أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، أغسطس 05، 2016

مسرح عالمي : مشاكل الراهن في مسرحية 'الوساطة' تتناوب بين هزل وجد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أغسطس 05, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

من بين المسرحيات المسلّية “الوساطة” للفرنسية كلووي لامبير التي تعرض الآن في مسرح الجيب بمونبرناس، أحد الأحياء الفنية التاريخية بباريس، رغم أنها تتناول موضوعا أبعد ما يكون عن التسلية، وهو اختيار مَن يرعى الأطفال عند الطلاق، ولكن المؤلفة استطاعت أن تقدمه في شكل يجمع بين الهزل والجد، لتطرح القضية من عدة زوايا تجعل المتزوجين يفكرون أكثر من مرة قبل الإقدام على الخطوة الحرجة.

عرفنا كلووي لامبير (المولودة عام 1976 بمرسيليا) ممثلة تقمصت أدورا في عدة مسرحيات لكبار المؤلفين كألفريد دو موسيه وماريفو وأوسكار وايلد وشكسبير، توجتها بجائزة سوزان بيانكيتي عن دورها في مسرحية “الآخر” لفلوريان زيلر.
وعرفناها أيضا مخرجة لنصوص هامة مثل “الغرب المنفرد” للأيرلندي مارتن ماكدوناف و”الرابط” للفرنسية أماندا ستير، وبعد أن قدمت على أمواج فرنسا الثقافية، إعدادا وتمثيلا، مراسلات أناييس نن وهنري ميلر، ها هي تقترح “الوساطة”، وهو نص من تأليفها وإخراج جوليان بواسولييه، وتقوم فيه أيضا بدور “أنّا” الزوجة والأم.


الحل في الحوار

اختارت لامبير ثيمة الوساطة العائلية لتبني مسرحية تستكشف مواضيع جدية بأسلوب مفعم بالنشاط، حيث الشخوص مضخمة الملامح، والنسق سريع، والتقلبات حاضرة عند كل منعطف، والفكاهة تتناوب بين اللين والشدة، وتجعل المتفرج موزعا بين المرح والتفكير.

على الخشبة أربعة أفراد يشخصون بأنظارهم إلى أرخميدس، طفل في سن الثالثة، هو مدار المسرحية دون أن يكون حاضرا سوى من خلال كرسيّ شاغر يرمز إليه، ولوح في الخلفية كتب عليه اسمه، وكأنه جعل كحدّ فاصل بين الأب من جهة والأم من جهة ثانية، وفيما تتولى وسيطتان الحديث

باسمه، والدفاع عن مصلحته وطيب عيشه، يكشف الوالدان، رغم إلحاحهما على راحة ابنيهما، عن مدى إحساسهما بالضيق وعدم الأمان.

بيير، والد الطفل، يبدو أكثر الأربعة غلوّا، وأقلهم واقعية، فهو رجل صبيانيّ، زير نساء، وباحث مهووس بالديناصورات، ولا يقدّم صورة أب مثالي تطمئن إليه الأسرة، ولو أنه يضفي على المسرحية طابعها الهزلي، بفضل كلامه المنمق، وتعاليه المتكلف، وحركاته التي يحرص أن تجري بحسبان.

أما أنّا، طليقته وأمّ ولده، فلها هي أيضا بُعد عبثي، حيث تبدو في الظاهر أمّا رؤوما تحبو ابنها من العطف ما يجعلها تدافع عن مصلحته بشراسة، ولكنّ عواطفها النبيلة تلك تتكشف شيئا فشيئا عن شخصية امرأة تريد أن تتحكم في كل شيء، ما يترك انطباعا بأننا لا يمكن أن نثق في نزاهتها.

وبما أن الوساطة ناجمة عن خلاف، تبدو الأنفس حامية ومرتبكة، ويكثر التنقل على الخشبة للدلالة على حدة الخلاف بين المواقف، ومدى الأنانية التي تسيطر على هذا الطرف أو ذاك، إلى حين تدخل وسيطة رصينة تؤمن بأن النزاع يمكن أن يُحلّ عن طريق التحاور والإقناع.

