أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأربعاء، مايو 18، 2016

عودة شكسبير وأورويل وكافكا وتذمر اليهود في المسرح البريطاني

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

شهدت مسارح بريطانيا سنة 2015 العديد من العروض التي لاقت نجاحا لافتا، وأسالت الكثير من الحبر لجرأة المواضيع وكذلك لطبيعة الأداء التمثيلي والقدرة على تقمص الأدوار. المسرحيات سجلت أيضا عودة وليام شكسبير وجورج أورويل وفرانز كافكا إلى صدارة الأحداث، كما اعتلت المسارح وجوه سينمائية أتقنت في كثير من الأحيان المزج بين التفاعل المباشر مع الجمهور والاحترافية العالية في التحول من الفن السابع إلى الفن الرابع. ورغم ما كتب من نقد حول هذه العروض، وصل أحيانا إلى درجة التهجم، كما في مسرحية “يهود سيّئون”، فقد عرف الموسم المسرحي البريطاني نجاحا كبيرا نظرا لقوة النصوص وإتقان الممثلين لأدوارهم وتماهيهم مع الشخصيات المجسدة، الأمر الذي ترجمته نسب الإقبال وعدد الوافدين على المسارح.

تعددت العروض المسرحية في بريطانيا عام 2015، وتنوعت مواضيعها، فمن الكوميديا الساخرة إلى التراجيديا وصولا إلى السير الذاتية، تمتع الجمهور بروعة الأداء واحترافية الممثلين، إلاّ أن السمة الطاغية كانت عودة الأسماء المعروفة في سماء الكتابة المسرحية. كما شهد العام بروز الكثير من الوجوه السينمائية في ثوب جديد وأدوار مختلفة، حققت نجاحا كبيرا، وهو ما شكل نقطة تحول في مسيرة هؤلاء الممثلين الإبداعية.

فناء الدنمارك والعالم

على مسرح باربيكان اللندني عُرضت مسرحية شكسبير الشهيرة “هاملت”، وهي من إخراج البريطانية لينزي تيرنر، الفائزة بجائزة لورانس أوليفيه، وبطولة بنيديكت كامبرباتش والممثلة الإنكليزية أنستيجيا هيل وإنتاج شركة “سونيا فريدمان”.

المسرحية تدور أحداثها على أرض الدنمارك، تحت أنين الصراعات العائلية التي تفتت الجبهة الداخلية. كان أميرها هاملت مشلول النفس والقلب، هائما في تردد كالتائه، مرغَما عقب مقتل أبيه على أن يوقع بالجاني مثلما جنى. ولعجزه عن القصاص يطيح به الحنق فيغيب عقله رويدا رويدا في متاهة الضياع.

القصة لا تخفى ولا ريب على قارئ. ما الذي أضافته إذن المخرجة إلى هذا العرض تحديدا؟ فهاملت بريطانيا قد يختلف عن هاملت الدنمارك أو هاملت الهند، وهاملت في عهد إليزابيث الأولى غريب عن هاملت إليزابيث الثانية. ولعالميته إنسانية الطابع، يرنو كل مسرحي، سواء كان كاتبا أو مخرجا أو ممثلا، إلى هاملت رنوّا متفردا كل التفرد. وجدير بأيّ امرئ أن يشكّل هاملته الخاص العصيّ على التعريف. يستقيه من بين ألف وخمسمئة سطر كتبها شكسبير عن الشاب الملحمي أو على لسانه.

ورغم دعاية هستيرية نظمتها شركة الإنتاج، لم يحسن كامبرباتش تعرية ذاته، وجاء أداؤه في بعض المواقف متحجرا ينزع إلى الكبت، فاقدا للكثير من التلقائية.

في تسعين دقيقة وهي مدة عرض مسرحية "فخامة"، نسترق السمع إلى ما انغلقت عليه صدور نساء من تواريخ

تراجيديا مسرحية

شهدت خشبة المسرح في لندن عرضا لمسرحية “مصلحة بلدنا” المكتوبة سنة 1988 للكاتبة البريطانية تيمبرليك ويرتنبيكر، وهي مستوحاة من رواية الكاتب المسرحي الأسترالي توماس كينيلي، وقد اعتبر العرض خير معبّر أدبي وفني عن فكرة أن التراجيديا تطهّر المشاهد المسرحي، وقد درج المسرح منذ زمن أرسطو -صاحب هذه الفكرة- وإلى اليوم مرورا بأزمنة متعدّدة ومنها زمن فولتير. وكان أرسطو يعتبر أن التراجيديا تُفاقِم مشاعر الشفقة والخوف، دون أن تخلقها من العدم، حتى تعتمل في القلوب فتنقيها من الدنس والشوائب الأخلاقية.

فازت مسرحية “مصلحة بلدنا” بجائزة لورانس أوليفيه/ بي بي سي، وجائزة حلقة نقاد الدراما بنيويورك، وجائزة إيفنينغ ستاندارد. وتنصبّ ثيمتها حول نشأة قارة بأكملها، إنه موضوع جذاب ومدرّ لأقلام مؤرخي الحضارات، وقد نبع أصلها الروائي تخليدا لذكرى 200 سنة على تأسيس المستعمرة الإنكليزية (أستراليا) في عام 1788.

