أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الاثنين، أغسطس 27، 2012

من المسرح التركي المعاصر: "في الكمين" تأليف جاهد آتاي ترجمة نصرت مردان

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أغسطس 27, 2012  | لا يوجد تعليقات





(كوميدية من فصل واحد)


جاهد آتاي (1925 –) : كاتب مسرحي متميز حصل على عدة جوائز مسرحية من أعماله المسرحية: مقعد على الشاطيء، طيور السنونو، حمدي وحمدي، الإنسانية لم تمت، الأم خاتون والبنت خاتون.


الشخصيات:

ييلان اوغلو،الاقطاعي (الاغا)
دورمون البستاني
يشار


زاوية طريق.. مرتفع تغطيه الاحراش وأشجار العليق. على مسافة منه حقول ممتددة نحو الجبال.. نهار مشمس.. ييلان أوغلو مقبلاً من اليسار يسترعي الانتباه لأول وهلة حاجباه، بنطاله الذي من القطيفة، حذائيه اللامعين، سترته الضيقة.
يتأمل حواليه.. يمد يده متناولاً من جيبه ساعته ذات السلسلة، يتأمل الطريق باستمرار وبميكانيكية واضحة الطريق تارة، وتارة أخرى ينظر الى ساعته.يبدو عليه أنه ينتظر شخصاً حركاته الالية تبعث على الضحك. يضع ساعته بارتياح في جيب سترته عندما يظهر دورسون،تغادره الحالة القلقة التي كان عليها، بحيث يبدو رجلاً متماسكاً كالصخر..
بعد قليل يدخل دورسون وهو يتصبب عرقاً.. ما عدا بريق البندقية التي على كتفه، كل ما عليه يبدو بالياً.. أنه شاب يبدو عليه البله، يضع طرفي بنطاله البالي المرقع، داخل جاربيه. في قدميه حذاء عسكري قديم وعلى رأسه قبعة من القش، استهلكت أطرافها تماماً على كتفه الأيسر خرقة، وجراب صيد)
الأغا – أين أنت يا هذا؟
دورسون – (خائفاً) أعذرني يا آغا.. كنت في الحقل.
الآغا – دعنا من الحقل!
دورسون – (ببراءة) كيف يا سيدي. الحقل هو كل ما نملك.. (بفرح مفاجئ) عندما طلبت مني أن أحضر ببندقيتي فهمت كل شيء فنحن سنخرج للصيد (فجأة) هل أنت على استعداد للذهاب إلى جاتال يا آغا.. فالأحراش هناك تغلي بالحجل. (يتأمل الاغا) هل ستأتي هكذا، أليست لك بندقية؟
الأغا – أنت تملك بندقية، وهذا يكفي.
دورسون – ارتح هنا يا سيدي تحت شجرة ودعني ألقي نظرة.. لن أدع حجلاً واحداً يبقى في منطقة جاتال.. لست برجل إذا لم أصطد لك ما يكفيك كمزة لمدة شهر كامل. وسوف أملأ هذا الجراب بالحجل.. وسترى يا آغا.. سترى دورسون البستاني..!
الأغا – اذهب خلف هذا المرتفع!.. (دورسون ينفذ الأمر).
الأغا – (يتوجه نحو الجهة اليسرى من الطريق، ويعود نحو المرتفع ببطء) صوب البندقية نحوي..
دورسون – (باستغراب) نحوك يا آغا؟ حاشا ان افعل ذلك..!هل تختبرني يا سيدي
الأغا – مجرد تطبيقات يا حمار، خطة!
دورسون – وهل يحتاج إطلاق النار من هذه المسافة إلى تطبيقات.. في كل يوم أقتل عشرة غربان في الحقل على الأقل.. من مسافة أبعد من هذه بكثير.
الأغا – (يتأمل الطرف الأيمن من الطريق. يقبل بعده نحو دورسون) أخرج!.. (يجلس قرب المرتفع يخرج سيكارة.. مخاطبا دورسون) إجلس...!
دورسون – (يجلس متردداً. يمدد البندقية على ركبتيه. يتأمل بخشية الأغا منتظراً منه الحديث).
الأغا – (يلف سيكارته، بصوت أمر) ستلبث خلف المرتفع.. (بخشونة) هل فهمت؟
دورسون – (دون أن يفهم شيئاً) أجل فهمت ياسيدي.
الأغا – حسن.. (يمد علبة السكائر له وكأنه يمن عليه بلطف كبير) خذ لف سيكارة لنفسك.
دورسون (يتردد) كلا، عفوا يا سيدي..
الأغا – قلت لك لف..!
(يمد دورسون يده، وهو غير مصدق. يبدأ بلف السيكارة بأصابع مرتعشة)
الأغا – (يضع سيكارة في مبسم من صدف ويشعلها) تملأ البندقية، ثم تطلق النار.. هذا كل ما في الأمر..
(دورسون منهمك في لف السيكارة، تبدو وكأن العملية جعلته يصاب بالطرش)
الأغا – (غضباً) قل هل في هذه البلدة من هو أفضل مني؟
دورسون – (منهمك في اللف، بارتخاء) أنا.. أنا لم أفلح.
الأغا – كن رجلاً رجل! لا خير في العمل بالبستان. (كمن يخطب) يا هذا أليس لديك شرف؟ يا هذا أليس لك عرض؟ يالك من خروف!
دورسون – (يسحب نفسه قليلاً من مكان جلوسه) والله يا سيدي..
الأغا – هل تتصور حالك لو خرجت للمقهى؟!
دورسون – من البستان الى المقهى..؟
الأغا – لنفرض إنك خرجت للمقهى. من يهتم بك؟ لقد تحولت إلى فزاعة من جراء بقائك في البستان. سوف لن يتنازلوا، ليلقوا عليك بنظرة.. فلا فرق بينك وبين كلب الجزار..
دورسون – انهم يخشونك انت يا سيدي، وليس بمقدور أي شخص، أن يدخل مجلسك.
الأغا – لماذا؟
دورسون – أنت ييلان اوغلو، أغا ولك شهرة واسعة..
الأغا – أن الأغاوية لم تهبط عليّ من السماء بل كسبناها بجهدنا وعرق جبيننا. ماذا تظن لقد قتلنا عدة الأشخاص في وضح النهار.. داخل السوق.. لقد ارتكبت حوادث تكفي لسابع سلالتي. كي يرتاح أبناء أبنائي.. (فترة) أما أنت؟
دورسون – أنت على حق يا سيدي.. فلن يضعني أحد في مرتبة الرجال. أنا مجرد فزاعة في بستانك.
الأغا (يشير إلى البندقية) لكي تتخلص من هذا المصير دعها تنطلق فقط.. إنني أريد أن أحسن إليك.
دورسون - (بأمل) كنت متوقعاً.. قلت ما دام قد طلبني سيدي ييلان اوغلو التي تملأ شهرته الافاق فلا بد أن هناك شيئاً ما.. شيء بالغ الاهمية.
الأغا – (ناصحاً) هذه الفرصة لن تسنح لك إلا لمرة واحدة. استعمل عقلك ففي الحقيقة هناك العديد من الذين يقومون بهذه المهمة طواعية. ولن يصلك الدور لو أعلنت عنها بمذياع البلدية.. لذلك فضلت أن أحتفظ بالأمر سراً، لتكون أنت المستفيد. الله يعرف بما في نفسي، فأنا أود مساعدتك، لتحسين وضعك.
دورسون – (وكأن الاغا وهب له مزرعة) دمت يا سيدي.. اطال الله لك عمرك.
أغا – (مبسطا الامر)..بعد الايفاء بالمهمة الموكولة اليك، ستخلد إلى الراحة في السجن خمس أو عشر سنوات..السجن مدرسة ستتعلم هناك كتابة العرائض..
دورسون –(ينتبه لأول مرة) تقول السجن يا سيدي؟
الأغا – وماذا في ذلك؟ إياك أن تفكر بالفرار. الفرار لا يليق بالرجال! ماذا قلت؟
دورسون – أنت تعلم أفضل مما أعلم يا سيدي.
الاغا – أجل ستهتم بالبستان، بدل أن تجلس القرفصاء في البيت.. حين ستخرج من السجن، وتذهب إلى المقهى، سترى ما يحصل.. ستجلس في الصدارة، وسيتنافس الجميع في إكرامك بالقهوة والمشروبات.. وستتزوج من بنات الأشراف.. إن نعمة هذه المهمة، لا تعد ولا تحصى. ستمتلك بستاناً وحقلاً وحصاناً. أجل سيكون لك حصان!
دورسون – (متخيلاً) هكذا إذن يا سيدي؟
الأغا – وماذا كنت تظن (ينظر إلى الطريق)
دورسون – (يقبل يد الاغا بانفعال) سيدي.. سيدي الوحيد.. قلت لابد في الامر شيئاً.. ييلان اوغلو العظيم.. لأكن عبدك.. كل هذا ويقولون عنك ييلان اوغلو بلا رجل رحمة، رجل عديم الشرف..
الأغا – (لا ينتبه لكلامه..عيناه على الطريق) المطلوب ان تطلق يا هذا النار ان كان القادم حجلاً كان أم غراباً.. سيمر بعد قليل من هنا. تعرفه جيداً انه يشار.
دورسون – وكيف لا أعرفه لقد شب في محلتنا (بحقد) لقد خطف مني حبيبتي.
ألاغا –ما دمت تحقد عليه..المسالة اذن هينة.
دورسون – هل درس يا اغا؟
الاغا – ليته لم يدرس.. لكن ماذا تقول في عناد خاله؟
دورسون –خاله إبراهيم الاعور.
الأغا – قلنا له لا تدعه يدرس، بل دعه يعمل عندك لكن إبراهيم الاعور لم يصغ لكلامنا باع البساتين والحدائق ليدرسه في المدارس العليا. وهو يعمل الآن على فتح مكتب هنا ويريد الاقتران بزهرة ابنة الأرملة امينة.. يريد الاستيلاء على ما نملك لم يصغ إلينا.. هيا لا تغفو.. فهمت ما هو المطلوب..الهدف هو يشار. اقتله لتظفر بالشهرة والمجد لن يستطيع أحد أن يتجاوزك. (مشيرا إلى البندقية) اذهب أنت إلى مكانك.. وصوب البندقية كما صوبتها علي قبل قليل (يربت على كتفه ينظر إلى ساعته) انه الان في الطريق. حصاني يرعى تحت شجرة الدلب.. سأغفو في ظلها قليلاً وسأعود حينما أسمع صوت الرصاص. لا تخف على الاطلاق..
دورسون – (بغرور) بإذن الله، سأقوم بالمطلوب يا سيدي.
الاغا – استودعك الله (ثانية) تكرار الامر شرط أساسي في العسكرية. أنا عريف الان، وأنت جندي (بلهجة خشنة) ماذا ستفعل؟
دورسون – (يقف بوضع الاستعداد) سأقوم..أعني..
الاغا – كلا، عليك أن تقول : سأستلقي خلف المرتفع يا سيدي وسأطلق النار على يشار باعتباره هدفاً متحركا !
دورسون – لا تقلق ابداً يا سيدي.
الأغا – إلى اللقاء..
دورسون – (معتبراً نفسه شخصية كبيرة كالأغا)مع السلامة ييلان اوغلو.
الاغا – (يرجع متفسرا) هل قلت ييلان اوغلو؟! صاحب الحانة رفعت وزوجتي فقط لهما الحق بمناداتي باسمي.. ما أسرع تصورك لنفسك شخصية هامة. يا غبي ما قيمة العمل الذي ستقوم به ! مجرد إطلاق النار من كمين.
دورسون – (متراجعاً) سامحني يا سيدي.. كنت أود أن اقول سيدي الاغا..
الأغا – لا.. لا على المرء أن يعلم حده (بابتسامة مصطنعة) رغم ذلك أنت لست بقليل الأهمية.. أدر فوهة البندقية للناحية الأخرى نحو العدو!
(يخرج مشيراً إلى الطريق.. ينظر دورسون خلفه بعدان يتأكد تماماً من ذهابه)
دورسون – إذن هذا هو الموضوع.. من كان يقول أن ييلان اوغلو يكشف سره لدورسون البستاني..! (يداعب البندقية ثم يبتسم بغباء) يا إلهي (ينظر إلى الجهة التي ذهب اليها ييلان اوغلو.. يمسك ظهره متألماً) أوف يا ظهري.. لاستلقي قليلاً فلا احد هناك (يقكر بالأغا) حسن يا اغا (يجلس في نهاية المرتفع يقبض على البندقية بقوة.. يتثاءب) لقد قتلني المحراث.. وهذا البستان..
(تنغلق عيناه. ينام على الفور. تقع البندقية من يده.بعد قليل يظهر يشار في الجانب الايمن من الطريق، شاب يلبس نظارة، تبدو علائم الطيبة عليه.. يرتدي بنطالاً وقميصا رياضياً، يعقد منديلاً على رقبته بسبب الحر. في يده حقيبة صغيرة، يبصر دورسون)
يشار (يقترب رويدا) هذا دروسون..!
(يتناول البندقية خفيةً يمشي على أصابع قدميه يتربص بالقرب منه، يعزف بشفتيه في أذني دورسون نشيداً مدرسياً قديماً)..
(دورسون يتمتم وهو نائم بالنشيد)
(يعزف يشار اللحن بشكل أقوى، يرتفع مع اشتداد اللحن صوت دورسون بالنشيد).
دورسون – (كمن يحلم) أي أناشيد كنا ننشد كان صداها يرن قرب قصر الحاج.. كانت النساء والفتيات يهرعن للنوافذ لسماعنا.. (تتسع عيناه) يشار! (يعود لذكرياته) لم يكن يقبلوني في المدرسة كانوا يقولون عني ابله، وكان الصبية يستهزؤن بي (مخاطباً يشار) كنت تأخذني معك في زيارتك للريف.
يشار – (مصدقاً ما يقوله بإيماءة من رأسه، مواصلاً العزف في الوقت نفسه)
دورسون – (بحسرة) آنذاك كانوا يقولون عنك الولد الصغير.. هل تذكر كيف طاردك الحاج ايوب مرة بعصاه؟
يشار – (ضاحكاً) كان يقول، أنه يجمع الشياطين في المحلة (ينهض، ويفتح ذراعيه ليحتضنه) تعال ياطفولتي، تعالي يا أيامي الزاهية.
دورسون – (يحضن يشار بتأثر بالغ) أه.. يشار صاحب العينين السوداوين (يرخي ذراعيه فيما بعد، خجلاً).
يشار – (يعانقه) دورسون، صديقي!
دورسون – (تقدح عيناه بالشر، يبتعد عنه ) لكنك اصبحت سيداً.. أما أنا..فمجرد بستاني..!
(فجأة يبحث عن بندقيته) أين بندقيتي؟
يشار – هل خرجت للصيد؟
دورسون – (يستمر بالبحث) إنها كل ما أملك.. بدونها أنا مقيد اليدين.. والغربان ستحتل الحقل.
(يلتفت وينظر نحو يشار فجأة) لقد ضاعت البندقية..