الديكور في المسرحية ظل ثابتا لا يتغير، لكن الشخصيات تتطور وتنتهي إلى التخلص من الحزن المشوب باليأس والغضب الحانق
ولئن استعصى على أنّا وبيير أن يتفاهما، فليسمع كلّ منهما الآخر، لأنهما جاءا إلى هذه الشقة المؤجرة من أجل ذلك، ولكنهما لا يتوجهان إلى بعضهما بعضا، بل يصرّان على المرور عبر شخص آخر، ولتقريب وجهتي النظر، لا بدّ للوساطة أن تنجح، وذلك في الظاهر عصيّ المنال، فكلاهما يحمل ضغينة على الطرف المقابل. أنّا تحقد على زوجها لأنه خانها ثم هجرها ولم يكمل الرضيع شهره السادس، ووجدت صعوبة في تحمل أعباء تربيته بمفردها.

أما بيير، فيحقد عليها لأنه يحس أنها تضطهده وتخنق أنفاسه، وإذا كانت حياته تحوم حول الديناصورات، فهو يحلم بأن يشاركه ابنه فيها.

ورغم ذلك لا بدّ للوساطة أن تنجح، لأن للزوجين ثلاث حصص (هي فصول المسرحية الثلاثة) كي يتفقا على حلّ يقترحانه على القاضي، غير أن الوسيطتين مختلفتان هما أيضا، وتجدان صعوبة في الالتقاء حول حلّ مُرْضٍ.

وإزاء هذه الشخصيات، لا يملك المتفرج إلاّ أن ينساق مع هذا الجانب أو ذاك، فالوساطة، رغم ما يراد لها من حياد، تقيم الدليل على أن من الصعب في مثل هذه المسائل أن يحتفظ المرء بموضوعيته.


جدل عنيف

إن ظل الديكور ثابتا لا يتغير، فإن الشخصيات تتطور وتنتهي إلى التخلص من الحزن المشوب باليأس والغضب الحانق، أما المتفرج، فيخرج من هذه “الوساطة” مفرغا، ولكن مرتاح البال، وكأن الأبطال حملوا وزره في حل مشكلة قد يكون عاشها أو بصدد التخبط في شراكها.

من وضعية مؤلمة، استطاعت كلووي لامبير أن تستخلص كوميديا أخلاقية حديثة، تحيل على تطور المجتمع المعاصر، وبين التوتر الدرامي للجدل الصاخب إلى حدّ العنف، وضغينة المتحاورين ضد بعضهم البعض، تتوسل المسرحية بالطرافة والانفعالات التي تكشف عن أشياء حميمة من جهة، وعن عدم الإحساس بالأمان بين الأزواج من جهة أخرى، لأن كل شيء قابل للقطيعة في أي لحظة، بسبب تضخم أنا الزوج أو الزوجة أو كليهما.

هذه المسرحية الخفيفة تسلّينا، وتحملنا أيضا على التفكير، وسلوك أبطالها يبدو لنا مضحكا، لأننا ننظر إليه من الخارج، ولكن لو نظرنا إلى أنفسنا في المرآة في مثل تلك المواقف، لبدونا نحن أنفسنا مثيرين للضحك، بسبب تعصبنا في اتخاذ مواقف، لا نريد أن نتراجع عنها ولو كنّا مخطئين.
--------------------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب

تابع القراءة→

0 التعليقات:

مسرحية 'نايضة' مغامرة مغربية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أغسطس 05, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

المسرحية تحكي أحداث الحياة المتسارعة واللهاث اليومي للعائلات لمواكبة آخر صرخات التكنولوجيا الحديثة التي شغلت المجتمع.

