أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأربعاء، مايو 30، 2012

عرض مسرحية «33 لفة وبضع ثوان» بتجربة جديدة في بروكسل

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 30, 2012  | لا يوجد تعليقات



تم عرض  مسرحية «33 لفة وبضع ثوان»  بتجربة جديدة في بروكسل وكانت التجربة الجديدة هي مسرحية بلا  ممثلين ,وتم صياغة رؤية المسرحية بهذا الأتجاه  ، وقد جاء في دليل العرضأن 14 ممثلا  سيشاركون فيه، لكن لم ير أي منهم يصعد الخشبة طوال فترة عرض المسرحية  التي أخرجها  ربيع مروة ولينا صانع  من لبنان وعرضت في «مهرجان الفنون» في بروكسل.
وأن الرؤية التي اعتمدها المخرجان، هي تحويل  الخشبة لتكون على هيئة غرفة الشخصية الرئيسية التي انتحرت، لكنها مكان بقي مليئا بالحياة بفضل التكنولوجيا الحديثة.
إذ بقي المجيب الآلي للهاتف وجهاز التلفزيون وشبكة «فيسبوك» عوالم مفتوحة لتجميع حكاية الشخصية ورصد تطورها، وعبر هذه الوسائط يظهر الممثلون إما عبر تسجيلات الفيديو او عبر الصوت.
وفي حديث لوكالة فرانس برس، يوضح المخرج والممثل ربيع مروة أن خلو المسرح من الممثلين يأتي في سياق التجربة المسرحية التي يخوضها مع لينا صانع منذ التسعينيات، ويشير الى عرض آخر لهما حضر الممثل فيه على مقاعد الصالة بين الجمهور. لكنه يقول «في هذا العرض دفعنا هذه التجربة الى حدودها القصوى».
ورغم عدم ظهور الشخصية الرئيسية، فان ما تورده الوسائط الحديثة على الخشبة كان مشغولا بها، وهذا بحسب المخرج ما يصنع حضورها، إذ يقول «هذه مسرحية وفيها كل عناصر المسرح، أهميتها هي غياب الشخصية الأساسية، فأنت تحس بجسده وحضوره لكنه ليس موجودا»، قبل أن يستدرك «ثم ان كل الآلات التي أمامك على المسرح ترتج وتضيء، وهذه اشياء في مكان ما تشكل بحد ذاتها الشخصيات».
ودون مقدمات، ينتحر ناشط حقوقي لبناني ليشكل ذلك محرك أحداث المسرحية. الانتحار يصير خبرا رئيسيا يعرضه التلفزيون، ويغطي بمادة مصورة هي تقارير اخبارية وبرنامج، أعدت للمسرحية، لتلاحق تطورات حدث حوله الإعلام إلى قضية رأي عام.
أما الأكثر حضورا فهو حائط تواصله مع اصدقائه على شبكة «فيسبوك»، الذي عرضته شاشة كبيرة في صدر الخشبة، وصارت «مسرحا» للتعليقات المستمرة حيال انتحار الناشط وتطور حكايته، وبالتوازي تتوالى تسجيلات رسائل صوتية لقريبين منه لم يعلموا بالانتحار، فيتعرف الجمهور على عالم الشخصية الرئيسية.
ويؤكد المخرج على «الصعوبة الكبيرة» لانجاز العرض فنيا، ولا يتردد في القول إن أحد الأسئلة هي «كيف يمكن أن نصنع مسرحا اليوم في ظل كل هذه التكنولوجيا التي نعيش معها؟» لكن «الغرابة» التي ولدها غياب الممثلين يمكن لها أن تبدد عند النظر إلى المسرح باعتباره فنا يجسد عصره، ويقوم على عنصري «الآن وهنا».
فمع الوسائط الحديثة لم يعد نسج العلاقات والتفاعل بين الناس يحتاج إلى الحضور الجسدي.
ويقول المخرج ان هذه القضية تحولت عندهما إلى شاغل لفن المسرح نفسه، ويوضح «نعتقد أننا نواجه مشكلات ومعضلات حول عمل المسرح وكيفية حضور الممثل»، ويضيف «لدينا أسئلة وافكار وشكوك نجرب أن نضعها في العمل نفسه، ولكن ليس لدينا أجوبة».
وخرجت اسئلة صناع العمل مع الجمهور لتفتتح نقاشات خارج الصالة.
ومن وسط جدلها مع صديقها حول انطباعهما عن العرض، تقول شارلوت بلومن لوكالة فرانس برس بسخرية «بعد ثورات الفيسبوك صار هناك على ما يبدو مسرح الفيسبوك أو المسرح الافتراضي».
وفي حين ان صديقها بدا معجبا بما سماه «تفكير» العرض، رأيها كان مختلفا إذ علقت «عندما اذهب لأحضر مسرحية أفضل شكل المسرح الكلاسيكي، وإلا تحولنا عبيدا للعالم الافتراضي في الحياة وفي الفن».
المسرحية التي تعرض للمرة الأولى قدمت على مسرح «بورص سخاوبرغ» ضمن «مهرجان الفنون» الذي اختتم أخيرا، وستجول لاحقا في عدة مهرجانات أوروبية شاركت في انتاجها، بينها مهرجان «أفنيون» المرموق للمسرح في فرنسا.
وتشكل أحداث «الربيع العربي» الأجواء الخلفية لعالم المسرحية، لكن تبقى احوال لبنان السياسية والاجتماعية في الواجهة.
فعبر التعليقات تحضر أجواء التحركات الاحتجاجية التي قامت في لبنان وفشلت في الاستمرار تحت عنوان «إسقاط النظام الطائفي».
ورغم أن الناشط المنتحر يورد في رسالته الأخيرة قناعته بأن الانتحار هو قمة التحرر، لكنه يصير مناسبة لسجالات تريد لموته أن يكون عنوانا لقضية ما، منها من يريد تحويله إلى أيقونة نضالية لتحريك تظاهرات احتجاجية، متجاهلة تأكيده أن انتحاره ليس على الاطلاق عملا بطوليا.
ويعلق المخرج مروة على ذلك بالقول «على خلاف البلدان العربية الأخرى، لا يوجد في لبنان نظام يمثله شخص ديكتاتوري لتثور ضده، فالسطلة موزعة على طوائف»، قبل أن ينقل تعليقا تهكميا ورد في المسرحية حول سبب فشل الاحتجاجات «عندما جربنا أن نثور، خرجت الطوائف لتثور معنا ضد النظام الطائفي».
وفي النهاية، لا شيء من امنيات الناشط المنتحر يتحقق. فانتحاره صار محط تجاذب العناوين، وقضية سجالية تناقش أبعادها برامج التلفزيون، ورغم وصيته بان يحرق جسده وينثر رماده وألا يدفن تبعا لأي طقس ديني، إلا أن عائلته تدفنه وفقا لمعتقدات طائفته التي تنجح في «استرجاعه»، كما يعلق المخرج.
وكما لم يجد الجمهور ممثلين أمامه، فلم يجد احدا يحييه نهاية المسرحية، فصار يصفق والأجهزة الالكترونية مطفأة أمامه على الخشبة، ويؤكد المخرج أنهم قصدوا عدم الظهور لتحية الجمهور كي لا يبدو كأنهم يفصلون بين ما يجري على المسرح وما يجري في الواقع، لأن مسرحهم كما يقول «خليط من الاثنين».
تابع القراءة→

0 التعليقات:

استحداث فرع جديد خاص للآداب في مسابقة جائزة الشيخ زايد للكتاب

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 30, 2012  | لا يوجد تعليقات



جائزة الشيخ زايد للكتاب تعلن عن استحداث فرع جديد خاص للآداب في مسابقاتها


أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب عن استحداث توصيف جديد لفرع الآداب ابتداء من الدورة السابعة 2012/2013 ليشمل المؤلفات الابداعية في مجالات الشعر والمسرح والرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية وأدب الرحلات وغيرها من الأعمال الأدبية.
وقال امين عام الجائزة د.علي بن تميم في بيان ان هذا يأتي «للتركيز على العنصر الابداعي في هذا الفرع لدواع معرفية خصوصا ان الحقول الابداعية تشهد استقلالا مطردا كالحقول السردية والمسرحية والشعرية وحقول أدب الرحلة والسيرة الذاتية».
واضاف انه نظرا لطبيعة هذا التخصص كان لابد من التمييز الواضح بين ما هو ابداعي في الكتابة وما هو نقدي مع التطور المشهود في المناهج النقدية والذي لا يختلف من حيث الحجم والأهمية والنوعية عن التطور في الحقول الابداعية وهو ما يحتم الفصل بين حقلي الاداب والدراسات النقدية بوصفهما حقلين مستقلين.
وتتوقع الجائزة التي فتحت باب التقديم لدورتها الجديدة من 22 ابريل الماضي الى 30 سبتمبر المقبل اقبالا كبيرا للترشح في فرع الاداب في ظل النمو المطرد الذي تشهده الساحة الثقافية العربية خصوصا ما يتعلق بحركة الكتابة السردية في الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والكتابة الشعرية بمختلف أشكالها.
يذكر أن جائزة الشيخ زايد للكتاب انطلقت عام 2006 وهي جائزة مستقلة تمنح سنويا للمبدعين من المفكرين والناشرين والشباب تكريما لإسهاماتهم في مجالات التأليف والترجمة في العلوم الانسانية وتبلغ القيمة الاجمالية لكل فروعها سبعة ملايين درهم اماراتي.
وعلى صعيد ثقافي اخر اصدرت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتاب «أساتذة اليأس.. النزعة العدمية في الأدب الأوروبي» للكاتبة الفرانكو-كندية نانسي هيوستن وترجمه الى العربية وليد السويركي.
وقالت هيئة ابوظبي للسياحة والثقافة في بيان ان «نانسي هيوستن تتبع في هذا الكتاب تطور النزعة العدمية في الأدب الأوروبي منذ القرن الـ 19 الى الكتابات المعاصرة فتبحث بداية الأساس الفكري والنظري الذي يستند اليه كتاب العدمية الغربيون انطلاقا من فلسفة التشاؤم عند آرثر شوبنهاور الذي تسميه (بابا عدم)».
واضاف البيان ان الكاتبة تستخلص عبر فصول الكتاب العناصر البيوغرافية والفلسفية والأسلوبية التي تجمع بينهم وتقدم قراءتها الشخصية الناقدة لأبرز أعمال بعضهم صامويل بيكيت واميل سيوران وميلان كونديراو ايمره كيرتش وتوماس بيرنهارد والفريده يلينيك وميشيل ويلبيك وكريستين أنجو وسارة كين وليندا لي وهي قراءة تتميز بقدر كبير من الجرأة والاختلاف لا تتردد في الخروج على الاجماع النقدي والجماهيري الذي يحظى به هؤلاء الكتاب.
واوضح ان الكاتبة تحيل نشأة الفكر العدمي الى عدة عوامل منها تزعزع المسلمات اليقينية حول مكانة الانسان ودوره في الكون مع مطلع الحداثة في القرن الـ17 ثم «أزمة الذكورة» الناجمة عن تحرر المرأة وتحولات الأدوار الاجتماعية للجنسين وأخيرا ما نجم عن الحرب العالمية الثانية من فظائع قادت الى أزمة أخلاقية وروحية كبرى في أوروبا المعاصرة.
واشار الى ان هيوستن تخوض سجالا حادا ضد الرؤية العدمية الأحادية للعالم من موقع نسوي يرفض الجذرية السوداوية لصالح وعي نقدي جدلي ينحاز للحياة بكل تناقضاتها ودون أن يسقط في فخ التبشير بالأوهام الزائفة والأحلام الجميلة والآمال الخادعة.
واضاف ان المؤلفة تهاجم الفكر العدمي الذي يستعيد قيما دينية ثنائية من الثقافة الغربية القديمة مثل التعارض الجذري بين الجسد والروح والانتقاص من قيمة الجسد والانجاب والمبالغة في الاعلاء من قيمة الروح وكره المرأة بوصفها تجسيدا للحياة الحسية.
واضافت الهيئة ان المؤلفة وكما في أعمالها الأخرى تمزج بين التأمل النظري والسرد التخيلي حيث جعلت بين فصول الكتاب التي تتناول المؤلفين الذين درستهم فواصل حكائية وحوارية مع شخصية متخيلة تعزز من وجهة نظرها وتجعل من قراءة هذا العمل متعة فكرية حقيقية ورحلة أدبية شيقة.

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الاثنين، مايو 28، 2012

مهرجان طنجة للفنون المشهدية يحتفي بكتب مسرحية جديدة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 28, 2012  | لا يوجد تعليقات


مهرجان طنجة للفنون المشهدية يحتفي بكتب مسرحية جديدة

Affiche-book-launch-March-27-214x300
312551_270240486339911_1432876713_n
522614_350660698315048_190004591047327_927937_104599085_n
يحتفي مهرجان طنجة للفنون المشهدية في دورته الثامنة بصدور عدد من الكتب الجديدة والمتميزة في مجال المسرح، حيث تشهد هذه الدورة التي تبدأ أعمالها في الأول من يونيو القادم حفل تدشين الترجمة العربية التي قامت بها الدكتورة مروة مهدي لكتاب المفكرة الألمانية اريكا فيشر ليشته التي يكرمها المهرجان “جماليات الأداء: نظرية في علم العرض” ، من اصدرات المركز القومي للترجمة في مصر.
كتاب مسارح المغرب والجزائر وتونس: التقاليد الفرجوية في المغرب الكبير لكل من خالد أمين ومارفن كارلسون، والذي صدر مؤخراً عن دار Palgrave.
بالاضافة الى أحدث إصدارات المركز الدولي لدراسات الفرجة، وهي  كتاب ‘مسرح ما بعد الدراما’ تأليف  كريستل فايلر، حسن المنيعي، محمد سيف، مروة مهدي، وخالد أمين، و كتاب ‘المسرح ورهاناته’ تأليف حسن المنيعي وخالد أمين.
كما يصدر المركز أيضاً الترجمة الانجليزية لنص الكاتب المسرحي المغربي محمد قاوتي الذي يكرمه المهرجان أيضاً  ”نومانزلاند” ، وكتاب محمد قاوتي: سلسبيل تامغرابيت.

