أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأربعاء، نوفمبر 25، 2015

خصائص (الشخصية الافتراضية) في المسرح الرقمي / د. محمد حسين حبيب

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, نوفمبر 25, 2015  | لا يوجد تعليقات




منذ اكثر من قرن كان التفكير بكيفية الغاء ( الشخصية ) على خشبة المسرح بوصفها حضورا ماديا الغاء تاما .. والبحث عن البديل الموازي لسد غيابها هذا بذات الفاعلية الدرامية المؤثرة والمنسجمة مع البناء الدرامي ومع التأثيث السينوغرافي للعرض المسرحي نفسه ،وبرغم اتفاق الجميع على أهميتها كركيزة محورية للعرض المسرحي الكلاسيكي والمعاصر.

كثيرة هي الاسئلة التي أثارها المختصون سابقا واليوم حول هذه الكيفية .. وكثيرة هي التحولات المضمونية والشكلية التي طرأت على ( الشخصية المسرحية ) جراء ذلك التفكير مع محاولة الاجابة عن الاسئلة المتجددة يوما بعد اخر، والتي تستجيب للتطورات التقنية الفنية الجديدة لصناعة العرض المسرحي المعاصر . 
يشير انطونيو بيتزو في كتابه (المسرح والعالم الرقمي ) الى ان المخرج ( ديبيرو ) وفي عام 1916 هو صاحب مقترح "الالغاء التام للشخصية على خشبة المسرح ] مستبدلا[ عنها الازياء القاسية المتينة في صنعها ، آلية في حركتها ، بحيث تصبح الرموز على خشبة المسرح متعددة الأوجه بلا تناسق ويصبح كل شيء بلا حياة ومتحركا ." 
في عام 2005 اقترح كاتب السطور مشروعا تنظيريا وتطبيقيا تحت عنوان ( نظرية المسرح الرقمي ) وقلنا جملة ان ( المسرح الرقمي قادم ) لا محال ، واقترحنا تعريفا له حينها وهو : " المسرح الذي يوظف معطيات التقانة العصرية الجديدة , والمتمثلة باستخدامه الوسائط الرقمية المتعددة , في انتاج أو تشكيل خطابه المسرحي .. شريطة اكتسابه صفة التفاعلية " .. وان هذا التعريف جاء شاملا حاويا لمفهوم العرض المسرحي الرقمي الذي يحاول الإفادة منذ سنوات غير قليلة من التقنيات الرقمية والبرامجيات الحاسوبية التي تم توظيفها كثيرا في العروض المسرحية المعاصرة عالميا وعربيا والى اليوم ، الا ان صاحب النظرية هذه لم يفرز (للشخصية المسرحية) مكانها الذي ينبغي في هذا المسرح المقترح بوصفه المسرح المستقبلي لنا جميعا .. هذه الورقة تهدف لهذا الفرز مفاهيميا وتاريخيا . 
تعرضت الشخصية الدرامية للكثير من المفاهيم والدراسات البحثية والنقدية وذلك للمكانة الفاعلة لها في تثوير البنية الدرامية وسردية الأحداث الواردة وبنائها ، الأمر الذي ادى الى تعددية هذه المفاهيم وتشعباتها حتى في وضع تعريف للشخصية الدرامية .. سنحاول الاشارة الى بعضها .. فنورد مثلا تعريف (ساميه أسعد) للشخصية المسرحية : "هي كائن بشري يشار اليه في النص بعلامات لغوية , ويتقمصه ممثل من لحم ودم على خشبة المسرح , من خلال علامات لغوية تبنى فوق العلامات السابقة . حتى في النص المكتوب الذي لم يعرض , تظل الشخصية كائنا حيا , ما دام القارئ يعطيها هذا الشكل او ذاك على مسرح خياله " . اما (آن اوبر سفيلد) فترى " الشخصية المسرحية ليست سوى شخصية من ورق " . بينما يعرفها حسين رامز محمد رضا هي : " وحدة عضوية , تحتضن مظاهر عضوية , و سايكولوجية..." 
الى جانب مثل هذه التعريفات وغيرها الكثير ، تعرضت الشخصية الدرامية أيضا الى عدد من الأبعاد والتقسيمات التي أسهمت كثيرا في تحليل وتفسير الشخصية من قبل صانعي العرض وهي متداولة دراسيا ومنهجيا وهي : ( البعد الجسماني ، والبعد الاجتماعي ، والبعد النفسي ) او بتقسيم اخر : ( البعد الماضي ، والبعد الحاضر ، والبعد المستقبلي ) .. اما التقسيمات فقد تبارى اليها الباحثون كلا من وجهته ومسوغاته امثال : (ابراهيم حمادة ) الذي شطر الشخصية الدرامية الى شطرين : (الشخصية المنبسطة ، التي لها وجه واحد ) و ( الشخصية الكروية ، وهي متعددة الوجوه ) كما يرى . في حين تولى ( حسين رامز محمد رضا ) تقسيما اخرا لها وعلى الشكل التالي : ( الشخصية البسيطة ، والشخصية المركبة، والشخصية المسطحة ، والشخصية الدائرية ، والشخصية الخلفية ) .. وربما توجد تقسيمات اخرى وهي متداولة بحثيا ومنهجيا مثل : (الشخصية الرئيسية ، والشخصية الثانوية , والشخصية الكومبارس / العرضية ، والشخصية الصامتة ) .. لايسع المجال هنا التوقف عند كل تقسيم من هذه التقسيمات لكننا سنكتفي بالاشارة الى مصادرها في هامش هذه الورقة للاستزادة حسب . 
