أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، مارس 15، 2016

الممثل المعاصر لغة لمنظومة جسدية قائمة على العلاقة لا على الكلمة / ا.د. قاسم مؤنس

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مارس 15, 2016  | لا يوجد تعليقات



يعد الممثل المعاصر وليد هزيمة ، وذلك عندما انصاع في القرن التاسع عشر لسلطة المخرج لتصبح حركاته وإيماءاته، وطبقات صوته مرتبطة بتعليمات هذه السلطة الجديدة . بعبارة أخرى ،لقد تحول إلى مجرد بيدق في لعبة شطرنج بيد المخرج الذي يعقد اللعبة حسب أهوائه . لذلك إن المسرح الحديث أعطى أهمية كبيرة إلى الممثل حيث أصبح جسده أكبر ترسانة كبيرة للغة العلاقات ،الشيء الذي جعل المخرجين الجدد يدفعون الممثل إلى تأسيس أتجاه فني. 

إلا إن هزيمة الممثل المشار إليها آنفاً أصبحت إنتصاراً حينما قبل الممثل طوعاً أو قسراً ان يصبح إدارة أو مادة هي التي مكنته حينذاك أن يتبوأ مكانة جديدة ضمن العرض المسرحي حيث لم يعد مجرد خادم للنص، بل أصبح هو النص نفسه، لذلك كان بإمكانه أن يطالب بوظيفة مزدوجة أساسها أنه هو الذي يلعب وهو الذي يلعب عليه. وبالتالي فقد أمتدت مملكته المهددة في الغالب إلى ما لا نهاية لا يحددها إلا حضور الجمهور إما آخر حيلة لجأ إليها هي تظاهرة بالتخلي عن أمتيازه ( أي عن تفرده باللعب ) ودعوة المتفرج إلى اللعب أيضاً وإلى المشاركة في العرض بحكم أنه يريد أن يقيم المساوات ومن خلالها وصل إلى تعزيز مركزه وإرجاع كل شيء إلى قانونه هو ؟

مما لا شك فيه إن الوقوف على أصل كل تحول عرفه الممثل يفرض علينا أن نعود إلى مبدأ التمرين لدى ( ستانسلافكي ). ففي الأصل كانت ممارسة التمارين عنده والقائمة على أرتجال الممثل تهدف إلى تطعيم النص، أي تدعيمه بحضور نص / تحتي كما تهدف بواسطة وسائل خاصة خارجية وداخلية، إلى خلق الشخصية المتخيلة من أفكاره وبما أن ( ستانسلافكى ) يجعل الممثل ينتقل من النسق التقمصي إلى نسق الإبداع، للوصول في نهاية المطاف الى فن التمثيل إلا أن العديد من الممثلين قد ساروا على النهج المعاكس للتقمص. كما فعل 
( ماير هولد ) إذ إن خشبة المسرح أمست لديهم المكان الذي يسمح لهم بالتعبير عن حقيقتهم الخاصة، وإبرازها وفرضها بعيداً عن ديكتاتورية المخرج، وهنا أصبح الممثل يستعيد ذاته لا كبهلوان او كمؤذي متميز، ولكن كشخصية فريدة لا مثيل لها وتجسيد كثيف 

ومن هنا ظهرت أول محاولة لتعويض العرض بمجموعة من التمارين يؤديها الممثل المعاصر الذي أصبح الممثل الحدث، الواعي بإنتمائه إلى اللحظة الحضارية. أن هذا الوعي بإنتمائه إلى ألان وهنا وبلمعانه عن طريق إعادة تأسيس حدث ما أن ممثل مسرح النو ( NO ) أو ممثل القرن السابع عشر كان يعلق التمثيل على عاطفة أو الم يعمل على تمديدها، وأن العاطفة والألم تشير إليها الكلمات أو الإشارات الطقوسية . إما الأداء المسرحي الذي يتبناه ممثل الحدث يحيل المتلقي الى عالم غير منتهي لا واقعي، في حين أن التواصل العاطفي المقترح من قبل الممثل يتحقق على مستوى تمثيل مجموعة صغيرة ويتجسد من خلال حضور أو صعود الجمهور فوق خشبة المسرح، يؤكد حميميه هذا التواصل وأن بعض التجارب المعاصرة في المسرح داخل المجتمعات الصناعية أخذت تنادي بزعزعة المسرحية التي يقدمونها، إذا كان الأمر يتعلق بمسرحية قديمة، أو مسرحية اللعب في حالته الخاصة وقد يكتسي من ذاته قوة أحتجاجية ذات شكل مركب فمسرح 
( الواقعة ) مثلاً هو محاوله لمسرحة الليبدو والتلقائية. لقد عرف هذا المسرح منذ بداياته إن الممثل يتعاطى فيه العب الخالص.

ومن هنا لجأ أحد مخرجيه ( ستر سبيرغ ) في نيويورك إلى إجراء بحوث تخول له إعادة تأسيس فعل عاطفي. وقد أستعمل لذلك بعض المناهج المعروفة في مجال ( علم النفس والسيكودراما ) بغية تدريب الممثلين على ذلك النص التحتي اللامكتوب الذي يتحدث عنه ( ستانسلافكي ) على أنه كان يبحث على تحرير ممثليه من المقومات التي تفرضها التربية في المجتمع. لأن كلاً منهما وبحكم تحكمهما في اللبيدو، قد قلص لدى الفرد قدرة تجسيده لشخصيات أخرى غير شخصيته . وفي نفس الاتجاه، يمكن الإشارة كذلك الى ( المسرح الحي ) الذي يعمل في نفس الاتجاه، حيث تتأسس عروضه من التمارين ( الستانسلافسكيه ) بعد أن تضاف إليها تقنيات وفنيات الارتجال، مما يجعل تولد العرض كموضوع للفرجه يحيل المتلقي إلى تولد عالم جديد . وبعبارة أخرى، فإن العرض المسرحي قد أصبح ( حفلاً ) تنهار فيه المسافة بين الممثلين والجهمور، وذلك عبر المشاركة الجماعية الحديثة إذ الكل يجزي كما لو ان الممثل لا يحمل معنى، لإخصاب معرفة الجمهور، وإنما أمس – وهو يلعب حدثاً – مصدره مشاهده يصبح فيها المعنى ممكناً ولو كتأويل على الأقل، لقد أدت التحولات التكنولوجيه إلى خلق عالم تعبيري جديد يعمل وفق المعطيات النفسية والخيالية من الحدث الحقيقي والى دمج الفن ثانية في التاريـخ . هنا تكمن – آذن – حقيقة حدس ( برشت ) وهي على الممثل أن يكتفي بمعاينة الحدث الذي يقدمه كما لو انه كان يشير إلى فعل مؤكد أن أداء الممثل لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يثير الاندماج العاطفي أو التمثيل الذاتي، بل عليه أن يوحي تفسير الحقيقة الإنسانية الشاملة . والمهم هو حالة التوتر النقدي التي يدعي ( برشت ) إيجادها بين الجمهور وأداء الممثل . هذا يعني أن الأمر لا يتعلق باللعب بل بفعل قادر على أن يعيد معايشة الحدث.

وقد سار على هذا النهج عدد من المخرجين مثل ( روجي بلانشون ) وبيربروك، وجان ماري سيرو، وقد قاموا هؤلاء بتحديث المسرحيات الكلاسيكية . مجرد مجهود يهدف إلى تقريب أعمال قديمة من أحداث معاصرة، والى تقديم معاني حقيقة حاضرة . وهذا ما يحدث بالفعل في كثير من الممارسات الدرامية الحديثة التي أدت إلى ظهور الممثل، الحدث الذي يعتمد بالمعنى الأول على لغة المنظومة الجسدية القائمة على أساس العلاقات لا على أساس الكلمة .


------------------------------
المصدر : كلية الفنون الجميلة 

تابع القراءة→

جماليات الشكل في المسرح المعاصر

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مارس 15, 2016  | لا يوجد تعليقات



" جماليات الشكل في المسرح المعاصر" كتاب من تأليف  الاستاذ الدكتور قاسم مؤنس عزيز صادر عن (دار ضفاف)ويعد هذا الكتاب بفصوله الخمس دراسه تتحدث عن المسرح بمفاهيم فنيه جديدة قائمة على الهدم والبناء والتجديد بين الشكل وجمالياته من جانب، وبين الكلمة والصورة من جانب اخر، وقد شكل هذا الاخير مفصلا اساسيا في الكتاب معتمدا على الانفتاح على الفكر الجمالي الفلسفي، وهو يلقي الضوء على الشكل الخارجي بواسطة التوظيف التقني للخيال كوحدة وكمنضومه لغويه قائمة بذاتها من خلال الحركة والايماءة  والظل والضوء داخل الشكل المتحرك الذي شكل في المسرح المعاصر موت لمشاهد وحياة لمشاهد اخرى على مستوى الحوار كلغه مرئيه لايصال المعنى داخل العرض المسرحي.
و لايمكن ان يبدو النتاج الفني الثقافي مختلفا الا بتقديم نقدا جذريا شاملا ولانستطيع ان نبني مسرحا ثقافيا جديدا  اذا لم نخلخل نقديا بنى المسرح القديم،ى دون ذلك يكون المسرح الجديد طبقة تتراكم فوق طبقات ثقافية فنية قديمة.
لكن شرط هذا الجديد ان يتناول اسس المشكلات لاظواهر. حيث يتناول من هذه المشكلات التصاقها بالفكر الجمالي للمسرح واخلاقه وحياته اليومية كونه المسرح لايبني تجريديا وانما يبنى تجريبيا بالتمرين ومعاناته اليومية.
بناءا  عليه ولد المسرح المعاصر مؤكدا على اولويات الباطن والرؤى الغير عقلانيه كالحلم والخيال والحدس منطقيا من الحريه وصولا الى الابداع مستفيدا من التجارب التي طرحها الماضي في طليعتها الانفتاح على تجارب المسرح العالمي.
وهذا الكتاب تعنى  بمفاهيم فنية جديدة قائمة على الهدم والبناء والتجديد بين الشكل وجماليته من جانب وبين الكلمة والصورة من جانب الاخر.
وقد شكل هذا الاخير مفصلا اساسا في الكتاب معتمدا الانفتاح على الفكر الجمالي الفلسفي، وهو يلقي الضوء على الشكل الخارجي بواسطه التوظيف التقني للخيال كوحده وكمنظومة لغويه قائمة بذاتها من خلال الحركة الايماءه والظل والضوء داخل الشكل المتحرك الذي شكل في المسرح المعاصر موت لمشاهد وحياة لمشاهد اخرى على مستوى الحوار كلغه منطوقه وعلى مستوى الشكل كلغه مرئيه لايصال المعنى داخل العرض المسرحي.
ويشرح المؤلف في الفصل الاول كيفيات ظهور الاتجاه الجمالي الحديث من حيث التاثير والتواصل في جماليات الخطاب البصري عبر التوقف على الرؤى والطروحات الفلسفية للعديد من الفلاسفة .
اما الفصل الثاني فيتخصص في مجال المسرح الافتراضي وعالمه السحري الجديدعلى اعتبار ان المسرح يجد فضاءات مسرحية جديدة من شأنها ان تسمح للممثل الانتقال من التمثيل الى التجسيد.
والفصل الثالث (النظم وعلاقة الشكل الضوئي في العرض المسرحي) يشرح المؤلف استعمالات الضوء والعلامة الضوئية  وعلاقة اللون بالاضاءة بالاضافة الى التطرق الى الضوء من حيث التناغم والتضاد والتوازن وعلاقة كل عنصر من هذه العناصر بالشكل.
اما الفصل الرابع( التكوين ولغة الصورة البصرية) يتناول فيه المؤلف الفضاء التكويني والتركيب الصوري بالاضافة الى تقنية الشكل واليه الاشتغال ويشرح المؤلف  بالتفصيل انواع الفضاءات في المسرح .
ويتضمن الفصل الخامس نماذج مسرحية مختارة.

-----------------------------------
المصدر : كلية الفنون الجميلة 
تابع القراءة→

كريم جثير في (الأقنعة) ومسرحيات أخرى /عبدالهادي سعدون

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مارس 15, 2016  | لا يوجد تعليقات

 لعبـة الحبل الرفيع!

   علاقتي بمسرح كريم جثير تعود لفترة بعيدة، منذ أيام مسرح الشباب والأكاديمية في بغداد، عندما كانت عروضه هو وأسماء أخرى تشكل عصب التجريب المسرحي في العراق، والتي خلقت حسب رأيي مناخاً جذرياً لتأصيله في مناخ الذائقة العراقية الصعبة، والصعبة في آن واحد في إيجاد القدرة على تجاوز القديم والإقناع بجدوى العملية وتتابعها، وهي فيما نعلم أشد الأمور صعوبة في التوفيق بينها أمام المشاهد والمثقف العراقي. هذه التجريبية التأصيلية في المسرح التي تشكل أمتداد لتجارب قاسم محمد وصلاح القصب وعوني كرومي وأسماء اخرى حاضرة في ذاكرة المسرح العراقي المعاصر.

