أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، أغسطس 31، 2012

مسرحية مونودراما "ابن فضلان في بلاد العربان " منصور عمايرة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أغسطس 31, 2012  | لا يوجد تعليقات

الكاتب الأردني منصور عمايرة 


مسرحية 
ابن فضلان في بلاد العربان 
"  مونودراما  "  
الشخصيّات :
ابن فضلان 

( المسرح، هناك حصان خشبي في الطرف الأيمن من المسرح، تمثال للخليفة في الطرف الأيسر من المسرح... بقرب التمثال أكمة )
( الضوء يبدو معتما، وتزول العتمة شيئا فشيئا، ويبقى الضوء خافتا )
( يسمع صوت قادم من بعيد يصل خافتا )
صوت: اللعنة عليك، أنت مطرود من حاشيتي.
( تسمع همهمات الحرس، وهم يقرعون الأرض بأقدامهم )
( الضوء يبدو أكثر سطوعا ويسلط على الطرف الأيمن من المسرح )
ابن فضلان : أستميحك عذرا يا مولاي أن تؤجلني بالإجابة عن هؤلاء القوم وهذه البلاد قليلا، حتى أنهي كل الأخبار التي أحملها لك كهدهد سليمان، و كجن سليمان الذي جاء بعرش بلقيس منكسا... فأنا طفت بلادا كثيرة أبحرها وبراريها مدنها وصحاريها... أتأمرني يا مولاي أن أخبرك عن تلك البلاد المهزولة، إذا كانت هذه رغبتك وأنت صاحب الأمر والنهي، سأقول لك بأن تلك البلاد، وأولئك الأقوام ضعفاء العزيمة، وأحصنتهم خشبية هي بلاد وأقوام تحكمها أنت.
صوت : " يبدو الصوت أكثر وضوحا، يسمع من مكان قريب "
اللعنة عليك يا ابن فضلان.
ابن فضلان : " ملتح وخط شعر لحيته الشيب، يدخل المسرح مدفوعا من الخلف بقوة، يسقط على الأرض، ينهض مثقلا متوكئا على يديه، يذرع المكان بخطوات طويلة وسريعة "
" تعتيم "
" تبدأ العتمة بالتلاشي "
ابن فضلان : " يرقد بين شواهد القبور... ينهض متثاقلا حزينا ومندفعا أحيانا... وهو يخاطب التمثال، تمثال الخليفة في الجانب الأيسر... يفضح الضوء تمثالا مركونا في طرف المسرح الأيسر"
ها أنا أعود يا مولاي من رحلة طويلة ومضنية، لا، لا يا مولاي أنا لا أتذمر بقولي مضنية، لكني وكما تعلم أنا إنسان، يداخله التعب والضنك، فيبدو على وجهي وقلبي؛ لهذا قلت كانت الرحلة مضنية، نعم، لم أجد فيها متعة مهما كانت صغيرة كبقية ثمالة في قعر كأس ماء، لا تروي عطش الجسد، أو كلمة لا تشفي ألم الروح.
" يصمت قليلا "
العفو يا مولاي أنا لم أعد إلى التذمر، وأنت ربما تراني كذلك، لكن غايتي أن أصدقك القول بكل المهمة التي شرفتني بها، نعم وكلفتني بها.
"وهو يقترب من الحصان الخشبي "
جئتك بخبر يقين... والله الأمر مضحك أترى تلك الأكمة؟ نعم، نعم تلك الأكمة التي هي في مرمى النظر، رأيت أقواما عاجزين عن الوصول إلى تلك الأكمة، هذا سبب كبير يجعلني استبعد المتعة في هذه الرحلة، أو قل أنساها، وأغمض عيني عنها، لأن الآخرين يبدون بحالة لا يصدقها أحد، هم غير قادرين على معرفة هذه الأكمة، أو كما يقال "وراء الأكمة ما وراءها " ليعرفوا ما يختبئ وراء الأكمة.
" صوت ضحك ينقلب إلى قهقهة "
نعم، من حقك أن تضحك على هؤلاء، من حقك أن تتمتع بالضحك.
" ضحك صاخب "
لا، لا يا مولاي لديهم أحصنة… المشكلة أن أحصنتهم خشبية، فاقدة القوى… نعم، يستطيعون أن يستعيضوا عنها بأشياء أخرى، لكن الأمر…
" يذرع المكان بخطوات طويلة وسريعة مرتين …"
لكن الأمر...
" يصمت وهو يفرك فروة رأسه بشده "
لكن الأمر...
" يصمت وهو يعبث بيديه "
لكن الأمر ليس بهذه البساطة.
" يقترب من الحصان الخشبي يخاطبه"
هناك أمور أكثر تعقيدا تزيد بعجزهم.
" يركض نحو التمثال، يقف أمامه "
نعم، نعم يامولاي، سأقول لك ما الذي يعجزهم.
” يقترب من التمثال ويهمس في أذنه " 
هم صاروا كخشب مسندة.
" يضحك "
قواهم خائرة.
" يضحك "
نفوسهم غير قادرة على ولوج شيء.
" يبدو حزينا ويصمت قليلا "
" ينتقل بسرعة إلى جوار الحصان الخشبي، ويشير من بعيد إلى الأكمة "
لم تعد مقولة " اطلبوا العلم ولو في الصين " تقرع آذانهم.
" يشير إلى التمثال "
لمَ ؟ تسألني يا مولاي لمَ ؟ لأن الصين أصبحت بين ظهرانيهم.
" يذرع المكان بخطوات طويلة وسريعة "
انظر إلى هذه الأكمة… نعم، نعم هذه الأكمة القريبة، إنها بلاد الصين، خطوات قليلة، ألم أقل بأن بلاد الصين لم تعد بعيدة؟
" يقف في الطرف الأيمن من المسرح مبتعدا عن الحصان الخشبي، وهو يبدو حزينا منكسرا "
لكن الهمة بعيدة.
" يسير باتجاه الحصان بطيئا.. بطيئا وهو ينشد "
" وإذا كانت النفوس كبارا    
تعبت في مرادها الأجسام "
"وهو يربت على الحصان الخشبي ويخاطبه بحزن "  
الأجساد نائمة، كأن غمامة المُدام سكنت فيها لا تريد أن تبرحها.
" يضحك حزينا "
" يقترب من التمثال بخطوات وئيدة "
والنفوس وضيعة، كأنها استسلمت لفراغ الرأس من المخ.
" يضحك "
" ما للجمال مشيها وئيدا  
أجندلا يحملن أم حديدا "   
نعم، حديث مضحك وحزين كما تقول يا مولاي... وأنت تستحثني على معرفة تلك البلاد التي جلبت إليك الضحك الكثير، والحزن القليل من حيث تدري ولا تدري، إنها في أرض الله الواسعة.
لا تفتح عمورية عندهم بصراخ امرأة، ولا بإبادة وطن، أو ضياع وطن؟!
" يسرع إلى الحصان الخشبي يخاطبه "
ها أنا أعود، سأقول له: إن رحلة ابن فضلان جاءت بثمرها كله، إلى حد التخمة رأيت هناك أناسا أكثر حاجة برحلتي إليهم من الذهاب بأطراف الأرض، اسمع يا مولاي، والشاعر عندهم محقور، إنهم قوم لا يعرفون الشعر، نعم وأكثر من ذلك يضعون شعراءهم في السجون، والكلمة مقتولة، رأيت بأم عيني أصحاب الكلمة يسيرون في الطرقات بأحوال رثة وبؤس، نعم إنهم أقوام يغتالون الكلمة.
" يصمت قليلا وهو يسترق السماع للحصان الخشبي "
أسمعك تسألني عن هذه البلاد، وكم كنت أود ألا تسألني عنها، لهذا تظاهرت بالصمم والغفلة، ولكنك كررت السؤال ثلاث مرات، وها أنت تظهر لي دهشتك بأنه لم يعلمك أحد عن هذه البلاد من قبل، إن الدهشة
مفزعة عندما تفج الحقيقة.
سأعلمك عنها يا مولاي، لكني أريد أن أحدثك عنها حتى النهاية.
" يصمت قليلا، وهو يتمايل بنشوة النصر مبتعدا قليلا عن الحصان الخشبي"
جئتك يا مولاي بخبر يقين، وأنا أمشي في تلك البلاد التي فاضت بالصحراء، بلاد الصحراء العربية...
" يقترب من التمثال وهو مازال يترنح "
لمن هذه البلاد التي تطاول أهلها بالبنيان؟ نعم لديهم بنايات يقال لها ناطحة للسحاب، أنا موجع، ونادم، لكن ما الذي يشغل الغريب مثلي، إذا ما بقي صامتا لا يسأل أو لا يحير جوابا لسائل..؟
" يهمس للتمثال "
تستطيع أن تقول بأني وجدت المتعة بالأسئلة، واللذة بسماع الإجاية، إنها أبنية كرتونية، نعم، نعم أبنية من ورق كل ما فيها لم يصنعه أهل هذه الأرض... لا شيء فيها من صنعهم، خاوية من الحنين، لا تحوي ذكريات...
" هل غادر الشعراء من متردم    
أم هل عرفت الدار بعد توهم "
" وهو يحتضن التمثال "
أقسم لك أن الشاعر لا يقدر على قول الشعر بين هذه البنايات المتطاولة، ولن يخطر ببباله ذكريات درستها الأيام، لكنها مليئة بالحنين الذي يوجع صدورنا، ولا نستطيع أن نغمض أعيينا عنه مهما كان قاسيا.
" يصمت قليلا، ويبدو زاهدا بالتمثال، يبتعد عنه خائفا منه "
في تلك البلاد سال النفط يغذي الآخرين، نعم، هذا شيء يشار إليه بالبنان عندما تمد للآخرين يدا.. ولكني حزين، لأن هذا النفط صار ينشر الجوع في بيوتهم ورأيت الفقر متربصا بهم...
" لو كان الفقر رجلا لقتلته "
أسواق الشعر هدمت، والجوع انتشر.
" يسرع إلى الحصان الخشبي يركبه "
هذا الحصان الأعجف لا يعنية الكمبيوتر والطائرات، عجبا، عجبا ما بالهم ...
" ينزل عن الحصان بسرعة، يأخذ المكان جيئة وذهابا، وهو يتمتم ويعبث بيديه "
وأنا أجول بأطراف تلك البلاد، قلت له من أين أنت أيها الفتى؟
" ينحني أمام التمثال "
بذلة وإنكسار أجابني، أنا من بلاد الصحراء العربية... ذات يوم كان للصحراء مجد، صحراء العربان الحارقة وهجت روحة لينطلق، ذات يوم كان لهم مجد.
" وهو يتحسس التمثال ويربت عليه "
لججت بأسئلة كثيرة متتالية، وكلما سألت سؤالا ندمت، لم يعد أحد يسمع كلمة.
أماتت الكلمة؟ إني أسمع صوتك هامسا على استحياء من بين أطراف الأسنان، ماتت الكلمة وعاش الدولار.
وهل صنعتموه؟ لم تصنعوه، غزاكم الدولار ولم تصنعوه!
" وهو مازال يتحسس التمثال "
وكلما قلت لنفسي سأصمت عن طرح أسئلة تستولد الإجابات أسئلة أخرى، فقلت بخضم تلك الأسئلة المحشورة في صدري، وماذا فعلتم؟ ماذا صنعتم ؟ " يبتعد عن التمثال صارخا " ماذا صنعتم ؟ ماذا فعلتم ؟
" يشير بيده إلى التمثال "
أرجوك ارفق بي، أنا فزع بإجابتك، نستخدم كل وسائل الحضارة والتقدم ...
" يقترب من التمثال "
أنا فرح، أنا فرح، أحس بنشوة الفرح، أرى أنكم ما زلتم تمدون للمجد يدا...
" إذا القوم مـدّوا بأيديهم
 إلى المجد مـدّ إليه يدا "
" يصمت قليلا "
ماذا تقول؟ ماذا أسمع؟ أنت تفج سمعي بهذا الكلام الذي يطربني..
" يحضن التمثال"
تمدون أيديكم إلى كل ما صنعت الأيام؟ أنا فرح، انظر إلي، ألا ترى؟ تأخذني نشوة النصر، أنا سعيد بما أسمع، ولو أنكم اغتلتتم الشعر والكلمة والحكمة؛ لكنكم مازلتم تسجلون أسماءكم في الزمن.
" يصمت قليلا "
ما هذا الصوت الصارخ في وجهي؟
" ينتفض مبتعدا عن التمثال، وهو يسرع إلى الحصان الخشبي"
تسجلون أسماءكم في سجلات المستهلكين والمدينين من الدرجة الأولى.
" وهو يضرب الحصان بيده "
لم أفهم، لم أفهم... ، أسمعك، سيوفكم ثلمت؟
" يربت على الحصان "
أحمد الله؛ لأنكم لم تعودوا بحاجة للسيوف، هذا فضل ربكم.
" وهو يسترق السماع إلى الحصان الخشبي، يبتعد عنه فزعا "
لا، لا، لا تقول لي بأن عزيمتكم ثلمت، لا تقول، اشحذوها، اشحذوها. لا، لا. أتقول لي ما من همم، أغتلتم الهمم؟ وتقول لي إنها اختفت وراء الأكمة، هذه الأكمة القريبة؟
" وهو يبدو متبرما، يقترب من التمثال "
وتقول نعم؟  قالوا " وراء الكلمة ما وراءها " لا أريد أن أسمع هذا الكلام، لم تذهبوا إلى الأكمة، عجبا أسمع، وتقول لم العجب؟ كيف تقدرون على شحذ الهمم؟ كيف تفرحون لسماع الشعر وقول الكلمة ؟
" وهو يبتعد عن التمثال يسرع إلى الحصان الخشبي، يركبه"
سأرحل من فوري.
" وهو يخاطب الحصان الخشبي"
لمن هذه الديار، أتقول إنها الديار الشرقية من الأرض العربية؟ جلت دياركم أبحث عن مدنكم العتيقة، لم أجد لها وجها. أتماهت فيها كل الأقنعة؟ لله دركم؟ أضاعت؟ وضاعت غيرها؟ وقطعوا البلاد وشردوا العباد؟ لم أسمع بهذه الكلمة من قبل... قطعوا... قطعوا " يردد قطعوا " أنا راحل من هنا.
