أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأربعاء، أبريل 20، 2016

مسرحية "لاكاسامار" تتوج بالجائزة الكبرى لمهرجان الداخلة للمسرح الحساني

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, أبريل 20, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

توجت مسرحية "لاكاسامار" لفرقة بروفا للفنون المشهدية، في حفل اختتام الدورة السابعة لمهرجان الداخلة للمسرح الحساني، ليلة السبت – الأحد، بالجائزة الكبرى للمهرجان، المنظم من 13 إلى 16 أبريل الجاري، تحت شعار "المسرح الحساني ودسترة الحسانية". 
كما توجت عن نفس المسرحية بجائزة أحسن ممثلة ، الفنانة علية الطوير ، فيما آلت جائزة أحسن ممثل للفنان بابا حمزة، في مسرحية "ماسمعني الفالي" لفرقة الحبشي، أما المؤلف عمر ميارا فنال جائزة أحسن نص في مسرحية "ماسمعني الفالي".
وعادت جائزة أحسن إخراج، إلى المخرج محمد علي يحيى في مسرحية "بقايا زمن" لجمعية سيدات الصحراء، وجائزة لجنة التحكيم لمسرحية "ماسمعني الفالي" لفرقة الحبشي.
وأكدت لجنة التحكيم، التي ترأسها الحسين الشعبي أن هناك حاجة قصوى إلى تأمين استمرارية هذا المهرجان باعتباره فضاء ثقافيا نوعيا يسهم في خدمة الثقافة الحسانية من جهة وتأكيد عمقها الرمزي وغناها الإنساني من جهة أخرى ، كما يسهم في خدمة المسرح المغربي بتوسيع وتنويع وتجويد آفاقه وممكناته.
ودعت اللجنة إلى الحرص على تنظيم ورشات تكوينية في كل مجالات الصناعة الثقافية المسرحية لفائدة الجمعيات المحلية في الجهة، والعمل على دعم الكتابة المسرحية باللغة الحسانية مع دعم البرامج والمشاريع الرامية إلى توظيف التراث الحساني في الكتابة والإبداع المسرحي.
كما دعت إلى دعم مشاريع تبادل الخبرات والتجارب المسرحية لتمكين الجمعيات من الاستفادة من حساسيات إخراجية ورؤى فنية من داخل الوطن وخارجه، وتنويع برنامج المهرجان عن طريق تطوير وتوسيع مجال الندوات والورشات التكوينية في قادم الدورات.
وتميزت الدورة السابعة للمهرجان، الذي تنظمه جمعية أنفاس للمسرح والثقافة، بشراكة مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الداخلة أوسرد، ومجموعة فوسبوكراع، ووكالة الجنوب، وبدعم من وزارة الثقافة، ومؤسسة المسرح الوطني محمد الخامس، ومجلس الجهة، والمجلس الجماعي للداخلة، والمجلس الإقليمي لأوسرد،، بالانفتاح على القطر الموريتاني من خلال مشاركة مركز الدراسات الصحراوية "بأطر" وجمعية المسرحيين الموريتانيين، وثلة من الصحفيين والإعلاميين.
كما تميزت هذه الدورة بالعمل المشترك مع المركز الدولي للفرجة بطنجة ، والعمل المسرحي لجمعية القنطرة بطنجة، مما عكس قدرة المهرجان على تطبيق المبادئ المشتركة في الوحدة الوطنية والتلاقح الثقافي بين الشمال والجنوب.

----------------------------------------------
المصدر : كفى بريس ( و م ع)

تابع القراءة→

التكفير الديني وهاملت / نعيم عبد مهلهل

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, أبريل 20, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

كان هاملت الذي صنعهُ شكسبير مدفوعاً بعقدة الانتماء إلى الأمومة ، ولهذا كان يصدر الهذيان اكثر مما يصدر من قول العقل . وهو إنسان مضطرب أراد فيه الكاتب أن يرينا مرحلة متقدمة من نمط حياة لم يتم تناوله قبل في الفكر الغربي ، فقد كانت فنتازيا الروحانيات وهيمنة الفلسفة المثالية والموعظة الدينية تسيطر على ثقافة تلك العهود منذ أبي قراط وحتى جملة هاملت الشهيرة : أكون أو لا أكون ، تلك هي المعضلة.
لم يطور أحدهم في ثقافة الخطاب المسرحي ، والذي هو خطاب الحياة بعد شكسبير إلا في بدايات القرن العشرين عندما اعترفت المذاهب الجديدة والعلوم النفسية الحديثة لفرويد وبياجيه ويونغ أن شكسبير كان يكتب في مرحلة ذهنية استشرافية لمتحولات العصور القادمة ، وتم تفسير إرهاصات هاملت وعذاباته بأنها إرهاص الأزل في جانبه الأسري ..مثلما فسرت ملحمة جلجامش بأنها بقيت تمثل والى اليوم في رغبة الإنسان لنيل الخلود والعمر الدائم ، ومن آثارها قيام بعض أساطين المال في اليابان بوضعهم في مجمدات ثلجية بعد موتهم كي لا تتفسخ أجسادهم في أمل بأنه ذات يوم سيكتشف الإنسان ذلك الشراب السحري الذي يديم العمر والذي بحث عن جلجامش ووجده ولكنه فقده في قيلولة.
هذا الهذيان الحكيم الذي أبتكره شكسبير نشأ من خلال القلق والصراع الذي شمل الكثير من مسرحياته كما في الملك لير وماكبث وعطيل مثل التحول في منظور الرؤية إلى الواقع الاجتماعي بذكاء متفرد خلصهُ من رقابة الكنيسة ومحاكم التفتيش ، حتى أن أحدهم قال : لو أن غاليلو غلف طروحاته حول الأرض ودورانها في مسرحيات كما فعل شكسبير لتخلص من عقاب الكنيسة ومحاكم التفتيش.
أعتقد أن الباطن للكاتب الإنكليزي كان لا يحيا في الزمن المعاش ، كان يقرأ في ذاكرة التاريخ بشكل استشراقي ويضع نفسه في موقع المغير لثقافة الذات من خلال الذهاب إلى الثقافة الأبعد ومنها الثقافة الشرقية ، حتى أن البعض بسبب ما كان ويعتقد من أن الثقافة الأوربية الحديثة هي وريث لما نقله العرب لأوربا عن طريق بغداد والأندلس وابن رشد والرحالة الأوربيون والمستشرقين والسفراء العرب في الدواوين الأوربية ومنهم ابن خليكان. حتى أعتقد البعض بأن شكسبير ليس سوى رجل مغربي يدعى ( شيخ زبير ).
بالرغم من استحالة تصديق وحقيقة هذا المعتقد لكننا نضع فقط آلية للتفكير الشكسبيري كما في شخصية هاملت المصنوعة من رد الفعل والمفاجأة والاصطدام بالمشهد الجديد الذي صنعه خيانة الأم والذي اعتبر بأن الشهوة قد تقود المرأة لتنسى أمومتها وهو ما عده شكسبير موتاً للكثير مما يعتقده مقدساً حتى في ما يهم بناء الدولة التي كان فيها هو أميرا . ولكنه أمير يتعذب.
أنا هنا أشتغل على خطاب هاملت في مقاربة روحية مع خطاب آخر لرجل ظهر في التلفاز وادعى انه أمير من جماعة القاعدة والجهاد في المغرب العربي.
كان الرجل وسيماً ، لكن في باطن الجفن قسوة مفتعله وغضب يبررها رعشة يديه وهو يقرا خطاب الوعيد للأنظمة المغاربية ويقول بأن عقابهم وعقاب الله آت إليهم بواسطة مجاهدين لا يعرفون سوى ما ينطق به الله والبندقية ومفتاح التفجير.
احتفظت بصورة هذا الشاب ( المغربي ) وبذهنية التصور الباطني اكتشفت مقدار القلق الذاتي الذي كان يعيشه في حياته جراء مفارقات الوضع الاجتماعي في بلاده مثل البطالة والجوع والتسول والمخدرات وأشياء آخر لم تزل معالجاتها بعيدة من قبل الدولة لأسباب تعود إلى البيروقراطية وقلة الموارد والفساد الإداري والاستئثار والخطاب السياسي القائم على خداع العامة في الأمل الموعود. وحتماً نتاج هكذا أوضاع يأتي القلق الشاذ لمثل هذا الشاب الوسيم ليصبح مشروعا هائلاً للتطرف والقتل بما يعتقده انه صناعة لدولة الخلافة ، وحتما هو وغيره ممن يعتقدون بأن العالم لم يعد يستحق سوى هكذا نوع من العقاب ، ولكنه عندما يختلي مع نفسه سيخضع لذات الصراع والقلق الذي عاشه هاملت عندما فكر في اختيار لحظة ومكان الانتقام.
هكذا قلق عند الشاب المغربي أو هاملت يفسرهُ العلم النفسي الحديث بأنه نتاج للمتغير الحضاري السريع والهائل والذي لم يترك مساحة للتفكير والتأمل والمفاضلة . لقد هبت دبابات العولمة مرة واحدة على الشرق لتكتسح كابول وبغداد ومعها أتت متغيرات التقنية والفضائيات واباحة المشهد حتى في نشرات الأخبار ،فكان رد الفعل السريع ليس ما حدث في البرجين بمنهاتن ، بل في انشطار هذا الرد إلى خلايا جهادية من فرط غضبها وغيضها تذبح وتقتل حتى الأطفال والدمى. فتحول الصراع الفردي عند هاملت بالرغم من اختلاف الدافع إلى صراع عام ، صراع صدام حضاري كلف الشرق وخصوصاً ( العراق ، أفغانستان ، الجزائر ، الصومال ) الكثير من الضحايا الأبرياء ، وقاد ذات القلق الروحي والتاريخي عند البعض إلى استفحال صراع جديد كما في العراق هو الصراع المذهبي والطائفي والذي كاد يدمر كيان الدولة العراقية في عام 2006 بعد تفجير مرقد الأماميين علي الهادي والحسن العسكري ( عليهما السلام ) في مدينة ( سرى من رأى ).وفي ذات الوقت كلف مصدر العولمة أمريكا الكثير من الضحايا ، ولكنها لا تقارن بالعدد والمعنى بضحايا تلك الدول التي كانت المصد الأول لانتشار هذه الظاهرة وبعضها كان بؤرة لنمو مثل هكذا جماعات.
هاتان الصورتان قد يعتقد البعض أن في الجمع بينهما مفارقة وربما هي غير حقيقية ، لكن القراءة النفسية للشخصيتين تضعنا في المنظور ذاته ، فجميع ردود الأفعال الكبيرة تأتى من القلق الروحي الكبير ، وهو وحده قادر ليدفع البعض إلى القيام بالممارسات الخارجة عن تفكير العاقل كتفجير الجسد في حزام ناسف.
لم يكن هاملت انتحارياً حين قرر الانتقام ولكنه كان وليد بداية انفلات الذات جراء الألم المصنوع من تصرف القريب والحبيب ،وربما هذا ينطبق على الشاب المغربي وغيره من الشباب الذين يدفعهم هاجس حب الدين  والقومية لينتخوا ويعبروا الحدود بخلسة وينظموا إلى دولة الزرقاوي أو أبو قتامة المصري ، أو ابي بكر البغدادي أو أي مخدرٌ بالخشخاش وحبوب الكبسلة الذي فضل لقاء نبيه بعد ركعتي صلاة ، ومن ثم تفجير نفسه في سوق شعبي.
أن المشهدين رؤيا لواقع حضاري لا يغيرهُ سوى العقل المقاوم والعلمي. وهذا صعب صناعته في ظل متغيرات القلق الروحي في الذات المستلبة بسبب الضغط الإعلامي والنفسي للكرة الهائلة (العولمة )التي تمشي كما جيوش الإسكندر وتسحق كل شيء ، استقلالنا وخواطرنا وبدائيتنا وفطرتنا وشرابي الماء التي تعودت أن تسقي ظمأ فقراءنا في قيظ الصيف.
واقع لا نسيطر عليه بمليون مقال . بل إننا هنا رهن البداية الجديدة في نشوء رد الفعل المناسب ، وحتما هذا الرد لن يبني رؤاه على ذات الانفعالات النفسية التي عاشها هاملت .
فعلى المقاوم أن يسيطر على قلقه قبل أن يبدأ خطوة البحث عن افضل الطرق لأبعاد سُرف الدبابات عن أتلاف اسيجة الحدائق في بلاده.
تابع القراءة→