   وأحسب أن كريم جثير نجح فيها آنذاك، تجديداً وتركيزاً لأسمه. كما استطيع أن اؤكد نجاحه فيما بعد خروجه من العراق وتجاربه في اليمن محطته الأولى خراج العراق وفي كندا حيث يقطن اليوم، مع التأكيد إنني لم أطلع على نتاجاته ممسرحة منذ وقت طويل، ولكن احتكاكي المباشر بالفنان والكاتب جثير وقراءتي لنصوصه، حتى قبل نشرها، يجعلني على دراية وتأكيد فيها.

   يطلع علينا أخيراً كريم جثير (بغداد 1961) بنشر مجموعة منتخبة من نصوصه المسرحية بعنوان (الأقنعة ومسرحيات أخرى) بعد انتظار ليس بالقصير، وهي انتخابات ذكية، متنوعة، وتمنح القارئ انطباعا كلياً عن ماهية أغراضه المسرحية، تجريبيته، طرحه للموضوع وذائقته المسرحية والإنتاجية في آن واحد. إن انشغاله وهمه المسرحي، جعله ليس كاتباً لنصوصه فأحيانا ممسرحاً لبعضها، بل أنه أتجه ويتجه لنصوص الغير كما في مسرحياته كمخرج لنصوص عبدالرزاق الربيعي و عبدالعزيز المقالح مثلاً،ومشاركته بها في مهرجانات عربية وعالمية مثل (Ripple Effect ) ،وأيضاً دون أن أنسى حركته المغايرة في إيجاد صيغ تمكين لنماذج مسرحية غير مألوفة في بيئتها أو تكاد تكون دون أساس مسرحي كما هو الحال مع فكرة تأسيس مسرح المقيل في اليمن.

    في مسرحيات كريم جثير الكثير من المزج بين التوصيف العملي للإخراج المسرحي وبين لعبة التوظيف الحكائي للمسرح المباشر. ولأضع كلمة (مباشر) بين قوسين لأنها لا تعني وظيفة المباشرة، القاسية الحكم، أو الجافة الوقع في عرف قارئنا العربي، لأنها تعني أكثر من ذلك بكثير. فهي بالنسبة لي تعني التماس المباشر مع المواجهة، وتعني الرغبة بالكشف علناً، وتعني وضع كل شيء أمام الجمهور. فنصوصه تلعب على هذه الوحدة الضيقة ـ المتسعة في آن واحد. لأنه يؤسس لنصوص مزدوجة المهمة، مزدوجة المعنى، وذات وجهتين، أجدهما أغلب الأحيان متحدتين في الجذر، مختلفتين في التقييم. اتحادهما في غايتهما المسرحية المؤسِسة، واختلافهما في تبنيهما من قبل مخرجهما  على خشبه المسرح. وهو ما أعني بهما (انكشافهما الصعب) أن جاز التعبير في مد خيوطها وتوظيفه في (نص مُشاهَدْ)، نص يقرأ على خشبة المسرح، وفي الوقت نفسه نصاً حكائياً منفصلاً وقابلاً للقراءة حتى دون باعث لعرضه على المسرح.

   إن غاية كاتب مسرحي مثل كريم جثير هو في جعل النصوص نصوصاً تامة بذاتها، ونصوصاً ـ كذلك ـ قابلة للتجاوب والاختلاف والتصنيع من قبل آخرين على خشبة المسرح، والتي تصبح في نفس الوقت عملية مماحكة وتجاذب معها عند تقديمها، و احسب ذلك ينطبق على عمل كريم جثير نفسه إثناء تحويل نصوصه المكتوبة على المسرح أيضاً.

   لا تخرج أغلب نصوص (الأقنعة) عن غرضها التوظيفي في منح المتعة والهدف المسرحي الأكاديمي. نصوص تجرح الوحدة الفاصلة بين هذه وتلك وتحاول المراوحة بينهما في جذب وتنافر.

  ومنها ما جعل كريم جثير نفسه يتجرأ دون أية واقعة مسبقة، بتسمية بعضها (سيناريوهات مسرحيات) ولا يخفى ما وراء معنى سيناريو، خاصة داخل مجرى التوليف والصنعة المسرحية من داخل تركيبة المسرح كمكان للعرض. إن الإطلاع وقراءة نماذجه المسرحية  في هذا الكتاب وهي: بروميثيسوس، الجنرال والعاصفة،مرايا محسن أطيمش، محاولة خروج المهرج من دائرة الضحك والبكاء ودخوله دائرة السؤال، و شهرزاد يمنحنا قدر أكبر من تفهم هذا النموذج المسرحي الذي يتراوح بين التطبيقي كحرفة مسرحية وبينها كنصوص تامة تتخذ من القص مراد أساسي لتبيان الأثر الإستعراضي.

   إن طابع نصوص كريم جثير التي تتخذ من التراجيديا موقعاً وليس واقعة، تمزج ما بين الأدوار بحرفية متميزة، وهي على هذا لا تقع في فخ التجاذب الحواري، بقدر ما تسعى لأمتلاك الجذر الرئيسي في المعضلة. إن كوميدا كريم جثير لا تنفك مرافقة لشخصيات نصوصه المسرحية، ولكنه كوميديا سوداء، قاسية، بل وجافة إلى درجة الإنهاك. إن نص (أنت منْ أنت؟) يمتلك مقومات النص الفاضح، الإيحائي، المبطن، وعلى هذا ليس لشفراته سوى محدودية في الطرح ليتسع هذا الحد إلى شكل من أشكال العبثية واللاجدوى والتناطح في فضاء أنساني مربك. والحال على العدمية، نجدها في مسألة التذكير والتكريم أزاء القدر والموت أكثر تماسكاً وغنى في واحد من أجمل نصوص الكتاب وهو (مرايا محسن اطيمش)، عن محنة المثقف ووعيه في مواجهة الهول والدمار.

   إن ملوك وشعراء ومجانين وجنرالات ونساء وشرطة وحكماء، ما هي إلا نماذج غير منتخبة، نماذج تبدو كأعادة أزلية ولكنها تمهد لغرض الشرط المسرحي لدى كريم جثير. نماذج حية، لاصقة بثبات للأرض، وممهدة للكشف، ومغرقة في واقعية تأمل بالمعنى أكثر من الغاية، رغبة في الصد والهجوم، المباغتة والاحتراس، الابتعاد والاندماج عن ما يشكل وما يفرق. إن اللعبة تغوي، وحبلها الرفيع، يسيرنا عليه (المخرج ـ الكاتب ـ الرائي) لبيان محنة النص ومحنة الوجود الإنساني، على ورقة في كتاب، أو على خشبة مسرح لا تتعدى انطباق كفين من رؤية مشاهد من ضمن زاويته، أياً كانت تلك الزاوية.

الكتاب: الأقنعة ومسرحيات أخرى
تأليف: كريم جثير
الناشر: نينوى للدراسات والنشر/دمشق/ 2001.





تابع القراءة→

الاثنين، مارس 14، 2016

ضمن فعاليات مهرجان ربيع الثقافة 2016 فرقة «سكامب» حاصدةُ الجوائز تلتقي الأطفال في رائعتها «حكاية تيدلر وغيرها»

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مارس 14, 2016  | لا يوجد تعليقات




ستقدم فرقة «سكامب» المسرحية حاصدة الجوائز العالمية عروضًا مشوقة تحت عنوان «حكاية تيدلر وغيرها» المستوحاة من حكايات المؤلفة العالمية لكتب الأطفال جوليا دونالدسون والفنان أكسل شيفلر وذلك على مسرح نادي الخريجين يومي الجمعة والسبت الموافقين 18 و19 مارس 2016 ضمن فعاليات مهرجان ربيع الثقافة 2016.
وسيجول العرض بالأطفال وعائلاتهم بحكاياته الساحرة عبر عوالم أعماق البحار والمزارع والغابات وذلك في جو مدهش تنبعث فيه الموسيقى والحركات الإيقاعية المسلية والعرائس المتحركة التي ستجسد شخصيات نابضة بالحيوية ستشارك الأطفال رحلتهم الخيالية.
وحظي عرض «حكاية تيدلر وغيرها» بإعجاب عالمي منقطع النظير، فقد اعتبره موقع «برودواي بيبي» العالمي المتخصص في النقد المسرحي «تحفة فنية ستسعد الأطفال والعائلات»، وأشادت به صحيفة «ذي جارديان» البريطانية المرموقة، كما حصلت تجربة فرقة «سكامب» المسرحية المميزة على إشادات واسعة من عديد من المهتمين والمراقبين ومنهم مايكل موربورغو من صحيفة الاندبندنت البريطانية الذي كتب: «إن جودة الأعمال التي تؤديها فرقة (سكامب) المسرحية مذهلة»، واعتبرت جوليا دونالدسون المؤلفة العالمية التي حصلت على تكريم في مجال أدب الطفل أن ما تقوم به فرقة «سكامب» أمر مبدع وحيوي.
وتأسست فرقة «سكامب» المسرحية التي ستشارك في مهرجان ربيع الثقافة 2016 في 2003 على يد منتجين مسرحيين حائزين على تكريم عالمي هما جنيفر ساذرلاند ولويس كالو، وقد حازت الفرقة سمعة طيبة لكونها تتقن تقديم فنون مختلفة من الأداء المسرحي الحي للجماهير من مختلف الفئات العمرية، وتخصصت في التقديم المسرحي لأدب الطفل، وهو ما أهلها لأن تشارك في كبريات المهرجانات المسرحية في لندن ودبي وهونج كونج وسنغافورة ونيوزيلاندا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الأقطار في مختلف أنحاء العالم. وحصلت الفرقة على جائزة «توتال ثيتر أوارد» في 2011 وجائزة «فرينج فيرست وينر» في 2005 بالإضافة إلى جائزة «مانشستر إيفننغ نيوز أوارد» لأفضل أداء مسرحي فردي في 2005. 

-------------------------
المصدر : أخبار الخليج 

تابع القراءة→

ندوة «تحديات المسرح السعودي» بمعرض الرياض للكتاب

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مارس 14, 2016  | لا يوجد تعليقات



مسرحيون سعوديون يطالبون بإستراتيجية رسمية واضحة ترتقي بـ «أبو الفنون»


بث مجموعة من المسرحيين همومهم على خشبة قاعة المؤتمرات بمركز المعارض الدولي بالرياض ضمن ندوة (تحديات المسرح السعودي) التي نظمتها اللجنة الثقافية بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2016 واستضافات المسرحي عبدالعزيز السماعيل، والدكتور نايف خلف الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود، والدكتورة لطيفة البقمي عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف، إضافة للفنان خالد الحربي، فيما ادار الامسية التي اقيمت امس الاول المخرج خالد الباز.

في البداية ذكر السماعيل في ورقته التي تمحورت حول "تحديات إدارة الفعل المسرحي" إن أكبر معاناة يواجهها المسرحيون في المملكة عدم وجود استراتيجية رسمية لمعرفة الواقع المسرحي، بالإضافة إلى العديد من المعوقات التي تواجه العمل الإداري المتمثلة في انعدام البنى التحتية للمسرح، وغياب الجمهور الواعي بأهميته، وغياب الجمهور المتعطش الذي يؤمن به كرافد ثقافي مهم ومنصة تشخص حالة المجتمع لتطرح حلولاً لمشكلاته، أو ترفيهاً لأفراده، فضلاً عن نقص الدعم المالي الذي يُمكّن المسرحيين من الإبداع والتوهج واستمرار العطاء، فيما لا يمكن للمسارح التجارية الذاتية أن توفر الدعم المالي في مجتمع تختلف آراء أفراده حول المسرح وقيمته.

وفي ورقة الدكتور نايف خلف التي تمحورت حول "التحديات التي تواجه الإخراج المسرحي" اوضح من خلال بحث قام به على عينة من المخرجين السعوديين لمعرفة رؤاهم حيال واقع الإخراج المسرحي في المملكة، كشفت أن الفترة الحالية تشهد حراكا مسرحيا أكثر من الماضي، ولكن يعيبه غياب المضمون الهادف والعمل المسرحي الحقيقي، وانحصار الحضور الجماهيري في أعداد قليلة، إلى جانب ضعف المسرح المدرسي، وتجاهل مؤسسات المجتمع للمسرح.

وفي المحور الثالث للندوة تحدثت الدكتورة لطيفة البقمي عن "التحديات التي تواجه كتابة النص المسرحي" قائلة: إن المسرح السعودي في واقعه مسرح مقاوم للاندثار ومقاتل من أجل البقاء، ومن أجل أن تصل رسالته السامية، فتجده يشاكس المجتمع الذي توجد فيه قلة تحارب وجوده، أو تسعى لتفصيله حسب رؤاها التي ترى أنها الأنسب، بالإضافة إلى تحول النصوص المسرحية لنصوص حركية، وظهور ما يسمى بالمخرج الكاتب".

