أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، أبريل 08، 2016

الأغاني والموسيقى .. في مسرح الطفل / ‎د. عزيز جبر الساعدي‎

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


البهجة والسرور والفرح الغامر الذي يستقبل جمهور المشاهدين من الأطفال وهم يدخلون قاعة المسرح.. الأغاني.. الموسيقى يشكلان عاملين مهمين في الدخول إلى حكاية المسرحية.. ترى إلى أي حد تستطيع الأغاني والموسيقى أن تداعب وجدان الطفل؟ وهل لهما فعل يقوي حالة الترقب والتشويق في هكذا مسرح؟ يذكر المربون ان الموسيقى أداة من أدوات التربية الخلقية والحسية والعاطفية ووسيلة من وسائل التعليم.. والأغنية مظهر من مظاهر الموسيقى تستعين عادة بالشعر إلى جانب الأنغام (كما يعبر نعمان الهيتي في كتابه أدب الأطفال) ومن المعروف ان الأطفال يجدون لذة في تقليدهم لبعض الأصوات، ومن النادر أيضا ان تجد طفلا لا يمتلك القدرة على التأثر بالموسيقى، ذلك لان الأطفال منذ أيام المهد الأولى يطرق آذانهم الغناء عن طريق ما يسمى بأغاني المهد أو أغاني الترقيص حيث ينصت الأطفال إلى أصوات الأمهات اللواتي يغنين أغنيات وأهازيج ذات إيقاع رتيب لتهدئتهم وبث الطمأنينة في نفوسهم ليداعب النعاس أجفانهم.

فالإيقاعات وترديد بعض الأغاني التي يمارسها الطفل تعتبر لونا من ألوان اللعب، واللعب في حد ذاته حاجة من حاجاته الأساسية التي تلعب دورا رائدا في إثراء عالمه المادي والخيالي وهو وسيلة للنمو وهو رمز للصحة النفسية إضافة إلى كونه نوعا من أنواع العلاج النفسي.

المتعارف عليه ان أطفالنا الصغار غالبا ما يرددون أغاني الكبار رغم ما فيها من مساويء وايجابيات في الأفكار والعواطف لأنهم لن يجدوا أغانيهم الخاصة وهذا ما يزيد من فقرهم في التخيل والتذوق والاستماع.

إذا ما علمنا ان أنغام الموسيقى هي عبارات لحنية تنطوي على كلمات ذات معاني وهي بناء أدبي يخاطب عقول الناس ومشاعرهم فتتحرك له وتتاثر به، تدرك أهميتها في الفعل المسرحي الموجه للطفل وطريقة استقباله لها كمؤثر مساعد لفعل الشخصيات والمواقف، نجد ان سوء استعمال الموسيقى والتي تأتي غالبا من تجميع فواصل أو معزوفات، هذا الهجين الغربي الغريب غير المتجانس لا يمكن ان يتكيف معه الطفل ولا يستطيع ان يصل به إلى مرحلة نمو شخصيته الموسيقية في الوقت الذي يسعى المسرح لإيجاد قاعدة أساسية لتربية الحاسة الموسيقية الكامنة في الطفل من اجل إنضاج شخصيته وعلى إنضاج الجانب الوجداني، فكما نعمل على تنمية الجانب العقلي وتنمية الجانب الاجتماعي فيها، يتعين ان ننمي الجانب الوجداني (لان الجوانب الثلاثة مرتبطة ومتكاملة وإذا ما حدث تخلف في واحد منها تأثر الجانبان الآخران واختل توازن الشخصية ).

فقيمة الموسيقى كما يؤكد أرسطو بقوله (بأنها وسيلة للاستمتاع العقلي وان لها مع ذلك مزايا خلقية) وكما يؤكد أفلاطون أيضا بقوله (ان الموسيقى علم تجب معالجته كالرياضة البدنية، فالأولى تهذب النفس وتصلح ما فسد منها والأخرى تقوي الجسد) أو (الموسيقى غذاء النفس، ومبعث الاتزان وهي منحة آلهة الفنون الحرة… ).

ما نريد قوله ان الكثير من المسرحيات المقدمة للأطفال لم يأخذ مصمموها أو منفذوها الاهتمام الجدي بتأثير الموسيقى في العمل المسرحي وهي في اغلب الأحيان تخضع لمزاج ونفسية وثقافة ذلك المعد أو المصمم، لأنها لا تستهدف تربية الأذن ذلك لان التذوق الموسيقي يعتمد على خبرة حاسة السمع. ورحم الله (فاضل الصفار) حين يقول من المناسب إيجاد مقطوعات موسيقية خاصة بالأطفال وان تتلاءم ألحان الأغاني وأذواق جمهور الأطفال، وبالفعل نجد ان الكثير من الأطفال يرددون أغان ذات ألحان جميلة رغم انهم لا يفهمون معاني كلماتها..

من الممكن القول في هذا المجال ان تهذيب بعض الأغاني الشعبية والاستفادة من ألحانها بحيث تحمل معاني صادقة تجسم الحياة بكلام جميل عذب وان تكون الأصوات المؤدية للغناء ساحرة وجذابة وتفيض بكلماتها وألحانها بالمرح والتفاؤل..

ان تنمية ذوق الطفل تبدأ منذ عمر مبكر ويمكن ان نعوده من خلال المسرح وهو في مرحلة (الواقعية والخيال المحدود بالبيئة) من خلال التأثير النفسي للعرض الموجه له.

-----------------------
المصدر / صدى
تابع القراءة→

مسرحية "ثورة دون كيشوت": بين فكَّي كمّاشة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

في "فضاء التياترو"، بتونس العاصمة، عرضت  سلسة عروض مسرحية "ثورة دون كيشوت" للمخرج وليد الدغسني.
تدور أحداث العرض، الذي أُنتجته "فرقة كلندستينو للإنتاج المسرحي" بدعم من وزارة الثقافة التونسية، في عالم غرائبي؛ حيث تستيقظ المدينةُ فجأةً على وقع كائنات غامضة تخرج من النفايات وتتمدّد بسرعة، لتبسط سيطرتها على كامل المدينة وتحتل مناطق حيويةً فيها.
تواجه الكائنات مقاومةً من سكّان المدينة. لكن ذلك لا يكفي للوقوف في وجهها؛ إذ تُواصل بسط سلطتها على الفضاء العام والخاص، وتخريب كلّ ما يمتّ إلى الحياة والجمال بصلة، مستعينةً بشبكة من أصحاب المال والنفوذ، ومؤسّسةً بذلك لواقع جديد مرعب.
من خلال هذه الحكاية، يبدو العرضُ بمثابة مساءلة للواقع السياسي والاجتماعي في تونس اليوم؛ حيثُ تعبّر الكائنات الغامضة والغريبة التي تخرج من مكبّ النفايات عن ظواهر استجدّت في المجتمع كالتطرّف والإرهاب. إنها الكائنات التي يتحالف معها رجال المال والنفوذ، الذين يبدون مستعدّين للتحالف مع أية جهة تفرض منطقها.

في تقديمه للعرض، يقول الدغسني إنه استوحى فكرة مسرحيته من رواية "دون كيشوت"، مضيفاً أنه وظّف هذا الإرث الأدبي العالمي حسب معطيات الحالة التونسية، ليقدّم "طرحاً فكرياً وفلسفياً للواقع السياسي والاجتماعي والنفسي الذي يشهد تحوّلات كثيرةً ومعقّدة".
يعتبر الدغسني أن وظيفة المسرح لا تقتصر على نقل الواقع، بل تتجاوز ذلك إلى "التفكير فيه وتأسيس رؤية تُعلي صوت الفنان المتنبّئ والقادر على تحليل الواقع وتقديمه في أشكال جمالية مضبوطة ومنظّمة، وتعتمد على رؤية فلسفية".
في هذا العرض، حافظت "فرقة كلندستينو" على فريقها الذي شارك في عدد من أعمالها السابقة التي حازت صدىً إيجابياً؛ مثل: "انفلات" و"التفاف" و"الماكينة". لكنها طعّمته بعناصر جديدة.
من الممثّلين الذين يشاركون في المسرحية: يحيى الهملاجي، وأماني بالعج، ومنى التلمودي، ومنير العماري، ويحيى الفايدي، ونتاجي قنواتي.

----------------------
المصدر : العربي الجديد 

تابع القراءة→

المصداقية في العرض المسرحي / سامي عبد الحميد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

لكي نحكم على قيمة أي عرض مسرحي عراقي او اجنبي لابد لنا أن نتلمس مقدار الصدقية او مدى الأحقية في أي عنصر من عناصر ذلك العرض. وهنا أقصد بالصدقية التبرير الحياتي او التبرير الفني لكل كلمة تقال ولكل حركة تنفذ ولكل خط وشكل وكتلة ولون وملمس وفراغ في الصورة المسرحية التي نشاهدها او في الحدث المسرحي الذي يفعله الممثلون بأدائهم الصوتي والجسماني وهم يرتدون ازياء معينة ويحيط بهم منظر معين وتسلط عليهم اضاءة معينة. واقصد بالتبرير الحياتي احتمالية الفعل او الحدث في الحياة اليومية وانعكاسها في فضاء المسرح . فالمادة المسرحية يقتبسها مؤلف المسرحية من المادة الحياتية ثم يأتي المخرج ليصوغها بالصيغة المسرحية المؤثرة في الجمهور والتي قد لا تكون المادة الحياتية تمر عابرة من غير تأثير او قد تكون لها تأثيرات مختلفة بالنسبة للشخوص العابرين. وتعتمد صياغة المخرج على التبرير الفني وهو كفنان لابد ان يضيف من ابداعه شيئاً الى كل عنصر من عناصر العرض.
العنصر الأول من عناصر العرض هو الشخصية المسرحية والتي يلتقطها مؤلف النص مما يمر به من شخصيات في حياته اليومية ويضيف لها من خياله شيئاً وعلى وفق رؤيته وفلسفته او قد يعّدل او يغيّر من صفاتها وفقاً لذلك، ويأتي المخرج ووفقاً لرؤيته وتبريره الفني يحدث عليها تغييرات او اضافات ليجعلها اكثر  تأثيراً في عقول ونفوس المتفرجين وبشرط ان لا تفقد اضافاته وتغيّراتها صدقية اقوال وافعال تلك الشخصية، بمعنى ان تكون الشخصية المسرحية المعروضة مقنعة لغالبية المتفرجين.وبحيث تكون أقوالها وأفعالها مناسبة لصفاتها . وفي مجال تمثيل الممثل للشخصية قد يستدعي التبرير الفني ان يبالغ الممثل في تعبيره الصوتي والجسماني الى الدرجة التي لا يكون فيها ذلك التعبير كاذباً او مصطنعاً ولايتناسب مع صفات الشخصية، ولكي يكون الممثل مقنعاً في ادائه لا بد ان يكون مؤمناً بالشخصية التي يمثلها متبنياً لصفاتها وافعالها واهدافها وعلاقاتها بالشخصيات الأخرى. وأضرب مثلاً على الاداء الصوتي الصادق والكاذب يدعمهما من تبرير فني، في ممثل يمثل شخصية تتحدث باللغة الفصحى واذا به في لحظة من لحظات العرض يتحدث بلغة عامية فلا بد ان يعطينا المخرج تبريراً حياتياً لمثل هذا التغيير في اللغة ونوعها ويكون عندئذ قد برره فنياً. اما اذا لم يكن هناك مثل هذا التبرير كأن يخاطب الممثل كشخصية مسرحية مجموعة من الناس البسطاء ،الذين لا يتعاملون باللغة الفصحى، بلغة عامية بعد ان كان يخاطب شخصيات من طبقته ومن حاملي ثقافته وعندئذ تكون اللغة العامية مبررة. ومن ناحية حركة الممثل على خشبة المسرح فان التبرير الفني لها لا يختلف الا قليلاً عن التبرير الحياتي . فالانسان يتحرك نتيجة لدافع يدفعه لذلك فعندما يعطش الانسان يدفعه العطش الى التوجه نحو مصدر الماء ليرتوي منه. وعندما يواجه الانسان خطرا معينا فانه يبتعد عنه بحركة معينة بجسمه وقد تكون حركة موضعية او حركة انتقالية. وقد يضيف المخرج بعض الحركات يؤديها الممثل قد لا يكون من ورائها دافع وانما هناك تبرير فني هو اضفاء الحيوية على المشهد المسرحي . اما اذا تحرك الممثل كثيراً او قليلاً ومن غير دافع او من غير مبرر فلن يكون صادقاً ومقنعاً في حركته. نعم جيب ان تكون جميع التعبيرات الجسمانية والصوتية للممثل في العرض المسرحي مبررة او منطقية اما حياتياً او فنياً وإلا فانها زائفة وغير مقنعة.
وعند التطرق الى الزي الذي يرتديه الممثل ، وهو عنصر آخر من عناصر العرض، فلا بد ان يكون طراز الزي مستعملاً في الحياة ولا بد ان يكون مناسباً للشخصية إلا اذا كان هناك مبرر لخلاف ذلك فليس من المعقول ان يرتدي استاذ جامعة (دشداشة) اللّهم إلا اذا كان هناك مبرر لهذا اللباس. وهنا يدخل مبدأ (الدقة التاريخية) في المسرحيات التي تتناول شخوصاً من الماضي ومن اماكن غير مكان المتفرج او اذا كانت المسرحية تتعرض لأحداث تاريخية، فلا بد عندئذٍ من ان يكون طراز الأزياء المسرحية مشابهاً لطراز الملابس في زمانها ومكانها وليس في زمان ومكان مؤلف النص او في زمان ومكان العرض، إلا اذا اراد المخرج ان يفرض رؤيته الخاصة المبررة.
وهناك عدد من المخرجين يستعملون ما يسمى (الازياء الوظيفية) وهي التي يؤدي الممثلون بواسطتها وظيفتهم من غير التزام بمبدأ المطابقة وهنا فأن التبرير الفني هو التجريد.
ويسري مبدأ (التجريد) على المنظر المسرحي ايضاً فهناك عدد من المخرجين لا يهتمون بان يكون المنظر ممثلاً لمكان وبيئة الاحداث المسرحية بعناصرها المختلفة، وبما فيها العناصر المعمارية ، او ان يمثل المنظر مجرد خلفية يمثل امامها الممثلون ادوارهم فلا يتعاملون مع مفردات هذه الخلفية وكأنها عناصر بيئية بل مجرد عناصر جمالية.
 يستطيع المخرج ان يجرّد المنظر المسرحي الواقعي من تفاصيله مبرراً ذلك فنياً ويستطيع المخرج في المسرحية التاريخية التي يخرجها ان يطلب من مصمم المنظر تحقيق الدقة التاريخية أي ان تكون معمارية المكان مطابقة لمعمارية مكان وزمان الأحداث المسرحية وليس معمارية زمان ومكان مؤلف المسرحية او معمارية زمان ومكان المصمم والمخرج، والمهم هنا ان يكون التجريد في المنظر مقنعاً للمتفرج.
ما نلاحظه هذه الأيام ان عدداً من المخرجين ليس في بلدنا وحسب بل في بلاد اخرى لا يهتمون بالصدقية ولا يلتزمون بمطابقة الشكل للمضمون، او تناسبها ولا يفكرون بالتبرير ويحملون العشوائية معتقدين وهماً بأن مخيلتهم قد قادتهم الى مثل تلك العشوائية، وان الفن لا منطق فيه وان وحدة العمل الفني مبدأ اكل الدهر عليه وشرب، وقد يكون ذلك صحيحاً لدى اصحاب التيارات غير الواقعية كالتعبيرية والسوريالية والتي يعتقد اصحابها ان الحقيقة كامنة في العقل الباطن وفي لا وعي الانسان وان المظهر الخارجي لا يمثل الا جزءاً صغيراً من الحقيقة، وبناءً عليه يبررون الاشكال الغريبة والظواهر المتناقضة التي يعتمدونها في مادتهم الفنية ومثل هذا التبرير الفني ليس الا انعكاساً للتبرير الحياتي فاللاوعي والصور الحلمية الغريب جزء من حياة الانسان وعالمه الداخلي.
نعم هناك عدد من الفنانين ومنهم المسرحيون يلجأون الى العشوائية والغموض والفوضى والتشظي كوسائل للتعبير الفني معتقدين انهم بذلك انما يعكسون واقع الحياة في هذا العصر الذي يخلو من المنطق والتبرير احياناً ولكنهم يفعلون ذلك عن خبرة ودراسة لا عن جهل وسذاجة.