الثلاثاء، أبريل 19، 2016

عرض مسرحية " الصفحة الأخيرة " على مسرح الرافدين

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 19, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

   بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح .. قدم تجمع الفرق المسرحية الأهلية يوم الإثنين 18نيسان على مسرح الرافدين مسرحية «الصفحة الأخيرة « من إعداد وإخراج د. صبحي الخزعلي وتمثيل خالدة عودة وعدنان شلاش وزهير البياتي. تتمحور المسرحية حول تاريخ العراق الدامي من خلال الحروب التي عانى الوطن والمواطن منها، ذلك المواطن الذي لا ناقة له فيها ولا جمل وتمر المسرحية على الوضع الراهن لتناقش الأزمات التي يعاني منها شعبنا بما في ذلك القتل المجاني الذي سقط فيه عدد كبير من الشهداء ..وتتوقف المسرحية عند مجزرة سبايكر الشهيرة الذي راح ضحيتها المئات من الشباب..وتغلف كل هذه الأحداث بالصراع الطائفي الأعمى الذي يحرق الأخضر واليابس .

وجدير بالذكر فالمسرحية سبق وأن قدمت على  قاعة منتدى بيتنا في بغداد والمسرحية معدة  عن مسرحية (ثورة الموتى) لاروين شو، وحسب المعد المخرج فان ثيمة المسرحية هي دعوة لتتوقف الحروب من اجل الانسان والانسانية وتتحدث عن اثنين من العسكر في خلفيات الجبهة ضد الارهاب يعثرون على جثة مجهولة ويحافظون عليها في موضعهم، لغة المسرحية كانت بسيطة لانها من صلب الواقع وهموم المواطن وحال العراقيين اليوم، ورغم سطوة الحوار على طول مدة عرض المسرحية فان مجسديها نجحوا في ترويض حدة هذا الحوار ورتابته من خلال (قفشات) واخزة ناقدة للواقع بكل تفاصيله رغم ان المباشرة كانت تطل على المشاهد بين فترة واخرى، الكوميديا والاغاني الخفيفة للفنان عدنان شلاش نجحت في تفاعل جمهور العرض ومجسديه، ساعد في ذلك ان العرض انحصر في بقعة صغيرة وشكل مع الجمهور دائرة ضيقة تناثر الحوار فيها ووصل الى الاسماع بسلاسة ولم يجهد الممثلين في سرد حواراتهم، ولكسر الجمود وسطوة الحواراستعان المخرج بالعرض السينمي لاحداث واقعية تجسد جرائم الارهاب في مجزرة سبايكر المأساوية، كذلك زرع باحة العرض بمفردات الديكور البسيطة والتي كسرت رتابة المكان.
شخوص المسرحية كانت واضحة، مقروءة ببساطة، اثنان من العسكر احدهما يحمل رتبة صغيرة (نائب ضابط او رئيس عرفاء) والآخر جندي مكلف عاطل عن العمل رغم بحثه المتواصل عنه، الاثنان يتحركان بخط واحد وكأنهما انشطرا من شخصية واحدة، اما الجثة التي دبت الحياة فيها لتعلن عن شاعر مكلوم بفقدان ولده في مجزرة سبايكر،لكن هذه الشخصية التي جسدها الفنان زهير البياتي ضاعت ملامحها بين الجد والهزل  رغم الجهد المبذول من الفنان البياتي في ايصال تفاصيلها الى المشاهد.
المخرج الخزعلي اعتذر قبل العرض وشكا المصاعب التي واجهته وهو يتبنى هذه المسرحية وحسب قناعته فان العرض كان سيكون اجمل لو عرض في مسرح اكبر، اضافة لاضطراره القيام بمهام متعددة كادارة المسرح والاضاءة والصوت مبررا ذلك بالامكانات المادية المحدودة، كذلك اشار المخرج الى غياب العنصر النسوي في المسرحية والسبب المطالب المالية التي طلبتها الفنانات اللائي فاتحنها للعمل في المسرحية.

