أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، يونيو 26، 2012

مسرحية «ماتا هاري» السوريّة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, يونيو 26, 2012  | لا يوجد تعليقات


مسرحية «ماتا هاري» السوريّة 



أنجز نص «ماتا هاري» الذي سيحتضنه «مسرح الحمراء» في دمشق وزير الثقافة السوري رياض عصمت، مستنداً إلى الكثير من الوثائق والمعلومات المتناقضة والمثيرة التي أرّخت لحياة الراقصة الحسناء التي أرادت التلاعب بقلوب عشاقها، وتحقيق حلمها في احتراف الرقص والفن، لكنّها تحولت في النهاية إلى ضحية الصراعات السياسية للدول العظمى المتناحرة. هذا ما جعلها أيقونة حقيقية، ومحط إعجاب صنّاع السينما العالمية، لما احتوته حياتها من صراعات وأحداث رومانسية وإثارة وتشويق. وقد حاول كل منهم ترجمتها على طريقته الخاصة. كذلك جسدت شخصيتها جميلات السينما العالمية، مثل غريتا غاربو، ومارلين ديتريش، وجان مورو، وفرنسواز فابيان.
والتحول الرئيسي في حياة ماتا هاري كان عندما انتقلت مع زوجها إلى إندونيسيا، هناك انبهرت بالشرق وعالمه، وأتقنت الرقص الشرقي. هجرت زوجها بعد موت ابنها الصغير ووصلت إلى باريس عام 1903 حيث اشتهرت كراقصة باسم «ماتا هاري». أكثر فصول حياتها صخباً وغموضاً بدأ مع الحرب العالمية الأولى ودخول ألمانيا الحرب. حين عادت إلى هولندا، جنّدها قنصل ألمانيا جاسوسة ضد الفرنسيين ليصبح اسمها الحركي «هـ 21». كان خطؤها القاتل ارتباطها بقصة حب مع ضابط روسي، وملاحقتها من قبل أحد كبار رجالات الاستخبارات الفرنسية الذي جنّدها أيضاً ضد الألمان. هكذا، تحولت إلى عميلة مزدوجة حتى كُشف أمرها وأعدمت على يد الاستخبارات الفرنسية.
ويأخذ الفنان هشام كفارنة جمهوره في عرضه المسرحي الجديد "ماتا هاري" إلى مساحة جديدة من المحترف الدرامي الذي اشتغل عليه لسنوات طويلة معززاً حضور الشعر على الخشبة فالعرض لدى "كفارنة" لطالما كان خلاصة تجاور أكثر من فن في آن معاً حيث اختار هذه المرة شخصية إشكالية كتبها الدكتور رياض عصمت عن حياة الراقصة الهولندية مارغريتا غرترودا زيلي المعروفة بـ "ماتا هاري" ليقدم من خلال هذه الشخصية مستويات عديدة من الصراع الذي يندمج فيه الحب بالموت والسياسة بحياة الجواسيس.
ويذهب كفارنة في خياره إلى شحذ النص بطاقة جوقة من الممثلين والراقصين محققاً مناخات مشهدية عالية تندغم فيها سيرة حياة الراقصة ماتا هاري بصراعات الدول الكبرى في أثناء أحداث الحرب العالمية الأولى حيث تروي المسرحية التي بدأت عروضها مؤخراً على خشبة الحمراء بدمشق أربع مراحل لحياة الراقصة الهولندية التي تفجع بخيانة زوجها لها مع خادمتها لتنشأ هنا حبكة شديدة التشويق لامرأة تقع بين نار احتفاظها بابنتها الصغيرة وبين مواجهة زوجها الخائن الذي يعمل ضابطاً لدى الجيش في إحدى المستعمرات البعيدة.
20120625-194320.jpg

