أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، أبريل 19، 2016

عرض مسرحية " الصفحة الأخيرة " على مسرح الرافدين

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 19, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

   بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح .. قدم تجمع الفرق المسرحية الأهلية يوم الإثنين 18نيسان على مسرح الرافدين مسرحية «الصفحة الأخيرة « من إعداد وإخراج د. صبحي الخزعلي وتمثيل خالدة عودة وعدنان شلاش وزهير البياتي. تتمحور المسرحية حول تاريخ العراق الدامي من خلال الحروب التي عانى الوطن والمواطن منها، ذلك المواطن الذي لا ناقة له فيها ولا جمل وتمر المسرحية على الوضع الراهن لتناقش الأزمات التي يعاني منها شعبنا بما في ذلك القتل المجاني الذي سقط فيه عدد كبير من الشهداء ..وتتوقف المسرحية عند مجزرة سبايكر الشهيرة الذي راح ضحيتها المئات من الشباب..وتغلف كل هذه الأحداث بالصراع الطائفي الأعمى الذي يحرق الأخضر واليابس .

وجدير بالذكر فالمسرحية سبق وأن قدمت على  قاعة منتدى بيتنا في بغداد والمسرحية معدة  عن مسرحية (ثورة الموتى) لاروين شو، وحسب المعد المخرج فان ثيمة المسرحية هي دعوة لتتوقف الحروب من اجل الانسان والانسانية وتتحدث عن اثنين من العسكر في خلفيات الجبهة ضد الارهاب يعثرون على جثة مجهولة ويحافظون عليها في موضعهم، لغة المسرحية كانت بسيطة لانها من صلب الواقع وهموم المواطن وحال العراقيين اليوم، ورغم سطوة الحوار على طول مدة عرض المسرحية فان مجسديها نجحوا في ترويض حدة هذا الحوار ورتابته من خلال (قفشات) واخزة ناقدة للواقع بكل تفاصيله رغم ان المباشرة كانت تطل على المشاهد بين فترة واخرى، الكوميديا والاغاني الخفيفة للفنان عدنان شلاش نجحت في تفاعل جمهور العرض ومجسديه، ساعد في ذلك ان العرض انحصر في بقعة صغيرة وشكل مع الجمهور دائرة ضيقة تناثر الحوار فيها ووصل الى الاسماع بسلاسة ولم يجهد الممثلين في سرد حواراتهم، ولكسر الجمود وسطوة الحواراستعان المخرج بالعرض السينمي لاحداث واقعية تجسد جرائم الارهاب في مجزرة سبايكر المأساوية، كذلك زرع باحة العرض بمفردات الديكور البسيطة والتي كسرت رتابة المكان.
شخوص المسرحية كانت واضحة، مقروءة ببساطة، اثنان من العسكر احدهما يحمل رتبة صغيرة (نائب ضابط او رئيس عرفاء) والآخر جندي مكلف عاطل عن العمل رغم بحثه المتواصل عنه، الاثنان يتحركان بخط واحد وكأنهما انشطرا من شخصية واحدة، اما الجثة التي دبت الحياة فيها لتعلن عن شاعر مكلوم بفقدان ولده في مجزرة سبايكر،لكن هذه الشخصية التي جسدها الفنان زهير البياتي ضاعت ملامحها بين الجد والهزل  رغم الجهد المبذول من الفنان البياتي في ايصال تفاصيلها الى المشاهد.
المخرج الخزعلي اعتذر قبل العرض وشكا المصاعب التي واجهته وهو يتبنى هذه المسرحية وحسب قناعته فان العرض كان سيكون اجمل لو عرض في مسرح اكبر، اضافة لاضطراره القيام بمهام متعددة كادارة المسرح والاضاءة والصوت مبررا ذلك بالامكانات المادية المحدودة، كذلك اشار المخرج الى غياب العنصر النسوي في المسرحية والسبب المطالب المالية التي طلبتها الفنانات اللائي فاتحنها للعمل في المسرحية.