في مضمون المسرحية حقيقة في الواقع، إلا أن مدى ما ورد فيها من صحة تاريخية لا يمكن تحديده بدقة. يخبرنا التاريخ بأن الربان كوك أرسى عام 1770 على سواحل أستراليا، بعد أن احتال على حكومته وأقنعها بأن أستراليا غنية بالكتان والخشب، طامحا إلى التخلص من المورّدين الأوروبيين. وكل دولة وطئتها القوات البريطانية ألفت فيها سلعة ذهبية للاستغلال، من كتان أستراليا وحتى بترول العراق.

وعقب 17 عاما، عزمت الحكومة البريطانية على إخلاء سجونها المكتظة بفعل قسوة قوانين الأراضي. والعرض يبدأ بمنظر لعابري المحيط، الأشرار منهم والأبرار، تحت إمرة الربان آرثر فيليب. الحمولة الأولى تغصّ بمنبوذي البلد ومشوّهيه. الأساطيل تشحن المجرمين كالقطعان إلى خليج بوتاني، حتى صارت بوتاني تطلق على أية بقعة أسترالية أرسلت بريطانيا إليها المنحرفين. ولأن البيئة قاحلة عديمة الرحمة، وأستراليا قوس قزح جغرافي، يهجرونها على الفور إلى جون سيدني ليغدو مستعمرة -أو جحيما- لإنزال العقاب.

سيدة الحمض النووي

على مسرح نويل كاوارد قامت الممثلة الأسترالية حاملة جائزة أوسكار نيكول كيدمان بدور عالمة الفيزياء الحيوية البريطانية اليهودية روزاليند فرانكلين (1920-1958) في مسرحية بعد 17 عاما من الغياب عن مسارح لندن.
     نيكول كيدمان تعود إلى خشبة المسرح بعد طول غياب

المسرحية مستمدة من كتاب الصحفية الأميركية برندا مادوكس، “روزاليند فرانكلين: سيدة الحمض النووي الغامضة”، تأخذ ببساطة بثأر العالمة، في نص موجز شعري للمؤلفة الأميركية آنا زيغلر، ومن إخراج البريطاني مايكل غراند إيدج.

تعيش فرانكلين حياة موحشة، لا تمرّ بها علاقة عاطفية واحدة، سمتها كبت عاطفي خليق بالعلماء، حتى حين ترد عليها أنباء مرضها، لا تزايلها العزيمة، ولا يندّ عنها سوى التقهقر إلى معملها.

فرانكلين نفسها لا تنطق بالكثير، ولكنها تظهر في تفانيها استماتة في الدفاع عن آرائها، والخطابة المعيبة تتناهى إلينا من أفواه الشخصيات الأخرى التي كثيرا ما تخطو فوق مربعات شبه شفافة، تنير بعضها كما في صالات الديسكو لطرح بعض الظلال وخلق أثر درامي، لا تُبرز المسرحية الشخصية كغيرها من الأدبيات، باعتبارها قديسة، وإنما تحسر النقاب عن عيوبها التراجيدية.

تصدّ العالمة ما تشهده من تمييز جندري ومعاداة للسامية بانعزال فظ لا يعرف الهراء، مكررة، “إنني لا أمزح”. وتطل علينا بطبيعة برمة تفرط في الوسوسة وتكاد تدنو من احتقار الآخرين، شخصية برعت كيدمان في تشخيص أبعــادها المتعددة بمنتهى التوازن.

تتلبس كيدمان الشخصية المنهجية المتزمتة بما عهدناه منها في السينما من براعة. وبتشبث فرانكلين بكبريائها الفولاذي وإيثارها العزلة، ترفض التعاون مع ويلكنز، فلا تصير فقط فريسة لانتهازية الرجل، وإنما ألدّ أعداء نفسها، خالقة عن عمد صورة نمطية للعالمة، بأنها خشنة مثل الرجال، وغير محبوبة.


"1984" في مسرحية

بعد نجاح ساحق على مسرح ألميدا، انتقلت مسرحية “1984” إلى مسرح بلايهاوس اللندني، وعلى مدار 100 دقيقة، لا ينقل أيك وماكميلان تلك الرواية الأيقونة نقلا حرفيا أعمى، وإنما يقلبان الآية ويبدآن من النهاية، ونهاية الرواية هي الملحق المعنون بـ”مبادئ لغة النيوسبيك”. و”النيوسبيك” كلمة صاغها أورويل ليسخر من الاشتراكية الإنكليزية. وهي تشي بلغة موهمة، تلك التي تقرّ بشيء وتنفيه في الوقت ذاته. يستغلها الساسة عبيد الأيديولوجيا في أعمال البروباغاندا وخداع الجماهير.

يدور الملحق عقب عام 2050 وإن استحضر ديكور النص أربعينات القرن الفائت وموسيقاه، حين يتقاطع الماضي مع المستقبل، ويتوه منا الواقعي المتقلِّب في زحمة الخيالي. وأورويل، العالِم بالغيب، يعلن فيه هزيمة الأخ الأكبر، ربما في بلاد الإنكليز غير أننا لن نشهد ولا شك اندحار الشرير في بلاد العرب.