يشار – يا دورسون (يتجه نحو المكان الذي أخفى فيه البندقية) لقد أخفيتها.. لمجرد المزاح فقط. (يأتي بها ويعطيها له).
دورسون – (يخطف البندقية ويلقي بنفسه خلف المرتفع موجها الفوهة نحو يشار) أسف يا صديقي، يجب علي أن أقتلك!
يشار – (مستغرباً) تقتلني أنا لماذا ؟
دورسون – ومن أين لي أن أعرف لكن يجب أن أقتلك..هكذا امرني الاغا!
يشار – دورسون!
دورسون – قل ما تريد.
يشار – أجاد أنت (برقة) أه دورسون تعود إلى أعمالك الصبيانية من جديد؟ هل تعود بعد هذا العمر إلى لعبة الشرطي والسارق؟
دورسون – (بغلظة) أن داخلي يحترق، ولكن ليس ثمة من حل.. هذا ما يجب أن يحدث..هكذا امرني الاغا!
يشار –حسناً.. السبب..لماذا تريد ان تقتلني؟
دوورسون – (على وشك البكاء) هل عليّ أن أبقى على ما أنا عليه..؟ أصبح كلب القرية.. أن لا استطيع الجلوس في المقهى أن لا يكون لي حقل وحصان أن لا اتزوج؟ (خجلاً) لو قتلتك.. عفواً..سترتفع مكاني وقيمتي في القرية.. هذا ماقاله الاغا!
يشار – فهمت دورسون تفعل كل ذلك هذا من أجل الحصول على شيء.. ياللأسف..
دورسون– سأعتبرك مجرد غراب يتهاوى..
يشار–.. حسنا يا صديقي العزيز،.لكن اعلم أن عذاب القاتل هو أكثر من عذاب ضحيته. حينما ستذهب إلى اي المقهى، سيهتف بك هاتف ((لماذا قتلت يشار؟)) وحين ستكون مع زوجتك وأنت ترتشف الحساء بشهية سيقول لك نفس الهاتف ((قتلت الغربان، لأنها تسرق الحبوب ن لكن يشار لم يكن غرابا..؟ ألن تقع الملعقة من يدك أمام هذا الهاتف؟ هل ستستطيع أن تمر من امام شجرة العليق الحمراء هذه؟.. هل تستطيع أن تشق آنذاك.. البطيخة الحمراء إلى نصفين.. قل لي؟
دورسون – اختطفت حبيبتي مني..
يشار – من أنقذك من الغرق في البحيرة؟
دورسون _ ها.. يا هذا.. أنظر كنت قد نسيت ذلك (يقترب منه) أنت ولد طيب. لنجد حلاً.. فلا يزال هناك عام على حلول المساء (متوسلاً) هيا يا يشار!.
يشار – لنجد حلا.
دورسون – أنت شخص دارس، أرني شطارتك، فعقلي لا يعمل في أمور كهذه.
يشار – سأعمل كل ما بوسعي (يفكر) دورسون هل بيننا ثأر.
دورسون – (متسائلا) هل هناك ثأر فيما بيننا؟
يشار – ليس ثمة ثأر بيننا على الاطلاق.
دورسون – صدقت ليس بيننا من ثأر.. قاتل لله الثأر.(يسحب دورسون بنطاله وهو يفكر متبرماً)
يشار – ما أجمل الطقس..
دورسون – وهل هذا وقت الحديث عن الطقس؟ (يتثاءب دون إرادة) أجل ما اجمل الاستلقاء تحت شجرة الدلب في هذه الساعة.. (يتذكر ييلان اوغلو).
لكن هذا لا يناسبنا، بل يناسب السادة..ويناسب ييلان اوغلو.
يشار – جيد ولكن.. أن ما قلته بلا مبرر. أنظر لو نشبت حرب فأن كل شيء يبدو معقولاً. أنا ألقي بقلمي وأنت بمحراثك ونذهب للجبهة.. ستكون آنذاك أسباب عديدة للقتل، نضغط على الزناد ونطلق النار على العدو..
دورسون – ولماذا تفكر بذلك؟
يشار – هل هناك أمر صادر لكي لا نفكر بهذا الخصوص؟.
دوروسون – يتملص– كلا..
يشار – حسن ماذا نفعل. ليس بيننا حقد دفين في الماضي. (فجأة) دعني إذن أهينك، وأبصق في وجهك..ليكون لك مبرر لقتلي.
دورسون – لماذا ترغم نفسك على ذلك؟.
يشار – من أجل تبرير مقنع لما ستقوم به.. (متخيلاً) لكنني احلم بفتح مكتب نفسي لخدمة القرية.
دورسون –رئيس البلدية، شنق نفسه لأنه لم يستطع أن يحقق ما يريد.
يشار – لندع ذلك الان.
دورسون – (فترة، فجأة يصرخ بفرح وكأنه وجد مبرر قتل يشار) لقد تذكرت في فترة ما أعتدى أبوك على أبي. أمي تحدثني عن هذه الحادثة دائماً.. حتى وصل بهما الأمر إلى المحكمة.. ما الذي تقوله في هذا..؟.
يشار – (يهز رأسه) كلا، لقد سمعت بذلك من خالي لقد قام الاقطاعي ييلان اوغلو بذلك ثم إتهم به والدي.
دورسون – ييلان اوغلو لا يعتدي بالضرب، بل يصفي الذي أمامه.
يشار – لقد حكم على أبي بالبراءة.
دورسون _ اللعنة.. قالت لي امي بأن بناية الحكومة قد احترقت، والتهم الحريق كل الأوراق فيها..
يشار – أجل قرأت في الصحف عن الحريق. وقد قام بالحريق أحد المنفذين.
دورسون – أصحيح ما تقوله؟
يشار – وهو من حزب ييلان اوغلو.
دورسون – أه لو كان ذلك الرجل أمامي بدلاً منك..
يشار – بدلاً من ييلان اوغلو؟
دورسون – (بخوف) لا تكن طفلاً.. من يستطيع على تشهير سلاحه في وجه ييلان اوغلو؟هل تعتقد ان الرصاص سيصيبه بأذى؟ (يبدو منشغلاً بالموضوع)ان من يصرع ييلان اوغلو ستعم شهرته سبع دول. وستؤلف عنه الاغاني.
يشار – (متأثراً) لا أحب مثل هذه الاغنيات الحادة كالسكين والمريرة كالعلقم.. هل تستطيع الاستماع إلى أغنية ( صرعوا يشار في طريق المحطة) لو قمت بقتلي؟
دورسون – (متأثراً) يا هذا سيمتلئ قلبي ألماً.. (صرعوا رجب في طريق الجسر..) أغنية مريرة تتحدث عن حبيبة هذا البائس.. ولا أستطيع سماعها.
يشار – لي حبيبة أسمها زهرة.
دورسون – (متمالكاً نفسه) هل تعتقد أن ابنة الأرملة سترثيك بالأغاني؟ كلا يا أخي، لا تقلق من هذه الناحية.
يشار – لماذا؟
دورسون – إسمع كلامي.
يشار – ها.. زهرة أنها فتاة متحررة.. تتجول تغني.. أجل أنها لم تخلق للعباءة والعيش داخل قفص..
دورسون – لتكن خطيئتها في رقبة من يطلق عنها الاشاعات..
يشار – (يبدو مهتماً بموضوع زهرة) لم أفهم؟
دورسون – يقولون أنها على علاقة مع رجب بائع الجوارب.
يشار – إشاعة. حينما تذهب زهرة إلى دكانه، يعتقدون أن هناك شيئاً ما بينهما..
دورسون – ما الذي تقوله عن ييلان اوغلو؟
يشار – (غير مكترث) هل أدخل نفسه في هذا الموضوع أيضاً؟
دورسون – أنه أغا يتدخل في كل شيء.. ما الذي نستطيعه نحن؟
يشار – زهرة وييلان اوغلو (يبتسم محاولاً طرد الافكار السيئة) أن زهرة مثل زهرة عباد الشمس.. تلك الزهرة الصفراء التي تتلفت صوب ضوء الشمس دائما (بكراهية) ما الذي تفعله بهذا الرجل الاسود كالظلام؟
دورسون – أن زوجته تعلم بكل شيء
يشار – قلت زوجته، زوجة ييلان اوغلو..
دورسون – أجل زوجته.. تقول، أن زهرة ستتزوج من الاغا، وسوف أزوجها له بنفسي.. إنها تعلم ذلك وتفعله فهي خنزيرة.. شريرة.
يشار – (وكأنه يخاطب نفسه) مرعب مخيف حتى مجرد الحديث عنه. إمراة تزوج زوجها.. ياإلهي ما افظع ذلك.
دورسون (يوجه البندقية له) هل تأكدت من كلامي الآن؟
يشار – (مفكرا) لا يمكن أن يحدث هذا.. ثمة ضمير.. ثمة قانون..
دورسون – (لم يفهم) قلت محال..
يشار –(لم يسمع.. مفكراُ) ناولها لي..
دورسون – (يعطيه البندقية فرحاً) هه أيها الشجاع يبدو إنك ستقوم بالمهمة بنفسك.
يشار – في هذه البندقية موت.. ورصاص.
دورسون – اجل كلها في هذه البندقية.
يشار – (يوجه البندقية صوب دورسون)
دورسون – (بهلع) اتصوب البندقية نحوي؟
يشار –ما الذي يفرق بيننا ؟
دورسون – (يرتعش) لا شيء..
يشار – الخيانة، العداوة، الدم ام الموت؟
دورسون – (متوسلا) لقد وصلت إلى ما تبتغيه.. هل تود أن تحقق المزيد من الشهرة بقتلي؟.
يشار – (مستمرا) اليد الممتدة إلى بستانك. وإلى بيت الآخرين.. تمتد الان نحو زهرة أليس كذلك؟
دورسون – لست أنا والله.. بل ييلان اوغلو..
يشار – البندقية.. أصل الكراهية.. (يلقي بها جانباً) لا تحملها يا دورسون.. إهتم بالصداقة.. بالحب (يعانق دورسون، ويقبله) أوه هذه الرائحة أنها رائحة الأرض والعرق والصداقة.
دورسون – (ينظر بأتجاه البندقية) لا تصغ إلى أهالي القرية. أن أبنة الأرملة في انتظارك لقد ابتاعت أوقية من اللحم لاستقبالك..
يشار – أعرف (ينظر صوب القرية) القرية التي تنتظر شعاعا من الضوء في انتظاري (يحل بأنفعال حقيبته) عليّ أن أذهب.. سأنتظرك في حفلة الزفاف، زفافنا! (يمشي بحبور).
دورسون – (يتناول البندقية) وما الذي سأقوله للأغا (يضع الفوهة على ظهر يشار)
يشار – (يرجع وهو موشك على الخروج) مع السلامة.. ما هذا يا دورسون؟ ييلان اوغلو من جديد..
دورسون – (خجلاً يوجه البندقية نحو السماء) انها فقط من أجل الغربان.. ثم سأطلقها في الفضاء..
يشار – أطلقها لتعلن عن صداقتنا أضغط على شرف صداقتنا.
(يضغط دورسون عل الزناد يمتليء المسرح بعد لحظات بوريقات بيضاء كالتي تلقى في الحفلات وكأنه ندف ثلج يسقط على المسرح. ينظران باستغراب إلى السماء).
دورسون – أنها أزهار ورقية (يبسط كفه تحتها)
يشار – انها أزهار (ينظر نحو السماء) جواب من السماء.. أزهار السعادة من تلك الشجرة الضخمة (بطيش) لم تكن تقصد قتلي..
دورسون – (مستغرباً) وضعت فيها الرصاص..
يشار – (بانتصار وهو يذهب) تحولت إلى ورق.. أوراق صغيرة أحضر وكأننا في حفلة زفاف.
دورسون – (يفك البندقية ثم يعيد تركيبها) لقد دخل فيها الشيطان..انها إرادة الهك
(معتقداً ان يشار لا يزال موجوداً) أجل الله لا يريدني أن أقتلك..
الأغا – (يدخل مسرعاً كالبرق) يا كلب الجزار.. يا قواد لقد هرب منك!
(يقفز دورسون من الخوف خلف المرتفع)
الاغا – يا أبن الحرام.. هل تختفي الان أين كنت قبل الان هل أخطته؟
دورسون – (شاعراً بالذنب) لم اتمكن من اصابته..
الاغا – (يقف بكامل مهابته في منتصف الطريق امام دورسون) هل أعجبك ما فعلت ؟..
دورسون – (مشيرا الى البندقية أنها لا تطلق..
الاغا – كيف لا تطلق يا حيوان ؟
دورسون – الرصاص لم ينطلق.. الرصاصة تحولت إلى فتات من ورق.. استغربت انا ايضاً لذلك.
الاغا – أيها المجنون.. ما الذي تعنيه ؟
دورسون – لم اصدق ما حصل.
الاغا – لا يمكن ذلك..
دورسون – يا سيدي.. أقسم على ذلك.. تحول الرصاص إلى ندف ورقية.. كندف الثلج.. لأصاب بالعمى أن كنت أكذب..
الاغا – أخرس أيها الكلب المجنون!
دورسون – أقسم أنها الحقيقة (يوجه بغباء البندقية نحو الاغا) سأجرب مرة أخرى أن كنت لا تصدق..انظر!
الاغا – هل ستطلق النار عليّ يا حيوان؟
دورسون – لا تخف. لن يحدث شيء.. أنه ليس برصاصً بل ورق.. (يضغط على الزناد..تنطلق الرصاصة)..
الاغا – (يخطو خطوة وهو يصرخ) اه يا كلب (ويسقط تحت المرتفع صريعا)
دورسون – (غير مصدق ينتظر..) لا تمزح معي يا سيدي.. هذه البندقية لا تقتل (ينهض متردداً يقترب من جثة ييلان اوغلو) يا إلهي.. لقد اخترقه الرصاص! (يشعر بالخوف) والله لا ذنب لي (يخاطب الجثة) أغا.. أغا ياسيدي الوحيد.. هيا أنهض حباً بالله (ينظر بخوف يميناً ويسارا) أنه ميت.. ييلان اوغلو العظيم يمووت (يحاول الهرب) خرجنا لصيد الحجل أنظر ما حل بنا.. دورسون البستاني يصرع ييلان اوغلو؟ (فجاءة يشعر بالغرور والكبرياء) ولماذا لا أصرعه ألست رجلاً أليس من حقي أن أتمتع بالشهرة والمجد؟ ايه يا دورسون، لقد صرعت ييلان اوغلو...... (ينحني فوق الجثة، ويتناول الساعة، وعلبة السكائر ويضعها في جراب الصيد.. يلقي بقبعته المتهرئة ويلبس قبعة الاغا التي تبدو كبيرة على رأسه)... القبعة الواسعة تهبط حتى عينيه يحمل البندقية على كتفه ويمشي نحو الطرف الايسر)
أذا لم يصدقني احد، سأقول اذهبوا صوب المحطة نحو المرتفع هناك سترون جثته..جثة ييلان اوغلو!
(يخرج دورسون مرفوع الهامة).
تابع القراءة→

منصور العمايرة سيرة ابداعية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أغسطس 27, 2012  | لا يوجد تعليقات


منصور عمايرة ، كاتب باحث، روائي ومسرحي أردني، حاصل على ماجستير في النقد الحديث.

