوحظ قله عدد المسرحيين الذين مثلوها وكان الزمان والمكان محدودين تقريباً وتركت المسرحية سؤالاً طالما رواد النقاد البحث عن توفي صامئيل بيكيت عام 1989م تاركاً وراءه

الكثير من الحديث والجدل عن غودو.من هو؟ هل سيصل؟ متى سيصل؟ ماذا سيفعل أو يقدم؟ وحتى هذه اللحظة فإن الجدلالسائد بين النقاد هو أن غودو لن يصل. لقد ترك صاموئيل بيكيت خلفه ظاهرة

أدبية وفنية مهمة ومؤثرة ومثيرة للجدل أسمها العبث أو اللامعقول، وكان رائد هذه الجماعة التي ثارت على كل ما هو مألوف سائرة في طريق العبث دون اهتمام بعامل الزمن لم يكن العبثيون في واقع أمرهم مدرسة أو جماعة وإنما مجموعة من المفكرين والكتاب غلبت على مشاعرهم وأحاسيسهم صفات تشابهت وظهرت في كل كتاباتهم الأدبية خاصة في المسرحية منها. لقد جاء تمرد العبثيين على المدرسة التقليدية العريقة التي أرسى قواعدها أرسطو حينما واضع أسس النقد الأدبي للمسرحية الجيدة ومحدد عناصر نجاحها في ثلاثة هي: الزمان والمكان والحدث. العبثيون بدورهم ضربوا عرض الحائط بأرسطو وكتاباته ومنهجه وكل تاريخ المسرح، فتنكروا للعناصر الثلاثة المذكورة وقرروا أن تكون كتاباتهم
في مكان محدود جداً كشجرة (مسرحية في انتظار غودو) أو كغرفة (مسرحية تاالغرفة) أو كرسي (كمسرحية الكراسي)، وجعلوا عنصر الزمن غير ذي أهمية تذكر أما العقدة أو الحدث فلم يجعلوا لها وجوداً في مسرحياتهم. وإضافة إلى ذلك فقد عادوا بالمسرحية الفصل الواحد و العدد المحدود من الشخصيات. أهم ما في مسرح العبث بعيداً عن الزمان والمكان والحبكة هو الحوار لكن ذلك الحوار كان غامضاً مبهماً مبتوراً تعوزه الموضوعية والترابط والتجانس. كل شخوص المسرحية تتحدث دون أن يتمكن أحد منهم من فهم الآخر! ولا من توصيل رسالته للآخر. الحوار دائماً مبتور ولا تستطيع الشخصيات توصيل رسائلها، وقد بالغ كتاب العبث فجعلوا بعض الشخصيات تتكلم ربما كلمة أو كلمتين عند نهاية المسرحية تلخص السخط العام والغضب الشديد، ثم يصل بنا هارولد بنتر إلى ما هو أصعب من ذلك فنراه يقدم لنا شخصية الأخرس كشخصية رئيسية في
مسرحية حملت اسمه (النادل الأخرس). تعتبر حركة العبث أو اللامعقول والتي سميت بأكثر من مسمى مثل الكوميديا المظلمة و كوميديا المخاطر و مسرح اللاتوصيل امتداداً لحركات أدبية مختلفة ظهرت لفترات قصيرة في بدايات القرن العشرين زمنها على سبيل المثال السريالية، وهي حركة أدبية فنية عبرت بقوة عن غضب الشباب من التقاليد السائدة في تلك الفترة، ثم حركة الشباب الغاضب وهي أيضاً حركة فنية أدبية يدل اسمها على الكثير من طريقة تفكير أصحابها بل ومن اشهر مسرحياتهم (أنظر خلفك في غضب) تعبيراً عن غضبهم من الحروب العالمية ونتائجها غير الإنسانية. لقد ازدهرت هذه الحركات التي عبرت عن مفاهيم ثائرة على القيم الفنية والأدبية في القرن العشرين، وكان ظهورها واضحاً جلياً بعد الحروب العالمية في محاوله للتعبير الصارخ عن التمرد الاجتماعي على الحروب الدامية وما فيها من مصائب وما تبعها من ويلات وأهوال ، وما خلفته من القتلى و الجرحى والدمار. ازدهر العبثيون في الخمسينات من القرن العشرين وبدت مسرحياتهم للقاري العادي وكأنها بلا خطة، وبلا هدف، كما أن نهاياتها غير واضحة المعالم وغير محددة وتعطي انطباعاً أو شعوراً بأن مصير الإنسانية غير معروف، ولا هدف له، وتجدر الإشارة إلى أن رائد العبثيين صامؤيل بيكيت حاز على جائزة نوبل للآداب لما قدمه من جديد في عالم الأدب، ومن أبرز كتاب العبث يوجين يونيسكو البلغاري الذي مثل بيكيت كتب بالفرنسية، وآرثر أداموف الروسي، وجان جينيه الفرنسي ثم هارولد بنتر الإنجليزي ثم هناك زميل ثان تمثل في سمبسون