-------------------------------------
المصدر : دائرة السينما والمسرح 

تابع القراءة→

التداول الفكري والجمالي للمشهد المسرحي / د. حسين التكمجي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 19, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يعد المشهد المسرحي بمثابة الوحدة الكبرى في خضم التركيب الكلي للعرض المسرحي، بوصفه وحدة شاملة تنطوي على العناصر السمعية والبصرية والحركية . وإذا كان المشهد يتحدد بتغير المنظر،
أو بدخول شخصية أو خروجها كما هو الحال في المشهد الفرنسي، فأن المسرح المعاصر لا يلتزم بهذه القاعدة، وفقاً لحركة أنسقه العرض المتحولة علاماتياً ولصيغ التداول الإخراجي .
ولما كان المشهد عبارة عن بنية محبوكة ومتكاملة متعددة الوسائل والعناصر، فأن كل وسيلة أو عنصر هو بحد ذاته غني بالتحفيزات التفاضلية (differential )، ويشكل هذا الكم منطقة لعب حر للمخرج الحاذق أذا ما أحسن استخدامه .
نستدل على أن المساحة الزمنية لأي مشهد تنطوي على عدد من المحطات التي تعتبر ركائز أساسية لبلوغ ثيمة المشهد الدرامية أو الكوميدية .
ويرى (كليرمن) (أن قلب المسرح ليس موجوداً في واحد من أعضاءه على الرغم من أن بعض هذه الأعضاء قد يغذي الأعضاء الأخرى أو يزيد
من زخمها) . وهذا ما يذهب إليه الكثير من المنظرين (بوبوف في التكامل الفني، وعبد الفتاح رياض في التكوين التشكيلي) .
فالفن المسرحي فن جماعي وفق تفصيلاته من فريق العمل والمؤدون وصولاً للعناصر الداخلة في صلبه، لذا فأن وجهة النظر النقدية تفترض أن منظومة التعبير فيه هي منظومة الكل الذي يعبر عن وظائفية أجزاءه، بحسب (جيروم ستولنتز) .وأن من لا يعبر عن كل الجزئيات، لا يعبر عن شيء، فالدراما بوصفها وحدة فنية لا تنفصل عن هذا المفهوم بل تمثله أصدق تمثيل .
 ولعل بعض المخرجين قد ركزوا قدراتهم في واحد أو أثنين من عناصر العرض كما هو الحال في سيمياء المسرح والدراما، مما هيأ لظهور تيارات واتجاهات جديدة في المسرح، (كالمسرح الأسود والمسرح البيئي والمسرح المفتوح ومسرح الضوء والصوت والمسرح التشكيلي والمسرح الفقير والمسرح البيئي الخ) وغيرها من المسارح التجريبية التي تتغذى على أحادية أو ثنائية العناصر .
يقدم المشهد المسرحي ثلاثة أنواع من القيم، هما القيمة الجمالية، والقيمة الفكرية  
والقيمة الدرامية على مستوى التعاطف بمفهوم (التطهير)، فالتطهير قناة نهائية تتراكم ضمن سياقها العوامل التعاطفية بشكل منطقي في التراجيديا الإغريقية بوصفها أسباب . في حين تصب القيمة الفكرية والفلسفية الحسية في قناة الذائقة الجمالية، خصوصاً في المسرح الحديث والمعاصر عند المثالين الجدد أمثال
(كريج) ومن تبعوه كما يسميه (دولمان) (بالجذب الحسي الذي لم يحلم به الإغريق) . فالمسرح الحديث أستند إلى التقنية الجمالية كهدف لجعل المتصور أكثر وضوحاً وإقناعا وإثارة، كما أن الضرب على المستوى الجمالي من شأنه أن يحدث نوعا من التطهير يمكن أن نطلق عليه أن جاز لنا التعبير مفهوم (التطهير الجمالي) إذ غالباً ما يثير فينا التكوين الجمالي إحساسا بالانتماء والتبني للصورة الجمالية عبر التجرد عن كل العلاقات الحكمية والقيمية في تقويم التكوين المعروض .
وتأسيساً على ما سبق فالقاعدة الأساسية في مرحلة نشوء العرض تتمظهر في توزيع حيثيات الفكرة على المشاهد ابتداء من المشهد الاستهلالي وصولاً إلى المشهد النهائي . ولما كان المشهد ينطوي على وسائل عدة يحتفظ كل منها قدراً كبيرا من القيم، تتجلى مهمة المخرج بالاختيار الدقيق للعناصر المتسيدة، كما ينبغي أن يكون لكل مشهد عنصره المتسيد، وهكذا يسري الحال على المشاهد الأخرى، ليصبح العنصر (المتسيد) والمبرز هو العنصر الأهم في المشهد وفقاً للماهية التي ينطوي عليها المشهد .
وهو ما تناولته الدراسات السيميائية على مستوى التصدر ألعلامي والإبانة، إن الصيغ المتداولة في المسرح المعاصر عند الكثير من المخرجين، انعطفت نحو هذا المنعطف، فمنهم من سيد الشخصية (غروتوفسكي)، وآخر أتخذ من الحركة عنصرا فاعلاً في السيادة (بارو وششنر)، والبعض أهتم بالتكوينات المؤثرة في الميزان سين وفقا لتصورات خيالية بغية الإحالة الواقعية(بوبوف)، وينحو آخرين صوب المتغيرات السريعة لأنساق العرض الدلالية والعلاماتية والكودات والشفرات المتلاطمة في التكوين البصري(باربا وششنر وكانتور)، من المشاكل الناجمة في هذا الأسلوب اعتماد بعض المخرجين على منح عنصر السيادة المفرز قاسما مشتركا ًلكل المشاهد . قد يحقق تقدما في مشهد أو مشهدين فقط، إلا أنه لا يسري على العرض كله، أن العرض بهذه الصيغة سيميل إلى نوع من التراتب غير المتجانس، ناهيك عن فقدان عنصر التنويع (variety) الذي يسبب بدوره عنصر الملل . (أن المفاهيم والمكونات غير الثابتة والغامضة غير مقبولة في البناء المعرفي) بحسب المخرج (كونراد كارتر) .
المشهد المسرحي ما هو إلا وحدة متصلة بما قبلها وتهيئ لما بعدها وأن ما يبدأ في القاعدة ينتهي بالقمة وفقا للربط المحكم من الوحدات الصغرى وصولا للوحدات الكبرى . فالإيماءة والإشارة واللون والضوء والتشكيل الحركي قد تبدو ضمنية، ولكنها غاية في الأهمية على مستوى إيصال وتعزيز الرسالة ضمن البناء السمعي والبصري للإنشائية المشهد . ولعل هذا التزاحم (الديناميكي) المضطرد قد يبدو مبعثرا للوهلة الأولى في خضم تلك الرؤى والتصورات التي تختلج ذهن المخرج . إلا أن المهم في هذا هو ليس الكم المبعثر منها، بل المهم هو الكيفية التي يجانس بها المخرج تلك الرؤى في قالب خاضع للتخطيط المسبق، والذي يقودنا بالضرورة إلى تراتب الأحداث بشكل منطقي لضمان ديمومة
(منطقية الصراع) و(منطقية الحدث) المفعمة بالقيمة الفكرية والجمالية .
في المرحلة التأسيسية الأولى لنشوء المشهد هو تحديد الفعل العام للعرض والذي ينطوي على الفكرة والثيمة من كون جميع الأفعال تتراصف خلفه، يتبعه تحديد الصراع السلوكي للشخصيات بوصفه الدافع الأساسي للحركة العامة والوجه الأخر للصورة بتشكيل الميزان سينات تحت نظام الضبط والدقة الحركية. في حين يأخذ فعل المشهد (الحدث) المرحلة الثانوية، ثم تأتي الأفعال المتساوقة في البنية حسب الأهمية بوصفها المعنية بالإنشاء والتعزيز في المرحلة الثالثة من التراتب .
إلا أن العرض سيقلب هذه المعادلة ليكون التعاقب تراتتبي من الأصغر إلى الأكبر _ وبهذا يضع المخرج مفاتيح لعبته الإبداعية (أن الجزء العام لا يتم بحجمه الفعلي في المكان والزمان حسب، بل بإعادة تنظيمه حتى يتعرف عليه المتلقي بيسر بفضل وضعه الجديد) .
ولعل سمفونية العرض تحتوي بين الحين والأخر (ضربات) متعددة هنا وهناك لغرض التوكيد على فعل ما دون الأفعال الأخرى لأيقاظ ذاكرة المتلقي وإنعاشها، وبين الصورة البصرية والضربات السمعية تبدأ ذاكرة المتفرج بالإنشاء الذهني والدخول في لعبة العرض بفيض من الترقب والربط .
أن أي شرخ في نسق الأنبناء الآلي التداولي قد يقلب المعادلة، لارتباك الصورة في ذهن المتفرج من خلال زعزعة أيمانه بلا منطقية ما يقدم (وعندما يعجز المتلقي عن الاستجابة للمسرحية وأدراك مغزاها ومتابعتها باحترام، لن يكون في وسعك أن تفعل شيئاً) .
يطالعنا المسرح المعاصر بمرجعياته المستندة إلى فلسفة القرن العشرين (بادراك انتفاء المطلق ونسبية التجربة والانشغال الشديد بطبيعة اللغة وتراكيبها .... فقد وجد الفنانون أنفسهم في مأزق حقيقي، بين الاعتماد على تعقيدات اللغة وتراكيبها وبين الاستناد إلى نسبية المعنى والتجربة..وترى (نهاد صليحه) أن القرن العشرين لهذا السبب شهد كماً هائلاً من التجارب الأدبية والفنية لم يسبق لها مثيل .... ولكون المسرح انعكاسا لفلسفات الواقع فقد وقع الاختيار على الجانب البصري .فكانت الاستعارة المرئية والإحالة والإبانة والتأويل صفة ملازمة له، في حين كانت الإيماءة والإشارة والدلالة والرمز(symbol) والعلامة ظهيرة للمعنى. فأصبح التشكيل الحركي والجسدانية والطقسية والعودة إلى البدائية والأنماط الأصلية والأنثربولوجية هي أدواته لتبليغ رسالته الدرامية.
ومن البديهي أن يتحول العرض البصري إلى لغة مفهومه من الكلمات وفقا للعلاقات السببية، مما هيأ لأن يتحول الشكل إلى مضمون مفعم بالمعاني
الدلالية . فأصبح عمل المخرج أكثر تعقيدا من ذي قبل خصوصا بعد إقصاء دور المؤلف، كما أصبح الحذر هو الذي يسود أنتاج العلامة وأشتغالاتها صوب المتلقي، ومرد ذلك الحذر هو أن تأتي اختيارات وتفضيلات المخرج الأشارية والدلالية متشضية يصعب على المتلقي إدراكها وفك شفراتها بوصفها كودات(code) . ولكون العرض المسرحي سيال ومتجدد في كل لحضه، عندها ينبغي أن يكون التأويل مستوفي لشرائط الإدراك الحسي والذهني . فالتأويل...
(يبحث في رد الظواهر إلى دلالاتها ومعانيها، كما أننا من خلاله نتلمس ما نفعله ونرمز إليه، بوصفه مستوى أخر من مراحل ومستويات الفهم، فهو استشراف... للمعنى وليس تهشيم للصورة بل دائما هو إعادة بناء ...فهو إذن
(التأليف الثاني) أي أعادة إنتاج العمل المبدع) بحسب توكيدات (ف-ي- فاليزي) .
ويرى (هوكز) بأن التتابع المنطقي للأحداث هو لاستقصاء المعنى وملاحقته واكتشاف الخلاصة الكنفية المدججة بالتفاصيل التأويلية .ولما كانت صورة المشهد المعاصر تتأطر بتلك الكثافة الهائلة من العلاقات في الفراغ بشقيه ألزماني والمكاني، فأن عوامل الربط المحكم بين الشكل المنجز والبناء التأويلي، ينبغي أن يجد له مرتكزه الواقعي، الذي تحتمه خصوبة الرؤيا، فالمسرح يعتمد على الفعل المرتد (feedback) وبهذا يمكن اعتبار المسرح كما يرى (بارت) آلة سبرنتيكية (cybernetic) فأدوات الاستقبال الحسية لدى المتلقي تقوم على علاقة قوامها التحليل والتركيب وفقاً لآلية التوالد الدلالي وخصائص الإبانة(ostension) والتصدر ألعلامي، وأن أي اهتزاز في البناء المعرفي التأويلي أو عدم أدراك المعنى سيؤل إلى ذهاب جهود العاملين سدى .
وفقاً لما تقدم بما تنطوي علية صورة المشهد البصرية، يعني استنفار تدفق الأفعال واستمراريتها من كونه ذو مساس مباشر بالفكرة العامة المكونة من أجزاء تسعى في ديمومتها لأن تتوحد في مجرى الكل . (والكل نامياً أبداً متطوراً أبداً، فهو يزداد أتساعا ويزداد غزارة وحصيلة، وأن الشريحتين المتعاقبتين في الزمن وأن تساوتا رياضياً فلن تتساويا في كثافة الخبرة وغزارتها، لأن الشريحة التالية في التراتب لابد أن ترث حصيلة الشريحة السابقة ثم تضيف إليها ما قد استخدمته بفعل التطور والنمو). وبهذا الوصف تصبح القيمة الجمالية في المشهد المعاصر نتاج القيمتين التأويلية والفكرية .على الرغم من أن الذائقة الجمالية للمتلقي خاضعة إلى نسبية التجربة وإنتاج المعنى، فالجميل جميل لذاته، وأن عناصر الجمال بائنة في علاقة التفاضل بين إشتغالات العلامة(signs) والإشارة (system).لتعين قصدية (intentionality)المعنى.

------------------------------------------
المصدر : المثقف - العدد 1088 
تابع القراءة→

مشكلة عرض مسرحية خدملك هل هي فتنة؟ الإضداد الجمالية في مسرح اللاتوقّع الحركي القصير / حسن النخيلة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 19, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


(مشكلة عرض) افتتاحية يُعلنُ عنها المخرج (د. ماهر الكتيباني ) في تقديمه لعمله الجديد (خدملك) تأليفاً وإخراجاً ، هذه الإشارة التي يقدمها المخرج في عتبة عمله الأولى ، كما جاءت في فولدر العمل الذي صممه الفنان التشكيلي (وصفي الفضلي) تمثل تأسيساً أولياً يستثير منطلقاً لفكرة (الأضداد) وهي تسجل أولى الإشارات الميتامسرحية لمشكلة تتصل بالفن ذاته وهو لا يتمكن من تقديم نفسه ، والإشكالية تدخل في إطار فلسفي عميق تتجذر امتداداته في معطيات الكينونة الملغاة ، والذات المتلاشية كما يفجرها الواقع الراهن ، ومن ثم تبرز إشكالية الفن في محاولته أن يقدم عرضاً اشكالياً يجعل من المحاولة أقصى حدود التقديم ، ومن خارطة اللاممكن ديمومة تعيد للواقع تمرده وعصيانه على التوصيف والتحديد على وفق هذا التصور تبنى المعطيات الفلسفية والفنية لمسرح اللاتوقع الحركي القصير ضمن جملة من الأضداد الجمالية التي يمكن تشخيصها بالاتي :

اولاً- الحضور بوصفه انعتاقاً والغياب بوصفه انغلاقاً

يبني المخرج ( د. ماهر الكتيباني) العلاقات البصرية في عرضه المسرحي على وفق تصورات تنهض بفكرته الرئيسة (اللا احد) وهو بهذا التصور يُعلنُ سلفاً عن مغامرة عرض يخلو من الذات .من هنا تبرز الأضداد الجمالية في محاولات الانبعاث المقموع للذات الغائبة التي تترجم انفعالاتها حركة الأفعال المحتدمة ضمن سيرورة لا تكف عن البوح بمشكلة الغياب .إن الحضور لا يتأتى إلا بوصفه مادة هلامية اشد ما يعبر عنها الديناميكية التي تسعى دون جدوى إلى بلوغ التكون الذاتي الممتنع .هذا ما يجعل كل حركة بمثابة التعبير عن حياة منتفية ، ومضاعفة للضياع ، وهيمنة للغياب ، فالحركة على وفق ذلك تسعى لكي تقدم تصوراً للأزمة التي تُعنى بموضوع الانغلاق الذاتي ، لا الإنعتاق كما تترجمه مرونتها ، وجمالها ، وخفتها ، فكل حضور واهم هو تصديرٌ لغيابٍ فعلي ، لأنه حضور خادع مشوه ، لا يفضي الا إلى مضاعفة تفتيت الذات ، وإلغاء أي اثرٍ من شأنه التدليل عليها .

