أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، نوفمبر 15، 2011

قراءات في أدبيات التأسيس للتجريب المسرحي مسائل التفسير: شكسبير نموذجاً

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, نوفمبر 15, 2011  | لا يوجد تعليقات

قراءات في أدبيات التأسيس للتجريب المسرحي مسائل التفسير: شكسبير نموذجاً
قدمت هذه الورقة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي :
نستهل الحديث عن تفسير ما المقصود بالاخراج المسرحي، وما معنى هذا وما الدور الذي يلعبه في المسرح المعاصر.
ولكي تصير كلمتنا مفهومة للمتخصصين بالقطع وللبسطاء من محبي المسرح نتناول هذا الكتاب المشهور لدى الجميع ـ انه وليم شكسبير. نبدأ بأنه وقد مضى اربعة قرون وما زالت المناقشات الجدلية تدور كل من 10 20 سنة حوله وهي هل هو المؤلف الحقيقي لتلك المسرحيات العظيمة الفذة.
امتد هذا الجدال للقرن الرابع من دون جدوى مثلما نقارن بمن كتب الكتاب المقدس. وعندما ندرس المخرجين الشائعين (المتفقين مع الطرز الحديثة) فاننا دائماَ ما ننصحهم بدراسة متأنية للسيرة الذاتية للمؤلفين، لكن عندما يتطرق الأمر الى مؤلف مثل شكسبير. فان الدراسة الذاتية لهذا العبقري الفذ فلن تعطي شيئاً للمخرج النافذ، لأنه لن يجد حتى التفاصيل الضئيلة التي يبحث عنها في الاخراج. اصرح من الأفضل عدم قراءة أي شيء عنه، لأن عشرات الآلاف من الكتب المؤلفة عن هذا الفذ لم تعط شيئاً اثناء الاخراج لمسرحياته.
ما يزعج شكسبير
وانا افهم جيداً انه على لسان شخص ما كلمة "حسن، لن أقرأ شيئاً، ولن أبحث عن شيء، أثق انه لا يؤرقه هذا أو ذاك، لكن هذا ما يزعج شكسبير"؟. بالقطع ما يزعجه ويزعجه هام للغاية ونحن نتحدث الآن عن هذا، لكن بداية اريد لو استرجع جميع كلماته لأقول، انه بالقطع يجب علينا عمل "الاكتشافات الكثيرة عن شكسبير، وعلينا من جديد اختراع تلك العجلة التي تم اختراعها قبلنا منذ زمن بعيد، وانا طبعاً امزح عندما قلت لا ضرورة لقراءة ودراسة اي شيء، المخرجون المثقفون هم فقط الذين يستطيعون وضع مؤلفات شكسبير، والمهم الآن. ما الذي يزعج شكسبير؟
الاجابة بسيطة للغاية، لكن تحتوي هذه البساطة على الكثير من الصعوبات. يؤرقه المسرح ومرة اخرى المسرح وفيه يكمن السر كله.
لم تقع احداث مسرحياته في أي وقت من الأوقات في الدنمارك، أو انكلترا، او ايطاليا وغير ذلك، انها تقع فقط على المسرح على تلك الخشبات التي ينظر اليها جمهور بعينيه، ولا يلتزم ابطاله ارتداء الزي الدنماركي أو الانكليزي أو الايطالي أو المصري، او الاسكتلندي بل يلتزمون الزي المسرحي الخالص ولا يتفاعلون بمنطقنا المعيشي، بل يتفاعلون بصفاء المنطق المسرحي. والمسرح! هذا العالم التقليدي العجيب يحوي في طياته جميع اسرار مسرحيات شكسبير وهو المفتاح الذي يكشف جميع ابطال شكسبير لذلك اذا شئت تشييد قصر على المسرح، واذا اردت أن تضع كرسياً بسيطاً عادياً، المهم ان تشعر بروح المسرح في كل شيء، واذا شئت أن تُلبس البطل زياً تاريخياً، وايضاَ الجينز البسيط، المهم ان يعبق الجميع برائحة المسرح.
سوف يصبح شكسبير وعباقرة المسرح الآخرون رفقاء أوفياء اذا ما ساد عند اخراج المسرحيات أسس: نشاط الاختراع! وحاسة التأليف؟ والمسرحية التصنعية!
فلنأخذ احدى مسرحيات شكسبير ونتحدث عن التفسير الاخراجي لها، وعند ذكر شكسبير فقط لأن هذه المسرحية هي الأكثر مثالية (اكتمالاً) في تاريخ فن الدراما، لكن ايضاَ لأن ابطال هذه المسرحية من أحد الطرز الأكثر شهرة وقرباً من فهم الجماهير في العالم.