انظر يا حصاني مابال الشباب والشيوخ يتمسكون بتلك الأبواب الحديدية المؤصدة؟ أنت؟
" وهو يخاطب الحصان "
نعم أنت، مابالكم تقفون على الأبواب الحديدية مثقلون بالهموهم؟ صرتم تقفون طوابير على أبواب أمريكا وأوروبا حبا بالشبع، ورغبة برؤية حياة خالية من الاكتئاب والحزن؟
" وهو يخاطب الحصان الخشبي "
سأرحل إلى الصحراء، إلى أقاصي الصحراء...
" وهو يسترق السماع إلى الحصان الخشبي "
أسمعك تضحك، لماذا تضحك؟ وضحكك صاخب، توقف توقف.
" يلطم الحصان الخشبي "
لم تعد لك ... الصحراء لم تعد لك؟
" وهو يتعلق بالحصان الخشبي "
الصحراء؟!
لا تتهمني بالغربة، لست غريبا، لكن كلامك عن الصحراء يوجعني... ما بالها مابالها؟ أبيعت بالدولار؟ لله دركم أيها العربان...؟ لله دركم، أغواكم الدولار! أحدثتم أشياء كثيرة في بلادكم.
" وهو مازال يتعلق بالحصان الخشبي يخاطبه "
أتقول الكل يهرع وراء الدولار؟ ولا قول في هذا الزمن إلا للدولار.
" ينزل عن الحصان فزعا، ينتقل من مكان إلى آخر بخطوات واسعة وسريعة ... يقفز فوق الحصان الخشبي، يلبث قليلا، ينزل، يذرع المكان مرة ثانية ... يقترب من التمثال "
عمّ تبحث؟ الصحراء لم تعد تستولد الشعر ولا العزيمة، تستولد " البترول " النفط ... لا بأس، لا بأس، مازلتم أسياد الصحراء، أرجوك لا تقل لي بأني واهم، ماذا أسمع ؟ هيهات هيهات ؟! ورأسي ذهبت بعيدا؟
" ضحك ساخر "
أسمع ضحكا ساخرا، ماذا؟ الصحراء والنفط لمن يملك الدولار...؟ ألم تعد لكم الصحراء برمالها وحرها؟ أرحلت؟ لم يبق لكم شيء؟
" يقترب من الحصان يعانقه "
" فإن  تبغني في حلْقة القوم تلقنـي     
وإن تلتمسني في الحوانيت تصطد"
" وهو يخاطب الحصان "
سأرحل ضاقت بي دياركم، قد ضاق هذا العيش بي، أين المفر؟
" وهو يقترب من التمثال منكسرا حزينا "
أستميحك عذرا يا مولاي أن تؤجلني بالإجابة عن هؤلاء القوم وهذه البلاد قليلا، حتى أنهي كل الأخبار التي أحملها لك كهدهد سليمان، و كجن سليمان الذي جاء بعرش بلقيس منكسا... فأنا طفت بلادا كثيرة أبحرها وبراريها مدنها وصحاريها... أتأمرني يا مولاي أن أخبرك عن تلك البلاد المهزولة، إذا كانت هذه رغبتك وأنت صاحب الأمر والنهي، سأقول لك بأن تلك البلاد، وأولئك الأقوام ضعفاء العزيمة، وأحصنتهم خشبية هي بلاد وأقوام تحكمها أنت.
" يبدأ المسرح بالتعتيم، تسمع صوت جلبة وصراخ في الخارج... وحركة جنود،  يفضح الضوء ابن فضلان وهو في السجن وبقربه الحصان الخشبي، وبدا تمثال الخليفة بعيدا، اختفت الأكمة، وظهرت شواهد القبور قرب التمثال "
" يقترب من التمثال"
كيف تحاكمونني بتهمة الخيانة، تقولون يا مولاي ... أنا لا أوجه لك اتهماما ، بل أفتح عينيك على أمانة كلفتني بها، راودتك نفسك أن تزهو قليلا في مجدك بأطراف الأرض، وكلفتني بالرحيل، لكني لم أستطع الوصول إلى تلك الأطراف، ولم أنجز المهمة، لأني بقيت أدور في مكاني، في الأرض التي تحكمها.
" يقترب من الحصان الخشبي "
خنت الأمانة ؟!
" يصمت قليلا "
لم أخن الأمانة، جئتك بخبر يقين.
" يصمت قليلا، وهو يجلس أمام التمثال راكعا "
نعم، نعم لم أقم بالمهمة أصلا، كنت أود القيام بكل ما طلبت مني يا سيدي، أن أذهب إلى تلك البلاد لأرى ما فيها، ننقل لها صورتنا التي نود أن تكون، ننقل لها ثقافتنا، لكني وأنا في وسط الطريق هجم علي في عرض البحر قراصنة، لم تكن سحناتهم غريبة عني، إنهم يشبهونني، نعم يا مولاي يشبهونني، وأكثر من ذلك إنهم يتكلمون لغتي، أخذوني رهينة، وسرقوا كل ما كان معي في القافلة المنطلقة إلى بلاد الظلمات التي أرسلتني إليها، وجدت نفسي في ظلمات، كانوا يعيشون في ظلمات، الصحيح لم يؤذوني، كم وددت لو أنني لم أشرع بتلك الرحلة، رأيت أشياء تدمي قلبي، وتدمع عيني، أشياء لن يقبلها عاقل لبني البشر، أترى يا مولاي، وأنت تخاطب الغيمة " امطري حيث شئت فخراجك لي " كان القراصنة جوعى، كان القراصنة مغبونين، محرومين من الحقوق، خرجوا على الناس فصاروا يقطعون الطرق في البحر والبر، وقالوا  " الجوع كافر" ومرة ثانية أسمعك يا مولاي تقول " لو كان الفقر رجلا لقتلته"
" يصمت وهو يزحف مقتربا من التمثال "
الحقيقة كانت أكبر من ذلك.
" يبدو أكثر حزنا، ينهض ويهرول بخطوات سريعة وطويلة في المسرح، وهو يقترب من التمثال "
كانت الحقيقة أكبر من ذلك، كان الفقر أوطانا، رجالا نساء صبية، انتشر الجوع..
" يصمت يسرع إلى الحصان الخشبي.. يركب الحصان الخشبي.. "
وأنتم تريدون محاكمتي على الخيانة؛ لأني لم أصل إلى تلك البلاد التي سنفتخر بأننا نشرنا فيها ثقافتنا، ولكننا أغمضنا عيوننا عن قراصنة من بني جلدتنا وقومنا، يسرقون الناس في بحرهم وصحرائهم.
" يصمت قليلا "
جئتكم بخبر يقين، وأنا أدور في بلاد العربان، رأيت الناس يقطنون المقابر... وسادتهم يرددون " أنا ربكم الأعلى ".
" من علم الأسود المخصي مكرمةً
أ قومه  البيض أم  آباؤه  الصيد "
" يصمت قليلا "
وأنتم تريدون مني أن أبلغ ثقافتنا كما تقولون إلى أطراف الدنيا.
" بصوت عال "
وأنا لست حرا ... ما الثقافة إذا لم تكن حرية؟ ما الثقافة إذا لم نأكل ونشبع؟ ما الثقافة إذا لم تكن هناك كلمة؟ أليست كلمة حق عند سلطان جائر هي أعظم الكلام؟
" وهو يخاطب الحصان الخشبي "
أثقافة جفاء وغلظة؟ ثياب قصيرة بدوية، ونعال صحراوية، أهذا الدين؟ لا أعرف، لا أعرف، أحس برأسي فارغة.
" يصمت قليلا، ويخاطب الحصان الخشبي "
ما الدين إذا وضعنا كمامات على أفواه الناس؟ ما الدين إذا ألزمنا نفوسنا ذلها وهوانها ونحن نردد : في فمي ماء ماء ماء؟!
" يصمت قليلا "
هذه البلاد يا مولاي، هي أحق بنشر الثقافة فيها من تلك القابعة في أطراف الدنيا ونهاياتها.
" يصمت... ينزل عن الحصان يقترب من التمثال... "
جئتك بخبر يقين، وأنا في بلاد العربان كانت السجون ملأى بالناس.
" يتعلق بالتمثال "
جئتك بخبر يقين، وأنا في بلاد العربان لم يعد هناك من يقرأ.
" يصمت قليلا "
أتوجد في هذه البلاد رؤى؟
" يدور حول نفسه يبحث عن شيء "
ها أنا أبحث علني أعثر عليها...
" وهو يضرب كفا بأخرى "
هاهي يداك فارغتان الآن، متى أعثر على ذاك الشيء الضائع؟
" يسير باتجاه الحصان ... يركبه، تسمع أصوات مرعبه وأصوات أناس يصرخون ويتراكضون، ينتقل بسرعة خائفا من مكان إلى آخر، يلتجئ إلى التمثال، يتمتم بصوت غير مسموع، يحاول الاحتماء بالتمثال "
إنه لا يحرك ساكنا كيف تحتمي بتمثال؟
" يتمتم، يهرول إلى الحصان، يمتطيه، يستحثه على الهرب بسرعة "
إنه خشبي، كيف ينجيك حصان خشبي من هذا الفزع ؟
" وهو يخاطب التمثال "
أنت، نعم أنت، ماذا يحدث؟ لصوص يقتلون الناس ويحرقون البلاد والعباد.
" نيرون " مجنون روما ما زال يعيش بينكم؟ ماذا؟ نيرون لم يمت، جاء نيرون من مكان بعيد فالتقى بنيرون يعيش بينكم فاحترقت البلاد والعباد.
" يدور في المسرح من مكان إلى آخر وهو يردد "
اللصوص اللصوص.
" يصمت قليلا "
أنا نيرون بإرادتي تتطهر الأوطان.
" يصمت قليلا "
وأنا نيرون باسم العنجهية سأحكم البلاد والعباد. 
" يهرول باتجاه الحصان الخشبي "
أسمعت أيها الحصان الأعجف المهزوم...؟
" وهو يقترب من شواهد القبور يخاطبها "
وأنتم ماذا تفعلون في هذه المقبرة؟ أنتم سكان المقابر، تنامون هنا، تعيشون بين الأموات، أنا أحسدكم، أراكم تتشابهون مع الأموات في حالة النوم السرمدي.
" وهو يقترب من التمثال"
أسمعت؟ هم مطرودون من رحمة الحكام.
" يسرع إلى الحصان يركبه "
جئتك بخبر يقين، وأنا في بلاد العربان كان عرابو النفط يسرقونه، وأهله غافلون.
" حرام  على  بلابله  الدوح   
حلال للطير من كل جنس "
" يسرع إلى التمثال يخاطبه منحنيا "
وجئتك بخبر يقين، لا، لا يا مولاي ليسوا غوغاء، إنهم محرومون.
" وهو يشير إلى رأسه "
 لا يكون كل شيء في الحياة بالتفكير، هناك شيء آخر يحس بوجود الحياة..
" يشير إلى صدره "
إنه القلب.
" يجثو أمام التمثال، يتعلق به.. يضحك "
دع الأمور خفيّة.
تريد إصلاح العالم، وأنت غير قادر على إصلاح أرض رعيتك التي ورثتها كما تقول من الله وحده.
" يضحك ويبدو حزينا "
من الله وحده! وبقيت تمارس علينا غواية الوصاية؟
" يبتعد قليلا عن التمثال وهو مازال جاثيا أمامه، يبدو مضطربا يحرك يديه ورأسه تارة، ويعبث بشعر رأسه ولحيته تارة أخرى "
من الله وحده!  وبقينا نصدق أنك ظل الله في الأرض؟
" يتعلق بالتمثال، يهمس إليه "
دع الأمور خفيّة.
" يصمت... يتجه صوب الحصان الخشبي بخطوات وئيدة، يركب الحصان الخشبي، ينهره، ينهره ثانية وثالثة، يبقى ثابتا... يخاطب الحصان "
تسألني لمن أنتصر، أنتصر للكلمة، للشعر بعيدا عن مهاوى ردى التفكير الذاتي... أبحث عن روحي الموجودة هنا، بعدئذ يمكنني الرحيل لأروي للآخر ما يوجد عندنا، كيف أرحل وجوفي جائع، وحقي ضائع؟ كيف أرحل وحصاني خشبي؟
كيف أرحل ونحن أمة مدججة بالهزائم، والبؤس، والضعف والفرقة، نحن أمة مدججة بالفقر والفساد واللصوص، ونهب ثروات الأمة وحرمان الآخر؟ كيف أرحل والحروب الأهليه تمزقني، ويمارس علينا الإرهاب بشبقية إلى حد الجنون؟
ليس هناك راحة أو طمأنينة، كثر النخاسون، كثر المشردون وسكان المقابر، كثر المنافقون، وعصفت بنا سلطة تقمعنا، كيف أرحل؟
" ينهار ويسقط على الأرض قرب التمثال، يزحف إلى الحصان الخشبي، يحاول التشبث به أكثر من مرة "
أين المفر؟ سأهرب من هنا، كيف الهرب؟
" وهو يتعلق بالحصان الخشبي "
نعم هذا الحصان ينجيني، سأرحل، يبدو حصانا أعجف لكني سأرحل... أين سترحل؟ الفقر والإرهاب والجوع واللصوص، الجميع يتربص بك؟
آه ! ما هذا الحزن البليد؟
" يحاول التعلق بالحصان الخشبي... يفشل "
أنا طفل صغير، رق لحالي، أغنيك كالأطفال.
" يردد الغناء وهو يزحف من مكان إلى آخر "
يا حصان يا حصان،
خذني برأفة وحنان،
أبغي النوم بأمان.
" يحاول التعلق بالحصان الخشبي مرة ومرة ومرة ... يفشل "
" يبقى ممدا، يطغى عليه اليأس "
لم يبق لك شيء تستطيع أن تلوذ به. 
" وهو ينظر إلى الحصان الخشبي "
لا، لا هناك المقبرة، نعم، المقبرة، عليك بها، اظفر بالمقبرة، بالمقبرة تكون لك أقل الخسائر، هذا صحيح، لست ميتا ولا حيا، وتعيش على هامش حياة مليئة بكل الفوضى، لكنك في مأمن من السطوات، لا مطمع لهم بك.
" يزحف إلى المقبرة "
ها هي المقبرة، هنا يرقد ابن فضلان بسلام... ( ادخلوها بسلام آمنين ) يتكور قرب شاهد القبر... يبدأ التعتيم... تعتيم... 
                                 ستار  
                         منصور عمايرة
 كاتب أردني 2009