وعن التحديات التي تواجه الممثل المسرحي قال الفنان خالد الحربي إنها تبدأ من غياب المعاهد والأقسام الأكاديمية المسرحية بالمملكة، ولا تنتهي عند غياب المسارح المكملة بالتجهيزات المساندة، داعياً إلى تمهين التمثيل ليصبح مهنة وظيفية يجد منها الفنان المسرحي السعودي لقمة عيشه، مناشداً في ختام حديثه أنه بمثل ما اهتمت القيادة الرشيدة بالعلم والجامعات، لا بد أن تهتم بالفن والثقافة، اللذين يمثلان الجناح الثاني المكمل لرقي الدولة ورسوخ جذورها في الأرض والتاريخ.


------------------------
المصدر : أخبار عربية 
تابع القراءة→

رؤية جديدة إلى بريخت .. نابغة المسرح العالمي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مارس 14, 2016  | لا يوجد تعليقات


حين كنت أنمو قبل عقد أو عقدين من سقوط جدار برلين، يقول بيتر كريفين، كان من الشائع، أو المبدئي، في الواقع، القول بأن بيرتولت بريخت كان أعظم كاتب مسرحي في القرن العشرين. هنا كان الكاتب المسرحي اليساري العظيم ــ المقيم لعشر سنوات بعد الحرب في برلين الشرقية ــ الذي كان مع هذا مبتكر المسرح الحديث  والخارج على التقاليد، والرجل الذي كان قد أوضح نظرية تأثير الاغتراب، والكاتب المسرحي الذي لم يتحث فقط عن المسرح الملحمي وإنما أنتج في مسرحيات مثل "الأم شجاعة وأم أطفالها" ، و "دائرة الطباشير القوزاقية"، و "غاليليو"، تشكيلة من المسرح الذي استحضرت للذهن خيام السيرك وفضاءات التاريخ المفتوحة الواسعة، كما جاء في عرض بيتر كريفين لكتاب ستيفن باركر ( بيرتولت بريخت: حياة أدبية ) في صحيفة Sydney Morning Herald الاسترالية.
والسمة الفاتنة في بريخت، يقول كريفن، هي أنه بالرغم من مساهمته في طليعية فرقة "برلينر أينسامبل" ( التي أسسها مع زوجته عام 1949 في برلين الشرقية )، فإنه كان دليلا ساطعا على المسرح الأكثر تقليدية. فقد كان منذ فترته الويمرية إلى نهاية أيامه يفهم الألفة غير الاعتيادية بين المسرح الشعبوي والمسرح الذي يقفز فيقلب كل شيء رأسا على عقب.
يقول لنا مؤلف كتاب ( بيرتولت بريخت: حياة أدبية )، ستيفن باركر، كم كان بريخت يكره التعبير في ذلك الوقت الذي كان يكتب فيه مسرحيته التعبيرية على نحوٍ خفي "بعل  Baa"، ويضمّن ذلك قول كارل كروس لبيرخت وزوجته عن النازيين، "إن الفئران تركب السفينة الغارقة". 
وبالطبع، فإن بريخت كان ، مثل شكسبير، عبقرياً درامياً عملياً تمزقه التناقضات. وهناك بعض التطابق الفاتن بين آينشتاين وبريخت في وقت مسودة "غاليلو" في الدانمارك. وإنه لأمر طيب الحصول على بعض التفصيل فيما يتعلق بالعلاقة المشهورة بين بريخت وتشارلس لوتون، أول من مثّل له غاليلو، الذي كتب له قصيدة.
وليس من الصعب رؤية كيف صار بريخت المتشدد لحد القسوة شيوعياً. وقد قال إن النازيين حولوه إلى بروليتاري، " لم يسرقوا مني بيتي، وبِركة أسماكي، وسيارتي فقط بل وسرقوا كذلك مسرحي وجمهوري ". 
لقد كان عبقرياً مدهشاً. ولو كان قد اعتنق الفكر اليميني المتطرف مثلما اعتنق الفكر اليساري المتطرف لكنا سنشتمه الآن. لكننا ينبغي ألّا نتيه في التفكير بأنه كان أقل من كاتب مسرحي عظيم لأنه، في توجهه السياسي، اختار أهون الشرين! 
وكما جاء في ويكيبيديا، فقد ولد بيرتولت بريخت ( 1898 ــ 1956 ) في مدينة أوجسبورج بألمانيا ودرس الطب في ميونيخ وعمل في مسرح فالنتين. وفي عام 1922 حصل على جائزة كلايست عن أول أعماله المسرحية. وفي عام 1924 ذهب إلى برلين, حيث عمل مخرجا مسرحياً. وهناك أخرج العديد من مسرحياته. وتزوج عام 1929 من الممثلة هلينا فايجل. وفي عام 1933 بعد استيلاء هتلر على السلطة في ألمانيا, هرب إلى الدانمارك، ثم هرب عام 1941 من الدانمارك من القوات الألمانية التي كانت تتوغل في أوروبا وتحتل كل يوم بلداً جديداً, فهرب إلى سانتا مونيكا في كاليفورنيا. وفي عام 1948 عاد إلى الوطن ألمانيا, إلى برلين الشرقية حيث تولى إدارة المسرح الألماني. ثم أسس في عام 1949 فرقته " برلينر أنسامبل ". وتولى عام 1953 رئاسة نادي القلم الألماني. وحصل عام 1954 على جائزة ستالين للسلام. وقد أثر مسرح " برلينر إنسامبل" على المسرح الألماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية, وظل بريخت يعمل في هذا المسرح حتى وفاته في عام 1956. 
يعتبر بريخت من أهم كتّاب المسرح العالمي في القرن العشرين. ويقوم مذهبه في المسرح على فكرة أن المشاهد هو العنصر الأهم في تكوين العمل المسرحي, فمن اجله تكتب المسرحية, حتى تثير لديه التأمل والتفكير في الواقع, وقد ألّف وأخرج الكثير من الأعمال المسرحية. ومن أقواله الشهيرة: الذي ما زال يضحك.. لم يسمع بعدُ بالنبأ الرهيب!


---------------------------------
المصدر : ترجمة المدى 
تابع القراءة→

الأربعاء، فبراير 24، 2016

مسرح د. فاضل خليل والرؤى المتميزة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, فبراير 24, 2016  | لا يوجد تعليقات


يعتبر فاضل خليل من ابرز المسرحيين العراقيين والعرب ,فقد اصبح ظاهرة يشار لها بالبنان بتجاربه المسرحية كصلاح القصب , وعوني كرومي , وجواد الأسدي, أعتمد فاضل خليل في مسرحه رؤى متعددهوهذا ماميزه عن اقرانه , فقد كانت للتأثيرات الثقافية والأجتماعية والسياسية تأثيرات واضحة في مسرحه فكان يبدأ رؤياه وابداعه المسرحي من خلال أنتقاء الخيارات ذات الأفق الواسع من خلال افقه الواسع والموسوعي والخبرة الكبيرة التي يمتلكها ,وفي ما تفرضه عليه الحياة , الأمر الذي جعل اغلب مسرحياته تحاكي الواقع المعاش ,فمن خلاله يقتنص الأفكار والصور والحوادث والمواقف التي تكون قريبة الى نفسه والتي يتخيلها بأفقه الواسع واضعا فكره وفلسفته وفق منظور غير مباشر أعتمد الشفرات في التأثير بالمتلقي ليبتعد عن المباشرة لأقتناعة بأن المباشرة وفي الظرف الذي يمر به المجتمع  العراقي  قد يؤدي به الى متاهات ,  وكان لمسرحياته  تاثيرها الكبير على المتلقي فنجد في مسرحياته التأمل المهموم في فلسفته للحياة بصورة جديدة , بحيث تكون أفكاره الفلسفية وفق تسلسل منطقي وهادف يتحول الى أبداع  وقد أعتمد في اخراجه لمسرحياته على رؤى اللحظة والقدحة والفكرة الأجتماعية من خلال المعاني الكثيرة والمتعددة التي تحملها تلك النصوص المسرحية من ثنائية النص والتصاقه بالواقع حيث يقوم بتحليل عميق فكري وفلسفي وفق مقياس معرفي آملا في تحرير الذات الأنسانية من همومها وأحزانها ليقترب من الجانب الأرسطي في ذللك وفق رؤية جديدة للتطهير الأرسطي ,الذي يذكره ارسطو في كتابه فن الشعر تطهير النفس من أدرانها وقد قام بتوظيف رؤى مستوحاة من الموروث الشعبي المحلي
كما في مسرحيات (الباب القديم , الشريعة , خيط البريسم , مواويل باب الأغا ), وكان يهدف من خلال ذللك الى يجاد هوية جديدة للمسرح العراقي من خلال موروثه الحضاري والثقافي حيث أن المسرح العراقي والعربي شهد ظواهر مسرحية والتي لايمكن أعتبارها فنا مسرحيا وفق المنظور الفكري والفلسفي والجمالي للمسرح انها بذور قادرة على ان تتطور لتصل الى مرحلة المسرح كما فعل اليونانيون القدامى , ولكن هذه الظواهر ظلت حبيسة للمحاولات الأجتهاديةوكانت تجارب فاضل خليل في أرساء مسرح عراقي يعتمد موروثه ا
لشعبي ناجحة وفتحت افاق واسعة لأيجاد هوية للمسرح العراقي تعمقت هذه الفكرة كثيرا عندما أتجه بالمسرح العراقي نحو رؤى الأسطورة فكانت من تجاربة الناجحة مسرحية سدرا التي اسست لبوادر مسرحية عراقية تعتمد توظيف الجانب الأسطوري في المسرح العراقي ,واضافة لذلك قام بالأنفتاح على المسرح العربي فكانت له تجارب متميزة كما في مسرحية الملك هو الملك ومسرحية حلاق بغداد ,وانتقل بالمسرح العراقي عالميا فأخرج برؤى جديدة مسرحيات كان لها الأثر الكبير في المسرح العراقي والعربي فكانت مسرحيات رائعة كمسرحيات ( فوسك , وعطيل , وأوديب , الرهان , وسالومي , وفي انتظار كودو , واللعبة , وأنسو هيروسترات) وكانت تجارب  ناجحة اضافة علامة بارزة في المسرح العراقي والعربي .

تابع القراءة→

د.عقيل مهدي والحداثة في مسرح السيرة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, فبراير 24, 2016  | لا يوجد تعليقات


اعتمد د.عقيل مهدي أرساء تجربة جديدة للمسرح العراقي والعربي من خلال أفق سعته المعرفية والفكرية والفلسفية والجمالية ,فكانت رؤى جديدة لمسرح السيرة , تعتمد الحداثة ملهما لها في أطار سينغرافيا عرض متكاملة في كافة نواحي العرض المسرحي وقد حاول الأهتمام بالتراث وصياغته برؤية جديدة منسجمة مع مسرح السيرة وتناول في مسرحياته شخصيات مسرحية وفكرية وثقافية وأدبية فكانت  عروض رائعة كمسرحيات بدر شاكر السياب , يوسف العاني يغني , جواد سليم  , حقي الشبلي , علي الوردي , وتندرج هذه المسرحيات ضمن اعمال السيرة الذاتية  وحاول أن تتفاعل مسرحياته مع الوقائع التاريخية على اسس جمالية جديدة تحاكي الواقع متأثرة بالحداثة والتجريب المسرحي ومسرح السيرة الحدثوي عند د. عقيل مهدي يهتم بجميع العناصر التي يقوم الفن المسرحي من نص وشعر وموسيقى وازياء وديكور وماكياج وأضاءة وفضاء مسرحي وسائر المؤثرات التقنية بحيث يكون العرض المسرحي فيه صفات تؤكد بان تراثنا وأعلامنا ممكن ان نستقي منهم  الوجه المشرق والضروري ونوصله بالحاضر , بحيث يكون كقيمة فنية ورمزية وتعبيرية مؤثرة وعنصر ديناميكي يتلاقى مع متطلبات الحياة المعاصرة فالأصالة هنا هي عنصر داعم للحداثة التي يؤكد عليها د.عقيل مهدي والتي تستوعب جماليات العرض المسرحي من تأليف وأخراج وتمثيل وموسيقى وغناء وشعر وأزياء واكسسوارات واضاءة وماكياج وسينغرافيا , ويستعين في تجسيد مسرحياته بكادر من الأساتذة والطلاب في كلية الفنون الجميلة بغداد ممن لديهم موهبة خصبة , وهم الواعين ثقافيا صاحبي الخبرات العملية والنظرية والمتسلحين بثقافتهم المسرحية  فيقوم د.عقيل مهدي بتطويرها كونه يمتلك العملية الأبداعية والعطائية التي لانهاية لها ,وأنه  يحاول أن يبقي التواصل مع الجمهور المسرحي مستمرا بشكل تلقائي بحيث يكون عنصر المواجهة بين الجمهور مستمرا لأن الجمهور هو أحد العناصر الضروية والمهمة في مسرح السيرة الذي يستطيع أن يفعل فعله بوجوده , فهو الذي يجعل المسرح  كائنا حيا ودائم الحياة , فهو العنصر الأساسي الذي أبقى  عالم المسرح قائما رغم ظهور عالم الأتصالات من أنترنيت وفضاءيات , وقد حاول د.عقيل مهدي بالمزاوجة بين الماضي والحاضر , وبين المحسوس من جهة والأيهامي الأيحائي من جهة أخرى , وأتقان العنصر الواقعي والوهمي للوصول بالعرض المسرحي الى استفزاز الخيال والوجدان , والتخفيف عن الهموم بحيث ينقل الحياة الواقعية المملة الى حياة السعادة والخيال ودغدغة الحلم والطموح , فالمسرح فضاء مسرحي  يثير خيال وفكر المشاهد ويجعله يحلق بفضائه الغير محدود بحيث يتخيل ويتصور واقعا فنيا وجماليا جديدا يحمل فيه د.عقيل مهدي تصوره الأسلوبي والمضموني للأبداع الذي يطمح للوصول أليه و فهو يلجا في عملية البناء الدرامي الى الحالة الأبداعية التي ينطلق فيها العرض المسرحي وفق فلسفة جمالية مستوحاة مواضيعها من سيرة شخصيات لهم تأثيرهم الكبير في الحياة الثقافية والأجتماعية , وتكون مركبة وأحيانا تكون بسيطة وسردية سلسة , وكثيرا ما يطمح الى توصيلها الى أسمى درجات البساطة بالرغم من كينونتها الداخلية المكثفة والمركبة وكل ذلك  يتعلق بموضوع العرض المسرحي الذي يكون فيه صراعا بين ا لأنسان وبئته , وصراعه الدائم مع همومه الأجتماعية والسياسية وسعية الدؤوب نحو العدالة ومحاولته تغليب الخير على الشر نحو درجات ذوقية أرقى ويشكل هذا الهدف بحد ذاته مغزى لأعمال د. عقيل مهدي ويعتبره أكثر تأثيرا , فعندما يقوم بـتأليف المسرحية وأخراجها ينطلق من كونها نصا مسرحيا قابلا للعرض ومواكبا لتطورات العصر برؤية حدثوية , ومن هنا يأخذ بالحسبان عناصر الأداء المسرحي الملائمة للنص الذي سيصبح عرضا مسرحيا لمؤلفا ومخرجا قريبا من  نبض الحياة ولدية خبرة في التمثيل والأخراج ولديه تجارب عملية وعلمية وجمالية في الفن المسرحي في جميع مكوناته . 


