أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، أبريل 28، 2016

المبدع عوني كرومي / سلام الاعرجي *

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, أبريل 28, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

( مسرح الديالكتيك وديالكتيك المسرح )
لم ولن تدرج يوما تحت ايما عنوان الا عنوانك المقدس, العراق, ولا شيء سوى العراق... لعلك تذكر يوم انتهينا من محاضرة مشتركة في قسم الفنون المسرحية كلية الاداب جامعة اليرموك - المخرج المسرحي العراقي والمنهج البرشتي - ونحن نلملم ما تبعثر من قصاصات ورق أثقلتها الهموم والأحلام والطموحات ازدحمت بالملاحضات والمشاكسات واشياء اخرى , قلت لك يا معلمي شتان بين فرق الوعي وفرق العملة , ابتسمت كعادتك , وقلت تمنى الساعة اني طوعك , فصرخت بأعلى صوتي : أتمنى ارضا تتلضى , جزرا تتشهى لكن لايذبح فيها الانسان فدى مولاي الفاتك باسم الله ومولاي المستحلم بسم الله .... نم سعيدا في ارض أختارتك ولا تقلق على عوالمك الجميلة السابحة في سماوات القاهرة وعمان والكويت وتونس والمنامة وبرلين وستوكهولم وترنيمة كرسيك الهزاز في بغداد الحبيبة تقاوم التفخيخ وطيف الموت يطوف البيت ويذبح احلى الازهارواحلى الاطفال . كنت تقول المنجز الابداعي وحدة ابداعية لايمكن تجزئتها , والآن سأقرئك على الوفق ألآتي :

عوني كرومي وكيفية الاشتغال على المستوى الاسلوبي في النص 
من تساؤل يقلقه دائما , يؤسس (كرومي) أسلوبه القرائي للنص , وأن كان تساؤلا ينال بنية النص بشكل عام , فالنص وحدة أبداعية تقنية تقاليدية أنتاجية طرازية ونوعية تجعله من حيث الدلالة وثيقة تاريخية أو ( بيان ) كما يعتقد ( برشت ) .

فهو ظاهرة على صعيد الادب المسرحي وعلى صعيد بنيته . والسؤال هو : هل يتوفر حاضرنا على قدرة قرائية لتلك البنية بمستوياتها في ضوء معطياته ليخرج بالمنجز الادبي من مفهوم العمل الى مفهوم النص فعلا ؟ - حيث تعتقد البنيوية ان العمل موضوع مغلق ومنجز - ليصبح مجالا منهجيا ينكشف في نشاط القراءة؟ أو أن منظرات الحاضر , لا تنظر للنص ألا في سياقه التاريخي وبذلك تصبح حتى الظواهر المعاصرة أنساقا متماسكة يخضع كل منها الى طابعه الثقافي الخاص ؟ يرى عوني كرومي أن أستراتيجيات المحتل تجيب على تلك التساؤلات , بل يرى ان من ضرورات الاخراج ألمعاصر أن يتعامل مع النص على وفق تلك الاستراتيجيات أي كما يقوول دائما : تعامل مع الخطاب الادبي تعامل الغزاة , أخضعه الى فعل أباحي , مشاعي , أممه لك حتما وباتجاه فكرة أهتدية اليها . ولكي يتجاوز الاخراج مرجعيات النص وعلاقاته الداخلية المنتجة للمعنى , والتي يمكن أن تعترض أمكانية الاشتغال على الفكرة المهتدى اليها داخل النص , على الاخراج أن يحدد منطقة أشتغاله وهي : الحقول الدلالية وعلاقتها بالمعنى الاساس . أي محاولة أختراق مجال ما تؤسسه الصياغات اللغوية من مفاهيم , فتلك الحقول الدلالية تحاول ،أن ترتقي مثلا بكريولان - مسرحية لبرشت أخرجها كرومي للمسرح العراقي - الى مستوى الفرد البطل المنقذ , غافلة لدافعه الشخصي الذي يمكن ان يحيله الى شخصية تراجيدية مؤكدة أغترابه , لذلك لابد ان تشتغل القراءة على التفريق بين مرجع الدلالة ومعناها أي البحث في المعني ذاته , أذا ستكون قرائته للنص ذاته وبذاته , مستقرءة موضوعته وقوانينه النابعة من داخله وليس من الخارج وبذلك سيكون القانون المحرك ل ( شان تي وفلازوفا وكوراج بل حتى أوديب ) - شخصيات مسرحية - تفرضه الموضوعة وعالمها داخل وحدة النص وهو يقيم وضع علاقاتها أيظا .وبما أن تلك العلاقات تنكشف داخل نظام آخر , ألنظام اللغوي , فان علاقات الشخصيات الذاتية والموضوعية مرتبطة ايضا باللغة ذاتها.ان (كرومي)يؤكد , ان عموم الاجزاء العضوية في البنية الكمية والكيفية لايمكن ان تملك هويتها وفاعليتها لاية سمة تعريفية خارج نظام اللغة , وبما أن اللغة نظام من العلاقات وعناصر البنية الاخرى تشكل نظام علاقات ألا أنه مرتبط بها ويتحدد داخلها , أذا داخل ذلك النظام اللغوي ستشكل عناصر البنية مستوياتها الدلالية لتحدد وظيفتها ألا أنها أنية داخل النسق الدلالي وبامكان الاخراج جعل الموجودات المادية أوحركية جسد الممثل بديل مكافئ لما ترمز له العلاقات اللغوية في وحدة النص , بعد أختراق تلك النظم العلائقية التي تفرزها اللغة في خطاب العرض - الاحلال - فالتعريب والتعريق تعني ممارسة عملية الاحلال لكي يتسنى للمخلرج تأسيس علاقاته : بين الفكرة المهتدى اليها وأسلوب المعالجة والشكل الذي يسعى ذلك المخرج لتقديمه - كما يعتقد كرومي - وهذا يعني أن التعريب أو التعريق للنص الاجنبي والتحولات التي تطرء عليه بمختلف هوياته اللغوية هي بمثابة خلخلة أو أزاحة للنظام اللغوي لصالح نظام لغوي آخر من خلال العمل داخل نظامه العلائقي وفرض هويته الجديدة على عناصر البنية من داخل ذلك النظام وليس من خارجه . لقد ظهر أستسلام غاليلو البرشتي حتميا بسبب ضعفه أمام ألات التعذيب ويكشف النص البرشتي عن ذالك وصفا أخباريا من خلال ( أندرية سارتي و الراهب الصغير - شخصيات في المسرحية - ) ألا أن كرومي تجاوز تلك النتيجة جاعلا آثارها مسلمة بديهية ألاأنه أكد على حتمية أستمرار البحث العلمي حيث علا من فعالية لغة الجست - الايماءة ذات الدلالة الاجتماعية , الايحائية وميمياء الوجه مقوضا نظام اللغة , وأسقط العديد من الحوارات لحساب تحقيق البديل المكافئ ونقيض الصورة اللفظية المعبرة عن الفكرة في ذات المشهد , لقد أشتغل مقابله المسرحي على المنطوق اللفظي وصورته ونظم الكلام وهيكلية البنية السطحية للغة بشكل عام , أنه لن يتدخل في حوارات (رئيس الجامعة ) ألا أنه أكد موقفه من غاليلو من خلال خلق التقاطعات الدلالية بين دالات الحوار ودالات الحركة ليؤكد أرتباط رئيس الجامعة بتلك المؤسسة الاحتكارية الارهابية , كذلك (كريولانز )- مسرحية لبرشت أخرجها كرومي للمسرح العراقي - حيث أستعاض عن بعض حواراته بالحركة الواسعة الانتشار في الفضاء والمعبرة عن واقعها الذاتي المناقض فكريا /غائيا للواقع الموضوعي , فبدت حركيا وعبر مشهد راقص رغبته في فرض مفهوم البطولة عبر حركات جسدية محبطة أكدة مفهومها النقيض والمؤكد لضرورة بل حتمية أختفاء عنصر البطولة , لأن اختفاء الابطال من حيث هي كائنات مغتربة من نتاج مجتمع مغترب معناه أيجاد مجتمع صحي . وأذا كان برشت يرى في الحركة من أهم مستلزمات المسرح الملحمي بل هي مادة المسرح , فان كرومي يجد في الحركة أكثر دلائل الحياة وضوحا وهي وسيلتة كذلك لسرد العرض المسرحي في أيصال الحدث الى المتلقي ليؤكد أن المستوى الاسلوبي للنص في جوهره منجز لا يتعلق بذاته حسب أنه مرتبط أرتباطا وثيقا بماهية المعرفة والفكر . ان المعرفة حقل أنفتاح واعي وحصن من السقوط في أحادية الثقافة , والثقافة المهيمنة , الا ان الفكر في النسيج اللغوي يعبر عن البناء الفكري الداخلي وهو مرتبط به ارتباطا عضويا , وهنا يكمن السؤال حول ماهية الفكرة ألا أن هذا السؤال يؤكد حضور المتلقي في عملية الاعداد والتركيب لخطاب العرض . أن كرومي يتسائل فيما أذا كان الفكر المقدم قادر على قراءة الواقع المعاش بحركيته الكلية والجزئية أي تجاوز شكلانية الواقع ليحقق فعلا قرائيا معاصرا في عملية الاختيار يرتقي بوعي المتلقي الى مستوى الجدل او الوعي الجدلي , أذ ذاك تتوحد جميع النصوص وان أنتمت لثقافات وحظارات متعددة ومختلفة وان شكلت أنعكاسا فكريا حتميا لتجارب شعوب أخرى فالقراءة المعاصرة لتلك النصوص تفرض توحدا من وجهة نظره بين موضوعة الاختيار والقراءة والقاسم المشترك بينهما الموقف الاجتماعي بمعنى آخرالاختيار, قراءة جمالية تكشف للاخراج ذاتيا مقومات وبنية العمل الفني الذي أختاره للتعبير عن حداثة العصر وجوهر الواقع , والبنية كل مكونات المسرحية وعناصرها التي يعاد ترتيبها باسلوب ألاخراج اولا وليس الاسلوب الذي يثبت على اساسه , هذا يعني أن المرحلة المقبلة في اطار المعالجة لابد أن تكون أكتشاف علاقة بين الفكرة المهتدى اليها ووأسلوب المعالجة وشكل العرض ولايشكل مفهوم قدسية النص عند كرومي أدنى اهمية , ألنص مؤمم , وهو حتما يخضع للحذف والاضافة واعادة الترتيب لمتتالية الاحداث مع مراعات الابقاء على سماة مهمة كالملحمية والكوميديا الجادة والمتعة والتعليمية بالمفهوم البرشتي والعقدة ذات الاثر الاجتماعي والانساني . أن المبدع الكبير عوني كرومي يلاقي برتولد برشت في سعيه الى تجريد الخطاب من أدبيته والتعامل معه على أنه مجموعة صور فكرية ملموسة ومشخصة فالتعامل مع المفردة يتم على أنها صورة أي أن ثمة الكثير من العناصر الفنية ستساهم في أيصال الفكرة , كالحركة والايماءة الصوتية والصورية الجسدية ذات الدال الاجتماعي , وهي لايمكن أن تخفى أو تزيف بل قادرة على الكشف عن الافكار وتأكيدها أو نفيها ولها قدرة متفردة على الكشف عن طبيعة العلائق الاجتماعية بصورة أبلغ وأوضح . 

