أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، مايو 03، 2016

مسرح الزنوج في أمريكا / أنيس فهمي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 03, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

في القرن التاسع عشر بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية حركة درامية تتمثل في مسرحيات كتبت بوساطة الزنوج ومن أجلهم وحولهم. ويعتبر بعض النقاد أن عروض المغنين المتجولين في أوائل القرن التاسع عشر هي الجذور الحقيقية لمسرح الزنوج أو المسرح الأسود في أمريكا الشمالية. ولكن في البداية كانت هذه العروض يكتبها ويمثلها البيض بوجوه سوداء ويشاهدها أيضا البيض.
وبعد الحرب الأهلية الأمريكية بدأ السود يشتركون في عروض المغنين المتجولين ثم أنتجوا بعد ذلك عروضاً موسيقية سوداء كان الكثير منها يقوم السود بكتابتها وإخراجها وتمثيلها وقد عرضت في عام 1823 أول مسرحية كتبها زنجي أمريكي يدعى جيمس براون بعنوان (الملك شوتاواي), ثم كانت مسرحية (قفزة من أجل الحرية) هي أول مسرحية سوداء نشرت عام 1858. أما أول مسرحية سوداء حققت نجاحاً كبيراً فهي مسرحية (راشيل) عام 1916.
ومع حلول العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين بدأ النمو الفعلي للمسرح الأسود بظهور مجموعات تجريبية وفرق مسرحية سوداء في شيكاغو ونيويورك سيتي ومدينة واشنطن. وكانت مسرحية (مظاهر) عام 1925 للكاتب الزنجي جارلاند أندرسون هي أول مسرحية عرضت في برودواي, وهو أكبر حي للمسارح في نيويورك سيتي. وبحلول عام 1940 كان المسرح الأسود قد ثبتت أقدامه في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد الحرب العالمية الثانية نما المسرح الأسود وتقدم كثيرا وأصبح أكثر راديكالية وأكثر قوة وحماسا, وبدأ يعكس مثاليات ثورة زنجية تحاول نشر ثقافة زنجية لها أساطيرها ورموزها الخاصة بعيدا عن ثقافة البيض, وأنشئت مجامع لمحو استخدام القوالب والشعارات العنصرية في المسرح وإدماج كتّاب مسرح الزنوج في التيار الأساسي للدراما الأمريكية. وقد صورت مسرحية (زبيب في الشمس) وغيرها من المسرحيات الناجمة في الخمسينيات من القرن الماضي الصعوبة التي يعانيها الزنوج في تدعيم هويتهم في مجتمع يحتقرهم وينبذهم.
وبحلول عقد الستينيات من القرن العشرين انبثق مسرح أسود جديد أكثر غضبا وأكثر تحدياً من المسارح السابقة, عرضت فيه مسرحيات الزنجي (بَرَكة), ومن بينها مسرحية (الدوق) التي حصلت على جائزة في عام 1964, والتي صورت بصراحة وجرأة استغلال البيض للزنوج. وينسب لهذا الكاتب المسرحي الفضل في إنشاء ( مسرح تراث الفنون السوداء) في هارلم (حي الزنوج في نيويورك سيتي) عام 1965, كما أنه شجع كتّاباً آخرين على خلق حركة فنية سوداء في المسرح الأمريكي.
والآن نصل إلى أوجست ويلسون وهو أكثر الكتّاب المسرحيين قوة وإنتاجا وأهمية في إحداث حركة بعث جديدة في المسرح الأسود في الثمانينيات من القرن الماضي وحتى الآن.
أوجست ويلسون
أوجست ويلسون الزنجي الأمريكي كاتب مسرحي وشاعر وكاتب مقالات فاز مرتين بجائزة بوليتزر, وهي أرفع جائزة أدبية أمريكية, وهو من أبرز كتاب المسرح في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولد في عام 1945 في منطقة تدعى (التل) تسكنها أجناس مختلفة في مدينة بتسبورج بولاية بنسيلفانيا. أبوه خباز أبيض من أصل ألماني, وأمه زنجية تعمل عاملة نظافة, وهو الرابع من ستة أطفال, وتربى في شقة من غرفتين خلف مخزن للبقالة. وكان أبوه يعمل في منطقة بعيدة ونادراً ما كان يراه أوجست.
بعد طلاق أمه وزواجها مرة ثانية انتقل مع أسرته إلى ضاحية كل سكانها من البيض حيث عانى كثيراً الاضطهاد العنصري. وفي عام 1961 اتهم ظلماً بسرقة أدبية لمقالة كتبها عن نابليون فطرد من كلية جلادستون. ولما فشل في العثور على عمل يرضيه التحق بالجيش عام 1963, وبعد عام اشترك في شجار حاد كان سبباً في تسريحه من الجيش.
وفي أول أبريل من عام 1965 قرر أوجست أن يصبح كاتباً فاشترى أول آلة للكتابة. وفي أواخر هذا العام انتقل إلى منزل واسع وبدأ في ممارسة سلسلة من الأعمال الحقيرة لكي تساعده في اكتساب قوته.
وفي ذلك العام نفسه اشترك في تأسيس ورشة عمل (بمسرح شعراء سنتر أفينيو) واستمع للمرة الأولى إلى تسجيلات المغنية السوداء (بيسي سميث), التي كان لها تأثير كبير على تصميم أوجست ويلسون على تناول تجربة الزنوج الثقافية والتاريخية في أعماله الأدبية, والتي ظهرت في أولى قصائده الشعرية باسم (بيسي) في صيف عام 1971.
واستمر ويلسون بعد ذلك في صقل مهاراته الأدبية وأصبح عضواً عاملاً في (مجمع الكتّاب الإفريقيين الأمريكيين), وساعد (روب بيني) في تأسيس (فرقة الآفاق السوداء المسرحية).
كتاباته المسرحية
بدأ أوجست ويلسون اتجاهه نحو الكتابة المسرحية في بداية السبعينيات من القرن العشرين. وبعد كتابة عدة مسرحيات لم تلق نجاحاً كبيراً انتقل في عام 1978 إلى سانت بول بولاية مينيسوتا ليكتب مسرحيات للمخرج كلود بيردي ويعمل كاتباً للمادة العلمية لمتحف العلوم.
  وفي العام التالي كتب مسرحية جيتني Jitney وهي من فصلين وتصور حياة السائقين في بتسبورج, وعرضت في عام 1982.  وفي عام 1981 تزوج أوجست ويلسون زوجته الثانية (جودي أوليفر) وهي أخصائية اجتماعية بيضاء تعمل بإدارة التعليم المحلية.
مسرحية (مِقْعَدَة مارايني السوداء)
عرضت هذه المسرحية في برودواي عام 1984 ولاقت ترحيبا كبيرا من النقاد ودفعت ويلسون إلى أضواء الشهرة. كانت ما رايني مغنية جاز أثرت على بيسي سميث التي صممت الكثير من الاستعراضات الكلاسيكية. تدور أحداث المسرحية بمدينة شيكاغو عام 1920, وفيها تظهر ما رايني بطلة الاستعراض مع الموسيقيين الذين يكونون خلفية لها. كانت ما رايني تقول عن موسيقى فرقتها (الشعوب البيضاء لا تفهم موسيقى البلوز. إنهم يسمعونها ولكنهم لا يعرفونها, إنهم لا يعرفون أنها طريقة للكلام في الحياة. إننا لا نغني لكي نشعر بالراحة. إننا نغني لأن الغناء هو طريقة لفهم الحياة).
وبهذه المناسبة نذكر أن البلوز نوع من الغناء المثقل بأحزان السود والأفارقة معا الذين جلبهم البيض بالقوة إلى القارة الأمريكية ليكونوا عبيداً لهم. والبلوز هو أقرب إلى الندب والمراثي الذاتية.
يتناول موضوع المسرحية الاستغلال الاقتصادي للموسيقيين الزنوج بواسطة أصحاب شركات التسجيل البيض, والوسائل التي يتبعونها ليدفعوا الزنوج, ضحايا التمييز العنصري, لتوجيه غضبهم وكراهيتهم إلى بعضهم البعض بدلا من توجيهها إلى مستغليهم وأعدائهم من البيض, كما أن المسرحية تواجه الأضرار التي تنتج من توجيه هذه الكراهية توجيهاً خاطئاً. إن ليفي بطل المسرحية لا يتقبل تخليص ميراثه من المغتصبين, بل يذبح الرسول الأسود الذي يذكره بالأوضاع السيئة والاضطهاد العنصري. إن ليفي يقتل توليدو بدلاً من الرجال البيض الذين اغتصبوا أمه, وأولئك الذين يرفضون موسيقاه الآن.
وبفضل هذه المسرحية تعرّف ويلسون على لويد ريتشاردز, وهو رجل أسود يعمل مديراً فنياً لمركز يوجين أونيل المسرحي, الذي يعمل أثناء الصيف ويقوم باكتشاف وتشجيع الكتّاب المسرحيين الموهوبين.
ومن بين أكوام هائلة من النصوص التي عرضت على ريتشاردز التقط مسرحية (مارايني) التي قال عنها: (لم أكن قد سمعت أبداً عن أوجست ويلسون, ولكن مسرحيته عن الموسيقيين الزنوج في شيكاغو في العشرينيات تحتوي على شخصيات مليئة بالحيوية إلى حد أنه خيِّل إليّ أنني أعرفهم).
وقد مد ريتشاردز يد المساعدة لويلسون ليضع مسرحيته في صورتها النهائية, وعرضها في مسرح (ييل للريبرتوار) الذي يديره. وفي عام 1984 قدمت هذه المسرحية في برودواي مائتين وخمسا وسبعين ليلة ونالت جائزة (حلقة نقاد الدراما بنيويورك), وقالت عنها جريدة (نيويورك تايمز): (إنها تقرير لاذع عما تفعله العنصرية البيضاء بضحاياها, وهي أيضا مسرحية حسِّية مسلية غنائية مملَّحة).
مسرحية (سياجات) أو (أسوار) FENCES
انضم ويلسون إلى (الكتّاب المسرحيين الجدد) بنيويورك سيتي عام 1983. وقد أراد ويلسون أن يثبت للنقاد أنه يستطيع أن يقتفي أثر الشكل التقليدي للدراما الأوربية الأمريكية بالتركيز على شخصية واحدة أساسية, فأنتج مسرحية (سياجات) التي يدور موضوعها حول صراعات أسرة من الطبقة العاملة لتحصل على الأمان الاقتصادي في الخمسينيات من القرن الماضي.
إن تروى ماكسون, الزنجي جامع القمامة ولاعب كرة البيسبول سابقاً, قلق أشد القلق لأن التفرقة العنصرية لن تسمح لابنه بالانتفاع بمنحة كرة القدم التي حصل عليها ابنه.
ومسرحية (سياجات) تعرض شريحة من الحياة في مبنى يشتمل على عدة شقق تسكنها العائلات الفقيرة بمدينة بتسبورج في أواخر الخمسينيات وحتى عام 1965. إن تروي ماكسون يفخر بأنه حافظ على إعالة أسرته, ولكنه يشعر بالإحباط والتمرد عندما يكافح من أجل تحقيق المساواة في مجتمع لا يؤمن بها. ولذلك, فهو يبني سياجاً حقيقياً حول منزله ويبني سياجات مجازية بينه وبين كل شخص آخر في المسرحية.
إن تروي يصارع فكرة الموت الذي يعتبره شيئاً يمكن التعامل معه, أما رمز البيسبول BASEBALL فيستخدم كتعبير مجازي عن الموت خلال المسرحية كلها. إن الإحباط الذي صادفه في ممارسة لعبة البيسبول في الاتحادات الرياضية للزنوج يؤثر على علاقته بابنه كوري CORY
إن ويلسون يستعرض في هذه المسرحية العلاقة بين الأب والابن كجزء محوري, وهذه العلاقة تتعقد بفعل تصادم المشاعر القوية بالفخر والاستقلالية من الجانبين.
أما علاقة الأب تروى بزوجته (روز) فلا تخلو من مشكلة خطيرة, فإن خيانته لزوجته وعلاقته بامرأة أخرى أنجب منها طفلاً تضطر زوجته لإعالته, يحطم حياته الزوجية تماما.
وفي نهاية المسرحية جميع الشخصيات تستضيفها المؤسسات الخاصة أو الحكومية. فالزوجة تلجأ إلى الكنيسة, وإحدى الشخصيات تقضي بقية حياتها في إصلاحية الأحداث, وأخرى في مستشفى للأمراض العقلية, والابن يلتحق بالمارينز الأمريكية. أما الشخصية الوحيدة التي تظل حرة فهي ابنة تروى التي ترمز إلى الأمل في المستقبل.
وقد عرضت مسرحية (سياجات) بمسرح ييل للريبرتوار عام 1986, وبعد عرضها بمسرح (الشارع رقم 46) بنيويورك سيتي عام 1987 حازت جائزة (حلقة نقاد الدراما بنيويورك), وجائزة بوليتزر وجوائز أخرى. وبلغ دخلها اثنى عشر مليوناً من الدولارات, واختارت مجلة (شيكاغو تريبيون) أوجست ويلسون (فنان العام), كما حصل أيضا على جائزة (جون جاسنر) لحلقة النقاد الخارجية باعتباره أحسن كاتب مسرحي.
مسرحية (مجيء جو تيرنر وذهابه)
بينما كانت مسرحية (سياجات) تسجل نجاحاً هائلاً في برودواي عام 1988, افتتح عرض مسرحية (مجيء جو تيرنر وذهابه) في مسرح إيثيل باريمور.
كتب أوجست ويلسون هذه المسرحية عام 1984 ويقول عنها إنها أحب أعماله إليه بالرغم من أنها أقل مسرحياته نجاحاً من الناحية التجارية. وهذه المسرحية تحكي قصة أبناء وبنات العبيد السابقين الذين حاولوا أن يؤسسوا عائلات جديدة في عام 1911 شمال الولايات المتحدة الأمريكية, والكارثة الشخصية والثقافية التي نتجت عن ذلك.
تدور أحداث المسرحية في فندق بمدينة بتسبورج, وهي حلقة من سلسلة مسرحيات حول تجربة السود في أمريكا, وقد فازت بجائزة (حلقة نقاد الدراما بنيويورك), كما أضافت مكتبة نيويورك العامة اسم ويلسون إلى قائمة (أسود الأدبLIONS Of  LITERATURE.
مسرحية (درس البيانو)
هذه المسرحية هي مسرحية ويلسون الرابعة التي عرضت في برودواي والثانية التي فازت بجائزة بوليتزر, كما فازت بجائزة (حلقة نقاد الدراما بنيويورك) وجوائز أخرى.
كتبت في عام 1986 وعرضت بمركز أونيل المسرحي ومسرح ييل للريبرتوار عام 1987. وبعد جولة طويلة بالمسارح الإقليمية عرضت بمسرح وولتر كير ببرودواي عام 1990. وأثناء تلك الفترة انتقل ويلسون ليقيم بمدينة سياتل.
تدور أحداث المسرحية بمدينة بتسبورج أثناء الانهيار الاقتصادي في الثلاثينيات من القرن العشرين, وتصور صراع عائلة بشأن إرث عائلي مشترك عبارة عن بيانو قديم مزين بصور محفورة ذات أسلوب إفريقي كان قد حفرها على البيانو جد هذه الأسرة الذي كان نجاراً يعمل عبداً في إحدى المزارع.
وهذا البيانو يشكل حلقة الاتصال بحقبة الرق. وفي هذا الصراع نجد امرأة عنيدة مصممة على الاحتفاظ بالبيانو الذين يمثل ميراثاً عزيزاً من جدها يذكرها دائما بماضي العذاب والألم الذي عاناه الإفريقيون السود, في حين أن أخاها يريد أن يبيعه ليشتري بثمنه قطعة أرض في ميسيسيبي كان أفراد العائلة قد عملوا فيها عبيداً أو مزارعين لقاء جزء من المحصول. ويقوم بين الأخ وأخته صراع يصور أهمية الاحتفاظ بتراث الأجداد. ولكن مهما حدث للبيانو فإن كاتب المسرحية يوضح بشكل جلي أن الموسيقــــى في (درس البيانو) ليست للبيع لأنها تنتمي للناس الذين عاشوها.
مسرحية (قطاران يجريان)
انتخب أوجست ويلسون عضواً بالأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم عام 1991, وكان قد كتب مسرحية (قطاران يجريان) عام 1989 وعرضت بمسرح ييل للريبرتوار عام 1990, وبمسرح وولتر كير ببرودواي عام 1992 واستمر عرضها سبعة عشر شهراً وفازت بجائزة (جمعية نقاد المسرح الأمريكي). هذه المسرحية تعطي مثلاً حياً لمقدرة ويلسون الفائقة على مزج الكوميديا والدراما والشعر في صورة متلألئة لحياة الزنوج.
إن القطارين في عنوان المسرحية يشيران إلى الخدمة الناقصة للسكة الحديدية بين الشمال والجنوب, كما يرمزان أيضاً إلى الموت والحب اللذين يعرضهما المؤلف بصورة متكررة في المسرحية.
تدور الأحداث في مطعم في أحد أحياء بتسبورج الحقيرة أواخر الستينيات من القرن العشرين. تدخل المطعم شخصيات متعددة لطلب الطعام والصداقة في الوقت نفسه. كل الزبائن من الزنوج وأغلبهم لديهم مشكلات. وأحد هؤلاء الرجال يدعى ينج سترلينج متخصص في سرقة البنوك ويحاول التوبة بعد أن قضى مدة عقوبته في السجن. رجل آخر اسمه هولوواي نقّاش متقاعد يحب الفلسفة.
الرجل الثالث اسمه مستر وست حانوتي المنطقة وأغنى زنجي فيها. أما ريزا فهي امرأة شابة شوهت ساقيها لتبعد عنها المعجبين من الرجال. أما أسوأ الجميع فاسمه هامبون وهو رجل فاسد ضخم الجثة, ثقيل الحركة بشكل محزن, وقد غشه رجل أبيض جزار, باع له فخذ خنزير فاسدا. ولا يكف هامبون عن التجوال في أنحاء الحي وهو يصيح: (أريد فخذ خنزيري). ويحوم حول الجميع شبح العمة إستر وهي امرأة يقال إنها تبلغ من العمر 322 عاماً وتملك القدرة على إزالة جميع المصائب والبلايا إذا ذهب أحد لاستشارتها. ومن خلال جميع هذه الشخصيات يبث أوجست ويلسون أفكاره ببصيرة حاذقة ذكية.
يقول الحكيم العجوز هولوواي: (الناس يقتلونني بالحديث عن الزنوج الكسالى. إن الزنوج أكثر الناس حباً للعمل في العالم. عملوا 300 عام من دون أجر ومن دون أن يستريحوا ساعة واحدة لتناول الغداء).
إن الممثل البارع الذي قال هذه الكلمات يرى أنها تؤكد براعة ويلسون المميزة في استخدام الكلمات ويضيف قائلا: (إنه لا يقل جودة عن يوجين أونيل, وهو ينفذ إلى الأعماق النفسية للشخصية مثل أي واحد من عظماء الكتّاب المسرحيين, كما أنه يعرف كيف يستدعي الذكريات العنصرية بتفوق يثير الإعجاب). إن هولوواي أيضاً هو الذي يقول إحدى العبارات التي لا تنسى بعد أن وقع سترلينج وريزا في الحب… وهي رسالة عن الحب والموت تمثل مفتاح المسرحية. هذه العبارة هي: (الموت يبحث عنكما يجب عليكما أن تبحثا عن الحب). إن الهدف من هذه المسرحية هو التركيز على ضرورة المصالحة مع الماضي قبل محاولة التقدم إلى الأمام.
سبع آلات جيتار
تتناول هذه المسرحية المأساة المفجعة لعازف الجيتار فلويد بارتون وتفتتح أحداثها بجنازته, ثم تعود أحداث المسرحية إلى الوراء بطريقة الفلاش باك, أي استرجاع الذكريات, لتقص أحداث الأسبوع الأخير من حياة فلويد. وهذه المسرحية هي أول إنتاج مسرحي ضخم لأوجست ويلسون من دون إخراج لويد ريتشاردز الذي تنحى عن المسرحية بسبب مرضه.
تدور أحداث المسرحية بعد الحرب العالمية الثانية بمدينة بتسبورج حيث يجتمع بعض الأصدقاء بعد جنازة الطالب فلويد بارتون. لقد انتهت حياة فلويد في اللحظة التي كان على وشك أن يمارس فيها مهنته في عالم (قطع الرقاب), وهو عالم صناعة الموسيقى في المدن. ويتحدث أصدقاؤه عن الملائكة ذوي القبعات السوداء الذين ظهروا في مكان المقبرة وحملوا فلويد معهم. وعندئذ تعود الأحداث إلى الوراء بطريقة الفلاش باك لتسترجع ذكريات الأيام الأخيرة في حياة فلويد.
أثناء عودة فلويد إلى منزله بعد تشييع جنازة والدته وجيوبه فارغة يستوقفه رجال البوليس للقبض عليه بتهمة التشرد ويلقونه في ملجأ للفقراء حيث يكتشف فلويد أن شريط التسجيل لأول أغنية له حقق أكثر المبيعات ولكنه لم يقبض شيئاً من النقود. وبعد الإفراج عنه يصله خطاب من الرجل الأبيض مُنتج الشريط يطلب إليه فيه العودة إلى شيكاغو لتسجيل شريط آخر. ويعتقد فلويد أن هذا الاستدعاء يعني أنه سيصبح نجماً, وكل ما عليه أن يفعله إيجاد طريقة لجمع المال الكافي ليعود إلى شيكاغو مع فرقته الموسيقية.
تجمع أفراد الفرقة الموسيقية في فناء المنزل وأخذوا يغنون بانسجام, كل واحد بصوته المميز, وكل واحد يسبح في ملكوته.
إن هيدلي, المصاب بمرض السل, يحلم بأن بودي بولدن منتج شريط التسجيل, سيعود من نيو أورليانز ويعطيه نقوداً لشراء مزرعة, أما ريد فإنه سيعود إلى شيكاغو (إذا استطاع فلويد أن يحفر له طبوله), وكينويل عازف الهارمونيكا مازال يحلم بالشهرة, ولذلك يريد أن يثبت جدارته.
أما نساء المسرحية اللواتي يقاسين في حياتهن فيغنين للحب الذي فشل. إن فيرا, عشيقة فلويد, تستعيده بعد أن تركها من أجل امرأة أخرى. ولويزه مالكة البنسيون تزعم بأنها لا تريد أي أحد أن يطرق بابها. أما روبي, العاهرة وابنة أخت لويزة, فقد هربت من ألاباما بعد أن قتل أحد الرجال رجلاً آخر لأنه ضبطه وهو يمارس الحب معها.
في هذه المسرحية نجد أن عالماً بأكمله قد تجمع في فناء المنزل الذي يصفه أوجست ويلسون بأنه (حلبة صراع, ميدان قتال, مقبرة, وحديقة ينمو فيها شيء… إنها حياة جديدة, النقطة النابضة للثقافة السوداء في عام 1948).
ويضيف ويلسون قائلا: (إن موقف الزنوج كان مشحوناً بالأمل بعد الحرب. كنا نعتقد أننا عندما نحارب ونموت في سبيل بلدنا فلن نعود مواطنين من الدرجة الثانية. ولكن سرعان ما وجدنا أننا ظللنا موصومين باللون والثقافة. إن المشكلة لا تتعلق باللون, بل بالأحرى تتعلق بأفعالنا التي تضع الأفارقة الأمريكيين في وضع متخلف. إن الحقيقة تتلخص في أننا نتصرف بطريقة مختلفة, ونفكر بطريقة مختلفة, ونواجه العالم بطريقة مختلفة. واختلافنا هذا هو الذي يجعلنا ليس لنا نظير. ولذلك, يجب علينا أن نحتضن ثقافتنا وإلا فسنختفي ونضيع).
مسرحية (الملك هيدلي الثاني)
هي آخرمسرحيات أوجست ويلسون, وقد عرضت في برودواي عام 2001, وتقع أحداثها عام 1985 بمدينة بتسبورج.
في مطاردة للأحلام والكوابيس يسكن شخوص المسرحية عالماً مليئاً بالنزاعات العائلية العنيفة بسبب أشياء تافهة, وبالتنبؤات الخرافية والمزاج السوداوي, ومع كل ذلك فهم يظلون متجهين نحو المستقبل. إن جيوبهم مبطنة بالأمل المتجدد وإيمان لا يتزعزع بقدراتهم وبطولاتهم. والمسرحية حافلة بأغاني الرعاع وحثالة الناس وتلعب بالعواطف التراجيدية والكوميدية, كما يغوص أوجست ويلسون في أعماق عهد ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان مستكشفاً نكباته بالنسبة للتمييز العنصري وسيادة العنف والانهيار الحضاري.
وهذه المسرحية, تصور انتصارات ومحاولات مجتمع يواجه مشكلات الأسرة والبطالة والجريمة. بطل المسرحية سجين سابق يصارع ماضيه وحاضره, وكفاحه مع الحياة, بالإضافة إلى علاقاته مع زوجته الثانية, وأمه, وعشيقها السابق, وأصدقائه, وجيرانه مما يحمل في طياته تراجيديا ملحمية. ومع ذلك فإن المسرحية لا تخلو من الدعابة وإثارة الشفقة على هذه الشريحة من دراما الحياة المغموسة بلحظات إنسانية جداً من المزاح الكوميدي. ومع ذلك فإن مسرحية (الملك هيدلي الثاني) تتحدث بفصاحة وصراحة عن إمكانات خلق بدايات جديدة.
مفهوم المسرح عند أوجست ويلسون
منذ أن بدأ أوجست ويلسون حياته المسرحية كانت نظرته إلى المسرح بأنه وسيلة لرفع مستوى ضمير المجتمع كله بالنسبة لحياة زنوج أمريكا في القرن العشرين.
ولذلك, فقد آلى على نفسه أن يكتب سلسلة من عشر مسرحيات تعيد كل واحدة منها كتابة تاريخ عقد من عقود ذلك القرن لكي تصبح حياة الزنوج جزءاً معترفاً به في تاريخ المسرح الأمريكي. إن مسرحياته تعرض تجربة فريدة تجبر جمهور المشاهدين على البحث عن استنتاجاتهم وخلاصات أفكارهم السياسية كامتداد لمواقف حياة شخصيات مسرحياته.
ولما كان ويلسون واسع الخيال وعميق التفكير, فإنه يعتبر ناطقاً مسرحياً بلسان التجربة الإفريقية الأمريكية. وقد ساعده على ذلك أن أعماله المسرحية تتميز بمقدرته الهائلة على إدماج لغة الحياة اليومية مع مادته الشعرية المتدفقة في نسيج متكامل جذاب. ومع أنه لم يعد يعتبر نفسه شاعراً, فإن موهبته الشعرية هي التي أهلته لكي يصبح من أهم كتّاب المسرح في الدراما الأمريكية المعاصرة.