لكن ما يهمنا اكثر .. هو الوقوف إزاء أهم المحطات التاريخية التي أسهمت في تطور بناء الشخصية الدرامية ، وهو تطور لم يبتعد عن مجريات العلم والعقل التكنولوجي المعاصر وسط هذه التحديات الرقمية الجديدة التي اكتسحت وبنجاح جميع المجالات العلمية والانسانية في حياتنا , فكيف بالجوانب الفنية الإبداعية منها . فتجدر الاشارة اولا الى المرحلة (الارسطية) والمرتبطة بالشروحات التي سنها (ارسطو) في كتابه (فن الشعر) عن الشخصية الدرامية تحديدا , ومن ثم المرحلة ( الشكسبيرية ) والمرتبطة بما أضفاه (وليم شكسبير) من مائزة درامية للشخصية المسرحية في اسباغه الوحدة الفنية الموضوعية للمسرحية بشكل عام وخلق نماذج بشرية خالدة من خلال شخصياته بشكل خاص فحملت بعض مسرحياته عنوان ابطاله واسبغ عليها ايضا مواصفات النموذج البشري الخلاق فضلا عن اكتسابها الاستقلالية الدرامية المائزة والتي تناغمت مع وحدة بناء النص الشكسبيري، واتسقت سايكولوجيا مع وحدة بناء الفعل الدرامي وعناصر بناء المسرحية الاخرى . 
وبانتقالنا الى الدعوة التي اقترحها أبو الرمزية : ( موريس ميترلنك ) الى استبدال الشخصية بكائن آلي عليه مظاهر الحياة لكنه ميت بحسب اشارة المعجم المسرحي لحنان قصاب وماري الياس .. فأفاد منه بعد ذلك ( غوردن غريغ ) فيما اطلق عليه بعد ذلك بـ (الدمية المثالية / الخارقة) او ( السوبر ماريونيت ) بمعنى تحول الممثل الى اداة تقنية .. الامر الذي أدى بعدها الى تبني ( الفريد غاري ) التغيير الجذري الأول الذي طرأ على الشخصية الدرامية من خلال شخصية ( اوبو ) في مسرحية ( الملك اوبو ) باجزائها الاربعة والتي عدت حينها انطلاق التجريب في المسرح العالمي وفي تكوين الشخصية المسرحية الحديثة . والذي ركز هذا التجريب هو استخدام غاري للدمى الذي وضعها خلف شخصيته البطلة (اوبو) وكانت دمى / شخصيات لا ماضي لها و لامستقبل وبعيدة الصلة عن الواقع فتحولت الشخصية والحال هذه الى مجرد اداة شكلية ليس لها جذور وهذا ما سيتقارب لاحقا في هذه الورقة مع خصائص ( الشخصية الافتراضية ) هدف البحث .. لأنها خلقت من عالم لا واعي فهي مصنعة من عالم الرقميات واليه ترجع للأبد .. ويتطابق هذا ما اشارت اليه (ناتالي ساروت) في كتابها ( عصر الشك) الذي اخذت عنه (سامية اسعد) بقولها : " تحولت الشخصية من اليقين الى الشك .. واصبحت الشخصيات مجرد رؤى واحلام و كوابيس واوهام وانعكاسات وأشكال من ( أنا الكاتب ) القديرة او توابع لهذه الأنا . " 
وجاءت المانيكا الحية او منهج البايوميكانيك في مقترح تنظيري جديد لـ(فسيفولد مايرهولد) الذي اهتم بالجانب الحركي الشكلي البلاستيكي للاداء التمثيلي بعيدا عن الانفعالات النفسية والداخلية حتى تحقق الشخصية هدفها, وبذا يكون قد زلزل كيان الاداء الدرامي من جديد باحثا عن التثوير الشكلي الحركي الخارق وبقدرات تمثيلية فائقة لكنه لم يلغ الشخصية تماما كوجود مادي بل ألغى عواطفها وتقمصها الداخلي مخالفا بذلك (ستانسلافسكي) .. فهو هنا قد انتهج مقترح الماريونيت ذاته الذي اقترحه (الفريد غاري) من قبله وكذلك (غوردن غريك) .
وبالعودة الى (انطونيو بيتزو) واشاراته الموثقة عن العروض المسرحية الاجنبية التي استعاضت عن الشخصية الحية كممثل بدمى مصنّعة احيانا او بصناعة شخصية رقمية يقوم الحاسوب الالكتروني بخلقها لنا على وفق البرامجيات المصنعة لمثل هذه الاغراض والتي بدأت بالشخصيات المصنعة لألعاب الأطفال ( Games ) المبرمجة في (Play Station) المتداولة في الاقراص المدمجة والمشاعة كثيرا على صفحات الشبكة المعلوماتية الانترنت ، ولكن تطورت هذه التقنية لتصل الافادة منها جماليا وفكريا في عروض الدراما للكبار والصغار المسرحية منها والسينمائية والتلفازية وقبلها جميعا الشخصيات الاذاعية المصنعة صوتيا لاغراض فنية تشاركية وتفاعلية ايضا.
 
