أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأحد، يناير 01، 2012

مسرحية " هدنة " التونسية تمثل الرؤية الأنسانية / منصور عمايرة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, يناير 01, 2012  | لا يوجد تعليقات

مسرحية " هدنة " التونسية تمثل الرؤية الأنسانية / منصور عمايرة  

الكاتب الأردني منصور عمايرة

 مسرحية "هدنة" التونسية  عرضت في مهرجان المسرح الأردني الثامن عشر 2011  سأتحدث قليلا عن موضوع المسرحية ، وذلك لفتح قراءة سينوغرافية وأدائية حضرت على خشبة المسرح ". - السينوغرافيا التي أثثت خشبة المسرح ، وما دار من خلال ذاك الركح الذي يقوم به الممثلون. - اللغة "اللهجة التونسية". - الأداء التعبيري"الجسد".
   المسرحية قدمت على المسرح الدائري المركز الثقافي الأردن/ عمّان ، وقام بالتمثيل رضا بوقديدة، نادرة التومي، الصادق حلواس، وتأليف كل من رضا بوقديدة، صالحة النصراوي، إخراج صالحة النصراوي.
بدت السينوغرافيا متبدلة ، فقد تمثلت الخشبة المسرحية بالغرفة والشارع ، وكانت تختلف هذه السينوغرافيا باختلاف الموقف للشخصية ، فمن ذلك ما نلاحظه من خلال تبدل اللباس ، وخاصة للزوجة التي تبدو ما بين لباس أسود وأبيض أحيانا وهي تناقش الزوج على مسألة خلافية ما بين الأب والأبن والزوجة، والتي تبدو الزوجة رافضة لكل ما يؤمن به الأب من نظرة قد تبدو لديها رجعية ومتخلفة ، واللون يبدو مرة أخرى في غرفة النوم وقد بدا أحمر صاخبا من خلال لباس النوم للزوجة التي انتصرت برفقة زوجها على رجعية الأب ، وكأننا ننتقل الآن من حالة عدم تواؤم مع الذات وخصام متواصل ، إلى حالة من العرس بهذا الثوب الأحمر. وهذا التبدل لا بد أنه ينعكس على الحالة النفسية لكل من الزوج والزوجة ، واللون الأسود لا بد أنه يمثل لباسا رسميا وهو بالتالي يعبر عن موقف، ويمثل مرة أخرى لباسا سوداويا حزينا حادا رافضا ، وهو يعبر عن حالة الخصام والنقاش الدائر دائما ما بين الزوج والزوجة والأب.
صورة من مسرحية "هدنة "
  