عوني كرومي وكيفية أشتغاله على المستوى الدرامي في النص . 
التعارضات الكلية, ألتناقض والجدل المقابلات القائمة على اساس التنافي , كانت سمة مميزة من سمات أعداد حكاية الخطاب الدرامي لتفسير الواقع الاجتماعي وآليات أشتغاله على البنية الكيفية للنص . وان كان هيكل الاحتواء ومنظم عناصره وفعالياته العملياتية - الشكل- سرديا لايصل بحد الصراع الى المستوى الذي تنتظره المادية الديالكتيكية بل يذهب لاكثر من ذلك وهذا ما جعله يبدء مع برشت في ذروة أبداعه النظري والتطبيقي , فكلاهما لايقيمان اي نوع من المهادنة والمصالحة مع وبين الثنائيات ذات التعارض الكلي : العام /الخاص , الفردي الذاتي / الجمعي , التبؤر / الانتشار , بل يعمقان تلك التعارضات دون أدلجتها كشرط قبلي لتحديد طبيعة الاشكالية التي تنفتح على عموم العناصر المؤسسة لماهيتها وكياناتها داخل المجال الايديولوجي لمواجهة أزمات يفرضها التراكم الزمني - التاريخ - ليؤسس بنية متوفرة على جميع العناصر الفاعلة , وهنا يبدء التباعد بين كلمن برشت وعوني كرومي والادلجة المادية التي تدرك أنساقها الرؤيوية والفكرية المتشكلة داخل البنى الفوقية المجتمعية بقصد تاكيدها , ألا أنها تشكل أنعكاسا حتميا لعلاقات الانتاج والنهج الاقتصادي المجتمعي وتؤكد وسائله في ذات الوقت مما يجعلها تنتج وعيا زائفا : ان الجدل الذي يترتب على العلاقة التصادمية القائمة بين الوجود الفردي العضوي الفاعل من جهة والوجود المجتمعي من جهة أخرى ينتج وعيا زائفا , والجدل الذي يقع بين الافراد بوصفهم موجودات اجتماعية وبوصفهم حوامل لاواعية لأنظمة كلية لم تنكشف بعد , يفرز أيضا وعيا زائفا . لذلك يكرس كرومي الوجود الفردي داخل مجموعة شرطية خاصة : الشخصية توجد في ثقافتها ولغتها , وصراعها مع ظرفها المحيط وتكتشف وعيها بالذات والموجودات المحيطة بالممارسة ليصبح الوعي أدراك الواقع والوجود الانساني الواعي مقترنا بالحرية , أي الارادة الحرة والخيار الشخصي وهو بذلك يرتقي فوق مستوى الوعي الذي تحرره التجربة البرشتية . أنه يجسد الذات من خلال تاكيدها أرادتها الحرة وخيارها الشخصي متجاوز الوعي الذي تحرره ثلاثية الاستلاب (أستلاب , أستلاب الاستلاب , أستلاب أيجابي أي تحرير الوعي )أن الوعي الذي يحرره المفهوم الاخر, التغريب , النقيض - المثالي - يصور التاريخ وحركة الشخصيات داخل النص جزءا منه , على أنه حضورا آنيا ومن تفاعل لأبنية عقلية ولا يملك أسباب التكوين ولا التقدم وكاننا أزاء ذاكرة مبرمجة غير قابلة للتاويل ألا أنها التعديل على وفق قانونها الذاتي , فتصادر قدرة التلقي على القراءة الذاتية وتمارس أشبه ما يكون بالصنمية المعرفية المؤكدة لأغتراب الفرد , لقد كانت ترنيمة الكرسي الهزاز - مسرحية أخرجها كرومي للمسرح العراقي - أكثر خطاباته المسرحية بلورة لهذه المفاهيم حيث وضع المتلقي أمام عوالم ثلاث وكانها بوحدتها تكون ( مريم ) الشخصية الرئيسة في المسرحية , مريم المنشطرة الى تلك العوالم , عوالم تجسد مراحل النمو الوجودي القسري , أي أنه أرادي , عالم يعيد انتاج ذاته بعد تاسيسها وتشكيلها في تناقض مع كل التاريخ المستحضر التاريخ الذكرى تاريخ , مدونة حملتها الملامح والجدران وصوت ترهل وشاخ وافل بريقه . تاريخ محمول داخل الشخصية يكشف عن ذاته عبرممارساة عيانية حسية تفرض طقسية تهيمن على الاماكن اشبه بطقوس الاحتظار في رهبتها وخشوعها وبرودتها , فيما شكلة الصفحات المطعمة للنار/ المحراب / ذلك التاريخ التجربة السر / أنه يغير او يستحضر من اجل الاتي الذي احالة اليه كل الاغاني , الاتي عالم انشغل به المتلقي : من هو , ما هو , ماهيته , تفاصيله , سماته , الاانه - المتلقي - الان داخل اللعبة مشاركا غير متماه . لقد شكلت الأغاني احالة أخرى ,الموت الجسدي , أنها تمارس أعادة اكتشاف ذاتها في اطار المستجد من الظروف لتدرك وجودها وواقعها وتعيه بحرية وخيار ارادي , أنها تكتشف الواقع وماهية الزمن / العصر فهي تستعيد وعيها لأنها تدرك ليس أنعكاسا للواقع لذلك ترفض ان تعيش القانون المدجن للحياة , قانون يحيلها الى ذات العمليات المتكررة دائما بمناهج عملية أخرى لتصبح ذاتا سلبية , أنها تتعلم حريتها عن طريق علاقاتها بالاشياء أو كما يقول ( سارتر ) : أن الانسان أذا أكتشف حريته في عمله بوصفه علاقة أصيلة بينه والاشياء المادية فانه يفكر في نفسه كشيئ في علاقاته . بالقانون , السلطة , هنا يودع كرومي في البنية الدرامية مفهومين , حرية الاختيار , والارادة الواعية ليمتد جسرا الى متلقيه عبر ممارسات ( مريم ) المعرفية , فيتبناها التلقي على هيئة أسألة باحثة في الوجود , لماذا ؟ عامة هكذا دونما تحديد !لمن نحتاج ؟ - طروحات الاغاني - السلام ؟ الخلاص ؟ المعجزة ؟ القانون ؟ صراع الوعي والا وعي بقصد أكتشاف الذات في تنامي فعلي درامي خطي مغلق لا يمكن ان يؤشر اي تواتر به, أحال ذاكرة المتلقي الى مرجعياتها بفعل الدلالات المحمولة في أغاني ( مريم ) التي أصبحت أشبه بمفاتيح معرفية باحثة عن ماهية الاتي لدى التلقي , فهو حتما ليس ( مازن ) -شخصية في المسرحية , لكنه لايمكن ان ( كودو) .

أن تبني التلقي لموقف ( مريم /راجحة ) ليس من باب التماه بل ثمة أكتشاف مفاجئ لما يمكن أن يؤول اليه مصير الفرد أزاء تماثل الظروف . لقد ناقض برشت في علاقته بالمتلقي ألا أن ذلك التناقض جاء في الكيفية لتصبح المسافة بينه وبين برشت في قصدية خطاب العرض ذات المسافة بين حتمية ان تكون وكيف يمكن ان تكون .لقد دعم كرومي موقف (مريم) وخلع عليها سماتها الذاتية من خلال نقيضها الخارج عنها ( راجحة ) حيث التقتا في وحدة تناقضية في ذلك التساؤل المصيري .

وفي كريولانز يبدء كرومي بحثه الجمالي من فرضية الفكر ومبرهنته الازلية , كذلك للحرب أيديولوجيتها الخاصة كما السلام , لقد فرضت أيديولوجيا زمن الحرب نمطا وشكلا علاقاتيا انجز ذلك المجد الاثيلي لكريولانز ومن هنا تبدأ مأساته , لقد حقق ذاته في زمن الحرب في ظل أتحاد النقيضين , مؤسسة الدولة والشعب الروماني , الا انه لا يدرك ان ثمة حتمية ستفرص تغير شكل العلاقات وان كان ذلك اكثر ثباتا واقل حركية موازنة بالتغيرات التي تطرء على المحتوى , لقد جعله موضوع بحث داخل سياق التاريخ , فبدى وعيه وادراكه معطوبا تماما قاده الى تناقض ذي حدين الاول مع المؤسسة الرومانية - الدولة - والثاني مع الشعب , لقد اعلنت السلطة استراتيجها المنسجم واهدافها في زمن الحرب والسلام وادارة اتجاه المعركة من خارج الاسوار الى داخلها , لقد كثف كرومي ذلك بتاسيسه خطا توتريا للاحداث أدخله منعطفات كثيرة متجنبا التوالد والتخارج للفعل , وكشف عن خط بياني تاويلي بدى خلاله كريولان منسجما مع السلطة في الجوهر دون ادراك منه , أنه لم يخلق بينه وبين السلطة تعارضا كليا , فهي التي اعدته لهذا الدور واعدته للدور ايضا - وهذا ما لا تجده في نص برشت - .

لقد بدا كريولانز داخل تطورات الواقع دون ان يدركها لأنه لم يمارسه على اساس معطياته الحركية فهو لايريد التغيير لأنه لا يمكن ان يتغير أنه في تعارض كلي مع الشعب الذي اوجده ذات يوم وللشعب نهجه الحياتي وخبرته وتجربته التي بدت تتمخض عفويا أنطلاقا من التراكمات التي افرزتها تجربة الحرب والدم , هنا ينقل الاحداث الى المتلقي الذي سيقرأ خطاب العرض بمنهج موازي لمنهجية السرد والروي ألا أنه بعيدا عن التامل البرشتي او الانغماس والتورط الارسطي في استهلاك قدرة التلقي , أنه ينتج الحدث بمؤشرات واقعه التي اكتشف بها الواقع المعروض لينتج قانونه البعدي الذي جعله واثقا من أن أنتصار كريولان كان الثمن المدفوع سلفا لهزيمته.

ان القوة التي مكنته من الانتصار هي ذاتها سبب هزيمته .

* أستاذ مساعد دكتور .
أستاذ فلسفة الفن في كلية الاداب جامعة الكوفة 
أستاذ الاخراج المسرحي في الفنون الجميلة جامعة بابل 
سكرتير رابطة بابل للفنانين والكتاب /هولندا 

--------------------------------------------------------
المصدر : الناس

تابع القراءة→

الثلاثاء، أبريل 26، 2016

‬التكنولوجيا في المسرح الجديد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