-----------------------
المصدر : جريدة المدى 


تابع القراءة→

ماذا عن الميتا مسرح؟! / سامي عبد الحميد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات



مجلة الفنون المسرحية
طلع علينا أحد المخرجين الشباب والذي اتخذ من الحركات الراقصة وحركات المايم او البانتومايم  مادة لاعماله المسرحية ، وراح يطوف بها في بلدان مختلفة ويقيم ورشا لهواة المسرح هنا وهناك، اقول طلع علينا بفكرته عن التحول من المسرح الى ما سماه (الميتا مسرح) وهذا هو الذي دفعني لان اتحرى عن معنى هذا المصطلح وما وراءه من تداعيات – مضامين واشكال.
كلمة (ميتا Meta) الانكليزية تعني (ما بعد) وقد بحثت في جميع المصادر والمعاجم المتوفرة لدي فلم اجد تعريفاً لهذا المصطلح ، وقد وجدت تفسيراً له في مقالة منسوبة الى الدكتورة (نهى الدرويش) لا اعرف اين نشرت ومتى وقد اعتقدت (الدكتورة نهى) ان مسرحية (حلم في بغداد) لأنس عبد الصمد نموذج للميتا مسرح.
نحن نعرف ان (ما قبل المسرح) هو تلك الطقوس الدينية لدى الاغريق القدماء مثل (الديثيرامب) الممهدة للتراجيديا و(الناليفوريا) الممهدة للكوميديا وكذلك الطقس المصري (مسرحية ابيدوس العاطفية) والتي تتعرض لعلاقة الآلهة الفراعنة ابرتيس وازوريس وحورس، وربما ملحمة كلكامش الاكدية وافعالها من ملاحم واساطير وادي الرافدين. اما (ما بعد المسرح) فلا ندري لحد الان ماذا يكون واذا كانت مسرحية (حلم في بغداد) و(حلم في كركوك) و(حلم في الديوانية) و(حلم في السماوة) هي امثلة له، اي للميتا مسرح، فلم اصل بعد الى تفسير واضح للمصطلح، وما قدمته (الدكتورة نهى) من تفسير فإنه لا يختلف عن تفسير للكثير من العروض التي تنتمي الى مصطلح (المسرح). وهي تقول ان الهدف الفلسفي والضمني للميتا مسرح "ان لا يمنح سمكة لجائع وانما ان يعلم الجياع كيف ان يصطادون السمك". وهذا ما اراده الالماني الكبير (برتولد بريخت) في مسرحه الملحمي ، لقد اراد من المتفرج ان يكون واعياً لا منجرفاً مع عاطفته وان يكون ناقداً لاوجه التناقض في العلاقات الاجتماعية وللظواهر الاقتصادية والسياسية المخالفة لما يجب ان يكون وبالتالي ان يفكر بتغيير ما هو كائن الى الافضل .
وتدعي (الدكتور نهى) ان (الميتا مسرح) يدعو الى مشاركة المتلقي في الفعل الدرامي وهذا الادعاء لا يختلف عن طروحات عدد من اصحاب (المسرح التجريبي) والتي تقتضي مشاركة الجمهور فعلياً في الحدث المسرحي كما فعلت فرقة (المسرح الحي) الاميركية في مسرحيتها (الجنة الان) وكما فعل (هو زيت شايكن) في مسرحه المفتوح وفي مسرحية (فان ايتالي) (الافعى) حيث يستدعى الجمهور لمشاركة الممثلين في افعالهم. وتعتقد الكاتبة (نهى) ان تنوّع اشكال ومعمار بنايات المسرح باعتماد المسرح الدائري حيث يحيط الجمهور بمنطقة التمثيل والمسرح الاهليلجي والدوّار حيث تدور عليه المناظر المسرحية المتعددة و"المسرح المصمم على شكل حرف (T) المستعار من خشبة عروض الازياء وغيرها، كانت تهدف الى عدم فصل الجمهور عن الممثلين كما هو الحال في مسرح العلبة الايطالي. وهذه الظاهرة ليست جديدة في تاريخ المسرح العالمي وانما هي استعادة لما هو قديم – المسرح الاغريقي والمسرح الأليزابيثي. ونذكر هنا ان المخرجين الانتقائيين امثال (ماكس راينهارت) طبقوا فرضية ان لكل مسرحية مسرحها المناسب لعرضها فالمسرحية الكلاسيكية الاغريقية يناسبها المسرح الدائري والمسرحية الشكسبيرية يناسبها المسرح اللساني، والمسرحية الواقعية يناسبها مسرح العلبة.. وهكذا.

وتدعي (الدكتور نهى) ان (الميتا مسرح) يدعو الى مشاركة المتلقي في الفعل الدرامي وهذا الادعاء لا يختلف عن طروحات عدد من اصحاب (المسرح التجريبي) والتي تقتضي مشاركة الجمهور فعلياً في الحدث المسرحي كما فعلت فرقة (المسرح الحي) الاميركية في مسرحيتها (الجنة الان) وكما فعل (هو زيت شايكن) في مسرحه المفتوح وفي مسرحية (فان ايتالي) (الافعى) حيث يستدعى الجمهور لمشاركة الممثلين في افعالهم. وتعتقد الكاتبة (نهى) ان تنوّع اشكال ومعمار بنايات المسرح باعتماد المسرح الدائري حيث يحيط الجمهور بمنطقة التمثيل والمسرح الاهليلجي والدوّار حيث تدور عليه المناظر المسرحية المتعددة و"المسرح المصمم على شكل حرف (T) المستعار من خشبة عروض الازياء وغيرها، كانت تهدف الى عدم فصل الجمهور عن الممثلين كما هو الحال في مسرح العلبة الايطالي. وهذه الظاهرة ليست جديدة في تاريخ المسرح العالمي وانما هي استعادة لما هو قديم – المسرح الاغريقي والمسرح الأليزابيثي. ونذكر هنا ان المخرجين الانتقائيين امثال (ماكس راينهارت) طبقوا فرضية ان لكل مسرحية مسرحها المناسب لعرضها فالمسرحية الكلاسيكية الاغريقية يناسبها المسرح الدائري والمسرحية الشكسبيرية يناسبها المسرح اللساني، والمسرحية الواقعية يناسبها مسرح العلبة.. وهكذا. 
تقول (الدكتورة نهى) ان "الميتا مسرح" يعني بقضية المتلقي – لانسان – الفرد في كينونته بأنساقها الجمعية الانسانية وليس جمهور المتلقين زمكانيا في وجودهم الاني امام العرض المسرحي، ولكي يتحقق هذا فلابد ان يخرج النص المسرحي من اسر الاطر الذاتية والمحلية الى شخصية النموذج الانساني في محدداته الحالية وملامحه المرتقبة. وكأنها لا تدري ان (المسرح) قد اخذ برأيها منذ القدم وحتى اليوم وان اغلب النصوص المسرحية والعروض تاريخيا تنطلق من الخاص الى العام ومن الذاتي الى الشمولي. فعندما يتعرض (بوجين اونيل) في مسرحيته (القرد الكثيف الشعر) الى معاناه بطلها (يانغ) فانما قصد الانسانية جمعاً، عندما تتعرض الى الظلم والقهر. وعندما يتعرض (برتولد بريخت) في مسرحيته (ارتورو اوي) للدكتاتور هتلر فانما قصد التنديد بجميع السلطات الغاشمة المتعصبة، وعندما يتعرض (يوسف العاني في مسرحيته (المفتاح) لايمان الشخصيتين (حيرة وحيران) بالخرافة التي قد يولد عن طريقها لهما وليد فانما اراد ان يكشف عن زيف ذلك الوهم لدى فئات كبيرة من الناس. 
كلا ياسيدتي (نهى) لم يبق المسرح كما هو رمزه الان: القناع الضاحك والقناع الباكي بل تجاوزهما الى رموز اخرى اعمق، الى دواخل الانسان والى لاوعيه الذاتي والجمعي والى فكر الانسان وايديولوجياته، لا ياسيدتي لم يعد المسرح هذه الايام يقدم للمتفرجين افكاراً مفضوحة على طبق من ذهب بل راح المسرح يحرك مخيلتهم ويثير ادمغتهم ويجعلهم يتأملون ويفكرون ويبحثون عن بدائل لكل ما هو سلبي في مجتمعاتهم ولكن من دون ان يغلق عليهم كل الابواب للوصول الى الحقيقة وذلك باللجوء الى الغموض والابهام والتشويش ، وحتى هذه يقدمها المسرح المسرح ليدفع المتفرجين لرفعها ولإزالتها والتعرف على المقاصد المختفية خلفها.
واذا اعتقدت يا سيدتي (نهى) ان الكلمة قد فقدت اهميتها في العرض المسرحي ليحل محلها التعبير بالجسد، فان (انطونين ارتو) وبزمن طويل قبل مدعي الميتا مسرح قد اكد على فقدان اللغة المألوفة في المسرح اهميتها وفاعليتها وراح يبحث عن لغة اخرى اكثر تأثيراً في الجمهور، لغة شبيهة بالطاعون الذي يعدي ويدمر ليحل الجديد محل القديم. واذا اعتقدتِ ان ما يسمى (دراما الجسد) او (الرقص الدرامي) هو نموذج للميتا مسرح فإن هذا النموذج ليس جديداً على المسرح المسرح بل انه قديم قدم الطقوس ورقصات جوقة (الديثيرامب) قبل 500 سنة قبل الميلاد.
بعد كل هذا يبقى مصطلح (الميتا مسرح) بحاجة الى تفسير والى تبرير والى كيفية فصله عن (المسرح المسرح) او تفضيله عليه وبحاجة الى اثبات ضرورته والى اجتذابه لجمهور اوسع من جمهور (المسرح المسرح).

--------------------------------
المصدر : جريدة المدى 
تابع القراءة→

العلاقة بين الجمهور و المسرح/ فيصل فائق صبري

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, أبريل 08, 2016  | لا يوجد تعليقات


