أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، أبريل 19، 2018

اتجاهات نقدية معاصرة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, أبريل 19, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

اتجاهات نقدية معاصرة / محسن النصار

لقد ظهرت اتجاهات نقدية معاصرة , كان لها الدور الكبير في ارساء القواعد والأسس النقدية السليمة والعلمية للنقد الحديث , فلم يعد العمل الفني انعكاسا سلبيا لشئ ايجابي خارجه ,بل اصبح أما عالما ايجابيا قائما بذاته يفرز قوانينه ومعناه ,وقيمته في انفصال عن الفرد والمجتمع .وأما فعلا انسانيا ,ايجابيا لايتحقق معناه وقيمته الأ في نتائجه على الأنسان والمجتمع , أي ان اتجاه الفلسفة الى التحليل المنطقي وتحليل اللغة واكبه أتجاه في النظرية الأدبية النقدية اللغويات لفروعه المختلفة ,بينما صاحب الأتجاه الفلسفي الذي يؤكد الفعل الأنساني في علاقته بالتاريخ , وأتجاه في النظرية الأدبية الى أعتبار العمل الأدبي والفني نشاطا أنساتيا يعكس ويؤثر في المجتمع ويحدد توصيفه كأدب .ومعناه في علاقته بالمجتمع في ابنيته المختلفة المختلفة وايديولوجياته المتصارعة وفي محاولة بسيطة يمكننا ان نرصد الأتجاهات النقدية الحديثة التالية في
النظر الى الأدب والفن 
مدرسة النقد الحديث ( الموضوعي ):
أزدهرت هذه المدرسة أساسا في أمريكا وأنكلترا والسمة الأساسية التي هذه المدرسة هي محاولة الأستعاضة عن غياب المطلق والثابت في الطبية البشرية , هذا الغياب الذي أكتشفته الفلسفة الحديثة , يجعل العمل الفني نفسه مطلقا ثابتا له قوانينه الخاصة وقيمته الباقية , لقد صورت هذه المدرسة العمل الفني على أنه عالم عضوي مستقل بذاته من العلاقات اللغوية , والمعنوية ,والشعورية , بحيث يفرز للقارئ تجربة فنية لها معناها الموضوعي وقيمتها الخالدة أنفصال كامل من متغيرات الحياة الأنسانية ونسبيتها .
وفي هذه الحالة فأن مدرسة النقد الحديث تؤكد على أهمية الشكل في العمل الفني وعلى التجربة الجمالية المطلقة التي تتولد عن الشكل وأعطت هذه التجربة دلالات عالمية شبه دينية . ويرتبط النقد الموضوعي ارتباطا شديدا بعودة الأتجاه الكلاسيكي في النقد والخلق على السواء , ذلك الأتجاه الذي يبشر به آرنولد في هجومه على الرومانسية الأنجليزية في القرن التاسعى عشر ,ثم بلوره ت . إ . هيوم في مطلع القرن العشرين حين أعلن أنه بعد مائة سنة من الرومانسية هلت تباشير الصحوة الكلاسيكية , تلك التي تختلف عن الروح الرومانسية اختلافا جوهريا ,فبينما تؤمن الرومانسية أن الأنسان غير محدود القدرات يستطيع ان يحقق كل شئ عن طريق الخيال .
تالكلاسيكية كما قال هيوم بأن (الأنسان حيوان ممتاز محدود القدرات ) (1) ويتجلى الفرق بين الروح الرومانسية ,والروح الكلاسيكية .ومن أشهر رواد امدرسة النقد الموضوعي (ت.س .أليوت , ووكينت بروكس , وجون كرورانسوم)
المدرسة الشكلية :
