أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، مايو 26، 2016

'وفاة بائع متجول' .. آخر نموذج كلاسيكي للمسرح الحديث في القرن العشرين

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية آرثر ميلر تتناول موضوع الصراع بين الأجيال بشكل عكسي، موضحة عدم تقدير جيل الشباب أو الأبناء، لتضحيات الآباء.


رغم أن آرثر ميلر كتبها عام 1949، إلا أن مسرحية "وفاة بائع متجول" لا تزال تسيطر على ذهن كل مفكر في العالم، وكل مهتم بالدراما وبالمسرح.

تتناول مسرحية آرثر ميللر "وفاة بائع متجول" موضوع الصراع بين الأجيال بشكل عكسي، موضحة عدم تقدير جيل الشباب أو الأبناء، لتضحيات الآباء، أو الجيل الذي سبقه. وهذه المسرحية حصلت على جائزة "بوليتزر" و"جائزة نقاد الدراما" الأميركية، التي منحت لها، وترجمت إلى أكثر من خمس وعشرين لغة.

ففي الوقت الذي حرق فيه محمد البوعزيزي نفسه أمام السلطات الغاشمة التي تحاصر وضعه الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، فإن السلطات العربية الحاكمة، بشكلها التقليدي التسلطي القديم النزعة والتفكير، لم تُقدِّر تطلعات الشباب العربي، الباحث عن لقمة العيش، والكرامة الإنسانية، والعزة الوطنية، والدفع الحضاري، الذي حققته مختلف شعوب العالم، بينما بقي الوطن العربي، الغاصّ في الذهب الأسود النفطي، يتراجع إلى الوراء، نجد أن العكس هو الذي يحصل في هذه المسرحية، إذ أن الجيل الجديد هنا هو الذي لم يقدر تضحيات الجيل القديم ونضاله لخلق المعطيات الجديدة، التي يتمتع بها الجيل الجديد.

ودعني أقدم لك موجز قصة المسرحية، بطريقتي الخاصة، أن "ويلي لومان" أب يعمل بائعاً لأدوات مطبخية، متجولاً بعربته في الشوارع، فتجده يحقق إيراداً مالياً، يجعله يشتري لأسرته بيتاً صغيراً، فيه معظم مستلزمات العيش. بحيث يدفع ثمنه بالتقسيط، لمدة خمس وعشرين سنة.

يتخيل الأب أنه بعد هذه المدة الطويلة، سوف يتخرج أولاده من الجامعات، ويعملون في مهن مرموقة، ويتحملون مسؤولية العائلة، فيتقاعد الرجل ويعيش بقية حياته بين أبنائه الذين سيفرح بهم، ويعتمد عليهم، وبالمقابل هم سيفتخرون به لتحقيق هذه الإنجازات الرائعة، فيعيشون معاً بسعادة تامة، حققها الأب بعمله بائعاً متجولاً.

ولكنه بعد الخمس والعشرين سنة، التي تنتهي فيها أقساط البيت، يجد أن البيت قد صار قديماً، فتصدع وتداعت جدرانه، وأن الثلاجة والغسالة وأدوات المطبخ والجلوس صارت مهترئة.
وعندما يجلس مع أولاده الذين صاروا مهنيين متطورين، خاصة عندما يكون أحدهم مع زميله الجامعي، فيتحدث معه حول آخر مستجدات الهاتف المحمول، أو مخططات العمارات، أو العمليات الجراحية بالليزر، أو بالروبوت، وعن اتصالات الإيميل والفيس بوك والوتس أب وسكايب وغيرها كثير لا حصر له من التقنيات الحديثة، نجد الأب بالمقابل يتحدث معهم عن أدوات المطبخ، التي يبيعها بعربته المتجولة في الشوارع، وأن الصحون البلاستيكية ارتفع ثمنها، والقلايات الحديثة صارت لا تلصق أبداً.

وهكذا وجد الأبناء أن أباهم (دَقّة قديمة)، مما صار يخجلهم وجوده معهم بحضور رفاقهم، فطلبوا منه أن لا يجلس معهم عندما يكون مع أحدهم صديق، أو زميل.

ولهذا يُحبط الأب الذي كان يعتقد أنه حقق أهدافه بالبيت والأولاد، فاكتشف أن البيت صار خرباً، والأولاد صاروا لا يستنظفون الجلوس مع أبيهم، وأنه قد عاد إلى مرحلة الصفر من جديد.

لم يكن أمامه إلا أن يقوم، فيُحمِّل عربته بأدوات المطبخ، ويعود للشارع، يصيح بأعلى صوته منادياً ليبيع كما كان يبيع من قبل، فيتحدث مع معارفه وزبائنه في الشارع، وهم كثر، واستمر يدفع عربته هكذا، إلى أن وجدوه ميتاً في أحد الأزقة.

وعلى كل حال، فإن هناك تدافعاً بين الأجيال، فالآباء لا يفهمون الأبناء، والأبناء يريدون أن يتخلصوا من جيل الآباء، لتكون الحياة لهم وحدهم، ولتحقيق رغبات الأبناء في العيش بسعادة من دون ولي أمر.

وتقول بعض التحقيقات في قضية الوفاة أن الأب "ويلي لومان" لم يمت ميتة طبيعية، بل إنه هو الذي دفع نفسه للعمل الشاق وهو العجوز المريض المتحرك في الشوارع، تحت شظف العيش، إنما يكون قد قام بالانتحار، من أجل قيام أبنائه المأزومين اقتصادياً، باستلام مبلغ تأمينه على الحياة، من شركة التأمين، مضحياً بنفسه لأولاده، وذلك للحصول على احترام أولاده، ومحبتهم وتحقيق سعادتهم، ذلك الاحترام الذي لم يستطع الحصول عليه وهو عائش بينهم ويخدمهم، فقرر أن يحصل على احترامهم بالوفاة، وترك الحياة نظيفة أمامهم من أية أشياء قديمة تنغص عليهم متعة اللهو والسعادة.

وعلى الصعيد الوطني أو السياسي البوعزيزي، فإن أولياء الأمور من الحرس القديم لا يريدون أن يخلعوا، ويتركوا الطريق للجيل الجديد، أو على الأقل، كما يقول المثل: "مُرّ، ودعهم يمرون".