والسينوغرافيا نلمحها مرة أخرى بالمظلة التي ظهرت في بداية المسرحية ، وانتهت المظلة إلى حالة من التحطيم ، ولكنها في المرة الأولى التي كانت تضعها الزوجة أو المرأة على رأسها تمثل حالة من الجمود ، أو كما يقال " فلان على رأسه ريشه " وهنا تعطي دلالة التكبر والرفض والترفع من وجهة نظر أخرى، وهذه ربما يشار إليها إلى الأب الذي يضع في رأسه الأفكار القديمة والتي لا يريد التخلي عنها، وينظر إليها من خلال إصرار الزوجة وهي تخاصم زوجها بسبب موقف أبيه ، فهي هنا تبدو حكالة خصامية مزدوجة من طرفين نقيضين ، ولكن المظلة وهي تنسحب المرأة الزوجة من أمام زوجها تتحطم ، وهنا إشارة واضحة إلى تغيير تلك المفاهيم أو العمل على تحطيمها.
   والسينوغرافيا تمثلت مرة أخرى في السلم ، والذي توسط خشبة الركح ، وقد بدا السلم الذي تصعد عليه المرأة ، حالة من محاولات الانفصال والاتصال ما بين الزوج الذي مثل دوره الصادق حلواس، والزوجة والتي مثلت دورها نادرة التومي، فالانفصال يعبر عن الرحيل والهجران ، والاتصال كممر ليكون تواصليا ما بين الزوج والزوجة ، وكل هذا من خلال الاتفاق على شيء ما عندما يقرر كل من " الزوج والزوجة " أن الأب والذي مثل دوره رضا بوقديدة قد مات مثلا ، أو ربما مات ، وهنا يحدث التغيير بين الزوجين ؛ لتبدأ حياة جديدة ، حياة عرس إشعارا بأن المظلة التي كانت تطغى على الفكر تلاشت الآن نهائيا.
   فالسلم أبان عن حالة انفصالية عندما يقف كل من الممثلين الزوج والزوجة على الطرف الآخر من السلم ، وهذا يشي بالمحاورة واختلاف الرؤى ، ومثل تواصلية يبقي الباب مواربا للمصالحة من أجل الاتفاق على الآخر وهو الأب... والسلم مرة ثانية كان يمثل مقعدا خلافيا يبين عن حالة حوارية ذهنية بما سيصار إليه الأمر ، عندما جلس الزوج والزوجة مخالفين لبعضهما البعض وكل منهما يدير ظهره للآخر، والسلم مرة أخرى يمثل عنوان المسرحية " هدنة " من خلال تلك الرؤى التي عرضت لها، وقد استطاعت المخرجة أن تمثل العنوان تماما في سينوغرافيا السلم. ربما يشار إلى العنوان مرة أخرى عندما يحاور الزوج " الابن " الأب في غرفة الإعاشة حيث كان الأب يقطع الجزر ، لكن أبان الحوار عن حالة انفصامية وإن بدا كهدنة ، على العكس تماما من السلم الذي أبان عن حالة هدنة تواصلية.
إن اللغة " اللهجة التونسية " من الأشياء التي أود الوقوف عليها ، وبما أن اللغة هي ركيزة أساسية للتواصل مابين العرض والمتلقي ، فهي مهمة لإيصال الغاية والهدف وتحقيق المتعة في العرض المسرحي ، إن المسرحية قدمت باللهجة التونسية ، وقد جعلت حاجزا بين المتلقي والعرض أحيانا على اعتبار أن المتلقي غير متجانس ، فيمكن للمثقف في أحيان كثيرة أن يعي العرض المسرحي حتى لو قدم بلغة غير مفهومة وغير معروفة أصلا ، ولكن المتلقي العادي قد لا يستطيع تفكيك العرض المسرحي ، لذا تقف اللغة مانعا للتواصل ، ولكن هذا القول لا يمنعنا من القول: هناك عرض يأخذك لفهمه ، وليس شرطا أن تأخذه أنت لفهمه... فهذه المسألة المتعلقة باللغة يمكن تجاوزها في حالة تخصيص المسرح لفئة معينة من الناس ، إذا ما كانت تدار خارج الوطن الأم، ولكن لا يمكن تجاوزها إذا ما توجه العرض المسرحي لجمهور الناس غير المتجانس ثقافيا ، وخاصة أن غاية المسرحية إيصال الرسالة التي يدور حولها العرض ، وهي بالتالي تهم كل فئات المجتمع.
والتعبير الجسدي من الأمور المهمة في المسرح الآن التعبير الجسدي ، وقد أجادت نادرة التومي بالتعبير الجسدي وبما يمثل الحالة النفسية للشخصية ، فهي قادرة على تمثيل دور افتعال الخصام والابتعاد من خلال الحركات الرافضة بالاقتراب من الزوج كبعد عنادي وأنفة ، وهذا ما يكرر أمام الأب الرافض لوجودها أصلا فتواجهه بموقف الرفض بالحركات الجسدية المصاحبة للتلفظ، ومرة أخرى قادرة بالتعبير الجسدي على الاقتراب من الزوج وهي تحبك معه ما تم الاتفاق عليه كحالة إبعاد الأب ، ومرةة ثالثة كحالة عرس وتقارب حميمي مع الزوج من خلال نزع الملابس وبحالة من الفرح التي تنم عن اتمام المراد كما ينبغي لها، ومرة أخرى وهي ترتدي الثوب الأحمر " فستان السهرة الخاص " وهي تتأبط ذراع زوجها بحالة من الفخر والزهو والحب.
إن التعبير الجسدي في المسرحية يبين عن ضرورة ملحة اندماجية في العرض، تبين عن تبايناته المختلفة المنسجمة مع الموضوع العام للمسرحية، وهذا ينم عن مقدرة الممثلة على القيام بهذه التعبيرات التي تلج لب الموضوع ؛ لتشكل معه حالة توافق وانسجام من خلال الأداء الحركي " الجسدي "، فالتعبير الجسدي في المسرحية ليس تعبيرا نافرا زائدا على الموضوع ومقحما عليه ، بل على العكس تماما يشي بكل الأبعاد النفسية التي تدور في ذهن كل الشخصيات التي أدت المسرحية.
   إن مسرحية هدنة وكما نجدها في العروض التونسية الحديثة تمثل الرؤية الإنسانية، وهي تعبر عن مواضيع ذات أبعاد إنسانية ، ونحن بمسيس الحاجة إليها.
المسرحية مثلت بشكل ممتع جاذب لمتابعتها مهما كانت اللغة مغرقة بالعامية ، وربما تكون العامية هي أقرب للتواصل العاطفي والبعد الإنساني في الحياة البشرية، وخاصة أن العرض يقدم للجماهير التونسية ، وهذا لا يعيبه أن يقدم في مهرجان مسرحي في الأردن ، وأعود للتأكيد على ماذكرته آنفا  هناك عرض يأخذك لفهمه ، وليس شرطا أن تأخذه أنت لفهمه، وهذا ما حدث في العرض التونسي الإنساني " هدنة " .

المصدر : منصور عمايرة كاتب مسرحي وروائي أردني  1-1-2012
تابع القراءة→

0 التعليقات:

كتاب " الصمت في الأدب المسرحي المعاصر – اللامعقول أنموذجا "

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, يناير 01, 2012  | لا يوجد تعليقات

د. سافرة ناجي


تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9