أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، فبراير 25، 2021

المعرفة وعلاقتها بالظاهرة المسرحية / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


المعرفة وعلاقتها بالظاهرة المسرحية  / محسن النصار                                         
عندما نتناول المعرفة وعلاقتها وبالظاهرة المسرحية على وجه الخصوص تضعنا المعرفة امام عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات تتميز بعدد من الخصائص والتي تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية في ميدان الفن وخصوصا المسرح , فهو فكر وفلسفة تناوله الفلاسفة والمفكرين منذ أفلاطون وارسطو حتى العصر الحديث، وقد تحدث عنه فنانون وشعراء وادباء عاشوا تجربة الإبداع الفني والمسرحي وقدموا روائع مؤثرة في الوجود الأنساني. والمعرفة ثلاثة أنواع رئيسة هي المعرفة الحسية التجريبية
والمعرفة الفلسفية , والمعرفة العلمية , وقد اتفق كل من المذهبان الحسي والعقلي على الحواس باعتبارها مصدراً للمعرفة

والمَعْرِفَة هي الإدراك والوعي وفهم الحقائق عن طريق العقل المجرد أو عن طريق اكتساب المعلومة عن طريق فهم العقل للتجربة أو الخبر، أو من خلال التأمل في طبيعة الأشياء وتأمل النفس أو من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين وقراءة استنتاجاتهم، المعرفة مرتبطة بالبديهة والبحث لاكتشاف المجهول وتطوير الذات وتطوير التقنيات

والمعرفة الفلسفية أو التأملية وتعتمد على التفكير والتأمل في الأسباب البعيدة .                        
إن كلمة معرفة تعبير يحمل العديد من المعاني لكن المتعارف عليه هو ارتباطها مباشرة مع المفاهيم التالية:المعلومات، التعليم، الإتصال، والتنمية ,والثقافة ,والفلسفة

فنظرية   المعرفة عند ارسطو  تعالج  علم الجمال الارسطي فيجمع بين الفن والعلم في اكثر من جذر واحد ففي نظرية المعرفة يجمع بينهما في مرحلتين من مراحل المعرفة ان العلم والفن يبدأ تاريخهما في الممارسة الذاتية من نقطة واحدة هي الاحساس ثم يلتقيان في المرحلة التالية للاحساس وهي مرحلة تكوين  التصور

(( إن تصورات النظرية المعرفية لا تقوم على بنية منغلقة ذَّات توجه آحادي في العلوم ذات المبادئ التجريبية، فقد أرست نظرية المعرفة بما يمكن وصفه بالمباديء المستقرةـ حتى لا تفقد المعرفة المنطق الذي يفسر غاياتها حيثما بلغ الوعي بقيمة الحوار مبلغاً تخففت معه القيود التي تؤدي إلى تعصب يتنافي مع الطبيعة الانسانية المعرفية ))(1)

وفي تحديد مذهبه الفني ينطلق ارسطو  من فكرة محاكاة الطبيعة لانه يرى ان من خصائص الفن تحويل كل شيء في الطبيعة والحياة حتى البشاعات فيهما الى شيء جميل تنعكس انعكاسا فنيا كاملا وصحيحا تصبح عنصرا جماليا ولكي تصبح البشاعة الواقعية جمالا فنيا لابد للفنان ان يستند خلال عملية الخلق الى الوضع المحتمل في الشيء اي الى ما يمكن ان يكون لا الى ما هو كائن بالفعل فحسب ذلك يعني ان فكرة محاكاة الطبيعة في مذهب ارسطو لا تجري مجرى المذهب الطبيعي في الفن لان (ارسطو) لا يرى ضرورة تصوير الواقع كما هو في لحظة عملية الخلق بل يرى ضرورة ان يكون الفنان قادرا على تحديد المحتملات  وارسطو  ((يوجد عند ارسطو في فن الشعر الذي يتجنب التفسير الترميزي بوصفه دفاعا , ويؤكد على الأثر العاطفي للشعر بوجه عام وللمأساة بوجه خاص , فيصل بذلك الى مبدأ التطهر الشهير ))(2) 

يحدد بناء قاعدة جمالية للمسرح فيؤكد
((المأساة إذن هي محاكاة فعل تام , لها طول معلوم , بلغة مزودة بألوان من التزيين تختلف وفقا لأختلاف الأجزاء , وهذه المحاكاة تتم بواسطة اشخاص يفعلون لابواسطة الحكاية وتثير الرحمة والخوف في نفوس المشاهدين , فتؤدي إلى التطهير من هذه الأنفعالات .
واللغة  المزودة بألوان التزيين تلك التي فيها ايقاع ولحن ونشيد , وأقصد بقولي تختلف وفقا لأختلاف الأجزاء , ان بعض هذه الأجزاء تؤلف بمجرد استخدام الوزن , وبعضها الآخر بأستخدام النشيد , ولما كانت المحاكاة إنما تتم بأشخاص يعملون فبالضرورة يمكن أن نعد من أجزاء المأساة : المنظر المسرحي ثم النشيد "الموسيقى " , والمقولة , فأن هذه هي الوسائل التي بها تتم المحاكاة , وأعني المقولة تركيب الأوزان نفسه , اما النشيد فله معنى واضح تماما , وفي ناحية أخرى لما كان الأمر أمر محاكاة فعل , والفعل يفترض وجود أشخاص يفعلون , لهم بالضرورة أخلاق أو أفكار خاصة , لأن الأفعال الأنسانية تتميز بمراعاة هذه الفوارق , فأن ثمة علتين طبيعتين تحدان الأفعال وأعني : الفكر والخلق والأفعال  هي التي تجعلنا ننجح او نخفق , والخرافة هي محاكاة الفعل لأنني أعني بالخرافة تركيب الأفعال المنجزة , وأعني بالخلق مايجعلنا نقول عن الأشخاص الذين نراهم يفعلون أنهم يتصفون بكذا وكذا من الصفات , وأعني الفكر كل مايقوله الأشخاص لأثبات شئ أو للتصريح بما يقررون ))(3)
ففكرة المسرح  وأفعاله مرتبطة بالوعي الجمالي والخبرة الجمالية الأدائية للممثل فهو محور نظم العلامات وحامل الخطاب المسرحي والوسيط المسؤول عن توصيل رسالة العرض إلى المتفرج عبر عمليات متعددة يعيها هذا الأخير بفكره وإدراكه بحواسه.
فمهمة الممثل هي التعبير وقدراته الإبداعية يجب أن تكون موجهة نحو التجسيد بأسلوب جمالي ((فعندما ينطق شخص ما بطريقة أدائية فهذا لا يعني أنه يلقي ببساطة عبارة ما، بل إن الشخص هنا يؤدي فعلا ما"))(4 ) فيجسد التعبيرات الدرامية والانفعالية صوتا وحركة ومرتكزا على بواعث ذاتية وموضوعية نلمسها من خلال الأداء السمعي  والحركي والبصري .
 ((يتصور بليخانوف أن علم الجمال المادي يتحرك على أرضية التاريخ وصراع الطبقات، ويدرس تبدل الأذواق والمثل العليا والتصورات الجمالية عبر التطور الاجتماعي، فالفنون مرتبطة بالمجتمع تعكس وتعبّر عن السمات
النوعية لفئة اجتماعية معينة في زمان معين، وتتعلق شتى البنى الفوقية
الايديولوجية ))(5 ).
ان نشوء الظاهرة المسرحية في بلاد اليونان كان لها جذورها وطقوسها الدينية  وتقاليدها وتربيتها كظاهرة مسرحية ا نشأمنها المسرح وجمهوره على حد سواء؛ أما العرب ، وعلى الرغم من امتلاكهم لأكثر من ظاهرة مسرحية، تبلوت في مجتماعتنا العربية  لكنها   ظلت الظاهرة نفسها بلا تقاليد ,واسس لتطويرها نحوالأفضل بينما كانت 
(( القضية في المسرح الأرسطي القديم قضية جبرية ؛ حيث الفعل هو أهم أساس قامت عليه نظرية المحاكاة الأرسطوية بعكس نظرية المحاكاة الأفلاطونية التي ألحت على ( محاكاة الفكرة المثالية المطلقة) فتلزم الفنان يمحاكاة ظل الصورة الأصلية المحفوظة في عالم الغيب . والفعل الدرامي أو الفكرة المطلقة كلاهما سابق الوجود( نظرية الماهية أسبق من الوجود) فالفعل بيد الغيب ( القدرة الإلهية) وما علي الإنسان إلا تجسيده ؛ وهذا هو جوهر الفلسفة المثالية عند أفلاطون وعند أرسطو؛ التي تقف عند حدود تبرير الوجود باعتباره المعطي الإلهي الدي نعيشه ونتفاعل معه على طريقتنا حتى نمضي فيعيشه من يأتي بعدنا ويتفاعل معه على طريقته إلى أن يمضي . وفي التبرير ثبات لظواهر ذلك الوجود على هيئته المعطاة .
ولا شك أن المسرح باعتباره فن الإتصال الجماهيري الحاضر هو ابن عصره يتغير بتغير العصر ،
وكدلك الفكر الفلسفي هو ابن عصره أبضا .))(6)
فكانت للمعرفة والفلسفة  تأثير  في خلق أجواء ساهمت في تطور الفعل المسرحي نحو الأفضل .


المصادر 
---------------------------

أنظر : الحوار و نظرية المعرفة - ناصر السيد النور - صحيفة  التحرير - 9 / 5 / 2017(1)

 (2)أنظر : جون ماكوين - موسوعة المصطلح النقدي - الترميز - ترجمة عبد الواحد لؤلؤة - دار المأمون للترجمة والنشر - بغداد -1990- ص 25

 (3)أنظر :   فن الشعر – ارسطو طاليس – ترجمة وشرح وتحقيق :عبد الرحمن بدوي – القاهرة – مطبعة مصر – مكتبة النهضة المصرية – ص18- ص 19
 (4)أنظر : مارفن كارلسون: فن الأداء، مقدمة نقدية، تر: د/منى سلام، مركز اللغات والترجمة، أكاديمية الفنون، ص29.