نشر أعمالا في الرواية، والمسرح، وأدب الطفل، والدراسات.

أعمال منشورة في الرواية :

1- رواية " رائحة التراب "، عمان 2001م.

2- رواية " الزحف "، عمان، 2003م.

3- رواية الرحلة الأخيرة "، عمان ، 2004م.

4- رواية " الأرض القفار "، عمان، 2005م.

5- رواية "تايكي واهبة الحظ"، عمان 2007م.

6- رواية " سجون من زجاج "، عمان،2009م.

7- أعمال روائية، عمان، 2011م.

أعمال منشورة في المسرح :

1- أعمال مسرحية ج1، عمان، 2000م

2- أعمال مسرحية ج2، عمان،2000م

3- مسرحية هي أرضنا، عمان 2008م

4- مسرحية ميشع ابن الشعب ، عمان ، 2008م

5- مسرحية الرغبات، عمان، 2008م

6- مسرحية الرصيف، عمان ، 2012م

أعمال منشورة في أدب الطفل:

1-  مسرحيات للأطفال، عمان ، 2001م.

2-  قصص للأطفال، عمان ، 2007م.

3- رواية " نصيص " رواية للأطفال، عمان ،2005 م.

4- رواية " البحث عن الرحيق " رواية للأطفال، عمان،2009م.

5- مسرحية الناسك، الشارقة، 2009م.

6- مسرحيتان للأطفال، صاحب الهمة، وأنا وحدي، عمان ، 2010م

أعمال منشورة في الدراسات :

1- جمالية مسرح الطفل ، عمان، 2008م.

2- المسرح الأردني / البدايات ، عمان، 2010م.

3- العلامة المسرحية / العرض المسرح، عمان، 2012م.

4- المسرح الجزائري / المقاومة في المسرح الجزائري، عمان،2012م.


جوائز: جائزة المسرح العربي لمسرح الطفل، الصادرة عن الهيئة العامة للمسرح العربي، في الدورة الأولى 2009م.


شارك في ندوات وملتقيات علمية حول المسرح في الأردن والجزائر والشارقة وعُمان.

بريد إلكتروني : buqasem_21@yahoo.com
تابع القراءة→

السينوغرافيا والإخراج المسرحي وجهان لعملة واحدة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أغسطس 27, 2012  | لا يوجد تعليقات

التجريب في مسرح الرؤى
السينوغرافيا والإخراج المسرحي وجهان لعملة واحدة

لم تعد السينوغرافيا في مسرحنا المعاصر مجرد ناقل للواقع الحياتي أو حامل لعلامات رمزية للغة النص المسرحي، فضلاً عن ذلك لم تعد مجرد رؤية تشكيلية مؤطرة، أو مؤثر من مؤثرات التقنية، بل كسرت في رؤى أصحابها المتنوعة الاستعارة من الأدب الرمز الأدبي الإنشائي أو الاستعارة الدلالية قيمتها الفكرية والجمالية، بل أضحت السينوغرافيا لغة متفردة لها قوامها الذاتي ومفرداتها الخاصة بها ورؤاها التشكيلية في المسرح المعاصر. إنها ترسم فضاءات مختلف خشبات المسرح وتعيد صياغتها من جديد. عبر هذا المفهوم ينتقل فن السينوغرافيا من منطوق الترجمة والنقل إلى مفهوم الرؤى والابتكار. فلم يعد فن السينوغرافيا مجرد ترجمة أمينة للواقع الحياتي المؤطر أو تفصيلاً لكتل من الديكورات والأثاثات فوق الخشبة، بل أضحى مؤثراً فاعلاً في التجربة المسرحية المعاصرة ورؤاها. إن قراءة النص المسرحي هي قراءة غاية في الحساسية والدقة لرؤية لغة العرض المسرحي فوق الخشبة سواء كانت تقليدية مثل خشبة علبة المسرح الايطالي أم استقراء فضاءات مسرحية جديدة تثور على فراغات خشبة المسرح المنغلقة، وتخرج متحررة إلى الأماكن العارية التي يشكل من فوقها الفنان تجربته المسرحية.
من هذا المنطلق أصبح دور الفنان السينوغرافي البحث عن فضاءات خارجية تتشكل فيها مفردات العرض المسرحي، وتتخلق في نسيجه رؤى جديدة تطرح ذاتها بقوة وتكتشف مفردات هذه الفضاءات وتكويناتها لتتكيف وتتلاءم تكويناتها الدرامية أو النصية وفقاً لتلك الفضاءات. على أن الفنان المسرحي في النصف الثاني من القرن العشرين حاول عن رغبة دفينة منه البحث عن حيوات جديدة لعروضه المسرحية، محاولاً كسر حالة الانغلاق والانسداد التي وقعت فيها الدراما الواقعية بكل موضوعاتها وأفكارها وتشكيلها، وذلك بالبحث والتنقيب عن أشكال وأطر فنية جديدة تتخذ من هذه الفضاءات ذريعة ورهاناً لإعادة تشكيل مادتها الدرامية وفقاً لما تمليه لغة هذه الفضاءات المسرحية لإعادة تشكيلها من جديد وطرحها على جمهور قد شعر بالملل من تكرار ما يشاهده فوق خشبات المسرح، فتعيد هذه الفضاءات طزاجة هذه الأعمال وتدفعها دفعاً إلى أن يُعاد اكتشافها من جديد تماماً كما فعل بيتر بروك وكانتور وشاينا وستانييفسكي وباربا والطيب الصديقي وروجيه عساف وانتصار عبد الفتاح وكاتب هذه السطور وغيرهم من مبدعي الفضاءات المسرحية الجديدة في النصف الثاني من القرن العشرين وصولاً إلى بدايات القرن الواحد والعشرين.
الفصل
وفي ظني أن المخرج المعاصر لا يمكن له بهذا المفهوم أن ينفصل عن فهمه الدقيق لسينوغرافيا العرض المسرحي. وأؤكد أن الرؤى الجديدة لدى المخرج المعاصر تتخلق من التفكير العميق في تكوين سينوغرافية هذه العروض المسرحية المعاصرة. بل إن معظم المخرجين المعاصرين اليوم هم سينوغراف لعروضهم المسرحية، وكأن تشكيل العرض المسرحي يبدأ من هذه النقطة ويرتكز على المعرفية العميقة لفنون السينوغرافيا. إننا نكتشف أن أهم الرؤى المسرحية التي تسوغ مسرحنا المعاصر اليوم هي رؤى المخرجين/السينوغراف، ولعل معظم ما ذكرتهم من هؤلاء المخرجين هم في تكوينهم الفني سينوغراف حقيقيون. مما يؤكد أن الفصل بين الرؤية المكانية والزمانية والجمالية للعروض المسرحية ورؤى المخرجين في تفسيراتهم للأعمال المسرحية هو عبث ومجرد لغو. فلم يعد العمل المسرحي مجرد تفسير لنص المؤلف أو نقل لرؤيته، ذلك لأن رؤية مؤلف النص المسرحي هي رؤية واحدة أو كما نقول بلغة النقد قراءة من القراءات، لكنها ليست كل القراءات أو على الأصح لا يتوقف العمل المسرحي عندها، بل إن أهمية الإبداعات الفنية وعلى رأس قائمتها الإبداع المسرحي تنبع من تعدد قراءتها. ويقوم سحرها ونفاذها إلى المتفرج على هذه التعددية، التي يشارك المتفرج بذاته وفكره في تشكيل رؤيته الخاصة عنها.
وكلما اقترح العمل المسرحي في رأيي قراءات ورؤى متعددة، سمح هذا للمتفرج أكثر فأكثر في تشكيل رؤيته الخاصة أو قراءاته الذاتية.
يقول المخرج/السينوغراف البولندي تادووش كانتور أحد روّاد المسرح المعاصر: كنا نرمى في عملنا المسرحي الوصول إلى شيء آخر تماماً، ليس الوصول إلى فكرة نقل الواقع، بل الوصول إلى الفن الخالص، إلى عرض مختلف يتكون من المواد الواقعية الممتزجة معاً بالمادة الفنية.
لقد استخلصنا منابعنا من الواقع المحيط بنا (...) "وتصدمنا حقيقة فنية هامة يستطرد كانتور أنه في اللحظة التي يتواجد فيها السينوغراف، نكتشف أنه نفسه مخرج في الوقت ذاته، ويقوم بنفسه بتصميم الإطار التشكيلي، ويبدو أن هذا إطار مقتصد "كما يدّعي البعض!".
والاقتصاد الذي يعنيه كانتور هو مصطلح يسخر به من الرأي الذي يرى أن الجمع بين الفنيين ليس معمولاً به لضرورة فنية بقدر ما هو معمول وفقاً لاقتصاد مالي. وهذا مما لا يوافق عليه كانتور فالقضية برمتها هي في الأساس فنية بحتة. في رأيه أن المخرج هو مؤلف العرض المسرحي بأكمله، حتى مؤلف الكلمة يعتبر نصه مفردة من مفردات العرض المسرحي، وليس أهمها. وتكتسب السينوغرافيا بعداً مخالفاً تماماً عن مصطلح "مهندس الديكور" الذي شاع فوق خشبات المسارح العربية ربما حتى الآن. ولقد لخص المخرج المسرحي "تادووش كانتور" في عروضه المسرحية رؤيته السينوغرافية، وأحال ما يمكن أن يطلق عليه بالديكور شيئاً آخر ليغدو مجرد قطع إكسسوار على شكل موائد عدة، وكراسي وسلالم كانت تكفيه، ليتمكن من الناحية التشكيلية تحديد الفضاء المسرحي المطلوب لعرض مسرحي بعينه، ومن ناحية الرؤية الإخراجية كان تكفيه وضعية الممثلين فوق الخشبة وخلق المناخ الفني اللازم والملائم لهم للتعبير.
فالسمة الغالبة إذن من الناحيتين (السينوغرافية والإخراجية) أنه هنا يتأكد تيار الوعي لإبداع عرض مسرحي بأكمله معاً من خلال مبدع واحد هو السينوغراف والمخرج في شخص واحد، ولا يكون إبداع السينوغراف هنا مجرد "إطار تشكيلي" فقط، بل محاولة لتجاوز التطبيق المسرحي المتصل للسينوغراف على حدة والمخرج على حدة ليكون الفنان هنا "وجهين لعملة واحدة!" إن الإبداع السينوغرافي للفنان المعاصر يمكن معاملته باعتباره نوعاً من الاختلاس الفني للميراث الفني التشكيلي بأكمله في مواجهة الأسس الجمالية الفنية الجديدة، التي كانت جوهراً وأساساً في تشكيل المسرح الأوروبي الحديث وتكوينه في أثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها. عندئذٍ كان كانتور يتحدث عن المصطلح الفني الشائع "ديكور" رافضاً إياه، ويصرّ في تنازله عن ما يُطلق عليه بـ"الديكورات التقليدية" مقترحاً بديلاً عنها هو "السينوغرافيا" الزاخرة بتلك الأشكال التي تعبّر عن بنية الحدث، وصيرورته، وديناميكيته، الساعية لارتفاع معدل تطور الحدث، ونموه، والوصول إلى نقاط ذروته، تلك التي تخلق توتراً درامياً، وتربط الممثل بالحدث الدرامي / المسرحي / التشكيلي، الذي تنبع منه علاقاته الديناميكية بل وجوده وحياته الفنية.
السينوغرافيا وسيط قديم
شهدت الممارسة المسرحية في العقود الأخيرة تغيرات عميقة نتيجة ظهور وسائل إعلام وتقنيات رقمية جديدة. فأصبحت تتحكم في إنتاج وتلقي العديد من العروض المسرحية المعاصرة سينوغرافيا مستحدثة تتضمن دراماتورجيا بصرية ومؤثرات رقمية سينوغرافية قلّما يمكن إخضاعها للنص الدرامي. تضع هذه الوسائط اللغة المسرحية برمتها موضع تساؤل، كما تستلزم الدفع بالجمهور إلى اختبار المخرج والسينوغراف معاً في صدقية هوية التمثيل بعد استحضار ما ورثناه من سينوغرافيا الفضاءات المسرحية ودخولها دخولاً ضمنياً في أطروحة الوسائط الأخرى، والتي أصبحت "وسيطاً قديماً" بالنسبة لهذه التغيرات الإعلامية الأخيرة وعلاقاتها بالعرض المسرحي المعاصر. وعلى الرغم من أن الاختلافات بين الحضور للعرض المسرحي الحي والنسخ المسجلة (كالمستحدثات المكانية والزمنية، والفروقات بين الأصل والنسخة) هي متداخلة في ما بينها، فإنها تزيح الافتراضات المسبقة حول الحضور الفاعل فوق الخشبة والتمثيل، وتعمل على تغيير إدراك المتلقي. هذا التحول في الإدراك لا يقلل من جودة العرض المسرحي وقيم الفرجة الحية له، وإنما يؤكد كما ترى الباحثة الألمانية إريكا فيشر أن الأداء الحي وأداء الوسائط الجديدة من دراماتورجيا بصرية ومؤثرات رقمية لا يختلفان كثيراً عن بعضهما البعض.
إن تزايد الاهتمام النقدي بهذه الوسائط في المسرح المعاصر اليوم يسعى إلى ايجاد أشكال تتعامل مع "العرض المسرح المعاصر" ومن بينها "أشكال الفرجة المسرحية" لمضاعفتها. فمن المؤكد أن هذه الظاهرة، التي أصبحت خاصية مميزة لبنية التفكير، يتسع دورها عبر عصر "ما بعد الحداثة" لدى الغرب. إذ لم يعد العالم مجرد فضاء شاسع من العناصر المتنقلة/المتحركة، بل فضاء من "الذوات الإنعكاسية" المُستقبلة والحوارية في أبنيتها. وإذا كنا قد لاحظنا دخول بعض التجارب المسرحية العربية في هذه الدائرة التي وصفها هانس ليمان بـ"مسرح ما بعد الدراما"، والتي تتميز عموماً بحوارها المتعمد مع السيميوطيقا المسرحية، فإن ما تقوم عليه هذه التجارب يدفع إلى تأجيل الاكتفاء بالمعنى الحرفي لرسالة العرض المسرحي، ذلك أن علاقات جديدة تنبثق من العلاقة الحرّة الناشئة التي تؤطر علاقة المؤدين والمتفرجين داخل فضاء العرض المسرحي. ألم يحن الوقت إذن للتحقق من هذه الممارسات المسرحية بشكل علمي؟! هذه الممارسات التي أصبحت تغزو مسارحنا العربية؟! في هذا الاتجاه تسعى هذه الورقة إلى تعميق التفكير في تواتر النصوص وفضاءات الوسائط الإعلامية الجديدة، ومختلف العلاقات الوسائطية المتاحة بينها ضمن تفاعل الوسيط المسرحي المتسم بالحيوية والمباشرة داخل السينوغرافيا وفنون إخراج العرض المسرحي وتزواجهما معاً مع تقنيات السينما والتلفزيون، والتقنيات الرقمية بخاصة. سواء في ضوء النقاشات النظرية، أو ضمن مسارات التأمل الذي تخضع له أشكال الأداء والتقبل المسرحيين لهذه النصوص المفعمة بحيوية هذه الوسائط وتقنياتها.
لقد حان الوقت للتأمل والتفكير في تلك الإشكاليات المختلفة التي نراها مؤطرة للنقاش حول مكانة العرض المسرحي على مستوى النص المسرحي والسينوغرافيا والإخراج المسرحي في إطار ثقافة تسيطر عليها وسائل الإعلام والاتصالات الرقمية. لقد أصبحت واقعية العرض المسرحي "واقعية موسعة hyperrealism"، مما يتطلب إعادة صياغة مفاهيم علوم المسرح ووسائل التكنولوجيا، وذلك الاتصال المتزامن مع تطورات هذه الوسائل، وعلاقاتها بجسد ما بعد التمثيل. فإن كل ذلك يؤثر تأثيراً كبيراً في المسرح العربي المعاصر ويشكل أسئلة تطرح حول مرحلة "ما بعد الدراما التقليدية" في مسرحنا العربي المعاصر. وحول جدوى تفكيرنا الثابت والمتقولب غير القابل للحوار والجدل مع الآخر لانغلاقنا داخل ذواتنا وإدراكنا أن ما نعرفه وما نعلمه هو الوحيد المقبول.. وهذا ما قد عرّض مسرحنا العربي وما يزال يعرضه إلى الموت!

