أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، مايو 12، 2016

المسرح .. وخراب العالم / ياسر البرّاك

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 12, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

على الدوام كان المسرح لصيقاً بحياتنا اليومية ، مرة في تفاصيلها الصغيرة ، ويومياتها ، ومشاكلها الإجتماعية ، ومرة أخرى في أسئلتها الوجودية ، وإشكالياتها الفلسفية ، وأسرارها الجوّانية ، لذلك نجد الخطابات المسرحية تنوعت بتنوع الحياة الإجتماعية نفسها ، بل أن الحياة الإجتماعية تأثرت بالمسرح وديناميكيته في التعامل مع مفردات تلك الحياة ، وإن بنسب متفاوتة من مكان لآخر ، ما يعني أن العلاقة بين الحياة الإجتماعية والمسرح علاقة جدلية تخضع لمؤثرات التأثير والتأثر بحسب الظروف المحيطة بكلٍّ منهما ، الأمر الذي أدى إلى أن تكون المدوّنات الأدبية على الورق ، ومن بعدها البصرية على خشبة المسرح بفعل الممارسة الإخراجية ، إنعكاساً لحياتنا الإجتماعية ، مرة بصيغته الفوتوغرافية ، وثانية برؤيا جمالية فيها الكثير من ملامح الإبتكار والتجديد والإبداع ، لذلك نجد ثمة تنوعاً واضحاً في خارطة المشهد المسرحي العالمي وبضمنه المشهدين العربي والعراقي ، ولأن المؤلف سواء في صيغته التقليدية ، أو في شكله المعاصر حيث أصبح مخرج العرض هو الباني والمؤسس للرؤية الأدبية للنص ، فضلا عن الفرقة المسرحية التي تقوم بتأسيس المفردات الأدبية للنص عبر تقنية الإرتجال التي تُعدُّ ملمحاً من ملامح المسرح الحديث ، مازال يشغل الحيز الأكبر من مفردات العملية المسرحية ، فقد دأبت ( جماعة الناصرية للتمثيل ) بوصفها فرقة مسرحية على الإهتمام بالفعل التأليفي عبر مستويات عدّة أبرزها :

تكييف النصوص المسرحية العالمية والعربية بما يتماشى وضرورات تجربتها المسرحية من أجل أن تكون تلك النصوص مهيئة للمتلقي المحلي ، وتتم عملية التكييف تلك عبر إعادة كتابة تلك النصوص مرة أخرى ، سواء عبر الممارسة الدراماتورجية التي تعيد حيثيات النص بما يتناسب مع الوضع الراهن بوصفهم منتجين للخطاب المسرحي بإعتماد تقنية الإعداد أو الإقتباس ، أو من خلال الممارسة الإخراجية التي تقوم بقص كل الزوائد التي تراها الرؤية الإخراجية غير ملبية لما تريد الجماعة قوله في العرض المسرحي ، إذ يجري قلب البنية الأدبية للنص في شكلها التقليدي لصالح بنية جديدة ومبتكرة متخذة شكلاً جديداً يتوافق مع الشكل البصري للعرض .
وضع النصوص العراقية على المحك عبر إعادة إنتاجها على خشبة المسرح ، ليس من منطلق الشعار التقليدي الذي يرفعه الكثيرون ( تشجيع المؤلف المحلي ) فحسب ، بل من منطلق إختبار القدرة على إنشاء نوع من التكاملية في العرض المسرح تنطلق من فكرة ( الهوية الوطنية ) في صياغة الخطاب المسرحي ، وبما يتماشى مع سعي الجماعة المسرحية لتقليل مسافة الغربة الواسعة بين الخطاب المسرحي والمتلقي المحلي الذي لا يشعر – على الأغلب – بالإنتماء لفكرة المسرح في بُعدها الوجودي .
تقديم رؤى المؤلفين الشباب إلى الجمهور ، مرة عبر خشبة المسرح ، وأخرى عبر المساهمة المادية والمعنوية في طباعة نصوصهم المسرحية ، من أجل تصديرهم إلى المشهد المسرحي المحلي أولا ، والعراقي ثانياً ، فضلاً عن المشهد العربي ، بعد مراجعة تلك النصوص ومعالجتها نقدياً .
إقامة الورش المسرحية في التأليف المسرحي عبر الممارسة النظرية والعملية ، وتعليم أعضاء الجماعة أبجديات الكتابة المسرحية ، سواء تلك الكتابة الأدبية التي تقتصر على الورق ، أو الكتابة بالصوت والجسد على خشبة المسرح عبر تقنية الارتجال في صياغة العروض المسرحية ، تلك العروض التي تكون مرة بدون نص مسبق ، وأخرى بوجود نص محدد يتم الارتجال من خلاله .
توفير مناخ ( المثاقفة ) المسرحية فيما يتعلق بالنص المسرحي والكتابة الأدبية عبر التوجيه المستمر لقدرات وإمكانيات أعضاء الجماعة ، من خلال المتابعة الدقيقة والمستمرة لما يكتبونه وتوصيل انجازاتهم الفردية بحركة النقد بداخل فضاء الجماعة الثقافي ، من أجل أن تكون تجاربهم مؤسسة على خبرات علمية وأكاديمية .
ساهمت الآليات أعلاه في إنضاج العديد من تلك التجارب التي بدأت خلال السنوات الأخيرة تجتاز محليتها لتكون رقماً مهماً من أرقام بروغرام المسرح العربي ، فضلاً عن حصادهم لجوائز عربية في ميدان النص وفي مقدمتهم الكاتبين علي عبد النبي الزيدي وعمار نعمة جابر ، ولن تكون هذه الأقلام الأخيرة في عطاء الجماعة ، بل أنها مازالت تضخ أقلاماً جديدة تكتب نصوصاً مغايرة تماماً لطبيعة المنجز المحلي والوطني ، وأحدث تلك الأقلام ما يكتبه المؤلف الشاب ( مصطفى ستار الركابي ) الذي نتفائل كثيراً بموهبته المبكرة متجسدة في هذه المجموعة من النصوص ( حفل الإفتتاح الأخير ) الصادرة عن دار تموز في دمشق في طبعتها الأولى لعام 2013 ، التي نعتقد أنها ستضيف منجزاً مهما لمسرحنا العراقي .

في مسرحيات الركابي ثمة ميل واضح للإفادة من تيار مسرح اللامعقول ، وعلى الخصوص الأساليب البيكيتية المُؤسَّس لها في مسرحيات ( صموئيل بيكيت ) ، حيث نجد الإنتظار ثيمة مهيمنة على أغلب المسرحيات ، وإن كان ذلك الإنتظار متنوعا بأشكال تعبيرية مختلفة ، فضلاً عن إنتفاء فكرة التواصل بين الشخصيات تعزيزاً لشعور الغربة التي ينتابها طوال حدث المسرحية ، ناهيك عن الأجواء الكابوسية التي نجدها حاضرة في النصوص الخمسة ، لذلك نجد الركابي في نصوصه هذه يهتم بالمهمش والثانوي من الحياة الإجتماعية والنفسية لشخصياته التي تكون في الأغلب بلا تاريخ ، ما يعني أنه يكتب عن خراب مركّب ، يبدأ هذا الخراب من الذات أولاً ، ويمرّ عبر الآخر ثانياً ، لينتهي عند خراب العالم ، والخراب هنا ليس خراباً بمعناه المادي ، بل يتعداه إلى الخراب المعنوي ، خراب في الروح ، وخراب في القيم ، وخراب في المواقف ، ويتجسد هذا الخراب بأشكال عدَّة ، أحياناً يكون عبر أفعال جسدية تقوم بها شخصياته ، وأحياناً أخرى عبر ملفوظات حوارية تعزز الفعل النفسي بداخل النص ، متخذاً من التجريد سمة واضحة في لغة الحوار أولاً وفي علامتي الزمان والمكان ثانياً ، لأنه لا يريد الحديث عن يوميات الشخصيات إلا بقدر تأثير تلك اليوميات في تكوينها الأنطولوجي ، أي أنه يأخذ من الواقع والحياة الاجتماعية ثيماً غير مفكر فيها ، أو أنها مهملات لا يمكن تصديرها سيميائياً كفعل مسرحي قابل للتقويل على فضاء الورقة البيضاء أولاً ، وعلى فضاء الخشبة بعد ذلك ، وهذا التجريد العالي في نصوصه ينسحب على مساحة الرؤية الأدبية ، فالركابي لا يكتب نصاً مسرحياً بالمعنى الأدبي للنص ، إنما يكتب نصاً يضم بين تضاعيف رؤيته الأدبية نصاً إخراجياً ، بمعنى أنه يكتب نصه بروح دراماتورجية ، تلك الروح التي تزاوج بين خيال المؤلف وقدرة المخرج على تجسيد ذلك الخيال على خشبة المسرح برؤية بصرية ، ودليلنا في ذلك أن الركابي يهتم كثيراً بالنص الثانوي في نصوصه ( إرشادات المؤلف ) ويجعل منه نصاً موازياً لنصه الأدبي المُكوَّن من الميكانزمات التقليدية ( الشخصيات ، الصراع ، الحبكة ، ….. الخ ) .

