أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، مارس 29، 2018

النسخة الحادية عشرة 2018 من مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار فوق سن 18 المسابقة مخصصة للكتاب الشباب حتى سن 35.

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مارس 29, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

النسخة الحادية عشرة 2018 من مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار فوق سن 18 المسابقة مخصصة للكتاب الشباب حتى سن 35.


(الاشتباك مع الموروث الثقافي لإنتاج نصوص إبداعية جديدةمتجددة)

شروط المسابقة والتقديم

في إطار البرنامج الثقافي والفني الذي وضعته الهيئة العربية للمسرح، وتحفيزاً للكتّاب المسرحيين العرب من الشباب حتى سن الخامسة و الثلاثين، تنظم الهيئة العربية للمسرح النسخة الحادية عشرة من مسابقةتأليف النص المسرحي الموجه للكبار (فوق سن 18)  للعام 2018 والتي خصصت لنصوص  (تشتبك مع الموروث الثقافي لإنتاج نصوص إبداعية جديدة و متجددة)؛ وذلك وفق الشروط التالية:

أن يكون النص المرشح للمسابقة مبنياً على الثيمة التي اعتمدتها الهيئة العربية للمسرح للعام 2018 و هي : (الاشتباك مع الموروث الثقافي لانتاج معرفة جديدة و متجددة).
أن يكون النص المرشح للمسابقة جديداً ولم يسبق فوزه في مسابقة أخرى، و لم يسبق أن شارك في المسابقة نفسهاو لم يسبق نشرهأو تقديمه في عرض مسرحي.
أن لا يكون النص مونودرامياً.
أن يكون النص مكتوباً باللغة العربية الفصحى، فيما لا يقل عن (25) صفحة مطبوعةببنط Arial 14 و بمسافات بينية لا تتجاوز 15.
أن يقدم النص المسرحي مطبوعاً بصيغة (Word) و يرسل بواسطة البريد الإلكتروني على العنوان المدون أدناه.
أن يقدم صاحب النص المرشحبواسطة البريد الإلكتروني صورة شخصية و صورة بطاقة إثبات هوية/ جواز السفر + سيرة ذاتيةمختصرة+ العنوان كاملاً بما في ذلك الهاتف النقال و إقرارا بملكيته للنص و التزامه بالشروط(حسب الصيغة المرفقة بهذا الإعلان).
أن يبعث النص والمرفقات إلى البريد الإلكتروني التالي:
Script@atitheatre.ae

لعناية منسق مسابقة تأليف النص المسرحي.

برجاء كتابة اسم المؤلف
 وتدابير وإجراءات المشاركة :
 عنوان النص في خانة (الموضوع) على سطح البريد الإلكتروني، و إرسال النص و الوثائق المطلوبة في إرسالية واحدة,

يفتح باب التقديم مطلع شهر أبريل 2018 .
تنتهي مهلة التقديم في نهاية شهر أغسطس 2018.
تشكل الهيئة لجنة تحكيم وتكون قراراتها نهائية.
تعلن النتائج النهائية للمسابقة في منتصف نوفمبر 2018.
يتم تكريم الفائزين في المسابقة ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي التي تعقد في القاهرة يناير 2019.
تمنح الهيئة العربية للمسرح ثلاث جوائز على النحو التالي :
الجائزة الأولى                 5000 $
الجائزة الثانية 4000 $
الجائزة الثالثة 3000$
تمنح الهيئة أيقونتها للفائزين خلال انعقاد الدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي.
للهيئة الحق بنشر النصوص الفائزة بالمسابقة ضمن منشوراتها.
لا يجوز طباعة ونشر النصوص الفائزة من قبل أصحابها أو جهات غير الهيئة العربية للمسرح قبل مرور 3 سنوات على إعلان الفوز.
للمزيد من المعلومات:

0097165240800

صيغة الإقرار المطلوب من المرشح:

أقر أنا (الاسم …….) من (بلد الجنسية الحالية) من مواليد عام (……..) بأن النص المسرحي (عنوان النص….) الموجه (للكبار فوق سن 18) والذي أتقدم به لمسابقة تأليف النص المسرحي التي تجريها الهيئة العربية للمسرح للعام 2018، ضمن (الاشتباك مع الموروث الثقافة لإنتاج نصوصإبداعية جديدة و متجددة) ، هو نص من تأليفي، غير مقتبس، ولم يسبق لي أن شاركت به في نفس المسابقة، ولم يسبقأن فاز في مسابقة أخرى، ولم يسبق نشره أو عرضه على المسرح، كما أتعهد بأن لا أشارك به في مسابقة أخرى أو أنشره أو أقدمه على المسرح حتى إعلان النتائج النهائيةللمسابقة، كما يحق للهيئة نشره ضمن وسائل نشرها في حال فوزه.

التوقيع…………………………… .

بريد إلكتروني …………………………….. .

تاريخ تقديم الطلب …………………….. .

تابع القراءة→

إعلان وشروط مسابقة تأليف لنص المسرحي الموجه لسن 12 إلى 18 للعام 2018

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مارس 29, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

النسخة الحادية عشرة – 2018
من
مسابقة تأليف النص المسرحيالموجه للأطفال واليافعينمن سن 6 إلى 18
مخصصة  للكتاب الشباب حتى سن الخامسة و الثلاثين
(الاشتباك مع الموروث الثقافي لإنتاج نصوص إبداعية جديدة و متجددة)
شروط المسابقة والتقديم

في إطار البرنامج الثقافي والفني الذي وضعته الهيئة العربية للمسرح، وتحفيزاً للكتّاب المسرحيين العرب من الشباب حتى سن الخامسة و الثلاثين؛ واهتماماً بمسرح الطفل، تنظم الهيئة العربية للمسرح النسخة الحادية عشرة من مسابقةتأليف النص المسرحي الموجه للأطفال للعام 2018 والتي خصصت لنصوص تشتبك مع الموروث الثقافي لإنتاج معرفة إبداعية جديدة و متجددة؛موجهة للفئة العمرية من سن 6 إلى 18 سنة،ضمن الشروط التالية:
·       أن يكون النص المرشح للمسابقة مبنياً على الثيمة المذكورة في المقدمة (الاشتباك مع الموروث الثقافي لانتاج معرفة جديدة و متجددة).
·       أن يكون النص المرشح للمسابقة جديداً، لم يسبق فوزه في مسابقة أخرى ، ولم يسبق أن شارك في المسابقة نفسهاو لم يسبق نشرهبأية وسيلة أو تقديمهفي عرض مسرحي.
·       أن يكون النص مكتوباً باللغة العربية الفصحى.
·       أن يحدد كاتب النص الفئة العمرية المستهدفة بهذا النص.
·       أن لا يكون النص مونودرامياً.
·       أن يقدم النص المسرحي مطبوعاً بصيغة (Word)بنط Arial 14وبمسافات بينية لا تتجاوز 1.15ويرسل بواسطة البريد الإلكتروني المدون أدناه.
·       أن يقدم صاحب النص المرشح بواسطة البريد الإلكتروني صورة شخصية وصورةبطاقة إثبات هوية / جواز السفر، سيرة ذاتية مختصرة، العنوان كاملاً بما في ذلك الهاتف النقال  وإقراراً بملكيته للنص والتزامه بالشروط(حسب الصيغة المرفقة بهذا الإعلان).
·       أن يبعث النص والمرفقات إلى منسق مسابقة تأليف النص المسرحي، علىالبريد الإلكتروني التالي:
برجاء كتابة اسم المؤلف و عنوان النص في خانة (الموضوع) على سطح البريد الإلكتروني، و إرسال النص و الوثائق المطلوبة في إرسالية واحدة,

تدابير وإجراءات المشاركة :
·       يفتح باب التقديم مطلع شهر أبريل 2018 .
·       تنتهي مهلة التقديم في نهاية شهر أغسطس 2018.
·       تشكل الهيئة لجنة تحكيم وتكون قراراتها نهائية.
·       تعلن نتائج المسابقة النهائيةمنتصف نوفمبر 2018.
·       يتم تكريم الفائزين بالمسابقة ضمن أعمال الدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي والتي تعقد في القاهرة يناير 2019.
·       تمنح الهيئة العربية للمسرح ثلاث جوائز على النحو التالي :
·       الجائزة الأولى                             5000 $
·       الجائزة الثانية                           4000 $
·       الجائزة الثالثة                           3000$
·       تمنح الهيئة أيقونتها للفائزين خلال انعقاد الدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي.
·       للهيئة الحق بنشر النصوص الفائزة بالمسابقة ضمن منشوراتها.
·       لا يجوز طباعة ونشر النصوص الفائزة من قبل أصحابها أو جهات غير الهيئة العربية للمسرح قبل مرور 3 سنوات على إعلان الفوز.

للمزيد من المعلومات:
0097165240800
صيغة الإقرار المطلوب من المؤلف:
أقر أنا (الاسم....) من(بلد الجنسية الحالية)، من مواليد عام (.......)،  بأن النص المسرحي (عنوان النص.....) الموجه (للأطفال من ...... إلى ......) والذي أتقدم به للنسخة الحادية عشرة من مسابقة تأليف النص المسرحي التي تجريها الهيئة العربية للمسرح للعام 2018، ضمن (الاشتباك مع الموروث الثقافة لإنتاج معرفة إبداعية جديدة و متجددة) ، هو نص من تأليفي، غير مقتبس، ولم يسبق لي أن شاركت به في نفس المسابقة، ولم يسبقأن فاز في مسابقة أخرى، ولم يسبق نشره أو عرضه على المسرح، كما أتعهد بأن لا أشارك به في مسابقة أخرى أو أنشره أو أقدمه على المسرح حتى إعلان النتائج النهائيةللمسابقة، كما يحق للهيئة نشره ضمن وسائل نشرها في حال فوزه.
التوقيع................................. .
بريد إلكتروني ................................... .
تم تحرير الإقرار بتاريخ:       /           /                    .

