أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

السبت، أغسطس 06، 2011

المسرح الجاد / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أغسطس 06, 2011  | لا يوجد تعليقات

المسرح الجاد

تقوم فكرة المسرح الجاد على أيجاد المضمون والشكل أو الرؤية؛ لكي تقدم بأفكار متقدمة من النواحي الجمالية والفلسفية والفكرية والثقافية والأجتماعية وتأكيدها في المسرحية ، وكلمة جاد مرتبطة بالجدية والحداثة التي تخاطب مختلف التيارات الفكرية والفلسفية والسياسية والعقائدية. بدأ المسرح كشكل طقسي في المجتمع البدائي ، وقام الإنسان الذي انبهر بمحيطه بترجمة الطقس إلى أسطورة ، ولتكون الصورة هي مقدمة للفكرة التي ولفت آلية الحراك العفوي ، ثم الانتقال بهذا الحراك إلى محاولة التحكم به عبر أداء طقوس دينية أو فنية كالرقص في المناسبات والأعياد, وولادة حركات تمثيلية أداها الإنسان للخروج عن مألوفه .. وأفكار التقطهاوطورها فيما بعد الإغريق وأسسوا مسرحهم التراجيدي ، ومنذ ذلك الحين والمسرح يشكل عنصرا فنيا أساسيا في المجتمع ، ويرصد جوانب مختلفة من الحياة الأنسانية ، ومع كل مرحلة نجد أن المسرح يواكب تغيراتها وفق رؤى جدية غير تقليدية ، و تبعا للشرط ( الزمكاني ) شهد هذا الفن قدرة كبيرة على التجدد من المسرح التراجيدي الكلاسيكي الى الرومانسي والى كلاسك حديث إلى الواقعي والطبيعي والرمزي والسريالي واللامعقول ومسرح الغضب ، والسياسي وفي كل مرحلة من مراحل تطور المسرح تحمل بدون شك بعدا جديا وتجريبياً تتمثل إشكاليات تلك المرحلة وتعبر عن ظروفها الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية , المسرح الجاد يؤكد قدرة المسرح على أستيعاب التجارب السابقة وإعادة صياغتها ، نحو الحداثة والخروج من العلبة الإيطالية إلى الفضاء المفتوح ، وتناول عناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي ( التكامل والتوازن بين الكاتب والمخرج والممثل والجمهور) بطرق جديدة وبما أن أهم سمة في المسرح الجاد هي المعاصرة نحو التحولات المعرفية والتي هدمت كثيرا من الحواجز و كانت مقدمة لولادة الأفكار المعرفية الكونية ، فأثبت المسرح الجاد وجوده ليواكب الحداثة بكل مكوناتها ، و أثبت وجوده في العالم كله ، خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين ، حمل شرف ولادة مسرح اللامعقول على يد يوجين يونسكو وصموئيل بيكت وفرناندوا أرابال .. هو مسرح الكل بامتياز أوربي – عربي – أمريكي.. الكل ساهم ويساهم في تطويره ووضع خصائصه .. و يمتاز المسرح التجريبي بتجاوزه لكل ما هو مألوف وسائد ومتوارث و الإيتان التجريبي إمكانية تجاوز الخطوط الحمراء البنوية والشكلية من خلال ( جسد ، فضاء ، سينوغرافيا ، أدوات ) .. ومنها : - تفكيك النص و إلغاء سلطته ، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب ، والتخلص من الفكرة ليقدم نفسه يحمل هم التجديد والتصدي لقضايا معاصرة ويوحد النظرة إليها عبر رؤيا متقدمة ،أو على الأقل رؤيا يمكننا من خلالها فهم ما يجري حولنا عبر صيغ جمالية وفنيةوفلسفية ، لكنها في جوهرها تمثل جزءا من مكاشفة يتصدى لها المسرح كفن أزلي باقٍ مادام الإنسان موجودا . السينوغرافيا والفضاء المسرحي ويتأتى دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأيحاءات والعلامات والأدوات المتاحة لمحاكاة المتفرج .. أسئلة مطروحة أمام المسرح الجاد : تقف أمام المسرح الجاد كثير من الأسئلة ، ويحاول المسرحيون تجاوزها عبر المختبر المسرحي ، ومن هذه الأسئلة : لماذا لا تكون اطروحات العرض أكثر منطقية عبر توظيف عناصر العرض وفق توليفة متكاملة للغة والحركة والإشارة والعلامة ؟
لماذا لا يستفيد من التراث الشعبي ؟ ماذا عن الغموض ؟ - لماذا القسرية في إقصاء الخاص لصالح العام ؟ وهل يمكن أن ينجح ذلك ؟ - ماذا عن اللغة ؟ وهل هي عائق أمام انتشاره العالمي ؟ يبقى المسرح الجاد تجريب لضرورة من ضرورات الحياة بمجملها ، والمسرح يطرح أسئلة كبيرة وهذه إحدى مهامه الأساسية ، ويعكس إلى حد كبير الهواجس التي تعتري باطن الإنسان قبل ظاهره ، ورغم الأسئلة المطروحة وجديتها ، تجد المسرحية أفكارا وفلسفة للنص ،وبالتالي خلق فضاء أوسع للأداء عبر صيغ جمالية مؤثرة ذات دلالة معبرة .. كما توظف الإضاءة والحركة والموسيقى والرقص على حساب النص , المخرج هو المحور في العرض , الممثل هو أداة في تشكيل العرض الحركي .
تابع القراءة→