مجلة العربي الكويتية/ العدد 530/ 1 ـ 1 ـ 2003م

تابع القراءة→

الاثنين، مايو 02، 2016

الفنان هشام شبر : انا مسرحي مهووس بالوهم وبالحلم

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 02, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

الفنان هشام شبر مخرج وممثل مسرحي ومدرب حركات استعراضية وتعبيرية ..حاصل على شهادة الدبلوم في الاخراج المسرحي والبكالوريوس في التمثيل عمل في كل مناطق الفن المسرحي وله تجارب ومحاولات في فن الاوبريت والمونودراما والمسرح الحسيني ومسرح الطفل من اعماله القبر والشاهد والصعود الى الاسفل وذاكرة الدم والناس والحجارة والارض وماعليها الفنان هشام شبر (2)والعودة وزمن السيف وانشطار ورجل من الزمن السابق وفي فن الاوبريت حلم مجنون ومهد الحضارات وهاشم ابو الهوى وناصر ابو الجرايد وعراق الكبرياء وفي التلفزيون فلم اغلى من الروح والصرخة وشهيد الوطن وكوليرا وانفاس الطف ووجع الرماد ومجموعة من المشاهد الكوميدية التي عرضت في قنوات العراقيه والفرات والنخيل وغيرها من القنوات.. التقيناه في حديث عن تجربته المسرحية التي امتدت الى اكثر من 35 عاما وكان لنا معه هذا الحوار.