يطرح المشهد الافتتاحي للمسرحية قضايا فكرية ملهمة وعويصة؛ إليكم ستة أفراد بلا هوية معلومة، يتخذون مجلسهم إلى طاولة خشبية في حلقة لقراءة الكتب، يتحدثون حديث معجميين رجعيين تلمّ بهم الحيرة وهم يلوكون سيرة كاتب لا يصرحون باسمه.

تتوالى المشاهد فنتعرف على دولة تسلطية مستقبلية، وقتذاك، تحكم بالحديد والنار. في الساعة الواحدة ظهرا من شهر أبريل، عام 1984، يشرع ونستون سميث الرفيق 6079 -لفظ مذكّر بالدكتاتوريات البائدة، والرقم يوحي بأنه ترس في آلة- في كتابة يومياته. يسأل محتارا في أول صفحة، “لمن أكتب؟”.

مسرحية "المحاكمة" تتشظى بمونولوجات ساخرة، يؤديها البطل في هذيان ملغز لا مبال، ملونا تيار وعيه بإيحاءات جنسية 

كافكا و"المحاكمة"

أزيح الستار عن مسرحية “المحاكمة”، المقتبسة من رواية “المحاكمة” للكاتب النمساوي الراحل فرانز كافكا، على مسرح يونغ فيك اللندني في 19 يونيو الماضي بعد أن عدّلها لتتوافق مع مسرح الكاتب البريطاني نيل جيل. تتشظى المسرحية بمونولوجات ساخرة، يؤدّيها البطل في هذيان ملغز لا مبال، ملوِّنا تيار وعيه بإيحاءات جنسية من أهوائه ونزواته الماضية، وهو لا شك العجب بعينه. صحيح أن الهزل يتفتق دوما من افتتاننا بالمتنافر والمتضارب أو من المشاهد المنطوية على المفارقة، ذلك التقارب بين المعتاد والوهميّ، وهو من سمات رواية “المحاكمة”.

ولكن هذا الجثام الغامض المتسلل إلى عبارات الرواية، والافتقار إلى المغزى والمقصد، والفقرات السوريالية المحبّبة لكافكا، والوعيد المربك بحدوث ما لا نرغب فيه، بل والإشارات الاجتماعية والسياسية المتخمة في النص الأصلي، يتعارض كل ذلك بالقطع مع قرار المخرج المسرحي والأوبرالي ريتشارد جونز، حامل وسام الإمبراطورية البريطانية من الملكة إليزابيث، بإدماج مسحة هزلية، كثيرا ما تخرج جنسية مبتذلة، تشي بجوع المراهق شبه المكبوت إلى جسد المرأة.

تبدأ الحكاية بعيد ميلاد جوزيف كيه الخامس والثلاثين، ثمة طرق على بابه، لا أثناء نومه مثلما ورد في الرواية، وإنما وهو يحملق في خُمار السكر إلى راقصة تتعرّى، تبدو كالآتية من بيت مشبوه، وهو المتلصص على فضائحها. تقوم بدورها البريطانية الموهوبة كيت أوفلين، المتقمصة أيضا لخمسة أدوار أخرى في المسرحية وكأنه لا وجود لممثلة غيرها.

يعجز جوزيف المنكوب في المشهد الأخير من “المحاكمة” عن الفرار من الحكم بالإعدام على فعلته المجهولة. يمرر منفذو الحكم السكين من يد إلى يد. أضاف كذلك تلميحات جنسية من الثقافة الشعبية بلا داع حقيقي مما خذل كافكا الذي لم يمسك عن انتقاد فرويد، واصفا التحليل النفسي بأنه “خطأ بائس”.

                مسرحية "يهود سيئون" تستنكر إحدى بطلتيها "تقوى الهولوكوست"


في انتظار الدكتاتور

على مسرح دونمار ويرهاوس قدمت كاتبة المسرح الإنكليزية آبي مورغان مسرحيتها “فخامة” من إخراج البريطاني روبرت هاستي. وهو المخرج الذي أخرج هذا العام مسرحية دون عنصر نسائي واحد على المسرح نفسه تحت عنوان “ليلتي مع ريغ”.

يستهل عرض “فخامة” بمشهد دال على الوفرة والثراء المريب، كل شيء ينمّ عن فحش، بدءا من الملابس الرائعة وكؤوس الخمر المتلألئة إلى نوافذ ذهبية تطل على لا شيء.

تترقب صحفية في جناح للتصوير بقصر الرئاسة عودة الطاغية بلا طائل، والغرض هو التقاط صورة “جليلة” له.