0 التعليقات:

أنطــــــــــون تشــيكـــــــــوف (1860- 1904)

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أغسطس 06, 2011  | لا يوجد تعليقات

أنطــــــــــون تشــيكـــــــــوف (1860- 1904)



قصصي أبدع في كتابة القصة القصيرة ومؤلف مسرحي . بدأ تشيكوف الكتابة كي يسدد نفقات دراسته للطب ومع الزمن تحولت هذه الوسـيلة إلى غاية فترك الطـب وأخـذ يكتب القصص القصيرة والمسـرحيات حتى أمسى في رأي الكثيرين أعظم قصصي وكاتب مسرحي في روسـيا. 

بدأ تشيكوف باكورة إنتاجه المسرحي في مطلع ثمانيات القرن التاسع عشـر. وكانت معظم مسرحياته المبكرة ذات الفصل الواحد متأثرة بمسرحيات " نيـكولاي غوغول" الهزلية الساخرة وتضم مجموعته هذه "منولوجين" : " المحاضرة الهزلية عن مضار التدخين" و " أغنية الأوز". من أفضل مسرحياته: " الزفاف" (1889). و"اليـوبيـل" (1891). و" عرض الزواج" (1888). و" الدب" (1888) و "تراجـيدي رغم أنفه" (1889) و " روح الغابات".

أخرجت مسرحيته الرئيسـة " ايفانوف" في العام 1887 ثم تبـعتها كل من " النورس" , و"العم فـانيا" و " الشـقيقات الثلاث" وعمله الأخيـر" بسـتان الكــرز". 

كثير من النقاد من روسـيا أو خارجها حاولوا دراسة قدرة تشـيكوف الفريـدة في الكتابة المسـرحية. واشار النقاد إلى أن مسرحياته تخلو من الحـبكة والذروة الدرامية وأن أشخاصه لا يتحاورون وإنما يرددون مونولوجات داخلية متوازية ، تعكس أحلامهم وأوهامهم ورؤاهم. وبعض النقاد يتحدث عن تشيكوف ككاتب واقعي وبعضهم يصفه بالواقعي السايكولوجي. وليس من الصعب تسمية واقعية تشيكوف " رمزية" أو "انـطباعية" وذلك لاعتماده على الرموز والتأثيرات الصوتية.

إن العنصـر الذي جعل من تشـيكوف درامياً عـظيماً هو إحســاسه بالمصـير الإنسـاني الموجـع. ومع هذا فقد منعت مسرحياته بعد الثورة البلشـفية إلا أن الثورة سرعان ما اعتبرته ناقـداً واقعياً لعهد القيصــر ، فصار تشـيكوف أحد أنبياء الثورة.