ثانياً- الحركة ومضاعفة الفراغ :

تُعدُّ الحركة المرتكز الأساسي الذي يُبنى عليه قوام مسرح اللاتوقع الحركي القصير إذ يجتهد الدكتور (ماهر الكتيباني) في دفع هذه الحركة في فضاء المسرح ضمن خطوط لا تلتقي لتؤسس إلى منعطف جدلي يذر الأفكار دون مناقشتها، فيسمح بحركة لا تتوقف ولا تحسم ، وأفكار تتقاذف في اتجاهات شتى تستثير عمقاً تأويلياً يستدعي مجهوداً كبيراً في متابعة عملية التأويل السريعة المتوالدة .ترتبط اشكالية الحركة في تأسيها الجمالي بقيمتها الفلسفية ، فهي حركة فلسفة تبنى وتصاغ ضمن الإطار الفلسفي الذي يتبناه مسرح اللاتوقع الحركي القصير ، ولذلك تشكل في طابعها ما يتغاير وأنماط الحركة المعتادة على المسرح ، تلك الحركة التي تنبع من صميم الشخصية وإرادتها ورغباتها وطبيعة إبعادها البيولوجية او السيكولوجية او السوسيولوجية ، إن الشخصية في مسرح اللاتوقع لا تعمل ضمن هذه الضوابط لأنها أداة فلسفية أكثر منها شخصية ، ولذلك لا يتضح عليها مشاعر وأحاسيس ولا حتى معاناة ، إنها مرنة تكتسح وتحاور كثيراً ، وتتقافز ، وتتمايل وتتقاطع ، وتتصارع ، ولكنها لا تنفعل ، ولا تواجه ، لأنها محض أفكار ، ولأنها بحسب طرح النص ( لا احد ) لا كينونة ، لا وجود.

هنا تتبين الإشكالية في التناقض بين الحركة التي تسعى ان تكون وجوداً وامتلاءاً والتفاقم في الفراغ واتساعه ، بوصفه محصلة لها ، فينفي ذلك معطى الوجود ومعطى الامتلاء ، ويصبح الفراغ نتيجة ، فاذا ما كانت الحركة الدائبة بمثابة البحث عن الوجود ، فان ما تعمل عليه هو تضاد مع ذاتها ، في مغادرتها السريعة لكل اثر من شأنه ان يدلل عليها. من هنا فان النشاط الحركي المتواتر لا يعني ملمحاً ايجابياً يبرهن على طاقة الوصول إلى الهدف ، بل هو تسارع صوب الحسم والنهاية.

الفعل المُقتطَع وجدلية التوقع واللاتوقع :

يقدم المخرج (د. ماهر الكتيباني) إشكالية أخرى على مستوى عرض (خدملك) تُستنهضُ على مستوى إنتاج شخصياته في مستواها النصي والبصري ، اذ يتكشف عبر علاقات الشخصيات ، وتفاعلها ، بروز أفعال مقتطعة ، أو مبتورة بشكل مستمر ، وهي مسألة تُطرح برؤية جمالية تفضي إلى تأكيد (المؤلف المخرج) على فكرة (اللا احد) التي تُعلنُ عن ترسيخ الإحساس الكبير بالخواء والعدم ، إذ أن البناء يقودُ بالضرورة إلى التشخيص والتحديد وإبراز الملمح ، غير ان اللاوجود – كما يتبناه المخرج- يعمل ضمن زاوية تعمل على الضد من ذلك ، فيستثمر بذلك مقدرته الإخراجية في خلق متواليات مهشمة لا يكتمل بنائها أبداً ، فكلما همت الشخصيات في فعل جديد يتبنى خلق صورة ذات دلالة فكرية ما ، سرعان ما يقتطع هذا الفعل ويبُنى فعل اخر على الشاكلة نفسها ، ويستمر دوران الأفعال على وفق هذا المنطلق ، وهذا ما يجعل التوقع واللاتوقع في صراع دائم ، التوقع وهو يرتهن في انطلاقة الفعل التي توحي لأول وهلة بالتوجه إلى الاكتمال وتحقيق المعنى ، واللاتوقع الذي يكون نتاجاً لخرق هذا التوقع عبر اقتطاع الفعل قبل إن يفضي إلى البوح بمعناه .

 المرح المأساوي ومأساوية

المرح :

ثمة تواتر ما بين متضادين جماليين يطرحهما (د. ماهر) في تجربته الإخراجية هما المرح المأساوي ، ومأساوية المرح ، وهذا ما يمنح أسلوبه الإخراجي تميزاً وتفردا،ً إذ انه عبر حركة الممثلين المميزة ، وأدائهم المنسجم ، استطاع عبر اسلوبية الحركة أن يعلن عن روح المأساة وقتامة الموقف بجمال ، ورشاقة ، ولعب ، وبقفشات كوميدية تترجمها الشخصيات في تبادلها ضرب بعضها البعض بأداة قتل الذباب ، إنها اشارة كوميدية بامتياز تحمل دلالة مأساوية بامتياز ايضا ، انه لون كوميدي يرتسم في سلوك الشخصيات لكنه في عمقه يعبر عن عنف وعذاب مقموع لو تنصلت الشخصيات عن موقفها ، وافلتت زمام سيطرتها عليه لخرج على شكل نواح وعويل .إن سيطرة المخرج ومقدرته على تخريج المأساة بكرنفالية وفرح يترجمه مسرح اللاتوقع الحركي القصير في طبيعته الأسلوبية ، التي تُلفت النظر إلى إمكانات إعادة صيغ إنتاج الانفعالات الإنسانية ضمن تصور جديد يعتمد النقيض وينبذ المماثلة والتسطيح .هكذا كانت شخصيات الكتيباني تمرح حزناً وتحزن مرحاً ، وعلى وفق هذا التضاد الجمالي ، ارتسمت اشكالية العرض في هذه المفاصل المختلفة ، التي اختار لها المخرج هذا الواقع الإشكالي ، واستطاع أن يؤسس لثيماتها الفلسفية ، وان يمد الجسور المتلاحمة ما بين النظرية والتطبيق ، ليكون مسرح اللاتوقع الحركي القصير قادراً على تصدير ذاته فكراً واسلوباً ، ومنتجاً لممثلين كان بمستطاعهم ان ينهضوا بتلك المهمة ، فقد تميز الممثلون (مناف حسين ، ماهر منثر ، سجى ياسر) ، بمقدرتهم على ترجمة المفترقات الفلسفية لهذا المسرح ، وبقدرتهم على إشباع الطاقة الحركية الكبيرة التي تختصر في وقتها المختزل مسافات شاسعة من الأداء ، واستطاعوا أن يؤسسوا تناغماً ادائياً ، يُعلنُ عن استيعابهم للأسلوب الأدائي الجديد الذي يُبنى أدائيا بشكل كبير على قاعدة البناء والهدم ، مما يتطلب من الممثل امكانية التخلص المرن من الحالات الأدائية المختلفة التي يتوجب عليه مغادرتها بشكل سريع والانطلاق الى المغايرة البنائية بشكل مستمر.


------------------------------
المصدر : جريدة الزمان 
تابع القراءة→

الاثنين، أبريل 18، 2016

منتهى محمد رحيم رحلت على جناح الإبداع.. علامة مضيئة في سماء مسرح الطفل / صباح المندلاوي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

في السابع عشر من ايلول عام 1952 ابصرت النور في محلة البارودية ببغداد، ويقال انها سميت بالبارودية اثر تفجر كدس للعتاد فيها او لأن اغلب سكنتها ممن كانوا يعملون في مخازن العتاد والبارود في ايام الاحتلال العثماني.

وفي صباها وشباب تتأثر بأفكار شقيقتها الاكبر اليساري (طارق) الذي انتمى الى الحزب الشيوعي العراقي عام 1957.

شجعها الفنان الراحل نور الدين فارس وهو كان ممن يتردد على بيتهم ولكونه ابن خالة والدتها ومن حملة الافكار اليسارية والتقدمية على التوجه الى اكاديمية الفنون الجميلة وقسم المسرح بعد انهاء الدراسة الاعدادية وبالفعل اختارت المسرح في مطلع السبعينات من القرن الماضي.

عالم جديد وجميل.. ولابد من مواكبة كل ماله علاقة بسحر المسرح خلال سنوات دراستها تطالع الكثير من المسرحيات العالمية والمؤلفات التي لها علاقة بتاريخ المسرح والفنون .. الاجواء الطلابية شحذت بنفسها وما يميزها ايضاً اعتدادها وثقتها العالية بنفسها وبراءتها وطيبتها..

اتيحت لها الفرصة للمشاركة في مسرحية  (ثورة الزنج) للكاتب المسرحي والشاعر معين بسيسو والتي اخرجها الفنان الرائد المبدع سامي عبد الحميد ولصالح اكاديمية الفنون الجميلة.

واذ يحضر الفنان المبدع حمودي الحارثي لمشاهدة هذا العرض المسرحي، تدخل قبله بدون استئذان لما هي عليه من حسن وجمال… وليفكر جدياً في الاقتران بها.

والاجمل من ذلك ان يكون الاستاذ سامي عبد الحميد من ضمن من توجهوا مع الحارثي الى اهلها لاعمال مراسيم الخطوبة وبالتالي الزواج وتحديداً في الحادي والعشرين من كانوا الثاني عام 1983.

بعد تخرجها من اكاديمية الفنون الجميلة عام 1976 عملت في الفرقة القومية- وكمساعدة للمخرج.

ومع مرور الايام والاعوام تكتسب التجربة والخبرة وبما يؤهلها لخوض الاخراج تنذر نفسها لمسرح الاطفال ايمانا منها بان مثل هذا المسرح من الاهمية والضرورة ما يشكل قاعدة انطلاق نموذجية لبناء مجتمعات متحضرة.

كل ذلك وبأساليب جذابة وممتعة الاطفال يدركونها جيداً ويتفنون في تجلياتها.

اولى اعمالها في هذا الميدان، مسرحية (بدور البدور وحروف النور) للكاتب المصري رؤوف مسعد والتي قدمت في الثالث من نيسان عام 1979 من على مسرح الثورة الجوال ولمدة خمسة ايام وبحضور 1233 طفلاً وطفلة ومشاهدة.

ومرة اخرى قدمت المسرحية في مصيف صلاح الدين ولخمسة ايام اخر وقد شاهدها 1225 من الاطفال والمشاهدين وقد تمت المشاركة بها في مهرجان دولي للمسرح اقيم في ايبيا عام 1979 وكان حصادها من الاقبال والاستحسان الكثير.

التجربة الاخراجية التالية لها، مسرحية ( البنجرة الصغيرة) وهي من ترجمة واعداد الدكتور فائق الحكيم ولصالح الفرقة القومية للتمثيل وتحديداً في عام 1980 ومن على مسرح الرشيد المعروف بتقنياته الحديثة والمتطورة.

عام 1981 تخرج مسرحية (رحلة الصغيرة وسفرة المصير) التي اعدها الفنان الراحل قاسم محمد عن قصة قصيرة بعنوان (الامير السعيد) للكتاب الشهير سومر ست موم.

