أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، نوفمبر 25، 2011

صدور كتاب الدكتور رياض عصمت (البطل التراجيدي في المسرح العالمي) بحلته الجديدة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, نوفمبر 25, 2011  | لا يوجد تعليقات

صدور كتاب الدكتور رياض عصمت (البطل التراجيدي في المسرح العالمي) بحلته الجديدة 

  في الكتاب من المقالة الأولى في أبحاث (البطل التراجيدي) إذ يتحدث د. عصمت بشيء من الاقتضاب عن المسرح وتاريخه وفنونه ليختم مقدمته (أنا أميل إلى الاعتقاد أن الاهتمام بالبطل التراجيدي هو ما طور بعضاً من أهم اتجاهات المسرح الحديث في الإخراج والتمثيل أيضاً) وبهذه الكلمات يظهر المؤلف وهو الدارس والناقد والخبير المهموم بالمسرح العناصر الأساسية التي تجعل المسرح مسرحاً وهي: النص- الإخراج- التمثيل، وهذا التحديد في الصفحة التاسعة من المقدمة يؤيد أن النص المسرحي، وإن كتب مسرحياً، فإنه يبقى أدباً مسرحياً، ما دام لم يخضع لعمليتي التشخيص والإخراج.. وأهم ما يمثله هذا الكتاب بأبحاثه الرشيقة العميقة في الطرح، والبسيطة في التناول هو العودة إلى مجد المسرح على المستويات العالمية والمحلية، وإن كنا نعاني اليوم عربياً وسورياً من أزمة مسرح، فالعالم كله اليوم يعاني وإن اختلفت الحجوم في المعاناة.. ومن مجد المسرح الذي صنع فكراً وإنساناً وأيديولوجيا تنبثق الفكرة في أهمية الأبحاث.
قدم الكاتب أبحاثاً، وأهمل أبحاثاً أخرى، درس شخصيات وابتعد عن أخر وعزا ذلك إلى ضيق الوقت وحجم الكتاب، واعداً باستكمال الدراسات والشخصيات، والمتابع يعلم أن د. عصمت وفى بعض ما وعد في كتابه أسرار الإبداع عندما تناول عدداً من المسرحيين الذين لم يدرسهم في (البطل التراجيدي) مثل تينسي وليامز، وقد قسم كتابه حسب التاريخ والمدرسة فكان القسم الأول: البطل التراجيدي في المسرح الإغريقي والإليزابيتي والكلاسيكي الجديد، وضم دراسات في أدويب- إلكترا- فاوست- ماكبث- فيدر.
والقسم الثاني: البطل التراجيدي في المسرح الحديث والمعاصر وضم وقفات مع نصوص وشخصيات وقضايا في هنريك إبسن- بيزاند يللو- لوركا- حياة برشت- حياة غاليليلو- انتينغون لجان آنوي- آرثر ميلر والتراجيديا المعاصرة في موت بائع متجول- العبث وبيكيت.
وبالعودة إلى هذه الدراسات المختارة من تراث دارس متعمق في المسرح نجد أن المنجز الفكري كان ينال العناية الكبرى من المؤلف، وكثيراً ما عرج على قضايا المجتمع والالتزام والاشتراكية والعبث عند المؤلفين الأصليين، أو عند من قام على تقديم هذا العمل من المخرجين، وهذا يحسب لمصلحة النص النقدي الذي اتخذ من النص أرضية، ومن العرض إن وجد مجالاً لتطبيق رؤاه النقدية بل الفكرية الأيديولوجية التي شكلت المنطلق الذي نظم هذه الدراسات، وما يجري اليوم على الساحة السياسية العربية يؤكد أحقية إيلاء الجانب الفكري العناية التي يستحقها.
يميز الدكتور عصمت بين البناء الدرامي الذي قد يكون قوياً، والبطل الشخصية الرئيسية التي قد تكون مرسومة رسماً دقيقاً بارعاً، وهذا ما دفعه إلى الاختلاف في التناول، فهو لم يعرض القضايا والنصوص، وإنما ركز على مفهومي الدراما والبطل، وهذا ما جعله يقف مع تجربتين لعلي عقلة عرسان ورفيق الصبان، فكان في الأولى ناقداً قاسياً، وفي الثانية ناقداً مشيداً، والاعتماد في النقد على زاوية التناول ووجهة النظر التي اعتمدها المخرجان لأوديب وإلكترا، قد نختلف في منطلق المخرج أو الناقد، والخلاف يحكمه الظرف الذي أظهر لي النص، والعرض، وهذا ما يؤكده الناقد خلافاً للمقدمات (لكن التفسيرات جميعاً تنطلق من البطل التراجيدي: الإنسان حسب مفهوم ذلك الزمان، وحسب كل زمان) وهذه النتيجة هي ذاتها ما خلص إليه د. عصمت في إلكترا عن المسرح اليوناني (تطور من الوعظ المباشر واستخلاص النتائج الأخلاقية إلى طرح التساؤلات الفلسفية العميقة أمام موقف يستدعي من أبطاله التراجيديين التفكير والاختيار، إنه باختصار نموذج للمسرح الإنساني).