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الثلاثاء، مايو 15، 2012

العزاوي يقدم الحريق على خشبة المسرح

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 15, 2012  | لا يوجد تعليقات



العزاوي يقدم الحريق على خشبة المسرح 

تقدم دائرة السينما والمسرح مسرحية الحريق اعداد الفنان الراحل الكبير قاسم محمد عن مسرحية الملك لير للكاتب العالمي  وليام شكسبير   .

المسرحية من اخراج الفنان الرائد محسن العزاوي وتمثيل كل من الفنانيين / سامي قفطان , رائد محسن , بتول عزيز , سولاف , وسلوى خطاب وذلك على خشبة المسرح الوطني اعتبارا من 17 – 20 /5 / 2012 الساعة السابعة مساءا .










--------------------------------------------------------------------------------------------------
المصدر : دائرة السينما والمسرح - متابعة   :  عباس الركابي   تصويــــــر :   عمار علي عيسى

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأربعاء، مايو 02، 2012

صدور كتاب "مفردات العرض المسرحي"

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 02, 2012  | لا يوجد تعليقات

كتاب مفردات العرض المسرحي



صدور كتاب بعنوان "مفردات العرض المسرحي" للكاتب عبد الناصر حسّو عن الهيئة العامة السورية للكتاب في وزارة الثقافة وفيه يستعرض الكاتب بلغة ناقدة ومحلِّلة بعض العروض المسرحية التي قدمتها خشبات المسارح السورية في السنوات الـ 15 الماضية، ويبدو الموقف النقدي للكاتب متجلياً في مقدمة كتابه التي يوضح فيها أن العرض المسرحي حالة ثقافية يعبّر المخرج عنها من خلال أدواته المعرفية والممثل الذي يجسد على الخشبة، فضلاً عن عناصر العرض الأخرى .
أما بالنسبة للعروض التي تناولها الكاتب في كتابه فهي :
"كاليغولا، مونودراما المسخ، كسور، صمت الكلام، تخاريف، كونشيرتو، نور العيون، رحلة جسد، تمرد العقل، عين القمر، العائلة توت، حمّام بغدادي، العميان، الأيام الحلوة، خواطر، الأقوى، معطف غوغول، بيت برناردا البا، بيت الدمى، الموت والعذراء، شوكولا، فوضى، العين والمخرز، مونودراما عالم صغير، انتظار، الدرس، عشاء عيد ميلاد طويل، عشاء الوداع" .
هي دعوة إذاً يطلقها الكاتب للإبحار معه في هذه الرحلة مع عروض مسرحية تفاوتت في مستوياتها لكنها بمجملها شكّلت لوحة بانورامية للتوجهات الفكرية والفنية التي سيطرت على المسرح السوري في السنوات الأخيرة .
تابع القراءة→

0 التعليقات:

الثلاثاء، مايو 01، 2012

بدايات المسرح الأردني 1914 / منصور عمايرة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 01, 2012  | لا يوجد تعليقات

