أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، أبريل 08، 2016

الكوميديا وشروطها التاريخية / علي فريج

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


التبس وللأسف معنى الكوميديا بمعنى التسلية، واختلطت المفاهيم اختلاطاً شوّه ما ترنو إليه الكوميديا كعنصر من عناصر الدراما الجادة. فكثير ممن يشتغلون في المسرح التجاري لا يعرفون بأن الكوميديا هي نوع من أنواع المسرح الجاد الذي لا يقل اهمية عن التراجيديا.
جاء مصطلح الكوميديا من الكلمة الاغريقية (Komoidia) التي تشير الى الشكل الدرامي الجذل، أو الخالي من الهموم، الذي تطور تاريخياً على نحو مواز للتراجيديا، وكان هذا الشكل بالعادة، يأتي عفوياً وفي أحيان كثيرة يسخر من زميله التراجيديا. تركز الكوميديا على اللهو والمرح والارتباك أو التشوش، وتعالج الكوميديا احداث الحياة السعيدة: كالحب الرومانسي والزواج والتفوق بالحيلة على الآخرين أو الاذلال الذي يلحق بالاشرار الاغبياء أو ضيقي الافق. بينما تعالج التراجيديا الاحداث الكئيبة والمأسوية، كالموت والقسوة (...) كما ان ارسطو ارجع معنى الكوميديا الى (كوموس) ومعناها المأدبة الماجنة والتي تقام في نهاية احتفالات الإله (ديونيزوس) كمحاكاة تهكمية. وعبر مسيرة تاريخ المسرح استخدمت كلمة كوميديا بمعان ثلاثة:
1 ـ اسم لنوع مسرحي يناقض التراجيديا.
2 ـ اطلق اسم الكوميديا في القرن السادس عشر على المسرحية بالعموم.
3 ـ اطلق اسم الكوميديا على كل مسرحية تحمل طابع الضحك.
لكن الكوميديا كنوع لا بد إلا ان تعرّف من خلال معاييرها الجمالية، والتي تميزها عن الاشكالية المسرحية ما يسمى بالشعبية المضحكة، حيث من الضروري ان يحيط هذا النوع المسرحي جماليات تناقض المفهوم المأسوي، وبعيداً عن الهزل والابتذال (...)
[ الكوميديا والبحث عن المطلق
ان بحث الانسان عن المطلق أو اللامتناهي كما يقول (بلزاك)، ربما يوقعه في متناقضات مضحكة؛ قد يدرك هذه المتناقضات بعض الأدباء فتوحي لهم بتجسيدها في اعمال مسرحية أو أدبية. لقد استطاع (سارفانتس) ان يصيغ واقعاً كوميدياً غريباً ومشوقاً في مسيرة بطله الواهم في روايته الخالدة (دون كيشوت). لقد ذهب ليحقق المطلق في البطولة؛ مطلق لم يصل اليه أي من الفرسان الذين عرفهم أو تعرف على سيرتهم في الروايات التي قرأها. ولقد شهدنا في العقود الأخيرة تحويل بعض الاعمال الادبية العظيمة والخالدة الى مسرحيات كوميدية، مثل تحويل رواية (بجماليون) لبرنارد شو الى مسرحية (سيدتي الجميلة) وحولت الى فيلم سينمائي فيما بعد. وكذلك شهدنا تحويل رواية (أوليفر تويست) للكاتب الانكليزي شارلز ديكينز الى مسرحية بعنوان (اوليفر). وقس على ذلك الاقتباسات العديدة من الأدب وتحويله الى اعمال مسرحية استطاع بعض منها ان يحتل مكانته في الوجود والبقاء والخلود.
اننا عندما نفكر بالذهاب الى المسرح ومشاهدة مسرحية كوميدية سرعان ما يتبادر الى اذهاننا شكل العرض الذي سنشاهده. سنتوقع الكثير من الاضحاك بأي وسيلة ممكنة عن طريق (الاسكتشات) الموسيقية أو الغنائية الراقصة التي تدخل جميعها في اطار المنوعات ولا تتصل إلا بالهزلية الغنائية، وهي لون واحد فقط من ألوان هذا الفن وهي ليست قطعاً أرقاها، بل لقد بلغ هذا المفهوم حداً من الانتشار والتغلغل داخل أبناء الحركة المسرحية نفسها، حيث يعتبرون النجاح مقروناً بمقدار كمية الضحكات التي تثيرها كلمات أو حركات مسرحية معينة لدى الجمهور!!
وبنماء على ما سلف فقد ابتُدعت مصطلحات مسرحية غريبة عن المصطلحات النقدية والمهنية مثل (سوكسيه و إيفيه) وهاتان كلمتان انجليزيتان دخيلتان على مفهوم مدارس النقد للدراما، وتعودان لغوياً الى كلمتي: الأولى (Success) وتعني النجاح والثانية (Effect) وتعني التأثير.
[ أنماط الكوميديا
هناك أنماط عدة من الكوميديا مثل: الهجاء أو الدراما الهجائية (Satire)، التي تهاجم الأفكار والعادات والأخلاقيات والمؤسسات الاجتماعية بشكل يتسم بخفة الدم (الظرف) والسخرية أو التهكم (Sarcasm). وهناك أيضاً الهزل (Farce) الذي يتم فيه الاستهزاء بالحياة من خلال ابتكار مواقف عبثية وشخصيات مبالغ فيها.
وهناك كذلك المحاكاة الساخرة (Burlesque) التي تتضمن السخرية من الاعمال الفنية الاخرى من خلال الكاريكاتير والمحاكاة التهكمية (Parody). وهناك أيضاً الكوميديات السوداء أو القاتمة، وهي الاعمال الكوميدية ذات المذاق السيّئ التي يجد الجمهور صعوبة في تقرير ما إذا كان عليهم أن يهاجموها، أو الانصراف عنها أو الضحك عليها بشكل صاخب.
[ تاريخ أنواع الكوميديا
1 ـ الكوميديا الكلاسيكية القديمة:
وهذه الكوميديا كانت نتيجة الاحتفالات الطقوسية والتي أفرزت نصوصاً مكتوبة أهمها نصوص اليوناني أرسطو، حيث أفرزت أشكالاً شعبية. وهذه النصوص لم تقدم حدثاً متماسكاً بل كانت مقاطع أو مشاهد، وخلال تطورها صارت تأخذ ببنية ثابتة فأصبحت تتألف من مقدمة او استهلال، تؤديه شخصية واحدة على شكل مونولوج، أو شخصيتان ثانويتان على شكل حوار، ويلي ذلك الدخول وهو نشيد الجوقة ومن ثم المساجلة أو الآغون (الحوار والصراع القائم بين الأعداء والذي يمثل جوهر المسرحية).
2 ـ الكوميديا المتوسطة:
وقد ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد، وكانت مواضيعها مستمدة من الأساطير والتي تفرز بالنتيجة درساً أخلاقياً أو دينياً.
3 ـ الكوميديا الجديدة:
وهذه الكوميديا رسخت في 330 290ق.م. وارتبطت بالكاتب (ميناندر) حيث أعطاها شأناً مهماً فأدخل على رواياته الكوميدية حكايا العشق والتي تتشابك في حبكة معقدة مما أعطى للمسرحية آنذاك وحدتها العضوية.
4 ـ الكوميديا الرومانية:
وقد وصلت هذه الكوميديا مع (بلاوت) 254-184ق.م. و(تيرانس) 190-159ق.م. حيث قرّبا هذا النوع من المسرح الى الواقع الروماني وأدخلا عليه عناصر جديدة مثل التنكر والحيل والغناء والرقص مما أعطى للكوميديا طابع الفرجة.
5 ـ الكوميديا في القرون الوسطى:
في هذه المرحلة انحسرت الكوميديا تقريباً ولم يبق سوى اشكال بسيطة كان يقوم به الممثلون الجوالون، وبعض الكرنفالات وعروض الحماقات، وأعياد المجانين والأخلاقيات، وكل هذا هو أنواع من الفرجة تتم في الساحات العامة والشوارع. كما ان النصوص المسرحية انحسرت في هذه الفترة باستثناء بعض المتعلمين الذين ساهموا في توسيع شكل الكوميديا في القرن السادس عشر والذين تأثروا بالحركات الانسانية التي استمدت هذه النصوص من التاريخ، حينها صنفت الكوميديا بالفن الراقي معتمدة على متانة الحبكة واللعب بالألفاظ، كما صنفت باقي الكوميديات بالهابطة والتي تعتمد على الإضحاك البصري القائم على الحركة المبتذلة مستجدية الضحك من المتفرجين.
6 ـ الكوميديا في عصر النهضة:
ظهرت هذه الكوميديات في ايطاليا في القرن السادس عشر؛ واعتبرت الكوميديا في هذه المرحلة بأرقى أنواعها ومن كتّاب تلك المرحلة: (لودوفيكو اريستو) 1474- 1533، (انجيلو روزانيه) 1502- 1542، (نيقولو ماكيافيللي) 1480 1527.
وكتبت نصوص هؤلاء بلغة رفيعة لأنهم اعتمدوا على الكتّاب الذين بحثوا في فن الشعر، فقد اعتمدت نصوصهم على الوحدات الثلاث، ومن ثم ظهرت تأثيرات المسرح الايطالي والتي وصلت الى انجلترا في العصر اليعقوبي مع (جون فيلتشر) 1579 1635. أما في فرنسا فقد تأخر ظهور الكوميديا بسبب منع العروض المسرحية في فترة الحرب الدينية، ولم تظهر كنوع خاص إلا في القرن السابع عشر مع (موليير) 1622 1673. ومن الكتّاب الذين أطلقوا على مسرحياتهم تسمية كوميديت (بيار كورناي) 1606 1684 و(جون راسين) 1639- 1699، إلا أن الضحك كان غائباً عن كتاباتهم، وهذه الكتابات لم تأخذ من الكوميديا إلا نهايتها السعيدة، وهذا ما ميزتها عن التراجيديا.
7 ـ الكوميديا الكلاسيكية:
وهي ظاهرة فرنسية اتضحت سنة 1630 بالتحديد ويرجع ذلك لظهور الاكاديميات، وظهور طبقة النبلاء وكبار البرجوازيين، وتبلورت بشكلها النهائي زمن ظهور (موليير) الذي خلق نموذجاً خاصاً من الكوميديا إذ جمع بين تأثيرات الكلاسيكية الفرنسية والتقاليد الكوميدية الشعبية التي استمدها من المسرح الجوال وأدخلها ووظفها في نصوصه بشكل لم يتقنه من أتوا بعده فكان سبباً بانحدار الكوميديا. وبعد انقضاء مرحلة موليير تجددت الكوميديا الكلاسيكية بكونها ترتبط بالواقع، فالشخصيات في هذه الكوميديات تنتمي إلى كافة طبقات الناس، ففيها الشخصية الشعبية أو البرجوازية وأحياناً شخوصها تكون من النبلاء شرط ألا تطرح المسرحية شأنهم السياسي. وعرفت هذه الكوميديات بالكلاسيكية بكونها مسرحيات ذات مسار معين فيه توتر درامي لكن نهاياتها سعيدة، والحدث فيه ذو مظهر معقد لكن تخطيه ممكن، وهذا ما يوصل إلى النهايات السعيدة.
[سيكولوجية الكوميديا بين فرويد وهنري برغسون
قام علماء النفس عبر العقود القليلة الماضية بالكثير من البحوث حول المبررات التي تجعل الناس يبتسمون ويضحكون. وعلى الرغم من وجود الكثير من المساحات الغامضة في هذه الظواهر فإنّ بعض الاجابات قد بدأت في الظهور فعلاً. ونكشف المقارنات مع الأنواع الحية الاخرى، خصوصاً القرود، أن الابتسام ليسا درجتين مختلفتين من الشيء نفسه، لكنهما ظاهرتان مشتقتان من مسارات تطورية مختلفة وربما متعارضة. فالابتسام يبدو انه قد ارتقى من ظاهرة المط العصبي الخانع للشفتين فوق الأسنان، وهو تعبير من تعبيرات الوجه يدل لدى قردة الشمبانزي على محاولة لاسترضاء قرد آخر مسيطر اجتماعياً، هنا تطبق الأسنان على بعضها البعض ومن ثم لا تكون جاهزة للعض. ولدى بني الانسان أيضاً، يعتبر الابتسام طريقة كبرى توصل من خلالها مشاعر الإذعان والافتقار للقدرة على إلحاق الأذى، وهي طريقة قد يُلجأ إليها بشكل معين لتفسير السبب الذي من أجله يكن النساء أكثر ابتساماً من الرجال. فمتابعة الصور الفوتوغرافية في الصحف اليومية يُظهر ان الرجال الذين يكون معظمهم من السياسيين ومن صفوة رجال الأعمال، غالباً ما يكونون من أصحاب الوجوه الجادة والصارمة التعبير، بينما تصور النساء في أغلب الأحوال وهن مبتسمات.
ان الضحك مختلف تماماً عن هذا، لانّ معظم المواقف المثيرة للضحك هي مواقف اجتماعية، فهي تشمل علاقات مع الآخرين، أو تتطلب على الأقل حضورهم، حتى الدغدغة هي شكل ينبغي أن يقوم به شخص آخر كي نقوم بالضحك. وهكذا، فإنه بينما قد يشتمل الضحك على عناصر من العدوان والسيطرة والخوف أو القلق، فإنّه يكون محاطاً أيضاً بشكل وثيق بأشكال التخاطب الاجتماعية المختلفة.
لقد بُحث عن مصادر الكوميديا وأحياناً تم البحث عن مصادر الضحك في الحالات السيكولوجية وفي الأساطير وفي الطقوس وفي الدراسات (الاجتماعية) التي تعتبر أن في الأدب المضحك منفعة علاجية في بعض الأحيان. إن الذي شاع منذ منتصف القرن الماضي هو أن تكون البداية من الأساس السايكولوجي للكوميديا كما بحث (سيغموند فرويد) وكما حللها نفسيا. وربما بحث (هنري برغسون) وما كتبه حول دخائل الناس، وما حذر منه (آي.سي. نايتس) في ملاحظاته حول الكوميديا، يركز على مغالطة البحث السايكولوجي في لون من ألوان الأدب، وعلى التزامه التجريد والتعميم، بخلاف عملية النقد المناسبة في متابعاتها المُرهقة للخصوصيات فيقول: إننا ما إن نربط بين الكوميديا والضحك ربطاً ثابتاً حتى نكون قد ابتعدنا عن امكانية وضع أية ملاحظة تنفع بالنقد.
أما (فرويد) فإنه يرى ان الدعابة نوعان، دعابة بريئة لا ضرر فيها. وأخرى ذات قصد أو اتجاه أو لها غاية نقصدها؛ ثم يردف مفسراً ويقول بأنّ الغاية هذه نوعان أيضاً: الهدم والكشف/ التحطيم والتعرية. والدعابة الهدامة تنطوي تحت عناوين مثل: السخرية والفضيحة والذم أو الهجاء. وتقع الدعابات التي ترمي الى التعرية تحت عناوين مثل: البذاءة والفسوق والفحشاء.
