أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، فبراير 25، 2021

المعرفة وعلاقتها بالظاهرة المسرحية / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


المعرفة وعلاقتها بالظاهرة المسرحية  / محسن النصار                                         
عندما نتناول المعرفة وعلاقتها وبالظاهرة المسرحية على وجه الخصوص تضعنا المعرفة امام عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات تتميز بعدد من الخصائص والتي تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية في ميدان الفن وخصوصا المسرح , فهو فكر وفلسفة تناوله الفلاسفة والمفكرين منذ أفلاطون وارسطو حتى العصر الحديث، وقد تحدث عنه فنانون وشعراء وادباء عاشوا تجربة الإبداع الفني والمسرحي وقدموا روائع مؤثرة في الوجود الأنساني. والمعرفة ثلاثة أنواع رئيسة هي المعرفة الحسية التجريبية
والمعرفة الفلسفية , والمعرفة العلمية , وقد اتفق كل من المذهبان الحسي والعقلي على الحواس باعتبارها مصدراً للمعرفة

والمَعْرِفَة هي الإدراك والوعي وفهم الحقائق عن طريق العقل المجرد أو عن طريق اكتساب المعلومة عن طريق فهم العقل للتجربة أو الخبر، أو من خلال التأمل في طبيعة الأشياء وتأمل النفس أو من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين وقراءة استنتاجاتهم، المعرفة مرتبطة بالبديهة والبحث لاكتشاف المجهول وتطوير الذات وتطوير التقنيات

والمعرفة الفلسفية أو التأملية وتعتمد على التفكير والتأمل في الأسباب البعيدة .                        
إن كلمة معرفة تعبير يحمل العديد من المعاني لكن المتعارف عليه هو ارتباطها مباشرة مع المفاهيم التالية:المعلومات، التعليم، الإتصال، والتنمية ,والثقافة ,والفلسفة

فنظرية   المعرفة عند ارسطو  تعالج  علم الجمال الارسطي فيجمع بين الفن والعلم في اكثر من جذر واحد ففي نظرية المعرفة يجمع بينهما في مرحلتين من مراحل المعرفة ان العلم والفن يبدأ تاريخهما في الممارسة الذاتية من نقطة واحدة هي الاحساس ثم يلتقيان في المرحلة التالية للاحساس وهي مرحلة تكوين  التصور

(( إن تصورات النظرية المعرفية لا تقوم على بنية منغلقة ذَّات توجه آحادي في العلوم ذات المبادئ التجريبية، فقد أرست نظرية المعرفة بما يمكن وصفه بالمباديء المستقرةـ حتى لا تفقد المعرفة المنطق الذي يفسر غاياتها حيثما بلغ الوعي بقيمة الحوار مبلغاً تخففت معه القيود التي تؤدي إلى تعصب يتنافي مع الطبيعة الانسانية المعرفية ))(1)

وفي تحديد مذهبه الفني ينطلق ارسطو  من فكرة محاكاة الطبيعة لانه يرى ان من خصائص الفن تحويل كل شيء في الطبيعة والحياة حتى البشاعات فيهما الى شيء جميل تنعكس انعكاسا فنيا كاملا وصحيحا تصبح عنصرا جماليا ولكي تصبح البشاعة الواقعية جمالا فنيا لابد للفنان ان يستند خلال عملية الخلق الى الوضع المحتمل في الشيء اي الى ما يمكن ان يكون لا الى ما هو كائن بالفعل فحسب ذلك يعني ان فكرة محاكاة الطبيعة في مذهب ارسطو لا تجري مجرى المذهب الطبيعي في الفن لان (ارسطو) لا يرى ضرورة تصوير الواقع كما هو في لحظة عملية الخلق بل يرى ضرورة ان يكون الفنان قادرا على تحديد المحتملات  وارسطو  ((يوجد عند ارسطو في فن الشعر الذي يتجنب التفسير الترميزي بوصفه دفاعا , ويؤكد على الأثر العاطفي للشعر بوجه عام وللمأساة بوجه خاص , فيصل بذلك الى مبدأ التطهر الشهير ))(2) 