وفي فاوست يقول: «فاوست هو وحده المسؤول عن لعنته، ونحن لا ننتظر من الشيطان على أي حال أن يكون طيباً».
وفي ماكبت يخلص عصمت إلى «إدانة الفردانية في الحكم، ورفض لأن تكون السلطة تسلطاً، فالذي يعزل نفسه عن مسيرة شعبه، ويوغل في تأكيد ذاته عن طريق القسوة، يتحول إلى ديكتاتور، ويحفر بالتالي قبره بيديه».
وفي الحديث الطويل نوعاً ما عن إبسن يخلص إلى «كان إبسن باحثاً عن النبل، وعن الإنسانية الحقة في روح الإنسان التي بدأ الجمود يحلّ فيها، ويحول دون تطورها وتحررها، وإن أفضل ما يعبر عن الفترة الأخيرة من حياته وأدبه هي كلمات كيتس: «الموت هو ذروة الحياة».
ويختم عصمت دراساته العميقة بعبارة تلخص ما يمكن أن يكون من دور الفكر والأدب «إن القرن العشرين هو عصر تحاور المدارس، وليس عصر ديكتاتورية مدرسة أو فلسفة بعينها، وعندما سئل بيكيت: من غودو؟ أجاب: لو كنت أعرف لقلت ذلك في المسرحية.. بدأ بيكيت البحث في عالم العبث، ألم أقل لكم إن اللامعقول معقول جداً؟
أولى المؤلف عناية خاصة في الحديث عن البناء الدرامي للأعمال المسرحية التي عرضها أو عرض لأصحابها وقضاياهم، وهذا الحديث من الأهمية بمكان لأنه أدى عملاً تشريحياً للعمل المسرحي في البناء الدرامي، ليخلص إلى أسباب بقاء بعض الأعمال دون غيرها لمؤلفيها، وأسباب بروز بعض الكتاب من خلال شخصية واحدة قام بإتقان صنعتها، وقد أشار في مواضع عدة إلى أن بعض الأبطال هم نسخ لأبطال سابقين، لكن المؤلف برع في صناعة بطل تراجيدي من نوع مختلف.
والمؤلف هنا يقترب من المقولة المعروفة إن كل الحياة هي صراع بين خير وشر، ومن مقولة الجاحظ المعاني مطروحة في الطرقات، والبراعة تكمن في نقل صورة الخير والشر وتعميق هذه المفارقة، أو في براعة التقاط المعاني المطروحة في الطرقات لصياغة نص مختلف، وربما لصناعة شخصية واحدة مميزة تصبح رمزاً مطلقاً للبطولة التراجيدية في حياة الشعوب.
والسؤال المهم هنا: هل مثّل هؤلاء الأبطال رؤاهم وحدهم أم إنهم حملوا هموم المؤلفين؟
يبدو من المقاطع التي اقتطعتها أنهم عبروا عن عصورهم، وعن رؤى المؤلفين، بل تناغموا مع آراء الدكتور عصمت، وربما وصلوا إلى أعماق مخرجي نصوصهم لذا عملوا على تقديم النصوص برؤاهم.
رغم تقليديته اعتمد الكتاب شكل القناع وستارة المسرح، وربما كان هذا من باب الإيحاء إلى سقوط الأقنعة، وانهيار المسرح واحتراقه بالممثلين الذين يشخصون حياتنا منذ الأزل، فهل تتكرر التجارب كما نظن؟ وهل يتلو انهيار الأيديولوجيات نهوض جديد لها؟ قد يتهيأ لنا ذلك، لكن الأكيد الذي لا يقبل أي نقاش أو جدل أن المستمر هو مقولة الخير والشر، الحاكم والمحكوم، البطل التراجيدي والمسحوق من بني البشر، تبقى العلاقة الجدلية بين إنسان وإله، مستعيذ وملجأ، والأمل كل الأمل أن تتنفس الحياة الصعداء على مسرح قد يحتاج إلى بطل تراجيدي وربما هزلي وفي الأغلب لا يحتاج.. لكنه البطل على كل حال..
كتاب نقدي غني في صورة جديدة تكرس عناية خاصة بالمسرح تقترب من النص لتصنع نصاً على شاكلته، إن اتفقت معه في الرؤية أو اختلفت.. قد نقرأ وفق النظريات الفلسفية أو الفكرية وقد نعود إلى الجرجاني ونظريته التذوقية البحتة.. لكن المهم أن نقرأ.
ومثل هذه القراءات على اختلاف مناهجها عند الدكتور عصمت يمكن أن تشكل منهجاً مهما لمنظري  ودارسي المسرح ومتابعية .

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9