-------------------------------------
المصدر : دائرة السينما والمسرح 

تابع القراءة→

0 التعليقات:

التداول الفكري والجمالي للمشهد المسرحي / د. حسين التكمجي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 19, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يعد المشهد المسرحي بمثابة الوحدة الكبرى في خضم التركيب الكلي للعرض المسرحي، بوصفه وحدة شاملة تنطوي على العناصر السمعية والبصرية والحركية . وإذا كان المشهد يتحدد بتغير المنظر،
أو بدخول شخصية أو خروجها كما هو الحال في المشهد الفرنسي، فأن المسرح المعاصر لا يلتزم بهذه القاعدة، وفقاً لحركة أنسقه العرض المتحولة علاماتياً ولصيغ التداول الإخراجي .
ولما كان المشهد عبارة عن بنية محبوكة ومتكاملة متعددة الوسائل والعناصر، فأن كل وسيلة أو عنصر هو بحد ذاته غني بالتحفيزات التفاضلية (differential )، ويشكل هذا الكم منطقة لعب حر للمخرج الحاذق أذا ما أحسن استخدامه .
نستدل على أن المساحة الزمنية لأي مشهد تنطوي على عدد من المحطات التي تعتبر ركائز أساسية لبلوغ ثيمة المشهد الدرامية أو الكوميدية .
ويرى (كليرمن) (أن قلب المسرح ليس موجوداً في واحد من أعضاءه على الرغم من أن بعض هذه الأعضاء قد يغذي الأعضاء الأخرى أو يزيد
من زخمها) . وهذا ما يذهب إليه الكثير من المنظرين (بوبوف في التكامل الفني، وعبد الفتاح رياض في التكوين التشكيلي) .
فالفن المسرحي فن جماعي وفق تفصيلاته من فريق العمل والمؤدون وصولاً للعناصر الداخلة في صلبه، لذا فأن وجهة النظر النقدية تفترض أن منظومة التعبير فيه هي منظومة الكل الذي يعبر عن وظائفية أجزاءه، بحسب (جيروم ستولنتز) .وأن من لا يعبر عن كل الجزئيات، لا يعبر عن شيء، فالدراما بوصفها وحدة فنية لا تنفصل عن هذا المفهوم بل تمثله أصدق تمثيل .
 ولعل بعض المخرجين قد ركزوا قدراتهم في واحد أو أثنين من عناصر العرض كما هو الحال في سيمياء المسرح والدراما، مما هيأ لظهور تيارات واتجاهات جديدة في المسرح، (كالمسرح الأسود والمسرح البيئي والمسرح المفتوح ومسرح الضوء والصوت والمسرح التشكيلي والمسرح الفقير والمسرح البيئي الخ) وغيرها من المسارح التجريبية التي تتغذى على أحادية أو ثنائية العناصر .
يقدم المشهد المسرحي ثلاثة أنواع من القيم، هما القيمة الجمالية، والقيمة الفكرية  
والقيمة الدرامية على مستوى التعاطف بمفهوم (التطهير)، فالتطهير قناة نهائية تتراكم ضمن سياقها العوامل التعاطفية بشكل منطقي في التراجيديا الإغريقية بوصفها أسباب . في حين تصب القيمة الفكرية والفلسفية الحسية في قناة الذائقة الجمالية، خصوصاً في المسرح الحديث والمعاصر عند المثالين الجدد أمثال
(كريج) ومن تبعوه كما يسميه (دولمان) (بالجذب الحسي الذي لم يحلم به الإغريق) . فالمسرح الحديث أستند إلى التقنية الجمالية كهدف لجعل المتصور أكثر وضوحاً وإقناعا وإثارة، كما أن الضرب على المستوى الجمالي من شأنه أن يحدث نوعا من التطهير يمكن أن نطلق عليه أن جاز لنا التعبير مفهوم (التطهير الجمالي) إذ غالباً ما يثير فينا التكوين الجمالي إحساسا بالانتماء والتبني للصورة الجمالية عبر التجرد عن كل العلاقات الحكمية والقيمية في تقويم التكوين المعروض .
وتأسيساً على ما سبق فالقاعدة الأساسية في مرحلة نشوء العرض تتمظهر في توزيع حيثيات الفكرة على المشاهد ابتداء من المشهد الاستهلالي وصولاً إلى المشهد النهائي . ولما كان المشهد ينطوي على وسائل عدة يحتفظ كل منها قدراً كبيرا من القيم، تتجلى مهمة المخرج بالاختيار الدقيق للعناصر المتسيدة، كما ينبغي أن يكون لكل مشهد عنصره المتسيد، وهكذا يسري الحال على المشاهد الأخرى، ليصبح العنصر (المتسيد) والمبرز هو العنصر الأهم في المشهد وفقاً للماهية التي ينطوي عليها المشهد .