‬يقوم ‮ ‬عرض‮ »‬معدل سرعة الهروب‮« ‬الذي‮ ‬قدمته فرقة المسرح الأسترالي‮ ‬في‮ ‬الفراغ،‮ ‬وهذا العرض‮ ‬يخلق حوارا بين مفاهيمنا البصرية والشفاهية والحركية باستخدام الفراغ‮ ‬الحقيقي‮ ‬والفراغ‮ ‬الافتراضي‮ ‬المبتكر بواسطة‮ »‬خدمات الشبكة الرقمية المتكاملة‮ ‬ISDN‮« ‬والفيديو كونفراس‮ (‬أو اللقاء عبر الفيديو‮). ‬وتستخدم الفرقة المفهوم الذي‮ ‬يقول إن الفراغ‮ ‬المسرحي‮ ‬يفهم علي‮ ‬أنه‮ ‬غير مرئي‮ ‬ولا محدود ومرتبط بمستخدميه،‮ ‬وكما‮ ‬يقول‮ »‬باتريس بافيس‮« ‬إن الفراغ‮ ‬لا‮ ‬يمكن ملئه بل‮ ‬يتم توسيعه،‮ ‬ويمكن تجاوز الحقيقة عندما‮ ‬يصحب الممثل الحقيقي‮ ‬ممثلاً‮ ‬افتراضيًا‮ ‬يتم احضاره إلي‮ ‬خشبة المسرح باستخدام وسائل تقنية،‮ ‬ويمكننا أن نصف حقيقتين الفراغ‮ .. ‬الذي‮ ‬يحدث فيه العرض حيث تتم مشاهدة الراقصين بواسطة الكاميرا،‮ ‬وهاتان الحقيقتان تخلقان حقيقة ثالثة مشتركة بين كلا الراقصين‮ (‬الحقيقي‮ ‬والافتراض‮).‬
ويستفسر مسرح‮ »‬الحركة عن بعد‮ ‬Telematic theates‮« ‬عن مفاهيم مثل الهوية والفراغ‮ ‬والزمن،‮ ‬ومفهوم الحقيقة الطبيعية والاصطناعية،‮ ‬وفي‮ ‬عرض‮ »‬جنون الملائكة‮« ‬(1994)‮ ‬لفرقة كوربسندايس الكندية‮ ‬يحظي‮ ‬كل راقص بحضور مزدوج،‮ ‬الأول حقيقي‮ ‬ومباشر،‮ ‬والآخر حضور حركي‮ ‬عند بعده ويمتلك كل راقص إشارة مشفرة علي‮ ‬جسمه تولد البيانات وترسل هذه المعلومات المنظمة إلي‮ ‬موقع آخر وتولد فراغًا موسيقيًا،‮ ‬وفي‮ ‬هذه الدائرة الإبداعية التفاعلية‮ ‬يمكن لكل راقص أن‮ ‬يعي‮ ‬نتيجة أفعاله وحركاته‮ - ‬فالصوت الصادر من مكان له تأثير علي‮ ‬الصوت في‮ ‬مكان آخر،‮ ‬ويضع نظام الفيديو كونفراس‮ ‬(ISDN)‮ ‬الزمن في‮ ‬مركز الأداء ويوسع معانيه،‮ ‬وربما‮ ‬يتصادف أثناء تحول الراقص أن تختلط وحدات الزمن ومناطقه‮ - ‬أو الزمن من حيث تضافر الماضي‮ ‬والمضارع والمستقبل هو الزمن الذي‮ ‬أسميه‮ »‬الزمن الحجمي‮ ‬Dinensional Time‮«. ‬فالمسرح لم‮ ‬يعد‮ ‬يتعامل مع الأشياء بل المادية،‮ ‬بل أصبح‮ ‬يتعامل مع الإشارات الرقمية المتوائمة والمتناسقة مع الزمن الحقيقي‮.‬
والأداء التجسيدي‮ ‬Avatar Performance‮ ‬هو المعمل الذي‮ ‬يلعب فيه الممثل دور فأر التجربة ويلعب فيه المخرج دور العالم،‮ ‬ففي‮ ‬عرض‮ »‬موفاتار‮« ‬الذي‮ ‬قدمته الفرقة الأسترالية‮ »‬ستيلارك‮« ‬هو تجربة‮ ‬يتم من خلالها تحريك الجسم البشري‮ ‬باستخدام كمبيوتر ثلاثي‮ ‬الأبعاد‮ ‬يولد جسما افتراضيا‮. ‬والعرض‮ ‬يقوم علي‮ ‬التحريك العكسي‮ ‬لنظام تحكم،‮ ‬بدلا من التحريك المجسم لجوهر الكمبيوتر،‮ ‬فالنموذج المجسد‮ ‬يمتلك جسما ماديا موجودًا في‮ ‬الفراغ‮ ‬الحقيقي،‮ ‬إذ‮ ‬يمكن التحكم في‮ ‬ذراعي‮ »‬ستيلارك‮« ‬والجزء العلوي‮ ‬من جسمه بواسطة العموض الفقري،‮ ‬بينما تظل رجلاه‮ (‬قدماه‮) ‬حرتي‮ ‬الحركة،‮ ‬وتلامسا الأرضية التي‮ ‬تهدئ من حركته،‮ ‬وهذا العرض‮ ‬يوضح أن التطور التقني‮ ‬أوصلنا إلي‮ ‬نقطة أن خيالنا حول موائمة الإنسان ليست محصورة فقط في‮ ‬استخدامنا العادي‮ ‬للأشكال‮ (‬الملابس‮) ‬والألوان‮ (‬المكياج‮).‬
ويسمح عرض‮ »‬التميز في‮ ‬مساحة السيطرة الآلية‮« ‬الذي‮ ‬قدمته فرقة‮ »‬سايبر ثياتر‮ ‬Cyber theater‮« (‬عام‮ ‬1997‮) ‬للمشاهدين باستخدام‮  ‬الإنترنت والكمبيوتر أن‮ ‬يظلوا في‮ ‬البيوت،‮ ‬فالعرض‮ ‬يعكس الزمن الذي‮ ‬نعيشه‮. ‬إذ‮ ‬يمكننا أن نقابل الذين لم نقابلهم ولم نراهم أبداً‮ ‬عن طريق الإنترنت،‮ ‬ومن خلال النصوص المتبادلة بينهم سوف تولد الشخصيات،‮ ‬ولكن سوف‮ ‬يظل هذا الشخص مجرد معلومات نصية حتي‮ ‬نقابله شخصيا،‮ ‬ومسرح التحكم في‮ ‬الاتصال هو وسيط إدراك المشاهدين‮ - ‬فالحواس الرقابية محدودة،‮ ‬وتحرك خبرة العمليات العصبية في‮ ‬بيوت المشاهدين،‮ ‬ويري‮ »‬جاي‮ ‬ديبور‮« ‬التكنولوجيا ووسائل الاتصال أنها آليات قوية تجعل الأفراد طائعين بلا إحساس‮ ‬يشاهدون ويستهلكون فضلا عن العمل والتفاعل،‮ ‬وأن الأداء عبارة عن ترفيه‮ ‬يسيطر علي‮ ‬المشاهد،‮ ‬مع أنه‮ ‬يوضح من الناحية الأخري‮ ‬أن الحياة ليست في‮ ‬جانب والمسرح في‮ ‬جانب آخر‮.‬
وعرض‮ »‬هامنت‮ ‬Hamnet‮« ‬الذي‮ ‬قدمته فرقة‮ »‬IRC‮ ‬دراما‮« ‬باستخدام الحضور العام للناس والمشاهدين‮ ‬يستعرض فيه المؤلف‮ »‬ستيوارت هاريس‮« ‬مداعباته اللغوية من خلال مزج الشخصيات الأساسية في‮ ‬نص شكسبير مثل‮ »‬هاملت‮« ‬و»أوفيليا‮«... ‬إلخ باستخدام افتتاحية معاصرة،‮ ‬ودور المشاهدين في‮ ‬هذا العرض هو أداء النص وليس المسرحية نفسها،‮ ‬فـ»هامنت‮« ‬يتلاعب باللغة ويبتكر فكاهات لفظية تغير كل شيء‮ - ‬الأنشطة والشخصيات والأصوات‮ - ‬إلي‮ ‬نص،‮ ‬ومن أجل الاستمتاع بالنكات من الضروري‮ ‬نكون ملمين بنص شكسبير واللغة الإنجليزية ولغة الإنترنت المشفرة والأسماء المختصرة وأوامر برنامج‮ ‬IRC‮ ‬جيداً‮. ‬كما‮ ‬يتم إثراء النص بواسطة ارتجالات الممثلين الذين‮ ‬يظهرون براعة في‮ ‬الاستخدام اللغوي‮.‬
ويؤكد‮ »‬هاريس‮« ‬أنه‮ ‬يمكننا أن نمتلك زمام النص عندما تكون موسيقي‮ ‬الممثل فقيرة،‮ ‬لأن النصوص خالدة ولا‮ ‬يهم الزمن التي‮ ‬تقدم فيه‮.‬
وقدمت مؤسسة‮ »‬يلسان‮« ‬الإيطالية نص‮ »‬ماكبث‮« ‬وأضافت له أصواتًا وصورًا عن طريق وسيط جديد هو‮ »‬النص المتوالد‮ ‬hypertext‮« ‬في‮ ‬عرض بعنوان‮ »‬هايبر ماكبث‮« ‬(2001)،‮ ‬يروي‮ ‬القصة بشكل متزامن بالإنجليزية والإيطالية،‮ ‬وتم تزويد المسرح التقليدي‮ ‬بالشخصيات التي‮ ‬وقفت جميعها علي‮ ‬خشبة المسرح معا في‮ ‬وقت واحد وبشكل متساوي،‮ ‬والعرض ترك لكل مشاهد الحرية في‮ ‬ابتكار حكايته،‮ ‬والعمل علي‮ ‬تطويرها حتي‮ ‬تكون فريدة بشتي‮ ‬الوسائل،‮ ‬باعتبارها شبكة احتمالات مماثلة لحياتنا اليومية المليئة بالبدائل والنتائج،‮ ‬والنص المتوالد في‮ ‬عرض‮ »‬هايبر ماكبث‮« ‬هو عرض مميز لأنه مبتكر بواسطة برنامج من تصميم الفرقة‮ ‬يقرر أي‮ ‬الكلمات والرسوم هي‮ ‬التي‮ ‬تصل،‮ ‬رغم أن المشاهدين‮ ‬يصنعون اختيارتهم بأنفسهم‮. ‬وقد ابتكرت الفرقة مسرحًا رمزيًا كاملاً‮ ‬وطبقت الفكرة التي‮ ‬نادي‮ ‬بها‮ »‬آرتو‮« ‬أن الكلمة‮ ‬يجب أن تعامل مثل الشيء الجامد لكي‮ ‬نستخدمها في‮ ‬تحريك الأشياء،‮ ‬فالمسرح مثل الحياة اليومية لا‮ ‬يهتم الناس بالكلمات كثيرا‮.‬
ومن خلال‮ »‬التحكم الآلي‮ ‬في‮ ‬الأداء الثنائي‮ ‬البعد‮ ‬The two dimenstonel cybesformance‮« ‬الذي‮ ‬ابتكرته‮ »‬هيلين فاليري‮ ‬جايمسون‮« ‬لوصف الفعاليات التي‮ ‬تقدمها فرقة‮ »‬سايبر بودي‮ ‬كوليجين‮«‬،‮ ‬إذ قدمت الفرقة أربعة عروض في‮ ‬مدة‮ ‬12‮ ‬ساعة لمسرحية‮ »‬تجميل الأمة‮« ‬(2003)‮ ‬والتي‮ ‬تم ابتكارها من خلال تطبيقات الدردشة‮ ‬Chat Applicatiore‮ ‬القابلة للتحميل،‮ ‬فالقصر المذكور في‮ ‬النص والممثلين والمشاهدين كانوا جميعا حاضرين علي‮ ‬الإنترنت،‮ ‬بأشكال مجسدة ثلاثية الأبعاد،‮ ‬مع أن حوارهم كان مكتوبا بطريقة مجلات الرسوم المتحركة في‮ ‬شكل فقاعات الرسوم الكرتونية‮.‬
وقدمت الفرقة الإنجليزية‮ »‬نظرية الصخب‮« ‬في‮ ‬عرضها‮ »‬اختطاف‮« ‬(1998)‮ ‬لعبة الرقابة اللصيقة،‮ ‬إذ عرضت الفرقة ورقة‮ ‬يانصيب‮ ‬يحصل الفائز بها علي‮ ‬فرصة الاختطاف،‮ ‬ثم‮ ‬يتم اختيار عشرة فائزين للتصفية النهائية بشكل عشوائي‮.‬
وهذه العملية تعرض مباشرة باستخدام كاميرا فيديو داخل المقر للاتصال الحي‮ ‬بالخاطفين،‮ ‬وتعكس لعبة الرقابة الواقعي‮ ‬صورة المجتمع الذي‮ ‬يعامل أفراده كحيوانات تجارب،‮ ‬وجوهر عرض‮ »‬الخطف‮« ‬يقوم علي‮ ‬أسلوب ستانسلافسكي‮ ‬التجريبي،‮ ‬فالعرض له قواعد ثابتة ومؤدين وبداية ونهاية ووسط مرتجل وشكل مفاهيمي‮ ‬وزمن ومهمة محددة‮.‬

تابع القراءة→

مسرح الطفل ملاحظات وحلول / علي حسون لعيبي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