الكاتب الأردني منصور عمايرة
 بدايات المسرح الأردني 1914
   لا شك بأن المسرح في الأردن، قد تضافرت عليه عدد من الجهود بالدراسة والبحث، لترسيخ رؤية عامة وشاملة عنه بشكل عام، وكانت هذه الدراسات تنبع من الاهتمام العربي العام بالمسرح، وإن بدأت الدراسات متأخرة بعض الشيء، حيث تشير الدراسات الأولى عن المسرح الأردني إلى بداية الثمانينيات من القرن العشرين، ولكن من طبيعة الدراسة أن تكون تعاقبية وتراكمية، وخاصة إذا ما أتفق على الرؤى العامة للدراسات والأدبيات السابقة، ومهما يكن فإن البحث والدراسة دائما ينحى المنحى الموضوعي، ليؤسس رؤية جديدة أو يضيف شيئا جديدا على رؤى سابقة، ولهذا فإن البحث بشكل عام لا يتوقف عند دراسة ما أو أكثر، بل يجب أن تتوالد دراسات جديدة دائما؛ لنصل إلى حالة من الإقناع بما يدور حول المسرح و غيره من الدراسات، وتبقى الدراسات، هي محاولة جادة للوقوف على بنيات المسرح الأردني من حيث النشأة والنواة الأولى، والدراسات الحديثة التي تواكب مسيرة المسرح الأردني عبر السنوات المتلاحقة، كي لا تتوقف الدراسة عن توثيقه، والدراسات مهما كانت هي حالات توثيقية ذات أبعاد ورؤى يجدر بها أن تكون موضوعية، وهذه ميزة البحث العلمي والاستقصاء الحقيقي الغائي " غاية "، لتكون الدراسة ذات أبعاد حقيقية، وقابلة للنقاش والمحاججة، وهذه المسألة انتهى منها البحث منذ زمن بعيد، ويجب أن تفهم من قبل الجميع، وهي أن تكون موضوعية بعيدة عن الرأي الشخصي، لتكون ذات وجود يساير تراكمية الموضوع المطروح سواء أكان المسرح أو غيره  من خلال منهجية التوثيق الدقيقة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدراسات السابقة هي محل نقد وتقييم من خلال الإضافات والرؤى الموضوعية التي تخدم البحث، ومهما تكن الدراسات المسرحية في الأردن عن المسرح الأردني، فهي تبدو قليلة وشحيحة، ربما السبب يعود إلى جملة من الأسباب، ومن هذه الأسباب ندرة الوثائق حول المسرح الأردني، وندرة المواد المسرحية التي كانت تمثل، وهذه تعتبر مشكلة كأداء أمام الباحث والدارس، وخاصة أننا لا نستطيع الوقوف على المسرحيات التي كانت تمثل كنص أدبي ومسرحي، وهذه الدراسات المسرحية بحاجة ماسة لتوثيقها كمادة معرفية ومسرحية أيضا، وبحاجة لدراستها وتحليلها تحليلا مسرحيا على مستوى النص، لأن العرض المسرحي قد كان في فترة زمنية بعيدة المدى، ويبقى النص هو الشغل الحقيقي لدراسة وثائقيات المسرح الأردني، ومع تلك الصعوبة التي تواجه الدارس حتما ستتأثر الدراسة بشيء من الإعاقة، وتبنى الأمور أحيانا على الشفهية بعيدة جدا عن حالة التوثيق الكتابي. هناك إشارة إلى المسرحيات على مستوى النص،1 وهناك إشارات إلى أن المسرح انطلق من المدرسة، ولهذا ستنوه الدراسة إلى تاريخ الكتابة في الأردن، وتاريخ المدرسة في الأردن، والوقوف على المسرح المدرسي كجزئية من مسرح الطفل، وكل هذه الإشارات تخدم البحث للوقوف على بدايات المسرح الأردني وبداياته تنطلق من هذه الجزئيات التي ذكرت آنفا، وستتوقف هذه الدراسة على البدايات بما يعطي نظرة شمولية عن بداية المسرح الأردني وتتعرض الدراسة لقراءة المسرح الأردني حتى الثلاثينيات كبدايات، حيث تمثل الدراسة أحفورة تاريخية تتناول كل ما تعلق بجزئية المسرح الأردني، للوقوف على البدايات وإخضاعها للدراسة بشكل مستمر، وهذه الدراسة كنظرة أولى تدعو للوقوف على دراسة المسرح الأردني وتوثيقه بشكل يليق به كدراسة وبحث، وتطرح الدراسة تساؤلا كبيرا حول المسرح الأردني، لتنبثق عنه إجابات بحثية.
***
   يبدو أن المسرح الأردن يعاني من التشويش وانعدام الموضوعية، بعضهم يرجع البدايات إلى ما لا يعني المسرح الأردني، وإنما هي نظرة قاصرة ذات رؤية شخصية محضة تخمص الآخر حقه وكان هذا همه، وبعضهم كذلك يرجع ويخلط، فبدا الحابل والنابل من خلال دراسة مزجية فهو ينتقل من الأردن إلى غيره بلمح البرق، وكثيرا من هذه الدراسات أضرت بالأدب الأردني، وخاصة أنها تنظر في هذه الدراسات البعد الذاتي وغير الموضوعي والقائم على خمص الآخر حقه، وهناك أبحاث كثيرة أشارت إلى ذلك سواء أكان في المسرح أو الرواية والقصة والشعر*،  وما زالت الأبحاث قاصرة عن تدوين تلك المرحلة تحديدا، وهذا البحث جاء مدعاة لإثارة أسئلة حول بدايات المسرح الأردني، ولهذا رجعت الدراسة إلى كل ما يتعلق بالبعد الثقافي على مستوى الكتابة والطقوس والبدايات الأولى للإثنوسينولوجيا الأردنية.
***
   إن " الكتابة " الأردنية، ظلت جزءا لا يتجزأ من تاريخ الكتابة العربية ما بين شد وجذب بشكل مضطرد، وذلك أن الكتابة التاريخية ككل أشكال المعرفة والعلوم وحتى العبادات، لا بد أنها بحاجة ماسة للاستقرار، والاستقرار بأنواعه المختلفة سواء أكان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
   إن ما يشي الانسان العربي على مر الزمن هو أنه أمي، قال تعالى:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)2 وبإشارة واضحة في القرآن تدل على أن الرسول كان يقرأ كما يقول البعض، 3 وبعضهم يؤكد أن الرسول عليه السلام لم يكن يقرأ قبل نزول القرآن ولكنه صار يقرأ ويكتب بعد نزول القرآن، ويستشهد بقوله تعالى : (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون)4 فهو عليه الصلاة والسلام كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، فلما نزل عليه القرآن صار يقرأ و يكتب.5 ومهما يكن الأمر لا نريد أن نحمل الأشياء فوق طاقتها، وهناك وجهات نظر حول الأمية في زمن الرسول عليه السلام، ولكن هذه الأمية لا تعني خلو المكان من الثقافة والمعرفة التي تمثل سمة حياتية للإنسان لإدارة شؤون حياته اليومية، لكن الغالب عليها هو الطابع الشفوي، والذي يتداوله الناس، وربما الكتابة بشكلها البسيط غير المعمم.
   وإذا ما كان الأردن واحدا من الجغرافيا العربية منذ القدم ويعود هذا التاريخ إلى آلاف السنين، فإنه لا بد وقد تأثر بأشكال تعبيرية مختلفة مرقومة، وما مسلة ميشع - التي نصبت في سنة 842 ق.م ..6 - إلا دليل واضح يؤكد هذا التأثير، والتي جاء فيها:
"أنا ميشع بن كموشيت ملك مؤاب الذيباني,
 أبي ملك على مؤاب ثلاثين سنة،
وأنا ملكت بعد أبي,
وأنشأت أهراماً, لكموش,
ولقد بنيت ذلك لأن كموش أعانني على قهر كل الملوك, ولأنه أشمتني بكل أعدائي المبغضين,
أما "عمري" ملك إسرائيل, فقد اضطهد مؤاب طويلاً,
ذلك لأن كموش أضحى مكروهاً بأرضه,
وخلّف "عمري" ابنه فقال هو الآخر "سأضطهد مؤاب"
أجل, لقد قال شيئاً كهذا الكلام,
ولكن كموش جعلني أراه مهزوماً من أمامي,
هو وإلهه, وبادت إسرائيل, بادت إلى الأبد.
وكان "عمري" قد ورث أرض مادبا،
فأقام بها مدة حكمه,
كما أقام بها الإسرائيليون من بعده,
مدة تبلغ نصف حكم أبناء "عمري"
فمجموع ما أقاموه بلغ أربعين سنة,
وقال لي كموش "اذهب وخذ نبو من إسرائيل،
فذهبت في نفس الليلة، واشتبكت بالمدينة من وقت تبين الخيط الأبيض من الأسود حتى الظهر, وافتتحتها, كما أنني أخذت من هنالك مواقد يهوه وسحبتها جميعاً حتى وضعتها بين يدي كموش".7 نقش ميشع نص يعطينا دلالة على معرفة الكتابة والتوثيق للأجيال، وهذا النقش " كتب بالأبجدية الفينيقية على حين أن لهجته مؤابية "8 وما ازدهار التجارة النبطية " الأنباط " إلا دليل آخر على هذا التأثير. وسنلمح الخط العربي النبطي في الأردن يظهر في القرن الأول الميلادي ليكتب به القرآن فيما بعد...9 ، وهنا إشارة مرة أخرى لأهمية الخط والتدوين بالخط العربي النبطي، حيث كان يستعمل قبل ظهور الإسلام " للأغراض الإدارية، وأخذ سمة مقدسة عندما شرع العرب يدونون كتابهم المقدس.10 
   وبما أن دراسة المسرح الأردني ترجع إلى المسرح المدرسي، لا بد من الإشارة إلى تاريخ المدرسة في الأردن، حيث تشير الدراسات إلى أن المدرسة الأردنية أنشئت منذ العهد العثماني فكانت أول مدرسة ابتدائية في إربد سنة 1882، وهذا المكتب الابتدائي مكون من ثلاث محلات أحدها للمعلم، ويستوعب ما يزيد على 150 طالبا، وكانت أول مدرسة رشدية في إربد عام 1895 وهذه المدرسة أعلى من المدرسة الابتدائية...11.
   وبما يتعلق بالمسرح الأردني نشير إلى الطقوس الأردنية، فالطقسية العرسية في الأردن تتكون من مفردات كثيرة، ونلمح منها على سبيل المثال يوم الزفاف: عندما يكون العريس بضيافة أحدهم يأتي الناس للمساهمة بـ " النقوط " وهو مبلغ نقدي يقدم للعريس كمساعدة، ولكن ما يحدث ليس بهذه البساطة، حيث ينبري شخص، ويكون ذا صوت جهوري، وينادي بأعلى صوته بما قدمه " فلان " من الناس، فيمثل بهذا الشكل:
شخص ينتصب بين الحضور.
يأخذ المبلغ النقدي من الشخص، ليقدمه كهدية للعريس.
الشخص المنتصب يصيح بأعلى صوته قائلا:
خلف الله عليك يا " فلان " أو يا أبو " فلان " كرامة " لفلان " ومحبة لله وللنبي وهيه " ... " حيث يسمي مقدار المبلغ.
يردد الحضور كلام الإعجاب والشكر وباستحسان النقوط مثل : " قدها، أو خلف الله عليه".
إحضار العروس، وكان يدعى عند البعض القطار أو الزفة " والقطار جمهور من الرجال والنساء يرتدون خير ما عندهم، ويركبون الخيل ويذهبون لإحضار العروس إذا كانت تقيم في بلد غير البلد الذي يقيم فيه العريس، وقد سمي بهذا الاسم لأن الإبل تسير فيه مع الخيل " 12 وأحيانا هناك تسمية أخرى وهي الفاردة، "ويسمى القطار وهو عائد بالعروس الفاردة، وكانت العروس تهرب من وجه الفاردة، كي لا يقال أنها متهالكة على الزواج لتزداد قيمتها، الفرّادات يقمن بغسل العروس، وفي أثناء الغسل تغني الفرادات أغاني ما هو مدح لوالد العروس أو العريس، أو لرجال معروفين في العشيرة... 13
ويوم زفاف العريس يكون هناك ما يعرف بالسامر " السامر جماعة من الرجال يقفون بنصف دائرة، وفي وسطهم سيدة يسمونها الحاشي، تأتي بحركات راقصة بسيف تستخدمه، لتصد الرجال عن الدنو منها أو لمسها، وفي هذه الأثناء يكون البدّاع مواصلا أهازيجه، وقد تكون القصيدة غرامية أو ملحمة تخلد حادثة جرت فيها صراعات... بعضهم يقول: راحت تقول الرداح، ومنهم من يقول : تقول انريده. وفي أماكن أخرى يقولون : يوه لحا يوه لحّه. 14 أما الحاشي: لأن هذه السيدة تكون في وسط السامر وكأنها حشو، وتكون عادة بارعة في الرقص، ومن أبرع النساء جمالا، وأرشقهن حركة، وبيدها سيف مصلت، تدافع عن نفسها، لأنه يحق لكل رجل من الحلقة أن يلمسها، وتبدو قدرة الحاشي حماية نفسها من اللامسين، بالسيف تذب به المحيطين بها عن نفسها وتمنعهم من الدنو منها، ويظل هم الراقصين من حولها تضييق الحلقة على الحاشي، والمطلوب أن تجرح عددا من الراقصين، لأنه لو لمسها أحدهمم يلحق بها العار وبنسلها.
وهناك غناء وألعاب للفتيات يكون في الأرياف يوم زفة العروس، يتخللها الغناء والتراويد، وهناك رقصة " بشه كشكا "  للفتايات، وهي تعني: أقبلي باسمة، وتتم هذه الرقصة بأن تمسك كل فتاتين الواحدة بيدي الأخرى وتنتصبان، وقبل البدء ترجع كل منهما أعلى جسمها إلى الخلف بإنحناءة، وتشد يدي رفيقتها وتبدأان رقصة دائرية.  15
مثل قول إحداهن :
بشه كتلتني            عدك ما تعرفني     
ما تعرف أبو شاله      لباس القفطين   
لمتها احجازية          احجازية بنت شديد الحيل    
فترد الأخرى  : 
لا يا عمي  يا سعيد    ربطوني بالحديد   
والحديد  اعقد اعقد     خيل الباشا ما تنعد    
عدوها تسعميه         عليها غشمرية  
فترد عليها قائلة :
كشكه يوبي يوبي          الكلب قطع ثوبي  
أني الها في ما أريده      لوجاب البغمة بايده   
كشكه يا ادروبيه          يا ما أحلى العزوبيه    
يا  ما أحلى بيت أبويه    كله عزّ أو كيفيه  16 
إن هذه اللعبة، تمثل فرجة احتفالية من خلال إحاطة الأخريات بالمؤديات، وهذه الفرجة تتمثل بالحركات الجسدية المصاحبة للحكي تدار أمام جمهور.
وكل الشعوب أيضا تلتقي كما في الأفراح بمآتم، ولكنها تختلف كما الأفراح والأعراس كأشكال احتفالية اكتسبت ماهيتها عبر تراكمية زمانية ومكانية، وتغييرات في بنة السرد والحكي والتمثيل من خلال تراكمية زمنية ومكانية أيضا. ويتمثل المأتم في الأردن بمكان عام يجتمع فيه الرجال منفصلين عن النساء، ولكل منهما له مكان تعزية خاص، ويسمى مكان التعزية " المدالة " بالتعبير الأردني وربما أخذت من كلمة " الدّلّ " وهي الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار في الهيئة والشمائل وغير ذلك. 17، ومن هذا التعريف نجد أن ما يغلب على المدالة هي السكينة. إن مدالة الرجال يغلب عليها تقبل العزاء من دون تعديد لمناقب الميت، على العكس من مدالة النساء أحيانا يغلب عليها النواح، ومن ذلك المعيد وهو شكل بكائي " نواح " يعدد مناقب الميت ويكون في مدالة النساء وتردده النساء واقفات، تقف النساء صفين وفيهما بداعة أي قصادة أو قواله، تقول بيت المعيد، ويرد عليها الصفان. 18
   إن هذه الدراسة تتناول جانبا مهما من جوانب البعد الثقافي والمعرفي في الأردن، تتمثل في الحفر المعرفي الذي تشكل في الأردن عبر سنوات طويلة، ومرت عليه عصور مختلفة إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن. وإن دواعي هذه الدراسة، تتمثل بتسليط الضوء على جزئية ثقافية لم تعط حقها من قبل، وهي الاحتفالية /الفرجوية الأردنية؛ فتوقفت عند الفرجة " التعليلة " الأردنية بشكل خاص، لتوفرها على بنى مسرحية، ولتأكيد حضورها كنشاط مسرحي، يفترض أن توجه إليها الدراسات، وإخراجها إلى حيز الوجود كشكل مسرحي أردني وعربي، فهذه الدراسة تمثل البحث عن التأصيل للمسرح الأردني بجذوره الأولى، وإن لم نستطع أن نقف عند بداية تأريخية للتعليلة الأردنية، لكننا نستطيع أن نتبين أنها بدأت منذ فترة زمنية بعيدة.
     إن الإثنوسينولوجيا تبدو كعلم قادر على دراسة الأشكال التعبيرية الاحتفالية القديمة، والتي لا ينطبق عليها المسرح بشكله الحالي، ولهذا نجد أن" الإثنوسينولوجيا (L'ethnoscénologie)  علم جديد، متفرع عن أنتروبولوجيا المسرح، يختص بدراسة الفرجات الفنية والجمالية، والاهتمام بالممارسات الأدائية الفلكلورية الشعبية، والعناية بالأشكال التعبيرية الاحتفالية ماقبل المسرحيّة لدى كافة شعوب العالم بدون استثناء، وقد ظهر في سنوات التسعين من القرن الماضي بفرنسا"19 إن الطقوس الاحتفالية والعادات والتقاليد والتراث القديم بكل أنواعه المعرفية لم تسجل في البلاد العربية، وهذا ما نفقده، فنحن لا نستطيع أن نعثر على احتفالية معينة ومدونة، أو على شكل طقسي مدون ومعروف، وما دوّن القليل، ولو أن العرب تحدثوا عن إشارة أولى للخيال إشارة إلى الاحتفالية في كتاب الديارات للشابشتي من ذلك عندما أجاب عبادة - وهو ابن أحد طباخي المأمون - الشاعر دعبل حيث قال لعبادة  يوما: " والله لأهجونك. قال عبادة : والله لئن فعلت لأخرجن أمك في الخيال " 20  ولكن الإشارة الأكثر وضوحا هي التي تفصح عن خيال الظل لابن دانيال حيث يقول ابن دانيال شمس الدين محمد بن دانيال بن يوسف بن معتوق الخزاعي الموصلي647هـ - 710هـ، عن هذا الفن وهو مزيج ما بين الهزل والجد :
" خيالنا هذا لأهل الرتب  
والفضل والبذل لأهل الأدب
حوى فنون الجد والهزل في
أحسن سمط وأتى بالعجب "21 
 إن خيال الظل، هو المسرح الذي عده  النقاد العرب بأنه البدايات الأولى لاكتمال المسرح الذي عرفه العرب. ولكن معظم الطقوس الأخرى ظلت احتفالية شفوية، وهناك من يعيد هذا لأسباب كثيرة، والتي كانت سببا بعدم ظهور المسرح العربي، ومنها دينية وسياسية وغيرها.
وبقيت الاثنوسينولوجيا الأردنية شفاهية، وسنتعرض لها وكما وصلتنا بأشكال شفاهية عدة، توضّح لنا الأشكال الاحتفالية أو الفرجة الأردنية، كخصوصية ما مثل أي خصوصية لمجتمع آخر، وكانت الخصوصية الأردنية غنية من خلال امتلاك اثنوغرافيا لثقافات متعددة عاشت على أرض الأردن " إن خصوصية الأردن تكمن في الثقافات العمونية والمؤابية والأدموية والنبطية...وتتآزر كل هذه الخصوصيات الروحية والثقافية في إعطاء هذه المنطقة تنوعا ثقافيا وروحيا فريدا"22  
