أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

السبت، يونيو 16، 2012

إدارة وتنمية المسرح العربي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, يونيو 16, 2012  | لا يوجد تعليقات


      إدارة وتنمية المسرح العربي

 * منصور عمايرة  

إذا ما تحدثنا عن التنمية المسرحية في الوطن العربي، لا بد أننا نشير أولا إلى أنه لا يوجد هناك خطة في المسرح العربي، وثانيا نشير إلى التشتت في المسرح العربي، وهذا منطلق لبناء خطة أوجب من الرؤية الأولى، على اعتبار أنه يوجد مسرح عربي، ولكنه يعاني من التشتت، وهناك بنى للتنمية المسرحية في الهيئة العربية للمسرح، وفي المغرب تتمثل في الفرجة التي يتم الاشتغال عليها لتأسيس تنمية مسرحية، ولا ننسى بنية ثالثة، وإن كانت تعاني من التشتت، ألا وهي البنية الإلكترونية من خلال المواقع المختلفة والتي تعنى بالمسرح، وبعضها يتسم بالمحلية، والأخرى تتسم بالتعددية العربية على مستوى النقد والنص المسرحي، ومتابعة العروض المسرحية والندوات والمؤتمرات.
إن الإستراتيجية " Strategy " تشكل امتعاضا عند الكثير إذا ما كانت تلك الخطة التي ينظّر لها على الورق ثم يطويها النسيان، ويطوي الحراس عليها بشكل قصدي ينم عن نقصان في الفجوة الثقافية والتشاركية، ولهذا فالكثير من الإستراتيجيات العربية تفشل في ظل تكالب المنافع الخاصة، ولافتقارها إلى الكاريزما " Charisma " " القيادة " وهنا يشار إلى المجموع، وليس على مستوى الفرد، لأن الإستراتيجية تتطلب تضافر جهود كثيرة، لتصل إلى النجاح. وهذا الأمر يتطلب إدارة وليس قيادة، فالإدارة جماعية تضع نصب أعينها تنفيذ خطة ما مشتركة من أجل النهوض بالمسرح، والإدارة تعني توزيع العمل في الميادين المختلفة على مستوى التنظير والتطبيق، ولذا فنحن بحاجة لإدارة تنمية مسرحية على مستوى الوطن العربي كله.
لا نتحدث عن اختلال في المسرح العربي، مهما تكن كلمة إستراتيجية جافة وتعبر عن رفض ما كان سابقا، ولهذا ستعارض من هذا المنطلق، وهي معارضة بناءة لخوفها على المسرح العربي وانتقاص دور الآخرين فيه، ولكن إذا ما تم النظر للإستراتيجية على أنها تشاركية من قبل الجميع عندئذ ستأخذ طريقها الصحيح، ويبدأ التنظير لهيكلة المسرح العربي برمته، ولا يكتفى بالترميم، بقدر ما يصار إلى إحداث حالة تأسيسية، وترسيخ المؤسس، ولذا سأتوقف عند الملاحظات التي تشكل وجهة نظر ورؤية لتنمية المسرح العربي .
ولا بد من الإشارة إلى أن الإستراتيجية العربية لتنمية المسرح تتوافر على مقومات تأسيس بعيدا عن الجامعة، والأكاديمية المسرحية " كليات الفنون " في الوطن العربي، وبعضها يرسم إستراتيجية ما على مستوى المسرح الجامعي، والغالبية تفتقر لهذه الرؤية، وكل هذا يعطينا الحافز والدافع لتأسيس خطة إدارية عربية للمسرح، على اعتبار أن هناك مسرحا عربيا ولكنه بحاجة للملمة وتجميع وتوثيق، فتصبح الإستراتيجية ضرورة ملحة لمنطلقات غايتها المسرح العربي.
***
رؤية لتنمية المسرح العربي
1- الجانب " البحثي " التوثيق :