الصحفية غربية تلعب دورها الأيرلندية جنيفيف أورايلي، تألَف فظائع العالم الأدنى كما تسميه، بيد أننا لا ندري تحديدا أين تقع الأحداث، أغلب الظن أنها في إحدى دول البلقان، يشي بذلك الشعر الأشقر الذي يعتلي رأس السيدة الأولى. معها تنتظر مترجمة المصورة وهي الممثلة الإنكليزية زاوي أشتون، وما هي إلا لصة انتهازية لها أغراض سرية، تدس في حقيبتها تُحف القصر الثمينة لبيعها في السوق السوداء. وهناك أيضا صديقة زوجة الرئيس وهي الممثلة الأيرلندية ميشيل فيرلي، إحدى بطلات مسلسل “صراع العروش”. وفي تسعين دقيقة وهي مدة العرض، نسترق السمع إلى ما انغلقت عليه صدورهن من تواريخ شخصية ورؤى لبلد أفضل، أو أسوأ، لشعب يخط التاريخ ويترنّح على شفا… شفا ماذا؟ تفسّخ عرقي فوضوي أم نهضة باعثة؟ النتيجة هي الأخرى خافية عنا، وإلى أن ينسدل الستار لا نلمح أثرا للرئيس، فهل هرب أم اختبأ؟

والنسوة كلهن على بعد دقائق من انقلاب سياسي كاسح، ينزل بمجتمع اتّهم يوما بالخنوع، ولكنه الآن ينفجر تلقائيا تحت أنين الجوع والقهر.


يهود سيئون

تستحضر مسرحية “يهود سيئون”، التي عرضت على مسرح سانت جيمز اللندني، قصة “ابنتا الخالة” للكاتبة الأميركية جويس كارول أوتس، وتستنكر إحدى بطلتيها “تقوى الهولوكوست”.

خرج الطبيب النفسي البريطاني آدم فيليب في مقالته “ريبيكا، اخلعي عنك ثوبك”، بأن يهود غرب أوروبا تفطنوا منذ العصور الوسطى إلى أنه في باطنهم “يهوديّ غير مقبول”، ثم اضطرّوا إلى أن ينبذوه كي يبقوا على قيد الحياة. وما نجم عن هذا هو شكل خبيث من أشكال معاداة اليهود لأنفسهم.

سوف يصعب على غير الخبير بمأزق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية أن يلتقط عددا من التفاصيل، وأن لن يغيب عنه لبّ الكوميديا. قد تبدو كل هذه المواضيع غاية في الجديّة إلا أن هارمون كتب مشاهد لن يكف معها المتفرج عن الضحك لحظة، بل وسيتساءل كيف يكون بمقدور الممثلين التسامي بهذا الأداء الرفيع وسط موجات الضحك المتتالية.

تقوم جينا أوغن بدور دافنا؛ توقيتها عند التدخل الكوميدي رائع، ووقفاتها وحركاتها تحمل بوتقة من المضامين والتلميحات: رفعة إصبعها، هزة رأسها، خطوتها المحسوبة يمينا أو يسارا، وقد أبدع المخرج مايكل لونغهيرست في كل تعليماته دون استثناء. المعجز هو قدرة أوغن على تكثيف فقرات قد تتواصل لمدة عشر دقائق من الحديث -أو بالأحرى الصياح- عن واجب اليهودية، وجدّها الميت لتوّه وخطيبها جلعاد الضابط في الجيش الإسرائيلي.

ابن عم أوغن الملحد يغيظها حين يتهمها باختلاق هذا الخطيب، الضابط جلعاد، فقد اخترعته كي تلصق نفسها عاطفيا وعنوة “بالأرض الموعودة”، فالفتاة متصلبة تصطنع المرح، ولا تخطر ببالها إلا نصوص العهد القديم، حيث تقيس قيمة كل من حولها بمدى اقترابهم أو ابتعادهم عن النص الإلهي، هل تذكّركم هذه الخصال ببعض أصحاب الأديان الأخرى؟

-----------------------------------
المصدر : هالة صلاح الدين - العرب

تابع القراءة→

0 التعليقات:

طه سالم : ‎أنا رائد مسرح اللامعقول في العراق

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

‎في أواسط الخمسينات، وما تلاها من سنوات، تألقَ في المشهد المسرحي العراقـــــــــــــي مجموعة من الكتاب والمخرجين مشكلين ظاهرة في الحياة الثقافية، عامة، والمسرحيّة، خاصّة؛ من هؤلاء الفنان طه سالم الممثل والكاتب والمخرج المسرحي، الذي استطاع أن يقدم تجربة يشار اليها بالبنان؛ فمسرحيته «طنطل» شكلت نموذجاً لمسرح اللامعقول في المسرح العراقي حيث كانت المرة الأولى في مسرحنا، يُقدّم فيها مثل هذا العمل... وقد وصفه النقاد في حينه بـ«هاملت في بغداد»، إلى جانب ذلك كان من المؤسسين لنقابة الفنانين، وعضو أول مجلس مركزي للنقابة المذكورة، ومؤسس فرقة اتحاد الفنانين، ومن المساهمين الأوائل في فرقة مسرح الفن الحديث.

