أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الاثنين، مايو 16، 2016

منتدى المسرح.. ذائقة الجمال وذاكرة المسرح العراقي / احمد الماجد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 16, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

ارتبط منتدى المسرح ،الذي يقع في بيت السنك القديم، بذائقة الجمال في ذاكرة كلّ فنان عراقي، وبالزمن المسرحي الجميل، وسط المكان الأقرب إلى قلوب أهل المسرح، بل هو بوابة المرور، وشهادة الخبرة والمنشأ لكل فنان عراقي أراد الفوز بمكانة فنية فوق الخشبة أو وراء شاشات السينما والتلفزيون. إن “بيت السنك” البغدادي القديم، والذي يتوسط شارع الرشيد، ما إن تدخله حتى يأسرك سحر الشرق العربي الأصيل، وعبق بغداد بلياليها الألف، بإطلالته المميزة على نهر دجلة، وبما يحويه من ثراء تاريخي وغنى تراثي ذو جذور ممتدة إلى حقب، حيث كان هذا البيت مقرا للبعثة البريطانية في أوائل العشرينات، ليكون هذا البيت على موعد مع الشهرة والتاريخ، حينما اختير ليكون منطقة للإبداع، نقشت على جدرانه بيادر الألق، بروائع العروض المسرحية العراقية، وتألق في باحته العديد من القامات الفنية، أورثوا من جاء بعدهم الكثير من البهجة والإبداع، ولن تتسع هذه الصفحات لمجرد سرد الذين مرّوا من هنا، ابتداء من ابراهيم جلال، سامي عبدالحميد، يوسف العاني، شفيق مهدي، فاضل خليل، سامي قفطان، محسن العزاوي، نزار السامرائي، محسن العلي، شذى سالم، التفات عزيز، مقداد مسلم، هاني هاني، مقداد عبدالرضا، عقيل مهدي، قاسم محمد، حكيم جاسم، محمد سيف، إقبال نعيم، علي الشيباني، حسب الله يحيى، باسم الأعسم، سرمد البدري، عقيل ابراهيم العطية، عزيز خيون، عبدالعزيز عبدالصاحب، حميد مجيد، عواطف نعيم، صلاح القصب، جميل ناصيف، رشيد ياسين، الدكتور ميمون الخالدي، عبدالخالق المختار، أحلام عرب، غازي فيصل، شفاء العمري، عبدالرزاق ابراهيم، موفق الطائي، يوسف السواس، حيدر منعثر، قاسم زيدان، نغم فؤاد سالم، والقائمة تتشظى بالجمال وتطول.. مسرحيون ونقاد لهم في كلّ شبر من هذا البيت ألق وإبداع وذكرى. لقد جاءت الفكرة في إنشاء منتدى للمسرح، نتيجة لاحتياج الفنانين إلى وجود فسحة من الحرية للاحتفاء بأبي الفنون وتقديم العروض بعيدا عن الروتين الرسمي والأطر الوظيفية، وفي جو فني جدا، يكون القائمون عليه من جلدة الفنّ نفسها، كي يعبرو بالمسرح إلى الضفة الأخرى. ويذكر الدكتور عقيل مهدي، أن منتدى المسرح العراقي مر بمراحل عدة حملت كل منها اسما، فكان الظهور في العام 1969 باسم نادي السينما والمسرح، وكان مجرد طموح كبير وهيكل إداري على الورق فقط، وفي العام 1978 تحول الاسم الى نادي المسرح، مع ظهور مسرحية (مسافر ليل) لصلاح عبدالصبور واخراج الراحل هاني هاني، ولم يسجل له اي نشاط آخر حتى العام 1982 حينما انتقلت دائرة السينما والمسرح الى بنايتها الجديدة في منطقة الصالحية ببغداد، حيث كان نشاط النادي في هذا العام يقتصر على استضافة عروض طلبة معهد الفنون الجميلة التي لم تثر اي اهتمام نقدي اوصحفي لتواضعها الفني، إلى أن ظهر في العام 1983 منتدى المسرح، بعد ان انيطت ادارته للفنان مقداد مسلم فبدأ المنتدى عمله الفعلي وكان اول انتاج للمنتدى مسرحية “المشاكس” في 7/7/1983. ثم توالت بعدها العروض والمهرجانات المسرحية ليتحول هذا البيت القديم إلى أرض فنية حديثة، يجتمع فيها المسرحيون والفنانون كل ليلة، يناقشون أمورهم وهموم المسرح والفن العراقي والعربي، لينطلق بعدها مهرجان منتدى المسرح في العام 1984، ويعد مهرجان منتدى المسرح العراقي أهم مهرجانات العراق المسرحية وأطولها عمرا رغم توقفاته، حمل شعار التجريبية ابتداء من دورته الثانية حتى الدورة الخامسة ليتخلى عنها بعد ذلك، وهو بذلك سبق مهرجان القاهرة التجريبي في تبني شعار التجريبية. وجاءت فكرة تغيير بيت السنك، البيت البغدادي التقليدي المبني وفقا للشروط الاجتماعية والاقتصادية والدينية وتقاليد العائلة العراقية التي بلورت شكله معماريا، إلى منتدى للمسرح من أجل استبعاد الشباب الهواة عن مركز المحترفين “بناية مسرح الرشيد” وحصرهم في بيت قديم، بعيد عن كل الأنظار هم وحماسهم المتّقد الذي كان يساريا نوعا ما، ليتحول هذا المكان بسعي الشباب وابداعهم الى ثروة وطنية جديدة اسست للمسرح العراقي برمته. ويذكر الناقد عباس لطيف، أن ظهور التجارب الطليعية والمنحى التجريبي في الخطاب المسرحي العراقي أدى إلى اتخاذ بيت بغدادي بطرازية قديمة وتراثية كفضاء مسرحي لتكريس توجه جديد يتيح مساحة كبيرة لكسر المألوف التقليدي والتخلص من مسرح العلبة الايطالي كمؤشر استشرافي لما سيؤول اليه هذا الاتجاه المغاير والتجديدي والذي لم يأت من فراغ او ينبثق كنوع من الترف الفني بقدر ما كان يمثل ضرورة حتمتها الحاجة الابداعية والتطويرية لمجمل تاريخ المسرح العراقي. كما منح التنوع المعماري المخرج المسرحي اكثر من فرصة لاستثمار معطيات المكان، سواء في استخدام الحجرات وابوابها وشبابيكها، او في توظيف السلالم و الطوابق، وما تمنحه للعرض من مستويات جمالية وفكرية، لان معمارية هذا البيت بحد ذاتها هي فلسفة، تمنح اشتراطاتها ومعطياتها لتغذي المخيلة الجمالية الابتكارية التي تبدع العرض. إن بيت السّنك الذي يحوي منتدى المسرح هو حياة أخرى غير حياة الصخب التي تشهدها بغداد ليلا ونهارا وخاصة شارع الرشيد، حجرات هذا البيت لها سحر أوراق الكتب الصفراء المتشبعة بالزمن وهي تتراصف مع بعضها في كتابة وارشفة ماضي المسرح وحاضره بل ولا أبالغ إن قلت مستقبله، ذلك المستقبل الذي نتمناه لعراق الكلمة وبغداد الأزل، بين ما كان من جَدّ، وما وقع من هزل.

-----------------------------
المصدر : جريدة المدى

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9