لقد نشأت المدرسة الشكلية في روسيا في بداية القرن العشرين , وأزدهرت فيلا العشرينات وأستمرت حتى قضى عليها (ستالين ).وقد ركز الشكليون على دراسة الشكل الأدبي والفني في أنفصال تام عن المضمون , ونظروا الى المضمون بأعتباره مجرد وسيلة لأبراز تشكيل فني فني معين , وقد أكد الشكليون على أنكار أن هناك قيمة جمالية مطلقة للعمل الفني , الفعمل الفني كنمط لغوي لديهم يتحدد توصيفه كفن , والبتالي قيمته الجمالية في علاقته بالأنماط اللغوية السائدة في عصر ما ,فأذا أختلف عنهاى كان فنا , وأذا تشابه معها أنتفت عنه صفة الفن , فوظيفة الفن لديهم كانت أستخدام اللغة بطريقة جديدة بحيث يثير لدينا وعيا بالغة كلغة , ومن خلال هذا الوعي يتجدد بدلالات اللغة , هذا الوعي الذي تطمسه العادة والرتابة , ورغم تأكيد الشكلين على نسسبية المعنى والقيمة , بل والتوصيف كفن , في العمل الفني الأنهم يتفقون مع مدرسة النقد الحديث في فصل العمل الفني , تماما من حيث القيمة والمعنى عن الواقع الأنساني , ونفي أي اطار مرجعي له بأستثناء أطار من نفس جنس العمل , أي التراث الأدبي عند (ت ز س ز أليوت ) أو الأنماط اللغوية عند الشكليين , ويمكن القول بأن الشكليين يشتركون مع (سويسير ) وبعض أتباعه في أعتبار اللغة نظاما قائما بذاته , ومنغلقا على نفسه , ومنفصلا عن الواقع الفعلي للأنسان , ومن أشهر رواد المدرسة الشكلية (فيكتور شلوفسكي ,ورومان جاكوبسون , ويوري تينيانوف )
البنيوية أو(البنائية ):
البنيوية او البنائية هي مدرسة نقدية مستمدة من لفظة البنية , فالبنية هي نظام او نسق من المعقولية فهي صورة الشئ او هيكلته , او وحدته المادية او التصميم الكلي الذي يربط اجزاءه , وبذلك فهي القانون الذي يفسر تكوين الشئ ومعقوليته . 
والبنيويةحملت في في تكوينه منذ البداية بذور نظرية التفسير التاريخي والأجتماعي للأدب , وقد جاءت جائت بتيارين من البنيوية (البنيوية الوظيفية الصورية ) , و (البنيوية التكوينية التوليدية )
فالبنيوية الوظيفية الصورية تتمثل في في نظرية (ياكوبسون ) وأتباعه , لقد اعتمد (ياكوبسون ) في نظرته الى العمل الفني على عنصري الوظيفة والبناء , مفسرا أياهما تفسيرا لغويا صرفا .
ويمكن القول بأن بذور البنيوية الأدبية بشقيها قد أتسعت من خلال ( البنيوية اللغوية ) التي أرسى قواعدها (سوسير ) في أوائل هذا القرن , وقد حملت في طياتها بذور التيارين للبنيوية الآدبية , التيار الذي يحاول ان يجد في قوانين الغة مطلقا يحل محل المطلق الذي انتفى من الوعي الأنساني .
وكذلك بذور التيار الذي يرفض المطلق ويبدأ من منطلق الفعل الأنساني في تفاعله مع الظرف البيئيالتاريخي 
التفكيكية :
وهي أحدث النظريات الأدبية النقدية وتلخص في اتجاهاتها الأيجابية والسلبية وعي القرن العشرين بنسبية المعنى الكاملة ,وبخداع اللغة وسطوتها على الفكر وبأهمية الأنسان في أعطاء التفسير ,وبتاثير الأيديولوجية على هم العالم والتعبير عنه وتفسيره , وكذلك بأهمية التحليل اللغوي الدقيق للمعاني والألفاظ وهي ترى في النص مركبا مصطنعا يفتقر بطبيعته الى أي قانون ثابت يحكم تفسيرة ,فكل تفسير للعمل الأدبي يمكن دحضه من داخل النص نفسه عن طريق التحليل وكشف مناطق الغموض واللبس والتورية والتناقض في أستخدام الألفاظ وانتظام المعاني وأن النقد والتفسير نشاءا خلافا يوازي ويساوي الخلق الفني ,وان كل تفسير للنص يمكن معارضته من داخل النص نفسه ,فالنص يحمل داخله نصا آخر أو عددا من النصوص الداخلية او المتلازمة التي يظهرها المفسر بحيث يناقض كل تفسير ماسبقه وأبرز رواد المدرسة التفكيكية (بول دي مان ,وج.هيليسميللر ,وجيفري هارتمان ,وهارولد بلوم ) 