وهكذا يستمر الصراع بين القديم والحديث، بصور شتى، صارت تتصدرها المظاهرات الشعبية، بما يقابلها من الكبت الحكومي. فاحترنا كيف نتفاهم.

وهذه المسرحية لآرثر ميللر، المتوفى سنة 2005، والذي عُرف بمزجه للرمزية مع الواقعية في مسرحياته الاجتماعية، وهي عديدة، تعتبر أكثر المسرحيات الأميركية شهرة، وهي تدرس الآن في مختلف أنحاء العالم، بصفتها آخر نموذج كلاسيكي للمسرح الحديث في القرن العشرين.

---------------------------------------------
المصدر : صبحي فحماوي - ميدل ايست اونلاين 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

أخلاقيات النشر الصحفي في المسرح / د. محمد حسين حبيب

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


    نشرت صحيفة المدى العراقية في عددها 3551 بتاريخ 19/1/2016 وفي صفحتها الثانية عشر - مسرح - مقالا بعنوان ( الاشتغالات التقنية لمسرح ما بعد الدراما ) لكاتبه ( بشار عليوي ) .. ولا نحتاج اليوم الى ثمة ممهدات ما تتعلق باهمية الاخلاق الصحفية لاي ناشر والامانة والمصداقية التي تفرضها على الصحفي هذه المهنة الشريفة والتي من شانها ان تهدم كيانات برمتها اذا خرجت عن مسارها الاخلاقي اوالعلمي .. مباشرة ساسوق للقارىء الكريم مجموعة ملاحظاتنا عن هذه المقالة وعملية السطو على حقوق الاخرين التي بدت واضحة في المقالة السالفة الذكر .. وهي : 1- اخر سطرين ونصف نهاية مقالة عليوي مسروقة نصا من ( فاطمة اكنفر) ومن مقالتها  المنشورة في موقع الحوار المتمدن بعنوان ( مسرح ما بعد الدراما واستراتيجية تقويض المعايير درامية التقليدية ) الرابط :  http://m.ahewar.org/s.asp?aid=475510&r=0&cid=0&u=&i=0&q= 
2 - ومن مقالة الناقد (عواد علي) الموسومة (التجريب المسرحي وما بعد الحداثة ) والمنشورة في موقع رصين الالكتروني  - الرابط : http://rasseen.com/art.php?id=e05f9ee88d2bd6567cd34c66db3446be3c4e101f
ونقطة 3 اعلاه من مقالة عليوي نصها : (( ان العرض المسرحي ما بعد الدرامي شيء يحدث بصورة دائمة دون نهاية يتأرجح بين الحضور والغياب , وبين الزعزعة والتكريس , ويتبلور في شكل تساؤلات تشكك في كل الحدود والكلمات .)) ... هي منقولة نصا من (عواد علي) . مع تغيير الكلمة الاخيرة فقط لتكون ( الكلمات ) بدلا عن ( الممكنات) . --- كذلك نقطة 4 نصا من عواد علي ايضا .. واليكم بعض من نص مقالة  الناقد (علي) من موقع (رصين ) والمنقولة اصلا عن صحيفة الراي بحسب اشارة الموقع : ((التجريب المسرحي وما بعد الحداثة .. الراي - عواد علي - رافق التجريب المسرحي، بمفهومه العام، فن المسرح منذ نشأته في الحضارات القديمة؛ فالممثل اليوناني ثيسبس، الذي طور الأناشيد الديثرامبية -تلك التي كان المنشدون في الاحتفالات الدينية الطقسية يمجدون بها الإله ديونيسوس- إلى عرض مسرحي "مونودرامي"، من خلال عربته الجوالة، كان مجرباً.
والشاعر الدرامي أسخيلوس، الذي أضاف ممثلاً ثانياً، وطوّر الفعل الدرامي، كان مجرباً.
وسوفوكليس، الذي أضاف ممثلاً ثالثاً، كان مجرباً، لأنه عمّق عناصر البناء الدرامي، ووسع آفاق العرض المسرحي. .... )) الى ان يصل الناقد عواد علي في نهاية مقالته بالقول : (( العرض المسرحي ما بعد الدرامي، شيء يحدث بصورة دائمة من دون نهاية، ويتأرجح دائماً بين الحضور والغياب، وبين الزعزعة والتكريس، ويتبلور في شكل تساؤلات تشكك في كل الحدود والممكنات، بل يهدد الشروط التي يضعها هو نفسه لتحققها وتعريفها. إنه يتحقق في صورة سلسلة من المراوغات القلقة المتقلبة للتعريفات والقواعد، على حد تعبير الناقد الأميركي مايكل فريد، وعدم استقرار أو ثبات المعنى، وفي تدعيم عوامل الاختلاف والتناقض.
من خلال متابعتنا للمسرح العربي، مشاهدةً وقراءةً، خلال ثلاثة عقود، نجد أن العروض التجريبية الناضجة للمخرجين العرب تتركز في عدد محدود من البلدان العربية، التي ظهرت فيها تجارب مهمة حمل بعضها منحى حداثياً، ولامس بعضها الآخر أفق ما بعد الحداثة.
وتجلت مظاهر ذلك التحول في تغيير بنية الخطاب المسرحي التقليدي، وابتكار أشكال ورؤى وتقنيات أدائية جديدة على المسرح العربي، خصوصاً تلك التجارب التي توجهت إلى الإعلاء من سلطة "التلقي" برؤية معاصرة، مجردةً النصوص التي اشتغلت عليها من سياقاتها الأدبية، ومُقْصيةً مبدأ المماثلة، ومحاوِلةً الاقتراب إلى صياغات تشكيلية، بصرية للخطاب المسرحي، وإطلاق العنان للتخييل الحر، والانزياح عن الإطار المرجعي، إذا جاز لنا أن نستعير هذا المصطلح من نقد الشعر، وإضفاء منحى تركيبي غامض على شبكة العلاقات بين الشخصيات والمَشاهد والثيمات وعناصر التعبير الجسدي، بجعلها تتداخل بعضها مع بعض، بحيث يجد المتلقي نفسه أمام دهشة والالتباس يرغمانه على المشاركة في إنتاج البنية الدلالية للعرض المسرحي، أو تأويله. )) انتهت مقالة الناقد عواد علي . مع ملاحظة ان السطور التي اسفلها خط هي السطور المسروقة في نقطة 3 و 4 من مقالة عليوي .
4 - سطور عليوي هذه من مقالته اعلاه نفسها  : (( فإن الوسائل المسرحية المستعملة لا تخضع لاختيارات تراتبية بما في ذلك " العلامات " ومادامت قاعدة هذا المسرح هي اختراق المقولات، فإن المتفرج يجد نفسه " غارقاً " في هذه العلامات. )) ...  منقولة نصا من مقالة (د. حسن المنيعي) - عنوانها ( المسرح العربي ما بعد الدراما ) موجودة بعد هامش رقم 6 في مقالة المنيعي - والمنشورة في موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثالث - عبر الرابط الالكتروني : http://theaterarts.boardconception.com/t336-topic 
وكذلك السطور الاخيرة من مقالة عليوي- مسروقة نصا من (د. المنيعي) ايضا - تحت عنوان ( بعض مواصفات مسرح ما بعد الدراما ) ... علما ان (المنيعي) قد اشار الى مصادر اقتباساته عن (هانز ليتمان) هامش رقم 2- وهي موجودة في مقالة المنيعي - الهوامش تاكيدا على امانة المنيعي العلمية والبحثية والمصداقية . 
5 - وكذلك سطور عليوي هذه : ((إن مسرح ما بعد الدراما هو  طقس/ شعيرة يسعى إلى تغيير المتفرج، لأن الفضاء المسرحي يتحول إلى استمرار للواقع , وهو مسرح ملموس يعرض نفسه فنّاً في )) مسروقة نصا و ايضا من مقالة الدكتورحسن المنيعي نفسها . 
6 -  وكذلك سطور عليوي هذه : ((, يُمكن القول أن وجود "مسرح ما بعد الدراما " ليس  نَفْياً للمسرح الدرامي الذي يظل حاضراً في الأشكال الجديدة التي تتبلور انطلاقا من بنيته العامة , بل انه مسرح لا يهتم بالصراعات بقدر ما يهتم بوسائل التعبير وتنوعها والزمن هو المركز في العمل المسرحي، وهو فن ممدد يعكس حالة ويتعارض مع الزمن الغائي الذي  يقوم عليه المسرح الدرامي , ومسرح لا يرتكز على مبدأ " الحدث " و " الحكاية " وإنما يقدم موقفاً أو حالة، كما أن الفضاء يعد فيه عنصراً فاعلا لا محايداً )) .... مسروقة نصا من مقالة د. حسن المنيعي نفسها . .. ويمكن للقارىء الكريم مراجعة جميع اشارتنا ومصادرها المثبته اعلاه ضمن روابطها الالكترونية وهي مواقع معروفة ومتداولة وتنشر لاسماء نقدية وبحثية معروفة ايضا . 
اضافة : اما المبادىء التسع الاخيرة التي جاءت في نهاية المقال فهي مسروقة نصا من ( بانوراما المسرح مابعد الدراما - هانز تيز ليمان - مجلة فصول ع 73 - 2008 - والشكر يعود لتذكيرنا بها الفنان عباس رهك حينما قدم عنوان وخطة بحثه ولقد اعتمد رهك على هذه المبادىء ذاتها في مشروعه البحثي للدكتوراه في موضوعه عن مسرح ما بعد الدراما . 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