تابع القراءة→

الاثنين، أغسطس 27، 2012

من المسرح التركي المعاصر: "في الكمين" تأليف جاهد آتاي ترجمة نصرت مردان

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أغسطس 27, 2012  | لا يوجد تعليقات





(كوميدية من فصل واحد)


جاهد آتاي (1925 –) : كاتب مسرحي متميز حصل على عدة جوائز مسرحية من أعماله المسرحية: مقعد على الشاطيء، طيور السنونو، حمدي وحمدي، الإنسانية لم تمت، الأم خاتون والبنت خاتون.


الشخصيات:

ييلان اوغلو،الاقطاعي (الاغا)
دورمون البستاني
يشار


زاوية طريق.. مرتفع تغطيه الاحراش وأشجار العليق. على مسافة منه حقول ممتددة نحو الجبال.. نهار مشمس.. ييلان أوغلو مقبلاً من اليسار يسترعي الانتباه لأول وهلة حاجباه، بنطاله الذي من القطيفة، حذائيه اللامعين، سترته الضيقة.
يتأمل حواليه.. يمد يده متناولاً من جيبه ساعته ذات السلسلة، يتأمل الطريق باستمرار وبميكانيكية واضحة الطريق تارة، وتارة أخرى ينظر الى ساعته.يبدو عليه أنه ينتظر شخصاً حركاته الالية تبعث على الضحك. يضع ساعته بارتياح في جيب سترته عندما يظهر دورسون،تغادره الحالة القلقة التي كان عليها، بحيث يبدو رجلاً متماسكاً كالصخر..
بعد قليل يدخل دورسون وهو يتصبب عرقاً.. ما عدا بريق البندقية التي على كتفه، كل ما عليه يبدو بالياً.. أنه شاب يبدو عليه البله، يضع طرفي بنطاله البالي المرقع، داخل جاربيه. في قدميه حذاء عسكري قديم وعلى رأسه قبعة من القش، استهلكت أطرافها تماماً على كتفه الأيسر خرقة، وجراب صيد)
الأغا – أين أنت يا هذا؟
دورسون – (خائفاً) أعذرني يا آغا.. كنت في الحقل.
الآغا – دعنا من الحقل!
دورسون – (ببراءة) كيف يا سيدي. الحقل هو كل ما نملك.. (بفرح مفاجئ) عندما طلبت مني أن أحضر ببندقيتي فهمت كل شيء فنحن سنخرج للصيد (فجأة) هل أنت على استعداد للذهاب إلى جاتال يا آغا.. فالأحراش هناك تغلي بالحجل. (يتأمل الاغا) هل ستأتي هكذا، أليست لك بندقية؟
الأغا – أنت تملك بندقية، وهذا يكفي.
دورسون – ارتح هنا يا سيدي تحت شجرة ودعني ألقي نظرة.. لن أدع حجلاً واحداً يبقى في منطقة جاتال.. لست برجل إذا لم أصطد لك ما يكفيك كمزة لمدة شهر كامل. وسوف أملأ هذا الجراب بالحجل.. وسترى يا آغا.. سترى دورسون البستاني..!
الأغا – اذهب خلف هذا المرتفع!.. (دورسون ينفذ الأمر).
الأغا – (يتوجه نحو الجهة اليسرى من الطريق، ويعود نحو المرتفع ببطء) صوب البندقية نحوي..
دورسون – (باستغراب) نحوك يا آغا؟ حاشا ان افعل ذلك..!هل تختبرني يا سيدي
الأغا – مجرد تطبيقات يا حمار، خطة!
دورسون – وهل يحتاج إطلاق النار من هذه المسافة إلى تطبيقات.. في كل يوم أقتل عشرة غربان في الحقل على الأقل.. من مسافة أبعد من هذه بكثير.
الأغا – (يتأمل الطرف الأيمن من الطريق. يقبل بعده نحو دورسون) أخرج!.. (يجلس قرب المرتفع يخرج سيكارة.. مخاطبا دورسون) إجلس...!
دورسون – (يجلس متردداً. يمدد البندقية على ركبتيه. يتأمل بخشية الأغا منتظراً منه الحديث).
الأغا – (يلف سيكارته، بصوت أمر) ستلبث خلف المرتفع.. (بخشونة) هل فهمت؟
دورسون – (دون أن يفهم شيئاً) أجل فهمت ياسيدي.
الأغا – حسن.. (يمد علبة السكائر له وكأنه يمن عليه بلطف كبير) خذ لف سيكارة لنفسك.
دورسون (يتردد) كلا، عفوا يا سيدي..
الأغا – قلت لك لف..!
(يمد دورسون يده، وهو غير مصدق. يبدأ بلف السيكارة بأصابع مرتعشة)
الأغا – (يضع سيكارة في مبسم من صدف ويشعلها) تملأ البندقية، ثم تطلق النار.. هذا كل ما في الأمر..
(دورسون منهمك في لف السيكارة، تبدو وكأن العملية جعلته يصاب بالطرش)
الأغا – (غضباً) قل هل في هذه البلدة من هو أفضل مني؟
دورسون – (منهمك في اللف، بارتخاء) أنا.. أنا لم أفلح.
الأغا – كن رجلاً رجل! لا خير في العمل بالبستان. (كمن يخطب) يا هذا أليس لديك شرف؟ يا هذا أليس لك عرض؟ يالك من خروف!
دورسون – (يسحب نفسه قليلاً من مكان جلوسه) والله يا سيدي..
الأغا – هل تتصور حالك لو خرجت للمقهى؟!
دورسون – من البستان الى المقهى..؟
الأغا – لنفرض إنك خرجت للمقهى. من يهتم بك؟ لقد تحولت إلى فزاعة من جراء بقائك في البستان. سوف لن يتنازلوا، ليلقوا عليك بنظرة.. فلا فرق بينك وبين كلب الجزار..
دورسون – انهم يخشونك انت يا سيدي، وليس بمقدور أي شخص، أن يدخل مجلسك.
الأغا – لماذا؟
دورسون – أنت ييلان اوغلو، أغا ولك شهرة واسعة..
الأغا – أن الأغاوية لم تهبط عليّ من السماء بل كسبناها بجهدنا وعرق جبيننا. ماذا تظن لقد قتلنا عدة الأشخاص في وضح النهار.. داخل السوق.. لقد ارتكبت حوادث تكفي لسابع سلالتي. كي يرتاح أبناء أبنائي.. (فترة) أما أنت؟
دورسون – أنت على حق يا سيدي.. فلن يضعني أحد في مرتبة الرجال. أنا مجرد فزاعة في بستانك.
الأغا (يشير إلى البندقية) لكي تتخلص من هذا المصير دعها تنطلق فقط.. إنني أريد أن أحسن إليك.
دورسون - (بأمل) كنت متوقعاً.. قلت ما دام قد طلبني سيدي ييلان اوغلو التي تملأ شهرته الافاق فلا بد أن هناك شيئاً ما.. شيء بالغ الاهمية.
الأغا – (ناصحاً) هذه الفرصة لن تسنح لك إلا لمرة واحدة. استعمل عقلك ففي الحقيقة هناك العديد من الذين يقومون بهذه المهمة طواعية. ولن يصلك الدور لو أعلنت عنها بمذياع البلدية.. لذلك فضلت أن أحتفظ بالأمر سراً، لتكون أنت المستفيد. الله يعرف بما في نفسي، فأنا أود مساعدتك، لتحسين وضعك.
دورسون – (وكأن الاغا وهب له مزرعة) دمت يا سيدي.. اطال الله لك عمرك.
أغا – (مبسطا الامر)..بعد الايفاء بالمهمة الموكولة اليك، ستخلد إلى الراحة في السجن خمس أو عشر سنوات..السجن مدرسة ستتعلم هناك كتابة العرائض..
دورسون –(ينتبه لأول مرة) تقول السجن يا سيدي؟
الأغا – وماذا في ذلك؟ إياك أن تفكر بالفرار. الفرار لا يليق بالرجال! ماذا قلت؟
دورسون – أنت تعلم أفضل مما أعلم يا سيدي.
الاغا – أجل ستهتم بالبستان، بدل أن تجلس القرفصاء في البيت.. حين ستخرج من السجن، وتذهب إلى المقهى، سترى ما يحصل.. ستجلس في الصدارة، وسيتنافس الجميع في إكرامك بالقهوة والمشروبات.. وستتزوج من بنات الأشراف.. إن نعمة هذه المهمة، لا تعد ولا تحصى. ستمتلك بستاناً وحقلاً وحصاناً. أجل سيكون لك حصان!
دورسون – (متخيلاً) هكذا إذن يا سيدي؟
الأغا – وماذا كنت تظن (ينظر إلى الطريق)
دورسون – (يقبل يد الاغا بانفعال) سيدي.. سيدي الوحيد.. قلت لابد في الامر شيئاً.. ييلان اوغلو العظيم.. لأكن عبدك.. كل هذا ويقولون عنك ييلان اوغلو بلا رجل رحمة، رجل عديم الشرف..
الأغا – (لا ينتبه لكلامه..عيناه على الطريق) المطلوب ان تطلق يا هذا النار ان كان القادم حجلاً كان أم غراباً.. سيمر بعد قليل من هنا. تعرفه جيداً انه يشار.
دورسون – وكيف لا أعرفه لقد شب في محلتنا (بحقد) لقد خطف مني حبيبتي.
ألاغا –ما دمت تحقد عليه..المسالة اذن هينة.
دورسون – هل درس يا اغا؟
الاغا – ليته لم يدرس.. لكن ماذا تقول في عناد خاله؟
دورسون –خاله إبراهيم الاعور.
الأغا – قلنا له لا تدعه يدرس، بل دعه يعمل عندك لكن إبراهيم الاعور لم يصغ لكلامنا باع البساتين والحدائق ليدرسه في المدارس العليا. وهو يعمل الآن على فتح مكتب هنا ويريد الاقتران بزهرة ابنة الأرملة امينة.. يريد الاستيلاء على ما نملك لم يصغ إلينا.. هيا لا تغفو.. فهمت ما هو المطلوب..الهدف هو يشار. اقتله لتظفر بالشهرة والمجد لن يستطيع أحد أن يتجاوزك. (مشيرا إلى البندقية) اذهب أنت إلى مكانك.. وصوب البندقية كما صوبتها علي قبل قليل (يربت على كتفه ينظر إلى ساعته) انه الان في الطريق. حصاني يرعى تحت شجرة الدلب.. سأغفو في ظلها قليلاً وسأعود حينما أسمع صوت الرصاص. لا تخف على الاطلاق..
دورسون – (بغرور) بإذن الله، سأقوم بالمطلوب يا سيدي.
الاغا – استودعك الله (ثانية) تكرار الامر شرط أساسي في العسكرية. أنا عريف الان، وأنت جندي (بلهجة خشنة) ماذا ستفعل؟
دورسون – (يقف بوضع الاستعداد) سأقوم..أعني..
الاغا – كلا، عليك أن تقول : سأستلقي خلف المرتفع يا سيدي وسأطلق النار على يشار باعتباره هدفاً متحركا !
دورسون – لا تقلق ابداً يا سيدي.
الأغا – إلى اللقاء..
دورسون – (معتبراً نفسه شخصية كبيرة كالأغا)مع السلامة ييلان اوغلو.
الاغا – (يرجع متفسرا) هل قلت ييلان اوغلو؟! صاحب الحانة رفعت وزوجتي فقط لهما الحق بمناداتي باسمي.. ما أسرع تصورك لنفسك شخصية هامة. يا غبي ما قيمة العمل الذي ستقوم به ! مجرد إطلاق النار من كمين.
دورسون – (متراجعاً) سامحني يا سيدي.. كنت أود أن اقول سيدي الاغا..
الأغا – لا.. لا على المرء أن يعلم حده (بابتسامة مصطنعة) رغم ذلك أنت لست بقليل الأهمية.. أدر فوهة البندقية للناحية الأخرى نحو العدو!
(يخرج مشيراً إلى الطريق.. ينظر دورسون خلفه بعدان يتأكد تماماً من ذهابه)
دورسون – إذن هذا هو الموضوع.. من كان يقول أن ييلان اوغلو يكشف سره لدورسون البستاني..! (يداعب البندقية ثم يبتسم بغباء) يا إلهي (ينظر إلى الجهة التي ذهب اليها ييلان اوغلو.. يمسك ظهره متألماً) أوف يا ظهري.. لاستلقي قليلاً فلا احد هناك (يقكر بالأغا) حسن يا اغا (يجلس في نهاية المرتفع يقبض على البندقية بقوة.. يتثاءب) لقد قتلني المحراث.. وهذا البستان..
(تنغلق عيناه. ينام على الفور. تقع البندقية من يده.بعد قليل يظهر يشار في الجانب الايمن من الطريق، شاب يلبس نظارة، تبدو علائم الطيبة عليه.. يرتدي بنطالاً وقميصا رياضياً، يعقد منديلاً على رقبته بسبب الحر. في يده حقيبة صغيرة، يبصر دورسون)
يشار (يقترب رويدا) هذا دروسون..!
(يتناول البندقية خفيةً يمشي على أصابع قدميه يتربص بالقرب منه، يعزف بشفتيه في أذني دورسون نشيداً مدرسياً قديماً)..
(دورسون يتمتم وهو نائم بالنشيد)
(يعزف يشار اللحن بشكل أقوى، يرتفع مع اشتداد اللحن صوت دورسون بالنشيد).
دورسون – (كمن يحلم) أي أناشيد كنا ننشد كان صداها يرن قرب قصر الحاج.. كانت النساء والفتيات يهرعن للنوافذ لسماعنا.. (تتسع عيناه) يشار! (يعود لذكرياته) لم يكن يقبلوني في المدرسة كانوا يقولون عني ابله، وكان الصبية يستهزؤن بي (مخاطباً يشار) كنت تأخذني معك في زيارتك للريف.
يشار – (مصدقاً ما يقوله بإيماءة من رأسه، مواصلاً العزف في الوقت نفسه)
دورسون – (بحسرة) آنذاك كانوا يقولون عنك الولد الصغير.. هل تذكر كيف طاردك الحاج ايوب مرة بعصاه؟
يشار – (ضاحكاً) كان يقول، أنه يجمع الشياطين في المحلة (ينهض، ويفتح ذراعيه ليحتضنه) تعال ياطفولتي، تعالي يا أيامي الزاهية.
دورسون – (يحضن يشار بتأثر بالغ) أه.. يشار صاحب العينين السوداوين (يرخي ذراعيه فيما بعد، خجلاً).
يشار – (يعانقه) دورسون، صديقي!
دورسون – (تقدح عيناه بالشر، يبتعد عنه ) لكنك اصبحت سيداً.. أما أنا..فمجرد بستاني..!
(فجأة يبحث عن بندقيته) أين بندقيتي؟
يشار – هل خرجت للصيد؟
دورسون – (يستمر بالبحث) إنها كل ما أملك.. بدونها أنا مقيد اليدين.. والغربان ستحتل الحقل.