المستقبل - لبنان
هناء عبد الفتاح    
تابع القراءة→

الجمعة، أغسطس 17، 2012

مسرحية "رسام طموح " تأليف محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أغسطس 17, 2012  | لا يوجد تعليقات


                               مسرحية "رسام طموح "
                                         (بفصلين )
                                           تأليف
                                     محسن النصار

شخصيات المسرحية

1- احمد شاب وهو فنان موهوب يمارس الرسم
2- ارشد مدير شركة
3- سلمى زوجة ارشد
4- رغد زوجة الشاب الفنان احمد

(الفصل الاول )
( تفتح الستار تظهر على المسرح صالة جميلة الاثاث تحتوي على عدد من
المقاعد مع عدد من الستائر موزعة في المكان يدخل احمد وهو في حالة
فرح وسعادة من جهة يمين المسرح
من الباب الخارجي وبيده لوحات مرسومة )
احمد : (بفرح وسعادة )
خالتي , خالتي ..اخبار جميلة ومفرحة ..
سلمى : ( تدخل مسرعة من الباب الداخلي يسار المسرح )
احمد , عزيزي , أراك في حالة سرور وفرح ...
احمد : خالتي انني في عجالة من امري ,
خذي هذه اللوحات هدية مني لك ولخالي ...
( يناول اللوحات عدد اثنين الى خالته )
اراك لاحقا خالتي العزيزة
(يخرج احمد مسرعا )
سلمى : ( تنظر الى اللوحات المرسومة )
هذه اللوحات الجميلة , هدية جميلة أعتز بها , هذا ماكان ينقصنا !
ارشد : (يدخل بغضب من الباب الداخلي )
ماهذا الذي بيدك ؟
سلمى : لوحات مرسومة هدية من احمد ابن اختي
ارشد :ابن اختك الرسام المغرور , لااري د ولااتقبل هديته , ابعدية هذه اللوحات
عني ؟
سلمى : لاتكلم معي بألفاظ قاسية !!!
انني حمقاء ؟ من الافضل ان اقف ضدك !
حتى تتراجع عن مواقفك ؟
رشاد : ( بأنزعاج )
يالنكران الجميل؟
يالها من ضغيفة تحميلينها لي ..
لعل ثمة ما يثير عدم رضاك؟
سلمى :انني اطالبك بالكثير ...
رشاد : (بعصبية وقسوة )
ولكن ما الذي ينقصك المال !!!
سلمى:انني بحاجة لأشياء عديدة ...
سبق وقلت لك ذلك اكثر من مرة !!!
فحياتي تحتاج الى التغير دائما...

رشاد : ماذا افعل لك اكثر من ذلك؟
ففي هذا العام اشتريت لك بيتا جميلا ,
هل تعلمين ان الاموال التي دفعتها ثمنا له , من اين حصلت عليها؟
(بخوف وتردد )
كيف ؟ اقول لك ذلك ان ذلك يمكن ان يعرضني للمسؤلية...
سلمى: ( بعصبية وصراخ )
استحلفك باللة ان لا تجعل مني شريكة في اعمالك
وتصرفاتك , اذا كانت غير شريفة ولاتحاول تبريرها بدافع حبك لي , فهذا
شيء لايمكن السكوت عليه, تلقي بافعالك على الاخرين بدافع
كاذب , فهذا شيء لااطيقه, ولاأتحمل مسؤلية تصرفاتك
الملتوية ؟
رشاد : ( يحاول ان يكسب ودها )
ولكنني من اجل حبك مستعد ,
لارتكاب اي جريمة ...
سلمى : انني لااحب افعالك وتصرفاتك التي تقوم بها بأسم الحب , انني لااجيد
التصنع!!!
رشاد :ارجوك تصنعي وسأنفذ كل رغباتك
سلمى : تبتعد عنه وتحاول الخروج )
ابدا ابدا ..
رشاد : ولكنني احبك.. احبك..
( تخرج سلمى وهي في حالة غضب يتبعها رشاد فتقوم بدفعه بقوة وهي خارجة)
ياللحية الرقطاء!!! ياللحية الرقطاء ؟
( يدخل احمد من الباب الخارجي )
احمد : هل زوج خالتي مريض ؟
رشاد: ( بغضب وعصبية )
اوف... نعم مريض ..

احمد : كم انا بحاجة أليك , والحديث معك ؟

رشاد : اسف ..
(بغضب)
لا استطيع الحديث معك , فلديه امورا اكثر اهمية من موضوعك .
احمد : ومن اين لك ان تعرف موضوعي ؟
رشاد : ( يضحك باستهزاء )
من هديتك هذه
(يؤشر على اللوحات المرسومة )
وأية موضوعات يمكن ان تكون لديك ؟ كلام فارغ طبعا !!
احمد : ( بغضب )
الافضل لك ان تتحدث معي باحترام , فأنت دائما تلجا الى التهكم
والاستهزاء بالشباب .
رشاد : ( يقهقهه باستهزاء )
ها ها ها عشنا في هذه الحياة , حتى ادركنا الزمن الذي
اصبح فيه الشباب يشمخون بانوفهم !!!
احمد : ( بغضب وعصبية )
ماذا ؟
رشاد : ( بقسوة وتهكم )
لم اكن اعرف قدراتك ومواهبك ؟
فانتم الشباب دائما تتبجحون بذلك!!!
( يقهقهه)
احمد : ( بقوة وعصبية )
ان تماديك جعلني اكرهك كثيرا !!!
رشاد : ياألهي ياألهي...
لاحياء ولاشرف , لازال الشاب يتمادى بعجرفته؟
( يخرج وهو في حالة عصبية )
احمد : ( يبقى وحيدا ومع نفسة يتحدث )
ماذا جرى له؟
حتى يتمادى في تهكمة هكذا!!!
ماذا لو لم يكن سلوكي معه جيدا؟
يبدو أن زوج عمتي يكرهني , كوني فنان يحاول ان يشق طريقه بنفسه !!!
وانا على يقين فعندها تصبح هناك وظيفة شاغرة في شركته الخاصة فانه لم
يعرضها علي...
بل! سيجد لها شخصا اخر هذا امر محتمل !!!
( تدخل سلمى )

احمد : مرحبا عمتي , لدي خبر سار لك .
سلمى : ماالخبر؟
احمد : (بفرح ) لقد نجحت ...أقمت معرضا لرسومي ونجحت ,
(يرقص بفرح)
وبعد نجاحي تزوجت دخلت القفص الذهبي ..
سلمي : ارى انك تسرعت بالزواج ؟
فالوقت مازال مبكرا؟
احمد (بفرح وسرور )
انني وقعت في الحب ياعمتي , انني عاشق واما الحبيبة
فانها الكمال بعينه .
سلمى : وهل هي غنية تملك المال ؟
احمد : كلا ياعمتي , فهي لاتملك اي شي .
سلمى : وكيف ستعيشان في هذا الظروف الصعبة ؟
احمد : ( بحماس زائد عن الحد )
أنا فنان وامارس الرسم
ولم هذا العقل ؟ ولم هاتان اليدان؟
يجب ان اعيش طوال حياتي ,
(بفرح وثقة نفس )
معتمدا علي نفسي .. وبعرق جبيني
سلمى : الشباب متحمسون لكنهم يقاسون البطالة ,فهم دائما يحبون الأعتماد
على أنفسهم !
احمد : هل تذكرين احاديثي مع زوجك ؟
كلما ذكرت له البطالة ,

وتفشي الشركات الخاصة !!!

يقول لي انك لم تعش الحياة ...
اذهب وعش الحياة , عند ذلك نتحدت بطريقة مقنعة ,
وانا أريد ان حيا حياة شريفة مع زوجتي التي احبها ,
واذا واجهيتني بعض الظروف المادية..
فان زوجتي بدافع حبها لي , ستقف الى جانبي ,
ولن تظهر اي نوع من الاستياء ..
سلمى : انا على ثقة كبيرة , أنك قادر على تحمل اعباء الحياة !!!
( بنوع من الخوف )
ولكن زوجتك فتاة شابة , ومطالبها كثيرة ؟
وستجد صعوبه في تحمل , اي نوع من الفقر؟
احمد : كلامك صحيح , ولكنني ساقوم بتربيتها بنفسي .
سلمى : فليباركك الله , ولكن كن على يقين ان احد لايرغب لك السعادة,
كما ارغبها لك.
احمد : ( بفرح )
انني دائما على ثقة بك ياعمتي .
سلمى : ولكن مايثير مخاوفي وقلقي ,عدم مجاراتك ,
لمن يتعارض معك , من حولك ؟
فتخلق لنفسك الكثير من الاعداء.
احمد : ( بعصبية )
لااجاري.. لااجاري .. وهذا مايجعلني اخسر الكثير!!!
والذي لايواجه أخطاء الأخرين ينحدر نحوهم ..
شيئا فشيئا ...
سلمى : أعرف من خلال الخبرة والتجربة كم يسبب لك ذلك
من متاعب في الحياة لقد عرفت شباب من هذا النوع
قد تدرك ذلك في يوم ما
احمد : عمتي اريد وظيفة في شركة زوجك ؟هل سيرفض زوجك طلبي لوظيفة ؟
( يدخل ارشد زوج سلمى )