يحدد بناء قاعدة جمالية للمسرح فيؤكد
((المأساة إذن هي محاكاة فعل تام , لها طول معلوم , بلغة مزودة بألوان من التزيين تختلف وفقا لأختلاف الأجزاء , وهذه المحاكاة تتم بواسطة اشخاص يفعلون لابواسطة الحكاية وتثير الرحمة والخوف في نفوس المشاهدين , فتؤدي إلى التطهير من هذه الأنفعالات .
واللغة  المزودة بألوان التزيين تلك التي فيها ايقاع ولحن ونشيد , وأقصد بقولي تختلف وفقا لأختلاف الأجزاء , ان بعض هذه الأجزاء تؤلف بمجرد استخدام الوزن , وبعضها الآخر بأستخدام النشيد , ولما كانت المحاكاة إنما تتم بأشخاص يعملون فبالضرورة يمكن أن نعد من أجزاء المأساة : المنظر المسرحي ثم النشيد "الموسيقى " , والمقولة , فأن هذه هي الوسائل التي بها تتم المحاكاة , وأعني المقولة تركيب الأوزان نفسه , اما النشيد فله معنى واضح تماما , وفي ناحية أخرى لما كان الأمر أمر محاكاة فعل , والفعل يفترض وجود أشخاص يفعلون , لهم بالضرورة أخلاق أو أفكار خاصة , لأن الأفعال الأنسانية تتميز بمراعاة هذه الفوارق , فأن ثمة علتين طبيعتين تحدان الأفعال وأعني : الفكر والخلق والأفعال  هي التي تجعلنا ننجح او نخفق , والخرافة هي محاكاة الفعل لأنني أعني بالخرافة تركيب الأفعال المنجزة , وأعني بالخلق مايجعلنا نقول عن الأشخاص الذين نراهم يفعلون أنهم يتصفون بكذا وكذا من الصفات , وأعني الفكر كل مايقوله الأشخاص لأثبات شئ أو للتصريح بما يقررون ))(3)
ففكرة المسرح  وأفعاله مرتبطة بالوعي الجمالي والخبرة الجمالية الأدائية للممثل فهو محور نظم العلامات وحامل الخطاب المسرحي والوسيط المسؤول عن توصيل رسالة العرض إلى المتفرج عبر عمليات متعددة يعيها هذا الأخير بفكره وإدراكه بحواسه.
فمهمة الممثل هي التعبير وقدراته الإبداعية يجب أن تكون موجهة نحو التجسيد بأسلوب جمالي ((فعندما ينطق شخص ما بطريقة أدائية فهذا لا يعني أنه يلقي ببساطة عبارة ما، بل إن الشخص هنا يؤدي فعلا ما"))(4 ) فيجسد التعبيرات الدرامية والانفعالية صوتا وحركة ومرتكزا على بواعث ذاتية وموضوعية نلمسها من خلال الأداء السمعي  والحركي والبصري .
 ((يتصور بليخانوف أن علم الجمال المادي يتحرك على أرضية التاريخ وصراع الطبقات، ويدرس تبدل الأذواق والمثل العليا والتصورات الجمالية عبر التطور الاجتماعي، فالفنون مرتبطة بالمجتمع تعكس وتعبّر عن السمات
النوعية لفئة اجتماعية معينة في زمان معين، وتتعلق شتى البنى الفوقية
الايديولوجية ))(5 ).
ان نشوء الظاهرة المسرحية في بلاد اليونان كان لها جذورها وطقوسها الدينية  وتقاليدها وتربيتها كظاهرة مسرحية ا نشأمنها المسرح وجمهوره على حد سواء؛ أما العرب ، وعلى الرغم من امتلاكهم لأكثر من ظاهرة مسرحية، تبلوت في مجتماعتنا العربية  لكنها   ظلت الظاهرة نفسها بلا تقاليد ,واسس لتطويرها نحوالأفضل بينما كانت 
(( القضية في المسرح الأرسطي القديم قضية جبرية ؛ حيث الفعل هو أهم أساس قامت عليه نظرية المحاكاة الأرسطوية بعكس نظرية المحاكاة الأفلاطونية التي ألحت على ( محاكاة الفكرة المثالية المطلقة) فتلزم الفنان يمحاكاة ظل الصورة الأصلية المحفوظة في عالم الغيب . والفعل الدرامي أو الفكرة المطلقة كلاهما سابق الوجود( نظرية الماهية أسبق من الوجود) فالفعل بيد الغيب ( القدرة الإلهية) وما علي الإنسان إلا تجسيده ؛ وهذا هو جوهر الفلسفة المثالية عند أفلاطون وعند أرسطو؛ التي تقف عند حدود تبرير الوجود باعتباره المعطي الإلهي الدي نعيشه ونتفاعل معه على طريقتنا حتى نمضي فيعيشه من يأتي بعدنا ويتفاعل معه على طريقته إلى أن يمضي . وفي التبرير ثبات لظواهر ذلك الوجود على هيئته المعطاة .
ولا شك أن المسرح باعتباره فن الإتصال الجماهيري الحاضر هو ابن عصره يتغير بتغير العصر ،
وكدلك الفكر الفلسفي هو ابن عصره أبضا .))(6)
فكانت للمعرفة والفلسفة  تأثير  في خلق أجواء ساهمت في تطور الفعل المسرحي نحو الأفضل .