يتخذ (هنري برغسون) من سايكولوجيا الهزل اساساً لاختبار المسرح الكوميدي. يبحث في طبيعة الموقف الكوميدي كمادة لموضوع درامي، يقول (برغستون): تخيل شخوصاً معينين في موقف معين، فإذا قلبت الموقف وغيرت الأدوار، فستحصل على موقف كوميدي.. ان عقدة النذل الذي يقع ضحية نذالته، أو سقوط الغشاشين والنصابين في شر اعمالهم، تعتبر قوالب جاهزة في الكثير من المسرحيات.. في كل حالة، تشمل الفكرة الاساس قلب الأدوار وموقفاً ينقلب على رأس صاحبه أو مدبره.
[ مكونات المسرحية الكوميدية كما هو في جلّ الواقع
أولاً: الأفعال
الافعال تبنى على تشويق وإثارة وإمتاع وغموض ومفارقة لتولّد الضحك وتعرف البطل وتكشف عن حاجته التي يريد ان يحصل عليها، والهدف الذي يريد تحقيقه، من خلال مشهد جدي يكشف فيه البطل ما يريده وما يتمناه وكأنه حلم جميل مستحيل، ولكنه يتعهد أن يبذل قصارى جهده حتى يحققه ويجعله حقيقياً، يكشف ذلك سواء بين عائلته أو أصدقائه، أو حتى اعدائه ومصارعيه ومجابهيه، وهذا أجمل مما يحمل قدراً من السخرية لأنه يفصح عن شيء في غير مكانه الصحيح الطبيعي، مما يسبب له أزمات جمة يكون في جل منها اذا ما أمعن التفكير او كان يتمتع بالذكاء والفطنة، مما يولد الضحك عندما نعرف ان المجابهين له لديهم نفس الحاجة التي هو يريد الحصول عليها، وعند حصوله هو لا يحصلون عليها هم مما تحملهم على الصراع معه ومحاولة منعه ومجابهته ومعارضته وخلق الأزمات له. وغير ذلك من الأفعال التي من شأنها تفجير الفعل المضحك.[صفات الفعل المضحك:
الفعل المضحك ليس بالقتل ولا بالموت، ولكن ما دونهما بأن يكون:
1 ـ الإصابة المباشرة المؤذية النفسية الداخلية المفزعة من الاحراج للصفات الشكلية، والتجريح الشديد للصفات الخلقية والسخرية من الصفات الأخلاقية، والاستهزاء بالصفات القيمة، والتعالي بالصفات الاجتماعية التي هو نفسه ليس أهلاً لها، والمفاخرة بالصفات الجسدية والتي هو أبعد عما يكون منها. والمعايرة بالصفات السلوكية والحط منها الى ابعد حد وهو دونها.
2 ـ الاصابة المباشرة المؤذية الجسدية الخارجية التي تحدث الألم الشديد من الكدمات والإصابات.
[كيف يُبنى الفعل المضحك؟!
1 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو لا يعرف حقيقة مَن سيقع عليه الفعل ولا يعرف حقيقته ويوقع الفعل، ولكن يكتشف بعد فوات الأوان حقيقة الصلة به. فإن ذلك أكبر باعث على الضحك النابع من المفارقة القوية.
2 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو يعرف حقيقة مَن سيقع عليه الفعل، ويتغاضى عنه، فإنّ ذلك باعث على الضحك النابع من السخرية والتورية المبطنة.
3 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو لا يعرف حقيقة من سيقع عليه الفعل، ثم يكتشف في اللحظة المناسبة حقيقة الصلة به فيكفّ عن الفعل. وذلك باعث على الضحك النابع من المفاجأة السارة الجميلة.
4 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو يعرف حقيقة مَن سيقع عليه الفعل ويفعله. فهو باعث على الضحك النابع من الهزل الجدي المقصود بغرض استلهام حقيقة ما.
5 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو يعرف حقيقة مَن يقع عليه الفعل، وهو لا يستطيع مضاهاته جسدياً ولا موازاته في المكانة الاجتماعية، ويصر على الوقيعة به، فتولد الضحك النابع من التضاد الكبير والتفاوت الشديد.
6 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو لا يعرف المفعول به، ولا يعرف حقيقته ويصر على الفعل، فينال منه المفعول به نيلاً كبيراً موجعاً، فيتراجع عن الفعل مجبراً محرداً منكسراً.
ثانياً: الشخصيات
[مواصفات الشخصية الرئيسة:
1 ـ أن يكون من أصحاب النفس اللوامة ومصارعوه أو منافسوه من اصحاب النفس الامارة بالسوء.
2 ـ أن يكون في البداية من التعساء الفاشلين ثم يحدث التغير ويصبح من السعداء الناجحين.
3 ـ ليس بالشكل الوسيم ولا الجميل بل العادي لا القبيح.
4 ـ عدم التناسق الكامل لا في الشكل ولا في الحركة.
5 ـ ان تجمع الشخصية بين الشيء وضده مثل اللباقة وعدم الفطنة، ضعف الذاكرة وسرعة الحركة.
ثالثاً: الفكر
نخص منه فكر الشخصية الرئيسة (البطل)، لأن هذا جل اهتمامنا ومناط تفكيرنا ومقصدنا وهدفنا، فإذا كانت الشخصية تحمل فكراً ثورياً ضد الظلم والاستبداد يصبح البطل مضحكنا وملهمنا ومعبراً عنّا، ونقدم له كمشاهدين كل الأعذار عن اخطائه التي يقع فيها عن قصد أو عن غير قصد. المهم ان يحمل فكراً يصلح أن نقتدي به أو فكراً متمرداً وغريباً يصلح أن يفجر ضحكاتنا.
رابعاً: الفكرة
قضية بسيطة أو عظيمة من شأنها أن تناقش وتكشف فساداً أو تعري حقيقة في المجتمع، أو تلقي الضوء على فساد في السلوك أو تبين تغيراً في القيم دون الدخول الى فلسفات ومواضيع تخرجنا عن حدود الملهاة، فالمقصود تقديم فكر واضح دون تعقيد.
خامساً: المكان
ما من شيء حادث في الدنيا إلا وله دلالة مكانية يقع فيه حتى ولو كان خيالياً، حتى يكون قابلاً بعضه للتصديق. فما بالنا ونحن نصنع عملاً نبتغي به مخاطبة وإقناع الناس وتسليتهم وإقناعهم.
سادسا: الزمان
الزمان من أدوات الإقناع، خاصة إذا كان من الزمن القريب أو الحالي وهو المطلوب، فالجمهور ليس معنياً على الدوام أن نناقشه ونجلسه لنمتعه بقضية غير محددة الزمان. علينا تحديد الزمان الذي يقع فيه الحدث لنخلق لدى الجمهور حالة نقدية تزداد كلما ازداد الزمان قرباً من زمانه.
[تعريف وشروط المسرحية الكوميدية
ربما من خلال هذه الركائز أسفل العنوان أكون اقتربت أكثر من موضوع البحث وهو الشروط التاريخية للكوميديا. إنها شروط من الاهمية بمكان اذا استغنينا عن بعضها فلا نستطيع ان نهمل جلها. وهي ركائز وشروط تنطبق على القصة والرواية الكوميدية أيضاً. وسأحاول أن أفرز كل عنوان على حدة وتعريفه على شكل مشهدي مرتبط بالعنوان الذي يليه:
[البداية:
هي فعل جاد ليس بالعظيم الرفيع الأمثل ولا هو الوضيع المستقبح، مباشر ومستبطن، ومؤثر مشوق مثير ممتع بديع وجذاب، به وضوح الفكر، وبساطة في الفكرة، وافتعال في الأداء وخلل في الحركة، لحدث مفزع مضحك، لكنه ليس مؤذياً لأعيننا، ولا صادماً لمشاعرنا، ولا جارحاً لكبريائنا، ولا ممتهناً لكرامتنا، ولا منتقصاً من ذكائنا، ولا ساخراً من فطنتنا وفطرتنا؛ ليمتعنا ويسلينا ويسرنا ويضحكنا، ويشعرنا بالغبطة والسعادة، دون تهكم ولا فجاجة. وتكون البداية فعلاً تاماً وكاملاً، يقوم به شخص عظيم، لا يتمتع بالذكاء الحاد ولا هو بالغباء التام، بمكانة سامقة عالية رفيعة لا هو بالوضيع التافه، لكنه بخلق رفيع سام غير متدن ومترد في البشاعة، بفكر أقل من المستوى العام لما نحن عليه معظم الناس. له حاجة صغيرة يريد الحصول عليها مع انها في الأصل كبيرة وعظيمة وهو لا يدري ولا يعي ذلك، يريد الحصول على الكبيرة وهو ليس أهلاً للصغيرة، والعكس صحيح سواء للشخص أو للحاجة، والحاجة الصغيرة لشخص عظيم تخلق مفارقات عدة، والكبيرة لشخص متواضع تخلق المفارقات نفسها، والتضاد ما بين ما يستطيع فعله وما لديه من أدوات يتهكم بها، وما بين نقص تفكيره الذي لا يسعفه؛ لتخلق سخرية بلغة فصيحة نثرية بسيطة جميلة سلسة، تعتمد على التورية والتطابق والسخرية والتهكم والعجرفة والتجميل والجناس التام، مولدة للضحك، وهدف بريء يريد تحقيقه، بفكرة بسيطة متواضعة لينبهنا ويحذرنا من قضية ما كبيرة جليلة، بها من الوجاهة والعظمة ما بها، ليؤدي غرضاً نبيلاً من غير قصد فكرة جميلة يستوحيها من فساد المجتمع، يعريها ويكشفها من دون ان يدري، وهو المسؤول الاول عنها فيعري نفسه ويكشفها، وتحلل له دون خجل وتقدم له الحلول من دونه، لكنه السلطة الذي بيده القرار ويكون الابتلاء (...)
[العقدة:
عقدة مستحكمة كبرى، وليس أمامه أي اختيار غير الصبر والتضرع واللجوء إلى المجهول حتى يفتح له طريقاً أو يسبب له سبباً ليعاود المجابهة للحصول على حاجته وهدفه الذي توقف تماماً. الذي يستطيع مساعدة سيده وهو يعرفه تمام المعرفة، فقد حدث له نفس مشكلة سيده وقد حلها له بسهولة ويسر، ولغبائه أو نسيانه لا يتذكره. فهل له ولعامله من مخرج وهو على هذه الحالة؟!! انه تعقيد تام كامل.
[الانفراجة:
حيث يقع حادث قريب منه جداً يكون سبباً في أول بارقة أمل تجول أمامه، فيستغله بجاهه وسلطانه ويفرض العون والمساعدة بتكبر وغطرسة وتحدث المفارقة من ان الحل ليس بيد تابعه المقرب له، بل بيد شخص آخر، يتملكه أكثر من المقرب له وللمفارقة العجيبة الجميلة التي تسعده وتحل له عقدته، من ان هذا الشخص المتواضع تحت امرته وتصرفه، ويحتاج إليه، وهو من الحتمي لن يمانع على الاطلاق أن يلبي طلبه بل يأتيه يجري، فيطلب منه صاغراً مجبراً مبتلعاً كبرياءه، لا ليأتيه بمن يعرف، على ان يأتيه بالحل يأتيه فقط بما يحتاجه، ويسرع تابعه وباستعطاف واحترام واعزاز واجلال يطلب مساعدته، من أجل تابعين مثله يعملون عند سيده، وهو يريد أن يخلصهم من العناء والألم والمعاناة التي لا يستحقونها، لأن سيدهم يعكس ما هو فيه عليهم، مع ان ما حدث ليس منهم ولا من ذنبهم، ولا بسببهم، فلا يبخل عليهم. وبها تنفرج عقدته وينصلح حاله ويحصل على حاجته ويهدأ باله، بأن يعود يتلمس طريقه نحو هدفه الذي لم يحققه بعد، وانه لا يستطيع تحقيقه بمفرده ولا يسعفه تفكيره. فيضطر اضطراراً ويقبل أن يتعرف على الشخص المتواضع العالم العليم الذي استطاع بعلمه أن يلبّي طلبه ويسهل له الحصول على حاجته من دون أن يطلب أجراً، ولم يطمع في ثواب، وهو المعوز المعدوم الذي في أوج الحاجة إلى أي معاون، فما بالك وهو الذي أسدى له معروفاً، فيحتاج ليتعرف عليه(...)
[ النهاية:
ويساعده الأضعف جل المساعدة، وبه يتغلب على كل الصعاب، ويحقق هدفه وتتحقق له ولمَن ساعده السعادة والهناء والتفوق والانتصار؛ فنشعر بالطمأنينة والسعادة والابتهاج والفرح من أن واحداً مثلنا أو أقل منّا احتاج إليه مَن هو أعلى منّا في المكانة الاجتماعية وأغنى منّا وأقوى بجاهه وسلطانه وهيلمانه، ولكن مَن ساعده وكان سبباً في سعادته وتحقيق هدفه واحد أقل منّا في المكانة وغيرها، وهذا يطهرنا من مخاوفنا وأحقادنا، ويكشف لنا عن مكنون قوتنا وعزنا وفخرنا نحن المعدمون المقهورون، بأن التكامل والعوز والحاجة مفروضة ومتبادلة، ما بين الأغنياء والفقراء، ما بين الأقوياء والضعفاء، ما بين الحاكم والمحكوم، ولذا تشعرنا بالسعادة والرضى والقناعة، وتشفي صدورنا من الأحزان، وتطهر قلوبنا من الأحقاد، وتنزع من أفئدتنا الغل والغيظ والحسد والكره والبغضاء، وهو علاج نفسي كبير.
[ قُدمت هذه الورقة في مهرجان المسرح الاردني السابع عشر
[ المراجع:
1 ـ الضحك لهنري برغسون، ترجمة د. علي مقلد المؤسسة الجامعية لدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الاولى 1987.
2 ـ الملهاة الإنسانية والبحث عن المطلق لبلزاك، ترجمة ميشيل خوري، منشورات وزارة الثقافة السورية، دمشق 1995.
3 ـ الكوميديا والتراجيديا لمولوين مرشت وكليفورد ليتش، ترجمة د. علي احمد محمود العدد 18 من سلسلة عالم المعرفة 1979 الكويت.
4 ـ فن الكوميديا، د. محمد عناني، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1988.
5 ـ سيكولوجية فنون الأداء، لجلين ويلسون، ترجمة د. شاكر عبدالحميد، العدد 258 من سلسل عالم المعرفة 2000 الكويت.
6 ـ اهمية التمحيص لـ(أي.سي. نايتس) سلسل منشورات (بنجوين) لندن 1964.
7 ـ عدد من المذكرات الاكاديمية والأبحاث المتنوعة والندوات، لأساتذة وطلبة المعهد العالي للفنون المسرحية في دولة الكويت.