‎ما يميز محتوى كتابات مسرح طه سالم، هو الحس الوطني، ونصرة المظلومين والوقوف الى جانب المهمَّشين. ولعل مرّد ذلك عائد إلى معاناته الطويلة، في بناء تجربة مسرحية امتدت زهاء نصف قرن، ولا تزال تنبض حتى يومنا هذا! فضلا عن تعرّض أعماله للسرقة من قبل مخرجين وكتاب هم اليوم من نجوم المسرح والتلفزيون، كما سيكشف هو، في هذا الحوار الملتهب مع طه سالم:
■ التهميش الذي نال أعمالك، في السابق، كان سببه عدم مجاراة النظام، وأجندته الإعلامية... فما سبب التهميش اليوم؟
‎- السبب أن الثقافة اليوم؛ ومن ضمنها المسرح، لا تحظى باهتمامات الدولة. تصور قدمت مسرحية تناقش واقع العراق اليوم بعنوان نجمة أم ذويل منذ أكثر من عام ونصف العام، إلى دار الشؤون الثقافية، ولم تطبع، رغم أن ما يُطبع، فيها، ليس أفضل من مسرحيتي.
■ ما سبب ذلك؟
‎- لا يمكن أن أحدد سببًا معيّنـًا، لكني أشعر أنّ هناك تهميشاً متعمداً لي، ولجيل الرواد، وأعني جيل المبدعين. ربما تمكن الإشارة إلى توجهات تقف وراء تهميش المبدعين؛ من تلك التوجهات: الأنانية، أو النرجسية الزائدة، و الوصولية... كل ذلك اجتمع في قضية تهميشنا.
‎■ لماذا لم تجرب طباعة مسرحياتك وكتبك في المطابع الخاصة؟
‎- تمنيت ذلك... ولو كانت لديّ القدرة المادية على ذلك لما انتظرت مِنِيـّـــة أحد لطبع أعمالي، والطبع اليوم، كما تعلم، مكلف جداً في المطابع الأهلية، وأنا غير قادر على ذلك. وهنا أخصّ بالشكر دار الهنا وجمعية الثقافة في العراق، على مبادرتهما إلى طبع مسرحيتي «نجمة أم ذويل».
‎■ تعرضت بعض أعمالك للسرقة، أو لشيء من ذلك؟
‎- أعمالي في الستينات كانت تستشرف المستقبل، وكان هناك من يتعكز عليها، أو يأخذ منها... وأحيانا تجد جميع أحداث المسرحية موجودة في نصوص ومسرحيات لآخرين.
■ متى حدث ذلك؟
‎- منها ما قـُدِّم في التسعينات، ومنها بعد مفتتح الألفية الثانية.
‎■هل يمكن تحديد أعمال بعينها، وكشف بعض الأسماء؟
‎- أجل، أشير إلى مسرحيتي «البذرة» التي قدمها عمران التميمي مجدداً ودعا إليها الممثل العربي الراحل يونس شلبي كذلك ترجم محمد عبد الرحمن زنكنة إحدى مسرحياتي الى اللغة الكردية، ووضع اسمه عليها كمؤلف وليس مترجماً. حتى الفنان الراحل سليم البصري أخذ تمثيلية الســــــائل والمسؤول من تمثيلية لي بعنوان شدة ورد التي أعطيتها له ثم، بعد حين، ادّعى أنها ضاعت ثم ظهرت التمثيلية باسمه، وبعضهم الآخر باعها في دول الخليج العربي!
‎■ كم نصاً كتبت؟
‎- في حدود أربعين نصاً مسرحياً للكبار والأطفال؛ منها مسرحيات طنطل و فوانيس أخرجها الفنان إبراهيم جلال و الكُوْرة أخرجها الفنان محسن العزاوي وورد جهنمي وما معقولة إخراج الدكتور سامي عبد الحميد.
‎■ ألاحظ أن تجاربك في التمثيل، كانت قليلة؟
‎- في المسرح كنت أمثل مع فرقة المسرح الفني الحديث، وفرقة اتحاد الفنانين، وكانت من الفرق الخاصة، ولا تأثير للنظام السابق فيها... لكن في التلفزيون كانت التجارب قليلة، لأنني كنت محاصراً لعدم انتمائي الى حزب البعث... وأذكر من أعمالي التلفزيونية تحت سقف واحد و عيونها والنجوم.
‎■هل طلب منك بصورة مباشرة أن تلتحق بركب البعث؟
‎ـ نعم... لقد ساوموني إن انتميت إلى البعث فسأكون بطلاً لمعظم الأعمال التلفزيونية لكني رفضت.
‎■ راج في هذا الوقت إنتاج الأعمال الفنية العراقية في سوريا، كيف تجد ذلك؟
‎- أجدها أعمالاً قلقة، وليس فيها الخاصيّة عراقية، بحكم تبدل البيئة، لكن من جانب فني هناك تطور تقني، لاسيّما في الأمور الفنية البحت.
‎■ هل اكتشفت نجوماً في الفن؟
‎- معظم الدكاترة في الفن اليوم خرجوا من عباءتي... أذكر منهم الدكتور صلاح القصب الذي أدخلته معهد الفنون الجميلة، حين كنت في النشاط المدرسي وشاهدته في إحدى المدارس، ولا يفوتني أن أذكر، هنا، ابنتيّ، الدكتورة شذا والدكتورة سها. فقد تخرجتا في مدرستي، قبل تخرجهما في الأكاديمية. ولا بد من الإشارة إلى رعايتي لشقيقتي وداد سالم.
‎■ أهم المخرجين الذين جسدوا أعمالك؟