المصادر 
---------------------------

أنظر : الحوار و نظرية المعرفة - ناصر السيد النور - صحيفة  التحرير - 9 / 5 / 2017(1)

 (2)أنظر : جون ماكوين - موسوعة المصطلح النقدي - الترميز - ترجمة عبد الواحد لؤلؤة - دار المأمون للترجمة والنشر - بغداد -1990- ص 25

 (3)أنظر :   فن الشعر – ارسطو طاليس – ترجمة وشرح وتحقيق :عبد الرحمن بدوي – القاهرة – مطبعة مصر – مكتبة النهضة المصرية – ص18- ص 19
 (4)أنظر : مارفن كارلسون: فن الأداء، مقدمة نقدية، تر: د/منى سلام، مركز اللغات والترجمة، أكاديمية الفنون، ص29.

 (5)أنظر : الفن والتطور المادي للتاريخ , جورج بليخانوف , ترجمة جورج طرابيشي- دار الطليعة بيروت طبعة 1 - 1977ص22

أ(6)أنظر :  أبو الحسن سلام - التكوين المعرفي في المسرح بين النظرية ومناهج الإخراج
الحوار المتمدن-العدد: 5393 - 2017 / 1 / 5
تابع القراءة→

0 التعليقات:

لمعرفة والفلسفة والمسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


لمعرفة والفلسفة  والمسرح  / محسن النصار 

 فالفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية  التي أسهمت في خلق حرية الفكر و الإبداع في شتى المجالات. إن الفن  المسرحي هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، تقدم أفكارها للمسرح وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير"، أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون. وكان شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة، فمن الإغريق الذين أسّسوا قواعد الفلسفة الأساسية كعلم يحاول بناء نظرة شموليّة للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني دامجين إياه مع التجربة ومحولين الفلسفة الواقعية إلى فلسفة ٱسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية ومذاهب الحداثة ومابعد الحداثة والعدمية حيث  كانت منبعا مهما  في نظريات  المسرح((النظرية هي الإطار المنهجي الفكري النظري المحدد لجوهر خاصية موضوعية لبلورة ماهية النوع وفلسفة وجوده كظاهرة بالكيفية التي هو عليها وسببية وجوده على تلك الكيفية ؛ مع ترسيم حدود تلك الظاهرة علي هيئة اصطلاحية ذات مفهوم محكم منضبط الحدود تؤكد خواص الموضوع وتثبت أسسه وأغراضه ؛ بحيث تشكل النظرية قاعدة جديدة مؤسسة في مجال التخصص النوعي ؛ تعد إضافة إبستمولوجية لاتجاه علمي أو لنوع أدبي أو فني ، أو لنشاط فكري أو علمي مبتكر تأصل وأصبح ظاهرة جديدة مكتشفة عبر تراكمات تطور ذلك النشاط ؛ لتصبح مرجع قياس منهجي يقاس عليها في تنظيم استمرارية تلك الحركة من عصر إلي عصر ؛ وفق الحاجة إلى الموضوعات الفرعية ذات الصلة بالنظرية نفسها . ومن أمثلتها :
- نظرية المحاكاة عند أرسطو.))(1)
فالحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني والمساحة المكانية  والحركة هي المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي ((لكل مادة صورة ولكل صورة مادة مكونة منها هذه الصورة، يقول أرسطو: ((إن المادة والصورة شيئان لا ينفصلان فحسب، بل كل منهما يعتمد على الآخر فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الروح والجسد فلن تغدو مادة ما على شكل ما دون صورة ما ولن تغدو صورة ما لم يكن هناك مادة بشكل ما))(2) وبذلك يمكن التأكيد بان المسرح هو المادة المتكونه من  المؤلف والمخرج والممثل كمضون  وأما الشكل فهو العناصر المسرحية