الطفل هذا التكوين العمري المهم في بناء المجتمعات ورقيها ،  والشعوب المتحضرة تضع في أولوياتها هذه المهمة الصعبة والعسيرة من خلال خططها المرحلية والستراتجية وترصد الأموال اللازمة لتحقيق هذه الغايات،  ولكن يبدو أننا لم نعِ اهمية اعداد الطفولة بالشكل الصحيح والمنهجي والعلمي من خلال التخبط وضعف الرؤية لمستقبل اجمل وافضل لهم،  ومن وسائل هذا الاهتمام هو مسرح الطفل لأن(مسرح الأطفال أعظم اكتشافات القرن العشرين) كما أكد الكاتب الاميركي مارك توين .. تلك الوسيلة والغاية التي تغني العقول وتهذب النفوس وتخلق جيلا واعيا يستطيع أن يواكب التطور الحياتي السريع الذي يشهده العالم المعاصر .. وفي العالم العربي كانت بداية المسرح جدا متأخرة مقارنة بالعالم في اوربا وامريكا ربما كان هذا لأسباب اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية  .
فكانت حكايات خيال الظل  أول بداية لمسرح الطفل في القرن السابع الهجري ويرجع الفضل في نشأة هذا الفن إلى ابن دانيال الموصلي ..
لقد أصبحت هذه الفنون تقدم مجالا جميلا للضحك والمتعة  والجمال إلى كل من الكبار والصغار وخصوصا الأطفال الذين كانوا ينجذبون إليها فتجعلهم يعيشون كلا العالمين..لكن لم  يصل لغاياته المثلى في خلق النموذج الايجابي للانسان ودوره الانتاجي في الحياة ، وفي لمحة سريعة لتاريخ هذا المسرح .. كان هذا الفن يندرج تحت اسم +مسرح العرائس؛ الذي ظهر قديماً عند الفراعنة، وأيضاً الإغريق الذين كانوا يلقِّنون الجند فن المحاكاة، وتمثيل أدوار تمثيلية تتعلق بالمروءة والفضيلة والشجاعة والدفاع عن الوطن . وكذلك الصينيين الذين تفننوا فى تمثيليات خيال الظل، ونقلها عنهم المغول وحملوها إلى العراق التي غزوها، ثم ظهر هذا الفن على يد الحكيم شمس الدين بن الخزاعي الموصلي الذي نزح إلى القاهرة، ثم وصل هذا الفن إلى تركيا عام 1517م في عهد السلطان سليم الأول، لينتشر لاحقاً في أوربا.
و اليابانيون تلقوا هذا الفن باهتمام شديد، وأعادوا اكتشافه على طريقتهم الخاصة ، وعملوا على تطوير أدواته وأفكاره حتى أصبح له كيان مستقل.يعمل بشكل دؤب لمصلحة الطفل .
 وظل المجتمع العربي غير مهتم بهذه الشريحة اقصد شريحة الطفولة ومناهج تطورها .. ومنها الفن المسرحي وبالتخصيص مسرح الطفل لفترات طويلة.

ولمسرح الطفل وسائله الفريدة للوصول الى عقل الطفل اهمها ..

1-وصول المعلومات التربوية والعلمية بشكل غير مباشر.

2-تجاوز الروتين اليومي المعتاد بما لايتعارض مع سلوكيات ولعب الطفل اليومية

3-خلق عالم التشويق الصوري والسمعي لشد الانتباه.

4- المشاركة الوجدانية وهو كمشاهد ومتلقٍ في فعاليات العمل المسرحي .

من هنا تأتي اهمية مسرح الطفل في الوصول بخيال وعقل الطفل لغايات سامية أو شريرة تبعا للطروحات الفكرية.

لكن أين هو مسرح الطفل في العراق والعالم العربي ..؟ هناك اهمال كبير ويبدو مقصودا وممنهجا لهذا الفن الحيوي .. ونرى ذلك بوضوح من خلال عدم فعالية المؤسسات التربوية الفنية وعدم الاهتمام فيها .

أين درس المسرح في المناهج الدراسية .. ؟وأين قاعات العرض المسرحي..؟ اين هو الملاك الذي يعلم الطفل المبادئ الاولية لفن المسرح ..؟

ومن الغرائب في العراق أن المعلم أو المدرس يجبر أن يدرس فن الرسم وهو اختصاصه مسرح أو اخراج .. وهذا تجني على الاختصاص والطفل .

نحتاج الجدية والمثابرة والتنظير التربوي الصحيح لماهية احتياجات الطفولة والعمل على تفعيلها ونرى ممكن أن يتحقق ذلك من خلال ما يلي:

1- الايمان بقدسية وأهمية مرحلة الطفولة وحقها الانساني علينا في مراعاتها والاهتمام بها .

2-على دائرة الطفل في وزارة الثقافة الاهتمام بالبني التحتية لمسرح الطفل من خلال وضع الخطط الناجعة لبناء المسارح والكادر المتفهم للعمل مع شريحة الاطفال .

3- لوزارة التربية والتعليم العالي من خلال معاهدها وكلياتها الدور الاكبر في تخصيص اقسام مستقلة لفن مسرح الطفل ..وكذلك وضع منهج الزامي في المدارس الابتدائية لمسرح الطفل .

4-اعداد ورش علمية لمناقشة المستجدات الجديدة في عالم تطور علم الطفولة وبشكل خاص مسرح الطفل ويمكن الاستعانة بالخبراء الدوليين في هذا المجال وعدم اغفال الخبرات العراقية المهمة .

5-دعم الفرق المسرحية التي تعني بالطفولة والزام دائرة السينما والمسرح بتكوين فرق مسرحية متخصصة بمسرح الطفل في كل محافظة وكذلك تعميم ذلك في النوادي الشبابية والمنظمات الجماعرية والمهنية وصولا للمدارس.

6- توفير الامكانات للمسرح المدرسي ودعمه ونرى هنالك فرق واعدة ممكن أن تعمل شي من خلال زجها في المهرجانات الدولية والعربية والمحلية .

ونحن المهتمون بالمسرح نشكو ندرة الاعمال المسرحية الجادة والهادفة بل أن التفتيش عن العروض المسرحية يحتاج الى بحث مضنٍ لعدم التسليط الاعلامي لما يعرض او سيعرض ..طبعا عدا العروض في الكليات والمعاهد الفنية التي تدخل ضمن المنهج الدراسي .. عند متابعتي لم اعثر على نشاط مسرحي جاد للطفل .. والسبب اما الاعلام او ضعف الدوائر الاعلامية المهتمة بهذا الفن المهم .
---------------------------
 المصدر : الزمان 
تابع القراءة→

الاثنين، أبريل 25، 2016

تصارع المثال والواقع في دكتاتورية الجسد / د. نادية هناوي سعدون

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 25, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تعد المونودراما شكلا من أشكال الدراما وهي فعل درامي ذو منحى قصصي تحتل فيه الحركة التمثيلية موقعا مركزيا ليحقق بعضا من جماليات الأداء المسرحي. والمونودراما ايضا عمل تجسيدي لا تجريدي يستطيع الوقوف على المسرح كما يستطيع المثول بين ضفتي كتاب على حد تعبير الشاعر صلاح عبد الصبور، وهي تقوم على سيادة شخصية أحادية لتؤدي دورا مهيمنا على مساحة العرض المسرحي كله متبنية رؤية موضوعية كي تعبر عنها.
وإذا كان هناك اختلاف جوهري بين الدراما والفلسفة بوصف الأولى صراعا ذهنيا بين الفكرة والشعور وبكون الثانية تجريدا منطقيا؛ فإن اللمحة الخفية التي تجمع بينهما هي الموضوعية. وتستعير المونودراما كشكل مسرحي معاصر من السرد رحابة أبعاده التخييلية ومن الشعر جماليته الأدائية، وتنماز عن الأوبرا أو الأوبريت بكونها عبارة عن شكل مصغر للمسرحية يحمل طابعا شعريا أو نثريا لكنه ليس غنائيا.. وتهيمن الشخصية الوحيدة على المسرح مستبدة بالرؤية والتشخيص حركة وانفعالا عبر توظيف الحوار الخارجي (المنطوق) والداخلي (الصامت) مع الزج بالمقاطع السردية بين الحوارات. وإذا كان الشخصية المونودرامية تتقمص عدة وجوه وتؤدي عدة أصوات؛ فإن تلك التعددية الصوتية لا تعني أنها تشبه الرواية المتعددة الأصوات التي تستلزم عدم وجود وجهات نــظر متباينة. وهذا ما نجده في النصوص المونودرامية الخمسة لمجموعة (ثمة من يقف وحيدا على حافة الوقت) للدكتور علي حداد وهذه النصوص تميزت بنزعة تأويلية تظهر المخبأ على شكل ثنائيات متضادة كعلاقة الأفكار بالأفعال والروح بالجسد والحرب بالحياة والماضي بالحاضر على وفق رؤى تأملية وفلسفية تستعين بمختلف الوسائل البلاغية وأدوات الإبداع الجمالية. ولئن كان الشعر غير كاف للتعبير عن الاحتدام الشعوري وضجة الوعي اللذين يتطلبان مقدرة على الانجاز؛ فإن توظيف المونودراما في هذه النصوص بدا أمرا محتما. والنصوص الخمسة هي على التوالي ( دكتاتورية الجسد ومخلوقات الغواية النبيلة والصافي في قصيدته الأخيرة وآخر حلاقي المملكة ورسالة الأوجاع البغدادية)، وتعد مونودرامات ذات قوالب شعرية تقدم الشخصية المأزومة وهي تعاني صراعا نفسيا وتحديا أخلاقيا في أجواء من التبدل والتلون والتحول تفاعلا ونماءً وحيوية عبر لغة تكتنز بطاقة شاعرية تتماهى تارة بالحوار الباطني المونولوجي وأخرى بالحوار الخارجي المنطوق. وقد عمل الصراع على تحريك هذه النصوص فكريا أزاء قضية ما مفلسفا كينونة الشخصية في علاقتها بالناس والمجتمع وبطريقة هارمونية احتدامية مؤثرة وفاعلة تعتمد التآلف بين الرمز والواقع من جهة والحقيقة والخيال من جهة أخرى وهذا ما أوجد تضادا ومفارقة وتغريبا.. وقد أدى التوزيع للاعتراضات بالجمل السردية وظيفة درامية أسهمت مع الحوارات الخارجية والداخلية في تصاعد الأحداث ونمو الشخصية وتطورها، وهذا ما منح البنية المسرحية مزيدا من التوازن في بلورة الصوت الدرامي. ولان نصوص (ثمة من يقف وحيدا على حافة الوقت) هي أدائيات شاعرية لذلك فإنها تميزت بدفقات شعورية عالية جعلت الشخصيات كيانات جدلية ذات احتدامات عقلية وذهنية لتؤدي أدوارا دراماتيكية تستحث المفارقة حينا والتغريب أحيانا بغية التعبير الجمالي عن قضية فكرية أو رؤية تأملية.. ويقوم أول نص مونودرامي وعنوانه (دكتاتورية الجسد) على رؤية تأملية تحاول فلسفة العلاقة بين الجسد والروح، الأول بانكساره المعنوي وتشظيه النفسي، والثاني بهيامه المثالي ليتحولا إلى جزأين متغايرين ومتضادين، الجزء الأول هو (سامي) الذي يمثل النصف العلوي الراقي والمتسامي بمثاليته الطوباوية وأحلامه الوردية وشفافية عواطفه وسمو وجدانه. والجزء الثاني (سافل) النصف السفلي المراوغ والمخاتل والشرير الذي ينحط بواقعية إلى شر مستطير نازعا نزوعا بوهيميا ممعنا في إشباع نزواته السوداوية والتمتع الآني بما هو غرائزي في أجواء من الظلام والانتشاء وبأي وسيلة كانت لأن المهم عنده اللذة الفردية من دون اكتراث لمشاعر الآخرين ومصالحهم.. ويشكل الصراع اللبنة الثانية في النص، بعد الحوار والصوت الخارجي، والتي يقوم عليها الفعل الدرامي ويكون انقسام الشخصية الوحيدة في المونودراما رمزا للأفكار الطوباوية التي لا مجال للجسد أن يحولها إلى أفعال ويكون نتيجة هيامها الروحي تعاسة نفسية للجسد .. واذا كان النص قد ابتدأ متباهيا بالروح بصوت الأنا فإنه تحول في الخاتمة إلى كينونة واحدة بروحها وجسدها، اذ ما عاد للروح أن تهيم على حساب الجسد، بل صار عليهما أن ينتظرا ليؤديا دورين في آن واحد دور المتسلط ودور الخاضع، الأول هو الجسد بحضوره الواقعي والثاني الروح بغيابه المؤجل في ملكوت الهيام والخيال. وبذلك تتأكد وجهة النظر الواقعية التي تعترف أن الوجود لن يتجلى أمامنا حاضرا إلا بتوازٍ عادل للأفكار والأفعال وبتجاوب منطقي بين الغياب والحضور والخيال والحقيقة بذلك يرتقي الإنسان بروحه وجسده معا. أما التنكر للواقع والهيام بالوهم فذلك نتيجته الاصطدام والخيبة التي تعطل وظيفة الجسد والروح معا.