عام 1987 تولت اخراج مسرحية (مملكة النحل) لللأطفال وهي من تأليف الكاتب جبار صبري العطية بعدها خاضت تجربة اخراجية مسرحية جديدة تخص الكبار يوم تختار مسرحية (الاشواك) للكاتب المسرحي الراحل محيي الدين زنكنة وليأخذ طريقها الى مسرح الرشيد ولاحق المشاركة به في مهرجان المسرح العربي في بغداد حائزاً العديد من الجوائز وفي اختصاصات متنوعة.

وقد كتب عنها الناقد المسرحي ياسين النصير مقالاً بعنوان (مسرحية الاشواك وجمالية العرض والاداء) نقتبس بعضاً مما جاء فيه:

 (احدى مسرحيات الموسم المهمة على صعيد التأليف والاخراج والتمثيل والديكور والانارة ومما ساعد على نجاح العرض ان الاخرج الذي اعتمد على مبدأ الحركة بين الكشف والابهام ثم الانتقال بعد كشف الابهام الى ابهام اخر اعتمد محورية سياق الحكاية الداخلية وليس كما يريده الاخراج) تجدر الاشارة الى ان من لعبوا الادوار التمثيلية المهمة في هذه المسرحية هم: الفنان محمود ابو العباس، الفنانة القديرة ليلى محمد، الفنان رضا ذياب، الفنان سامي السراج، الفنان الراحل عبد الجبار كاظم.

وعن صمودها في ميدان المسرح، يكتب الناقد المسرحي حسب الله يحيى وفي كتابة المعنون (المسرح العراقي قضايا ومواقف، وقد صدر سلسلة الموسوعة الصغيرة عام 2002 قائلاً:

(وبقيت في الميدان فنانة دؤوبة هي منتهى محمد، جربت اخراج مسرحية (الاشواك) للكبار وخرجت من التجربة بنجاح دللت على قدرات نابهة، حيث راحت تواصل اهتمامها بمسرح الاطفال واخر عمل لها كان مسرحية (مملكة النحل) حيث حققت من خلاله نجاحا مطرداً) ص 110

في الفرقة القومية للتمثيل واجهتها الكثير من المتاعب والصعوبات فبعد ان التقت مع الناقد الراحل علي مزاحم عباس وثم الاتفاق على اعداد نص مسرحي اسمه (عيد سعيد) عن مسرحية للكاتب والشاعر ناظم حكمت يتم الاعداد باسماء الممثلين للعمل في هذه المسرحية تفاجأ ان عملاً أخراً وبعنوان – الملحمة الشعبية قد استحوذ على كل الممثلين في الفرقة وما عليها سوى الانتظار.تنتظر وحتى اسلال الستار على (الملحمة الشعبية) تقدم قائمة جديدة باسماء الممثلين وتفأجأ ان نصف كادر المسرحية سيسافر الى خارج العراق لتقديم مسرحية (المتنبي).

يطلبون منها تبديل طاقم العمل.. وتفعل ..

عندها يتضح لها ان بعض الممثلين على ارتباط باعمال اخرى..

لم يبق امامها الا ان تنتظر وحتى الموسم المسرحي الجديد بعد شهور عدة.

وهكذا الوقت يمضي.. وهي تراوح في مكانها.. بل الانكى من ذلك ان يقدم العمل نفسه في المحافظات ومن خلال مخرج أخر عنادها واصرارها يدفعها لتقديم نص مسرحي أخر بعنوان (اغنية على الممر) وهي من اعداد الاستاذ الراحل محمد مبارك يعد مضي فترة ليست بالقصيرة تفاجأت برفض النص وعدم ادراجه ضمن جدول الاعمال المسرحية التي تقدم في اطار الموسم المسرحي.

منغصات كثيرة.. وكوابح تحول دون تحقيق الحلم  البعيد القريب.ذات يوم تلتقي بالمؤلف الشاب عصام محمد وبعد الاطلاع على احد نصوصه المسرحية وهي كوميديا شعبية تستحسن ذلك  وتفكر في اخراج النص.. ولكن كالعادة.. ثمة اسلاك شائكة تحول دون الوصول الى ماترغب.. وليس هناك اقسى مما ان تبقى بلا عمل.. ومن لا يعمل يصدأ.تشعر بالحزن والاسى والامتعاض حينما يتناهى الى مسامعها ان دائرة السينما والمسرح بدلاً من ابقائها على التمويل المركزي تتحول الى التمويل الذاتي. وفي ذلك ضربة قاصمة لمسرح الطفل الذي يفترض تخصيص ميزانية طموحه  له لتنفيذ ما من شأنه النهوض بهذا المسرح ودوره التربوي والتعليمي والترفيهي. نالت شهادة الماجستير وفي اطروحة لها عن مسرح الاطفال.عام 1996 سافر زوجها الى اوربا، فترك فراغاً ملحوظاً ومرة اخرى يعود الى الوطن يغادر من جديد وليقيم في مغتربه (هولندا).عام 2002 تسافر الى سوريا.. وتمضي هناك اشهر عدة قبل ان تتجه الى مكان اقامتها الجديد (هولندا) تعاني من التكيف مع الاجواء الجديدة.كيف لها ان تمارس اختصاصها وهي التي لا تتقن اللغة الهولندية مروراً باختلاف مزاج الجمهور، فما نعاني منه في العراق من اثار جروب بشعة وحصار وجوع وقمع واضطهاد وخوف وتعصب تزمت وتخلف لا تجد له اثراً في الشارع الهولندي.. وبالتالي هل يمكن الانسلاخ عن واقعنا المؤلم والمرير والبحث عن موضوعات لا تمت بصلة بواقعنا وانما تكاد تكون غريبة.. ولسيت من صلب اولوياتنا وتطلعاتنا.

معاناتها وعذاباتها في الغربة.. تمهد الاصابة بمرض عضال لا ينفك ان ينهشها بعد كل علاج وشفاء رغم الرعاية الصحية العالية التي حظيت بها والتي تبعث على الامتنان من قبل ذويها وزوجها في الثاني من تموز عام 2015 نفجع برحيلها بعد صراع طويل مع المرض وفي مستشفى لايدن الهولندية ويأتي النبأ صاعقاً لمعارفها ومحبيها وذويها وزملائها.

توارى الثرى في مقبرة لاهاي وهكذا ترحل بعيداً عن الوطن الذي ظلت ترغب وتفكر تحلم بالعودة اليه رغم انتكاساتها الصحية بل وقبل ايام معدودات من توقف قلبها.. واملها في تقديم اعمال  مسرحية في العاصمة بغداد فاي طموح كان يتوقد في بغداد داخلها.. واي عشق يسكنها للمسرح ولجمهوره رغم ما اصابها؟

ترى هل كانت تريد ان تهزم المرض بالعطاء والابداع وسحرهما؟! ليس ذلك ببعيد

كانت بحق مثالاً للمرأة العراقية المخلصة والحريصة والمبدعة التي نفخر بها.

كنت بحق معطاءة وقوية تتحدى الصعاب وتنبض بحب الناس وسحر الحياة.

هو بعض الوفاء لما قدمت واعطيت.وعسى الا تمر الذكرى السنوية الاولى لرحيلك مرور الكرام دون استذكار او استحضار لما ابدعت وانجزت.وكم هو جميل لو اكتحلت عيون القراء بكتاب يضم بين دفتيه سيرة حياتها وابرز المحطات الفنية التي مررت بها، ومن يدري ربما ليكون مادة لفيلم سينمائي او تلفازي متميز عنك.هذا اذا ما تركنا جانباً، ان يتم اطلاق اسمك على احدى المهرجانات المسرحية للاطفال في عراقنا الحبيب ومتى ما كانت الفرصة ملائمة او مؤاتية لذلك.

--------------------------------------
المصدر : جريدة الزمان 
تابع القراءة→

نظرية التقديمي والتمثيلي في المسرح العالمي / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يعتبر المخرج الروسي (الكسندر باكشي ) أول من نادى بفكرة ومصطلح (التقديم)و(التمثيل ) في المسرح وذلك لغرض التمييز بين الأطارين الأساسين للفن المسرحي فكلا من المسرح التقديمي والتمثيلي يمثلان صورة من صور الحياة تعرض على خشبة المسرح
فالمسرح التقديمي يجد تعبيره في صيغ مسرحية , في حين المسرح التمثيلي يجد تعبيره في صيغ حياتية ,وقد تكون شخصيات وأفكار المسرح التمثيلي او قد تكون معاشة لكنها عندما تقدم على المسرح فتظهر بالشكل الايهامي الذي يدلل على انها صورا مأخوذة من الحياة ويمكن ان يقال ان المسرحيات اليونانية والرومانية القديمة ومسرحيات بريخت هي مسرحيات تقديمية .
وأن مسرحيات ابسن وجيكوف هي مسرحيات تمثيلية وتخلق المسرحيات التقديمية وحدة بين الممثل والمتفرج وبذلك يكون المخرج في المسرح التقديمي يعلم المتفرج بأن مايقدم على خشبة المسرح ليس الأ تقديما لصور من الحياة ويميل الى تقديم الاماكن والشخصيات مباشرة الى المتفرج أي انه يخلق علاقة مباشرة بين الممثل والمتفرج ويكون المنظر المسرحي (الديكور )مجرد خلفية جمالية او دلالالة لا أكثر
بينما المسرح التمثيلي يميل الى تمثيل الأماكن والشخصيات كأنها صور متقطعة من الحياة ويضع فاصلا بينهما عن طريق الجدار الرابع ويكون المنظر المسرحي (الديكور ) مكانا وبيئة للشخصيات .
تابع القراءة→

جماليات التشكيل فى سينوغرافيا لوهانجرين Lohengrin / د. راندا طه

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

عرض أوبرا "لوهنجرين Lohengrin " لفاجنر Wagner قصّةَ مَأْخُوذةُ عن الرومانسيةِ الألمانيةِ من القرون الوسطى،وتدور احداثها فى مكان باسم " أنتورب Antwerp "فى القرن العاشر الميلادى، ومستوحاه من قصه باسم" بارسيفال Parsifal "،و هى جزءُ من القصص التقليدى الألمانى عن فارسِ ِالبجعةَ. وأقيم العرض فى مهرجان "بيروث Bayreuth" عام 2000م.
يتكون العرض من ثلاث مشاهد ً،و قُدم العرض كمعالجة للأوبرا لمصمم المناظر " ستيفانوس لازاريديس " وهو مصمم مسرح يونانى صمم العديد من العروض المسرحية مثل "نابوكوNabucco " ،"كارمنCarmen " و "أورفيو ويوريديسOrphée et Eurydice وغيرها من العروض والعرض للمخرج" كيث وارنر Keith Warner"،وهو مخرج لعدد من العروض المسرحية كحلم ليلة صيف وTHE DAMNATION OF FAUSTوBILLY BUDD وغيرها من العروض المسرحية.