المراجع

- د. فاطـمة موسى ، موسوعة المسـرح ، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

- جون غاسنر- إدوار كون ، قاموس المسرح ( مختارات من قاموس المسرح العالمي) ، ت: مونس الرزاز، المؤسسة العربية للدراسات والنشــر- بيروت.
تابع القراءة→

0 التعليقات:

صــــــــلاح عبـــد الصبــــــــــور ( 1930 ـ 1981 )

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أغسطس 06, 2011  | لا يوجد تعليقات

.

صــــــــلاح عبـــد الصبــــــــــور ( 1930 ـ 1981 )


شاعر وناقد ويعد من رواد الشعر الحديث والدراما الشعرية في مصر. ولد بالزقازيق عام 1930م أكمل دراسته حتى وصل إلى الجامعة حيث تخرج في جامعة القاهرة في كلية الآداب قسم اللغة العربية ، أخذ يكتب الشعر في سن مبكرة وكان ذلك في مرحلة دراسته الثانوية ، ثم أخذ ينشر قصائده في مجلة الثقافة القاهرية والآداب البيروتية.

شغل صلاح عبد الصبور عدة أعمال ، حيث عيّن بعد تخرجه مدرسا بوزارة التربية والتعليم إلا أنه استقال منها ليعمل بالصحافة ، وفي عام 1961م عيّن بمجلس إدارة الدار المصرية للتأليف والترجمة والنشر، وشغل عدة مناصب بها.

اطلع عبد الصبور على الشعر الأجنبي وأعجب بشعر الإنجليزي ت . س إليوت وتأثر به ، وفى منتصف الستينات خاض أول تجربة له في الدراما الشعرية فكتب مسرحيته: " مأساة الحلاج " عام 1965، وقد كان تأثره في هذه المسرحية بالشاعر الإنجليزي إليوت واضحا جدا ، وهذه المسرحية جاءت شبيهة بمسرحية إليوت: " جريمة قتل في الكاتدرائية ".

تنوعت أعمال صلاح عبد الصبور بين المسرحيات التي كتبها ، وبين دواوينه الشعرية وبين دراساته ومقالاته الأدبية 

كتب عبد الصبور خمس مسرحيات هي :

1ـ " مأسـاة الحلاج " وهي تعالج قصة استشـهاد الحسـين بن المنصور ـ المشهور بالحلاج ـ في بغداد عام 309 هـ ، بعد محاكمة أمام ثلاثة قضاة، وتتخذ من شخصية الحلاج ـ الذي كان شاعرا منصوفا ومصلحا اجتماعيا في آن واحد – مناسبة لطرح قضية الالتزام : وإلى أي حد يجوز للمفكر أن يلتحم بمشكلات عصره ؟ وهل يقتصر على تسجيل رأيه أم ينزل إلى حومة الفعل المباشر ؟ وهل له الحق أن يحاول تغيير الضمائر أم يعمد إلى العنف الثوري ؟! . 

2ـ مسرحية: " مسافر ليل ". وهى مسرحية طليعية قصيرة تأثر فيها عبد الصبور بمسرح العبث ، موضوعها القهر والانهزام أمام السلطة .

3ـ مسرحية: " الأميرة تنتظر". ولجأ فيها الكاتب إلى عالم الأساطير وأجواء ألف ليلة وليلة ، وتتحدث عن قصة الأميرة ووصيفاتها الثلاث ، وهي تصور ما يتعرض له الإنسان من قهر وظلم.

4ـ مسرحية: " بعد أن يموت الملك ". وتتناول فكرتها الرئيسية الصراع بين الخير والشر ، وتنتهي بانتصار الخير على الشر بعد صراع عنيف بينهما.

5 - مسرحية: " ليلى والمجنون ". تتصف هذه المسرحية الشعرية بالطابع الاجتماعي ، حيث إنها تتناول قضية تمس المثقفين في مصر قبل ثورة 1952 الذين فقدوا القدرة على الحب ، تدور معظم أحداث المسرحية قبل ثورة 1952. وهي تحكي قصة مجموعة من الصحفيين الشباب فقدوا القدرة على الحب بسبب المناخ العام ، ويطرح رئيس التحرير حلاً لأزمتهم وهو أن يقوموا بتمثيل مسرحية رومانسية عن الحب ، ويختار لهم مسرحية: " مجنون ليلى " لأحمد شوقي، ويظهر التباين الشديد بين العاشقين ليلى والمجنون ونظيريهما المعاصرين ليلى وسعيد. كان قيس عند ـ أحمد شـوقي ـ عاشقا صاحـب قضيـة فرديـة، أما سعيد ـ عند صلاح عبد الصبور ـ فكان على النقيض عاجزا عن الحب مهزوما تثقله ذكريات الطفولة الأليمة ، فتتحول ليلى إلى حسام الذي يكشف عن وجهه القبيح بكتابة التقارير عن زملائه في الجريدة ، يسجن سعيد لاعتدائه على حسام ، ويتفرق أفراد الجماعة محبطين ويمضي كل منهم في سبيله ، بعد أن استسلموا للعجز واليأس.