فتجدر الاشارة اولا الى نموذج (المسرح الجذاب) كتجربة تقنية اقترحها (برامبوليني) في باريس عام 1924 "اخترع فيه فضاء مسرحيا متعدد المقاييس ثوريا، موضوعا في مركز الفضاء المسرحي العام ، تحركه فقط الاضاءة والاسقاطات والاصوات والتي تكون في مجملها الممثلين والديكور .. والذي يعتمد كلية على الايحاء المرئي والمحسوس والجذاب والذي فيه يعيش الاداء المضاد للسيكولوجيا الصرف ، وفي هذا نتعرف على الرغبة التنظيمية في انتزاع وظيفة عمل المسرح من الممثل .. " ( ص 182 بيتزو ) . وكذلك من الاهمية ايضا ما قام به (اوسكار شليمر) مع راقصات الباليه الهندسية وهي تلك العرائس المتحركة وبداخلها جرامافون وهو الاعلان المسبق العجيب للاشكال الفنية الآلية" . هذا الى جانب (الخيالات التكنولوجية) المرتبطة بـ (رومبوليني) و (ديبيرو) . يسوغ بيتزو لهؤلاء المخرجين ان من اسباب لجوئهم الى مثل هذه المقترحات الفنية التقنية هو ضعف الاداء التمثيلي الذي هيمن على القرن التاسع عشر بفوضويته الزائدة الامر الذي ادى بالمخرجين الى تفضيل القسوة والطاعة من قبل الشخصية الممثلة والمرتبطة بالماريونيت .
وقبل ان نصل الى الهدف من هذه الورقة ، والذي يروم الوصول الى مقترحنا المتمثل بـ (الشخصية الافتراضية) لا بد من التمهيد ثانية - بالاضافة الى ما قدمنا من مسوغات تاريخية وتقنية - الى مسوغاتنا لهذه التسمية والتي اجتزأها الباحث من مفاهيم (علم النفس الافتراضي) : وهو العلم الذي "يدرس سلوك الشخص الافتراضي في تفاعله مع الأفراد والجماعات عبر الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت). ويحاول فهم التطابق والفوارق إن وجدت بين أنماط السلوك في الواقع وأنماط السلوك البشري في العالم الرقمي . يتناول دراسة (الشخصية الرقمية) كفرد يدخل عالمه الافتراضي مزودا بمعارف ومهارات استقاها من عالم الواقع؛ أقلها قراءة وطباعة اللغة التي يتعامل بها الفرد مع أشباهه على الشبكة ومهارة استخدام لوحة المفاتيح والفأرة. وقد نبعت تسميته "علما" من ضرورة وجود وسائل تدرس سلوك الفرد الرقمي – الشخصية الرقمية أو ما اصطلح على تسميته بالشخصية الافتراضية – اعتمادا على الإحصاء وطرق علم النفس التجريبي وما وصلت إليه الفروع الأخرى لعلم النفس وعلم الاجتماع والعلوم القانونية، وما أسفرت عنه البحوث في العلوم الإنسانية من نتائج خلال القرن الماضي، وما تنبأت به من تأثير التكنولوجيا على حياة البشر في تفاعلهم البيني ومع الآلة سواء كأفراد أو جماعات. " (عن ويكيبيديا – الموسوعة الحرة) . 
ومن المهم الاشارة الى نماذج من الشخصيات الافتراضية (الاصطناعية) عالميا امثال : أليزا / ابتداعها ( جوزيف ويزينباوم ) 1966 . وشخصية باري / ابتدعها ( كينيث كولومبي ) 1975 . أليس / تسعينات القرن الماضي ) (عن بيتزو نفسه) .. اما شخصية (Simone) فهي شخصية سينمائية وبطلة فيلم يحمل اسمها نفسه من بطولة (ال باتشينو) والذي اثبت لنا مخرج الفلم ( اندرو نيكول ) - انتاج عام 2002 - وبجدارة عالية كيف ان التكنولوجيا والرقمية والميديا