الاحتفالية، ولماذا الاحتفالية ؟
  قد لا نبالغ إذا ما قلنا أن في البدء كانت الحكاية، والحكاية هي الكلمة وهي الفعل والحركة " المسرح " والمسرح موجود بالبدء.
فقد يكون هذا السؤال تعسفيا ! لماذا الاحتفالية؟  ولكن سنجعله مدخلا لأهمية دراسة الاحتفالية العربية، من أجل البحث عن هوية وجودية، إن ذاك التراث الذي نتحدث عنه هو هوية وجودية، محفورة في الأرض أكثر مما بقيت عالقة في الذهن، ولأنها محفورة بالأرض بقيت الذهنية العربية تحتفظ بها، لماذا؟  لأنها تمثل وجودها عبر العصور المختلفة، " يبلغ عمر الثقافة العربية بما فيها الفترة الإسلامية حوالي ألفي سنة تقريبا ... في حين أن جانبا واحدا من جوانب الثقافة العربية بقي غامضا لا يعرف عنه شيء، ألا وهو المسرح ... علما بأن عناصر الفن المسرحي موجودة في كل مكان في الطقوس العربية ... لذلك فمن الغريب القول أن المسرح العربي لم يظهر إلا منذ فترة قريبة في أواسط القرن الماضي" 23 ولهذا سنرى أن العرب لم يتوانوا لحظة عن الحفر في كل مقومات العربية، وفي ظل هجمة شرسة أحيانا من الاستشراق، وبعضهم فتن بالثقافة الغربية، وما زال هذا الافتتان له صوته المفزع أحيانا، وينبري له من العرب ما يؤكد حضورية الأصل العربي دائما، وهذه حقيقة، فالاحتفالية هي حفرية بالأصل التراثي العربي المتنوع، والمسرح جزئية من هذا الحفر الأصلي، ومع أنه لم يعرف بهذا الأسم عند العرب إلا في العصر الحديث، ومع وصول العصر الحديث نقبل المسرح الغربي بحرفيته، ولم يتنبه الأوائل بشكل واع وربما بشكال مقصود بعيدا عن الغفلة، بأن هناك جذورا للمسرح العربي، ونامت تلك الرؤية ردحا طويلا من الزمن حتى الخمسينيات والستينيات، ومازالت تجد له صدى الحفر حتى هذه الأيام وبشكل دائم، والسبب أن العرب حتى الآن لم يستطيعوا تقعيد مسرح عربي يتكأ عليه، ولكن " العرب والشعوب الإسلامية عامة قد عرفت أشكالا مختلفة من المسرح، والنشاط المسرحي لقرون طويلة قبل منتصف القرن التاسع عشر "24 إن الاحتفالية والتراث بشكل عام، يمثل حركية الإنسان، لهذا فمن الطبيعي أن تكون لدى الشعوب اثنوغرافيا داخلية تتعالق ما انثربولوجيا جغرافية خارجية ممتدة، إن البحث في الاحتفالية يشكل البحث عن الذات الذي يختلف عن الآخر، إن صيحة يوسف إدريس تبين أنه يبحث عن مسرح " يتناول حياتنا بالأسلوب المسرحي الشعبي مطورا إلى المستوى الذوقي والجمالي والمفهومات الفنية العالية " 25 وهذا نابع من رفض إدريس لهيمنة المسرح بصفته الغربية اليونانية، ولهذا لجأ إلى السامر الشعبي المصري، ليكون نواة للمسرح المصري، وربما العربي، وخاصة أن التراث العربي توجد فيه الصيغ الاحتفالية المسرحيّة " فالمسرح بشكله العالمي المزعوم أصبح يهدد المسارح الشعبية الأخرى في كل بلاد الدنيا ... وهذا المسرح هو الذي قضى على مسرحنا الخاص بنا، والذي كان محتما أن يظهر إلى الوجود يوما ... فالفن كاللغة جزء لا يتجزأ من طبيعة الشعب وخصائص وجوده" 26 ويبدو أن السبب الرئيس الذي صار إليه المسرح العربي كما يراه عز الدين المدني أنه كان يفترض بالعرب المعاصرين ألا يتبنوا من الفن  المسرحي إلا النوع وحسب، لأنهم بتقليدهم الفنيات الغربية ومجاراتهم لها، قد جعلوا من الفن المسرحي فنا مقصورا على الحضارة الأوروبية ...27 وهذا يؤكد من جانب نقاد آخرين وحمّلوا الأوائل هذه المسؤولية " إن الخطأ كان في البداية التي كانت تقليدا أعمى إذ أخذنا عن الأوروبيين مسرحهم حسبما وصلوا إليه في القرن التاسع عشر " 28 من هذا القول نتبين مدى اهتمام المسرحيين العرب بإيجاد شكل عربي للمسرح، لأن هذا الشكل هو ما يعبر عن أماني وتطلعات الشعوب العربية، وكذلك ترسيخ فرجة عربية كمتعة وتسلية. لا أحد يستطيع أن ينكر بأن التراث واستلهامه أصبح ذا أبعاد ثقافية متنوعة، وهذا يعني أن من الضروري، وبشكل إلزامي استنطاق هذا التراث من أجل المقاومة لمنع تشويهه، وربما أكثر من ذلك ضياعه، فضياع التراث العربي لأي بلد عربي، هو بالتالي اعتداء على كل الأمة من دون مبالغة بهذا القول، لأن جذور التراث العربي لا بد أنها تتلاقى بشكل أو بآخر.
   ومن جانب آخر إن الاحتفالية العربية والتراث العربي لا ننظر إليه من خلال كوة زمنية قصيرة، بل ربما نعود إلى البدايات التي قد تشكل لنا قالبا مسرحيا، وبالنظر إلى تلك السيرة الشعبية القديمة التي مثلت بعدا تراثيا عربيا أصيلا، مثل حركة السيرة الهلالية، والتي قد تشترك بتصور مسرحي عربي كما يرى ذلك توفيق الحكيم " هنا إذن المنبع الذي نستطيع أن نخرج منه بشيء، فإذا أضفنا إلى هذا المنبع الشعبي منبعا آخر من تراثنا الأدبي في روايات الأغاني للأصفهاني وفيما ورد عن الجاحظ والحريري وبديع الزمان وغيرهم من شخصيات ومواقف وحوار، فإننا يمكن أن نخرج برأي في أمر الشكل أو القالب المسرحي الذي نحاول الكشف عنه" 29 13 ولا نعدم الحقيقة إذا ما قلنا أن التراث الشعبي العربي المبثوث في كل البلاد العربية، تمتد جذوره بالأساس إلى تلك الإشارات الثقافية العربية، فالبعد المقاماتي " المقامات " هو مبثوث بقصص العرب وحكاياتهم، وتلك النوادر والحكايات الجاحظية " الجاحظ " لها وجود مبثوث في تراثنا العربي، هذا هو منطلق الهوية العربية، لم تقف عند حد سنين معدودات، أو قرون قليلة، بل تتجاوز ذلك لعشرات القرون، والتي تؤكد أن هذه الأرض العربية منذ الأزل، ما كان أن تستمر، لولا وجدود هوية ثقافية وتراثية تراكمية على مدى العصور الطويلة.
إثنوسينولوجيا فرجة أردنية ( التعليلة ) :
   إن الفرجة الأردنية توضّح لنا ممارسة الإنسان الأردني لأشكال فرجوية متعددة، وهي بالتالي كانت محاولات أولى لما قبل المسرح، بل نجد أن شكل الفرجة " التعليلة " مثلا، والتي تعرف في الأردن وبين الأردنيين، قد تكون شكلا فرجويا متقدما، نجد فيه كل مكونات المسرح من حيث الشخصيات الممثل، والمتلقين " جمهور" والمكان " المضافة " والديكور. فكل شيء بالمكان " المضافة " كان جزئية في هذا الطقس، فصوت المهباش ترنم يماثل الصوت الموسيقي بإيقاع ما، وقرع الفناجين كذلك، وطريقة صبّ القهوة ورفع الفنجان كلها أدوات فرجوية سينوغرافية بمعناها البسيط، وطبيعة الاحتفالية التعليلية جماعية، والمتلقي مشارك سواء بالإعجاب الذي يتمثل بتريدد القصيد مع القصاد أو القاص، أو بالاندماج والتأمل والتأويل، ومن الملاحظ والواجب أن توجه إليه الأنظار، هو أن " التعليلة " تمثل منجزا ثقافيا مسرحيا، ومن هذا المنطلق تعنى هذه الدراسة، وتهتم كثيرا بهذا المنجز؛   ليكون شكلا مسرحيا.
التعليلة :
شكل من أشكال الطقس والفرجة الأردنية، تضمنت دلالات مختلفة، وما زالت قائمة إلى هذا اليوم وهي تحمل الاسم ذاته " التعليلة "، ويتداولها الأردنيون؛   لتعطي دلالة معينة على مناسبات عدة.
جاء في المعجم الوسيط " علّل ": علّل فلان: سقى سقيا بعد سقي، وعلّل : جنى الثمرة مرة بعد أخرى، وعلّل فلانا بطعام أو غيره: شغله به ولهّاه. من خلال المعنى المعجمي لماجاء بمعنى علّل، تظهر أن الكلمة أبانت عن مفهومين: مفهوم الشغل: وهو ما يعني التفكير والتأمل والتدبير كما يظهر المعنى. ومفهوم التلهي: وهو إنشغاله بشيء آخر غير التفكير، وإنما تحمل الكلمة معنى المتعة والتسلية. ومعنى الكلمة لا يخلو من الحركة والفعل، عندما نتبين من معانيها سقى سقيا بعد سقي، وجنى الثمرة مرة بعد أخرى، وهنا إشارة تكرارية تبين عن الفعل "الحركة". 30 14 وقد نجعل للتعليلة ترسمية مقاربة مع المسرح الآن :   
كانت هناك حكاية  = المسرحيّة.
القصّاد / القاص = الممثل.
الربابة = الموسيقى.
أواني القهوة وكانون النار  = ديكور/ سينوغرافيا.
الحضور = المتلقي.
المكان " الديوان / المضافة " = العلبة المسرحيّة / المكان المسرحي.
الزمن يكون عادة بعد تناول طعام العشاء " سهرة " = العرض المسرحي الحالي ويكون بالعادة ليلا أو مساء.
ربما تكون هذه الترسيمة البسيطة ذات أبعاد مقارنة ومقاربة ما بين الشكل الفرجوي " التعليلة " والمسرح الحديث والمتعارف عليه الآن بالعلبة الإيطالية، أو ما بني على المسرح الإغريقي أصلا.
وكانت تسبق التعليلة عادة بالإعلان عنها، فينتشر الخبر في القرية يعلم الرجال المتعبين طوال النهار، عن وجود القصّاد، وتتم دعوة الرجال إلى الديوان " مضافة " المختار أو كبير العشيرة أو القرية، وهذا ما يشبه الخبر الصحفي بالإعلان عن فعالية مسرحية كما يحدث في هذه الأيام.
وسنتعرض للتعليلة الأردنية كما كانت من خلال الكيفية التي كانت تمثل الفرجة، وهنا أشير إلى ثنائية القصّاد / القاص.
أ-القصّاد : وهو  الذي  يردد قصيدة شعرية نبطية " شعر عامي ".
ولكن الخصوصية في التعليلة تكون عندما يأتي القصاد إلى المضافة، وبطبيعة الحال فإن هذا القصاد هو جوال يدور بين القرى المختلفة.
تبدأ التعليلة كبداية أولى بعدما يقوم المختار أو كبير العشيرة بتقديم القصاد للناس، ويذكر اسمه والمكان الذي جاء منه.
الحضور بدورهم يرحبون فرحين بالقصاد بعبارات معينة مثل " يا هلا " أو  " يا هلا ومرحبا " أو " ألله يحيي القصّاد ".
يقوم القصاد  بالرد على الترحيب من قبل الحضور، وبعدئذ يعلن للحضور بأنه سيقول  " قصيدة " ويسمي تلك القصيدة .
وعادة ما كانت القصائد تفصح عن النخوة والشهامة والكرم والجود والصلح بين الناس، أو تنقل قصة عشق " تفصح عن الحرمان " بين رجل وامرأة .
البداية الثانية، تكون بعزف على الربابة مدة معينة استعدادا لما سيقوله القصّاد .
البداية الثالثة، يبدأ القصّاد بذكر القصيد النبطي مصحوبا بالعزف على الربابة.
ولم تكن هذه هي الحال بتمامها، فهناك حركات وتعابير ترتسم على وجه القصاد حسب طبيعة القصيد، وغالبا تتلون ما بين الفرح والحزن، وترتسم على وجهه تلك التعابير أحيانا من ردة فعل الحضور، الذين تبدأ معالمهم بالتغير حسب ما يقوله ويرويه القصّاد، لنجد أن كلا من القصاد والحضور يؤثر بالآخر.
والقصاد هو من يتولى كل هذا الأمر، فهو العازف على الربابة، وهو " القصّاد".
التمثيل " الحركة " : وبما أن القصاد هو الذي يعزف فتكون الحركات من يده قليلة، ولكنه يستعيض عنها بالتمايل، الذي يلاقية تمايل آخر من الحضور، إنه حالة من الطرب والترنم.
وهناك شخصيات أخرى تكون حاضرة في المكان مثل " القهوجي " الشخص الذي يقدم القهوة للحضور، وأحيانا أثناء العرض الذي يقدمه القصاد.
المتلقي : يتمثل دور الحضور في التعليلة بالإعجاب والاندهاش والفرح والحزن، وأحيانا يطلقون عبارات التشجيع للقصاد أثناء القصيد والعزف، وهذا بدوره سيخلق ردة فعل إيجابية عند القصاد، فيبدأ بإعادة بعض ما يقول أو بتحسين الصوت، أو بالحركات التي تعبر عن فرحه بما يسمع.
والمتلقي مشارك، يكثر في هذه التعليلة أن تكون هناك مشاركة من الحضور، وتتمثل هذه المشاركة بـ :
- ردة الفعل التي تعبر عن الرضى والقبول.
- التعابير التي تحث وتشجع القصاد.
- ترداد مايقوم به القصاد أثناء القصيد أو بعده.
-التأويل وأفق التوقع لدى الجمهور، نتيجة لتفاعل الجمهور مع القصاد، قد تتشكل لديهم ردة فعل معينة بأن النتيجة ستكون حزينة أو سعيدة.
من الملاحظ أن التعليلة التي كانت تتوافر فيها شروط إقامة حدث مسرحي، يمكن أن تتطور في السمرح العربي الحديث على أنها بنية كانت معروفة في الأردن، وربما تشترك فيها بلاد عربية أخرى، فالتعليلة مثل السامر الذي كان متواجدا في مصر، إن هذه الفرجة الأردنية ذات مستويات لا تقف عند حد الإعجاب، بل سنجد أنها تسير ضمن خطية معينة : البداية، العرض، والخاتمة.
هذه الخطاطة التي كانت تمثل المسرح اليوناني ضمن هذا التسلسل الزمني. ولهذا فمن الطبيعي أن يتوافر هناك أفق توقع لدى الحضور وقلما يخيب أحيانا، وخاصة أن التعاطف يكون نتيجة السعادة والرضى والقبول.
وبالنسبة للمدة الزمنية، فكانت تعتمد على :
- طول القصيد.
- رضى القصاد عن الجمهور فيعيد ويكرر أحيانا.
- الفجوات الزمنية التي قد تقطع القصيد مما يدفع القصاد لاعادة ما قاله.
ولكن، نستطيع أن نقول بأن زمنية تلك القصيدة، أو أكثر من قصيدة أحيانا في التعليلة الواحدة، قد تتجاوز مدة ساعتين مثلا، ولكن ليس بشكل متواصل، فحالة انقطاع ما بين قصيدة وأخرى تتمثل بفعل آخر مثل :
- شرب القهوة أو الشاي.
- تناول حلوى مثل التمر أو القطين أو الزبيب، أو الهيطلية، أو أي طعام آخر.
- حديث جانبي بين الحضور عمّا سمع من القصيد.
- حديث القصّاد والحضور من حيث التعبير عن رأيهم أو معاتبة القصاد بشيء ما، ومحاورة القصاد لهم، ونقل انطباع الجمهور في قرى أخرى.
- يسرد القصاد بعض ما يشاهدة من خلال تجواله كحكايات تعبر عن الاندهاش، أو تنقل الأخبار من مكان إلى آخر.
ومن خلال هذه الملاحظة نجد أن القصاد قام بأدوار :
- القصاد الذي يقول القصيدة.
- العزف على الآلة الموسيقية وهي الربابة.
- صحفي يقوم بنقل أخبار المجتمع، وخاصة أنه يتوافر له فرصة الاطلاع على الآخرين من خلال تجواله بين القرى.
- ويكون في التعليلة تداول لشؤون الناس وتلاقح الأراء، وسيكون بالتالي تكريس لمنهجيه معينة للمنفعة العامة، والمسرح لا بد أن تكون منه فائدة من أجل إحداث تغيير في المجتمع على رأي بريخت وليس الحصول على المتعة و فرجة فقط، فالمتعة جزئية في المسرحيّة.
ومن خلال هذه التعليلة نلمح أن عناصر المسرح الحديث، هي موجودة بشكل أو بآخر، وخاصة مثل النقاش الذي يدور بين القصاد والحضور، وهو ما يعرف اليوم بحلقة النقد، والنقد المسرحي ضرورة لا بد من توافرها في المهرجانات المسرحيّة والعروض المسرحيّة؛ للوقوف على المعاني والدلالات، وردة الفعل من الجمهور وإيضاح ما استعجم فهمه، أو مناقشة حول الديكور والسينوغرافيا وغيرها من التقنيات.
وبالنظر مرة أخرى إلى التعليلة نستطيع تمثلها كشكل مسرحي عربي ساد في أماكن عربية أخرى، وتمثل في بلاد الشام والعراق ومصر، وربما نجد لها شكلا يسود الآن في دول الخليج وهي " الديوانية " مع بعض الاختلافات، ولكنها بالجوهر العام قد تتلاقى.
ومن خلال الشكل الاحتفالي " التعليلة " الأردنية نستطيع أن نتلمس جذور المسرح " الأردني " ما قبل المسرح، ونستطيع أن نجعل هذا الشكل شكلا مسرحيا متطورا، وذا بنى أردنية أو عربية أصيلة لتقعيد المسرح العربي، إن هذه الاحتفالية يمكنها أن تكون نواة مسرحية حقيقية، ولم لا يتم تسليط الضوء عليها؟ وخاصة أننا ما زلنا نبحث عن جذور المسرح العربي، لتأكيد الهوية والوجودية، وهذه طبيعة البحث التي تمثل تراكمية المعرفة، إن الأدبيات السابقة هي التي ستقود إلى نتائج لاحقة، وبما أن المجتمعات متغيرة لم لا يكون هناك شكل للمسرح العربي، بالرغم من الإشكاليات الكثيرة، سواء التي تتعلق بنظرة النقاد والمسرحيين الذين يواكبون كل ما هو غربي، أو بالنظرة العامة للناس... ولكن كل هذه الأسباب وغيرها مهما كانت ستتقهقر، عندما يتم تكريس مسرح عربي يشار إليه، أو مسرح أردني مثلا وهو بالتالي مسرح عربي، وكثيرا من الفرجة المسرحيّة العربية هي ذات بنى مسرحية سواء أكانت في مصر مثل السامر، أو الحلقة المغربية أو القوال الجزائري والتونسي أو الحكواتي الشامي والمصري والعراقي و" التعليلة " الأردنية.
ب- القاص : الحكواتي القصاص / الراوي/ السارد .
وهذا الجزء الآخر من الاحتفالية والفرجة الأردنية كان يتم في " التعليلة " المكان المضاقة غالبا، والحضور كما مر بنا. وربما يكون الاختلاف ليس جوهريا ما بين القصاد والقاص، وهذه السمة تغلب عليه في الأردن وهي تعني الحكواتي والقوال، ونجد أن الاختلاف يتمثل بـ :