(يلتفت وينظر نحو يشار فجأة) لقد ضاعت البندقية..
يشار – يا دورسون (يتجه نحو المكان الذي أخفى فيه البندقية) لقد أخفيتها.. لمجرد المزاح فقط. (يأتي بها ويعطيها له).
دورسون – (يخطف البندقية ويلقي بنفسه خلف المرتفع موجها الفوهة نحو يشار) أسف يا صديقي، يجب علي أن أقتلك!
يشار – (مستغرباً) تقتلني أنا لماذا ؟
دورسون – ومن أين لي أن أعرف لكن يجب أن أقتلك..هكذا امرني الاغا!
يشار – دورسون!
دورسون – قل ما تريد.
يشار – أجاد أنت (برقة) أه دورسون تعود إلى أعمالك الصبيانية من جديد؟ هل تعود بعد هذا العمر إلى لعبة الشرطي والسارق؟
دورسون – (بغلظة) أن داخلي يحترق، ولكن ليس ثمة من حل.. هذا ما يجب أن يحدث..هكذا امرني الاغا!
يشار –حسناً.. السبب..لماذا تريد ان تقتلني؟
دوورسون – (على وشك البكاء) هل عليّ أن أبقى على ما أنا عليه..؟ أصبح كلب القرية.. أن لا استطيع الجلوس في المقهى أن لا يكون لي حقل وحصان أن لا اتزوج؟ (خجلاً) لو قتلتك.. عفواً..سترتفع مكاني وقيمتي في القرية.. هذا ماقاله الاغا!
يشار – فهمت دورسون تفعل كل ذلك هذا من أجل الحصول على شيء.. ياللأسف..
دورسون– سأعتبرك مجرد غراب يتهاوى..
يشار–.. حسنا يا صديقي العزيز،.لكن اعلم أن عذاب القاتل هو أكثر من عذاب ضحيته. حينما ستذهب إلى اي المقهى، سيهتف بك هاتف ((لماذا قتلت يشار؟)) وحين ستكون مع زوجتك وأنت ترتشف الحساء بشهية سيقول لك نفس الهاتف ((قتلت الغربان، لأنها تسرق الحبوب ن لكن يشار لم يكن غرابا..؟ ألن تقع الملعقة من يدك أمام هذا الهاتف؟ هل ستستطيع أن تمر من امام شجرة العليق الحمراء هذه؟.. هل تستطيع أن تشق آنذاك.. البطيخة الحمراء إلى نصفين.. قل لي؟
دورسون – اختطفت حبيبتي مني..
يشار – من أنقذك من الغرق في البحيرة؟
دورسون _ ها.. يا هذا.. أنظر كنت قد نسيت ذلك (يقترب منه) أنت ولد طيب. لنجد حلاً.. فلا يزال هناك عام على حلول المساء (متوسلاً) هيا يا يشار!.
يشار – لنجد حلا.
دورسون – أنت شخص دارس، أرني شطارتك، فعقلي لا يعمل في أمور كهذه.
يشار – سأعمل كل ما بوسعي (يفكر) دورسون هل بيننا ثأر.
دورسون – (متسائلا) هل هناك ثأر فيما بيننا؟
يشار – ليس ثمة ثأر بيننا على الاطلاق.
دورسون – صدقت ليس بيننا من ثأر.. قاتل لله الثأر.(يسحب دورسون بنطاله وهو يفكر متبرماً)
يشار – ما أجمل الطقس..
دورسون – وهل هذا وقت الحديث عن الطقس؟ (يتثاءب دون إرادة) أجل ما اجمل الاستلقاء تحت شجرة الدلب في هذه الساعة.. (يتذكر ييلان اوغلو).
لكن هذا لا يناسبنا، بل يناسب السادة..ويناسب ييلان اوغلو.
يشار – جيد ولكن.. أن ما قلته بلا مبرر. أنظر لو نشبت حرب فأن كل شيء يبدو معقولاً. أنا ألقي بقلمي وأنت بمحراثك ونذهب للجبهة.. ستكون آنذاك أسباب عديدة للقتل، نضغط على الزناد ونطلق النار على العدو..
دورسون – ولماذا تفكر بذلك؟
يشار – هل هناك أمر صادر لكي لا نفكر بهذا الخصوص؟.
دوروسون – يتملص– كلا..
يشار – حسن ماذا نفعل. ليس بيننا حقد دفين في الماضي. (فجأة) دعني إذن أهينك، وأبصق في وجهك..ليكون لك مبرر لقتلي.
دورسون – لماذا ترغم نفسك على ذلك؟.
يشار – من أجل تبرير مقنع لما ستقوم به.. (متخيلاً) لكنني احلم بفتح مكتب نفسي لخدمة القرية.
دورسون –رئيس البلدية، شنق نفسه لأنه لم يستطع أن يحقق ما يريد.
يشار – لندع ذلك الان.
دورسون – (فترة، فجأة يصرخ بفرح وكأنه وجد مبرر قتل يشار) لقد تذكرت في فترة ما أعتدى أبوك على أبي. أمي تحدثني عن هذه الحادثة دائماً.. حتى وصل بهما الأمر إلى المحكمة.. ما الذي تقوله في هذا..؟.
يشار – (يهز رأسه) كلا، لقد سمعت بذلك من خالي لقد قام الاقطاعي ييلان اوغلو بذلك ثم إتهم به والدي.
دورسون – ييلان اوغلو لا يعتدي بالضرب، بل يصفي الذي أمامه.
يشار – لقد حكم على أبي بالبراءة.
دورسون _ اللعنة.. قالت لي امي بأن بناية الحكومة قد احترقت، والتهم الحريق كل الأوراق فيها..
يشار – أجل قرأت في الصحف عن الحريق. وقد قام بالحريق أحد المنفذين.
دورسون – أصحيح ما تقوله؟
يشار – وهو من حزب ييلان اوغلو.
دورسون – أه لو كان ذلك الرجل أمامي بدلاً منك..
يشار – بدلاً من ييلان اوغلو؟
دورسون – (بخوف) لا تكن طفلاً.. من يستطيع على تشهير سلاحه في وجه ييلان اوغلو؟هل تعتقد ان الرصاص سيصيبه بأذى؟ (يبدو منشغلاً بالموضوع)ان من يصرع ييلان اوغلو ستعم شهرته سبع دول. وستؤلف عنه الاغاني.
يشار – (متأثراً) لا أحب مثل هذه الاغنيات الحادة كالسكين والمريرة كالعلقم.. هل تستطيع الاستماع إلى أغنية ( صرعوا يشار في طريق المحطة) لو قمت بقتلي؟
دورسون – (متأثراً) يا هذا سيمتلئ قلبي ألماً.. (صرعوا رجب في طريق الجسر..) أغنية مريرة تتحدث عن حبيبة هذا البائس.. ولا أستطيع سماعها.
يشار – لي حبيبة أسمها زهرة.
دورسون – (متمالكاً نفسه) هل تعتقد أن ابنة الأرملة سترثيك بالأغاني؟ كلا يا أخي، لا تقلق من هذه الناحية.
يشار – لماذا؟
دورسون – إسمع كلامي.
يشار – ها.. زهرة أنها فتاة متحررة.. تتجول تغني.. أجل أنها لم تخلق للعباءة والعيش داخل قفص..
دورسون – لتكن خطيئتها في رقبة من يطلق عنها الاشاعات..
يشار – (يبدو مهتماً بموضوع زهرة) لم أفهم؟
دورسون – يقولون أنها على علاقة مع رجب بائع الجوارب.
يشار – إشاعة. حينما تذهب زهرة إلى دكانه، يعتقدون أن هناك شيئاً ما بينهما..
دورسون – ما الذي تقوله عن ييلان اوغلو؟
يشار – (غير مكترث) هل أدخل نفسه في هذا الموضوع أيضاً؟
دورسون – أنه أغا يتدخل في كل شيء.. ما الذي نستطيعه نحن؟
يشار – زهرة وييلان اوغلو (يبتسم محاولاً طرد الافكار السيئة) أن زهرة مثل زهرة عباد الشمس.. تلك الزهرة الصفراء التي تتلفت صوب ضوء الشمس دائما (بكراهية) ما الذي تفعله بهذا الرجل الاسود كالظلام؟
دورسون – أن زوجته تعلم بكل شيء
يشار – قلت زوجته، زوجة ييلان اوغلو..
دورسون – أجل زوجته.. تقول، أن زهرة ستتزوج من الاغا، وسوف أزوجها له بنفسي.. إنها تعلم ذلك وتفعله فهي خنزيرة.. شريرة.
يشار – (وكأنه يخاطب نفسه) مرعب مخيف حتى مجرد الحديث عنه. إمراة تزوج زوجها.. ياإلهي ما افظع ذلك.
دورسون (يوجه البندقية له) هل تأكدت من كلامي الآن؟
يشار – (مفكرا) لا يمكن أن يحدث هذا.. ثمة ضمير.. ثمة قانون..
دورسون – (لم يفهم) قلت محال..
يشار –(لم يسمع.. مفكراُ) ناولها لي..
دورسون – (يعطيه البندقية فرحاً) هه أيها الشجاع يبدو إنك ستقوم بالمهمة بنفسك.
يشار – في هذه البندقية موت.. ورصاص.
دورسون – اجل كلها في هذه البندقية.
يشار – (يوجه البندقية صوب دورسون)
دورسون – (بهلع) اتصوب البندقية نحوي؟
يشار –ما الذي يفرق بيننا ؟
دورسون – (يرتعش) لا شيء..
يشار – الخيانة، العداوة، الدم ام الموت؟
دورسون – (متوسلا) لقد وصلت إلى ما تبتغيه.. هل تود أن تحقق المزيد من الشهرة بقتلي؟.
يشار – (مستمرا) اليد الممتدة إلى بستانك. وإلى بيت الآخرين.. تمتد الان نحو زهرة أليس كذلك؟
دورسون – لست أنا والله.. بل ييلان اوغلو..
يشار – البندقية.. أصل الكراهية.. (يلقي بها جانباً) لا تحملها يا دورسون.. إهتم بالصداقة.. بالحب (يعانق دورسون، ويقبله) أوه هذه الرائحة أنها رائحة الأرض والعرق والصداقة.
دورسون – (ينظر بأتجاه البندقية) لا تصغ إلى أهالي القرية. أن أبنة الأرملة في انتظارك لقد ابتاعت أوقية من اللحم لاستقبالك..
يشار – أعرف (ينظر صوب القرية) القرية التي تنتظر شعاعا من الضوء في انتظاري (يحل بأنفعال حقيبته) عليّ أن أذهب.. سأنتظرك في حفلة الزفاف، زفافنا! (يمشي بحبور).
دورسون – (يتناول البندقية) وما الذي سأقوله للأغا (يضع الفوهة على ظهر يشار)
يشار – (يرجع وهو موشك على الخروج) مع السلامة.. ما هذا يا دورسون؟ ييلان اوغلو من جديد..
دورسون – (خجلاً يوجه البندقية نحو السماء) انها فقط من أجل الغربان.. ثم سأطلقها في الفضاء..
يشار – أطلقها لتعلن عن صداقتنا أضغط على شرف صداقتنا.
(يضغط دورسون عل الزناد يمتليء المسرح بعد لحظات بوريقات بيضاء كالتي تلقى في الحفلات وكأنه ندف ثلج يسقط على المسرح. ينظران باستغراب إلى السماء).
دورسون – أنها أزهار ورقية (يبسط كفه تحتها)
يشار – انها أزهار (ينظر نحو السماء) جواب من السماء.. أزهار السعادة من تلك الشجرة الضخمة (بطيش) لم تكن تقصد قتلي..
دورسون – (مستغرباً) وضعت فيها الرصاص..
يشار – (بانتصار وهو يذهب) تحولت إلى ورق.. أوراق صغيرة أحضر وكأننا في حفلة زفاف.
دورسون – (يفك البندقية ثم يعيد تركيبها) لقد دخل فيها الشيطان..انها إرادة الهك
(معتقداً ان يشار لا يزال موجوداً) أجل الله لا يريدني أن أقتلك..
الأغا – (يدخل مسرعاً كالبرق) يا كلب الجزار.. يا قواد لقد هرب منك!
(يقفز دورسون من الخوف خلف المرتفع)
الاغا – يا أبن الحرام.. هل تختفي الان أين كنت قبل الان هل أخطته؟
دورسون – (شاعراً بالذنب) لم اتمكن من اصابته..
الاغا – (يقف بكامل مهابته في منتصف الطريق امام دورسون) هل أعجبك ما فعلت ؟..
دورسون – (مشيرا الى البندقية أنها لا تطلق..
الاغا – كيف لا تطلق يا حيوان ؟
دورسون – الرصاص لم ينطلق.. الرصاصة تحولت إلى فتات من ورق.. استغربت انا ايضاً لذلك.
الاغا – أيها المجنون.. ما الذي تعنيه ؟
دورسون – لم اصدق ما حصل.
الاغا – لا يمكن ذلك..
دورسون – يا سيدي.. أقسم على ذلك.. تحول الرصاص إلى ندف ورقية.. كندف الثلج.. لأصاب بالعمى أن كنت أكذب..
الاغا – أخرس أيها الكلب المجنون!
دورسون – أقسم أنها الحقيقة (يوجه بغباء البندقية نحو الاغا) سأجرب مرة أخرى أن كنت لا تصدق..انظر!
الاغا – هل ستطلق النار عليّ يا حيوان؟
دورسون – لا تخف. لن يحدث شيء.. أنه ليس برصاصً بل ورق.. (يضغط على الزناد..تنطلق الرصاصة)..
الاغا – (يخطو خطوة وهو يصرخ) اه يا كلب (ويسقط تحت المرتفع صريعا)
دورسون – (غير مصدق ينتظر..) لا تمزح معي يا سيدي.. هذه البندقية لا تقتل (ينهض متردداً يقترب من جثة ييلان اوغلو) يا إلهي.. لقد اخترقه الرصاص! (يشعر بالخوف) والله لا ذنب لي (يخاطب الجثة) أغا.. أغا ياسيدي الوحيد.. هيا أنهض حباً بالله (ينظر بخوف يميناً ويسارا) أنه ميت.. ييلان اوغلو العظيم يمووت (يحاول الهرب) خرجنا لصيد الحجل أنظر ما حل بنا.. دورسون البستاني يصرع ييلان اوغلو؟ (فجاءة يشعر بالغرور والكبرياء) ولماذا لا أصرعه ألست رجلاً أليس من حقي أن أتمتع بالشهرة والمجد؟ ايه يا دورسون، لقد صرعت ييلان اوغلو...... (ينحني فوق الجثة، ويتناول الساعة، وعلبة السكائر ويضعها في جراب الصيد.. يلقي بقبعته المتهرئة ويلبس قبعة الاغا التي تبدو كبيرة على رأسه)... القبعة الواسعة تهبط حتى عينيه يحمل البندقية على كتفه ويمشي نحو الطرف الايسر)
أذا لم يصدقني احد، سأقول اذهبوا صوب المحطة نحو المرتفع هناك سترون جثته..جثة ييلان اوغلو!
(يخرج دورسون مرفوع الهامة).
تابع القراءة→