تابع القراءة→

كتابان جديدان من إصدارات الهيئة العربية للمسرح .. نشأة المسرح في بلاد الشام و وثائق الملتقى العربي الثالث لفنون العرائس

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مارس 29, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية



كتابان جديدان من إصدارات الهيئة العربية للمسرح .. نشأة المسرح في بلاد الشام و وثائق الملتقى العربي الثالث لفنون العرائس


كتابان جديدان صدرا حديثاً ضمن منشورات الهيئة العربية للمسرح، ليشكلا إضافة و إغناءً لمحتوى المكتبة العربية المسرحية

الكتاب الأول، وثائق الملتقي العربي لفنون العرائس و الفرجة الشعبية – الدورة الثالثة و التي عقدت في القاهرة خلال أكتوبر 2015، حيث احتوى الكتاب الواقع في 370 صفحة، مجموع الأبحاث و الدراسات و المداخلات التي شهدها هذا الملتقى، كما رصد الكتاب مشاركات و تكريمات العديد من أساتذة فنون العرائس، فجاء الكتاب في ثلاثة أقسام:

القسم الأول: المؤتمر الفكري و الذي قدم أوراقه باحثون منهم د. سيد علي اسماعيل، د. رشيد أمحجور، د. كمال حسين، أ. عدنان سلوم، أ . راضي شحادة، أ . محمد بويش، د. عمرو دوارة و أ . غنام غنام.

القسم الثاني : المجال التطبيقي العملي  لفنون العرائس و حضورها في الثقافة العربية، حيث قدم أوراق هذا المجال، أ. ناصر عبد التواب، د. اسامة محمد علي، د. هشام بن عيسى، د. خالد اشنان، د. أماني موسى، أ . وليد دكروب، د.رضا حسنين.

القسم الثالث: المجال التكويني و التدريبي ” الورش”: و هذه الورش قدمها و أطرها، أ. عادل الترتير، أ . الأسعد المحواشي، د. ناصف عزمي، أ . عبد السلام عبدو، و أ . ماحي الصديث.

القسم الرابع : وثق الكتاب في هذا القسم تكريمات الفنانين عادل الترتير (أبو العجب) من فلسطين و عم صابر المصري (شيخ الأراجوزاتية) ، كما سلط الضوء على كتابين صدرا عن ذلك الملتقى، هما، وثائق الملتقى الثاني الذي عقد في تونس 2014، و كتاب تصميم العروسة القفازية كوسيلة اتصال لمؤلفته أماني موسى السيد.

الكتاب الثاني : حمل رقم 41 من سلسلة الدرسات ، بعنوان (نشأة المسرح في بلاد الشام- من هشاشة القانون إلى فتاوى التحريم – 1847 – 1917، و ثائق و معارك- دمشق – بيروت- عكا) لمؤلفة د. تيسير خلف. الكتاب الذي يقع في 180 صفحة يعتبر إضافة حقيقية لجهود التوثيق و التأريخ و إخضاع ذلك للتحليل و التدقيق، فمن إثبات الحقائق إلى كشف الجديد من الأحداث و الوثائق جاء الكتاب، و يقول د. تيسير خلف في مقدمته : كان المسرح العربي في بلاد الشام شاهداً على جميع التحولات التي طرأت على بنية السلطة، طوال الحقبة الحميدية الممتدة على ثلاثة عقود، وتأثر بجميع المتغيرات والإرهاصات العميقة التي كانت تشهدها السلطنة، حتى وصل الأمر، في أوج صعود الحكم الفردي، في تسعينيات القرن التاسع عشر، إلى عجز والي بيروت عن البتِّ في قضية السماح بعرض مسرحية يقدمها طلاب مدرسة “الحكمة” في حفل تخرجهم أو منعها، إذ انشغلت الأستانة برمتها على مدى شهر كامل في هذا الأمر “التافه”، من السلطان القابع في “يلدز”، إلى الصدر الأعظم في “الباب العالي”!

وبعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد ووضعه في الإقامة الجبرية، استشعرت البنية المحافظة في بلاد الشام بالخطر الجسيم الذي ألمَّ بها، وأدركت في قرارة وعيها أن أيامها أفلت، وأن الزمن تجاوزها، فبادرت إلى الهجوم، مستغلة حالة ارتباك سلطة “الاتحاد والترقي”، فنصبت المحاكم، وتبنت عقيدة التكفير لكل منادٍ بالإصلاح. وكانت معركة تحريم التمثيل التي دارت رحاها طوال العام 1911، آخر السهام التي أطلقتها تلك البنية الآفلة من جعبتها الناضبة، فرياح التغيير هبت على العالم بأسره حينها، وليس على الشرق فحسب.

تلك هي القضايا التي عالجتها دراستنا هذه، بوعي تاريخاني، حاول أن يرى الظاهرة في شرطها الموضوعي، وأن يقرأ التفاصيل في بعدها الكلَي، من خلال الوثيقة الحية، والشهادة المعاصرة، والنص الأصلي.


تابع القراءة→

الثلاثاء، مارس 27، 2018

اليوم العالمي للمسرح والمتغيرات الجديدة الغنية بالشفرات والأيحاءات والدلالات الصورية والحركية / محسن النصار 

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مارس 27, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

اليوم العالمي للمسرح والمتغيرات الجديدة الغنية بالشفرات والأيحاءات والدلالات الصورية والحركية / محسن النصار 


ندخل في يوم 27 إذار 2018 قي اليوم العالمي للمسرح بمتغيراته الجديدة الغنية بالشفرات والأيحاءات والدلالات الصورية والحركية كون المسرح كفعل اتصال جمالي وثقافي وأجتماعي ومعرفي يؤكد على المفاهيم الفلسفية النبيلة لخلق الفكر والأدراك والذائقة الجمالية والفكرية بأتجاه المتغيرات الجديدة الغنية بالدلالات الصورية اولبصرية والحركية التي تثير المتلقي من خلال بناء أيحاءات وشفرات معرفية لأأيجاد المضمون والشكل أو الرؤية المسرحية لخلق أفكار متقدمة من النواحي الجمالية والفلسفية والفكرية والثقافية والأجتماعية وتأكيدها في المسرحية ، وكلمة جاد مرتبطة بالجدية والحداثة التي تخاطب مختلف التيارات الفكرية والفلسفية والسياسية والعقائدية. فالمسرح بدأ كشكل طقسي في المجتمع البدائي ، وقام الإنسان الذي انبهر بمحيطه بترجمة الطقس إلى أسطورة ، ولتكون الصورة هي مقدمة للفكرة التي ولفت آلية الحراك العفوي ، ثم الانتقال بهذا الحراك إلى محاولة التحكم به عبر أداء طقوس دينية أو فنية كالرقص في المناسبات والأعياد, وولادة حركات تمثيلية أداها الإنسان للخروج عن مألوفه .. وأفكار التقطهاوطورها فيما بعد الإغريق وأسسوا مسرحهم التراجيدي ، ومنذ ذلك الحين والمسرح يشكل عنصرا فنيا أساسيا في المجتمع ، ويرصد جوانب مختلفة من الحياة الأنسانية ، ومع كل مرحلة نجد أن المسرح يواكب تغيراتها وفق رؤى جدية غير تقليدية ، و تبعا للشرط ( الزمكاني ) شهد هذا الفن قدرة كبيرة على التجدد من المسرح التراجيدي الكلاسيكي الى الرومانسي والى كلاسك حديث إلى الواقعي والطبيعي والرمزي والسريالي واللامعقول ومسرح الغضب ، والسياسي وفي كل مرحلة من مراحل تطور المسرح تحمل بدون شك بعدا جديا وتجريبياً تتمثل إشكاليات تلك المرحلة وتعبر عن ظروفها الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية , المسرح الجاد يؤكد قدرة المسرح على أستيعاب التجارب السابقة وإعادة صياغتها ، نحو الحداثة والخروج من العلبة الإيطالية إلى الفضاء المفتوح ، وتناول عناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي ( التكامل والتوازن بين الكاتب والمخرج والممثل والجمهور) بطرق جديدة وبما أن أهم سمة في المسرح هي المعاصرة نحو التحولات المعرفية والتي هدمت كثيرا من الحواجز و كانت مقدمة لولادة الأفكار المعرفية الكونية ، فأثبت المسرح الجاد وجوده ليواكب الحداثة بكل مكوناتها ، و أثبت وجوده في العالم كله ، خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين ، حمل شرف ولادة مسرح اللامعقول على يد يوجين يونسكو وصموئيل بيكت وفرناندوا أرابال .. هو مسرح الكل بامتياز أوربي – عربي – أمريكي.. الكل ساهم ويساهم في تطويره ووضع خصائصه .. و يمتاز المسرح التجريبي بتجاوزه لكل ما هو مألوف وسائد ومتوارث و الإيتان التجريبي إمكانية تجاوز الخطوط الحمراء البنوية والشكلية من خلال ( جسد ، فضاء ، سينوغرافيا ، أدوات ) .. ومنها : - تفكيك النص و إلغاء سلطته ، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب ، من خلال الفكرة ليقدم نفسه يحمل هم التجديد والتصدي لقضايا معاصرة ويوحد النظرة إليها عبر رؤيا متقدمة ،أو على الأقل رؤيا يمكننا من خلالها فهم ما يجري حولنا عبر صيغ جمالية وفنية وفلسفية ، لكنها في جوهرها تمثل جزءا من مكاشفة يتصدى لها المسرح كفن أزلي باقٍ مادام الإنسان موجودا .
بدأ من السينوغرافيا والفضاء المسرحي و دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأيحاءات والعلامات والأدوات المتاحة لمحاكاة المتلقي .. أسئلة مطروحة أمامنا كمسرحيين نقف مع المسرح بخلق العديد من الأسئلة ، لتأكيد المختبر المسرحي ، ومن هذه الأسئلة : لماذا لا تكون اطروحات العرض مختبرية عبر توظيف توليفة متكاملة للغة والحركة والإشارة والعلامة ؟ لخلق أفكارا وفلسفة للعرض ،وبالتالي خلق فضاء أوسع للأداء عبر صيغ جمالية مؤثرة ذات دلالة معبرة توظف معهاالإضاءة والحركة والموسيقى والرقص لدعم العرض ,ويكون المخرج هو المحور في العرض , والممثل هو أداة في تشكيل العرض الحركي .
وأخيرا أبارك جميع المسرحيين في اليوم العالمي للمسرح 27 اذار 2018 متمنيا للجميع اللإبداع والتألق نحو مسرح جديد ومتجدد.
تابع القراءة→