المتعلقة بالديكور, والأضاءة , والموسيقى , والأزياء , والمكياج ,  لأنتاج الحس الجمالي والبصري لصورة المعبرة عن الفكرة الفلسفية لمضمون في العرض المسرحي  ، وقد اهتم المسرح المعاصر كثيرا في بناء الصورة المسرحية المؤثرة   من خلال التجاب في المختبر العملي المسرحي ,لأيجاد  تنوع في الأداء والتشكيل الحركي لدعم  وتكوين عناصر بصرية  وتأطيرها بالتجريب المسرحي ا. ومن أهم هؤلاء المخرجين الذين أعطوا أهمية كبرى لتشكيل الصورة المسرحية حركيا  المخرج الروسي ماييرخولد الذي اعتبر ((أن الكلمات ليست كل شيء، ولا تقول كل شيء، ويجب أن يستكمل المعنى بالحركة التشكيلية الجسدية، بشرط ألا تكون هذه الحركة ترجمة للكلمات: إن حقيقة العلاقات بين الأشخاص، تقررها الاشارات، والاوضاع، والنظرات، ولحظات الصمت...أما الإيقاع، فيجب ألا يكون واحدا بالنسبة للصوت والحركة))(3) والفنان المسرحي المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. وأكد ماييرخولد بعد ذلك على التدريب الفيزيقي لجسم الممثل وصوته وحركته. وتتركز حصيلة شغل ماييرخولد في اهتمامه بالتكنيك كأساس في العملية المسرحية لخلق صورا مسرحية جمالية معبرة . ونجد هذا الاهتمام أيضا لدى ألكسندر تايروف. فالمسرح عند هذا المخرج الروسي:” يتحدد بمعارضته لتقليد الحياة. ولا ينبغي كما يقول أن يكون عين الكاميرا، وهو فن قائم بذاته وله نظامه وتكنيكه الخاص. وفي رأي تايروف أن فن البانتوميم يعتبر من أنقى الأشكال المسرحية، وهو في هذه النقطة يلتقي مع مايير خولد. والممثل عند تايروف يرتكز عمله على الجسم والإشارة، وتشكل حركاته أهمية أكبر من التركيز على الإلقاء الذي كان يخضع في تصوره للأصول الموسيقية والإيقاعية”ويقدم لاوتو الذي اعتبر أن الفنان المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. هذا، ويعد جاك كوپوه من أهم المخرجين الفرنسيين الذين نهجوا منهج الاعتدال والتعقل في مجابهة الواقعية التفصيلية. وقد دخل عالم المسرح من باب الصحافة وعتبة النقد الأدبي، وكان إخراجه يعطي نوع من الاهتمام بالصورة المسرحية  المعبرة، والاشتغال على الفضاء الفارغ على مستوى الديكور والسينوغرافيا. ووظف بيتر بروك في إخراجه لكثير من عروضه المسرحية في بناء صوري  لمشاهد درامية معينة داخل عروضه المسرحية التي استعمل فيها منهجا يعتمد على توظيف مجموعة من التقنيات الإخراجية التي استلهمها من مخرجين آخرين تناصا وتضمينا وتجريبا. ومن هنا، فقد " أفاض بروك في إخراجه عرض مارا صاد عن رؤية متعددة التفاصيل، فالشخصيات تستخدم الماكياج بمعيار مبالغ فيه إلى جانب المبالغة في التشويهات الخلقية والجسدية مع تقديم مشاهد تعبيرية صامتة(ميم) وإضافات صوتية وحركات تعبيرية وضوئية في اعطاء صورا مسرحية . وكل ذلك يختبره بروك لتحقيق أهدافه الفنية التي تمثلت في امتزاج التناغم البريختي مع قسوة آرتو الأمر الذي أثار كيان النقاد في العالم، فهو قد استفزهم وخدرهم وسحرهم"وينطلق كوردون گريگ في كتابه" فن المسرح" من أن جذور المسرح تعود إلى الرقص والحركات الصامتة، وقد رفض فلسفة الواقعية كثيرا. وفي المقابل، كان يدعو إلى المسرح الشامل، وخاصة المسرح الذي ينبني على المسرحية الصامتة، و شعر العرض المسرحي الجامع بين طقوس الكلمة والحركة… وبالتالي، يتحدد المسرح الشامل لدى گريگ في الحدث والكلمات والخط واللون والكتلة والإيقاع في تكوين الصورة المسرحية جماليا