السيمياء:
(علم مكرس لدراسة أنتاج المعنى في المجتمع وتعنى كذلك بعمليات الدلالة وعمليات الاتصال ication أي الوسائل التي بواسطتها تتولد المعاني ويجري تبادلها معا وتشمل مواضيعها شتى أنساق العلامة والكودات التي تعمل في المجتمع والرسائل الفعلية والنصوص التي تنتج من خلالها )(2)
فالنص او العرض المسرحي في المفهوم السيميائي هو مجموعة من الرموز والدلالات التي بلورة افكار ومعاني حدثوية من خلال مجموعة من العلامات التي تهدف الى ايجاد مفهوم معين للنص والعرض المسرحي طالما توافرت فيهما أسس العملية الأبداعية 
فالسيمياء او السيميميولوجيا او السيميوطيقا تعني (علم او دراسة العلامات دراسة منظمة )(3) ويؤكد البعض على انها تتناول ,انظمة العلامات بالنظر الى اسس دلالاتها وكيفية تفسيرها لها , فيما يرى امبرتوايكو انها تشمل كل انظمة الاتصال النطقية وغير النطقية وبذلك يندرج الادب بوصفه نظاما اتصاليا في قائمة الحقول التي تشتغل عليها السيمياء وينظر الى النص الادبي على انه علامة جمالية , يصوغها نظام تشفيري وهذا مادفع بارت الى النظر الى النص الادبي على انه شبكة من الشفرات ( تتيح للعلامات على الصفحة ان تقرأ كنص من نوع معين )(4) ان السيميائيين يرون ان الفهم الانساني (يعتمد على الشفرات أو السنن ,فحيثما نستخلص معنى من حدث ما فذلك لأننا نمتلك نظاما فكريا أو شفرة تمكننا من القيام بذلك ,فالبرق كان يفهم ذات يوم على انه علامة يصدرها كائنة متسلط يعيش في الجبال أو في السماء , اما الآن فنفهمه على انه ظاهرة كهربائية .لقد حلت شفرة علمية محل شفرة اسطورية )(5) وبما ان سيمياء الادب تعد دراسة تهتم بالشفرات فأنها تنفتح على , الأيديولوجية والبنى الاجتماعية ,الاقتصادية ,التحليل النفسي ,الشعرية , نظرية الخطاب , وغيرها من النظريات والمناهج ذات الأهتمام المشترك ان النص طالما توافرت فية البداية والوسط والنهاية فانه يحتوي على الدال والمدلول وفي تكوينهما تظهر مجموعة كبيرة من العلامات النقد السيمياء من الأتجاهات النقدية المعاصرة ,وكان لها الدور الكبير في ارساء القواعد والأسس العلاماتية العلمية السليمة في النقد الحديث 
وبما ان سيمياء الادب تعد منهاج نقدي تهتم بدراسة الشفرات فأنها تنفتح على , الأيديولوجية والبنى الاجتماعية ,الاقتصادية ,التحليل النفسي ,الشعرية , نظرية الخطاب , وغيرها من النظريات النقدية المعاصرة والمناهج ذات الأهتمام المشترك, فيجب على المتتبع للنقد السيمياء ان يكون ملماً بالنظريات النقدية المعاصرة كمدرسة النقد الحديث "الموضوعي" ,والمدرسة الشكلية ,والبنيوية "البنائية " ,والتفكيكية 
النقد السيمياء من الأتجاهات النقدية المعاصرة ,وكان لها الدور الكبير في ارساء القواعد والأسس العلاماتية العلمية السليمة في النقد الحديث 
وبما ان سيمياء الادب تعد منهاج نقدي تهتم بدراسة الشفرات فأنها تنفتح على , الأيديولوجية والبنى الاجتماعية ,الاقتصادية ,التحليل النفسي ,الشعرية , نظرية الخطاب , وغيرها من النظريات النقدية المعاصرة والمناهج ذات الأهتمام المشترك, فيجب على المتتبع للنقد السيمياء ان يكون ملماً بالنظريات النقدية المعاصرة كمدرسة النقد الحديث "الموضوعي" ,والمدرسة الشكلية ,والبنيوية "البنائية " ,والتفكيكية . 