وهو ما تناولته الدراسات السيميائية على مستوى التصدر ألعلامي والإبانة، إن الصيغ المتداولة في المسرح المعاصر عند الكثير من المخرجين، انعطفت نحو هذا المنعطف، فمنهم من سيد الشخصية (غروتوفسكي)، وآخر أتخذ من الحركة عنصرا فاعلاً في السيادة (بارو وششنر)، والبعض أهتم بالتكوينات المؤثرة في الميزان سين وفقا لتصورات خيالية بغية الإحالة الواقعية(بوبوف)، وينحو آخرين صوب المتغيرات السريعة لأنساق العرض الدلالية والعلاماتية والكودات والشفرات المتلاطمة في التكوين البصري(باربا وششنر وكانتور)، من المشاكل الناجمة في هذا الأسلوب اعتماد بعض المخرجين على منح عنصر السيادة المفرز قاسما مشتركا ًلكل المشاهد . قد يحقق تقدما في مشهد أو مشهدين فقط، إلا أنه لا يسري على العرض كله، أن العرض بهذه الصيغة سيميل إلى نوع من التراتب غير المتجانس، ناهيك عن فقدان عنصر التنويع (variety) الذي يسبب بدوره عنصر الملل . (أن المفاهيم والمكونات غير الثابتة والغامضة غير مقبولة في البناء المعرفي) بحسب المخرج (كونراد كارتر) .
المشهد المسرحي ما هو إلا وحدة متصلة بما قبلها وتهيئ لما بعدها وأن ما يبدأ في القاعدة ينتهي بالقمة وفقا للربط المحكم من الوحدات الصغرى وصولا للوحدات الكبرى . فالإيماءة والإشارة واللون والضوء والتشكيل الحركي قد تبدو ضمنية، ولكنها غاية في الأهمية على مستوى إيصال وتعزيز الرسالة ضمن البناء السمعي والبصري للإنشائية المشهد . ولعل هذا التزاحم (الديناميكي) المضطرد قد يبدو مبعثرا للوهلة الأولى في خضم تلك الرؤى والتصورات التي تختلج ذهن المخرج . إلا أن المهم في هذا هو ليس الكم المبعثر منها، بل المهم هو الكيفية التي يجانس بها المخرج تلك الرؤى في قالب خاضع للتخطيط المسبق، والذي يقودنا بالضرورة إلى تراتب الأحداث بشكل منطقي لضمان ديمومة
(منطقية الصراع) و(منطقية الحدث) المفعمة بالقيمة الفكرية والجمالية .
في المرحلة التأسيسية الأولى لنشوء المشهد هو تحديد الفعل العام للعرض والذي ينطوي على الفكرة والثيمة من كون جميع الأفعال تتراصف خلفه، يتبعه تحديد الصراع السلوكي للشخصيات بوصفه الدافع الأساسي للحركة العامة والوجه الأخر للصورة بتشكيل الميزان سينات تحت نظام الضبط والدقة الحركية. في حين يأخذ فعل المشهد (الحدث) المرحلة الثانوية، ثم تأتي الأفعال المتساوقة في البنية حسب الأهمية بوصفها المعنية بالإنشاء والتعزيز في المرحلة الثالثة من التراتب .
إلا أن العرض سيقلب هذه المعادلة ليكون التعاقب تراتتبي من الأصغر إلى الأكبر _ وبهذا يضع المخرج مفاتيح لعبته الإبداعية (أن الجزء العام لا يتم بحجمه الفعلي في المكان والزمان حسب، بل بإعادة تنظيمه حتى يتعرف عليه المتلقي بيسر بفضل وضعه الجديد) .
ولعل سمفونية العرض تحتوي بين الحين والأخر (ضربات) متعددة هنا وهناك لغرض التوكيد على فعل ما دون الأفعال الأخرى لأيقاظ ذاكرة المتلقي وإنعاشها، وبين الصورة البصرية والضربات السمعية تبدأ ذاكرة المتفرج بالإنشاء الذهني والدخول في لعبة العرض بفيض من الترقب والربط .
أن أي شرخ في نسق الأنبناء الآلي التداولي قد يقلب المعادلة، لارتباك الصورة في ذهن المتفرج من خلال زعزعة أيمانه بلا منطقية ما يقدم (وعندما يعجز المتلقي عن الاستجابة للمسرحية وأدراك مغزاها ومتابعتها باحترام، لن يكون في وسعك أن تفعل شيئاً) .