هاملت
فمن هو هملت هذا؟ انا ايضاً لا عرف بطلاً ادبياً آخر نال مثل هذه المناقشات (المجادلات). كم من التجارب اجريت معه، حفظ لنا تاريخ المسرح الكثير من هملت: والفيلسوف والبراغماتي والدساس والرومانتيكي، والمستقيم الرأي (ارثوذكسي)، والقاتل والشاعر والمستهتر والفنان والنحيف والطويل والقصير، وقد اظهروا هملت بلحية وبدونها وبشعر طويل واصلع، وأبرزوه في شكل قذر ونظيف، وأيضاً متهوساً بالجنس، وحاملاً لسيف ضخم، وحاملاً لغيتار، وفي زي من الطراز القديم وفي الجينز الممزق، وبأرجل قذرة وأيدٍ ملطخة بالدم، وأبرزوه وفي يده آلة الساكسفون وأيضاً وهو يصوب من المدفع الرشاش، وغير ذلك.
حائط
عندما تبدأ في اخراج مسرحية "هملت" فانك ستصطدم، بلا ارادة بحائط ضخم متحرك مليء بالنفوذ (الشهرة) وأنت كشاب متخصص في الفن المسرحي مبتدئ ستنغمس في محيط هذا المتفرع لهذا البطل. وفي الأربعمائة عام الأخيرة تنافس هذا الطراز المضطرب على الشهرة مع اشهر القديسين الدينيين الاجلاء، ولكل قديس له من يؤمن به، ولديه كل جميعاً. ولا يوجد على وجه الأرض مسرحية أخرى وضعت بمثل هذا العدد ولا توجد مسرحية اخرى تمتعت بمثل كل هذا التفسير. والأعجب انه عند كل قراءة جديدة، تتغير المسرحية كالحرباء وتستجيب لمتطلبات المخرجين المنفذين، لذلك عندما نتحدث عن التفسير لهذا البطل، فعلينا ان نتذرع بالامر الرئيسي المسلم به: ان لكل "هملت" الخاص به. وبعد ذلك من الممكن ببساطة البحث في ماهية هذا البطل.
وكأن هذه المسرحية قد كتبت، كي يجد الجميع الموضوعات التي يرغبون فيها لان هذه المسرحية عبارة عن محيط بأكمله مليء بالموضوعات والمشاكل وأيضاً فانك عمداً لا تستطيع تذكر الموضوع الذي ذاب في مكان ما في هذه المسرحية. وتستطيعون الآن مراجعة صحة كلامي وأطلقوا اي موضوع يأتي في اذهانكم مثل: الحب، الصداقة، الخيانة، وغير ذلك. وأؤكد لكم انكم ستجدون كل هذه الموضوعات فيها عند القراءة الدقيقة للغاية، وذات مرة طلبت من الطلبة كتابة موضوعات وفعلا كتبنا 59 موضوعا بعد ذلك فتحنا المسرحية ووجدنا الاجابة عن الـ 59 موضوعا في هذه المسرحية، وفي هذا يكمن سر تفسير هذه المسرحية.
ولاثبات ما قيل من قبل اريد ان اروي لكم عن "اكتشاف" واحد قمت به انا ذاتياً.
بدا التفسير لمسرحيات شكسبير او لو تحرينا الدقة ـ القراءة الجديدة لمسرحياته بعدما ظهرت الرغبة الملحة في تقديم مسرحيات شكسبير على المسرح وسأنقل بعض الأمثلة حتى يتضح اكثر موضوع كلمتنا.
ففي عام 1965 قدم المؤلف المسرحي الانكليزي ورجل المسرح دافينانت عرض "من درجة الى أخرى" ومن اجل ان يجعل العرض يميل اكثر الى الكوميديا، اضاف مشهدا مشهورا لبينيديكت وبيتريتش من مسرحية أخرى لشكسبير "هوس من لا شيء"، وهو ايضا منذ عدة سنوات مضت ادخل مشهدا في عرض "ايعجبك هذا" من مسرحية "حلم ليلة صيف"، لكن كان كل هذا بداية فقط للتجارب. ولم يقم المؤلف المسرحي جون دراتيدن في فترة اعادة تجديد القديم بتغيير مسرحيات شكسبير، لكنه اعاد كتابتها من جديد ووضح هذا بأن لغة ونحو وعلم بلاغة شكسبير لا ترضي متطلبات جماهير النصف الثاني من القرن السابع عشر، وكتب "العاصفة" و"ترويل وكريسيد" وايضا غيّر اسم مسرحية "انطونيو وكليوباترا" الى "كل شيء من اجل الحب" غيّرت هذه المعالجات من موضوعات المسرحيات بدرجة شديدة، وبالأخص التعديلات في نهاية كل مسرحية.
الاستحسان