------------------------------------
المصدر : شبكة الإعلام العراقي

تابع القراءة→

إشكالية التلقي في الخطاب المسرحي / سافرة ناجي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, أبريل 25, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

وضع لنا ارسطو اشتراطات  للخطاب المسرحي بعد ان درس الظاهرة المسرحية بشكل واع وحفر في تركيباتها، التي بلورها في مجموعة من الاشتراطات، ومن أهمها أن يكون الخطاب متهيكلا على وفق ما يمكن أن يحدث، او على ماهو كائن، أو أدنى مما هو كائن وأكد أهمية  ان يكون متمثلا للشرط الاول بوصفه استشرافاً تنبئياً للمستقبل، وهذا لايعني أن يكون متعاليا على الواقع بدرجة يتفارق معه. وبين شروط الجمال والواقع هناك الكثير من الالتباس الذي يهيمن على هذا الفعل الابداعي بوصفه أحد انساق التعبير التي عرفتها ثقافتنا في وقت متأخر، وهذا لايعفي او يسوغ لمزيد من اللافهم له. لانه بعد ان تجاوز فعل التعاطي مع الثقافة المسرحية مايزيد على أكثر من قرن، فمن غير المقبول أن يبقى الالتباس يلف هذا الخطاب، وسبب ذلك الاصرار على تأكيد  سوء الفهم لارساليات هذا الخطاب، ولانه لايحقق كينونته الجمالية الا بشرط تقديمه الى الجمهور(المتلقين)، وعندنا انقسم بين تركيبين دراميين لاغير، فالتركيب الاول المسرح الجاد الذي يغرق في الغموض والتهويم الايحائي، وهذا الشكل قد حال دون تواصل جمهوره مع ارسالياته الجمالية، والتركيب الثاني ما يطلق عليه اصطلاحا المسرح التجاري او تزويقه بالمسرح الشعبي، اذ تدنى في خطابه دون الواقع بكثير مما اساء الى الذوق العام، وكلا التركيبين أسهما في نفور الجمهور منهما،وبقي، يتراوح بين القبول وعدم الاستجابة له مما أسهم في تعطيل الفهم والتواصل معه.

لأن صانع  هذا الخطاب الابداعي افترض ان المتلقي يقبل ويستسيغ ويستجيب لأي شكل. ناهيك عن الخلط في مفاهيم الجمال المسرحي كما  انه جزم بأن الزج العشوائي بمفردات وعلامات بشكل عشوائي هي احد ممكنات الابداع، فضلا عن الجهل باشتراطات البث الجمالي المسرحي، الذي يحدد بحسب فلسفة شكل ومضمون الخطاب الجمالية، اذ لا يفرق بين بين نوع واخر، فتراه يقدم خلطة غير واضحة تغوص في الغموض والفوقية التي لاتنتمي الى الخيال او الواقع، مما يؤدي الى النفور من الخطاب. او انه يضع متلقيه في دوامة اللافهم، فتجد الخطاب غير منسجم في تشكيل منظومته الفنية.

فضاء النخبة

وهنا نقول ان هذا احد اهم الإشكاليات التي نأت بالخطاب المسرحي عن جمهوره، ونفرته منه، وبالتالي لم يتمكن من ان يصنع جمهورا متذوقا يتابع فعله الثقافي ويبحث عنه. وعندها فقد خطابنا المسرحي قدرة التاثير أو التغيير في محيطه الاجتماعي، فبقي يدور في فضاء النخبة، وهذا  الفهم اليسير جعل من الخطاب المسرحي خطابا منغلقا على ذاته، ما أفرز فوضى ثقافية تتجاذبها انماط الشللية والصراع بين صناع الخطاب المسرحي، اذكل مجموعة مسرحية لا تسمع الا صوتها. والخطاب المسرحي متفرد بعده خطاب فهم الاخر وقبول الرأي والرأي الاخر، فكان سريع الاستجابة للطائفية السياسية في اسوأ صورها ومتماهيا معها في قبول او رفض صوت اي منجز اخر ،وكأن الطائفية  السياسية. قد انعكست على مجمل الحراك الثقافي، وهذا لايعني رفض الجماعة الثقافية، بل على العكس من ذلك انها تكون اكثر فاعلية في ترسيخ ثقافة المسرح لدى الجمهور، وتكون احدى علاماته السلوكية.وان لا ينحسر في التعبير عن حاجة جماعة محدودة في الفكر ومنتميا لطروحاتها فقط.  نجد انها لا تنتج غير الالتفاف على براغماتية هذه الجماعة مما يعطل الخطاب المسرحي عن انتاج وقراءة  راهنية الواقع واستشراف معطيات ما يمكن ان يحدث.

دور المسرح

وهنا نجد ان خطاب المسرح بحاجة الى اعادة قراءة اهم مقولاته الاجتماعية (اعطني خبزا ومسرحا، اعطيك شعبا مثقفا). وفي رأينا  ان دور المسرح الابداعي في مجتمعات تغص في اشكاليات فكرية واجتماعية، يشترط عليه ان يكون فاعلا اجتماعيا بامتياز، لا ان يعيش في حلم التجريب المقلد والمستنسخ، الذي انتج بدورها اشكالية في تلقي الخطاب المسرحي على مستوى النخبة والعامة معا. لأن فنون الاداب والتعبير لا تحقق ذاتها الا بحضورها الفاعل في حاضنتها الاجتماعية، وهذا لا يحدث الا اذا تنازل صناع الخطاب عن نرجسية الابداع التي تمثلهم حصرا، فكيف يمكن ان يغير الخطاب المسرحي في الذوق العام وصناعه لايقبلون رأياً نقديا يتعارض معهم .

------------------------------------
المصدر : شبكة الإعلام  العراقي
تابع القراءة→

الأحد، أبريل 24، 2016

محاكمات مسرحية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, أبريل 24, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

أنيتا سوبولوفا (خبير قانونى)، أولجا شاكينا (قاضية)، ميخائيل كالوزسكى (القاضي المساعد)
عن العرض المسرحي «محاكمات موسكو» للمخرج السويسري “ميلو راو”

محاكمات مسرحية.. المسرح كفعل وإعادة تجسيد


في عام 2013 قدَّم المخرج السويسري “ميلو راو” تجربة مسرحية في غاية الخصوصية، أصبحت فيما بعد تُشكِّل أسلوبًا مسرحيًّا خاصًا به وعلى نطاقٍ دولي. فقد عَقَد “ميلو راو” عرضًا مسرحيًّا على مدار ثلاثة أيام في متحف ساخاروف بموسكو، كإعادة تجسيد لمحاكمات حقيقية جرت في العاصمة الروسية خلال الأعوام 2003 و2006 و2012. لقد أراد المخرج السويسري الشاب حينذاك أن يفتتح أسلوبًا مسرحيا لا يضم ممثلين ولا إخراجًا مسرحيًّا بالمعنى المتعارف ولا حتى خشبة مسرح.. وقد نجح.

كانت موسكو قد عانت مما اعتبره الفنان تعسفًا في التعامل مع الأعمال الفنية على فتراتٍ متباعدة، ففي عام 2003 تعرض المعرض الفني “Caution! Religion” إلى المنع وتمت محاكمة فنانيه، وما لبث أن حلَّ عام 2006 حتى تعرض معرضٌ فنيٌّ آخر بعنوان “Forbidden Art” إلى مصيرٍ مماثلٍ لسابقه، وفي الحالتين صادرت الدولة محتويات المعرض أو تم تدميرها، ثم أُخلي سبيل الفنانين بكفالة بعدها.

أما الحدث الأقرب زمنيا فهو الدقيقة التي قضتها ثلاث نساء شابات في العشرين من أعمارهن (Pussy Riot) في الغناء وعزف الموسيقى داخل كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو، وهو ما أدى إلى القبض عليهن ومحاكماتهن وترحيل اثنتين منهن إلى معسكر تأديبي بينما تم إخلاء سبيل واحدة فقط.

تعد تلك الأحداث هي مصادر الإلهام الفني لميلو راو في إبداعه لعرضه الفريد، فهو من ناحية يسعى من خلال المسرح إلى مساندة حرية التعبير الفني، لكنه أيضا يفسح الفضاء المسرحي لآليات المحاكمة التقليدية مما يعتبر استعادة للدور القديم للمسرح كحيز عام للمدنية وللديمقراطية يجوز من خلاله -ولو بشكل مؤقت وافتراضي- إجراء مراجعات موضوعية للآراء المجتمعية المتعارضة حول موضوع حرية التعبير كبديل حيوي لنتائج المحاكمات الأصلية.

آنا ستافيتسكايا (محامى الدفاع) مع ليونيد بازهانوف


هكذا استلهم المخرج الموضوع والشكل الفني من الحدث الحقيقي الأصلي، فكسر مواضعات مسرحية في خطوة واحدة وثبّت قدميه في مجال المسرح كفعل وكإعادة تجسيد، وليس المسرح كتخييل وكسرد خيالي. لقد استبدل “ميلو راو” الخشبة المسرحية بفضاء المحاكمة وبالتقسيم المتعارف عليه لمواقع القضاة والمحلفين والمحامي المدافع والمدعي بالحق العام، كما استبدل الفكرة التقليدية للممثلين بأشخاص حقيقيين يظهرون في شخصياتهم وأدوارهم الحقيقية كي يعرضوا وجهات نظرهم الحقيقية بتلقائية وبدون سيناريو مسبق، غير أن الجميع يشارك على منوال نسق وترتيب المحاكمة التقليدية.

هناك قضاة حقيقيون ومحامون ومحلفون، ويظهر الجميع في مِهَنهم الأصلية ويُدلون بمنظورهم حيال القضية. هناك اتهام حقيقي، ويدافع المتهمون عن أنفسهم كما يدافع عنهم محامون محترفون، هناك أيضا شهود، وفي النهاية يصدر قرار المحكمة. أما الفارق الوحيد بين هذه الحالة والمحاكمة القضائية الحقيقية فهو أن الحكم في حالتنا لا يستتبع أية مترتبات قانونية في الواقع. هكذا يتخلق توتر رائع لاسيما عندما يحمل كل متفرج وجهة نظره الخاصة إزاء القضية محل النظر.

            ياكترينا ساموتسيفيتش (Pussy Riot)


لقد ضحى “ميلو راو” بسيطرته كمخرج، بل ضحى بمجرد معرفته بالمسار الذي سوف يؤول إليه الفعل المسرحي، فالأحداث طازجة طزاجة لحظة إنتاجها أمام جمهور المحاكمة-العرض ولا أحد يعرف ما سوف يدلي به الآخر سلفًا ولا حتى ما سوف يقرره المحلفون في نهاية الرحلة. وقد كانت هذه الشجاعة النادرة للمخرج في التخلي عن سلطته التقليدية هي المفتاح الأول الذي طور هذه التجربة من مجرد إعادة التجسيد -فهناك أنواع في إعادة التجسيد تكون مصممة للوصول إلى نهاية محددة ولو كانت مساراتها منفتحة نسبيا- إلى المغامرة التي يضطلع فيها المشاركون بقيادة الدفة دون أي تدخل من المخرج.