قدمت فرقة ستيلكوم المغربية مسرحية” نايضة ” وهي من إخراج أمين الناسور وتأليف عبدو جلال، وهي أول تجربة إخراجية احترافيّة للمخرج الناسور. وقد نالت المسرحية إعجاب الجمهور في عدة مدن مغربية عرضت فيها، وآخر عروضها كان على خشبة مسرح محمد الخامس بمدينة الرباط.
وقد فازت المسرحية في نهاية العام الماضي بالجائزة الكبرى للدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح، التي نظمتها وزارة الثقافة المغربية بمدينة تطوان.

مثل أدوارها، فريد الركراكي وزهير بنجدي. وقدمت الفنانتان وسيلة صبحي التي أجادت تمثيل دور الحماة النكدية، وهاجر الشركي التي قدمت دور الفتاة المتبرمة، وقد حصلتا على جائزتي “أحسن تشخيص إناث”. وكذلك حصل زهير بنجدي على جائزة “أحسن تشخيص رجالي” فيها. وحصلت الفنانة نورا إسماعيل على جائزة توظيب الملابس للممثلين. وحصل مؤلفها عبدو جلال على جائزة أفضل تأليف، ونال مخرجها أمين الناسور جائزة الإخراج في الدورة السابعة عشرة للمسرح للمهرجان الوطني للمسرح المغربي.


التغريب واللامعقول

بالرغم من الإقبال الجماهيري لمشاهدة مسرحية “نايضة” وحصولها على جائزة كبرى من بين العديد من العروض المسرحية المغربية الأخرى، إلا أنها تبقى تجربة فيها خروج على المألوف المسرحي المغربي. فالتغريب طال النص المسرحي، وكذلك هيمن على المعالجة الدرامية للنص.

ومن يشاهد المسرحية يستطيع بقليل من الملاحظة أن يرى تأثيرات مسرح العبث (اللامعقول) على النص والمعالجة. و”نايضة” ذكّرتنا بمسرحيات يوجين يونسكو، مثل “الملك يحتضر” (1962) و”المغنية الصلعاء” (1963) ومسرحيات صموئيل بيكيت، مثل “اللعبة” (1963) و”بانتظار جودو” (1968).

وطبعاً ثمة فارق الكبير بين ما قدمه الفيلسوفان والمسرحيان الكبيران، يونسكو وبيكيت، وما قدمه المخرج المغربي الشاب أمين الناسور.

وقد جاء تأثر الأخير واضحاً في عمله الإخراجي الأول بهذا النوع من المسرح، من خلال السينوغرافيا والملابس والديكور الرمزي، وحركات الممثلين، وتأدية الممثلين لحركات المهرجين، والمؤثرات الصوتية، وتقديم اللوحات الراقصة الرمزية، واعتماد النص السخرية من عبثية أوضاع الحياة، وبذات الطريقة، المستخدمة في مسرح اللامعقول. وتناول النص شخوصاً يعيشون فردانية حقيقية، وقلقاً لا حدَّ له في عائلة متصارعة لا رحمة في قلوب أفرادها.

(نايضة) تقول كل شيء عن العائلة، وهي تعلن من خلال أحداثها تشرذم العائلة المغربية، وفوضى حياة الناس الحديثة

حركات إيمائية

تحكي أحداث المسرحية أحداث الحياة المتسارعة واللهاث اليومي للعائلات لمواكبة آخر صرخات التكنولوجيا الحديثة، التي شغلت المجتمع. والمسرحية تبدأ برقصة سريعة جداً للممثلين، وهم يؤدون حركات مهرجي السيرك. حركات فوضوية لا لياقة بدنية فيها، لنساء ورجال، كأنما تحكي عن الحركات المكررة اليومية للإنسان الحديث وهو يمارس عاداته وطقوسه من أكل وكلام وركض دائم للحاق بالآخرين.