- طريقة السرد أو الحكي: غالبا ما كانت تقوم بسرد قصة شعبية طويلة، وهي تمثل ملحمة كما يطلق عليها البعض من النقاد العرب، أو السيرة الشعبية كما يفضل آخرون، وكانت متداولة بين الناس باللهجات العامية، ويتخللها الشعر. وأحيانا يلجأ بعض القصاصين والحكواتيين إلى سردها على شكل شعر شعبي. " القاص كان ينشد الشعر انشادا، ويرتل عبارات السيرة، ويتم النشيد على آلة الربابة، ويترتب على المنشد أن يغير نبرة الصوت مستهلا السمر بذكر النبي - عليه السلام - ويختم حديثه بالصلاة على النبي، فان البطل العربي يعرف نفسه للجماهير بقوله يقول الفتى، ويقوم الراوي بقطع السياق عند الأحداث المهمة ليثير التشويق والفضول، ويضيف ما يتطلبه الموقف، ويعدل في الشخصيات والعلاقات... ومن السير التي كانت تحكى في الاردن سيرة عنترة سيف بن ذي يزن، سيرة ذات الهمة، السيرة الهلالية، سيرة الظاهر بيبرس... 31    
- الطول : تمتاز هذه التعليلة بالطول نسبيا، لأن الغاية منها سرد سيرة طويلة لمجتمع معين من الناس " مثل سيرة أبو زيد الهلالي " أو سيرة عنترة .
- التقطيع : وهي أن تقسم الحكاية التعليلة لأقسام عدة، كل يوم أو كل أسبوع، حيث يتم تناول مقطوعة قصصية بما فيها من أحداث ومفاجآت، وهكذا حتى يأتي القاص على كل الحكاية .
- النظم : نطم المنثور – كما يفعل في القصيد - وهو قصة شعبية تسرد بلهجة عامية.
- الحركة : الحركة هنا والتي تشير إلى التعبيرات، وربما ما يتعلق باللباس أيضا، أو بما يحمله القصاص مثل العصا بيده، هنا الحركات تختلف لسببن :
أ-  قد يستغني القصاص عن الربابة لفترة وجيزة وهو يقوم بالسرد، والموسيقى تأتي ما بين سرد وآخر وهو عادة متتابع، وما الموسيقى إلا فواصل زمنية قد تدعو للتأمل أو التفكير أو التشويق.
ب- قد لا يستخدم القصاص أصلا آلة موسيقية، ولكنه يكتفي بالحركات.
- الآلات : عادة ترافق القصاص الربابة، وإذا ما تخلى عن الربابة قد يحمل عصا رفيعة بيدة، ويشير بها، دلالة على تعبيرات وإشارات حسب ما يرد ذلك في المواقف التي تسرد.
أما من حيث الديكور والسينوغرافيا، فإننا سنراها متشابهة وخاصة أن القصاص عادة يتواجد في المضافة كمكان للقص وتلقي القص.
- المشاركة ربما تكون محدودة ما بين المتلقي والقصاص وخاصة أنه قد يفشل بتحقيق أفق توقع. ويبقى المتلقي يفكر ماذا سيكون في المرة القادمة، أو غدا عندما يبدأ القصاص بمتابعة سرد القصة.
- يتلاقى القصاص والقصاد، كل منهما يسرد وهو من يقوم بالعزف أحيانا، وقلما يكون معه عازف آخر.
- البطل هنا يختلف عن البطل في القصاد، فالقصاد يتحدث عن بطل فرد، ولكن القصاص يتحدث عن أبطال " أفراد " ضمن مجموعات شعبية كبيرة، وهذا ما سيؤثر على طريقة السرد وتناول كل قصة.
- والزمن هنا يبدو طويلا، فقد يأخذ القصاص أياما كثيرة، في حين القصاد يتناول القصيدة في فترة زمنية تتراوح ما بين ساعة وثلاث ساعات.
هذه هي شكل التعليلة التي كانت معروفة في الأردن، ومازال الأردنيون يذكرونها، وقلما نجد خلافات ما بين مكان وآخر، ولكن الشكل العام، يبقى معروفا لدى الجميع.
إن " التعليلة " الأردنية شكل احتفالي يفترض أن نتوقف عنده لما يحمل في طياته من عناصر البناء المسرحي الحديث، والذي كان ديدنه التطور، ويمكن أن نرتقي بهذا الشكل الاحتفالي تطويرا، من خلال إحداث تقنيات تتواءم مع الشكل والصيغة العامة للتعليلة. وهذه الدعوة توجه لكل المسرحيين من الكاتب والممثل والمخرج.   
إضاءة
إن دراسة التعليلة كمنجز ثقافي، بحاجة لتسليط إضاءة أكثر عليها؛ للوقوف على تمفصلاتها بنظرة شمولية، توضح عن منجز ثقافي يمثل شكلا مسرحيا.
المؤدي:
إن القصاد / القاص لديه قدرة تواصلية مع المتفرج من خلال تعاطفه فيما يقول ليؤثر فيه، ولهذا ستكون التعليلة كمنجز ثقافي بتفاعلية تشاركية تواصلية، ما بين الراوي والمتلقي، ومن هنا يكتمل منجز التعليلة، فالقصاد هو المؤدي، وهو الذي يقرر تقسيم الدور الذي يقوم به بطريقة ما، وتبدو في حكي القصيد متسلسلة، و لدى المؤدي القدرة على جذب المتلقي للمشاهدة والتأمل والاندماج، فالقصاد هو الراوي وهو الذي يقوم بكل ما في فرجة التعليلة.
اللباس:
إن لباس القصاد / القاص لم يكن مخصوصا باختلاف عن لباس الآخرين، فيتمثل باللباس التقليدي المعروف لدى الناس، ولكننا نرى لازمة أخرى لا تفارق القصاد ألا وهي الربابة " 32 عندئذ ندرك أن الربابة لها علاقة مباشرة بالحكي، وفعل الحكي أيضا من خلال أنغامها، ويتمثل هذا بالشعور الذي تتركة لدى المتلقي، والذي يبدو طربا لموسيقاها والتي يصنعها " القصاد/ القاص ".
وضعية الراوي:
عادة يكون القصاد / القاص جالسا على الفرش ويحيط به الحضور جلوسا، وتبدو جلسته فيها الكثير من الاعتداد بالنفس، وقد يترك أثرا ووقعا لدى المتلقي الذي يتلقى خبرا " قصيدا " حكاية ما جدية تتطلب تشنيف الأذان، لتسمع وترى فيها في وقت واحد. ويأخذ وضعية الجلوس في مكان يكون مرئيا من الحضور. وإذا ما انتقلنا إلى القاص فهو هو القصّاد، إلا أننا نجد اختلافا بعض الشيء يتمثل بالحركة، وشكل الحكي، فأحيانا القاص لا يستعمل الربابة، وفي حالة استعمالها فإنه يتوقف عن العزف، ليقوم بالحكي مدة زمنية ثم يعاود العزف، وهكذا حتى يأتي على الحكاية كلها، أما القصاد فتوقفه أقل، وربما يكون هناك انقطاع موسيقى الربابة لبرهة زمنية قليلة جدا، وربما يعود السبب في حالة القاص الذي تصاحبه الربابة، لاعتماده على يدية وحركتهما وحركة جسدة أيضا، وهذا قلما يلجأ إليه القصاد.
الصوت والحركة:
الصوت الجهوري ذو النغمة الرقيقة هو إجمالا ما يصاحب القصاد/القاص. ويقوم القصاد وهو هنا الراوي بمط نهاية الكلمات المغناه؛   فتعطي إيقاعا ونغما موسيقا يتناسب تماما مع الشعور العاطفي له وللمتلقي، ولهذا نجد أن الحضور يشاركونه أحيانا في مط هذه الكلمة، وهذا دليل على قدرة القصاد بدمج المتلقي فيما يقول، ليخلق لديهم إحساسا يؤدي إلى تمكين الحكاية أو القصة في نفس المتلقي. ونبرة الصوت تتقلب حسب ما يروى في الحكاية، فيصبح الصوت أحيانا يعبر عن الغضب أو الحنين والشوق، وأحيانا نجد القصاد يسرع بالأداء اللفظي للقصيدة، وخاصة إذا ما انتهت إلى موقف إحدى الشخصيات، وكأنه يعبر عن نهاية صاخبة تشي بالكثير عن البعد العاطفي.
جسد القصاد / القاص:
إذا ما اعتبرنا أن الصوت هو جزئية من جسد القصاد، ليملك قدرة تعبيرية معينة لا يستطيع أن يستغني عنها، بل إن القصاد قد يتكئ كثيرا على صوته الذي يستطيع أن يلونه حسب مواقف القصة، وهذا لا يتوافر لكل الناس، وهذه ميزة تجعله أكثر قربا من الفن الذي يؤديه.
خارج القصيد/ القص :
هناك حكاية أخرى، تروى من دون الربابة بداية، وأحيانا يلجأ القصاد لهذا الأسلوب؛ لتوضيح فكرته كراو للحكاية، ويعقب ذاك البدء إلقاء الحكاية مقفاة على آلة الربابة.
بداية القصيد / القص:
عادة ما نلاحظ أن القصاد/القاص قبل أن يبدأ - سواء أكان بالقص غير المصاحب للموسيقى الربابة أو المصاحب لها - يصلي على النبي ويشاركه الحضور بهذه الصلاة، وربما تكون مثلا " بسم الله وبالصلاة على النبي نقصد ونقول " وهي أولا وأخيرا عبارة استفتاحية وختامية أيضا، وهي متداولة بين الناس في كل مكان وزمان كشكل سردي له بداية متعارف عليها، والغاية منها التنبيه.
اللغة :
يستخدم القصاد/القاص اللغة العامية المفهومة من المتلقي، وخاصة أن تلك القصائد النبطية متداولة بين الناس بصيغتها المتعارف عليها، والقصاد يحفظها ولم تصل إلى هذا المكان من قبل أحيانا، فكل قصيدة نبطية تحوي حكاية، والحكاية قد تتشعب لتحوي حكاية أخرى، وحكايا من ضمن القصيدة الواحدة، وخاصة أنها تتحدث عن جملة من الشخصيات في القصيدة، وهذه الشخصيات ذكورية وأنثوية.
طبيعة المكان:
الديوان : اسم المكان، والذي يجتمع فيه الناس في الأردن، ويسميه بعضهم الديوان، وفي المعجم الوسيط، دوّن: دوّن الديوان: أنشأه وجمعه، ودون الكتب جمعها ورتبها. ومن هذا المعنى نجد أن الديوان هو المكان الذي يجمع الناس، ويكون فيه تراتبية أيضا، ليس في هذا الديوان فوضوية، لأن الغاية من الاجتماع التداول في شأن ما أو لغاية ما. والدواوين منتشرة في الأردن وقد تحمل اسم المضافة. 33
المضافة : اسم مكان، الاسم الذي يطلقه الأردنيون على المكان الذي يجتمع فيه الناس ويجتمع فيه الضيوف وغيرهم، وهي منتشرة في الأردن حتى الآن، وقد تحمل المضافة اسم الديوان. في المعجم الوسيط : ضاف إليه ضيفا وضيافة: دنا ومال واستأنس به، وضاف فلانا: نزل عنده ضيفا، وأضاف الشيء إليه: ضمه وأسنده أو نسبه، وأضاف فلانا: أغاثه وأجاره وأنزله ضيفا عنده، والمَضيفة: موضع الضيافة، اسم مكان. وهنا نجد مرة أخرى أن المضافة هي المكان الذي يجتمع فيه الناس سواء أكانوا ضيوفا أو من أهل البلد. وبهذا نستدل على أن التعليلة هي عملية اجتماع منظم ويقوم على تراتبية معينة.34  
القصاد / القاص مرسل الرسالة:
يبدو أن القصاد من خلال القصيد، وكأنه يعرف شيئا ما لا يعرفه الآخرون " المتلقي " وهنا يصبح جزءا من الحكاية " القصيدة " ولهذا يبدأ التواصل مع المتلقي على أساس أن هذه الحكاية التي تحدث أمامهم الآن، عندئذ بقدرته على امتلاك سماع الآخرين يستطيع أن يدمج الآخرين في قصائده، ليؤكد حاضر الحكاية أثناء القص.
الخاتمة:
وفي الخاتمة يبدو على القصاد التأثر من فعل الحكي، ولكنه يختم القصيدة بالصلاة على النبي كما بدأ الفرجة، فيستجيب الجمهور الذي يرد عليه بالصلاة على النبي وعبارات الثناء.  هذه إضاءة توضيحية لما تقوم عليه بنية الحكي من خلال الراوي القصاد/ القاص، لتقريب صورة التعليلة الفرجوية، ومن هذا نستطيع القول أن الفرجة التعليلية لم تكن مسرحا إخباريا، ولم تكن مداحا، بل كانت فرجة متنوعة.
المسرح المدرسي / مسرح الطفل / أدب الطفل
إن المسرح المدرسي لا ينفصل عما يعرف بأدب الطفل، وإن بدا أدب الطفل متنوعا، إلا أن هناك مسرحا خاصا موجه للطفل كجزئية من أدب الطفل، وإن الأدب يشمل الفكر والفن، كما يبين ذلك محمد غنيمي هلال وهو يتحدث عن الأدب بصفة عامة " مهما يكن من اختلاف بين الباحثين في تعريفات الأدب فهم لا يمارون بتوافر عنصرين في كل ما يصح أن نطلق عليه أدبا هما، الفكرة وقالبها الفني، وهما يتمثلان في جميع صور الإنتاج الأدبي سواء أكان تصويرا لإحساسات الشاعر تجاه الكون وما فيه من جمال وأسرار، وحيال آلام الإنسانية وآمالها، أم كان تعبيرا عن أفكار الكاتب في الإنسان والمجتمع، وسواء كان ذاك الإنتاج الأدبي رسالة أو مقالة أم مسرحية أو قصة" 35 ولكننا سنلاحظ خصوصية التكوين للطفل على مستوى الإدراك والفهم والإحساس، فأدب الطفل " آثار فنية تصور أفكارا وإحساسات وأمثلة تتفق ومدارك الأطفال، وتتخذ أشكال القصة والشعر والمسرحية والمقالة والأغنية.36    وهذا القول ينطبق تماما مع ما قاله محمد غنيمي هلال، ونجد أن الهيتي ينطلق من الأدب كفكر وفن، وهذا يضعنا أمام مقولة الجدية بما يقدم للطفل، ولا ينظر إليه بدونية تقلل من كينونته، بل لا بد أن نجعل هذا الأدب يندمغ تماما مع مقومات الطفل كإنسان. وبخصوص المسرح الطفلي فهو كنشاط محبب للأطفال بما يتضمنه من صور متعددة وبعيدا عن أسلوب التعليم التقليدي، فهو كما يمثل متعة يمثل تعليما بشكل جذاب مما يجعل له جمهورا من الأطفال يتزاحمون لرؤيته لاكتشافه بمتعة كبيرة " فالقصص التي تسير على نمط التمثيلليات والمسرحيات فيها جاذبية خاصة للأطفال.37 ولهذا وجب على كل من يريد مسرحة قصة من أجل إيصال أهدافها ومراميها للطفل أو التلميذ في المدرسة لا يمكن أن تصلح إلا إذا " إذا أعدت إعداداً درامياً أو مسرحياً من نوع خاص"38 من هنا ندرك أهمية مسرح الطفل وهو يترسخ في ذهنه مستقبلا، ليكون من بين المرامي والأهداف لينخرط الطفل مستقبلا في المسرح، وبجزئية من جزئياته الكثيرة الفنية والتقنية، فتنمية الذائقة المسرحية للطفل في المدرسة وعلى مستوى المسرح المدرسي له أهمية كبيرة في ميدان المسرح، وخاصة أن المسرح عملية تراكمية بنائية دائمة التشييد وانبثاق رؤى متجددة.
والمسرح المدرسي نشاط غير منهجي في المدارس وخاصة المدارس الحكومية الرسمية، فهو نشاط يقوم على جهود المعلمين وغير متخصصين في المسرح، ويقوم على جهود تلاميذ مدرسة يجلسون على مقاعد الدراسة، حيث يبدو لهم المسرح لعبة أو نوع من اللعب المحبب، ويبدو المسرح أيضا كتجربة ورغبة في مرحلة ما سرعان ما تتلاشى، والمسرح المدرسي قاعة جوفاء تبدو بتقنيات قليلة وإن وجدت، وبفنيات أقل وإن وجدت، حيث تفتقد للخبرة، وفنياتها قليلة تفتقد للدراسة والتعليم والتجربة المسرحية على مستوى المعلم الذي يرشد الطلاب إلى كيفية القيام بالدور والأداء في المسرح المدرسي، ويدور في دائرة الأداء الحفظي كما يقال عن ظهر قلب كقطعة شعرية، ولكنها خالية من كل مقدرة ذاتية على التجسيد الحركي والتمثيل الذاتي، وهذا بسبب نقصان الفنيات والتقنيات. وبعيدا عن أهمية ودور المسرح المدرسي في توسيع مدارك التلاميذ الفكرية وتنمية القدرات العقلية والجسمية وإرشادهم إلى الجمال في ذاته وتمثله سلوكا وتنشئتهم تنشئة اجتماعية سليمة تربطهم بتراث أمتهم ووطنهم لخلق الجيل الصالح..39  فالمسرح المدرسي اسم هلامي غير مستقر كرؤية تربوية على مستوى وزارة التربية والتعليم والمدرسة، لا يوجد هناك حصص خاصة للمسرح على الجدول الدراسي، فهو كنشاط غير مجدول لا من الناحية العلمية ولا من الناحية الفنية، فهو يبدو فضلة في عقول التربويين، ولهذا فقد غاب عن البرنامج الدراسي، وهو مرة أخرى فضلة في نظر التعليم المدرسي.
إن المسرح المدرسي الواهن في كثير من الدول العربية ومنها الأردن، وقلما تجد من يهتم به على مستوى الأوطان العربية، ولكنه قد يمثل بنية أساسية في معرفة المسرح لتتغير الصورة عن المسرح كلما شب الطفل. وكثيرا من المسرح في الوطن العربي بدا بالنظرة الضعيفة من المدرسة، وربما هذه صفة كل المدارس، إذا ما كان هناك مسرح مدرسي حتما سيقود إلى قصة أخرى، هذه القصة الأخرى ستتبلور فيما بعد بمسرح الطفل، ومسرح الكبار، عندئذ القصة الأخرى ستكون مختلفة بالفنيات والتقنيات، فالمسرح المدرسي لا شك أنه علم وفن.
والمسرح المدرسي في الأردن، نستطيع القول أنه بدأ منذ تاريخ المدرسة الأردنية أي قبل العام 1900، وبدأ مرة أخرى العام 1914، ونشير إلى أن الباجث والأديب الأردني روكس العزيزي قد بدأ بكتابة المسرحيات في العام 1921، 1922، حيث كان معلما في دير اللاتين في مادبا، وعمل معلما في السلط وعجلون.
إن مسرح الطفل في الأردن بدأ وانطلق من المدرسة على مستوى المنهاج والرؤى من حيث الأهداف والقيم والتعليم، وهذا ما كان في بدايات المسرح الأردني " إن البدايات الأولى للمسرح الأردني تبدو مدرسية تتعلق " بتعليم الطلاب فنون الالقاء وسلامة اللغة وقوة الشخصية والثقة بالنفس "40 وهنا تبدو الإشارة إلى المسرح الأردني على أنه مسرح مدرسي محض، ليكون النواة الأولى. إن هذه البداية المسرحية في الأردن بداية طبيعية في كل المدارس، ولكنها ستعرف التلميذ بفن جديد، فن التمثيل والمقدرة على التمثيل والتمثل. نقسم مسرح الطفل إلى قسمين، القسم الأول المسرح المدرسي، وهو قد بدأ منذ زمن بعيد مقارنة مع مسرح الطفل، لأن المسرح المدرسي يندرج في إطار المؤسسة التعليمية أولا، ثم في إطار العملية التعليمة التربوية المدرسية والمجتمعية، لهذا سنجده متوائما مع الأهداف العامة للتعليم والقيم والمفاهيم، فهو بالتالي سيكون مسرحا تفاعليا، والقسم الثاني هو مسرح الطفل، وشتان ما بين مسرح المدرسة ومسرح الطفل، وهذه الدراسة لا تخوض بالاختلافات بينهما... وهناك إشارة أولى لمسرح الطفل في العام 1971م ،41 حيث نجد أن المدى الزمني بعيد جدا ما بين مسرح المدرسة - مهما كان حضوره - وبين مسرح الطفل في الأردن، ولا بد من الإشارة إلى الاختلاف الكبير بينهما.
***
المسرح الأردني " تاريخ المسرح الأردني الحديث "