الأحد، مارس 18، 2018

محمد العامري وأبداعه في الأخراج المسرحي / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, مارس 18, 2018  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

  محمد العامري وأبداعه في  الأخراج المسرحي / محسن النصار                    


يعتبر الفنان المسرحي  الإماراتي محمد العامري من المسرحيين الذين أسهموا في تطور المسرح التجريبي في  الأمارات 
بأسهاماته المتميزة  على مستوى الأخراج  المسرحي فكان يبحث عن كل ماهو جديد في المسرح ليؤكد   من خلاله حضوره المسرحي اللافت على المسرح الإماراتي من خلال تجاربه  المسرحية الجديدة التي حظيت بنجاح كبير في «أيام الشارقة المسرحية» كون هذا  المهرجان  يعتبر مكانا للأبداع والتألق المسرحي  حيث يجمع المسرحيين  الإماراتيين  ومن خلال هذا المهرجان برز  وتميز بحضوره المسرحي   الذي  أفرز أعمال مسرحية جعلت له أمكانية أبداعية  في المسرح كمسرحيات  (صهيل الطين ، بالامس كانو اهنا ، اللوال ، حرب النعل , غصة عبور.
ومسرحية غصة عبور  أخر مسرحياته التي قام بأخراجها وعرضت في مهرجان المسرح العربي العاشر في تونس  والمسرحية من  تأليف تغريد الداود, وكانت الرؤية الأخراجية لمحمد العامري في  مسرحية غصة عبور التأكيد على  إيصال صورة مسرحية مؤثرة  في  الجمع بين أربع شخوص لكل شخصية حكايتها و مأساتها واعتمد في ذلك على جانب السينوغرافيا في أظهار ديكور وأضاءة ومؤثرات صوتية وأزياء متناسقة جماليا مع حوار منسجم و اُسلوب سردي متوازن  موظفة بشكل جميل لخلق  الجو النفسي العام  كأجواء الخوف و الألم والقلق و مرارة الإنتظار التي  تعيشها الشخصيات .
 وبذلك أثبت تميزه وحضوره الفني في المشهد المسرحي الإماراتي والعربي  وذلك في أضفاء  وخلق الحس الجمالي ذو الطابع النوعي  ,الذي  لا ينفي الواقع المتداول , ولكنه يحيله الى واقع اخر بملامح وعناصر  فكرية وجمالية  يتخذ منها واسطة للاظهار المسرحي مستعينا بالفكرة والحوار والشخصيات من خلال أعتماده على المساحات الزمنية الفكرية الواسعة  للنص المسرحي وعليه فأنه  يتعامل مع النصوص المسرحية التي يقوم بأخراجها وتجسيدها على خشبة المسرح  بلغة الواقع والرمز والتعبير ومن خلال تفكيك النص المسرحي  ومحاولة فك رمزه والغوص  بين ثناياه  ومساحاته وفضاءاته ,معتمدا على النظام التوزيعي لهيكلية مضمون النص بدلا من النظام التتابعي فتكون بذلك رؤياه الأخراجية  أكثر انفتاحا في تعميق الفعل المسرحي  للوصول الى أحاسيس مؤثرة  عند المتفرج وتكون بيسر مع اشتعال الروح  لتاكيد الأفعال المسرحية من خلال  بواعث انهمار الضوء والضلام على سطوح أجساد الممثلين  والتي تضئ  مرة اخرى كل شئ في طريقها ، فتصبح  الأفكار والحوار كالقناديل المتوهجة بآمالها ، أفراحها ، أحزانها ، تتزحزح بثقلها في ذلك الجو الجمالي  الممتلئ بأحاسيس البشر وشجونهم . . هذا كله انعكاس لحالات وجدانية عميقة عند الفنان محمد العامري ، يحاول تجسيدها في العروض المسرحية التي قام بأخراجها بحيث  يتوق إلى معرفة ما ينبعث من إشراقات في نفس الممثل والمتفرج الذي يدهشه المشهد  البصري المتقن في مسرحياته  المنجزة ومكامن الخلق والأبداع  المتأصل في ثنايا عروضه المسرحية وعالمها ذي وقع سحري يستمد قوته التعبيرية كمخرج مسرحي  قد  ساهم في  تطور المسرح االأماراتي  وقد ستمد ذلك من خلال  دوافعه وسعيه الى تجسيد  عروضه المسرحية برؤى جديدة من خلال التصورات الجديدة لإستخدام السينوغرافيا في المسرح وتطويعها في عروضه المسرحية  الإبداعية.
 كصفة جمالية مستوحاة من الأفكار والصور المسرحية  التي يقوم بأستنباطها من النص المسرحي بعد ان يقوم  بتفكيكه وصياغته بصورة جديدة ومؤثرة لذلك   لقب بمجنون المسرح لإبداعه وشغفه في المسرح .


تابع القراءة→

الجمعة، ديسمبر 29، 2017

تقنية المختبر العملي عند د.صلاح القصب في مسرح الصورة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, ديسمبر 29, 2017  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية


ان المختبر العملي المسرحي عند د.صلاح القصب تجعلنا نؤشر ابرز كتاب المسرح العالمي الذي تعامل معهم د. صلاح القصب هو وليم شكسبير في (هاملت، لير، العاصفة وماكبث) وكذلك انطوان تشيخوف في (الخال فانيا) و(الشقيقات الثلاث) و(طائر البحر) وقدم للكاتب والشاعر خزعل الماجدي، مسرحية (عزلة في الكرستال وحفلة الماس) وقد كان اشتغال صلاح القصب على النص المسرحي ثانويا فقط يعتبره نقطة انطلاق نحو افكار وفلسفة كونية من خلال تجاوز الخطوط الحمراء البنوية والشكلية من خلال ( جسد ، فضاء ، سينوغرافيا ، أدوات ) .. ومنها : - تفكيك النص و إلغاء سلطته ، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب ، ليقدم نفسه ويحمل هم التجديد والتصدي لقضايا معاصرة ويوحد النظرة إليها عبر رؤيا متقدمة ،أو على الأقل رؤيا يمكننا من خلالها فهم ما يجري حولنا عبر صيغ جمالية وفنية وفكرية وفلسفية ، لكنها في جوهرها تمثل جزءا من مكاشفة يتصدى لها في مختبره العملي المسرحي لمسرح الصورة وأعتماد الصورة المجسدة بالتشكيل الحركي و السينوغرافيا والفضاء المسرحي نحو دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفعل المسرحي وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأيحاءات والعلامات والأدوات المتاحة في تجسيد الصورة المسرحية جماليا 

من خلال الممثليين الذين يكونون في مختبره العملي في حالة أبتكار مستمر ويساهمون بصورة أبداعية بصناعة العرض ومشاركين في رؤيته الاخراجية عبر تدخلاتهم الكثيرة في انشاء الفضاء ورسم مسارات العرض الجمالية، وكان د. صلاح القصب يؤكد دائما في مختبره العملي في تجاربه مع الممثلين انه لا شيء ثابت على الاطلاق، ولذلك فهم يبتكرون نحو أداء تمثلي مبدع ومؤثر بعيدا عن الأطر التقليدية (( خطاب الممثل في مسرح الصورة خطاب حركي إيمائي يفجر طاقات الجسد التعبيرية للوصول إلى التألق الصوفي، يبني رموزا وإشارات تتجاوز الحدود البيولوجية الساكنة، إنه منتج لعلامات مشهدية، فهو في بنية العرض كائن بشري يتلخص دوره داخل عمله في صنع العلامات، وتحويل ذاته إلى علامات ))(1)
ففي مسرحية مكبث التي اخرجها د.صلاح القصب في الهواء الطلق في باحة كلية الفنون الجميلة بغداد , جعل الحوار شئ ثانوي وقام بتميشه لدرجة كبيرة , فكان شبح بانكو يلاحق مكبث فصرخ بوجهه قائلا : أغرب عني ثم خاطب الليدي قائلا : الدم يطلب الدم وقد حاول محو آثار الجريمة حينما راحت الليدي تغسل السيارة والارض لأزالة آثار الجريمة التي وقعت هناك لكنها لم تتمكن من التخلص من غضب البقعة الملازمة لها رغم محاولة تجميل وجهها الا انها تبقى بشعة . وفي المشهد رائع يثبت التأثير الكبير للصورة المرئية وكان المشهد الاخير , يبقى مكبث يدخل ويخرج من سيارته متوقعا نهايته فقال آخر كلامه : حسبي من العمر ما رأيت فطريق حياتي يهبط الى الكهف كأصفرار اوراق الشجر ، اتوقع اللعنات . وهكذاتكون الرؤية الأخراجية بأن يذهب مكبث الى عالم الجنون . 

و((الصورة هي المتدفق الذي يهز العمق وينطق المسكوت فيه ,بل وينطق ويكلم الساكن في دواخلنا ,لكن ليس داخل الوضوح ,وليس داخل العادي والمبتذل , وأنما داخل الغامض والمدهش والعجائبي .

وحتى تنتقل هذه التجربة التنظرية الى مجال التطبيق ولإعطاء الحركة المسرحية أبعادها (الجسمانية والنفسية والأجتماعية )جاء النموذج المقترح لهذا التطبيق في :

- مسرحية (هاملت )لشكسبير 

- (كلكامش وكيفية تفسير الخلود )

- ثم (الخليقة البابلية ), و(وطائر البحر ), و(الملك لير ).

ويبرر الدكتور صلاح القصب تعامله مع هذه التجارب الإنسانية كونها ( أبدا حاضرة كتذكير دائم العودة الأبدي للشئنفسه ...لذلك يجوز تصور كل من , كلكامش , أنكيدو , تميمات , أبسو , اوديب ,إلكترا , هاملت , لير , تريليوف , وكأنهم في حضور دائم , نماذج لازمانية للوجود الإنساني كرموز تقترح التكرار الدائري للشئ نفسه , أو لوضع إنساني متشابه يمكن أن تعاش ثابتة في دلالاتها على وضع يدوم خارج المكان والزمن )) (2)

يعتبر مسرح الصورة تجربة عراقية وعربية فريدة قام بوضع الأسس والتنظيرات لها د. صلاح القصب من خلال بحوث نظرية وتطبيقية وأصدار 

بيانات مسرحية وهي كمياء الصورة، جماليات الصورة، أثيرية الصورة، مابعد الصورة والصورة مابين 

النظرية والتطبيق .. وكذلك مجموعة من المقالات والدراسات للتعريف بمنهجه المسرحي الجديد الذي أسماه " مسرح الصورة " وقد ظهرت التجارب المسرحية من خلال المختبر والعمل المسرحي الذي أعتمده القصب مع طلبتة في كلية الفنون الجميلة بغداد .