تابع القراءة→

الاثنين، فبراير 08، 2016

الأبداع الفني تكوين متفرد بقدرات تخيلية متميزة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, فبراير 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن  النصار 
الأبداع الفني تكوين متفرد بقدرات تخيلية متميزة

   الأبداع الفني هوعملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات تتميز بعدد من الخصائص والتي تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية في ميدان الفن , 
فهو فكر وفلسفة تناوله  الفلاسفة والمفكرين منذ أفلاطون وارسطو حتى العصر الحديث، وقد تحدث عنه فنانون وشعراء وادباء عاشوا تجربة الإبداع وقدموا روائع مؤثرة في الوجود الأنساني. وتميل معظم النظريات إلى أن الإبداع الفني ضرب من الإلهام، وأن الفنان انسان غير عادي يمتلك الموهبة والأبداع والمشاعر والأحاسيس والعاطفة المؤثرة لذلك   نجد بأن موهبته خاصة تمتلك الأبداع سر وسحر وأعجاب.
(لكن " الانتباه الاستطيقي " لايتحقق - وحده- كي نتذوق القيمة الكاملة للاثر إلا بالانتباه  الكامل الى تفاصيلة , و" الانتباه"  يخلق , او هو بالفعل قيمة معقدة وغامضة ازاء النص او النصب او التمثال او اللوحة. فامتلاك  هذا " الوعي " بهذه التفاصيل وقيمتها الفنية والابداعية وعلاقاتها ونسيجها الداخلي هو الذي يجعل عملية التمفصل مع الاثر للوصول الى خطابه هو " التميير discrimination " , والواقع ان الناس كثيرا ما يفقدون قدرا كبيرا من تجربة الفن , ليس فقط لان انتباههم ضعيف بل لانهم يعجزون عن " رؤية " كل ماله اهمية في الاثر الابداعي , وادراك حركية افعاله ..) (1)  وكان مثل هذا الظن بين العوامل التي دعت العرب، في القديم، إلى القول إن لكل شاعر شيطاناً يلهمه ما ينطق به من الشعر. وكان الكثير من الفنانين في عصر النهضة وما قبله يرون أن أعمالهم تتحقق بوحي إلهي.سيرورة 

و(ما المقصود بالأبداع وصولا الى تأطير مفهومة الابداع الفني يعرف شتاين Stein الأبداع بأنه "عملية ينتج  عنها عمل جديد يرضي جماعة ما ،او تقبله على انه مفيد"  ويعرفه سيمبسون Simpson  بأنه
"المبادرة التي يبديها الشخص بقدرته على الانشقاق من التسلسل العادي في التفكير الى مخالف كلية " ويعرفه كلوبفر Klopfer بأنه "استعداد الفرد لتكامل القيم والحوافز الاولية Archaic بداخل تنظيم الذات والقيم الشعورية ,وكذلك تكامل الخبرة الداخلية مع الواقع الخارجي ومتطلباته )(2)
ويناول كاغان في الجزء الاول من كتابه "سيرورة الأبداع الفني يتحدث فيه كاغان عن الفنان (المرسل)، المحور الاساسي الذي تبدأ سيرورة الابداع من عنده، ويتناول عناصر وشروط الابداع لديه التي تمهد لولادة الافكار وهي: شخصية الفنان، الموهبة الفنية، التجربة الحياتية، التأملات في هذه التجربة، حيث انتاجه الابداعي هو ثمرة كل هذا، مع التركيز على اهمية معرفة وتجربة الحياة، فاي عمل ابداعي هو في نهاية المطاف ليس الا انعكاسا لهذه التجربة، وكلما كان الفنان على معرفة واسعة و فهم عميق بالحياة، كلما كان قادر من خلال ابداعه على اعادة صياغة العلاقات الواقعية الحياتية، وكلما ابدعت موهبته بنجاح.
  لكن موهبة الفنان ليست العنصر الوحيد الذي يعتمد عليه نجاح الفنان، انما هناك ايضا عوامل اخرى منها:
 اولا: منهج الفنان الابداعي الذي هو الجسر بين موهبة الفنان وتأملاته الحياتيه، فيتناول الكاتب عناصر المنهج الابداعي الاربعة: المعرفي، التقيمي، البنائي، والاشاري، ودورها في العمل الفني الذي يتكون بواسطة الصلة المتبادلة بين هذه العناصر.
ثانيا: المهارة وهي الوسيلة اللازمة لبناء العمل الفني، فتتحول من خلالها الاحتمالات الابداعية الكامنة الى تجسيم مادي، وهي من تظهر اذا كانت الفكرة الفنية المعنية قد تحققت ام لم تتحقق، وبما ان المهارة في الفن هي قوة ثانية مع الموهبة فيعرض كاغان وظائفها واختلافها عن الموهبة , يذكر زكريا إبراهيم في كتابه «مشكلة الفن» أن غوته Goethe يذهب إلى أن كل أثر ينتجه فنّ رفيع، وكل نظرة نفّاذة، وكل فكرة خصبة تنطوي على جدّة وثراء، لابد من أن تفلت من كل سيطرة بشرية، وأن تعلو على شتى القوى الأرضية، وأن كل إنسان مبدع أسير لشيطان يتملكه ,والإبداع في الفن يقابل المقدرة على إيجاد معنى جديد أو حلول جديدة لموضوع ما، أو إيجاد شكل فني مبتكر، أو إنه، كما يذكر شتولْنِتْز Stolnitz معالجة بارعة لوسيط من أجل تحقيق هدف ما.(3) 


الابداع وهو عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات تتميز بعدد من الخصائص والتي تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية في ميدان الفن 
والفنان المبدع يتمتع بتكوين نفسي متفرد وقدرات تخيلية وانفعالية خاصة تكسبه سمة الإبداع الفني التي تميزه من الصانع العادي. 
( ويتفق تورانس وجماعته على على تعريف الابداعية بأنها عملية يصبح الفرد بها حساسا للمشكلات والنواقص والفجوات في المعرفة والعناصر المفقودة وغيرها .اي تشخيص الصعوبة والبحث عن الحلول وعمل التخمينات وصياغة الفرضيات بخصوص النواقص واختبار الفرضيات وتعديلها أو اعادة اختبارها والوصول اخيرا  الى النتائج) (4) وكثيراً ما تسمّى هذه السمة «موهبة»، وهي على درجات ويسمي بعضهم الدرجة العالية منها باسم «العبقرية» , يذهب كروتشه Croce إلى أن الفن حَدْس أو هو معرفة حَدْسية، وهو حَدْس فني أو حَدْس شاعري جمالي تكون المكانة الأولى فيه للمخيلة في حين تكون المكانة الأولى للعقل ومحاكماته في المعرفة المنطقية. ومن خصائص الحدس الفني أنه مقترن بالتعبير سواء بالكلمات أم بالأنغام أم بالألوان. فالكلمة وسيلة الشاعر، والنغم وسيلة الموسيقي، واللون والأشكال وسيلة المصور. ويذكر كروتشه كذلك أنه لا يمكن تصور حدس من دون تعبير، وأننا لا نعرف إلا أشكال الحدس التي تمثّلت في التعبير: فالفكر لا يكون فكراً إلا إذا اكتسى بالكلمات، والتخيل الموسيقي لا يكون إلا إذا تجلّى بالأنغام، ولا يعني ذلك أن الكلمات يجب أن تلفظ بالضرورة بصوت مرتفع، وأن الموسيقى يجب أن تعزف، وأن الصورة يجب أن تثبت على اللوحة. وعلى هذا فإن كروتشه يعتقد أن الحدس والتعبير أمران متلازمان في داخل الفنان في عملية الإبداع حتى قبل تجسيدهما في وسط مسموع أو مرئي أو مقروء، وأن من البساطة بمكان تصديق أولئك المصورين أو الموسيقيين أو الشعراء الذين يدّعون بأن رؤوسهم مليئة بالإبداعات الفنية ولكنهم لا يتمكنون من ترجمتها في قوالب تدركها حواسنا، لقصور في التقنيات التي يمكن أن تستوعب أفكارهم، مع أن تلك التقنيات ذاتها استوعبت إبداعات هوميروس Homer وفيدياس Pheidias , ولعل من المفيد والأساس، في فهم ظاهرة الإبداع، العودة إلى ما يقوله الفنانون أنفسهم عن عملية الإبداع الفني بما لهم من خبرة مباشرة. إنهم يتحدثون مراراً وتكراراً عما يمكن تسميته «لا إرادية» الإبداع، أو «خروج المرء عن نفسه». إنهم يشعرون بأنهم لا يتحكمون في نمو العقل أو صوغه عن وعي في القالب الذي يريدون، بل يشعرون بأنهم مدفوعون بقوى ليس في مقدورهم التحكم بها: فالقدرة الخلاقة لا تخضع لإرادة الفنّان. بل تسيطر على إرادته. ويذكر شتولنتز أن نيتشه Nietzsche يعبر عن ذلك بقوله عن الفنان إنه تجسيد لقوى عليا وناطق باسمها ووسيط لها، إنه يسمع ولا يبحث عن المصدر، ويأخذ ولا يسأل من الذي يعطي، والفكرة تومض لديه كالبرق وكأنها شيء لا مفرّ منه , فهل يعني الشرح السابق للإبداع الفني أن الفكرة الإبداعية تنبثق كاملة في ذهن الفنان أو مخيلته ولا يكون أمامه سوى تجسيدها بالألوان أو الأصوات أو الكلمات؟ في الإجابة عن هذا السؤال وجهات نظر عدة , يقول بيكاسو Picasso  إن من أغرب الأمور أن نلاحظ أن الصورة لا تتغير تغيراً أساسياً، وأن التصور الأول يبقى على حاله تقريباً إلا أننا نلاحظ أن هذا المعنى الذي يبدو في كلام بيكاسو لا يبرز التهيئة الطويلة الزمن التي مرّ بها هو، والدراسات الكثيرة التي قام بها، والتعديلات المتعاقبة التي أجراها من أجل إنجاز لوحته الكبرى «غويرنيكا» Guernica. والأمر ذاته يلاحظ في أعمال واحد من أعلام عصر النهضة الإيطالية هو رافايلّو Raffaello الذي كان ينفذ لوحاته الجدارية الرائعة في غرف الفاتيكان بسرعة مذهلة بعد أن يكون قد هيّأ لها دراسات متعددة بدقة وتأمل عميقين , وهناك مثل آخر يتعلق بالمقطوعات التي ألّفها شوبان Chopin للبيانو والتي تُعطي إحساساً واهماً بالتلقائية التامة والإبداع المنطلق بيسر,غير أن جورج صاند G. Sand تخبرنا كيف كان شوبان يحبس نفسه في غرفته أياماً كاملة وهو يبكي أو يمشي ويكسر أقلامه ويعيد سطراً في المدوّنة الموسيقية ويكرره مئات المرّات. إلا أن جورج صاند ذاتها تروي في مناسبة ثانية، أن الإبداع عند شوبان كان تلقائياً سحرياً، وأنه كان يجده من دون أن يلتمسه، بل من دون أن يتوقعه، وكأنما هو معجزة كانت تتحقق كاملة فجأة ,هناك من الباحثين من يعتقد أن الإبداع الفني ينشأ لدى أشخاص لهم تكوين فزيولوجي معيّن، أو أنهم مصابون بأمراض عقلية أو غيرها. ويحاول هؤلاء الباحثون البرهان على أن العبقرية مرتبطة بحالات خاصة، ويأتون بأمثلة عن فنانين وأدباء مشهورين كانوا مصابين بعاهات مختلفة مثل بتهوفن Beethoven  وفان كوخ Van Gogh  ودستويفسكي Dostoyevsky . إلا أن كثيرين غيرهم من العباقرة تمتعوا بصحة جسدية وعقلية ممتازة الأمر الذي يعارض التعميم الأول ويلغيه ,  ثم إن هناك من يربط بين العبقرية والانفعالية لدى الفنان. ولكن من اللازم اتخاذ موقف الحذر من هذه الفكرة لأن صفة الانفعالية ربما كانت صحيحة لدى الفنانين الإبداعيين الذين أبدعوا فناً يغلب عليه الطابع الانفعالي. ولكن ذلك لا يمكن أن يكون قاعدة في فنّ يسوده التنظيم العقلاني والتحكم الشديد بالانفعالات كما يرى في الفنون الاتباعية وفنون النقش والزخرفة العربية التي تعتمد أسساً هندسية وعقلانية في غالب الأحيان , ولكن، كيف تتم العملية الإبداعية؟ يذهب كروتشه إلى أن الفن، كما سلف، حدس مقترن بالتعبير. فحدس الموسيقي نموذج من الأصوات المتناغمة، وحدس المثّال صورة من الكتل والحجوم المتناسقة. وهذا الحدس ينشأ في داخل الفنان قبل أن يجسده في صيغته الملموسة , ويستشهد كروتشه بقول ميكلا نجلو Michelangelo «إن المرء لا يرسم بيده بل بفكره»، ثم يقول عن نفسه: «أنا لا أنحت تمثال الملاك، فهو موجود ضمن الكتلة، أما ما أقوم به فهو إزالة طبقات الرخام من حوله».وهذا القول يذكر بكلمة ليوناردو دافنشي Leonardo Da vinci  «التصوير موضوع فكري». والشواهد عديدة على أن عملية الإبداع تتم، في كثير من الأحيان، في ذهن الفنان بوضوح يقل أو يكثر. وفي جملة ما قاله موتسارت Mozart عن نفسه إنه يؤلف سمفونيته قبل أن يدونها, يستخلص من نظرية كروتشه أن العملية الإبداعية تتم وتكتمل في مخيلة الفنان ولا يبقى أمامه سوى نقلها وتثبيتها في الوسيط المادي. ويرى غيره من المفكرين والفنانين أنه لابد للفنان من أن يجسد حدسه التخيّلي فيزيائياً، ولا يمكن لعملية الإبداع أن تكتمل إلا بعد تعامل فعلي مع الوسيط. لذلك تظل رؤية الفنان ناقصة إلى أن تتجسد في ذلك الوسيط بعد أن تمر في التقنيات الفنية فتنمو وتتطور وتأخذ شكلها الفني الثابت. وفي قول لشتولنتز عن الهدف الذي يسعى إليه الفنّان أنه كثيراً ما يكون غامضاً في البدء، وأن شكل العمل الفني وطابعه التعبيري وتفاصيله الخاصة لا تتضح إلا بعملية الإبداع، 