---------------------------------
المصدر :  المستقبل - لبنان


تابع القراءة→

0 التعليقات:

الدراما النفسية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

التناسخ المسرحي موجود بقدر الحضارة نفسها. دور التنفيذ، مسرحيات انطلاق وغيرها من العروض المسرحية الدرامية الكامنة التي تحدث في حياة الإنسان. ولذا فإنه ليس من المستغرب أن الألعاب أصبحت جزءا من فن العلاج النفسي. رائدة في استخدام عناصر الدراما في العلاج النفسي هو D.L.Moren (1889-1974)، وطريقته دعاها الدراما النفسية. لقد مر الكثير من الوقت منذ ظهور هذا الأسلوب. الآن الدراما النفسية هو بديل لطرق أخرى للعلاج.بفضل مورينو T.Zerko المقنن هذا الأسلوب، بعد استراتيجيات وتقنيات اجتماع عمل. ويستند الدراما النفسية على فكرة أن الناس - انها الفاعلين لعب أدوار مختلفة في الحياة.
في العالم كله - المسرح، والناس في ذلك - على الجهات الفاعلة.
أنها تأتي في صدارة للمسرح
سبعة أعمال كل نفس الدراما سخيف
وتترك دائما في الظلام الدامس.
هذا الاقتباس من كوميديا ​​شكسبير "كما تحبها" يلتقط جوهر الدراما النفسية.
الدراما النفسية - هي طريقة العلاج النفسي، حيث يعمل المرضى من خلال درامية، لعب الأدوار، والتعبير عن أنفسهم من خلال الدراما. استخدام الاتصال اللفظي وغير اللفظي. أجريت عدة مشاهد تصور، على سبيل المثال، أحداث معينة من ذكريات الماضي، الوضع دون حل، الدراما المحلية، والخيال، والأحلام، والأعمال التحضيرية للأحداث المخاطر القادمة أو شروط "البقاء هنا والآن." هذه المشاهد أو قريبة من الوضع الحقيقي، إما تفريغها خارج العمليات العقلية الداخلية. إذا لزم الأمر، يمكن أن أدوار أخرى تنفيذ أعضاء المجموعة أو الجماد.
مجموعة متنوعة من التقنيات - عكس دور، مضاعفة، وهو ما يعكس مواصفات تقنية والمبالغة والمونولوج.
عادة الدراما النفسية لديه التالية مراحل : الاحماء والتشغيل وتحسين وإبرامها والمناقشة
أداء أدوار الناس منذ وقت ليس ببعيد اصبحت مهتمة في علم النفس، الذي صاغ النظرية العامة للدوروية من حياة الإنسان وكيف فرد التنظيم الذاتي.وخلصوا إلى أنه مع مرور الوقت الناس على الوصول إلى أي وقت مضى مراحل جديدة من الحياة، التي تصبح نقطة تحول بالنسبة لهم، مما يجعل من الممكن زيادة أو، على العكس، هو عرض لشخص في حالة أزمة داخلية. في أي حال، تتطلب تحديات الحياة زيادة قدرة الإنسان على التكيف والتنظيم الذاتي.


المشاركون الدراما النفسية سمح مرة أخرى للعب دورا هاما في المجموعة للتعبير عن عالمهم الداخلي. جميع مراحل الحياة، بدءا من الولادة وتنتهي مع الشيخوخة، يمكن أن يكون obygranny مرة أخرى: ولادة وموت الأطفال، طفل يبكي، الشجار الآباء، تاريخ من المراهقين، والجدل حول الزواج أو الطلاق، وفاة رجل يبلغ من العمر في سرير المستشفى، وأفكار امرأة شابة حول الإجهاض، والسيارات الكارثة والموت في الحرب والعنف والتعطش للانتقام، محادثة الكحولية مع زجاجة فارغة. مشاهد الدراما النفسية تسمح لالتنبؤ بمسار الأحداث والأزمات حياة غير متوقعة، والصراعات الداخلية والعلاقة المعقدة. العروض تلعب نفس المجمع مع حياة الناس الذين يشاركون في نفوسهم. وعلى الرغم من الاختلافات، فإن جميع منتجات لها العنصر المشترك من خلالها يصبح عمل العلاج: فهو مظهر من مظاهر الحقيقة الداخلية في العالم التي هي آمنة، التي تساعد على مقاربة خلاقة لحالات التوتر والتعامل معها، وبذلك أصبحت، سيد الموقف. ما يحدث في الدراما النفسية، لا يكاد يعطي التخطيطي، لذلك هذا العمل هو رقيقة نسبيا وغريبة، ولكن في نفس الوقت مثيرة وثيق.


السلوك الدراما النفسية له ما يبرره طبيا. الغرض منه - لعلاج المرض، وتخفيف الأعراض، وتغيير سلوك أو تحقيق التكيف الاجتماعي. ويرتبط الصحة الروحية مع "السلوك العادي". المهمة الرئيسية للخبير المسؤول عن العلاج الدراما النفسية "لكتابة" المريض عمل فني معين، والتي سوف تساعد على تحقيق الهدف المنشود. في كتاباته، وكتب موران: "الدراما النفسية يجلب المريض إلى مرحلة، حيث يحقق مشاكله مع العديد من الجهات الفاعلة - الأطباء. وهذه الطريقة يمكن أن تستخدم وسائل التشخيص وكوسيلة من وسائل العلاج ". ومع ذلك، فإن الدراما النفسية يمكن أن يعزى أكثر إلى الطريقة الإنساني من الصحة.
في الدراما النفسية التجريبية أي مفهوم الصحة والمرض أو نظامه، لذلك لا يطلب من التشخيص. في الدراما النفسية المصطلحات الطبية - أنه ليس "العلاج"، وتجربة عاطفية التي تأتي من التفاعل مع خطة الروحية. هذه تجربة يمكن أن تساعد المشاركين على فهم أفضل وتحقيق التوازن بين نفسه، أو قد لا تساعد. في أي حال، فإن "معجزة الشفاء" ليس الغرض من الدراما النفسية. ويهدف ببساطة إلى مساعدة المشاركين (قدر الإمكان بالنسبة لهم) تصبح أكثر عفوية وخلاقة.
الدراما النفسية لا يتجزأ تحقيق أغراض تنسيق فني من ذوي الاحتياجات المدعى عليه. متمنيا لتلبية طلبات "مباشرة" من ​​المرضى للقضاء على الأعراض، ويمكن استخدام الدراما النفسية السلوكية. وجودي الدراما النفسية مناسبة لمن يريد التخلص من المفاهيم الخاطئة "أنا" أو الفهم الخاطئ لمفاهيم الآخرين. أولئك الذين لديهم بالفعل راض طلباتهم الأساسية، وتسعى لزيادة تفعيل أنفسهم، ويعيش أكثر عفوية.
يجب أن أقول أن الدراما النفسية يستكشف عرض ليس فقط الإجراءات والوعي الخفي للفرد، ولكن مجموعة كاملة من العلاقات الشخصية. وفقا مارينيو "الأراضي الدراما النفسية - عائلة، مجموعة من العالم، والكون، أي، - المكان الذي يوجد فيه الشخص يتجلى في هذه اللحظة ».(Marineau" من الكلمات من قبل الأب ").

فصول الدراما النفسية - مهنة شعبية جدا. الرغبة في امتلاك ذلك، كنت في حاجة الى خبرة خاصة وبعض سمات الشخصية. مجرد مقدمة لدور الإضافي اللازم أمر أساسي. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن سيد تحمل باستمرار من التركيز الخاصة بهم من التعاطف في المسرحية، في حل المشكلة في قيادة الفريق، وإعطاء شعور واضح مشاركتها في هذا الحدث. كل psihodramaturgi لعب بعض الأدوار أحيانا يستبعد بعضها بعضا محددة. ودعا مورينو مدرائها والمعالجين والمستشارين والمحللين.