و((تعددت النظريات حسبما تعددت الظواهر والأنواع في كل المجالات تفاعلا مع مستجدات الجدل التاريخي المادي ؛ بما في ذلك الظواهر المسرحية في تنوعاتها المختلفة مابين النص الدرامي والعرض المسرحي وفنون التمثيل وفنون العرض المسرحي ومجالات التلقي ومجالات النقد .
وفيما يتعلق بنظرية الإبداع نجد من بينها ما يؤسس لماهية موضوعه اعتمادا على المحاكاة سواء أكانت محاكاة الطبيعة  طبيعة الفعل، أو طبيعة الفكرة المطلقة أو مجارة لها.))(4)

إن المعرفة والفلسفة والمسرح  نشأت وتطورت عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن المعرفة  مهدت  في منهجيتها الفكرية والفلسفية والجمالية للمسرح كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان
قبل نشوء الفلسفة شكلت الأسطورة إحدى أسس حضارات اليونان والمسرح ارتبط بتــكامل نشوء المدينة الــيونانية تـــماما كمـــا
تطورت الفلسفة بظهور الذاتية الواعية إن الفلسفة والمسرح أسهما في خلق حرية الفكر وتجريبية الإبداع في شتى المجالات.

إفالمعرفة   هي  أحد أشكال الوعي المعرفي و الجمالي  تجد نفسها  داخل المسرح ، فالمسرح  
يقدم  مواضيع فكرية وفلسفية  عن الحياة وعن البيئة المحيطة بالإنسان التي تتطلب منه استيعابها على اعتبار أنها تعبر عن الخبرة الإنسانية وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان .
 ((من جهة أخرى يعرف هنري كوهيي فلسفة المسرح بتمييزها عن عدة مفاهيم خصوصا عن الشعرية وعن الجمالية الدرامية: "هذه، مع ذلك، شيء آخر غير علم نفس الدراماتورج أو الممثل. إنها لا تختلط لا مع فن شعري ولا حتى مع جمالية. فهي تطرح مشاكلها مرة رافضة كل الأبحاث حول تكون الأعمال، وكل النقاشات حول القواعد، وكل جدل حول الجميل: إنها تمسك بالمسرح وتصفه باعتباره جوهرا.غايتها هي طبعا تحديد ما هو جوهري بالنسبة إليه.إن موضوع فلسفة المسرح هو روح هذا الفن مع ما لهذه الكلمة من معنى مزدوج يشمل المبدأ الروحي والنفس الحيوية. إن تعريف ما هو المسرح مع تحديد ما ليس هو، وتحليل بنيته، وقول في أي ظروف يوجد وفي أي ظروف يتخلى عن الوجود، ونقل دلالته للإنسان الذي يريده والذي يبدعه، هو البرنامج".
تتحدد فلسفة المسرح عند هنري كوهيي، وهي تستلهم بيركسون Bergson وجابرييل مارسيل Gabriel Marcel وخصوصا التصور البيركسوني للحدس الجمالي، في منتصف طريق الأصالة والمعاصرة، الجمالية الدرامية والميتافيزيقا، الحتمية والوجودية، الوضعية والتصوف. ورغم أن هنري كوهيي يدافع عن نفسه بكونه يتبنى وجهة نظر أرسطية ("أرسطو المتجاوز")، فإن مقولات التحليل: الفعل، والحبكةّ ، والوحدة، والتراجيدي، والكوميدي، والشخصيات والأجناس، مقولات كلاسيكية. وعلى العكس فإن المصادرةpostulat في الواقع معاصرة وترتكز على معرفة البعد المشهدي للمسرح: "خلق العمل المسرحي ليؤدى. الغاية المقصودة بهذه الكلمة هي انتظار الجمهور، لأن العمل المسرحي لن يكون تماما هو نفسه إلا بحضور هذا الجمهور: "تتأسس فلسفة المسرح على أعمال، ممارسات، جماهير. ويبدأ جوهر المسرح L’Essence du théâtre بأربع شهادات، شهادات أربعة مخرجين من كارطيلCartel: بيطويف Pitoeff، دولان Dullin، جوفيط Jouvet وباتي Baty. وقد أعطيت الكلمة كذلك في الحال للمنجزين الذين يخطط كل واحد منهم فلسفته الشخصية للمسرح. فلويس جوفيط Louis Jouvet مثلا الذي يحلم بجمالية تختلط فيها الوضعية والتصوف يرى أنه: "عند "إحياء" جمالية درامية قد تُضلنا الكلمة ولا تضلنا البنية. إنها تقول حصرا وتماما ما لديها لتقول. لهذا أحلم أحيانا، على غرار كيفييCuvier، أن أستطيع دراسة الفن المسرحي، في بضعة أيام، انطلاقا من معماريته، وإيجاد الوظيفة الأسخيلوسية eschylienne بناء على هيكل ديونيزوس Dionysos أو ابيدور Epidaure، تلك الوظيفة التي نجدها لدى شكسبير في آثار هذا الحيوان المنقرض الذي اسمه مسرح "الكلوب"، أو لدى موليير من خلال فضاء فرساي حيث قدم عروضه المسرحية. وبإيجاز يمكنني من خلال حجرة، تماما مثل فقرة من هيكل، إقامة الجسد الكبير الحي من ماض غريب ))(5)"
ويجب على الممثل أن يخلق شخصيته من خلال الكشف عن روحه الإنسانية عبر تجسيدها على نحو طبيعي على خشبة المسرح في شكل فني للكشف عن العالم الداخلي للإنسان، لذلك يجب الجمع بين العمل الجسدي والنشاط العقلي فهذا الأخير يتطلب أقصى حد من الهدوء العضلي وهذا معناه أن الممثل حينما ينجح في تركيز انتباهه على الموضوع المطلوب يختفي التوتر العضلي الزائد، إن الغرض هو أن نكشف عن العالم السيكولوجي المعقد للممثل فكلما تحكمنا في النشاط العصبي كلما استعد الجسم كله لأنه مرتبط بالإحساس بقوته الكاملة واستعداده للخروج من حالة السكون للقيام بأية مهمة عضلية، فسيطرة الممثل على جسمه أمر ضروري ومؤكد للانسجام مع عمله وهذه الأمور لا يمكن أن تنجح إلا بإتقان الممثل لفن الإلقاء وتشكيل كلامه على نحو جيد وواضح لإيصال المعنى، الفلسفي  المؤثر.