سلمى : اطلب منه ذلك بنفسك ؟

احمد : ( يتقدم نحو ارشد )
أريد وظيفة وسأكون خادما مطيعا لك ,
ثم ان لدي شهادة وأكثر مهارة من موظفيك .
ارشد : ( بعصبية )
أرى انك تتفاخر بنفسك طوال الوقت ,
ألم تصب بالملل ؟ أمازلت تقرأالمواعظ ؟
( لزوجته )
تصوري انه يلقي في اي مكان ,
محاضرات في الفن اولاخلاق على الناس
انه لشئ مضحك ياعزيزتي ..
(يقهقه )
هههههه...
احمد: لم افقد ثقتي بالناس بعد ,وأظن ان نصائحي سوف تؤثر بهم .
ارشد : ( يضحك باستهزاء )
ههههه...
حقا لقد أثرت فيهم فقد اصبحت اضحوكة!!!
فماان تتكلم حتي تبدا اللمزات !
والنظرات والهمسات!
وماان تنتهي حتي يغرق الجميع في الضحك !!!
(يقهقه )
ههههه...
احمد : وماهو المضحك في كلامي؟
ارشد : كل شىئ, بدأ من التزيف , وانتهاءا بالنتائج الصبيانية والطفولية!!!
احمد : ولكنني اعتقد انه من الافضل لك ان تكون عونا للشباب وتشجيهم ,
لا ان تغلق الباب بوجوهم ؟
سلمى : ( تومئ برأسها لأحمد )
صحيح صيحيح ...
ارشد : ( بعصبية وتؤثر)
هذا تلفيق وحمق ,واساءة كبيرة لي !!!
احمد: ( بغضب )
لماذا تتهمني , بالتلفيق والحمق ؟
ارشد : من الافضل لك احترام من هو اكبر منك سنا.
احمد : سألوذ بالصمت , ولكنني لاأستطيع التخلي عن أفكاري وأرائي فهي
عزائي الوحيد بالحياة .
ارشد : وهل تسمح لك اخلاقك صب الشتائم على زوج عمتك لأنه استطاع
بناء حياته ؟
احمد : ( بعصبية )
ياألهي ياألهي ...
سلمى : ( بصراخ )
هذه قسوة قسوة !!!
ارشد : انك لن ولم تستطيع تحقيق المال ؟ لذلك تشعر بالحسد ,
لأنني حققت الثروة .
فالحاسد يقول عادة لاأريد المال , أنا فقير ولكنني عفيف ونبيل ..
( بعصبية وحدة )
لقد اعتدت ان تصغي لنفسك فقط ؟
احمد: انني تزوجت ,وأريد وظيفة !!!
ارشد: تزوجت ؟ أكيد وعلى الأغلب زواج بائس , قائم على حب من فتاة
فقيرة لاتملك اي شئ .
احمد: انني سعيد بالزواج من فتاة فقيرة .
ارشد : ( بأستهزاء )
شئ رائع من اجل تكاثر المتتسولين ..
احمد: ان مجرد الزواج هو هدف نبيل , فلا تحاول
النيل من كرامتي فانا لااطيق ذلك ؟
ارشد : ( بتهكم وأستهزاء )
وماذا تعد لها من افراح , ومباهج في هذة الحياة ؟
تعد لها كل اشكال الفقر والحرمان , فبدلا من توفير
الأزياء الجميلة لها !!!
سوف تلقي عليها محاضرات في الفن والاخلاق والفضيلة ؟
سلمى : (بقوة وقسوة)
من كان في اخلاقه ونبله لايشتري الحب .
احمد : ( بفرح )
عمتي تقول الحقيقة .
ارشد: لنفرض انك لست بحاجة لشراء الحب, ولكن ان تكافئها عليك
ان تدفع لها مقابل هذا الحب ؟
هذا واجب كل زوج والافأنها تندم لأنها ربطت نفسها
ومصيرها بزوج شحاذ.
اسأل عمتك هل صحيح مااقول؟
سلمى: ان كلامك فيه من الدهاء والتزيف , ولايمكن ان ينطلي على زوجة مثلي
( تخرج وهي غاضبة نحوالباب الداخلي )
احمد: ليس كل النساء كما تقول!!!
ارشد : انني ارثى لحالك , ماذا تتصور في عقلك
وتعتقد في نفسك كيف تعيش معها دون مال.
احمد : (بقوة وتحدي)
سأنفق على زوجتي من خلال بيع لوحاتي الفنية ؟
وأمل ان يعوضني صفاء ضميري عن الثراء
في الحياة الدنيا .
ارشد : ان اي لوحة تقوم برسمها , لن يكفي ثمنها لاعالة اسره ,
ثم انك يتصرفك الاحمق لن تستطيع الحصول
على وظيفة , هذب تصرفاتك وتخلى عن مبادءك وافكارك المضللة
عند ذلك يمكنني مساعدتك واعطاءك وظيفة.
احمد : ( بقوة وكبرياء )
لن اتخلى عن مبادئي وأفكاري بأي حال من الاحوال ..
ارشد : ( بتوتر وعصيبة )
كم هي قوية هذه لن اتخلى وكم هي غبية بالوقت نفسة ؟
فلديك الان الفرصة الذهبية , ولديك من يرعاك ,
وقد لاتجد ذلك في المستقبل .
احمد : لن يكون هذا ابدا ..
ارشد : انك تجني على مستقبلك !!!
احمد: الرأي العام سيكون الى جانبي .
ارشد : ( بخبث ودهاء )
انني طالما لم يرني أحد فلست مرتشيا , هذا هو الرأي العام في العالم .
احمد : انك لاتفهم شيئا , تكلم كما يحلولك , انني لااصدقك !
أنني على ثقة ان بمقدور الانسان ,
المتعلم ان يكفي نفسة واسرته بعمل شريف ..
ارشد : ( بسخرية وعصبيبة )
كان الأجدر بك ان تجعل من كلماتي حلقة في أذنك ,
يالك من احمق !!!
( يخرج وهو في حالة عصبية من الباب الخارجي )

( الفصل الثاني )

( نفس المكان احمد في حالة قلق وهو يتحرك يمنا ويسارا )
احمد : فالجميع يستهزؤن ويسخرون مني ,
(في سيكينة ووقار)
لانني فنان وفقير ولاثورة عندي ؟
(بثقة بالنفس )
ولكن ! كلي أمل في المستقبل ..
( يتفاجى احمد بدخول رغد زوجته )
رغد : (بأستهزاء وسخرية )
المتسقبل ؟ المستقبل ؟ أريد ان اعيش مثلما تعيش النساء ,
وليس مثل الشحاذين !!!
لقد سئمت هذه الحياة , الا يكقي انني حطمت شبابي معك
(بعتب)
فلم تحقق أي مطلب لي وعد تني به ؟
احمد : (يحاول تهدئة زوجته )
لم تتحدثي معي بهذا الموضوع من قبل ؟
ماالذي جرى ؟
رغد : ( بعصبية )
هل تظن ساظل صامتة , كلا ابدأ ابدأ..
أريد ان اعيش الحياة كما تعيش ,
جميع السيدات الثريات .

احمد: (يحاول أقناعها بهدوء)
ولكن من اين يمكن لي ان اتي بالمال الكثير , لاتصغي لكلام زوج عمتي !!!
رغد : أنه يبحث عن سعادتنا , ويحاول أبداء المساعدة لنا .
(بعصبية )
وماشأنك بما يفعل ؟
يجب عليك فقط ! ان تكسب المال ...
احمد : (يحاول أقناعها)
زوجتي العزيزة أرأفي بحالي , ألا ترين انني ابحث عن وظيفة ؟
رغد : (بتوتر وعصبية )
أحترم زوج عمتك ونفذ مايريد ,حتى تحصل على وظيفة ,
المهم ان تحصل على المال , فانا لم اتزوج منك ,
من اجل الفقر والجوع ,
بل ! من اجل الرفاهبة والسعادة التي وعتني بها ,
ولكنني وجدت العكس تماما !!!
احمد : ( بعصبية وتوتر )
لقد أكثرتي همومي بكلامك هذا ..اصمتي بحق الله
رغد : ( توتر وعصبية )
ماهذه الحياة معك كلها هموم في هموم , وليس فيها ذرة سعادة .
احمد : (يحاول ببعض الود )
انك زوجتي , وان عليك ومشاركتي في السراء والضراء ,
حتى لوكنت من افقر الناس ,
هل تتخلين عن زوجك الفنان بمثل هذه السهولة ؟
رغد : وماذا أفعل ؟ ضحيت بأعزشبابي لك من أجل حبي لفنك الجميل ؟
وأنت كل ما لديك هو الافتخار بنفسك ,
انا فنان مشهور , انا رسم كبير , ذكي ومتفوق , انا شريف الكل الكل
يرتشون ..
(بحدة وقوة )
اسمع يجب ان تصالح زوج عمتك
وتقبل منه الوظيفة التي عرضها عليك !!!
احمد: (بعد فترة صمت )
ولكن ماتطلبين مني امر خطير يجب ان افكر ؟
واذا لم اقبل بالوظيفة التي عرضها علي ؟
ماذا سوف تفعلين ؟
رغد : بالتأكيد ! سوف ألعن حظي العاثر !!!
احمد : ( بعصبية وتوتر)
مستحيل مستحيل , لاتقولي مثل هذة الكلام ابدا ؟
رغد : أرجو ان تاخذ كلامي هذا ماخذ الجد !!!
( تخرج من المكان وهي في حالة عصبية )
احمد : ( يبقى وحيدا وهو في حالة غضب واستياء)
صدق هاملت شكسبير عندما قال أكون أو لاأكون ؟
( تدخل سلمى وهي في حالة توتر و عصبية )
سلمى : لم يأتي زوجي الى الآن ؟ انت السبب !!!
( في حالة توتر وعصبية وقلق , تتحرك يمنيا ويسارا ,
يرن جهاز الهاتف )
ألو ... نعم ...ماذا تقول ... لا .. لا .. غير معقول , يالله ,
أقيل من الوظيفة ...لا ..لا.. امام المحكمة !!!
( تغلق جهاز الهاتف )
احمد : ( بفرح وسرور )
ماذا جرى؟
سلمى : (في حالة أنهيار تام )
مابال الخوف والرعب بدأ يحاصرني من كل مكان !!!
زوجي امام المحكمة لنصرفاتة غير القانونية ..
لقد بدأ العقاب الرشوة هي السبب ..
احمد : ( بنشوة الفرح )
نعم! الرشوة هي السبب ؟
( يدخل ارشد وهو في حالة توتر وانهيار , تقترب منه زوجتة سلمى )
سلمى : سمعت بالمصيبة التي حدثت معك ,
تغيرت بشكل مخيف !!! هل انت خائف ومريض؟
( تضع يدها على راس زوجها ارشد )
سأرسل في طلب الدكتور ..
ارشد : ( بخيبة امل وأنكسار )
ساءت سمعتي وانتهيت ,
(بمرارة وندم )
لقد قضي علي , من موظف كبير , الى شخص تافهة ,
اتهموني بالرشوة ...
(يصرخ بهستريا )
أنهم دمروني
(يصرخ برعب )
يالتعاستي ..أي مصير أسود وضعت نفسي فية !!
كانوا لي بالمرصاد ؟
( يحاول ان يقع على الارض وفي حالة انهيار)
اكاد اختنق من الخوف , الموت يدنو مني !!!
احمد : ( بفرح وسرور )
الناس الشرفاء والموظفون الشرفان , كانوا موجودين دائما
والمرتشين من امثالك سينتهون مثلما انتهيت انت ..
الحمد والله الذي أعطاني القوة في الوقوف بوجة أغراءتك الخبيثة !!!
لست ادري كيف اداري نفسي من الخحل لوجودي عندكم
(بقوة وحدة )
أيها المريض , مدير الشركة الخاصة !!!
ارشد : ( يحاول النهوض من الارض ويصرخ بقوة )
أغرب عن وجهي ,أغرب عن وجهي...
احمد : ( بشجاعة ونشوة الفرح )
سوف انتظر الوقت الذي يخشى فيه المزيفين والمرتشين المجتمع الأنساني ,
اكثر من خشيتهم وخوفهم المحكمة الجنائية !!!
ارشد : ( يحاول ان ينهض لكنه يقع مترنحا )
زوجتي انني ساموت ... انني اختنق , كيف اواجه المجتمع ,
(يصرخ بهستريا )
الجيران ..الآصدقاء ..الأعلام ...الصحافة ...التلفزيون ...
سلمى
  :(تقترب منه زوجتة وتحاول مساعدته ولكنه قد أصبب بالشلل فتصرخ )
           ار شد .. لا ..لا ...
احمد : (بفرح وسرور )
الفن يسمو بالحياة ...
(ينظر بغضب الى ارشد )
هذا مصير المرتشين والمستهزءين ...
(يخرج بسعادة وبهجة )
الفن يسمو بالحياة ...
حقيقة دائمة غيرت مجرى الحياة ...