ومسرح الصورة أسلوب جديد أنه تأليف شعري ,يعتمد أقتباس فكرة معينة دون التقيد بنص معين ,ويكون المخرج هو الخالق الأوحد ,بحيث يكون العرض المسرحي مكتملا في مخيلة المخرج ,فيقوم بنقله الى الممثلين ,ويكون الهدف الأسمى للمخرج هو السعي الى الشمولية والى اشاعة الأنسجام الفني في كافة أجزاء العرض المسرحي ,وهذامانجده في أغلب الأعمال المسرحية , العاصفة 89، عزلة في الكرستال 1990، حفلة الماس 92، الخال فاينا 93، الشقيقات الثلاث 97 , ماكبث 1998 ,ومسرحية رتشارد الثالث2009 وهذه المسرحيات التي قام بأخراجها صلاح القصب ,وهي من أبرز المسرحيات في مسرح الصورة ,وفي مسرحيتة ريتشارد الثالث (( ان تتزامن ومضات الحركة , والضوء ,واللون والكتل والمستويات بين الأعلى (المترو )والأسفل (القصر) والخارج (قرب الكنيسة ) في مجرى واحد والابتعاد عن تكريس مشهد واحد مستقر بل تتشظى المشاهد , بأفعال تقام بمناطق تبئير مختلفة ,ومتقاطعة حسب سياقات مرسومة ومرتجلة ,في تدفقها غير الساكن والكارثي ))(3).

ويؤكد صلاح القصب في أخراجه على عمق وتألق وكمال جميع العناصر الفنية في مسرح الصورة ,وبالسعي أليها يتمكن الممثلين من اظهار مواهبهم وقوة خيالهم وأحساسهم ,حيث ان مهمتهم تكون مهمة صعبة لما يلاقوه من عملية تجسيد أفكار فلسفية كونية عمقها الكون والأنسان عبر التاريخ ,لخلق صور ورموز اسطورية لأضاءة جوانب عميقة من الحياة الآنسانية ,

((يستيقظ التجريب ليوقظ سلطة الحلم/ الحر/ خطاب الأنا الباطني.إن منطقة ما قبل التجريب منطقة يضطرب فيها الخطاب باطمئنان حائر، في استقرار، ومشروخ في انسجام، يتكلم بعقل باطني يتحدث بعاطفة عاقلة، ويحلم بوعي، ويعي في حلم، وتمتزج لغة العقل بلغة الحلم. إن معمارية الخطاب الحر وقواه البصرية تحتاج إلى رسم التناقض والصراع سواء في الذات الواحدة أو بإضافة الشخصية النقيض.إن الرؤية التجريبية للعرض لا تخضع كما هو الشأن في البنية التقليدية للمنطق الشديد في تعاقبية الأزمنة: ماض، حاضر، مستقبل، وإنما تخضع لمنطقها الداخلي المنفلت، الباحث عن الحرية في التمظهر وممارسة الحضور من قيود العقل الكابت والقامع، ومن الوعي الذي لا يعد سوى جسر الذات إلى العالم الخارجي، وبهذا التحرر تتداخل الأزمنة التي تأتي نتيجة تصادم الذات برغبتها، وبموضوع الرغبة، والحلم، أو بالمانع لينعكس أثرها في لاوعي المتلقي، وفي التجريب الصوري تنكسر خطية الترتيب الزمني العقلاني الذي تؤسسه سلطة العرض التقليدي))(4)

ومسرح الصورة في أفكاره وشخصياته يمثل الأنسان بأكمله طموحاته ومستقبله وهواجسه وفرحه وحزنه وقلقه وحريته وموقفه من الحياة الأنسانية ,كونها تخلق ضروفها ,ومسرح الصورة يعتمد أعادة خلق احساس او شعور في العقل يتم بواسطة ادراك مادي بحيث يكون التخيل ,فيتهيأ الغقل في تكوين صورا نتيجة للأدراك والأفكار كما في حالة التفكير وأدراك موقف او حالة أنسانية ,او كما في أنسياق العقل نحو تجربة ما أنسياقا موجها من قبل المخرج ,كما في حالة مزج بين مجموعة من الشخصيات بصور مسرحية معبرة ,يتم تكوينها عن طريق العقل او الخيال او الأحلام ,

((يمثل العرض المسرحي لوحة متناسقة متحركة,وان عين المتلقي تهرع منذ البدء صوب التكوينات المنظورة كي تشع جمالياً عقب تأمل حثيث لمفردات الإنشاء المشهدي وهو ما يجعل من الصعب تصور العرض المسرحي من دون الطاقة الجمالية الكامنة والمضافة بفعل التقنية الحديثة في المدرك التشكيلي المتحرك)).(5 )

ومسرح الصورة يعتمد المشاعر والأحاسيس والوجدان اساس له,بحيث تكون الكلمة شئ ثانوي كونها قاصرة عن التعبير عن الحالة الأنسانية بشكل صوري ,فمسرح الصورة ينقلنا الى الحالة الشعورية للشئ بحيث تكون هناك نقطة أتصال حميمية لمشاهدة العرض المسرحي في مسرح الصورة وموقع هذا الأتصال هو الأحساس ,فنحن نعلم بأن الكلمة تخاطب العقل الأنساني ,بينما الصورة لديها القدرة الحسية والشعورية على الولوج الى أعماق النفس الأنسانية من خلال ماتوفره لنا الصورة من نقل الحالة الكونية التي تجعل المتلقي على أتصال مباشر عبر علاقة وجدانية وحسية وشعورية ,لخلق صور ميتافيزيقية تقترب من الصورة في الشعر ,

(( وسواء كانت الدال النصي اشارة ام علامة ام رمز، فأن من واجبات العرض ان يعبر عن سيميولوجيا ليس باللغة المنظومة الحسية فقط، بل باللغات ذات التقنيات العالية التي يختص بها العرض ويتميز بها))(6).

بحيث تكون المحصلة مخيلة أبداعية ومكن الأحداث يكون ليس واقعا ملموسا ,وانماعالم تخيلي يتناول الحالة الأنسانية كونها رحبة تدلل على الوجود الأنساني بحيث يتم خلق صور وأيماءات ورموز واسعة غنية ,لذا نرى الشخصيات في مسرح الصورة لاتمتلك ابعادا نفسية وأجتماعية كما في المسرح التقليدي ,وللحلم أهمية في بناء مسرح الصورة,حيث انه ينقلنا من الواقع الى عام اخر متجاوزين الواقع والمنطق للوصول الى أبعادوحالات عميقة من اجل الكشف عن المجهول,وللون والخط والكتلة والكثافة والحجم والفضاء المسرحي والعناصر الفنية المتمة للعرض المسرحي ,اهمية كبيرة في اضفاء الجمالية للصورة المسرحية وتأكيد ميتافيزيقية المكان والشخصيات والحالات والمواقف في الصورة المسرحية أيماءا اورمزا او ايحاءا , و((تكنلوجيا المسرح ترتيب لمعادلات هرمية لافكار ورؤى وطروحات مستقبلية تبحث هناك لاهنا وهي اشبه بماسحات الرنين النووي المغناطيسي القادرة على تتبع دورة ذرات معينة في اشتغالات تقنيات الرياضيات والاحصاء من اجل تحليل المعطيات وعلوم الكومبيوتر تدخلت في مناح عديدة لطرح انفتاحات لمعرفة جديدة بالكلية تنمو وتتطور لنتائج مهمة .فقد كانت الدراسات السابقة تقول بأن الصورة البصرية هي تقريبا صورة فوتوغرافية تتشكل على الشبكة وترسل كما هي الى المخ حيث يقوم بتحليلها بهذة الطريقة ستكون مرحلة الادراك الحسي ومرحلة الفهم منفصلين . إن الشبكة انسجة عصبية على تعقيد كبير وهي التي تقوم بتنفيذ التحليل المفصل للصور الواردة ومن خلالها سنتعرف على ما إذا كانت الصورة تحوي خطوطا رأسية قطاعات اخرى تتعرف على الخطوط الافقية وتبقى قطاعات عصبية اخرى تميز الالوان وشدة الضوء وشدة وتكوينات الحركة وهكذا تنقسم الصورة لحظيا الى مكونات عديدة لاعادة تجميعها لكي يعيد المخ تشييد الشيء المرئي.))(26)واخيرا يجب التأكيد بان مسرح الصورة له تأثير كبير في الذهن والفكر الأنساني.

(( الصورة المسرحية ليست هي الشكل البصري فقط، بل هي العلاقات البصرية والحوارية البصرية؛ العلاقات البصرية فيما بين مكونات العمل أو العرض الفني المسرحي ذاته، والحوارية البصرية بين هذه المكونات والممثلين والمتفرجين.)) (7)

((وتمثل ما بعد الحداثة صراعاً بين النظريات والاتجاهات المعرفية المختلفة يتبلور فيها الوعي بالصورة ، إنها اللحـظة التي تتحكم فيـها " الحكاية الصغيرة Little narrative" بـ" الحكاية الكبيرة "Grand narrative بعكس الحداثة التي تحتاج للسرد وتفترض وجود نص شارح ، وكما يرى ليوتار أن مفهوم ما بعد الحداثة يعنى محاولة تدمير كل التصنيفات والتقسيمات والإفلات منها ، كما أنه عمل في حالة عدم استقرار ))(8)

ومسرح الصورة يعتمد على الفكرة الفلسفية في مضمون النص المسرحي ويتم تجسيد الفكرة ومجموعة الأفكار الثانوية التي تقود الفكرة الفاسفية في العرض المسرحي من خلال مختبر العمل المسرحي في أجراء التجارب لأيجاد الإحساس البصري، وهذا ما حدث في العديد من المسرحيات التي قدمها القصب ، كما هو لدى المخرج الفرنسي أنطون ارتو ومجموعة من المسرحيين الطليعين الذين اشتغلوا على فكرة أن يكون الممثل تجسيداً لصورة الفكرة التي جاء بها المؤلف، وليس الفكرة ذاتها، بالإشارة إلى آرتو، فهو استفاد من فهمه للشعرية ليجسد ذلك في عروض تجريبية ، فقد أسهم ارتو بتأسيس ما يسمى «مسرح القسوة» في كتابه المعروف «المسرح وقرينه».