(اما كلفورد فإنه يميز بين نوعين من التفكير , التفكير المتشابه Convergent thinking وهو الذي تتحد فية عمليات التفكير بطبيعة المعلومات المتوفرة .والتفكير المتباين Divergent thinking وهو البحث عن معلومات لها صلة ضعيفة بما هو متوفر من معلومات .وهذان النوعان من التفكير يعتبران – لدى كلفورد – محور العمليات التي يتم بواسطتها التفكير . وهو يرى ان التفكير المتباين هو الذي يشير الى الابداعية .ويقصد بالتفكير المتباين ان يذهب التفكير في اتجاهات مختلفة ويتضمن التفكير المتباين عمليات عقلية فرعية هي : طلاقة الكلمات Word Fluency , والطلا  قة الترابطية Associational fluency , والطلاقة التفكيرية Ideational fluency , والطلاقة التعبيرية Expressional fluency ,والمرونة التكيفية Adaptive flexibility, واعادة التعريف Redefinition , والاصالة Originality)(5)
وأن الفنان كثيراً ما يجرب حلولاً متباينة ثم يرفضها قبل أن يبدأ هدفه باتخاذ صورة محددة في ذهنه، وأن من الممكن أن نقول عن الفنان إنه لا يعرف هدفه المعرفة الواضحة إلا بعد أن ينتهي ويضع أدواته جانباً. ويذكر ما يشبه قول تشارلي تشابلن Charlie Chaplin : «قبل أن أعرف إلى أين أنا ذاهب، ينبغي أن أصل إلى هناك».  وهكذا يتضح ما للوسيط المادي من شأن بارز في عملية الإبداع، وأنه هو الذي يوحي للفنان بأفكار لم تتهيأ في ذهنه مسبقاً. إن الأصوات والألوان غنية بأسباب التداعي والتعبير التي يستطيع الفنان استغلالها. ثم إن الألفاظ تتداعى مع القوافي وتوحي بأفكار جديدة. وفي جملة ما يذكر عن ماتيس Matisse قوله: عندما أضع لوناً أحمر على اللوحة البيضاء، فإنه يستدعي بالضرورة لوناً معيناً إلى جابنا وهناك عوامل عدة لها أثر بارز في الإبداع، وقلّ أن تكون وليدة المصادفة أو ابنة اللحظة. ولابد من التسليم بأن لدى الفنان برنامجاً معيناً على الغالب يريد تحقيقه في عالم يسمح للتجربة بأن تنقحه وتعدل فيه عن طريق المنجزات الفنية الأخرى. إن لكل عمل فني ماضياً ومستقبلاً، ولا بد له من أن يخضع لطائفة من المؤثرات قد لا يشعر الفنان بها. ولكن الأثر الفني يتمتع حتماً بشيء يميزه من غيره مثل إضافة عناصر إلى أسلوب سابق، أو حذف عناصر من تكوين سابق، أو القيام بمعالجة مباينة لمفاهيم قديمة، أو تبني طرائق مستوحاة من أعماق التاريخ، أو غير ذلك مما يصعب حصره.
 (وكلفورد يميز بين الجهد الابداعي Creative potential والانتاج الابداعي Creative production .فالانتاج الابداعي , بالمعنى الشائع , وهو ذلك الجانب الذي يمس الذوق العام للجمهور , لان انتاج الشخص الخلاق يأخذ عادة الشكل الظاهر للعمل الابداعي , الشعر , الرواية , القطعة الموسيقية , والتصوير ...اما الجهد الابداعي فهو – طبقا لكلفورد – استعداد الفرد لانتاج افكار أو نواتج سايكولوجية جديدة , بما فيها انتاج الافكار القديمة في ارتباطات جديدة )(6)
فإذا جمعنا بين القول إن الفنان كائن غير عادي والقول بالآثار العميقة للبيئة في تكوينه، انتهينا إلى أن الظاهرة الإبداعية أقرب إلى الحوار والتفاعل بين الأوضاع الثقافية الاجتماعية السائدة في المجتمع والتكوين النفسي للفرد المبدع، وأن الفن مجرد تعبير عن التكوين الشخصي، وليس مجرد التعبير عن القيم والمثل الاجتماعية، بل هو نتيجة تبادل التأثير والتفاعل بين الجهتين.   على أن من اللازم القول إن موهبة الإبداع لدى الفنان تمر، كما يمر الإنسان في حياته، بمرحلة مبكرة فيها الكثير من التعثر في أغلب الحالات، تنمو على مراحل حتى تصل إلى ذروة النضج. وقد يتبين في لوحات رامبراندنت Rembrandt  الكثيرة التي صور فيها ملامحه الشخصية منذ شبابه وحتى شيخوخته أنه إلى جانب اختلاف ملامح الفنان على مر السنين، هناك تطور ونضج في الأداء والتعبير. وإن المقارنة بين الصورتين الأولى التي تعود إلى مطلع شبابه عام 1629، والثانية التي تمثله في شيخوخته عام 1658، تظهر ذلك العمق الذي بلغ في اللوحة الأخيرة روعة نادرة المثال في تاريخ الإبداع الفني ومهما تعددت النظريات واختلفت الآراء في شأن الإبداع الفني، فإن من الحق القول: إن الإبداع يتجلى في تلك الروائع التي خلفها الفنانون والأدباء، والتي أغنت التراث الإنساني.

الهوامش

 (1) محمد الجزائري – كتاب خطاب الابداع الجوهر –المتحرك –الجمالي ص200وص201 اصدار دار الشؤون الثقافية بغداد - 1993
 

(2)قاسم حسين صالح  - كتاب الابداع في الفن - ص 14اصدار دار الرشيد للنشر - العراق -  سلسلة دراسات (276) 1981 

(3) موسيه كاغان - كتاب سيرورة الأبداع الفني - ترجمة عدنان مدانات
(4)قاسم حسين صالح  - كتاب الابداع في الفن - ص14 وص15اصدار دار الرشيد للنشر - العراق -  سلسلة دراسات (276) 1981
(5) نفس المصدر ص 15

(6) نفس المصدر ص15 

(7)الأبداع في الفن والعلم   تأليف:د.حسن احمد عيسى اصدارات عالم المعرفة الكويت
 

(8)فلسفه الجمال ودور العقل في الابداع الفني - تأليف : مصطفي عبده

تابع القراءة→

الأحد، يناير 10، 2016

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني : بث مباشر - حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي الدورة ...

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, يناير 10, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني : بث مباشر - حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي الدورة ...: مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني بث مباشر - حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي الدورة الثامنة - الكويت - ٢٠١٦

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
تابع القراءة→

الخميس، ديسمبر 31، 2015

أعلان مهرجان المسرح العربي الدورة الثامنة الكويت 2016

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, ديسمبر 31, 2015  | لا يوجد تعليقات

تابع القراءة→

أعلان مهرجان المسرح العربي الدورة الثامنة الكويت 2016

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, ديسمبر 31, 2015  | لا يوجد تعليقات



مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
تابع القراءة→

السبت، ديسمبر 26، 2015

غدا مؤتمر صحفي يعلن فية الأمين العام للهيئة العربية للمسرح عن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان المسرح العربي 2016

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, ديسمبر 26, 2015  | لا يوجد تعليقات





 مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

  بمقر الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح الشارقة… مؤتمر صحفي لأضخم حدث مسرحي عربي

تعلن الهيئة العربية للمسرح، أن السيد الأمين العام سيعقد غدا الأحد 27 ديسمبر 2015 على الساعة 12 ظهرا بمقر الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح الشارقة مؤتمراً صحفياً للإعلان عن تفاصيل برنامج أضخم مهرجان مسرحي عربي (مهرجان المسرح العربي في دورته الثامنة) و أهم جائزة مسرح عربية (جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
حيث يشهد المهرجان المرحلة الأخيرة من التنافس لنيل هذه الجائزة بعدد سلسلة تصفيات محلية عربية شملت ما يزيد على 400 مسرحية عربية، تفاصيل هامة في هذا المهرجان الذي يشارك فيه ما يزيد على 400 فنان مسرحي من كل أنحاء الوطن العربي و المهاجر، ورش و ندوات و مناظرات و مواجهات كلها تجعل هذا المهرجان العلامة الأبرز.
تجدر الإشارة أن الدورة الثامنة ستعقد في الكويت من 10 إلى 16 يناير 2016، حيث تشكل الكويت المحطة الثامنة لهذا المهرجان الذي عقد في القاهرة و تونس و بيروت و عمان و الدوحة و الشارقة و الرباط.