دور التنفيس في الدراما النفسية

واحدة من القواعد الأساسية للدراما نفسية تقول أن التنفيس، الذي يواجه بطل الرواية، هو العامل العلاجي التأثير العلاجي الرئيسي. لا يهم في أي وقت من التنفيس تأخذ مكان - خلال الاحماء، والعمل، أو نهاية المناقشة - لا يزال تقييمها على أنها تتويج ويعتبر الحدث الرئيسي الوحيد في الدراما النفسية. تحت الجن (جن): «إن ترسانة كاملة من الأسلحة تم تشغيل دراماتيكية لحظة من التنفيس الحد الأقصى". تأثير قوي على بولونسكي وهاركينز جعلها بقدر الدراما النفسية قادرة على نزع فتيل يؤثر. حتى أنها بدأت تعتقد أن "الدراما النفسية تم إنشاؤه خصيصا لتحييد التهديد يؤثر" (بولونسكي وهاركينز).
------------------------
ترجمة : مجلة الفنون المسرحية 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

قضايا المسرح العربي عند يعقوب لنداو المسرح في مصر نموذجاً

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

قضايا المسرح العربي عند يعقوب لنداو

المسرح في مصر نموذجاً

ـــــــــ

 د. سيد علي إسماعيل



أولاً : الإطار العام

1 – الموضوع :-

يتناول هذا البحث موضوع " قضايا المسرح العربي عند يعقوب لنداو: المسرح في مصر نموذجاً". ويُقصد بقضايا المسرح العربي تلك الموضوعات المتعلقة بالمسرح العربي، من حيث عوامل النشأة والتطور والازدهار، والظروف المهيئة لكل مرحلة وسماتها. وكذلك الفرق المسرحية وطبيعة تشكلها، والمؤثرات خلف نجاحها أو تفككها، أو تأثيرها في خلق أشكال فنية محورة أو مكررة أو مبتكرة. وكذلك الموضوعات التي عالجها المسرح العربي في فتراته المختلفة، من حيث مضمونها أو تصنيفها، بين الإبداع والتعريب أو الاقتباس. وذلك في إطار رؤية المستشرق يعقوب لنداو Jacob M. Landau في دراسته لقضايا المسرح العربي بصفة عامة، وفي في مصر بصفة خاصة. تلك القضايا التي تناولها لنداو في كتابه الضخم (STUDIES IN THE ARAB THEATER AND CINEMA) الصادر بالإنجليزية عام 1958، الذي ترجمه أحمد المغازي عام 1972، تحت عنوان (دراسات في المسرح والسينما عند العرب). وقد اتخذت الدراسة ثلاث قضايا من قضايا هذا الكتاب، تمثلت في نشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر.

واختيار الدراسة لهذه القضايا، جاء من أجل تجلية ومناقشة فكر لنداو في تناوله لهذه القضايا، وفقاً لمنهجه في تناول قضايا المسرح العربي منذ نشأته في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين. وذلك من خلال معايير الدراسة التي يتبناها البحث، والمتمثلة في أمرين، هما: مناقشة الشكل الفني، ومناقشة الموضوعات. وذلك من أجل التحقق من أهداف البحث المرجوة.

2 – أهمية الدراسة وأسباب اختيار الموضوع :-

تُعد دراسة المسرح بصفة عامة من الدراسات الدقيقة في مجال الآداب العالمية والمحلية، خاصة نشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر، لكونها تتعلق بتاريخنا الفني والأدبي في الوقت الراهن. خصوصاً بعد هذا الكم الهائل من الدراسات التي نُشرت حديثاً، والتي أضافت الكثير من الأمور المجهولة في هذا الجانب. بالإضافة إلى نشر النصوص التراثية المسرحية، التي أجلت للدارسين موضوعات كانت في طي النسيان([1]). وبناء على ذلك نجد دراسة لنداو للمسرح العربي – موضوع الدراسة – تُعد في نظر الكثيرين أول دراسة نُشرت باللغة الإنجليزية عن المسرح العربي، كما أن نتائجها تُعد – في نظر البعض - أدق النتائج في هذا الموضوع ([2]).

والدراسة ترى أن تناول لنداو للمسرح العربي في كتابه "دراسات في المسرح والسينما عند العرب" - بالإضافة إلى أهميته العلمية – يُعتبر أول مرآة تنعكس على صفحتها صورة المسرح العربي أمام العالم الغربي، باعتباره أول كتاب مكتوب بلغة أجنبية في هذا الموضوع ([3]). وبناء على ذلك تزعم الدراسة إن صورة المسرح العربي المرسومة في هذا الكتاب من وجهة نظر لنداو، هي الصورة الأساسية المطبوعة في أذهان الدارسين الغربيين. ومن المحتمل أن تصور لنداو للمسرح العربي في هذا الكتاب، يمثل ركيزة من الركائز الأساسية في كثير من الدراسات الأجنبية عن المسرح العربي! ويزيد هذا الاحتمال قوة، أن هذا الكتاب – بعد ترجمته ونشره في مصر – أصبح مرجعاً أساسياً في أغلب – إن لم يكن في كل - الدراسات العربية التي تناولت نشأة وتطور المسرح العربي ([4]).

ومن ثم فإن أهمية هذه الدراسة، تتمثل في مناقشة تصور لنداو لنشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر، بوصفه نموذجاً من قضايا المسرح العربي المتنوعة في هذا الكتاب. ومن ناحية أخرى تحاول الدراسة أن تلقي الضوء على حقيقة هذه القضايا، من وجهة النظر الاستشراقية. متمثلة في صورة رائد من رواد الاستشراق في هذا المجال، وواحد من الذين شكلوا التصور الغربي لواقع المسرح العربي في مصر، ومن ثم إبرازها في صورتها الواقعية وفي سياقها التاريخي. ومناقشة تصور لنداو لها وحكمه عليها، باعتباره مستشرقاً، لتتفحص الدراسة الحقيقة حول نشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر. حتى تكون مرآة صافية تعكس للغرب وللعالم العربي، جانباً آخر من جوانب نهضتنا الفنية العربية. وليطلع القاريء على تصور لنداو في هذه القضايا، مع اطلاعه أيضاً على تصور الرأي الآخر.

3 – الدراسات السابقة :-

لم تُعنَ دراسة عربية سابقة - على حد اطلاعي – بقضايا كتاب يعقوب لنداو "دراسات في المسرح والسينما عند العرب" في مجملها بالنقد أو التفنيد أو المناقشة، ناهيك عن موضوع المسرح بصفة خاصة. ولكن أغلب الدراسات التي اعتمدت على كتاب لنداوكانت تنقل منه أموراً تعتقد في صحتها ([5]). وبالرغم من ذلك، فإن بعض الدراسات الحديثة ناقشت – على استحياء - عدة أسطر من كتاب لنداو ([6]). ومن الجدير بالذكر إن كاتب هذه السطور كانت له وقفة مع هذا الكتاب، فيما يخص ما ذكره لنداو عن مسرح يعقوب صنوع ([7]).

أما فيما يختص بالدراسات الأجنبية، فقد نشر فيليب سادجروف Philip Sadgrove كتاباً باللغة الإنجليزية عام 1996 بعنوان "The Egyptian Theater in the Nineteenth Century"، "المسرح المصري في القرن التاسع عشر" – لم يترجم حتى الآن حسب اطلاعي – اعتمد فيه على كتاب لنداو اعتماداً كبيراً، الأمر الذي حدا بالمؤلف إلى أن يُشيد بلنداو في مقدمته، قائلاً: "لقد لاقت دراسة المسرح العربي في القرن التاسع عشر اهتماماً كبيراً، خاصة في الأربعين سنة الأخيرة، وليس أدل على ذلك من الجزء الذي احتواه العمل الرائد الشامل ليعقوب لنداو في كتابه دراسات في المسرح والسينما عند العرب، الذي طبع عام 1958" ([8]). وهذا القول يعضد مزعم الدراسة من قبل، من أن كتاب لنداو يمثل الصورة الأجنبية الأساسية عن المسرح العربي أمام أعين الدارسين الأجانب، وأن رؤيته الاستشراقية هي الرؤية المعتمدة في نظر الباحثين الأجانب أيضاً.

4 – المادة عينة الدراسة ومعايير الاختيار :-

إذا كان هذا البحث قد حدد لنفسه موضوعاً عاماً يختص بقضايا المسرح العربي عند يعقوب لنداو، على اتساعه وتشعبه. فإنه في الوقت ذاته سيكون أكثر تحديداً، باختياره المسرح في مصر نموذجاً، وذلك من خلال قضايا نشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر. لما يعتقده بأن لنداو لم يعكس هذه القضايا في كتابه – السالف الذكر – بالصورة المناسبة لمكانة هذا الفن في مصر، ولمكانة الذين على أكتافهم نشأ المسرح وتطور وازدهر. لذلك فإن مقتضى البحث العلمي يوجب تحديد المادة، التي من خلالها ستتم معالجة الموضوع بصفة عامة، والجزء المحدد بنشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر بصفة خاصة؛ وذلك من خلال الحديث عن المؤلف يعقوب لنداو ودراساته بصفة عامة، والمسرحية بصفة خاصة.

أ – المؤلف :-

حصل المستشرق الألماني يعقوب لنداو على درجة الماجستير من الجامعة العبرية في القدس، وعلى درجة الدكتوراه من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية من جامعة لندن. وعمل لنداو بالتدريس في الجامعة العبرية بالقدس، ومحاضراً زائراً في دراسات الشرق الأدنى في جامعات أمريكا، ومحاضراً عن دراسات الشرق الأدنى الحديثة في كلية القانون والاقتصاد بجامعة تل أبيب، وأستاذاً في قسم الدراسات الأدبية واللغوية لبلاد الشرق الأدنى في كلية الآداب بجامعة وين ستيت بمتشجن، وأستاذاً فخرياً للعلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، وزميل مركز القدس للشئون العامة ([9]).

ويُعتبر لنداو واحداً من البارزين ضمن مجموعة المستشرقين المهتمين بالدراسات العربية والشرقية، وذلك بناء على ما أصدره من كتب ودراسات، منها: كتاب "الحياة البرلمانية والحزبية في مصر"، وكتاب "المترادفات وبيانها في النثر العربي الحديث"، وكتاب "الأدب العربي القديم والحديث" بالاشتراك مع البرفسور جب (Gibb)، وكتاب "اليهود في مصر العثمانية"، وكتاب "الأقلية العربية في إسرائيل"، وكتاب "اليهود العرب والأتراك"، ودراسة "أبو نضارة يهودي قومي مصري" ([10]).

ب – دراسات لنداو في مجال المسرح العربي :-

وإذا نظر البحث إلى دراسات يعقوب لنداو الخاصة بالمسرح العربي، سيجدها – لما بين يديه من مراجع – دراستين. الأولى، كتاب "دراسات في المسرح والسينما عند العرب"، والأخرى كتاب "المسرح الشعبي العربي في القاهرة سنة 1909: أحمد الفار ومسرحياته الشعبية"، بالاشتراك مع المستشرق الألماني الهولندي مانفريد فويديش Manfred Woidch، والصادر عام 1993 في بيروت ([11]). وهو كتاب به نصوص محققة لمسرحيات أحمد فهيم الفار، مع مقدمة ودراسة اشترك في كتابتهما المستشرقان لهدفين مختلفين.

فلنداو يُعنى بالجانب المسرحي وبشخصية الفار في إطار توجهه التاريخي والأدبي. أما فويديش فإنه مستشرق لغوي همه اللهجات ورصدها جغرافياً، وتحليلها طبقاً لقواعد مناهج علوم اللغة. ومن ثم فإن كليهما وجد ضالته حسبما يخدم هدفه الخاص في نشر مسرحيات الفار، فهي تخدم اللغة العامية لفويديش وتخدم إبراز شخصية مسرحية بالنسبة للنداو. وعليه فإنها ليست دراسة شاملة للمسرح، هدف وموضوع الدراسة الحالية. وبناء على ذلك، وجد البحث أن الدراسة الأولى - "دراسات في المسرح والسينما عند العرب" - هي المتعلقة بعنوانه العام "قضايا المسرح العربي عند يعقوب لنداو"؛ وتمثل 100% من نتاجه في مناقشة قضايا المسرح العربي.

ومن الجدير بالذكر إن قضايا المسرح العربي في كتاب لنداو "دراسات في المسرح والسينما عند العرب"، والتي تمثل 100% من نتاجه، تنقسم إلى ثلاثة أجزاء، الأول خاص بالسلفيات وتحديداً بمسرح خيال الظل، والثاني خاص بالمسرح العربي، والأخير خاص بالسينما العربية. وبما أن البحث معني بالحديث عن نشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر، فإنه سيعالج الجزء الثاني، أي ما يُمثل 35% من نتاج يعقوب لنداوالخاص بقضايا المسرح العربي.