المصادر :
----------------------------
 (1)أنظر : أبو الحسن سلام – نظرية المسرح – قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
 (2)أنظر : أ.د.عقيل مهدي - كتاب السؤال الجمالي - سلسلة عشتار الثقافية- اصدار جمعية التشكيليين العراقيين-بغداد 2007. ص 120
 (3) أنظر :سعد أردش -كتاب المخرج في المسرح المعاصر - سلسة عالم المعرفة 19 الكويت , ص234
 (4)أبو الحسن سلام - نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
(5) أنظر : الفصل الثالث من القسم الأول من كتاب ( الجمالية المسرحية ) تاليف : كاثرين نوكريت ترجمة: م. أحمد حسيني
تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأزياء وتفاعلها مع حركة جسد الممثل / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


الأزياء وتفاعلها مع حركة جسد الممثل / محسن النصار 


تعتبر الأزياء المسرحية من العناصر الفنية  الأساسية المكلمة للعرض المسرحي حيث تعيش كل عناصر العرض البصرية في ارتباط فني وداخلي متشابك حيث تتجمع وتتضامن لكي تخلق سينوغرافيا عرض رائعة وجميلة فالممثل عندما يتفاعل مع الزي الذي يظهر حركة الجسد وأبعاده 
الحقيقية لأنه يمتلك دلالات ترافق وضعيات الجسد والزي يؤثر في حركة الجسد مشيا ووقوفا وجلوسا فمثلا لايمكن ان تنجح ممثلات في اداء دور الساحرات في مسرحية مكبث لوليم شكسبير دون تصميم الملابس الخاصة للساحرات والتي تسمح 
للممثلات بالقدر الكافي من الحركة والمرونة الجسدية ,وعندما يطلب من من الممثلات ان يتحركن حركة عنيفة او قوية فمن الضروي عدم اتعابهن بخامات ثقيلة او معرقلة للسير ,اي ان تكون الأزياء مناسبة من كافة النواحي 
المتعلقة بأبعاد الشخصية المراد تمثيلها , فالزي يقوم بتعريف الجمهور بأداء الدور الذي يؤديه الممثل من خلال الزي الذي يرتديه حيث يعمل على خلق ايهام العمر والمهنة والجنس رجل او أمرأة وزي الممثل يساهم في أعطاء مغزى للمسرحية فيتمكن المصصم من خلال المسرحية على أيضاح الأختلاف في بناء 
الشخصيات وطبقاتها الأجتماعية وفارق العمر فيما بينها وأمزجتها فعندما تتحرك الشخصية أو تلفظ جملة واحدة يعرفها الجمهور ,أذا كانت شابة أو امرأة كبيرة او شابا او رجلا كبيرا غنيا كان او فقيرا ,واما مزاج الشخصية له 
اهمية من ناحية الزي فأزياء الشخصية المرحة يختلف عن زي الشخصية الحزينة 
بغض النظر عن تطابق ظروفها وموقعها فمزاج الشخصية يتغير كلما تطورت الأحداث
في المسرحية من مشهد الى أخر فتأتي الأزياء لتكشف الأفكار غير الظاهرة للشخصية ويتم تصميم الأزياء لأعطاء انطباع عن الشعور الداخلي المجهول والذي