تدورأحداث لوهانجرين حول فارسِ الكأس المقدسِ الغامضِ "Lohengrin " وظهورُه المفاجئُ في آخر لحظة ، و إبْحاره أسفل نهرScheldt في مركب على شكل البجعة، وتبدأ القصة بإتهام الزا بقتل أخيها وانتظارها لمعجزة ظهور الفارس لكى تثبت براءتها، و يظهر الفارس المجهول فجأة على مركب فى النهر على شكل البجعة مع النداء الآخير له ، ويَهْبطُ من المركب و يُحيّي الملكَ ويَسْألُ "إلزا" أن يساعدها لاثبات براءتها بشرط ألا تسأله من هو أو من أين جاء وتوافق "إلزا"،ويثبت براءتها ويطلب يدها للزواج. و تخطط الساحرة "اورترود Ortrud" - وهى امرأه شريرة تزرع بذرة الشك فى قلب الزا- مع زوجها"تيلراموند لكى تسأل "الزا" الفارس الاسئلة المحرمة قبل دخول الكنيسة والزواج، و
تسأل" الزا "الفارس الاسئلة المحرمة ،و يهجم "تيلراموند"على الفارس لقتله فيقوم الفارس بدوره بقتله ويتجه بحزن ناحية عروسه ،ويكشف عن هويته الحقيقية امام الملك والزا ،ويخبرهم بأنه فارس الكأس المقدسة وأنه ابن الملك بارسيفال ،وأن الوقت قد حان لعودته وتظهر البجعه المركب ،وتتحول إلى جوتفريد أخو الزا والذى حولته أورترود الساحرة إلى بجعة ويعود الفارس لقلعته وتموت "إلزا" حزناً عليه.

التصميم السينوغرافى عبارة عن أرض مُقفَرّة وقاحلةُ بها اثنان من التلال الصغيرة ويمتلىء كُلّ منهما بجذوع شجرميت ، وبينهما منحدرِ ،بالإضافة لمنظر لقمر طبيعي وشوائب مظلمة، وسحب وتمثل الشجرة فى المشهد الأول المعادل الرمزى للموت والجدب ، ويَرتفعُ المنظرمِنْ الجوانبِ والأمام نحو منتصف الخشبة، وهو عبارة عن سلسلة مُترابَطة مِنْ العربات ، وفى المشهد الأول يظهر مكعب وراء المنظر ، ويرتفع لإعلى على خشبة المسرح كما يرتفع عند ظهور "لوهنجرين" المفاجىء ،وفى أسفل المشهد يوجد مكعب صغير لظهور البجعة الرمزية،وفى مشهد وصول الملك هنري بجيشِه السكسونيِ، ينحدر من أعلى جسر هائل معلق من أعلى ويغطى خشبة المسرح ويسير عليه صفان من الجنود.
قام "لازاريديس" بتصميم خشبة مربعة الشكل تتوسط الفراغ بين التلّين يُمْكِنُها الدُورَان والانحدار والصْعودُ والهبوط والاختفاء، ويرتفع لوهنجرين على منصة مكعبه الشكل لإعلى للدلالة على دوره فى العرض من مساندة لاظهار براءة الزا، ورغم ذلك فهو امان مؤقت معلق فى الهواء. واستخدم المكعب كمعادل تشكيلى للوهانجرين والزا كما رمز للأخ الصغير بمكعب صغير.
ويظهر الجسر فى المشهدين الأول والثانى ، وهوعلى شكل الشرفةِ من الأمام كما أضيف للجسر عدد من الامتدادات فى مشاهد المعارك، ، والجسر طويل مستطيل الشكل، ويسيطر على التصميم عدداً من الأشكال الهندسية من المربعاتِ والمكعّباتِ. 
فى مشهد زفاف "إلزا" وهو إحد اللحظات المؤثرة فى العرض تظهر المستويات الصغيرة لأعلى متخذه شكلاً صليبياً والتى تقف عليه "إلزا Elsa " والملك و" اورترود Ortrud" و"تيلراموند Telramund " و"لوهنجرين Lohengrin فى مواجهتها. 

ينحدر جسر متحركَ من خلف الخشبة ويتقابل مع إحدى المستويات الممتدة، كما يظهر جسر متحرك آخر يتصل بالمستويات الممتدة ويختفى بعد ذلك بين أجنحة المسرح، والمستوى الأوسط بين هذه المستويات عبارة عن مربع يعلو ركيزةً مربعة والتى تتحرك على عربة من خلفيةِ الخشبة فى اتجاه المركزِ على مساراتِ خاصة، و رمز الشكل الصليبى فى مشهد الزفاف للكاتدرائية ، ووقوف الزا على الخشبة المكعبه وهى تتوسط الشخصيات الاخرى فى العرض فهى مركز جذب لبقية الاشكال المحيطة والتى تتصارع بالايجاب والسلب ،وأوجدت حركات الصعود والهبوط والامالة للمكعبات الصراع بين شخصيات العرض.
عبر المصمم فى احد المشاهد عن الحب المستحيل بين الزا والفارس بحائط يفصل بينهما وهو حائط الصمت والذى يمنع التواصل الحقيقى بينهما ،واستخدم الاضاءة الحمراء بين الزا ولوهانجرين والحب المستحيل بينهما .
يسبح التصميم فى الظلام اللانهائى والذى يبدأ فى الانقشاع بمعرفة حقيقة لوهانجرين. و تموت الزا لأنهاغير قادرة على تحمل فراق الفارس بعد خيانة ثقته بطلبها لمعرفة اسمه. 
سينوغرافيا العرض قائمة على التشكيل بالمكعب ، إلا انه يختلف فى مساحته حسب ما يمثله من شخصية وتأثيرها فى مجرى الأحداث، وتتحرك المكعبات تبعاً لتطور الاحداث ،واختلاف احجام المكعبات حسب دور كل شخصية فى العرض الدرامى ومدى تفاعلها سلباً أو إيجاباً من الاحداث
.

http://en.wikipedia.org/wiki/Lohengrin_(opera) 
( (http://www.bayerische.staatsoper.de/309-ZG9tPWRvbTQmaWQ9MTI2Jmw9ZW4-~popups~k_biographie.html
-http://www.andante.com/article/article.cfm?id=25787
-http://livedesignonline.com/mag/show_business_bayreuth_lohengrin_squared/index.html
-http://www.omm.de/veranstaltungen/festspiele/BAY-99lohengrin.html 
-http://www.andante.com/article/article.cfm?id=25787 

تابع القراءة→

صدور مسرحية “أطفال الشمس وثلاث مسرحيات للمخرج اليمني حميد عقبي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

عن  دار كتابات جديدة للنشر الإليكتروني صدرت أربعة كتيبات مسرحية للمخرج والكاتب اليمني حميد عقبي ــ المقيم في فرنسا، وتتضمن أربع مسرحيات قصيرة هي مسرحية “أطفال الشمس″ تحكي هذيان مجموعة من اللاجئين العرب يصلون إلى فرنسا يحلمون بالحياة والمستقبل، يصابون بصدمة الواقع…تعيش الشخصيات العزلة والبؤس لكن يعثرون على الفتاة الجميلة بلونش الرائعة… الحلم وحده يجعلهم يغنون في سعادة.
يمكن تحميل وتصفح الكتاب عبر هذا الرابط
http://www.mediafire.com/download/5s35559nd7rntzf
المسرحية الثانية حملت عنوان “الرصيف” ليزج بنا الكاتب على رصيف بارد وموحش شخصية مقيدة بحبل يمتد إلى برميل خلفة شخص ثاني يتحكم في الأول الذي يصارع البرد والحبل يحلم بالحرية ويبحث عن معلمه وأصدقائه.
يمكن تحميل وتصفحها عبر هذا الرابط
http://www.mediafire.com/download/6h2zir4qq9dd61p
الإصدار الثالث هو مسرحية “لا شيء يحدث هنا”: الشاعر في عالمه الخاص، يكتب ويحلم… ورحله مليئة بالدهشة في فضاء شاعري…إبحار محفوف بالمخاطر في عالم ميتافيزيقي مقلق.
 لتحميل وتصفح العمل عبر هذا الرابط
http://www.mediafire.com/download/wmyg93a5jqubu3b
وأخيراً مسرحية “فنتازيا كائنات أخرى” نحلق فيها مع إنسانٍ يهرب من بلاد الباذنجان باحثاً عن حلمه يصل إلى بلاد الأرقام يجد حبيبة ثم يخوض معها رحلة إلى عالم ما خلف الجدار حيث كائنات تسمى (ضفادع) تغني وترقص في سعادة.. لكن هناك من يأتي ليدمر عالم الحلم.
تجدونها على هذا الرابط
http://www.mediafire.com/download/d31c8z9er4nsli5
وقال عقبي :” تخصصي كسينمائي وباحث في مجال السينما الشعرية يغريني للهذيان والكتابة للمسرح وهذا الإنجاز أربع مسرحيات ( “أطفال الشمس″،  “الرصيف”، “لا شيء يحدث هنا” و “فنتازيا كائنات أخرى”)، ربما يبدو تأثري واضحاً بأفلام العباقرة الرائعون( جان كوكتو ولويس بونويل و أندرية تاركوفسكي و بير باولو بازوليني و إنجمار بيرجمان)، ولا أستطيع إنكار هذا وما أكتبه يتوغل في عالم الحلم والجنون وأميل إلى الغوص في اللأمرئي وترك تفاصيل مبهمة فدائما ما تكون هناك مساحة مظلمة أو شخصية لا تظهر ملامحها رغم أهميتها ودوره كلاعب رئيسي لكنها تظل مخفية طيلة العرض ولا أعتقد أن على المسرح تقديم حكايات له بداية ووسط ونهاية وحبكة وحلول، المسرح فن ومساحة للهذيان والحلم وبطبيعة الحال لا يمكن ربما نقل كل هذا عبر النص المنشور فالعمل المسرحي لا يمكن معايشته والتفاعل معه والحكم عليه إلا على خشبة العرض ولكن لصعوبات إنتاجية قد نضطر لنشر نصوصنا وقد تجد من ينتبه إليها أو يأتي اليوم لنجد الإمكانيات الإنتاجية ليولد النص ويرى الحياة.”
وفي الختام وجه عقبي كلمة شكر إلى الكاتب والناشر المصري د.جمال الجزيري والشاعر الأردني محمود الرجبي والفنان السوري سموقان لدعمهم ورعايتهم لكتبه


--------------------------------------
المصدر :باريس  - خاص ـ رأي اليوم:

تابع القراءة→

مسرحية «ضياع» أطارها التقليدية التي تذهب الى الفكرة مباشرة وتندمج معها / أمجد ياسين

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية
الفنان طه المشهداني 

لم تخرج مسرحية «ضياع» التي قدمت في مسرح الرافدين، تأليف عبد الرزاق الربيعي وإخراج حسين علي صالح، وتمثيل كل من طه المشهداني، بدور» هزأة « وساهرة عويد، بدور «الأم» ، عن التقليدية التي تذهب الى الفكرة مباشرة وتندمج معها، فتحاكي الواقع الذي يؤمن بالخرافة، وهو ما انطلق المؤلف منه ليضع اول لبنات شخصيته الرئيسة «هزأة» التي يُخاف عليها من الفقد- الموت، صورة عن  شخصيات الألعوبان او البهلول لينتقل بها من حدث: جزئي مؤقت – الى كلي- دائمي، ويتحول الشكل- الهزء الى هوية.. بهذه الحدود كتب المؤلف عبد الرزاق الربيعي عن شخصية ملتبسة، مسحوقة، ضائعة، بدون اوراق ثبوتية، جوالة في الاسواق، تُضحك الناس، اسمها هو هويتها، تضمر تمردها، تمر عليها الاحداث ولم تخرج من طوق شخصيتها، وكأن الواقع والاحداث تواطأت عليها لتبقى البهلوان- الشخصية المركبة، التي تضحك الناس وتسخر من نفسها والواقع،

 وهو ما نجح الفنان طه المشهداني في تجسيده.