مجلة الفنون المسرحية


بدايةً أود أن ألفت النظر إلى موضوع هذا البحث المختص، المبني على أسس فلسفية و رؤى بحثية تعالج الشأن المسرحي بالاستعانة بخبرات فلاسفة وباحثين معروفين وتجاريبهم من جانب؛ و تأسيسا على وجهة نظر الباحث وما تفرضه من مواقف بشأن ما أورده بعض الكتاب و النقاد من دراسات و بحوث تتعلق بصميم جهد الفنان المسرحي من جانب آخر.
في هذي القراءة البحثية تتم الإشارة إلى إشكالية العلاقة بين الجمهور و المسرح منذ بداية الوجود البشري و أداءات علاقته مع الطبيعة و البيئة بحدود ما حُكِم بمستويات الوعي و الفكر.. ومن أشكال التمظهر التي رصدها البحث ما ارتبط بفكرة الآلهة و أماكن العبادة وممارسة الطقوس ضمن التحولات التي جرت في طبيعة الإنسان ومكونات إدراكه ووعيه الأمر الذي كان يحاول التعبير عنه من خلال ثورات و انتفاضات عارمة شهد لها التاريخ القديم...
لقد لمع في الذهن البشري الوعي الذي حاول أن يقوم بتفسير ما كان يدور حوله من أمور طبيعية فيزيقية أو دنيوية وأخرى ميتافيزيقية انتسبت لخياله ومعطيات تفكيره من السحر مرورا بالأسطورة وليس انتهاء بالديانات.. كل ذلك في محاولات من الإنسان الأول للوصول إلى حال من الفهم لمفهوم الوجود البشري في هذا الكون و أسلوب توفير التعايش مع القضايا الخفية عليه...
وتم له في بعض أدائه المعرفي والتعبيري توظيف المسرح ما يسمح لنا بهذه الحال أن نقرأ تلك القضايا المتعلقة بالإنسان وجهوده داخل جغرافية الجمهور الذي كان له الدور الفعال في صيرورة المسرح الذي ما زال ينبض بالحياة حتى يومنا هذا. 
ويمكننا البدء بالقول: إنّه لا يمكن أن نعرف المسرح من دون ممثل، كذلك لا يمكن أن نعرف المسرح من دون الجمهور، ذلك لأن الممثل والجمهور هما العمودان المؤسسان تاريخيا للمسرح ظاهرة فنية تعبيرية وفلسفية مضمونية، تنعكس في ارتباطتها وآليات اشتغالها من خلال الصالة و الخشبة...
ففي السابق أو في بدء التحضير لولادة الظاهرة المسرحية لم تكن الخشبة معروفة أو حتى الصالة، فكانت هناك ممارسات دينية لأجل الإله تطلبت أماكن خاصة للعبادة وممارسة الطقوس، حيث كان يلتقي الكهنة مع جمع الناس في المكان المخصص للاحتفال أو العبادة، وكان هناك تقسيم بين مكان الكهنة والإله من جهة و مكان المحتفلين أو المصلين من جهة أخرى.
وفي أعياد رأس السنة الجديدة عند العراقيين القدماء كانت هناك احتفالات متنوعة من الناحية الدينية والاجتماعية، بحيث كانوا يقومون بتمثيل [أسطورة الخليقة، حوادث من ملحمة كلكامش، موت وبعث مردوخ، تمثيل الزواج المقدس]، فضلا عن نزول عشتار إلى العالم السفلي وإقامة الطقوس الخاصة في فترة الاعتدال الخريفي(1)، وهذا ما أتاح واجب وجود مجموعة من الفعاليات التي تتضمن إجراء بعض التدريبات وتوزيع الأدوار وتحضيرات أماكن العرض[التمثيل] و أماكن الجمهور الأمر الذي يعدّ عنصرا أساسا لمكونات العرض، وقد أطلق العراقيون القدماء على المبنى الخاص أو المكان الطقسي، الذي عادة ما كان يقع خارج المدينة اسم [دار الاحتفالات/بيت اكيتو](2)، وشُـيـِّد هذا المبنى لغرض استخدامه لنوع خاص من الاحتفالات تختلف عن تلك التي تقام في المعابد أو في ساحات أخرى كبيرة في المدينة.
بيت أكيتو، ذاك، كان مخصصاً للحفلات التمثيلية حصرا، و الدليل على ذلك و جود ساحة تحيط بها مقاعد للجلوس، و وجود أشخاص يمثلون دور كلكامش و أنكيدو، وخمبابا... إلخ من شخوص الملحمة المعروفة. صحيح كان هذا الدار خارج المدينة لكنه لم يكن بعيدا عن المعبد، وذلك كي يذكر المتفرجين بقدسية المكان التي يجلسون فيه وكذلك كي لا ينسى المتفرج الأهمية الدينية أو الاجتماعية لهذه للمناسبات المحتفى بها هنا في المسرح خارج المعبد وجدرانه وسلطته(3) وهناك ما يدلنا على أن الجمهور يحضر إلى بيت أكيتو لأجل عرض خاص يتلقى فيه قصصا عن التاريخ وعن تجاريب تجيب بخصوص علاقته ببيئته من خلال هكذا نوع من الاحتفالات ذات الطابع الاجتماعي المختلط بقدسية الديني أو الطهري هذا من جانب، ومن جانب ثان جاء هنا ليعطي لنفسه قسطا من الراحة و المتعة، بعد إجهاد ما كان يقوم به طوال يومه وسنته من صيد و زراعة وجمع القوت وترويض الطبيعة الصعبة المتوحشة وكانت الاحتفال أو العرض بالنسبة له مجال للترفيه و الاستمتاع في بعض أبعاده.
أما في مصر الفرعونية(4) فلم تكن العلاقة بين المسرح والجمهور لتختلف كثيراً عن سليلتها في العراق، فنجد المسرح عند مصر الفروعونية عبارة عن ظاهرة احتفالية طقسية جماهيرية عامة، إذ تتم المشاركة بين جموع الناس والكهنة لاحتضان الطقس الديني بحيث تأخذ شكلاً تمثيلياً متنوعأ بالرقص الديني والدنيوي، و الغناء و الموسيقا التي تتضمن الايقاع، وفي هذه الفعاليات كانت هناك مشاركة من قبل الجمهور في أداء الفعل المسرحي بشكل حي و فعال، وكان معظم المشاركين من الذكور.. 
وتختلف الظاهرة المسرحية هنا نسبيا من حيث الأداء و المهام و الدور في أثناء تقديم العرض الذي كان يبدأ من المعبد و ينتهي بالمقابرعلى الشاطيء الغربي للنيل مروراً بالشوارع و الساحات، فكان يقدم في الساحات وعلى مقربة من المعابد مسرحيات التتويج(5)، وكان انفعال الجمهور واضحأ مع تلك العروض خاصة حيث يظهر التأثر حزنا عندما ينتصر الشر على الخير، والتأثر فرحا ومسرات عندما ينتصر الخير وكان هذا عصب الدراما عند الجمهور، الأمر الذي يبرز آثار التطهير في نفوسهم في أثناء العرض وبعده.
أما الجمهور والمسرح الإغريقي فقد اختلف كثيراً عما هو موجود في العراق السومري ومصر الفرعونية، فكانت أيضا هناك احتفالات و طقوس ديونوزوسية أو باخوسية(6)، تلك التي كانت كذلك عبارة عن احتفالات دينية تتأقلم و تنسجم مع عقيدة اليوناني القديم المقدمة للآلهة ديونيسوس عبر شعائر العبادة ومن ثم تحويلها إلى تمثيلية طقسية تنشدها الجوقة تكريما لديونيسوس حيث كان الموت والبعث موضوع احتفال و تفاؤل يؤخذ به على وفق إيقاع فصلي ينطلق من الشتاء و الربيع ومن جني العنب وموت النبات إلى تجسيد الحياة و الخصب فيه بقوة الشمس. 
والمسرح الإغريقي لم يكن في بداياته مستقلاً عن المعبد، حيث كان المسرح بجوار معبد ديونيسوس(7)، ليذكر المتفرجين بأهمية هذا المكان المقدس وألا ينسوا أيضاً أهميته الدينية، وقد رافق الإمتاع الجمهور الإغريقي نحو التطهير ثم تلازمت التسلية مع الفائدة، لنقل خبرة إنسانية هادفة في إطار فني، الغاية منها تعميق و تطوير نظرة الإنسان إلى الواقع و معطيات الوجود، والسعي والمحاولة إلى تغييره، وذلك عبر تغير الذات بفعل المسرح و فنونه و وجود جمهور يواكب العرض منذ بدايته و حتى نهايته.
إن العنصر الدينى كان واضحاً في أذهان الجمهور الإغريقي، وكان للكهنة مكان مهم و بارز في المسرح ممثلا في معبد ديونيسوس، لذا كانت حبكة المسرحية تحتوي دائماً على عقدة دينية مألوفة، لاسيما ظهور الآلهة على خشبة المسرح، التي كانت موضوع معظم المآسي.. وكما نلمسها في مسرحيات أسخيلوس ذات الطابع الديني، ففي هذا النوع من المسرحيات لم يكن الجمهور ضعيفا أو لا يمتلك ذائقة فنية، بل كان له بعد نقدي وجمالي، فالممثل السيء كان يقابل تمثيله في بعض الأحيان بالصفير والرجم بالحجارة حتى يخرج من المسرح، وكانت هناك علامة لاستياء الجمهور الأثيني التي تتمثل بضربهم بكعوب نعالهم الجزء الأمامي من المقاعد الحجرية(Cool، ولو ضرب ثلاثين ألف نعل بهذه الطريقة لأحدث خلخلة في أذني الممثل ما يؤدي إلى الخطأ في أثناء قيامه بالدور، ولذا من الأفضل له أن يترك المسرح، وهذا دليل على أن المتلقي الإغريقي كان يمتلك ذائقة فنية وجمالية بحيث يستطيع أن يميز بين الممثل الجيد و الممثل الردئ.. وهذا يعني أن المتلقي الإغريقي كان ينتج المعنى وكان له تصوراته الخاصة وله خبرة في ميدان التمثيل والنصوص الشعرية. 
ولا ننسى أن المسرح الإغريقي هو بداية لجمهور فعلي حيث برز وتميز برأي نقدي وإن جاء عفويا وبسليقة الذائقة وما يمتلك من تصورات بشأن التعبير الجمالي وبعامة فقد كان الجمهور من نوع خاص بالتحديد في أثناء مسابقات المسرحيات الدرامية التي كان يقدم فيها ثلاثة أعمال تراجيدية و واحدة ساتورية ويعقبها تقديم الهدايا أو وسام شرف للفائز بمثل هذه المسابقة.
ولو انتقلنا انتقالة سريعة إلى جمهور المسرح في العصر الأليزابثي الذين كانوا متأثرين في ما يكتبه الكتاب من مسرحيات مختلفة عن مسرحيات الإغريق، فإنّنا سنلاحظ اختلافا في ذائقة الجمهور عن جماهير المسارح الأخرى، لتغير المرحلة والظروف ومستويات وعي الظاهرة جماليا مضمونيا. وكان من أبرز خصائص هذا الجمهور هو تعطشه الشديد للمسرحيات. فقد تم بناء أربعة عشر مسرحاً في ذلك العصر (9) في مدينة يترواح عدد سكانها ما بين مائة ألف ومائة وخمسين ألف نسمة. إن إجمالي عدد المسارح يبلغ خمسة أو ستة أضعاف في أحدث المدن والتي كانت من نفس الحجم.
في العصر الأليزابثي لم يكن هناك جمهور من المتفرجين يمثل جميع طبقات المجتمع في حضوره الدائم، مثل هذا الجمهور، ولكن يمكن أن نستثني الجمهور الأثني من هذه المقارنة. فلقد توافد الجمهور اللندني بشكل كبير إلى مسرح شكسبير والذي كان يضم [النبلاء/المتسولين/نساء البلاط الملكي/البغايا/الجنود/الشعراء، وحتى تلاميذ الحرف الذين يسرقون الوقت من سيدهم ويذهبون لمشاهدة المسرحية]، ويدل هذا على أن المسرح بالفعل هو ظاهرة إنسانية اجتماعية مشتركة بين الجميع تلزمنا بعلاقة بين المسرح وجمهوره.
ومثل هذا الجمهور المتنوع في الثقافات و الأيديولوجيات يجعل ويطلب من الكاتب المسرحي خطابات مختلفة في مسرحية واحدة، كأن يتضمن الشعر أو المشاهد الهزلية أو الرومانسية أو مشاهد تتعلق بمصير البطل كما في مسرحيات شكسبير... و إلخ من أمور تتعلق بجمهور ذي ثقافات مختلفة.
إن من إحدى مطالب الجمهور الأليزابثي هو الحدث المقدم في إطار المآسي التاريخية(10) حتى ولو كان في إطار مسرحية جديدة الطراز، ومطلب آخر لهذا الجمهور يتضمن المواقف والمشاهد الهزلية في المسرحية، فإذا لم يتم ذلك فان الجمهور يغضب، بطريقة السخرية أو التصفير و قذف قشور الجوز على شباك التذاكر، كما حصل عند تعرض مسرح جلوب أو مسرح فورتشون لهذه الحال وهذا التفاعل الاحتجاجي. 
ومن طقوس أو أجواء الجمهور الأليزابثي في أثناء ذهابهم لمشاهدة مسرحية هو الاهتمام بالملابس الفخمة التي يستخدم فيها الحرير الغالي الثمن، وكان عندهم ولع بالألوان والاستعراض وكان هذا الطقس موجودا عند كلا الجنسين، وانعكس هذا الذوق في الملابس و الألوان على المسرح الأليزابثي، ما أدى بمن عُني بالاخراح المسرحي لأن يدفع أثماناً باهضة للخياط من أجل خياطة بدلة ذات مستوى رفيع للبطل(11)، وهذا يعني إشارة واضحة لأثر أو دور الجمهور في توجيه أحد مكونات العرض المسرحي وليجعل الاخراج يواكب ذائقة وأسلوب المتفرج في أبعد الأشياء تفصيلا، كما هو الحال مع الملابس والأزياء.
أما فيما يخص جمهور المأساة الكلاسية الجديدة في فرنسا وفي عهد لويس الرابع عشر الذي كان يلقب بملك الشمس، فكان هذا الجمهور يفوق الجمهور الحديث المتوسط في تطلعه الفكري وفي عربدته معاً، ما أدى عند هذا الجمهور إلى التشبع في وصف التحليلات الدقيقة لمشاكل السلوك البشري أو في تنحية وتوجيه الحالات العاطفية في المسرحية الكلاسية الجديدة وكان له رؤية حول المفهوم الاجتماعي للملهاة كما تجسدعند مولير غذا ما أردنا متابعة ملموسة(12).
إن العربدة من طرف الجمهور وعدم السماح لهم بالدخول إلى المسرح كانت تؤدي إلى خلق جو من الاضطرابات الشديدة في المسارح، ما تطلب أحيانا إلى استخدام القسوة والضرب الشديد ووصل في بعض الاحيان الإخرى إلى الطعن بالسكين أو الرمي بالرصاص من قبل النبلاء أو الضباط في أثناء تأديتهم الواجب(13).. ويدل هذا على مدى تعطش الجمهور للعرض المسرحي، وقد عدّ جمهور المسرح الملكي ذاك جمهورا غير مؤدب.
ومعظم الجمهور في المسرح الكلاسي الجديد في فرنسا كان يتألف من مواطني باريـس، وهم من طبقة متوسطة و ميسورة الحال، وكانوا يهتمون بالمسرح و المتعة المسرحية، و أدى هذا الاهتمام لدعم ست فرق مسرحية مختلفة عام 1661 تقدم كل واحدة منها ثلاثة أو أربعة عروض بعد الظهر من كل أسبوع(14)، وهذا ما استفاد منه كتاب المسرح واستثمروه.
إن ذوق هذا الجمهور لم يكن محصورأ في شكل واحد من الأشكال المسرحية، حيث هو الذي رأى لأول مرة مآسي كورنيه و راسـين، و أروع ملاهي موليير وفرقته المسرحية، وإن أرقى المتفرجين في تاريخ المسرحية و المسارح، هو الجمهور الأثني بالدرجة الأولى ومن ثم جمهور لندن في أثناء العهد الأليزابثي و عهد جيمس الأول ومن ثم الجمهور الباريسي في عهد لويس الرابع عشر(15).
هناك كثير من المتفرجين في التاريخ المسرحي ضمن العصر الذي عاشوا وتربوا فيه أصبح لديهم الذائقة والفهم الخاص للمسرحية، بحيث في كل عصر نجد جمهورا خاصا به وبتأثيراته، وهذا يعني ذائقة مختلفة لكل عصر وبطبيعة الحال فهذا الكلام منطقي جداً من وجهة نظري، و الأهم من كل ذلك السلوك و الوعي عند المتفرج أو المتلقي في كل عصر وأسلوب أو كيفية تلقيه المعنى ومشاركته في العرض المسرحي أو تأثير الكاتب الدرامي بالمتلقي كما هو الحال عند العصر الأليزابثي، ما يؤدي إلى وجود علاقة جدلية بين الفنان المسرحي و الجمهور، وباعتقادي فإن النص المسرحي يكتب في ضوء الجمهور المسرحي وأثره وبالارتباط بما يتعلق بالعصر الذي يعيشه فضلا عن بعض الفنتازيا...الذي يكون يتحدد ايضا بمفاهيم العصر، كيما يستطيع المتلقي الوصول إلى معنى وتفسيره للعرض الذي شاهده طوال العرض المسرحي.
إن ذائقة المتلقي تعتمد على البيئة و العمق التاريخي من طرف وعلى الخلفية الثقافية و المعرفية من طرف آخر وهما اللذان يكونان الوعي الإنساني "للمتلقي" وهذا يعتمد على نتائج بحث مجموعة دراسات تحليلية فلسفية تطبيقية، فمثل هذه الدراسات تكتشف دور المتفرج/المتلقي وطبيعته وعلاقته بالحدث المسرحي التي تعيِّن أو تشترط حدود العرض المسرحي، و كذلك لغة النص الأدبي(الدرامي) في نطاق العرض أو لغة نص العرض، التي تقع على عاتق المخرج بالدرجة الأولى وبخلفية تعود إلى المؤلف و يليهما الممثل الذي يحمل هذا الخطاب للمتلقي. يقول أ.د. فوزي فهمي حول المخرج ودوره في العرض المسرحي على [إن بروز دور المخرج و النظر إلى العرض باعتباره [كذا] الحيز الفعلي الذي يظهر فيه المعنى وليس مجرد ترجمة أو زخرفة للنص، ليس إلا مرحلة أولية في تطور فن المسرح يمكن تسميتها التحرر المطرد لعناصر العرض المسرحي](16). 
إن الحيز الفعلي الذي يتكلم عنه الدكتور فهمي يعتمد على نظرية الإرسال والتلقي اللتان تعتمدان على وجود طرفين الأول هو الفنان المسرحي(الممثل/المخرج/المؤلف/السينوغراف) إذ لكل واحد منهم أسلوب خاص والثاني هو المتفاعل و الذي له أسلوبه الخاص في فهم رسالة ولغة المرسل، حيث أن دور الفنان المسرحي يعتمد على نقاط جوهرية تتمثل بالتجسيد على الخشبة ضمن الفضاء المسرحي ودلالاته، كذلك قدرة التخيل لدى الفنان المسرحي الذي يساعده على توسيع ذاكرته الانفعالية، وأخيرا التعبير عن أيديولوجية النص الذي يصب في ذهن المتلقي الذي يبحث عن تفسيرات و معاني عديدة، وهذه النقاط تصب كلها في العرض المسرحي الذي يتناول موضوعة أو فكرة ما، والذي يكون العلاقة بين المرسل(الفنان المسرحي) و المتلقي(الجمهور/المتفاعل).