• كيف تنظرون الى النشاط المسرحي في البصرة..؟

– النشاط المسرحي في البصرة يحتاج الى نشاط في البصرة مواهب وطاقات واسماء من حيث التاليف والاخراج والتمثيل لازالت تغذي العاصمة وخير دليل على كلامي فوز مسرحية جعبان لمؤلفها الزميل عبد الكريم العامري واخراج الدكتور حازم عبد المجيد بالمركز الاول في مهرجان المسرح العراقي الاول ضد الارهاب رغم ان المسابقة تضم بغداد ومعظم المحافظات اذن نحتاج فقط ان نرتب اوراقنا ونعرف قيمة بعضنا البعض لنظهر صورتنا الابداعية الى الاخرنحتاج ان نكون وعيا جمعيا يتراتب على الحب والايثار نحن ان نرسم من قلوبنا مسرحا كي يرقص النبض فيه ملحمة حينها نستطيع ان نرسم وجها للتجديد والاكتشاف في كل التجارب التي مرت من البصره وحملت سنابل الوعي نصوصا حققت بصمة لا تنسى ..المسرح البصري لازال يتنفس وعي اكتشاف وينجب تراتيل تجدد نحتاج فقط حاضنة ومكان كي يولد عهد جديد يكمل سفر الخالدين

•في اخراجك المسرحي غالبا ما تتجه الى المونودراما..ترى ما السبب..؟

-برأيي ان المونودراما خلاصة جنون لكاتب يشربها مخرج مجنون ليترنح شخوص تتراءى على صهوة خياله ولابد من ثالث مجنون يرقص على حبال خيال الاثنين ليبهر ويمتع حد الجنون متلقيا يبحث عن نفسه في معطف مسرح ..المونودراما برأيي هي تكثيف لمسرحية او رواية طويلة من الهم والوجع رسمت نفسها على عيون واسماع مجتمع بكامله ..المونودراما فكرة وتاويل وثمالة.

•برأيكم هل تغلب مسرح الشباب على ما يقدمه الرواد؟

– لا احد يتغلب على احد في ميدان المسرح فالشباب هم نتاج ماض معتق بالهم اذن هم اكثر هما ممن سبقهم فتراهم يحملون الفنان هشام شبر (4)وزر زمنهم وزمن من سبقهم وهكذا كان الرواد يوم كانوا شبابا الرؤية تختلف والتناول وطبيعة الطقوس لكن الوجع وانين الذات واحد الملامح تتغير لكن التعبير واحد الحركة تتغير لكن المسعى واحد الطنين الذي يصفر بالروح تطور واصبح اكثر ايلاما من ذي قبل لذلك ترى تجارب الشباب ترسم وترتسم دهشة وعلامات استفهام تبحث عن اجوبة للوجود والعدم وهي تتنفس خلاصا هنا او هناك خلاصة القول الشباب هم مكمل لدورة الالم والولادة.

• غاب اﻻوبريت عن مسارحنا..هل هناك سببا في التاليف او الدعم المالي؟

– الاوبريت غاب او تغيب نتيجه غياب عناصر اساسيه في تكوينه اهمها المؤلف المتخصص هناك مؤلفين لكن هم كتاب اغنية ركبوا موجة تاليف الاوبريت حتى ضيعوا نكهته وهناك مخرجون اخذوا به الى ناصية المسرح التقليدي فضاعت هويته اكثر ثم ان هناك مجاميع تخصصت بالحركه الاستعراضية والتعبيرية فقدت اتزانها في تقديم نمط لايمت للفكرة ولا المضمون كل هذا كان سببا فقبل ان نبحث في سبب المادة لابد من البحث في تكوين الاوبريت وعناصره وحين تتهيأ نطرح مشكلة المادة.
كل مايقدم الان لايمت للاوبريت بصله فالاوبريت مات منذ رحيل الفنان طالب جبار وهجرة الفنان قصي البصري واعتكاف شاكر الخبار والعطار والعضب.

•بعد مسيرة اخراجية حافلة باﻻنجازات..اين يضع الفنان المخرج هشام شبر نفسه..؟

– لا اريد ان اكون مثاليا واقول انا في المؤخرة للركب ولكن اشعر اني في منتصف المسافة لمحاولة اثبات نفسي كمخرج واتمنى الفنان هشام شبر (3)ان اتقدم قبل الى النصف المتقدم قبل ان يبتلعني النصف الاخير واضيع في سجل قائمة النسيان فانا اكره ان اكون مكبلا بقائمة ولذلك تراني اعمل واعمل حتى اتنفس موتي اخيرا وعسى ان يكون هذا على خشبة مسرح.

• الى ايهما تميل اكثر اﻻخراج ام التمثيل..؟

-الاثنان اكثر جنونا من بعض منطقة الاخراج تجعلني ارى نفسي داخل نفسي وهي تنظر لي ومنطقة التمثيل تراودني عن نفسها وتخلع كل ردود الافعال كي ترتديني وارتديها فانا رجل مهووس بالوهم وبالحلم وبخيال ظلي الذي اراقصه كل مساء في وحدتي خلسة كي لا يراني احد خلاصة القول انا ممثل ابكي نفسي حين امثل ومخرج اعنف نفسي حتى ابكي صدقا وجنون.
اخيرا شكري وتقديري لمجلتكم الغراء لاتاحته لي مساحه من الحلم كي احمل ملامحي على كتف الكلمات واراقصها معنى وعبر.

------------------------------------------
المصدر : مجلة بصرياثا
تابع القراءة→

الفرقة القومية للتمثيل...جذور وآفاق 1967 – 2003 / عماد محمد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 02, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تعد الفرقة القومية للتمثيل الفرقة المسرحية الأولى التي تشكلت بمبادرة من الفنان الرائد الراحل حقي الشبلي مع مجموعة من الفنانين المسرحيين (يوسف العاني، عزمي الصالح، سلام علي السلطان و جعفر العلاق) بتاريخ 14/آيار/1967 وكانت باكورة أعمالها المسرحية (وحيدة) من إعداد الفنان حقي الشبلي عن الكاتب موسى الشابندر وإخراج الفنان محمد القيسي وكانت فكرتها حول موضوعة الخير والشر وتم تقديمها في مسرح الفرقة السابق في كرادة مريم بتاريخ 13/10/1968.

إن الغاية من تأسيس الفرقة القومية للتمثيل هو جمع الفنانين المسرحيين العراقيين الأكاديميين وكان أغلبهم من خريجي الجامعات الأمريكية والبريطانية وبعض الدول الإشتراكية سابقاً، إضافة الى خريجي أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد. وقد إستطاعت الفرقة بالفعل إستقطاب أغلب هؤلاء الفنانين من أكاديمية الفنون الجميلة والفرق الأهلية في بغداد، التي عملت الى جانب الفرقة القومية ومن أهمها (فرقة مسرح الفن الحديث ومؤسسها الفنان الكبير يوسف العاني مع عدد من الفنانين الكبار –خليل شوقي وسامي عبد الحميد-). 
وكانت هذه الفرقة تعد من أنشط الفرق المسرحية ولها جمهور واسع في جميع المحافظات وبغداد وكانت تتخذ من مسرح بغداد مقراً لها. والفرقة الأهلية الثانية "فرقة المسرح الشعبي" ومؤسسها الفنان الكبير الراحل جعفر السعدي كانت تتخذ من "مسرح الستين كرسي" ببغداد مقراً لها وحظيت ايضاً بجماهيرية مهمة. 
وفرقة المسرح الحر ومؤسسها الفنان الكبير الراحل جاسم العبودي، وفرقة مسرح الطليعة ومؤسسها الفنان الكبير بدري حسون فريد، وفرقة مسرح 14 رمضان ومؤسسها الفنان الرائد أسعد عبد الرزاق، وفرقة مسرح الرسالة ومؤسسها الفنان سعدي يونس، وفرقة مسرح اليوم. والعديد من الفرق الأخرى المنتشرة في بغداد والمحافظات. 
وكان ينحصر نشاط هذه الفرق الأهلية بتقديم العروض المسرحية في بغداد في القاعات المخصصة لهذه الفرق ولم تستطع أن تكون واجهة للمسرح العراقي خارج العراق من خلال المهرجانات العربية والدولية إلا بعروض قليلة جداً أغلبها من فرقة المسرح الحديث برغم وجود نخبة متميزة من الفنانين العراقيين تعمل في هذه الفرق. 
وقد جاءت ولادة الفرقة القومية للتمثيل في ظل حركة مسرحية وثقافية كان يشهدها الواقع الثقافي العراقي في أوج عطاءه ورقيه الإبداعي، مما جعل الفرقة القومية تأخذ مساراً جديداً وتتوج رسمياً لحمل راية المسرح العراقي في المهرجانات المسرحية العربية والدولية وحصلت خلالها على العديد من الجوائز والتكريمات ومن أهمها (مهرجان القاهرة التجريبي ومهرجان دمشق المسرحي ومهرجان قرطاج المسرحي والمهرجان الأردني) وقدمت عروضاً مسرحية مختلفة في المغرب وتونس والجزائر والإمارات والقاهرة. 
ضمت الفرقة القومية للتمثيل ثلة إبداعية من المخرجين الذين إمتازوا بتنوع تجاربهم واساليبهم الإخراجية وإستفادتهم من دراستهم الأكاديمية في الدول التي درسوا فيها ومن هؤلاء المخرجين الكبار (سليم الجزائري) ومن أهم أعماله المسرحية (الثعلب والعنب وجيش الربيع، الأشجار تموت واقفة). والمخرج الراحل جاسم العبودي ومن أهم أعماله المسرحية (كلهم أولادي)، والمخرج الكبير الراحل إبراهيم جلال ومن أعماله (المتنبي والشيخ والغانية، البيك والسائق)، وقد إتسم أسلوبه بالمدرسة البرشتية وقد أكمل دراسته العليا في الجامعات الأمريكية.
والمخرج الكبير سامي عبد الحميد ومن أهم أعماله (كلكامش هاملت عربياً، عطيل في المطبخ). والمخرج الراحل عوني كرومي ومن أهم أعماله (الخال فانيا، صراخ الصمت الأخرس، رثاء أور) وكان له مشروعه المسرحي المتأثر بالطريقة البرشتية لكنه إستطاع أن يضع بصمته المتميزة في هذا المشروع.
وبعد أن أسس مشروعه هذا بأعمال ناجحة لم يستطع أن يتواصل بسبب هجرته الى ألمانيا، وإستطاع هناك أن يؤسس مشروعاً مسرحياً مشتركاً مع الألمان حتى رحيله قبل عامين.
وكذلك عمل في الفرقة القومية للتمثيل المخرج الكبير قاسم محمد وكان يعد ويكتب أغلب عروضه المسرحية مستفيداً من التراث العراقي والعربي. ومن أهم أعماله (كان يا ما كان، شخوص في مجالس التراث، الباب، طير السعد، حكايات العطش والناس) وإستطاع المخرج الكبير الراحل هاني هاني أن يقدم عروضاً مسرحية عالية التجريب أكدت حضورها في المهرجانات العربية، ومن أهم أعماله (الناس والحجارة، قصة حب معاصرة، ألف أمنية وأمنية). 
وعمل المخرج الكبير محسن العزاوي عدة أعمال مسرحية للفرقة وتميز أسلوبه الإخراجي بالإهتمام الكبير بتوظيف السينوغرافيا العالية الصورة والخيال. ومن أهم أعماله (الغزاة). 
ومن أهم عمال المخرج الكبير فتحي زين العابدين الذي أنهى دراسته في تشيكوسلوفاكيا (سابقاً) (جزيرة أفروديت، الطائر الناري، صورة عائلية، الأمس عاد من جديد -وهي من تأليف يوسف العاني-، ومسرحية المحطة). 
وكذلك قدم المخرج والممثل الكبير عزيز خيون العديد من الأعمال المسرحية وإستطاع أن يحقق حضوراً عربياً ودولياً من خلال عروضه التي إمتازت بالتجريب. ومن أهم أعماله (مسافر زاده الخيال). وكذلك قدم المخرجون وجدي العاني وسعدون العبيدي وعواطف نعيم وفخري العقيدي و د. عبد المرسل الزيدي، أعمالاً مسرحية عديدة للفرقة القومية وأصبحت جزءاً من تاريخها الفني.
إستعانت الفرقة خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات بالعديد من المخرجين الكبار من خارج تشكيلتها الإدارية وإستطاعوا أن يجذروا المسرح التجريبي العراقي وإنتشاره عربياً وأصبحت هناك اساليب ومدارس خاصة بهؤلاء المخرجين المبدعين، وكان تحديثهم للمسرح العراقي وتجربة الفرقة القومية من أهم اسباب إنتشار المسرح العراقي عربياً.. وهم المخرج صلاح القصب والمخرج د. عقيل مجدي والمخرج سامي عبد الحميد والمخرج د. شفيق المهدي والمخرج والناقد د. عبد المرسل الزيدي و د. ناجي عبد الأمير. 
كما ضمت الفرقة القومية للتمثيل نخبة كبيرة من الممثلين والكتاب الكبار وقدموا أجمل العروض المسرحية وحصدوا العديد من الجوائز في المهرجانات العراقية والعربية والدولية وحصلوا على شهادات كبيرة من أهم الشخصيات الفنية في المسرح العربي والعالمي، ومن هؤلاء الممثلين المبدعين(عبد الجبار كاظم، طعمة التميمي،طالب الفراتي، راسم الجميلي، غازي التكريتي، عزيز عبد الصاحب، محسن الشيخ، محمد القيسي، سليم البصري، كامل القيسي، عبد الستار البصري، عبد الجبار الشرقاوي، سامي قفطان، عزيز خيون، عز الدين طابو، عدنان شلاش، محمود أبو العباس، آزادوهي صاموئيل، فاطمة الربيعي، سليمة خضير، سعدية الزيدي، هناء محمد، شذى سالم، إقبال نعيم، عواطف نعيم، فوزية حسن، سمر محمد، زهرة الربيعي) وآخرون ممن رفدوا هذه الفرقة بأجمل ما يملكون من أداء رائع للأعمال المسرحية العراقية والعالمية. 
شاركت الفرقة القومية للتمثيل في مهرجانات المسرح العراقي ودوراته العديدة، وإن كانت غير منتظمة زمنياً، وكذلك في مهرجان بغداد العربي للمسرح الذي أقيم في بغداد لدورات قليلة وبمشاركة أغلب الفرق المسرحية العربية الرسمية. وكان يعتبر من أهم المهرجانات العربية بعد القاهرة وقرطاج، إلا أنه كان سلبياً بالنسبة الى الفنان العراقي لعدم إستطاعته تفعيل الحركة المسرحية العراقية بشكل يوازي أهمية هذا المهرجان العربي فيما كانت السلطة آنذاك تقدم الدعم الكبير للوفود العربية المشاركة، يالإضافة الى عملية الإقصاء والتهميش التي كان يعاني منها العديد من المسرحيين العراقيين المبدعين في ظل تلك السلطة. 
وقد جاءت أغلب هذه المهرجانات بخطاب سياسي تعبوي يدعم الحرب ورفع الحصار الإقتصادي ولا يمكننا إغفال بعض العروض المسرحية التي تخطت مقص الرقيب "والسلامة الفكرية" بقصد أو بغير قصد وقد إستطاعت أن تعبر عن الواقع المأساوي الذي عاشه العراقيون آنذاك، ورفضها لفكرة الحرب والدعوة الى الحرية وأهمها (الذي ظل في هذيانه يقظاً، المومياء) لغانم حميد. حيث إمتاز هذان العرضان بجرأة كبيرة ومستوى عالٍ من الخيال والجمال وإستطاعا كسر حواجز الكسل والعجز والسبات التي عانى منها المسرح العراقي في الثمانينيات. 
في منتصف ذلك العقد إنتشرت ظاهرة المسرح الإستهلاكي أو التجاري، وللاسف، ساهم فيها العديد من الفنانين، وخاصة أن الفرقة القومية بدأت تنتج مثل هذه الأعمال الهابطة والهادفة الى السخرية من الإنسان ورسالة المسرح العظيمة من خلال توظيف الغجر وبنات الهوى في تلك العروض، وجذب نوع مختلف من الجمهور الى تلك المسارح وخاصة إنها كانت تعرض في أهم قاعات المسرح مثل (الرشيد، الوطني، الإحتفالات، المنصور).
وكان يقود هذه الأعمال بعض من المخرجين المسرحيين الذين كانوا يعملون في المسرح الملتزم والجاد وركبوا التيار بدعم كبير من المؤسسة الفنية والسلطة السياسية وتجسد هذا الدعم مادياً وإعلامياً وتوظيف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لتروج لذلك النوع الهابط من الأعمال المسرحية للفت إنتباه بعض فئات المجتمع الى تلك العروض دون الإنتباه الى ما يحدث من مأساة حقيقية من جراء مغامرات الحروب والخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالعراق.
وبذلك ساهم هؤلاء الفنانون الذين عملوا في هذا المسرح الإستهلاكي بالإساءة الى شعبهم ومسرحهم وثقافتهم وأخذوا يتفاخروا بما يقدموه على قاعات المسارح وبعلاقاتهم المشبوهة مع بعض المسؤولين من السلطة الحاكمة.
ولهذا عزف الكثير من أعضاء الفرقة القومية عن العمل في المسرح وإرتأى القسم الاخر الهجرة خارج الوطن. إن هذه الظروف السيئة لوضع المسرحي العراقي أدت الى إختراق وهيمنة الطفيليين والمتطفلين والسماسرة والتجار للفرق المسرحية وبضمنها الفرقة القومية للتمثيل وتحويل الفرقة من التمويل المركزي الى التمويل الذاتي لإرغام الفنان على العمل في اي نوع تريده السلطة والمؤسسات الرسمية. ولا زال الفنان العراقي يعاني من تلك التركة الثقيلة دون حلول لها من قبل المؤسسات الجديدة في دائرة السينما والمسرح وخاصة الفرقة القومية للتمثيل.
كذلك إستطاعت الفرقة القومية للتمثيل تقديم عروض مسرحية عديدة تتناول موضوعات الحرب وتأثيراتها الفكرية والإجتماعية على الإنسان العراقي. إن تلك العروض ما هي إلا وجه آخر من العروض التعبوية التي تدعم توجهات السلطة من خلال ترويج رسائلها الإعلامية ومنها (إننا لا نريد الحرب ولكنها عندما تفرض علينا نقاتل).
و روّج لهذه للعروض التعبوية لتغطية الحقائق والبشاعة والمحرقة التي كانت ترتكب بإسم القومية والوطنية والكرامة مقابل تدمير بنية المجتمع العراقي بمختلف أجياله وفئاته داخل محرقة (الحرب المفروضة).
تعاقبت على الفرقة القومية للتمثيل عدة إدارات مختلفة تبعاً للمتغيرات الإدارية لدائرة السينما، فتولى إدارة هذه المؤسسة (عبد الأمير معلة و يوسف الصائغ و فاروق سلوم ومن ثم عاد د. فاضل خليل الذي لم يستمر سوى ثلاثة اشهر مع إنه كان يحمل مشروعاً فنياً حقيقياً لأجل الإرتقاء بالواقع الماساوي لدائرة السينما والمسرح لكنهم سرعان ما أحلوا لؤي حقي مكانه ليبقى الأخير حتى سقوط الصنم في 9/4/2003 أو بعدها بأشهر. 
وكانت هذه الإدارات تضع من يقود الفرقة ممن له باع طويل في علاقاته الشخصية الكبيرة مع هؤلاء المسؤولين وليس على اساس الكفاءة والتمييز والإستحقاق وهذا من أهم المشاكل التي واجهتها الفرقة ولا تزال لحد يومنا هذا. 