 (5)أنظر : الفن والتطور المادي للتاريخ , جورج بليخانوف , ترجمة جورج طرابيشي- دار الطليعة بيروت طبعة 1 - 1977ص22

أ(6)أنظر :  أبو الحسن سلام - التكوين المعرفي في المسرح بين النظرية ومناهج الإخراج
الحوار المتمدن-العدد: 5393 - 2017 / 1 / 5
تابع القراءة→

لمعرفة والفلسفة والمسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


لمعرفة والفلسفة  والمسرح  / محسن النصار 

 فالفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية  التي أسهمت في خلق حرية الفكر و الإبداع في شتى المجالات. إن الفن  المسرحي هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، تقدم أفكارها للمسرح وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير"، أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون. وكان شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة، فمن الإغريق الذين أسّسوا قواعد الفلسفة الأساسية كعلم يحاول بناء نظرة شموليّة للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني دامجين إياه مع التجربة ومحولين الفلسفة الواقعية إلى فلسفة ٱسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية ومذاهب الحداثة ومابعد الحداثة والعدمية حيث  كانت منبعا مهما  في نظريات  المسرح((النظرية هي الإطار المنهجي الفكري النظري المحدد لجوهر خاصية موضوعية لبلورة ماهية النوع وفلسفة وجوده كظاهرة بالكيفية التي هو عليها وسببية وجوده على تلك الكيفية ؛ مع ترسيم حدود تلك الظاهرة علي هيئة اصطلاحية ذات مفهوم محكم منضبط الحدود تؤكد خواص الموضوع وتثبت أسسه وأغراضه ؛ بحيث تشكل النظرية قاعدة جديدة مؤسسة في مجال التخصص النوعي ؛ تعد إضافة إبستمولوجية لاتجاه علمي أو لنوع أدبي أو فني ، أو لنشاط فكري أو علمي مبتكر تأصل وأصبح ظاهرة جديدة مكتشفة عبر تراكمات تطور ذلك النشاط ؛ لتصبح مرجع قياس منهجي يقاس عليها في تنظيم استمرارية تلك الحركة من عصر إلي عصر ؛ وفق الحاجة إلى الموضوعات الفرعية ذات الصلة بالنظرية نفسها . ومن أمثلتها :
- نظرية المحاكاة عند أرسطو.))(1)
فالحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني والمساحة المكانية  والحركة هي المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي ((لكل مادة صورة ولكل صورة مادة مكونة منها هذه الصورة، يقول أرسطو: ((إن المادة والصورة شيئان لا ينفصلان فحسب، بل كل منهما يعتمد على الآخر فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الروح والجسد فلن تغدو مادة ما على شكل ما دون صورة ما ولن تغدو صورة ما لم يكن هناك مادة بشكل ما))(2) وبذلك يمكن التأكيد بان المسرح هو المادة المتكونه من  المؤلف والمخرج والممثل كمضون  وأما الشكل فهو العناصر المسرحية المتعلقة بالديكور, والأضاءة , والموسيقى , والأزياء , والمكياج ,  لأنتاج الحس الجمالي والبصري لصورة المعبرة عن الفكرة الفلسفية لمضمون في العرض المسرحي  ، وقد اهتم المسرح المعاصر كثيرا في بناء الصورة المسرحية المؤثرة   من خلال التجاب في المختبر العملي المسرحي ,لأيجاد  تنوع في الأداء والتشكيل الحركي لدعم  وتكوين عناصر بصرية  وتأطيرها بالتجريب المسرحي ا. ومن أهم هؤلاء المخرجين الذين أعطوا أهمية كبرى لتشكيل الصورة المسرحية حركيا  المخرج الروسي ماييرخولد الذي اعتبر ((أن الكلمات ليست كل شيء، ولا تقول كل شيء، ويجب أن يستكمل المعنى بالحركة التشكيلية الجسدية، بشرط ألا تكون هذه الحركة ترجمة للكلمات: إن حقيقة العلاقات بين الأشخاص، تقررها الاشارات، والاوضاع، والنظرات، ولحظات الصمت...أما الإيقاع، فيجب ألا يكون واحدا بالنسبة للصوت والحركة))(3) والفنان المسرحي المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. وأكد ماييرخولد بعد ذلك على التدريب الفيزيقي لجسم الممثل وصوته وحركته. وتتركز حصيلة شغل ماييرخولد في اهتمامه بالتكنيك كأساس في العملية المسرحية لخلق صورا مسرحية جمالية معبرة . ونجد هذا الاهتمام أيضا لدى ألكسندر تايروف. فالمسرح عند هذا المخرج الروسي:” يتحدد بمعارضته لتقليد الحياة. ولا ينبغي كما يقول أن يكون عين الكاميرا، وهو فن قائم بذاته وله نظامه وتكنيكه الخاص. وفي رأي تايروف أن فن البانتوميم يعتبر من أنقى الأشكال المسرحية، وهو في هذه النقطة يلتقي مع مايير خولد. والممثل عند تايروف يرتكز عمله على الجسم والإشارة، وتشكل حركاته أهمية أكبر من التركيز على الإلقاء الذي كان يخضع في تصوره للأصول الموسيقية والإيقاعية”ويقدم لاوتو الذي اعتبر أن الفنان المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. هذا، ويعد جاك كوپوه من أهم المخرجين الفرنسيين الذين نهجوا منهج الاعتدال والتعقل في مجابهة الواقعية التفصيلية. وقد دخل عالم المسرح من باب الصحافة وعتبة النقد الأدبي، وكان إخراجه يعطي نوع من الاهتمام بالصورة المسرحية  المعبرة، والاشتغال على الفضاء الفارغ على مستوى الديكور والسينوغرافيا. ووظف بيتر بروك في إخراجه لكثير من عروضه المسرحية في بناء صوري  لمشاهد درامية معينة داخل عروضه المسرحية التي استعمل فيها منهجا يعتمد على توظيف مجموعة من التقنيات الإخراجية التي استلهمها من مخرجين آخرين تناصا وتضمينا وتجريبا. ومن هنا، فقد " أفاض بروك في إخراجه عرض مارا صاد عن رؤية متعددة التفاصيل، فالشخصيات تستخدم الماكياج بمعيار مبالغ فيه إلى جانب المبالغة في التشويهات الخلقية والجسدية مع تقديم مشاهد تعبيرية صامتة(ميم) وإضافات صوتية وحركات تعبيرية وضوئية في اعطاء صورا مسرحية . وكل ذلك يختبره بروك لتحقيق أهدافه الفنية التي تمثلت في امتزاج التناغم البريختي مع قسوة آرتو الأمر الذي أثار كيان النقاد في العالم، فهو قد استفزهم وخدرهم وسحرهم"وينطلق كوردون گريگ في كتابه" فن المسرح" من أن جذور المسرح تعود إلى الرقص والحركات الصامتة، وقد رفض فلسفة الواقعية كثيرا. وفي المقابل، كان يدعو إلى المسرح الشامل، وخاصة المسرح الذي ينبني على المسرحية الصامتة، و شعر العرض المسرحي الجامع بين طقوس الكلمة والحركة… وبالتالي، يتحدد المسرح الشامل لدى گريگ في الحدث والكلمات والخط واللون والكتلة والإيقاع في تكوين الصورة المسرحية جماليا

و((تعددت النظريات حسبما تعددت الظواهر والأنواع في كل المجالات تفاعلا مع مستجدات الجدل التاريخي المادي ؛ بما في ذلك الظواهر المسرحية في تنوعاتها المختلفة مابين النص الدرامي والعرض المسرحي وفنون التمثيل وفنون العرض المسرحي ومجالات التلقي ومجالات النقد .
وفيما يتعلق بنظرية الإبداع نجد من بينها ما يؤسس لماهية موضوعه اعتمادا على المحاكاة سواء أكانت محاكاة الطبيعة  طبيعة الفعل، أو طبيعة الفكرة المطلقة أو مجارة لها.))(4)

إن المعرفة والفلسفة والمسرح  نشأت وتطورت عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن المعرفة  مهدت  في منهجيتها الفكرية والفلسفية والجمالية للمسرح كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان
قبل نشوء الفلسفة شكلت الأسطورة إحدى أسس حضارات اليونان والمسرح ارتبط بتــكامل نشوء المدينة الــيونانية تـــماما كمـــا
تطورت الفلسفة بظهور الذاتية الواعية إن الفلسفة والمسرح أسهما في خلق حرية الفكر وتجريبية الإبداع في شتى المجالات.