المراجع

([1]) د . فاطمة موسى . قاموس المسـرح ، الهيئة المصرية العامة للكتاب . ص 1002 . 

(2) ماهر شفيق . " مسرح صلاح عبد الصبور، ملاحظات حول المعنى والمبنى " . مجلة فصول . المجلد الثاني .العدد الأول أكتوبر 1981 . ص 118.
.
تابع القراءة→

0 التعليقات:

نعمان عاشور 1918 ـ 1987

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أغسطس 06, 2011  | لا يوجد تعليقات

نعمان عاشور (1918 ـ 1987)


ولد نعمان عاشور بمدينة ( ميت غمر ) بمحافظة الدقهلية عام 1918. اكتسب حبه وعشقه للمسرح وهو صغير من والده الذي كان دائم التردد على مسارح شارع عماد الدين بالقاهرة، وخاصةً مسرح الريحاني، مما جعل نعمان عاشور يتأثر تأثراً بالغاً بكوميديا الريحاني الانتقادية الاجتماعية الساخرة.

كان نعمان منذ طفولته مغرماً بالاطلاع والقراءة، ولعل الحظ أتاح له ذلك حيث أن جده كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم العديد من المؤلفات في مختلف العلوم والميادين من كتب التاريخ والأدب والدين وغيرها، فأخذ نعمان الصغير، ينهل من هذا المعين الذي لا ينضب، مما أثرىـ ولا شك ـ من معارفه وصقل ثقافته وهو صغير.

أكمل نعمان دراسته حتى وصل إلى الجامعة فتخصص في اللغة الإنجليزية من ضمن تخصصات كلية الآداب، وحصل على الليسانس فيها عام 1942، وكانت هذه الجامعة جامعة فؤاد بالقاهرة.

طوّر نعمان معلوماته عن المسرح، وأتاحت له الفرصة أن يمثل، فكان يمثل سنويا في مسرحية من مسرحيات شكسبير مع زملائه، وكانت هذه العروض السنوية يقدمها قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة. وأخذ نعمان يتعرف على المسرح أكثر فأكثر وقرأ عن المؤلفين المسرحيين الأجانب المشهورين مثل برنارد شو، وإبسن، وتشيكوف، وقرأ أعمالهم، وتأثر بالواقعية الاجتماعية عندهم.

اتصل نعمان بالحركة الأدبيـة التي برزت في مصر في أعقاب الحـرب العالمية الثانية، والتي اهتمت بمشكلات المجتمع وهمومه، وشارك نعمان في الحركة السياسية ضد الاحتلال وضد الاستغلال والظلم الاجتماعي قبيل الثورة، فألقي القبض عليه مرتين، وبرز اسمه بين كتيبةٍ من الأدباء والمثقفين الشباب من طليعة النهضة الأدبية والفنية في الخمسينات والستينات.

عين عام 1943 ببنك التسليف الزراعي بالقاهرة، وفى عام 1952 نقل إلى وزارة الشئون الاجتماعية، ثم إلى وزارة الإرشاد القومي ومصلحة الفنون والرقابة على المصنفات الفنية، وفى عام 1958 فصل من الرقابة وعينّ محرراً بجريدة الجمهورية حتى عام 1964 حيث استبعد مع بعض المحررين للعمل بالهيئات والمؤسسات العامة ثم انضم لتحرير أخباراليوم وظل بها حتى وفاته فيما عدا ثلاث سنوات في أواخر السبعينات أمضاها في الكويت وكانت وفاته عام 1987.