الإنجليزي وادوارد البي الأمريكي وتوم ستوبارد الإنجليزي وهم أصحاب الأفكار التي تقرر الشكل والمحتوي في المسرحية. ويعتبر الكاتب الفرنسي الايرلندي الاصل ( صموئيل بيكيت 1906-1989 ) من رواد مسرح العبث واللامعقول لما يمتاز بإثارة الخيال وبلغة درامية اتصفت بالتشدق باللغة وفقدان المنطقية في لعلاقة بين الشخصيات وأستعمال الأصوات ذات الغير معنى والإكثار من استعمال الصمت ، بل أن الشك في قدرة الكلمة على التعبير قد جعل بكيت يستعيض عن بعض الكلمات بالايحاء الحركي الصامت ، ويعتمد بكيت في مسرحه على روئ العقل الباطن ومنطقية الحلم وامتازت شخصياته باللامعقولية والسوداوية والتشاؤمية وخلق جو جنائزي بائس كثيراً ما تتخلله لحظات طويلة من الصمت ، وكون الشخصيات أغلبها من المتشردين والتعساء كما تخلو مسرحيات بيكيت من
الأزمة الدرامية التي ينتظر المتفرج إنفراجها ، ومن مسرحياته ( في أنتظار كودو 1952م ) ، ( لعبة النهاية 1957م ) ، ( الشريط الاخير 1958م ) و ( الايام السعيدة 1961م ) ومن رواد مسرح العبث واللامعقول يوجين يونسكو (
1912 _1969 )الذي كانت موضوعات مسرحياته تتسم بعزلة الانسان وانهيار أسس التفكير البشري ، وبلغت لغته الدرامية أحيانا حدود اللامعنى فهي تتكون من التناقض اللغوي وتكرار المفردات ، وتتحول شخصياته الى الآت خاوية ، ومن مسرحياته ( المغنية الصلعاء _ 1948م )، ( الدرس _ 1951م ) و ( قاتل بلا
أجر 1959 م) .ومن الكتاب الآخرين ( جان جينيه ) ( 1910_ 1972م ) والذي امتاز أسلوبه بكشف عناصر الزيف والتصنع وإثارة موضوعات الشذوذ الجنسي (ان ( جان جينية ) الذي تقترب مسرحياته اكثر من غيره من ( مسرح القسوه ) يعتقد بانه كلما استطاع ان يبحث عن بعض طموحات الناس , فانه يجدها في ذلك الامر ( السيئ ) وكلما اراد البحث عن المعنى في انجاز مشهد ما , فانه يجده في ( الجريمة ) , لان ( السوء ) ينفرد في عالمنا هذا كأثمن شىء فيه اللص ( اليوفرانك ) في مسرحية ( تحت المراقبة ) يقتل ( موريس ) في السجن , لينقذ نفسه , ان القتلة والشاذين والمعتوهين , والمجانين , يتناسلون في عالم جينيه)(5) ومن مسرحياته (الخادمتان _ 1974م ) ، الشُرفة _ 1965م ) و ( السود _ 1959م ) . وكذلك الكاتب الروسي ارتوادموف ( 1908_ 1970م ) الذي تحول فيما بعد الى الالتزام بالمسرح السياسي والأجتماعي ومسرحياته في مسرح العبث واللامعقول لا تقود طبيعتها الدرامية الى أية لحظة حاسمة وشخصياته التي تتحول الى رموز ومن
مسرحياته ( الخدعة 1947 م ) ، ( الغزو 1949م ) ومن الكتاب الآخرين اللبناني ( جورج شحاته ) الذي كتب ( السيد بولو 1951م ) و ( غصة فاسكو _1956م )وآخرين أمثال هارولد بنتر يعتبر مسرح العبث مهماً للغاية عند الأوروبيون لأنه يعكس واقعهم الاجتماعي
المؤلم، ومن أهم المشكلات التي يعرض لها، معضلة الفردية، فالأوروبي يعيش رغم حضارته المادية والتقدم العلمي، إلا أنه يعاني من فرديته وانعزاليته نتيجة لعدم قدرته على بناء علاقات إنسانية اجتماعية أساسية ورصينة مع الآخرين. على أي حال فما زال هناك من النقاد من يعتقد بأن مسرح اللامعقول
يتجه نحو حبكة واضحة المعالم، وأنه إذا أريد لهذا المسرح أن يكون شيئاًً فلا بد له من الخروج من دائرة اللاشيء متجها نحو مواضيع فنية وسياسية وأدبية واجتماعية ودينية أكثر وضوحاً لكن المهم هنا هو أنه إذا ما غير مسرح العبث توجهاته وشكله ومضمونه فانه سينتهي كفكرة ومضمون ومغزى. أهم ما
قدمه لنا هذا اللون الجديد من الدراما هو دراسة نفسية وفكرية لأوروبا الحديثة وانعزالية الإنسان فيها، وأعتبر النقاد مسرحية صاموئيل بيكيت (في انتظار غودو) أفضل مسرحية كتبت في القرن العشرين .