(1)ت .إ .هيوم (التأملات ) كتاب النقد الموضوعي – تأليف د. سمير سرحان ص 13–اصدار دائرة الشؤون الثقافية العامة بغداد 1990

(2)ايلام كير – كتاب سيمولوجيا المسرح والدراما – ترجمة رنيف كرم – طبعة 1 – ص 5 – اصدار المركز الثقافي العربي 1992

(3)نفس المصدر ص 248

(4)د.ميجان الرويلي – د.سعد البازعي – كتاب دليل الناقد الأدبي – الطبعة 2 – ص 106- اصدار المركز الثقافي العربي – بيروت 2000

(5)روبرت شولز – كتاب السيمياء والتأويل – ترجمة سعيد الغانمي ص185- اصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الجمعة، أبريل 13، 2018

فريدريش شيلر وأنطلاقه من روح المرحلة التاريخية / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 13, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

فريدريش شيلر وأنطلاقه من روح المرحلة التاريخية / محسن النصار


فريدريش شيلرمسرحي وشاعر وقاص ومؤرخ وباحث في علم الجمال. يعد إلى جانب غوته أحد أقطاب الحركة الكلاسيكية  في الأدب الألماني، وأحد أركان الأدب العالمي. وبدأ في عام 1777 بكتابة مسرحية«اللصوص» ذات الروح الجمهورية، وقد استوحى موضوعها من قصة للشاعر كريستيان شوبرت ونُشرت المسرحية في عام 1781 وتنطلق أعمال شيلر بصورة عامة من روح المرحلة التاريخية، ومن المسائل الشائكة التي طرحتها على الأدب، كمسألة الصراع الحاد والمتفاقم بين النظام الإقطاعي الأرستقراطي المستبد والنظام البرجوازي المنفتح الذي بدأ يرسخ أقدامه على معظم مستويات الحياة، ولا سيما الاقتصادية والثقافية؛ وكمسألة الثورة الفرنسية ونتائجها بالنسبة لألمانيا. كما تنطلق أعماله من فهم تنويري مثالي ومتفائل لوظيفة الأدب وتأثيره في حركة المجتمع وبناء الوعي، وهو فهم وصل إلى ذروته المتبلورة في البرنامج الفني الفكري الذي أسست له كلاسيكية فايمار التي كان لشيلر النصيب الأكبر في صياغتها الجمالية الفلسفية. أما مسرحياته المبكرة مثل «اللصوص» و«مؤامرة فييسكو في جنوا» (1783)و«دسيسة وحب» (1784) التي أوصلته إلى الشهرة بسرعة في جميع أنحاء ألمانيا .
وأما مسرحيته «دون كارلوس» (1788) فتدل على تنامي تدقيق شيلر في جعل سياق أحداث المأساة أكثر موضوعية، وتشكل
بذلك على صعيد الزمن والمضمون جسراً إلى مسرحياته التاريخية اللاحقة. إن الخلفية التاريخية السياسية لهذه المسرحية هي حرب التحرير الهولندية ضد الاحتلال الإسباني .
وأكد  شيلر في مسرحياته الأخيرة على  التاريخ، كي يستقي و يصور التناقض بين الفعل الفردي والضرورة التاريخية التي ُفهمت لكونها مصيراً، وحيث يتطلب الحل المأساوي للصراع بين النقيضين موقفاً جليلاً، لا مـن الأبطال فحسب، بل من الجمهور في صالة المسرح أيضاً، كما في «فالنشتايـن» (1799)و«ماريا ستوارت» (1800) و«عـذراء أورليـان» (1801) و«عـروس مِسّينـا» (1803)و«ديمِتريوس»  التي لم تكتمل. في ثلاثية «فالنشتاين» يمنح شيلر الحدث المتشابك والمعقد المستمد من حرب الثلاثين عاماً حيزاً كبيراً، كي يجعل الظروف التاريخية قادرة على تفسير «الجرائم المرتكبة»و«صورة الشخصية» وسقوط البطل مأساوياً. أما في المسرحيات الأخرى فتتراجع المادة التاريخية إلى مجرد خلفية، لصالح إبراز الفعل باعتباره صادراً عن سلوكٍ بشري محض.وفي مركز هذه المسرحيات، لاسيما منها تلك التي تتناول موضوعات التحرر الوطني مثل«عذراء أورليان» (حول جان دارك) و«وليم تِل» (1804) يضع شيلر الفرد البرجوازي على محك الاختبار إنسانياً وسياسياً وأخلاقياً، في محيطٍ تمزقه التناقضات الإجتماعية والسياسية والبشرية.
وجدير بالذكر ان معرفة  شيلر في العالم العربيي بمسرحية (حبّ ودسيسة) التي قام نيقولا فياض ونجيب طراد سنة1900م بترجمتها عن الفرنسية وتمثيلها في القنصلية الروسية ببيروت. أم
و ثاني مسرحيات شيلر التي عرضت  في العالم العربي فهي مسرحية (اللصوص)، التي مُثّلت أول مرة في القاهرة سنة 1916 بعنوان (لصوص الغاب)
ومن الناحية التاريخية بدأ معرفة  فريدريش شيلر في العالم العربي قبل أن يبدأ معرفة  أي أديب ألماني .