5 – المنهج والأدوات :-

في محاولة حثيثة، توصل البحث إلى اختيار المنهج التاريخي التحليلي، ليصل إلى أهدافه في صورة يسيرة وواضحة، وذلك من أجل دراسة نشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر، معتمداً على دراسة – ما يُعرف بـ - الحقائق التاريخية من مصادرها الوثائقية المتوفرة، ثم تحليلها وتفسيرها. وذلك على الرغم من أن المعرفة التاريخية صعب الإحاطة بها من جميع جوانبها بسب وضع مصادرها ومدى مصداقية ما توفر منها. هذا بالإضافة إلى أن استخدام هذا المنهج سيُعين البحث في الحكم على الأعمال المسرحية، التي صاحبت النشأة والتطور والازدهار، في زمنها وعصرها، بناء على الآراء التي نُشرت عنها في الصحف السيارة، ليستدل البحث منها على لون التفكير السائد في عصر من العصور، وليوازن بينها وبين آراء لنداو، وتفسيره للقضية.

ومن هذا المنطلق تأتي قيمة أداة الدوريات – الصحف والمجلات - التي صاحبت نشأة وتطور وازدهار المسرح العربي في مصر، وكذلك النصوص المسرحية المنشورة منذ الثلث الأخير من القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين. وبمعنى آخر، أن البحث سيلتزم في مناقشة قضاياه، بما توفر بين يديه من دوريات ووثائق ونصوص، صدرت قبل صدور كتاب لنداو "دراسات في المسرح والسينما عند العرب" عام 1958. حتى تكون المناقشة موضوعية ومنطقية، يستسيغها عقل القاريء، بقراءة الرأي والرأي الآخر، بناء على المادة العلمية المتاحة للرأيين في الزمن نفسه. حيث لا يوجد كتاب – على حد علمي – صدر في هذا الموضوع قبل كتاب لنداو، إلا كتاب الدكتور محمد يوسف نجم "المسرحية في الأدب العربي الحديث" عام 1956، ولكن لنداو ذكر إنه لم يطلع عليه بصورة دقيقة، ولم يستفد منه إلا في أضيق الحدود ([12]).

6 – أهداف الدراسة :-

بناء على المنطق العلمي، فإن لكل بحث علمي أهدافاً يطمح إلى تحقيقها، لذلك اختار الباحث موضوع "قضايا المسرح العربي عند يعقوب لنداو" واتخذ من "المسرح في مصر نموذجاً"، وعُني بالمنهج والأدوات سالفة الذكر، محاولة الوصول إلى:

أ – الوقوف على معيار التقسيم العام لمراحل المسرح عند لنداو.

1 – إطاره العام.

2 – مصادره في الرصد.

3 – منهجه في الاستنتاج.

ب – توضيح موقف لنداو من نشأة المسرح العربي في مصر.

1 – الشكل الفني.

2 – الموضوعات.

ج – الوقوف على رؤية لنداو لعوامل التطور المسرحي ومظاهره.

1 – الشكل الفني.

2 – الموضوعات.

د – الكشف عن مبررات ازدهار المسرح في مصر ومظاهره عند لنداو.

1 – الشكل الفني.

2 – الموضوعات.

7 – أبعاد الدراسة :-

تقع الدراسة في محورين أساسيين، أولهما يختص بالإطار العام ويشمل ستة نقاط فرعية. تُعنى الأولى بتحديد الموضوع وشرح أبعاده، وتنصرف الثانية إلى بيان أهمية الدراسة وأسباب اختيار الموضوع. وتقف الثالثة أمام الدراسات السابقة للموضوع، حتى يتكشف جانب الجدة في نقطة البحث المتناول. وتتناول الرابعة المادة عينة الدراسة من حيث المؤلف والموضوع المعالج كماً وكيفاً، وكذلك معايير معالجة الموضوع، حتى تُسلم إلى الخامسة التي توضح منهج البحث في معالجة الموضوع بطريق علمي، في ضوء منهج له معاييره وأدواته الأساسية والمعينة، ومن ثم ما يُعين على إنجاز الهدف. أما النقطة السادسة فإنها تقف أمام أهداف الدراسة طبقاً لمعايير ثابتة وواضحة، حيث قسمت الأهداف إلى أربعة رئيسية. يعالج تحت كل هدف فرعان ثابتان – عدا الهدف الأول - كما وُضح في تقسيم الأهداف، بغية أن تتمكن الدراسة من اختبار أهدافها والوصول إلى نتائجها في ضوء محكات واضحة. ثم يأتي الأساس الثاني ليختص بالدراسة التحليلية ويشمل فرعين أساسيين: أولهما دراسة الموضوعات المقترحة للاختبار في أهداف البحث الأربعة بفروعها، وثانيهما يبلور النتائج التي توصل إليها البحث من خلال مناقشة الأهداف في ضوء معاييرها. ثم يأتي بعد ذلك ثبت بهوامش البحث، ثم قائمة المصادر والمراجع.



ثانياً : الدراسة التحليلية

أ – الوقوف على معيار التقسيم العام لمراحل المسرح عند لنداو.

1 – أ – إطاره العام

قسم لنداو معالجته لنشأة المسرح العربي في مصر وتطورها وازدهارها إلى قسمين. تناول في القسم الأول، الذي يمتد من الثلث الأخير للقرن التاسع عشر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، المعنون بـ "مصر في أيام إسماعيل"، تناول دور سليم خليل النقاش وأديب إسحاق ويوسف الخياط في نشأة المسرح العربي في مصر عام 1876. ثم تحدث بعد ذلك عن جهود يعقوب صنوع المسرحية ابتداءً من عام 1870 إلى عام 1872، مخالفاً بذلك التسلسل التاريخي – وذلك في حالة إثبات أن لصنوع نشاطاً مسرحياً عربياً في مصر – حيث يأتي ترتيب صنوع في بداية النشأة المسرحية عام 1870، قبل سليم النقاش عام 1876، وقبل يوسف الخياط عام 1877. وهذا الأمر سيبينه البحث في حينه. ثم جاء حديث لنداو بعد ذلك عن مرحلة التطور المسرحي في مصر، على يد سليمان القرداحي وإسكندر فرح والشيخ سلامة حجازي.

والبحث يرى أن لا غبار على التقسيم الموضوعي والتاريخي لهذه الشخصيات - من قبل لنداو– رغم مخالفته لترتيب الشخصيات تاريخياً إلا في أمر مهم للغاية، وهو عدم اشتمال هذا التقسيم على شخصيات مسرحية عربية، تُعد من أهم الشخصيات الفنية في تلك الفترة، والتي أثرت إيجابياً في مسيرة تطور المسرح العربي في مصر. مثل شخصية أحمد أبو خليل القباني، تلك الشخصية التي استمر عطاؤها الفني في مصر منذ عام 1884 إلى عام 1900 ([13]). وشخصية سليمان الحداد، الذي استمر نشاطه المسرحي في مصر من عام 1881 إلى عام 1912 ([14]). وأخيراً شخصية ميخائيل جرجس صاحب جوق السرور - الذي يُعتبر أول مصري يُكوّن أول فرقة مسرحية مصرية في تاريخ مصر - تلك الفرقة التي استمر إسهامها الفني في مصر اثنتي عشرة سنة من 1887 إلى 1899([15]).

أما القسم الثاني - والذي امتد منذ الحرب العالمية الأولى حتى منتصف القرن العشرين، والذي جاء تحت عنوان "سنوات ما بعد الحرب وممثلوها" – فقد تحدث فيه لنداو عن بعض الرموز المسرحية التي كان لها بصمات واضحة في تطور وازدهار المسرح في مصر، أمثال: جورج أبيض، وفاطمة رشدي، ويوسف وهبي، وعزيز عيد، ونجيب الريحاني، وعلي الكسار. والمُلاحظ أن هذا التقسيم لم يأتِ طبقاً للتسلسل التاريخي. حيث يأتي نشاط فرقة يوسف وهبي عام 1923، قبل نشاط فرقة فاطمة رشدي عام 1927، ونشاط فرقة عزيز عيد عام 1908، يأتي قبل نشاط فرقة جورج أبيض عام 1910، ونشاط علي الكسار عام 1914، يأتي قبل نشاط نجيب الريحاني عام 1915.

وعلى الرغم من ذلك، فلم يشمل هذا التقسيم رموزاً مسرحية، من الصعب تجاهلها في مرحلة تطور وازدهار المسرح العربي في مصر، مثل فرقة أولاد عكاشة التي استمر نشاطها المسرحي في مصر منذ عام 1909 وحتى عام 1928 ([16]). وكذلك فرقة منيرة المهدية التي استمرت في عملها المسرحي الغنائي في مصر منذ عام 1915 وحتى عام 1938 ([17]). وإذا كان المعيار التاريخي مضطرباً عند لنداو، فإن معيار التنميط الفني لم يسلم أيضاً من الاضطراب، حيث إن بدهيات المنهج العلمي تقوم على ثبات المعيار في اختبار الظاهرة للوصول إلى نتائج دقيقة.

ومن مظاهر عدم ثبات المعيار التقسيمي عند لنداو، تقسيمه المسرح إلى كلاسيكي وموسيقي وشعبي، وكل قسم لا يدخل تحت معيار مثيله! إذ الكلاسيكي لا يقابله الموسيقي أو الشعبي، ولكن يقابله الحديث، لو اعتبرنا المعيار يقوم على شكل أو موضوع. والشعبي لا يقابله الغنائي أو الكلاسيكي، إنما يقابله على معيار الموضوع أو المتلقي الخاص أو الفئة المثقفة. ليس هذا فقط وإنما من جانب آخر، يجب أن يكون المعيار واضحاً ومبرراً، في تناسبه مع المادة المنمطة. إذ التقسيم قد يقوم على حكم من جهة الموضوعات أو من جهة المشاهد. فمثلاً هل الشعبي لأنه يجذب القاعدة العريضة من الشعب، كما هو قصد لنداو، إذن سيكون في المقابل، طبقاً للمعيار أن هناك مسرحاً خاصاً كان موجوداً. وقس على ذلك باقي التقسيمات، وما يندرج تحتها من السمت الفني لتوزيع الفرق.

ومن ثم قد لوحظ أن لنداو في تقسيمه الموضوعي لهذا الجزء، لم يلتزم بمعيار منهجي علمي. فقد تحدث عن جورج أبيض من خلال تصنيف موضوعاته المسرحية إلى النوع الكلاسيكي. وفي المقابل لم يأتِ لنداو بفرق مثيلة أو مضادة لهذا النوع، حتى يقف القاريء على قيمة كلاسيكيات جورج أبيض. وربما هذا الأمر من قبللنداو كان مقصوداً، حتى تكون نتائجه عن جورج أبيض نتائج نهائية. والأمر نفسه قام بهلنداو عندما وضع فاطمة رشدي ويوسف وهبي ضمن المسرح الموسيقي، علماً بأن مسرحهما يُصنف ضمن مسرح الميلودراما Melodrama، بمفهومه الحديث المعتمد على الأحداث المفزعة والانفعالات المبالغ فيها والمصادفات المُتعمدة من أجل الإثارة والتوتر، وليس الميلودراما بمفهومها القديم ذات العلاقة بالمسرحية الغنائية ([18]).

كذلك كان الأمر مع المسرح الشعبي، الذي قصد به لنداو المسرح الذي يجذب الطبقات الشعبية من الناس، ولم يلتزم بمفهوم المسرح الشعبي بمعناه الاصطلاحي المعروف، الذي يعتمد على المأثورات الشعبية ([19]). ورغم ذلك لم يأتِ لنداو بمسرح شبيه أو مضاد لذلك المسرح، حتى يصح معياره، ويستطيع القاريء الوقوف على قيمة هذا المسرح بمقارنته بغيره أو بما يقابله. وبسبب ذلك اضطرب التقسيم الموضوعي عند لنداو، عندما ضم فيه عزيز عيد والريحاني والكسار. فكل مسرح من هذه المسارح له لون يختلف عن الآخر. فمثلاً عزيز عيد قدم الفودفيل Vaudeville، كما قدم الريحاني الفرانكوآراب Franco-Arabe، أما الكسار فقدم المسرحية الكوميدية الغنائية الشعبية. ومن خلال ذلك يتضح أن لنداو لم يلتزم معياراً موحداً في التقسيم، وهي خطوة في المنهج العلمي مبدئية لتحقيق شرعية أية دراسة.