ستار

محسن النصار
تابع القراءة→

الثلاثاء، أغسطس 14، 2012

ذكرى وفاة "فنانة الشعب العراقي "زينب

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أغسطس 14, 2012  | لا يوجد تعليقات

.
الفنانة الراحلة زينب
الفنانة زينب
حلت علينا " 13 أغسطس " الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الفنانة الرائدة الكبيرة زينب إحدى أبرز شخصيات المسرح العراقي الحديث، والتي استحقت بجدارة لقب "فنانة الشعب العراقي" بعد مشوار طويل وحافل بالعطاء والابداع اولفنانة الصافية الراسخة واخلاصها غير المحدود لشعبها وطنها وتفانيه , وقد ولدت الفنانة زينب (فخرية عبدالكريم) في الشطرة عام 1931 وعملت معلمة في الحلة، قبل ان تقال لنشاطها السياسي وتحترف السينما والمسرح
والتحقت (بفرقة المسرح الحديث) وعند اشتراكها بطلة لفيلم "سعيد افندي" من اخراج كاميران حسني تغير اسمها من فخرية عبد الكريم الى زينب وكان لها دور بدفع وتشجيع الطالبات للمشاركة بالمسرح وكانت تمثل لهن مشاهد تمثيلية في المدرسة . زينب احتلت موقعا متميزا في المسرح العراقي وصارت رمزا من رموزه انها كبيرة كانسانة ومناضلة وفنانة ومثقفة ذات صفات اصيلة تميزت بالاخلاص لوطنيتها , وتألقت الفنانة زينب في أداء دورها على المسرح وفي الحياة وأبدعت بشكل مؤثر وفعال. و قدمت بطولة (أني أمك يا شاكر) على قاعة الشعب عام 1958م بعد ثورة 14 تموز . قدمت العديد من الأعمال المسرحية وأبرزها مسرحية "النخلة والجيران" التي أخرجها الفنان الراحل قاسم محمد ، وشارك بها العديد من نخبة الفنانين العراقيين الكبار منهم : فاضل خليل وخليل شوقي وناهدة الرماح وازادوهي صموئيل ويوسف العاني وسليمة خضير وزكية خليفة وغيرهم من الفنانين . كذلك قدمت اعمالا مسرحية اخرى منها : (اهلاً بالحياة) ، (رسالة مفقودة)، (الخال فانيا)، (فوانيس) و(الخان) و(البستوكة) و(الخرابة) و(نفوس) و (الشريعة) وغيرها الكثير من الاعمال المبدعة. وفي الكتابة للدراما كتبت عدداً من المسرحيات منها (ليطة) و(الريح والحب) و(تحقيق مع ام حميد) و(بائعة الاحذية) . اخرجت عملا مسرحيا واحدا من احدى محاولتها الإخراجية الوحيدة لمسرحية ( الدون جوان ) لموليير . قدمت ثلاثة اعمال سينمائية وهي : فيلم (سعيد افندي 1957) للمخرج : كامران حسني ، وفيلم (ابو هيلة 1962) للمخرج جرجيس يوسف حمد ومحمد شكري جميل ، واخيرا فيلم (الحارس 1967) للمخرج : خليل شوقي . وقدمت مع مبدعين من العراق اعمالاً ذات شأن منها مسرحية (الحصار) و(ثورة الموتى) (القسمة والحلم) و(المملكة السوداء) و(رأس المملوك جابر) و(مسرحية الام) و(سالفة ام مطشر). غادرت العراق عام 1979 الى بلاد المنافي وظلت تنتقل من بلد الى اخر ومثلما كانت مناضلة ومبدعة دؤوبة داخل الوطن ظلت كذلك خارجه، اذ نشطت في تأسيس فرق عدة منها (فرقة الصداقة) في عدن وفرقة بابل في سوريا وفرقة سومر في السويد. ومن الجدير بالذكر قام المخرج طارق هاشم باخراج فيلم تسجيلي يتناول جوانب من حياة الفنانة الراحلة الحافلة بالابداع تخليداً لذكراها وكانت المبدعة الراحلة بالرغم من قساوة الغربة والمرض تتمنى العودة الى الوطن ليكفنها تراب العراق ولكنها فارقت الحياة في الغربة قبل ان تكحل عينيها برؤية الوطن. رحلت عنا فنانة الشعب زينب في يوم (13/آب/1998) في المنفى بالسويد.

تابع القراءة→

الجمعة، أغسطس 03، 2012

الكوميديا وشروطها التاريخية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أغسطس 03, 2012  | لا يوجد تعليقات


الكوميديا وشروطها التاريخية

التبس وللأسف معنى الكوميديا بمعنى التسلية، واختلطت المفاهيم اختلاطاً شوّه ما ترنو إليه الكوميديا كعنصر من عناصر الدراما الجادة. فكثير ممن يشتغلون في المسرح التجاري لا يعرفون بأن الكوميديا هي نوع من أنواع المسرح الجاد الذي لا يقل اهمية عن التراجيديا.
جاء مصطلح الكوميديا من الكلمة الاغريقية (Komoidia) التي تشير الى الشكل الدرامي الجذل، أو الخالي من الهموم، الذي تطور تاريخياً على نحو مواز للتراجيديا، وكان هذا الشكل بالعادة، يأتي عفوياً وفي أحيان كثيرة يسخر من زميله التراجيديا. تركز الكوميديا على اللهو والمرح والارتباك أو التشوش، وتعالج الكوميديا احداث الحياة السعيدة: كالحب الرومانسي والزواج والتفوق بالحيلة على الآخرين أو الاذلال الذي يلحق بالاشرار الاغبياء أو ضيقي الافق. بينما تعالج التراجيديا الاحداث الكئيبة والمأسوية، كالموت والقسوة (...)
كما ان ارسطو ارجع معنى الكوميديا الى (كوموس) ومعناها المأدبة الماجنة والتي تقام في نهاية احتفالات الإله (ديونيزوس) كمحاكاة تهكمية. وعبر مسيرة تاريخ المسرح استخدمت كلمة كوميديا بمعان ثلاثة:
1 ـ اسم لنوع مسرحي يناقض التراجيديا.
2 ـ اطلق اسم الكوميديا في القرن السادس عشر على المسرحية بالعموم.
3 ـ اطلق اسم الكوميديا على كل مسرحية تحمل طابع الضحك.
لكن الكوميديا كنوع لا بد إلا ان تعرّف من خلال معاييرها الجمالية، والتي تميزها عن الاشكالية المسرحية ما يسمى بالشعبية المضحكة، حيث من الضروري ان يحيط هذا النوع المسرحي جماليات تناقض المفهوم المأسوي، وبعيداً عن الهزل والابتذال (...)
[ الكوميديا والبحث عن المطلق
ان بحث الانسان عن المطلق أو اللامتناهي كما يقول (بلزاك)، ربما يوقعه في متناقضات مضحكة؛ قد يدرك هذه المتناقضات بعض الأدباء فتوحي لهم بتجسيدها في اعمال مسرحية أو أدبية. لقد استطاع (سارفانتس) ان يصيغ واقعاً كوميدياً غريباً ومشوقاً في مسيرة بطله الواهم في روايته الخالدة (دون كيشوت). لقد ذهب ليحقق المطلق في البطولة؛ مطلق لم يصل اليه أي من الفرسان الذين عرفهم أو تعرف على سيرتهم في الروايات التي قرأها. ولقد شهدنا في العقود الأخيرة تحويل بعض الاعمال الادبية العظيمة والخالدة الى مسرحيات كوميدية، مثل تحويل رواية (بجماليون) لبرنارد شو الى مسرحية (سيدتي الجميلة) وحولت الى فيلم سينمائي فيما بعد. وكذلك شهدنا تحويل رواية (أوليفر تويست) للكاتب الانكليزي شارلز ديكينز الى مسرحية بعنوان (اوليفر). وقس على ذلك الاقتباسات العديدة من الأدب وتحويله الى اعمال مسرحية استطاع بعض منها ان يحتل مكانته في الوجود والبقاء والخلود.
اننا عندما نفكر بالذهاب الى المسرح ومشاهدة مسرحية كوميدية سرعان ما يتبادر الى اذهاننا شكل العرض الذي سنشاهده. سنتوقع الكثير من الاضحاك بأي وسيلة ممكنة عن طريق (الاسكتشات) الموسيقية أو الغنائية الراقصة التي تدخل جميعها في اطار المنوعات ولا تتصل إلا بالهزلية الغنائية، وهي لون واحد فقط من ألوان هذا الفن وهي ليست قطعاً أرقاها، بل لقد بلغ هذا المفهوم حداً من الانتشار والتغلغل داخل أبناء الحركة المسرحية نفسها، حيث يعتبرون النجاح مقروناً بمقدار كمية الضحكات التي تثيرها كلمات أو حركات مسرحية معينة لدى الجمهور!!
وبنماء على ما سلف فقد ابتُدعت مصطلحات مسرحية غريبة عن المصطلحات النقدية والمهنية مثل (سوكسيه و إيفيه) وهاتان كلمتان انجليزيتان دخيلتان على مفهوم مدارس النقد للدراما، وتعودان لغوياً الى كلمتي: الأولى (Success) وتعني النجاح والثانية (Effect) وتعني التأثير.
[ أنماط الكوميديا
هناك أنماط عدة من الكوميديا مثل: الهجاء أو الدراما الهجائية (Satire)، التي تهاجم الأفكار والعادات والأخلاقيات والمؤسسات الاجتماعية بشكل يتسم بخفة الدم (الظرف) والسخرية أو التهكم (Sarcasm). وهناك أيضاً الهزل (Farce) الذي يتم فيه الاستهزاء بالحياة من خلال ابتكار مواقف عبثية وشخصيات مبالغ فيها.
وهناك كذلك المحاكاة الساخرة (Burlesque) التي تتضمن السخرية من الاعمال الفنية الاخرى من خلال الكاريكاتير والمحاكاة التهكمية (Parody). وهناك أيضاً الكوميديات السوداء أو القاتمة، وهي الاعمال الكوميدية ذات المذاق السيّئ التي يجد الجمهور صعوبة في تقرير ما إذا كان عليهم أن يهاجموها، أو الانصراف عنها أو الضحك عليها بشكل صاخب.
[ تاريخ أنواع الكوميديا
1 ـ الكوميديا الكلاسيكية القديمة:
وهذه الكوميديا كانت نتيجة الاحتفالات الطقوسية والتي أفرزت نصوصاً مكتوبة أهمها نصوص اليوناني أرسطو، حيث أفرزت أشكالاً شعبية. وهذه النصوص لم تقدم حدثاً متماسكاً بل كانت مقاطع أو مشاهد، وخلال تطورها صارت تأخذ ببنية ثابتة فأصبحت تتألف من مقدمة او استهلال، تؤديه شخصية واحدة على شكل مونولوج، أو شخصيتان ثانويتان على شكل حوار، ويلي ذلك الدخول وهو نشيد الجوقة ومن ثم المساجلة أو الآغون (الحوار والصراع القائم بين الأعداء والذي يمثل جوهر المسرحية).
2 ـ الكوميديا المتوسطة:
وقد ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد، وكانت مواضيعها مستمدة من الأساطير والتي تفرز بالنتيجة درساً أخلاقياً أو دينياً.
3 ـ الكوميديا الجديدة:
وهذه الكوميديا رسخت في 330 290ق.م. وارتبطت بالكاتب (ميناندر) حيث أعطاها شأناً مهماً فأدخل على رواياته الكوميدية حكايا العشق والتي تتشابك في حبكة معقدة مما أعطى للمسرحية آنذاك وحدتها العضوية.
4 ـ الكوميديا الرومانية:
وقد وصلت هذه الكوميديا مع (بلاوت) 254-184ق.م. و(تيرانس) 190-159ق.م. حيث قرّبا هذا النوع من المسرح الى الواقع الروماني وأدخلا عليه عناصر جديدة مثل التنكر والحيل والغناء والرقص مما أعطى للكوميديا طابع الفرجة.
5 ـ الكوميديا في القرون الوسطى:
في هذه المرحلة انحسرت الكوميديا تقريباً ولم يبق سوى اشكال بسيطة كان يقوم به الممثلون الجوالون، وبعض الكرنفالات وعروض الحماقات، وأعياد المجانين والأخلاقيات، وكل هذا هو أنواع من الفرجة تتم في الساحات العامة والشوارع. كما ان النصوص المسرحية انحسرت في هذه الفترة باستثناء بعض المتعلمين الذين ساهموا في توسيع شكل الكوميديا في القرن السادس عشر والذين تأثروا بالحركات الانسانية التي استمدت هذه النصوص من التاريخ، حينها صنفت الكوميديا بالفن الراقي معتمدة على متانة الحبكة واللعب بالألفاظ، كما صنفت باقي الكوميديات بالهابطة والتي تعتمد على الإضحاك البصري القائم على الحركة المبتذلة مستجدية الضحك من المتفرجين.
6 ـ الكوميديا في عصر النهضة:
ظهرت هذه الكوميديات في ايطاليا في القرن السادس عشر؛ واعتبرت الكوميديا في هذه المرحلة بأرقى أنواعها ومن كتّاب تلك المرحلة: (لودوفيكو اريستو) 1474- 1533، (انجيلو روزانيه) 1502- 1542، (نيقولو ماكيافيللي) 1480 1527.
وكتبت نصوص هؤلاء بلغة رفيعة لأنهم اعتمدوا على الكتّاب الذين بحثوا في فن الشعر، فقد اعتمدت نصوصهم على الوحدات الثلاث، ومن ثم ظهرت تأثيرات المسرح الايطالي والتي وصلت الى انجلترا في العصر اليعقوبي مع (جون فيلتشر) 1579 1635. أما في فرنسا فقد تأخر ظهور الكوميديا بسبب منع العروض المسرحية في فترة الحرب الدينية، ولم تظهر كنوع خاص إلا في القرن السابع عشر مع (موليير) 1622 1673. ومن الكتّاب الذين أطلقوا على مسرحياتهم تسمية كوميديت (بيار كورناي) 1606 1684 و(جون راسين) 1639- 1699، إلا أن الضحك كان غائباً عن كتاباتهم، وهذه الكتابات لم تأخذ من الكوميديا إلا نهايتها السعيدة، وهذا ما ميزتها عن التراجيديا.
7 ـ الكوميديا الكلاسيكية:
وهي ظاهرة فرنسية اتضحت سنة 1630 بالتحديد ويرجع ذلك لظهور الاكاديميات، وظهور طبقة النبلاء وكبار البرجوازيين، وتبلورت بشكلها النهائي زمن ظهور (موليير) الذي خلق نموذجاً خاصاً من الكوميديا إذ جمع بين تأثيرات الكلاسيكية الفرنسية والتقاليد الكوميدية الشعبية التي استمدها من المسرح الجوال وأدخلها ووظفها في نصوصه بشكل لم يتقنه من أتوا بعده فكان سبباً بانحدار الكوميديا. وبعد انقضاء مرحلة موليير تجددت الكوميديا الكلاسيكية بكونها ترتبط بالواقع، فالشخصيات في هذه الكوميديات تنتمي إلى كافة طبقات الناس، ففيها الشخصية الشعبية أو البرجوازية وأحياناً شخوصها تكون من النبلاء شرط ألا تطرح المسرحية شأنهم السياسي. وعرفت هذه الكوميديات بالكلاسيكية بكونها مسرحيات ذات مسار معين فيه توتر درامي لكن نهاياتها سعيدة، والحدث فيه ذو مظهر معقد لكن تخطيه ممكن، وهذا ما يوصل إلى النهايات السعيدة.
[سيكولوجية الكوميديا بين فرويد وهنري برغسون
قام علماء النفس عبر العقود القليلة الماضية بالكثير من البحوث حول المبررات التي تجعل الناس يبتسمون ويضحكون. وعلى الرغم من وجود الكثير من المساحات الغامضة في هذه الظواهر فإنّ بعض الاجابات قد بدأت في الظهور فعلاً. ونكشف المقارنات مع الأنواع الحية الاخرى، خصوصاً القرود، أن الابتسام ليسا درجتين مختلفتين من الشيء نفسه، لكنهما ظاهرتان مشتقتان من مسارات تطورية مختلفة وربما متعارضة. فالابتسام يبدو انه قد ارتقى من ظاهرة المط العصبي الخانع للشفتين فوق الأسنان، وهو تعبير من تعبيرات الوجه يدل لدى قردة الشمبانزي على محاولة لاسترضاء قرد آخر مسيطر اجتماعياً، هنا تطبق الأسنان على بعضها البعض ومن ثم لا تكون جاهزة للعض. ولدى بني الانسان أيضاً، يعتبر الابتسام طريقة كبرى توصل من خلالها مشاعر الإذعان والافتقار للقدرة على إلحاق الأذى، وهي طريقة قد يُلجأ إليها بشكل معين لتفسير السبب الذي من أجله يكن النساء أكثر ابتساماً من الرجال. فمتابعة الصور الفوتوغرافية في الصحف اليومية يُظهر ان الرجال الذين يكون معظمهم من السياسيين ومن صفوة رجال الأعمال، غالباً ما يكونون من أصحاب الوجوه الجادة والصارمة التعبير، بينما تصور النساء في أغلب الأحوال وهن مبتسمات.
ان الضحك مختلف تماماً عن هذا، لانّ معظم المواقف المثيرة للضحك هي مواقف اجتماعية، فهي تشمل علاقات مع الآخرين، أو تتطلب على الأقل حضورهم، حتى الدغدغة هي شكل ينبغي أن يقوم به شخص آخر كي نقوم بالضحك. وهكذا، فإنه بينما قد يشتمل الضحك على عناصر من العدوان والسيطرة والخوف أو القلق، فإنّه يكون محاطاً أيضاً بشكل وثيق بأشكال التخاطب الاجتماعية المختلفة.
لقد بُحث عن مصادر الكوميديا وأحياناً تم البحث عن مصادر الضحك في الحالات السيكولوجية وفي الأساطير وفي الطقوس وفي الدراسات (الاجتماعية) التي تعتبر أن في الأدب المضحك منفعة علاجية في بعض الأحيان. إن الذي شاع منذ منتصف القرن الماضي هو أن تكون البداية من الأساس السايكولوجي للكوميديا كما بحث (سيغموند فرويد) وكما حللها نفسيا. وربما بحث (هنري برغسون) وما كتبه حول دخائل الناس، وما حذر منه (آي.سي. نايتس) في ملاحظاته حول الكوميديا، يركز على مغالطة البحث السايكولوجي في لون من ألوان الأدب، وعلى التزامه التجريد والتعميم، بخلاف عملية النقد المناسبة في متابعاتها المُرهقة للخصوصيات فيقول: إننا ما إن نربط بين الكوميديا والضحك ربطاً ثابتاً حتى نكون قد ابتعدنا عن امكانية وضع أية ملاحظة تنفع بالنقد.
أما (فرويد) فإنه يرى ان الدعابة نوعان، دعابة بريئة لا ضرر فيها. وأخرى ذات قصد أو اتجاه أو لها غاية نقصدها؛ ثم يردف مفسراً ويقول بأنّ الغاية هذه نوعان أيضاً: الهدم والكشف/ التحطيم والتعرية. والدعابة الهدامة تنطوي تحت عناوين مثل: السخرية والفضيحة والذم أو الهجاء. وتقع الدعابات التي ترمي الى التعرية تحت عناوين مثل: البذاءة والفسوق والفحشاء.
يتخذ (هنري برغسون) من سايكولوجيا الهزل اساساً لاختبار المسرح الكوميدي. يبحث في طبيعة الموقف الكوميدي كمادة لموضوع درامي، يقول (برغستون): تخيل شخوصاً معينين في موقف معين، فإذا قلبت الموقف وغيرت الأدوار، فستحصل على موقف كوميدي.. ان عقدة النذل الذي يقع ضحية نذالته، أو سقوط الغشاشين والنصابين في شر اعمالهم، تعتبر قوالب جاهزة في الكثير من المسرحيات.. في كل حالة، تشمل الفكرة الاساس قلب الأدوار وموقفاً ينقلب على رأس صاحبه أو مدبره.
[ مكونات المسرحية الكوميدية كما هو في جلّ الواقع
أولاً: الأفعال
الافعال تبنى على تشويق وإثارة وإمتاع وغموض ومفارقة لتولّد الضحك وتعرف البطل وتكشف عن حاجته التي يريد ان يحصل عليها، والهدف الذي يريد تحقيقه، من خلال مشهد جدي يكشف فيه البطل ما يريده وما يتمناه وكأنه حلم جميل مستحيل، ولكنه يتعهد أن يبذل قصارى جهده حتى يحققه ويجعله حقيقياً، يكشف ذلك سواء بين عائلته أو أصدقائه، أو حتى اعدائه ومصارعيه ومجابهيه، وهذا أجمل مما يحمل قدراً من السخرية لأنه يفصح عن شيء في غير مكانه الصحيح الطبيعي، مما يسبب له أزمات جمة يكون في جل منها اذا ما أمعن التفكير او كان يتمتع بالذكاء والفطنة، مما يولد الضحك عندما نعرف ان المجابهين له لديهم نفس الحاجة التي هو يريد الحصول عليها، وعند حصوله هو لا يحصلون عليها هم مما تحملهم على الصراع معه ومحاولة منعه ومجابهته ومعارضته وخلق الأزمات له. وغير ذلك من الأفعال التي من شأنها تفجير الفعل المضحك.