كما أن اسم المسرحية “نايضة” وهي مفردة متداولة في اللهجة الدارجة المغربية، وتعني الحماسة الشديدة لتحقيق أمر ما، والحركة الدائمة التي لا تهدأ لحظة. ولذلك ظهر الممثلون في بداية المسرحية يؤدون حركات راقصة في غاية الرداءة والفوضوية والسرعة، وقد أظهروا على وجوههم أسوأ أنواع التَّكشِيرات البشرية الغاضبة.

كما أن العازف على الغيتار ياسين الترجماني، الذي ظهر في بداية المسرح، كان يردد بلسان ملتو كلمات ساخرة، وأبياتاً شعرية للمتنبي قال فيها “الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفُني/ والسيف والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ”.

وطبعاً لا علاقة جوهرية لهذه الأبيات بما يدور في المسرحية من أحداث، لكنه الإغراق في اللامعقول الذي تبناه المؤلف والمخرج في مسرحية “نايضة”، وهي محاولة للتمهيد لمواقف عبثية تدور أحداثها من خلال عائلة السيد علي، وما يدور فيها من صراعات لقيادة العائلة.

وإظهار معاناة الجدّين مع كل جديد لا يفهمانه فيها، وصراع الأجيال، وصراع الإنسان مع نفسه، وصراع الأب والأم وإظهارهما وهما يتبادلان الشتائم أمام الأبناء. وزوجة الابن التي تعمل المكائد للآخرين، لتفرض نفسها وتقمع الآخرين، ولا يتورع الأب عن صفع الأم، والابن المشاكس لا يتورع عن التحرش بنساء العائلة.

و”نايضة” تقول كل شيء عن العائلة، وهي تعلن من خلال أحداثها تشرذم العائلة المغربية، وفوضى حياة الناس الحديثة من خلال أحاديث فوضوية لا رابط لها، وأحيانا تتحول الكلمات إلى أصوات لا معنى لها. وتتحول بعد ذلك إلى حركات إيمائية تذكرنا بعصر السينما غير الناطقة، التي يتم فيها جمع الصور للممثلين عبر العديد من اللقطات لخلق الحركة المطلوبة عند تحريك الصور بسرعة أمام الناظر.

مسرحية (نايضة) هي تجربة أولى للمخرج الشاب أمين الناسور وتعتبر قفزة في الهواء لا يمكن معرفة نتائجها المستقبلية عليه

نايضة ثانية

مسرحية “نايضة”، هي تجربة أولى للمخرج الشاب أمين الناسور وتعتبر قفزة في الهواء لا يمكن معرفة نتائجها المستقبلية عليه كمسرحي تخرّج من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالمغرب ليمارس عمله الاحترافي. وكذلك فهي خروج على المألوف المسرحي المغربي، والناسور معنيّ قبل غيره من المسرحيين بتقديم مسرح ينتمي إلى جذوره المسرحية المغربية أولاً، وأنْ لا يهوّم بعيداً مستلهماً مدارس مسرحية غربيّة، كان لنشوئها ظروف موضوعية وتأريخية معروفة في المجتمعات الأوربية ولا علاقة لها بالمجتمع والأسرة المغربية.

والغريب أن المؤلف عبدو جلال اختار لنصه عنوان “نايضة” وهو اسم لمسرحية مغربية أخرى من تأليف أحمد أمل وإخراج إدريس السبتي، قدمتها فرقة مسرح نادي الأضواء في العام 2013 ونالت الدعم المالي لها من صندوق الدعم التابع لوزارة الثقافة المغربية. وقدمها التلفزيون المغربي في القناة العمومية قبل شهور قليلة. وتشابه الأسماء بين المسرحيتين يثير الكثير من اللّبس لدى الناس والمهتمين، فهل عدم المؤلف أنْ يجد اسماً آخر لمسرحيته؟

وقد أُهدي العرض الأخير للفرقة الذي تم تقديمه على خشبة مسرح محمد الخامس في مدينة الرباط نهاية مارس 2016 إلى روح، الممثلة لبنى فايسكي التي أُصيبت بغيبوبة بسبب مرض الربو، الذي كانت تعاني منه منذ طفولتها. وقد توفيت بعد أيام قليلة من غيبوبتها في أحد مشافي مراكش. وقد كانت الفقيدة من أبرز ممثلات مسرحية “نايضة” وقدمت الدور بدلاً عنها الفنانة هاجر الشركي.