يمثل مفتاح الشخصية .وللمخرج المسرحي اهمية كبيرة في اختيار أزياء المسرحية وتختلف معاملة المخرج مع مصمم الأزياء فمنهم من يعمل على تقيد مصمم الأزياء نوعا ما ومنهم من يلغي وجود مصمم الأزياء المسرحية ويضع التصاميم مع الأخراج لكن الدراسات الحديثة أثبتت على تفهم العلاقة بين المخرج ومصمم الأزياء من خلال حضور المصصم البروفات اليومية للمسرحية وقراءته للنص , وان خلق الوحدة الفنية لعناصر العرض المسرحي تعد مهة اساسية
لابد من التأكيد عليها من قبل المخرج فهي لابد ان تتركز على اتباع الطريقة العلمية في خلق العرض المسرحي ابتداءا من األأهتمام بكادر المسرحية والمسرح الذي تعرض عليه المسرحية وتوفير جميع الأحتياجات الأنتاجية 
للممثلين والمصممين وغيرهم من كادر العمل المسرحي ,والمخرج لابد ان يهتم 
بالجانب الفني والجمالي والتقني لعناصر العرض المسرحي والأتفقاق مع المصممين حول اسلوب العمل وتذليل كل الصعاب امام المصممين وخاصة مصمم 
الأزياء المسرحية فوظيفته كأختصاص يعد من اكتشافات المسرح المعاصر عندما دعت الحاجة الى متخصص في كل عنصر من عناصر العرض المسرحي وان عمل مصمم الأزياء المسرحية يتطلب منه مجهودا كبيرا عند المباشرة بعملية تصميم أزياء الشخصيات ,فيجب عليه ان يقوم أولا بدراسة الفكرة الأساسية للنص المسرحي وفق
مايريده المخرج من أبراز الفكرة الأساسية لشخصايات المسرحية من كافة جوانبها وابعادها ثم تأتي مرحلة التصميم ثم انتقاء نوع القماش ثم البدء في عقد جلسات نقاش مشتركة بين كافة مصممي العناصر المسرحية الأخرى ,ويعتبر مصمم الأزياء في المسرح من اكثر المصممين حرية في التصميم لكونه يتعامل 
احيانا مع حقائق تاريخية ثابتة كالنقل الدقيق للأزياء التاريخية او التعامل
مع زي الشخصية وفق المتطلبات الفنية الملائمة لسينوغرافيا العرض المسرحي


وإنّ استعمال لباس خاص بالتمثيل الدرامي يعود كالقناع إلى فترة المواكب الذبائحية الأولى، ويعود إدخال اللباس عبر الفنون التشكيلية (رسم – تلوين - نحت) إلى "اسخليوس". ويتألف زي الممثل في المسرح الإغريقي - بالإضافة للقناع- من الحذاء والعباءة الخارجية والثوب والأشياء المستخدمة في حشو الجسم وغطاء الرأس.


- الحذاء، وله عدة أنواع: "كوثورنوس Kothornos"، وهو حذاء يرتفع ارتفاعاً ملحوظاً عن الأرض، يُصنع من شرائح خشبية متطابقة وملونة بشتى الألوان وأحياناً يصنع من الجلد أو اللباد أو الفلين كان بعضها يرتفع إلى 25سم، 30سم وكانت خاضعة بارتفاعها لمكانة الأشخاص فللملك والوزير أعلى الأحذية.