أما دور المتلقي(المتفاعل) فهو تفسير الإشارات و الشفرات التي يبعثها المرسل من خلال ما يجسده الممثل على الخشبة، ثم يقوم المتفاعل بتفكيك الإشارات أو الرموز باحثاً عن معنى. وبرأي الباحث هنا فإن العلاقة بين المرسل و المتلقي تعتمد على التأويل و التفسير، حيث أن التأويل عائد للفنان المسرحي وخاصة المخرج. ويعدّ التأويل جزءا مهما من العملية الإخراجية و الذي يعبر عن رؤية المخرج للنص وأسلوب العرض، وهو أيضاً الجزء من عمل الممثل في إعداد الدور و تفسير الشخصية لأجل تشخيصها.
إن الوظيفة الأساس للتأويل تصب في عملية التلقي وتلقي المتفرج للعرض المسرحي، خاصة أن العرض المسرحي متكون من مجموعة نظم علاماتية دلالية، وهذه الأنظمة تعتمد على الفضاءات المفتوحة فتأخذ فكر و ذهن المتلقي إلى عالم خارج المسرح مرتبطة بالواقع المعاش والحالات النفسية و الاجتماعية و السياسية.....إلخ، وهذا يعتمد على مدى ثقافة المتلقي وخلفيته التاريخية.
المتلقي ينتظر ما يقدمه له العرض المسرحي، حيث تتدخل عمليات عديدة مثل الإدراك و الإحساس ومن ثم المعنى والخزن في ذاكرة المتلقي، المتأثرة بالجو العام للمسرحية من خلال اللغة التي تكون إحدى وسائل الاتصال بين المرسل و المتلقي بحيث يكون لها طابع اختزالي مكثف .
إن تنظيرات السيميولوجيا حسب قول باتريـس بافيس تنطبق أساسا على اللغة وذلك لتأثرها البالغ بالبنيوية، التي تسعى إلى توصيف الوحدات الأساس التي تكوِّن نصا ما و التي تكون ضمن مجموعة تحاليل لتنظيم هرمية العرض المسرحي المتمثلة بوحدة الزمان و المكان المتطورة على يد مبدعيه، وحيث المتفرج يتجاهل بنية هذه الهرمية على الرغم من أنه الشخص الوحيد القادر على إدراك البنية الهرمية و عملية إنتاج المعنى و إرساله.
إن الفنان المسرحي هو الذي يجعل المتفرج يفكر بالمعنى و يدفعه كي ينهض بتفسيره، ذلك لأن دور الإرسال يقع بشكل كبير على عاتق الفنان المسرحي الذي يدير اللعبة ضمن لغة خاصة تحتوي على مجموعة نسق دلالية مركبة في فضاء العرض، وهذا الذي يشكل جدلية العلاقة بين المرسل و المتلقي، وإن المتلقي له جزء قليل لإرسال المعنى وذلك من خلال ردود أفعاله في أثناء العرض المسرحي.
ففي التلفظ المسرحي تتداخل كل العناصر المسرحية و الدراماتورجية التي تساعد على إنتاج المعنى و التلقي، حيث يقول (دوكرو)(17) في التعبير المسرحي و توزيع الأدوار (العلاقة بين المسرح وعلم اللغويات "الخطاب" في الاتجاه المعاكس لتصف استخدام الكلام) وفي الإخراج يقول (الحاجة إلى ماهية المتحدث و المخاطب واعتبار [كذا] الإخراج الدرامي تلفظا مسرحياً شاملاً)، في طبيعة الحال إن الخطاب موجه إلى فرد أو مجموعة ، فمن خلال تفسير نبرات المرسل وحركات جسده (الوجه بالتحديد) يتم تحديد شكل الخطاب فمثلاً أن اقول أين محمد؟ فيمكن قول هذه العبارة التساؤلية بأساليب متعددة في أثناء الخطاب أما بصيغة الترجي أو الأمر أو الاستخفاف....إلخ، ويمكن توظيف عبارة أين محمد بأساليب عديدة ومختلفة كما نلاحظها في فلم الرسالة للمخرج مصطفى العقاد، وعلى المتلقي تفسير العبارة وذلك عبر المشاهد و ربط الأحداث بعضها مع بعض.
إن المثال أعلاه الذي ذكرته يقع ضمن التداولية والتي تعد من أحدث الاتجاهات المتعلقة بدراسة الأدب و الظواهر النفسية بصفة عامة، حيث أن التدوالية تجمع بين مجالات عديدة تتشابك مع بعضها مثل نظرية أفعال الكلام والتي تقوم حسب رأي أرسطو على كل جملة ذات دلالة، أما الفيلسوف الألماني توماس رايد فيطرحها على شكل مجموعة عمليات اجتماعية أو أفعال اجتماعية، وهناك تحليلات و آراء مختلقة حول نظرية الأفعال وأهمها كتاب بوهلر(نظرية اللغة) الذي يسلط الضوء على الوظائف المتعددة للغة منها التمثيل/التعبير/الابتداء(18).
ونظرية التخيل هي الأخرى تقع ضمن التدوالية، كذلك قواعد المحادثة و الحوار التي تستند على المتلقي المستمع المتلقي. أما في المسرح فإن مفهوم التداولية تختلف عما يدرجها اللغويون ضمن تخصصات علم الدلالة مثل(الإحالة و الصيغة ......الخ)، ففي المسرح يكون فهم التدوالية على أنها تحليل الخطاب الدرامي من خلال دراسة معنى و استخدام مفردات الحوار ودراسة ماهية و أسلوب المتحدث أو المخاطب، و للتداولية استخدامات عديدة ضمن البيئة المسرحية* ، آخذةً بنظر الاعتبار النص و طريقة استخدامه و الأفعال المنجزة من خلال النص، واصفا الدراما بأنها جنس أدبي مدروس ضمن معايير نصية متفق عليها مثل الحوار و استخدام ضمير المتكلمين من طرف المتحدثين، كذلك الصراعات المبنية على تصرفات الشخصيات و تطور الفعل الدرامي
إن ما يتعلق بنظرية الإرسال و التلقي كاتجاه جديد في المسرح تقع ضمن قراءات و تطبيقات أدبية فلسفية ومصادرها من جهة و أيديولوجيات مختلفة من جهة أخرى التي تشمل مواضيع عديدة و مختلفة منها ما يتعلق ببنيوية اللغة و الهيكل الدرامي من ناحية التجسيد على الخشبة وإظهار القيم الجمالية لفعل التلقي أو الإرسال ومدى فاعليتها من حيث العلاقة بين النص الدرامي و نص العرض، كذلك رصد وظيفة الدلالات و العلامات داخل العرض المسرحي الذي يتم من خلال الناقد المسرحي و ليس المتلقي العادي في أغلب الأحيان ، حيث أن المتلقي العادي يأتي لمشاهدة العرض المسرحي لمجرد الترفيه أو التعليم أو المتعة.....إلخ، أما بالنسبة للناقد المسرحي فيختلف وجوده في العرض المسرحي و الذي يقوم بتحليل و تفسير النص من جهة وكذلك البحث عن بدائل للفنان المسرحي في حالة وجود خلل في العرض المسرحي أو هو يبحث بشتى الوسائل عن الخلل في الخطة الاخراجية أو أداء الممثل على الخشبة أو نص المؤلف ، ولكن كل هذه الأمور تحصل ضمن إطار فني جمالي لا يمكن الناقد المسرحي تجاوزه، من حيث أن يضع العمل المسرحي لموقف معين بكل ما بذل من جهود و طاقات الى خانة النقد التقني أو الأيديولوجي. 
يقول باتريس بافيس(19) (إن درجة إنقرائية** النص وتوجيه القارئ للنص يعتمدان بدرجة كبيرة على معرفة هذا القارئ بالمعايير الأدبية و الاجتماعية)، ولكن ألا تدل هذه الجملة على بحث عن قارئ خاص له خلفية أدبية ثقافية عالية يختلف عن القارئ ذي الإمكانات المحدودة أو الذي يجهل القراءة ؟ ثم ان مفهوم الانقرائية لها محل ضمن السياق الأدبي للنص ويختفي أثرها حالما يتجسد النص على الخشبة، وخاصة عندما تكون المشاهد الأدبية تترجم إلى مشاهد بصرية (أي لغة درامية بصرية) يخفي فيها آثار القارئ و تظهر آثار المتفاعل الذي يشمل جمهورين لهما خلفية ثقافية عالية وجمهور ذات الامكانيات المحدودة...... ففي مسرحية الفنان قاسم محمد (بغداد الأزل بين الجد و الهزل) يتم المشاركة بين نوعين من الجمهور الذي ذكرته، حيث يخرج النص الأدبي من طوعية الكاتب المؤلف ويدخل النص إلى طوعية المخرج المعد على شكل نص العرض وما يحتوي من مشاهد بصرية تجسد بوساطة (وعبر) الفنان المسرحي بحيث تكون عملية الإرسال و التلقي على شكل ذبذبات متبادلة بين المتفاعل و الممثل.
إذن الإرسال و التلقي يتعلق بمجموعة تطبيقات عملية و نظريات و أيديولوجيات ومجموعة من الأبحاث ضمن دراسة مستقلة تتعلق بجمالية العرض المسرحي و تكويناتها بكل نواحيها التي تتعلق بجمالية الإرسال عند المخرج و جمالية التلقي عند الجمهور الذي يكون ضمن فعل المشاهدة لتحقيق حركة المتلقي و كذلك تفعيل التخيل و البعد الأيديولوجي عند المتلقي من خلال بنية الأفعال اللغوية و أفعال الكلام لصنع خطاب جديد ، بحيث تؤدي إلى قراءة جماعية لها عمق تاريخي و فهم للحاضر و رصد المستقبل، حيث يتم فيها توازن بين العرض و التلقي وكذلك إنتاج معنى للمتلقي/المتفاعل.
يحلل الدكتور فهمي نظرية الهرمنيوطيقيا(20) بمعناها الحديث ويحددها على أنها: نظرية لتأويل رموز لغة أدبية لعناصر ثقافة ما، وبناء شكل العلاقة بين النص و المرجعية، معبرا عنها على شكل معطيات غير اللغوية للخطابات بشروط القراءة و الانتاج مستخدماً سياق سوسيوـــ تاريخي الذي يدرجه ضمن سياق الفهم في محاولة استخلاص معنى متجدد والهدف منها إعادة بناء تصور الأشياء، و إنتاج رؤية للعالم، ويصل إلى فهم قراءة عالمة ترفض[النمذجة] و تحرر الإبداع و النقد من أوهام الحقيقة. وبرأي هذا التحليل، بحسب الدكتور فهمي، الأمر موجه إلى العالم الديني و الإسلامي على وجه التحديد لأولئك الذين يرفضون القراءة التحليلية للكتب السماوية المقدسة و محاولة إنتاج المعنى من جديد على يد فلاسفة و علماء مختصين في هذا المجال، وليس على يد رجال الدين الذين يترجمون النص المقدس ضمن رؤية دينية متعلقة بالفنتازيا و اللاهوت.
إن المنهج الهرمنيوطيقي يتعلق في طرق التفسير المخصوصة بمجال العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، ويعد هذا المنهج بمثابة ما بعد الحداثة، على الرغم من أنها ارتبطت بأساليب التفسير الفنية للكتب الدينية أو شرح صفحات منفردة من الإنجيل و الكتب المقدسة و الكتب الكلاسيكة، إلا أنه أخذ مجالا أوسع للعلوم الاجتماعية وإتاحة الفرصة للمسرح من خلال تطوير الفلسفة والأنثروبولوجيا(علم الإنسان)...
ففي الاتجاه الادراكي لتطبيقات العلوم و الفنون يقول إيلينور شافر: (إن الإنجيل ليس نصا منزلا أو موحى به بصورة فريدة ، بل انه ذاته نص له طابع أدبي) فالانجيل و الكتب المقدسة للأديان هي نص أدبي ضمن طقوس وتراتيل دينية غير مفسرة طالما ظلت أسيرة الطقوس هذه، لذا نرى في المسرح تفسيرات و تأويلات لهذه النصوص بلغة دلالية مكثقة ترتبط بالدراما كوسيلة للتفسير و-أو التأويل، وخاصة أن علم الهرمنيوطيقا هو ذلك العلم الذي يسمح بإيضاح الأمور الغامضة المخفية تحت عباءة الدين و التاريخ ، ثم يعمل هذا المنهج على تحديد و تفسير معنى جديد للنصوص القديمة ضمن سياق أدبي جمالي رفيع، والذي بنظري يحتاج إلى جرأة عالية من قبل الباحث، بشكل عام إن الهرمنيوطيقا هي دراسة لتاريخ الأفكار والحالات الاجتماعية و الانسانية و الانتقال من نمط تفكيري إلى نمط آخر مختلف نوعيا.
لقد قدم هيردر(21)الذي هو أحد أعلام التنوير في ألمانيا، تفسيرات و مبررات جديدة لبعض النصوص الشكسبيرية(مسرحية الملك لير)، وكما نقد بشكل جديد روح العصر و الذي يفكر بإعادة الصياغة التاريخية الجديدة بحيث يكون مفهوماً للقارىء الحديث(الجيل الحديث). أما محاولات فريدريك شيللر فهي أيضا تقع ضمن تفسيرات جديدة للكتب الدينية و الميثيولوجيات، أي أن جميع الفلاسفة و الكتاب كانوا يحاولون أن يجدوا تفسيرات و مبررات جديدة تلائم العصر الذي يعيشون فيه وكانت هناك أيضا بعض الرؤى المستقبلية للمجتمع الإنساني في أوروبا وهذا ما أدى إلى التقدم الثقافي في البلدان الأوروبية، على عكس البلدان الشرقية(العربية) فمن الصعب التكلم عن الهرمنيوطيقا في إطار الحديث في النص القرآني وتفسير معاني الكلمات و القصدية من لغة القرآن على وفق هذا العلم.
الهرمنيوطيقا هي في الخلاصة شكل من بناء النص و هدمه وبنائه من جديد ضمن سياق تاريخي فلسفي أدبي ومفهوم العصر الحديث، هو علم لتأويل النص وفهمه، ولقد ركز فيلهيلم ديلثي على البعد التاريخي لتفسير المفاهيم الإنسانية و الاجتماعية المعاشة، ولكن الظن أنه يمكن أن يكون قد نسى البعد النفسي و البعد الطبيعي، وهذان البعدان مرتبطان ارتبطاً وثيقاً بالخيال و كذلك تفسيره للخيال في حقبة زمنية ما، كان فيها الوعي البشري في مستوى بسيط من اللغة و الفكر، وحيث الفن حسب قول استانسلافسكي "هو نتاج الخيال كما ينبغي أن يكون عمل كل كاتب مسرحي ، وينبغي أن يحصر هدف الممثل في استخدامه مهارته الفنية لتحويل الرؤية الى واقع مسرحي"(22)
إن ما أشير إليه من خلال هذه المقولة هو مفهوم الفن بجميع أشكاله وخاصة فن الكتابة المسرحية ضمن السياق التاريخي ويجب ربطها بالبعدين النفسي و الطبيعي ومن ثم ربطها بعلم الهرمنيوطيقي الذي له منحى تأويلي وربطها بالواقع مسرحي.
يذكر إيلينور عن تجربة ديلثي في مجال الهرمنيوطيقا "أن كل مواقف الحياة إذا فهمنا طبيعته فهماً تاماً، يماثل شكلا من الأشكال الفنية. وقد عرف هذا بأنه الصيغة الكامنة في العقل". لكنني أرى بأن هذه المواقف الحياتية تساق ضمن المحاكاة للكلمة/الظرف التاريخي/ للانسان نفسه الذي يعبر عن الاحداث الكبرى ضمن واقع تاريخي معاش،وهذا الواقع تكتشف من خلال تجارب و تحاليل وبحوث،مما يؤدي الى المفهوم الدرامي و البنية الدرامية من خلال الواقع المعاش.
إن الدراما في المسرح هي ذلك الفعل الذي يمكن له تجميع الماضي بالحاضر وبالرؤية المستقبلية في لحظة معينة عبر الأحداث و الصراعات، فيرى هيجل(23) أن اشكال الوعي هو الذي يسيطر على الدراما في الأدب الحديث من خلال منظور تاريخي يصور التتابع الديناميكي لأشكال الوعي، ويرى جورج لوكاش(24) بأن تاريخ الدراما الحديث بالتفصيل في ضوء المبدأ التفسيري الذي نادى به ديلثي، وهو أن الإنسان يعرف نفسه من خلال التاريخ و ليس من خلال الغوص في أعماق ذاته، كما يرى ريموند ويليامز (25)في المأساة الحديثة (إن الأزمة الأعمق في الأدب الحديث هي تقسيم التجربة على فئتين، اجتماعية و شخصية. ///فالمأساة الاجتماعية يتحطم فيها الناس بفعل القوة والفاقة، وتدمر فيها حضارة أو تدمر نفسها، وهناك المأساة الشخصية: حيث يعاني الرجال و النساء ويتدمرون من خلال علاقتهم الأكثر حميمية، ويدرك المرء مصيره في مجتمع بارد حيث الموت و العزلة الروحية المطلقة أشكال بداية للمعاناة و البطولة). 
ولذا نرى آراء و أفكار يبدو كأنها جديدة ، ولكن هي في الأصل موجودة ضمن الوجود البشري في الكون، لكن العملية البحثية و التفسيرية والتأويلية لرسم الأشكال الأدبية هي التي نضَّجت هذه الأفكار من خلال الوعي البشري ضمن دراسة خاصة تسمى الهرمنيوطيقا التي يعرفها شافر (بأنها ذلك العلم الذي يسمح بإيضاح الأمور الغامضة و إزالة التشويهات التي قد تنجم عن تقادم العهد بعبارة ما قيلت في الماضي) وهذا التعريف أثبت صوابه حتى اليوم.
ورداً على فكرة تيرنر(26) عن أنثروبولوجيا العرض على أنها جزءا من أنماط العروض الثقافية* تشمل الطقوس و الاحتفالات، و الكرنفالات، والمسرح و الشعر. فأولا إن المسرح و الدراما لا يقعان في خانة الطقوس و الاحتفالات الدينية، وثانياً إن الطقوس و الاحتفالات و الكرنفالات لها طابع ديني أكثر مما هو ثقافي، والطقوس الدينية المعادة في كل سنة هي مكررة ولا تضيف شيئاً من الثقافة للمتلقي المثقف و حتى غير المثقف، إذا كان ضمن مجتمع مسيحي أو إسلامي أو أي دين لمجتمع آخر. 
أما لو أردنا الحديث عن العروض الثقافية، فهي تلك العروض التي تتمثل بالإبداع وخلق كل ما هو جديد، وغير متعارف عليه من قبل، ومن ثم نتثقف من خلال هكذا نوع من العروض يمكننا التسلح بالثقافة، كما نستطيع القول إنه يمكن توظيف الطقوس و الاحتفالات ضمن الدراما و المسرح ولكن ان وضعنا في العرض قيما جمالية تظيف شيئا جديد للمتلقي على أن نتحرر من شكلها الطقوسي و الكرنفالي.
ولذا أرى أن الهرمنيوطيقا تظل ذلك العلم الذي يتحمل المزيد من البحث و القراءة في مجال العلوم الإنسانية و الاجتماعية. وفي نهاية بحثي الموجز أقول إنني حاولت إضافة شيء للمسرح وللدراسة المسرحية ضمن رؤى و أفكار قد تتفق أو تختلف مع القارئ ، و لربما فاتتني قضايا لم أتطرق إليها بما ينضج ويستكمل جهدي المتواضع بسبب عدم توافر المصادر العربية الكافية هنا في بلدان المهجر ولأسباب أخرى متنوعة. 