--------------------------------
المصدر : مرافئ
تابع القراءة→

الجمعة، أبريل 29، 2016

الديدان .. مفاجأة المسرح العراقي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 29, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

فوجىء الجمهور العراقي في نهايات الستينيات بمسرحية عراقية جديدة بعنوان «الديدان»، في البداية عرضت في البصرة  العام 1967  وقدمها تلفزيون بغداد في بداية العام 1969 حملت نفسأ جديدأ في الكوميديا العراقية وطرحت نفسها كنموذج راق للمسرح العراقي لكونها انتقدت الاوضاع الاجتماعية بأسلوب تهكمي وواع . فهي من جانب دخلت على وعي المواطن وبدأت تحركه باتجاه الفرز والتمييز بين الصالح والطالح والخطأ والصحيح . وارادت اسعاده بذات الصيغ المعتادة وتفريج همومه عبر احداث واقعية و حبكة درامية . 
وتمكنت المسرحية من اشاعة مفاهيم جديدة في التعامل مع الهموم الاجتماعية ورصد المظاهر السلبية والضارة والتداعيات التي تنخر بالمجتمع  ومنها الفوارق الطبقية ونظرة التعالي التي تؤدي الى ارباك حالة التعاون والتكاتف لاجل الوصول الى حدود مرضية ومقبولة تكون اساسا لنموذج اجتماعي يعد حلما للكثير من الناس .
لقد نجحت فرقة البصرة المسرحية في تقديم عمل متكامل اداء وفكرة واخراجأ ومعالجة مسرحية متمكنة عكست وعي وحصافة الجهات الفنية في الاختيار واعداد عمل يرقى بالهم الوطني والاجتماعي الى درجات مسؤولة وصور متفردة في التعامل مع افرازات الواقع وسوء الفهم والسلبية التي تحكم التوجهات والاهتمامات الاجتماعية لمراكز المسؤولية ومواقع الادارة والخدمات والاحتياجات والمشاغل للناس .
 هذه المسرحية قدمت العام 1967 من على خشبة مسرح التربية في البصرة وشاركت فيها نخبة من فناني البصرة هم ( علي الاطرش , حافظ البصري ,كريمة الزبيدي , عبدالاله عبدالقادر , خالد الربيعي) . وتتلخص فكرة  المسرحية بحكاية مواطن  يأتي من الريف لبيت خاله في المدينة  لاول مرة حيث لم تسنح له فرصة التعرف على عائلة خاله ويلتقي (السيد ربيع) الذي يزمع خطب بنت خاله وهو  ناقد فني ويحاول عرقلة توجهها في ان تصبح ممثلة  وقبل ان تكتشف العائلة ان هذا الريفي هو قريبهم يدخل في سجال مع هذا الناقد حتى يكشف جهله ومظهريته الفارغة ويتبين لهم بأنه خريج اكاديمية الفنون الجميلة وقد برز متمكنأ من اختصاصه باحراجه لاسيما  بعد سؤاله عن (اللامعقول في الفن) وعجزه من معرفته,  وقد نالت المسرحية استحسان الناس وقت بثها بالتلفاز وقد طالبوا وقتها بأعادة عرضها مرات عدة وعلى وجه الخصوص جمهور المقاهي الشعبية  حيث كان يفترش الارض لمتابعتها حين تمتلىء تخوتها بالجالسين خاصة في مقهى المرحوم قاسم مقهى المنطقة وقتذاك. 
وتعرف الجمهور على فنان كوميدي جديد هوالفنان البصري علي الاطرش بطل المسرحية والذي بدا وكأنه سينافس نجوم الكوميديا  في العراق وفي مقدمتهم انذاك (خليل الرفاعي وسليم البصري وحمودي الحارثي وسمير القاضي ورضا الشاطىء ويوسف العاني وفخري الزبيدي وراسم الجميلي ) واعقبها بمسرحية (كيف ردم المستنقعات) ومسرحية (غراب) من تأليفه و اخراج قصي البصري . وكان قد شارك من قبل قي الفيلم العراقي (بصرة ساعة 11) . و اشتهر باسم كعود  فيما بعد و(حصانه الطاير) برنامجه الانتقادي الاذاعي  الشهير بعنوان ( من على كفي الحصان الطائر) , اذ اخذ ينتقد عمل المؤسسات والدوائر ويفضح التلكؤات والعمل غير الجيد والاداء الضعيف لها واحيانا ينذرها ويهددها وكأنه مسؤول كبير في الدولة متكئأ على دعم جريدة الثورة، والتي كانت تنشر النص الكامل للحلقة الامر الذي جعله يحلم بمكانة مفترضة له في قابل الايام.

-------------------------------------
المصدر :  عبد الكناني - الصباح 

تابع القراءة→

عماد محمد... مسرح رقمي ببصمة عراقية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 29, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يُعَد المخرج عماد محمد واحداً من قلة من المخرجين المسرحيين الذين يتعاملون بلغة جديدة على المسرح العراقي، وهو ما جعل التميز صفة مستمرة للمرح العراقي. بداية قلنا له:
* هل لك الفضل بإدخال لغة مسرحية جديدة؟
- أنا اتعامل مع المادة السينمائية داخل العرض المسرحي وهذا شيء جديد على المسرح العراقي فقد اتسمت تجربتي باني اتعامل مع المادة الفلمية او المادة الدرامية بحيث اجعلها ذات علاقة بفكرة العرض المسرحي وبشكل جديد، وكانت هذه التجربة قد لاقتْ نجاحاً على مستوى السنوغرافيا في مسرحية "تحت الصفر" حيث حصدت جائزة السنوغرافيا في مهرجان المسرح التجريبي في القاهرة عام 2008، وكان التنافس كبيراً بين العراق والصين وبولندا والأعمال الثلاثة تعاملت مع التقنيات المسرحية لكن مسرحيتي هي التي حصدتْ الجائزة من بين هذه الدول وهذا ما يُشير إلى أنَّ المسرح العراقي يحدث فيه تطور .
*ماذا تقصد بالمسرح الرقمي؟
اعتمد فيه على التقنيات الرقمية بشكلٍ كامل ويجب أنْ تكون للمسرح لغة جديدة وان لم يكُنْ فيه الجديد فانه لا يستمر ولا يحيى فيما اذا بقي على هذا الحال، فهو فن اخر وهذا مطلوب من كل المسرحيين واقصد، على المسرحيين التعامل مع المسرح بشكل تقني ومتطور فلم يعد الجمهور لا يفهم ولم يعد الجمهور ساذجاً، فهو بحاجة إلى تلقي كبير يليق به وبفكره المتوقد..
* كيف ستتعامل مع حقيقة أنَّ المسرح العراقي فقير بتقنياته؟
- نعم المسرح العراقي فقير بتقنياته لعدم وجود وعي بأهمية هذه القضية واقصد أنْ تكون لدينا تقنيات خاصة بالعرض المسرحي لكن هذا لا يعني أنّنا لا نستطيع توظيف الممكن داخل العرض المسرحي ولا يَعني أننا لا نستطيع التعامُل مع الجديد وليس التقليدي، فمثلاً أنا أفكر بان يكون لي مشروع رقمي اي يعتمد على التقنيات مئة بالمئة وهذا ليس مجرد حلم لان السينما اصبحت تغزو العالم بتقنياتها وعلى المسرح ان يواكب التغيرات في العالم والا سيضمر.
* ابطالك نجوم ورواد؟
- لاشك ان الرواد كانوا يخشون التعامل مع جيل الشباب والشباب ايضا يتردد بالوقوف على المسرح امام الرواد لكني مزجت بين الاثنين وكانت اول تجربة على المسرح لي هي وقوف الرائد عبد الستار البصري مع يحيى ابراهيم وقد حقق نجاحا كبيرا وكان هذا اسلوبي في الاعمال المسرحية الاخرى مثل مسرحيتي "الغيابة" و"مظفر النواب" والاعمال الاخرى لان قضية مزج جيلين من الفنانين مهمة المخرج في كيفية خلق توازن فني بين الفنانين..
حصادك؟
عملت للفرقة القومية للتمثيل اربعة عشر عملا مسرحيا منها "تحت الصفر، البيادق، مظفر النواب، الغيابة، عودة اشيلوس، مكانك ايها السيد، العربانة" وحصلت من خلالها على عشر جوائز وكرمت من قبل مهرجان المسرح العربي عام2005 وحصلت على درع الابداع من عشر مؤسسات ثقافية علما اني شاركت في خمسة مهرجانات مسرحية..
* ما الذي جعلك تحصد كل ذلك؟
- اعتقادي بأني تطرقت الى معاناة الانسان العراقي وقضاياه واعتبرت ان الواقع العراقي هو مشروعي المسرحي الاكبر.


------------------------------------------
المصدر : وداد ابراهيم - بلادي 
تابع القراءة→

11 فرقة عربية تشارك في مهرجان «المسرح العربي»

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 29, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تحت شعار "المسرح العربي.. حفاظا على الهوية ودفاعا عن الغد"، تنطلق فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان المسرح العربي، في 30 من أبريل الجاري، ويستمر حتى 10 مايو المقبل، وذلك على المسرح العائم "فاطمة رشدي بالمنيل" برعاية الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة.

يأتي المهرجان بالتعاون بين قطاع شئون الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج خالد جلال، والدكتور عمرو دوارة مؤسس المهرجان، بهدف تأصيل الفكرة التي تأسس على إثرها المهرجان وهي ربط أواصر العلاقات الثقافية والفنية بين البلدان العربية.

ذلك ويشارك في فعاليات هذه الدورة إحدى عشرة فرقة عربية بالإضافة إلى أحد عشر عرضا مصريا تمثل مختلف تجمعات فرق الهواة، وقد قررت اللجنة المنظمة تخصيص هذه الدورة لمسرح المغرب العربي، حيث تتضمن فعالياتها تقديم عرضين لكل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا.

