أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

السبت، مارس 19، 2016

بيتر بروك.. وفن الاخراج المسرحي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, مارس 19, 2016  | لا يوجد تعليقات



توافرت في الآونة الاخيرة المجموعة الكاملة لأعمال المخرج المسرحي البريطاني بيتر بروك في النظرية المسرحية بترجمة الناقد المصري فاروق عبدالقادر، وهذه المجموعة في تقديري تمثل دعوة ملحة وصريحة من اجل قراءة فن الاخراج المسرحي في القرن العشرين. فليتمهل معي القارئ الكريم ليحكم بمعاناة هذا الفنان المسرحي الكبير، وليدع عقله وهاجسه الجمالي يعملان معا. وليعلم ان الهاجس الاخير يعمل حيث لايعمل العقل، ولكن ليس من دونه.

بيتر بروك مع أقلام الاخرين
مجموعة بيتر بروك، تتألف من اربعة اجزاء كناقد قرأنا ثلاث منها في اصدارات مختلفة. ولا مجال هنا ابدا للادعاء او الغلو او المبالغة حول قراءة عروضه المسرحية الشهيرة في مسارح العالم، إذ من المؤسف ان التاريخ المسرحي المعاصر، او العروض المسرحية الراهنة لاترقد او تركد في بلادنا.
والحق، ان بيتر بروك، هو اهم فناني المسرح في الغرب المعاصر، ففي انهماكاته او شواغله الابداعية يتألق الفن المسرحي، وتشعشع الدراما في ارقى صورها. هكذا وصفه اريك بنتلي ومارتن ايسلن وكينيث تينان وتشارلس مورفيتنز وسواهم.
ولعلنا لانغالي القول، بان بروك وريث قسطنطين ستانسلافسكي وبريتولد بريشت في اشتغالهما المسرحي المعروف خلال النصف الاول من القرن العشرين، بل هو سليل التجارب المسرحية في شتى المعمورة.. اغريقية ورومانية ولايتينة وانكلوسكسونية وركحية وايمائية، فضلا عن الخيار التجريبي الذي اختطه هذا الفنان في المسرح العالمي المعاصر، حتى اصبح فنارا لكل المحدثين في العالم.

في الولادة والابداع والمعاصرة
ولد بيتر بروك في العام 1925 في بريطانيا. ومنذ خمسينيات القرن الماضي كان بروك فنانا مجددا ومجتهدا ومثيرا للجدل والاهتمام على الدوام، خصوصا في اخراجه للموروث الشكسبيري الشائق، ومنه (خاب سعي العشاق) 1946، (روميو وجوليت) 1947 و(دقة بدقة) 1951 التي لعب فيها فنان المسرح الشهير جون جليجود دور الشخصية الرئيسة الاولى.. والى جانب هذا الموروث الشكسبيري المعلن، اخرج بروك اعمالا لأهم كتاب المسرح العالمي، ومنهم جان بول سارتر، جان أنوي، كريستوفر فراي، جورج بيرنادشو، جون آردن، وغيرهم الكثير. واقام موسما مسرحيا مع بول سكوفيك في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، حيث قدما معا (هاملت) لوليم شكسبير و(حفلة كوكتيل) للشاعر ت. س. أليوت و(القوة والمجد) عن رواية غراهم غرين، ثم اخرج (قطة على صفيح ساخن) لتيسني وليامز في باريس عام 1956، وكانت قطته الساخنة في ذلك الوقت النجمة العالمية جين مورو.

سنوات القمة والاعجاز المسرحي
وفي سنوات الستينيات المنصرمة، تصدر بروك المشهد الاخراجي في العالم، على الرغم من وجود (إيليا كازان) في الولايات المتحدة و(جيرزي غروتوفسكي) في بولندا و(جان لويس بارو) في فرنسا، و(كرم مطاوع ونجيب سرور) في مصر، و(جاسم العبودي وابراهيم جلال) في العراق. ولانستغرب البتة ان يكرم هذا المخرج البريطاني القدير مع (غروتوفسكي وابراهيم جلال والناقد مارتن أيسلن) في اول دورة لمهرجان القاهرة الدولي التجريبي عام 1988.
وفي تلكم السنوات الستينية، اصبح بيتر بروك المسؤول الاول لمسرح (الاولدفيك) وفرقته المسرحية الشهيرة (الرويال شكسبير) في قلب لندن. وكان ثمار هذه التجربة عددا من الاعمال الاخراجية المهمة والاثيرة، ومنها (الملك لير) 1962 و(وماراصاد) 1964 و(يو/أس) 1966 و(اوديب) 1968 ثم (حلم ليلة صيف) 1970. وفي ذات السنة اسس بروك المركز الدولي لابحاث المسرح بالتعاون مع منظمة (اليونسكو) في باريس، ليقدم من وراء هذا المركز عروضا شامخة كملحمة (المهاراباتا) الهندسية و(اجتماع الطير) للشاعر الصوفي فريد الدين العطار و(أورجست) الزرادشتية في العام 1971.. ثم تجربته المسرحية الاثيرة مع قبيلة (الايك) الهندية الحمراء في امريكا اللاتينية مع ممثلين كوموبوزلتيين من أجناس متعددة وبلدان مختلفة وميزانيات هائلة في الانتاج المسرحي العالمي قد لاتتوافر لأية فرقة اهلية في تنفيذ انتاجها. او تتبنى خياراتها المكلفة غير الميسرة على الدوام، وكان رهان الدولية المذكورة، ان بيتر بروك، هو بيتر بروك!!
ان قراءة الاعمال النظرية لهذا المخرج الكبير المبدع، تفصح عن رجل في مسرح، او مسرح في رجل، ونحن إذ نقرأ هذا السفر ونطوف حول انشغالاته المسرحية المتعددة، لانملك الا آيات الاعجاب والتقدير والانبهار، بعد اكثر من ستين عاما لمسيرته الهائلة في المنصات العالمية.

من اجل مساحة مسرحية عذراء
وبعد..
فان فضاءات المسرح تهتز في كل عصر عن فنان يحفر قدميه في خشباتها المترامية. بل اننا لايمكن بالمرة ان نصدق دعوة بروك لاستقدام الممثلين والتقانيين والمطربين واصحاب العزف الحي من جميع الجنسيات او من آية بقعة في العالم ضمن عرض مسرحي واحد، تتشابك فيه اللغات والتقاليد والاعراف، من اجل مساحة مسرحية عذراء تبحث عن عالم بشري افضل. ولهذا كان بيتر بروك هو الاكثر اغداقا، والاكثر مثالا من بين كل المخرجين المسرحيين في العالم.

-----------------------------
المصدر : الأتحاد - عدنان منشد 

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9