أصدر نعمان عاشور مسرحياته في مجلدين عن الهيئة المصرية العامة للكتـاب، المجلد الأول سنـة 1974 ويحتوي علـى مسرحيات: " المغناطيـس "،و " الناس اللـي تحت "، و " الناس اللي فوق "، و " وسيما أونطة "، و " جنس الحريم ".

والمـجلد الثاني سنة 1976 ويحتوى مسرحيات : " وابور الطحين "، و" عائلة الدوغري "، و" ثلاث ليال "، و" بلاد بره "، و"سرالكون ". إضافة إلى مسرحيات أخرى.

وأهم ما يميز، مسرح نعمان عاشور أنه يضع يـده مباشرةً على واقعٍ ندركه أو نحسه، ولكننا لا نملك تفسيره، أو هو يترجم الإدراك والإحساس إلى حركةٍ موضوعية بين طبقات المجتمع.

واهتم نعمان عاشور بالمجتمع المصري اهتماما كبيراً، وتناول هذا المجتمع في مسرحياته على محورين أساسيين هما:

1 ـ محور السياسة. وصوّر فيه هموم الشعب المصري بسبب فساد السياسة والسلطة الحاكمـة. وتجلّى ذلك بوضوح في عـدة مسرحيـات من أهمها مسرحـية: " عفاريت الجبانة "، و " وابور الطحين "، و"حملة تفوت ولا حد يموت " وغيرها.

2 ـ محور المجتمع المصري ومشاكله. وصوّر فيها المشاكل التي يعاني منها الشعب المصري في ذلك الوقت وذلك واضح في مسرحياته العديدة، ومنها مسرحية: " الناس اللـي تحت "، و " الناس اللـي فوق "، و " عيلة الدوغري "، و" صنف الحريم "، و " المغناطيس " وغيرها.

وسنأخذ مثالاً لمسرحيات نعمان عاشور الاجتماعية، مسرحية: " الناس اللي تحت ".

مسرحية " الناس اللي تحت " تصور تلك العلاقات الاجتماعية الجديدة التي كانت انعكاساً لثورة 1952 وقوانينها التي حاولت وضع إطارٍ من العدالة الاجتماعية يعمل على تحقيق نوع من الأمان من جهة ، وإزالة الفوارق الطبقية من جهة أخرى بين الطبقة الدنيا والوسطى.

تصور هذه المسرحية البنية الاجتماعية للمجتمع المصري، ورد فعلها على المتغيرات الاجتماعية التي أحدثتها الثورة في سنواتها الأولى. ويدور الحدث في هذه المسرحية ما بين حي المنيرة وهو أحد الأحياء التي كانت تقطنها البرجوازية الوسطى بالقاهرة ويقع ما بين: (جاردن سيتي) حي البرجوازية العليا والإقطاع؛ والسيدة زينب الحي الشعبي المعروف، وهنا استخدام ذكي لنعمان عاشور لدلالة المكان درامياً، وأيضاً إشارة إلى رحيل فكري ومنيرة إلى كوبري القبة، وهو الذي يقع جغرافياً ما بين القاهرة القديمة ومصر الجديدة، وهنا أيضاً دلالة مكانية للمكان الذي يعتبر معبراً بين مصر الجديدة ومصر القديمة. 

أما مصر الجديدة فقد استخدم نعمان عاشور الاسم للدلالة الأكثر شمولية على الحياة الجديدة لمصر كلها، وليعبر بها عن حلم الثوريين ببناء مصر الجديدة.