2 – أ – مصادره في الرصد

ذكر أحمد المغازي – مترجم الكتاب – أن لنداو وضع أكثر من سبعمائة هامش في كتابه، تنوعت مراجعها بين الألمانية والفرنسية والإيطالية والعبرية والتركية والعربية والإنجليزية. وقد أثنى البروفسور "جب Gibb" على ذلك موضحاً أن لنداو كان يقرأ كل شيء بنفسه، وكان دقيقاً بدرجة متناهية ([20]). والبحث يرى أن لنداو استخدم بالفعل مراجع كثيرة ومتنوعة، ولكنها في الوقت نفسه لا تعتبر مراجع أصيلة ومباشرة، يستطيع الباحث الاعتماد عليها في استخلاص المعلومات الدقيقة التي تفيد موضوعه المعني.

فعلى سبيل المثال اعتمد لنداو في حديثه عن يعقوب صنوع، على كتابين حديثين طُبعا بعد عام 1953، ولم يأتِ بمرجع واحد معاصر لنشاط صنوع المسرحي – إن صح وجود هذا النشاط – في عام 1870 أو بعده ([21]). كما أنه اعتمد على كتب أدبية عامة - مثل تاريخ الأدب العربي لبروكلمان Brockelmann، وتاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان، وتاريخ الأدب العربي لأحمد حسن الزيات ([22]) - في مواضع تحتاج إلى كتب دقيقة ومتخصصة في المسرح العربي، أو إلى دوريات معاصرة للأحداث. كما أنه نقل أسماء كتب، ربما لم يطلع عليها، فكتب أسماء مؤلفيها بصورة غير دقيقة، مثل كتاب "بغية الممثلين" لسليمان حسن القباني، الذي ذكره (سليمان حسن القرداحي) ([23]).

والملاحظ أن لنداو تحدث عن نشاط مسرحي لكثير من الشخصيات والفرق المسرحية بصورة تاريخية، إلا أنه لم يعتمد في ذلك على الدوريات العربية والمصرية المصاحبة لتاريخ هذا النشاط يوماً بيوم. علماً بأن هذه الدوريات تمثل المصدر الأساسي للنشاط المسرحي في مصر بصفة عامة. وإذا كان لنداو اعتمد على بعض هذه الدوريات، إلا أن البحث يظن أنه اعتمد عليها بصورة غير مباشرة، عن طريق ذكرها في بعض الدراسات الأخرى، دون أن يطلع عليها بنفسه. ومثال على ذلك جريدة الشعب التي نقل عنها من خلال مرجع أجنبي ([24]). كما لاحظ البحث أن المواضع القليلة التي ربما يُفهم منها أنلنداو اطلع على أصل الدورية، كان اطلاعه عليها بصورة انتقائية، أو ربما اطلع على المتوفر منها خارج مصر، لأنه اعتمد على دوريات مهمة في سنوات لا علاقة لها بالنشاط المعاصر للفرق المسرحية في وقتها. فمثلاً نجده اعتمد على مجلة المصور عام 1947 عندما تحدث عن المسرح في مصر عام 1882، واعتمد على مجلة روز اليوسف عام 1954، عند حديثه عن المسرح في مصر عام 1905 وهكذا ([25]).

كما يُلاحظ أيضاً أن لنداو اعتمد على دوريات صدرت – تقريباً - في النصف الثاني من القرن العشرين، رغم أنه تحدث عن نشاط مسرحي بدأ في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وانتهى في النصف الأول من القرن العشرين. ومن هذه الدوريات في مصر: الكاتب، الكاتب المصري، آخر ساعة، أخبار اليوم. وفي خارج مصر: جريدة الشرق الأدنى، مجلة الشرق الجديد، الجريدة العبرية (الأرض)، جريدة الجزائر الحرة. وفي مقابل ذلك لاحظ البحث أن لنداو اعتمد بصورة أساسية على النشرات والدوريات الأجنبية الصادرة خارج مصر، أكثر من أية نشرة أو دورية صدرت داخل مصر. ومن ذلك: جريدة الدراسات اليهودية، نشرة كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن، جريدة العالم الإسلامي الفرنسية، نشرات معهد برلين للغات الشرقية، نشرة مجلة مكتب الدراسات المصرية بلندن، مجلة الشرق الحديث الإيطالية ([26]).

3 – أ – منهجه في الاستنتاج

منهج يعقوب لنداو في كتابه "دراسات في المسرح والسينما عند العرب" - كما أوضحه أحمد المغازي مُترجم الكتاب – هو المنهج العلمي للبحث الفني، الذي يتمثيل في ذكر الأسباب التي تمهد للنتائج الخاصة بقضايا الكتاب، أو ما يطلق عليه منهج الاستقراء من المقدمات للوصول إلى النتائج، بحيث يكون رأيه واضحاً بلا مواربة. وينتهي المترجم إلى خلاصة مفادها، أن لنداو قدم عملاً يتصف بالكمال كله، أو عملاً لا يؤاخذ ([27]). وفي مقابل ذلك، يرى البحث أن عدم اعتماد لنداو على مراجع ومصادر ودوريات معاصرة لأحداث المسرح العربي، كان له نتائج غير دقيقة في كتابه، واضطراب في الأحداث ونقص شديد فيها. وهذا الأمر سيتضح بصفة خاصة في مرحلة نشأة المسرح العربي في مصر. كما أن عدم اعتماد لنداو على الدوريات العربية في مقابل الدرويات الأجنبية، جعل أحكامه ونتائجه تميل إلى الرؤية الغربية للمسرح العربي، مما نتج عن ذلك التزامه بفكرة ثابتة، بأن كل تطور أو ازدهار للمسرح العربي في مصر، كان الفضل فيه يعود إلى الأجانب.

كما أن قيام لنداو بانتقاء شخصيات دون أخرى، تبعاً لمعايير غير واضحة، أثر بلا شك على نتائجه، كما أعطى انطباعاً لدى القاريء بأن الصورة الموجودة عن المسرح العربي في كتاب لنداو، هي الصورة الحقيقية لهذا المسرح. وهذا الأمر غير صحيح، حيث إن لنداو رسم صورة مختلفة تماماً عن الصورة الحقيقية. وربما كان الانتقاء من قبل لنداومقصوداً، لتشويه الصورة الحقيقية للمسرح العربي. هذا بالإضافة إلى وقوع لنداو في اختلافات كثيرة في التسلسل التاريخي للشخصيات أو في الأحداث، حيث قدم أشخاصاً على آخرين، وجاء بأحداث قبل أحداث. وهذا الأمر ربما أيضاً كان مقصوداً لأغراض أخرى، سيبينها البحث في حينها.

وأخيراً لاحظ البحث في نتائج لنداو، بناء على عدم اعتماده الدقيق على مراجع معاصرة للأحداث، وقيامه بحذف أحداث وشخصيات، وتقديم وتأخير لبعض الأمور، وتقسيماته التاريخية والموضوعية المبنية على معايير مضطربة غير واضحة، لاحظ البحث أن لنداو ربما قام بذلك قصداً من أجل أهداف معينه في ذهنه، ترمي إلى إبراز الديانة اليهودية في حالة وجودها بين الأديان السماوية الأخرى مثل الإسلامية والمسيحية. وإذا كان الأمر يخص الإسلام والمسيحية، فلابد أن تتقدم المسيحية أولاً. وإذا تحدد الأمر في الإسلام فقط، فلابد أن يصوره بصورة غير لائقة. وإذا تنافست الجنسيات في أمر من الأمور، فلابد أن يكون الأجنبي متفوقاً وماهراً على العربي. وإذا كان الأمر يخص الجنسيات العربية، فالسوريون لهم السبق عن المصريين. وإذا تحدد الأمر للسوريين فقط، فلابد أن يقلل من شأنهم. وإذا تحدد الأمر في المصريين فقط، فلابد أن يهمش دورهم.

ب – موقف لنداو من نشأة المسرح العربي في مصر.

1 - ب – الشكل الفني.

عرض لنداو - في حديثه عن نشأة المسرح العربي في مصر - لأول مجموعة قامت بالتمثيل المسرحي، وهي فرقة سليم خليل النقاش الشامية، الذي قدم إلى مصر مصطحباً معه الكاتب المسرحي أديب إسحاق والممثل يوسف الخياط. ويُفسر لنداو قدومهم إلى مصر، بأنهم هاجروا من الشام عام 1876 هرباً من الاضطهاد الديني في بلادهم. ولكون مصر كانت مستقرة آنذاك، وقاطعة بخطى نحو الحداثة. فقد جعلوها قبلتهم ومتنفس طموحهم الفني، وفي الوقت ذاته طمعاً في سخاء الخديوي إسماعيل ([28]). ولم يعرجلنداو على كيفية تشكل هذه الفرقة وتكوينها الفني، كل ما هنالك أنه توقف مع الفرقة في أول ظهورها بمصر.

ونشأة المسرح العربي في مصر بهذه الصورة التي نقلها لنداو، تظهر لنا أن أول جماعة قامت بذلك كانت جماعة مضطهدة دينياً في وطنها، التي هجرته إلى وطن آخر أملاً في الأمان، وطمعاً في مال الخديوي. وكأنها جماعة مغلوبة على أمرها، أرادت العمل في أي مجال خارج وطنها، من أجل البقاء. وهذه الصورة لها وجه آخر، نقلته لنا بعض الدوريات والنصوص المسرحية المطبوعة، التي صاحبت نشأة هذه الجماعة في الشام وفي مصر.

وهذا الوجه يقول: إن سليم خليل النقاش زار مصر في أواخر عام 1874، وشاهد أوبرا (عائدة) باللغة الإيطالية على مسرح الأوبرا الخديوية. كما لاحظ اهتمام الخديوي إسماعيل بهذه الأوبرا على وجه الخصوص، فلما عاد إلى بيروت قام بتعريبها وطبعها عام 1875، وصدّرها بقصيدة مدح للخديوي إسماعيل، تلتها مقدمة نثرية أفاض فيها الشكر والامتنان لذات الخديوي ([29]). وهذا التصرف من قبل سليم النقاش، يدل على حُسن تفكيره وتصرفه العملي والعلمي، اللائق بكرامة الأدباء والكُتاب. فقد استطاع أن يبرهن للخديوي إسماعيل بأنه كفؤٌ لتحمل مسئولية إدخال المسرح العربي إلى مصر، بتعريبه لهذه المسرحية.

ونتج عن ذلك قيام الخديوي بتكليف سليم النقاش بمهمة إدخال المسرح العربي إلى مصر. فقام النقاش بطبع مسرحيته الثانية (ميّ) عام 1875 أيضاً - وقبل قدومه إلى مصر - وفي مقدمتها أقرّ بأنه عرض على الخديوي أمر إدخال المسرح العربي إلى مصر، ومن ثم وافق الخديوي ([30]). وربما هذا يفسر لنا أن سليم النقاش لم يكن خالي الوفاض فنياً حين قدم مصر، وإلا لما كان الخديوي قبل تكليفه بالمهمة. ولكن سليم النقاش يعود إلى أسرة لها تاريخها الفني، الذي يعني وعي سليم النقاش وخبرته في تشكيل فرقة مسرحية. وليس أدل على ذلك من أنه قدم، مُشكلاً فرقته ومختاراً موضوعه المعرب، الأمر الذي يعني وعيه بالاختيار الفني.

وإذا كان تصور لنداو صحيحاً عن هجرة جماعة سليم خليل النقاش من الشام إلى مصر، فهذا يعني أنهم قاموا بإنشاء المسرح العربي في مصر دون استعداد كافٍ لهذه المهمة، بدليل قوله: "وتدلنا السجلات المتناثرة التي تتحدث عن سيرتهم وتقدمهم في مصر، بصفة عامة، أنهم شرعوا في الحال، في تأليف المسرحيات وعرضها" ([31]). وبناء على ما أورده البحث - فيما سبق - يتضح أن كتابة المسرحيات من قبل سليم النقاش لم تكن في مصر، بل كانت في بيروت وقبل عام من قدوم جماعته إلى مصر عندما عرّب أوبرا (عائدة) وطبع مسرحية (ميّ). وهذا الأمر ينطبق أيضاً على أديب إسحاق، الذي ترجم مسرحية (أندروماك) لراسين عام 1875، قبل قدومه إلى مصر ([32]).