إفالمعرفة   هي  أحد أشكال الوعي المعرفي و الجمالي  تجد نفسها  داخل المسرح ، فالمسرح  
يقدم  مواضيع فكرية وفلسفية  عن الحياة وعن البيئة المحيطة بالإنسان التي تتطلب منه استيعابها على اعتبار أنها تعبر عن الخبرة الإنسانية وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان .
 ((من جهة أخرى يعرف هنري كوهيي فلسفة المسرح بتمييزها عن عدة مفاهيم خصوصا عن الشعرية وعن الجمالية الدرامية: "هذه، مع ذلك، شيء آخر غير علم نفس الدراماتورج أو الممثل. إنها لا تختلط لا مع فن شعري ولا حتى مع جمالية. فهي تطرح مشاكلها مرة رافضة كل الأبحاث حول تكون الأعمال، وكل النقاشات حول القواعد، وكل جدل حول الجميل: إنها تمسك بالمسرح وتصفه باعتباره جوهرا.غايتها هي طبعا تحديد ما هو جوهري بالنسبة إليه.إن موضوع فلسفة المسرح هو روح هذا الفن مع ما لهذه الكلمة من معنى مزدوج يشمل المبدأ الروحي والنفس الحيوية. إن تعريف ما هو المسرح مع تحديد ما ليس هو، وتحليل بنيته، وقول في أي ظروف يوجد وفي أي ظروف يتخلى عن الوجود، ونقل دلالته للإنسان الذي يريده والذي يبدعه، هو البرنامج".
تتحدد فلسفة المسرح عند هنري كوهيي، وهي تستلهم بيركسون Bergson وجابرييل مارسيل Gabriel Marcel وخصوصا التصور البيركسوني للحدس الجمالي، في منتصف طريق الأصالة والمعاصرة، الجمالية الدرامية والميتافيزيقا، الحتمية والوجودية، الوضعية والتصوف. ورغم أن هنري كوهيي يدافع عن نفسه بكونه يتبنى وجهة نظر أرسطية ("أرسطو المتجاوز")، فإن مقولات التحليل: الفعل، والحبكةّ ، والوحدة، والتراجيدي، والكوميدي، والشخصيات والأجناس، مقولات كلاسيكية. وعلى العكس فإن المصادرةpostulat في الواقع معاصرة وترتكز على معرفة البعد المشهدي للمسرح: "خلق العمل المسرحي ليؤدى. الغاية المقصودة بهذه الكلمة هي انتظار الجمهور، لأن العمل المسرحي لن يكون تماما هو نفسه إلا بحضور هذا الجمهور: "تتأسس فلسفة المسرح على أعمال، ممارسات، جماهير. ويبدأ جوهر المسرح L’Essence du théâtre بأربع شهادات، شهادات أربعة مخرجين من كارطيلCartel: بيطويف Pitoeff، دولان Dullin، جوفيط Jouvet وباتي Baty. وقد أعطيت الكلمة كذلك في الحال للمنجزين الذين يخطط كل واحد منهم فلسفته الشخصية للمسرح. فلويس جوفيط Louis Jouvet مثلا الذي يحلم بجمالية تختلط فيها الوضعية والتصوف يرى أنه: "عند "إحياء" جمالية درامية قد تُضلنا الكلمة ولا تضلنا البنية. إنها تقول حصرا وتماما ما لديها لتقول. لهذا أحلم أحيانا، على غرار كيفييCuvier، أن أستطيع دراسة الفن المسرحي، في بضعة أيام، انطلاقا من معماريته، وإيجاد الوظيفة الأسخيلوسية eschylienne بناء على هيكل ديونيزوس Dionysos أو ابيدور Epidaure، تلك الوظيفة التي نجدها لدى شكسبير في آثار هذا الحيوان المنقرض الذي اسمه مسرح "الكلوب"، أو لدى موليير من خلال فضاء فرساي حيث قدم عروضه المسرحية. وبإيجاز يمكنني من خلال حجرة، تماما مثل فقرة من هيكل، إقامة الجسد الكبير الحي من ماض غريب ))(5)"
ويجب على الممثل أن يخلق شخصيته من خلال الكشف عن روحه الإنسانية عبر تجسيدها على نحو طبيعي على خشبة المسرح في شكل فني للكشف عن العالم الداخلي للإنسان، لذلك يجب الجمع بين العمل الجسدي والنشاط العقلي فهذا الأخير يتطلب أقصى حد من الهدوء العضلي وهذا معناه أن الممثل حينما ينجح في تركيز انتباهه على الموضوع المطلوب يختفي التوتر العضلي الزائد، إن الغرض هو أن نكشف عن العالم السيكولوجي المعقد للممثل فكلما تحكمنا في النشاط العصبي كلما استعد الجسم كله لأنه مرتبط بالإحساس بقوته الكاملة واستعداده للخروج من حالة السكون للقيام بأية مهمة عضلية، فسيطرة الممثل على جسمه أمر ضروري ومؤكد للانسجام مع عمله وهذه الأمور لا يمكن أن تنجح إلا بإتقان الممثل لفن الإلقاء وتشكيل كلامه على نحو جيد وواضح لإيصال المعنى، الفلسفي  المؤثر.

المصادر :
----------------------------
 (1)أنظر : أبو الحسن سلام – نظرية المسرح – قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
 (2)أنظر : أ.د.عقيل مهدي - كتاب السؤال الجمالي - سلسلة عشتار الثقافية- اصدار جمعية التشكيليين العراقيين-بغداد 2007. ص 120
 (3) أنظر :سعد أردش -كتاب المخرج في المسرح المعاصر - سلسة عالم المعرفة 19 الكويت , ص234
 (4)أبو الحسن سلام - نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
(5) أنظر : الفصل الثالث من القسم الأول من كتاب ( الجمالية المسرحية ) تاليف : كاثرين نوكريت ترجمة: م. أحمد حسيني
تابع القراءة→

الأزياء وتفاعلها مع حركة جسد الممثل / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, فبراير 25, 2021  | لا يوجد تعليقات

الفنان محسن النصار


الأزياء وتفاعلها مع حركة جسد الممثل / محسن النصار 


تعتبر الأزياء المسرحية من العناصر الفنية  الأساسية المكلمة للعرض المسرحي حيث تعيش كل عناصر العرض البصرية في ارتباط فني وداخلي متشابك حيث تتجمع وتتضامن لكي تخلق سينوغرافيا عرض رائعة وجميلة فالممثل عندما يتفاعل مع الزي الذي يظهر حركة الجسد وأبعاده 
الحقيقية لأنه يمتلك دلالات ترافق وضعيات الجسد والزي يؤثر في حركة الجسد مشيا ووقوفا وجلوسا فمثلا لايمكن ان تنجح ممثلات في اداء دور الساحرات في مسرحية مكبث لوليم شكسبير دون تصميم الملابس الخاصة للساحرات والتي تسمح 
للممثلات بالقدر الكافي من الحركة والمرونة الجسدية ,وعندما يطلب من من الممثلات ان يتحركن حركة عنيفة او قوية فمن الضروي عدم اتعابهن بخامات ثقيلة او معرقلة للسير ,اي ان تكون الأزياء مناسبة من كافة النواحي 
المتعلقة بأبعاد الشخصية المراد تمثيلها , فالزي يقوم بتعريف الجمهور بأداء الدور الذي يؤديه الممثل من خلال الزي الذي يرتديه حيث يعمل على خلق ايهام العمر والمهنة والجنس رجل او أمرأة وزي الممثل يساهم في أعطاء مغزى للمسرحية فيتمكن المصصم من خلال المسرحية على أيضاح الأختلاف في بناء 
الشخصيات وطبقاتها الأجتماعية وفارق العمر فيما بينها وأمزجتها فعندما تتحرك الشخصية أو تلفظ جملة واحدة يعرفها الجمهور ,أذا كانت شابة أو امرأة كبيرة او شابا او رجلا كبيرا غنيا كان او فقيرا ,واما مزاج الشخصية له 
اهمية من ناحية الزي فأزياء الشخصية المرحة يختلف عن زي الشخصية الحزينة 
بغض النظر عن تطابق ظروفها وموقعها فمزاج الشخصية يتغير كلما تطورت الأحداث
في المسرحية من مشهد الى أخر فتأتي الأزياء لتكشف الأفكار غير الظاهرة للشخصية ويتم تصميم الأزياء لأعطاء انطباع عن الشعور الداخلي المجهول والذي
يمثل مفتاح الشخصية .وللمخرج المسرحي اهمية كبيرة في اختيار أزياء المسرحية وتختلف معاملة المخرج مع مصمم الأزياء فمنهم من يعمل على تقيد مصمم الأزياء نوعا ما ومنهم من يلغي وجود مصمم الأزياء المسرحية ويضع التصاميم مع الأخراج لكن الدراسات الحديثة أثبتت على تفهم العلاقة بين المخرج ومصمم الأزياء من خلال حضور المصصم البروفات اليومية للمسرحية وقراءته للنص , وان خلق الوحدة الفنية لعناصر العرض المسرحي تعد مهة اساسية
لابد من التأكيد عليها من قبل المخرج فهي لابد ان تتركز على اتباع الطريقة العلمية في خلق العرض المسرحي ابتداءا من األأهتمام بكادر المسرحية والمسرح الذي تعرض عليه المسرحية وتوفير جميع الأحتياجات الأنتاجية 
للممثلين والمصممين وغيرهم من كادر العمل المسرحي ,والمخرج لابد ان يهتم 
بالجانب الفني والجمالي والتقني لعناصر العرض المسرحي والأتفقاق مع المصممين حول اسلوب العمل وتذليل كل الصعاب امام المصممين وخاصة مصمم 
الأزياء المسرحية فوظيفته كأختصاص يعد من اكتشافات المسرح المعاصر عندما دعت الحاجة الى متخصص في كل عنصر من عناصر العرض المسرحي وان عمل مصمم الأزياء المسرحية يتطلب منه مجهودا كبيرا عند المباشرة بعملية تصميم أزياء الشخصيات ,فيجب عليه ان يقوم أولا بدراسة الفكرة الأساسية للنص المسرحي وفق
مايريده المخرج من أبراز الفكرة الأساسية لشخصايات المسرحية من كافة جوانبها وابعادها ثم تأتي مرحلة التصميم ثم انتقاء نوع القماش ثم البدء في عقد جلسات نقاش مشتركة بين كافة مصممي العناصر المسرحية الأخرى ,ويعتبر مصمم الأزياء في المسرح من اكثر المصممين حرية في التصميم لكونه يتعامل 
احيانا مع حقائق تاريخية ثابتة كالنقل الدقيق للأزياء التاريخية او التعامل
مع زي الشخصية وفق المتطلبات الفنية الملائمة لسينوغرافيا العرض المسرحي


وإنّ استعمال لباس خاص بالتمثيل الدرامي يعود كالقناع إلى فترة المواكب الذبائحية الأولى، ويعود إدخال اللباس عبر الفنون التشكيلية (رسم – تلوين - نحت) إلى "اسخليوس". ويتألف زي الممثل في المسرح الإغريقي - بالإضافة للقناع- من الحذاء والعباءة الخارجية والثوب والأشياء المستخدمة في حشو الجسم وغطاء الرأس.


- الحذاء، وله عدة أنواع: "كوثورنوس Kothornos"، وهو حذاء يرتفع ارتفاعاً ملحوظاً عن الأرض، يُصنع من شرائح خشبية متطابقة وملونة بشتى الألوان وأحياناً يصنع من الجلد أو اللباد أو الفلين كان بعضها يرتفع إلى 25سم، 30سم وكانت خاضعة بارتفاعها لمكانة الأشخاص فللملك والوزير أعلى الأحذية.