وكان لأفراد الجوقة حذاء أقل ارتفاعاً يدعى "الكريبيس Krepis"، وقد ابتكره "سوفوكليس" وهذا النوع أخف من سابقه لأن على الجوقة القيام بسلسلة حركات لم تكن ممكنة بالكوثورنوس حيث أنه (الكوثورنوس) في الوقت الذي يضخم حجم الشخوص رمزياً، وأدبياً أيضاً- يقلص بارتفاعه وثقله، إمكانية تنقلهم ويثقل كل خطوة، ويفرض أسلوباً تمثيلياً يرتكز على جمود الممثلين شبه الكامل، وهذا ما يعطينا تأثيراً واضحاً للنحت (الحذاء الضخم لتضخيم الممثل) على الرقص (التمثيل والحركة) وكما أن شكل المسرح ومقتضيات المكان، حيث أن الجمهور كان يحتل مكاناً يبعد كثيراً عن مكان التمثيل، أضفت على الأزياء ومنها الحذاء ضرورة إبراز وإظهار الممثل، فهي تزيد من ارتفاع قامته لكي يتضح له كيان واضح فوق خشبة المسرح، هذا بالإضافة إلى القناع وحشو الملابس، وكذلك ليكون له إيحاءاً أدبياً أو رمزياً بأن هذه الشخصيات فوق مستوى البشر.
-حشو الجسم: وقد استخدم الإغريق صدرية وبطناً مستعاراً وفوقهما قميص يشدهما إلى الجسم ويغطي سائر الأعضاء وذلك لتضخيم الجسم بالأقمشة والوسائد بما يتناسب وضخامة القناع والحذاء ولا يخرج عن قوانين الجمال والتناسب إلا في رداء الكوميديا مما أعطى للمثل طولاً وضخامة.

-الألبسة: كان يتألف اللباس التراجيدي الإغريقي من عنصرين هما القميص المتعدد الألوان- ويدعى "بيليكوس" والرداء "ايبيبليما". وأما الأول: "بيليكوس" فهو ثوب طويل حتى العقبين وفي الحياة الواقعية كان لا يتجاوز الركبتين، كذلك أطالوا الأكمام حتى تغطي اليدين بصورة كاملة أو حتى الرسغين وفي الواقع كانت حتى المرفقين، وجعلوا الحزام الذي يشد إلى الوسط في الحياة الواقعية يرتفع فيشد على مستوى الصدر ويسمى "ماسخاليستر". وقد فعلوا كل هذا التعديل عن اللباس في الحياة الواقعية لكي يسبغوا على الممثل مسحة طول القامة.

وكذلك فقد كان الثوب "البيليكوس" محاكاً أو ملوناً بألوان زاهية ومغطى برسوم مقتبسة من أشكال بشرية وحيوانية ونباتية وغيرها. وذلك لكي يحظى الممثل بانتباه الجمهور.

أما الرداء الخارجي "الايبيبليماتا" فكان منه أنواع ونماذج متعددة منها مثلاً "هيماتيون Himation" وهو رداء واسع يلف الجسم كله وكذلك "خالامودي chalamode" وهو قصير وينسدل عن الكتفين. وكذلك فقد وجدت قطع ملابس معدة لشخصيات معينة، فمثلاً كان ديونيزوس يرتدي قميصاً طويلاً أصفر، وللملك ثوبٌ أرجواني وللملكة عباءة بيضاء مشغولة باللون الأرجواني.. ولم تكن هذه الألبسة في التراجيديا الإغريقية تطابق في ترفها وألوانها الزاهية الألبسة اليومية بل كانت تأويلاً حراً وخيالياً للباس القومي الإغريقي. غطاء الرأس، وكان له غرضان رئيسيان:

أ- إكساب الممثل طولاً على طول.

ب- إحياء الصبغة المحلية للدور فلكل شخصية غطاؤها.

وكذلك فقد استخدمت أدوات خاصة بالأزياء كالدروع للمقاتلين والسيف أو القوس للأبطال وصولجان للملك وعصا للمسنين.. ولقد كان للرموز والأسلوب هيمنة واضحة في التراجيديا خصوصاً على الواقعية في التمثيل.





تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9