تحتوى المسرحية العديد من الشخصيات التي تنتمي إلى إحدى الطبقتين والتي تسكـن في بدروم بيت السيدة بهيجة، وتظهـر المسرحية شخصـيتي فكري ومنيرة ـ وهما من الطبقة الدنـيا ـ وقد قررا أن يتركـا الخدمة في عمارة السيـدة ـ الثرية ـ بهيجة هانم، ليبحثا عن عمل في مصر الجديدة، خاصة أن الأوضاع قد تغيّرت بعد الثورة المصرية عام 1952. وأما الأستاذ رجائي الأرستقراطي فرضي أن يعيش عالةً على زوجته بعد أن كان صاحب غنى، بينما يهرب كل من: عزت الرسام، ولطيفة ـ من الطبقة الدنيا ـ من البدروم بإرادتهما، فيهربان نحو مستقبل أفضل، بعد أن تكشف لطيفة الفساد الذي يسود الأعمال الحرة، وتقتنع بضرورة صنع مصر الجديدة.
وتنته كوميديا " الناس اللي تحت " بهروب أبناء الطبقتين ـ الوسطى والدنيا ـ من البدروم من مصر القديمة إلى مصر الجديدة ليحاولوا بناءها، وكل يرجع إلى طبقته الاجتماعية، فبهيجة تشعر أن الثورة قامت للقضاء عليها، وتعكس هذا الإحساس في إساءة معاملة سكان البدروم، بينما يعكس الأستاذ رجائي رد فعل أبناء طبقته، تجاه الثورة التي لم تبقي لهم إلا على ذكريات الماضي يعيشون عليها، بعد أن سلبت منهم ما سلبوه وردته إلى أصحابه، ولم يجد أمامه إلا أن يترك قصره ويسكن البدروم، رمزا على زوال مجدٍ سابق، وليكون طبقةً جديدة في البنية الاجتماعية التي أصابها التغيير، خاصة في أدوار أفرادها. ويمثل رجائي تلك الفئة التي تظهر تعاطفاً مع الثورة، ولعجزه عن المشاركة في الفعل، يقرر الانسحاب من هذا المجتمع .. ليقف موقف المتفرج. ويحاول أن يرتبط بالإقطاع العقاري الزائل، والذي أصبح القانون يحد من سلطانه واستغلاله وينصف أصحاب الحق من أبناء البدروم.

وللاستدلال على الدلالة الرمزية للمكان، والتلميح على البنية الاجتماعية الجديدة بعد الثورة نلاحظ ذلك من خلال الحوار بين فاطمة، وعبد الرحيم ، ورجائي:

" فاطمة: لطيفة خرجت يا سي عبد الرحيم
عبد الرحيم: راحت فين، خرجت إزاي
فاطمة: سافرت مع عزت .. سافروا مع بعض خلاص
رجائي: ( وينطق ضاحكاً ) ها .. ها هو ده الكلام الجد راحو مصر الجديدة .. وسابونا في المنيرة ..
رجائي: يا فاطمة مصر الجديـدة مـش هي دي بـلد .. دي وطن ما تعرفيهاش انتـي …يصح تكون في إسكندرية .. أو في بنها أو في أسيوط في كل حتـة موجودة ".

والحقيقة أن نعمان عاشور في مسرحيته هذه تكشف شخصيات المسرحية دخيلة نفسه وما يجول فيها فهو يشجع الثورة ويشجع التغيير ويرى أن مصر القديمة بكل سلبياتها وإيجابياتها يجب أن تتحول إلى مصر الجديدة، مصر المستقبل، مصر التي تأخذ بكل ما هو جديد نافع في كافة المجالات بسبب التقدم الرهيب في التكنولوجيا والصناعات. ولعل أبرز مثال على ذلك شخصية عزت في حوارات عديدة منها:

" لطيفة: الغرابة يا عزت لك أفكار 
عزت: مش حقيقة؟!
لطيفة: حقيقة .. بس بعيدة عن أفكار الناس 
عزت: إزاي!! هي الناس مش عارفين أسباب المصايب اللي كانوا عايشين فيها!! أمال قاوموا الإنجليز ليه، وحاربوا الإقطاع ليه؟ الناس دايماً ضد اللي يظلمهم ومع اللي ينصفهم.
لطيفة: دى صحيح يا عزت.
عزت: والحلم اللي باحلمه صحيح يا لطيفة .. إحنا داخلين على حياة جديدة ولازم نعيش في مصر تانية .. مصر جديدة ".
إذاً اختار نعمان عاشور شخصية عزت ليعبر من خلالها عن مضمون رؤيته ووجهة نظره الشخصية، وهي نظرة مستقبلية في ذاتها فنراه يقول:
" عزت: أنا وظيفتي الرسم. التعبير بالرسم عن الحياة الشؤم اللي إحنا عشناها في مصر القديمة .. والحياة الصحيحة النظيفة اللي يجب كلنا نعيشها النهارده وبعد النهارده في مصر لما تبقى جديدة ".