يمكن ان تحل محل الانسان / الشخصية .. و(سايمون) : "هي الممثلة الجميلة التي تتكون من عدة رموز و اكواد وأصفار وضعت معا في جهاز كمبيوتر لتظهر على شاشته , حتى اسمها هو اختصار لبرنامج الكمبيوتر التي جعلت منه (simulation One" " (after removing rest of the word 'ulation' it's became just sim one) .. كما وضح بالفيلم , تتكون هذه الشخصية من أجزاء من أفضل ما وجد فى كل نجوم هوليوود, لذلك فهي جميلة بشكل مذهل. وهذة الشخصية هى نتاج تزاوج العلم مع الفن ("science & Art perfect marriage ") .. فقد لجأ اليها (فيكتور) بطل الفيلم بعد معاناتة من هوس الشهرة و تكبر النجوم ,فهو يرى انه قد ابتكر نوعا مختلفا من الفن يتحكم به في كل شيء داخل العمل السنمائى (death of real). فهو يرى كما وضح فى الفيلم ، ان ارتفاع سعر الممثل الحقيقى وانخفاض سعر الممثل الآلي او المزيف مع لجوء معظم الممثلين اليوم الى اضافة العديد من المشاهد المزيفة الى العمل باستخدام التكنولوجيا , الى اثبات حقيقة واحدة وهي ان الواقع الحقيقى فقط هو العمل . " ( عن : الموقع الالكتروني ميديا تاج .. وان (سايمون) هذه وبرغم كونها شخصية سينمائية ، إلا أنها تنطبق عليها تماما التسمية التي أطلقها (بيتزو) على الشخصية المسرحية الافتراضية وهي تسمية (الماريونيت الرقمية) والتي من الممكن تصنيعها ايضا في العروض المسرحية.
لنصل ، وبعد كل ما تقدم ، الى مقترحنا لتعريف الشخصية الافتراضية : ( وهي وحدة رقمية , لا تحتضن اية مظاهر , لا عضوية , و لا سايكولوجية , بل انها تبدو كذلك للوهلة الاولى , لكنها في الاصل شخصية وهمية , تظهر و تختفي بمجرد كبسة زر على كيبورد الحاسب الالكتروني التي صنعت فيه اصلا . ) الباحث. 
وان هذه الشخصية الافتراضية تنماز بخصائص عدة منها : ( 1- الارتجال 2- المصداقية 3 - اختلاف الوظيفة 4 - تحقيق حلم المخرج ) وعن الخاصية الرابعة نورد نصا - للأهمية - ما اورده (ستانسلافسكي) في نبرة مرة ، يقول : " يا لها من مسافة شاسعة تلك التي تفصل بين الحلم المسرحي الهين للرسام او للمخرج وتنفيذه الفعلي , كم هي بدائية كل الوسائل المسرحية الموجودة بالفعل لتنفيذه , كم هي اولية وساذجة , لا معنى لها تلك التقنية المسرحية , لماذا لا يكون العقل الانساني متقدا هكذا وغنيا بالاختراعات اذا كان الامر يتعلق بوسائل يقتل بها احدهم الاخر في الحرب او لتسهيل معيشة البرجوازية الصغيرة ؟ لماذا اذن يكون هذا الذهن خشنا وبدائيا حينما يحاول ارضاء احتياجات غير جسدية ولا وحشية , ولكنها عاجزة ، عاجزة عن تنفيذ افضل التطلعات الروحية النابعة من انقى اعماق الروح ؟ امامها تتوقف الابداعات . ان الراديو و الكهرباء والترددات من كل نوع تصنع المعجزات في أي مكان , الا في الحقل الذي نعمل فيه , في المسرح , حيث يمكن استخدامها بنتائج مبهرة ... وتثير اشعاعات اخرى جسد الانسان , وتمنحه احاطة غامضة , شفافية , ذلك الطابع الوهمي الذي نعرفه في الخيال وفي الحلم , والذي دونه لا يمكننا الطيران إلى أعلى . "