يذكر أن مهرجان المسرح العربي يرعى الشباب من هواة المسرح في تظاهرة سنوية حققت تواجدًا فاعلا على الساحتين المحلية والعربية، حيث نجح هذا الحدث في جذب أهم وأكبر الفرق المسرحية العربية للمشاركة في تقديم عروضها على هامش المهرجان.

--------------------------------
المصدر : سمير حماد - بوابة فيتو 

تابع القراءة→

العراقية أميرة جواد.. عصفورة الاستعراض المسرحي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 29, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية
الفنانة أميرة جواد 

إيمانا بدور المسرح تُقيم "الجمعية المصرية لهواة المسرح" مهرجان المسرح العربي وتُكرم فيه الفنانة العراقية أميرة جواد التي ولدت في بغداد بالعراق عام 1955، وتلك ليست المرة الأولى التي يتم فيها تكريم "جواد" حيث كُرمت من قبل على الصعيد المحلي والعربي. ومن جوائزها جائزة نجمة الاستعراض الأولى عام 1996 عن مسرحية "حرامي السيدية"، ونالت جائزة نجمة الاستعراض عام 1996 عن مسرحية "الخشابة"، وجائزة نجمة استعراضية عن مسرحية "حافي ومتعافي"، كما كانت آخر مشاركاتها الفنية كان مهرجان القاهرة التجريبي الدورة الثامنة عشرة عام 2007، وآخر أسبوع شاركت به أسبوع ثقافي في دمشق في مسرحية "خريف الجنرالات".
وقد أثار المسرح اهتمامها فانتمت للفرقة القومية للتمثيل عام 1972، حيث تخرجت من قسم الفنون المسرحية بأكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، ومنذ أول أعمالها تم تسليط الضوء عليها لبراعتها في الأداء حيث قدمت "شيرين وفرهاد" ثم شاركت في العديد من الأعمال المسرحية بعد ذلك أشهرها "محاكمة الرجل الذي لم يحارب التي أخرجها "سليم الجزائري" و"حرم صاحب المعالي" و"حرامي السيدية" و"روميو وجوليت" و"فاس والاميرة الصلعاء التي اخرجها "حميدالجمالي" و"الطوفان للمخرج إبراهيم جلال" و"ملحمة كلكامش" للمخرج سامي عبد الحميد" و"مقامات ابي الورد" للمخرج إبراهيم جلال و"الغزاة" من إخراج محسن العزاوي و"احدب نيو نوتردام" للمخرج الراحل كريم جثير و"آخر ليالي الألف" و"ليالي سومرية" التي إخراجها قاسم السومري.
أما في مجال دراما الفيديو قدمت أفلام "صخب البحر" و"افترض نفسك سعيدا"، كما قدمت العديد من الأعمال للتليفزيون ومنها مسلسل "عنفوان الاشياء" ومسلسل"مضت مع الريح" ومسلسل"غاوي مشاكل".

------------------------------------------------------
المصدر : سارة الأمين - البوابة نيوز 
تابع القراءة→

الخميس، أبريل 28، 2016

هواجس التغيير: بالصوت والصورة والحركة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, أبريل 28, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


فرقة بكين للرقص


الليلة ينطلق «مهرجان الربيع» بين عاصمتين عربيتين. بيروت ستشرع مسارحها وفضاءاتها على كافة أنواع الفنون، كذلك تونس التي تشهد هذه السنة مشاركتها الأولى. لا يبتعد المهرجان الفني الثقافي الذي ينظمه «المورد الثقافي» بالتعاون مع «جمعية شمس» عن الحالة السياسية الراهنة في العالم العربي.

ترى مديرة المهرجان المسرحية اللبنانية حنان الحاج علي أن الثقافة والفنون هي الفسحة الوحيدة الباقية لتفعيل الوعي السياسي في لبنان والعالم العربي. وفيما تغيب مصر للمرة الأولى هذه السنة (راجع الكادر)، ينقل المهرجان الذي يقام كل عامين منصته إلى تونس بالتزامن مع النسخة البيروتية الخامسة (منذ 2008). في «مسرح الحمرا» و»سينما الريو»، توجّه النسخة التونسية تحية إلى المسرحي التونسي وأحد مؤسسي «المورد الثقافي» عزالدين قنون في ذكرى رحيله الأولى. تحية تجري على هامش أحداث الشارع التونسي المتوتر، الذي يحتاج إلى أصوات الأمل أكثر من أي وقت مضى، وفق تعبير الحاج علي. إذاً، يضم البرنامج المشترك بين البلدين (مع ترك مساحة لخصوصية كل بلد) عروضاً معاصرة راقصة ومسرحية وموسيقية (راجع مقال الزميل بشير صفير) ولقاءات وعروضا أدائية. وقد جرت البرمجة وفق ثلاثة خطوط رئيسية هي «برنامج رئيسي» يتضمن عروضاً عالمية، و«تزامن» الذي يقدم فنانين عربا مستقلين تلقوا دعماً من «المورد الثقافي» في السابق، و«ريد زون» الذي يقيمه المهرجان للمرة الثالثة بالتعاون مع مهرجان «ريد زون» النرويجي (تنظيم KKV of Norway). هكذا، تعود المنصة العربية بنسخة جديدة تجمع تجارب فنية عالمية وعربية لأجيال مختلفة، إلى جانب فسحة تؤمنها للشراكات بين فنانين آتين من خلفيات متنوعة وغنية. مرة جديدة، تخرج الفعاليات عن نطاق العاصمة اللبنانية متوجهة إلى الجنوب، وتحديداً إلى «مسرح اسطنبولي» في صور و»سينما أمبير» في النبطية. وحين يتضمن بيان المهرجان عبارات مثل «التوجه إلى أوسع جمهور» و»السعي إلى إحداث تغيير إجتماعي»، فإنه يترجم ذلك هذا العام بدعوته للاجئين سوريين وفلسطينيين مقيمين في البقاع، وعمال وعاملات أجنبيات لحضور بعض العروض. من فلسطين وسوريا وتونس والجزائر ومالي والكويت والهند والصين والبرتغال ولبنان، سيحط نحو 25 عرضاً فنياً في «مسرح دوار الشمس»، و«مترو المدينة»، و«المحطة»، و«متروبوليس امبير صوفيل»، و«راديو بيروت» و «يكونكون»، في برنامج يستمر حتى 26 أيار (مايو) المقبل.
الإفتتاح الليلة في «مسرح دوار الشمس» (الطيونة ــ بيروت)، مع «فرقة بكين» للرقص المعاصر والحديث الآتية من الصين. ستقدم الفرقة التي تأسست عام 2005، ثلاثة عروض هي «دائرة» و«أكتوبر» و«الطقس الأوّل». في «دائرة» المستوحاة من عمق الحضارة المنغولية، يتوزّع الراقصون على نحو دائري، لتصنع أجسادهم أشكالاً أخرى في محاكاة لمشهد الحياة المجزأ واللامتوازن. العرض الثاني يحمل عنوان «أكتوبر» ويؤديه راقص وراقصة على مقطوعة «أكتوبر» لتشايكوفسكي، مستلهمين حركاتهما من فنون الإيماء، ومن بعض المهمات المنزلية كالزراعة والطبخ والتنظيف. الفرقة التي تستوحي أعمالها من الحضارة الصينية القديمة، تذهب في عرضها «الطقس الأوّل» إلى الحضارة الإنسانية الأولى وعلاقة الإنسان بالطقوس الموسيقية الصينية التقليدية التي تنتج منها أسئلة كثيرة عن الجسد والروح والعالم الخارجي والداخلي. من الرقص إلى المسرح الراقص، ينقلنا المهرجان إلى عرض «من ملحمة المهابهاراتا» (8/5 ــ س: 20:30) لـ «مركز كيرالا للكاثاكالي» (تأسس عام 1990). دعوة الفرقة الهندية واحد من خيارات الحدث الأساسية ورؤيته الساعية إلى الإضاءة على فرق وعروض تحتفظ بخصوصية ثقافاتها وشعوبها. هكذا هي فرقة «كيرالا للكاثاكالي» التي تقدم رقصات وطقوس الكاثاكالي من منطقة كيرالا الهندية التي تعود إلى نحو ثلاثة قرون. يستند العرض إلى الميثولوجيا الهندوسية، وتحديداً إلى مشاهد من ملحمة المهابهاراتا، حيث نرافق الراقصين على المسرح في رسم الأقنعة وتعابير الوجه التي تعد ركيزة أساسية في الكاثاكالي بالإضافة الباليه والأوبرا والإيماء.

إلى جانب العروض العالمية، يدعم المهرجان عروضاً عربية ومحلية تعكس واقعها المفتت. هذه السنة، يحتفي الموعد بفرقة «كهربا» اللبنانية من خلال العرض العربي الأول لمسرحيتها «مساحات دموعنا» (5/5 ــ س: 8:30) التي افتتحتها في فرنسا أخيراً، وعرض آخر لـ «أصل الحكاية» في النبطية (23/5) وفي صور (24/5). لدى «مجموعة كهربا» التي تأسست عام 2007 تجربة متفردة في المسرح اللبناني المعاصر بجمعها لمختلف أنواع الفنون الأدائية والبصرية ضمن قالب تجريبي مثل الرقص المعاصر وفنون خيال الظل والدمى والمسرح والسينوغرافيا. يقارب عرض «مشاهد من دموعنا» (إخراج: اريك دينيو) وضع الإنسان العربي من خلال قصة أيوب في الكتب المقدسة، في نص للكاتب المسرحي الروماني ماتي فيشنيك. السينوغرافيا المدهشة المصنوعة من ورق الحرير تظهر الدمار في قلب أيوب المهشّم، وخساراته المتكررة في عرض يؤديه أربعة ممثلين هم أورليان زوقي، ودومينيك بيفاريلي، وماريليز عاد وضنا مخايل، يرافقهم تسجيل صوتي للمسرحي اللبناني روجيه عساف. هناك محطة مسرحية مميزة مع الكويتي سليمان البسام (1972) ومسرحيته «في مقام الغليان: أصوات من ربيع مُخْتَطَفْ» (7/5 ــ س:20:30)، التي افتتحت عروضها في «مهرجان سيدني» عام 2013. العرض الذي نشاهده هو النسخة النهائية من «في مقام الغليان» (70 دقيقة).
هناك ستة مونولوجات شعرية ساخرة تظهر حالات فردية تعاني تشنجات التغيير في العالم العربي: فتاة أزيدية وفتاة هوى وممثلة سابقة وشخصيات مهمشة أخرى تتناوب على تأديتها الممثلة حلا عمران باللغة العربية، وريبيكا هارت باللغة الإنكليزية على إيقاعات الموسيقية الأميركية بريتاني آنجو. إلى دمشق تنقلنا مسرحية «زجاج» (12 و13/5 ــ س:20:30) لأسامة غنم. اقتبس المخرج السوري عمله (2015) عن نص «مجموعة الحيوانات الزجاجية» للأميركي تينيسي وليامز، وأسقطه على يوميات الحرب التي تعيشها عائلة سورية تواجه التغيرات الإجتماعية. الحرب السورية حاضرة أيضاً في التجهيز الصوتي لتانيا خوري «حدائق تحكي» (فضاء ستايشن). تستحضر الفنانة اللبنانية فترة مأسوية من الحرب السورية، حين تحوّلت حدائق المنازل إلى مقابر لجثث الناشطين والمتظاهرين في المرحلة الأولى منها. في العرض التفاعلي سيبحث الناس عن رسائل الموتى المدفونين في التلال الترابية، بينما يستمعون إلى أصوات وقصص جمعتها الفنانة بالإستناد إلى الروايات الشفوية لعائلاتهم ولأصدقائهم. هذا العرض سيكون أيضاً محور لقاء «صوت سوريا» (3/5 ــ س:16:30) ضمن اللقاءات المفتوحة التي ينظمها المهرجان. تشارك في «صوت سوريا» تانيا خوري، والباحثة اللبنانية لما قبانجي، ومؤسِّسة «الذاكرة الإبداعية للثورة السورية» سنا يازجي، للحديث عن رواية القصص والسرد التي تصبح عملاً سياسياً، لمواجهة الروايات الكبرى التي لا تتوانى الأنظمة ووسائل إعلامها عن ترسيخها.
هناك أيضاً لقاء بعنوان «فنانون رغم كل الشيء» الذي يقسم إلى جلسات مفتوحة وأخرى مغلقة تجمع فاعلين ثقافيين ومديري مهرجانات ونحو 45 مؤسسة عالمية وعربية مع فنانين، لإيجاد حلول للمخاطر التي يتعرض لها الفنانون العرب في ظل الظروف المتقلبة، كما يبحث اللقاء في السبل الفنية والعملية لإيجاد فرص عمل لهم. يواصل الموعد تسليط الضوء على الأوضاع العربية والتحوّلات الساخنة التي تشهدها المنطقة من خلال تظاهرة سينمائية يحتضنها للمرة الأولى، بالتعاون مع سينما «متروبوليس أمبير صوفيل». أحد أهم الأفلام المختارة هو وثائقي طويل بعنوان «العراق سنة صفر» (334 د ــ 2015) للسينمائي العراقي عباس فاضل (23/5 ــ س: 18:30). تجري أحداث الشريط في الحياة اليومية العراقية، بين فترتين: ما قبل سقوط الرئيس صدّام حسين، وما بعد الإحتلال الأميركي. الفيلم الثاني من العراق أيضاً، وهو «تحت رمال بابل» (92 د) لمحمد الدراجي (24/5 ــ س:20:00)، الذي يعد الجزء الثاني من فيلمه «ابن بابل» (2009). الشريط الروائي الوثائقي الذي نال «جائزة أفضل فيلم عربي» في «مهرجان أبوظبي السينمائي» (2013)، يحكي قصة معاناة الجندي العراقي ابراهيم بعد هروبه من الكويت خلال حرب الخليج عام 1991. «رسالة إلى الملك» (75 د ــ 2014) للكردي هشام زمان (25/5 ــ س: 20:00) هو الفيلم التالي، الذي يعكس الشتات عبر قصة خمسة لاجئين في رحلتهم إلى أسلو. أما الختام، فسيكون مع «شبابك الجنة» (83 د ــ 2015) للتونسي فارس نعناع عند الثامنة من مساء 26 أيار (مايو). ينطلق الشريط من التغيرات التي تشهدها علاقة زوجين شابين بعد وفاة طفلتهما الوحيدة.
«مهرجان الربيع»: ابتداء من الليلة حتى 26 أيار (مايو) المقبل ــ فضاءات عدة في تونس وبيروت وصور والنبطية. للاستعلام: 03/673475

غياب مصر!