يبقى الباحث مفيد حوامده يتقصد الحياد والموضوعية، وهو ينظر إلى البدايات الأولى للمسرح الأردني في العام 1914م على يد يوحنا بونفيل،42 ولكنه نقل عن الآخرين أيضا. لهذا ترجع هذه الدراسة إلى الحفريات الأولى التي تمثلت على أرض الأردن، لنؤكد الأحقية بالشك، وفتح المجال لأبحاث أردنية جديدة باستمرار، لتقعد المسرح الأردني من دون أن تخلطه مع غيره بتاتا. فهذه الدراسة التي سيقول بعضهم أنها شاملة لأمور كثيرة بما فيها بدايات المسرح، كانت هذه هي الغاية منها للوقوف على كل البدايات، والتي تنتج ثقافة ومعرفة وفكر ومن ضمنها المسرح، والأردن أنتج الكثير من المعرفة على أرضه على مستوى الثقافة والفكر وعلى مستوى الوجود والتاريخ.
 وبما يخص المسرح الأردني أشير إلى كتاب أوراق بيضاء لعادل لافي،43 وقد تعرض بالنقد لكتاب شما وشقم " المسرح في الأردن " ووسمه بقوله " فوجئت بالعثور على الأخطاء التي تنسب الروايات المسرحية إلى غير أصحابها الحقيقيين مثل مسرحية الملاك والشيطان فهي من تأليف شخص يقول عنه عباس، ومسرحية هات الكاوي يا سعيد من تأليف إبراهيم الطبيب ومسرحية الأميران الأسيران ألفهما يوسف العمشيتي، ومسرحية الدياميس ألفها بولص السمعاني وليس من تأليف الحيحي كما يبين لافي في كتابه 44 هذا من حقه كدراسة توثيقية، ولكنه لم يقف على تلك الحقيقة إلا بإثبات أن هذه المسرحيات لآخرين، أما بخصوص انكاره اعتبار الطقوس العرسية كجزئية من بدايات المسرح، وقد تعرض لها شما وشقم، فهي نظرة ليست من باب الصواب، وخاصة أن تلك الطقوس فيها الكثير من المسرح، ولا ننسى أن المسرح الغربي يرجع للاحتفال يستقي منه رؤى مسرحية جديدة.45 وهو يشير إلى رفض اعتبار المدرجات كنواة للمسرح ، وأشير إلى أن المدرج النبطي في البتراء هو صناعة عربية نبطية ، تأسس في عهد عبيدة الثاني عام 30-9 قبل الميلاد. لم تكن المدرجات تمثل المسرح بشكل خاص، بقدر ما كانت تمثل المناسبات العامة والمتنوعة، سواء أكانت الدينية والأعياد والاحتفالات بالنصر والاجتماعات العامة، لاتخاذ قرار ما مثل الحرب وتجييش الناس مثلا أو غيرها، ولهذا نجد انتشار المدرجات كما هي الحال الآن بانتشار المسارح، وأهداف قاعات المسارح أيضا متنوعة، وكذلك انتشار قصور الثقافة والقاعات العامة والمخصصة للاجتماعات العامة، وبصفة رسمية ذات طبيعة شبيهة، سواء أكانت للمتخصصين أو للجمهور بشكل عام، ولكنها إشارة تبدو موضوعية بوجود المسرح فب الأردن منذ زمن الأنباط.
ونجد خلطا لدى بعض من كتبوا عن تاريخ المسرح الأردني، فالباحث " مفيد حوامدة " يذكر أن مسرحية " هات الكاوي يا سعيد " هي للبولوني بونفيل، و "عادل لافي" يقول هي للحيحي، ولكني أرجح أن يكون بونفيل هو صاحبها، وخاصة أن بونفيل هو من كان يدعو الناس " للدير وعلى أرضيته الواسعة يفرش لهم البسط ويقدم لهم بعض الألحان الفلكلورية بنغمات راقصة، حيث درج على تعليم شابين أو أكثر فصلا يمثلانه في الدير، 46 وما يجعلني أؤكد أن يوحنا بونفيل في العام 1914 هو من أسس لبدايات مسرح في الأردن، نجد لافي يقول في كتابه عن دور مسرح الحيحي حيث كلن عبارة عن " دكة خشبية كبيرة انشئت في ساحة المدرسة وفرشت بالسجاد والجمهور من الأهالي في بلدة مادبا"47 وهنا إشارة إلى أن هذه الطريقة استخدمها يوحنا بونفيل بفرش الأرض والتمثيل والجمهور وساحة عرض المسرحية، وهذا ما ذكره وقد أشير إليه آنفا.48 لهذا نؤكد أن يوحنا بونفيل هو الذي رسخ وجود بدايات مسرحية تؤرخ في العام 1914، بعيدا عن أي نظره غير موضوعية، وبعيدا عن التعاطف وتجيير الأشياء لأناس من أجل التقليل من شأن الآخرين، وهذا يندرج في اللاموضوعية وفقدان البحث قيمته الحقيقية، ومن الإشارات التي يسعى " لافي " من خلالها ليحرم يوحنا بونفيل من الريادة للمسرح الأردني، ولكنه يسقط بلسانه حيث يقول " وبعد هذه البداية المتواضعة عمل المسرح في الأردن على التفاعل مع المد القادم من فلسطين على يد أنطون الحيحي "49 نلمح من قوله شيئين : هناك بداية ومهما كانت يصفها بالمتواضعة، ونلمح شيئا آخر وهو التجيير مرة أخرى بنظرة غير موضوعية، ومهمة لافي هي دحر يوحنا بونفيل عن ريادة المسرح في الأردن، ولكن الحيحي جاء إلى الأردن في عام 1918 وبونفيل كان موجودا في العام 1914، أي قبل الحيحي بأربع سنوات، وهذه السنوات الأربع بما لدى بونفيل من معرفة بالمسرح والثقافة المسرحية قادرة على ترسيخ أسس مبدئية للمسرح في الأردن، لذا تبدو مقولة الحوامدة هي الأقرب، وهو يتحدث عن البداية الأولى للمسرح الأردني في العام 1914، ونؤكد مرة أخرى أن الحيحي سار على خطى بونفيل، ثم إن روكس العزيزي الأردني اشتغل منهوما بتقعيد المسرح الأردني على مستوى الكتابة والإخراج، ولا ننقص من جهود الذين زرعوا البذرة الأولى في الأردن لإيجاد مسرح، ونشير إلى المكان الذي انطلق منه هذا المسرح في مادبا، وجهود المسرح في إربد عام 1920، وجهود الأهلين الذين واكبوا مشاهدته في أماكن أخرى في عجلون والسلط، ومما يجعل الأمر صعبا أن تلك المسرحيات الأولى لم تجمع وتدون بحيث تكون متاحة للجميع ، ومتاحة للدرس والتحليل إلا بشيء يسير، وهذا يجعل الأمر فيه شيء من الغرابة، وخاصة أن روكس العزيزي يشهد له بالتدوين، لكني لم أعثر على تلك المسرحيات المؤلفة، وهنا الإشارة إلى المسرحيات في بداية العشرينيات من القرن العشرين، أي بدءا من الأعوام 1914 – 1920، وقد تم التطرق لبعض ما جاء فيها وخاصة في مسرحية عثمان قاسم " سهرات العرب " 1920 في إربد ، وهذه المسرحية تعمل على تحفيز مقاومة العرب للاستعمار، ونورد منها :
الركابي : ماذا وراءك من أخبار؟
الرسول : لقد أعلنت الحرب بيننا وبين خصومنا الذين تقدموا من جهة ميسلون فاطلقت مدافعهم قنابلها علينا، وتهقر رجالنا إلى الوراء وقد قتل وزير الحربية .
الركابي : وأين الأحرار ؟
الرسول : لقد بقي الأحرار في العاصمة حتى آخر دقيقة لأنهم عارفون بسخط الخصوم والموالين لهم، أما الملك فقد غادر دمشق إلى الكسوة مع نفر من رجاله.50  وهناك المسرحيات التي مثلت بعد ذلك بدءا من الأعوام 1921 – 1930، ولكني أشير إلى أن روكس العزيزي له مسرحية بعنوان " الأرض أولا " كتبت في العام 1935،51 يوجد فيها الكثير من الشخصيات، ولاحظت نبرة الشخصنة فيها، تتكون المسرحية من خمسة فصول. الفصل الأول من خمسة مشاهد، الفصل الثاني من ثلاثة مشاهد، الفصل الثالث من أربعة مشاهد، الفصل الرابع من أربعة مشاهد ، الفصل الخامس من ستة مشاهد. ونشرت في فترة زمنية بعيدة نسبيا عن تاريخ الكتابة، حيث نشرت في بداية الأمر في مجلة العرفان اللبنانية في عام 1971، ونشرت من قبل وزارة الثقافة في العام 1988.
   تشير الدراسات حول المسرح في الأردن إلى أن "  الحيحي " في العام 1918 مثل البداية الأولى للمسرح الأردني، وهنا الإشارة تبين عن انتاجية مسرحية، وهذا يعني أن النواة الأولى للمسرح في الأردن تكون قد بدأت قبل الحيحي، لأن انتاجية مسرحية لا تكون طفرة ما لم تكن هناك إرهاصات أولية تؤكد وجود معرفة مسرحية في الأردن، وما يؤكد هذه الإرهاصات أن الأردن يرتبط بعلاقات متنوعة مع الشعوب العربية المختلفة قديما ترجع إلى زمن الفنيقيين والمؤابيين والعمونيين  ثم الأنباط  في بلاد الشام كلها ومصر، والأردن جزء منها عبر التاريخ القديم والحديث، وترتبط الأردن مع  مصر قديما بعلاقات وطيدة جدا تقوم على التبادل التجاري، وهذا يؤكد أن الأردن قد تأثر بشكل أو بآخر بهذا الفن الجديد الغربي الذي بدأ يلج الوطن العربي على يد مارون النقاش في العام 1847 عندما اقتبس مسرحية البخيل لموليير.
   إن المسرح الأردني مرّ بمرحلة قد تكون مترهلة منذ البدايات على أساس تقعيد المسرح على مستوياته كافة، بدءا من النص والإخراج والتمثل والتقنيات، والتلقي على مستوى النقد المسرحي و " يمكن التعميم بأن هذا المسرح الأردني كامتداد لحركة المسرح العربي لم يتمكن من الرسوخ والتأصيل كشكل فني له عناصره ومميزاته، أو كمؤسسة جمالية مستقلة تتطور بذاتها ومن داخلها "52 إن هذا القول لا نجد فيه تعسفا بما يخص المسرح الأردني وربما باختلاف عن المسرح العربي أو المسارح العربية، وقد تكون للظروف التي مرت بها الأمة العربية وتأثيرها بشكل كبير على الأردن كانت وراء تقصير الرؤية المسرحية في الأردن والوطن العربي، ولو نظرنا لبدايات المسرح الأردني الأولى سنجد أنه يماثل المسرح العربي تقريبا مع بعض الاختلاف الطفيف، وربما يكون السبب بتأخر المسرح الأردني بعدم تواجد فرق عربية للمسرح جاءت إلى الأردن على العكس من الدول العربية التي حظيت بوجود فرق مسرحية عربية زائرة، وقد يرجع السبب لبقاء " مقياس نجاح العمل المسرحي مرتبطا في غالب الحالات بمدى تعمقه واهتمامه بمعالجة الهواجس والهموم التي تشغل الوجدان العام "53 من هنا تبدو أن النظرة الجمالية للمسرح في الأردن كانت محدودة ، نتيجة لانشغال الناس بالهم المحلي والعربي، وربما لم يكن المسرح قادرا في بداياته على معالجة تلك الهموم أو الولوج إليها.
   إن البدايات الأولى للمسرح في الأردن يبدو مدرسيا تتعلق " بتعليم الطلاب فنون الالقاء وسلامة اللغة وقوة الشخصية والثقة بالنفس "54 نتبين أن الحديث هنا ليس عن المسرج المدرسي، وليس عن المسرح الأردني كتمثيل ورؤية إخراجية وموضوع، حيث ظهر الاهتمام بالمسرح في الأديرة المسيحية وعلى سبيل المثال كان قصب السبق في ذلك لدير اللاتين في مادبا حيث تواجد في الدير رهبان تتوافر فيهم سعة الثقافة ويدركون أهمية المسرح كفن " وقدرته على نقل الفكر والتوجهات الانسانية والتأثير المباشر في الناس "55 ونجد اهتماما أردنيا بالمسرح على مستوى الكتابة عندما استلهمه روكس العزيزيزي الذي كان معلما في دير اللاتين وقد عمل على نشر الثقافة المسرحية في أماكن أخرى مثل عمان والسلط وعجلون، وبما أن الحديث عن المسرح الأردني على مستوى الدراسة بدأ متأخرا نسبيا مقارنة مع البلدان العربية، نجد أن أولى الإشارات للمسرح في الأردن كانت على يدي يوحنا بونفيل حيث " قدم تمثيلية هات الكاوي يا سعيد عام 1914، وكانت تمثيلية اجتماعية تسخر من المتكبرين "56 وما يؤكد هذا أنها كانت ناقدة في زمن الحكم العثماني ، وهي بالتالي لم تكن طفرة، وهذا يعني مرة أخرى أن هناك شيئا قبله وكان معروفا ويمثل عن طريق الحكواتي مشافهة، وكان هذا الحكواتي جوالا في كل بلاد الشام، وهنا نشير إلى أن المعرفة المسرحية هي تراكمية.
وهذه المسرحية التي يشير إليها الحوامدة في كتابة في المسرح الأردني، لا نجده يذكر منها شيئا، فبدت وكأنها رواية شفوية، وهنا لا بد من الوقف على أن المسرح الأردني على مستوى تقعيد الدراسة والتوثيق بدأ وكأنه أحاديث شفوية وغير ملمومة، ولم يستطع أحد أن يوثق للمسرح الأردني على مستوى النصوص الأولى ولا على مستوى العروض الأولى بأي إشارة إلى ذلك إلا بالنزر القليل منه، وتبدو أن المسألة البحثية في هذا الخصوص صعبة، إلا أننا سنعتمد هذه النظرة الأولى عن المسرح الأردني، واعتبار أن هذه الإشارة القديمة جدا على ما يبدو ستجعل المسرح الأردني يقارن بالمسرح العربي بشكل عام، فهذا العام يعتبر متقدما لدخول المسرح إلى الأردن في ظل نزاعات دولية كبرى، وتفتيت أقاليم وقوميات كبرى، ولكننا سنجد إشارة أن الأديب والباحث الأردني روكس العزيزي أخرج مسرحية " الملاك والشيطان " عام 1920...57 نجد هنا إشارة إلى الفنيات المسرحية الأولى، فالحديث هنا يدور حول الإخراج، والإخراج في هذه المرحلة الزمنية مسألة ليست بالسهلة أن تتوافر في الأردن على يد معلم لم يدرس الفنون، وليس له علم على ما يبدو بالإخراج المسرحي، ويبقى الأمر يدور في إطار الذائقة الفنية الإحراجية للمسرح، وهذه الذائقة مكتسبة وبتأثير مباشر من المؤلف أنطون الحيحي والذي يبدو أنه كان يملك رؤية إخراجية لانتاجية مسرحية، ولكنه لم يكن متخصصا أيضا بالفن المسرحي بأي شكل من الأشكال، مهما يقال تعتبر هذه الإشارة الأولى في الأردن وهي تتحدث عن إخراج مسرحي مهما كان بدائيا ومتواضعا، وتكمن أهميته من خلال الاهتمام ببنية فنية كبرى في العرض المسرحي، وليس هذا فحسب، فيبدو الأمر قد بدا يلاقي اهتماما كبيرا من العزيزي وأنطون الحيحي، فيقوم العزيزي بإخراج " مسرحية فيلسوف عام 1920 "58 المسرحية الثانية تبعد سنتين عن المسرحية الأولى كإخراج، وربما هذا دلالة على التفكير الجدي بإخراج المسرح، والاهتمام بالمسرح وتوعية الناس لهذا الفن الجدي، ولكنها ستبدو نظرة جدية تتمثل بالإصرار في ضوء معطيات كثيرة ستمثل معيقات لظهور هذا الفن، وهنا لا بد من الإشارة التقديرية للعزيزي وهو يتقدم بعزيمة بإنتاجية مسرح أردني، وهذا نابع من وعيه الثقافي والفكري. ولكننا سنلمح هذا الإصرار يتمثل بعمل منهجي فيقوم أنطون الحيحي بإنشاء " جمعية الناشئة الكاثوليكية العربية في الأردن تعنى بالمسرح وشؤونه "59 وهذه الإشارة تبدو كمن يدبر رؤيا تقعدية للمسرح في الأردن وهي كذلك، فصار الأمر يتضمن رؤيا حول ما سيكون عليه المسرح في الأردن من خلال توافر جمعية، وهي بالتالي مؤسسة فنية ترعى المسرح، وهذه نظرة متقدمة واعية وواعدة جدا، وهي تبين عن نظرة متقدمة في الأردن للمسرح من خلال إفساح المجال للكثيرين ليقدموا مسرحا أردنيا. 
  وهناك إشارة أخرى في بداية التمثيل المسرحي، وكانت هذه البداية في إربد " إن أول مسرحية تقام في إربد كانت عام 1920 بعنوان " سهرات العرب " كتبها عثمان قاسم ومثل فيها عدد من أبناء إربد "60 وإن المسرح الأردني بدا أمسى من اهتمامات روكس العزيزي والنادي العربي في إربد ، وقدم العزيزي في السنوات المتتالية 1921-1922" أربع تمثيليات، وهي : العاشقان 1921، المتمردة 1922، المتهمة 1922، طريق الآلام 1922"61 هنا نلمح الاستمرارية في الكتابة والإخراج، وتمكن روكس العزيزي من المسرح، ليقدم مسرحيات للمجتمع الأردني، وكانت هذه المسرحيات " اجتماعية تبرز وجهة نظر المؤلف لإنصاف المرأة والدفاع عن حقوقها ... ونظرا لقلة الفتيات ليقمن بالدور النسائي، مثّل الشاب أدوار المرأة \، ولذا قدمت مسرحية المتهمة والمتمردة في بيت المؤلف في مادبا " 62 من خلال هذا القول نجد أن عملية التمثيل كانت صعبة على المرأة، فالمجتمع الأردني مجتمع محافظ، وفيه عادات وتقاليد تحد كثيرا من تواجد المرأة في مناسبات كثيرة، ومنها المسرح، وعلى مستوى الجمهور نجد أن العزيزي والحيحي كانا يقدمان تلك المسرحيات مقتصرة على " طلبة دير اللاتين والمعلمين فيه، وعدد محدود من الهواة وعشاق الفن "63 وهذا ما كان يفعله يوحنا بونفيل منذ العام 1914 ، وهي بالتالي ستكون ذات بعد مسرحي محدود جدا تبدو غير قادرة على نشر الثقافة المسرحية في المجتمع، وربما أيضا نجد النظرة الطفيفة لهذا الفن من قبل المجتمع، حيث مثل في البيوت أحيانا، ولكنه شيئا فشيئا بدا ينتشر أفقيا على الأرض الأردنية، وخاصة أن هناك نواة له متوافره في إربد، وبما أن الحديث عن الناس والهموم العامة للناس سنجد أن العزيزي يقدم مسرحيات ذات أبعاد عربية " تمجد جهود الشعوب العربية في مواجهة المستعمر الأوروبي أو المستوطن الصهيوني"64 وعليه فقد قدم العزيزي مسرحيات متعددة تتحدث عن ذلك، ومنها البطولات والانتصارات والهموم العربية " فقدم مسرحيات السموأل 1923، كتبها جميل البحري، الرشيد والبرامكة 1924، كتبها أنطون رباط، وصلاح الدين الأيوبي 1924 كتبها نجيب حداد "65 من خلال عنوانين المسرحيات نجد ما ترمي إليه كبعد يمجد الانتصارات العربية والقيم العربية، وهي تتماشى مع تلك المرحلة التي كانت تشهد فيها البلاد العربية مخاضا ضد المحتل والمستعمر... في هذه المسرحيات كما يبدو قد نجح العزيزي باكتساب الشعور الجمعي الأردني المتعاطف والمتألم لما حل بالأمة العربية جعلت العزيزي يقدم عروضه في عمان والسلط وعجلون بين 1827-1934، هنا وبعد مرور أكثر من عشرين عاما على العرض الأول، نجد تجاوبا مع الفن المسرحي الجديد في الأردن وأصبح متاحا للناس، ومقبولا ومطلوبا من الناس، ولهذا انتشرت العروض في أماكن ومدن أردنية أخرى في الشمال والوسط والجنوب.
انتهى