منصور العمايرة سيرة ابداعية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أغسطس 27, 2012  | لا يوجد تعليقات


منصور عمايرة ، كاتب باحث، روائي ومسرحي أردني، حاصل على ماجستير في النقد الحديث.

نشر أعمالا في الرواية، والمسرح، وأدب الطفل، والدراسات.

أعمال منشورة في الرواية :

1- رواية " رائحة التراب "، عمان 2001م.

2- رواية " الزحف "، عمان، 2003م.

3- رواية الرحلة الأخيرة "، عمان ، 2004م.

4- رواية " الأرض القفار "، عمان، 2005م.

5- رواية "تايكي واهبة الحظ"، عمان 2007م.

6- رواية " سجون من زجاج "، عمان،2009م.

7- أعمال روائية، عمان، 2011م.

أعمال منشورة في المسرح :

1- أعمال مسرحية ج1، عمان، 2000م

2- أعمال مسرحية ج2، عمان،2000م

3- مسرحية هي أرضنا، عمان 2008م

4- مسرحية ميشع ابن الشعب ، عمان ، 2008م

5- مسرحية الرغبات، عمان، 2008م

6- مسرحية الرصيف، عمان ، 2012م

أعمال منشورة في أدب الطفل:

1-  مسرحيات للأطفال، عمان ، 2001م.

2-  قصص للأطفال، عمان ، 2007م.

3- رواية " نصيص " رواية للأطفال، عمان ،2005 م.

4- رواية " البحث عن الرحيق " رواية للأطفال، عمان،2009م.

5- مسرحية الناسك، الشارقة، 2009م.

6- مسرحيتان للأطفال، صاحب الهمة، وأنا وحدي، عمان ، 2010م

أعمال منشورة في الدراسات :

1- جمالية مسرح الطفل ، عمان، 2008م.

2- المسرح الأردني / البدايات ، عمان، 2010م.

3- العلامة المسرحية / العرض المسرح، عمان، 2012م.

4- المسرح الجزائري / المقاومة في المسرح الجزائري، عمان،2012م.


جوائز: جائزة المسرح العربي لمسرح الطفل، الصادرة عن الهيئة العامة للمسرح العربي، في الدورة الأولى 2009م.