وكان لأفراد الجوقة حذاء أقل ارتفاعاً يدعى "الكريبيس Krepis"، وقد ابتكره "سوفوكليس" وهذا النوع أخف من سابقه لأن على الجوقة القيام بسلسلة حركات لم تكن ممكنة بالكوثورنوس حيث أنه (الكوثورنوس) في الوقت الذي يضخم حجم الشخوص رمزياً، وأدبياً أيضاً- يقلص بارتفاعه وثقله، إمكانية تنقلهم ويثقل كل خطوة، ويفرض أسلوباً تمثيلياً يرتكز على جمود الممثلين شبه الكامل، وهذا ما يعطينا تأثيراً واضحاً للنحت (الحذاء الضخم لتضخيم الممثل) على الرقص (التمثيل والحركة) وكما أن شكل المسرح ومقتضيات المكان، حيث أن الجمهور كان يحتل مكاناً يبعد كثيراً عن مكان التمثيل، أضفت على الأزياء ومنها الحذاء ضرورة إبراز وإظهار الممثل، فهي تزيد من ارتفاع قامته لكي يتضح له كيان واضح فوق خشبة المسرح، هذا بالإضافة إلى القناع وحشو الملابس، وكذلك ليكون له إيحاءاً أدبياً أو رمزياً بأن هذه الشخصيات فوق مستوى البشر.
-حشو الجسم: وقد استخدم الإغريق صدرية وبطناً مستعاراً وفوقهما قميص يشدهما إلى الجسم ويغطي سائر الأعضاء وذلك لتضخيم الجسم بالأقمشة والوسائد بما يتناسب وضخامة القناع والحذاء ولا يخرج عن قوانين الجمال والتناسب إلا في رداء الكوميديا مما أعطى للمثل طولاً وضخامة.

-الألبسة: كان يتألف اللباس التراجيدي الإغريقي من عنصرين هما القميص المتعدد الألوان- ويدعى "بيليكوس" والرداء "ايبيبليما". وأما الأول: "بيليكوس" فهو ثوب طويل حتى العقبين وفي الحياة الواقعية كان لا يتجاوز الركبتين، كذلك أطالوا الأكمام حتى تغطي اليدين بصورة كاملة أو حتى الرسغين وفي الواقع كانت حتى المرفقين، وجعلوا الحزام الذي يشد إلى الوسط في الحياة الواقعية يرتفع فيشد على مستوى الصدر ويسمى "ماسخاليستر". وقد فعلوا كل هذا التعديل عن اللباس في الحياة الواقعية لكي يسبغوا على الممثل مسحة طول القامة.

وكذلك فقد كان الثوب "البيليكوس" محاكاً أو ملوناً بألوان زاهية ومغطى برسوم مقتبسة من أشكال بشرية وحيوانية ونباتية وغيرها. وذلك لكي يحظى الممثل بانتباه الجمهور.

أما الرداء الخارجي "الايبيبليماتا" فكان منه أنواع ونماذج متعددة منها مثلاً "هيماتيون Himation" وهو رداء واسع يلف الجسم كله وكذلك "خالامودي chalamode" وهو قصير وينسدل عن الكتفين. وكذلك فقد وجدت قطع ملابس معدة لشخصيات معينة، فمثلاً كان ديونيزوس يرتدي قميصاً طويلاً أصفر، وللملك ثوبٌ أرجواني وللملكة عباءة بيضاء مشغولة باللون الأرجواني.. ولم تكن هذه الألبسة في التراجيديا الإغريقية تطابق في ترفها وألوانها الزاهية الألبسة اليومية بل كانت تأويلاً حراً وخيالياً للباس القومي الإغريقي. غطاء الرأس، وكان له غرضان رئيسيان:

أ- إكساب الممثل طولاً على طول.

ب- إحياء الصبغة المحلية للدور فلكل شخصية غطاؤها.

وكذلك فقد استخدمت أدوات خاصة بالأزياء كالدروع للمقاتلين والسيف أو القوس للأبطال وصولجان للملك وعصا للمسنين.. ولقد كان للرموز والأسلوب هيمنة واضحة في التراجيديا خصوصاً على الواقعية في التمثيل.





تابع القراءة→

الأحد، يناير 03، 2021

الهيئة العربية للمسرح تعلن قائمة العشرين في مسابقتي تأليف النص المسرحي (الموجه للكبار والموجه للأطفال) النسخة 13 للعام 2020

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, يناير 03, 2021  | لا يوجد تعليقات

موقع الفنان محسن النصار 


الهيئة العربية للمسرح تعلن قائمة العشرين في مسابقتي تأليف النص المسرحي (الموجه للكبار والموجه للأطفال) النسخة 13 للعام 2020

النتائج النهائية ستعلن في اليوم العربي للمسرح 10 يناير 2021

تعلن الهيئة العربية للمسرح و بكل اعتزاز قائمة العشرين في مسابقتي تأليف النص المسرحي (الموجه للكبار والموجه للأطفال) النسخة 13 للعام 2020، حيث انتهت لجنتا التحكيم من المرحلة الهامة هذه بعد أن تعاملتا مع عدد مشاركات هو الأعلى في تاريخ المسابقتين، فقد بلغت 535 مشاركة، على النحو التالي : 

مائتان وثمانية وخمسون نصاً قدمت لمسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار فوق ثمانية عشر عاماً.

مائتان وسبعة وسبعون نصاً قدمت لمسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال من ستة إلى ثمانية عشر عاماً .

وتزجي الهيئة العربية للمسرح التهنئة للكتاب الذين تأهلوا لقائمة العشرين بعد تنافس شديد، مما يعتبر إنجازاً هاماً، خاصة وأن قائمة العشرين وعلى مدار النسخ الماضية حملت اسماء لامعة في عالم النص المسرحي، وصارت مصدر اعتزاز للمتأهلين، وتحيي الهيئة كافة المشاركين حيث تشير تقارير لجنتي التحكيم إلى وفرة في النصوص الجيدة، وتعلن أن النتائج النهائية التي ستحدد الفائزين بالمراتب الثلاثة الأفضل في المسابقتين سوف يتم الإعلان عنها ضمن احتفال الهيئة العربية للمسرح باليوم العربي للمسرح الذي يصادف يوم الأحد 10 يناير 2021.

كما تلفت الانتباه أن ترتيب هذه النصوص في هذا الإعلان يتبع التسلسل “الألف بائي” ولا علاقة له بالترتيب والدرجات. 

هذا وقد احتل 22 نصاً في مسابقة تأليف النص الموجه للطفل المراتب العشرين، فيما احتل 30 نصاً في مسابقة تأليف النص الموجه للكبار المراتب العشرين.

وقد جاءت قائمة العشرين في مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للطفل للعام 2020 على النحو التالي:

الخروج من القفص . نجم الدين حاج بكري. سوريا.
الصناديق المغلقة. محمد درويش حنفي درويش. مصر
الطريق إلى العالم. غمار محيي الدين محمود. سوريا.
القرية التي أكلت الحكايات. مهند ثابت العاقوص. سوريا
المسبار الماسي. خالد سيد حسونة عبد المجيد. مصر.
جنة العميان. محمد العمراني. المغرب.
حقيبة جابر بن حيان المفقودة. حيدر محمد هوري. سوريا
حكاية التماثيل الذهبية. أحمد محمد طوسون عبد العزيز . مصر
رحلة البحث عن الألوان. رامة محمد عيان. سوريا.
رحلة في دفتر.  عبد السميع بنصابر. المغرب
رغد والهرة والكوكب الغريب. مصطفى محمد عبد الفتاح. سوريا
ريام في بلاد الأحلام. ليث فائز محسن جيجو. العراق.
ساحرة الموسوعة. منذر بن خالد السعيدي. سلطنة عُمان.
ساسو العظيم. ماهر مهران ابو زيد. مصر.
سيف الحارس. محمد عبد الفتاح كسبر. مصر.
شبيك لبيك أيها الجني. مصطفى محمد رشدي أحمد. مصر.
ضيعة الألوان. أبو بكر حمادي . الجزائر.
ضيف على المستقبل. يوسف الشاطر. المغرب.
طائر الهوما. عيسى خليل الصيادي. سوريا.
عصافير ملونة. دلال راشد الأحمد. سوريا.
قلعة الساحر. حصة خالد بدر فرحان. الكويت.
كتاب الأمنيات. معتز سعد بن حميد. ليبيا.

أما قائمة العشرين في مسابقة تأليف النص الموجه للكبار للعام 2020 فقد جاءت على النحو التالي:

أراسين. حسام عبدالله حنوف. سوريا.
أرواح جائحة. سعد هدابي طعمة . العراق.
استحواذ. عباس علي عبد الغني. العراق
اسطورة السيد ميت. علي عماد الدين يونس. سوريا.
الحفارون وقادة الهرب. سعيد بودبوز . المغرب.
الدقائق العشرون ما بعد الأخيرة. حسام عبد الرؤوف محمد. مصر
الفئران لا تضل الجحور. هاني مصطفى محمد قدري. مصر.
المنسي خرائط التيه.صلاح الدين جعلاب. الجزائر.
بتول. عبد الكريم عمر عمرين. سوريا.
برتقال. باسم  قهار. استراليا.
بيغاسوس.سيد محمد عبد الرزاق عبد العال. مصر
ثلاثة أيام في الفراغ. ولاء عطالله أحمد. مصر.
جسر. غسان علي نداف. فلسطين.
جسمال. فاتن حسين ناجي. العراق.
حاطب الليل. أنس العاقل. المغرب.
خطابات السيد عصفور. أحمد محمد حنفي محمود. مصر.
خمسة عشر دقيقة. علي صلاح العبادي. العراق.
دراما خيالية حدثت عام 2030. علي عبد النبي الزيدي. العراق.
سالسا. ناديا سليمان القناعي. الكويت.
سيرة الأقفاص. حسان عبد الباسط الجودي. سوريا.
شمس. محمد أمين بودريقة. المغرب.
عرض مسرحي. سمير عبد الفتاح. اليمن.
غرفة الذات. عبد المؤمن ورعي. الجزائر
في حقيبتي خطوات لم تستعمل بعد. آمال الرامي. المغرب.
قليل من العبث. أيمن عبد المقصود رزق. مصر
متاهة. مهدي حلباس. المغرب.
مريد . محمد علي ابراهيم حسانين. مصر.
من سيفتح الباب؟ مناهل عبد الله السهوي. سوريا
موكشا. عيسى ابراهيم خليل الدرازي. البحرين
نقيق. روعة أحمد سنبل . سوريا ... 
_____________________________
إعلام الهيئة العربية للمسرح
تابع القراءة→

الاثنين، يونيو 15، 2020

بحث في (المسرح في علاقته بالمعرفة:المعرفة في المفهوم الفلسفي والأنتربولوجي والعملي، وعلاقتها بالفنون بصفة عامة، وبالظاهرة المسرحية على وجه الخصوص) / الأستاذ محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, يونيو 15, 2020  | لا يوجد تعليقات