الهوامش

(1) موسوعة المصطلح النقدي - المجلد الأول - ص523-ص524

ترجمة د.عبد الواحد لؤلؤة - أصدار دار الرشيد للنشر - العراق - 1982

(2)نفس المصدر ص659

(3)نفس المصدر ص642-ص643

(4) كتاب ماوراء النقد الثقافي ص 21 - مجموعة من المباحث المترجمة - ترجمة أ. د .عقيل مهدي يوسف - أصدار مكتبة المصادر بغداد 2010

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الخميس، نوفمبر 03، 2016

«شغل الزر» عرض يقتحم عوالم الخيال العلمي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, نوفمبر 03, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

فرقة «أبوظبي الوطني» كسرت به القاعدة في مهرجان دبي لمسرح الشباب
«شغل الزر» عرض يقتحم عوالم الخيال العلمي

حين تبحث عن الخيال العلمي في المسرح العالمي، تكتشف أنه حالة نادرة، فقلة من المشتغلين في المسرح طرقوا أبواب هذا الأدب الذي توغلت فيه السينما. لذا تكاد حكايات الخيال العلمي أن تكون عملة نادرة في المسرح العربي تحديداً، حيث لم يسبق أن طرقت قضاياه إلا بأعمال قليلة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، ليبدو أن فرقة مسرح أبوظبي الوطني، قد حاولت كسر القاعدة، ودخول منافسات مهرجان دبي لمسرح الشباب، بعرض «شغل الزر» الذي يقتبس أحداثه من قصة حملت توقيع إيتون لونستن في التأليف، ليأخذ المسرحي عمر غباش على عاتقه مسؤولية ترجمتها واعدادها للمسرح.

عرض «شغل الزر» الذي أخرجه أحمد المرزوقي، شكل نصاً مفتوحاً على صراعات مختلفة، ما بين الأجيال نفسها، وصراع العلم والأخلاق، وكذلك صراع الطبقات الاجتماعية، ورغم ما وقع فيه العرض من اشكاليات بعدم اجابته عن تساؤلات كثيرة، الا أن انتقاء فكرة مستوحاة من الخيال العلمي، كان كفيلاً أن يفتح شهية المسرحيين الشباب، الذين أثنوا على هذه الخطوة، معتبرين اياها «خطوة جريئة».