في مسرحية ( بنيلوبي ) يستعير الركابي رمزاً أسطورياً إغريقياً ليتخذ منه قناعاً للبوح ، وأهم ما يفعله أنه يُفرِّغ ذلك الرمز من مرجعياته التاريخية ، بمعنى تعصيره ( جعله معاصراً ) والقذف به أمام القارئ / المتلقي ليجد فيه بعضاً من مأساته ، خاصة تلك المأساة التي تولّدت عن حروب عبثية ساهمت في وأد الأحلام ، ويتم ذلك عبر تشطير الرمز الأسطوري المتجسد في شخصية ( بنيلوبي ) ، مبتعداً فيه عن التعامل الشكلي مع الرمز ، لتصبح مفردات الإنتظار ، والإخلاص ، والأنوثة المهدورة ، مهيمنات واضحة في النص ، فضلاً عن ذلك فهو يعزز تشطيره ذاك بخلق مستويات عدَّة للغة المسرحية مستعيراً بعض السياقات اللغوية القرآنية ومتناصاً معها كما في سورة الفيل القرآنية التي تعزز القيمة اللغوية لحوار الشخصيات عبر اللعبة التناصية التي تمد حوار الشخصيات بالثراء اللغوي وتعين الحدث في ثيمة الخراب المركزية التي يعالج النص بعضاً من وجوهها .

تصبح اللغة في مسرحية ( W . C ) ليست أداة لنقل الأفكار كما هو الحال في المسرحيات الواقعية ، بل تكون مكمّلة لأفعال تكرارية نجدها في إرشادات المؤلف ( النص الثانوي أو الموازي ) ، لذلك نراها لغة مفككة تعتمد على الجمل القصيرة المبهمة ، فتصبح مفردة المرحاض بحضورها المادي في سياق الفعل المسرحي في النص رمزاً لواقع مأزوم يتم التعبير عنه بوساطة الرجل الذي يجلس على المرحاض متضايقاً من عدم قضاء حاجته ، تلك الحاجة التي تصبح معادلاً موضوعياً لأحداث تقع في الواقع تتجسد في هيئة أفعال لدى الشخصيات الأخرى تقوم بها شخصيتي ( العجوز ، والرجل ) وهي بمجملها أفعال تنحو بإتجاه التجريد .

يوجه الركابي في مسرحية ( حفل الإفتتاح الأخير ) إهتمامه صوب شخصية المثقف بوصفها بيضة القبّان في المعادلة الوجودية التي تعيشها البشرية ، فالمثقف – على الدوام – كان محط حركة التاريخ بوصفها محرّكا فاعلاً في تلك الحركة فهو صانعها ، وهو المؤثر فيها ، مُظهراً لنا تقهقر سلطة المثقف أمام سلطة الدكتاتورية عبر ثلاثة شعراء وعريف حفل واحد ، خالقاً بذلك عالمين ، عالم الشعراء ( الكواليس ) وهو العالم المرئي الذي نراه أمامنا ، وعالم السلطة / الدكتاتورية الذي يقع في قاعة المسرح والمنصة ، وهو عالم غير مرئي لا نراه أمامنا عبر تقنية فنية مبتكرة يشكل فيها عريف الحفل جسراً بين هذين العالمين ، فضلاً عن الأصوات التي تنقل لنا ما يجري في الصالة ، مُظهراً لنا الشعراء وهم في الكواليس وكأنهم شاعراً واحداً ، ما يعني أن هذه الصورة النمطية للمثقف الخانع هي نفسها في كل الدكتاتوريات ، معتمداً على المفارقة الدرامية التي تأتي في نهاية المسرحية مانحة الحدث المسرحي قوّة وغرابة بعد أن يخرج الشاعر أمام الدكتاتور ليتهم عريف الحفل بمحاولة قتل سيادته مستخدماً عناصر الشد ، والتشويق ، والتوتر تمهيداً لهذه المفاجأة التي تأتي في خاتمة المسرحية .

تهيمن في مسرحية ( للكبار فقط ) ثيمة العقم حيث تصبح معادلة الحياة / الموت مولِّدة لأحداثها ، فالعجوز غير القادرة على الإنجاب يقابلها ( الشخص ) غير القادر على ممارسة الفعل الجنسي الذي يضطره إلى الإستعانة ببديل عنه ( الرجل ) ، ولذلك يحتشد النص بالمرموزات في مستوياتها السيميائية مثل : الدكان ، اللافتات السود ، الكاميرا ، ماكينة الخياطة ، اللوحة غير المكتملة ، ما يعني أن الركابي يعزز الفرضية النقدية التي تحدثنا عنها في مطلع هذه المقدمة من أنه يكتب نصاً إخراجياً أكثر من كونه نصاً أدبياً ، لذلك نجده يستخدم الكاميرا السينمائية بوصفها جزءً من الحدث معززاً التقنيات البصرية في نصه ، عبر إستخدامها لتسجيل وتوثيق إعترافات الشخصيات ، فضلاً عن إشغال الحدث العام للنص بهيمنة أو سلطة الكاميرا التي تُعدُّ معادلاً موضوعياً لسلطة أخرى موجودة في الواقع .

أما في مسرحية ( مطلقات يبحثن عن …. ) فيلج الركابي عالم المرأة التي نجد لها حضوراً طاغياً في نصوصه الخمسة ، ويكون هذا الولوج أيضاً عبر الدافع الجنسي بوصفه مولداً للحدث المسرحي ، إذ أن فعل الطلاق يعني التوقف عن ممارسة الحياة الطبيعية في شكليها البايلوجي والسايكلوجي ، لذلك نجد فعل التشبث بالحياة يندرج ضمن الرغبات المعلنة للشخصيات التي تجعل من الشاب القذر أملاً في خصوبة مقموعة ، ناهيك عن العامل الديني الذي يبرز بوصفه محركاً آخر من محركات الدافع النفسي لدى الشخصيات حيث يصبح الدين فعلاً ديماغوجياً يضلل الشخصيات عن واقعها الحقيقي ورغباتها المكبوتة ، متخذا من فعل الرقص تعبيراً حسياً وجسديا عن تلك الرغبات .

يقيناً أن ما يخطَّه الكاتب الشاب مصطفى ستار الركابي في نصوصه الخمسة يمثل مرحلة جديدة من مراحل تطور الكتابة المسرحية الشابة ، تفتح لنا أفقاً للتوقع بظهور أجيال مسرحية قادمة تتولى مهمة التعبير عن حياتنا الإجتماعية المعاصرة برؤى فنية جديدة ومتجددة ترسم لنا صورة مستقبل مسرحنا العراقي .


تابع القراءة→

0 التعليقات:

المسرح السياسي العربي تغييب / د.عزة القصابي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 12, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

المسرح السياسي العربي

عندما سئل (برشت) عن سبب كتابته لمسرحياته السياسية مثل ( البنادق السيدة كارا ) رغم الجو السلمي الذي تعيشه الدنمارك؟… فأجاب قائلاً : “إن تجميع الكلمات الجيدة والطيبة لا يُعد فنًا، ولكن كيف يستطيع الفن تحريك الناس، إذا لم يستطع تصوير مصائر البشر والأقدار التي تمس الناس في كل مكان ؟…وإذا وقفت مكتوف اليدين إزاء بؤس وآلام الإنسان، فكيف يمكن يا ترى أن تخفق قلوبهم إزاء ما أكتب ؟..وإذا لم أسع أنا نفسي لإيجاد طريق لهم لإنقاذ أنفسهم من آلامهم، فكيف يمكنهم إذن أن يجدوا طريقًا إزاء كتاباتي؟!”[1]

يعتبر المسرح نظامًا ثقافيًّا حيَّا يستمد مكوناته من النظامي  السياسي والاجتماعي، حيث            لا يمكن أخراج  المسرح عن دائرة هذين النظامين  في المجتمعات، فهو جزأ لا يتجزأ منهما ، كونه  يتمتع  بخصوصية  منفردة  تميزه عن بقية العناصر الأخرى.[2]ومن هنا انطلقت تباشير محاولة التحام المسرح بقضايا السياسية الاجتماعية . وبرزت مفاهيم جديدة مثل المسرح السياسي، ورغم التحام المسرح بالسياسية منذ الأزل، إلا أنه كمصطلح ظهر في مرحلة لاحقة .