تابع القراءة→

الجمعة، يونيو 05، 2020

السيكودراما بين الواقع والخيال

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, يونيو 05, 2020  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية 
السيكودراما بين الواقع والخيال 
السيكودراما (بالإنجليزية: Psychodrama)‏ هوكلمة مركبة من Psychee الروح و Drama الفعل , وهى تعنى حرفيا " الدراما النفسية " أطلقت تسمية سيكودراما على شكل من أشكال المعالجة النفسية من خلال التقنيات المسرحية والدرامية وعلى استخدام المسرح كوسيلة تربوية كما انه  مصطلح يطلق عليه نوع من أنواع العلاج النفسي الذي يجمع بين الدراما كنوع من أنواع الفنون وعلم النفس و تكمن فعاليته في مساعدة الشخص على تفريغ مشاعره وانفعالاته من خلال أداء أدوار تمثيلية لها علاقة بالمواقف التي يعايشها حاضراً أو عايشها في الماضي أو من الممكن أن يعايشها في المستقبل و جلسات علاج السايكودراما تتخذ وقتاً من 90 دقيقة إلى ساعتين وهي ليست العلاج الجماعي بل هي جزء منه تشترك فيه في منطق التنفيس الجماعي و تستخدم لعلاج الصدمات العاطفية, والعنف الاسري وللذين تعرضوا للعنف والمدمنين على الكحول وغيرها من المشاكل النفسية الاجتماعية والعائلية التي يعيشها الفرد والهدف من السايكودراما هو إيجاد حلول للمشاكل عن طريق مساعدة الشخص في فهم مشاعرهم عبر تجسيد الواقع بشكل تمثيلي تحاول إخراج الشخص من عزلته النفسية وتعتبر السيكودراما  أسلوب عملي لحل مشاكل الشخص بدلاً من الأساليب الشفهية المتبعة في العلاج النفسي التقليدي كالتخيل والتنويم المغناطيسي وان العلاج بالسايكو دراما يتمحور على ثلاثة عناصر وهم
المخرج وهو نفسه المعالج النفسي والذي يكون وظيفته اخذ المشكلة من المريض وكتابتها سيناريو وتجسيدها في التمثيل والشرط الاساسي لحل المشكلة ان يكون المريض هو البطل الاساسي في العمل المسرحي او الدرامي ومن ثم إختيار الممثلين  كما تتكون جلسة العلاج من مجموعة وهم المممثلين الباقيين المساعدين للمريض في أداء دوره بالقيام بأدوار أخرى في المسرحية، عادة يتراوح عددهم من 10 إلى 15 وقد يصلون لخمس وعشرين شخصاً. كلما قل العدد كلما زادت فاعلية العلاج كما ان المريض وهو نفسه الذي تتمركز حوله أحداث المسرحية ويقوم بتمثيل واقع حدث له من أجل إيجاد فهم أكثر عمقا ( استبصار) ويجب أن تكون السيكو دراما تعبيرا صادقا عن مشكلة خاصة أو مشكلة جماعية او اجتماعية وأثناء تمثيلهم للأدوار التى يقومون بها يتذكرون ما حدث لهم ويقدمونه بالصورة التى تتطلبها عملية التنفيس الانفعالى ويتخلصون من مخاوفهم وشعورهم بالنقص أمام الجمهور فيحسون بالراحة والاندماج فى المجتمع ومعنى هذا أن الجمهور أو المشاهدين شرط جوهرى في خفض حدة اضطراب الانتباه المصحوب بالنشاط الحركي الزائد  ونذكر ايضا ان السيكودراما هو أسلوب لحل المشكلات كافة فعندما يميل الطفل لتقليد دور الأب والام والمدرس والضابط والطبيب والنجار وساعي البريد وعامل النظافة والممثل الخ هنا يتطور الطفل نتيجة تأديته لهذه الأدوار التي لها جاذبية خاصة للصغار وهنا تعتبر حالة من حالات اللعب التلقائي الذي يجمع بين الخيال والواقع والحقيقة والخرافة كأسلوب علاجي له وجاذبية خاصة لدى الطفل وتفريغ ما بداخله و تنمية المعلومات العامة واكتساب المهارات التي تم تقليدها وتنمية مفاهيم تعمل على تغيير السلوك للمتعلم كمفاهيم الجمال.. الأشكال.. الأحجام.. الألوان.. الاحساس والتعايش مع بيئة توصي على استخدام الحواس الخمسة من خلال تركيز الطفل على مباديء وقيم مكتسبة من خلال السيكودراما والقصة مثل.. التعاون.. الصدق.. الأمانة.. الحب.. الاحترام.. النظافة.. تنمية الثقة بالنفس.. تنمية الجانب العقلي والبدني و الوصول للمعلومة بشكل تلقائي غير مباشر من أهداف السيكودراما  تنمية اللغة و تنمية مهارة الاتصال و تنمية المفاهيم و الانتقال من لعب الحس الحركي إلى اللعب الدرامي من خلال السيكودراما و مثال لذلك عند الذهاب إلى البائع  فهناك تعلم للمفاهيم مثل معرفة النقود وقيمتها وفائدتها والتعرف على الطريق.. السير على الرصيف.. التعرف على نوعية المحلات بالشارع والدمج في المجتمع و الأتصال بالعالم الخارجي و القواعد الهامة للمشاركة في السيكودراما اولا ألا يكون المشارك تحت تأثير مخدر أو دواء قوي ثانيا ألا يكون في حالة عقلية غير طبيعية لا تسمح له بالتفاعل مع الآخرين. 
وأثناء الجلسة لا يسمح بالآتي: 
1. الحوارات الجانبية بين المشاركين.
2. استخدام الموبايل أو فتحه أو سماع رناته.
3. الخروج قبل انتهاء الجلسة. 
4. مقاطعة المتحدث أياً كان وضعه مشاركاً أو بطلاً.
واهم محاور السيكودراما هــي اولا  التفاعل الجماعي ثانيا غرس الأمل فإن المريض يجد الأمل في الشفاء عندما يجد آخرين معه مشاركين في مراحل التحول والتغيير إلى الأفضل كذلك مقابلة المعالج الذي لديه الاعتقاد والحماس الشديد في الدور المؤثر العلاجي للسيكودراما ثانيا الشعور بانتشار الشكوى الفردية :
إن المريض يشعر أولا أن مشكلته فريدة من نوعها وهي خاصة به فقط فيشعر  بالخوف والخجل ولكن أثناء السيكودراما يشعر أن خبراته المرضية منتشرة وشبيهة لتجارب الآخرين ويؤدي ذلك إلى تقليل الشعور بالوحدة والانعزالية ثالثا اكتساب مهارات فنية علاجية حيث يتعلم المريض مهارات التواصل وإيجاد حلول للمشاكل بين الأشخاص وبعضهم حيث يحدث تحرير وتنفيس المشاعر والأحاسيس المكبوتة في العقل اللاواعي ويتعلم معنى حياته وأنه مسئول عن كل اختياراته وأهدافه ومشروعاته يؤدي ذلك إلى حدوث خبرة مشتركة في المجموعة تؤدي إلى تقليل الشعور بالخجل والخوف و يقوم الفرد بالتعبير عن المشاعر الدفينة والداخلية في العقل اللاوعي ويحررها إلى الوعي ويؤدي ذلك إلى إدراكه بهذه الأحاسيس المكبوته و أيضا يقوم الفرد أثناء السيكودراما بمناقشة هذه المشاعر مع مشارك آخر وان الخبرات التي قد تم تخزينها داخل الجهاز العصبي عند التعرض للصدمة والتي أحدث المرض النفسي تقوم السيكودراما بتحريرها من الجهاز العصبي بالتعبير الجسدي وكلنا نعلم ان ( المسرح رسالة ) 
أن التمثيل المسرحي عمل فني راقي و هدف و رسالة فيها إنبهار للصغير  الطفل والكبير وفيها إثارة للقدرة العقلية و الذكاء و تثير القصة المسرحية إنتباه و تفكير ليحدث التميز البصري وهو ينظر إلى الممثلين و يستمع و يركز إلى ما يقال مثلا  قصص لتعديل السلوك و تجنب العنف و التعايش مع الأحداث الإجتماعية و التدريب على الذاكرة السمعية و إثارة اللغة و سرد الأحداث التي تساعد على النضج العقلي و عادات وقيم و مبادئ يحتاجها المستمع و يعيشها و يتفاعل فيها و معها وهنا يجب ان نفرق بين السوسيودراما والتي تهدف إلى تسهيل الاستبصار والتركيز على قضايا المجموعة حيث يتم طرح مشكلة معينة يشارك الجميع في التمثيل والعمل الدرامي أما السيكودراما هي التركيز  على قضية فردية داخل المجموعة (  المريض ) فالسوسيودراما هي  لاكتشاف تحديات العمل أو المهنة لدى مجموعة من الممرضين والممرضات و التعامل مع نوع معين من المرضى كمرضى الإيدز أو السرطان أو الأمراض المهلكة ويشارك فيها الجميع لإكتشاف تحديات المهنة بشكل عام
تابع القراءة→

الثلاثاء، مايو 26، 2020

تاريخ موجز للآشكال المسرحية (من أرسطو الى بريشت وباراكا وأونيل وبول)

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 26, 2020  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


تاريخ موجز للآشكال المسرحية (من أرسطو الى بريشت وباراكا وأونيل وبول)

ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد – البصرة

بقلم: أليس لوفليس أتلانتا ، جورجيا

هذه المقالة الموجزة مقتطفة من مقالة طويلة بقلم أليس لوفلاس بعنوان ( الصلة المتبادلة: التوسّط ومسرح المضطهدين في عملية التغيير الأجتماعي). تتطرق هذه المقالة الى تطور المسرح الحديث وعلاقته بالجمهور وكذلك المجتمع وصلة ذلك كله بالتغيير الآجتماعي.
يصف ريتشارد سيثيرن Richard Southern (1961) الفن بأنه شكل من اشكال التواصل ومنه الحوار (الذي يتيح الفرصة للتواصل مع الناس). ويقسم سيثيرن تاريخ الأشكال المسرحية الى (الفترة ماقبل الديانة المسيحية) Pre-Christian Era ، أي فترة الأسطورة الوثنية أو البدائية و(الفترة المسيحية) Christian Era. ففي المجتمعات التي سبقت الديانة المسيحية في أوربا مثل الثقافات الأراواكية Arawaks والسلتية Celtic وبعض الثقافات في غرب أفريقيا وأسيا حيث كان السحر يمارس أثناء الطقوس الدينية وهو شكل مسرحي فيما أتجهت المسيحية الأوربية الغربية الى ابعاد السحر عن الدين واستثمرته في مسرحها.
ويمكن تمييز الفترتين التاريخيتين أيضا على أنهما (عصر مسرح الشعب) و (عصر الشعب في المسرح). وفي المسرح البدائي (حيث كان الممثلون يمثلون جزءا من المجتمع)كان المتفرجون يتجمعون في الهواء الطلق حيث كانت الطبيعة توفر المناظر الطبيعية والستارة الخلفية. وكانت الحركة متعددة المجالات تبدأ يأستخدام الأقنعة والغناء والرقص وأداء طقوس معينة. وكان لجمهور الحاضرين الحرية بالتداخل وتكييف الأداء المسرحي وفق أحتياجاتهم. وكان مثل هذا المسرح تحت سلطة المجتمع حيث كان الجميع يسردون قصصهم التي تعكس قيمهم أضافة الى رؤية العالم. وفي عصر أشكال المسرح المسيحي أصبح الممثل محط ألآهتمام ، أما دور الجمهور (المجتمع) فقد تقلص ليأخذ دور الشخص المصغي أو المستجيب. وفي هذه الفترة بدأ التمثيل يجري في الداخل على خشبة المسرح التي أصبحت أعلى من الجمهور (المجتمع) وتحت أضواء أصطناعية.
ومع أبتداع هذا النمط من المسرح اصبحت الكلمات هي محط الأهتمام. وعلى أثر ذلك تحول التواصل من أعتماد المعنى الرمزي المعرّض للتـأويلات الى المعنى المحدد بكل أحكام. وأصبحت اللغة بمثابة عقبة مما جعل الحوار يتحول الى مناجاة فردية على المسرح (أنظر سيثيرن 1961).
وكانت ملاحظات أرسطو حول بنية المسرح وغرضه قد استندت الى التراجيديا الأغريقية. ورغم أن بعض ملاحظاته قد حورت في مابعد فأن الكثير من أفكاره قد جمعت ونظمّت بصيغة قواعد صارمة للمسرح (أنظر كارل أج شوبس Schoeps 1977. وقد أرتقى أرسطو بحياة أفراد الطبقة الحاكمة والكنيسة وقيمها الى مقام المسرح العظيم ، حينذاك اصبح للآله وجها محددا كما أصبح بالأمكان مطابقة الفضيلة مع نمط حياة معين. والمسرح ، في نظر أرسطو ، يحمل رؤية عالمية وقيما أخلاقية تمثل أولئك الذين يمسكون بزمام السلطة وأستثمار لغتهم ورموزهم مع ترك الجماهير تتخذ دور الجمهور السلبي.
بعد ذلك ظهرت الطبقة الوسطى ، وبظهورها أنبثقت شخصية جديدة مثلت الفرد الأستثنائي وهذا أدى الى بروز الولع الشديد بالبطل (أنظر بول Boal 1979). وقد أرتبطت شخصية البطل بالطبقة الحاكمة أو الطبقة ألأرستقراطية مع وجود خط مستقل. وبموجب قواعد التراجيديا الأرسطية فأن البطل يكافيء بسبب تأييده لقيم الطبقة التي ينتمي أليها ، عير أنه يتعرض في نهاية المطاف الى عقوبة صارمة من جراء الخلل في شخصيته ، وأن مثل هذا الخلل كان السبب في أرتقاءه الى مكانة البطل. في هذه الأثناء يشاهد المتفرجون مايحصل فيشعرون بالمعاناة مثله من خلال عواطفهم وتعاطفهم معه.
تطور مسرح المضطهدين
بذهب شوبس Schoeps الى الآعتقاد أن برتولت بريشت (1896 – 1956) Bertolt Brecht قد أسهم كثيرا في أثراء اشكال المسرح الحديث ، فقد كان دوره بارزا الى حد كبير في المسرح الحديث ومثّل تحديا لمنهج أرسطو بخصوص المسرح بصفته نشاطا يرتبط بالمتفرجين.
ورغم أنه أيد رأي أرسطو من أن المسرح لابد أن يكون (مكانا للترفيه والمتعة) فأنه لم يرغب (بأنتزاع المسرات) من الجمهور من خلال تجفيفهم عاطفيا. لكن بريشت عارض مفهوم أرسطو حول تطهير العواطف بالفن catharsis وسعى بدلا من ذلك الى تحفيز عقول الجمهور في ما يخص العالم من حولهم ومكانتهم في ذلك العالم والنزاعات التي تحيط بهم. وكانت الرغبة تحدو بريشت بأن يكون رد فعل الجمهور من خلال العقل وليس العاطفة.
ويعتبر شوبس بريشت (مجددا) ومتمكنا من تكييف التراث الأدبي وتطويعه لآهدافه الخاصة ، كما أنه أفلح في تضمين الأقتصاد والسياسة في نصوصه ويرى أن أفضل أسهام لبريشت في المسرح الحديث يتجسد في مسرحية (دائرة الطباشير القوقازية) The Caucasian Chalk Circle التي يقوم بها المغني / الحاكي بدور القاص والمعلق والمفسر للنزاع ، وهي شخصية تدل بوضوح على أبداع الكاتب.
وفي الولايات المتحدة هناك العديد ممن ساروا على خطى بريشت لعل من أهمهم وأكثرهم شهرة جماعة (المسرح الحي التعاوني) Living Theater Collective التي تأسست في عام 1947 بقيادة الممثلين (جوديث مالينا) Judith Malina و (جوديث بيك) Judith Beck. ومنذ فترة الخمسينيات من القرن الماضي تعاظم تأثيره وألهم جماعات مثل (فرقة التمثيل الأيمائي في سان فرانسيسكو) San Francisco Mime Troupe وكذلك فرقة (التيترو كامبيسينو) El Teatro Campesino. كما يتضح تأثير بريشت بجلاء في أعمال الناشط المقروء كثيرا (أيمامو أميري باراكا) Imamu Ameri Baraka الذي كان يعرف في السابق بأسم (ليروي جونس) LeRoi Jone. وفي عام 1964 أضفى باراكا صبغة سياسية على المسرح الوطني من خلال مسرحيته الموسومة (الهولندي) The Dutchman التي حصلت على (جائزة أوبي) Obei Award تبعها في السنة اللاحقة بمسرحية (العبد والمرحاض) .The Slave and the Toilet. وترمز مسرحيات باراكا الى المواجهات والعداء وفقدان الثقة بين السود والبيض في أمريكا (أنظر شوبس 1977).
وقد وصل تأثير بريشت مختلف أرجاء الولايات المتحدة ، وقد أثر على فنانين نشطاء مثل (جون أونيل) John O’Neal وهو كاتب أمريكي من أصول أفريقية ، وهو ممثل مغروف بتجسيد الشخصية الشعبية المعروفة ب (جون باك جوبا جونز) June Bug Jubba Jones. ويقر أونيل بالتأثير الذي تركه بريشت والمسرح الحي على قراره في ابتداع المسرح الذي يتحدث عن كرامة الأمريكان من أصول أفريقية وعزتهم غي مواجهة الأضطهاد الفاضح. وقد استخدم أونيل بريشت مصدرا رئيسيا له في كتاباته وتفكيره ، كما أنه أستخدم (مسرح الحقيبة) Suitcase Theater الذي أرتبط ب (لانكيستن هيوز) Langston Hughes و (تيد وارد) Ted Wared مثالا يحتذى به ليعمل بعدها بالتعاون مع (توم دينت) Tom Dent و(جيلبرت موس) Gilbert Moss على تأسيس (المسرح الجنوبي الحر) Free Southern Theater (1963) في نيوأورلينز وكان الهدف من ذلك تأسيس مسرح يشجع أولئك المنضمين الى الحركة ويدعمهم. وقد سعى هذا المسرح الى تجسيد حياة الفقراء والطبقة العاملة في الجنوب على خشبة المسرح مما حفز العاملين في (حركة الحقوق المدنية) Civil rights Movement على التفكيرالنقدي والتأملي. وكان الشعار الذي تبناه (المسرح الجنوبي الحر) هو (هذا المسرح لمن لامسرح له).
ويعتبر اوغستو بول Augusto Boal ، وهو ناشط سياسي برازيلي ومخرج مسرحي في (مسرح أرينا) Arena Theater (1956 – 1971) من أفضل تلامذة بريشت المجددين البارزين. وفي عام 1971 نشر بول كتابه الموسوم (مسرح المضطهدين) الذي يسرد فيه تطوره الثقافي ويوضح فيه تجاوبه مع تأثير بريشت والمنظّر التربوي (باولو فريري) Paulo Freire وتأثيرهما على تفكيره. وقد طالب فريري (1970) بأن يقدم الفنانون دعمهم لكفاح الناس من خلال تكريس أنفسهم لتفكير الناس. ولم يشجع على التركيز على أفعال الأنسان لأن مثل هذا التركيز سوف يفضي الى الفوضى. والتركيز الحقيقي يجب أن ينصب على (التفكير – اللغة) اللتان تستثمران في الأشارة الى الواقع ، والمستويات التي يتم أدراك ذلك الواقع بموجبهما وكذلك وجهة نظرهم أزاء العالم. وحذر قائلا: لاتقصد الناس بهدف تخليصهم أنما عليك أن تفهم من خلال الحوار.
لقد تأثر بول كثيرا بذلك وعمد الى ربط عمله في مجال النشاط المدني مع خبرته في مجال المسرح ليبتدع شكلا من المسرح أثبت جدواه في المساعي التي قامت بها الطبقة الدنيا في البرازيل في تغيير واقعهم الشخصي والأجتماعي الى وعي وفعل سياسي. ونظر بول الى المسرح باعتباره أداة للتربية والتعليم وفق الفكرة السائدة عن المسرح بأعتباره يقدم عروضا عادية وتسلية! وكان هدفه زيادة القدرة على مواجهة العوامل الداخلية والخارجية في النزاعات المتأصلة من خلال تعزيز القدرة على الأعتقاد لأحداث التغيير.
وفي أعقاب أنتاج مسرحية (زومي) ZUMI وهي أكثر مسرحيات (مسرح أرينا) نجاحا جاءت مسرحية (الجوكر) The Joker والتي تمثل أكثر اسهامات بول التجديدية في المسرح الجماهيري والتي تعهدت بأحداث التغيير الأجتماعي. ومسرحية (الجوكر) تحث الجمهور على النظر الى النزاع من زوايا كثيرة والتفكير بمسببات مثل هذا النزاع ومايمكن أن يحصل بعد ذلك. ويرى بول (1979) أن مثل تلك الأهداف يمكن أن تتحقق من خلال شكل مسرحي يعمل (ضمن زوال الأساليب المسرحية). ويشمل منهج بول الذي يتألف من سبع مراحل مايأتي: التكريس والأيضاح وسلسلة الأحداث المترابطة والمشاهد والتعليق والمقابلة والنصح.
تشبه مرحلة (التكريس) dedication كثيرا الطقس الأفريقي المعروف ب (الأراقة)1 تكريما الى الأسلاف قبل الدخول في أي حوار عام. وربما يكون التكريس في أطار هدف مسرحية (الجوكر) تكريما لشخص مثالي ربما يقدم تاريخه الشخصي معرفة للأنتاج القائم في تلك اللحظة ، وهو مايسهم بتثقيف الجمهورالحاضر للعرض.
وأثناء (الأيضاح) explanation يحظى (الجوكر) بالسلطة الكافية التي تؤهله للتداخل في أي وقت يشاء حين تدعو الحاجة الى طرح مزيد من المعلومات وعند ذاك يتوقف الأداء وتتم عملية تبادل المعلومات بشكل محاضرة يتم فيها عرض الخرائط أو الشرائح المنزلقة (السلايدات). ويهدف ذلك الى (توجيه التركيز على الأداء من منظور الشخص الذي يقوم بتلك الحركة).
وتشير (سلسلة الأحداث المترابطة) episodes الى المشاهد المترابطة مع بعضها.ويطالب بول بسلسلتين من تلك الأحداث المترابطة بشرط أن تضم السلسلة الأولى مشهدا أضافيا على ماتحتويه السلسلة الثانية.
وتحظى (المشاهد) scenes بأهمية محدودة لكن المشهد مع ذلك يعتبر شيئا متكاملا بذاته ويمكن أن يتخذ شكل حوار أو أغنية او رقص أو قصيدة أو خطاب. ويهدف كل مشهد من المشاهد الى بيان (التغيير النوعي في نظام القوى المتنازعة).
ويعمل (التعليق) commentary على ربط كل مشهد بالمشهد الآخر ويرجّح أن يكون ذلك بصيغة شعر مقفى تلقيه جوقة من المنشدين. ولأن كل مشهد يحمل في طياته تنوعا كبيرا فأن التعليق يستهدف أشعار الجمهور بحصول أي تغيير.
وحين يرى (الجوكر) أن أحدى الشخصيات تحتاج الى المزيد من الوقت لأيضاح فكرة ما يتم حينئذ اللجوء الى (المقابلة) interview. وخلال فترة المقابلة يسمح للشخصية بالحديث المباشر لما تظنه صحيحا وبيان أسباب ذلك.
وأثناء فترة (النصح) exhortation يلتمس (الجوكر) الجمهور على نحو عاجل مستخدما النثر أو الغناء بالتوافق مع الموضوع.
ويعتبر (مسرح الصورة) Image Theater واحدا من أهم ألأساليب الشعبية التي تبناها بول لأعانة أطراف النزاع على تصور النزاع. وقد تأثر مسرح الصورة بمنتج الأفلام الياباني (أكيرا كوروساوا) Akira Kurosawa في دراسته للمدركات الحسية متعددة العناصر. وهذا الأسلوب يتعاطى وفق التوجه الآتي:(كيف لنا أن نخلق الآخر وهو مدرك حسي سلبي صارم يفضي الى التحيز والكراهية). ويمثل مسرح الصورة أداة لتحدي القوالب النمطية ويشجع على التقمص العاطفي. وتشمل أساليب مسرح المضطهدين الأخرى الصورة التحليلية والصورة متغيرة الألوان والصورة السينمائية والصورة المضادة وصورة الخصوم … الخ).
وقد سار بول (1979) على منوال بريشت فأبدى توافقه الوظيفي مع ارسطو لكنه ناقضه من الناحية السياسية ، وأبدى موافقته من أن المسرح لابد أن يؤدي دورا في حياة المتلقي من خلال أبراز القيم والتطلعات لكن بول يبدي رفضه لآرسطو الذي آمن بأستقلالية الفن في أطار العلاقة مع السياسة.
والمسرح من منظور أرسطو يمثل أحدى وسائل التحكم اللازمة لتعليم وتعزيز الدور الثانوي لأولئك الذين ينظر اليهم بأعتبارهم غير متساوين. ويفسر بول فكرة ارسطو بالآتي: (تكمن السعادة في الأنصياع للقوانين) ، وعليه فأن بول يرى أن أرسطو يعمل على تأسيس نظام سياسي قوي هدفه (ترويع المشاهد بهدف التخلص من التوجهات السيئة أو غير القانونية لدى الجمهور).