المصادر
1- المسرح العراقي القديم/تأليف: محمد صبري صالح/مراجعة وتقديم:د.عبد المرسل الزيدي/مطبعة المعارف/السنة 1991/ص47.
2- المصدر1 نفسه/ص75.
3- المصدر1 نفسه/ص76.
4- الظواهر المسرحية عند العرب/علي عقلة عرسان/الطبعة الثالثة/مطبعة اتحاد الكتاب العرب 1985/ص17.
5- المصدر 4 نفسه/ص18.
6- المصدر 4 نفسه/ص18/19.
7- المصدر1 نفسه/ص75/76.
8- فن المسرحية/فرد ب.مــيليت & جيرالد ايدس بنتلي/ترجمة:صدقي حطاب/مراجعة:د.محمود السمرة/نشر: الاشتراك مع مؤسسة فرنكلين للطباعة و النشر/بيروت-نيويورك/السنة 1966/ص65
9- المصدر 8 نفسه/ص115.
10- المصدر 8 نفسه/ص118.
11- المصدر 8 نفسه/ص120.
12- المصدر 8 نفسه/ص128.
13- المصدر 8 نفسه/ص129.
14- المصدر 8 نفسه/ص130.
15- المصدر 8 نفسه/ص131.
16- جمهورالمسرح نحو نظرية في الانتاج و التلقي المسرحيين/تأليف:سوزان بينيت/ترجمة:سامح فكري/مراجعة:أ.د. نهاد صليحة/تقديم:أ.د. فوزي فهمي/اكاديمية الفنون وحدة الاصدارات مـــسرح (4)/ص40.
17- إتجاهات جديدة في المسرح/تحرير:جوليان هيلتون/ترجمة:د.امين الرباط & سامح فكري/اكاديمية الفنون وحدة الإصدارات مسرح(7)/الطبعة الثانية 1995/ص84.
18- أنترنيت http://www.doroob.com/?p=8069.
19- المصدر 17 نفسه/ص74.
20- المصدر 16 نفسه/ص 12.
21- المصدر 17 نفسه/ص164/165.
22- إعداد الممثل/قسطنطين ستانسلافسكي/ترجمة:د.محمد زكي العشماوي & الفنان محمود مرسي/مراجعة:درني خشبة/دار النهضة العربية للطباعة و النشر –بيروت/ص69.
23- المصدر 17 نفسه/ص175.
24- المصدر 17 نفسه/ص175.
25- المأساة الحديثة/تأليف :ريموند ويليامز/ترجمة:د.سميرة بريك/مطبعة وزارة الثقافة و الارشاد القومي/دمشق-1985/ص193.
26- المصدر 17 نفسه/ص180
الهوامش

* البيئة المسرحية استخدمت هذه المفردة التي بنظري لها منحى فني فكري ثقافي تتعلق بكون العرض المسرحي و لغاته تقع ضمن البيئة المادية الملموسة للعرض المسرحي بعد المشاهدة، وهذا لا يعني بأني أرفض الفضاء المسرحي أو الجو العام للمسرحية.
**الانقرائية:هي التي توجه عملية التلقي من خلال إدراك الآفاق غير المحددة و تلك المحددة، تتمثل في عملية أخرى جدلية تنطوي عل ثنائية التوجيه/اللاتوجيه، ومن ثم يمكن تشبيه مفهوم الانقرائية بأخذ القارئ في نزهة داخل النص و السير في أرض النص ممهدة تعقب بأخرى غير ممهدة وهكذا./ الاتجاهات الجديدة في المسرح/ص 74.