'ملوك الحرب' ثلاث مسرحيات في مسرحية تسائل ثيمة السلطة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية
كيف يمكن للحاكم أن يحكم بلدا في ظرف عصيب صاخب بالتمرد والدسائس والحروب؟ تلك فكرة مسرحية “ملوك الحرب” التي استوحاها المخرج الهولندي إيفو فان هوف من مسرحيات شكسبيرية ثلاث هي “هنري الخامس” و”هنري السادس” و”ريتشارد الثالث”، وصاغها في شكل مسرحيات متسلسلة، وقد حازت الإعجاب عند عرضها مؤخرا على مسرح “شايو” بباريس، رغم طولها (أربع ساعات ونصف) وعقبات دبلجة لغتها الهولندية إلى الفرنسية.


ما المراد بالحكم؟ وما هي هذه الحرفة الغريبة التي تتمثل في أن يمسك المرء بين يديه مصير بلد ومصائر ملايين من البشر؟ وما هي السبل الكفيلة بممارسة السلطة بطريقة عادلة وفعّالة؟ هذه الأسئلة التي شغلت شكسبير في زمنه، يعيد المخرج الهولندي إيفو فان هوف طرحها في مسرحية “ملوك الحرب”، التي عرضت مؤخرا على مسرح “شايو” الباريسي، لمساءلة طبائع الحكم في زمننا الحاضر، على ضوء سير ملوك إنكلترا الغابرين على امتداد قرن.
إيفو فان هوف، الفلمندري ذو الثمانية والخمسين عاما، الذي كنا قدمنا لقرائنا الكرام إخراجَه لمسرحية أرثر ميلر “منظر من الجسر”، هو صاحب فرقة “تونيلغروب” بأمستردام، عُرف بميله إلى الأعمال الكلاسيكية مثل مسرحيات شيلر وكوشنر علاوة على شكسبير، مثلما عرف بأسلوبه في معالجة تلك الأعمال بالاستفادة من تقنيات السينما عند أبرز أعلامها كبرغمان وكسّافيتس وأنطونيوني وفيسكونتي، ولكنه لا يحصر نفسه فيها، بل يتعامل أيضا مع الجديد المستحدث كإخراجه منذ بضعة أشهر في نيويورك الكوميديا الموسيقية “لازاروس” لدفيد بووي.


السلطة واللذة

في عمله الجديد “ملوك الحرب”، يستمد فان هوف من شكسبير سير ثلاثة ملوك إنكليز، مختلفي الطبائع والمصائر، ويعرضها في شكل مسلسل تاريخي درامي ليسائل ثيمة السلطة في ظرف تستعر فيه الحروب والنزاعات والمؤامرات، فيقدمهم في حالات انتصارهم وانكسارهم، ويصورهم وسط الصخب والعنف، وفي أوقاتهم الحميمة، وهم يواجهون ضغوطا قوية من جرّاء أزمات لا حلّ لها أحيانا.