https://www.inmotionmagazine.com/theater.html
تابع القراءة→

الاثنين، مايو 25، 2020

الموسيقى وأهميتها فى المسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 25, 2020  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


الموسيقى وأهميتها فى المسرح  / محسن النصار


 تعد اللغة الموسيقية واحده من أهم اللغات الفنية المجردة، فإذا كانت الكلمات والجمل المنطوقة والمكتوبة لها دلالاتها الواضحة التي يدركها ويفهمها الإنسان ويستوعبها العقل بشكل مباشر ويعي ما تعنيه ، فإن العبارات والجمل الموسيقية هي لغة الأحاسيس والمشاعر الإنسانية لذا أطلق على الموسيقى بأنها   ” غذاء الروح” وذلك لان تلك اللغة المجردة تخاطب المشاعر والوجدان الذي يغذى الروح.”وهذا التأثير الأخلاقي يجعل المشاعر الإنسانية أكثر نبلاً . وفي المسرح تساعد الموسيقى على إيصال الأفكار إلى المتفرجين . بمساعدة اللغة التعبيرية والفعل الفيزيقي . وما تنتجهُ هذه العملية من تأثيرات حسية ونفسية في إضفاء الجو الروحي العام للعرض المسرحي وهما معاً “الموسيقى واللغة التعبيرية للجسد” يحددان إيقاع المشهد . وبالتالي من إيقاعات المشهد يتحدد إيقاع المسرحية ككل
  ” الموسيقى  لغة علينا أن نفهمها كي نعرف كيف نوظفها بشكلها السليم ولا ضير إذا استخدمنا الموسيقى بدلا من ديالوج حواري أو حتى مشهد “لان الموسيقى هي لغة يمكن لجمهور إن يتلقاها إذا ما استخدمت استخداما صحيحاً “.
   ” دور الموسيقى في المسرح في كونها ” تساعد المخرج في دعم الصورة الإيقاعية للعرض التي ستعطي فيما بعد قدرة المحاكاة الحقيقية أو الصدى الحقيقي للموسيقى الداخلية للعرض المسرحي ” . أنها الجو الذي يعتنق ذلك النضوج الداخلي ، كفكر غير منظور يسري كالعدوى ليستقر في الروح فيستمر لينمو ويولد المعرفة في القلب .
 الموسيقى في المسرح تبدأ في الكلام ، وتستمر في الحركة وفي الإيقاع وفي ميلودي الصوت .مثلها في ذلك مثل نشأتها ، وتعامل الانسان معها ، وبالأخص الفنان الاول والانسان الاول الذي حاكى الطبيعة وتعلم منها ، واراد التعامل معها بمختلف الوسائل الصوتية والحركية والتشكيلية . فاستثمر جمالها بالرسم والنحت والشعر والغناء والموسيقى ، وحاكى تضاريسها من جبال ووديان وانهار وحيوانات واصوات الذي ذكرناه جميعا . ومنها وبها شكلت الموسيقى المحتوى الحقيقي للرؤيا المسرحية و”العرض المسرحي لا يمكن أن يكون عرضا إيقاعيا إذا لم يكن موسيقيا  . من خلال الكلام ، الحركة ، الإيقاع ، ميلودي الصوت ، اللون ، الصمت ، السكون ، الظلام .. إلى غير ذلك . لأن العرض بدونها سيكون سيئا .
 
        ففن الموسيقى يعلمنا كيف أن تغيرا طفيفا في الإيقاع سينتج زيفا . ان الشكل في الموسيقى يعلمنا الحرفة ، والمضمون فيها يعلمنا الإحساس والشعور بها روحيا . ومن كلاهما نسمع ذلك اليومي الذي نطلق عليه {الجو العام} أو {المواطنة في الفن} كما يسميها توفستونوكوف الذي يقول “إذا تصورنا أن الفن المسرحي هو أوركسترا سمفونية ، فأن الموسيقى هي آلة من الآلات العرض المسرحي  . وعليه يجب ان ترتبط الموسيقى مع جميع الأدوات المعروفة للعرض من اجل التكامل الفني في العرض المسرحي . وهو يعني أيضا ، أن الموسيقى في المسرح هي جزء من الكل لا يمكن أن تجلب الاستحسان بمعزل عن بقية العناصر المسرحية ، وان انسجام الأداء مع الموسيقى أمر ضروري . وعندما يتوجب وجود الموسيقى في المسرحية فعلينا أن نجد لها المكان الملائم كما يرى ذلك مايرخولد . مما تقدم يتأكد أن الموسيقى واحدة من الوسائل المهمة في المسرح هذا الفن متعدد الجوانب .
 