وختاما نقول وبرغم المعارضة التي لمسها كاتب السطور منذ (عام 2005 ) حين طرحنا نظرية (المسرح الرقمي) والى يومنا هذا ، والمخالفة الصادمة قائمة ,الى جانب الاختلاف من قبل البعض , اذ قادنا الحماس والتفاؤل والتوقعات المستقبلية لفن المسرح وللشخصية المسرحية بعد ان تمثلت هذه (الرقمية) واستثمرت بنجاح في آداب وفنون إبداعية عديدة ، ماضين الى مجابهة المعارض ومفيدين من خطوات التوجس والخوف التي بدأت تقل سنة بعد أخرى بواقع حال الاهتمام البحثي والأكاديمي المتسارع في المنطقة العربية بـ (الفنون الرقمية) جميعا بشكل عام وبـ (المسرح الرقمي) بشكل خاص ، والذي نؤكد عليه دائما انه ( مسرحنا ) القادم لا محال . 
لنصل ، وبعد كل ما تقدم ، الى مقترحنا لتعريف الشخصية الافتراضية : ( وهي وحدة رقمية , لا تحتضن اية مظاهر , لا عضوية , و لا سايكولوجية , بل انها تبدو كذلك للوهلة الاولى , لكنها في الاصل شخصية وهمية , تظهر و تختفي بمجرد كبسة زر على كيبورد الحاسب الالكتروني التي صنعت فيه اصلا . ) الباحث. 
وان هذه الشخصية الافتراضية تنماز بخصائص عدة منها : ( 1- الارتجال 2- المصداقية 3 - اختلاف الوظيفة 4 - تحقيق حلم المخرج ) وعن الخاصية الرابعة نورد نصا - للأهمية - ما اورده (ستانسلافسكي) في نبرة مرة ، يقول : " يا لها من مسافة شاسعة تلك التي تفصل بين الحلم المسرحي الهين للرسام او للمخرج وتنفيذه الفعلي , كم هي بدائية كل الوسائل المسرحية الموجودة بالفعل لتنفيذه , كم هي اولية وساذجة , لا معنى لها تلك التقنية المسرحية , لماذا لا يكون العقل الانساني متقدا هكذا وغنيا بالاختراعات اذا كان الامر يتعلق بوسائل يقتل بها احدهم الاخر في الحرب او لتسهيل معيشة البرجوازية الصغيرة ؟ لماذا اذن يكون هذا الذهن خشنا وبدائيا حينما يحاول ارضاء احتياجات غير جسدية ولا وحشية , ولكنها عاجزة ، عاجزة عن تنفيذ افضل التطلعات الروحية النابعة من انقى اعماق الروح ؟ امامها تتوقف الابداعات . ان الراديو و الكهرباء والترددات من كل نوع تصنع المعجزات في أي مكان , الا في الحقل الذي نعمل فيه , في المسرح , حيث يمكن استخدامها بنتائج مبهرة ... وتثير اشعاعات اخرى جسد الانسان , وتمنحه احاطة غامضة , شفافية , ذلك الطابع الوهمي الذي نعرفه في الخيال وفي الحلم , والذي دونه لا يمكننا الطيران إلى أعلى . "
وختاما نقول وبرغم المعارضة التي لمسها كاتب السطور منذ (عام 2005 ) حين طرحنا نظرية (المسرح الرقمي) والى يومنا هذا ، والمخالفة الصادمة قائمة ,الى جانب الاختلاف من قبل البعض , اذ قادنا الحماس والتفاؤل والتوقعات المستقبلية لفن المسرح وللشخصية المسرحية بعد ان تمثلت هذه (الرقمية) واستثمرت بنجاح في آداب وفنون إبداعية عديدة ، ماضين الى مجابهة المعارض ومفيدين من خطوات التوجس والخوف التي بدأت تقل سنة بعد أخرى بواقع حال الاهتمام البحثي والأكاديمي المتسارع في المنطقة العربية بـ (الفنون الرقمية) جميعا بشكل عام وبـ (المسرح الرقمي) بشكل خاص ، والذي نؤكد عليه دائما انه ( مسرحنا ) القادم لا محال.

