أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الاثنين، أبريل 25، 2016

تصارع المثال والواقع في دكتاتورية الجسد / د. نادية هناوي سعدون

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 25, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تعد المونودراما شكلا من أشكال الدراما وهي فعل درامي ذو منحى قصصي تحتل فيه الحركة التمثيلية موقعا مركزيا ليحقق بعضا من جماليات الأداء المسرحي. والمونودراما ايضا عمل تجسيدي لا تجريدي يستطيع الوقوف على المسرح كما يستطيع المثول بين ضفتي كتاب على حد تعبير الشاعر صلاح عبد الصبور، وهي تقوم على سيادة شخصية أحادية لتؤدي دورا مهيمنا على مساحة العرض المسرحي كله متبنية رؤية موضوعية كي تعبر عنها.
وإذا كان هناك اختلاف جوهري بين الدراما والفلسفة بوصف الأولى صراعا ذهنيا بين الفكرة والشعور وبكون الثانية تجريدا منطقيا؛ فإن اللمحة الخفية التي تجمع بينهما هي الموضوعية. وتستعير المونودراما كشكل مسرحي معاصر من السرد رحابة أبعاده التخييلية ومن الشعر جماليته الأدائية، وتنماز عن الأوبرا أو الأوبريت بكونها عبارة عن شكل مصغر للمسرحية يحمل طابعا شعريا أو نثريا لكنه ليس غنائيا.. وتهيمن الشخصية الوحيدة على المسرح مستبدة بالرؤية والتشخيص حركة وانفعالا عبر توظيف الحوار الخارجي (المنطوق) والداخلي (الصامت) مع الزج بالمقاطع السردية بين الحوارات. وإذا كان الشخصية المونودرامية تتقمص عدة وجوه وتؤدي عدة أصوات؛ فإن تلك التعددية الصوتية لا تعني أنها تشبه الرواية المتعددة الأصوات التي تستلزم عدم وجود وجهات نــظر متباينة. وهذا ما نجده في النصوص المونودرامية الخمسة لمجموعة (ثمة من يقف وحيدا على حافة الوقت) للدكتور علي حداد وهذه النصوص تميزت بنزعة تأويلية تظهر المخبأ على شكل ثنائيات متضادة كعلاقة الأفكار بالأفعال والروح بالجسد والحرب بالحياة والماضي بالحاضر على وفق رؤى تأملية وفلسفية تستعين بمختلف الوسائل البلاغية وأدوات الإبداع الجمالية. ولئن كان الشعر غير كاف للتعبير عن الاحتدام الشعوري وضجة الوعي اللذين يتطلبان مقدرة على الانجاز؛ فإن توظيف المونودراما في هذه النصوص بدا أمرا محتما. والنصوص الخمسة هي على التوالي ( دكتاتورية الجسد ومخلوقات الغواية النبيلة والصافي في قصيدته الأخيرة وآخر حلاقي المملكة ورسالة الأوجاع البغدادية)، وتعد مونودرامات ذات قوالب شعرية تقدم الشخصية المأزومة وهي تعاني صراعا نفسيا وتحديا أخلاقيا في أجواء من التبدل والتلون والتحول تفاعلا ونماءً وحيوية عبر لغة تكتنز بطاقة شاعرية تتماهى تارة بالحوار الباطني المونولوجي وأخرى بالحوار الخارجي المنطوق. وقد عمل الصراع على تحريك هذه النصوص فكريا أزاء قضية ما مفلسفا كينونة الشخصية في علاقتها بالناس والمجتمع وبطريقة هارمونية احتدامية مؤثرة وفاعلة تعتمد التآلف بين الرمز والواقع من جهة والحقيقة والخيال من جهة أخرى وهذا ما أوجد تضادا ومفارقة وتغريبا.. وقد أدى التوزيع للاعتراضات بالجمل السردية وظيفة درامية أسهمت مع الحوارات الخارجية والداخلية في تصاعد الأحداث ونمو الشخصية وتطورها، وهذا ما منح البنية المسرحية مزيدا من التوازن في بلورة الصوت الدرامي. ولان نصوص (ثمة من يقف وحيدا على حافة الوقت) هي أدائيات شاعرية لذلك فإنها تميزت بدفقات شعورية عالية جعلت الشخصيات كيانات جدلية ذات احتدامات عقلية وذهنية لتؤدي أدوارا دراماتيكية تستحث المفارقة حينا والتغريب أحيانا بغية التعبير الجمالي عن قضية فكرية أو رؤية تأملية.. ويقوم أول نص مونودرامي وعنوانه (دكتاتورية الجسد) على رؤية تأملية تحاول فلسفة العلاقة بين الجسد والروح، الأول بانكساره المعنوي وتشظيه النفسي، والثاني بهيامه المثالي ليتحولا إلى جزأين متغايرين ومتضادين، الجزء الأول هو (سامي) الذي يمثل النصف العلوي الراقي والمتسامي بمثاليته الطوباوية وأحلامه الوردية وشفافية عواطفه وسمو وجدانه. والجزء الثاني (سافل) النصف السفلي المراوغ والمخاتل والشرير الذي ينحط بواقعية إلى شر مستطير نازعا نزوعا بوهيميا ممعنا في إشباع نزواته السوداوية والتمتع الآني بما هو غرائزي في أجواء من الظلام والانتشاء وبأي وسيلة كانت لأن المهم عنده اللذة الفردية من دون اكتراث لمشاعر الآخرين ومصالحهم.. ويشكل الصراع اللبنة الثانية في النص، بعد الحوار والصوت الخارجي، والتي يقوم عليها الفعل الدرامي ويكون انقسام الشخصية الوحيدة في المونودراما رمزا للأفكار الطوباوية التي لا مجال للجسد أن يحولها إلى أفعال ويكون نتيجة هيامها الروحي تعاسة نفسية للجسد .. واذا كان النص قد ابتدأ متباهيا بالروح بصوت الأنا فإنه تحول في الخاتمة إلى كينونة واحدة بروحها وجسدها، اذ ما عاد للروح أن تهيم على حساب الجسد، بل صار عليهما أن ينتظرا ليؤديا دورين في آن واحد دور المتسلط ودور الخاضع، الأول هو الجسد بحضوره الواقعي والثاني الروح بغيابه المؤجل في ملكوت الهيام والخيال. وبذلك تتأكد وجهة النظر الواقعية التي تعترف أن الوجود لن يتجلى أمامنا حاضرا إلا بتوازٍ عادل للأفكار والأفعال وبتجاوب منطقي بين الغياب والحضور والخيال والحقيقة بذلك يرتقي الإنسان بروحه وجسده معا. أما التنكر للواقع والهيام بالوهم فذلك نتيجته الاصطدام والخيبة التي تعطل وظيفة الجسد والروح معا.