تابع القراءة→

0 التعليقات:

مسرح ماكس فريش والبحث عن الهوية وأبراز الحقيقة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 13, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

ماكس فريش


مسرح ماكس فريش والبحث عن الهوية وأبراز الحقيقة / محسن النصار


كان ماكس فريش (1911 – 1991) تأثيره كبيرا في الوسط الأدبي والمسرحي في المنطقة الألمانية في سويسرا حيث يتناول في معظم أعماله موضيع تبحث عن الهوية، حتى أصبحت هذه «التيمة» بمثابة «العلامة الأبداعية » المميزة له .
وأعطى لكتاباته اهمية في ابراز الحقيقة،كأهتمام ذاتي صادق في وقتٍ كان الأدب الألماني يبحث عن دور اجتماعي وسياسي ويبتعد عن كل ما هو ذاتي. فكتب رواياته ومسرحياته التي أطلقت شهرته العالمية، وكانت تدور حول هاجسه الأساسي: هوية الإنسان، وصورة تلك الهوية عند الآخرين، واشتياق الإنسان نحو اكتساب هوية جديدة وسيرة جديدة.كان فريش في الأربعين من عمره تقريباً عندما نشر يومياته عن الأعوام 1946 إلى 1949 - تلك اليوميات التي وضعت حجر الأساس لشهرته في المنطقة الألمانية، والتي يكاد يجمع نقاد الأدب الألماني على أنها تضم بذور كافة أعماله اللاحقة والشهيرة، مثل «أندورا» و «بيدرمان ومشعلو الحرائق» و «هومو فابر» و «مونتاوك». في دفتر يومياته عثر فريش على الأسلوب الذي سيصبح فيما بعد أسلوبه المميز. عدا الإسلوب يجد القارئ في يومياته أيضاً مفتاحاً لمشكلة الهوية والبحث عن الذات التي شغلته طويلاً في ما بعد، كما يتحدث عن لقائه بأديب كبير أثر فيه إنساناً وكاتباً، ألا وهو الشاعر والكاتب المسرحي برتولت بريشت (1998 – 1956).
ربما تحت تأثير بريشت بدأ فريش حياته كاتباً مسرحياً، فكتب أولى مسرحياته «ها هم يعاودون الغناء»
في عام انتهاء الحرب العالمية الثانية (1945) متناولاً قضايا الماضي والذنب التاريخي والمسؤولية وصراع الأجيال. وبعد ذلك تتوالى المسرحيات التي رسخت شهرته في سويسرا والمنطقة الألمانية كلها، مثل «سور الصين» و «دون خوان أو عشق الهندسة» و «بيدرمان ومشعلو الحرائق». في مسرحية «بيدرمان»، التي تعتبر أكثر مسرحيات فريش عرضاً على خشبات المسارح يستضيف صاحب مصنع ثري يدعى بيدرمان رجلين، وعلى رغم أنه يرتاب في سلوكهما، وبخاصة عندما يلاحظ انتشار الحرائق في المدينة خلال فترة استضافته لهما، فإنه لا يفعل شيئاً. يجلس بيدرمان لا يتحرك، إلى أن يُشعل النيران في بيته مَن استضافهم بسذاجة بالغة. بيدرمان لم يكن له هم سوى حماية ذاته وثروته، وسيكون في مأمن من الأخطار. يُحسن بيدرمان ضيافة مشعلي النيران، ويلبي كافة طلباتهم، وفي النهاية يقدم لهم الكبريت الذي يحرقون به منزله.