‎- أشرت إلى ذلك في إجابة سابقة، وأعيد تأكيد أن أبرز مَن قدم مسرحياتي، هو الفنان إبراهيم جلال والفنان محسن العزاوي لأن عقليتهما منفتحة ومتنورة، ولا يعتمدون الأساليب التقليدية في العمل المسرحي، ويواكبان التطورات في هذا المجال. فمسرحيتي طنطل التي أخرجها العزاوي، أثارت جدلاً واسعاً، فقد قال عنها الناقد المسرحي المترجم يوسف عبد المسيح ثروت: إن جميع كتاب المسرح في العراق تأثروا بالمسرح العربي، إلا طه سالم فله أسلوبه الخاص، في حين قال عنها الناقد حميد رشيد: إنها هاملت في بغداد، وناقد آخر، لا أذكر اسمه الآن، قال: إنها – طنطل - أول عمل في مسرح اللامعقول، في العراق، وثاني تجربة في الكتابة للمسرح العربي، بعد توفيق الحكيم، وقال الناقد علي حسين: إن طه سالم هو رائد المسرح التجريبي في العراق، وقال سامي عبد الحميد: إنه عمل طليعي، في حين قال نيازي عبد الله عن مسرحيتي «فوانيس»: إنها شمس مشرقه في المسرح العراقي.
‎■ كيف تجد مسرح اليوم؟
‎- في السابق كانت هناك عدة مسارح، والأعمال متواصلة في جميع القاعات، أما اليوم فلا وجود إلا لقاعة واحدة، ومن يقدم أعماله عليها هم فئة محدودة، ولا يتمكن أي فنان أن يقدم عرضاً في المسرح الوطني!
‎من جانب آخر أجد في مسرحنا اليوم ظاهرة الرقاعين التي تتمثل في الذين يأخذون أعمالهم من أعمال سابقة؛ من هنا فكرة، ومن هناك حوار، ومن هنا بيت شعر، ثم تجميعها في أعمال فنية يقدمونها بأسمائهم، ولا يكتفون بسلب حق المؤلف الحقيقي وتشويه نصوصه وأفكاره... بل يذهبون بها إلى المهرجانات على أنها من عنديات أفكارهم... حرام أن يحصل ذلك في مسرحنا، لأن الفنان يجب أن يكون صادقاً مع نفسه ومع الآخرين... كما أجد أن هناك نسّاخين في مسرحنا ينسخون نصوصاً كاملة من النصوص الأجنبية ويسجلونها بأسمائهم بلا أمانة.
‎■ ما السبب وراء ذلك، في رأيك؟
‎ - الموهبة! فحين يفتقدها الفنان يلجأ الى ذلك، وهذا دليل ضعف، ومرة أخرى أكرر: وعدم أمانة.
‎■ هل هناك قضية يمكن إثارتها؛ تهمّ المسرح العراقي؟
‎- نعم... هناك ظاهرة العالمية التي لن نصل إليها إلا عبر المحلية كما وصلها قبلنا نجيب محفوظ... في حين نجد أن هناك في العراق من يحارب المحلية... فمثلاً مسرحياتي لا تطبع لأنها باللهجة المحلية... لماذا نحارب محليتنا، في وقت ينشرها غيرنا في العالم... هناك أعمال كثيرة تعتمد المحلية؛ منها شخصيات مهمة، كلها فقدت بسبب الإهمال والتهميش.
‎■ أهم الأعمال التي أخرجتها للمسرح؟
‎- أنتيكَونا (أنيتغون) ونساء طروادة، ونزهة البستان، ومدينة تحت الجذر التكعيبي، وحكايات اللوري وسكان المستنقعات.
‎■ في المسرح كنت مؤلفاً ومخرجاً وممثلاً... فأين وجدت نفسك؟
‎- التأليف المسرحي أصعب وأشق من غيره... ومسؤوليته التاريخية أخطر من فن التمثيل والإخراج... لهذا تجد أن كُتاب المسرح، في العالم، نادرون، في حين يعجّ فن التمثيل بالمواهب التي لا تعد، فضلا عن ذلك أجد في الكتابة فرصة أفضل لخدمة شعبي وفني.
‎■ الفنان الذي أثر بك على نحو أكبر من غيره؟
‎- أستاذي الراحل والكبير حقي الشبلي وهو في نظري قمة في التربية الفنية... وهو الذي أسس قواعد التعبير الصحيحة، وصقلَ المواهب في الحركة الفنية العراقية... كذلك الفنان إبراهيم جلال الذي يعد مفخرة عراقية وعربية في الإخراج، كذلك الحال مع الفنان جاسم العبودي وأسعد عبد الرزاق، اللذين قدما خدمات جليلة للفن العراقي.
‎■ هل يمكن أن نموضع تجربتك الفنية في محطات؟
‎- لقد بدأت فنانا في مرحلة الواقعية الاجتماعية؛ تلك التي تقوم على المؤلفات التحريضية، والكاشفة لعيوب الواقع ومفاسده... بعد ذلك، وبالتجربة والممارسة، تبلورت لديّ صيغ الكتابة شكلاً ومضموناً فطرقت الرمزية، والتعبيرية، وحتى السريالية... كما ذكر ذلك غير ناقد فني.
‎■ واليوم؟
‎اليوم لا ينصب همي على اتجاه الكتابة، بل على محو تلك الكتابة! لأنني أكتب من دون أن أجد نتيجة لتلك المقدمات الشاقة والطويلة، وبطريقة تثير الاستغراب! فهل من المعقول أن يُركن كاتبٌ مثلي شغل المسرح، وأهله لعدة سنوات بنتاجه المتميز؟ بدلاً من الاستفادة من خبراته وتجاربه وكتاباته.
‎■ لماذا لا تكتب عن هذا الواقع؟
‎- لقد كتبت مسرحية نجمة أم ذويل، كما ذكرت، وكان فيها الكثير من الإرهاصات والإسقاطات على واقع اليوم... لكن أين هو الذي يُظهرها إلى الوجود؟ لقد ولـَّدَت هذه الحالة إحباطات في نفسي، وأنا الذي تفاءلت بانهيار النظام السابق، وتوقعت الانفتاح من النظام الجديد على الكتاب الرواد لاسيما الذين كانوا مهمشين مثلي!
‎وأخيرًا تأمل طه سالم المشهد، ثم قال:
‎- الحرية واحة كبيرة للفنان لأنها تتيح له الإبداع والانطلاق، وعلينا أن نفهمها بمغزاها الحقيقي بعيداً عن التهميش وغلق الأبواب أمام المبدعين.