((يعتبر التعامل مع الجسد وتحولات الاشياء الذي بدأ في بداية القرن الماضي ، كمفردة بصرية ديناميكية لخلق الصورة المعبرة في فضاء الطقس ، إسلوب عمل فني معاصر ، حيث سعت الكثير من التجارب المسرحية على تحقيق الجانب البصري في أداء الممثل او الرؤيا الاخراجية او سينوغرافيا الفضاء المسرحي .

ومن هنا جاءت أهمية التجريب في الرؤى الاخراجية واكتشاف لغة ووسائل المخرج الخاصة التي لا تعتمد على الادب فقط وانما على الجانب البصري من خلال الاستغلال الابداعي لإمكانيات جميع الفنون ، بالرغم من ان لغة المسرح في الفضاء تبقى هي اللغة البصرية الابداعية الخاصة المتميزة بدينامكيتها الحركية والصورية .

وتؤكد الكثير من الدراسات والعروض والتيارات والتجارب المسرحية الاوربية على تحقيق هذا الجانب البصري كلغة جديدة في الاخراج المسرحي ، بدءا من تجارب جوردن كريج و راينهاردت ، ومايرهولد وادلف آبيا ومخرجي مسرح الطليعة الفرنسيين وانتهاءا بتجارب بيتر بروك وجوزيف شاينا وروبرت ولسن وليباج وكانتور وبينا باوش ويوجين باربا واريان منوشكين والياباني تاداشي سوزوكي وكل مايرتبط بتجارب مسرح الصورة الاوربي .))(9)

مسرح الصورة اضافة جديدة للمسرح العربي من خلال المنظومة الجمالية التي اعتمد فيها د.صلاح القصب على الشعر والفن التشكيلي، والسينما والأبتكار وجمالية الأداء لدى الممثلين , معتبرا مسرح الصورة ,السحر الكوني الذي يحاكي الروح تحت وطأة الجسد.

المصادر :
---------------------

(1)أنظر :د. صلاح القصب: مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق، المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، الدوحة، قطر، الطبعة الأولى سنة 2003م، ص44

(2)أنظر : الدكتور عبد الرحمن بن زيدان - المسرح العراقي رؤية تراجيدية في وطن متغير - أصدار مكتبة عدنان - ص 20

(3)أنظر : أ.د.عقيل مهدي - كتاب النقد الجمالي 2010/ ص138

(4)أنظر : د. صلاح القصب: مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق، المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، الدوحة، قطر، الطبعة الأولى سنة 2003م، ص23

(5)أنظر :باسم الاعسم, الثابت والمتحرك في الخطاب المسرحي, ط1, (دمشق: تموز للطباعة والنشر والتوزيع, 2011), ص34.

(6)أنظر : مصطفى صمودي، قراءات مسرحية، منشورات اتحاد الكتاب العرب، 2000 ، ص78.

أنظر : صلاح القصب "نظرية الكوانتم وقوانينها الفيزيائية بتكنلوجيا المسرح(26)

الحوار المتمدن - العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26

(7) أنظر : شاكر عبد الحميد: عصر الصورة، سلسلة عالم المعرفة، العدد:311، يناير 2005، ص:306.

(8)انظر : نك كاى ,مابعد الحداثيةوالفنون الأدائية ,ترجمة نهاد صليحة,اكاديمية الفنون,1997 .ص24

(9)أنظر : فاضل سوداني - دلالات الصورة في المسرح البصري ( رؤيا تطبيقية ) – الحوار المتمدن العددد 2017 -24- 8- 2007
تابع القراءة→

الجمعة، ديسمبر 22، 2017

المعرفة والفلسفة والمسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, ديسمبر 22, 2017  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية


المعرفة والفلسفة  والمسرح  / محسن النصار 

 فالفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية  التي أسهمت في خلق حرية الفكر و الإبداع في شتى المجالات. إن الفن  المسرحي هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، تقدم أفكارها للمسرح وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير"، أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون. وكان شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة، فمن الإغريق الذين أسّسوا قواعد الفلسفة الأساسية كعلم يحاول بناء نظرة شموليّة للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني دامجين إياه مع التجربة ومحولين الفلسفة الواقعية إلى فلسفة ٱسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية ومذاهب الحداثة ومابعد الحداثة والعدمية حيث  كانت منبعا مهما  في نظريات  المسرح((النظرية هي الإطار المنهجي الفكري النظري المحدد لجوهر خاصية موضوعية لبلورة ماهية النوع وفلسفة وجوده كظاهرة بالكيفية التي هو عليها وسببية وجوده على تلك الكيفية ؛ مع ترسيم حدود تلك الظاهرة علي هيئة اصطلاحية ذات مفهوم محكم منضبط الحدود تؤكد خواص الموضوع وتثبت أسسه وأغراضه ؛ بحيث تشكل النظرية قاعدة جديدة مؤسسة في مجال التخصص النوعي ؛ تعد إضافة إبستمولوجية لاتجاه علمي أو لنوع أدبي أو فني ، أو لنشاط فكري أو علمي مبتكر تأصل وأصبح ظاهرة جديدة مكتشفة عبر تراكمات تطور ذلك النشاط ؛ لتصبح مرجع قياس منهجي يقاس عليها في تنظيم استمرارية تلك الحركة من عصر إلي عصر ؛ وفق الحاجة إلى الموضوعات الفرعية ذات الصلة بالنظرية نفسها . ومن أمثلتها :
- نظرية المحاكاة عند أرسطو.))(1)

فالحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني والمساحة المكانية  والحركة هي المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي ((لكل مادة صورة ولكل صورة مادة مكونة منها هذه الصورة، يقول أرسطو: ((إن المادة والصورة شيئان لا ينفصلان فحسب، بل كل منهما يعتمد على الآخر فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الروح والجسد فلن تغدو مادة ما على شكل ما دون صورة ما ولن تغدو صورة ما لم يكن هناك مادة بشكل ما))(2) وبذلك يمكن التأكيد بان المسرح هو المادة المتكونه من  المؤلف والمخرج والممثل كمضون  وأما الشكل فهو العناصر المسرحية المتعلقة بالديكور, والأضاءة , والموسيقى , والأزياء , والمكياج ,  لأنتاج الحس الجمالي والبصري لصورة المعبرة عن الفكرة الفلسفية لمضمون في العرض المسرحي  ، وقد اهتم المسرح المعاصر كثيرا في بناء الصورة المسرحية المؤثرة   من خلال التجاب في المختبر العملي المسرحي ,لأيجاد  تنوع في الأداء والتشكيل الحركي لدعم  وتكوين عناصر بصرية  وتأطيرها بالتجريب المسرحي ا. ومن أهم هؤلاء المخرجين الذين أعطوا أهمية كبرى لتشكيل الصورة المسرحية حركيا  المخرج الروسي ماييرخولد الذي اعتبر ((أن الكلمات ليست كل شيء، ولا تقول كل شيء، ويجب أن يستكمل المعنى بالحركة التشكيلية الجسدية، بشرط ألا تكون هذه الحركة ترجمة للكلمات: إن حقيقة العلاقات بين الأشخاص، تقررها الاشارات، والاوضاع، والنظرات، ولحظات الصمت...أما الإيقاع، فيجب ألا يكون واحدا بالنسبة للصوت والحركة))(3) والفنان المسرحي المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. وأكد ماييرخولد بعد ذلك على التدريب الفيزيقي لجسم الممثل وصوته وحركته. وتتركز حصيلة شغل ماييرخولد في اهتمامه بالتكنيك كأساس في العملية المسرحية لخلق صورا مسرحية جمالية معبرة . ونجد هذا الاهتمام أيضا لدى ألكسندر تايروف. فالمسرح عند هذا المخرج الروسي:” يتحدد بمعارضته لتقليد الحياة. ولا ينبغي كما يقول أن يكون عين الكاميرا، وهو فن قائم بذاته وله نظامه وتكنيكه الخاص. وفي رأي تايروف أن فن البانتوميم يعتبر من أنقى الأشكال المسرحية، وهو في هذه النقطة يلتقي مع مايير خولد. والممثل عند تايروف يرتكز عمله على الجسم والإشارة، وتشكل حركاته أهمية أكبر من التركيز على الإلقاء الذي كان يخضع في تصوره للأصول الموسيقية والإيقاعية”ويقدم لاوتو الذي اعتبر أن الفنان المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. هذا، ويعد جاك كوپوه من أهم المخرجين الفرنسيين الذين نهجوا منهج الاعتدال والتعقل في مجابهة الواقعية التفصيلية. وقد دخل عالم المسرح من باب الصحافة وعتبة النقد الأدبي، وكان إخراجه يعطي نوع من الاهتمام بالصورة المسرحية  المعبرة، والاشتغال على الفضاء الفارغ على مستوى الديكور والسينوغرافيا. ووظف بيتر بروك في إخراجه لكثير من عروضه المسرحية في بناء صوري  لمشاهد درامية معينة داخل عروضه المسرحية التي استعمل فيها منهجا يعتمد على توظيف مجموعة من التقنيات الإخراجية التي استلهمها من مخرجين آخرين تناصا وتضمينا وتجريبا. ومن هنا، فقد " أفاض بروك في إخراجه عرض مارا صاد عن رؤية متعددة التفاصيل، فالشخصيات تستخدم الماكياج بمعيار مبالغ فيه إلى جانب المبالغة في التشويهات الخلقية والجسدية مع تقديم مشاهد تعبيرية صامتة(ميم) وإضافات صوتية وحركات تعبيرية وضوئية في اعطاء صورا مسرحية . وكل ذلك يختبره بروك لتحقيق أهدافه الفنية التي تمثلت في امتزاج التناغم البريختي مع قسوة آرتو الأمر الذي أثار كيان النقاد في العالم، فهو قد استفزهم وخدرهم وسحرهم"وينطلق كوردون گريگ في كتابه" فن المسرح" من أن جذور المسرح تعود إلى الرقص والحركات الصامتة، وقد رفض فلسفة الواقعية كثيرا. وفي المقابل، كان يدعو إلى المسرح الشامل، وخاصة المسرح الذي ينبني على المسرحية الصامتة، و شعر العرض المسرحي الجامع بين طقوس الكلمة والحركة… وبالتالي، يتحدد المسرح الشامل لدى گريگ في الحدث والكلمات والخط واللون والكتلة والإيقاع في تكوين الصورة المسرحية جماليا