يطالعنا المسرح المعاصر بمرجعياته المستندة إلى فلسفة القرن العشرين (بادراك انتفاء المطلق ونسبية التجربة والانشغال الشديد بطبيعة اللغة وتراكيبها .... فقد وجد الفنانون أنفسهم في مأزق حقيقي، بين الاعتماد على تعقيدات اللغة وتراكيبها وبين الاستناد إلى نسبية المعنى والتجربة..وترى (نهاد صليحه) أن القرن العشرين لهذا السبب شهد كماً هائلاً من التجارب الأدبية والفنية لم يسبق لها مثيل .... ولكون المسرح انعكاسا لفلسفات الواقع فقد وقع الاختيار على الجانب البصري .فكانت الاستعارة المرئية والإحالة والإبانة والتأويل صفة ملازمة له، في حين كانت الإيماءة والإشارة والدلالة والرمز(symbol) والعلامة ظهيرة للمعنى. فأصبح التشكيل الحركي والجسدانية والطقسية والعودة إلى البدائية والأنماط الأصلية والأنثربولوجية هي أدواته لتبليغ رسالته الدرامية.
ومن البديهي أن يتحول العرض البصري إلى لغة مفهومه من الكلمات وفقا للعلاقات السببية، مما هيأ لأن يتحول الشكل إلى مضمون مفعم بالمعاني
الدلالية . فأصبح عمل المخرج أكثر تعقيدا من ذي قبل خصوصا بعد إقصاء دور المؤلف، كما أصبح الحذر هو الذي يسود أنتاج العلامة وأشتغالاتها صوب المتلقي، ومرد ذلك الحذر هو أن تأتي اختيارات وتفضيلات المخرج الأشارية والدلالية متشضية يصعب على المتلقي إدراكها وفك شفراتها بوصفها كودات(code) . ولكون العرض المسرحي سيال ومتجدد في كل لحضه، عندها ينبغي أن يكون التأويل مستوفي لشرائط الإدراك الحسي والذهني . فالتأويل...
(يبحث في رد الظواهر إلى دلالاتها ومعانيها، كما أننا من خلاله نتلمس ما نفعله ونرمز إليه، بوصفه مستوى أخر من مراحل ومستويات الفهم، فهو استشراف... للمعنى وليس تهشيم للصورة بل دائما هو إعادة بناء ...فهو إذن
(التأليف الثاني) أي أعادة إنتاج العمل المبدع) بحسب توكيدات (ف-ي- فاليزي) .
ويرى (هوكز) بأن التتابع المنطقي للأحداث هو لاستقصاء المعنى وملاحقته واكتشاف الخلاصة الكنفية المدججة بالتفاصيل التأويلية .ولما كانت صورة المشهد المعاصر تتأطر بتلك الكثافة الهائلة من العلاقات في الفراغ بشقيه ألزماني والمكاني، فأن عوامل الربط المحكم بين الشكل المنجز والبناء التأويلي، ينبغي أن يجد له مرتكزه الواقعي، الذي تحتمه خصوبة الرؤيا، فالمسرح يعتمد على الفعل المرتد (feedback) وبهذا يمكن اعتبار المسرح كما يرى (بارت) آلة سبرنتيكية (cybernetic) فأدوات الاستقبال الحسية لدى المتلقي تقوم على علاقة قوامها التحليل والتركيب وفقاً لآلية التوالد الدلالي وخصائص الإبانة(ostension) والتصدر ألعلامي، وأن أي اهتزاز في البناء المعرفي التأويلي أو عدم أدراك المعنى سيؤل إلى ذهاب جهود العاملين سدى .
وفقاً لما تقدم بما تنطوي علية صورة المشهد البصرية، يعني استنفار تدفق الأفعال واستمراريتها من كونه ذو مساس مباشر بالفكرة العامة المكونة من أجزاء تسعى في ديمومتها لأن تتوحد في مجرى الكل . (والكل نامياً أبداً متطوراً أبداً، فهو يزداد أتساعا ويزداد غزارة وحصيلة، وأن الشريحتين المتعاقبتين في الزمن وأن تساوتا رياضياً فلن تتساويا في كثافة الخبرة وغزارتها، لأن الشريحة التالية في التراتب لابد أن ترث حصيلة الشريحة السابقة ثم تضيف إليها ما قد استخدمته بفعل التطور والنمو). وبهذا الوصف تصبح القيمة الجمالية في المشهد المعاصر نتاج القيمتين التأويلية والفكرية .على الرغم من أن الذائقة الجمالية للمتلقي خاضعة إلى نسبية التجربة وإنتاج المعنى، فالجميل جميل لذاته، وأن عناصر الجمال بائنة في علاقة التفاضل بين إشتغالات العلامة(signs) والإشارة (system).لتعين قصدية (intentionality)المعنى.