نستطيع أن نقول إن “ميلو راو” قد أعاد إلى التجربة المسرحية بدائيتها وخلصها من تاريخ مسرحي كامل قائم على مواضعات تخييلية وإيهامية. ففي «محاكمات موسكو» يظهر كل فرد بشخصيته الحقيقية وباسمه الحقيقي ومهنته الحقيقية، إنه يتبنى المساحة الديمقراطية التى يمنحها له العرض المسرحي لكي يمارس حقه في المواطنة وإبداء الرأي وقيادة مجتمعه دون سلطة مباشرة من الدولة ودون رقابة قمعية. وبالطبع يعود الفضل في ذلك إلى كون المسرح فضاء فنيا بالدرجة الأولى، مما يمحي لدى المشاركين أي إحساس بالوقع الممتد لما يمارسونه، فجميعهم يعرفون أنها “فرضية” وذات طابع زمني مؤقت بحكم طبيعة العملية المسرحية. وربما لذلك كان جميع المشاركون محترمين لضوابط المشاركة، ولوجود قاضية حقيقية أدت دورها كقاضية افتراضية في «المحاكمات المسرحية».

ياكترينا ساموتسيفيتش (Pussy Riot) في الاستجواب. على منصة القاضي: أنيتا سوبولوفا، أولجا شاكينا، ميخائيل كالوزسكى


لقد اختار المخرج سبعة محلفين من مختلف الأطياف الفكرية بالمجتمع الروسي، وكان ذلك رهانًا على قدرة العرض على استشعار نبض المجتمع -خلافا لحكم القضاء- من خلال قرار المحلفين في النهاية. وجرت المحاكمة بدرجة عالية من الحرفية، فهناك شهود من الشخصيات العامة بالمجتمع ومن الفنانين أنفسهم، وهناك عرض منضبط للوقائع التى تجرى بسببها المحاكمة، لكننا نشهد كذلك سردًا لما أستصدره القضاء من أحكام حيال تلك القضايا، مما يتم طرحه للنقاش أيضا كجزء من المراجعة فكأننا في مرحلة الاستئناف.

تمت المحاكمات الافتراضية -التي أجراها “ميلو راو” في شكل مسرحي- على مدار ثلاثة أيام: 1-2-3 مارس من عام 2013. أي بعد قرابة عام من آخر أحداث وقعت في صيف عام 2012. كانت مهمته تجميع المشاركين مما يعد -في حالته هذه تحديدا- مهمة إخراجية بالدرجة الأولى حيث سوف يحدد هذا الخليط من المشاركين لاحقا أحداث “العرض”. أجرى المخرج كذلك حواراتٍ مع جميع من وقع عليهم الاختيار، وكان واضحًا للجميع أنها فرصة جديدة وجدية لإجراء حوار مجتمعي من خلال المنصة المسرحية، ومع ذلك فالجميع أحرار في ردود أفعالهم طالما أنهم يعلمون الهدف الأصلي من المغامرة وأنها بلا مترتبات واقعية.

قام “ميلو راو” بتصوير فيلم توثيقي عن التجربة على مدار الأيام الثلاثة التي استغرقها العرض، بالإضافة إلى بعض الحوارات الجانبية من الشخصيات العامة المشاركة فيه، وجزء من تلك الحوارات الخارجة عن العرض تعتبر مصممة مُسبقًا.

على مدار تلك الأيام الثلاثة تحول متحف ساخاروف إلى ساحة مسرحية للديمقراطية، حضر الجمهور يوميا لمتابعة تلك المحاكمة الإفتراضية ولمراجعة علاقة السلطة بالفن وبالإبداع. لقد اتضح تدريجيا حجم المعسكر الذي يدعم الدولة في مصادرتها للفن، وظهرت دعاوى واضحة من المشاركين لتحريم وتجريم الفن وحرية التعبير لو لم يتوافقوا مع معتقدات أغلبية المجتمع. ومع ذلك فشل هؤلاء في إثبات ما هي معتقدات أغلبية المجتمع، وكيف تتهدد بمجرد معرض فني بسيط للغاية وعدد زواره محدود في النهاية. ظهر ذلك الصراع بوصفه بالأساس صراعًا على مدنية الدولة ومعنى المواطنة، فالمصادرة التي قامت بها الدولة هي في الحقيقة مدعومة من تيارات مجتمعية متشددة للغاية ورافضة للمساواة في حقوق التعبير والحقوق الثقافية.

ظهر المخرج السويسري الزائر والمغامر أحيانًا كفنان مبدع وجريء، وأحيانا كدخيل على مشكلات المجتمع الروسي بل ومحفز لفقدان الهوية والتشبه بالغرب بالنسبة لهؤلاء الذين رفضوا مفهوم حرية التعبير من الأساس. ظهر التزمت الثقافي والتشكك في الغرباء كوجهين لعملة واحدة قائمة على حماية الذات من خطر مجهول قادم من ذلك الذي لا نعرفه. اقتحمت الشرطة الروسية قاعة المحاكمة-العرض ذات ليلة ودفعت إلى توقيف “المحاكمة” وتم منح الجمهور راحة مؤقتة حتى الانتهاء من إجراءات الشرطة للتأكد من تصاريح العرض بالمتحف وتأشيرة وأوراق المخرج نفسه.

لقد منحت الشرطة هكذا للعرض “لحظة خرافية” لم يكن لأي مخرج أن يتخيلها أو حتى أن يصممها بهذا الإقناع وبهذا التوقيت. لقد ربطت الشرطة بتدخلها بين الواقع الخارجي ودور الدولة وبين الواقع الافتراضي و«المحاكمة المسرحية».

أدت هذه اللحظة إلى اشتباك العالمين مما أنتج ذروة مصغرة للفعل المسرحي خارج نطاق المحاكمة الافتراضية. وقد أثَّرت تلك الذروة المصغرة على تصعيد النقاش والتفاوض عند العودة إلى الفعل المسرحي، وكذلك إلى الشعور بوقع العملية الافتراضية المسرحية على الواقع الخارجي، وهو ما لم يكن في الحسبان.

بدا الفعل المسرحي ذا قدرة فائقة على التأثير على الواقع ولو في شكل استدعاء الشرطة، وربما أن هذا الخطر الذي يشكله الفن والتجمع بين الناس هو ما دعا من الأساس إلى المحاكمات الأصلية للأعمال الفنية. وبالرغم من ذلك، فهذه المرة لم يتمكن أحد من منع العمل أو اعتراض سبيله، فقد كان مدعومًا بعدد كبير من جمهور الحاضرين، كما سانده المشاركون والذين يمثلون مختلف أطياف المجتمع الروسي. لقد اجتمع المختلفون كلهم في ذلك الظرف على رغبتهم في استكمال التجربة، وكأن هناك هدفا جديدًا اكتشفوه من خلال العرض، هدف أكثر متعة من مجرد إثبات أنهم على حق وأن الآخر خطأ.

ربما أن المشاركين لم يغيروا آراءهم الأصلية بنهاية التجربة لكنهم بالتأكيد اكتشفوا إمكانية التفاهم والتعاون والحوار. وبالرغم من أن تلك الإمكانية ربما تكون مدعومة بالظرفية المؤقتة للفعل المسرحي إلا أنها لا تنفي أن الإدراك قد تم.

هكذا تكتسب المغامرة بعدا إضافيا ربما لم يكن في توقع المخرج، إنه هذا البعد الإدراكي الجمعي الذي يعادل في المسرح التقليدي “التطهير”. فنحن هنا لا نسعى إلى التطهير التقليدي، ولا ندفع المتفرجين في أية اتجاهات – صيانة لمفهوم الديمقراطية داخل العرض- إلا أنهم هم الذين يصيغون خلاصة تجربتهم بأنفسهم ولنفسهم، فتكون الرغبة في استمرار العرض والحرص عليه نقلة كيفية في حجم التعاون الذي يمكن الخروج به من العرض إلى أرض الواقع لاحقًا.

                                مكسيم شيفتشينكو (خبير بارز بالنيابة) يتحدث مع لجنة التحكيم.


ربما يروق للكثيرين إضفاء صبغة استشفائية على هذا النوع من المسرح، إلا أن هدفه المعلن ليس علاجيًّا بقدر ما هو اجتماعي وتفاوضي. أما حيز الاستشفاء الجماعي من الأزمات الشخصية والاجتماعية والسياسية فهو حيز داخلي مغلق على كل شخص وحده وخاضع لمسار علاقته بالموضوع، ومع ذلك يظل طابع العلنية المتعلق بالفعل المسرحي عاملا أساسيا في استعادة المشاركين لكرامتهم كمواطنين وكأصوات حرة جديرة بالإنصات إليها.

لقد استمر “ميلو راو” في تطوير أسلوبه المسرحي من خلال عدة تجارب مماثلة في مختلف أنحاء العالم، هو مهتم للغاية بذلك الفضاء الذي قد يشكله المسرح للتفاوض بين الأطراف المتصارعة وإعادة تجسيد الفعل الديمقراطي خارج شروط القانون التقليدي.

فالمسرح هنا يخضع لشروط أخرى؛ إنها شروط الفعل والمشاركة والتي يتساوى فيها الجميع ويحافظون على مواضعات الجلسة من حيث زمن المداخلة وضوابطها. ففي تلك الحجرة الصغيرة تمكن المشاركون والجمهور من إعادة إبداع تقاليد الديمقراطية خارج نطاق السياسة. إنها الديمقراطية كطريقة للنقاش والحوار والتفاهم، وليس كأداة للسلطة. وهكذا عاد المسرح إلى نشأته الأولى بوصفه ذلك اللقاء الجمعي الحر، وتلك المحاكاة التي يتواطأ فيها الجميع، ولا فصل فيها بين المشاركين.

لقد صنع “ميلو راو” أفضل دفاع ممكن عن الفن وعن حرية التعبير دون أن يتخذ أيا من الجانبين ودون أن يحفز المشاركين في أي من الاتجاهات. لقد صنع أفضل دفاع؛ لأنه أثبت أن الفن قادر على الاحتواء وعلى تسهيل الحوار وعناق المتناقضات داخل فضاء فكري واحد. إن المسرح يملك القدرة المذهلة على الدمج والاحتواء، أما سياقات المعرفة السلطوية فتقوم على الحذف والتمييز.

لقد تم تعريف المسرح دوما على أنه قائم على الصراع، وليس هناك أفضل ولا أكثر إقناعا من صراعات الواقع كي نتفاعل معها ونشارك في علاجها، إننا في تلك الحالة نجري تدريبًا مباشرًا على تطوير واقعنا بحيث إننا لا نحتاج إلى ممثلين، ولا حتى نحتاج إلى نتائج خاصة من محاكماتنا الافتراضية، كل ما نحتاجه هو نحن واستعدادنا للتخلي عن أنانيتنا ولو لساعات قليلة، تماما كما فعل “ميلو راو” وحصد ثمن شجاعته نجاحا فنيا مدويا في جميع أنحاء العالم.

إنه المسرح كفضاء للتدريب على الحياة، ليس من أجل أية حكمة نهائية متوارثة داخل المنظومة المعرفية الطبقية بل من أجل أن نعيش التجربة في حد ذاتها، وكل بطريقته.