و((تعددت النظريات حسبما تعددت الظواهر والأنواع في كل المجالات تفاعلا مع مستجدات الجدل التاريخي المادي ؛ بما في ذلك الظواهر المسرحية في تنوعاتها المختلفة مابين النص الدرامي والعرض المسرحي وفنون التمثيل وفنون العرض المسرحي ومجالات التلقي ومجالات النقد .
وفيما يتعلق بنظرية الإبداع نجد من بينها ما يؤسس لماهية موضوعه اعتمادا على المحاكاة سواء أكانت محاكاة الطبيعة  طبيعة الفعل، أو طبيعة الفكرة المطلقة أو مجارة لها.))(4)

إن المعرفة والفلسفة والمسرح  نشأت وتطورت عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن المعرفة  مهدت  في منهجيتها الفكرية والفلسفية والجمالية للمسرح كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان
قبل نشوء الفلسفة شكلت الأسطورة إحدى أسس حضارات اليونان والمسرح ارتبط بتــكامل نشوء المدينة الــيونانية تـــماما كمـــا
تطورت الفلسفة بظهور الذاتية الواعية إن الفلسفة والمسرح أسهما في خلق حرية الفكر وتجريبية الإبداع في شتى المجالات.

إفالمعرفة   هي  أحد أشكال الوعي المعرفي و الجمالي  تجد نفسها  داخل المسرح ، فالمسرح  
يقدم  مواضيع فكرية وفلسفية  عن الحياة وعن البيئة المحيطة بالإنسان التي تتطلب منه استيعابها على اعتبار أنها تعبر عن الخبرة الإنسانية وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان .
 ((من جهة أخرى يعرف هنري كوهيي فلسفة المسرح بتمييزها عن عدة مفاهيم خصوصا عن الشعرية وعن الجمالية الدرامية: "هذه، مع ذلك، شيء آخر غير علم نفس الدراماتورج أو الممثل. إنها لا تختلط لا مع فن شعري ولا حتى مع جمالية. فهي تطرح مشاكلها مرة رافضة كل الأبحاث حول تكون الأعمال، وكل النقاشات حول القواعد، وكل جدل حول الجميل: إنها تمسك بالمسرح وتصفه باعتباره جوهرا.غايتها هي طبعا تحديد ما هو جوهري بالنسبة إليه.إن موضوع فلسفة المسرح هو روح هذا الفن مع ما لهذه الكلمة من معنى مزدوج يشمل المبدأ الروحي والنفس الحيوية. إن تعريف ما هو المسرح مع تحديد ما ليس هو، وتحليل بنيته، وقول في أي ظروف يوجد وفي أي ظروف يتخلى عن الوجود، ونقل دلالته للإنسان الذي يريده والذي يبدعه، هو البرنامج".
تتحدد فلسفة المسرح عند هنري كوهيي، وهي تستلهم بيركسون Bergson وجابرييل مارسيل Gabriel Marcel وخصوصا التصور البيركسوني للحدس الجمالي، في منتصف طريق الأصالة والمعاصرة، الجمالية الدرامية والميتافيزيقا، الحتمية والوجودية، الوضعية والتصوف. ورغم أن هنري كوهيي يدافع عن نفسه بكونه يتبنى وجهة نظر أرسطية ("أرسطو المتجاوز")، فإن مقولات التحليل: الفعل، والحبكةّ ، والوحدة، والتراجيدي، والكوميدي، والشخصيات والأجناس، مقولات كلاسيكية. وعلى العكس فإن المصادرةpostulat في الواقع معاصرة وترتكز على معرفة البعد المشهدي للمسرح: "خلق العمل المسرحي ليؤدى. الغاية المقصودة بهذه الكلمة هي انتظار الجمهور، لأن العمل المسرحي لن يكون تماما هو نفسه إلا بحضور هذا الجمهور: "تتأسس فلسفة المسرح على أعمال، ممارسات، جماهير. ويبدأ جوهر المسرح L’Essence du théâtre بأربع شهادات، شهادات أربعة مخرجين من كارطيلCartel: بيطويف Pitoeff، دولان Dullin، جوفيط Jouvet وباتي Baty. وقد أعطيت الكلمة كذلك في الحال للمنجزين الذين يخطط كل واحد منهم فلسفته الشخصية للمسرح. فلويس جوفيط Louis Jouvet مثلا الذي يحلم بجمالية تختلط فيها الوضعية والتصوف يرى أنه: "عند "إحياء" جمالية درامية قد تُضلنا الكلمة ولا تضلنا البنية. إنها تقول حصرا وتماما ما لديها لتقول. لهذا أحلم أحيانا، على غرار كيفييCuvier، أن أستطيع دراسة الفن المسرحي، في بضعة أيام، انطلاقا من معماريته، وإيجاد الوظيفة الأسخيلوسية eschylienne بناء على هيكل ديونيزوس Dionysos أو ابيدور Epidaure، تلك الوظيفة التي نجدها لدى شكسبير في آثار هذا الحيوان المنقرض الذي اسمه مسرح "الكلوب"، أو لدى موليير من خلال فضاء فرساي حيث قدم عروضه المسرحية. وبإيجاز يمكنني من خلال حجرة، تماما مثل فقرة من هيكل، إقامة الجسد الكبير الحي من ماض غريب ))(5)"
ويجب على الممثل أن يخلق شخصيته من خلال الكشف عن روحه الإنسانية عبر تجسيدها على نحو طبيعي على خشبة المسرح في شكل فني للكشف عن العالم الداخلي للإنسان، لذلك يجب الجمع بين العمل الجسدي والنشاط العقلي فهذا الأخير يتطلب أقصى حد من الهدوء العضلي وهذا معناه أن الممثل حينما ينجح في تركيز انتباهه على الموضوع المطلوب يختفي التوتر العضلي الزائد، إن الغرض هو أن نكشف عن العالم السيكولوجي المعقد للممثل فكلما تحكمنا في النشاط العصبي كلما استعد الجسم كله لأنه مرتبط بالإحساس بقوته الكاملة واستعداده للخروج من حالة السكون للقيام بأية مهمة عضلية، فسيطرة الممثل على جسمه أمر ضروري ومؤكد للانسجام مع عمله وهذه الأمور لا يمكن أن تنجح إلا بإتقان الممثل لفن الإلقاء وتشكيل كلامه على نحو جيد وواضح لإيصال المعنى، الفلسفي  المؤثر.

المصادر :
----------------------------
 (1)أنظر : أبو الحسن سلام – نظرية المسرح – قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
 (2)أنظر : أ.د.عقيل مهدي - كتاب السؤال الجمالي - سلسلة عشتار الثقافية- اصدار جمعية التشكيليين العراقيين-بغداد 2007. ص 120
 (3) أنظر :سعد أردش -كتاب المخرج في المسرح المعاصر - سلسة عالم المعرفة 19 الكويت , ص234
 (4)أبو الحسن سلام - نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
(5) أنظر : الفصل الثالث من القسم الأول من كتاب ( الجمالية المسرحية ) تاليف : كاثرين نوكريت ترجمة: م. أحمد حسيني - منشور على موقع مجلة الفنون المسرحية  12-6- 2012


تابع القراءة→

المعرفة وعلاقتها بالفنون بصفة عامة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, ديسمبر 22, 2017  | لا يوجد تعليقات