------------------------------------------
المصدر : المثقف - العدد 1088 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

مشكلة عرض مسرحية خدملك هل هي فتنة؟ الإضداد الجمالية في مسرح اللاتوقّع الحركي القصير / حسن النخيلة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 19, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


(مشكلة عرض) افتتاحية يُعلنُ عنها المخرج (د. ماهر الكتيباني ) في تقديمه لعمله الجديد (خدملك) تأليفاً وإخراجاً ، هذه الإشارة التي يقدمها المخرج في عتبة عمله الأولى ، كما جاءت في فولدر العمل الذي صممه الفنان التشكيلي (وصفي الفضلي) تمثل تأسيساً أولياً يستثير منطلقاً لفكرة (الأضداد) وهي تسجل أولى الإشارات الميتامسرحية لمشكلة تتصل بالفن ذاته وهو لا يتمكن من تقديم نفسه ، والإشكالية تدخل في إطار فلسفي عميق تتجذر امتداداته في معطيات الكينونة الملغاة ، والذات المتلاشية كما يفجرها الواقع الراهن ، ومن ثم تبرز إشكالية الفن في محاولته أن يقدم عرضاً اشكالياً يجعل من المحاولة أقصى حدود التقديم ، ومن خارطة اللاممكن ديمومة تعيد للواقع تمرده وعصيانه على التوصيف والتحديد على وفق هذا التصور تبنى المعطيات الفلسفية والفنية لمسرح اللاتوقع الحركي القصير ضمن جملة من الأضداد الجمالية التي يمكن تشخيصها بالاتي :