------------------------------------
المصدر : شبكة الإعلام العراقي

تابع القراءة→

0 التعليقات:

إشكالية التلقي في الخطاب المسرحي / سافرة ناجي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 25, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

وضع لنا ارسطو اشتراطات  للخطاب المسرحي بعد ان درس الظاهرة المسرحية بشكل واع وحفر في تركيباتها، التي بلورها في مجموعة من الاشتراطات، ومن أهمها أن يكون الخطاب متهيكلا على وفق ما يمكن أن يحدث، او على ماهو كائن، أو أدنى مما هو كائن وأكد أهمية  ان يكون متمثلا للشرط الاول بوصفه استشرافاً تنبئياً للمستقبل، وهذا لايعني أن يكون متعاليا على الواقع بدرجة يتفارق معه. وبين شروط الجمال والواقع هناك الكثير من الالتباس الذي يهيمن على هذا الفعل الابداعي بوصفه أحد انساق التعبير التي عرفتها ثقافتنا في وقت متأخر، وهذا لايعفي او يسوغ لمزيد من اللافهم له. لانه بعد ان تجاوز فعل التعاطي مع الثقافة المسرحية مايزيد على أكثر من قرن، فمن غير المقبول أن يبقى الالتباس يلف هذا الخطاب، وسبب ذلك الاصرار على تأكيد  سوء الفهم لارساليات هذا الخطاب، ولانه لايحقق كينونته الجمالية الا بشرط تقديمه الى الجمهور(المتلقين)، وعندنا انقسم بين تركيبين دراميين لاغير، فالتركيب الاول المسرح الجاد الذي يغرق في الغموض والتهويم الايحائي، وهذا الشكل قد حال دون تواصل جمهوره مع ارسالياته الجمالية، والتركيب الثاني ما يطلق عليه اصطلاحا المسرح التجاري او تزويقه بالمسرح الشعبي، اذ تدنى في خطابه دون الواقع بكثير مما اساء الى الذوق العام، وكلا التركيبين أسهما في نفور الجمهور منهما،وبقي، يتراوح بين القبول وعدم الاستجابة له مما أسهم في تعطيل الفهم والتواصل معه.