كتابات مسرحية

المعرفة  وعلاقتها بالفنون بصفة عامة / محسن النصار 


وتميل معظم النظريات إلى أن المعرفة في  الفنون  ضرب من الإلهام، وأن الفنان انسان غير عادي يمتلك الموهبة والأبداع والمشاعر والأحاسيس والعاطفة المؤثرة لذلك نجد بأن موهبته خاصة تمتلك الأبداع سر وسحر وأعجاب.
((لكن " الانتباه الاستطيقي " لايتحقق - وحده- كي نتذوق القيمة الكاملة للاثر إلا بالانتباه الكامل الى تفاصيلة , و" الانتباه" يخلق , او هو بالفعل قيمة معقدة وغامضة ازاء النص او النصب او التمثال او اللوحة. فامتلاك هذا " الوعي " بهذه التفاصيل وقيمتها الفنية والابداعية وعلاقاتها ونسيجها الداخلي هو الذي يجعل عملية التمفصل مع الاثر للوصول الى خطابه هو " التمييرdiscrimination " , والواقع ان الناس كثيرا ما يفقدون قدرا كبيرا من تجربة الفن , ليس فقط لان انتباههم ضعيف بل لانهم يعجزون عن " رؤية " كل ماله اهمية في الاثر الابداعي , وادراك حركية افعاله ..)) (1) وكان مثل هذا الظن بين العوامل التي دعت العرب، في القديم، إلى القول إن لكل شاعر شيطاناً يلهمه ما ينطق به من الشعر. وكان الكثير من الفنانين في عصر النهضة وما قبله يرون أن أعمالهم تتحقق بوحي إلهي.سيرورة , وبذلك فأن المعرفة في الفنون يكون بناءها الأساسي الأبداع و(ما المقصود بالأبداع وصولا الى تأطير مفهومة الابداع الفني يعرف شتاين Stein الأبداع بأنه "عملية ينتج عنها عمل جديد يرضي جماعة ما ،او تقبله على انه مفيد" ويعرفه سيمبسون Simpson بأنه
"المبادرة التي يبديها الشخص بقدرته على الانشقاق من التسلسل العادي في التفكير الى مخالف كلية " ويعرفه كلوبفر Klopferبأنه ((استعداد الفرد لتكامل القيم والحوافز الاولية Archaic بداخل تنظيم الذات والقيم الشعورية ,وكذلك تكامل الخبرة الداخلية مع الواقع الخارجي ومتطلباته ))(2)
ويتناول كاغان في الجزء الاول من كتابه "سيرورة الأبداع الفني يتحدث فيه كاغان عن الفنان (المرسل)، المحور الاساسي الذي تبدأ سيرورة الابداع من عنده، ويتناول عناصر وشروط الابداع لديه التي تمهد لولادة الافكار وهي: شخصية الفنان، الموهبة الفنية، التجربة الحياتية، التأملات في هذه التجربة، حيث انتاجه الابداعي هو ثمرة كل هذا، مع التركيز على اهمية معرفة وتجربة الحياة، فاي عمل ابداعي هو في نهاية المطاف ليس الا انعكاسا لهذه التجربة، وكلما كان الفنان على معرفة واسعة و فهم عميق بالحياة، كلما كان قادر من خلال ابداعه على اعادة صياغة العلاقات الواقعية الحياتية، وكلما ابدعت موهبته بنجاح.
لكن موهبة الفنان ليست العنصر الوحيد الذي يعتمد عليه نجاح الفنان، انما هناك ايضا عوامل اخرى منها:
اولا: منهج الفنان الابداعي الذي هو الجسر بين موهبة الفنان وتأملاته الحياتيه، فيتناول الكاتب عناصر المنهج الابداعي الاربعة: المعرفي، التقيمي، البنائي، والاشاري، ودورها في العمل الفني الذي يتكون بواسطة الصلة المتبادلة بين هذه العناصر.
ثانيا: المهارة وهي الوسيلة اللازمة لبناء العمل الفني، فتتحول من خلالها الاحتمالات الابداعية الكامنة الى تجسيم مادي، وهي من تظهر اذا كانت الفكرة الفنية المعنية قد تحققت ام لم تتحقق، وبما ان المهارة في الفن هي قوة ثانية مع الموهبة فيعرض كاغان وظائفها واختلافها عن الموهبة , يذكر زكريا إبراهيم في كتابه «مشكلة الفن» أن غوته Goethe يذهب إلى أن كل أثر ينتجه فنّ رفيع، وكل نظرة نفّاذة، وكل فكرة خصبة تنطوي على جدّة وثراء، لابد من أن تفلت من كل سيطرة بشرية، وأن تعلو على شتى القوى الأرضية، وأن كل إنسان مبدع أسير لشيطان يتملكه ,والإبداع في الفن يقابل المقدرة على إيجاد معنى جديد أو حلول جديدة لموضوع ما، أو إيجاد شكل فني مبتكر، أو إنه، كما يذكر شتولْنِتْز Stolnitz معالجة بارعة لوسيط من أجل تحقيق هدف ما.
وبذلك فأن المعرفة في المفهوم الفلسفي والأنتربولوجي والعملي هي نواة الابداع الذي يستند على  عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات تتميز بعدد من الخصائص والتي تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية في ميدان الفن
والفنان المبدع يتمتع بتكوين نفسي متفرد وقدرات تخيلية وانفعالية خاصة تكسبه سمة الإبداع الفني التي تميزه من الصانع العادي.
(( ويتفق تورانس وجماعته على على تعريف الابداعية بأنها عملية يصبح الفرد بها حساسا للمشكلات والنواقص والفجوات في المعرفة والعناصر المفقودة وغيرها .اي تشخيص الصعوبة والبحث عن الحلول وعمل التخمينات وصياغة الفرضيات بخصوص النواقص واختبار الفرضيات وتعديلها أو اعادة اختبارها والوصول اخيرا الى النتائج)) (3) وكثيراً ما تسمّى هذه السمة «موهبة»، وهي على درجات ويسمي بعضهم الدرجة العالية منها باسم «العبقرية» , يذهب كروتشه Croce إلى أن الفن حَدْس أو هو معرفة حَدْسية، وهو حَدْس فني أو حَدْس شاعري جمالي تكون المكانة الأولى فيه للمخيلة في حين تكون المكانة الأولى للعقل ومحاكماته في المعرفة المنطقية. ومن خصائص الحدس الفني أنه مقترن بالتعبير سواء بالكلمات أم بالأنغام أم بالألوان. فالكلمة وسيلة الشاعر، والنغم وسيلة الموسيقي، واللون والأشكال وسيلة المصور. ويذكر كروتشه كذلك أنه لا يمكن تصور حدس من دون تعبير، وأننا لا نعرف إلا أشكال الحدس التي تمثّلت في التعبير: فالفكر لا يكون فكراً إلا إذا اكتسى بالكلمات، والتخيل الموسيقي لا يكون إلا إذا تجلّى بالأنغام، ولا يعني ذلك أن الكلمات يجب أن تلفظ بالضرورة بصوت مرتفع، وأن الموسيقى 
يجب أن تعزف، وأن الصورة يجب أن تثبت على اللوحة. وعلى هذا فإن كروتشه يعتقد أن الحدس والتعبير أمران متلازمان في داخل الفنان في عملية الإبداع حتى قبل تجسيدهما في وسط مسموع أو مرئي أو مقروء، وأن من البساطة بمكان تصديق أولئك المصورين أو الموسيقيين أو الشعراء الذين يدّعون بأن رؤوسهم مليئة بالإبداعات الفنية ولكنهم لا يتمكنون من ترجمتها في قوالب تدركها حواسنا، لقصور في التقنيات التي يمكن أن تستوعب أفكارهم، مع أن تلك التقنيات ذاتها استوعبت إبداعات هوميروسHomer وفيدياس Pheidias ,
((ففي كتابه (تأملات في الشعر) في العام 1735 قدم (باومجارتن) (1671-1713) (مفهوماً جديداً سماه (الاستطيقيا) والذي يبحث فيه عن قضية (الجمال والقبح) من النواحي الإبداعية والنقدية, إذ ميز (باومجارتن) بين مفهومي (الاستطيقيا) و (المنطق) بناءً على فكرة مهمة مفادها أن قياسات التعبير الفني تعرف وفق تأثيرها الحسي وليس بمنطقيتها, فالحكم المنطقي, أو البناء المنطقي للفن ليس له أساس قوي قدر البناء الحسي, الذاتي, فالاستطيقيا استمد من كلمة يونانية تعني (الإدراك الحسي) وهو ما يمثل لدى (باومجارتن) نوعاً من الغموض, لأن الجميل عنده يتوفر في الأشياء أو الأجزاء الغامضة من الوعي ))(4)

ولعل من المفيد والأساس، في فهم ظاهرة الإبداع، العودة إلى ما يقوله الفنانون أنفسهم عن عملية الإبداع الفني بما لهم من خبرة مباشرة. إنهم يتحدثون مراراً وتكراراً عما يمكن تسميته «لا إرادية» الإبداع، أو «خروج المرء عن نفسه». إنهم يشعرون بأنهم لا يتحكمون في نمو العقل أو صوغه عن وعي في القالب الذي يريدون، بل يشعرون بأنهم مدفوعون بقوى ليس في مقدورهم التحكم بها: فالقدرة الخلاقة لا تخضع لإرادة الفنّان. بل تسيطر على إرادته. ويذكر شتولنتز أن نيتشه Nietzsche يعبر عن ذلك بقوله عن الفنان إنه تجسيد لقوى عليا وناطق باسمها ووسيط لها، إنه يسمع ولا يبحث عن المصدر، ويأخذ ولا يسأل من الذي يعطي، والفكرة تومض لديه كالبرق وكأنها شيء لا مفرّ منه , فهل يعني الشرح السابق للإبداع الفني أن الفكرة الإبداعية تنبثق كاملة في ذهن الفنان أو مخيلته ولا يكون أمامه سوى تجسيدها بالألوان أو الأصوات أو الكلمات؟ في الإجابة عن هذا السؤال وجهات نظر عدة , يقول بيكاسو Picasso إن من أغرب الأمور أن نلاحظ أن الصورة لا تتغير تغيراً أساسياً، وأن التصور الأول يبقى على حاله تقريباً إلا أننا نلاحظ أن هذا المعنى الذي يبدو في كلام بيكاسو لا يبرز التهيئة الطويلة الزمن التي مرّ بها هو، والدراسات الكثيرة التي قام بها، والتعديلات المتعاقبة التي أجراها من أجل إنجاز لوحته الكبرى «غويرنيكا» Guernica. والأمر ذاته يلاحظ في أعمال واحد من أعلام عصر النهضة الإيطالية هو رافايلّو Raffaello الذي كان ينفذ لوحاته الجدارية الرائعة في غرف الفاتيكان بسرعة مذهلة بعد أن يكون قد هيّأ لها دراسات متعددة بدقة وتأمل عميقين , وهناك مثل آخر يتعلق بالمقطوعات التي ألّفها شوبان Chopinللبيانو والتي تُعطي إحساساً واهماً بالتلقائية التامة والإبداع المنطلق بيسر,غير أن جورج صاند G. Sand تخبرنا كيف كان شوبان يحبس نفسه في غرفته أياماً كاملة وهو يبكي أو يمشي ويكسر أقلامه ويعيد سطراً في المدوّنة الموسيقية ويكرره مئات المرّات. إلا أن جورج صاند ذاتها تروي في مناسبة ثانية، أن الإبداع عند شوبان كان تلقائياً سحرياً، وأنه كان يجده من دون أن يلتمسه، بل من دون أن يتوقعه، وكأنما هو معجزة كانت تتحقق كاملة فجأة ,هناك من الباحثين من يعتقد أن الإبداع الفني ينشأ لدى أشخاص لهم تكوين فزيولوجي معيّن، أو أنهم مصابون بأمراض عقلية أو غيرها. ويحاول هؤلاء الباحثون البرهان على أن العبقرية مرتبطة بحالات خاصة، ويأتون بأمثلة عن فنانين وأدباء مشهورين كانوا مصابين بعاهات مختلفة مثل بتهوفن Beethoven وفان كوخVan Gogh ودستويفسكي Dostoyevsky . إلا أن كثيرين غيرهم من العباقرة تمتعوا بصحة جسدية وعقلية ممتازة الأمر الذي يعارض التعميم الأول ويلغيه , ثم إن هناك من يربط بين العبقرية والانفعالية لدى الفنان. ولكن من اللازم اتخاذ موقف الحذر من هذه الفكرة لأن صفة الانفعالية ربما كانت صحيحة لدى الفنانين الإبداعيين الذين أبدعوا فناً يغلب عليه الطابع الانفعالي. ولكن ذلك لا يمكن أن يكون قاعدة في فنّ يسوده التنظيم العقلاني والتحكم الشديد بالانفعالات كما يرى في الفنون الاتباعية وفنون النقش والزخرفة العربية التي تعتمد أسساً هندسية وعقلانية في غالب الأحيان , ولكن، كيف تتم العملية الإبداعية؟ يذهب كروتشه إلى أن الفن، كما سلف، حدس مقترن بالتعبير. فحدس الموسيقي نموذج من الأصوات المتناغمة، وحدس المثّال صورة من الكتل والحجوم المتناسقة. وهذا الحدس ينشأ في داخل الفنان قبل أن يجسده في صيغته الملموسة , ويستشهد كروتشه بقول ميكلا نجلوMichelangelo «إن المرء لا يرسم بيده بل بفكره»، ثم يقول عن نفسه: «أنا لا أنحت تمثال الملاك، فهو موجود ضمن الكتلة، أما ما أقوم به فهو إزالة طبقات الرخام من حوله».وهذا القول يذكر بكلمة ليوناردو دافنشي Leonardo Da vinci «التصوير موضوع فكري». والشواهد عديدة على أن عملية الإبداع تتم، في كثير من الأحيان، في ذهن الفنان بوضوح يقل أو يكثر. وفي جملة ما قاله موتسارت Mozart عن نفسه إنه يؤلف سمفونيته قبل أن يدونها, يستخلص من نظرية كروتشه أن العملية الإبداعية تتم وتكتمل في مخيلة الفنان ولا يبقى أمامه سوى نقلها وتثبيتها في الوسيط المادي.
(( وبالانتقال للفلاسفة المعاصرين نجد أن الفيلسوف الأمريكي جورج سانتيان (1863-1953)( (يرى أن الجمال لا يوجد مستقلاً عن إحساس الإنسان,فأن القول بأن هنالك جمالاً لم يدرك بمعنى أن ليس هنالك شعور ناتج عن الإحساس بالأشياء لأن الإحساس بالجمال يختلف عن بقية الإحساسات الأخرى, لأنه إحساس مصحوب بادراك وبأحكام نقدية وتفضيلات, فالأشياء تصبح ذات قيمة فنية وجمالية لأننا نفضلها ونشعر بلذتها ))(5)