أما شروع هذه الجماعة في عرض المسرحيات في الحال – بناءً على قول لنداو – فهذا الأمر له وجه آخر أيضاً، يقول: إن سليم النقاش بعد حصوله على موافقة الخديوي إسماعيل بإدخال المسرح العربي إلى مصر، قام في بيروت بتحضير وتدريب مجموعة متكاملة للعمل المسرحي، وكان مقرراً لها الوصول إلى مصر لمباشرة عملها في أكتوبر 1875، لكن ظهور وباء الكوليرا في الشام أجلّ وصولهم إلى العام التالي. فاستغل سليم هذه الفترة في صقل تدريب جماعته، وقام بعرض مسرحيتي (ميّ) و(البخيل) في قاعة بطرس ببيروت ([33]). وبعد انتهاء الوباء، وصلت الجماعة إلى ميناء الإسكندرية في نوفمبر 1876 ([34]). وبناء على ذلك، تزعم الدراسة بأن نشأة المسرح العربي في مصر على يد سليم خليل النقاش، كانت نشأة منظمة. تم التحضير لها بصورة لائقة بأحد الكُتاب المسرحيين، وتتوافق مع مكانة مصر الفنية والأدبية. ولم تكن ناتجة عن جماعة مهاجرة، تبحث لها عن أي دور من أجل استمرار الحياة، كما تصورها لنداو.

وإذا تخطى البحث هذه النقطة، إلى بداية عمل الفرقة في مصر، سيلاحظ أن لنداوصورها كبداية متعثرة، قائلاً عنها: "لم تستطع الفرقة أن تقف فوق أرض ثابتة أو تنهض على قدم المساواة في منافستها للفرق المحلية ذات الخبرة" ([35]). والبحث يظن أن لنداوكان يقصد منافسة الفرق الأجنبية لا الفرق المحلية. لأن الفرق المحلية تعني الفرق المسرحية المصرية. وهذا الأمر يعتقد البحث أنه لم يحدث تاريخياً، حيث إن جماعة سليم النقاش كانت أول فرقة مسرحية عربية في مصر ([36])، والمنافس لها في ذلك الوقت كان الفرق الأجنبية التي كانت تعرض أعمالها على مسارح الأوبرا والكوميدي الفرنسي والأزبكية ([37]). وهكذا يقوى احتمال أن لنداو – في قوله السابق – كان يقصد الفرق الأجنبية لا الفرق المحلية. ومن الممكن إيعاز هذا الأمر إلى المُترجم لا إلى لنداو. حيث أكدلنداو في موضع آخر أن جماعة سليم النقاش وقت وجودها في مصر، كانت الفرقة الوحيدة، وقد أخذت تكافح ظروفها من أجل بقائها ([38]).

لكن ذلك يكشف لنا من جانب آخر أن البناء الفني الخاص بتكنيكات الفرقة للقيام بعملها كان على درجة عالية من الوعي الفني، الأمر الذي لم يلحظه لنداو طبقاً لمنهجه الاستقرائي، حيث إنه لو طبق المنهج الاستقرائي بشكل دقيق لوصل إلى نتيجة عكس ذلك، فإذا كانت الفرقة تعلم أنها قادمة إلى ساحة نشطت فيها الفرق الأجنبية المسرحية، فكيف تجرؤ هذه الفرقة على العرض أو القدوم أصلاً دون أن ترى في نفسها الاستعداد الفني الكافي واللائق؟ ولو أنها جاءت مطرودة وهاربة كما صورها لنداو لما جرؤت – أيضاً – على عرض أمرها على الخديوي معلنة التحدي والمنافسة، غير أن تصور لنداو لهذه الفرقة بتلك الطريقة يخدم استنتاجه من حيث كونها فرقة بادئة وضعيفة التشكيل ولم تقوَ بعد على المنافسة وسط الزخم الفني الكبير.

ومهما يكن من أمر نشاط هذه الفرقة، إلا أن عمرها كان قصيراً. ويفسر لنداو ذلك بسبب سقوط جميع مسرحياتها، مما جعل قطباها سليم النقاش وأديب إسحاق يتجهان إلى الصحافة، ليتولى أمر الفرقة بعد ذلك يوسف الخياط ([39]). وعلى الرغم من صدق هذا القول في الشكل، إلا أن هناك رأياً يخالفه في المضمون. فلم تسقط جميع مسرحيات فرقة سليم النقاش، بل العكس هو الصحيح، حيث استمر عرضها من قبل فرق أخرى عقوداً طويلة – كما سيتبين لاحقاً – هذا بالإضاف

------------------------------------------------------------------------------------------
المصدر: بحث قُدم في المؤتمر الدولي الثاني (المستشرقون والدراسات العربية والإسلامية)، الذي أقامته كلية دار العلوم جامعة المنيا، بالاشتراك مع رابطة الجامعات الإسلامية في الفترة 4-6/3/2006.

تابع القراءة→

0 التعليقات:

الدلالة التعبيرية للإيقاع في الموسيقى

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تشكل الموسيقى اتجاهاً نحو بلورة دوراً واضحاً في تنمية النفس البشرية، عبر تنمية مشاعر وعواطف المتلقي، الذي يتحسس ما هية الفكرة الجمالية في الفعالية الموسيقية بشكل فطري متناغم، وهذا ما يعكس استجابة سريعة تجعله يميل إلى القراءات الفكرية واسترجاع الذاكرة الصورية التي تكشف المعنى الذهني.

إذ أكد ” فكتور ارتيغ “، على أنها المحرك الرئيس الذي يحافظ على المتغيرات والتحولات الصادرة من المعنى الكلي. وهذا ما يؤكد قدرة الإيقاع بنظمه كافة على تجسيد حسٍ صوري وسمعي، فضلاً عن وصفه بــــ (الجرس الموسيقي) الذي يؤثر تأثيراً مباشراً على الإنسان، بخطوط تشكل شعوراً متناغماً ومحركاً للمخيلة وللحس الوجداني. ومن هنا يتكون الإيقاع حسب طبيعة الأشياء، فــ (المتناغم) هو الذي يخلق انسجاماً متجانساً، أما (غير المتناغم) فهو ذلك الإيقاع الذي لا يكون منسجماً ومتجانساً .. الإيقاع الآن يتكون من قسمين: “إيقاع سمعي” كــ[الموسيقى والغناء والكلام] و”إيقاع بصري” كـ [الضوء والظلام والحركة والرقص] .

هناك عمل مشترك بين السمعي والبصري يرتكز على عنصر “الموسيقى” التي تساهم في أنتاج الدراما والعرض المسرحي، عبر المسافة الحركية والمسافة الحسية كما أكد عليها “كاسير” بأن الإحساس يتحول إلى شكل مغاير، قد يمتلك مدلولاً حسياً من مختلف أنواع التجربة الحسية، والذي يشعر عبره المتلقي براحة ذهنية تساعده على استرجاع عدد من الصور والمواقف المؤثرة في حياته، يعد الإيقاع عنصراً مهماً في عملية تكوين البناء الموسيقي، وإن أي خلل فيه يؤثر على انسيابية اللحن ومن ثم يحدث تشظياً في الصوت لدى السامع .

في الموسيقي نظم متعددة من الإيقاع منها: “المتعاقب” أو “المتكرر”، وتعمل هذه النظم بـــ (حركات) متساوية الأزمنة، ومحركات القيم الزمنية في القطعة الموسيقية تعمل بتعاقب أنغامها فيما بينها بنسب مختلفة، لتشكل زمناً معيناً قد يكون متغيراً ومتجدداً، يخلق صوراً تحاكي الخيال بوساطة المسافة الجمالية .

يعتبر (أدولف آبيا) أول من أعطى للإيقاع دلالة معرفية في العرض المسرحي معتبراً إياه بالنسبة للعناصر البصرية العنصر المقابل للموسيقى، لهذا ربط (آبيا) الصورة بالموسيقى عبر الإيقاع الذي يؤثر على المتغيرات الصوتية أو الصوتية البصرية التي يستجيب لها، الموسيقى تتكلم عن المأساة والفرح وكل شيء، فهي انتقال من الواقع الى الدلالات الخاصة واللصيقة بمعنى الأعراف الواقعية .

الموسيقى لها شكل دلالي يتم توظيفه كــ (لوحة) تعبيرية أمتزج بها اللحن والإلقاء، فضلاً عن الآلات الخاصة التي تعبر من خلالها عن غاياتها. لذا نرى أن إي عمل فني موسيقي هو عبارة عن حزمة توليفه من الأفكار والرؤى الجمالية التي تصطف بعضها ببعضٍ في بنية شكلية تمتلك شيء من التناغم المتبادل بين عناصر البناء ووظائف التعبير، بتبادلية إيقاعية حسية تتجدد حسب طبيعة العلاقات فيما بينها، أذن الإيقاع هو الركيزة الأساسية التي تبنى عليها جميع الفنون بنسقها واستمرارها حتى تندرج معه ليتفاعلا معاً، ويعبرا عن أحاسيس الفنان الإنسانية التي تؤدّي دورها إزاء الحياة والطبيعة فضلاً عن المشاعر العاطفية، التي تعيد تجديد خطواتهم ومختلف حواسهم في شكل معبر عن ذواتهم الخاصة والواقع الجمالي، الذي يكشف سمات وثوابت الإيقاع الخاصة في الموسيقى.

------------------------------------
المصدر : صدى 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

الأغاني والموسيقى .. في مسرح الطفل / ‎د. عزيز جبر الساعدي‎

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


البهجة والسرور والفرح الغامر الذي يستقبل جمهور المشاهدين من الأطفال وهم يدخلون قاعة المسرح.. الأغاني.. الموسيقى يشكلان عاملين مهمين في الدخول إلى حكاية المسرحية.. ترى إلى أي حد تستطيع الأغاني والموسيقى أن تداعب وجدان الطفل؟ وهل لهما فعل يقوي حالة الترقب والتشويق في هكذا مسرح؟ يذكر المربون ان الموسيقى أداة من أدوات التربية الخلقية والحسية والعاطفية ووسيلة من وسائل التعليم.. والأغنية مظهر من مظاهر الموسيقى تستعين عادة بالشعر إلى جانب الأنغام (كما يعبر نعمان الهيتي في كتابه أدب الأطفال) ومن المعروف ان الأطفال يجدون لذة في تقليدهم لبعض الأصوات، ومن النادر أيضا ان تجد طفلا لا يمتلك القدرة على التأثر بالموسيقى، ذلك لان الأطفال منذ أيام المهد الأولى يطرق آذانهم الغناء عن طريق ما يسمى بأغاني المهد أو أغاني الترقيص حيث ينصت الأطفال إلى أصوات الأمهات اللواتي يغنين أغنيات وأهازيج ذات إيقاع رتيب لتهدئتهم وبث الطمأنينة في نفوسهم ليداعب النعاس أجفانهم.

فالإيقاعات وترديد بعض الأغاني التي يمارسها الطفل تعتبر لونا من ألوان اللعب، واللعب في حد ذاته حاجة من حاجاته الأساسية التي تلعب دورا رائدا في إثراء عالمه المادي والخيالي وهو وسيلة للنمو وهو رمز للصحة النفسية إضافة إلى كونه نوعا من أنواع العلاج النفسي.

المتعارف عليه ان أطفالنا الصغار غالبا ما يرددون أغاني الكبار رغم ما فيها من مساويء وايجابيات في الأفكار والعواطف لأنهم لن يجدوا أغانيهم الخاصة وهذا ما يزيد من فقرهم في التخيل والتذوق والاستماع.

إذا ما علمنا ان أنغام الموسيقى هي عبارات لحنية تنطوي على كلمات ذات معاني وهي بناء أدبي يخاطب عقول الناس ومشاعرهم فتتحرك له وتتاثر به، تدرك أهميتها في الفعل المسرحي الموجه للطفل وطريقة استقباله لها كمؤثر مساعد لفعل الشخصيات والمواقف، نجد ان سوء استعمال الموسيقى والتي تأتي غالبا من تجميع فواصل أو معزوفات، هذا الهجين الغربي الغريب غير المتجانس لا يمكن ان يتكيف معه الطفل ولا يستطيع ان يصل به إلى مرحلة نمو شخصيته الموسيقية في الوقت الذي يسعى المسرح لإيجاد قاعدة أساسية لتربية الحاسة الموسيقية الكامنة في الطفل من اجل إنضاج شخصيته وعلى إنضاج الجانب الوجداني، فكما نعمل على تنمية الجانب العقلي وتنمية الجانب الاجتماعي فيها، يتعين ان ننمي الجانب الوجداني (لان الجوانب الثلاثة مرتبطة ومتكاملة وإذا ما حدث تخلف في واحد منها تأثر الجانبان الآخران واختل توازن الشخصية ).

فقيمة الموسيقى كما يؤكد أرسطو بقوله (بأنها وسيلة للاستمتاع العقلي وان لها مع ذلك مزايا خلقية) وكما يؤكد أفلاطون أيضا بقوله (ان الموسيقى علم تجب معالجته كالرياضة البدنية، فالأولى تهذب النفس وتصلح ما فسد منها والأخرى تقوي الجسد) أو (الموسيقى غذاء النفس، ومبعث الاتزان وهي منحة آلهة الفنون الحرة… ).