وهناك صعوبة  في تحديد مفهوم  (المسرح السياسي) ، حيث  عادة ما ينتاب هذا المفهوم شيئا من الغموض، وخاصة إذا بحثنا في تاريخ المسرح العربي. وهذا مغالطة واضحة بين (المسرح المسيس) والمسرح السياسي. ولقد  أشار (سعدالله ونوس) في مقدمة مسرحيته  (مغامرة رأس المملوك جابر) إلى الفرق بين المسرح السياسي ومسرح التسييس. فما نجده في الواقع العربي؛هو عبارة عن عروض مسرحية تحاول جاهدة التنفيس والتعبير عن مواقف، يكون هدفها الأول التنوير والتعبير عن الموضوعات  الاجتماعية . ويسعى مسرح(التسييس) إلى  طرح  القضايا  السياسية ذات الصلة الوثيقة بالهم الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع.

ويقوم هذا النوع المسرحي بإرسال إشارات سريعة تتضمن فكرة رئيسية تدور حول بعض الأفكار الفرعية إلي عقل  المتلقي ، لتعكس علي وعيه صورًا جزئية ومشكلات ومظاهر سياسية ذات تأثير علي الحركة التنموية في المجتمع [3].

ويشهد  الواقع العربي ظهور الكثير من المسرحيات التي يمكن إدراجها تحت أطار ما يسمى (تسييس المسرح) ، والذي يتمثل في عدد من المسرحيات: مسرحية ( جواز علي ورقة طلاق – علي جناح التبريزي وتابعه قفه – حلاق بغداد – الزير سالم – سليمان الحلبي ) لألفريد فرج،    ( مأساة الحلاج الأميرة تنتظر – ليلي والمجنون – بعد أن يموتا لملك ) لصلاح عبد الصبور،     ( الفتي مهران – عرابي زعيم الفلاحين – النسر الأحمر- وطني عكا) لعبد الرحمن الشرقاوي،           ( أنت اللي قتلت الوحش ) لعلي سالم.

ومن ناحية أخرى، فقد غاب (المسرح السياسي) بمعناها الحقيقي الذي يهدف إلى اتخاذ مواقف معارضة لسياسات معينة، والتي يمكن أن تمارس ضغوطًا مغايرة  لتوجهات الغالبية العظمي في بلد ما تحكمه أنظمة سياسية قمعية. ويسعى  (المسرح السياسي)  إلى عرض الظواهر التاريخية ومسرحة قصص مماثلة تتحدث عن ظاهرة الاستغلال، ونهب ثروات الشعوب، وعرض صور للقهر العنصري والاستعماري لهذه الثورات،ويكون ذلك بهدف تأجيج الجماهير لمواجهة ناجزة  لمظاهر الظلم السياسي والاجتماعي[4] .

وهناك الكثير من المسرحيات التي تنضوي تحت راية مفهوم (المسرح السياسي) في الوطن العربي، أمثال: مسرحيات سعدالله ونوس (مغامرة رأس المملوك جابر – الملك هو الملك – الفيل يا ملك الزمان – حفلة سمر من أجل 5 حزيران ) ومسرحية ( محاكمة الرجل الذي لم يحارب ) لممدوح عدوان ، ( النار والزيتون – ألحان علي أوتار عربية) لألفريد فرج،  ومسرحية ( مسافر ليل) لصلاح عبد الصبور ( الحمار يفكر – الحمار يؤلف ) لتوفيق الحكيم.

ولقد وردت كلمة (السياسة) في سياق الحديث عن المسرح لأول مرة في عبارات (اوكيسي) ، إلا أنه لم يصل النقاد الغربيون إلى تحديد تعريف نهائي للمسرح السياسي[5].

وتعود  الأبعاد السياسية في تاريخ  المسرح العالمي  إلى زمن التراجيديات التي  تتحدث عن  الأنظمة الحاكمة  والحروب والقرارات المصيرية، وصولا إلى مسرحيات شكسبير وموليير وراسين أو ستندربج أو بيكت… والتي كانت عبارة عن مسرحيات سياسية غير مباشرة ، والتي عادة  ما يغلب عليها الرؤية الوجودية أو التاريخية أو الإنسانية[6].

ويقترن المسرح السياسي العالمي، باسم ( ببسكاتور)[7]والذي فسر فلسفة المسرح السياسي،  بأنها  فكرة الفن للفن ما هي إلا تسلية عابرة ومؤقتة. لذا ينبغي على الفن أن يكون معملا وتربية أخلاقية  ووسيلة من الوسائل التعليمية. ويسعى هذا المسرح  إلى إبراز الإنسان السياسي الثوري ، حيث أن مثل هذا الإنسان جدير بالصعود على خشبة المسارح، لإظهار أبعاد التاريخ، وإظهار موقف الإنسان في مواجهة المجتمعات الظالمة، وإظهار قدر الشعب كمجموع، قبل قدر الإنسان كفرد، بل والتعرض إلى قدر العصر نفسه[8].



          وأكد (بسكاتور) أهمية ارتباط المسرح السياسي بحركة وتحركات طبقة العمال (البروليتاريا)، والكادحين، والمواطنين العاديين. من اجل إتاحة حياة حرة كريمة، ترفع من إنسانيتهم، وتحقق حقوقهم المهنية سياسياً واقتصادياً[9]. واستطاع هذا المسرح في النهاية، استغلال المشكلات السياسية لصالحه، وتنوير الجماهير سياسياً، وتعبئتها وجدانياً وعاطفياً. ولم يكن هدفه تقديم متعة جمالية للجمهور، بقدر ما يدفع هذا الجمهور إلى اتخاذ موقف عملي من القضايا التي تهم  بلاده. ذلك أن المسرح عنده، يعني برلمانا، والجمهور هو الهيئة التشريعية[10].

وتعرف  الناقدة المصرية (نهاد صليحة) المسرح السياسي بأنه  : ” مجموعة الأفكار أو الفلسفة التي تشكل نظرية الحكم، التي يتم في ضوئها تنظيم علاقات الأفراد والمجموعات في المجتمع وفق قوانين وقيم معينة تتحكم في توزيع السلُطة والمال، وتحديد الأدوار ومناطق التحرك للإفراد والجماعات”[11].

فيما  يضع  (أرتو)  لمفهوم المسرح السياسي  تعريفًا  مغايرًا، عندما يقرنه بحدث سياسي ما،            وفي ذات الوقت، فقد رفض السياسة كمادة مسرحية بحته، وكان يدعو  إلى التحريض السياسي محل الثورة السياسية والثورة الشاملة، كما يعتبر فعل الثورة السياسي، هو فعل مسرحي” [12].

وتعود بدايات المسرح السياسي إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى ، ما رافقها من تحولات جوهرية على مستوى الأنظمة الدينية والعسكرية والتحولات التقنية والموجه الصناعية الكبرى[13]..وتزامن ذلك مع ثورة الحداثة، حيث اعتبرت الأبعاد السياسية والاقتصادية أحد أركانها، إضافة إلى الضغط الهيمني للدولة والاستثمار البيروقطي للحياة الاجتماعية والفردية، يهيئان دون شك لأزمات كبرى في هذا المجال[14].

وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية  القرن العشرين شهد المسرح السياسي ظهور الكثير من  المسرحيات هدفها الأول انتقاد الشخصيات الحاكمة والدولة وبرامج الحكومة والدعوة لنصرة قطاعات الشعب الفقيرة والحديث عن الاستعمار والكولنيالية والحروب، والانتصار لقوى الثورة ومساندة مصائر الشعب، والحديث عن المشاركة في حركات التحرر كما حدث في بلدان كالصين واسبانيا وكوريا وفيتنام [15].

وتشير الدراسات المسرحية إلى أن  بدايات ظهور (المسرح السياسي)  في الوطن العربي، كان  بعد نكسة يونيو  1967م من خلال عرض مسرحية (باب الفتوح) التي هي من تأليف محمود دياب، ومن إخراج سعد أردش وبطولة عبد المنعم إبراهيم وفردوس عبد الحميد،والتي قدمها المسرح القومي المصري عام 1976 م[16].كما يقرن (عبد الفتاح قلعة جي) بدايات المسرح السياسي في مصر بالمسرح الفرعوني من خلال قصة (إيزيس وأوزريس) . والتي تعتبر من بواكير  التمثيل الديني  الذي يقوم على الصراع حول السلُطة بين الأخوين أوزيروست[17].

وهناك الكثير من العوامل التي ساهمت في عدم استمرارية المشهد السياسي المسرحي العربي، منها ارتباط هذا النوع المسرحي بالكوميديا؛ وكأن المسرح السياسي العربي لا يمكن أن يظهر إلا في أحضان الكوميديا، فمسرح (الشوك) رغم أهميته كتجربة مسرحية، فإنه  لم يكن سوى مشاهد كوميدية تعتمد على نجومية (غوار الطوشة) الشخصية الشهيرة التي كان يؤديها الفنان السوري دريد لحام، والذي يتصف بقدرة هائلة على القيام بالأدوار الكوميدية ذات الطابع السياسي ، ولعل أشهر أعماله مسرحية (كأسك يا وطن).