تابع القراءة→

الثلاثاء، ديسمبر 08، 2015

ورشة تنشيط الأطفال التي أقيمت على هامش مهرجان المسرح العربي السايع في -الرباط - المغرب 2015

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, ديسمبر 08, 2015  | لا يوجد تعليقات



مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
تابع القراءة→

الأحد، ديسمبر 06، 2015

التراث والموروث الشعبي في المسرح العربي / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, ديسمبر 06, 2015  | لا يوجد تعليقات


من المعلوم أن الموروث الشعبي بأشكاله ومفرداته له أهمية في العرض المسرحي بإعتباره  الأطار التشكيلي واللوني الذي يتجاوب مع أحداث المسرحية ويسهم بدور فعال في إبراز مضمونها  حيث يتخذ الموروث الشنعبي كوسيلة لتأكيدالقيم الفنية اولتكنوين العقلني والروحني للشخصيات  الشعبية . كما إن الموروث الشعبي في هذا اإلطار يحقق دوره الوظيفي السباق في الإيحاء مستوى الشخصية إجتماعياً وطبقياً وفكرياً من خالل سمة التصميم المنظري المجاور للشخصية
يحاءاته المنظورة، ليضفي ذلك الشكل الشعبي على مشاعر الشخصية ومسارها الخلقي والسلوكي مستوى يتطابق وأفكار المتلقي المستفزة في ذاكرة الجمعي وجماليات البيئة يمكن أن تخلق من خلال “اإلاستمتاع الجمالي من داخل الجدران -قاعات
إلى خارجها لكن يهتم أيضاً العرض وأماكن القراءة والمشاهدة …إلخ- في الوقت نفسه بالصورة إلى
الداخل –طبيعة التصميم الخاص بقاعات العرض والمشاهدة والمنازل وأماكن الحياة، والمطاعم والمقاهي،”  فالموروث الشعبي  يطلق دائما على الشفوي من التراث الروحي للشعوب  ، وقد يطلق تحديداً على الأدب الشعبي الذي ينتقل شفوياً ، وقد يطلق على الشفوي من الثقافة عموماً .ولكن ( شعبية ) أي عمل ( فلكلوري ) تحدد من خلال تعبيره عن ذاتية الشعوب ، بغض النظر عن كونه شفوياً أو مكتوباً ، عامياً أو فصيحاً ، مجهول المؤلف أو معلومه .
وتوظيف التراث الشعبي في المسرح يمكن أن يكون مرئياً أو مسموعاً أو بنيوياً نصياً . وإذا كان التوظيف المرئي والمسموع مرتبطاً بالحرفة المسرحية ، أي بالإخراج ، فإن التوظيف البنيوي النصي مرتبط بالتأليف ،ومن  الكتّاب المسرحيين العرب  الذين  تعاملوا مع التراث الشعبي السردي الشفوي و المكتوب على حدٍ سواء تعاملاً مبدعاً الكاتب سعد الله ونوس و تجلّى ذلك في كثير من مسرحياته ، مثل ” مغامرة المملوك جابر ” و ” سهرة مع أبي خليل القباني ” و ” الملك هو الملك ” .         
لم يكن سعد الله ونوس في المرحلة الأولى من حياته المسرحية يتعامل مع التراث الشعبي تعاملاً مبدعاً ، بل كان كان يتعامل معه تعاملاً يكاد يكون حرفياً ، فيكتفي بمسرحة الخامات التراثية دون حرص كبير على توظيفها ، ونقصد بهذه المرحلة الأولى مرحلة ” مأساة بائع الدبس ” و ” الرسول المجهول مأتم أنتجونا ” و ” فصد الدم ” و ” المقهى الزجاجي ” .
ففي مسرحية ” الفيل يا ملك الزمان ” يعمد ونوس إلى حكاية تتردد على الألسنة في مشرق الوطن العربي ومغربه ، لقد مسرح سعد الله ونوس هذه الحكاية الشعبية ، وقسمها إلى مشاهد ، وزرع الأدوار وأطلق أسماء على الشخصيات ، أي أنه فصلها . وكل ما أضافه إليها هو وقوف الممثلين في نهايتها ليؤكدوا للمتفرجين أنها حكاية ، وأنهم ممثلون عرضوها عليهم كي يتعلموا ويعلموا عبرتها ، وهي أن الفيلة توجد حين يجبن الشعب ويستكين ، فلا يطالب بحقوقه – كما جاء في الحكاية – . إلا إن سعد الله ونوس حين يتخطى المرحلة لأولى يتحرر من هذه السطحية في مسرحة التراث فيوظفه ، ويتخذه مجرد مسمار يعلق عليه لوحاته النابضة التي نذكر منها ” مغامرة المملوك جابر ” و ” الملك هو الملك ” التي وظف فيها حكاية رئيسة من حكايات ألف ليلة وليلة ، وإضافة إلى هذه الحكاية ، نراه يستفيد كذلك من بعض الحكايات الأخرى ، ولكن استفادته منها تظل محدودة جداً إذا قيست باستفادته من حكاية الملك هو الملك .. ويجدر بنا أن نتساءل عما أضافه سعد الله ونوس إلى تلك الحكاية الرئيسة بعد مسرحتها ؟ لقد أحدث ونوس تغييراً ما في الحكاية الأصلية شمل بناءها وشخصياتها وفكرتها على حد سواء . وبطبيعة الحال فإن التغييرات كانت تستهدف خدمة الأفكار التي أراد المؤلف أن يعالجها في مسرحيته ، وهي الأفكار والتي يؤكدها من خلال ان الأنظمة السياسية في العصور القديمة والحديثة ، لا يمكن أن تتغير بإحلال فرد مكان آخر , و أن الحاكم ذاته قد يكون ضحيةً للنظام الذي يمثله والذي أفرزه . , و إن الشعب في هذه المسرحية التي تجري أحداثها في العصر العباسي ظاهرياً يحكم عليه هو الآخر بالتنكر بوصفه طرفاً مناقضاً ، وهذا التنكر لا يمكن أن يزول في نظر ونوس إلا عن طريق العودة لحياة الفطرة الأولى عندما كانت حياة الإنسان ” تجري كالجدول العذب ” ، على حد تعبير عبيد في المسرحية .
إن ما يهمنا هنا هو أن سعد الله ونوس الذي قدم أحداثاً تراثية شعبية مستقاة من ” ألف ليلة وليلة ” ، جرت في العصر العباسي ، نجح إلى حدٍ بعيد في تجاوز ذلك الإطار الزماني الذي أسقط رؤاه على العصور الحديثة موظفاً ذلك التراث توظيفاً مسرحياً مبدعاً ، أي أن سعد الله ونوس لم يمسرح التراث مسرحة حرفية عقيمة ، بل استلهم التراث وجعل خاماته تخدم رؤيته الفكرية والجمالية.
ومن الكتاب المسرحيين العرب الذين وظفوا التراث الشعبي توظيفاً ذكياً مبدعاً الكاتب ألفريد فرج في مسرحياته ” حلاق بغداد ” و ” علي جناح التبريزي وتابعه قفة ” و ” الزير سالم ” . ففي المسرحية الأولى يمسرح فرج حكاية ” محسّن بغداد ” الواردة في كتاب ” ألف ليلة وليلة ” فيعيد بناء شخصية ذلك الحلاّق الذي كان مجرد ثرثار فضولي في ” ألف ليلة ” ثم أضحى في المسرحية رجلاً يحمل قضية كبرى ، فيحاول أن يصلح العالم ويغيث الملهوف ويرفع الضيم عن المظلومين ، ولكن عزيمته تفتر عندما تصادفه بعض الشدائد ، ويتوب عن التدخل في شئون الآخرين .
وفي مسرحية ” على جناح التبريزي وتابعه قفة ” نرى ألفريد فرج يستفيد من خامات سردية وردت في الألف ليلة ويعيد صياغة تلك الخامات موظفاً إياها بأسلوب متميز ومحكم . وهذا ما يفعله في مسرحيته ” الزير سالم ” التي استقى أحداثها من سيرة الهلاليين الشعبية ، واستطاع أن يشحنها بصراع درامي عاتٍ يجعلها تقترب كثيراً من التراجيديا الإغريقية . وهذا ما يؤكد براعة ألفريد فرج في إعادة صياغة هذه العناصر التراثية الشعبية وتوظيفها جمالياً فكرياً ، فالتاً من الوقوع في إعادة كتابة التراث كتابة شكلية بدلاً من قراءته قراءة واعية مبدعة .
ومن الكتاب المسرحيين العرب الذين وظفوا التراث الشعبي الكاتب العراقي يوسف العاني ، وخاصة في مسرحيته ” المفتاح ” التي استطاع أن يستفيد فيها من أغنية شعبية هذه المرة وليس من خامات سردية مكتوبة .
” والمفتاح عند الحداد – والحداد يريد فلوس – والفلوس عند العروس – والعروس بالحمّام – والحمام يريد قنديل – والقنديل واكع بالبير – والبير يريد حبل – والحبل بقرون الثور – والثور يريد حشيش – والحشيش بالبستان – والبستان يريد مطر – والمطر عند الله “
هكذا تقول الأغنية الشعبية التي لها نظائر في أرجاء الوطن العربي . والمفتاح الحقيقي الذي يقصده العاني هو مفتاح فلسطين السليبة ، ولكن الدرس المستفاد من المسرحية يمكن أن يعمم فيكون حصيلة للصراع بين ثنائيات الفقر والغنى ، والتطور والتقهقر ، والعبودية والتحرر ، ويؤنسنا إلى ذلك تلميحات وتصريحات شخوص المسرحية .
وهكذا نرى يوسف العاني هو الآخر يوظف الحكاية التراثية الشعبية توظيفاً مبدعاً ، ويجعلها تتمخض عن أفكار ورؤى لم تكن حبلى بها في صيغتها الأصلية .
وإذا كان هؤلاء الكتاب المسرحيون قد وظفوا التراث الشعبي فكرياً ، فإن هناك من استطاع أن يوظفه جمالياً مثل يوسف إدريس في مسرحية الفرافير ، وعبد القادر علولة الذي استخلص منهجاً فنياً في كتابة المسرحية وعرضها يعتمد على تقاليد ” القوالين ” الذين يتعاملون مع خيال المستمع عن طريق الكلمة .
وبعد ، فالذي نخلص إليه أن العودة إلى التراث الشعبي في المسرح العربي تأتي في سياق البحث عن الهوية والأصالة ، وإن  العدد الكثير من كتابنا المسرحيين المعاصرين يهتمون  بالتراث الشعبي فيوظفونه مستهدفين التعبير من خلاله عن رؤاهم الفكرية والجمالية ،   وهو ما يشكل إتجاه مسرحي جديد في  المسرح العربي والمسرح العالمي .
المصادر
1- خورشيد، فاروق، التراث الشعبي في المسرح العربي، ندوة التراث الشعبي والمسرح، الكويت:
2-كتاب ” دراسات في المسرح العربي المعاصر”
دار الأهالي – الطبعة الأولى 1997
3-  د.عقينل مهندي، السنؤال الجمنالي، سلسنلة عشنتار الثقافينة، إصندار جمعينة الفننانين التشنكيليين العنراقيين – بغداد 2007

تابع القراءة→

الجمعة، ديسمبر 04، 2015

مشاركة الفنان محسن النصار في مهرجان المسرح العربي السابع في المغرب - الرباط - 2015

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, ديسمبر 04, 2015  | لا يوجد تعليقات



مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
تابع القراءة→

الأربعاء، نوفمبر 25، 2015

خصائص (الشخصية الافتراضية) في المسرح الرقمي / د. محمد حسين حبيب

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, نوفمبر 25, 2015  | لا يوجد تعليقات




منذ اكثر من قرن كان التفكير بكيفية الغاء ( الشخصية ) على خشبة المسرح بوصفها حضورا ماديا الغاء تاما .. والبحث عن البديل الموازي لسد غيابها هذا بذات الفاعلية الدرامية المؤثرة والمنسجمة مع البناء الدرامي ومع التأثيث السينوغرافي للعرض المسرحي نفسه ،وبرغم اتفاق الجميع على أهميتها كركيزة محورية للعرض المسرحي الكلاسيكي والمعاصر.