يحتجب «مهرجان الربيع» هذه السنة عن القاهرة التي شهدت انطلاقته لأول مرة عام 2004. هكذا لن تتمكن مصر من الاحتفال بالدورة الإقليمية السابعة للحدث الفني نتيجة التغييرات السياسية والقانونية في البلاد، أبرزها "قانون الأشياء الأخرى" الذي كان السبب وراء نقل مكاتب «المورد الثقافي» إلى العاصمة اللبنانية. وقد أعلنت مؤسسة «المورد» انفصالها عن «مسرح الجنينة»، الذي يواصل نشاطاته حالياً تحت إدارة مستقلة باسم «شركة الجنينة».

-----------------------------------------------
المصدر : روان عز الدين - الأخبار

تابع القراءة→

الأزياء المسرحية وتفاعلها مع حركة جسد الممثل / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, أبريل 28, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تعتبر الأزياء المسرحية من العناصر الفنية الأساسية المكلمة للعرض المسرحي حيث تعيش كل عناصر العرض البصرية في ارتباط فني وداخلي متشابك حيث تتجمع وتتضامن لكي تخلق سينوغرافيا عرض رائعة وجميلة فالممثل عندما يتفاعل مع الزي الذي يظهر حركة الجسد وأبعاده 
الحقيقية لأنه يمتلك دلالات ترافق وضعيات الجسد والزي يؤثر في حركة الجسد مشيا ووقوفا وجلوسا فمثلا لايمكن ان تنجح ممثلات في اداء دور الساحرات في مسرحية مكبث لوليم شكسبير دون تصميم الملابس الخاصة للساحرات والتي تسمح 
للممثلات بالقدر الكافي من الحركة والمرونة الجسدية ,وعندما يطلب من من الممثلات ان يتحركن حركة عنيفة او قوية فمن الضروي عدم اتعابهن بخامات ثقيلة او معرقلة للسير ,اي ان تكون الأزياء مناسبة من كافة النواحي 
المتعلقة بأبعاد الشخصية المراد تمثيلها , فالزي يقوم بتعريف الجمهور بأداء الدور الذي يؤديه الممثل من خلال الزي الذي يرتديه حيث يعمل على خلق ايهام العمر والمهنة والجنس رجل او أمرأة وزي الممثل يساهم في أعطاء مغزى للمسرحية فيتمكن المصصم من خلال المسرحية على أيضاح الأختلاف في بناء 
الشخصيات وطبقاتها الأجتماعية وفارق العمر فيما بينها وأمزجتها فعندما تتحرك الشخصية أو تلفظ جملة واحدة يعرفها الجمهور ,أذا كانت شابة أو امرأة كبيرة او شابا او رجلا كبيرا غنيا كان او فقيرا ,واما مزاج الشخصية له 
تابع القراءة→

المبررات التاريخية لغياب الفعل المسرحي من الأدب العربي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, أبريل 28, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