كل ذلك يأتي في ثوب عصري، حيث شاشة عريضة تعتلي الخشبة تعرض أفلام فيديو وشعارات ومقالات وردودا على السكايب، وصوت إذاعة لندن يعلو بين الحين والحين. وحيث الأحداث تدور في ما يشبه غرفة قيادة عمليات حربية تخلق جوا من العنف والترقب، والأبطال في ألبسة عصرية يرددون خطابا شكسبيريا كلاسيكيا، وفي الخلفية موسيقى تتراوح بين الأغاني الباروكية والألحان الرومانسية والأناشيد الجنائزية، دون أن يُفقد هذا الخليطُ المسرحية دلالتها العميقة، وهي أن التاريخ يعيد نفسه وإن بدا الزمن متشظيا، وأن الصراع على السلطة دائم لا يزول، وأننا نشهد، من خلال ما تنتهي إليه المسرحية، ما نعيشه اليوم في

جهات كثيرة من العالم من عسف وجور واستبداد وتعطش إلى سفك الدماء، إشباعا لرغبة متأصلة لدى الإنسان في الوصول إلى السلطة، أوليست “ألذّ من اللذّة” كما يقول الجاحظ؟

أبطال في ألبسة عصرية يرددون خطابا شكسبيريا كلاسيكيا، وفي الخلفية موسيقى تتراوح بين الأغاني الباروكية والألحان الرومانسية
وخلافا لما يوحي به العنوان، ليست الحرب في حدّ ذاتها هي التي تسترعي اهتمام فان هوف، بل ما يجري في الكواليس أثناءها، وقبل اندلاعها وبعد وضع أوزارها، إذ يتساءل، كما تساءل من قبله شكسبير، كيف يمكن أن يتحول بلد يشهد حالا من الازدهار والاستقرار، كما كانت إنكلترا خلال القرن الخامس عشر، إلى بلد تهزه الاضطرابات والقلاقل، وتستشري فيه حروب مدمرة، وصفها توماس هوبز بحرب الجميع ضد الجميع، وما دور العامل البشري في تلك الفوضى.


ثلاثة سلوكيات

في نسق سريع، وفضاء يذكّر بغرفة الحرب اللندنية التي كان تشرشل يقود منها حربه ضد ألمانيا النازية، يحلل فان هوف ثلاثة سلوكيات، أو لنقل ثلاثة محركات فعل ممكنة، الأول هو العقل، مع هنري الخامس الذي سوف يفرض نفسه بفضل ذكائه وبعد نظره وإحساسه بالمسؤولية، وبالتضحية أيضا.

فرغم قلة خبرته، استطاع أن يصون مصالح بلاده بالزواج من فرنسية من السلالة الملكية هي كاترين دو فالوا كي يضمن السلام لمملكته، ويصونها من العدوان، ويخصص جهده لمواجهة الطامعين في عرشه، فهو أول الملوك وأفضلهم، ذلك الذي نظر إلى الحكم كقدر ومهمة.

والثاني هو القلب، ممثلا هنا في هنري السادس، الملك الورع الذي تمنعه طيبته، وسذاجته أيضا، من تبين الدسائس التي تحاك حوله، سواء من بطانته أو من زوجته، ويبذل قصارى جهده في الحفاظ على سلامة الحرمة الترابية لمملكته قبل أن يزاح عن الحكم.

والثالث هو اليد، ممثلة في ريتشارد الثالث، الولد الفظ الذي كان يفتقد في صغره للعطف والحنان، فلما كبر قرر الانتقام من كل من حوله، فمضى يشبع تعطشه للنفوذ كي يبطش بكل من يخالفه الرأي، حتى أخيه هنري السادس، في عملية خنق مرعبة لم يتجنب فون هوف عرضها على الجمهور في أجلى عنفها وبشاعتها.

ريتشارد الثالث هو رمز الشرّ ، يسكنه جنون العظمة، ولا هدف لديه إلاّ خلوده على العرش، حتى بعد أن خرق معاهدة السلام التي عقبت حرب الوردتين (1455 /1485) بين أسرة لانكاستر (وشعارها الوردة الحمراء)، وأسرة يورك (وشعارها الوردة البيضاء) حول أحقية كل منهما في عرش إنكلترا.

لقد وُفّق فان هوف في جعل هذه الملحمة التاريخية المعقدة واضحة، وتقديمها كمرآة لمرحلتنا الراهنة وقادتها السياسيين المتصارعين على السلطة، المنشغلين بالسيطرة والهيمنة أكثر من انشغالهم بمصائر شعوبهم.

---------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب

تابع القراءة→

0 التعليقات:

'عالم الأمس' ذكريات ستيفان زفايغ الأوروبي الخائب تمسرح في باريس

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

"عالم الأمس" سيرة ذاتية دوّن فيها الكاتب النمساوي ستيفان زفايغ ما عاشه في مدينته فيينا أيام عزّها وأيام ذلّها، وفي منافيه الأوروبية والأميركية بعد أن استبيح وطنه، وشهادة على ما حاق بأوروبا من دمار خلال النصف الأول من القرن الماضي، ووصية لأصدقائه وقرائه قبيل انتحاره. هذا الكتاب، الذي لم يسبق إعداده للمسرح بخلاف نصوص الكاتب الأخرى، وقع عرضه أخيرا على خشبة ماتوران بباريس.