 ويرى غيره من المفكرين والفنانين أنه لابد للفنان من أن يجسد حدسه التخيّلي فيزيائياً، ولا يمكن لعملية الإبداع أن تكتمل إلا بعد تعامل فعلي مع الوسيط. لذلك تظل رؤية الفنان ناقصة إلى أن تتجسد في ذلك الوسيط بعد أن تمر في التقنيات الفنية فتنمو وتتطور وتأخذ شكلها الفني الثابت,  نحوفلسفة الجمال:(( وتعني "... ما يتطابق مع بعض معايير التوازن والمرونة والتناغم المدوزن،والكمال في نوعه ، ومع صفات وكيفيات أخرى ، مماثلة".))(6)
وفي قول لشتولنتز عن الهدف الذي يسعى إليه الفنّان أنه كثيراً ما يكون غامضاً في البدء، وأن شكل العمل الفني وطابعه التعبيري وتفاصيله الخاصة لا تتضح إلا بعملية الإبداع،((اما كلفورد فإنه يميز بين نوعين من التفكير , التفكير المتشابه Convergent thinking وهو الذي تتحد فية عمليات التفكير بطبيعة المعلومات المتوفرة .والتفكير المتباين Divergent thinking وهو البحث عن معلومات لها صلة ضعيفة بما هو متوفر من معلومات .وهذان النوعان من التفكير يعتبران – لدى كلفورد – محور العمليات التي يتم بواسطتها التفكير . وهو يرى ان التفكير المتباين هو الذي يشير الى الابداعية .ويقصد بالتفكير المتباين ان يذهب التفكير في اتجاهات مختلفة ويتضمن التفكير المتباين عمليات عقلية فرعية هي : طلاقة الكلمات Word Fluency , والطلا قة الترابطية Associational fluency , والطلاقة التفكيرية Ideational fluency , والطلاقة التعبيرية Expressional fluency ,والمرونة التكيفية Adaptive flexibility, واعادة التعريف Redefinition , والاصالة Originality))(39)
وأن الفنان كثيراً ما يجرب حلولاً متباينة ثم يرفضها قبل أن يبدأ هدفه باتخاذ صورة محددة في ذهنه، وأن من الممكن أن نقول عن الفنان إنه لا يعرف هدفه المعرفة الواضحة إلا بعد أن ينتهي ويضع أدواته جانباً. ويذكر ما يشبه قول تشارلي تشابلن Charlie Chaplin : «قبل أن أعرف إلى أين أنا ذاهب، ينبغي أن أصل إلى هناك». وهكذا يتضح ما للوسيط المادي من شأن بارز في عملية الإبداع، وأنه هو الذي يوحي للفنان بأفكار لم تتهيأ في ذهنه مسبقاً. إن الأصوات والألوان غنية بأسباب التداعي والتعبير التي يستطيع الفنان استغلالها. ثم إن الألفاظ تتداعى مع القوافي وتوحي بأفكار جديدة. وفي جملة ما يذكر عن ماتيس Matisse قوله: عندما أضع لوناً أحمر على اللوحة البيضاء، فإنه يستدعي بالضرورة لوناً معيناً إلى جابنا وهناك عوامل عدة لها أثر بارز في الإبداع، وقلّ أن تكون وليدة المصادفة أو ابنة اللحظة. ولابد من التسليم بأن لدى الفنان برنامجاً معيناً على الغالب يريد تحقيقه في عالم يسمح للتجربة بأن تنقحه وتعدل فيه عن طريق المنجزات الفنية الأخرى. إن لكل عمل فني ماضياً ومستقبلاً، ولا بد له من أن يخضع لطائفة من المؤثرات قد لا يشعر الفنان بها. ولكن الأثر الفني يتمتع حتماً بشيء يميزه من غيره مثل إضافة عناصر إلى أسلوب سابق، أو حذف عناصر من تكوين سابق، أو القيام بمعالجة مباينة لمفاهيم قديمة، أو تبني طرائق مستوحاة من أعماق التاريخ، أو غير ذلك مما يصعب حصره.
وكلفورد يميز بين الجهد الابداعي)) Creative potential والانتاج الابداعي Creative production .فالانتاج الابداعي , بالمعنى الشائع , وهو ذلك الجانب الذي يمس الذوق العام للجمهور , لان انتاج الشخص الخلاق يأخذ عادة الشكل الظاهر للعمل الابداعي , الشعر , الرواية , القطعة الموسيقية , والتصوير ...اما الجهد الابداعي فهو – طبقا لكلفورد – استعداد الفرد لانتاج افكار أو نواتج سايكولوجية جديدة , بما فيها انتاج الافكار القديمة في ارتباطات جديدة ))(7)
فإذا جمعنا بين القول إن الفنان كائن غير عادي والقول بالآثار العميقة للبيئة في تكوينه، انتهينا إلى أن الظاهرة الإبداعية أقرب إلى الحوار والتفاعل بين الأوضاع الثقافية الاجتماعية السائدة في المجتمع والتكوين النفسي للفرد المبدع، وأن الفن مجرد تعبير عن التكوين الشخصي، وليس مجرد التعبير عن القيم والمثل الاجتماعية، بل هو نتيجة تبادل التأثير والتفاعل بين الجهتين. على أن من اللازم القول إن موهبة الإبداع لدى الفنان تمر، كما يمر الإنسان في حياته، بمرحلة مبكرة فيها الكثير من التعثر في أغلب الحالات، تنمو على مراحل حتى تصل إلى ذروة النضج. وقد يتبين في لوحات رامبراندنت Rembrandt الكثيرة التي صور فيها ملامحه الشخصية منذ شبابه وحتى شيخوخته أنه إلى جانب اختلاف ملامح الفنان على مر السنين، هناك تطور ونضج في الأداء والتعبير..
وإن المقارنة بين الصورتين الأولى التي تعود إلى مطلع شبابه عام 1629، والثانية التي تمثله في شيخوخته عام 1658، تظهر ذلك العمق الذي بلغ في اللوحة الأخيرة روعة نادرة المثال في تاريخ الإبداع الفني ويؤكد(( كلود آدريان هلفيتيوس أحد أعظم النظريين الدراميين التي تجسد كلماته متطلبات الجماليات الجديدة حين يقول : إن على البطل الدرامي أن يتحدث على خشبة المسرح في صراحة عن موقفه وموقف مجتمعه .فالأنسان لايبدع الإ ماتقع علية عيناه ))(8)  ومهما تعددت النظريات واختلفت الآراء في شأن الإبداع الفني، فإن من الحق القول: إن الإبداع يتجلى في تلك الروائع التي خلفها الفنانون والأدباء، والتي أغنت التراث الإنساني.

المصادر :
---------------------------
 (1)محمد الجزائري – كتاب خطاب الابداع الجوهر –المتحرك –الجمالي ص200وص201 اصدار دار الشؤون الثقافية بغداد - 1993

 (2)أنظر : قاسم حسين صالح - كتاب الابداع في الفن - ص 14اصدار دار الرشيد للنشر - العراق - سلسلة دراسات (276) 1981- ص 14

(3)أنظر :  نفس المصدر  - ص14 وص15
 (4)محسن محمد عطية, مفاهيم في الفن والجمال, ط1, (القاهرة: مكتبة علا, 2005), ص71

 (5)أنظر : أميرة حلمي مطر, مقدمة في علم الجمال وفلسفة الفن, ط3, (القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر, 1997), ص(18)
15.
  (6)أنظر : لالاند ، اندريه . موسوعة لالاند الفلسفية ، المجلد الاول ، تعريب : خليل احمد خليل ، اشراف : احمد عويدات ،( بيروت-باريس: منشورات عويدات 1996م)،ص132
 (7)أنظر :قاسم حسين صالح - كتاب الابداع في الفن - صدار دار الرشيد للنشر - العراق - سلسلة دراسات (276) 1981-ص15
نفس المصدر ص15
 (8)أنظر : د. كمال عيد - علم الجمال المسرحي - الموسوعة الصغيرة - اصدار دار الشؤون
 الثقافية - العراق الطبعة الأولى لسنة 1990- ص 131




تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9