اجواء ابتكارية

أحداث «شغل الزر» تدور في كراج مهجور يقع في مزرعة نائية، يلتقي فيها بروفيسور جامعي، وطالب يدعى «علام» ترك مقاعد دراسته قبل 4 سنوات، بعد محاضرة للبروفيسور ذاته تحدث فيها عن نظرية علمية تدور حول امكانية صناعة آلة تمكن من السفر عبر الزمن، ويتمكن الطالب من انجاز هذه الآلة، وعندما كشف عنها أمام البروفيسور، حاول الأخير أن يثنيه عن تشغيلها، وطالبه بتفكيكها، الأمر الذي يضطر «علام» إلى التخلص منه.

صراع غير مكتمل

النقاد الذين اجتمعوا في الندوة التطبيقية التي ادارها خالد علي، رأوا في العمل «خطوة مبتكرة» كونه يسلك طريق الخيال العلمي، وذلك رغم اتفاقهم على أن الصراع في العمل لم يكن مكتملاً، وخاصة بعد بلوغه ذروته، حيث توقع الجميع أن ينتهي العرض بعد أن ينقل مشاهديه نحو المستقبل، وهو ما لم يحدث، وهو رأي تشبث فيه أحمد رجب الذي قال: «الفكرة كانت مبتكرة، ولا سيما انها تسقط الضوء على فكرة أن العلم مستمر حتى على جثة الأحلام»، وبين أن الحركة على الخشبة كانت سهلة لدرجة اختفى معها الإبهار.

طموح زائد

من جانبه، اكد مهند كريم أن العرض تضمن ثيمة الخيال العلمي الغريبة والتي لم يسبق أن جسدت على خشبة المهرجان، مشيراً إلى أن هذا العرض سيقع بلا شك في مقاربة مع السينما التي قدمت أعمالاً كثيرة في هذا المجال. وقال: «الفكرة بحد ذاتها جميلة، واختيارها كان أمراً جيداً، ولكنها كانت تحتاج إلى تطوير في أداء الفنانين وإدارتهم وكذلك السينوغرافيا». وأضاف: «المخرج بدا في العرض طموحاً، ولكنه لم يتمكن من تحقيق أي من طموحاته في العرض»،

في رده على تساؤلات الجميع، أكد عمر غباش أن هذا العرض هو عمل شبابي وليس في مهرجان احترافي، وقال: في هذا العرض لا نطمح للمنافسة، بقدر ما نود أن نقدم عرضاً مسرحياً، مؤكداً أن هذه الأعمال نادرة في المسرح العربي. وأضاف: اعتقد أنه يجب علينا أن نعمل على تهيئة الجمهور والمسرحيين لآفاق جديدة، وأن نفتح الباب أمام المسرح لأن يناقش قضايا جديدة، عبر البحث عن قضايا جديدة لجذب الجمهور.

وأشار غباش إلى أن العرض تضمن العديد من خطوط الصراع، أولها بين العلم والأخلاق، وكذلك بين الأجيال نفسها، الى جانب الصراع الطبقي الذي يمكن تحليله بناءً على تأويلات عديدة.

علاقات

إلى جانب شغل الزر شهد مهرجان دبي لمسرح الشباب أيضاً عرض الليل نسي نفسه وهي من تأليف محمد سعيد الضنحاني واخراج ابراهيم القحومي، وجاء هذا العرض بقالب انساني، حيث تناول فيه العلاقات الاجتماعية، وتدور أحداث العمل حول ثلاث شخصيات من عائلة واحدة، أحدهم يبحث عن الأموال والثاني يبحث عن الحب، فيما الثالث يبحث عن الحياة والأمل.

----------------------------------------------
المصدر : دبي ـ غسان خروب - البيان
تابع القراءة→

0 التعليقات:

تعقد الهيئة العربية للمسرح مؤتمرا صحفيا لإعلان النتائج النهائية لمسابقتي تأليف النص المسرحي 2016 يوم الأحد 6/من نوفمبر

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, نوفمبر 03, 2016  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

تعقد الهيئة العربية للمسرح مؤتمرا صحفيا لإعلان النتائج النهائية لمسابقتي تأليف النص المسرحي 2016 يوم الأحد 6/من نوفمبر


تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9