-----------------------------------
جريدة المدى 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأحد، نوفمبر 15، 2015

الطقس الدرامي وأكتمال الصورة المسرحية / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, نوفمبر 15, 2015  | لا يوجد تعليقات


الطقس الدرامي هو عملية يؤكد فيها الأنسان كراماته وحريته فهو اعلان للتحدي واحتجاج على القوة أي هي ممارسة يتم فيها التعبير عن النفس دراميا ,وهي تطوي تحديا خفيا وعلنيا ضد قوة الشر فهذا الشئ هو الذي ادى الى تنامي تمثيل هذا الطقس العاشورائي ومن ثم التقرب بهذه الشعائر الدينية في محاولة ايجاد مزج بين الحياة الدينية والحياة الدنيوية والتي تؤكد الواجب الديني في داخل الانسان وحاجته في استذكار واقعة كربلاء في عملية يعلق فيها الانسان عن خضوعه وحبه للحسين المتمثل بالقيم النبيلة فالانسان عندما يقوم بأداء الشعائر الدينية يؤكد حبه وخضوعة للقيم الحقة ويكون مستسلم ومنفذ لتعليمات اداء الشعائر وبذلك يكون مضحي للأرادة في الطقوس والشعائر الدينية وهكذا صار النشاط التمثيلي في ايام عاشوراء من اهم الفعاليات التي ترافق المناسبة الأليمة ونجاح هذه الفعاليات ادى الى ازدياد الأهتمام بها واللجوء الى توسيع هذه الظاهرة واعطائها بعدا فنيا ومسرحيا بعد توفر الحبكة اي ترابط الأحداث بداية ووسط ونهاية ووجود الشخصيات ذات الطابع المميز , والحوار , والفكرة والمنظر المسرحي والمادة التي تتمثل في لغة ذات خصائص معينة ، والطريقة وتتمثل في العرض الدرامي ، والهدف والذي يتمثل في تحقيق التطهير . فضلاً عن جود الوحدات الثلاث للتراجيديا ,الزمان ، المكان ، والحدث , . وبذلك اكتملت الصورة المسرحية التي اكد عليها ارسطو في كتابة فن الشعر ,
ويتجسد الصراع الاجتماعي والطبقي ، وربط هذا الصراع بالقيم الإلهية التي ضحى من أجلها الأمام الحسين ( ع ) في كربلاء ضد الحكم الجائر من بني أمية الجلادين المتحكمين في مصائر الناس ،
وهكذا كان لهذا الطقس أن يؤسس لمسرح عربي أصيل ، بعفويته وانطلاقه من أرضية دينية واجتماعية وثقافية يبعث إحساساً بالحياة وتطهيرا للذات عند المتلقي لطقس عاشوراء , فنجد أن التفاعل يتجدد في مواسم طقوس عاشوراء ، كما تتجدد حركة التغيير الحسينية ، لما تمتلكه من أبعاد فلسفية وفكرية وروحية ووجدانية لا تنقطع بانقطاع الزمن ، فاسترجاع المأساة يثير في النفوس الألم . حدث يكاد أن يكون في الحاضر ، كان الماضي ماثلاً أمامنا هنا الآن ، كان قرار البطل الحسين الشجاع (ع) من أجل هذه اللحظة ، لم يكن المشهد هو وصف الماضي ، ولم يكن هو رسم الماضي ، في موت حقيقي ، لشخص حقيقي قد مات منذ مئات السنين ، فالقصة تقرأ للناس مرات عديدة وبصوت مأساوي وحزين يثير في القلوب الرأفة والمحبة للحسين والبغض لأعدائه ، وتشرح لهم بالكلمات والعبارات ، ولكن الشكل المسرحي عند تمثيله هو الذي يجعل من هذا الطقس البطولي جزءاً من تجربة معاشة مؤثرة في نفوس المجتمع الجمعي .
ولأن الطقوس الدينية هي اداة ينبري في ممارستها الفرد ليتقي المحرم أو ليتخلص منه أو يأتي بطقس بديل يعتقد بإمكانية تعويض ما ارتكبه من ذنوب فتصبح الطقوس أدوات لتطهير النفوس .وطقس عاشوراء هو فرجة تفاعلية ذات بعد مأساوي .
ولتفعيل الطقس بشكل يتزامن مع المتغيرات الجديدة سواءا على مستوى الفكر والثقافة وجب توظيفه والاشتغال على تطويره بما يخدم الأنفتاح الثقافي ، من خلال استخلاص الزخم الكبير الذي تملكه مأساة كربلاء من أحداث وبطولات وشخصيات ارتبطت بالمأساة ، و في انتاج نصوص ترتكز على القيم الحسينية النبيلة التي لها علاقة مباشرة في احياة والمجتمع .
من هنا نستخلص أن طقس عاشوراء ، مسرح بمقاييس العلم المسرحي الحديث والكلاسكي ، حيث يمتلك نسقا دراميا في الأحداث وذروة درامية لا يمكن اغفالها . وطقس عاشوراء يمتلك استمراريته ونجاحه ، ويحتاج إلى توظيفه لخلق مسرح عربي أصيل.. فطقس عاشوراء هو شكل مأساوي (تراجيدي) في استعادته لحادثة كربلاء، وقد خرج هذا الطقس إلى النور بعفوية ، تمتلك كل مقومات المسرح.
وهناك من المخرجين من أبدع في تقديم هذا الطقس بوصفه مسرحاً، فهذا الطقس يملك فكرة وقوة درامية ومسرحية . تتضمن العديد من الخصائص والعناصر الدرامية ، فيها الكثير من التشخيص الديني المقدس ، أذ أخذ شكله الاسلامي في أنعاش طقوس التعازي الحسينية ، بعد ان ترسخ في عمق الوجدان الجمعي و ازدادت رقعته بمرور الاعوام الى مسرح ينبض بالحياة ويعتبر من الجذور الحية لمسرحنا العراقي المعاصر .