تابع القراءة→

الخميس، أبريل 07، 2016

أثر اتجاة الباوهاوس على العروض المسرحية / راندا طه

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, أبريل 07, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


       الباوهاوس Bauhaus  اسم أطلق على معهد العمارة والفن، و تعني «بيت العمارة» ، أسسه المعمارى فالتر غروبيوس    Valter Gropius في مدينة فايمار Weimar في ألمانيا عام 1919. و حاولت ربط وتوحيد كل أشكال الفن  ، والتى عبَّر عنها جروبيوس  Walter Gropius بقوله "كاتدرائية الاشتراكية cathedral of Socialism " ، قام اتجاه الباوهاوس فى ألمانيا كاستجابة للتغيرات فى التكنولوجيا والحياة المعاصرة ، وتأييداً للتغير فى مشاهد الفن، واحتوى على محترفات فنون الأعمال اليدوية والعمارة والفنون التشكيلية والمسرح واشتهر بإسهاماته الكبيرة في تطوير العمارة والفن التشكيلي وابتكاراته في استخدام مواد البناء مع عنايته بوظيفة البناء أكثر من الزخرفة، وجمعه بين التقنية وجمال التصميم وعدم التفريق بين الفنون الجميلة والفنون التطبيقية، كما كان له إسهامه في تطوير صناعة الأثاث وتجديد مفهومه.   
      تجمع مدرسة الباوهاوس ما بين الاتجاه  التكعيبية والتعبيرية. كما أنها قد تأثرت بأفكار الفنان الإنجليزي وليم موريس من ناحية محاولة الدمج بين الحرفة والفنون الجميلة.فيقول “د. أسعد عرابي” عن أهميّة مدرسة "الباوهاوس"، وتأثيرها على اتجاهات فنية أخرى، و ظهور تعاون الفنون في أعمال أتباع هذه المدرسة، في سياق حديثه عنها: [ترعرعت ما بين الحربين، قبل أن يهاجر بعض أعمدتها إلى الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولتلعب دوراً محرّكاً- بتعاليمها وعقائدها التربويّة- في دفع الاتجاهات الهندسية والاختصارية للإقلالية   (Le Minimalisme)، ثم ترتد موجاتها إلى محترفات الشاطئ الأوروبي من جديد خاصة إلى إنجلترا،و اعتمدت هذه المدرسة على إعادة توحيد الفنون حول العمارة واندماجها في النسيج الحضاري والبيئي .    
درست الباوهاوس العلاقة بين الإنسان والفضاء من خلال عدد من المصممين أمثال" أوسكار شليمر  Oskar Schlemmer"، وشَكَّل ذلك نقطة البدء للرسوم التجريبية والتى أثرت على عناصر المسرح للمصممين والمخرجين والراقصين ، كالفضاء واللون والشكل والضوء والحركة والصوت واللغة . فمثلاً فى عام 1920م قدم "شليمر" عرض "رقصات الباوهاوس" والذى تقلص فيه الشكل الإنسانى ليتحول إلى نموذج مثالى من خلال الأقنعة. ومن رواد الباوهاوس "موهوللى ناجى  Laszlo Moholy-Nagy"  الذى تخيل معماراً مسرحياً ديناميكياً تماماً يعتمد على أساس من الجسور المعلقة والمتحركة نحو الأمام والخلف وأشكال مختلفة فضائية، وأجهزة تتحرك وتدور ومنصات فى كافة أجناب المسرح. كما أثَّر عنصر الحركة على اتجاه "الباوهاوس Bauhaus" فى العروض المسرحية ،  وهَدَفَ اتجاه الباوهاوس لخلق عمارة وفن مرجعهما المشاكل الاقتصادية والاجتماعية فى ذلك الوقت ، وأرادوا وصف سيادة الآلة فى العالم الحديث وانتصارها على الطبيعة ، من خلال أشكالهم الهندسية كالمربع والمستطيل والمواد المختلفة كالألومنيوم والنايلون والأسلاك والبلكسى جلاس والورق المقوى وغيرها  .  

 -  http://www.arab-ency.com/_/details.php?full=1&nid=3078
 -  http://www.marefa.org/index.php/%D8%A8%D8%A7%D9%88%D9%87%D8%A7%D9%88%D8%B3
 - Exploring Movement. The Modern Paradigm & Kinetism. (www.annapujadas.cat/CSIM/context/textos/modern.pdf
تابع القراءة→

السينوغرافيا البنائية للعروض المسرحية للمخرج فسيفولود مايرهولد Vsevolod Meyerho ld / راندا طه

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, أبريل 07, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

 ظهر اتجاه "البنائية  Constructivism " فى روسيا عام  1919م  ، كنتيجة أو تحول من المستقبلية الإيطالية، واعتمد على التكوينات والتركيبات التى تساعد الممثل على أداء دوره[- http://en.wikipedia.org/wiki/Constructivism_(art)] . وتدفقت عروضهم الحركية من خلال تصاميم متماسكة ، وكانت رؤيتهم للمسرح أنه بوتقة crucible تستخدم لتطوير البيئة البصرية الملائمة للتعبيرعن الطريقة الجديدة للحياة. 
ومن أهم روادها " فسيفولود مايرهولد Vsevolod Meyerhold"(1874-1940م) وهو ممثل ومخرج ومدير ومُنظِّر مسرحي روسي - سوڤييتي، وأحد رواد فن الإخراج المسرحي الحديث عالميا، ولد في مدينة بنزا،ومات في المعتقل في موسكو. درس الحقوق في جامعةموسكو مدة عامين (1895- 1896)، ثم انتسب إلى قسم المسرح في المعهد الفيلهارموني . اسس مايرهولد عام 1903 فرقته الخاصة باسم «جمعية المسرح الجديد» وقدم عروضها في عدة مدن روسية، إلى أن عاد عام 1905 إلى موسكو حيث أسس «المحترف التجريبي الأول»في إطار «مسرح الفن»، ثم اخرج للممثلة الشهيرة كوميسارشفسكايا Kommisarshevskaya في عام 1906 أعمال فرقتها المسرحية في بطرسبرغ Petersburg. ، ثم بدأ فى عام 1908 العمل في المسرحين الامبراطوريين ألكسندرينسك  ومارينسكي ،و أخرج مسرحيات كلاسيكية وأعمالاً أوبرالية، وشرع في الوقت نفسه بدراسات معمقة حول تقاليد المسرح العالمي كالصيني والياباني، والفرنسي والإسباني في القرن السابع عشر، إضافة إلى الكوميديا ديلارتِه ومسرح المنوعات ونشر نتيجة دراساته هذه عدة مقالات في (فن المسرح). [-  http://www.arab-ency.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D9%88%D8%AB/%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%AE%D9%88%D9%84%D8%AF-%D9%81%D8%B3%D9%8A%D9%81%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AF-%D8%A5%D9%85%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%AA%D8%B4  -
]
منذ بدايات العمل الإخراجي تبدت خصائص الرؤية الإخراجية لمايرهولد في معاداته السافرة للمذهب الطبيعي، وبحثه عن وسائل جديدة للتغلب على الأشكال المسرحية التي تهدف إلى مطابقة الواقع بيئياً، فأخذ يؤكد في أعمال «المحترف التجريبي» مبدأ «الشرطية» ، والتعميم والترميز. فقد رأى: «أن نؤسلب عصراً أو ظاهرة ما يعني أن نبرز بجميع الوسائل تعبيرية التركيب الداخلي لذلك العصر أو تلك الظاهرة، وتصوير سماتها الداخلية المميزة». وطبق الأسلوب الانطباعي Impressionist مستخدماً اللون كنغمة دالة رئيسية، واستغنى عن الستار والأضواء الأمامية، ليحل مكانها البروسينيوم  (مقدمة خشبة المسرح البارزة)، واستخدم الأحجام المجسمة والسرد الملحمي البعيد عن. [-  http://www.arab-ency.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D9%88%D8%AB/%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%AE%D9%88%D9%84%D8%AF-%D9%81%D8%B3%D9%8A%D9%81%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AF-%D8%A5%D9%85%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%AA%D8%B4]
كان أول عرض بنائى للمخرج " فسيفولود مايرهولد  "  وتصميم المصممة " ليوبوف بوبوفاLyubov Popova  " بإسم" الديوث السمح The Magnanimous Cuckold " عام1922م ويحكى عن طحان يكتشف أن لزوجته عشيق . والمشهد تصميم بنائى أشبه بماكينة فى حالة حراك ذاتى بما يجبر الممثلين على اتخاذ طريقة أداء ميكانيكية تتفاعل مع حركتها ، وألغى "مايرهولد" فى العرض الستائر الأمامية والمحددات الرأسية والأفقية للمشهد ، وفى المنتصف وضع الهيكل البنائى الأفقى الأشبه بالمطحنة المقسمة لمستويات أفقية متعددة تتصل مع بعضها بسلالم مما سمح بقدر أكبر من توالى المشاهد بدون انقطاع ، واستخدم الأقراص الدوارة وأشرعة طاحونة الهواء والمنحدرات وجسر وأبواب دوارة وسلالم خشبية ، وسقالات وعجلات تدور بسرعات مختلفة فى لحظات محددة بالعرض ، ويقوم الممثلون بالحركة والقفز وسط الإضاءة بشكل أشبه براقصى الأكروبات[- James Roose - Evans, Experimental Theatre from Stanislavsky to Peter Brook, Great Britain, Routledge, 4th edition, 1996, p28-29.] ، وأزياء الشخصيات هى زى العمال overall ، ومزج المخرج بين الأكروبات والإيماءات واستوحى فكرته من حركة الروبوت فيما يسمى بـ"البايوميكانيك biomechanics"[- http://www.moma.org/collection/details.php?theme_id=10955§ion_id=T019195]  . ورؤية "مايرهولد" هى أن حقيقة الإنسان وعلاقاته وسلوكه لا يُعَبَّر عنها بالكلمات ، وإنما بإيماءاته وحركاته المختلفة [- Gunter Berghaus , International Futurism in Arts and Literature, Walter de Gruyter, Sep 2000, Vol.13, p93.].
 واعتُبِر "مايرهولد" واحداً من أوائل المسرحيين في القرن العشرين الذين نادوا بنقل الإضاءة من الخشبة إلى قاعة المشاهدة مع مساواته لأنظمة الإضاءة و أنظمة الصوت في القوة والدرجة، فالضوء- فى نظره -  يمتلك إيقاعاً كما في الموسيقى، وابتكر بناء مساحة مسرحية جديدة تنحو نحو هجر الأنماط التقليدية لمسرح العلبة الإيطالي مع مناداته بإلغاء الجدار الرابع، وركز فى مسرحه غير التقليدى على الحضور الفيزيائى والرمزى فى مشاهده ، وكان من المتحمسين للرمزية فى المسرح- أول الامر- إلا أنه تحول إلى تصميم المشهد بشكل "بنائى Constructivism" واستخدم تأثيرات السيرك فى عروضه [- http://en.wikipedia.org/wiki/Meyerhold ]، وعبَّر عن مفاهيمه بالتقنيات والآليات المبتكرة فى ذلك الوقت كعنصر سينوغرافى فى عروضه بنائية الاتجاه . 
وفى عام 1922 م ، استخدم  "الرافعة " crane  بمسرحية "كفاح وانتصار السوفييت" فى الهواء الطلق ، و فيها قام المصممان "فسنين" و"بوبوفا" بتصميم قلعة رأسمالية ومدينة المستقبل ، وكانت القلعة ذات طابع حربى أما مدينة المستقبل فكانت على هيئة أقواس وهياكل معدنية وعجلات وسيور ،أعمدة وكابلات ورافعات ، كنموذج معمارى مستقبلى لمدينة المستقبل ذات الماكينات المتحركة دائماً ، وظهرت فى العرض فرق للمشاه والطائرات والدبابات والمدافع . كما صممت "بوبوفا" رافعة محمولة على جسر متحرك فى وسط المسرح  فى عرض "الأرض الماعزية" لمايرهولد ، بالإضافة لعناصر سينوغرافية أخرى من شاشات عروض معلقة فى رافعة وسيارة وجهاز عرض وكاميرا سينمائية وأفلام وشرائح ملونة ودراجات هوائية وملصقات معلقة على جرار زراعى[ - روسا دى دييجو.  التكنولوجيا والمسرح . ترجمة خالد سالم . مركز اللغات والترجمة أكاديمية الفنون . مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى .2007 .ص155-156.].و فى عروضه اللاحقة كما فى عرض" Ring Master "حرك "مايرهولد" ممثليه كعرائس الماريونيت ، واستخدم الأبنية المتنقلة والحوائط المتحركة والشاشات والأقراص الدوارة المقسمة لحلقات والتى يمكن لكل حلقة منها التحرك باستقلال ، وأراد من ذلك خلق الإحساس باستمرارالحركة بشكل مقارب للسينما[- James Roose - Evans, Experimental Theatre from Stanislavsky to Peter Brook, Great Britain, Routledge, 4th edition, 1996, p29. ] . 
وفى عرض " المفتش الحكومى The Government Inspector " عام1926م، قام  "مايرهولد" بعمل تغيير فى النص وعَدَّل فى أماكن الحدث ، والمشهد عبارة عن منصة شبه دائرية ، لها خمسة عشر باباً وتدور الحركة الرئيسية فيها فوق أحد المستويات بالمشهد، وأثناء العرض تنفتح الأبواب الخمسة عشر بشكل مفاجىء ويظهر من خلال كل باب ضابط يطلب رشوة ، وبنهاية العرض ينزل ستار أبيض ليعلن بالأحرف الذهبية عن وصول المفتش الحقيقى [- James Roose - Evans, Experimental Theatre from Stanislavsky to Peter Brook, Great Britain, Routledge, 4th edition, 1996, p29. ]. 
وبعام 1922م عُرض أوبريت كوميدى بنائى بإسم" Girofle-Girofla " ويحكى عن سوء فهم يتورط فيه توأم  ، والمشهد عبارة عن سلالم مطوية ومرايا دوارة وفتحات سحرية[- http://en.wikipedia.org/wiki/Alexander_Tairov].كما قُدم عرض بنائى آخر عام  1923م بإسم "الرجل الذى كان الخميس  The Man who Was Thursday" للمصمم المعماري "فسنين Aleksander Vesnin " ، والمشهد عبارة عن تصميم معمارى هيكلى معقد يمثل المدينة الحديثة من خلال عناصرها المميزة كالسقالات والمستويات والمصاعد والإضاءة النيون والملصقات الإعلانية[-http://www.moma.org/collection/details.php?theme_id=10955§ion_id=T019195 ].

- Gunter Berghaus , International Futurism in Arts and Literature, Walter de Gruyter, Sep 2000, Vol.13, p93.
http://en.wikipedia.org/wiki/Meyerhold 
 - روسا دى دييجو.  التكنولوجيا والمسرح . ترجمة خالد سالم . مركز اللغات والترجمة أكاديمية الفنون . مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى .2007 .ص155-156.
- James Roose - Evans, Experimental Theatre from Stanislavsky to Peter Brook, Great Britain, Routledge, 4th edition, 1996, p29. 
- James Roose - Evans, Experimental Theatre from Stanislavsky to Peter Brook, Great Britain, Routledge, 4th edition, 1996, p29. 
http://en.wikipedia.org/wiki/Alexander_Tairov
http://www.moma.org/collection/details.php?theme_id=10955§ion
تابع القراءة→

الأربعاء، أبريل 06، 2016

مهرجان المسرح الكردي الثاني يختتم أعماله في قامشلو

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, أبريل 06, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

اختتم في مركز محمد شيخو للثقافة والفنن في مدينة قامشلو/ القامشلي شمال شرقي سوريا، اليوم الاثنين، مهرجان المسرح الكردي الثاني برعاية ‹حركة الثقافة والفن الديمقراطية›، الذي انطلق في 27 من شهر مارس/ آذار الماضي.