إن التوثيق بداية الطريق لأي عمل يقوم به الإنسان، فهو يمثل الخطة والنظرة التقعيدية، ليكون التوثيق المنطلق كقاعدة تأسيس، وليكون مرة أخرى كأدبيات سابقة تراكمية تبين عن موضوعية العمل، ليكون العمل متواصلا من دون فجوات، ولذا يعتبر التوثيق عامل نجاح في أي مشروع، لأنه قادر على قراءة الخلل، وقادر على تدارك إصلاح الخلل، وقادر على وضع خطة بديلة أو تصحيح المسار والرؤية، ومعرفة جوانب التقصير، وما هي الأمور التي يمكن أن نستند إليها، ويمتاز التوثيق بالعمل الجاد، وبالديمومة، لأنه يتماشى مع الزمن، ويمتاز بالدينامية من خلال القدرة على الرجوع إلى الوراء ، وفتح أسباب الخلل والقصور، ولذا فإن التوثيق كتنمية مسرحية في الوطن العربي يعنى بـ:
- توثيق المسرح العربي، وكل على حدة، لتشكيل نواة توثيقية شاملة، كأن تقوم كل بلد عربي بجمع كل الوثائق المسرحية، وهي متنوعة ، لتكون نواة جزئية من تنمية المسرح العربي ككل.
– توثيق كُتاب المسرح في الوطن العربي، وكل على حده، ويتمثل بإيجاد " إنطولوجيا " تتضمن أسماء الكتاب العرب في المسرح، ويحدد كل حسب البلد العربي كجزئية ، لتكون الإنطولوجيا شاملة لكل الكتاب العرب.
– توثيق العروض المسرحية العربية في كل بلد عربي، والغاية من ذلك معرفة مدى التنمية المسرحية في الوطن العربي، وإحداث ديمومة تواصلية بين كل الأقطار العربية، وفتح المجال للإطلاع عليها، ومحاورتها على مستوى النقد والتمثيل.
– توثيق عروض الأطفال، وهذه الجزئية قد تبدو متراجعة كثيرا في الوطن العربي، من حيث الاهتمام بمسرح الطفل بشكل عام، والغاية من هذا التوثيق إعطاء عناية أكثر، وقدر أكبر من الاحترام والتقدير لمسرح الطفل، الذي سيكون " المسرحي " في المستقبل، وهنا إشارة إلى الاهتمام بالذائقة الفنية ، وتربية الطفل عليها، لإنتاج مسرح عربي في المستقبل. ولا ننسى أن لهذا المسرح دور كبير في تنمية المجتمع على كل المستويات.
- توثيق المهرجانات المسرحية العربية، هذا يمثل بيبلوغرافيا شاملة لمعرفة إنتاج الوطن العربي على مستوى المسرح، وللأسف نحن نعاني من صعوبة الوصول إلى هذه المهرجانات بسبب ضعف التوثيق، وبسبب الممنوعية، والإدارة البيروقراطية التي تعاني من الذاتية، وعدم الاهتمام بأهمية الموضوع، لذا فإن المهرجانات المسرحية بعيدة عن تناول البحث والدراسة. 
- إقامة مهرجان لمسرح الطفل، برعاية الهيئة العربية للمسرح كما هو الحال لمهرجان المسرح العربي للكبار، وهذه الدعوة يفترض أن تعطى الأهمية القصوى، لإحداث تنمية مسرحية ذات أبعاد تراكمية، ديمومة، ودينامية، إننا نتحدث عن المستقبل، ولكن المستقبل ينطلق من الماضي والحاضر، وهذا المهرجان له أهمية قصوى لا تقل عن مهرجان مسرح الكبار.
- توثيق ودراسة حالات ما قبل المسرح / الطقوس / الأعراس / الأفراح / الأشكال الخطابية / مثل يا سامعين الصوت، وأقرب شيء لها الدعوة العامة مثلا، والحكواتي ، والقوال ، والمحدث ، والتعليلة كبنية مسرحية ، وهي معروفة في الأردن، وكتبت عنها مقاربة كجزئية مسرحية في بحثي الموسوم بـ  بدايات المسرح الأردني.