وفي عام 1964 يعود فريش إلى «تيمة» الهوية مرة أخرى في روايته الشهيرة «يقولون إن اسمي غانتنباين»، وفيها يدعي غانتنباين بعد حادث سيارة أنه أعمى، وهكذا يرى كل ما يحاول الناس أن يخفوه عنه. غانتنباين يجرب «القصص كالملابس»، مثلما يقول فريش، وهو ما يفعله أيضاً بطل مسرحية «سيرة حياة» (1967) الذي يعتقد أن سبب تعاسته هو زواجه، ولهذا يحاول أن «يجرب» حياة جديدة، علّه يصل إلى هوية أخرى تمنحه السعادة. لكنه يعجز عن تشكيل حياته من جديد.
مثلما يقول الناقد فولكر فايدرمان، في الكلام عن الهوية والذات. حققت أعمال فريش نجاحاً كبيراً لأنه أصاب عصب الوقت، ومنح ملايين الألمان الأمل في أن يبدأوا حياة جديدة ويكتسبوا هوية جديدة. وهو أمل سيظل يراود ملايين البشر في كافة أنحاء العالم.
في نهاية الخمسينات وخلال سنوات الستينات قدم فريش روايات ومسرحيات أطلقت شهرته العالمية، وكلها أعمال دارت حول هاجسه الأساسي: هوية الإنسان، وصورة تلك الهوية عند الآخرين، واشتياق الإنسان نحو اكتساب هوية جديدة وسيرة جديدة.
أما ذروة أعماله الذاتية ودرة أعماله بإجماع النقاد فهي قصة «مونتاوك» (1975) التي صدرت ترجمتها العربية في عام 2001 عن دار الجمل. في «مونتاوك» يزيل فريش الحدود الفاصلة بين الشعر والحقيقة، بين الواقع والخيال، وبين سيرته الذاتية وسيرة الآخرين. مونتاوك هو اسم المكان الصغير الذي قضى فيه القاص / الكاتب نهاية أسبوع مع أميركية شابة، وهناك قرر أن يقص ما عاشه: «كسيرة ذاتية، نعم كسيرة ذاتية، من دون أن يخترع أشخاصاً، من دون أن يخترع أحداثاً تكون أكثر دلالة على واقعه. من دون الهروب إلى الخيال. من دون أن يبرر كتابته بالمسؤولية تجاه المجتمع. من دون رسالة. ليست لديه رسالة ويحيا رغم ذلك. إنه يرغب في أن يقص فحسب (من دون أن يراعي مشاعر كل هؤلاء الذين يذكرهم بأسمائهم): أن يقص حياته.» عبر العلاقة الغرامية التي نشأت بين ماكس فريش والشابة التي وظفتها دار النشر الأميركية لمرافقة الكاتب المسن خلال رحلته الأميركية يسترجع فريش علاقاته الغرامية والزوجية طوال حياته، مُقدماً سيرة ذاتية مفرطة في صراحتها وقسوتها، وخصوصاً في المقاطع التي يتحدث فيها عن علاقته بالشاعرة النمسوية إنغبورغ باخمان التي انتحرت محترقة في شقتها في روما.
يتحدث فريش عن «هذا الهوس» الذي أصابه، أي «كتابة جمل على الآلة الكاتبة»، وهو الهوس الذي يدفعه إلى استخدام حياته وحياة الآخرين كموضوع لأعماله، إلى أن تصرخ فيه زوجته: «لم أعش معك كمادة لأدبك!»، وتطلب الطلاق منه.
وبذلك كان ماكس افريس اكثر مايميزه في مسرحه البحث عن هوية جديدة للأنسان ولكي يمنحه الأمل في عالم تتناقض فيه الفوضى بسسب الدمار الذي خلفته الحروب .

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9