مر العمل على شخصية «هزء» الطفل ثم الشاب الذي عمل في السيرك ورفض المعاملة غير الانسانية، ومن ثم الى العسكري وانسحابه من ساحة المعركة الذي اعتبره ضابطه الاعلى تمردا، كل هذه الحياة تشكل قراءة في خيبات وطن ورعونة ديكتاتور ضيع الانسان والبلد، ثم يهاجر الى الاردن للعمل فيها ومن ثم الهجرة عبر البحر الى اوروبا.. وفي كل رحلة منها كان تمرده حاضراً، فيصطدم بما ارادت له أمه ان يكون. هذه المواقف هي من بنت أحداث العمل المسرحي الذي أراد له المخرج ان ينسحب على الوضع الحالي، فمرت فترة الربيع العربي والإرهاب والهجرة الى اوروبا وطلب اللجوء. لقد أثقل تعدد المواقف العمل والشخصية معا، ليقع في مطب الفرق بين الهزء كشخصية وبين الهزء كحالة.

 وهذا ما يفسر افتقاد العمل الى الادهاش، وكأننا نعيش حال طبيعية يمكن ان تحدث لاي شخص ليس «هزءا» ، فنص المؤلف سلط الضوء على الهزء كشخصية بينما حولها المخرج الى حالة متنقلة في مواقف عديدة لم تستوعبها شخصية واحدة مثلها «طه المشهداني»، وهنا فقدت الشخصية ميزتها الاساس، كما ان مواقف السفر عبر البحر وغرق السفينة ونجاته من الغرق وطلب اللجوء ورفض طلبه والعودة الى الوطن في محاكاة لموسم هجرة العراقيين الى اوروبا قبل فترة؛ لم تضف شيئا للفكرة الرئيسة للعمل او لشخصية الهزء، فقد غابت مواطن الصراع التي تبنى الدراما منها، اذ لم يضف نقل الصراع بين الشخصية ومحيطها المحلي- الداخلي، الى المحيط الدولي- الخارجي شيئا جديدا للشخصية او لنا كمشاهدين، بل على العكس، اذ فقدت الشخصية – الهزء عمقها وهويتها وخصوصيتها في البيئة الجديدة.. مما جعل العمل المسرحي أقرب الى التقليدي/التقريري.كما لايمكن إغفال تشابه المشهد النهائي للمسرحية مع مسرحيات العربة، ومكاشفات. أخيرا لا بد من الاشادة بالممثلين طه المشهداني وساهرة عويد، وما الاختلاف مع الرؤية الإخراجية بتقليل منها، انما هي رؤى وقناعات.

----------------------------------------
المصدر : شبكة أخبار العراق 
تابع القراءة→

الأحد، أبريل 17، 2016

المسرح العراقي مدعو لتقديم أعمال تنطق بهويتنا !

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, أبريل 17, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

لجميع الشعوب تقاليدها المسرحية التي تميزت بها واصبح واضحا للجمهور المسرحي وهو يشاهد مسرحيته وخاصة الفنانين منهم ويكتشف بعد ذلك ان هذه المسرحية لمدرسة شكسبير وتلك المدرسة لمسرح برخت الالمانية وهذا مسرح مولير ومدرسة ستانسلافسكي المخرج الروسي الشهير وجيكوف وغيرهم من الدول. ونتساءل ونحن اول من بنى المسرح البابلي قدم مسرحياته على آثار بابل نبوخذ نصر، اين نحن من هذه التقاليد المسرحية ؟ وهل هناك حقا هوية لمسرحنا ؟ ومن حقنا ان نطالب المسرحيين كافة للتكاتف وبإصرار لخلق مسرح له هويته ويقدم اعماله باللغة العربية وهي لغة الام ولغة القران الكريم حيث نزل على نبينا محمد (ص) باللغة العربية الفصحى ، نعم كانت هناك محاولات جادة وناجحة حيث بادر استاذنا الكبير الفنان سامي عبد الحميد فاعد مسرحية هاملت لشكسبير وقدمها على مسرح بغداد الذي يعاني اليوم التهميش والنسيان والذي كان مسرحا خاصا بفرقة المسرح الفني الحديث وبالتعاون مع اعضاء الفرقة تم عرضها بنجاح ساحق وباسم صريح هاملت عربيا ، وقدم الفنان الراحل ابراهيم جلال مسرحيات مسرحيات مأخوذة من مسرح برخت الالماني وقدمها باطار عربي ومعالجة اخراجية متميزة لايصالها الى المتلقي من عشاق المسرح العراقي ، وقدم المخرج جاسم العبودي الفنان الراحل وعلى قاعة مسرح معهد الفنون الجميلة في الكسرة مسرحية عطيل مغربيا باطار جديد لكون المسرح مدرسة الشعب.
علينا ان نراجع وان نخلق مسرحاً نتضامن ونوحد خطابنا فيه لنكون يد واحدة لتوحيد الامة . وهنا السؤال الذي يطرح نفسه هل نحن حقا عاجزون عن نشر لغتنا وحضارتنا ولدينا امكانات هائلة من الثروات الوطنية . نعتقد  ان الوقت حان لنوحد كلمتنا من خلال اعمالنا المسرحية والتلفزيونية والسينمائية وكل الفنون والثقافات التي تدعو لايجاد هوية لمسرحنا.

----------------------------
المصدر : بلادي اليوم 
تابع القراءة→

الصورة مسرحا / علي النجار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, أبريل 17, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

ليس غريبا أن يكون مسرح الصورة من ضمن مكتشفات الحداثة الفائقة بغرائبية صوره التي باتت لا تعد. وما بين مسرح الصورة والصورة مسرحا زمن يمتد من أول اكتشاف احتفالي في الزمن الغابر حتى يومنا هذا. صورا شكلت إرثا غالبا ما فككت المنظومات الثقافية غرائبية تفاصيلها التي لم تكن غريبة أصلا في أزمنتها لكنها اغتربت بفعل تقادمها الثقافي المحيطي. ومابين غرائبية مندثرة وفعل ثقافي متعدي معاصر تشكلت تجارب مسرحية طليعية استلت من الصورة فعلا مغامرا هو احد أفعال المغامرة العولمية الثقافية الكونية الديناميكية.

في بغداد بداية السبعينات لم يكن في نية حميد الجمالي(*) أن يقدم عرضا مسرحيا تقليديا وهو لا يزال طالب فن. ولم يكن منه إلا أن يلغى النص المدون لصالح عرضا شكلت لغته الافصاحية أجساد الممثلين في بادرة منه لتكريس اللغة الجسدية الاشارية بكل أبعاد حركاتها المقننة بنص افتراضي كخلاصة لنص مسرحي سكن مخيلته. أو ربما اجتزأتها ذاكرة غفل بعناية توائم إمكانية تكثيفها مسرحة بصرية لا سردية. بعده ظل المخرج صلاح قصب ملتصقا بتجاربه المسرحية الصورية الرائدة عراقيا. وليكون المجرب الأبعد غورا في هذا المضمار وحتى على المستوى العربي.
تجارب مسرحية كهذه غالبا ما يندمج نصها البصري الحركي وسينوكرافيا العرض وأحيانا ما يتعارض معها بحدود تصادمات تصعد من فاعلية لغته ألمشهديه., عروض كهذه هي بالتأكيد استفادت من تجارب مسرحية عالمية حداثية متنوعة وما بعدها, من تمارين (ستانسلافسكي) و مسرح(جروتوفسكي) إلى المسرح الفقير( راينهاردت و أدولف آبيا) أو مسرح (انطونيو ارتو) الصوري الميتافيزيقي. أو التجارب المسرحية الأسكندنافية الصورية الأحدث, بالعديد من أشكالها الأدائية الفنتاسية. لكن تبقى الريادة العراقية وضمن حدود اشتغالات هي وليدة لاجتهادات بحثها عن مناطق استكشافية غالبا ما كان للأثر الثقافي المحلي دور ما في إخراجها.
إن شكل مسرح الصورة لغزا للمشاهد. فان ألغازه لا تغادر منطقة الإمتاع البصري مثلما هي أيضا تفتح أفاقا عديدة للتأويل بمستوياته المتعددة لما تحمله إشاراته الحركية والإيمائية من دلالات واضحة أو مبطنة ومن إثارة مبعثها غرائبية الأداء الجسدي في اشد حالات توتره أو انبساطه وتسارع أو تباطؤ إيقاعاته الحركية. اثارات لم تقتصر على الحيز المكاني المسرحي التقليدي بل هي باتت تطل علينا في العديد من المشاهد الصورية التي يكتظ بها عالمنا المعاصر يوميات لا تخلو من غرابة, لكنها غرابة فقدت بعض من مميزاتها بعد أن كسبت الفتها وكافتراض مفتوح على التخيل ومعزز بإيقونات التكرار ألمشهدي (الصوري) اليومي, غرابة الصور الإعلانية المتلفزه هي إحداها, وبالذات تلك الصور أو اللقطات الفيلمية التي لا تربطها أية رابطة أشارية إلى المادة المعلنة عنها( فواصل الإعلانات التلفزيونية) سوى النص المكتوب والمذيل في نهاية العرض أو المادة العينية للمعلن عنه أو صورة المادة العينية للمعلن عنه. غرائبية هي في مظهريتها عبث ربما يستمد جذره من مسرح اللامعقول أو بمحاذاته, لكنها لا معقولية موظفة بذكاء تجاري جلبا للانتباه للمعلن عنه بعد أن أقصيت أساليب العرض الأخرى من اجل إعادة تفكيكها لما يخدم الغرض التجاري العابر للقارات. فاللغة الاشارية المبهمة لهذه اللقطات الصورية لا تخضع لثقافة معينة بقدر عمومية ثقافتها الاشارية كمحصلة لناتج عولمي نفعي عابر للجغرافيا.
اللا معقول هو بعض من إيحاءات الصورة الافتراضية الممسرحة على مر العصور الماضية. إن لم يكن سلوكا مداهنا لحاشية البلاط فعلى الأقل لمهرجه. وصورة المهرج يشكلها جسده وملامحه الإيحائية. مثلما تشكل غرائبية ملابسه سينوكرافيا عرضه, أما البلاط فهو فضاء عرضه المسرحي. غرائبية لا معقولة تحيط به وتخترق عبثيتها محيطه. لكنها عبثية مغلفة بفعل درامي يشكل ذات المهرج احد أركانه. وهذا الركن الأساسي هو احد إيحاءات مسرح الصورة المعاصر رغم تعدد إغراضه. ولم تكن أفلام شارلي شابلن الأولى هي الأخرى إلا مسرحا صوريا, هو يعترف بذلك حينما يؤرخ لها بان بلاتوه التمثيل وقتها كان مكانا فقيرا وصغيرا و قريب في شكله من منصة المسرح وكان يضطر للتقليد المسرحي في ضبط مسيرة حركته يمينا وشمالا عند دخول المشهد أو الخروج منه. أي بمعنى ما هو لم ينفصل عن الأداء المسرحي, كما لم يستغني عن المهرج الذي في داخله, وان كانت الكوميديا وحتى السوداء هي شاغله فان درسه الصوري هو الآخر لم يمر دون أن يترك أثرا على الفعل الصوري المعاصر مثلما هو مسرح (النو) الياباني الغني في أدائه الحركي والمغرق في تقليديته الموروثة الأثرية و تفرد إيقاعات حركات ممثليه الإيمائية الملغزة و تعدد أقنعتهم كناية عن تعدد الشخصيات وألغازها. لكن ثمة أقنعة أخرى في صور عديدة منتشرة في ساحات مدن أوربا, أجساد هي أقنعة لمهرجين وأباطرة وتماثيل برونزية أثرية تشكل جزأ من مشهد المدينة المعاصرة رغم كونها مشهدية ممسرحة بفعل استعراضي استرزاقي