----------------------------------------
المصدر : ‎حوار: قحطان جاسم جواد - الأسبوعية

تابع القراءة→

0 التعليقات:

قراءة في كتاب " مسرح محمد علي الخفاجي الشعري"

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

كثيرا ما ترددت للدخول إلى رحلة  الأديبة الباحثة عالية خليل إبراهيم ، لامتلاكها قدرة التبرير والنزوع إلى  النفي ، وعدم الرضوخ لأي رأي إلا بعد أيجاد ما يبرره اقناعيا ، اكتسبت  الباحثة هذه الخصيصة من قراءاتها الكثيرة في كتب الأدب والفلسفة ، وحينما  اختارت مسرح الشاعر علي الخفاجي الشعري لمستلزمات نيل شهادة الماجستير ،
أوجدت تعريفا للمسرح الشعري مقتصدا من باب تبريراتها الاندفاعية في الاختيار ، فكما هو معروف أن المسرح الشعري ( جنسا أدبيا وفنيا له هويته الخاصة ) ، ويعتبر ( ملتقى لآداب وفنون من النادر أن نجدها مجتمعة في جنس آخر .. منها الشعر والدراما والسنوغرافيــا وتقنيات الممثل والأزياء والماكياج والموسيقا .. )
إذن المعنى من هذا الاختيار يعتبر التبرير الأول أما التبرير الثاني وهو اختيار الشاعر الكبير محمد علي الخفاجي موضوعا للبحث ، كونه رائد من رواد المسرحية الشعرية الحديثة .
ومن هذين المنطلقين اعتمدت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي لبنية النص المسرحي وانطلقت لدراسة القصيدة الدرامية والدراما الشعرية عند الخفاجي
باعتباره دائب الاشتغال على التداخل ألأجناسي بين النوعين ، وحتى تبرر دراستها أكاديميا وتلم الموضوعة الرئيسية وتجليها من بعض جوانبها قسمتها إلى فصول ومباحث وبدأت في مصادر المسرحية الشعرية ومرجعياتها عند الخفاجي ، وكانت أولى دراستها هو التراث العربي باعتبار التراث ( يشمل جميع عناصر الثقافة المكتوبة والمنقولة والشفاهية للأمم والشعوب ) ، وربطت علاقة هذا بالمسرح وهي علاقة امتدت جذورها إلى المسرح الإغريقي ( وتوطدت أواصر هذه العلاقة في مسيرة المسرح العربي ، فأصبحت ظاهرة استخدام المرجعية التراثية في المسرح من أكثر الظواهر رسوخا وتأثيرا في المسرح العربي والعراقي على حد سواء حيث اعتمد الخفاجي على النصوص الدينية المقدسة وتلك الطقوس والاحتفالات الشعبية .
وظهر من خلال البحث تعدد مستويات حضور التاريخ عند الخفاجي بالتوظيف المباشر أو في استلهام الطاقات الرمزية والإيحائية للتاريخ ومحاولة ( بث روح جديدة في الموضوع والنص التاريخي من خلال ربطه بالواقع المعاصر ) ، ودلت الباحثة على أن الأخذ من التاريخ يتطلب قدرة إبداعية تتعلق بموهبة الشاعر وقدرته على قراءة التاريخ ، قراءة منتجة ابداعيا ووعي لحركة التاريخ واختيار الحقبة الصالحة للتوظيف الدرامي وهكذا فعل الشاعر الخفاجي تارة بصورة مباشرة كما في مسرحية ( ثانية يجيء الحسين ) وتارة أخرى استلهم الطاقات الرمزية كما في مسرحية ( الجائزة ) ، ففي المستوى المباشر كان التداخل بين النصوص التاريخية وبين نصوص المسرحيات تناصا كما عدته الباحثة وهي أبرز ظاهرة عمل عليها الشاعر وعدت الباحثة الفعل والشخصية مصطلحا يطلق عليه ( الموضوع )  فالفعل هو ( ماذا حدث ) ؟ والشخصية من يقع عليها الحدث ( فالمتن الحكائي للتاريخ هو الموضوع التاريخي بأحداثه وشخصياته ) .