وهناك المسرحيات السياسية الكوميدية التي قدمها الفنان عادل إمام في مصر التي تنضوي تحت تصنيف المسرح السياسي عام 1995 م [18].

فيما قدم الفنان أحمد بدير مسرحية بعنوان ( دستور يا أسيادنا )، والتي  أثارت ضجة إعلامية رافقت العرض، بعد حجبه من قبل وزارة الثقافة المصرية. وفي الخليج  العربي ظهرت  تجارب مسرحية ذات طابع سياسي؛  مثل تجارب حسين عبد الرضى (باي باي يا عرب) ومسرحيه (سيف العرب)ومسرحية (باي باي لندن). إضافة إلى تجارب غانم السليطي،  مثل مسرحية  (هالو جلف)  ومسرحية  (أمجاد يا عرب) ومسرحية  (أنا ومراتي والإرهاب) ومسرحية (عنبر و11 سبتمبر) …وغيرها[19].

وهناك محاذير كثيرة للمسرح السياسي جعلته متعثرًا في مسيرته الفنية، مما جعل  البعض ينأى عن هذا النوع المسرحي، ويميل نحو المسرح الاجتماعي (المسيس) …ولعل أهم تلك المحاذير التي ترتبط بحرية التعبير في ظل الأنظمة الحكومات العربية الضاغطة، مما يجعل هناك صعوبة عند محاولة  المقارنة بين المسرح السياسي العربي والغربي. نتيجة غياب مقومات المسرح بصورة عامة، والمسرح السياسي بصورة خاصة، ونأمل أن يقوم هذا المسرح بدوره الطليعي الذي رافقه منذ  خمسينيات القرن المنصرم، وخاصة في ضوء المتغيرات السياسية التي تعيشها الأقطار العربية.

وبالرجوع إلى عصرنا الحالي وما يعتمل فيه من  ثورات ربيعية، فإنه يفترض أن يقوم المسرح بدوره الحقيقي لشحن المشاهد بالجرعات السياسية التي يمكن أن تصنع  منه ماردًا، يمكن أن يثور  في وجه الأنظمة القمعية كما ذكر (سعدالله ونوس)[20] في مقدمة كتابه (بيانات لمسرح عربي) [21] .

وينقسم المسرح السياسي إلى ثلاثة أنواع[22]:

مسرح سياسي إصلاحي: يسعى هذا المسرح إلى أصلاح النظام السائد، بطريقة إيجابية بناءه.

مسرح سياسي ثوري: يدعو هذا المسرح إلى استبدال نظرية سياسية بأخرى. ومن أمثلته مسرح برخت الذي ينقل مركز الصراع الدرامي من خشبة المسرح إلى عقل المتفرج – أي إنه يعرض موقفا واقعيا ثم يسلط عليه ضوءًا نقديًّا مما يجعل المتفرج ينتبه إلى مواطن الخلل فيه[23].

المسرح الفكري السياسي الجدلي: يعتمد  هذا المسرح على الإيديولوجية القائمة على الجدل  الفلسفي، دون التزام المؤلف لموقف بعينه. وهو يتخذ موضوع الإيديولوجيا  أو الفلسفة ، والتي يقدمها كافتراض أساسي يتم طرح الصراع وحسمه في إطارهما [24].

ويذكر (عبد الفتاح قلعة جي) في كتابة (المسرح الحديث…الخطاب المعرفي وجماليات التشكيل) إلى أن علاقة السياسة بالمسرح تنقسم إلى قسمين؛ الأول ذات الصلة غير مباشرة، وهو الذي يطرح موضوعًا سياسيًّا، للتعبير عن المشكلات الاجتماعية التي هي نتيجة للأوضاع السياسية القائمة. أو أن تكون مسرحيات ذات صلة مباشرة بالسلُطة في العرض المسرحي بدعاوي إيديولوجية أو توقراطية أو كاريزمية ، مما يستدعي نشوء وعي مسرحي مضاد لنمط السلطة المسرحية[25] .

وتتفاوت الآراء حول دور المسرح بشكل عام، فالمسرح ليس بالضرورة أن يدخل في ملابسات السلُطة الحاكمة، ولكنه قد يقترن بالهم السياسي الاجتماعي، وهو يسعى إلى تفكيك الواقع، وتعريته ورفع أقنعته وفضح مشاكله السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بهدف التعبير عن  القضايا الإنسانية ، وهو  في النهاية يثير أسئلة أكثر مما يضع أجوبة[26] .

وتتباين الأشكال المسرحية التي يمكن أن يلجأ الفنان إليها، فقد تكون نصوصًا مسرحيةً تعالج موضوعًا مصيريًّا .  وسعت التجارب الحديثة في المسرح السياسي على منافسة وسائل الإعلام البصرية  وأنظمة الاتصال الرقمية الحديثة. حيث قدمت عددًا من  التجارب المسرحية الحديثة التي قلصت  مساحات الحوار ، واهتمت بالتقنية بغية صنع لوحة  بصرية تجاري  ركب المسرح العالمي .

ولقد أتاحت التكنولوجيا أفاقًا فنية لم يسبق اقتحامها، مما جعل المسرح يكون قادر  على منافسة الفنون المرئية الأخرى كالسينما والتليفزيون والإنترنت . والمسرح العربي اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى بأن يكون أكثر قدرة  للتعبير عن الموضوعات المصيرية  العربية،  بغية الكشف عن الفساد وتعرية القضايا الاجتماعية المستترة في رحم المجتمع، والتي تحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب عنها[27].

ومن ناحية أخرى، فقد ساهمت (الرقابة)  في إخفاق المسرح في التعبير عن قضاياه ، والتي كانت بمثابة سندان يهدم  بنية العمل المسرحي الإبداعي، والذي يسعى إلى تفكيك فقراته ليتحول  إلى عمل يفتقد  إلى البناء الفني . وهذا ما يجعلنا نشير إلى كيفية استغلال الحريات المتاحة في المسرح العربي، لكون المسرح أحوج ما يكون إلى التحرر من القيود التي تثقل كاهله، عن طريق تقديم  تجارب مسرحية تعكس قضايا المجتمع.

برغم مضي ردح من الزمن على تأسيس المسرح العربي، إلا أن هناك  مزاوجة واضحة  بين التشجيع من عدمه، والتي هي  أحد مظاهر الرقابة، مما كان له الأثر السلبي على إعاقة استيعاب الظاهرة المسرحية، استيعابًا ثقافيًّا واجتماعيًّا شاملاً من قبل المجتمع. كما أوجدت في أوساط المثقفين روحًا منكسرة مهزومة، ظلوا بسببها يشعرون بأن كل حجج الرقابة والأنظمة الديمقراطية أصعب ما تكون. وهذا يجعل الرقابة أيا كانت أشكالها بمثابة المعول الذي ينخر في بنية الأعمال الفنية المقدمة، مما قد يسبب في أزمة حقيقية تحتاج إلى حلول وسطى، خاصة في ضوء ما نعيشه من انفتاح عالمي بواسطة القنوات الفضائية وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة[28].

ويشير محمد عزام إلى أن الرقابة استطاعت أن تهمش المسرح العربي، مثلما حدث في الجزائر عندما أغلقت أبواب معهد الفنون المسرحية،  كما كانت الرقابة في  تونس عاملا مهما في تجميد نشاط المسرح وأفلاسه . وهي ذاتها جعلت  المسرح في باقي البلدان العربية مثل البحرين والأردن والمغرب يكون مغيبا عن الواقع …وذلك بسبب انعدام حرية التعبير فيها، وفقدان الديمقراطية، وتحولها إلى مجرد شعارات زائفة. لذلك لجأ الكتاب والأدباء إلى التاريخ والتراث والرموز والأساطير، واتخذوها قناعا يختفون خلفه عن (الرقابة)[29].

وهناك صعوبة واضحة عند محاولة قياس حرية التعبير في نصوص المسرح العربي،  لكون المسرح ما هو إلا وجه واحد من أوجه الأنشطة الثقافية الأخرى، لذلك كانت هناك أشكال في   الاستدلال على الحريات المتاحة فيها. وإن كان هناك من لا يزال يمني نفسه، بإعطائه مساحة أكبر للتعبير عن  رأيه بشفافية أكثر، بدلاً من القيود التي تحد من حركته، والتي من شأنها تجميد  التفاعل بين الفنان والمشاهد، ومن خلال العروض المقدمة.