في كتاب “عالم الأمس” للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ يتحدث ستيفان زفايغ (1881 /1941) عما عاشه وما شاهده منذ طفولته السعيدة وشبابه التائق إلى مستقبل أجمل في بلد كان القلب النابض لأوروبا الوسطى مدينته فيينا، إلى أن عصفت به رياح التطرف ممثلة في تنامي القوميات وصعود الفاشية والنازية، وكان من أثرهما اندلاع حربين مدمرتين آلت الأولى إلى تفكك الامبراطورية النمساوية المجرية، وانتهت الثانية إلى جعل النمسا محمية نازية، فنابت عن السلم مجزرة مروّعة، وحلّ الميز العرقي محل التعدد والاختلاف، وعبادة الشخصية محلّ حرية الفكر، وهتلر وغوبلز وهيملر مكان ريلكه وبتهوفن وبراهمس.
يروي ذلك ليس من باب الحنين إلى ماض تولّى، بل بهدف ترك أثر لمن يأتي بعده، لعله يتعظ بما جرى ويعيد إلى أوروبا أنوارها. أوروبا التي قال عنها عام 1941 في مقدمة كتابه “الوطن الحق الذي اصطفاه قلبي، أوروبا، ضاع مني منذ أن استبدت به للمرة الثانية حمّى الانتحار، ومزّقته حرب أهلية. ضدّ إرادتي، كنت شاهدا على أفظع هزيمة للعقل، وأكبر انتصار همجيّ للعنف. لم يوجد قطّ – ولا أقولها بفخر، بل بشعور بالخجل- جيل كجيلنا هَوى من تلك القوة الفكرية إلى هذا الانحطاط الأخلاقي”.

في هذا الكتاب يتنقل زفايغ بين الخاص والعام، فيذكر مسيرته الدراسية التي بدأها بالفلسفة قبل أن يفضل عليها الفنون، ويعدد أسفاره عبر أوروبا وأميركا والهند، حيث التقى كل مرة بفنانين وكتاب وموسيقيين استنجد بهم عند اندلاع الحرب الأولى وحثهم على التضامن ضدّها والتنديد بها.

ومع ذلك انتهت بسقوط الإمبراطورية ودخول مرحلة من البؤس المعيشي والثقافي، لم تحل دون بروزه بكتابات جلبت له اهتمام القراء والنقاد بداية من 1923، ليعيش مما تدره عليه من عائدات عيشة مرفّهة، حتى وصول هتلر إلى السلطة في ألمانيا، وقرار النازيين بمصادرة مؤلفاته، ومطاردة اليهود عامة، مما اضطره إلى مغادرة فيينا نهائيا باتجاه لندن عام 1934، لكي يواصل النضال كما قال “لأجل حريته الداخلية والخارجية”، ومنها إلى أميركا ثم إلى البرازيل، حيث انتحر عام 1942، تاركا هذا الكتاب كوصية.

ستيفان زفايغ: من عرف الضوء والظلام، العظمة والانحطاط هو وحده من عاش حقا

ستيفان زفايغ: من عرف الضوء والظلام، العظمة والانحطاط هو وحده من عاش حقا
يقول في خاتمة كتابه “ظِلّ الحرب لم يفارقني، فقد غلّف بالحداد كل فكرة من أفكاري، إن بليل أو نهار. لعلّ ظلها المظلم يتبدّى أيضا في صفحات هذا الكتاب. ولكن كل ظل، هو في النهاية سليل النور، ومن عرف الضوء والظلام، الحر ب والسلم، العظمة والانحطاط هو وحده من عاش حقا”.

فكيف يمكن إعداد نص كهذا للمسرح؟ في ديكور خلاصته ستار وكرسيّ وإكسسوار لا يتعدى كتابا وقبّعة، يعتلي الركح شخص وحيد لا ليقلد الكاتب، بل ليروي على لسانه نصف قرن عاشه مثقف رأى مدينته وقارته وحياته تتفتت بفعل التعصب الأعمى، ذلك أن المخرج باتريك بينو اختار التركيز على كلمات زفايغ وأداء جيروم كيرشر، الممثل الوحيد الذي يظهر على الخشبة ليسرد على امتداد ساعة أهم ما جاء في “عالم الأمس”، حسب النص الذي استخلصه الكاتب لوران سكسيك مؤلف رواية “آخر أيام زفايغ”.

وقد التقى النص المقتبس بالأداء البسيط في ظاهره البليغ في جوهره ليضفيا على المشهد راهنية مرعبة. ذلك أن صعود القوميات الذي يتحدث عنه زفايغ، وانتصار الشعبوية، ومجيء هتلر الذي وعد الجميع بكل شيء قبل أن يكشف عن وجهه المرعب، وانفجار الحلم الأوروبي وجعل الثقافة في المقام الأدنى، تنطبق تقريبا على عالمنا اليوم.

ننجذب منذ البداية إلى المصير التراجيدي لهذا الكاتب الكبير الذي يسرد في لغة أنيقة صافية انقلاب عالم، من الجمال إلى الفظاعة، ويصف الفردوس المفقود بأسلوبه المميز، حين كان كبار الكتاب والفنانين منشغلين بالآداب والفنون ولم يتنبهوا إلى أن العالم يتغير، وأن فردوسهم لن يلبث أن يتحوّل إلى جحيم، وتندفع آلة الدمار تحطم بلا هوادة الجميع.

والممثل ينجح في نقل تلك الخلجات التي تنتاب كاتبا مرهف الحس مثل ستيفان زفايغ، هذا الكاتب الذي يذكّر في وجه من الوجوه بسليم النية أحد أبطال فولتير، ذلك الذي لا ينفك يبحث عبر ترحاله عن شيء ما، فيظل في تيه دائم. وهو حال زفايغ الذي لم يكن منفيّا بما تحمله كلمة النفي من إحالات، بل كان يبحث بكيفية تكاد تكون طوباوية عن مجتمع فاضل يمكن أن يعيش فيه سعيدا، تحدوه روح إنسانية عالية، تكاد تكون أنانية.

وظل منذ مطلع ثلاثينات القرن الماضي يتنقل عبر المدن كمن يبحث عن شيء ضيّعه ولم يعد يدري كيف يمكن العثور عليه؟ كالباحث عن فردوس الطفولة المفقود، حتى انتهى به البحث إلى الانتحار في منفاه البرازيلي.


--------------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

مسرحية 'الشريط الأخير' تستعرض الذاكرة المتذبذبة لعجوز بيكيت

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية
شكّل عرض “الشريط الأخير” لصامويل بيكيت نهاية مغامرة أقدم عليها فريديريك فرانك، مدير مسرح “الأثر” بباريس، ليجعل منه مختبرا للأعمال المسرحية الجادة، وفاء لوالده بيير فرانك، الممثل والمخرج المسرحي المعروف، فقدّم أعمالا حديثة ساهم في إخراجها وأداء أدوارها ممثلون كبار، ولكن الجمهور خذله، إذ “خلط الثقافة بالترفيه، والترفيه بالاستغباء”، كما قال. الطريف أن التجربة بدأت بهذا النص عام 2012، وها هي تنتهي به.