[صفات الفعل المضحك:
الفعل المضحك ليس بالقتل ولا بالموت، ولكن ما دونهما بأن يكون:
1 ـ الإصابة المباشرة المؤذية النفسية الداخلية المفزعة من الاحراج للصفات الشكلية، والتجريح الشديد للصفات الخلقية والسخرية من الصفات الأخلاقية، والاستهزاء بالصفات القيمة، والتعالي بالصفات الاجتماعية التي هو نفسه ليس أهلاً لها، والمفاخرة بالصفات الجسدية والتي هو أبعد عما يكون منها. والمعايرة بالصفات السلوكية والحط منها الى ابعد حد وهو دونها.
2 ـ الاصابة المباشرة المؤذية الجسدية الخارجية التي تحدث الألم الشديد من الكدمات والإصابات.
[كيف يُبنى الفعل المضحك؟!
1 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو لا يعرف حقيقة مَن سيقع عليه الفعل ولا يعرف حقيقته ويوقع الفعل، ولكن يكتشف بعد فوات الأوان حقيقة الصلة به. فإن ذلك أكبر باعث على الضحك النابع من المفارقة القوية.
2 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو يعرف حقيقة مَن سيقع عليه الفعل، ويتغاضى عنه، فإنّ ذلك باعث على الضحك النابع من السخرية والتورية المبطنة.
3 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو لا يعرف حقيقة من سيقع عليه الفعل، ثم يكتشف في اللحظة المناسبة حقيقة الصلة به فيكفّ عن الفعل. وذلك باعث على الضحك النابع من المفاجأة السارة الجميلة.
4 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو يعرف حقيقة مَن سيقع عليه الفعل ويفعله. فهو باعث على الضحك النابع من الهزل الجدي المقصود بغرض استلهام حقيقة ما.
5 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو يعرف حقيقة مَن يقع عليه الفعل، وهو لا يستطيع مضاهاته جسدياً ولا موازاته في المكانة الاجتماعية، ويصر على الوقيعة به، فتولد الضحك النابع من التضاد الكبير والتفاوت الشديد.
6 ـ ان يهم الفاعل بفعله وهو لا يعرف المفعول به، ولا يعرف حقيقته ويصر على الفعل، فينال منه المفعول به نيلاً كبيراً موجعاً، فيتراجع عن الفعل مجبراً محرداً منكسراً.
ثانياً: الشخصيات
[مواصفات الشخصية الرئيسة:
1 ـ أن يكون من أصحاب النفس اللوامة ومصارعوه أو منافسوه من اصحاب النفس الامارة بالسوء.
2 ـ أن يكون في البداية من التعساء الفاشلين ثم يحدث التغير ويصبح من السعداء الناجحين.
3 ـ ليس بالشكل الوسيم ولا الجميل بل العادي لا القبيح.
4 ـ عدم التناسق الكامل لا في الشكل ولا في الحركة.
5 ـ ان تجمع الشخصية بين الشيء وضده مثل اللباقة وعدم الفطنة، ضعف الذاكرة وسرعة الحركة.
ثالثاً: الفكر
نخص منه فكر الشخصية الرئيسة (البطل)، لأن هذا جل اهتمامنا ومناط تفكيرنا ومقصدنا وهدفنا، فإذا كانت الشخصية تحمل فكراً ثورياً ضد الظلم والاستبداد يصبح البطل مضحكنا وملهمنا ومعبراً عنّا، ونقدم له كمشاهدين كل الأعذار عن اخطائه التي يقع فيها عن قصد أو عن غير قصد. المهم ان يحمل فكراً يصلح أن نقتدي به أو فكراً متمرداً وغريباً يصلح أن يفجر ضحكاتنا.
رابعاً: الفكرة
قضية بسيطة أو عظيمة من شأنها أن تناقش وتكشف فساداً أو تعري حقيقة في المجتمع، أو تلقي الضوء على فساد في السلوك أو تبين تغيراً في القيم دون الدخول الى فلسفات ومواضيع تخرجنا عن حدود الملهاة، فالمقصود تقديم فكر واضح دون تعقيد.
خامساً: المكان
ما من شيء حادث في الدنيا إلا وله دلالة مكانية يقع فيه حتى ولو كان خيالياً، حتى يكون قابلاً بعضه للتصديق. فما بالنا ونحن نصنع عملاً نبتغي به مخاطبة وإقناع الناس وتسليتهم وإقناعهم.
سادسا: الزمان
الزمان من أدوات الإقناع، خاصة إذا كان من الزمن القريب أو الحالي وهو المطلوب، فالجمهور ليس معنياً على الدوام أن نناقشه ونجلسه لنمتعه بقضية غير محددة الزمان. علينا تحديد الزمان الذي يقع فيه الحدث لنخلق لدى الجمهور حالة نقدية تزداد كلما ازداد الزمان قرباً من زمانه.
[تعريف وشروط المسرحية الكوميدية
ربما من خلال هذه الركائز أسفل العنوان أكون اقتربت أكثر من موضوع البحث وهو الشروط التاريخية للكوميديا. إنها شروط من الاهمية بمكان اذا استغنينا عن بعضها فلا نستطيع ان نهمل جلها. وهي ركائز وشروط تنطبق على القصة والرواية الكوميدية أيضاً. وسأحاول أن أفرز كل عنوان على حدة وتعريفه على شكل مشهدي مرتبط بالعنوان الذي يليه:
[البداية:
هي فعل جاد ليس بالعظيم الرفيع الأمثل ولا هو الوضيع المستقبح، مباشر ومستبطن، ومؤثر مشوق مثير ممتع بديع وجذاب، به وضوح الفكر، وبساطة في الفكرة، وافتعال في الأداء وخلل في الحركة، لحدث مفزع مضحك، لكنه ليس مؤذياً لأعيننا، ولا صادماً لمشاعرنا، ولا جارحاً لكبريائنا، ولا ممتهناً لكرامتنا، ولا منتقصاً من ذكائنا، ولا ساخراً من فطنتنا وفطرتنا؛ ليمتعنا ويسلينا ويسرنا ويضحكنا، ويشعرنا بالغبطة والسعادة، دون تهكم ولا فجاجة. وتكون البداية فعلاً تاماً وكاملاً، يقوم به شخص عظيم، لا يتمتع بالذكاء الحاد ولا هو بالغباء التام، بمكانة سامقة عالية رفيعة لا هو بالوضيع التافه، لكنه بخلق رفيع سام غير متدن ومترد في البشاعة، بفكر أقل من المستوى العام لما نحن عليه معظم الناس. له حاجة صغيرة يريد الحصول عليها مع انها في الأصل كبيرة وعظيمة وهو لا يدري ولا يعي ذلك، يريد الحصول على الكبيرة وهو ليس أهلاً للصغيرة، والعكس صحيح سواء للشخص أو للحاجة، والحاجة الصغيرة لشخص عظيم تخلق مفارقات عدة، والكبيرة لشخص متواضع تخلق المفارقات نفسها، والتضاد ما بين ما يستطيع فعله وما لديه من أدوات يتهكم بها، وما بين نقص تفكيره الذي لا يسعفه؛ لتخلق سخرية بلغة فصيحة نثرية بسيطة جميلة سلسة، تعتمد على التورية والتطابق والسخرية والتهكم والعجرفة والتجميل والجناس التام، مولدة للضحك، وهدف بريء يريد تحقيقه، بفكرة بسيطة متواضعة لينبهنا ويحذرنا من قضية ما كبيرة جليلة، بها من الوجاهة والعظمة ما بها، ليؤدي غرضاً نبيلاً من غير قصد فكرة جميلة يستوحيها من فساد المجتمع، يعريها ويكشفها من دون ان يدري، وهو المسؤول الاول عنها فيعري نفسه ويكشفها، وتحلل له دون خجل وتقدم له الحلول من دونه، لكنه السلطة الذي بيده القرار ويكون الابتلاء (...)
[العقدة:
عقدة مستحكمة كبرى، وليس أمامه أي اختيار غير الصبر والتضرع واللجوء إلى المجهول حتى يفتح له طريقاً أو يسبب له سبباً ليعاود المجابهة للحصول على حاجته وهدفه الذي توقف تماماً. الذي يستطيع مساعدة سيده وهو يعرفه تمام المعرفة، فقد حدث له نفس مشكلة سيده وقد حلها له بسهولة ويسر، ولغبائه أو نسيانه لا يتذكره. فهل له ولعامله من مخرج وهو على هذه الحالة؟!! انه تعقيد تام كامل.
[الانفراجة:
حيث يقع حادث قريب منه جداً يكون سبباً في أول بارقة أمل تجول أمامه، فيستغله بجاهه وسلطانه ويفرض العون والمساعدة بتكبر وغطرسة وتحدث المفارقة من ان الحل ليس بيد تابعه المقرب له، بل بيد شخص آخر، يتملكه أكثر من المقرب له وللمفارقة العجيبة الجميلة التي تسعده وتحل له عقدته، من ان هذا الشخص المتواضع تحت امرته وتصرفه، ويحتاج إليه، وهو من الحتمي لن يمانع على الاطلاق أن يلبي طلبه بل يأتيه يجري، فيطلب منه صاغراً مجبراً مبتلعاً كبرياءه، لا ليأتيه بمن يعرف، على ان يأتيه بالحل يأتيه فقط بما يحتاجه، ويسرع تابعه وباستعطاف واحترام واعزاز واجلال يطلب مساعدته، من أجل تابعين مثله يعملون عند سيده، وهو يريد أن يخلصهم من العناء والألم والمعاناة التي لا يستحقونها، لأن سيدهم يعكس ما هو فيه عليهم، مع ان ما حدث ليس منهم ولا من ذنبهم، ولا بسببهم، فلا يبخل عليهم. وبها تنفرج عقدته وينصلح حاله ويحصل على حاجته ويهدأ باله، بأن يعود يتلمس طريقه نحو هدفه الذي لم يحققه بعد، وانه لا يستطيع تحقيقه بمفرده ولا يسعفه تفكيره. فيضطر اضطراراً ويقبل أن يتعرف على الشخص المتواضع العالم العليم الذي استطاع بعلمه أن يلبّي طلبه ويسهل له الحصول على حاجته من دون أن يطلب أجراً، ولم يطمع في ثواب، وهو المعوز المعدوم الذي في أوج الحاجة إلى أي معاون، فما بالك وهو الذي أسدى له معروفاً، فيحتاج ليتعرف عليه(...)
[ النهاية:
ويساعده الأضعف جل المساعدة، وبه يتغلب على كل الصعاب، ويحقق هدفه وتتحقق له ولمَن ساعده السعادة والهناء والتفوق والانتصار؛ فنشعر بالطمأنينة والسعادة والابتهاج والفرح من أن واحداً مثلنا أو أقل منّا احتاج إليه مَن هو أعلى منّا في المكانة الاجتماعية وأغنى منّا وأقوى بجاهه وسلطانه وهيلمانه، ولكن مَن ساعده وكان سبباً في سعادته وتحقيق هدفه واحد أقل منّا في المكانة وغيرها، وهذا يطهرنا من مخاوفنا وأحقادنا، ويكشف لنا عن مكنون قوتنا وعزنا وفخرنا نحن المعدمون المقهورون، بأن التكامل والعوز والحاجة مفروضة ومتبادلة، ما بين الأغنياء والفقراء، ما بين الأقوياء والضعفاء، ما بين الحاكم والمحكوم، ولذا تشعرنا بالسعادة والرضى والقناعة، وتشفي صدورنا من الأحزان، وتطهر قلوبنا من الأحقاد، وتنزع من أفئدتنا الغل والغيظ والحسد والكره والبغضاء، وهو علاج نفسي كبير.