صادف اختتام المهرجان مع الذكرى السنوية لليوم العالمي للمسرح، كما يعتبر المهرجان «خطوة هامة لتطوير الفن، كما إنها فرصة لكافة الفرق المسرحية لتقديم عروضها المميزة»، وفق متابعين، كما حضره قرابة 15 فرقة مسرحية من مختلف مدن محافظة الحسكة.

عبد الرحمن إبراهيم، عضو في فرقة ‹شانو› تحدث عن ‹أهمية› المهرجان، قائلاً «المهرجان يصادف اليوم العالمي للمسرح، وله خصوصية حيث تم لأول مرة ترجمة رسالة المسرح العالمية إلى اللغة الكردية بشكل رسمي، كما إن اجتماع قرابة 15 فرقة مسرحية في هذا المهرجان يعتبر بحد ذاته انجاز، بحيث من الممكن أن يتم التعاون بين تلك الفرق للنهوض بالمسرح الكردي لترقى إلى مستوى المسارح العالمية».

مضيفاً «بالتأكيد ستختلف الفرق من حيث الأداء، كان من الأفضل أن يتم اختيار سبع فرق أساسية لتقديم عروض متميزة، كذلك بدون شك يعتبر المهرجان خطوة هامة في هذه الظروف القاهرة التي تمر بها المنطقة».

  فرق مسرحية متنوعة ساهمت بأعمال مسرحية تحاكي الواقع الاقتصادي والاجتماعي، الذي تمر بها المنطقة.

عبد المجيد محمد خلف، كاتب وسيناريست، تحدث لـ ARA News عن مشاركته في المهرجان: «قدمنا مسرحية للكاتب أحمد إسماعيل إسماعيل، وهي ‹موت الحجل›، مثّل النص فرقة ‹جيان›»، مشيراً أن الهدف منها هو «إظهار معاناة الشعب الكردي في المراحل السابقة من قمع وملاحقات سياسية وتظهر مدى السلبية التي كان يعيش فيها الكردي من ظلم واضطهاد».

في يوم الاختتام تم تكريم فرقة  ‹توز هلدان› من قبل اللجنة المسؤولة عن المهرجان كما تم تكريم الممثل علي فرمان.


-------------------------------------
المصدر : فاطمة عبد الحليم - قامشلو- ARA News 
تابع القراءة→

مسرح الطفل في العراق / لطيف حسن

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, أبريل 06, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

نشأ المسرح في العراق في المدارس فيما بعد اواسط القرن التاسع عشر ، ارتباطا بأنشاء الجاليات الاجنبيه لمدارسها ( لاسيما الجاليه الفرنسيه) في الموصل ، والمدارس اليهوديه والمسيحيه في بغداد والبصره .

وسارت على هذا التقليد ( النشاط المسرحي ) المدارس العراقيه الحديثه التي بنيت في بداية القرن العشرين.

وتاريخ مسرح الطفل في العالم يبداء من القرن التاسع عشر ، وهذا يعني اننا ، بالنسبة ( لمسرح الطفل) لم نتأخر في استلامه من الغرب كثيرا .

ان المسرح الذي يتوجه الى الطفل في العالم ، والذي ولد من رحم مسرح الكبار الذي كان يشاهده الصغار والكبار، ثم انفصل عنه في قواعده والنظريات التي تتحكم به ، عندما تطور في القرن التاسع عشر علم نفس الطفل ، وطرق التربيه وتعليم الصغار .

وقد ساعد بشكل مباشر في بلورمسرح خاص بالاطفال في العالم ، ظهور أدب الاطفال على ايدي كتاب كبار لحكايات الاطفال، كالاخوين كرين في المانيا ، وهانس كريستيان اندرسون في الدانمارك ، الذي استمد فيما بعد كتاب مسرحيات الاطفال افكار اعمالهم من هذه الحكايات ، أضافة لاستعانتهم بما كان مترجما لديهم من حكايات الف ليله وليله ، وحكايات ايسوب ، ولافونتين .

بينما نحن اخذنا مسرح ماقبل مسرح الطفل ، وادخلناه في مدارس الاطفال ، هذا لايعني ان مسرح التبشير الديني لم يكن يأخذ بنظر الاعتبار مستوى وعي الاطفال في اعداده لقصص العهد القديم او ترجمة ماكان موجودا بلغات اخرى من المسرح الكنسي ، والتي كانت تقدم في داخل الاديره والمدارس التابعه لها من قبل الاطفال انفسهم، وكانت موجهه في نفس الوقت للكبار ايضا ، الذين كانوا يشكلون العدد الاعظم من تشكيلة الجمهور الذي يحضر الحفل ، فلم يكن هناك تمايز واضح بين المسرح المدرسي عن المسرح الموجه للكبار، بل هو واحد تقريبا في مواضيعه التي كان يقدمها ، وكان الصغار هم الذين يلعبون الادوار فيها ، يكفي ان نعرف ان بدايات حقي الشبلي كان من المسرح المدرسي ، وعند تشكيل فرقته المسرحيه الاولى مع اقرانه ، وهو اكبرهم سنا لم يكن يتجاوز ثلاثة عشر عاما (في سنة 1926 تاريخ تأسيس فرقته ، الفرقه الوطنيه للتمثيل ).
وعندما يطرح سؤالا على أي رائد من الرواد الاوائل في المسرح العراقي عن بداياته في المسرح ، سيكون الجواب تقريبا جوابا واحدا ، هو ان بداياته كانت من المسرح المدرسي او ماكان يسمى بالمسرح الارشادي او التعليمي .

فالمسرح المدرسي يعتبر الاب الشرعي للمسرح العراقي الجاد ، الذي كان يسير في البدايه بشكل متوازي مع فنون المسرح الاخرى ، كاللاخباري والشانو ، أخذ منهما وفي نفس الوقت تناقض معهما، ثم تطور لاحقا الى مسرحنا اليوم ، بينما اضمحل وتلاشى النوعين الاخرين وأنتهيا بالموت ، بموت رواده والقائمين عليه ، وبقي محصورا بين جدران الملاهي والكباريهات .

ومن فنون التسليه التي لها علاقه بالمسرح والتي كانت تقدم للا طفال في حفلاتهم المدرسيه ، هو فن( القراقوز ) القديم الذي عرفه العراق منذ غزو التتر ، وكان هذا الفن ارتجالي ، يقدم للصغار والكبار في المناسبات الدينيه والاعياد والمهرجانات الوطنيه في الاسواق والشوارع ومكانات التجمع لاسيما حول المزارات والمقامات والمزارع والحدائق العامه في فصل الربيع في مناسبات (الكسله) البغداديه الى جانب باقي فنون التسليه الشعبيه الاخرى . 

لم يعرف العراق ( مسرح الدمى ) للطفل، ولم يعطى له اهتماما كبيرا ، فهذا الفن يحتاج الى تدريب مسبق واعداد طويل ، لم يكن هذا الفن معروفا في تقاليدنا الشعبيه كما في فن ( خيال الظل ) و( القراقوز) والوقوف على اسراره وعمله لايتم الا عن طريق الممارسه ، او اخذه من مدارس ومعاهد حاصه لم تكن متوفر منها عندنا ، ولم يرسل احد لدراسته في الخارج ، بل لم يكن ( فن الدمى ) ( الماريونيت ) معروفا في العراق، عدا مشاهدات متباعده بعد عام 1958 لفرق الدمى الاجنبيه الزائره ، ولم يلتفت الى هذا الفن او يعطى اولويه الا في الفتره الاخيره ، وبقى بديله ( القرقوز) بتقنياته البسيطه هو السائد حتى فترة منتصف الستينات .

اشهر من كان يقدم هذا الفن من فناني ( القراقوز) من الذين كانوا يزورون حفلات المدارس هو الثنائي طارق الربيعي وضياء منصور حتى عام 1963 ، ثم الثنائي طارق الربيعي وانور حيران بعد هجرة ضياء منصور الى الولايات المتحده الامريكيه ، اللذين واصلا فيما بعد تقديم هذا الفن كبرنامج للاطفال حتى السبعينات في تلفزيون بغداد.

في منتصف الثلاثينات ، بعد ان بدأت اذاعة بغداد بثها المحدود ، اخذ يقدم ( عمو زكي) احد المربين الاوائل في الاذاعه ، الذي كان يهتم بالنشاطات اللاصفيه في المدارس ، برنامجه الاذاعي التربوي الموجه للأطفال ( جنة الاطفال) يحوي على حكايات وقصص، ومشاهد تمثيليه قصيره يقوم بها الاطفال تدور حول المثل والاخلاق الحميده والخير ، واستمر البرنامج يقدم في الاذاعه بدون انقطاع ، ، ثم اخذ يقدمه من على شاشة تلفزيون بغداد بعد ان بدأ بثه المنظم بعد عام 1957 ، وكان يشرك في البرنامج اطفالا يختارهم من المدارس .

ويعتبر عموزكي هو اول من حاول ان يتوجه الى داخل عالم الطفل ، ويخاطبهم بلغتهم البسيطه عن طريق الحكايات والاغاني واللعب ، واستمر البرنامج يقدم لفترة تجاوزت الاربعين عاما ، وعاش كل العصور السياسيه التي مرت على الدوله العراقيه ، و توقف البرنامج بوفاة عمو زكي في السبعينات من القرن الماضي .

ان نجاح برنامج ( جنة الاطفال ) ودخول مجلات الاطفال من البلدان العربيه في بدايات الخمسينات من القرن الماضي ، ورواجها ، كمجلة ( السندباد ) و( علي بابا) وتوافد ترجمات المسلسلات المصوره ( كتن تن ) و( شخصيات والت ديزني ) وترجمات الكيالي الشهيره لقصص وحكايات الاطفال العالميه ، كل هذه المقدمات نبهت الكتاب والادباء العراقيين الاوائل ليلتفتوا الى المسرح الموجه للطفل ، وشجعتهم على الكتابة في مجاله . 

نذكر منهم من عرف بكتاباته لمسرح الاطفال خاصه ، عيسى عزمي ، وعبد الستار القره غولي ، ورؤوف توفيق ، واخرين ، حتى ظهر عبد القادر رحيم ، ابرز من كتب بشكل ناضج واخرج لمسرح الطفل في فترة الخمسينات .




رائد مسرح الطفل عبدالقادر رحيم الى يسار يوسف العاني في مسرحية ( شلون ولويش وألمن ) اعداد يوسف العاني عن خايتوف 1972 ، اخراج روميو يوسف ، تقديم فرقة المسرح الفني الحديث .

وعبدالقادررحيم معروف من قبل الجمهوركممثل متميز في فرقة المسرح الفني الحديث ، ، اكثر من ان يعرفه كمبدع مهم في التأليف والاخراج لمسرح الطفل .

وقد أكمل عبدالقادر رحيم دراسته العليا في نهاية الستينات ( ماجستير في النقد المسرحي ) بموسكو ، الا انه لم يزاول اختصاصه ، بل عاود العمل الذي بدأ به حياته المهنيه ( التعليم في مدارس الصغار) عقب تخرجه من معهد الفنون الجميله في الخمسينات ، اشتغل معلما للفنيه في مدارس مختلفه للاطفال ، كمدرسة ( الحكمه ) حيث بدأ فيها تجاربه الاولى في مسرح الطفل ، مقتبسا من حكايات الف ليله وليله ، والحكايات الشعبيه المتداوله، افكار مسرحياته الاخلاقيه والتربويه المسليه ، من مسرحياته التي الفها واخرجها وقام بأداء الادوار فيها اطفال المدرسه ، مسرحية ( أسطه عبد انه أخي وصديقي ) عام 1953 و( امير الالوان ) عام 1955 و( انا والحمار وعاقبة الطمع ) عام 1955 و( عصفور بردى ) عام 1956 و( ابو القاسم الطنبوري ) عام 1957 و( حكاية الصياد عاشور) 1965 واخر مسرحياته قدمها في زمن الحرب ( سفينة الزجاج ) عام 1985 .

كتب رحيم حوار مسرحياته بالفصحى البسيطه السهله، والموضوعات التي تناولها اخلاقيه وتربويه في اجواء الحكايات ، او اجواء العائله العراقيه وعلاقاتها الداخليه ، وقد حاز على الجائزه الاولى في مهرجان المسرح المدرسي في الثمانينات ، وكرمه المركز العراقي للمسرح رائدا في التأليف لمسرح الطفل عام 1985 . 

في عام 1964 قدم معهد الفنون الجميله لاول مره ضمن موسمه مسرحيه للاطفال( كنوز غرناطه ) تأليف جيرالدين سيكس، اخراج سامي عبد الحميد ، وهي اول محاوله اكاديميه لتقديم مسرحيه متكامله فنيا للطفل ، ( من الفئه العمريه 7-15 سنه ) يؤدي ادوارها طلبة المعهد ، والتجربه كانت ناقصه لركن اساسي في هكذا مسرح ، وهو انه لم يكن من بين الجمهور الذي حضرها العدد الغالب او الكافي من الاطفال والفتيان المفترض انها اعدت لهم وتخاطبهم. 

لكننا نستطيع ان نقول عنها انها عمل تجريبي هام ، فتح فيما بعد الطريق امام نوع جديد في المسرح العراقي لم يكن مطروقا وملتفتا اليه.

و شهد مسرح الطفل في العراق فيما بعد ( كنوز غرناطه ) طفره حقيقيه، اذ اعقبتها محاوله جاده اخرى ، اذ قدمت ( فرقة معهد بغداد التجريبي ) مسرحية ( علاء الدين والمصباح السحري ) لجيمس توريس عام 1968 ، ترجمة جعفر علي ، واخراج جاسم العبودي ، وتعتبر هذه المسرحيه اول مسرحيه يؤدي ادوارها ممثلون محترفون ، ويحضرها ، جمهورها الحقيقي ( الاطفال) طلاب المدارس الابتدائيه ، بالتنسيق مع مديرية التربيه التي اخذت تقوم بحجز جزء من مقاعد القاعه يوميا وبأثمان مخفضه لتلاميذ صفوف مدارسها، الذين كانوا يفدون الى العرض بالباصات الخاصه بشكل جماعي ، واستمر ت مديريات التربيه في بغداد على هذا التقليد في دعم جمهورمسرحيات الاطفال التي قدمتها لاحقا الفرقه القوميه 

اصبح بعد هذا التاريخ مسرح الطفل في العراق ينقسم الى نوعين :- .