وليست بالضرورة أن تكون تلك القيود نابعة من الأنظمة السياسية، ولكنها قد تعكس الأطر الاجتماعية الواهية، التي تشكل حلقة من الصعب الخروج منها، فهناك بعض العادات الاجتماعية السطحية، وكذلك طريقة تفكير بعض الشخوص(لجان تقييم النصوص)  التي تنم عن عدم الوعي والفهم العميق لمعنى الفنون، وهذا بدوره أوجد فريقين من الناس، الفريق الأول هو من يحاول أقناع  نفسه بأنه متحرر ولو بالتقليد الشكلي.. والفريق الآخر يرفض التغيير المطلق! ..وفي كلتا الحالتين ينجم عنهما ضياع البُعد التراكمي للثقافة المسرحية[30].

ختاما، يضج  الواقع العربي المعاصر بالكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يصعب القطع فيها، ولكن أغلبها تدعو إلى الإصلاح والتغيير من أجل حياة كريمة تضمن للمواطن العربي الاستقرار والعيش الكريم.

وعند الحديث عن المسرح السياسي، فإنه لابد من الإشارة إلى المغالطة الناجمة عن اختلاط المفهومين  ” المسرح السياسي” و ” تسييس المسرح” ، حيث الغالب انتشار المسرح المسيس، وغياب المسرح السياسي الحقيقي. نظرًا لتضاءل نسب الحرية لدى المبدعين،  وذلك فيظل لأنظمة السياسية الشمولية السائدة، حيث ينضوى “المسرح” على الأغلب ضمن أطار المؤسسة الرسمية، لذا كان عليه أن يكون عنصرًا مسالمًا، وعليها لابتعاد عن التيارات السياسية اليسارية .

[1]القصابي، عزة،  (حرية التعبير بين الرفض والقبول في المسرح الخليجي) ، ندوة (المسرح والديمقراطية) في مهرجان الكويت العاشر 2008م، ص 5

[2]كرومي، عوني، الخطاب المسرحي: دراسات عن المسرح والجمهور والضحك، السلسلة المسرحية(الدراسات)، الشارقة2004، ص11

[3]القصابي، عزة، ورقة بعنوان  (أثر الفضائيات في الخطاب المسرحي العربي) ، المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجـزائر، يونيو 2007م، ص 4

[4]المرجع السابق، ص5

[5]المهندس، فؤاد، “المسرح السياسي في الغرب ونظيره في الوطن العربي”،
عالمالمسرح http://www.palmoon.net/2/topic-2014-112.html

[6]النصير، ياسين، أسئلة الحداثة في المسرح، الهيئة العربية للمسرح: الشارقة، الطبعة الأولى، 2011م،33

[7]اروين بسكاتور (1893 – 1966) : مخرج مسرحي ألماني، تتلمذ على يد المخرج (ماكس راينهاردت) في المسرح الشعبي الألماني، وهو أحد مؤسسي المسرح السياسي (البروباجندة) أو (الدعاية السياسية) . وأسس مدرسة للتمثيل فيها تحت

اسم :The     Dramatic Work shop)  المدرسة الدراماتيكية التجريبية) .

 [8]عزة القصابي، ورقة  بعنوان :(المسرح والإعلام في الربيع العربي)، الندوة الفكرية (مسرح المستقبل – تغيرات وتصورات )، مهرجان المسرح الأردني  (14-24 نوفمبر 2011م)، ص10

[9]المرجع  السابق، نفس الصفحة.

[10]جيمس روس – ايفانز، المسرح التجريبي من ستانسلافكي الى اليوم، ص64.

[11]صليحة، نهاد، المسرح بين الفن والفكر، هلا للنشر والتوزيع: الجيزة، الطبعة الأولى، 2010م. ص175

[12]االنصير، ياسين، المرجع السابق،35

[13]النصير، ياسين،المرجع السابق، ص32

[14]بودريار، جان (ترجمة : محمد سيلا)، الاشراف: جمال الأبطح، قضايا وشهادات، كتاب ثقافي دوري، (3) شتاء، 1991…ص288

[15]النصير، ياسين، المرجع السابق، ص31

[16]المهندس، فؤاد،المرجع السابق.



[17]قلعة جي، عبد الفتاح، ، سلسلة الدراسات (11)، اتحاد الكتاب العرب: دمشق، 2012م. ص10

[18]عصمت، رياض، ” هوامش مفتوحة على  أزمة المسرح العربي…والكل متهم”، مجلة كواليس، مجلة فصلية، جمعية المسرحيين بدولة الإمارات العربية المتحدة، العدد 23، يونيو 2010م، ص 88

[19]المهندس، فؤاد، “المسرح السياسي في الغرب ونظيره في الوطن العربي”،
عالمالمسرح http://www.palmoon.net/2/topic-2014-112.html

[20]تتمثل  أهمية (المسرح السياسي) كونه يشكل مرحلة ما بعد هزيمة الجيوش العربية عام 1967 والتي سميت بنكسة حزيران ، والتي أشهر  أعلامها  الكاتب المسرح السوري سعد الله ونوس، الذي كتب  أول نص مباشر يتحدث عنها هو  ” حفلة سمر من أجل 5 حزيران” . وقد مثل هذا النص عشرات المرات في عدد من الدول العربية، لينتشر لاحقا كصرخة احتجاج على الأنظمة والتيارات العربية التي قاد فكرها للهزيمة. ..  للمزيد أنظر ص 36 ، كتاب ( أسئلة الحداثة في المسرح)  النصير، ياسين،  الهيئة العربية للمسرح: الشارقة، الطبعة الأولى، 2011م.

[21]سعد الله ونوس،  بيانات لمسرح عربي جديد، دار الفكر الجديد:بيروت، الطبعة الأولى، 1988، ص 42

[22]صليحة، نهاد، المسرح بين الفن والفكر، هلا للنشر والتوزيع: الجيزة، الطبعة الأولى، 2010م. ص175

[23]المرجع السابق، ص186

[24]صليحة، نهاد، المرجع السابق ، ص189

[25]قلعة جي، عبدالفتاح، ، سلسلة الدراسات (11)، اتحاد الكتاب العرب: دمشق، 2012م. ص10

[26]قلعة جي، عبدالفتاح ، المرجع السابق، نفس الصفحة.

[27]صالح أبو إصبع،استراتيجيات الاتصال وسياساته وتأثيراته،عمّان: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، 2005،ص246.

[28]عصمت، رياض، ” هوامش مفتوحة على  أزمة المسرح العربي…والكل متهم”، مجلة كواليس، مجلة فصلية، جمعية المسرحيين بدولة الإمارات العربية المتحدة، العدد 23، يونيو 2010م، ص 89

[29]عزام، محمد، مسرح سعدالله ونوس…بين التوظيف التراثي والتجريب ..دراسة، دار علاء الدين:دمشق، الطبعة الثانية، 2008م.ص200

[30]غلوم، إبراهيم ، ورقة بعنوان ” الرقابة بوصفها ثقافة نسقية”، مقدمة في مهرجان الكويت الثامن 2005م، ص 6-11.

------------------------------------------

المصدر :  مجلة  الخشبة

تابع القراءة→

0 التعليقات:

"صوت".. المجهول على خشبة مسرح الرافدين

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 12, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