[ قُدمت هذه الورقة في مهرجان المسرح الاردني السابع عشر
[ المراجع:
1 ـ الضحك لهنري برغسون، ترجمة د. علي مقلد المؤسسة الجامعية لدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الاولى 1987.
2 ـ الملهاة الإنسانية والبحث عن المطلق لبلزاك، ترجمة ميشيل خوري، منشورات وزارة الثقافة السورية، دمشق 1995.
3 ـ الكوميديا والتراجيديا لمولوين مرشت وكليفورد ليتش، ترجمة د. علي احمد محمود العدد 18 من سلسلة عالم المعرفة 1979 الكويت.
4 ـ فن الكوميديا، د. محمد عناني، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1988.
5 ـ سيكولوجية فنون الأداء، لجلين ويلسون، ترجمة د. شاكر عبدالحميد، العدد 258 من سلسل عالم المعرفة 2000 الكويت.
6 ـ اهمية التمحيص لـ(أي.سي. نايتس) سلسل منشورات (بنجوين) لندن 1964.
7 ـ عدد من المذكرات الاكاديمية والأبحاث المتنوعة والندوات، لأساتذة وطلبة المعهد العالي للفنون المسرحية في دولة الكويت.

علي فريج - المستقبل - لبنان
تابع القراءة→

الأربعاء، أغسطس 01، 2012

عرض مسرحية "أرطميس مع الغزال".في موسكو

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, أغسطس 01, 2012  | 1 تعليق

مسرحية "أرطميس مع الغزال"

عرضت في موسكو مسرحية "أرطميس مع الغزال".تكريما لذكرى الكاتب الروسي المسرحي فاديم ليفانوف قدمت فرقة مسرح "31" عرضها المقتبس عن دراما الكاتب بعنوان "أرطميس مع الغزال".
تعيد هذه المسرحية التي اخرجتها المديرة الفنية للمسرح أوكسانا غلازونوفا، إلى الأذهان فترة التاريخ الروسي التي يطلق عليها "التسعينيات المجنونة"، حين تفكك الاتحاد السوفيتي وظهرت فئة من "الروس الجدد" وشهد المجتمع نمو الجريمة وانتشار القيم الغربية. مسرحية "أرطميس مع الغزال" ترسم صورة مبالغة وساخرة لتلك السنوات التي شق فيها البعض طريقه في الحياة، بينما وجد البعض الآخر نفسه على هامش المجتمع.

روسيا اليوم
تابع القراءة→

الثلاثاء، يوليو 31، 2012

صدور كتاب "المسرح العربي من الاستعارة الى التقليد" تأليف أحمد شرجي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, يوليو 31, 2012  | لا يوجد تعليقات


مُساهمة

صدور كتاب "المسرح العربي من الاستعارة الى التقليد" تأليف أحمد شرجي



صدر  في بغداد كتاب "المسرح العربي من الاستعارة الى التقليد "، تأليف الفنان والناقد المسرحي  أحمد شرجي، عن مكتبة عدنان للنشر والتوزيع , وقام بالمراجعة والتقديم الاكاديمي تيسير الآلوسي. ويقع كتاب “المسرح العربي من الإستعارة الى التقليد” في 220 صفحة ، ويتضمن ثلاثة فصول تسبقها دراسة منفصلة عنونها الكاتب بـ” الرمزية والمسرح الإصلاحي” وهي دراسة جادة للفنان احمد شرجي يحاول فيها الخروج بتنظيرات مستمدة من تجربته العراقية والعربية (في المغرب) والعالمية (في الدانمارك) :” ذهب الرمزيون بطروحاتهم الى ذلك العمق من أجل إستفزاز المخيلة واقلاقها ، أعلنوا عن رفضهم لكل الجهوزية التي تتناول الواقع باستنساخ وتاتي به الى المسرح، لان هذه ليست مهمة الأدب والفنون ، بل مهمته، هي مهمة أخرى، تكمن في إثارة الأسئلة واستفزاز المخيلة والتحليق بالخيال ، والابهار بهذا التحليق الذي يسعى لتطوير الذائقة والحس الفني تناول أحمد شرجي في الباب الثالث من الفصل الثاني” الحكاية والاغنية الشعبية عند يوسف العاني ” متناولا بالدراسة مجموعة من مسرحيات يوسف العاني مثل :راس الشليلة 1951، فلوس الدواء1952 ، ستة دراهم 1954،اني امك ياشاكر 1955، ومسرحية المفتاح. الجهد القيم الذي حققه شرجي جدير بالاهتمام ، وقد اشار الى هذا الجهد تيسير الالوسي في المقدمة التي خص بها الكتاب .
ومما جاء في الكتاب : قراءة في الإخراج والتنظير في المسرح العربي
لم تتعرف المنطقة العربية على المخرج كوظيفة مستقلة في عملية صنع العرض المسرحي مبكرا، بل كانت تردد الخطوات التي سار عليها المسرح الاوربي في بداياته، رغم وصول المسرح الى المنطقة العربية بعد ارهاصات كثيرة على الساحة المسرحية الاوربية، واذا تتبعنا التاريخ فأننا سنجد،بعد ان تخلص المسرح الاوربي من مخاضات الطبيعية والواقعية في القرن التاسع عشر،وبدأ الدخول في لعبة الاتجاهات المسرحية، ثم جاءت بدايات الاعلان عن الرمزية وسحرها،وضرورة الابتعاد عن كل ما يقوض المخيلة ويساهم في ضمورها، وتخليص العرض المسرحي من الايقونات الطبيعية والواقعية،السعي للخلاص من استنساخ الواقع ونقله الى الخشبة بشكل فوتغرافي،بل البحث عن عوالم داخلية، حاولت طروحات الطبيعيين والواقعيين قتلها. ثورة الرمزيزن وان بدأت ادبية، واستفاد منها المسرح بشكل كبير من خلال طروحات ادولف ابيا وكوردن كريك، اللذان قادا ثورة اصلاحية شاملة على مجمل عناصر العرض المسرحي.
عرفت المنطقة العربية المسرح عن طريق مارون النقاش عام 1848، وبعد ان نقل لنا ما شاهده في رحلاته الى اوربا وبالتحديد الى ايطاليا بغرض التجارة، وايضا مارون النقاش، سعى لاقتباس النصوص الاوربية وتقديمها، وما يهمنا في ذلك هو المخرج وليس الاخراج،هل كانت خطوات مارون النقاش ومن بعده يعقوب صنوع وابو خليل القباني، اخراجية ذات رؤية،تنطلق من النص وبعيد عن نقل النص الادبي على خشبة المسرح؟ بالتاكيد لا، بأعتبار ان المسرح لازال وافد غريب على المنطقة، ولهذا كانت اغلب العروض تتم وفق التنظيم والترتيب، وهذا ايضا كان معروفا بالمسرح الاوربي قبل المخرج الاول الدوق سايكس ممنكن، فاننا نجد المدراء الفنيون او الممثل الرئيس بالفرقة او المنتجون، هم من يقومون بصنع العرض المسرحي، وهذا ليس مثلبا اذا عرفنا بان ستانسلافسكي ومايرهولد وغيرهم هم بالاساس مدراء فنيون لفرقهم، حتى جاءت كتابات اندريه انطوان باعلان عن وظيفة المخرج، كوظيفة مستقلة عن بقية عناصر الانتاج المسرحي. بعد كل فترة التقليد والاقتابس سعى مارون النقاش لايجاد خصوصية في تقديم اعماله المسرحية، لعله يبتعد عن تاثيرات الثقافة والمسرح الاوربية، (فإنه لجأ في اخر مسرحياته ” ابو الحسن المغفل “الى التراث العربي ممثلا في حكايات “الف ليلة وليلة” ومثله فعل الرائد الثاني ابو خليل القباني مضيفا الى حكايات “الليالي” عناصر تراثية اخرى كرقص السماح والموشحات الاندلسية) (1) . تلك المحاولات نلتمس فيها الكثير من شخصية المخرج رغم فقرها، لكن الاهم في كل ذلك، هناك عقلية فنية بدات تتلمس طريقة اشتغال بعيدة عن التاثيرات الاوريية، لكن للاسف الشديد لم تتراكم التجارب بعدها، وبالتالي يكون هناك شكل مسرحي اخر (قد) تتميز به المنطقة العربية، و(قد) يكون للاستعمارات المتكررة للمنطقة العربية الحؤول دون ذلك، كون اغلب ما كان يقدم من اعمال هو مناهض للاستعمار ويتخذ خطابه المسرحي خطاب المباشرة، والنبرة الخطابية، لكننا نتلمس الحضور القوي لشخصية المخرج والاشتغالات الإخراجية في المنطقة العربية في الخمسينات من القرن الماضي، ويعزوه بعض الباحثين، باعتباره عملية ابداعية في المسرح الحديث الى عوامل عدة منها (عودة جيل من المخرجيين بعد الخمسينات من اوربا وامريكا وروسيا حيث تاثروا بالتيارات السائدة فيها وبتيار الحداثة، وعلى الاخص ستانسلافسكي وارتو وكريك وبريشت…. ). (2) ينتمي ابناء هذا الجيل الى مختلف البلدان العربية، حاول البعض نسخ تلك التاثيرات وتقديمها على مسارح بلدانهم، والبعض حاول الانفلات من شكل العرض الاوربي، وذهب للاشتغال في منطقة التراث والموروث العربي، وتوظيفها في عرضه المسرحي. لكن من الجدير ذكره بان هناك محاولات جادة في ايجاد خصوصية مسرحية عربية، قبل العمل على الإخراج كونه عملية ابداعية مستقلة وهذا كان في الثلاثينيات والاربعينيات، وكانت هذه الخصوصية تحاول للمشروع المسرحي العربي بالابتعاد عن ما ياينتجه الغرب واوربا مسرحيا، بل محاولة البحث على شكل مسرحي مغاير، ينطلق من المظاهر الاجتماعية في البلد وايضا على مستوى الاشتغال، لكن اغلب تلك الاطروحات كانت تصدرمن مؤلفين مسرحين، بمعنى انها تنطلق من فكر ومخيلة الكاتب الروائي او المسرحي، وليس المخرجين، وهنا نذكر كتابات توفيق الحكيم في (قالبنا المسرحي) و يوسف ادريس في (نحو مسرح مصري) ومن ثم (نحو مسرح عربي)، وبعدهما بيانات سعدالله ونوس، بالمقابل كان هناك اشتغلات لمخرجين بدأت من الخمسينيات، يبحث عن شكل مسرحي اخر او بديل. سنحاول التعرف على بعض التجارب المسرحية في المنطقة العربية، التي انطلقت من الورق(كتابة نظرية) لمحاولة ايجاد خصوصية مسرحية على مستوى الشكل المسرحي، وايضا لمحاولة المخرجين ايجاد اساليب مسرحية خالصة، كون (ان الاسلوب الخاص وليس الاسلوب السائد هو ما يجب ان يقدمه المخرج في كل مسرحية. . . . . ) ، وهل هناك تجربة مسرحية عربية ذات خصوصية،ان كان على مستوى الاخراج، اوالشكل المسرحي، هل كانت اشتغلات المنظرين والمخرجين، نتاج للمخيلة الواعية،التي تسعى للبحث عن سمات بقائها، بعيدا عن ما تنتجه الثقافة الغربية؟ ام انها تجربة تدوين لما تنتجه اوربا ثقافيا ومسرحيا؟

البوابة العراقية - بغداد
تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9