مسرح مشغول مع الاطفال ، وهو الاقدم والشائع الذي بنى المسرح العراقي اسسه عليه ، وتطور بفضل رواده الى شكل يميزه عن مسرح الكبار ( يتوجه الى الاطفال من الفئه العمريه مابين 6-12 سنه) ، بالمواضيع ونوع اللغه وطريقة العرض ، ويعتمد في بعضها على مشاركة المتفرج الطفل مع الممثل الطفل الذي يقوم بلعب الادوار في المسرحيه ، وكانت هناك تجارب عديده في هذا المجال ، ابرزها تجارب عزي الوهاب تأليفا واخراجا مع الصغار منذ نهاية الخمسينات .

وطارق الحمداني (مشرف فني من خريجي معهد الفنون الجميله ) له تجربه مختلفه في مدارس المتوسطه والثانويات في بغداد منذ اواسط الخمسينات ، الى جانب أسماء اخرى من خريجي معهد الفنون الجميله الذين عينوا في مدارس المحافظات الاخرى للقيام بنفس المهمه ، أي الاشراف على مسرح موجه الى فئه عمريه مابين ( 12-17 عاما ) وكان الممثلون من طلاب نفس المدرسه التي تقوم بالنشاط ، وهي مواصله للمسرح المدرسي البدئي الذي عرفناه في العراق. وكانوا يعتمدون على المسرحيات ذات الفصل الواحد التقليديه التي كتبها كتاب عرب ، كتوفيق الحكيم ، ويوسف وهبي ، وباكتير وغيرهم، وكل ماكان يقع بأيديهم من مسرحيات ذات الفصل الواحد، تمجد العادات والمثل والاخلاق والشيم القوميه العربيه، وفي بعض الاحيان كانت سياسيه آنيه تتناول القضيه الفلسطينيه مثلا ، او حركات التحرر العربيه ، سيما في فترة الثوره الجزائره ضد الاستعمار الفرنسي ، ولم يكن لهذا المسرح الموجه من ملامح خاصه به يميزه عن مسرح الكبار ، غير ماذكر .

والنوع الاخر من مسرح الطفل ، الذي تأسس بعد ( كنوز غرناطه ) هي المسرحيه التي توجه خطابها الى الطفل ويقدمها على الاغلب ، ممثلون محترفون في فرق مسرحيه ابرزها ( الفرقه القوميه ) التي اخذت تضع في مواسمها السنويه بدءا من عام 1968 ، مسرحيه واحده على الاقل موجهه ومكتوبه للاطفال ، ومعظم هذه المسرحيات كانت مترجمه ومعرقه ، او معده عن قصص وحكايات عالميه للاطفال.

من ابرز مسرحيات الفرقه القوميه للطفل مسرحية ( طير السعد) 1970 التي اعدها واخرجها قاسم محمد عن مسرحية ( مترلنك ) ( الطائر الازرق ) مازجا معها عدد من حكايات متداوله اخرى للاطفال .

واعد قاسم محمد فيما بعد لمسرح الطفل ( الصبي الخشبي ) عن حكايه ايطاليه شائعه ، ثم مسرحية ( سر الكنز ) تلاها بمسرحية ( رحلة الصغير وسفرة المصير) 1981 التي اعدها عن قصه قصيره لسومرست موم ( الامير السعيد ). و اخرجتها له منتهى محمد رحيم 

وقد قدمت منتهى محمد رحيم قبلها في عام 1979 مسرحية ( بدر البدور وحروف من نور ) كتبها الكاتب المصري رؤوف سعيد، مثلت العراق في المهرجان الدولي لمسرح الاطفال الذي اقيم في ليبيا عام 1979 .

ومن نتاجات الفرقه القوميه لمسرحيات الاطفال في السبعينات ، اول مسرحية محليه مؤلفه ليمثلها الكبار للصغار ( زهرة الاقحوان ) 1975 تاليف واخراج سعدون العبيدي ، ثم تلاه سليم الجزائري واخرج في عام 1976 مسرحية من اعداده ( جيش الربيع ) ثم في عام 1977 قدمت الفرقه ( عربة الصلصال الصغيره) لسودر كاز ، اخراج اسماعيل خليل ، ومسرحية ( القنطره) لطه سالم من اخراج محسن العزاوي ، ومسرحية ( النجمه البرتقاليه ) عام 1978 ، وهي مسرحيه غنائيه استعراضيه .

واعد سليم الجزائري وكامل الشرقي مسرحية ( ابنة الحائك ) 1985 اخرجها بهنام ميخائيل ، اعقبها في نفس العام ( المزمار السحري ) لطه سالم واخراج فخري العقيدي .

حاول المخرجون في بعض هذه المسرحيات فتح حوار بعد العرض مع المنفرجين الصغار للآطلاع على ارائهم ووجهات نظرهم ،

لم تكن الفرقه القوميه هي الوحيده فيما بعد في تقديم مسرح الطفل ، بل انتشر هذا التقليد في الفرق المسرحيه في المحافظات ايضا ، وتولت في بغداد مؤسسات تعني بشؤون وثقافة الطفل ، كمجلتي ( المزمار ) و( مجلتي ) الحكوميتين ، فقدمتا عام 1972 ( الورده والفراشه ) و( الفراره الطائره ) من اعداد واخراج عزي الوهاب ، مثل فيها الاطفال فقط ،

وقدمت مؤسسة الاذاعه والتلفزيون في عام 1975 مسرحية ( الدجاجه الشاطره ) لفاروق سلوم و( صباح الخير ايتها السعاده ) لسامي عباس ، والمسرحيتين من اخراج محمد عبدالعزيز .

وفي عام 1977 قدم عزي الوهاب تأليفا واخراجا ( اصدقاء المزرعه ).

في عام 1978 بدأت اكاديمية الفنون الجميله بتقديم مسرحيات الاطفال ايضا، اولها مسرحية ( بيت الحيوانات ) لصاموئيل مارشاك أخرجها الفنان الالماني الذي كان ضيفا في العراق هانس ديزشميدت ، ومسرحية ( الباص القديم عنتر ) اعداد فائق الحكيم واخراج سامي عبالحميد .

لم يجر تطوير كبير لتجربة توجه المسرح المحترف للطفل الذي توهج في فترة ما قبل حروب العراق مع جيرانه ، ايران وبعدها الكويت ، وتراجع الى ابعد حدود بعد اندلاع هذه الحروب ، عدا ومضات قليله اشير اليها ، بل شهدت هذ الفتره انحطاطا خطيرا وانتكاسه للافكار والمواضيع التي كانت تقدم على مسرح الطفل ، ارتباطا بتردي وضع المسرح العراقي عموما في ظل الحرب ، الذي شهد فتره غير طبيعيه وغريبه وطارئه على مساره التارخي المعروف .

فقد انزوت وحوصرت الفرق المسرحيه العريقه المعروفه وتوقفت معضمها ، و اضطر بعضها القليل ، الى جانب فنانين كبار ، ولاسباب ماديه وضغوط احرى ، الى الانزلاق مع التيار الذي ساد بما كان يعرف ( بالمسرح التجاري ) الذي كان لايمت في الواقع حتى الى هذا النوع من المسارح المعروفه في العالم ، بقدر ماكان نوعا ساذجا يمت الى فنون الكباريهات الليليه الداعره . 

في فترة الحرب تحول المسرح العراقي ، الذي كانت السلطه تهيمن على كل مفاصله ، الى ساحه للتهريج الرخيص والضحك والايماءات الجنسيه المباشره ، بهدف امتصاص القلق والتوترالشامل الذي كان يعاني منها الناس، والهائهم عن تأثيرات هيمنة اجواء المآسي واهوال الحرب التي طالت مدتها كثيرا بلا مبرر..

في ظل هذا الانحطاط الذي الم بالمسرح العراقي ، سخر مسرح الطفل في العراق ، الذي تديره الدوله بواسطة اجهزتها التربويه المؤطره ايدولوجيا منذ وقت سابق لاندلاع الحرب، سخر لاعداد الطفل لتقبل حياة الحرب الطويله على انها حاله طبيعيه ، وشوهت انسانيته ، بغرس روح الكراهيه والحقد والشوفينيه والتدمير في روحه ، وحرمته من التمتع بطفولته النقيه ، ونموه النفسي الصحي .

تحول مسرح الطفل في توجهه الاساسي ، كما هو حال المسرح العراقي عموما ،الى بوق دعايه مباشره للحرب والعدوان ، والديماغوغيه السياسيه .

فبأسم التربيه الوطنيه والقوميه للطفل ، جرت محاولات تفريغ وتجويف الطفل من القيم الانسانيه التلقائيه والفطريه الموجوده بشكل طبيعي لديه ، وحرمانه من الاراده وحرية الاختيار في حياته القادمه ، ومن ثم تسيسه ، واعداده كقوه تدميريه لاانسانيه تتقبل التدميروالفناء في الحرب بلا اعتراض او تمحيص .

كتب كامل الكبيسي وهو سلطوي متحمس و استاذ جامعي في كلية التربيه - جامعة بغداد ، يشرح ويلخص الاسس التربويه للاطفال التي أعتمدها النظام في ظل الحرب فيقول :- 

((.. ان روح النصر التي تعتبر نتيجه مركزيه وحاسمه للمعركه ، ينبغي ادامتها بكل الوسائل لدى اطفال العراق ، لانها كفيله بضمان تحقيق الانتصارات الدائمه ..)) 

ثم يجيب على السؤال كيف نديم روح النصر لدى الاطفال ؟:-

((...بالاستيعاب الدقيق لمعطيات المعركه من المربين ، واعتمادها كمحاور اساسيه في تربيتهم واعدادهم جسميا وعقليا ونفسيا واجتماعيه لتحقيق نقله نوعيه في تكوين شخصياتهم ..)) 

ويوصي بعد ذلك المربين :- ((... بأستلهام معركة قادسية صدام وتحويلها الى سلوك يومي اثناء التعامل مع الاطفال وعند تربيتهم وتنشاْتهم لنغرس في اساسيات تكوين شخصياتهم سمات الشخصيه القويه المقتدره على مواجهة التحديات بدون تردد وبثقه واقتدار . ))

ثم يستطرد :- ((... ينبغي غرس القيم الثوريه والسمات الايجابيه التي افرزتها قادسية صدام في نفوس الجيل الجديد ، وتسليحه بالايمان بمبادي الحزب والقائد ، والروح المعنويه العاليه والاراده الثوريه ، بهدف اعداد الشخصيه الواثقه الجديده ، حيث ان قوة السلاح التي تحقق النصر العسكري تنبثق عادة من قوة اليد التي تحملها ..))

ويواصل المربي على مقاس السلطه آنذاك فيقول :

(( ... معركة قادسية صدام تفرض على الاسره العراقيه مهام تربويه جديده في تنشئة الطفل وتربيته ، اضافه للمسؤوليات المعتاده الملقاة على عاتق كل اسره عند تربية واعداد اطفالها ، لذا على الاسره العراقيه الانتباه ومراعاة مايلي :-

اولا:- تحفيز الطفل على اللعب بالالعاب الهادفه التي تنمي فيه روح الشجاعه ، وتحبب فيه الحياة العسكريه ، وتنمي فيه سمات الشخصيه القويه ، 

ثانيا:- ربط توجهات وارشادات الوالدين للطفل بالايمان بالافكار القوميه للقائد وحزب البعث ، والاعتزاز بعروبته وامجادها .

ثالثا:- تحبيب روح الفداء والشهاده في نفس الطفل ، مستخدمين قصص شهداء معركة قادسية صدام .

رابعا :- غرس روح الجنديه ، واشاعة روح العسكريه في نفوس الاطفال من خلال القدوه الحسنه في التصرف واحترام المقاتل العراقي بأعتباره قد نذر نفسه للشهاده من اجل ان يبقى اطفال العراق يعيشون بأمان .

خامسا:- ان اعتماد الطقل على والديه في سنواته الاولى وقيامهما بأشباع حاجاته ، وتوفير الجو المريح له ، تولد لدى الطفل الشعور بالامن والطمأنينه الزائفه ، والاشباع الزائد يتحول الى مصدر احباط له ، مما ينبغي تعويد وتدريب الطفل على مواجهة الكثير من مشكلاة الحياة وقساوتها والصبر على المحن .

هذه هي الاسس الفكريه التي كان يعتمدها نظام الحزب الواحد السابق ، في تربية الطفل العراقي ، وهي نفسها شكلت المنطلقات الفكريه للمسرح المدرسي التربوي ، بفئتيه العمريه ( من 6- 12 سنه و من 12- 17 سنه ) في فترة الحرب ، وهي نقل حرفي لمن يتمعن في هذه الاسس ، عن قواعد تربية الطفل النازي التي اعتمدها هتلر والتي انشأت في المانيا اجيال مسعوره ومهووسه احرقت نفسها ودمرت معها العالم في الحرب العالميه الثانيه.

وقد نسي الناس سريعا الكم الهائل من الاعمال المسرحيه المدرسيه الدعائيه والمباشره لتمجيد الحرب المعموله في المدارس والتي ضخت بقسوه في عقول الاطفال في كل مدارس العراق بأنتهاء الحرب وزوال النظام ، ولكن تأثيرهاعلى تزييف وتخريب وعي جيل طفل الحرب ، واثارها المشوهه ستبقى طويلا جدا،

المصادر 
1- تجربة مسرح الطفل في العراق - يوسف العاني - القدس العربي - عدد يوم 8 شباط 2000
2- مسرح الطفل - مسرحية مملكة النحل .. البدايه - جريدة الثوره العراقيه- عدد يوم 12 /2/1990
3- تربية الاطفال في ضوء معطيات قادسية صدام - كامل الكبيسي - جريدة الثوره - عدد يوم 11/9/1986
4- الصوره من ارشيفي.

----------------------------------
المصدر :فصول من تاريخ المسرح العراقي
( الفصل الرابع عشر)

تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9