في الرؤية الإخراجية التي عمل عليها كفارنة، قسّم الدور إلى أربع مراحل تمتد من 1880حتى 1917، وتبدأ عندما كانت ماتا هاري في المراهقة وصولاً إلى إعدامها. جسدت هذه المراحل العمرية أربع ممثلات: لانا شميط، روجينا رحمون، رنا ريشة، أمانة والي. عمل كفارنة مع راقصات محترفات (رهف شيحاوي، سجى الآغا، ديانا درويش، ومها الأطرش) لتقديم رقصات صممها الكوريغراف معتز ملاطية لي ضمن لعبة إخراجية تعتمد أولاً على الماكياج والأزياء للتحايل على عدم قدرة كلّ الممثلات على تأدية الرقصات بشكل احترافي. للراقصة اللعوب عشاق يتنافسون على قلبها لكنّهم يلفظونها حالما يغادرون فراشها. وقد جسّد أدوارهم تيسير إدريس، فائق عرقسوسي، علي قاسم، كفاح الخوص، قصي قدسية...ويتابع العرض تقديم أحداثه المتعاقبة عبر أربع ممثلات جسدن مراحل حياة ماتا هاري التي تهجر زوجها بعد موت ابنها الصغير لتذهب إلى باريس عام 1903 حيث اشتهرت هناك كراقصة في أكبر مسارح باريس ولتتوالى فصول حياتها بعد ذلك صخباً وغموضاً مع نشوب الحرب العالمية الأولى ودخول ألمانيا الحرب لتعد بعد ذلك إلى هولندا بعد مكيدة دبرها لها قنصل ألمانيا آنذاك عبر خادمة تعرفها إلى امرأة تعمل لدى المخابرات الألمانية تجندها هذه الأخيرة كجاسوسة ضد الفرنسيين لتتعرف بعدها على ضابط روسي تقع في غرامه ما يعرضها لتكون عميلة مزدوجة لصالح الاستخبارات الفرنسية أيضاً والتي تجندها ضد الألمان.
ويرتب كفارنة مشهديته اللافتة بأسلوب الفلاش باك حيث يبدأ مسرحيته بمشهد الحكم بالإعدام على ماتا هاري التي تقع فريسة صراع الأمم الاستعمارية وتنازعها على مساحة الحرب في قصة تتصاعد أحداثها عبر حكايات تمتزج فيها الأجواء الجاسوسية بمشاهد الحب والعنف والاغتصاب ليصل المخرج بداية العرض بنهايته عبر إيقاعية لافتة في الانتقال ضمن الزمان والمكان بنقلات رشيقة وظف من خلالها الضوء والديكور والإكسسوار عابراً مدناً بأكملها على الخشبة. 
وقال المخرج كفارنة في حديث لوكالة سانا أنه في ماتا هاري يذهب نحو حكاية تقف إلى جانب المرأة المطعونة في عمق نرجسيتها جراء خيانة كل من قابلتهم من الرجال: إنها امرأة وحيدة تماماً في مواجهة عالم من الطيش والعنف والعبث امرأة لا تحتمل القسوة ترى نفسها فجأة ألعوبة رجال السياسة والحرب ودسائس الدول إضافةً لزوج يحرمها من حضانة ابنتها الوحيدة يعلق الفنان السوري متابعاً.. لم ألجأ في العرض إلى تكبيل المخيلة الجماعية للممثل بل حاولت إبرام علاقة مغايرة مع مجاميع الممثلين في مسرحية تمتزج فيها الأنوثة المهدورة مع جشع الساسة وتفريطهم بكل شيء من أجل الوصول نحو أهدافهم.وأوضح صاحب شوباش أنه يركز دائماً في عروضه على بناء مستويات شعرية للنص فالمسرح بحسب كفارنة ولد على أيدي شعراء كبار كأسخيلوس وسوفوكليس وشكسبير وراسين مضيفاً انه حتى في المسرح السوري هناك أسماء شعراء كبار كتبوا للمسرح واشتغلوا له على نحو محمد الماغوط/ممدوح عدوان وأنا أجد في الشعر نافذة لوهب طاقة دلالية وانفعالية للنص تحلق بالعملية المسرحية ككل مفسحة المجال أمام مساحات جديدة للتلقي لدى الجمهور. وقال كفارنة: أخذتني شخصية ماتا هاري كأيقونة معاصرة اجتمعت فيها كل أسباب الجمال فحياتها ملحمة من الصراعات التي يلتقي فيها الحب وجهاً لوجه مع الحرب ولذلك اعتمدت على تقنية الضوء للإبحار عبر أمكنة وأزمنة مختلفة على الخشبة تاركاً المجال لأكثر من ثلاثين ممثلاً وممثلة إضافة إلى عدد من الراقصين ليجسدوا قرابة ثلاثين عاماً من حياة ماتا هاري تكثفت في زمن العرض الذي بلغ ساعة وعشرين دقيقة حاولت عبرها توليف أكثر من خط درامي للخلاص إلى معادل مسرحي وبصري قادر على إيصال روح العصر التي عاشته بطلة المسرحية. وتميز العرض بإدارة ناجحة لمجاميع الممثلين لتؤدي كل من لانا شميط.. روجينا رحمون.. رنا ريشة.. وأمانة والي مراحل حياة الراقصة الهولندية ماتا هاري ليكون الجمهور أمام تعاقب متقن للأحداث المتصاعدة وفق ذرى درامية شديدة السخونة تمت مفصلتها بلوحات راقصة صممها الفنان معتز ملاطيلي دون أن تكون هذه الفقرات الراقصة مجرد عناصر تزيينية بل في صلب العرض المسرحي الذي بدا متماسكاً في صياغته الفنية مبتعداً عن التفاصح على الجمهور.كما نجح مخرج العرض في تكوين صيغة مسرحية بعيداً عن الصيغ السينمائية التي جسدت شخصية ماتا هاري حيث أدت شخصية هذه الراقصة حسناوات هوليوود من أمثال غريتا غاربو.. مارلين ديتريش.. جان مورو.. وفرانسواز فابيان في حين تمكنت الفنانة سوسن أبو الخير.. من أداء دور لافت في جرأته وحسيته على الخشبة مجسدة عقدة درامية مهمة من الأحداث التي تدفع ماتا هاري إلى التورط في لعبة الأمم والعمل مع شبكة جاسوسية عالمية امتدت من برلين إلى باريس.
وكمجمل أعمال كفارنة، يتميّز العرض (بالفصحى) بالتكثيف الزماني والمكاني، واللعبة البصرية المتداخلة على الخشبة باعتبار النص كتب بأسلوب سينمائي أكثر منه مسرحياً.
المصدر :
1-سنا
2-الأخبار 

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9