الهوامش :
1 - مفيد حوامدة ، المسرح في الأردن، منشورات لجنة تاريخ الأردن ، عمان ، 1993 ص26
2 - القرآن الكريم، سورة الجمعة آية 2.
3 - موقع إلكتروني www.ahl-alquran.com  
4- سورة العنكبوت الآية 48
5 - موقع المنبر العلمي alminbr-al3elmy.com
6- A.H.Vanzyl ، المؤابيون ، ترجمة خير ياسين ، عمان ، الأردن ، 1990 ، ص58  
7 - سيد فرج راشد، الكتابة من أقلام الساسانيين إلى الخط العربي، مكتبة الخانجي، مصر القاهرة ، ط1 ، 1994 ص124-133
 8-  سيد فرج ، المرجع نفسه ،ص124 
9- الكسندر ستيبتشفيتش، تاريخ الكتاب ، ترجمة محمد الرناؤوط عالم المعرفة ج1 الكويت ، 1993 ص219 
10 – تاريخ الكتاب ، المرجع نفسه، ص119
11- ينظر هند ابو الشعر، إربد وجوارها ناجية بني عبيد 1850-1928 ، عمان 1995،  ص 549-551
12 - روكس بن زايد العزيزي ، معلمة التراث الأردني ،  الجزء3 ، ط1، 1983، ص 178    
13 - معلمة التراث الأردني المرجع نفسه  181  
14 - معلمة التراث الأردني المرجع نفسه ص183
15 - معلمة التراث الأردني المرجع نفسه ص191   
16 - معلمة التراث الأردني المرجع نفسه 201    
17 - معلمة التراث الأردني المرجع نفسه ص207 
18 - معلمة التراث الأردني المرجع نفسه ص224 
19 - جميل حمداوي، المسرح الأمازيغي، منشورات الزمن، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2008،ص27
20 - علي الراعي المسرح في الوطن العربي ط2 المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت 1999 ص33.
21 - علي الراعي المرجع نفسه، ص45
22 - خزعل الماجدي، ميثولوجيا الاردن القديم،  منشورات وزارة السياحة والاثار عمان الاردن  ط1 1997 ص63
23 - تمارا الكساندروفنا بوتيسيفا ألف عام وعام على المسرح العربي ترجمة توفيق المؤذن دار الفارابي بيروت ط1 1981 ص5 
24 - علي الراعي مرجع سابق ص 33
25 - علي الراعي المرجع نفسه ص 110 
26 - يوسف إدريس، مقدمة مسرحية الفرافير، مكتبة غريب، مصر، القاهرة. ص19 
27 - علي الراعي مرجع سابق ص 448  
28 - سلمان قطاية، المسرح العربي من أين وإلى أين؟ اتحاد الكتاب العرب، سوريا دمشق 1972  ص11
29 - توفيق الحكيم، قالبنا المسرحي، مكتبة الناصر، القاهرة، مصر، 1967 ص14
30 - معجم الوسيط : مادة : علّ.
31- هاني العمد، أغانينا الشعبية، وزارة الثقافة الاردنية ،عمان، الاردن، ط1، 1969، ص 36 