-----------------------------------------------------
المصدر : فيصل عبدالحسن - العرب

تابع القراءة→

0 التعليقات:

مسرحية "ستربتيز" عرت الواقع العراقي وناقشت تحولاته

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أغسطس 05, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

 اثارت  مسرحية ستربتيز (striptease) على خشبة المسرح الوطني ببغداد اعجابا الكثير من المتلقين على اختلاف مستوياتهم الثقافية لانها استطاعت ان تعري الواقع العراقي باسلوب جميل.

 على مدى خمسة ايام متتالية ، قدمت فرقة مسرح بغداد للتمثيل ،وبالتعاون مع دائرة السينما والمسرح مسرحية (ستربتيز)  تاليف مخلد راسم وفكرة واخراج الفنان علاء قحطان. سينوغرافيا علي محمود السوداني. ومن تمثيل احمد شرجي وياسر قاسم ووسام عدنان وهند نزار وعامر نافع ،التاليف الموسيقى للفنان زيدون حسين . والإدارة المسرحية لمحمد سامي والفوتوغراف للففنانين الحسن فهمي ونبيل الاسمر .وتصميم البوستر للفنان سيف مضاء .
تناولت المسرحية حكاية عائلة عراقية تعاني من تفكك افرادها ، فالعلاقات الاجتماعية فيما بينهم سيئة جدا وكل فرد لديه طموح خارج حدود الجماعة فيما الاب غير قادر على ان يفعل شيئا لاعادة الاسرة الى ارتباطها ، ومن خلال ذلك وعبر الحوارات التي تجري بين الاب والاولاد الثلاثة والبنت يجري التطرق الى الواقع الحياتي للانسان العراقي على مختلف الاصعدة لاسيما تأثيرات الحروب والفساد والسياسة التي ادت الى ان يتحول الانساني العراقي الى وحش !!، وحيث تجتهد المسرحية في تعرية الذين تصدوا للحكم بعد عام 2003 والذين خذلوا الناس واوصلوهم الى اسوأ الاحوال.
يجب الاشارة الى الاداء الرائع للممثلين الذين اجتهدوا في تقديم ادوارهم لاسيما الفنان الكبير احمد شرجي الذي تألق في تجسيد شخصية الاب الحائر المشتت المرتبك الذي لا يقوى على ان يلم شمل اولاده او يجعلهم ينصتون الى ما يقوله وان كان في مصلحتهم .

نمط جديد 
 فقد اكد الفنان سنان العزاوي ان موضوع المسرحية مهم واختيار المخرج له جريء، وقال : العمل بمثابة مواكبة لتفاصيل العائلة العراقية غير المعلنة في الشارع العراقي ،فهناك الكثير من العوائل العراقية اصابها التفسخ باعتبارنا مجتمع اسلامي منغلق احيانا ولا نستطيع طرح هكذا مواضيع بشكل مباشر.
واضاف: هذا التفسخ لم يأت بشكل اعتباطي بسبب ما مر به الشعب العراقي من حروب كثيرة وحصار اقتصادي تركت تبعاتها وهذا لا يزول بليلة وضحاها ، والاهم من هذا اننا نواجه قضية خطرة جدا في المجتمع العراقي وهي هبوط نسبة الانسنة عند الفرد العراقي وصعود نسبة الحيونة ، وبالتالي كل شعوب العالم تأكل لكي تفكر بينما نحن نفكر كيف نأكل وهذا ما ادى الى تفسخ العلاقات الاجتماعية حتى في داخل البيت الواحد حيث كل واحد انشغل بهمومه ويفكر بيوم غد لكي يحصل على لقمة عيشه منه، هذا من الجانب الفكري .
وتابع:اما على صعيد الاشتغال المسرحي فأنا متابع للعرض خلال ايامه الخمسة، وأود ان اقول ان المتلقي العراقي لم يتعود على هكذا لا نمط بل متعود على تلقي نمطي ومتعود على مفهومية الاداء الجاهزي الانفعالي، هنا توجد قراءة ما بين السطور في الاداء والتمثيل وهناك رؤية مغايرة في تأسيس الصورة المشهدية على صعيد ايقاع المشهد وحركة المشهد ،فالايقاع ليس حركة (ميزانسية) وايقاع حركي ولا هو ايقاع صوتي لدى الممثل ، فالاشتغال كان مغايرا ،وبالتالي اصبح اختلال بين المرسل والمرسل اليه  ،اي قلت المسافة الجمالية بين العرض والمتلقي ، فالمتلقي العراقي غير متآلف مع هكذا نمط ،وعلينا ان نثقفه على هكذا عروض بشكل مستمر وليس على مستوى تجربة او تجربتين .