صوت الوطن ، الانفجارات ، الحب ، الحرب ، اللقاء ، والفراق ، الشوق ، واللهفة ، الحياة ، وحتى الموت ، جميعها تتمايز بنبراتٍ خاصة ، بعضها ننتظرهُ وأُخرى نهرب منها باحثين عن صوت آخر ، وبين هذا وذاك نعيش على قيد أمل.
هنا وعلى مدى الأربعة عشر عاماً لم يبارح صوت الخوف والموت والخيبات هذا الوطن وهذا المكان ، حيث عاش الكثيرون التمسك بخيط الطمأنينة ولكن يبدو أن الآمال واهمة .
هذا ما جسدته المسرحية العراقية "صوت" للمخرجة نورا طارق ، والتي جسدها كل من الفنانة الشابة صفاء صالح والشاب علي ابو تراب وعازف الاورغن مصطفى طلال . 
وفيما يخص العمل تذكر لنا مخرجته نورا طارق أن "الصوت هو جزء من التعبير عن معاناتنا ، وحياتنا ، وظلمتنا ، التي نحن جزء منها رغم محاولاتنا المستمرة للانسلاخ من هذه الظلمة ."
أضافت مخرجة العمل قائلة "العمل يبحث في كيفية الخروج من هذه المأساة التي نقاسيها ، فمأساة صوت ليست مختصة بعائلة عراقية وحدها بل هي معاناة الكثيرين في دول مختلفة وبيوت مخلتفة وافراد مختلفين ."
العمل الذي تميز بسهولة نصه ، ومباشرته ، وقربه للفرد العراقي ، إلا أنه حمل صيغة فلسفية محاولاً التعالي بأدائه ونصه للوصول إلى جمهور النخبة ، وملامسته الجمهور العام بذات الوقت ، تميز هذا العمل بأداء ممثليه الشباب ، فيقول بطل العمل الممثل علي ابو تراب "دوري في العمل هو زوج محاصر داخل بيت في مدينة محاصرة ، وبانتظار ابنهم الغائب على أمل أن يعود." 
وأضاف ابو تراب  "البيت الذي تم اختياره في العمل يتواجد في منطقة محاصرة وكأنه مقاربة للجبهات ، هذه المنطقة تتعرض لعمليات قصف دائمة  ، كما أن هذه العائلة تترقب صوت رجوع فقيدها الابن ، إلا أن بعد رحيل الزوجة يقرر الزوج القتال من أجل استرجاع كل ما فقده ، في النهاية يتخلل الحياة صوت مجهول فهل هو يا ترى صوت حرية أم موت أم حرب أم ماذا، يبقى الخيار للمتلقي والجمهور ."
بدورها قالت بطلة العمل صفاء صالح ان "العمل يتحدث عن مرحلة مهمة مرت بها جميع العوائل العراقية ، إضافة إلى تفاصيل القلق والخوف والفقدان ، ونجسد المصاعب التي تواجه الفرد العراقي في ظل هذه الظروف ."
وبينت صالح "أن هذا العمل جسد لنا في تفاصيله أنه رغم ما يواجه حياتنا من موت إلا أن هنالك نسبة من الأمل للفرد ، العراقي وهذا ما يجعل الانسان قادرا على إكمال مسيرته ومستمراً بعطائه رغم كل شيء."
العمل مميز ، وللجمهور اراؤه وخاصة النخبة منهم ، حيث تقول الفنانة أحلام عرب ، والتي تواجدت بين الجمهور، إن " العمل شبابي مميز ، فكرته واضحة ومباشرة إلا أن اسلوبه متعالٍ ، وهنالك رقي في طرحه ، رغم أن اللغة ملامسة للجمهور بشكل مباشر ."
وأكدت عرب أن "هذا العمل يؤكد أن للمسرح العراقي جيلا جديدا من المخرجين والممثلين القادرين على النهوض من جديد بالمسرح ، وهذا يبث أمل كبير في العالم الفني العراقي."

----------------------------------
المصدر : متابعة : زينب المشاط - المدى
تابع القراءة→

0 التعليقات:

الحلول البراغماتية وغياب مشروع المسرح العراقي/ د.هيثم عبد الرزاق

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 12, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

اي تجربة من اي نوع كان وفي اي مجال من المجالات الانسانية حتى العلوم البحتة لايمكن اعتبارها تجربة الا بعد وضعها في نظام ، حتى يتم تداولها على مستوى الاجراءات والتطبيق .

لان المشروع او التجربة او الظاهرة تفقد قدرتها على الاتصال والتواصل والانتاج والنمو والتطور والازدهار خارج هذا الاشتغال او تلك القاعدة،  وتصبح التجربة متعثرة ومرتبكة وارتجالية، وبوصلتها لاتؤشر الى اتجاة واضح وصحيح  لتحديد اهدافها.

التجربة تعني وخاصا في العلوم الثقافية الكيان المركب الذي ينتقل من جيل الى جيل اخر ويتكون من( المعرفة-اللغة-المعتقدات-الفنون-الاخلاق-العادات والعرف والتقاليد والقوانين).

 الامم والشعوب والتجمعات مالمست اثار هذه المحاور والتي اصبحت فيما بعد تشكل كيانها الا بعد وضعها في اطار النظام لتداول قيمها في الحياة اليومية والتاريخية والمستقبلية اذا اقتضت الحاجة بعد تأمل اثارها ونتائجها.

هذه الرؤيا لايمكن تصورها الا بتشابك وتظافر التخطيط المؤسساتي المشترك بين الخطابات التي تشكل كيان الدولة واجراءاتها،  وخاصة الخطاب السياسي والخطاب الثقافي،  اذ لايمكن النظر الى الثقافة بمعزل عن السياسة ولايمكن العكس،  لان العملية عضوية ولايمكن ان تكون منقوصة وتتعلق بخطط مستقبلية واستثمارية طويلة الامد تصب بجوهر التنمية (انتاج الموارد البشرية) اي انها لاتحتمل العشوائية والحلول البراغماتية القصيرة الامد،  لان الستراتيجة اذا  لاتضع الخارطة بكل اجزاءها تحت الرؤيا تأكل بعضها على المدى البعيد، اي الجزء المهمل يكون عائقاامام الاجزاء الاخرى لتراص الكيان وتماسكه،فمثلا ستراتيجية سياسة الدولة اذا لا تضع ضمن خططتها ومشاريعها المستقبلية تمكين المواطن وتطوير قدراته الى درجة الاحتراف للتعامل مع كيان الدولة ومؤسساته بشكل أمن سيكون هذا المواطن عنصر تثليم لذلك الكيان واستقراره ويكون ذلك الفرد ثغرة و اختراق لمؤسسات الدولة على جميع المستويات من ادنى استلامه للموقع الاداري الى اعلى موقع تتعلق بشرف وقيم الكيان الاجتماعي للدولة    .

ونحن العراقيين على مدى سنوات طويلة نعاني وسنعاني من فقدان الامن الاجتماعي والثقافي والانساني بسبب   العلاقة العشوائية المتظافرة والمتناقضة بين السياسة والثقافة لتكريس احلام ثقافة الحرب والتعصب والتشرذم والتهجير والاصطفافات الضيقة.

من اجواء هذا المناخ سأثير بعض الاسئلة في ادارة ومناقشة اسئلة المسرح العراقي، باعتبار فكرة المسرح عنصرا اصيلا في كيان عقل الفرد الانسان والمجتمع المدني والامة الناهضة التي تريد التعامل مع المستقبل.

كثيرا مانسمع اسئلة حول المسرح العراقي.

هل هناك مشروع حقيقي في المسرح العراقي؟

هل هناك مشروع مسرحي مابعد 2003 او ماقبلها؟

هل المسرح العراقي يمثل النخبة؟

هل المسرح العراقي يعاني من العزلة؟

هل المشتغلين في المسرح العراقي يعانون التهميش او يشتغلون خارج النظام؟

هل هناك وعي مسرحي؟واسئلة اخرى كثيرة

والكل محقون بتساؤلاتهم بوعي او بدون وعي لأن المسألة تتعلق بسؤال الوجود المسرحي و يعني ذلك سؤال الوعي الانساني  لاي امة من الامم لأدارة وانتاج وتفعيل اهم طاقه في تلك الامة وهي تمكين الموارد البشرية,  ولكن ألا يمكن تلخيص هذه الاسئلة وغيرها في سؤال واحد؟.

لماذا فكرة المسرح وما دوره ومالذي يريد تحقيقة في كيان المجتمع والدولة؟

هل يمارس المسرح لعبا او ترفا فنيا نتسلى عليه عند الحاجة فقط ؟  ام ان فكرة المسرح مقولة اجتماعية منذ ولادتها اصطفت الى جانب وسائل اخرى لتحقيق مشروع دولة المدينة القديمة ومشروع الامن الاجتماعي والثقافي لتلك الدولة؟

وقبل ان اوجة سهم السؤال الحسم او الاخير يجب ان اكرر واشير الى هذه النقطة الحساسة والتي تتعلق بالوعي المسرحي.

ارتبطت وسيلة فكرة المسرح كظاهرة ثقافيه بالتوازنات بحياة دولة المدينة المّدنية وبحياة وثقافة تحريك الموارد البشرية باتجاة تحريض واستثمار طاقة الفرد  لانتاج المسؤولية والتوازن والامن الاجتماعي.  اي ان فكرة المسرح اصلا تتداول مسؤولية التوازنات الاجتماعية بقراءة ديمقراطية لمشروع سياسة دولة المدينة قد يما والدولة المعاصرة حديثا والى يومنا هذا ،    ان فكرة المسرح هي الخطة الشرعية لروح الدولة الداخلية،  هي  اقوى مستشار مؤثرة لتمكين قدرة الفردوالمجتمع على ممارسة المسؤولية الداخلية المشتركة لاختيار النظام لوجوده وهويته  ،  ومن هنا ينطلق سهم  السؤال.

هل المسرح العراقي خارج هذا المشروع ام داخلة؟

المسرح العراقي واستنادا على ما سبق اذن يشتغل خارج مشروع فكرة المسرح الكبير الممتد الى احشاء المدينة والدولة،

وخارج مشروع التخطيط والجدوى والميزانيات, لان ليس هناك تبادل وعي ومطالبة وتخطيط مشترك لمشروع الدولة، بل هناك مطالبات متبادلة براغماتية قصيرة الامد وعشوائية ومزاجية من الطرف السياسي لتحقيق رغبة الطرف الثقافي وشغفه  وألحاحه واحيانا تسووله لاحياء مظاهر ثقافية بأعتقاد المثقف( ان تداوله ضرورة)  بلا تفسير مادي لهذه  الضرورة وبالتالي  بلا تحدي لوعي الخطاب السياسي وفرضيته( بأن الظاهرة الثقافية والمسرحية حالة طارئة على كيان الدولة) وليس جزءا من الكيان، والمسألة في النتيجة النهائية لها علاقة بوعي الخطابين( السياسي والثقافي) اي اننا لا نستطيع نُدين طرف لحساب طرف اخر لان المسؤولية مشتركة .