        إننا نعيش في الطبيعة ونحن محاطون بالأصوات المختلفة ، القبيح منها والجميل وبما أن المسرح هو محاكاة الطبيعة ، إذن لابد لتلك الأصوات أن تصاحب أحداثه ، وترافق حواراته ، وحسه الموسيقي ” تساعد الممثل على إظهار المعنى الباطني الاجتماعي ، والأساس تجمل علاقات الحدث المسرحي  . إذن هل يعني ذلك أن للموسيقى تأثيرا أخلاقيا وروحيا على حياتنا ؟ وهل تجعل من مشاعرنا اكثر نبلا ؟؟؟ . يقول ألن دانيلو :”أن الموسيقى تعد وسيلة لفهم عمل أفكارنا إضافة إلى إحساساتنا العاطفية . كنوع من الترابط بين الرقم والفكروهذا التأثير
الأخلاقي يجعل المشاعر الإنسانية أكثر نبلاً .
        وفي المسرح تساعد الموسيقى على إيصال الأفكار إلى المتفرجين . بمساعدة اللغة التعبيرية والفعل الفيزيقي . وما تنتجهُ هذه العملية من تأثيرات حسية ونفسية في إضفاء الجو الروحي العام للعرض المسرحي وهما معاً “الموسيقى واللغة التعبيرية للجسد” يحددان إيقاع المشهد . وبالتالي من إيقاعات المشهد يتحدد إيقاع المسرحية ككل  وما أكد أيضاً يوري زافادسكي هو تحديد مكانة المؤلف الموسيقي ضمن المجموعة المسرحية بكونه يساعد المخرج في دعم الصورة الإيقاعية للعرض مما يتيح إمكان المحاكاة الحقيقية للموسيقى الداخلية . ذلك لأن الموسيقى تعلمنا الشعور بما هو يومي وحياتي في مسرحنا . وهو ما نسميه الجو العام للعرض المسرحي . لأنها – كما قلنا تمتلك الأهمية الأساسية في خلق الجو المطلوب للعرض المسرحي . والذي من خلالهُ تصبح التجربة الروحية واقعاً ملموساً . وكما إن الأفكار والأهداف العامة والرئيسة محددة في المسرحية . كذلك فإن التأليف الموسيقي يجب أن يتم في ضوء تلك الأهداف والأفكار ويجب أن يكون التأليف الموسيقي متماسكاً مع مكونات العرض المسرحي وصولاً إلى التكامل الفني المطلوب للعرض المسرحي ككل . إلى الذي نستطيع معه أن نميز تلك الموسيقى المؤلفة خصيصاً للمسرحية حتى إن تم سماعها بمعزل عن مشاهدة العرض ، وانطلاقاً من ذلك التحديد نستطيع القول إن الموسيقى التي يتم تأليفها لمسرحية ما لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصلح لمسرحية أخرى حتى لو إتفقت معها في النوع ، وتقاربت في الأهداف العامة ، وفي الأفكار . وإنه في حالة إستخدامها سنشعر بالفارق ولو كان بسيطاً . وعليه فإن الشكل الموسيقي للعرض المسرحي يأخذ الحيز الكبير الأخير في عمل عدد من المخرجين حين يحددا الوحدة الأسلوبية والفنية للعرض .
        وعلى العموم فأن الموسيقى التي يتم وضعها للدراما المسرحية لا تتم إعتباطاً ، لسد نقص في الإخراج ، أي للإفراغ في المسرحية بل على العكس من ذلك أن الموسيقى تشكل جزء اً هاماً وأكيداً وفاعلاً تماماً في أهميتها كالممثل والإضاءة والديكور . وغيرها من المستلزمات الهامة في تكوين العرض المسرحي . أن الموسيقى تعني خللاً كبيراً يؤثر على العرض المسرحي إذا أسيء استعمالها في العرض والعكس صحيح الموسيقى تعني كياناً كاملاً من الأحاسيس والمعاني تساعد في توصيل الأفكار والمعاني إلى المشاهد أو أنها تفك رموز ما كان غامضاً من تلك المعاني و الأفكار فأن كل آلة فيها يمكن أن تمثل شخصية من شخصيات المسرحية فالموسيقى بالأساس وجهة نظر مهمة . لشخصية في المسرحية ومجموعة أشخاص تعبر عن ما في داخلهم من وجهة نظر أي أنها تفكير الشخصية بصوت مرتفع ، يمكن للجمهور إدراكه وفهمه . 
إذن نخلص إلى القول ” أن الموسيقى في أهميتها تكمل العرض المسرحي ، وعليه يجب أن ترتبط الموسيقى مع جميع الأدوات المعروفة للعرض من أجل التكامل الفني في العرض المسرحي “.
        ” الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية قديمان قدم المسرح، فنشأت من أصوات حفيف الأشجار وأصوات قرع الطبول والأجراس البدائية التي كانت ترافق الإنسان في الصيد والحروب والنزالات والطقوس الدينية إلى الصوت والموسيقى المصاحبة للعرض المسرحي الحديث. وغالباً ما يعدّ الصوت والموسيقي جزءين متممين للعمل المسرحي الناجح “.
        ” أن الموسيقي المسرحية تزامنت بداياتها مع بدايات المسرح نفسه، فالإنسان عرف فن الموسيقى منذ قديم الزمان، وكان من البديهي أن يستخدمه عاملاً مساعداً في الفن المسرحي. وكل من قرأ شكسبير لا بد أن يدرك أهمية الصوت والموسيقي في المسرح الإليزابيثي، ولوحظ مما دوّن من مذكرات عن الصوت أنها تكّون نسبة كبيرة من التوجيهات المسرحية، بينما نجد مثلا “موسيقى ناعمة”، “موسيقى جدية وغريبة”، “أبواق من الداخل”، “نداءات السلاح”، “طبول وأبواق”، “عاصفة ورعد”، وهكذا.
        وقد بلغ استعمال الموسيقي والمؤثرات حد الدقة في حالة الميلودراما وكما يفرض الاسم على هذا النوع من المسرحيات أن يعتمد اعتماداً كبيراً على الموسيقي بعنصر مهيأ للجو خاصة في مشاهد الحب واستدرار الشفقة أو الصراع العنيف لمواقف الشر. والواقع أنه لم يحدث أي تغير جوهري بالنسبة للمؤثرات الصوتية والموسيقي التصويرية منذ عهد شكسبير حتى القرن العشرين الميلادي”. 
        ”  وعلى المخرج الذي يريد استخدام الموسيقى والمؤثرات الصوتية في عمله المسرحي عليه أن يحسن اختيار الموسيقى التي تجذب الجمهور وان لايبالغ في استخدامها. إذا على المخرج إن يكون ذواقاً في عملية اختيار وتصميم الموسيقى لان مفتاح نجاح العمل بيده وان يكون فكرة (للدراماتورج) أثناء التأليف الموسيقي من خلال تصميم مجموعة من المعزوفات المختلفة التي تجمعها وحدة موضوع وهي فكرة العمل المسرحي وعليه أن يميز بين استخدام الموسيقى في المشاهد وان يستطيع أن يكون دراما موسيقية متكاملة كأن تكون صراعاً بين الخير والشر أو الحياة والموت أو الحزن والفرح وغيرها.
         وعليه أن يجعل جميع الموسيقى التي يستخدمها في عمله المسرحي مرافقة لحركات ورقصات درامية وان لا تكون مجرد موسيقى لملء الفراغ مما يسبب مللا لدى المتلقي من تكرار الموسيقى أو طولها غير المبرر. ومن أهم الفنون المسرحية التي تعتمد على الموسيقى في عرضها هي (الاوبريت ومسرح العرائس والأوبرا والباليه والبانتو مايم “المسرح الصامت “والدراما دانس (الرقص الدرامي)” “.
        
        ” ان نجاح استخدام الموسيقى في العروض ينجم من درايتين وهما الدراية بفن المسرح والدراية بفن الموسيقى. وحين يتوفران عند المخرج بوصفه قائد العرض من شأنهما ان يعيناه في التقاط الدور التوظيفي للموسيقى.لدينا من الموسيقى نوعان: موسيقى آلية “اي خالية من الكلام” والموسيقي الغنائية ــ شعر، لحن، اداء، ايقاع، موسيقى مرافقة وهي غالبا ما تكون ثانوية.الموسيقة الالية، منها السمفونية، الكونشرتو، السوناتا، الافتتاحية، التقاسيم، ويعد استخدام هذه القوالب من اسوأ انواع الاستخدام في العملية المسرحية، فهذي القوالب تسير على وفق نظام خاص في التأليف الموسيقي، فضلا عن موضوعها المستقل الذي صمم له المؤلف جملا موسيقية مركبة تركيبا مقصودا يحاول فيه المؤلف رسم علامات يستدل منها المتلقي لفهم الموضوع، وغالبا ما يستقي المؤلف الموسيقي موضوعاته من الاساطير او الشخصيات المشهورة او قصائد شعرية او من الادب العالمي او بصورة معركة مشهورة وهكذا لا تجد موسيقى خالية من موضوع يخصها. اذن فعملية اشراك موسيقى من هذا النوع يشتت كلا الموضوعين موضوع الموسيقى وموضوع المسرحية
        وهذا الحال ينسحب على الكونشرتو في حالة استخدامها في العروض فالكونشرتو مؤلفة موسيقية آلية تتحاور فيها آلة واحدة مع مجموعة آلات فتارة يهدأان واخرى ينفجران على شكل سرد حواري درامي يعتمد موضوعا معينا، فمخاطر اشراكه في العرض اكثر من غيره.وكأن هذه السطور تتضمن دعوة للعمل الجاد على انتاج ثقافي جديد اسمه مصمم موسيقى العرض اي ذلك الموسيقي الذي يعرف متطلبات العرض اي الذي لا يحاكي الاحداث فيصاحبها، بل ان يتخذ تلك الاحداث او الحدث المعين لاستثارة خياله كي ينجز موسيقى تشترك في بث رسالة العرض. وهذا ما يحتاجه الواقع المسرحي فعلا “.
و” الموسيقى لغة وتلك اللغة لابد وان يكون لها منظومة من القواعد والتراكيب التي تحددها فكما توجد قواعد نحويه للغة العربية يوجد للموسيقى لغة بنائية متمثلة فى القوالب والصيغ الموسيقية التى يعتمد عليها المؤلف الموسيقى فى كتابة مقطوعته الموسيقية. ولكى يستطيع المؤلف ان يخرج المقطوعة الموسيقية المؤلفة الى حيز الوجود لابد وان يختار القالب او الفورم الذى يتناسب وما الفه من موسيقى، ونجد انه هناك العديد من الصيغ والقوالب الموسيقية التى يمكن للمؤلف ان يصول ويجول فى قوالبها بما يترائى له من افكار     
 موسيقية “
  
المصادر
1- ألن دنيور : القيم الروحية والأخلاقية في الموسيقى ، ت:محمد جواد داود ، مجلة القيثارة ، وزارة الإعلام 1989،
 
2-  كتاب “المدخل الي الفنون المسرحية “تأليف فرانك م.هوايتنج ،القاهرة، دار المعرفة للنشر،1970
3- كتاب “تحليل القوالب الموسيقية “تأليف فيكتور باينكو  ترجمة  عماد حموش، دمشق، منشورات وزارة الثقافة،1998
 

تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9