لا يخلو من اثر إيمائي لصور أثرية من تواريخ ماضية غالبا ما تكون محاذية للأنصاب الأثرية المدنية.
هل شكل المسرح الاستعراضي بعضا من مرجعيات الصورة الممسرحة. مشاهدتي لمسرحية(أوه كلكتا) في مونمارتر(باريس) عام(1977) تؤكد لي ذلك. فشرط الأداء الجسدي كان هو الوحيد في هذا العرض. الجسد عاريا وكما ولدته أمه هو الذي أوصل لنا مضمون العرض الصامت وأدخلنا في متاهات الحدث ودلالاته ليس كالغاز بل بوضوح مقاصده الإيمائية السردية في الحقبة السبعينية. ورغم كون العرض منفتح على غرائبية العري الجسدي, إلا انه وظف هذا العري لغزا مضافا لبقية ألغاز التفكيك ألمشهدي ألمابعد حداثي. وان اختلف في شيء عن عروض الطاحونة الحمراء الباريسية الاستعراضية فاعتقده اختلافا بسيطا استبطن إثارة لممارسات اجتماعية أباح خلالها بعض من محظوراتها. لكن ما تبقى من مشاهدتنا لعرض كهذا يختزل في قابلية الجسد على استحضار الصورة مشهدا قابلا للمعاينة. مثلما هو استعراضا في مسارح الترفيه. رغم كون الترفيه هو الأخر كما الساحر بعض من إغراض المسرح. لكن هل من الممكن أن تكون عروض الأزياء هي الأخرى كذلك: اعتقدها نعم, فخشبة المسرح جاهزة والأداء الجسدي كذلك رغم اختلاف الأغراض(التجارة ..الثقافة..التسويق) والتقاط جزئية من هنا وجزئية من هناك هو بالتأكيد ما يحاوله مسرح الصورة المعاصر.
للرقص الإيمائي أو الحركات الإيمائية(البانتومايم) تقاليده المسرحية مثلما لرقص الباليه وغالبا ما تتشابك الصلات الصورية فيما بينهما, وان تحكمت قوانين الحركة و مديات اداءاتها الزمنية في هذه العروض فكذلك تتحكم فيما بينهما قوانين ممارسات الفعل الدرامي المسرحي. وإذا ما اتصفت المشهدية الصورية للباليه بسعتها. فان الأداء الإيمائي غالبا ما يكون متقشفا في وسائل عرضه المساعدة ويلج أحيانا الممثل الإيمائي مشهدية عرضه منفردا أو مع آخرين, لكن الممثلين غالبا ما يشكلون وحدة صورية متجانسة أو متشضية تطلق العنان لنشاط حركات الجسد حتى أقصى إمكانياتها الأدائية التي لا تخلو من شطارتها البهلوانية أحيانا. وان كان لمشهد الباليه إيقاعاته الموازية والمنسجمة مع طقس موسيقاه فان للتدخلات الإيمائية وقفاتها الخاصة التي بقدر ما تكسر بعض من زخم أو رتابة الإيقاع فإنها أيضا تفعل الحدث المسرحي الذي صاغ تفاصيل عمل الباليه. وإذ اكتسب البانتومايم تسميته اليونانية كفعل أدائي تقليدي (تقليد الشيء صوريا) فان للشرق أيضا فنونه الإيقاعية الإيمائية ,الرقص التقليدي الديني الهندي أو الصيني وبقية شعوب الشرق الأقصى, التي تكتنز كما هائلا من الحركات الإيقاعية الدلالية التي لا تستثني إثناء أداءها اصغر عضو في الجسد مثلما تتشكل فيها كل حركة من حركات أجساد الراقصين كصورة مسرحية منفردة يمكن بعد استيعاب دلالاتها إعادة صياغتها بما يناسب الفعل الأدائي المعاصر. ولم تغب صوره المسرحية بكل عناصرها عن اجتهادات تجميعية أو تفكيكية آو تلسيقية من اجل إعادة صياغاتها وبلا محدودية وليكتسب مسرح الصورة أهميته كمرادف طليعي وكتجربة ما بعد حداثية تنقب في مساحة مفاهيمية واسعة تنسجم وغرائبية عصر الصورة الجديدة.

للفن التشكيلي كذلك طرقه السرية والعلنية لولوج مسرحة الصورة وتبادل الأدوار في زمن اختلاط الوسائل والوسائط. ومثلما الفت قصائد عديدة في أزمنة ليست بعيدة على إيحاءات من رسوم ولا تزال. كذلك اكتنزت رسوما عديدة ومن فترات تاريخية متتابعة مشاهد إحداث تتماثل و المشهدية المسرحية, منها رسومات عديدة لكويا الأسباني(استيهاماته المتأخرة) أو ابن بلده فيلاسكوز(مرسمه مثلا) وان كان بشكل اغرب في لوحة(الغذاء على العشب) لمانيه. وحتى بيكاسو في غالبية أعماله ومنها (الجيرنيكا) التي هي بالأساس مثقلة بحركتها التعبيرية التراجيدية التي تتجاوز في عنفها حتى حيزها الفضائي وسط علبة مسرحها الضيق. لم يخل بشروط إخراج عمله كل من مانيه أو بيكاسو ضمن ضوابطهم الأسلوبية في مجال ابتكاراتهم المشهدية. شخوص مانيه اختارت الطبيعة سيناكرافيا معادلة لتلقائية خلوتهم. لكنه بادل هذه السيناكرافيا ببعض من عريها الطبيعي المتمثل في ممثلته(موديله) العارية, موديل الرسم الذي يتوسط مشهد الخلوة لا يعدو عن كونه غرائبية مسرحية لا معقولة سبقت زمنها. أما جيرنيكا بيكاسو فقد اختارت الفعل الأدائي الإيحائي في أقصى درجات توتره. وان كان الفضاء في عمل مانيه أثيرا(انطباعيا) فانه عند بيكاسو مفككا ومتصادما(تكعيبيا) وبما يوازي مرجعية العملين الإدراكية الثقافية والوجدانية. ولم يقتصر الأمر بعد ذلك على الفعل الصوري في الفن التشكيلي ضمن حيز لوحة الرسم بل تعداه إلى الأداء الجسدي المباشر(بيرفورمانس) في اكتشافات جيل الستينات وما بعده الأوربي. وكان الألماني(جوزيف بويز) مدركا تماما لأهمية أفعاله(العابة) المسرحية التشكيلية الاستعراضية الاستكشافية وبمحفزات الحراك الثقافي الفني ألمابعد حداثي في ولعه لتفكيك المنظومة المعرفية الثقافية وإعادة إنتاجها بما يوازي الاكتشافات التي مهدت لعولمة البحث عن مصادرها في احياز المدرك الآني وما قبله وما تحته من طبقات أخرى تصل حتى تخوم الخيال. مثلما أدرك أهمية الفعل الإنساني الاجتماعي ألابتكاري وقدرة الجسد الأدائية الإيحائية لغنى المدركات الحسية في التصالح والواقع البيئي أو إمكانية تغييره.

في صيف عام(2005)عرض متحف(بانهوف هامبورغ) بعض من أعمال الفنان (فردريش
كريستيان) التركيبية الضوئية. وإن كانت معظم الأعمال التشكيلية التي وظفت ضوء(النيون) اعتمدت نصوصا أو إشارات مدونة, فان أعمال كريستيان وظفت الجسد كوميديا سوداء لا تخلو من تصادمات هي بالأساس كشفا لجوهر الرياء الاجتماعي. حيث وظف الجنس (أنا) مرضية كابحة لكل النوازع الإنسانية والفتها(عمله الذي يظهر فيه شخصين متصافحين وتوقيتا مع امتداد أياديهم بالمصافحة تمتد من الأسفل أعضائهم الذكورية بحركة مشابهة لتلغي بشراسة فعل المجاملة), أو عمله الثاني الذي يظهر فيه بروفيل شخصين متقابلين في حالة حوار لكن أصابع أيديهم تندفع لتفقس عينيهما. وكريستيان في هذه الأعمال يختصر الفعل الدرامي الاشاري على مسطح لوحاته الكهربية في الذروة منه مع توفره على شروطه الإخراجية.
أخيرا يبقى السؤال مقلقا وهو هل كل أفعالنا(تصرفاتنا) هي بالأساس اكتملت أو تكتمل ضمن سلوكيات مجتمعية لا تخلو من إخراج مسرحي, بدءا من تبدلات ملامح وجوهنا, خطواتنا, إيماءات أيادينا, أصابعنا, نظراتنا, وحتى كل عضلة من عضلات جسدنا. وهل نحن غالبا ما نمثل أدوارا هي مجرد صور علينا أن نتقن كادر لقطاتها. مثلما هي الصورة العولمية التي تسوقنا ضمن فضاء سوقها المتعاظم. وهل بإمكاننا أن ندرك أن شاشة العرض المعاصرة ما هي إلا نافذة تبتلعنا بسيل صورها المبرمجة أثيرا متعاظما لا تحده حدود وللحد الذي ربما يدخلنا في متاهات عديدة كانت إحداها متاهتنا الاقتصادية الأخيرة. ويبقى الفعل الإنساني ومن خلال مبتكراته التقنية يقود خطواتنا وعلينا أن نحجز اطر صورنا مقدما. مع ذلك فإننا سوف نبقى نلح على البحث عن إجابات عن كل تساؤلاتنا أو علاماتنا الوجودية وصورنا المفقودة.
.................................................................................
(*).. حديث مع الدكتور حميد الجمالي في مدينة مالمو السويدية.

تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9