إن الدكتور محمد مندور يرى أن المؤلف نعمان عاشور جعل من شخصية الأستاذ رجائي هي الرسالة التي أراد المؤلف أن يؤديها وهي التغير الأساسي الذي طرأ على مصر بفضل الثورة وجعل منها مصر قديمة ومصر جديدة. فالأستاذ رجائي بمثابة حامل الرسالة التي أرادها المؤلف نعمان عاشور. وأنا لا أوافق على هذا الرأي، حيث رأينا من خلال المونولوجات الحوارية السابقة أن الذي ينادي بهذا التغيير هي شخصية أخرى غير شخصية الأستاذ رجائي ألا وهي شخصية عزت، وخير مثال على ذلك قوله:
" عزت: والحلم اللي باحلمه صحيح يا لطيفة .. إحنا داخلين على حياة جديدة ولازم نعيش في مصر تانية .. مصر جديدة ". 

إذن فشخصية عزت هي التي أراد المؤلف أن يضمّنها نظريته ورأيه الشخصي، وقد نجحت في أداء الرسالة التي أرادها المؤلف أن تظهر بها بدون أي مبالغة أو افتعال فجاءت آراء عزت هي نفس آراء المؤلف، لكنها جاءت بصورة تلقائية وطبيعية نابعة من طبيعة الأحداث في المسرحية.

المراجع

1. د . فاطمة موسى ، قاموس المسرح.

2. د . حلمي بدير . رؤية الواقع في المسرح المصري الحديث ( 1850 –1970 )

3. د . كمال الدين حسين . المسرح و التغير الاجتماعي في مصر

4. فاروق عبد القادر . رؤى الواقع وهموم الثورة المحاصرة 

5. د . محمد مندور . في المسرح المصري المعاصر

تابع القراءة→

0 التعليقات:

يعقــــــــــوب صنــــــــــوع ( 1839 ـ 1912)

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أغسطس 06, 2011  | لا يوجد تعليقات

.
.
يعقــــــــــوب صنــــــــــوع ( 1839 ـ 1912)



ولد يعقوب صنوع عام 1839 من أبوين يهوديين، وكان أبوه فى خدمة الأمير يكن حفيد محمد علي. وقد أتيح ليعقوب أن يطّلع على مختلف الثقافات ، حيث درس التوراة والانجيل والقـرآن ، وأجاد ثلاثة عشرة لغـة . وأتقن الموسيقى والرسم والرقص.

ذهب صنوع إلى إيطاليا لدراسة الفنون والأدب عام 1853 وعاد عام 1855 كي يعمل فى خدمة الأستقراطية والقصر . وقد أتيح له أن يتنقل بين فئات المجتمع المصري من الأوساط الشعبية من حرفيين وعمال وفلاحين إلى الطبقة المتوسطة التى ينتمي إليها هو نفسه إلى الطبقة الأرستقراطية وحياة القصور . كما كانت لصنوع صلاته الوثيقة بالجاليات الأوروربية . وقد كان لهذه المعايشتة لهذه الأوساط الاجتماعية المختلفة فى الواقع المصرى دورها وأثرها الفعال في التعرف على كل أفراد الشعب المصري . وعرف تفاصيل حياة أفراد هذه الطبقات والصراع الدائر بين هذه الطبقات أو بين أفراد كل طبقة بنفسها بين قويها وضعيفها ، ذكرها وأنثاها . مما صقل ذهنه واستفاد منه فى رسم شخصياته الاجتماعية فى المسرحيات الكوميدية الاجتماعية.

كتب صنوع العديد من المسرحيات ، ولكن أغلبها فقد ، وأنشأ العديد من الصحف مثل: ( أبو نظارة زرقاء) ، و ( أبو زمارة ) ، و ( الوطني المصـري ) ، و ( العالم الإسلامي ) ، و ( الثرثارة المصرية ). وهي فى أغلبها تنتقد السياسة المصرية فى ذلك الوقت.