من الأكيد أن ما نصطلح عليـه في وقتنـا الراهن بـ « الفن المسرحي» لم يكـن قبل قرن من الزمـن، فنا من فنون الآداب التقليدية التي عرفها العرب في تاريخهم القديم والحديث، إذ بقي مجـال المسرح ـ معلقا ـ في الحياة الفكرية العربية لقرون طويلـة بدعوى أن هـذا الفـــــن «المركب »  لا يتفق وعبقريـة العرب الفنية (1).
فالفن المسرحي، بموصفاتـه، وشروطه المتعارف عليهـا لم يفتح في اللغة العربية وآدابها إلا في مصر الحاضر، حيث ولدت «التمثيلية» ووجـدت «التراجيديا» وأنشأت «المسرحية الشعرية» وأصبح في الحيـاة العربية حركـة أدبية مميزة، تسمى «المسرح»  تتسع رقعـة العمل فيهـا يوما بعد آخـر، حتى أمست هذه الرقعـة قاسما مشتركا بين المذاهب والتيارات والمـدارس، شأنها في ذلك شأن رقعـة الشعر، والقصة، والرواية، وفن التشكيل والموسيقى.
وعلى الرغم من أن دراسي الأدب العربي يعتبرون  سنة 1848 بداية لتاريخ المسرح العربي، وهي السنـة التي كون فيهـا مارون النقاش فرقتـه التمثيلية في بيروت، فإن الحديث عن نشأة المسرح العربي، والعوامل التي أثرت فـي  تطوره وأسباب غيابـه كل هذا ما زال من الأمور التي تثير النقاش بين الباحثين العرب والأوربيين والمستشرقين.
فما هـي إذن وجهات نظر الباحثيـن في غياب الفعـل المسرحي عن الآداب العربية؟ وكيف عالج الباحثون العرب هـذا الموضوع الهـام؟.
1 ـ تؤكـد الباحثة السوفياتية تـ أ. بوتينيوفـا في تساؤلاتهـا وآرائها حلو نشـأة المســــرح العربـــــي (2) ، أن الثقافـة العربية وعلومهـا إمتد إلى ما يزيـد على ألفي عام، وأن هـذه الثقافـة كانت قد غزت أوربا عن طريـق الشعر في أدوارهـا الأولى، إذا أعطى الشعر العربي أمثلـة حية لشعراء أوربا، وإستلهم الكثير من أدبائهـا شيئا لا يستهان به من تلك الملاحـم الشعـرية... والتي ظهـرت آثارهـا جلية في الثقـافة  الأوربية. 
كما أن الموسيقى العربيـة في تلك الفتـرة قد تحددت ملامحها وخطوطهـا وأصولها الثابتة، غير أن أحد مجالات الثقافة العربية قد ظل مجهولا، وبشكل ملفت الإنتباه، هذا المجال هو المسرح. فمن المعلوم ـ تقول الباحثة السوفياتية ـ أن العلوم العربية في عصرهـا الذهبي قد فاقت بأشواط عديدة العلـوم الأوربية، لقـد قـدم العربي في تلك الفترة على الخصوص  إنتاجاتهــم في الرياضيات والفلك والفيزياء والطب، والتي كانـت الغذاء، والمصـدر الرئيسي لعلمـاء أوربا حتى القرن السادس عشر.
وفي الوقت الذي لـم يقترب فيه عصـر إزدهـار الحضارة الأوربية كانت الثقافـة العربية الراقيـة قد أعطت نتاجـات كتابها ورياضييهـا، وفلكييهـا، وفلاسفتها ومؤرخيها وأطبائها، وجغرافييهـا وشعرائها.
وتعتبر مؤلفات الفلاسفـة والمؤرخين العرب ـ المغربي إبن خلدون، وإبن رشـد ـ قاعدة أساسية في دراسة تطور المجتمعات، إضافـة إلى علوم اللغة والتراث الشعري والمدونـات التاريخية التي ساهمت في بناء صـرح الحضارة الإنسانيـة.
والآن يطرح السؤال التالي: هل من الممكن في ظـل هذه القرون الثقافية، وتلك القاعـدة التاريخية أن يكون المسرح العربي غير موجـود أساسا ولو بأبسـط صوره وعناصره؟.
إن تاريخ الثقافـة العربية يضعنـا أمام لغز محير، ترى لمـاذا حاول الفلاسفـة والعلماء العرب الذيـن أبدعوا وأضافوا إلى صـرح البشرية الكثير، وأكملوا ما بدأه سابقوهـم من اليونـانيين القدماء في بعض الحقول أن يعزلوا أو يتناسوا بصورة غريبة  نتاجـات أسخيل، سوفوكل، إفريبيرا؟ ومـا السبب الذي دفـع بهم لنسيان وتناسي الأجزاء المتعلقـة بالفن المسرحي أثناء ترجمـة نتاجات أرسطو طاليـس والتي إستند عليهـا كل المسرح الأوربي؟.
2 ـ الباحث المسرحي التونسي محمد عزيـزة، يجيبنا على هذه التساؤلات جميعا من خلال جمعه المحكم لكل التغيرات العربيـة والأجنبية في هـذا الموضوع (3)ليقول أن غياب المسرح في الأدب العربي، ووجـوده في الآداب الأخرى التي عاصرته كالأدب اليوناني حيث ولد المسرح، يعـود بالأساس إلى أن إرادة المسلم هـي جزء من إرادة الله ، لذلك لا يمكـن أن  تواجههـا كما هي حال أبطال المسـرح اليونانـي في مواجهتهم للآلهة، ثم إن الإنتمـاء المطلق من الإنسان المسلم إلى مجموعته? ومفهوم التاريخ الدرامـي عنده لا يمنعان وجـود هـذا الصراع على مستوييه الثنائيين، أي أن الفردية مصدر كل صراع داخلي تبدو مستحيلـة لديه، وبالتالي فإن الصراعات النفسيـة والفرديـة تتجـه نحو الذوبان في بوثقـة التصرفات الجماعية.
ويؤكـد محمد عزيزة أن هـذا الصراع يمكن أن يظهـر في أشكال أربعة:
 ـ الأول:  الصراع الذي يمكن أن نسميـه عموديا، أي الصراع بين الإنسان والحكم الإلهي، ويأتي بمسرحية «برميتوس المقيـد» مثلا لذلك.
ـ الثاني: الصراع الذي يمكـن أن نسميه أفقيـا وهو الذي يجعل الإنسان يصطدم بنظـام المجتمع الذي يعيش فيه ويكون في هـذه الحالة في نزاع المجموعة البشرية التي يعيش وسطهـا، ويأتي الدكتور عزيزة مثالا لهـذا النوع من الصراع بمسرحيـة «أنتيجون».
ـ الثالث: الصراع الذي يمكـن أن نسميه متحركـا، حيث يتصادم الإنسان مـع التاريخ وضد القضاء والقدر، وخير مثال لهذه الحالـة مسرحية « الفرس».
ـ الرابـع: الصراع الذي يجعل الإنسان في صراع مع نفسه، وهـو الصراع الذي يفجـر الخلف المسرحي ومثاله «أوديب».
ويخلص الدكتور محمد عزيزة إلى أن ولادة ونشـوء فن الدرامـا لا يمكن أن يتواجـد لدى أمـة ما إلا في حالة وجود مجموعة من المتناقضات في داخل المجتمع والتي تدفـع بالتالي إلى ظهور فن مسرحي متطور.                                                                  
أمـا هـذه التناقضات والتي يتطلبها ظهـور فن المسرح فترتبط بالصراعات الأربعة الآنفـة الذكر ـ ويعتقد جازمـا ـ أن ظهور مثل هـذه التناقضات والصراعات دفعـة واحدة غير وارد في المجتمعات الإسلامية وبضمنها المجتمع العربي.
ويؤكد محمد عزيزة، أن مثل هـذا التعارض بين المسرح والديـن، لم يكن ظاهرة تميز بها الإسلام فحسب، إنما الديانات التي تقول بإلاه واحـد والتي أقامت حـدا بينها وبين الفعـل المسرحي، إلا أن طبيعـة الديانـة المسيحية التي فصلت بين الأمورالدينية والدنيويـة في المدينـة المسيحية قد خففت من سيطـرة الدين كظاهـرة إجتماعيـة على المسرح.
3 ـ في هـذا الموضوع بالذات، وضع الباحث الدكتور الحجاجي كتابه الهام «العرب وفن المسرح» (4) إذ يؤكـد في فصوله أنه إذا كان المسرح في العهد الجاهلي ـ العربي ـ لم يجـد الأرضية الملائمـة لنموه، فلأن المجتمع العربي في ذلك الوقت لم يكـن في حاجة إليه، لقد تكامـل الشعر العربي الغنائي في العصر الجاهلي، وظهرت القصـة في أخرياته، ولم تنبعـث الملحمة أو المسرح  في ذلك العصر لأن الحاجـة إليهما لم تكن قـد وجدت.
أما عندمـا ظهر الإسلام، فإن الديـن الجديد قـدم تصورا كامـلا للوجود والكون، وجـدد العـلاقات بين الناس بضعهم البعض، وبين علاقتهـم بإلـه واحد، وكان الإسلام عقلانيـا إنسانيا تخطـى بالعرب مرحلـة القوميـة إلى العالميـة وتخطى بدائيـة التفكير الديني إلى الإرتفاع به إلى مستوى العقـل البشري المتحضـر، ولم يكـن تأثير الإسلام مقتصرا على العرب، بل تعداه إلى العالـم أجمـع، وهو لم يحو فكـر العرب فقط، وإنمـا تعداه إلى إحتواء أقوم ما في الفكـر البشري في منطقـة الشرق الأوسط، وكـان واقعيـا في نظرته للإنسان والوجود والكـون، وكانت هـذه النظرة الواقعية ووضوحهـا من أهم العوامـل التي أوقفت النمو الشعائري، وكانت شعائـره في معظمهـا شعائر فردية بين الفـرد وربه، وكان الأداء الجماعي للشعيـرة لا يمثل سيطـرة كهان، وإنما يمثـل عمليـة تجميـع إجتماعي للبشر لترتفـع به العلاقـات بينهم إلى الأخوة المتعاونة.
وهكـذا نجـد أن التحديد الإسلامي لشعيـرة كان من العوامـل الهامـة في عـدم نمو شعيـرة أسطوريـة ينمو المسرح من خلالهـا، وكذلك كانت تصفية الإسلام للإنسان مـن العناصـر البطوليـة الخارقـة للعادة، مانعـا كبيرا واجـه خلق الأسطورة.
ولئـن كانت الأسطورة لم تظهـر في العصور الإسلاميـة فإن الملحمة لم تظهر كذلك، لأن الحاجـة إليهـا لم تكن قـد وجدت، فالبطولـة كانت حية معاشـة ولم تكـن حلمـا يحلم به العربي، وكـان الفارس سيد مجتمعه، وكـان العقـل العربي يقظـا يسجـل البطولـة ولا يبعدهـا عن الواقع، وعدم وجود الملحمة ـ في رأي الباحث ـ يحسب للإسلام، ولا يحسب ضده، وإذا كانت الملحمـة لم توجد، فأثرهـا في خلق المسرح لم يوجـد أيضا في هـذه الفترة.
4 ـ وهناك آراء أخرى شائعـة في تفسير تأخـر ظهور المسرح بالعالم العربي تعتمـد في تحليلها وتأكيدها على أسلوب الحياة لدى العـرب آنذاك، إذ يذكـر هؤلاء أن الفن المسرحـي يتطلب مشاهديـن حضوريين? يعيشون بصورة دائمـة في المدن ويتسمـون بدرجـة من الفهم والواعي للفن المسرحي، ويتمسـك بهذا الرأي الفنان المصري زكي طليعـات، وهو يؤكـد أن حياة العرب التي كانـوا يعيشونها في الماضي، والتي تتطلب الرحيل من مكان إلى آخر ، والــذي يحول دون  وجـود كثافـة سكانية تؤدي بالضـرورة إلى تأكيد وتطور المسرح.
                                                   * * *
وهكذا نـرى من خلال هـذه الآراء أن العديد مـن الباحثيـن يعزون تأخـر ظهور المسرح عند العرب إلى تأثيـر الإسلام وبعض المؤرخيـن الأوربيين والمستشرقيـن يذهبون إلى أبعد من ذلـك أن الإسلام قد منـع عمل ما يشابه الإشكال البشري وأن الممثل والرسـام أو كـل من يحاول عمل ما جـاز لله وحده، سوف يلقـى أشد العذاب يوم الحساب لتجـاوزه حدود الله،غير أن من الملاحـظ أن مثل هـذه الأحكام لم تؤخـذ من القرآن، وليس هناك أي نص محدد بذلك.
فالملاحـظ أن وجـود الأديان، وتأثيرهـا على المجتمعات يتفاعل ويتواجـد في كل زمان ومكان، ولدى جميع الأمم بدون إستثناء ومنذ القدم، ومن الصعوبـة القول أن تلك الأديان وقفت حائلا أمـام ظهور الفنون وتطور الآداب (5).من هنـا يتضح أن محمد عزيزة في نظريتـه السالفة الذكر، لم يضع المقومـات الصحيحة في تحليل لطليعـة المسرح العربي، وذلك بإعتماده على العوامـل الدينية علما أن تلك الأديان تمد جذورهـا وتترك بصماتها في ثقافـات لكل الشعـوب والأمم وهو يعـزل بالتالي رغبـة الشعب بتطويـر ثقافته في فـن الظهور والعرض ويرفـض تأثيرهـا بذلك على المسرح نفسه وتطوره (6).
إن حـل مجمل الألغاز حـول الفن المسرحي يجب أن ينطلق من النظرة الشمولية للثقافـة العربية، وأن لا يعـزل هـذا الفن المتطور عن المنظور العام عنـد تحليل تلك الثقافـة. 
                                                   * * *
إنطلاقـا من هذه الفكـرة تجدنـا مع الدكتور الحجاجـي مع رأيه الذي يقول: أن إنعدام فن ما في أمـة من الأمم لا يعني قصورا في هـذه الأمة? بقدر ما يعني أن هذه الأمة  ليست في حاجـة إلى هـذا الفن، فالفن حاجـة، ولم يوجـد فن من الفنون في مجتمع من المجتمعـات إلا كان ذلك نابعـا من حاجتها إليه، ولقد ولد العرب فنونهم تبعا لحاجتهـم، فوجـد لديهـم فن الشعر الغنائي نتيجـة لهذه الحاجـة وعندمـا وجدت ظروف أخرى أدت إلى إحتياجهـم إلى فن الحكايـة ولد هـذا الفـــــن(7) .
وهكذا نجـد أن المسرح لا ينشأ من فـراغ ولا ينمو من عدم، فهو يولد تلبيـة لإحتياج، فالمسـرح حاجة أولا وأخيرا وكل التجارب الثابتـة في تاريخ المسرح العالمـي، تؤكـد أن الظاهـرة المسرحيـة، لم تنشأ من عـدم وإنمـا نشأت تلبيـة لحاجة الجماهير.
فهناك طريقان ـ يقول الدكتور الحجاجي ـ يؤديان لظهور فن مـا في أمة ما، الطريق الأول هـو النمو الذاتي لهـذا الفن داخل الأمة نفسها، كمـا حدث لفن الشعر الغنائي العربي وكمـا حدث لفن المسرح اليونانـي، والطريق الثاني هو الإنتقـال، فإن الفنون كنتاج إنسانـي تنتقل من أمـة إلى امة، ومن مكان إلى مكان، ولكـن ليس عن طريق النقل الحرفي المباشر، وإنمـا عن طريق الإنتقال المستجـاب له داخـل الأمة الناقلة، فلكي ينتقـل فن من الفنون إلى أمـة من الأمم فإنمـا نرى أن جميع ظروفهـا تكون مهيأة لنقبـل هـذا الفن، مستجيبة له، متأثـرة به? تضع فيه سماتهـا ومكوناتها، فيكون هـذا الفن جزءا من تراثها (Cool.
حقيقة أن الفكر البشري سلسلـة متصلـة الحلقات? ووحـدة متكاملـة، إلا أن هناك حقيقـة لا يمكن التغاضي عنها، وهي أن دور الولادة للمسرح قد قام بها المسرح الإغريقي عن طريـق تطويـر الأسطورة، وتوظيفها، إلا أن عمليـة إنتقال المسرح مـن بلاد اليـونان إلى بـلاد العرب، كان أمرا مستحيلا في تاريـخ العرب القدماء، لأن عملية اللإنتقال نفسها، كانت تحتـاج على مستوى حضاري كبير، حتـى يتم هـذا الإنتقال على أسس قويـة متينة، وكـان لا بد أن تتم عمليـة إنتقال للمجتمع العربي قبل أن تتم عملية إنتقال المسرح.
ونعتقد أن ظهـور المسرح في الحيـاة العربية، في منتصـف القرن الماضي قد جـاء بعد أن تهيأت الأسباب للمجتمع العربي لهذا الظهور، وهي أسباب إقتصادية وإجتماعيـة، سياسية وثقافية، ساهمت فيهـا أحداث تاريخية متعددة تبتدئ بالحملـة الصليبية على العالـم العربي وتنتهي بالحملة الإستعمارية الأوربية في القرن الماضي.
                                                   * * *
بقي بعـد هذا أن نتساءل، هـل كانت للثقافـة العربية أشكال للفرجـة، يمكن إعتبارهـا أشكالا مسرحية؟.   
1 ـ إذا ما تجاوزنـا الإسلام قليلا إلى الديانـات التي سبقته في الجزيـرة العربية، فإن مصادر التاريخ العربي، المختلفـة تشهـد على غياب كل شواهـد النشاط التمثيلي، على الرغـم من أن الدكتور محمد يوسف نجم يفترض أن «وثنيـة العرب لم تكن بدائيـة ضعيفـة الصلة بنفوس أصحابها، بل كانت وثنيـة لعقدة ضربت جذورهـا في أعماق النفوس، وإتصلت غاياتهـا ومظاهرها بدورة الطبيعـة ومواسمها، وتمثلت في شعائرهـا إماتة الجسد وقهره، ثم شعائـر التطهير وشعائر البعث والإخصـاب، وأخيرا شعائر البهجـة، وما يتصل بها من مآدب وحفلات، وقد كانـت هذه الوثنيـة معقدة تقـوم على معبـد وصنم وسادن وقرابيـن وطقوس، وشعائـر تمثيلية... » (9) ، إلا أن ذلك لا يمكـن أن يذهب بنا إلى أن عرب الجاهليـة قد عرفوا فن التمثيل أو مارسوه في عبادتهـم، ولا نظن أنه سيختلف إثنان في أن ذلك النشاط الديني القائـم على الطقوس الوثنيـة لم يتطور ليكون لـدى عرب الجاهليـة مسرح أو طقوس تمثيليـة منفصلة عن غاياتها الدينية (10). 
ولا شك أن السر في ذلك يعـود إلى أن ـ الدرامـا ـ تعتمد في جوهرهـا على الصراع بين الآلهة أنفسهم، وبين الآلهة والأفراد، وبين الفـرد والآخر، وبما أن الحياة العربية في العصور السابقة للإسلام، قد أذابت الفرد في الجماعـة فخلقت تصورا جماعيـا للعالم، ورأيا عاما مشتركا في الكون، فقـد ترتب ذلك غياب الصراع داخـل المجتمع أو إختفاء حدثه على الأقل، فلم تكـن مثل تلك الحال تستدعـي الدرامـا قدر ما تستدعي التغني بالجماعـة (القببلة) والترنم بمآثرهـا (11) ، وذلك مـا قام به الشعر الجاهلي خير قيـام، إذ كان الصراع ممـا يدور بين القبائـل نفسها، أمـا الصراع الذي يدور داخـل القبيلة نسفها، فيحل ـ في أسوأ الأحوال ـ بإنقسام القبيلـة جماعيا، وليس فرديـا، فالفرد الخارج على القبيلة مخلوع منهـا، فهـو خليع لا يعتـد به، ولا يسـأل عنه، ومعنى هـذا أن الصراع الفردي لا قيمة له في حياة الجماعة (12).
إلا أن هذه الحقائق وغيرهـا لا يمكن أن تمنعنـا من البحث عن أشكال مسرحيـة في الحياة العربية ـ قبل وبعـد الإسلام ـ يقينا منـا بأن الشعب العربي، في المشرق والمغرب، وعبر فنونه، وتقاليده، وطقوسه، قد تأثـر بما حملت الحضارات الواردة عليه من آسيا، وإفريقيا، وأوربا فقدس الشعر والأهازيج  ومـزج الحكايـة والأمثولة بالرقص، وربط التقاليـد المتوارثـة بالغناء، وأصبح « الإحتفال عنده يرتبط بالكيان القومي، وبالمعتقـد الديني».
وفي هذا الإطـار يضعنـا الدكتور محمد حسين الأعرجي (13) أمـام عدة صور من التمثيـل عند العرب في صميم تقاليدهـم المتوارثـة، فيعتبر «الكـرج»  و «الحكايـة» ألعابا تمثيلية لها جـذور جاهلية عريقة.
«فالكرج» تماثيل خيل مسرحيـة من الخشب معلقة بأطراف يلبسهـا النسوان ويحاكين بها إمتطاء الخيل، فيـكرون ويفرون ويناقفون بها، وفي الأصـل كانت اللعبة مقصورة على النسوة، إذ تعلق بها «الجلاجـل» والكرج في أصله رقص ولعب يعده العرب للولائـم والأعراس، ومجالس الفراغ واللهو والحكاية فنـا مسرحيا عريق الجذور في الحيـاة العربية القديمة.
قال إبن منظور: «الحكايـة كقولك حكيت فلانـا وحاكيته، فعلت مثل فعله... وقلت مثل قوله سواء لم أجاوره...» (14) ومثـل هذا القول المعجمي يدل دلالـة واضحة على التمثيل، ولعله هو المعنى الأصلي في الكلمة العربية.     
وإذن، فالأصل في الحكايـة عند الأعرجي أن تكون تقليـد الآخرين وإعادتهـا مما يقرب أن تكون تقمصا لشخصياتهم، إذا شئنـا أن نستعمل المصطلح الشائع لدى أهل المسرح اليوم، وقـد أورد الباحث العراقي صورا لهذه الحكاية في العصـر العباسي، مؤكـدا أن هدفنـا كان  هو المحاكـاة والإضحاك، ثم تطـور هذا الهدف فإكتسب صيغـة إجتماعية وجهته إنتقاص الخصوم من خـلال الضحك بهم.
وقد أورد الباحـث عدة نصوص تؤكد على أن «الحاكي» كـان ممثلا? يستعمل اللباس المناسب للحكاية، ويستعين بالماكياج، والأكسوار المسرحي، ومن الأماكن المعهودة التي كـان يؤدي فيها أدواره الهزليـة الأسواق العربية الكبرى، ومنهـا «الميدان الأخضر» بدمشق، ومجالس الخلفاء والأكابر.
وأكيـد أن الأستاذ الأعرجي في هـذا الموضوع، قد فتح الباب على مصراعيـه للذيـن يؤدون إستنباط الأشكال المسرحيـة العربية العريقـة في بطون الكتب والمراجع التراثيـة، كمـا أن مثل هذا البحث نبه إلى مختلف أشكال «الإحتفال» العربي، التي لا تختلف في رسمهـا الفني عن الأشكال المسرحيـة المعاصرة.
2 ـ ويخلص الباحث محمد عزيـزة في أطروحته «الإسلام والمسرح» إلى أن الإستثنـاء الوحيد لقاعدة الغياب المسرحي في الإسلام، بدأت مع مقتل الحسين، فكانت التعازي الشيعية في بلادنـا فارس هي الشكل الدرامي الوحيد الذي إنتقل بعد ذلك إلى البـلاد العربية بإسم «عاشوراء».
إن الشيعـة إكتشفت المسرح ـ في نظره ـ لأنها مرت بتجربة الإنفصال عن الدين فقد نسبت إليهـا جريمة مقتل عثمان، وكانت تعانـي من الندم العميق لأنها مسؤولـة في شكل ما عن مصرع علي، ثم الحسين لذلك إكتشفت الشيعـة الشعور بالذنب ووخزات الضمير..
ولأنها وضعت خارج المدينة السنيـة، فإنها إكتشفت بذلك قوانين الإنتماء القاسية  في الوقت الذي أحست بالقوة المحررة في الخروج عن القواعـد، وإغراء اللعنات الكبرى أمام جدران المدينة... وفقد التاريخ ـ من وجهة نظر الشيعـة ـ براءة الأصلية، وتلوث الميثاق الذي يربـط بين الله وعباده بدم علي وحسين.
ويمكن إعتبار مقاطـع ـ التعازي الشيعية ـ إنطلاقة للعمل المسرحي في الإسلام، إذ عن طريقهـا عرفت العربية أولى الأشكال المسرحية، ولكنها لم تتطـور، ولم تعرف أي تقدم على المستوى الشعري أو الإبداعـي إذ بقيت الثقافـة العربية، ولمدة طويلـة خالية من أي إبداع مسرحي يمكن إعتمـاده كمؤثر لحركة أو نهضـة، ومن ثمة كانت هـذه الثقافة سكوتية حسية لا أثر فيهـا للصراع الدرامي..
3 ـ ويتناول الدكتور الحجاجي في كتابه الهـام «العرب والمسرح» هـذا الموضوع فيؤكـد أن مرحلـة صدر الإسلام وعصر بني أمية، والعصر العباسي، تمثـل كتلة فكرية موحدة الجوانب من حيث التطـور الفني إرتفاعا وهبوطـا حتى عصر الحروب الصليبية، إذ واجـه العرب الغزو الخارجي، وكـان أول إختبار واجهه العرب، ثم تلاه الغـزو التتري، وعلى الرغـم من أن العرب صمدوا أمام الغزوين إلا أن ذلك إستنفذ، منهم أكبـر الجهد، وكشف عن الخلل الـذي أصاب مجتمعهم.
ولقد ظهـر واضحا منذ أن غزا الصليبيـون الأرض العربية، أن القوة السياسية والإجتماعيـة والإقتصادية للعرب أخذت في الإضمحلال والتدهـور يوما بعد يوم، حتى وصلت الحضيض من النواحي الثقافيـة، فأخـذ فن الشعر الغنائي في الإنحطاط وفقد فن الكتابـة القصصية ـ المقامات ـ  مقدماته الفنية وركدت الحركـة الفكرية ودهم الجهل أبناء الشعب العربي. 
ولم يكـن في واقـع  العرب ما يدعو إلى التفاؤل، فلجأوا إلى الحلم ـ كما يقول الباحث ـ وكانت أحلامهـم منصبة حول البطـل المخلص، وإتخذ ذلك عـدة مظاهـر فنية منها الغنائية، ومنها الدارميـة، وهي التي إتجهت نحو البطل الفرد للخـلاص على يديه، وكـان شكلها الفني الذي عبرت بـه عن  وجدانها هو فن السيرة.
وفي فن السيرة لم يتجـه العرب نحو أبطال تاريخهم كخالد إبن الوليد وعقبـة بن نافع، وموسى إبن نصير، وغيرهم من الأبطـال الفاتحين، وإنمـا إتجهوا في معظم سيرهم إلى أبطال ذكروا في التاريخ، ولكـن دون تعزيز دقيق لأحـداث حياتهم مثل سيف بن ذي يزن، وأبي زيـد الهلالـي وأبي حمزة البهلوان وسواهم.
 ولقد أفادت السيرة ـ حسب قول الباحث ـ في أنهـا قدمت صورة حضاريـة مجموعات من المتلقين، كانت السيرة بالنسبة لهم معلمهم الوحيد، وكانت السيرة تبتلع بذلك جميع المفاهيم الحضارية المتبقيـة لهم من عصور إزدهارهم السابقة. 
وإلى جانب هذا، ساهمـت السيرة بدور المتعة لجماهيرها، وخلقت ما يسمى بفن الممثل، وبذلك مهـدت لفن المسرح، فالقاص الشعبي، وهو يقص السيرة يقـوم بدور أشبه بدور الممثل، حيث يؤدي حركـات الأبطال، ويلون صوته حسب المواقف والإنفعالات، فلحظات الحرب يختلف فيها الصوت عن لحظات الحب وصوت أحد أفراد العدو يختلف عن صوت البطل العربي وكلما إزدادت قدرة الممثل على التمثيل إزداد معجبـوه أو العكس، وكثيرا مـا كان أسلوب السيرة معتمـدا على الحوار.
لهذا كـان هذا العصر هـو عصر السيرة، لأن العرب عاشوا على أمل الخلاص بالفرد البطل، فالسيرة إنعكاس لأحلامهم حول بطلهـم، وهي تمثل حاجتهم إلى هـذا الفن. 
وبذلك يكون المسرح قد سـار في غدره الطبيعي في المجتمع العربي، فظهرت السيـرة أولا كبديل للملحمة، ومن خـلال رواية السيرة وتقدمهـا في شكل تمثيلي برز فن التمثيل، وكان هناك تمهيد لميلاد مسرح عربي.
                                                   * * *
إن هذه الحقائق التي تؤكـد في عمقهـا على أن العالم العربي ـ وفي غياب الفصل المسرحي ـ عرف بعض الأشكـال المسرحية المرتبطة بالسيرة، والحكايـة والأسطـورة والألعاب الإحتفاليـة الأخرى، والتي أفرزت فنونـا هي أشبه ما تكون بفنون التمثيل? إن هـذه الحقائق لم  تمنـع الشعب العربي في المشرق والمغرب عبر فنونـه وتقاليده، وآدابه من إلتقائـه بما حملته الحضارات الواردة عليه من آسيا، وأوربا وإفريقيـة، فقدس الشعر والأهازيج، ومزج الحكايـة والأمثولة بالرقص، وربط التقاليد الإجتماعية المتوارثة بالغنـاء، وأصبح الإحتفال عنده يرتبط بالكيـان القومي وبالمعتقد الديني.
وعليه، فيمكن إعتبار كل حركـات الرقص والإيماء، وأنواع الإحتفالات الإجتماعيـة والدينية والألعاب الموسمية والرياضية والمهرجانـات التقليدية للقبائل العربيـة وغيرها من تعابيـر الحضارة الشفويـة، أشكالا بدائيـة لفنون المسرح في صورته المعاصرة.
إن الرقص الجماعي، والغنـاء المتعدد الأصوات الرجالية والنسائيـة، وحلقات المداحين في الأسواق العربية، ومواكب الصوفية، والمواكب الدينية، إضافة إلى الألعاب، خيال الظل والحكواتي، وسلطان الطلبة، كلها أشكال لإحتفالات مسرحيـة في صورتها الحديثة، لا يمكـن نكران أهميتها، لأنها ترتبط أساسا بعلم عادات الشعـوب العربية، ولأنها تقـدم بديلا مباشـرا للعمل المسرحي قبل ظهـور هذا العمل بالوطـن العربي نهاية القرن الماضي.
لقد  كانت الساحـات العمومية والأسواق الكبرى في المـدن العربية «مسارح» للرواة وللمداحين الذيـن يجمعون حولهم في حلقات دائريـة عشرات المستمعين المتلهفيـن لسماع نوادر جحا، وملاحـم سيف ذي يزن، وبطولات عنتر بن شداد، وغراميات قيـس وليلى، وقصص ألف ليلة وليلة وغيرهـا من المواضيع التي تخلق أمام المشاهدين شخصيات عديدة غنيـة بالإبداع والإيثار.
وقـد كان هؤلاء الرواة والمداحـون والحكواتيون، يستخدمـون جميع الحيل الفنية، من إشـارة وتشويق لشد المشاهدين إليهم، ولأحداث إنسجام تام بين الملقي والمتلقي، في ذلك المسرح الدائـري، حيث يصبح التواصـل بين الجمهور والممثلين أكثـر أهمية من التواصل في المسارح المصنوعـة على الطريقة الإيطالية الحديثة (15). 
إلا أنه يجب الإعتراف في هـذا الموضوع أنه رغم الأهمية القصوى التي تحتلها هذه الفنون ـ  إما قبل  المسرحيةـ في الحياة الشعبية العربية، سواء مـا يتصل منها «بالإحتفالية الشعبية» أو«الإحتفالية الشعبية العربية»، فإنهـا لم تستطع أن تخلق لنا أدبـا مسرحيـا يمكن الإعتماد عليه في أي دراسـة منهجيـة أو تاريخية، إذ كانت هـذه الفنون جميعا، فنونا إرتجالية لا اثر فيهـا للنص ولا تقوم على التدوين، مثلهـا مثل باقي الفنون الشعبية الأخرى، معتمـدة على الحركة والإيماء فقط، ومن ثمـة لا يمكن إعتبارهـا «مسرحـا» بالمعنى العلمي للكلمة،على الرغم من أنها تشكل قاعـدة هامة لأعمال مسرحيـة مستقلة في الوطـن العربي.
من هـذه الزاوية نجد أنفسنـا أمام حقيقـة ثابتة، وهي: أن ما يمكن أن نصطلح عليه بـ « الأدب المسرحي» لم يتوفـر للحياة الثقافيـة العربية، إلا بعـد ظهور«النص المسرحي» بالمفهوم اللغوي المتعارف عليه.
ومن الناحيـة التاريخية، فإن ظهور هـذا النوع من الأدب إقترن بظهـور الكوميدايا التي إقتبسهـا مارون الناقش من أكثـر المسرحيـات العالمية شعبية وهي بخيل موليير سنة 1948، حيث كانت الإنطلاقـة الإنجابية للمسرح العربي (16) في عصرنـا الحاضر.
ومن خـلال مسيرة هـذه الحركـة التي إنطبعت بصماتها قوية على الفكر العربي المعاصـر، إكتسب الأدب العربي أعلامـا وروادا مبدعيـن في الكتابة المسرحيـة النثريـة والشعرية إلى جانب إكتسابه لعدد من المخرجين والتقنيين والممثليـن، الشيء الذي أعطـى لحركة المسرح عموما، مركزا هامـا في الحياة الفكريـة العربية المعاصرة.
وإذا ما أردنا أن نتعرف على السمات الأساسية التي تطبـع هـذه الحركة حتى نضعها في إطارهـا التاريخي والفكـري، ونتعرف على واقعها الأدبي والفني فسنجـد أنفسنـا أمـام جملة من الحقائق الهامة (17).
1 ـ بإعتبار أن التأليف المسرحي عمل صعب، يفوق بصعوبته بقيـة أنواع التأليف الأدبي والعلمي، إذ يتطلب قدرة فائقـة ومواهب نادرة، وخصائص ذهنيـة معينة، فقد أثبتت التجـارب أن مؤلفي المسرحيـات العرب، ما زالت تنقصهم على أنساب متفاوتـة هذه المؤهلات، ممـا جعل المسرح العربي في حالـة طويلة من التلمس والمحاولات، والإنتظار والنزوع نحو التأمل (18).
2 ـ إن المسرح العربي بكل عطاءاتـه ومكتسباته الأدبية والفنية، هو مسرح أمـة تنتمي للعالم الثالث، يناضل بشتى الوسائل من أجل تحريره، وتجذيره في الطموحـات والتقاليـد الشعبية العربية، وتأصيلـه في الموروث الأدبي للأمـة العربية.  
3 ـ إن هـذا المسرح يتطلع بوجه عام، إلى تحديد موقع العالم العربي ينشـد العدل، والحرية، وكرامـة الإنسان، ويؤكد على ذلك من خلال صيغ فكرية، وفلسفية وسياسيـة مختلفة.
4 ـ ولأن هـذا المسرح ينبع من مجتمـع محكوم عليه بالتخلف، فإنه ينطلـق عنـد العديد من رواده من النقـد الذاتي، لينشد واقعا أفضل وأحسن. 
5 ـ إن هـذا المسرح وفي حدود إمكاناته الفكرية، يتميز برغبـة أكيدة وحارة في تحديد ماهيـة وجوده، بإستلهام التراث التاريخي، والحضـاري والشعبي للأمة العربية، ولإستنباط صورة مشرقة للشخصيـة الوطنية والعلاقات العربية الحضارية.
6 ـ ومن خلال الممارسـة الفعلية للعمل التراثي في المسرح العربي إزدادت عـلاقة هذا المسرح عمقـا بالفكر العربي، ذلك لأن علاقته بالتراث، كانت وما تزال علاقـة إستلهام وإيجـاد الخـط الرابط بين الماضي والحاضر والمستقبل. 
7 ـ وإن المسرح العربي، وهو يمثـل وحدة عضويـة، كانت وما زالت رؤاه موجـودة للإنسان العربي في المشرق والمغرب، بإعتبار أن هـذه الرقعـة من العالم يتواجـد عليها تاريخ وحضـارة، لا يمكن إنفصامهـا أو تجزي، رؤاهـا. 
8 ـ إن رجـال المسرح في الوطن الربي كانوا أو ما زالوا ينظرون إلى علاقـة المسرح بالسلطة بالكثير من الحذر، ذلك لأنهم كطليعـة واعية وملتزمة يقفون في مواجهـة الظلم، والإستبداد في شتى أنواعه وأشكاله، وفي مختلف النقط الجغرافية المتصلة بالعالم العربي. 
وأعتقد أن هـذه السمات وغيرها، جعلت حركة المسرح العربي، تفـوق خلال هـذا القرن من الزمن أي حركـة فنية أو أدبيـة أخرى، لا من حيث إستيعابهـا للجماهير الواسعة، بل من حيث طروحاتهـا الثقافية + الإجتماعية + السياسية كذلك، إلا أن هـذا الإستيعاب من جهـة ثانية لم يكن مرجعه أصالـة الشخصيـة المسرحية العربية، بقدر ما كـان مرجعه، إرتباط الإنسان العربي بالفرجـة والإحتفال.
 