كثيرة هي الاسئلة التي أثارها المختصون سابقا واليوم حول هذه الكيفية .. وكثيرة هي التحولات المضمونية والشكلية التي طرأت على ( الشخصية المسرحية ) جراء ذلك التفكير مع محاولة الاجابة عن الاسئلة المتجددة يوما بعد اخر، والتي تستجيب للتطورات التقنية الفنية الجديدة لصناعة العرض المسرحي المعاصر . 
يشير انطونيو بيتزو في كتابه (المسرح والعالم الرقمي ) الى ان المخرج ( ديبيرو ) وفي عام 1916 هو صاحب مقترح "الالغاء التام للشخصية على خشبة المسرح ] مستبدلا[ عنها الازياء القاسية المتينة في صنعها ، آلية في حركتها ، بحيث تصبح الرموز على خشبة المسرح متعددة الأوجه بلا تناسق ويصبح كل شيء بلا حياة ومتحركا ." 
في عام 2005 اقترح كاتب السطور مشروعا تنظيريا وتطبيقيا تحت عنوان ( نظرية المسرح الرقمي ) وقلنا جملة ان ( المسرح الرقمي قادم ) لا محال ، واقترحنا تعريفا له حينها وهو : " المسرح الذي يوظف معطيات التقانة العصرية الجديدة , والمتمثلة باستخدامه الوسائط الرقمية المتعددة , في انتاج أو تشكيل خطابه المسرحي .. شريطة اكتسابه صفة التفاعلية " .. وان هذا التعريف جاء شاملا حاويا لمفهوم العرض المسرحي الرقمي الذي يحاول الإفادة منذ سنوات غير قليلة من التقنيات الرقمية والبرامجيات الحاسوبية التي تم توظيفها كثيرا في العروض المسرحية المعاصرة عالميا وعربيا والى اليوم ، الا ان صاحب النظرية هذه لم يفرز (للشخصية المسرحية) مكانها الذي ينبغي في هذا المسرح المقترح بوصفه المسرح المستقبلي لنا جميعا .. هذه الورقة تهدف لهذا الفرز مفاهيميا وتاريخيا . 
تعرضت الشخصية الدرامية للكثير من المفاهيم والدراسات البحثية والنقدية وذلك للمكانة الفاعلة لها في تثوير البنية الدرامية وسردية الأحداث الواردة وبنائها ، الأمر الذي ادى الى تعددية هذه المفاهيم وتشعباتها حتى في وضع تعريف للشخصية الدرامية .. سنحاول الاشارة الى بعضها .. فنورد مثلا تعريف (ساميه أسعد) للشخصية المسرحية : "هي كائن بشري يشار اليه في النص بعلامات لغوية , ويتقمصه ممثل من لحم ودم على خشبة المسرح , من خلال علامات لغوية تبنى فوق العلامات السابقة . حتى في النص المكتوب الذي لم يعرض , تظل الشخصية كائنا حيا , ما دام القارئ يعطيها هذا الشكل او ذاك على مسرح خياله " . اما (آن اوبر سفيلد) فترى " الشخصية المسرحية ليست سوى شخصية من ورق " . بينما يعرفها حسين رامز محمد رضا هي : " وحدة عضوية , تحتضن مظاهر عضوية , و سايكولوجية..." 
الى جانب مثل هذه التعريفات وغيرها الكثير ، تعرضت الشخصية الدرامية أيضا الى عدد من الأبعاد والتقسيمات التي أسهمت كثيرا في تحليل وتفسير الشخصية من قبل صانعي العرض وهي متداولة دراسيا ومنهجيا وهي : ( البعد الجسماني ، والبعد الاجتماعي ، والبعد النفسي ) او بتقسيم اخر : ( البعد الماضي ، والبعد الحاضر ، والبعد المستقبلي ) .. اما التقسيمات فقد تبارى اليها الباحثون كلا من وجهته ومسوغاته امثال : (ابراهيم حمادة ) الذي شطر الشخصية الدرامية الى شطرين : (الشخصية المنبسطة ، التي لها وجه واحد ) و ( الشخصية الكروية ، وهي متعددة الوجوه ) كما يرى . في حين تولى ( حسين رامز محمد رضا ) تقسيما اخرا لها وعلى الشكل التالي : ( الشخصية البسيطة ، والشخصية المركبة، والشخصية المسطحة ، والشخصية الدائرية ، والشخصية الخلفية ) .. وربما توجد تقسيمات اخرى وهي متداولة بحثيا ومنهجيا مثل : (الشخصية الرئيسية ، والشخصية الثانوية , والشخصية الكومبارس / العرضية ، والشخصية الصامتة ) .. لايسع المجال هنا التوقف عند كل تقسيم من هذه التقسيمات لكننا سنكتفي بالاشارة الى مصادرها في هامش هذه الورقة للاستزادة حسب . 
لكن ما يهمنا اكثر .. هو الوقوف إزاء أهم المحطات التاريخية التي أسهمت في تطور بناء الشخصية الدرامية ، وهو تطور لم يبتعد عن مجريات العلم والعقل التكنولوجي المعاصر وسط هذه التحديات الرقمية الجديدة التي اكتسحت وبنجاح جميع المجالات العلمية والانسانية في حياتنا , فكيف بالجوانب الفنية الإبداعية منها . فتجدر الاشارة اولا الى المرحلة (الارسطية) والمرتبطة بالشروحات التي سنها (ارسطو) في كتابه (فن الشعر) عن الشخصية الدرامية تحديدا , ومن ثم المرحلة ( الشكسبيرية ) والمرتبطة بما أضفاه (وليم شكسبير) من مائزة درامية للشخصية المسرحية في اسباغه الوحدة الفنية الموضوعية للمسرحية بشكل عام وخلق نماذج بشرية خالدة من خلال شخصياته بشكل خاص فحملت بعض مسرحياته عنوان ابطاله واسبغ عليها ايضا مواصفات النموذج البشري الخلاق فضلا عن اكتسابها الاستقلالية الدرامية المائزة والتي تناغمت مع وحدة بناء النص الشكسبيري، واتسقت سايكولوجيا مع وحدة بناء الفعل الدرامي وعناصر بناء المسرحية الاخرى . 
وبانتقالنا الى الدعوة التي اقترحها أبو الرمزية : ( موريس ميترلنك ) الى استبدال الشخصية بكائن آلي عليه مظاهر الحياة لكنه ميت بحسب اشارة المعجم المسرحي لحنان قصاب وماري الياس .. فأفاد منه بعد ذلك ( غوردن غريغ ) فيما اطلق عليه بعد ذلك بـ (الدمية المثالية / الخارقة) او ( السوبر ماريونيت ) بمعنى تحول الممثل الى اداة تقنية .. الامر الذي أدى بعدها الى تبني ( الفريد غاري ) التغيير الجذري الأول الذي طرأ على الشخصية الدرامية من خلال شخصية ( اوبو ) في مسرحية ( الملك اوبو ) باجزائها الاربعة والتي عدت حينها انطلاق التجريب في المسرح العالمي وفي تكوين الشخصية المسرحية الحديثة . والذي ركز هذا التجريب هو استخدام غاري للدمى الذي وضعها خلف شخصيته البطلة (اوبو) وكانت دمى / شخصيات لا ماضي لها و لامستقبل وبعيدة الصلة عن الواقع فتحولت الشخصية والحال هذه الى مجرد اداة شكلية ليس لها جذور وهذا ما سيتقارب لاحقا في هذه الورقة مع خصائص ( الشخصية الافتراضية ) هدف البحث .. لأنها خلقت من عالم لا واعي فهي مصنعة من عالم الرقميات واليه ترجع للأبد .. ويتطابق هذا ما اشارت اليه (ناتالي ساروت) في كتابها ( عصر الشك) الذي اخذت عنه (سامية اسعد) بقولها : " تحولت الشخصية من اليقين الى الشك .. واصبحت الشخصيات مجرد رؤى واحلام و كوابيس واوهام وانعكاسات وأشكال من ( أنا الكاتب ) القديرة او توابع لهذه الأنا . " 
وجاءت المانيكا الحية او منهج البايوميكانيك في مقترح تنظيري جديد لـ(فسيفولد مايرهولد) الذي اهتم بالجانب الحركي الشكلي البلاستيكي للاداء التمثيلي بعيدا عن الانفعالات النفسية والداخلية حتى تحقق الشخصية هدفها, وبذا يكون قد زلزل كيان الاداء الدرامي من جديد باحثا عن التثوير الشكلي الحركي الخارق وبقدرات تمثيلية فائقة لكنه لم يلغ الشخصية تماما كوجود مادي بل ألغى عواطفها وتقمصها الداخلي مخالفا بذلك (ستانسلافسكي) .. فهو هنا قد انتهج مقترح الماريونيت ذاته الذي اقترحه (الفريد غاري) من قبله وكذلك (غوردن غريك) .
وبالعودة الى (انطونيو بيتزو) واشاراته الموثقة عن العروض المسرحية الاجنبية التي استعاضت عن الشخصية الحية كممثل بدمى مصنّعة احيانا او بصناعة شخصية رقمية يقوم الحاسوب الالكتروني بخلقها لنا على وفق البرامجيات المصنعة لمثل هذه الاغراض والتي بدأت بالشخصيات المصنعة لألعاب الأطفال ( Games ) المبرمجة في (Play Station) المتداولة في الاقراص المدمجة والمشاعة كثيرا على صفحات الشبكة المعلوماتية الانترنت ، ولكن تطورت هذه التقنية لتصل الافادة منها جماليا وفكريا في عروض الدراما للكبار والصغار المسرحية منها والسينمائية والتلفازية وقبلها جميعا الشخصيات الاذاعية المصنعة صوتيا لاغراض فنية تشاركية وتفاعلية ايضا.
 