وكانت استفادة الخفاجي من النصوص الدينية المقدسة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف قد تمثلت في مسرحية ( نوح لا يركب السفينة ) كدراما شعرية متخيّلة ، أما في مسرحية ( أبوذر يصعد معراج الرفض ) فكان هناك تداخل وتحاور مع النص المقدس سواء في التضمين أو الاقتباس ، أما المراجع والمصادر التي رجع إليها الشاعر الخفاجي هي التراجيديا الإغريقية ، وصنفت الباحثة ثلاث مسرحيات وعدتها ضمن المأساة بالرجوع إلى تعريف أرسطو للتراجيديا كونها ( محاكاة لفعل جليل كامل له عظم ما ) ... الخ ، وحاولت تطبيق تعريف أرسطو وأخذت الفعل الجليل كونه فعل مترابط يشتمل على البداية الوسط  والنهاية ومن خلال البحث ظهرت شخصية الباحثة بحضورها النقدي التطبيقي وتحيل الى اللغة الشعرية عند الخفاجي ، بانها تناسب الموقف التراجيدي والشخصية التاريخية وتعتمد على الفعل المنظور حتى تصل إلى ( تنقية العواطف وتهذيبها وموازنتها ) وهي حالة التطهير ، ومن خلال تجوال الباحثة  عالية خليل في دخولها إلى عالم محمد علي الخفاجي حيث كان حضورها  واضحا بشخصية الباحث الناقد المحلل وبالاعتماد على مصادر ومراجع مهمة ، كي تكون أطروحاتها علمية رصينة ومن بين أطروحاتها ( أن نظام الشطرين والقافية الموحدة يعيق البناء الدرامي للمسرحية ، ولا يواجه الشعر الحر مشكلة من ذلك النمط ، فهو قد تخلص نهائيا من أسار البيت الواحد والقافية الواحدة ) .
واعتمدت على دعوة الشاعر والكاتب المسرحي العربي علي أحمد باكثير في الاعتماد على الشعر المرسل والعمل البحور المتجانسة ، كي تبرر استخدام الخفاجي لتقنيات المسرحية الشعرية الحديثة والشاعر الخفاجي هو محور دراستها  ثم أنها بينت تأثره بصلاح عبد الصبور الذي تأثر بالشاعر والناقد الانجليزي  ت . س إليوت مما أثبتت أن الرؤى والأفكار المطوحة في الشعر ، هي رؤى وأفكار كونية وعكفت على مقارنة بين اختيار عبد الصبور للحلاج واختيار الخفاجي للحسين وذكرت بهذا الصدد أراء الدكتور محسن أطيمش في التقريب بين الحلاج والحسين بدراساته المستفيضة عن المسرحيات الشعرية و أظهرت الباحثة اهتمام الخفاجي لتقنيات العرض المسرحي مثل الإضاءة والديكور والأزياء وكذلك تقنية التمثيل الصامت كما استخدم الرقص التعبيري ثم بعد ذلك ركزت على أنماط المسرحية وعناصر بناءها وهي لا تختلف عند الخفاجي حيث تمثلت بالصراع والشخصية والحوار ، بيد أنها شخصت مستويين من حضور هذه العناصر . المستوى الأول التاريخ والمعاصرة واستعملت مصطلح ( الاقتصاد )  في اللغة وتعني به التكثيف العالي ومصطلح التوتر وتعني به أسلوب المفارقة و( المفارقة بوصفها أسلوبا لغويا ) تقوم على أساس التناقض الحاصل بين طرفين متقابلين في تشكيل واحد ، والاستخدام الآخر عند الخفاجي وهي الصورة الشعرية ، ثم تعرضت بصورة منفصلة لمسرح الطفل عنده ، لأن مسرح الطفل يعد من أكثر أشكال ألآداب والفنون ملائمة للأطفال والظاهر أن الشاعر الخفاجي قد أهتم بدقائقه وخضع لاشتراطات الفئات العمرية والعقلية والثقافية للأطفال ، وفي فعل البناء الدرامي استعرضت الكاتبة الوحدات البنائية الأرسطية والتقنيات الأخرى وربطتها مع المسرح الحديث والمعاصرة ، حيث بدأ المسرح الحديث يعتمد على الإيقاع الدرامي بخلق انسجام بين أجزاء العنصر المسرحي الواحد أو بين العناصر كلها واعتمدت لدراستها البناء الدرامي على بنية التوازي أي الربط بين البداية والوسط والنهاية وهي مراحل احتدام الصراع في تسلسل زمني سببي واضح وأيضا على البنية الأستعارية المركبة لأنها تتحقق بربط القصة في تسلسلها المنطقي وبمستويات متعددة ومتناقضة من التفسيرات ، وقد استطاعت الباحثة عالية خليل إبراهيم أن تمسك بموضوعاتها وتقدمها بجهد أثمر عن دراسة مبحثية ركزت على إبداع الشاعر الكبير محمد على الخفاجي في المسرح الشعري وهذه الدراسة ستكون بكل تأكيد مرجعا للباحثين والدارسين.

-------------------------------
المصدر : وجدان عبد العزيز - ملاحق المدى

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9