2- الجانب " الإداري " :
- إقامة مشاريع أبنية " مسرحية " في بعض البلاد العربية للمسرح تحت مسمى الهيئة العربية للمسرح مثلا، أو غيرها، وخاصة في المناطق الريفية ، ذات التعداد السكاني الكبير، وقد يكون في منطقة عامة ، تشمل العديد من القرى أو التجمعات السكانية.
فهذه الأبنية - في الأماكن المشار إليها - لها فوائد متعددة : توعية حضارية، توعية بأهمية المسرح، تعريف الناس بالمسرح ودوره الفاعل في إحداث تغيير مجتمعي، تنمية القدرات المسرحية، إعداد المسرح لاستقبال قدرات فنية، إدماج أطراف المجتمعات بصياغة الرؤى المسرحية على مستوى الوطن.
- إنشاء بيوت للمسرح في الدول العربية تكون مرتبطة مع الهيئة العربية للمسرح على سبيل المثال، لمتابعة الإستراتيجية، والغاية من هذه البيوت ضم المسرحيين، وتوثيق النشاط المسرحي، والقيام بإيجاد سبل تواصل بشكل دائم بالمسرحيين على مستوى الكتابة، والاخراج، والتقنيات.
– إقامة متحف " للسينوغرافيا "، أو متحف لتقنيات العروض المسرحية المختلفة، والغاية منها التذوق الجمالي، واعتبارها كجزئية رئيسة في تنمية رؤى مسرحية تقوم على التشكيل المتنوع، وخاصة أن السينوغرافيا جزئية باتت ضرورية في العرض المسرح ، بتقدم التقنيات الفنية والإلكترونية بشكل يومي، وبات المسرحي والمسرح مطالبا بأن يواكب هذا التطور التقني، ويقوم بالتشارك فيه، وإدماجه في رؤاه الكتابية والإخراجية والتمثيلية والنقدية.