كتب صامويل بيكيت مسرحية “الشريط الأخير” التي تعرض حاليا في مسرح “الأثر” الباريسي عام 1958، عندما أصبح مؤلفا دراميا معروفا، تلقى أعماله النجاح حيثما عرضت، أي أنها جاءت عقب مسرحياته المشهورة مثل “في انتظار غودو” و”نهاية اللعبة”، ولكن أسلوبها أقرب إلى “الساقطون جميعا”، أول مسرحية إذاعية كتبها بيكيت بالإنكليزية بطلب من “البي. بي. سي”، و”فصول بغير كلام” في جزأيها الأول والثاني.
وكان خلال تلك الفترة قد بدأ يجرب، في نطاق اشتغاله على استقطابية الكتابة الدرامية، كتابة مسرحيات كوريغرافية، حيث تتجسد الحركة وحدها وسط غياب كلي للمنطوق، وتمثيليات إذاعية تعتمد على الكلمات وحدها ولا وجود فيها للحركة، فكانت مسرحية “الشريط الأخير” في ترجمتها الفرنسية أو “شريط كراب الأخير” في لغتها الأصلية مزاوجة بين ذينك القطبين ضمن عمل واحد، ولو أن الاقتصاد في الكلام وفي الحركة يطغى عليها.
يمكن تلخيص بنية مسرحية “الشريط الأخير” في ما يلي: مقطع أول؛ فصل خال من الكلام. ومقطع ثان؛ استماع متشظٍّ -متسارع حينا ومعاد حينا آخر- لشريط مغناطيسي، تقطعه فصول صغرى بلا كلام أو قراءتين، إحداهما لعبارة على دفتر والثانية لتعريف من القاموس. والمقطع الثالث؛ فصل صغير بلا كلام يتبعه تسجيل لحديث منفرد بصوت البطل، ومقطع رابع، استماع جديد لجزء من الشريط يليه فصل صغير بلا كلام.

ورغم الجمود الركحي الظاهر، فالمسرحية تروي حكاية، في إطار السردية الدرامية التقليدية، عن كاتب عجوز يدعى كراب، يستمع إلى شريط مغناطيسي كان سجّله قبل ثلاثين سنة خلت، حينما كان على مشارف الأربعين، قبل أن يشرع في تسجيل حديث آخر، على آلة التسجيل نفسها.

ولا يلبث المتفرج أن يكتشف أن ذلك طقس من الطقوس التي دأب عليها كراب في عيد ميلاده، منذ أن كان شابّا، حيث يستعيد الوقوف عند حالته الصحية والنفسية ويسجّل الأحداث الهامة للعام المنقضي، مثلما يكتشف أن الشريط الذي يسجل فيه كراب أقواله قد يكون آخر شريط في حياته، وأن النهاية المحتومة صارت وشيكة.

هذه المسرحية، التي قدّمت في فرنسا أول مرة عام 1960 بإخراج روجيه بلين وبطولة رونيه جاك شوفّار، نهض بها عملاقان من عمالقة المسرح في أوروبا، هما المخرج الألماني بيتر شتاين والممثل الفرنسي جاك فيبر.

البطل كراب، كما يقدمه بيكيت، عجوز وحيد أشعث الشعر مشوش الهندام متهالك على مكتبه، على يمينه آلة تسجيل، وعلى يساره مكبر صوت
اختار شتاين أن يكون كراب حاضرا على الخشبة قبل دخول الجمهور إلى القاعة، في هيئة تذكّر بفلاديمير وإستراغون في مسرحية “في انتظار غودو”، سواء من جهة لباسه أو من جهة البعض من حركاته، وإن بدا الحيز الزمني هنا أكثر واقعية.

وكراب، كما يقدمه لنا بيكيت، هو عجوز وحيد أشعث الشعر مشوش الهندام متهالك على مكتبه، على يمينه آلة تسجيل، وعلى يساره مكبّر صوت، ينتظر الظلمة كي يقوّم جذعه وينهض لتسجيل “الشريط الأخير” مثلما اعتاد أن يفعل في عيد مولده كل عام، وتلك طريقة لمحاورة الرجل الذي كان، واستعادة النسخة الصوتية الأصلية لحياة طافحة بالآمال الخائبة، والعلاقات الغرامية البائدة، والإشراقات الخاطئة.

يظهر كراب في هيئة مضحكة، فثيابه ليست ثياب كاتب عجوز، بل ثياب مهرّج، ذلك أن شتاين آثر الرجوع إلى الصيغة الأولى التي وضعها بيكيت عام 1958، والتي اعتمد فيها على التمثيل الإيمائي (البنتوميم)، حيث يطغى صمت رهيب، يقطعه الممثل بحضور ركحي مهيب، يشدّ الجمهور دون حركة أو كلام، فإذا تحرك فبمقدار، وإذا تلكم فبمقدار أقل، فيتبدّى الصمت والحركة البطيئة مثل طقس لا يتغير.

وبذلك أمكن للمخرج شتاين أن يغوص بالمتفرج في عالم آخر، قديم وخارج عن الزمن في الوقت ذاته، حيث لا تبدو اللعبة الوجودية مع آلةِ تسجيلٍ عتيقةٍ مهملةً ولا غيرَ لائقة، وقد نجح المخرج في إيجاد توتر دائم بين الحاضر والماضي، بين صوت العجوز الحيّ وصوت الشاب المسجّل، وحركات الممثل المضحكة وزمجراته وأنينه، ساعده بقدر كبير أداء الممثل جاك فيبر، الذي استطاع أن ينقل غموض ذلك الرجل العجوز وهو يواجه أحلامه الماضية، ووحدته التي تسير بنفسها إلى النهاية، في تكشيرته وتذمره وأنّاته وحسراته التي تأتي في الغالب في شكل تلميح يدركه المتفرج الفطن، فيحسّ بألمه ويتعاطف في سرّه معه.