لقد سمعت كثيرا من النقاد ان الاخراج الحديث في المسرح جلب الاستحسان والعلاقة الطليقة نحو التأليف المسرحي ويعذر النقاد على هذا الموقف، لعدم درايتهم بالتاريخ. اليوم عندما يتعامل المخرجون بطلاقة مع الفن المسرحي فتعوّد المتفرج على كافة التعديلات التي تحدث في المسرحية، وحتما ليس لهذا التجديف متوجهاً نحو الفن المسرحي، الذي تحملته المسارح في القرن الـ 17 وقام جيمس هامفورد بالتعديل في مسرحية "روميو وجولييت" لدرجة انه في النهاية عندما دخل روميو الضريح استيقظت جولييت وفعل لورنيو ان توج الحبيبان بالحياة من جديد وعاشا في سعادة. وهذا قاوم تيت الذي تصرف كما يتراءى له، حيث قام بتعديل في مسرحية "الملك لير" لدرجة انه في نهاية العرض لم تمت كارولينا بل زوجها لير السعيد لادجار، حدث في هذه المعالجة شيء غريب جدا وهو اعجاب المشاهدين لحد كبير بهذا النوع ليس على مسارح انكلترا فقط لكن على جميع مسارح اوروبا ورفض نسخة شكسبير الاصلية واستمرار عرضه على مدى 142 عاما، وأصبحت هذه الرواية "الملك لير" مشهورة عالميا. ومن المحتمل انها تكون قد وصلت الينا نحن ايضا، ولم تجدد النهاية المأساوية للمسرحية لادموند منذ عام 1823.
وفنانو المسرح الذين تقدموا الى شكسبير بهذه البساطة بثقة حقيقية ان تصرفهم كان صوابا، وافصحوا عن فعلتهم انه كان الكثير غير مفهوم في مسرحيات شكسبير، وانظروا في سجلات تلك الفترة، حيث يوصف ان مسرحيات شكسبير لم تعجب المشاهدين كثيرا، لكنهم متفقون جميعا ان الموضوعات لديه في الاساس ليست بالسيئة بالنسبة للحياة المسرحية الجديدة ومن العجيب ادخال تلك التعديلات على المسرحيات. وليس العجيب ان الكثيرين قاموا بالمعالجات لاعمال شكسبير في كافة العصور، العجيب ان شكسبير كان ضرورياً في كافة العصور، وكانت كل هذه المعالجات لازمة الى المتفرج ما اراد واضعو تلك العروض الكشف عنه بمنتهى الدقة. كان هذا التفسير الاخراجي الأول والتجريبي، وغير المدرك للمسرحيات، اذ ان التفسير هو ما تفهم جيدا ما الضروري للمشاهد الذي يحضر اليك وأنت بمساعدة الفن المسرحي تحدثه عن هذا. وأنا لا اناشد احدا في عمل المعالجات للمسرحيات أولاً اريد ان يكون قد فهمني شخص ما انني ادعو الى انه اذا اراد وضع عرض عن الحي، فانه بدلا من اخذ مسرحية "روميو وجولييت" يأخذ مسرحية "ريتشارد الثالث" وعلى اساسها يخرج عرضه عن الحب. أنا لا ادعو الى هذا لانه غير شيق. أنني أطالب بشي واحد فقط وهو اثناء اخراج العرض فكرْ في صالة العرض وفكّرْ في ما يضايق المتفرج ويؤرقه ولا ضرورة لادخال تعديلات على النص، ببساطة اخرج المسرحية بحيث يصبح اي حوار (ديالوغ) واية مونولوغ (مفاجأة) وكأنه يصوب مباشرة الى قلب المشاهد وستستشعر النتيجة منه. فانك تجد في اي مسرحية جديدة وفي اي عصر من العصور قد كتب ما يؤرق مشاهد اليوم والمؤلف المسرحي الجيد هو خير نصير للمخرج، فكر في هذا.
وقد عبّر "اوديب" و"ميديا" و"هملت" عن الألم الذي يعانيه المجتمع في كل عصر من العصور.
لا يجد اي مخرج سوى الرغبة في تقديم مسرحية هملت ولو مرة واحدة في حياته، ولا يوجد اي مخرج الا ويشعر بالخوف عند تقديمه لمسرحية "هملت"، وكم من المخرجين وكم من عروض هملت جميعهم يؤرقهم سؤال واحد "اكون او لا اكون" وكم من نقاد في كافة انحاء الأرض فكروا في ما هي الحقيقة، وكم من عروض وفنانين قدموا مسرحية "هملت". يتعجبون لماذا انقطعت صلات العرض. وكم من قرار وكم من قرأ "هملت". وكلمات وكلمات، وكلمات، ولكل هملته الخاص به.وكل مخرج يضع ما يراه فقط في العرض.

المصدر :المستقبل 

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9