32-  http://ar.wikipedia.org/wiki الرَبَابَة آلة موسيقية مصرية قديمة ذات وتر واحد أول من أوجدها قدماء المصريين. فهي من التراث المصري، وأكثر من يستعملها الشعراء المداحون خصوصاً في صعيد مصر. و تصنع الربابة من الأدوات البسيطة المتوفرة لدى أبناء البادية كخشب الأشجار وجلد الماعز أو الغزال وسبيب الفرس. ورد ذكر آلة الربابة في العديد من المؤلفات القديمة لكبار العلماء أمثال الجاحظ في مجموعة الرسائل وابن خلدون وورد شرح مفصل لها في كتاب الفارابي الموسيقي الكبير.و هناك صورة لآلة الربابة على قطعة حرير وجدت في إيران وتوجد الآن في متحف بوسطن للفنون. و عرف العرب سبعة أشكال من الرباب وهي المربع – المدور – القارب – الكمثرى – النصف كرى – الطنبورى – الصندوق المكشوف. وبعد الفتح الإسلامي للأندلس انتقلت الربابة إلى أوروبا وتغيرت تسميتها ففي فرنسا تسمي رابلا وفي إيطاليا ريبك وفي أسبانيا رابيل أو أربيل. تتكون الربابة من : عصا طويلة هي عنق الربابة التي يركب عليها الوتر الوحيد ومثبت أسفلها طارة الربابة وفي أعلاها مجرى يثبت بها الكراب الذي يعمل على شد الوتر من أسفل العصا لأعلاها مارا بطارة الربابة. وظيفتها تكبير الذبذبات الناتجة عن الوتر المشدود عليها. وهي عبارة عن كتلة خشبية مفرغة يتم شد جلد ماعز أو غزال من جهة والجهة الأخرى تثقب. أى الوتر وهو مجموعة من شعر ذيل الحصان ويصنع منه وتر الربابة ووتر القوس ويجمع ويثبت بواسطة خيوط متينة.هو قطعة خشبية تثبت بأعلى العصا يتم بها شد وتر الربابة إلى الدرجة المطلوبة. يصنع في الغالب من عود الرمان أو الخيزران لمرونته ويشد عليه وتر آخر. قطعة خشب رفيعة توضع تحت الوتر من أسفل لترفعه عن الطارة حتى لا يلامسها عند العزف والضغط عليه. قطعة قماش صغيرة توضع تحت الوتر من أعلى لترفع الوتر عن ساق الربابة ووظيفتها كوظيفة الغزال في الجهة المقابلة. تلك الآلة تقتصر على مصاحبة الصوت البشري سواء الغناء أو الإنشاد أو السيرة الشعبية. وأحياناً تقوم بالعزف يصاحبها آلات أخرى مثل الرق – السلامية – الدربكة أو آلات ربابة أخرى متباينة الحجم.
33 - المعجم الوسيط.  مجموعة مؤلفين، مادة : دوّن .
34 - المعجم الوسيط.   مجموعة مؤلفين، مادة : ضاف.
35 محمد غنيمي هلال الأدب المقارن،  ط3 ، دار العودة، بيروت 1983، ص5
36  هادي نعمان الهيتي  الهيتي، هادي، أدب الأطفال بغداد 1977 ص72
37 علي الحديدي، في أدب الأطفال، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1982 ص96
38  أحمد نجيب أدب الأطفال، علم وفن، دار الفكر العربي، ط 2، 1994 القاهرة، ص 157.
39 عزالدين محمد هلالي، المسرح المدرسي، الهيئة العربية للمسرح، الإمارات العربية، الشارقة، ط1، 2011م. ص8، 
40 مفيد حوامدة ، المسرح في الأردن، منشورات لجنة تاريخ الأردن ، عمان ، 1993 ص 19
41- حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق ص36
42-  حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق ص19
43- عادل لافي ، أوراق بيضاء من تاريخ المسرح الأردني 1818-1960، عمان وزارة الثقافة 2002 ، ص13
44- أوراق بيضاء ، المرجع نفسه ، ص 13، 14
45- أوراق بيضاء ، المرجع نفسه لافي ص15
46- أوراق بيضاء ، المرجع نفسه ص26
47- أوراق بيضاء ، المرجع نفسه   ص 29
48 - أوراق بيضاء ، المرجع نفسه ص26
49- أوراق بيضاء ، المرجع نفسه ص27
50- حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق 26 وشما 11
51- روكس العزيزي ، الأرض أولا ، وزارة الثقافة، عمان، الأردن، 1988.
52-  حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق ، ص 16
53 -  حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق ص16
54 -  عبد اللطيف شما وأحمد شقم ، المسرح في الأردن ، رابطة المسرحيين الأردنيين ، عمان ، بلا تاريخ.ص15
55 - حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق ،  19
56-  شما ، المسرح في الأردن ، مرجع سابق ص12
57 - حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق ، 19
58- شما ، المسرح في الأردن ، ص12ص14
59-  شما، المسرح في الأردن ، المرجع نفسه ص14
60- شما، المسرح في الأردن ، المرجع نفسه ص10
61 -حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق 20
62 -شما، المسرح في الأردن ، المرجع نفسه ص 14
63 - حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق 20
64 - حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق 21
65  - حوامدة المسرح في الأردن،  مرجع سابق 21
* نماذج من افتقار البحث للتخصيص المكاني والخلط، وهي تعتبر من الحالات البحثية المنقوصة والتي تبدو متعمدة، وهي بالتالي تضر بالأدب الأردني بشكل عام، فهذه الدراسات تبين عن حالة ضعف وافتقار لرؤية البحث الموضوعي.
* منصور عمايرة  كاتب باحث مسرحي وروائي أردني 2012


تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9