الوقائع المتناقضة تفسر الظاهرة

لوان اي فرد تجول في العاصمة بغداد سيلاحظ بأن هناك عشرات العناوين واليافطات المكتوبة على واجهة وزوايا البنايات الانيقة تعلن وجود

مركز ثقافي ترفيهي

مركز ثقافي وعلامي

المركزالاجتماعي  الثقافي الترفيهي

المنتدى الثقافي……………والعملية مستمرة

ولكن ماذا تعني هذه العناوين وماذا تدار خلفها، هل ان الخطاب والوعي السياسي التفت بعد غياب دهور طويلة لمفهوم( الدولة المدنية) وعلاقتها بالثقافة التي تعني زراعة وبناء وتمكين وعي الفرد والمجتمع لانتاج الكيان الحضاري والمدني( للمدينة ثم الدولة) كما فعل اجدادنا في اطار الثقافة وعلاقته هذا الكيان ببناءوانتاج الدولة الامنة بوعي مواطنيها، حيث كانوا بوعيهم المزدهرللعلاقة الطردية بين الثقافة والدولة شرعوا للعالم اجمع ليس لبلدهم فقط مجموعة كبيرة من النظم والقيم والتقاليد والاعراف والقوانين والفنون التي تنظم وتنتج وتستثمر طاقة حياةالفرد الاجتماعية في الدولة المدنية، وان اي زيارة لاي متحف في العالم تكشف ادبياتها وملاحمها وتماثيلها وفنونها تجليات المبدعين السياسين لادارةتلك العلاقة الطرديةبين الدولة والثقافةلانتاج النظام والكيان .

الدولة كيان مادي ملموس يتجسد في السلوك والممارست والتبويبات المتوازنة اوهي من نتاج مصنع حكمة العقل لاحياء الاصوات والسلوكيات المتوازنةفي الكيان الاجتماعي

 وقبل ان اعود الى اليافطات والعناوين المنتشرة في بغداد العاصمة علينا ان ننزل الى منطقة اعمق لتفسير تجربة  فكرة المسرح بمشروع الدولة وكيانها.

الثقافة التي تداولتها فكرة المسرح منذ نشأتها لها علاقة بالدولةالمدنيةكمشروع.

(هي تنظيم طاقةالفرد الغريزية في اطار الشرعيةالانسانية الامنة لانتاج الذات والهوية الاجتماعية) .

استثمار طاقة الفرد وغرائزه بأتجاه السلوك الايجابي القائم على الاختيار الحر بعد تفريغ الطاقة السلبية منها  لصالح شرعية المدينة القائمة على الحقوق والواجبات .

قد يقول احدهم . اذن ما هي دور الشرائع والقوانين التي تنظم حياة وكيان الدولة اذا تتكفل فكرة المسرح بالمهمة.

 الحضارات القديمة ناقشت الضمانات الداخلية والخارجية لطاقة الفرد لتنظيم حياة المدينة

القوانين التي تفرض من الخارج لتنظيم الطاقة من جانب،  والمسؤولية التي تولد من الداخل لانتاج كيان المدينة من  الجانب ا لاخر،  حيث ادركت الحضارات المدنية ان زرع وتدريب طاقة عقل ومشاعر وجود الفرد الانساني لتنظيم كيان المدينةاكثر فاعلية وتأثير من فرض القوانين عليه من الخارج،   اي ان زرع وتكريس المسؤولية الداخلية المبررة منطقيا لأستثمارمستقبل الطاقة الايجابية لأنتاج المدينة توفر ضمانات امنة اكثر من الفروض الخارجية وهذا يتحقق بعد ان يصبح القانون والشرعية والمسؤولية جزء من كيان الفرد المواطن لحماية شرعية المدينة منطلقا من شعوره الداخلي المشترك بالمسؤولية ، وهذه العلاقة او المفهوم توفر فرصة للحرية والاختيار وبناء الذات اكثر من الفرص القمعية لانتاج العبودية التي تترك المدينة  بلا ضمانات، لان العبد لا يستطيع ان يحمي نفسه فكيف المدينه وحتى لو فرض علية الكيان حماية المدينة وهو يستعبده فسوف تكون الحماية بلا ضمانات ويشكل العبد ثغرة في كيان الدولة، لان ليس لدية شئ ينتمي الية . لهذا ارتبط فكرة المسرح بالديمقراطية وارتبط بأهمية الفرد، وفي الوقت نفسه ارتبط مفهوم الديمقراطية ب( الناس كأفراد مهمين وليس كقطيع) لهذا السبب امتد المسرح الاغريقي  الى احشاء المدينة وكان يحضر العروض المسرحية التي تناقش القيم والمبادئ والعادات والمفاهيم والسلوكيات( 17) الف مشاهد وكان الذي لا يحضر العرض يعتبر مواطننا غير صالح وخارج الكيان.

 وبعد توسع المدن انتشرت ابنية المسارح على وجه المدن لاصطياد طاقة الفرد الايجابية من الداخل لتنظيم مسؤولية طاقة المدينة الاجتماعية والمؤسساتية، لذلك اصبحت المسارح جزءا من مؤسسات مشروع كيان الدولة لصناعة الانسان وعندما تطورت تكنلوجيا فكرة المسرح تم توزيع المسرح على العائلات والبيوت(التلفزيون)والمحاولات مستمرة بواسطة الثقافة الرقمية لفكرة المسرح لتدريب العقل والمشاعر القادمة على السلوك الكوكبي لادارة الكرة الارضية، حتى السلوك الاستعماري والكولنيالي القديم بدأ يأخذ منحى فكرة المسرح بواسطة الاعلام وشبكات الانترنيت لتقنين سلوك الانسان الفرد في اطار القرية الكونية لتنظيم سوق المصالح والتنافس،   ان تأثير واهميةهذه الوسيلة وعلاقتها بكيان الانسان لأستثمار طاقتةهي التي تبرر هذا الزحف لتفعيل فكرة المسرح منذ ولادة الحضارات والمدن والدول واخيرا القرية الكونية والمخ الكوكبي في المستقبل،   فكرة المسرح ولدت منذ لحظة وعيه الانسان البدائي الاول لأستثمار اهم طاقة في الكون طاقة الانسان والموارد البشرية لتنظيم روح الكيان الاجتماعي من الداخل اي حركة الفعل من الداخل الى الخارج.

مرة اخرى نعود الى العناوين واليافطات وماذا تدار خلف هذه العناوين  في بغداد

ان اي فرد او اي تاجر من تجار تفريغ الغرائز و المتعة والتسليةيريد ان يفتح كباري او مركز ترفيه حسي لايستطيع فتحه  الا برفع عنوان تحت هذه المسميات ، ان الشروع الرسمي لادارة اي ملهى او كباري مرتبط برفع هذه العناوين او اليافطات،  وهذا يدلل  ان الخطاب والوعي السياسي يتعامل مع مفهوم الثقافة على هذا اساس( تجارة وتسويق الغرائز)هذا اذا كان منتبها لذلك

اي ان مفهوم الثقافة مرتبط في لاوعي الخطاب الرسمي بالتسلية الحسية والسقوط واللذة والمتعه( وما دامت الحاكمية حسب اللعبة السياسية قائمة على الفساد) فلا باس ان تدرج تحت هذه العناوين وتترسخ مفهوم الثقافة مع مرور الوقت في ذاكرة المجتمع بالفساد وبذلك تحقق هذه العناوين هدفا مزدوجا لتجليات الوعي القاصر لبناء( الدولة العصرية) بعد اهمال دوره الثقافة الحقيقية.

 ان التنافس بين ابتكار المفاهيم والفلسفات من جهة والمصالح التي تتعارض اجرائيا مع هذه المفاهيم عند السياسين من الجهة الثانية هي التي  حسمت تأريخيا الصراع لصالح السياسي ضد المثقف واخذ هذا الصراع  منحا ملتويا في الذاكرة الاجتماعية بأرتباط اسم المثقف وسلوكه بالبوهيمية والعزلة  هذه الوقائع وغيرها تركت المثقفين لقمة سائغة للاستسلام والتباكي والتحمس واليأس والانزواء والهجره بين فترة واخرى اكثر من التحدي والمغامرة والتواصل التي قد تعرضهم للعقوبة والتهميش ، هذه العلاقة دربهم تاريخيا بوعي او بدون وعي بأنهم خارج الكيان وخارج مشروع  نظام الدولة المفترضة،   لهذااصبح  مردودهم الاقتصادي حتى  الضمانات المعيشية على جميع المستويات( المهنية والاجتماعية والفنية والرسمية) قائمة على الصعلكة وشبية بنظام القبيلة القديمة عندما تطرد منحرفيها،  هذة العملية بالاضافة الى ما سبق دعت المثقفين يقفون وينتظرون على ابواب السلطة السياسية بحيث تنازلو من اصالة دورهم لصالح  مهنة احترافية اخرى (كسب رضا المسؤول على مكاسب قصيرة الامد وطارئة) وادى ذلك الى نسيان دوره الاصيل ومهمته الجوهرية في المشاركة الفعلية لأنتاج مشروع الدولة    .