ما نريد قوله ان الكثير من المسرحيات المقدمة للأطفال لم يأخذ مصمموها أو منفذوها الاهتمام الجدي بتأثير الموسيقى في العمل المسرحي وهي في اغلب الأحيان تخضع لمزاج ونفسية وثقافة ذلك المعد أو المصمم، لأنها لا تستهدف تربية الأذن ذلك لان التذوق الموسيقي يعتمد على خبرة حاسة السمع. ورحم الله (فاضل الصفار) حين يقول من المناسب إيجاد مقطوعات موسيقية خاصة بالأطفال وان تتلاءم ألحان الأغاني وأذواق جمهور الأطفال، وبالفعل نجد ان الكثير من الأطفال يرددون أغان ذات ألحان جميلة رغم انهم لا يفهمون معاني كلماتها..

من الممكن القول في هذا المجال ان تهذيب بعض الأغاني الشعبية والاستفادة من ألحانها بحيث تحمل معاني صادقة تجسم الحياة بكلام جميل عذب وان تكون الأصوات المؤدية للغناء ساحرة وجذابة وتفيض بكلماتها وألحانها بالمرح والتفاؤل..

ان تنمية ذوق الطفل تبدأ منذ عمر مبكر ويمكن ان نعوده من خلال المسرح وهو في مرحلة (الواقعية والخيال المحدود بالبيئة) من خلال التأثير النفسي للعرض الموجه له.

-----------------------
المصدر / صدى
تابع القراءة→

0 التعليقات:

مسرحية "ثورة دون كيشوت": بين فكَّي كمّاشة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

في "فضاء التياترو"، بتونس العاصمة، عرضت  سلسة عروض مسرحية "ثورة دون كيشوت" للمخرج وليد الدغسني.
تدور أحداث العرض، الذي أُنتجته "فرقة كلندستينو للإنتاج المسرحي" بدعم من وزارة الثقافة التونسية، في عالم غرائبي؛ حيث تستيقظ المدينةُ فجأةً على وقع كائنات غامضة تخرج من النفايات وتتمدّد بسرعة، لتبسط سيطرتها على كامل المدينة وتحتل مناطق حيويةً فيها.
تواجه الكائنات مقاومةً من سكّان المدينة. لكن ذلك لا يكفي للوقوف في وجهها؛ إذ تُواصل بسط سلطتها على الفضاء العام والخاص، وتخريب كلّ ما يمتّ إلى الحياة والجمال بصلة، مستعينةً بشبكة من أصحاب المال والنفوذ، ومؤسّسةً بذلك لواقع جديد مرعب.
من خلال هذه الحكاية، يبدو العرضُ بمثابة مساءلة للواقع السياسي والاجتماعي في تونس اليوم؛ حيثُ تعبّر الكائنات الغامضة والغريبة التي تخرج من مكبّ النفايات عن ظواهر استجدّت في المجتمع كالتطرّف والإرهاب. إنها الكائنات التي يتحالف معها رجال المال والنفوذ، الذين يبدون مستعدّين للتحالف مع أية جهة تفرض منطقها.

في تقديمه للعرض، يقول الدغسني إنه استوحى فكرة مسرحيته من رواية "دون كيشوت"، مضيفاً أنه وظّف هذا الإرث الأدبي العالمي حسب معطيات الحالة التونسية، ليقدّم "طرحاً فكرياً وفلسفياً للواقع السياسي والاجتماعي والنفسي الذي يشهد تحوّلات كثيرةً ومعقّدة".
يعتبر الدغسني أن وظيفة المسرح لا تقتصر على نقل الواقع، بل تتجاوز ذلك إلى "التفكير فيه وتأسيس رؤية تُعلي صوت الفنان المتنبّئ والقادر على تحليل الواقع وتقديمه في أشكال جمالية مضبوطة ومنظّمة، وتعتمد على رؤية فلسفية".
في هذا العرض، حافظت "فرقة كلندستينو" على فريقها الذي شارك في عدد من أعمالها السابقة التي حازت صدىً إيجابياً؛ مثل: "انفلات" و"التفاف" و"الماكينة". لكنها طعّمته بعناصر جديدة.
من الممثّلين الذين يشاركون في المسرحية: يحيى الهملاجي، وأماني بالعج، ومنى التلمودي، ومنير العماري، ويحيى الفايدي، ونتاجي قنواتي.

----------------------
المصدر : العربي الجديد 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المصداقية في العرض المسرحي / سامي عبد الحميد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

لكي نحكم على قيمة أي عرض مسرحي عراقي او اجنبي لابد لنا أن نتلمس مقدار الصدقية او مدى الأحقية في أي عنصر من عناصر ذلك العرض. وهنا أقصد بالصدقية التبرير الحياتي او التبرير الفني لكل كلمة تقال ولكل حركة تنفذ ولكل خط وشكل وكتلة ولون وملمس وفراغ في الصورة المسرحية التي نشاهدها او في الحدث المسرحي الذي يفعله الممثلون بأدائهم الصوتي والجسماني وهم يرتدون ازياء معينة ويحيط بهم منظر معين وتسلط عليهم اضاءة معينة. واقصد بالتبرير الحياتي احتمالية الفعل او الحدث في الحياة اليومية وانعكاسها في فضاء المسرح . فالمادة المسرحية يقتبسها مؤلف المسرحية من المادة الحياتية ثم يأتي المخرج ليصوغها بالصيغة المسرحية المؤثرة في الجمهور والتي قد لا تكون المادة الحياتية تمر عابرة من غير تأثير او قد تكون لها تأثيرات مختلفة بالنسبة للشخوص العابرين. وتعتمد صياغة المخرج على التبرير الفني وهو كفنان لابد ان يضيف من ابداعه شيئاً الى كل عنصر من عناصر العرض.
العنصر الأول من عناصر العرض هو الشخصية المسرحية والتي يلتقطها مؤلف النص مما يمر به من شخصيات في حياته اليومية ويضيف لها من خياله شيئاً وعلى وفق رؤيته وفلسفته او قد يعّدل او يغيّر من صفاتها وفقاً لذلك، ويأتي المخرج ووفقاً لرؤيته وتبريره الفني يحدث عليها تغييرات او اضافات ليجعلها اكثر  تأثيراً في عقول ونفوس المتفرجين وبشرط ان لا تفقد اضافاته وتغيّراتها صدقية اقوال وافعال تلك الشخصية، بمعنى ان تكون الشخصية المسرحية المعروضة مقنعة لغالبية المتفرجين.وبحيث تكون أقوالها وأفعالها مناسبة لصفاتها . وفي مجال تمثيل الممثل للشخصية قد يستدعي التبرير الفني ان يبالغ الممثل في تعبيره الصوتي والجسماني الى الدرجة التي لا يكون فيها ذلك التعبير كاذباً او مصطنعاً ولايتناسب مع صفات الشخصية، ولكي يكون الممثل مقنعاً في ادائه لا بد ان يكون مؤمناً بالشخصية التي يمثلها متبنياً لصفاتها وافعالها واهدافها وعلاقاتها بالشخصيات الأخرى. وأضرب مثلاً على الاداء الصوتي الصادق والكاذب يدعمهما من تبرير فني، في ممثل يمثل شخصية تتحدث باللغة الفصحى واذا به في لحظة من لحظات العرض يتحدث بلغة عامية فلا بد ان يعطينا المخرج تبريراً حياتياً لمثل هذا التغيير في اللغة ونوعها ويكون عندئذ قد برره فنياً. اما اذا لم يكن هناك مثل هذا التبرير كأن يخاطب الممثل كشخصية مسرحية مجموعة من الناس البسطاء ،الذين لا يتعاملون باللغة الفصحى، بلغة عامية بعد ان كان يخاطب شخصيات من طبقته ومن حاملي ثقافته وعندئذ تكون اللغة العامية مبررة. ومن ناحية حركة الممثل على خشبة المسرح فان التبرير الفني لها لا يختلف الا قليلاً عن التبرير الحياتي . فالانسان يتحرك نتيجة لدافع يدفعه لذلك فعندما يعطش الانسان يدفعه العطش الى التوجه نحو مصدر الماء ليرتوي منه. وعندما يواجه الانسان خطرا معينا فانه يبتعد عنه بحركة معينة بجسمه وقد تكون حركة موضعية او حركة انتقالية. وقد يضيف المخرج بعض الحركات يؤديها الممثل قد لا يكون من ورائها دافع وانما هناك تبرير فني هو اضفاء الحيوية على المشهد المسرحي . اما اذا تحرك الممثل كثيراً او قليلاً ومن غير دافع او من غير مبرر فلن يكون صادقاً ومقنعاً في حركته. نعم جيب ان تكون جميع التعبيرات الجسمانية والصوتية للممثل في العرض المسرحي مبررة او منطقية اما حياتياً او فنياً وإلا فانها زائفة وغير مقنعة.
وعند التطرق الى الزي الذي يرتديه الممثل ، وهو عنصر آخر من عناصر العرض، فلا بد ان يكون طراز الزي مستعملاً في الحياة ولا بد ان يكون مناسباً للشخصية إلا اذا كان هناك مبرر لخلاف ذلك فليس من المعقول ان يرتدي استاذ جامعة (دشداشة) اللّهم إلا اذا كان هناك مبرر لهذا اللباس. وهنا يدخل مبدأ (الدقة التاريخية) في المسرحيات التي تتناول شخوصاً من الماضي ومن اماكن غير مكان المتفرج او اذا كانت المسرحية تتعرض لأحداث تاريخية، فلا بد عندئذٍ من ان يكون طراز الأزياء المسرحية مشابهاً لطراز الملابس في زمانها ومكانها وليس في زمان ومكان مؤلف النص او في زمان ومكان العرض، إلا اذا اراد المخرج ان يفرض رؤيته الخاصة المبررة.
وهناك عدد من المخرجين يستعملون ما يسمى (الازياء الوظيفية) وهي التي يؤدي الممثلون بواسطتها وظيفتهم من غير التزام بمبدأ المطابقة وهنا فأن التبرير الفني هو التجريد.
ويسري مبدأ (التجريد) على المنظر المسرحي ايضاً فهناك عدد من المخرجين لا يهتمون بان يكون المنظر ممثلاً لمكان وبيئة الاحداث المسرحية بعناصرها المختلفة، وبما فيها العناصر المعمارية ، او ان يمثل المنظر مجرد خلفية يمثل امامها الممثلون ادوارهم فلا يتعاملون مع مفردات هذه الخلفية وكأنها عناصر بيئية بل مجرد عناصر جمالية.
 يستطيع المخرج ان يجرّد المنظر المسرحي الواقعي من تفاصيله مبرراً ذلك فنياً ويستطيع المخرج في المسرحية التاريخية التي يخرجها ان يطلب من مصمم المنظر تحقيق الدقة التاريخية أي ان تكون معمارية المكان مطابقة لمعمارية مكان وزمان الأحداث المسرحية وليس معمارية زمان ومكان مؤلف المسرحية او معمارية زمان ومكان المصمم والمخرج، والمهم هنا ان يكون التجريد في المنظر مقنعاً للمتفرج.
ما نلاحظه هذه الأيام ان عدداً من المخرجين ليس في بلدنا وحسب بل في بلاد اخرى لا يهتمون بالصدقية ولا يلتزمون بمطابقة الشكل للمضمون، او تناسبها ولا يفكرون بالتبرير ويحملون العشوائية معتقدين وهماً بأن مخيلتهم قد قادتهم الى مثل تلك العشوائية، وان الفن لا منطق فيه وان وحدة العمل الفني مبدأ اكل الدهر عليه وشرب، وقد يكون ذلك صحيحاً لدى اصحاب التيارات غير الواقعية كالتعبيرية والسوريالية والتي يعتقد اصحابها ان الحقيقة كامنة في العقل الباطن وفي لا وعي الانسان وان المظهر الخارجي لا يمثل الا جزءاً صغيراً من الحقيقة، وبناءً عليه يبررون الاشكال الغريبة والظواهر المتناقضة التي يعتمدونها في مادتهم الفنية ومثل هذا التبرير الفني ليس الا انعكاساً للتبرير الحياتي فاللاوعي والصور الحلمية الغريب جزء من حياة الانسان وعالمه الداخلي.
نعم هناك عدد من الفنانين ومنهم المسرحيون يلجأون الى العشوائية والغموض والفوضى والتشظي كوسائل للتعبير الفني معتقدين انهم بذلك انما يعكسون واقع الحياة في هذا العصر الذي يخلو من المنطق والتبرير احياناً ولكنهم يفعلون ذلك عن خبرة ودراسة لا عن جهل وسذاجة.

-----------------------
المصدر : جريدة المدى 


تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9