اولاً- الحضور بوصفه انعتاقاً والغياب بوصفه انغلاقاً

يبني المخرج ( د. ماهر الكتيباني) العلاقات البصرية في عرضه المسرحي على وفق تصورات تنهض بفكرته الرئيسة (اللا احد) وهو بهذا التصور يُعلنُ سلفاً عن مغامرة عرض يخلو من الذات .من هنا تبرز الأضداد الجمالية في محاولات الانبعاث المقموع للذات الغائبة التي تترجم انفعالاتها حركة الأفعال المحتدمة ضمن سيرورة لا تكف عن البوح بمشكلة الغياب .إن الحضور لا يتأتى إلا بوصفه مادة هلامية اشد ما يعبر عنها الديناميكية التي تسعى دون جدوى إلى بلوغ التكون الذاتي الممتنع .هذا ما يجعل كل حركة بمثابة التعبير عن حياة منتفية ، ومضاعفة للضياع ، وهيمنة للغياب ، فالحركة على وفق ذلك تسعى لكي تقدم تصوراً للأزمة التي تُعنى بموضوع الانغلاق الذاتي ، لا الإنعتاق كما تترجمه مرونتها ، وجمالها ، وخفتها ، فكل حضور واهم هو تصديرٌ لغيابٍ فعلي ، لأنه حضور خادع مشوه ، لا يفضي الا إلى مضاعفة تفتيت الذات ، وإلغاء أي اثرٍ من شأنه التدليل عليها .

ثانياً- الحركة ومضاعفة الفراغ :

تُعدُّ الحركة المرتكز الأساسي الذي يُبنى عليه قوام مسرح اللاتوقع الحركي القصير إذ يجتهد الدكتور (ماهر الكتيباني) في دفع هذه الحركة في فضاء المسرح ضمن خطوط لا تلتقي لتؤسس إلى منعطف جدلي يذر الأفكار دون مناقشتها، فيسمح بحركة لا تتوقف ولا تحسم ، وأفكار تتقاذف في اتجاهات شتى تستثير عمقاً تأويلياً يستدعي مجهوداً كبيراً في متابعة عملية التأويل السريعة المتوالدة .ترتبط اشكالية الحركة في تأسيها الجمالي بقيمتها الفلسفية ، فهي حركة فلسفة تبنى وتصاغ ضمن الإطار الفلسفي الذي يتبناه مسرح اللاتوقع الحركي القصير ، ولذلك تشكل في طابعها ما يتغاير وأنماط الحركة المعتادة على المسرح ، تلك الحركة التي تنبع من صميم الشخصية وإرادتها ورغباتها وطبيعة إبعادها البيولوجية او السيكولوجية او السوسيولوجية ، إن الشخصية في مسرح اللاتوقع لا تعمل ضمن هذه الضوابط لأنها أداة فلسفية أكثر منها شخصية ، ولذلك لا يتضح عليها مشاعر وأحاسيس ولا حتى معاناة ، إنها مرنة تكتسح وتحاور كثيراً ، وتتقافز ، وتتمايل وتتقاطع ، وتتصارع ، ولكنها لا تنفعل ، ولا تواجه ، لأنها محض أفكار ، ولأنها بحسب طرح النص ( لا احد ) لا كينونة ، لا وجود.

هنا تتبين الإشكالية في التناقض بين الحركة التي تسعى ان تكون وجوداً وامتلاءاً والتفاقم في الفراغ واتساعه ، بوصفه محصلة لها ، فينفي ذلك معطى الوجود ومعطى الامتلاء ، ويصبح الفراغ نتيجة ، فاذا ما كانت الحركة الدائبة بمثابة البحث عن الوجود ، فان ما تعمل عليه هو تضاد مع ذاتها ، في مغادرتها السريعة لكل اثر من شأنه ان يدلل عليها. من هنا فان النشاط الحركي المتواتر لا يعني ملمحاً ايجابياً يبرهن على طاقة الوصول إلى الهدف ، بل هو تسارع صوب الحسم والنهاية.

الفعل المُقتطَع وجدلية التوقع واللاتوقع :