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الثلاثاء، نوفمبر 10، 2015

تسمية المونودراما المركَّبة.. / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, نوفمبر 10, 2015  | لا يوجد تعليقات


أن التسمية والمصطلح الذي اقترحته الفنانة شادية زيتون مصطلح شائع في النصوص المسرحية العالمية والعربية حيث يطلق على الشخصية المركبة في النص المسرحي 
فالمقومات والأبعاد المختلفة للشخصية المسرحية تتحقق من أنسجامها , ودلالات الدوافع التي تحركها في ما يجري من أفعال وتصرفات ,وما ينتج عن ذلك من صراعات او خلافات بينها وبين الشخصيات الأخرى فالشخصية المركّبة تتكون من مجموعة من السمات التي تبدو غير منسجمة، ولاتستقر هذه الشخصية على حال واحدة، ويصعب التنبؤ بمصيرها، فهي تدهش بمالم يتوقّعه؛ ثم إنّها مع هذا الإدهاش تقنعه بواقعية ما تفعل، ولها تأثير على الأحداث بسبب تطورها الدائم. وأرى أن السبب في ذلك نابع من تعدُّدِيّة هذه الشخصية في الدور الذي تقوم به مربوطًا بالإقناع والإدهاش؛ فإن حصل هذا الأثر فهي مركبة ، أما إذا لم تؤثر فهي مسطّحة.
ولكنني جد أنّ تعيين أثر الشخصيّة وأطلاقها على المونودراما يصعب قياسه ولهذا فإنّ هذه التسمية تبقى خاضعًة للانطباع ومن هنا فان ربط نوع الشخصية بتسمية تطلق على المونودراما يثير العجب فيجب ان تقوم التسمية بما يثري هذا التمييز الجديد للمونودراما كونه سيبني أساسًا لتصنيفات لاحقة للمونودراما من حيث ثباتها من عدمه، أو ركودها وتطورها، أوإيجابيتها وسلبيتها، وغير ذلك .
وان وصف المونودراما الشعرية الجديدة التي يحاول المؤلف عادل البطوسي وصفها وتسميتها بالمونودراما المركَّبة..
فالمونودراما الشعرية كالحياة مليئة بالعناصر التي تستعصي على الحصر والتوقّع؛ فثمّة شخصية تتمحور حولها الأحداث وتتوافر والشخصية عنصرًا اساسيا في الحدث الدرامي وأنّ تطوّر الشخصيّة أو انحطاطها مرتبط بتأثير الشخصية من حيث التفاعل معها أو التعاطف والتقييم وأرى أن هذا التأثير له علاقة بالتسمية المكشوفة للمونودراما تجعلها ليس جديدة بهذه التسمية التقليدية





تابع القراءة→

0 التعليقات:

الاثنين، نوفمبر 09، 2015

بريشت ومسرحيات مهمة ومؤثرة في المسرح العالمي / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, نوفمبر 09, 2015  | لا يوجد تعليقات