شارك في ندوات وملتقيات علمية حول المسرح في الأردن والجزائر والشارقة وعُمان.

بريد إلكتروني : buqasem_21@yahoo.com
تابع القراءة→

السينوغرافيا والإخراج المسرحي وجهان لعملة واحدة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أغسطس 27, 2012  | لا يوجد تعليقات

التجريب في مسرح الرؤى
السينوغرافيا والإخراج المسرحي وجهان لعملة واحدة

لم تعد السينوغرافيا في مسرحنا المعاصر مجرد ناقل للواقع الحياتي أو حامل لعلامات رمزية للغة النص المسرحي، فضلاً عن ذلك لم تعد مجرد رؤية تشكيلية مؤطرة، أو مؤثر من مؤثرات التقنية، بل كسرت في رؤى أصحابها المتنوعة الاستعارة من الأدب الرمز الأدبي الإنشائي أو الاستعارة الدلالية قيمتها الفكرية والجمالية، بل أضحت السينوغرافيا لغة متفردة لها قوامها الذاتي ومفرداتها الخاصة بها ورؤاها التشكيلية في المسرح المعاصر. إنها ترسم فضاءات مختلف خشبات المسرح وتعيد صياغتها من جديد. عبر هذا المفهوم ينتقل فن السينوغرافيا من منطوق الترجمة والنقل إلى مفهوم الرؤى والابتكار. فلم يعد فن السينوغرافيا مجرد ترجمة أمينة للواقع الحياتي المؤطر أو تفصيلاً لكتل من الديكورات والأثاثات فوق الخشبة، بل أضحى مؤثراً فاعلاً في التجربة المسرحية المعاصرة ورؤاها. إن قراءة النص المسرحي هي قراءة غاية في الحساسية والدقة لرؤية لغة العرض المسرحي فوق الخشبة سواء كانت تقليدية مثل خشبة علبة المسرح الايطالي أم استقراء فضاءات مسرحية جديدة تثور على فراغات خشبة المسرح المنغلقة، وتخرج متحررة إلى الأماكن العارية التي يشكل من فوقها الفنان تجربته المسرحية.
من هذا المنطلق أصبح دور الفنان السينوغرافي البحث عن فضاءات خارجية تتشكل فيها مفردات العرض المسرحي، وتتخلق في نسيجه رؤى جديدة تطرح ذاتها بقوة وتكتشف مفردات هذه الفضاءات وتكويناتها لتتكيف وتتلاءم تكويناتها الدرامية أو النصية وفقاً لتلك الفضاءات. على أن الفنان المسرحي في النصف الثاني من القرن العشرين حاول عن رغبة دفينة منه البحث عن حيوات جديدة لعروضه المسرحية، محاولاً كسر حالة الانغلاق والانسداد التي وقعت فيها الدراما الواقعية بكل موضوعاتها وأفكارها وتشكيلها، وذلك بالبحث والتنقيب عن أشكال وأطر فنية جديدة تتخذ من هذه الفضاءات ذريعة ورهاناً لإعادة تشكيل مادتها الدرامية وفقاً لما تمليه لغة هذه الفضاءات المسرحية لإعادة تشكيلها من جديد وطرحها على جمهور قد شعر بالملل من تكرار ما يشاهده فوق خشبات المسرح، فتعيد هذه الفضاءات طزاجة هذه الأعمال وتدفعها دفعاً إلى أن يُعاد اكتشافها من جديد تماماً كما فعل بيتر بروك وكانتور وشاينا وستانييفسكي وباربا والطيب الصديقي وروجيه عساف وانتصار عبد الفتاح وكاتب هذه السطور وغيرهم من مبدعي الفضاءات المسرحية الجديدة في النصف الثاني من القرن العشرين وصولاً إلى بدايات القرن الواحد والعشرين.
الفصل
وفي ظني أن المخرج المعاصر لا يمكن له بهذا المفهوم أن ينفصل عن فهمه الدقيق لسينوغرافيا العرض المسرحي. وأؤكد أن الرؤى الجديدة لدى المخرج المعاصر تتخلق من التفكير العميق في تكوين سينوغرافية هذه العروض المسرحية المعاصرة. بل إن معظم المخرجين المعاصرين اليوم هم سينوغراف لعروضهم المسرحية، وكأن تشكيل العرض المسرحي يبدأ من هذه النقطة ويرتكز على المعرفية العميقة لفنون السينوغرافيا. إننا نكتشف أن أهم الرؤى المسرحية التي تسوغ مسرحنا المعاصر اليوم هي رؤى المخرجين/السينوغراف، ولعل معظم ما ذكرتهم من هؤلاء المخرجين هم في تكوينهم الفني سينوغراف حقيقيون. مما يؤكد أن الفصل بين الرؤية المكانية والزمانية والجمالية للعروض المسرحية ورؤى المخرجين في تفسيراتهم للأعمال المسرحية هو عبث ومجرد لغو. فلم يعد العمل المسرحي مجرد تفسير لنص المؤلف أو نقل لرؤيته، ذلك لأن رؤية مؤلف النص المسرحي هي رؤية واحدة أو كما نقول بلغة النقد قراءة من القراءات، لكنها ليست كل القراءات أو على الأصح لا يتوقف العمل المسرحي عندها، بل إن أهمية الإبداعات الفنية وعلى رأس قائمتها الإبداع المسرحي تنبع من تعدد قراءتها. ويقوم سحرها ونفاذها إلى المتفرج على هذه التعددية، التي يشارك المتفرج بذاته وفكره في تشكيل رؤيته الخاصة عنها.
وكلما اقترح العمل المسرحي في رأيي قراءات ورؤى متعددة، سمح هذا للمتفرج أكثر فأكثر في تشكيل رؤيته الخاصة أو قراءاته الذاتية.
يقول المخرج/السينوغراف البولندي تادووش كانتور أحد روّاد المسرح المعاصر: كنا نرمى في عملنا المسرحي الوصول إلى شيء آخر تماماً، ليس الوصول إلى فكرة نقل الواقع، بل الوصول إلى الفن الخالص، إلى عرض مختلف يتكون من المواد الواقعية الممتزجة معاً بالمادة الفنية.
لقد استخلصنا منابعنا من الواقع المحيط بنا (...) "وتصدمنا حقيقة فنية هامة يستطرد كانتور أنه في اللحظة التي يتواجد فيها السينوغراف، نكتشف أنه نفسه مخرج في الوقت ذاته، ويقوم بنفسه بتصميم الإطار التشكيلي، ويبدو أن هذا إطار مقتصد "كما يدّعي البعض!".
والاقتصاد الذي يعنيه كانتور هو مصطلح يسخر به من الرأي الذي يرى أن الجمع بين الفنيين ليس معمولاً به لضرورة فنية بقدر ما هو معمول وفقاً لاقتصاد مالي. وهذا مما لا يوافق عليه كانتور فالقضية برمتها هي في الأساس فنية بحتة. في رأيه أن المخرج هو مؤلف العرض المسرحي بأكمله، حتى مؤلف الكلمة يعتبر نصه مفردة من مفردات العرض المسرحي، وليس أهمها. وتكتسب السينوغرافيا بعداً مخالفاً تماماً عن مصطلح "مهندس الديكور" الذي شاع فوق خشبات المسارح العربية ربما حتى الآن. ولقد لخص المخرج المسرحي "تادووش كانتور" في عروضه المسرحية رؤيته السينوغرافية، وأحال ما يمكن أن يطلق عليه بالديكور شيئاً آخر ليغدو مجرد قطع إكسسوار على شكل موائد عدة، وكراسي وسلالم كانت تكفيه، ليتمكن من الناحية التشكيلية تحديد الفضاء المسرحي المطلوب لعرض مسرحي بعينه، ومن ناحية الرؤية الإخراجية كان تكفيه وضعية الممثلين فوق الخشبة وخلق المناخ الفني اللازم والملائم لهم للتعبير.
فالسمة الغالبة إذن من الناحيتين (السينوغرافية والإخراجية) أنه هنا يتأكد تيار الوعي لإبداع عرض مسرحي بأكمله معاً من خلال مبدع واحد هو السينوغراف والمخرج في شخص واحد، ولا يكون إبداع السينوغراف هنا مجرد "إطار تشكيلي" فقط، بل محاولة لتجاوز التطبيق المسرحي المتصل للسينوغراف على حدة والمخرج على حدة ليكون الفنان هنا "وجهين لعملة واحدة!" إن الإبداع السينوغرافي للفنان المعاصر يمكن معاملته باعتباره نوعاً من الاختلاس الفني للميراث الفني التشكيلي بأكمله في مواجهة الأسس الجمالية الفنية الجديدة، التي كانت جوهراً وأساساً في تشكيل المسرح الأوروبي الحديث وتكوينه في أثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها. عندئذٍ كان كانتور يتحدث عن المصطلح الفني الشائع "ديكور" رافضاً إياه، ويصرّ في تنازله عن ما يُطلق عليه بـ"الديكورات التقليدية" مقترحاً بديلاً عنها هو "السينوغرافيا" الزاخرة بتلك الأشكال التي تعبّر عن بنية الحدث، وصيرورته، وديناميكيته، الساعية لارتفاع معدل تطور الحدث، ونموه، والوصول إلى نقاط ذروته، تلك التي تخلق توتراً درامياً، وتربط الممثل بالحدث الدرامي / المسرحي / التشكيلي، الذي تنبع منه علاقاته الديناميكية بل وجوده وحياته الفنية.
السينوغرافيا وسيط قديم
شهدت الممارسة المسرحية في العقود الأخيرة تغيرات عميقة نتيجة ظهور وسائل إعلام وتقنيات رقمية جديدة. فأصبحت تتحكم في إنتاج وتلقي العديد من العروض المسرحية المعاصرة سينوغرافيا مستحدثة تتضمن دراماتورجيا بصرية ومؤثرات رقمية سينوغرافية قلّما يمكن إخضاعها للنص الدرامي. تضع هذه الوسائط اللغة المسرحية برمتها موضع تساؤل، كما تستلزم الدفع بالجمهور إلى اختبار المخرج والسينوغراف معاً في صدقية هوية التمثيل بعد استحضار ما ورثناه من سينوغرافيا الفضاءات المسرحية ودخولها دخولاً ضمنياً في أطروحة الوسائط الأخرى، والتي أصبحت "وسيطاً قديماً" بالنسبة لهذه التغيرات الإعلامية الأخيرة وعلاقاتها بالعرض المسرحي المعاصر. وعلى الرغم من أن الاختلافات بين الحضور للعرض المسرحي الحي والنسخ المسجلة (كالمستحدثات المكانية والزمنية، والفروقات بين الأصل والنسخة) هي متداخلة في ما بينها، فإنها تزيح الافتراضات المسبقة حول الحضور الفاعل فوق الخشبة والتمثيل، وتعمل على تغيير إدراك المتلقي. هذا التحول في الإدراك لا يقلل من جودة العرض المسرحي وقيم الفرجة الحية له، وإنما يؤكد كما ترى الباحثة الألمانية إريكا فيشر أن الأداء الحي وأداء الوسائط الجديدة من دراماتورجيا بصرية ومؤثرات رقمية لا يختلفان كثيراً عن بعضهما البعض.
إن تزايد الاهتمام النقدي بهذه الوسائط في المسرح المعاصر اليوم يسعى إلى ايجاد أشكال تتعامل مع "العرض المسرح المعاصر" ومن بينها "أشكال الفرجة المسرحية" لمضاعفتها. فمن المؤكد أن هذه الظاهرة، التي أصبحت خاصية مميزة لبنية التفكير، يتسع دورها عبر عصر "ما بعد الحداثة" لدى الغرب. إذ لم يعد العالم مجرد فضاء شاسع من العناصر المتنقلة/المتحركة، بل فضاء من "الذوات الإنعكاسية" المُستقبلة والحوارية في أبنيتها. وإذا كنا قد لاحظنا دخول بعض التجارب المسرحية العربية في هذه الدائرة التي وصفها هانس ليمان بـ"مسرح ما بعد الدراما"، والتي تتميز عموماً بحوارها المتعمد مع السيميوطيقا المسرحية، فإن ما تقوم عليه هذه التجارب يدفع إلى تأجيل الاكتفاء بالمعنى الحرفي لرسالة العرض المسرحي، ذلك أن علاقات جديدة تنبثق من العلاقة الحرّة الناشئة التي تؤطر علاقة المؤدين والمتفرجين داخل فضاء العرض المسرحي. ألم يحن الوقت إذن للتحقق من هذه الممارسات المسرحية بشكل علمي؟! هذه الممارسات التي أصبحت تغزو مسارحنا العربية؟! في هذا الاتجاه تسعى هذه الورقة إلى تعميق التفكير في تواتر النصوص وفضاءات الوسائط الإعلامية الجديدة، ومختلف العلاقات الوسائطية المتاحة بينها ضمن تفاعل الوسيط المسرحي المتسم بالحيوية والمباشرة داخل السينوغرافيا وفنون إخراج العرض المسرحي وتزواجهما معاً مع تقنيات السينما والتلفزيون، والتقنيات الرقمية بخاصة. سواء في ضوء النقاشات النظرية، أو ضمن مسارات التأمل الذي تخضع له أشكال الأداء والتقبل المسرحيين لهذه النصوص المفعمة بحيوية هذه الوسائط وتقنياتها.
لقد حان الوقت للتأمل والتفكير في تلك الإشكاليات المختلفة التي نراها مؤطرة للنقاش حول مكانة العرض المسرحي على مستوى النص المسرحي والسينوغرافيا والإخراج المسرحي في إطار ثقافة تسيطر عليها وسائل الإعلام والاتصالات الرقمية. لقد أصبحت واقعية العرض المسرحي "واقعية موسعة hyperrealism"، مما يتطلب إعادة صياغة مفاهيم علوم المسرح ووسائل التكنولوجيا، وذلك الاتصال المتزامن مع تطورات هذه الوسائل، وعلاقاتها بجسد ما بعد التمثيل. فإن كل ذلك يؤثر تأثيراً كبيراً في المسرح العربي المعاصر ويشكل أسئلة تطرح حول مرحلة "ما بعد الدراما التقليدية" في مسرحنا العربي المعاصر. وحول جدوى تفكيرنا الثابت والمتقولب غير القابل للحوار والجدل مع الآخر لانغلاقنا داخل ذواتنا وإدراكنا أن ما نعرفه وما نعلمه هو الوحيد المقبول.. وهذا ما قد عرّض مسرحنا العربي وما يزال يعرضه إلى الموت!