ويمكن تلخيص مردود ذلك على المثقفين

الضمانات غير شرعية لحماية المشتغلين على هذة المهنة اقتصاديا،  لانهم خارج اطار تخطيط مشروع الدولة المؤسساتي لأدارة موارد الدولة التي تعتبر الموارد البشرية قاعدتها.
المشروع المسرحي ليس جزءا من الكيان المركب للدولة لاعادة قراءة المفاهيم والمعتقدات والقوانين
غياب مفهوم الثقافة  لانتاح حضور الامن المجتمعي و الانساني امام تحديات الحياة المعاصرة والمتمثلة مثلا في الارهاب العالمي الجديد والقمع المحلي.
هذه الوقائع ترك جميع الاطراف يشعرون بالتهديد او مهددة او هي مهددة اساسا، ومليئة بالشك والريبة واللأمان، لان الخارطة منقوصة والكيان اعرج والوعي قاصر لازال يشتغل على الاليات القديمة القائمة على قصور وعى الطرفين لتجاوز الاليات القديمة لرسم خارطة  الدولة الامنة بالمسؤولية المشتركة لصناعة وانتاج الديمقراطية الذي لا ينطلق من العشيرة او الطائفة او القومية او الحزب الواحد بل من المسؤولية الداخلية لحماية وتوفير الفرص للكل بالتساوي لان الوعي يدفعنا الى الاستفادة من الدرس والانتماء الى المستقبل،لأن مسؤولية الدولة تكمن بتوفير البيئة الامنة والفرص المتساوية لانتاج المواطن المتوازن الذي لايهدد الكيان ويصبح ثغرة فيها،   مهمة الدولة ليس التعادل مع الماضي لتنفيذ انتقامات متوالية منذ عهد الملك المسحول في الشوارع،  النظام يتجاوز الماضي بسلوك المستقبل و الذي يوفر الفرص للجميع في حماية نظام الدولة هو الذي ينتمى للامن والازدهار. ان ألية الانتماء العشائري  لطرف دون الاخر او للسياسي دون المثقف او…او… سوف تبقى النظام اسيرة التهديد والخوف والظلال ،واذا ظل وعي الاطراف بهذا المستوى وبنفس الالية القديمة التي لا تستطيع ان ترى ابعد من نفسها بلا قراءة واعية للدرس القديم ونتائجه سيبقى التهديد قائما لكل الاطراف دون استثناء وان السلطة والقوة والمال لوحدها لا توفر الامان كما هو معروف بل توفر العبودية لأن الخوف بعد قمعي لسعادة الانسان .

هذه الوقائع مثلا لم تترك اي  دورللمثقف، واضعفت اتصاله بنفسه وذاكرته، وانقطع اتصاله بأنتاج سؤاله الوجودي والمساهمة بقراءة  وانتاج  ذاته في اطار المعطيات المحيطة بتلك الذات،   وبالتالى وهنت قدرته وكفاءته على ملاحظة الحياة المحلية وانتاجها،  وستتركه هذه الوقائع ضحية لنفس التداول القديم بعزل نفسه اختياريا من ملاحظة وابتكار واقعه،بتكريس موهبة وقدرتة لتداول  المفاهيم المستوردة والجاهزة يتبادل مع زملاءه فضلات الحداثة ومابعد الحداثة،  اي انه يبقى عائما في حلقة الطواف المفاهيمي الاعزل الخالي من الاجراءات والاتصا ل والتواصل المنتج لسؤال وجوده المضطرب الذي يفترض ان يتولى مهمته كجزء من كيان انتاج الدولة العصرية،   واجزم انه نسى هذه المهمة الابداعية والانتاجية لسؤا ل وجوده لصالح الاستهلاك المفاهيمي التي تجعله يتباهى بالتنافس مع زملاءه على انه افهم من غيره على ادراك ما ينتجه الاخر لذلك ابتكر لنفسة   احتفلات خاصه يتسول ريعها من المسؤلين السياسيين لتكريم تاريخ بعضهم البعض على ايهما اكثر  تداولا للمفاهيم واستهلاكها.

هناك قاعدة ذهبية تقول

ان ثروة كل امة تعتمد على حالتها الثقافية.

الدولة التي تروم الازدهار والتي لها مشاريع مستقبلية حقيقية لصناعة وانتاج الدولة بالمواصفات المعلومة والمعاصرة  تضع في حسابها ميزانيات كبيرة للاستثمار الأمثل  لطاقة الفرد لأدارة المجتمع والدولة،  لان طاقة الفرد في اطار التنظيم والانتاج المجتمعي من اهم الموارد الانتاجية لادارة مفهوم الدولة،  ولايتم ذلك الا بواسطة التخطيط والبرامج الثقافية لتوفير فرص امنة ومتساوية وسليمة لادارة ذلك الأنتاج ،  ولايمكن ادارة موارد الدولة الا بفعالية المواطن الماهر المهني الذي يستطيع التعامل مع موارده ومؤسساته بحرفية.

وخلاصة ثقافة فكرة المسرح هي زراعة البذور في روح الفرد لانتاج المواطن المحترف الذي يستطيع ان ينتج ذاته في اطار تعامله المسؤول والمتوازن مع مؤسسات الدولة المدنية فالمسأله مرتبطة بانتاج(الذات) وكيفية حضور الذات فرديا في اطار المجتمع.

نعود مرة الاخرى الى السؤال القديم الجديد.

هل المسرح العراقي كوسيلة فعالة ومقترح اجتماعي وفني الى جانب وسائل المؤثرة الاخرى(التلفزيون ،صناعة البرامجيات) جزءا من كيان المشروع المتكامل لانتاج حضور وصورة امن الدولة المدنية القادمة.

المظاهر المسرحية تعلن عكس ذلك.

1-مهرجانات عشوائية حدوثها مفاجئ مزاجي بلا تخطيط.

2-دعم مزاجي وعشوائي بلا تميز حرفي وبمعزل عن جدوى المردود الانساني والاقتصادي على جميع المستويات.

3 الفراغ الاكاديمي لدراسة فعالية الثقافة لتحقيق الامن السياسي والاجتماعي

4 التعامل مع المفاهيم فقط بمعزل عن الاجراءات الدورية لادامة وتنفيذ المشاريع بمؤسسات ذات طابع شرعي.

5 فراغ المدينة او الدولة من السلوك المؤسساتي بشكل عام لانتاج ثقافة فكرة المسرح وتفعيله.

6 الخوض في المغامرات المسرحية المعزولة عن المشروع المفترض للدولة الديمقراطية القادمة.

7- خلو المدينة من مراكز ومرافق بعناوين ويافطات حقيقيه لانتاج الانسان المواطن الذي يبدأ بنفسه( مسؤوليه انتاج وجوده  المؤسساتي في الدولة المدنيةالمعاصرة)

هذه المظاهروغيرها والتي تعمل خارج مشروع بناء الكيان، وضعت المسرح خارج الخطه السنوية للانتاج والاستثمار والتنمية البشرية ومهاراته للاندماج والمشاركة وتركت الفرصة للمؤسسات المدعومة بتخطيط مضاد لشرذمة الامن الاجتماعي والسياسي. وهذه ادت الى

1 حروب وشك ومؤامرات وتشتت في المجتمع السياسي بشكل عام وفي المجتمع الثقافي والمسرحي بشكل خاص للتنافس على الفرص المزاجية والدعم المؤدلج .

2 معترك ومهام ثقافية ومسرحية كبيرة تديرها قابليات ضعيفة.

3 غياب الرؤيا السياسية للمثقف المسرحي كونه جزءا من مشروع كيان الدولة المد نية

4 الانشغال غالبا بنتائج اللعبةالتقنية للمسرح بمعزل عن الرؤيا الاجتماعية والسياسية المتكاملة

5 تصدير الهموم الافقية والسطحية للمجتمع كما هي في الشارع بلا بحث عمودي لاعادة القراءة المتوازنة والهادئةوالعقلانية للتابوهات المعطلة لمسار المجتمع المدني.

6 تحول الدعم المسرحي والانتاج الثقافي الى حالة شبية وقريبة من ا لتسوول الثقافي.


--------------------------------------
المصدر : المعاصر 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9