(1)  محمد مندور، فنون الأدب العربي صفحة 17.
(2)  فصل من كتاب «المسرح العربي في ألف عام »، ترجمـة طارق عبد المجيد عمر، مجلة آفاق عربيـة (بغداد) السنة الخامسة عدد 4 ديسمبر 1979.
(3)  الإسلام والمسرح، ترجمة الدكتور رفيق العيان، دار الهلال، القاهرة.
(4)  سلسلة المكتبة الثقافيـة المصرية العامـة للكتاب( القاهرة) عرض عبد الحرمان شلش، مجلة الأقلام، (بغداد) ، العدد الخامس ، ابريل 1970.
(5) تـ أ بوتينيو فا، تساؤلات حول نشـأة المسرح العربي ، مجلة آفاق عربية، (بغداد) السنة الخامسة، عدد 4 ديسمبر 1979.
(6)  المرجع السابق
(7) الدكتور الحجاجي:  العرب وفن المسرح الهيئة المصرية للكتاب، القاهـرة. 
(Cool المرجـع السابق.
(9) مجلة آفاق عربية (عراقية) صور من التمثيل في الحضارة العربية من الجرح حتى المقامات ع2، س3، نوفمبر 1977، ص 59.
(10) الدكتور محمد حسين الاعرجي في التمثيل عند العرب الموسوعة الصغيرة، (عراقية) العدد 28.
(11) المرجع السابق (عن مقدمـة في دراسة المسرح العربي للدكتور جميل نعيف)
(12) المرجع السابق
(13) المرجع السابق
(14) لسان العرب.
(15) عبد الله الستوكي، إلى أي يسير المسرح المغربي، مجلة اللواء (مغربية) العدد الأول 1679.
(16) راجع دراسة رشيد بنشنب  في أكسلوبيديا العروض المسرحية عن المسرح العربي ومعجم المسرحيات العربية والمصرية ليوسف اسعد (بغداد) 1978.
(17) فيمـا يخص تاريخ المسرح العربي ، يمكن مراجعة الكتاب القيم للدكتور محمد يوسف نجم (المسرحية في الأدب العربي الحديث)، دار الثقافـة بيوت، 1953.
(18) الدكتور إبراهيم كيلاني،  مجلة المعرفة، (سورية) عدد خاص بالمسرح.
------------------------------------
  المصدر : مجلة دعوة الحق - العدد227 
تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9