كشفت الحرية والارادة
اما الفنان والناقد سعد عزيز عبد الصاحب فقد حيا ملاك عمل المسرحية لروعة ما قدموه ،وقال :يشي مدلول العنوان بأننا سنكون امام عرض مسرحي تسكنه (الفضيحة) بوصفها عنصرا مهيمنا يكتسي به المضمون والشكل المبنى والمعنى على حد سواء ، طالما نحن امام تجرد وتعر مطلق كما يعبر العنوان ، فكل شئ مباح يغري التلقي بتوقعه منشدا اليه بطريقة العرض show واليات تمسرحية (تقديمية) وليس (ايهامية)، فجاء المتن الحكائي منفتحا على (الاسرة) وعلاقاتها التي تختزل تاريخية المجتمع ، والتي دعى اليها (هيغل) في قراءته للميراث الدرامي الاغريقي ،بوصفها تجمعا صغيرا متاثرا بالمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعصف بالمجتمعات ومعيارا لقياس هذه التغيرات .
واضاف: ان هيكل المبنى المسرحي الذي تأسس في نص /عرض مسرحية (ستربتيز) يقوم على تكرارية لالبومات لنصوص سابقة خاصة على صعيد الحكاية ، تحاول جاهدة ان تحيط وتصور مجريات الاحداث السياسية والاجتماعية ومتغيراتها بعد عام 2003 بشكل عام شمولي بانورامي دون الاخذ بمقطع عرضي واحد على الاقل لهذا الزمن الواسع بتحولاته السسيوـ ثقافية المتسارعة وسبر اغواره لفضحه والكشف عن مضمراته .. ولا اجد ضيرا في ذلك فشكسبير يضغط حقب وسنوات مديدة في نصه المسرحي ولكن الاهم هو كيفية ادخال الزمن الواسع في حبكة محكمة البناء . وعلى الرغم من كل الملاحظات اشر العرض بشجاعة بالغة للكثير من المشكلات والعلل الاجتماعية كمشكلة (الحرية) و(الارادة) ووجهة النظر الواحدة ، والراديكالية الدينية المتطرفة ، وقبول الاخر مهما كان توجهه الايديولوجي ولونه وجنسه ودينه ...انها بحق علل ومشكلات عضوية حقيقية تغزو وتنخر جسد مجتمعنا وحواضن دافئة تفقس افكار الارهاب والتطرف والعنف..
وتابع:احيي بشدة الممثلين جميعا لوثوقهم بان المسرحية لا تنتهي بنهاية العرض الاول فهي فضاء لا نهائي مفتوح على الحوار والاقتراح والاخذ والرد والهدم والبناء ، وصولا لصيغة مقبولة من الجميع ، اشد على يد المثلين احمد شرجي لوضوح صوته وثباته على الخشبة وضبطه لكاركتر الشخصية الصوتي والحركي وكذلك ياسر قاسم لحضوره اللافت في اداءه لدور الابن الراديكالي ووسام عدنان في اداءه للابن الرومانسي العلماني ، وهند نزار لحركتها الرشيقة ووضوح جملها المنطوقة وصمتها المعبر واخيرا اخر العنقود في العائلة عامر نافع لسلاسة حضوره وفهمه لابعاد دوره وتبنيه مهما كان قصيرا .