لأن صانع  هذا الخطاب الابداعي افترض ان المتلقي يقبل ويستسيغ ويستجيب لأي شكل. ناهيك عن الخلط في مفاهيم الجمال المسرحي كما  انه جزم بأن الزج العشوائي بمفردات وعلامات بشكل عشوائي هي احد ممكنات الابداع، فضلا عن الجهل باشتراطات البث الجمالي المسرحي، الذي يحدد بحسب فلسفة شكل ومضمون الخطاب الجمالية، اذ لا يفرق بين بين نوع واخر، فتراه يقدم خلطة غير واضحة تغوص في الغموض والفوقية التي لاتنتمي الى الخيال او الواقع، مما يؤدي الى النفور من الخطاب. او انه يضع متلقيه في دوامة اللافهم، فتجد الخطاب غير منسجم في تشكيل منظومته الفنية.

فضاء النخبة

وهنا نقول ان هذا احد اهم الإشكاليات التي نأت بالخطاب المسرحي عن جمهوره، ونفرته منه، وبالتالي لم يتمكن من ان يصنع جمهورا متذوقا يتابع فعله الثقافي ويبحث عنه. وعندها فقد خطابنا المسرحي قدرة التاثير أو التغيير في محيطه الاجتماعي، فبقي يدور في فضاء النخبة، وهذا  الفهم اليسير جعل من الخطاب المسرحي خطابا منغلقا على ذاته، ما أفرز فوضى ثقافية تتجاذبها انماط الشللية والصراع بين صناع الخطاب المسرحي، اذكل مجموعة مسرحية لا تسمع الا صوتها. والخطاب المسرحي متفرد بعده خطاب فهم الاخر وقبول الرأي والرأي الاخر، فكان سريع الاستجابة للطائفية السياسية في اسوأ صورها ومتماهيا معها في قبول او رفض صوت اي منجز اخر ،وكأن الطائفية  السياسية. قد انعكست على مجمل الحراك الثقافي، وهذا لايعني رفض الجماعة الثقافية، بل على العكس من ذلك انها تكون اكثر فاعلية في ترسيخ ثقافة المسرح لدى الجمهور، وتكون احدى علاماته السلوكية.وان لا ينحسر في التعبير عن حاجة جماعة محدودة في الفكر ومنتميا لطروحاتها فقط.  نجد انها لا تنتج غير الالتفاف على براغماتية هذه الجماعة مما يعطل الخطاب المسرحي عن انتاج وقراءة  راهنية الواقع واستشراف معطيات ما يمكن ان يحدث.

دور المسرح

وهنا نجد ان خطاب المسرح بحاجة الى اعادة قراءة اهم مقولاته الاجتماعية (اعطني خبزا ومسرحا، اعطيك شعبا مثقفا). وفي رأينا  ان دور المسرح الابداعي في مجتمعات تغص في اشكاليات فكرية واجتماعية، يشترط عليه ان يكون فاعلا اجتماعيا بامتياز، لا ان يعيش في حلم التجريب المقلد والمستنسخ، الذي انتج بدورها اشكالية في تلقي الخطاب المسرحي على مستوى النخبة والعامة معا. لأن فنون الاداب والتعبير لا تحقق ذاتها الا بحضورها الفاعل في حاضنتها الاجتماعية، وهذا لا يحدث الا اذا تنازل صناع الخطاب عن نرجسية الابداع التي تمثلهم حصرا، فكيف يمكن ان يغير الخطاب المسرحي في الذوق العام وصناعه لايقبلون رأياً نقديا يتعارض معهم .

------------------------------------
المصدر : شبكة الإعلام  العراقي
تابع القراءة→

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9