صحيح أننا لا نمسك بكل هذا الماضي الذي يعود إليه كراب، لأنه يستحضره بشكل متقطّع لا ينظمه ترتيب، ولكن موسيقى ناعمة تنسل في الخلفية توحي بدفء حانة والتماعة بحيرة تحت شمس واهنة وجمال محبوبة في عمق مركب، فيظهر كراب على همسها كمن يعيش لحظات عمره الأخيرة، مميلا رأسه على مكتب يتأرجح مثل سفينة ثملة بعبارة رامبو، إذ ينحل الشريط الأخير في وهم خرير هادئ.

-------------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب


تابع القراءة→

0 التعليقات:

التأثير المتبادل بين العرض والمتلقي / حيدر الحيدر

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

مساحة العرض ومساحة المتلقي تشكلان مساحتين  مهمتين في العملية الإخراجية ، لهما أهمية كبيرة في تبادل التأثير،

والتي تشكل أهمية فكرية وجمالية في وحدة الناثير .

وتنطلق وحدة التاثير من :

 ( وحدة النص / إنشائية العرض / موقف المتلقي )

1ـ وحدة النص :

ما يثير النص من معانى وأفكار في غريزة المتلقي ، وذلك من خلال الافكار والشخصيات والأحداث والحوارات والحبكة وايقاعية النص المسرحي .

2ـ انشائية العرض :

التأثير البصري لوحدة العرض والمتجسدة في رؤية العرض ورؤيا المخرج وتحويل النص الى شبكة صورية مؤثرة على وعي المتلقي وكل احاسيسه وتصوراته.

وتتشكل عناصر تأثير العرض على المتلقي من خلال :

( انشائية المكان / رسم الحركة الاخراجية /التكوينات والتشكيلات /

الضوء واللون / طريقة اداء الممثل وقوّة تأثيره على المتلقي /

المكياج والاكسسوار / الموسيقى والمؤثرات )

كل هذ العناصر تشكل بيئة العرض ومناخه وتؤثر حسياً وعاطفياً على المتلقي

3ـ موقف المتلقي :

الموقف الذي يتخذه المتلقي وهو موقف نقدي فكري جمالي ، لأنه يرى من خلال العرض نفسه ويرى المحــــــــــيط الذي يتحرك في داخله .

– في وحدة العرض الملحمي : يكون المتلقي حكماً يناقش ثيمة ما قدمه العرض من افكار ، ليقف امام ذلك التغريب التاريخي والسياسي والاجتماعي

* في وحدة العرض الدرامي : فعالية المتلقي هي فعالية حسية ، ومعنى ذلك ان العرض يحفز احاسيسه ومشاعره وكل ما يتعلق بالقضايا السايكولوحية ، لأن المتلقي سيندمج بوحدة العرض الدرامي والافكار والمواقف .

تابع القراءة→

0 التعليقات:

مسرحية مطر صيف.. جدل الإفاقة والإغفاء / محمد عطوان

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية مطر صيف للكاتب العراقي المُتميز علي عبد النبي الزيدي، والمخرج المتألق علي عادل، صالة العرض: مسرح التربية في مدينة البصرة، السينوغرافيا: مصابيح إضاءة بألوان متعددة تُوجّه بحسب مقتضيات المشهد وحركة المُمثلَّين. جدارٌ مكتوبٌ عليه تواريخ حروب ووقائع مفصلية مر بها العراقيون في الربع الأخير من القرن المنصرم، مع ما تلاها من أحداث في عام 2003.  بدلة رجل حائلة اللون مُعلَّقة على مسمار في جدار المنزل، مُعلّقة إلى جوارها عباءة سوداء أيضاً..

مُفتَتح العرض: امرأة في العقد الرابع من العمر تسير أول الأمر بواسطة كرسي للعجزة (كناية عن تعب ما).. تروح عيناها تَجولُ في زوايا المكان الموحشة، ويتلوى جسدها طرياً من على مقبضَي الكرسي الحديدي الصلد، وسط إضاءة تتعقب التواءاتها والتفاتاتها.. فجأةً؛ تنتفضُ لنفسِها وتنهضُ راكلةً كرسيَها بقدمها اليسرى جهة الخلف، وتصيح ــ بعبارتها الرغائبية متوسلة حضور غائبها ــ “الآن موعده.. الآن يأتي الغالي، والوالي، وشمعة البيت”.. كانت تنتظر عودة من لم يأت بعد، ومن وارته الحروب المتتالية عنها طويلاً، حتى استحال قوامه إلى طيف، ورغبة متكررة في الاستحضار ليس إلا..

إنها تحاول استعادته واستحضاره مراراً في مخيلتها.

تصيحُ: “عشرون عاماً من الغياب” وقد غادرت ثيابي الألوان.. وجرّدها الغسل. عشرون عاماً والش?عر غزاه الشيب وأعياهُ الصبغ، مُكابدات تتلوها مكابدات، دونما حائل يعينها على تعطيل زمنها وانتشاء جسدها. عشرون عاماً تترقب مجيئه في سرها، حيث لا ذنب للغائبين في مضارب الهجر، وتعلم أن الحربُ وحدُها صيرتهُ من الغائبين.

وانها غالباً ما جهدت تتوسل حضوره، وتُكيِّف طرائق مجيئه فتقول: “لم يبقَ للعمر متسع للملامة والعتاب”، تعال “فأين أنت؟”، تعال وأطرقْ باب الدار أو باب الجسد. بغتةً، يدخل الزوجُ، بخطوات متثاقلة، وببزة عسكرية متهرئة.. وأحسب أن دخوله لم يكن يعني لها سوى رغبةً وتمنّياً، أو محض فكرة، وإن تجسدت واقعاً للعيان..

إن مجيئه لا يلبي متطلبات الغرام. فهو زوج متهالك أعيته الحروب. ولكثرما كان يفزعها خواره، وتثاقل خطواته، حتى دفعها ذلك الى الصراخ ــ بزفرة ألّم عميقة ــ “يا يُمة.. يا يُمة”.