حبكة مسرحية مرموقة
من جانبه قال الناقد المسرحي طه رشيد: المسرحية جملة وتفصيلا ليس لها علاقة بالعري الجسدي إلا انها تغوص عميقا في الواقع العراقي وتخرجه إلى العلن بحبكة مسرحية مرموقة وتنشره على حبل غسيل، بطريقة إخراجية فيها من التألق والإبداع الكثير، أمام الجميع من خلال كشف العلاقات المتشابكة داخل العائلة العراقية بين الأب ( الفنان د. أحمد شرجي يقوم بدور الأب بعد انقطاع عقدين عن خشبة المسرح الوطني بسبب غربته التي أثمرت عن شهادة عليا في الفنون المسرحية) وأبنائه الأربعة: الفنانون الشباب ياسر قاسم وهند نزار وعماد نافع ووسام عدنان.
واضاف: هذه المجموعة من الشباب تأليفا واخراجا وتمثيلا وسينوغرافيا ( المبدع علي السوداني ) آمنت بالدور التثقيفي للمسرح، وامنت بأن للمسرح رسالة إنسانية لا بد من إيصالها إلى الآخر، وأن المسرح هو اهم وسائل إعادة إنتاج الوعي إلى المتلقي وليس ساحة للعب او التطهير فقط. وبان المسرح، اخيرا، يستطيع ان يشكل سلاحا مرادفا للبندقية التي يحملها أبناء القوات المسلحة وابطال الحشد الشعبي ومقاتلو البيشمركة وكل الغيارى على هذا الوطن، الذين يقاتلون قوى الإرهاب الظلامية سواء كانت المدججة بالمفخخات مثل داعش، او من تلبس فكرها ولا يريد للحياة ان تورق عن حدائق وزهور.

 تعرية الواقع
الى ذلك اكد مخرج العمل علاء قحطان وقال : ببساطة شديدة لمن لا يعرف (ستربتيز) هو يعني الرقص حد التعري ، انا فككت المصطلح ، ونحن انطلاقا من مفهوم التعري ، انا اعتقد اليوم ان نسمي الاشياء بمسمياتها، اي ان نعري كل الاشياء، فليس من المنطقي ان الوضع العراقي لم يستقر منذ 2003 الى هذه اللحظة ولا لدقيقة واحدة ، وعليه يجب ان نعري .
واضاف: ستربتيز .. كانت تعرية على جميع المستويات ،للسياسة، للثقافة، للدين، للفكر ، للانسان نفسه ، ستربتيز تناقش الوحش الموجود داخل كل انسان ، هذا الوحش الذي ظهر بعد 2003 ،فكانت الاسئلة كبيرة مجسدة في هذه العائلة المفككة والتي توجد التقاطعات بين افرادها وام .. تخرج من البيت ولم تعد.
وتابع: ما اردنا ان نقوله ان هذه العائلة هي الوطن لكن الرسالة المهمة التي اردنا ان نقولها ان بغداد لن تتعرى والعراق لن يتعرى بل ان من يحكمون العراق هم الذين سيتعرون.
وختم بالقول: خلال ايام العرض الخمسة كنت سعيدا بحضور الجمهور الكبير لمشاهدة العرض وهو جمهور مفرح حقا وكنت اتمنى ان اقدم العرض لعشرة ايام او 15 يوما كي نعوّد الجمهور  بدل العرض ليوم واحد او يومين .

-------------------------------------------------
المصدر :عبد الجبار العتابي - أيلاف

تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9