المستقبل - لبنان
هناء عبد الفتاح    
تابع القراءة→

الجمعة، أغسطس 17، 2012

مسرحية "رسام طموح " تأليف محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أغسطس 17, 2012  | لا يوجد تعليقات


                               مسرحية "رسام طموح "
                                         (بفصلين )
                                           تأليف
                                     محسن النصار

شخصيات المسرحية

1- احمد شاب وهو فنان موهوب يمارس الرسم
2- ارشد مدير شركة
3- سلمى زوجة ارشد
4- رغد زوجة الشاب الفنان احمد

(الفصل الاول )
( تفتح الستار تظهر على المسرح صالة جميلة الاثاث تحتوي على عدد من
المقاعد مع عدد من الستائر موزعة في المكان يدخل احمد وهو في حالة
فرح وسعادة من جهة يمين المسرح
من الباب الخارجي وبيده لوحات مرسومة )
احمد : (بفرح وسعادة )
خالتي , خالتي ..اخبار جميلة ومفرحة ..
سلمى : ( تدخل مسرعة من الباب الداخلي يسار المسرح )
احمد , عزيزي , أراك في حالة سرور وفرح ...
احمد : خالتي انني في عجالة من امري ,
خذي هذه اللوحات هدية مني لك ولخالي ...
( يناول اللوحات عدد اثنين الى خالته )
اراك لاحقا خالتي العزيزة
(يخرج احمد مسرعا )
سلمى : ( تنظر الى اللوحات المرسومة )
هذه اللوحات الجميلة , هدية جميلة أعتز بها , هذا ماكان ينقصنا !
ارشد : (يدخل بغضب من الباب الداخلي )
ماهذا الذي بيدك ؟
سلمى : لوحات مرسومة هدية من احمد ابن اختي
ارشد :ابن اختك الرسام المغرور , لااري د ولااتقبل هديته , ابعدية هذه اللوحات
عني ؟
سلمى : لاتكلم معي بألفاظ قاسية !!!
انني حمقاء ؟ من الافضل ان اقف ضدك !
حتى تتراجع عن مواقفك ؟
رشاد : ( بأنزعاج )
يالنكران الجميل؟
يالها من ضغيفة تحميلينها لي ..
لعل ثمة ما يثير عدم رضاك؟
سلمى :انني اطالبك بالكثير ...
رشاد : (بعصبية وقسوة )
ولكن ما الذي ينقصك المال !!!
سلمى:انني بحاجة لأشياء عديدة ...
سبق وقلت لك ذلك اكثر من مرة !!!
فحياتي تحتاج الى التغير دائما...

رشاد : ماذا افعل لك اكثر من ذلك؟
ففي هذا العام اشتريت لك بيتا جميلا ,
هل تعلمين ان الاموال التي دفعتها ثمنا له , من اين حصلت عليها؟
(بخوف وتردد )
كيف ؟ اقول لك ذلك ان ذلك يمكن ان يعرضني للمسؤلية...
سلمى: ( بعصبية وصراخ )
استحلفك باللة ان لا تجعل مني شريكة في اعمالك
وتصرفاتك , اذا كانت غير شريفة ولاتحاول تبريرها بدافع حبك لي , فهذا
شيء لايمكن السكوت عليه, تلقي بافعالك على الاخرين بدافع
كاذب , فهذا شيء لااطيقه, ولاأتحمل مسؤلية تصرفاتك
الملتوية ؟
رشاد : ( يحاول ان يكسب ودها )
ولكنني من اجل حبك مستعد ,
لارتكاب اي جريمة ...
سلمى : انني لااحب افعالك وتصرفاتك التي تقوم بها بأسم الحب , انني لااجيد
التصنع!!!
رشاد :ارجوك تصنعي وسأنفذ كل رغباتك
سلمى : تبتعد عنه وتحاول الخروج )
ابدا ابدا ..
رشاد : ولكنني احبك.. احبك..
( تخرج سلمى وهي في حالة غضب يتبعها رشاد فتقوم بدفعه بقوة وهي خارجة)
ياللحية الرقطاء!!! ياللحية الرقطاء ؟
( يدخل احمد من الباب الخارجي )
احمد : هل زوج خالتي مريض ؟
رشاد: ( بغضب وعصبية )
اوف... نعم مريض ..

احمد : كم انا بحاجة أليك , والحديث معك ؟

رشاد : اسف ..
(بغضب)
لا استطيع الحديث معك , فلديه امورا اكثر اهمية من موضوعك .
احمد : ومن اين لك ان تعرف موضوعي ؟
رشاد : ( يضحك باستهزاء )
من هديتك هذه
(يؤشر على اللوحات المرسومة )
وأية موضوعات يمكن ان تكون لديك ؟ كلام فارغ طبعا !!
احمد : ( بغضب )
الافضل لك ان تتحدث معي باحترام , فأنت دائما تلجا الى التهكم
والاستهزاء بالشباب .
رشاد : ( يقهقهه باستهزاء )
ها ها ها عشنا في هذه الحياة , حتى ادركنا الزمن الذي
اصبح فيه الشباب يشمخون بانوفهم !!!
احمد : ( بغضب وعصبية )
ماذا ؟
رشاد : ( بقسوة وتهكم )
لم اكن اعرف قدراتك ومواهبك ؟
فانتم الشباب دائما تتبجحون بذلك!!!
( يقهقهه)
احمد : ( بقوة وعصبية )
ان تماديك جعلني اكرهك كثيرا !!!
رشاد : ياألهي ياألهي...
لاحياء ولاشرف , لازال الشاب يتمادى بعجرفته؟
( يخرج وهو في حالة عصبية )
احمد : ( يبقى وحيدا ومع نفسة يتحدث )
ماذا جرى له؟
حتى يتمادى في تهكمة هكذا!!!
ماذا لو لم يكن سلوكي معه جيدا؟
يبدو أن زوج عمتي يكرهني , كوني فنان يحاول ان يشق طريقه بنفسه !!!
وانا على يقين فعندها تصبح هناك وظيفة شاغرة في شركته الخاصة فانه لم
يعرضها علي...
بل! سيجد لها شخصا اخر هذا امر محتمل !!!
( تدخل سلمى )

احمد : مرحبا عمتي , لدي خبر سار لك .
سلمى : ماالخبر؟
احمد : (بفرح ) لقد نجحت ...أقمت معرضا لرسومي ونجحت ,
(يرقص بفرح)
وبعد نجاحي تزوجت دخلت القفص الذهبي ..
سلمي : ارى انك تسرعت بالزواج ؟
فالوقت مازال مبكرا؟
احمد (بفرح وسرور )
انني وقعت في الحب ياعمتي , انني عاشق واما الحبيبة
فانها الكمال بعينه .
سلمى : وهل هي غنية تملك المال ؟
احمد : كلا ياعمتي , فهي لاتملك اي شي .
سلمى : وكيف ستعيشان في هذا الظروف الصعبة ؟
احمد : ( بحماس زائد عن الحد )
أنا فنان وامارس الرسم
ولم هذا العقل ؟ ولم هاتان اليدان؟
يجب ان اعيش طوال حياتي ,
(بفرح وثقة نفس )
معتمدا علي نفسي .. وبعرق جبيني
سلمى : الشباب متحمسون لكنهم يقاسون البطالة ,فهم دائما يحبون الأعتماد
على أنفسهم !
احمد : هل تذكرين احاديثي مع زوجك ؟
كلما ذكرت له البطالة ,

وتفشي الشركات الخاصة !!!

يقول لي انك لم تعش الحياة ...
اذهب وعش الحياة , عند ذلك نتحدت بطريقة مقنعة ,
وانا أريد ان حيا حياة شريفة مع زوجتي التي احبها ,
واذا واجهيتني بعض الظروف المادية..
فان زوجتي بدافع حبها لي , ستقف الى جانبي ,
ولن تظهر اي نوع من الاستياء ..
سلمى : انا على ثقة كبيرة , أنك قادر على تحمل اعباء الحياة !!!
( بنوع من الخوف )
ولكن زوجتك فتاة شابة , ومطالبها كثيرة ؟
وستجد صعوبه في تحمل , اي نوع من الفقر؟
احمد : كلامك صحيح , ولكنني ساقوم بتربيتها بنفسي .
سلمى : فليباركك الله , ولكن كن على يقين ان احد لايرغب لك السعادة,
كما ارغبها لك.
احمد : ( بفرح )
انني دائما على ثقة بك ياعمتي .
سلمى : ولكن مايثير مخاوفي وقلقي ,عدم مجاراتك ,
لمن يتعارض معك , من حولك ؟
فتخلق لنفسك الكثير من الاعداء.
احمد : ( بعصبية )
لااجاري.. لااجاري .. وهذا مايجعلني اخسر الكثير!!!
والذي لايواجه أخطاء الأخرين ينحدر نحوهم ..
شيئا فشيئا ...
سلمى : أعرف من خلال الخبرة والتجربة كم يسبب لك ذلك
من متاعب في الحياة لقد عرفت شباب من هذا النوع
قد تدرك ذلك في يوم ما
احمد : عمتي اريد وظيفة في شركة زوجك ؟هل سيرفض زوجك طلبي لوظيفة ؟
( يدخل ارشد زوج سلمى )