--------------------------------------
المصدر : نورا أمين (مصر)- مؤسسة الثقافة السويسرية 

تابع القراءة→

د. احمد شرجي: نظرية السيميولوجيا لم تكتمل بعد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, أبريل 24, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

إن النظرية  السيميولوجية مازالت لم تكتمل بعد، فهي نظرية متطورة باستمرار ما أن ينفتح  لها أفق جديد حتى تلج آفاقاً أكثر اتساعا من الاسئلة المتشابكة لأنها تنفتح  على كل مفاصل الحياة المجتمعية والادبية والثقافية ومن هنا يكتسي سؤال  بارت أهميته:هل نستطيع يوماً أن نخلق سيميولوجيا السميولوجين"والتحليل  البنيوي للبنيويين"؟

 فالسيميولوجيا مشروعة أمام كل طرح جديد، يساهم انفتاحها على العلوم الأخرى في عدم استقرارها ونرى في ذلك قوة للسيميولوجيا، من خلال عدم تحنيطها ضمن أنظمة تكلس سيرورة اشتغالها فإذا كانت السيميولوجيا تتخبط بين كونها نظرية أو منهجاً ، فكيف يخضع المسرح لاشتراطاتها المنهجية والنقدية؟ وكيف يمكن تحديد معنى العلامات داخل النص الدرامي والعرض المسرحي؟ ثم انفتاح النص اللانهائي على الدلالة كما يؤكد رولان بارت وجوليا كرستيفا ، من شأنه أن يصعب من مهمة المتفرج والقارئ في اتخاذ موقف محدد من النص والعرض.
تضمن كتاب"سيميولوجيا المشرح"للدكتور أحمد شرجي ثقافات ومقاربات ودراسة للغة المسرح عالمياً، ويذكر الشرجي أن السيميولوجيا تعنى بالمفهوم العام للعلامة، إنطلاقاً من مستويين الأول ماهية العلامة التي يحدد وجودها وطبيعتها وعلاقتها بالموجودات الأخرى والتي تتشابه أو تختلف معها، ومستوى فاعلية العلامة ووظيفتها في الحياة العامة.
يدرس الشرجي علامات المسرح من خلال التحليل البارتي، حيث يقف عند ثلاث أنماط من العلامات، يُطلق على الأول"الرمز"ويشمل العلامات أو الاشارات الإنسانية الكبرى، أما الثاني فيشير إلى أن لكل علامة مخزون وذاكرة منظمة من الأشكال تمكن من التمييز باستحضار الاختلاف حتى لا يتغير المعنى.
أما النمط الثالث فلم يعد موقع العلامة منغلقاً في العلاقات الإفتراضية بل بما يجاورها من علاقات فعلية، وينشئ الارتباط مستوى تركيبياً يشكل بدوره  مستوى العلاقات الأفقية وما يميزها بين الوعي الأفقي الذي يسمح لنا بتصور أفضل للمجموعات العاملة"الرسائل"والتصنيفات المعقدة، أما الوعي الرمزي فإنه يوحي بخيال العمق، وتتعزز الصورة بحيوية بالغة جداً، بناءاً على تباين العوالم فلا شيء بمقدوره الخروج عن دائرة المعنى.
يذكر الكاتب أن صناعة المسرح تُحدد بالوحدات الدلالية، بناء على الاتفاقية التي اعتمدت  أثناء التدريب، لكن تغيير قصديتها أثناء العرض من متلقٍ إلى آخر لأن"قابلية المشاهد الحقيقية لإدراك ترتيب – ثانوي للمعاني في عملية فك كودات العرض تعتمد على القيم خارج المسرح والقيم الثقافية العامة التي تحملها بعض المواضيع وضروب الخطاب و أشكال السلوك."
يستند الكاتب دائماً إلى رؤى بارت، ذاكراً أن قدرة العلامة التوليدية في المسرح تعمل بدينامية خاصة داخل العرض المسرحي، وتتحول إلى دلالات بالتضمن لكونها تخضع لثقافة المسؤول من جهة وتذعن لمجموعة سلوكيات وعقائد دينية واجتماعية واخلاقية لأن"عالم التوليد السيميائي هو عالم متحرك، وأن نفترض أن له بنيات لا يعني أبداً أننا نفترض أنه ثابت، لأن الأمر يتعلق بالتعرف على آليات تغير بنيته."
هذا الكتاب يتضمن أربعة فصول يختتمها الكاتب ذاكراً أن ترابط عناصر العرض المسرحي ضمن بنية متماسكة لتؤسس شبكة علائقية يتعذر معها عزل عنصر عن آخر، وتنفى هذه الخاصية في اللغة وخاصة عند جاكبسون الذي أكد على أن نمط الأصوات علائقي من حيث تأسيسها الأول، إذ تحدد العلاقة بين الأصوات المعنى وتنتجه.

--------------------------------
المصدر : المدى - ملحق اوراق
تابع القراءة→

صمويل بيكيت في عزلته الروائية / ابراهيم سبتي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, أبريل 24, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يعطي صمويل بيكيت ( 1906 – 1989) انطباعا في كتاباته الروائية ، بأن الانسان المستوحد ، المنعزل ، هو تجسيد حي للانطوائية والتوحش الذي يمور في دواخله ولا يمكن ان تحل معضلته ابدا .. أي ان ابطال بيكيت ينتظرون دائما مصيرهم المجهول ومستقبلهم الآفل الذي لا يرجى اصلاحه ، انهم مستسلمون وضعفاء ..

هكذا هو في رواياته ، ناهيك عن مسرحياته التي تؤول فيها مصائر ابطالها الى نفس مصير ابطال الروايات ان لم تكن ابشع عندما تنتكس الشخوص ولم يأت مخلصهم  كما حال مسرحيته الشهيرة "في انتظار جودو" التي عرّفت العالم بكاتب كبير "نال عنها جائزة نوبل عام 1969" . وهو امر صادم لأنه لم يعرف برواياته التي ابتدأ حياته الادبية بها وانهاها بها والتي لا تقل قوة عن اشهر مسرحياته .. هو كاتب عزلة اذن ، وتوحد ورفض ، عبثي حد الملل .. في روايته المهمة "مالون يموت" الصادرة عام  1951 وهي - الرواية الثانية من ثلاثيته الشهيرة التي كتبها بالفرنسية واعاد ترجمتها بنفسه للانجليزية ، تعد عملا كبيرا يضاهي ما كتبه جيمس جويس في ايامه  - وهذه الرواية الوحيدة التي ترجمها الى العربية المترجم القدير احمد عمر شاهين وصدرت عن دار الهلال المصرية عام 1999 ، هي انتفاضة ضد الانسان المتحرر .. ضد كل ما هو متحرك حالم .. انه يحاول ان يصوّر الانسان بصورة العاجز واليائس والمحاصر والخجول والمنحط والصامت والذاهب الى موته .. انها ازمة الانسان الخارج توا من حرب عالمية دامية ، اطاحت بالبشرية فكان الانسان فيها وقودا دائم الاشتعال دائم الموت دائم الاستسلام ، بدمائه تتحرك سرفات الدبابات وتعبر على جثثه مدافع الموت .. انها حرب الفناء الانساني والاخلاقي وانحلال القيم والفوضى .. فكان توظيف بيكيت لكل ذلك في مشغله الروائي نوعا من التنوير لفك شفرة الواقع ما بعد الحرب ووضع الازمات امام قارئ اخر ليس هو ما قبل الحرب .. انه قارئ متفاعل ، ناقد ومحلل لكل ما انتجته المدرسة الروائية الجديدة  - رواية تيار الوعي - التي ظهرت في فرنسا عن طريق شباب مغامرين في السرد , مجموعة جريئة ازاحت جدار الرواية التقليدية واطاحوا بارث بلزاك وبروست على الاقل في الساحة الفرنسية .. روائيون بدأوا المغامرة وراقت لهم وتمسكوا بها مثل ناتالي ساروت وكلود سيمون وروبير بانجيه والان غروب غرييه وميشيل بوتور وجان ريكاردو وكلود اولييه وطبعا صمويل بيكيت ( ايرلندي الاصل ) .. فأول ما فعلوه هو الاطاحة بالشخصية الاولى في الرواية – اغلبهم – وحولوها الى شخصية متمردة رافضة للسائد والمألوف .. فكانت محاولة جريئة لنسف تاريخ حافل بالامجاد الروائية فاثارت تلك الموجة اشكالية القالب الروائي السائد ، فضربت كيان الشخصية التقليدية وابعدت تاثيرها عن محيطها معتمدة على اللغة الطافحة وسيول الوصف الغارق بالتفاصيل ، فقراءة واحدة لا تكفي ولا بد من قراءة اخرى حتما ، واثبتوا بجدارة بأن نتاجهم خلق توترا في الفضاء الروائي ووقعا صادما للناقد والقارئ .. فرفضتهم دور النشر المعروفة وعدت كتاباتهم نوعا من الهذيان والاسفاف وغياب الموضوع وتهميش للبطل والاستخفاف به , بل ذهبوا برفضهم الى استهانتهم بالقارئ – كما يقولون - وبالتالي فلا احد سيشتري الروايات وتبور تجارة دور النشر وتسوء سمعتها .. يبرز صمويل بيكيت الايرلندي وعاشق باريس ، روائيا فذا مجربا في فضاء من الارتباك والفوضى في ساحة السرد .. كتب عدة روايات لم تأخذ مديات الشهرة وظلت مسجلة باسم كاتب غير معروف رغم انها احدثت نوعا من التغيير الذي اخذ يمور في دواخل بعض الروائيين الفرنسيين الذين رمى كل منهم بحجارته في بركة الادب الباريسي الراكد الملفوف بعبادة كبار الروائيين التقليديين .. فبرعوا في استخدام المفردة اللغوية وانحازوا الى الوصف كعنصر ناجح جاذب وتشظت الصور وتكررت المشاهد غير المتراصة .. تميز بيكيت ففاجأ الجميع بقدرته على تنويع السرد داخل روايته وجعلها قطعا متناثرة ، لكل قطعة اوصافها وشكلها الغريب الذي لم يألفه احد بل تعدى الى اعتبار الشخصية متحولة بين حين واخر حتى بالاسم ، فكان يطلق اسما عليها ما يلبث ان يغيره بعد فصل او اثنين .. هكذا كان يناور بقلمه ويتحرك على رقعته وفق اهوائه وما يملي عليه وعيه وانثيالات ذاكرته المشبعة بعوالم متناقضة .. ميزت اعماله الروائية خسارات الانسان وتشاؤمه وفقدان الامل غالبا ، مع يأس طاغ وغياب للمحتوى الروحي الجمالي وهو ما جعله موجودا باسلوبه في كل اعماله وكأنها عمل واحد .. فخلطت الاوراق الروائية وقدمت انسانا معزولا تائها وعبثيا لا هدف يسعى اليه ، ينتظر اشياء لا تحدث كما حال رواية  "مالون يموت" اذ تقوم الشخصية الرئيسية بالبحث عن امل مفقود وتقضي وقتها باشياء تافهة وتقص على نفسها قصصا مفتعلة غير محبوكة لتصريف الوقت وشطب الايام وهي ممدة على سرير بائس هو بالتالي سرير الموت .. هذه شخصيات بيكيت المأزومة والمقهورة دائما .. كان بيكيت اكثر زملائه كسرا لقيود الرواية التي تحتاج الى قارئ جيد يلملم شظاياها . "مالون يموت" رواية الموت البطيء وهوس الانتظار وهو ما دأب عليه بيكيت في بعض اعماله ، كان انتظار الموت طاغيا على الاحداث ، فالبطل المهزوم بمرضه والعاجز عن الحركة تماما يحاول امضاء الوقت وحرق ساعاته برتابة تامة وكما هو دائما بطل خارج الزمان ، هزيمته مطلقة لا مجال لاي احتمال اخر .. مالون هو بيكيت نفسه ، الصامت في حياته اليومية والباحث عن ملاذات بعيدة عن الناس واصدقاء الصدفة المملون .. ينتزع باسلوبه الغريب دهشة النقاد الذين لم يفككوا مرموزاته اول الامر ، لكنهم عثروا على مفاتيحه بعد التمعن والتركيز والاصرار على معرفة السر .. هي رواية البحث عن عالم آخر قد لا يعجب معظم الناس ، لكنه عالم مفتون بالغرابة والضياع والاصرار على الموت .. انه عالم المآسي المندلقة امام وجوه متعبة لاهثة تبحث عن اشياء لا تحصل عليها ، عالم الفوضى والارباك والغرق في اللا معنى ، انها روايات عزلة ، روايات الهامش والذيول وشخصيات لا يهمها ان تعيش كما الناس ، انما تدور حول نفسها غير آبهة بما يحصل لها .. صمويل بيكيت ، واحد من افذاذ الرواية الفرنسية والانجليزية معا عرف كيف يتلاعب بالانتقالات الفجائية والحوارات الناقصة احيانا ، انها روايات العبث بكل معناه كما هو مسرحه اللا معقول .. انه كاتب الرواية بمستوياتها المتجددة وقصصه المتفردة في موضوعها وغرابتها ، كاتب اشكالي لم ينل استحقاقه الروائي وعاش عزلة روائية صنعها لنفسه اثر نجاح مسرحياته التي اشتهرت وعرف بها فغابت اعماله السردية عن دائرة الشهرة مع انه كان يعيش حياة روائية حقيقية جسدها في اعماله فأطاح المسرح الذي اشتهر كثيرا بإرثه الروائي .. وللاسف ان المكتبة العربية تنقصها روايات صمويل بيكيت المترجمة الى العربية عدا بعض الاعمال القليلة التي قام بترجمتها احمد عمر شاهين ( ثلاث قصص : الطريد ، المهدئ ، النهاية ترجمت سنة 1993 ) ورواية مالون يموت ومحاولات اخرى لمترجمين اخرين لكنها قليلة جدا لا تفي عالم بيكيت الروائي الواسع حقه.