أنشأ صنوع فرقته المسرحية الخاصة لتقديم مسرحياته . وتولى تدريبها بنفسه . وقد ساعده على ذلك الدراسة الأكاديمية للفنون واللغات؛ واطلاعه على أعمال الكتاب المسرحيين فى لغاتهم الأصلية وخاصةً موليـير وجولدوني وشريدان؛ والاشتـراك فى العروض المسرحيـة للفـرق الخاصـة بالجاليات الأوروبية . وكما قلنا فإن صنوع استطاع أن يكوّن المناخ الملائم لفرقته المسرحية واستطاع بمساعدة أصدقائه أن يعرض عروضه على مسرح ( قاعة الأزبكية ) فحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً لدرجة أن الخديوي إسماعيل نفسه طلب منه أن يعرض مسرحياته فى القصر، وأطلق عليه: (موليير مصر ). وفي فرقة صنوع ظهرت النساء لأول مرة على خشبة المسرح . وعرض صنوع مسرحياته لمدة سنتين فى القصر إلى أن قدم مسرحية: ( الوطن والحرية ) والتى سخر فيها من فساد القصر ، فغضب عليه الخديوي وأغلق مسرحه ثم نفاه الى فرنسا بعد ذلك ، نتيجة لتحريض أعداءه عند الخديوي ضده.

وكتب صنوع عدداً كبـيراً من المسرحـات منـها ما قـدم من خـلال فرقـه المسـرحية في الفترة: (1870 ـ 1872) أو التي نشرها فى صحافته . وعموماً فإن مسرحيات صنوع تنقسم الى قسمين رئيسيين هما:

1)الكوميديا ذات النزعه الاجتماعية.

2)المسرحية السياسية.

و في مجال السياسة فقد كان صنوع شغوفاً بالسياسة لدرجةٍ كبيرة ، وقد رأى فساد القصر وأهله وأنظمته المنهارة ، فتصدى فى جرأة لانتقاد سياسة الخديوي إسماعيل الفاشلة فى مسرحياتٍ كثيرة منها: مسرحية: " الوطن والحرية "، ومسرحية " الجهادي" وهى مسرحية مجهولة ليعقوب صنوع . ومسرحية: " شيخ الحارة " أيضاً. 

كما استخدم صنوع أسلوب جديد فى كتابته للمسرحيات السياسية وهو أسلوب: ( اللعبات الثياترية ). وقد كتب العديد منها. ومنها: " القرداتي " ، و "حكم قراقوش" ، و " الدخاخيني " ، و " سلطان الكـنوز "، و" الواد " ، و " زمـزم المسكينة ".

وبالنسبة للمسرحيات الاجتماعية ، فقد كتب صنوع الكثير من هذه المسرحيات منتقداً فيها بعض الظواهر الشاذة والعادات السيئة في المجتمع المصري.

تطـرق صنوع الى قضية تحرير المرأة ، واهتم بهذه المسألـة التي كانت تؤرق الكثيـرين من أفراد المجتمـع المصري، ولهذا قـام بكتابة مسرحيـة:"راستور وشيخ البلد والقواص " وهي عبارة عن أوبريت هزلي يعتمد أساسا على الأغنية والموسيقى . ونظرا لكون هذه المسرحية مفقودة . فإنا لا نستطيع أن نعرف قصة المسرحية وبالتالي رأي صنوع الشخصي في هذه القضية وأسلوب تناوله لها.

وكتب صنوع العديد من المسرحيات ذات النقد الاجتماعي فى قالبٍ فكاهيٍ كوميدي ، ينتقد فيه ما لا يراه مناسباً فى المجتمع المصري، ومن المسرحيات التى كتبها صنوع فى هذا الشأن مسرحية: " أبو ريدة وكعب الخير" وفيها يقدم نموذجا للحب الرومانسي فى صورةٍ ساخرة . كما أنه تطرق الى قضايا الحب والزواج فى مسرحيات أخـرى منـها مسرحية: " العليل " ومسرحية: " بورصة مصر " ومسرحية: " الأميرة الاسكندرانية " ومسرحية " الصداقة " ... وغيرها.



المراجع

- د . مصطفى منصور . " الدراما ونقد الحياة في مسرح يعقوب صنوع " . مجلة المسرح . العدد 64 مارس 1994. ص 32 .

- د . نادية رءوف فرج . المرجع السابق . ص 46 . 

- د . عبد الرحمن ياغي . المرجع السابق . ص 132، و136.
تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9