سلمى : اطلب منه ذلك بنفسك ؟

احمد : ( يتقدم نحو ارشد )
أريد وظيفة وسأكون خادما مطيعا لك ,
ثم ان لدي شهادة وأكثر مهارة من موظفيك .
ارشد : ( بعصبية )
أرى انك تتفاخر بنفسك طوال الوقت ,
ألم تصب بالملل ؟ أمازلت تقرأالمواعظ ؟
( لزوجته )
تصوري انه يلقي في اي مكان ,
محاضرات في الفن اولاخلاق على الناس
انه لشئ مضحك ياعزيزتي ..
(يقهقه )
هههههه...
احمد: لم افقد ثقتي بالناس بعد ,وأظن ان نصائحي سوف تؤثر بهم .
ارشد : ( يضحك باستهزاء )
ههههه...
حقا لقد أثرت فيهم فقد اصبحت اضحوكة!!!
فماان تتكلم حتي تبدا اللمزات !
والنظرات والهمسات!
وماان تنتهي حتي يغرق الجميع في الضحك !!!
(يقهقه )
ههههه...
احمد : وماهو المضحك في كلامي؟
ارشد : كل شىئ, بدأ من التزيف , وانتهاءا بالنتائج الصبيانية والطفولية!!!
احمد : ولكنني اعتقد انه من الافضل لك ان تكون عونا للشباب وتشجيهم ,
لا ان تغلق الباب بوجوهم ؟
سلمى : ( تومئ برأسها لأحمد )
صحيح صيحيح ...
ارشد : ( بعصبية وتؤثر)
هذا تلفيق وحمق ,واساءة كبيرة لي !!!
احمد: ( بغضب )
لماذا تتهمني , بالتلفيق والحمق ؟
ارشد : من الافضل لك احترام من هو اكبر منك سنا.
احمد : سألوذ بالصمت , ولكنني لاأستطيع التخلي عن أفكاري وأرائي فهي
عزائي الوحيد بالحياة .
ارشد : وهل تسمح لك اخلاقك صب الشتائم على زوج عمتك لأنه استطاع
بناء حياته ؟
احمد : ( بعصبية )
ياألهي ياألهي ...
سلمى : ( بصراخ )
هذه قسوة قسوة !!!
ارشد : انك لن ولم تستطيع تحقيق المال ؟ لذلك تشعر بالحسد ,
لأنني حققت الثروة .
فالحاسد يقول عادة لاأريد المال , أنا فقير ولكنني عفيف ونبيل ..
( بعصبية وحدة )
لقد اعتدت ان تصغي لنفسك فقط ؟
احمد: انني تزوجت ,وأريد وظيفة !!!
ارشد: تزوجت ؟ أكيد وعلى الأغلب زواج بائس , قائم على حب من فتاة
فقيرة لاتملك اي شئ .
احمد: انني سعيد بالزواج من فتاة فقيرة .
ارشد : ( بأستهزاء )
شئ رائع من اجل تكاثر المتتسولين ..
احمد: ان مجرد الزواج هو هدف نبيل , فلا تحاول
النيل من كرامتي فانا لااطيق ذلك ؟
ارشد : ( بتهكم وأستهزاء )
وماذا تعد لها من افراح , ومباهج في هذة الحياة ؟
تعد لها كل اشكال الفقر والحرمان , فبدلا من توفير
الأزياء الجميلة لها !!!
سوف تلقي عليها محاضرات في الفن والاخلاق والفضيلة ؟
سلمى : (بقوة وقسوة)
من كان في اخلاقه ونبله لايشتري الحب .
احمد : ( بفرح )
عمتي تقول الحقيقة .
ارشد: لنفرض انك لست بحاجة لشراء الحب, ولكن ان تكافئها عليك
ان تدفع لها مقابل هذا الحب ؟
هذا واجب كل زوج والافأنها تندم لأنها ربطت نفسها
ومصيرها بزوج شحاذ.
اسأل عمتك هل صحيح مااقول؟
سلمى: ان كلامك فيه من الدهاء والتزيف , ولايمكن ان ينطلي على زوجة مثلي
( تخرج وهي غاضبة نحوالباب الداخلي )
احمد: ليس كل النساء كما تقول!!!
ارشد : انني ارثى لحالك , ماذا تتصور في عقلك
وتعتقد في نفسك كيف تعيش معها دون مال.
احمد : (بقوة وتحدي)
سأنفق على زوجتي من خلال بيع لوحاتي الفنية ؟
وأمل ان يعوضني صفاء ضميري عن الثراء
في الحياة الدنيا .
ارشد : ان اي لوحة تقوم برسمها , لن يكفي ثمنها لاعالة اسره ,
ثم انك يتصرفك الاحمق لن تستطيع الحصول
على وظيفة , هذب تصرفاتك وتخلى عن مبادءك وافكارك المضللة
عند ذلك يمكنني مساعدتك واعطاءك وظيفة.
احمد : ( بقوة وكبرياء )
لن اتخلى عن مبادئي وأفكاري بأي حال من الاحوال ..
ارشد : ( بتوتر وعصيبة )
كم هي قوية هذه لن اتخلى وكم هي غبية بالوقت نفسة ؟
فلديك الان الفرصة الذهبية , ولديك من يرعاك ,
وقد لاتجد ذلك في المستقبل .
احمد : لن يكون هذا ابدا ..
ارشد : انك تجني على مستقبلك !!!
احمد: الرأي العام سيكون الى جانبي .
ارشد : ( بخبث ودهاء )
انني طالما لم يرني أحد فلست مرتشيا , هذا هو الرأي العام في العالم .
احمد : انك لاتفهم شيئا , تكلم كما يحلولك , انني لااصدقك !
أنني على ثقة ان بمقدور الانسان ,
المتعلم ان يكفي نفسة واسرته بعمل شريف ..
ارشد : ( بسخرية وعصبيبة )
كان الأجدر بك ان تجعل من كلماتي حلقة في أذنك ,
يالك من احمق !!!
( يخرج وهو في حالة عصبية من الباب الخارجي )

( الفصل الثاني )

( نفس المكان احمد في حالة قلق وهو يتحرك يمنا ويسارا )
احمد : فالجميع يستهزؤن ويسخرون مني ,
(في سيكينة ووقار)
لانني فنان وفقير ولاثورة عندي ؟
(بثقة بالنفس )
ولكن ! كلي أمل في المستقبل ..
( يتفاجى احمد بدخول رغد زوجته )
رغد : (بأستهزاء وسخرية )
المتسقبل ؟ المستقبل ؟ أريد ان اعيش مثلما تعيش النساء ,
وليس مثل الشحاذين !!!
لقد سئمت هذه الحياة , الا يكقي انني حطمت شبابي معك
(بعتب)
فلم تحقق أي مطلب لي وعد تني به ؟
احمد : (يحاول تهدئة زوجته )
لم تتحدثي معي بهذا الموضوع من قبل ؟
ماالذي جرى ؟
رغد : ( بعصبية )
هل تظن ساظل صامتة , كلا ابدأ ابدأ..
أريد ان اعيش الحياة كما تعيش ,
جميع السيدات الثريات .

احمد: (يحاول أقناعها بهدوء)
ولكن من اين يمكن لي ان اتي بالمال الكثير , لاتصغي لكلام زوج عمتي !!!
رغد : أنه يبحث عن سعادتنا , ويحاول أبداء المساعدة لنا .
(بعصبية )
وماشأنك بما يفعل ؟
يجب عليك فقط ! ان تكسب المال ...
احمد : (يحاول أقناعها)
زوجتي العزيزة أرأفي بحالي , ألا ترين انني ابحث عن وظيفة ؟
رغد : (بتوتر وعصبية )
أحترم زوج عمتك ونفذ مايريد ,حتى تحصل على وظيفة ,
المهم ان تحصل على المال , فانا لم اتزوج منك ,
من اجل الفقر والجوع ,
بل ! من اجل الرفاهبة والسعادة التي وعتني بها ,
ولكنني وجدت العكس تماما !!!
احمد : ( بعصبية وتوتر )
لقد أكثرتي همومي بكلامك هذا ..اصمتي بحق الله
رغد : ( توتر وعصبية )
ماهذه الحياة معك كلها هموم في هموم , وليس فيها ذرة سعادة .
احمد : (يحاول ببعض الود )
انك زوجتي , وان عليك ومشاركتي في السراء والضراء ,
حتى لوكنت من افقر الناس ,
هل تتخلين عن زوجك الفنان بمثل هذه السهولة ؟
رغد : وماذا أفعل ؟ ضحيت بأعزشبابي لك من أجل حبي لفنك الجميل ؟
وأنت كل ما لديك هو الافتخار بنفسك ,
انا فنان مشهور , انا رسم كبير , ذكي ومتفوق , انا شريف الكل الكل
يرتشون ..
(بحدة وقوة )
اسمع يجب ان تصالح زوج عمتك
وتقبل منه الوظيفة التي عرضها عليك !!!
احمد: (بعد فترة صمت )
ولكن ماتطلبين مني امر خطير يجب ان افكر ؟
واذا لم اقبل بالوظيفة التي عرضها علي ؟
ماذا سوف تفعلين ؟
رغد : بالتأكيد ! سوف ألعن حظي العاثر !!!
احمد : ( بعصبية وتوتر)
مستحيل مستحيل , لاتقولي مثل هذة الكلام ابدا ؟
رغد : أرجو ان تاخذ كلامي هذا ماخذ الجد !!!
( تخرج من المكان وهي في حالة عصبية )
احمد : ( يبقى وحيدا وهو في حالة غضب واستياء)
صدق هاملت شكسبير عندما قال أكون أو لاأكون ؟
( تدخل سلمى وهي في حالة توتر و عصبية )
سلمى : لم يأتي زوجي الى الآن ؟ انت السبب !!!
( في حالة توتر وعصبية وقلق , تتحرك يمنيا ويسارا ,
يرن جهاز الهاتف )
ألو ... نعم ...ماذا تقول ... لا .. لا .. غير معقول , يالله ,
أقيل من الوظيفة ...لا ..لا.. امام المحكمة !!!
( تغلق جهاز الهاتف )
احمد : ( بفرح وسرور )
ماذا جرى؟
سلمى : (في حالة أنهيار تام )
مابال الخوف والرعب بدأ يحاصرني من كل مكان !!!
زوجي امام المحكمة لنصرفاتة غير القانونية ..
لقد بدأ العقاب الرشوة هي السبب ..
احمد : ( بنشوة الفرح )
نعم! الرشوة هي السبب ؟
( يدخل ارشد وهو في حالة توتر وانهيار , تقترب منه زوجتة سلمى )
سلمى : سمعت بالمصيبة التي حدثت معك ,
تغيرت بشكل مخيف !!! هل انت خائف ومريض؟
( تضع يدها على راس زوجها ارشد )
سأرسل في طلب الدكتور ..
ارشد : ( بخيبة امل وأنكسار )
ساءت سمعتي وانتهيت ,
(بمرارة وندم )
لقد قضي علي , من موظف كبير , الى شخص تافهة ,
اتهموني بالرشوة ...
(يصرخ بهستريا )
أنهم دمروني
(يصرخ برعب )
يالتعاستي ..أي مصير أسود وضعت نفسي فية !!
كانوا لي بالمرصاد ؟
( يحاول ان يقع على الارض وفي حالة انهيار)
اكاد اختنق من الخوف , الموت يدنو مني !!!
احمد : ( بفرح وسرور )
الناس الشرفاء والموظفون الشرفان , كانوا موجودين دائما
والمرتشين من امثالك سينتهون مثلما انتهيت انت ..
الحمد والله الذي أعطاني القوة في الوقوف بوجة أغراءتك الخبيثة !!!
لست ادري كيف اداري نفسي من الخحل لوجودي عندكم
(بقوة وحدة )
أيها المريض , مدير الشركة الخاصة !!!
ارشد : ( يحاول النهوض من الارض ويصرخ بقوة )
أغرب عن وجهي ,أغرب عن وجهي...
احمد : ( بشجاعة ونشوة الفرح )
سوف انتظر الوقت الذي يخشى فيه المزيفين والمرتشين المجتمع الأنساني ,
اكثر من خشيتهم وخوفهم المحكمة الجنائية !!!
ارشد : ( يحاول ان ينهض لكنه يقع مترنحا )
زوجتي انني ساموت ... انني اختنق , كيف اواجه المجتمع ,
(يصرخ بهستريا )
الجيران ..الآصدقاء ..الأعلام ...الصحافة ...التلفزيون ...
سلمى
  :(تقترب منه زوجتة وتحاول مساعدته ولكنه قد أصبب بالشلل فتصرخ )
           ار شد .. لا ..لا ...
احمد : (بفرح وسرور )
الفن يسمو بالحياة ...
(ينظر بغضب الى ارشد )
هذا مصير المرتشين والمستهزءين ...
(يخرج بسعادة وبهجة )
الفن يسمو بالحياة ...
حقيقة دائمة غيرت مجرى الحياة ...

ستار

محسن النصار
تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9