وحتى ان كلمته التي كان يرددها مراراً “أحتاجُكِ” ما هي إلا صدى وجواباً تعبيرياً دفيناً عن عطش الزوجةِ نفسها للكلمة ذاتها، وحاجة عميقة فيها إلى تردادها.

إن للغياب سرائره العجيبة، فتبدلات العمر فيه تكون محضَ كذبٍ وتحبيكٍ لا حد له، حيث المَشاهدُ الحياتية التي يعيش الناس تفاصيلها ليست سوى مرايا ووجوه أيامهم الأولى حسب.. وإن تمايزت صورها على حائط العمر، يظل أولئك الناس يستفيئون بضلالها المتراخية.. تنبجس متحفزة في كل رغبة عندهم، كما لو أن دولابها يراوح في الزمان.

تقول الزوجة لزوجها: لم تَغب عني كثيراً، ربما “تأخرتَ بضع دقائق”.. سيما أن العمر ــ عندها ــ يمثل البداية البكر، وانكشافَ السر على السر، وانفضاحَ اللذة الأولى ذات موعد.لذلك تُذكّره بأن: “أكلته المُفضَّلة لا تزال تغلي على النار”.. وفي مشهد استعاري آخر مجاور تقول: كم مرةً كنتُ فيها أشتعلُ وانطفئ.. ومراراً “أضعُ لكَ عطري”.. لكنها، رغم المراودات المتكررة التي كانت تعيشها؛ لم تزح عباءتها عن رأسها.. تُخبره: لقد كانت “عباءتي على رأسي”.. والجسد البض، بمفاتنه يغلي، ويتقلبُ بين جوى الحرمان والحقيقة العارية.. جسدها الذي زاحمت سَكينتهُ الحروبُ غيلةً، واحالت فورانه إلى رغبةٍ مؤجلةٍ/ كينونةٍ معطلة.. لا يملك جسدٌ آخر أن يُشبع رغائبه المتفتقة.. لا يُشبِعه جسدٌ آخر لمَّا يحيلهُ إلى مجال للانتهاك، وموضوعٍ للحروب واهوالها..

يتأرجح الحوار في براعة حركية ــ تكنيكية، بين ثنائيتي النسيان والتذكر، والإفاقة والإغفاء على فجيعة ما يصنعهُ الغياب.. يُفيقُ الزوجةَ هول استجماعُ صورة زوجها، وهيئته الشبحية العائدة للتو، فتقول: “طلبتُ منهم أن يُعيدوك إلي شاباً في مصانعهم الخاصة”.. لا جسداً مُعاقاً.. وهنا حيث المصانع تُلجئ النسوة إلى قبول مقولة التشابه ــ التي يكشف عنها أفلاطون ــ لحل أحجية حضور الغائب، من خلال إعمال ملَكتي الخيال والذاكرة.. حيث بالتشابه عزاء من لا عزاءَ له.وبينما تستأنفُ إغفاءتها قليلاً، سرعان ما يُفيقها شُبهةُ الـ “أصل” من جديد، أو ما يُشار إليه بوهم الأصلية، وما يعنيه الأصلي للزوجة في مصانع الاستنساخ. فالمُفارقة التي يصنعها الاستنساخ هي: أن لا تاريخ آخر يُعيد لنا إنتاج الأصلي بوصفه أصلياً… وأنه لا أصلَ لِما هو مُكرَّر بحسب بودريار، ولا حدَ للأشياء التي يُعاد تصنيعها… فليس استحضار الغائب استحضار أصل بالفعل، إنما استحضار صورة عنه، ورغبة في جمع نتف وأشلاء من الماضي.. ماضيه، فنتوهّم كما لو أن صورته هي الأصل ذاته بكل حضوره.. وما العَالمُ إلا صورة لا صلة لها بأصل مُحدد في الواقع، أو كما يقول سارتر: ما العالم إلا في صورة أمام الإنسان. وعلى ذلك تُطلق الزوجة عبارتها الاستسلامية: “الأشياءُ الحقيقية التي تغادرُ لا تعود، ولكن يمكن لأشلائها أن تعود”.. لذلك تُساءل الزوجة من تتوهم حقيقيته أو أصليته: “أين كنت؟”.. شاجبة في سرها ثيمتي الحرب والموت. فيَردُ عليها بتثاقل: “أنا متعب… رأسي يحتاج إلى كلمات يُدركها”.. حيث عندد هذه العبارة بالتحديد تستفيق الزوجة على فجيعتها المُتفاقمة: “كان لابد من اختراع وسيلة مريحة لإيجاد الرجال؛ صنعوهم وأرسلوهم إلى الحبيبات والزوجات والأمهات دفعة واحدة”… لئلا يعودوا محض أطياف مُتعبين (يعودون في أخيلتهن طبعاً): “لو أعادوك إلي شاباً لما كنتَ مُتعباً”.. وإذ يبدو الزوج على هذا النحو فإن طيفه المتهالك يكشفُ لها عن حقيقة طيفها هي أيضاً.. وجهُها يابسٌ لا يتقبلُ الألوانَ، والجَمالُ الذي فيها غائب هو الآخر بغياب الزوج.وبين إفاقة وإغفاء، يسمعان مجدداً طرقات على الباب.. والزوجةُ ــ كعادتها ــ فإنها تنتظر زوجاً مُستنسَخاً، يُنكره القلب ويَقبله الجسد.. فتسخر من فِصامِها المرير مرددةً: “يا للمهزلة؛ زوجةٌ تنتظرُ زوجاً يأتيها زوجان!”. يدخلُ الزوجُ في المشهد الأخير، كائنٌ آليٌ، بثيابٍ بيضاء ناصعة، يُديرُ حواراً حميماً لا يكّلُ ولا يمل يردد نغمته الواحدة “لقد عدت يا حبيبتي”، وقد وظَّف دلالاته العميقة الممثِلُ علي عادل ببراعة ادائية هائلة، إلا أنه، مع الحميمية القصوى هذه، يظل حواره مصُطَنعاً عقيماً عاجزاً عن ردم هوة الشوق والعناق المُنتظرَين من قبل الزوجة الحبيبة المُمثِّلة أسل الغزي… تتوالى وتتعالى طرقاتُ الباب من جديد.

-----------------------------------------
المصدر : جريدة الزمان 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9