3- الجانب  " الفني " :
- إقامة ندوات مسرحية لمسرح الكبار ومسرح الأطفال، هذه الجزئية أسائل نفسي مرارا كيف يتطور المسرح من دون ندوات؟ وكيف تعقد ندوات عن المسرح في الوطن العربي من دون حضور؟    
- إصدار مطبوعة خاصة بمسرح الطفل، أهمية مسرح الطفل لا يختلف عليها المسرحيون، هو بحاجة ماسة لكل الرؤى، ومن هذه الرؤى تثقيف الطفل مسرحيا، إن هذه المهمة تقع على جزء مهم وكبير في مسرح الطفل، إنها المطبوعة التي تتحدث عن مسرح الطفل بصفة عامة.
– الجوائز، إن للجوائز أهمية كبيرة تنبع من التحفيز على الاستمرار في العمل المسرحي على كل المستويات الفنية، والإدارية، الدراسات والأبحاث، والكتابة المسرحية والنقدية، ولذا يتوجب أن تكون هناك جوائز سنوية تشمل كل الميادين، لا يكتفى بجوائز المسرح الكتابة النصية للكبار والأطفال، يفترض أن تكون هناك جوائز للأبحاث والدراسات، ومن خلال مشاركة يتم الإعلان عنها حول موضوع مسرحي ما في كل عام.
- المنشورات/ المطبوعات، إن المسرح لا يمكن له أن يتطور ويزدهر إلا من خلال الدعاية له، وأهم دعاية للمسرح من خلال المنشورات، والحقيقىة إن الهيئة العربية وحدها غير كافية للإنتاج الثقافي المسرحي، وجهود الهيئة كبيرة في هذا المجال، وبحاجة ماسة لتطوير آلية تشتغل بإنتاجية أكثر.
- اللغة العربية الفصحى هي أساس المهرجانات العربية للمسرح، هذا الشرط مهم في إنتاجية مسرح عربي على مستوى الوطن العربي، قد يغفر للعرض المسرحي بعض المداخلات في العامية، ولكن من الواجب أن تلتزم العروض المسرحية باللغة العربية الفصحى لأكثر من هدف، ومنها التواصل العربي بلغتهم الواحدة التي تجمعهم، وهذا هادف سام.
- إصدار كتب مشتركة، بمعنى أن يكون الكتاب يحوي أكثر من كاتب على غرار المجلات التي تصدر نوعا واحدا من الدراسات، وهذه الكتب على مستوى المسرح في الوطن العربي مفقودة باستناء المطبوعات التي تخرج بعد الانتهاء من مؤتمر مسرحي في بلد عربي، ولكننا نريد أن تكون هناك دراسات مشتركة في موضوع واحد، وتخرج لنا على شكل كتاب، ويسترط بهذه الدراسة أن تكون توثيقية، وذات مراجع ومصادر، وتناقش هذه المصادر بشكل ما بالموافقة أو المحاورة ، والوقوف على وجهات نظر مختلفة، لإحداث تنمية مسرحية شاملة.
- توثيق المسرح العربي كله على موقع إلكتروني. الكُتاب، والكتابة المسرحية ، العروض، النقاد، الندوات، المهرجانات للصغار والكبار، المحاضرات، والغاية التواصلية على مستوى الوطن العربي وبمرجعية موضوعية .
– إقامة محطة فضائية ثقافية خاصة بالمسرح، بات من الضروري أن تكون هناك محطة فضائية عربية للمسرح أو بشكل عام للثقافة، يتم فيها إحداث تنمية مسرحية وثقافية عامة، وكم نحن بحاجة ماسة لهذه المحطة.
– أن تكون المهرجانات المسرحية عربية الطابع على مستوى الكتابة. إعطاء النص العربي الأهمية الأولى، وهذه الأهمية تدعو للتوقف عن الاقتباس والاقتداء بالآخر، وتدعو لأهمية كبرى في إنتاج إبداع مسرحي عربي، وتشير أيضا إلى الابتعاد عن الإعداد المسرحي من دون الارتكاز على نص عربي مثلا، لتتشكل لنا رؤية نهائية حول المسرح العربي وعناصره المتنوعة : المخرج، الكاتب، الممثل، الناقد، ويشترط أن يقوم كل واحد بجزئية واحدة فقط، لإحداث تنمية مسرحية.
– الاهتمام بالنقد العربي لتبني رؤية عربية تخدم المسرح، وهذه الجزئية يبدو أنها تغيب بشكل قصدي، المسرح العربي على مستوى النقد بحاجة ماسة لتراكمية ثقافية نقدية مسرحية، وعليه لم لا تكون هناك ندوات متخصصة في النقد المسرحي، وليس شرطا أن تكون مقرونة بالمهرجانات والعروض المسرحية المحلية.
– تبويب المسرح العربي مثل الحكواتي، المسرح السياسي، المسرح الاحتفالي، وهذا التبويب يكون على مستوى الدراسة النقدية، والعرض، والكتابة.
– مشاركة طلاب المسرح بالمهرجانات المسرحية المحلية، والندوات والمحاضرات، أقل ما يمكن أن يكونوا متفرجين، هذه جزئية مهمة جدا لإيصال رسالة المسرح أولا إلى الأشخاص المعنيين بالمسرح وإنتاجية المسرح، وهؤلاء هم الطلاب الذين يدرسون المسرح بأشكاله المتعددة، وكذلك من الواجب أن يكون هناك تشارك من قبل طلاب كلية الفنون، لأن المسرح بحاجة للفنيات، وبحاجة للرسم التشكيلي والديكور. ولذا فإن حضور طلاب كليات الفنون في الوطن العربي للمهرجانات والعروض والندوات والمحاضرات، ضرورة يفترض أن تدرج بعمل تخرج الطالب مثلا.
- إقامة محاضرات وندوات عن المسرح المقروء ، وهذه الجزئية تنبع أهميتها من خلال الوقوف على المسرح العربي في البلاد العربية على مستوى الكتابة، وإحداث عملية نقدية، واكتشاف طاقات كتابية في الكتابة المسرحية، المشكلة في الوطن العربي ما زالت تعاني من الدعوة للزمرة والجماعة والأقارب والمعارف، وكانت النتيجة سيئة، وهي بالتالي ستقلل من ثقافة المسرح، والثقافة بشكل عام وهذه الأمور هي نتاج ضعف بالرؤى ووضع خطط تنموية مسرحية، قادرة على أن تجعل الآخرين يشيرون  إلى ثقافتنا المسرحية.
- إقامة الورش التدريبية المتنوعة ، وهذه الجزئية توليها الهيئة العربية للمسرح جهدا كبيرا يقدر لها ، ويجب أن تعمم كأن تكون في كل بلد عربي وفق إستراتيجية واضحة .
- المختبر المسرحي ، أمسى المختبر المسرحي ضرورة أيضا ، وهنا الحديث عن مختبر مسرحي في مديريات المسرح كمؤسسات ثقافية مسرحية ، والجمعيات المسرحية ، والنقابات الفنية والفرق المسرحية، بالإضافة إلى إقامة المختبر المسرحي في الجامعات .

منصور عمايرة /كاتب وباحث مسرحي وروائي أردني
عمّان نيسان 2012

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9