فتجدر الاشارة اولا الى نموذج (المسرح الجذاب) كتجربة تقنية اقترحها (برامبوليني) في باريس عام 1924 "اخترع فيه فضاء مسرحيا متعدد المقاييس ثوريا، موضوعا في مركز الفضاء المسرحي العام ، تحركه فقط الاضاءة والاسقاطات والاصوات والتي تكون في مجملها الممثلين والديكور .. والذي يعتمد كلية على الايحاء المرئي والمحسوس والجذاب والذي فيه يعيش الاداء المضاد للسيكولوجيا الصرف ، وفي هذا نتعرف على الرغبة التنظيمية في انتزاع وظيفة عمل المسرح من الممثل .. " ( ص 182 بيتزو ) . وكذلك من الاهمية ايضا ما قام به (اوسكار شليمر) مع راقصات الباليه الهندسية وهي تلك العرائس المتحركة وبداخلها جرامافون وهو الاعلان المسبق العجيب للاشكال الفنية الآلية" . هذا الى جانب (الخيالات التكنولوجية) المرتبطة بـ (رومبوليني) و (ديبيرو) . يسوغ بيتزو لهؤلاء المخرجين ان من اسباب لجوئهم الى مثل هذه المقترحات الفنية التقنية هو ضعف الاداء التمثيلي الذي هيمن على القرن التاسع عشر بفوضويته الزائدة الامر الذي ادى بالمخرجين الى تفضيل القسوة والطاعة من قبل الشخصية الممثلة والمرتبطة بالماريونيت .
وقبل ان نصل الى الهدف من هذه الورقة ، والذي يروم الوصول الى مقترحنا المتمثل بـ (الشخصية الافتراضية) لا بد من التمهيد ثانية - بالاضافة الى ما قدمنا من مسوغات تاريخية وتقنية - الى مسوغاتنا لهذه التسمية والتي اجتزأها الباحث من مفاهيم (علم النفس الافتراضي) : وهو العلم الذي "يدرس سلوك الشخص الافتراضي في تفاعله مع الأفراد والجماعات عبر الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت). ويحاول فهم التطابق والفوارق إن وجدت بين أنماط السلوك في الواقع وأنماط السلوك البشري في العالم الرقمي . يتناول دراسة (الشخصية الرقمية) كفرد يدخل عالمه الافتراضي مزودا بمعارف ومهارات استقاها من عالم الواقع؛ أقلها قراءة وطباعة اللغة التي يتعامل بها الفرد مع أشباهه على الشبكة ومهارة استخدام لوحة المفاتيح والفأرة. وقد نبعت تسميته "علما" من ضرورة وجود وسائل تدرس سلوك الفرد الرقمي – الشخصية الرقمية أو ما اصطلح على تسميته بالشخصية الافتراضية – اعتمادا على الإحصاء وطرق علم النفس التجريبي وما وصلت إليه الفروع الأخرى لعلم النفس وعلم الاجتماع والعلوم القانونية، وما أسفرت عنه البحوث في العلوم الإنسانية من نتائج خلال القرن الماضي، وما تنبأت به من تأثير التكنولوجيا على حياة البشر في تفاعلهم البيني ومع الآلة سواء كأفراد أو جماعات. " (عن ويكيبيديا – الموسوعة الحرة) . 
ومن المهم الاشارة الى نماذج من الشخصيات الافتراضية (الاصطناعية) عالميا امثال : أليزا / ابتداعها ( جوزيف ويزينباوم ) 1966 . وشخصية باري / ابتدعها ( كينيث كولومبي ) 1975 . أليس / تسعينات القرن الماضي ) (عن بيتزو نفسه) .. اما شخصية (Simone) فهي شخصية سينمائية وبطلة فيلم يحمل اسمها نفسه من بطولة (ال باتشينو) والذي اثبت لنا مخرج الفلم ( اندرو نيكول ) - انتاج عام 2002 - وبجدارة عالية كيف ان التكنولوجيا والرقمية والميديا يمكن ان تحل محل الانسان / الشخصية .. و(سايمون) : "هي الممثلة الجميلة التي تتكون من عدة رموز و اكواد وأصفار وضعت معا في جهاز كمبيوتر لتظهر على شاشته , حتى اسمها هو اختصار لبرنامج الكمبيوتر التي جعلت منه (simulation One" " (after removing rest of the word 'ulation' it's became just sim one) .. كما وضح بالفيلم , تتكون هذه الشخصية من أجزاء من أفضل ما وجد فى كل نجوم هوليوود, لذلك فهي جميلة بشكل مذهل. وهذة الشخصية هى نتاج تزاوج العلم مع الفن ("science & Art perfect marriage ") .. فقد لجأ اليها (فيكتور) بطل الفيلم بعد معاناتة من هوس الشهرة و تكبر النجوم ,فهو يرى انه قد ابتكر نوعا مختلفا من الفن يتحكم به في كل شيء داخل العمل السنمائى (death of real). فهو يرى كما وضح فى الفيلم ، ان ارتفاع سعر الممثل الحقيقى وانخفاض سعر الممثل الآلي او المزيف مع لجوء معظم الممثلين اليوم الى اضافة العديد من المشاهد المزيفة الى العمل باستخدام التكنولوجيا , الى اثبات حقيقة واحدة وهي ان الواقع الحقيقى فقط هو العمل . " ( عن : الموقع الالكتروني ميديا تاج .. وان (سايمون) هذه وبرغم كونها شخصية سينمائية ، إلا أنها تنطبق عليها تماما التسمية التي أطلقها (بيتزو) على الشخصية المسرحية الافتراضية وهي تسمية (الماريونيت الرقمية) والتي من الممكن تصنيعها ايضا في العروض المسرحية.
لنصل ، وبعد كل ما تقدم ، الى مقترحنا لتعريف الشخصية الافتراضية : ( وهي وحدة رقمية , لا تحتضن اية مظاهر , لا عضوية , و لا سايكولوجية , بل انها تبدو كذلك للوهلة الاولى , لكنها في الاصل شخصية وهمية , تظهر و تختفي بمجرد كبسة زر على كيبورد الحاسب الالكتروني التي صنعت فيه اصلا . ) الباحث. 
وان هذه الشخصية الافتراضية تنماز بخصائص عدة منها : ( 1- الارتجال 2- المصداقية 3 - اختلاف الوظيفة 4 - تحقيق حلم المخرج ) وعن الخاصية الرابعة نورد نصا - للأهمية - ما اورده (ستانسلافسكي) في نبرة مرة ، يقول : " يا لها من مسافة شاسعة تلك التي تفصل بين الحلم المسرحي الهين للرسام او للمخرج وتنفيذه الفعلي , كم هي بدائية كل الوسائل المسرحية الموجودة بالفعل لتنفيذه , كم هي اولية وساذجة , لا معنى لها تلك التقنية المسرحية , لماذا لا يكون العقل الانساني متقدا هكذا وغنيا بالاختراعات اذا كان الامر يتعلق بوسائل يقتل بها احدهم الاخر في الحرب او لتسهيل معيشة البرجوازية الصغيرة ؟ لماذا اذن يكون هذا الذهن خشنا وبدائيا حينما يحاول ارضاء احتياجات غير جسدية ولا وحشية , ولكنها عاجزة ، عاجزة عن تنفيذ افضل التطلعات الروحية النابعة من انقى اعماق الروح ؟ امامها تتوقف الابداعات . ان الراديو و الكهرباء والترددات من كل نوع تصنع المعجزات في أي مكان , الا في الحقل الذي نعمل فيه , في المسرح , حيث يمكن استخدامها بنتائج مبهرة ... وتثير اشعاعات اخرى جسد الانسان , وتمنحه احاطة غامضة , شفافية , ذلك الطابع الوهمي الذي نعرفه في الخيال وفي الحلم , والذي دونه لا يمكننا الطيران إلى أعلى . "
وختاما نقول وبرغم المعارضة التي لمسها كاتب السطور منذ (عام 2005 ) حين طرحنا نظرية (المسرح الرقمي) والى يومنا هذا ، والمخالفة الصادمة قائمة ,الى جانب الاختلاف من قبل البعض , اذ قادنا الحماس والتفاؤل والتوقعات المستقبلية لفن المسرح وللشخصية المسرحية بعد ان تمثلت هذه (الرقمية) واستثمرت بنجاح في آداب وفنون إبداعية عديدة ، ماضين الى مجابهة المعارض ومفيدين من خطوات التوجس والخوف التي بدأت تقل سنة بعد أخرى بواقع حال الاهتمام البحثي والأكاديمي المتسارع في المنطقة العربية بـ (الفنون الرقمية) جميعا بشكل عام وبـ (المسرح الرقمي) بشكل خاص ، والذي نؤكد عليه دائما انه ( مسرحنا ) القادم لا محال . 
لنصل ، وبعد كل ما تقدم ، الى مقترحنا لتعريف الشخصية الافتراضية : ( وهي وحدة رقمية , لا تحتضن اية مظاهر , لا عضوية , و لا سايكولوجية , بل انها تبدو كذلك للوهلة الاولى , لكنها في الاصل شخصية وهمية , تظهر و تختفي بمجرد كبسة زر على كيبورد الحاسب الالكتروني التي صنعت فيه اصلا . ) الباحث. 
وان هذه الشخصية الافتراضية تنماز بخصائص عدة منها : ( 1- الارتجال 2- المصداقية 3 - اختلاف الوظيفة 4 - تحقيق حلم المخرج ) وعن الخاصية الرابعة نورد نصا - للأهمية - ما اورده (ستانسلافسكي) في نبرة مرة ، يقول : " يا لها من مسافة شاسعة تلك التي تفصل بين الحلم المسرحي الهين للرسام او للمخرج وتنفيذه الفعلي , كم هي بدائية كل الوسائل المسرحية الموجودة بالفعل لتنفيذه , كم هي اولية وساذجة , لا معنى لها تلك التقنية المسرحية , لماذا لا يكون العقل الانساني متقدا هكذا وغنيا بالاختراعات اذا كان الامر يتعلق بوسائل يقتل بها احدهم الاخر في الحرب او لتسهيل معيشة البرجوازية الصغيرة ؟ لماذا اذن يكون هذا الذهن خشنا وبدائيا حينما يحاول ارضاء احتياجات غير جسدية ولا وحشية , ولكنها عاجزة ، عاجزة عن تنفيذ افضل التطلعات الروحية النابعة من انقى اعماق الروح ؟ امامها تتوقف الابداعات . ان الراديو و الكهرباء والترددات من كل نوع تصنع المعجزات في أي مكان , الا في الحقل الذي نعمل فيه , في المسرح , حيث يمكن استخدامها بنتائج مبهرة ... وتثير اشعاعات اخرى جسد الانسان , وتمنحه احاطة غامضة , شفافية , ذلك الطابع الوهمي الذي نعرفه في الخيال وفي الحلم , والذي دونه لا يمكننا الطيران إلى أعلى . "
وختاما نقول وبرغم المعارضة التي لمسها كاتب السطور منذ (عام 2005 ) حين طرحنا نظرية (المسرح الرقمي) والى يومنا هذا ، والمخالفة الصادمة قائمة ,الى جانب الاختلاف من قبل البعض , اذ قادنا الحماس والتفاؤل والتوقعات المستقبلية لفن المسرح وللشخصية المسرحية بعد ان تمثلت هذه (الرقمية) واستثمرت بنجاح في آداب وفنون إبداعية عديدة ، ماضين الى مجابهة المعارض ومفيدين من خطوات التوجس والخوف التي بدأت تقل سنة بعد أخرى بواقع حال الاهتمام البحثي والأكاديمي المتسارع في المنطقة العربية بـ (الفنون الرقمية) جميعا بشكل عام وبـ (المسرح الرقمي) بشكل خاص ، والذي نؤكد عليه دائما انه ( مسرحنا ) القادم لا محال.

-----------------------------------
جريدة المدى 
تابع القراءة→

الأحد، نوفمبر 15، 2015

الطقس الدرامي وأكتمال الصورة المسرحية / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, نوفمبر 15, 2015  | لا يوجد تعليقات


الطقس الدرامي هو عملية يؤكد فيها الأنسان كراماته وحريته فهو اعلان للتحدي واحتجاج على القوة أي هي ممارسة يتم فيها التعبير عن النفس دراميا ,وهي تطوي تحديا خفيا وعلنيا ضد قوة الشر فهذا الشئ هو الذي ادى الى تنامي تمثيل هذا الطقس العاشورائي ومن ثم التقرب بهذه الشعائر الدينية في محاولة ايجاد مزج بين الحياة الدينية والحياة الدنيوية والتي تؤكد الواجب الديني في داخل الانسان وحاجته في استذكار واقعة كربلاء في عملية يعلق فيها الانسان عن خضوعه وحبه للحسين المتمثل بالقيم النبيلة فالانسان عندما يقوم بأداء الشعائر الدينية يؤكد حبه وخضوعة للقيم الحقة ويكون مستسلم ومنفذ لتعليمات اداء الشعائر وبذلك يكون مضحي للأرادة في الطقوس والشعائر الدينية وهكذا صار النشاط التمثيلي في ايام عاشوراء من اهم الفعاليات التي ترافق المناسبة الأليمة ونجاح هذه الفعاليات ادى الى ازدياد الأهتمام بها واللجوء الى توسيع هذه الظاهرة واعطائها بعدا فنيا ومسرحيا بعد توفر الحبكة اي ترابط الأحداث بداية ووسط ونهاية ووجود الشخصيات ذات الطابع المميز , والحوار , والفكرة والمنظر المسرحي والمادة التي تتمثل في لغة ذات خصائص معينة ، والطريقة وتتمثل في العرض الدرامي ، والهدف والذي يتمثل في تحقيق التطهير . فضلاً عن جود الوحدات الثلاث للتراجيديا ,الزمان ، المكان ، والحدث , . وبذلك اكتملت الصورة المسرحية التي اكد عليها ارسطو في كتابة فن الشعر ,
ويتجسد الصراع الاجتماعي والطبقي ، وربط هذا الصراع بالقيم الإلهية التي ضحى من أجلها الأمام الحسين ( ع ) في كربلاء ضد الحكم الجائر من بني أمية الجلادين المتحكمين في مصائر الناس ،
وهكذا كان لهذا الطقس أن يؤسس لمسرح عربي أصيل ، بعفويته وانطلاقه من أرضية دينية واجتماعية وثقافية يبعث إحساساً بالحياة وتطهيرا للذات عند المتلقي لطقس عاشوراء , فنجد أن التفاعل يتجدد في مواسم طقوس عاشوراء ، كما تتجدد حركة التغيير الحسينية ، لما تمتلكه من أبعاد فلسفية وفكرية وروحية ووجدانية لا تنقطع بانقطاع الزمن ، فاسترجاع المأساة يثير في النفوس الألم . حدث يكاد أن يكون في الحاضر ، كان الماضي ماثلاً أمامنا هنا الآن ، كان قرار البطل الحسين الشجاع (ع) من أجل هذه اللحظة ، لم يكن المشهد هو وصف الماضي ، ولم يكن هو رسم الماضي ، في موت حقيقي ، لشخص حقيقي قد مات منذ مئات السنين ، فالقصة تقرأ للناس مرات عديدة وبصوت مأساوي وحزين يثير في القلوب الرأفة والمحبة للحسين والبغض لأعدائه ، وتشرح لهم بالكلمات والعبارات ، ولكن الشكل المسرحي عند تمثيله هو الذي يجعل من هذا الطقس البطولي جزءاً من تجربة معاشة مؤثرة في نفوس المجتمع الجمعي .
ولأن الطقوس الدينية هي اداة ينبري في ممارستها الفرد ليتقي المحرم أو ليتخلص منه أو يأتي بطقس بديل يعتقد بإمكانية تعويض ما ارتكبه من ذنوب فتصبح الطقوس أدوات لتطهير النفوس .وطقس عاشوراء هو فرجة تفاعلية ذات بعد مأساوي .
ولتفعيل الطقس بشكل يتزامن مع المتغيرات الجديدة سواءا على مستوى الفكر والثقافة وجب توظيفه والاشتغال على تطويره بما يخدم الأنفتاح الثقافي ، من خلال استخلاص الزخم الكبير الذي تملكه مأساة كربلاء من أحداث وبطولات وشخصيات ارتبطت بالمأساة ، و في انتاج نصوص ترتكز على القيم الحسينية النبيلة التي لها علاقة مباشرة في احياة والمجتمع .
من هنا نستخلص أن طقس عاشوراء ، مسرح بمقاييس العلم المسرحي الحديث والكلاسكي ، حيث يمتلك نسقا دراميا في الأحداث وذروة درامية لا يمكن اغفالها . وطقس عاشوراء يمتلك استمراريته ونجاحه ، ويحتاج إلى توظيفه لخلق مسرح عربي أصيل.. فطقس عاشوراء هو شكل مأساوي (تراجيدي) في استعادته لحادثة كربلاء، وقد خرج هذا الطقس إلى النور بعفوية ، تمتلك كل مقومات المسرح.
وهناك من المخرجين من أبدع في تقديم هذا الطقس بوصفه مسرحاً، فهذا الطقس يملك فكرة وقوة درامية ومسرحية . تتضمن العديد من الخصائص والعناصر الدرامية ، فيها الكثير من التشخيص الديني المقدس ، أذ أخذ شكله الاسلامي في أنعاش طقوس التعازي الحسينية ، بعد ان ترسخ في عمق الوجدان الجمعي و ازدادت رقعته بمرور الاعوام الى مسرح ينبض بالحياة ويعتبر من الجذور الحية لمسرحنا العراقي المعاصر .

تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9