أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، أبريل 22، 2016

مسرحية "ليلة مع الحسين "

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 22, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

الفن الحي هو ذلك الذي يتبنى قضية الإنسان والحضارة وربط هذا الانموذج بمفردات الحياة والخلود والبقاء ، حتى يصبح الفن غذاء روحيا ، وهنا قد تتوازى مهمة هذا الإبداع الفني الإنساني مع مهمة الرسالات السماوية التي بشرت بالحياة وسعادة نهايتها في سلوك الطريق المثالي للأخلاق والعمل والسعي في مناكبها.هذه المنطلقات شخصّتْ أمامي وأنا عشت في يوم ما أجواء مسرحية (ليلة مع الحسين) تأليف طالب خيون وإخراج زيدون داخل ومن بطولة الممثل المبدع ضياء الساعدي والتي مثلت الصراع الخارجي في أوج توهجه ، لان الخير وقيم الحق حينما تحل بالإنسان سيكون مستهدفا من قبل القوى التي تميل إلى فوضى الحياة والخروج على نواميسها ، وهكذا ارتكزت المسرحية على ثنائية الخير والشر ، فالحر رمز تاريخي غادر زمنيته وأصبح جدالا فكريا مستمرا يتواصل معه المتلقي بمقابل الشمر الذي يمثل صراع الشر في ثورة مازالت مشروعا دائم الثراء للاستثمار ، وهي ثورة الحسين (عليه السلام) ، لذا حاول المؤلف بلورة الفكرة من خلال رسم حالات الصراع بإبعادها الثلاثة المادية والاجتماعية والنفسية ، بحيث اظهر التفاعل بين الشخصيات المعاصرة ،والاخرى الغائصة في أعماق التاريخ ، فالحسين (عليه السلام) هو الإطار التاريخي العام ، و هناك موصلات بين الصراع داخل الشخصية المعاصرة عبرت عنها شاشة بيضاء بينت للشخصية (الممثل)أن يكون أمام خيارين وهما خيار الاندماج في الجموع المهرولة باتجاه الحسين(ع) في كربلاء بإيحاءات كأنما الحسين(ع) ينتظر هذه الجموع عند مشارف المدينة وهي حالة صراع داخل أي إنسان يتجه صوب كربلاء .. والخيار الثاني هو أن يمثل الشبيه في معركة الطف واعتمد الكاتب صراعا آخر بإيجاد بذلتين : الأولى للحر والثانية للشمر واستثمر الكتل اللونية باعتمادها دوالا أخرى لاستمالة المشاهد وتمسكه بالانموذج الذي يحاول الكاتب إبرازه وكان جهد الإخراج واضحا في هذا الجانب وأضاف مسحة جديدة مغايرة للتفريق بين الشخصية التاريخية والأخرى المعاصرة ، بان فخخ بذلة الحر فـ(العبوات لا توضع إلا في ثنايا المبجلين) وترك بذلة الشمر .. وهنا تبدأ الثيمة تتبلور بين المؤلف وبين مسارات الإخراج واعتمد عنصر الحوار الدرامي الذي يشمل الإشارات والعلامات ، وهكذا أظهرت مسرحية (ليلة مع الحسين) قدرة المسرح العراقي على التواصل واستيعاب حالة المعاصرة باستثمار التاريخ من جوانبه المشرقة وحملت المسرحية روح المغايرة والجدة واسترداد المعاني التي تسكن أعماق التاريخ بمساعدة تقنيات الإضاءة التي تولى مسؤوليتها الشاعر أمير ناصر وكانت الإدارة الناجحة للأستاذ حيدر عبد الله لها دور في تنظيم العمل وتوجيهه ولا ننسى دور الشخصيتين الثانويتين ومثل دورهما الأستاذان علي هاشم وعباس اكليف وكانتا بمثابة الأجزاء المكملة للعمل ، لان المسرحية بنيت على الميلودراما .. ومن هنا نقول : (في أي مجتمع توجد اختيارات مطروحة والذي يكون مقبولا اجتماعيا ولا يتعرض لأذى أو ازدراء أو عقاب مجتمعه هو ذلك الإنسان الذي ينتقي كل اختياراته التي يطرحها ذلك المجتمع الذي يعيش فيه) ، وهكذا تكون الاختيارات المطروحة اجتماعيا هي في محل تحريك من قبل الفنان المبدع ، حتى أن علماء النفس طرحوا ثلاث نماذج يهمنا النموذج الثالث منها والذي يقول أن الذين يعملون بتسريع تطور المجتمع بانتقاء الأفضل المطروح اجتماعيا والبحث عن البديل الملائم ، المشروط بهذه الملاءمة لحركة المجتمع الموضوعية ، فهولاء هم الفنانون المبدعون في التوسط بين المقبول اجتماعيا والبديل الذي بحث عنه في مسارات الجهد المضني ، لأجل تنقية الذات صعودا نحو المثال المقتدى وارى ان الكاتب طالب خيون قد حمل هذا القلق والتوتر بين المطروح اجتماعيا وبين الغوص في البحث عن البديل وحاول إيجاد تبريرات تقترب من المواءمة بينهما وبدى متلهفا في المزاوجة ، بحيث حفز الكل باتجاه هذا الصراع المخرج والممثل والمتلقي أن يكون الاختيار كحالة متميزة بحيث اشتركت أشياء المسرح الأخرى لإجلاء جوانب الفكرة دون تكلف ، وفي حكم المؤكد حينما تحضر كامل التقنيات المسرحية ويكون الاستعداد والأجواء ملائمة ستكون مسرحية (ليلة مع الحسين)نقطة مضيئة في تاريخ مسرح مدينة الشطرة ضمن حركة المسرح العراقي والتي تتضافر الجهود الآن لينهض المسرح من جديد في العراق ، مستفيدا من أجواء التغييرات السياسية الحديثة بعد سقوط الصنم في 2003 باتجاه بناء منظومة فكرية تقبل بالآخر وتميل نحو بناء دولة مؤسساتية لا تستثني احدا من أبنائها وعلى أساس مبدأ الحقوق والواجبات وهو البديل الذي يسكن أعماق وإرهاص أي مثقف عراقي ..

---------------------------------------
المصدر : وجدان عبد العزيز - الصباح  

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9