عندما نتفحص مسرحيات  بريشت ,بعل, طبول في الليل ,حياة إدوارد الثاني ملك إنجلترا ,الرجل هو الرجل ,أوبرا الثلاثة قروش ,صعود وسقوط مدينة مهاجوني حياة جاليليو,الاستثناء والقاعدة ,الأم ,البؤس والخوف في الرايخ الثالث ,الأم شجاعة وأبنائها ,الإنسان الطيب من سيتشوان ,دائرة الطباشير القوقازية ,الزفاف ,الشحاذ, أو اليد الميتة ,كم يكلف الحديدالخطايا السبعة المهلكة , نجدها مسرحيات مهمة  ومؤثرة   في المسرح العالمي في القرن العشرين ,وكتب بريشت أولى أعماله المسرحية وهي"بعل" Baal وكان متأثرا فيها بفترة التعبيرية. أما في مسرحية "أوبرا الثلاثة قروش" 1928 التي حققت له نجنحا عالميا, فقد كانت تصور بطريقة عفوية مبدأ: "في البداية الطعام, ثم الأخلاق". وكان بريشت من أهم كتاب المسرح في ألمانيا قبل عام 1933. ولكن بعد استيلاء هتلر على الحكم، واضطهاده اليهود, وإحراقه كتب الأدباء الذين لا ينتهجون نهجا نازيا, هرب من ألمانيا إلى الدانمارك, وعاش فيها في الفترة بين عامي 1933 و 1939. ثم هرب إلى أمريكا حيث اجتاحت القوات النازية الدانمارك. وكتب في أمريكا أهم أعماله, منها نظريته عن المسرح الملحمي, التي نشرها بريشت عام 1948, بعنوان الأرجانون الصغير للمسرح.
ونجد في أعمال بريشت حيرته إزاء العالم وقضاياه, ففى نهاية مسرحيته "الإنسان الطيب في ستشوان" يقول بريشت "نقف هنا مصدومين, نشاهد بتأثر الستارة وهي تغلق وما زالت كل الأسئلة مطروحة للإجابات".
وفي مسرحية "حياة جاليليو" التي كتبها عام 1943 في المهجر في الدانمارك, تدور الأحداث حول عالم الفيزياء الإيطالي جاليليو, الذي يتراجع أمام سلطة الكنيسة, ويتخلى عن إنجازاته وأعماله العظيمة خوفا من التعذيب والحرق. وترمز هذه المسرحية إلى وضع العلماء الألمان بعد تولي هتلر السلطة في ألمانيا.

المزج بين الوعظ والتسلية, أو بين التحريض السياسي وبين السخرية الكوميدية. واستخدام مشاهد متفرقة  لأن بعض مسرحياته تتكون من مشاهد متفرقة, تقع أحداثها في أزمنة مختلفة, ولا يربط بينها غير الخيط العام للمسرحية. كما في مسرحية "الخوف والبؤس في الرايخ الثالث" 1938. فقد كتبها في مشاهد متفرقة تصب كلها في وصف الوضع العام لألمانيا في عهد هتلر, وما فيه من القمع والطغيان والسوداوية التي ينبأ بحدوث كارثة ما.
استخدام أغنيات بين المشاهد وذلك كنوع من المزج بين التحريض والتسلية.
وتقوم مسرحياته على فكرة التغريبا ويقصد بها تغريب الأحداث اليومية العادية, و جعلها غريبة ومثيرة للدهشة, وباعثة على التأمل والتفكير من خلال الخروج عن المألوف في العرض المسرحي  وجعل المشاهد هو العنصر الأهم في تكوين العمل المسرحي, فمن اجله تكتب المسرحية, حتى تثير لديه التأمل والتفكير في واقعه , واتخاذ موقف ورأي من القضية المتناولة في العرض المسرحي , وبذلك تميزه مسرحه  بألغاء الجدار الرابع بحيث يجعل المشاهد مشاركا في العمل المسرحي, واعتباره العنصر الأهم في كتابة المسرحية. والجدار الرابع معناه أن خشبة المسرح التي يقف عليها الممثلون, ويقومون بأدوارهم، هي تشبه غرفة من ثلاثة جدران, والجدار الرابع هو جدار وهمي وهو الذي يقابل الجمهور.المزج بين الوعظ والتسلية, أو بين التحريض السياسي وبين السخرية الكوميدية. واستخدام مشاهد متفرقة  لأن بعض مسرحياته تتكون من مشاهد متفرقة, تقع أحداثها في أزمنة مختلفة, ولا يربط بينها غير الخيط العام للمسرحية. كما في مسرحية "الخوف والبؤس في الرايخ الثالث" 1938. فقد كتبها في مشاهد متفرقة تصب كلها في وصف الوضع العام لألمانيا في عهد هتلر, وما فيه من القمع والطغيان والسوداوية التي ينبأ بحدوث كارثة ما.
استخدام أغنيات بين المشاهد وذلك كنوع من المزج بين التحريض والتسلية.

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9