يقدم المخرج (د. ماهر الكتيباني) إشكالية أخرى على مستوى عرض (خدملك) تُستنهضُ على مستوى إنتاج شخصياته في مستواها النصي والبصري ، اذ يتكشف عبر علاقات الشخصيات ، وتفاعلها ، بروز أفعال مقتطعة ، أو مبتورة بشكل مستمر ، وهي مسألة تُطرح برؤية جمالية تفضي إلى تأكيد (المؤلف المخرج) على فكرة (اللا احد) التي تُعلنُ عن ترسيخ الإحساس الكبير بالخواء والعدم ، إذ أن البناء يقودُ بالضرورة إلى التشخيص والتحديد وإبراز الملمح ، غير ان اللاوجود – كما يتبناه المخرج- يعمل ضمن زاوية تعمل على الضد من ذلك ، فيستثمر بذلك مقدرته الإخراجية في خلق متواليات مهشمة لا يكتمل بنائها أبداً ، فكلما همت الشخصيات في فعل جديد يتبنى خلق صورة ذات دلالة فكرية ما ، سرعان ما يقتطع هذا الفعل ويبُنى فعل اخر على الشاكلة نفسها ، ويستمر دوران الأفعال على وفق هذا المنطلق ، وهذا ما يجعل التوقع واللاتوقع في صراع دائم ، التوقع وهو يرتهن في انطلاقة الفعل التي توحي لأول وهلة بالتوجه إلى الاكتمال وتحقيق المعنى ، واللاتوقع الذي يكون نتاجاً لخرق هذا التوقع عبر اقتطاع الفعل قبل إن يفضي إلى البوح بمعناه .

 المرح المأساوي ومأساوية

المرح :

ثمة تواتر ما بين متضادين جماليين يطرحهما (د. ماهر) في تجربته الإخراجية هما المرح المأساوي ، ومأساوية المرح ، وهذا ما يمنح أسلوبه الإخراجي تميزاً وتفردا،ً إذ انه عبر حركة الممثلين المميزة ، وأدائهم المنسجم ، استطاع عبر اسلوبية الحركة أن يعلن عن روح المأساة وقتامة الموقف بجمال ، ورشاقة ، ولعب ، وبقفشات كوميدية تترجمها الشخصيات في تبادلها ضرب بعضها البعض بأداة قتل الذباب ، إنها اشارة كوميدية بامتياز تحمل دلالة مأساوية بامتياز ايضا ، انه لون كوميدي يرتسم في سلوك الشخصيات لكنه في عمقه يعبر عن عنف وعذاب مقموع لو تنصلت الشخصيات عن موقفها ، وافلتت زمام سيطرتها عليه لخرج على شكل نواح وعويل .إن سيطرة المخرج ومقدرته على تخريج المأساة بكرنفالية وفرح يترجمه مسرح اللاتوقع الحركي القصير في طبيعته الأسلوبية ، التي تُلفت النظر إلى إمكانات إعادة صيغ إنتاج الانفعالات الإنسانية ضمن تصور جديد يعتمد النقيض وينبذ المماثلة والتسطيح .هكذا كانت شخصيات الكتيباني تمرح حزناً وتحزن مرحاً ، وعلى وفق هذا التضاد الجمالي ، ارتسمت اشكالية العرض في هذه المفاصل المختلفة ، التي اختار لها المخرج هذا الواقع الإشكالي ، واستطاع أن يؤسس لثيماتها الفلسفية ، وان يمد الجسور المتلاحمة ما بين النظرية والتطبيق ، ليكون مسرح اللاتوقع الحركي القصير قادراً على تصدير ذاته فكراً واسلوباً ، ومنتجاً لممثلين كان بمستطاعهم ان ينهضوا بتلك المهمة ، فقد تميز الممثلون (مناف حسين ، ماهر منثر ، سجى ياسر) ، بمقدرتهم على ترجمة المفترقات الفلسفية لهذا المسرح ، وبقدرتهم على إشباع الطاقة الحركية الكبيرة التي تختصر في وقتها المختزل مسافات شاسعة من الأداء ، واستطاعوا أن يؤسسوا تناغماً ادائياً ، يُعلنُ عن استيعابهم للأسلوب الأدائي الجديد الذي يُبنى أدائيا بشكل كبير على قاعدة البناء والهدم ، مما يتطلب من الممثل امكانية التخلص المرن من الحالات الأدائية المختلفة التي يتوجب عليه مغادرتها بشكل سريع والانطلاق الى المغايرة البنائية بشكل مستمر.


------------------------------
المصدر : جريدة الزمان 
تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9