--------------------------------------
المصدر : المدى 
تابع القراءة→

أطروحة دكتوراه في " الدور الاتصالي لمسرح الطفل في ضوء الثقافة الثالثة"

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, أبريل 24, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

 يتناول البحث موضوعة الثقافة الثالثة كفلسفة وفكر وموضوع ومفهوم ثقافي وضرورة معاصرة ، بوصفها عملية مصاهرة بين العلوم الصرفة والإنسانية ، وبين المشتغلين في تلك الثقافتين ، متناولاً فكرة الإنتقال الثقافي عبر مسرح الطفل وآلية هذا الإنتقال وماهيته تطورياً من جهتي الإنتاج والتلقي الثقافيين ، مفسراً الانتقال الثقافي وعملية الاتصال عبر الثقافة الثالثة لمنظرها (سي بي سنو). وانطلاقاً من تلك المفاهيم نفسها استعرض البحث نظرية الميمياء لـ(ريتشارد دواكينز) بوصفها نظرية تطورية تماثل نظرية التطور الجينيائي وهي وليدة مجموعة من العلوم التطورية والعصبونية والمعلوماتية وعلم النفس التطوري والأنثربولوجيا وعلم انتشار الأوبئة والعلوم الإنسانية والفلسفة ،فهي مقاربة بين تلك العلوم والانسانيات جميعاً حتى من ناحية الشكل اللفظي، (ميم) و(جين). ووضح البحث بشكل تفصيلي آلية الاستنساخ الجيني ، لتكون أرضيةً ومنطلقاً لتوضيح مفهوم (الميم) وآلية تناسخه وانتشاره ، ونظراً لتداخل مفهوم الإتصال بين مفاهيم علمية من جهة تتعلق بالجوانب البيولوجية للمنتج والمتلقي جينياً و بيوكيميائياً وبيوفيزيائياً، وإنسانية من جهة أخرى ، تتعلق بالشكل الخارجي للمنتَج الثقافي، والمضمون الداخلي له ميميائياً، ينعكس على تلبية حاجات المجتمع ككل – الطفل والأسرة - على خط واحد لحاجة المجتمع عموماً إلى ثقافة توازي التطور الحاصل في العصر الحالي في مجالات الحياة جميعاً، وتطور مدركات الطفل المعاصر خصوصاً .أما من جهة سبل العرض المسرحي والمشتغلين فيه فإنه تبنى مفهوم المسرح الثالث لـ(يوجينو باربا ). ووضح البحث أبعاداً عدة للشخصية المسرحية عبر تشريح انفعالاتها هرمونياً وعصبياً ، مبيناً أثر تلك العلاقة البيولوجية بين كل من العرض ، والممثل ، والمتلقي . كما قارب البحث الحالي بين الشفرة الجينية للأحياء والشفرة الميميائية للمسرح مبيناً المواضع الميميائية التي أحدثت طفرات تطورية في المسرح أفضت إلى أساليب مسرحية معروفة، على غرار الطفرات الجينية، وإمكانية احتمال حدوثها مستقبلاً . و تمثلت مشكلة البحث و مبرراته بـالحاجة إلى آلية تتم عبرها دراسة عروض مسرح الطفل ، وفق متطلبات الطفل المعاصر والمستقبلي. وندرة التوجه نحو ثقافة ثالثة تقرء عبرها وتقدم عروض مسرح الطفل . وندرة دراسة الدور الإتصالي لمسرح الطفل بشكل علمي حداثوي تتعلق بالبنية التكوينية للإنسان (الجينات) وعلاقتها بالبنية التكوينية لإنتاج الثقافة (الميمات) . و طرح أكثر من رأي في طريقة هذا الإنتقال الثقافي وأنواع الإنتقال الميميائي وصولاً إلى آلية تشريح الوحدات المعلوماتية الصغرى – الميمات- للعروض المسرحية عبر بناء استمارة تحليل الإستراتيجيات الميميائية في العروض المسرحية. وجرى أيضاً تشريح عملية الإتصال الكوني وتوضيحها من ناحيتي الإتصال الجينيائي والميميائي ، وعلاقة عمليتي إنتاج العروض المسرحية وعملية التلقي الفردي والجماعي للمتلقي الحاضر والمستتر، والأخير يمثل  المتلقي الذي تنتقل إليه فكرة العرض المسرحي عبر المتلقي الحاضر الذي شاهدها وأدرك أفكارها أو ذلك المتلقي الذي يتابع العرض عبر شاشة الحاسوب أو أي تقنية تكنولوجية أخرى بعد أن أوضح مفاهيم تتعلق بالمسرح الرقمي والإفتراضي وغيرها. وأهمية رفد مسرح الطفل المعاصر بأنواع جديدة من الدمى سواء الدمى الأليكترونية أو دمى ألعاب الطفل المتداولة والدمى السبرنطيقية والتقانات الحديثة كالهولوغرام والشاشات المتطورة متخذاً من منهج العبرمناهجية سبيلاً لتحقيق هدفيه المتمثلين بـتعرف ماهية الدور الاتصالي لعروض مسرح الطفل في ضوء الثقافة الثالثة. وتمثل الهدف الثاني بتعرف بناء الاستراتيجيات الميميائية وآلية تقصيها في مسرح الطفل ، عبر بناء استمارة تحليل على وفق متطلبات العبرمناهجية في تحقيق الفهم استناداً إلى الأسس الميميائية بوصفها خير من يمثل الثقافة الثالثة . وجرى بناء الاستمارة تلك وفق الضوابط المعتمدة في البحوث العلمية في بناء استمارة التحليل والتي فحصت صلاحيتها عبر تحليل عرض مسرحية عالم الفيتامين لـ(حسين علي هارف) بوصفها نموذجاً تطبيقياً للبحث .  مستخدماً معامل ارتباط بيرسون لاستخراج ثبات المحلين ومن ثم توصل إلى جملة من النتائج النظرية والتطبيقية أهمها : تحقق هدف البحث الأول المتمثل بتعرف الدور الاتصالي لمسرح الطفل في ضوء الثقافة الثالثة عبر تحقق أهداف فرعية عدة . و تحقق الهدف الثاني من البحث المتمثل بتعرف بناء الاستراتيجيات الميميائية وآلية تقصيها في مسرح الطفل ، عبر انجاز بناء استمارة التحليل الموضحة في الهدف الثاني .  وهناك نتائج أخرى منها مايتعلق بالعرض التحليلي النظري لمفهوم الثقافة الثالثة والإتصال الكوني ومنها على صعيد صلاحية استمارة التحليل المقترحة في تشريح الإستراتيجيات الميميائية . وأفرز جملة من الاستنتاجات المهمة ، منها : إن الدور الاتصالي لمسرح الطفل البحث هو اتصال كوني يتعلق بالمكونات الكيميائية والفيزيائية والعصبية والوراثية للجينات والميمات .كما تسهم دراسة الميمياء في تعرف آلية الإنتاج والانتقال الثقافيين بين الأفراد ومن ثم تعزز من قدرة الميميائيين المسرحيين في إنتاج ميتاميم يضم ميمات مدروسة . وخرج بتوصيات عدة منها : أن تدرس كلية الفنون الجميلة مادة الميمياء كمنهج دراسي في جميع أقسامها عبر استحداث منهج جديد في كلية الفنون الجميلة يتعلق بتبسيط العلوم الحديثة والتعاون مع الكليات العلمية في رفدها بمتخصصين يعملون كحلقة عمل مع متخصصي الفن في الكلية . وأن تعمل وزارة الثقافة على تعزيز أواصر تعاون دائم بين كل من وزارة التعليم العالي ووزارة التربية لتشكيل جمعية علمية –إنسانية. واقترح إجراء الدراسات التي يعتقد أنها مكملة لبحثه منها : أسس كتابة نصوص مسرح الطفل في ضوء الثقافة الثالثة . وبرنامج تدريبي لمسرحة العلوم الحديثة للأطفال على ضوء النظرية الميميائية .
و اطروحة الدكتوراه الموسومة" الدور الاتصالي لمسرح الطفل في ضوء الثقافة الثالثة" هي جزء من متطلبات نيل شهادة الدكتوراه في فلسفة التربية الفنية للباحث "أسعد عبد الكريم علاوي الهاشمي" وتالفت لجنة المناقشة من ا.د. ماجد نافع عبود، رئيسا للجنة، وا.د حسن علي هارف، عضوا، ا.د.منير فخري الحديثي، عضوا،ا.م.د.علي حداد حسين، عضوا، ا.م.د.صباح عطية سويح، مشرفا.


--------------------------------------
المصدر : كلية الفنون الجميلة - بغداد

تابع القراءة→

السبت، أبريل 23، 2016

رجل المسرح

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أبريل 23, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

حسنا فعلت دار الثقافة الكردية للنشر بوزارة الثقافة حين استذكرت رجل المسرح الفنان قاسم محمد، الذي ملأ الدنيا بأعماله المسرحية الخالدة منذ «النخلة والجيران»، و «الشريعة وبغداد الأزل» وغيرها من روائع المسرح العراقي. وكان يفترض أن تحتفل به مؤسسات المسرح مثل دائرة السينما والمسرح أو معهد وكلية الفنون، لكنه جاء من دائرة الثقافة الكردية في موقف تشكر عليه .
قاسم محمد فنان كردي لكنه لا يعرف التكلم بالكردية، لأنه نشأ في بغداد وعاش في الغربة طويلا. وهو خريج موسكو، درس على حساب وزارة التربية واشترطت عليه أن يخدم لعشر سنوات في معاهدها فدرس في معهد الفنون الجميلة.
قاسم محمد ليس فنانا عاديا بل هو رجل المسرح بحق ممثلا وكاتبا ومخرجا ومنظرا.
في المسرح قاسم محمد يشبه العمال الذين تعودوا أن يخرجوا للعمل مع نفحات الفجر الأولى وهم ينشدون نشيد اليوم الذي يخفي خلفه غبار الأمس وقلق الغد.
كان يؤمن بأن المسرح هو نوع من التصوف المعاصر الحديث في هذا العصر المادي المخيف. ويقول عن ذلك: «أن تتصوف يعني عميقا تتعرف، يعني تزهد في الزائل.. تتجاوز حد المائل.. يحسدك المدهش.. للروح من الروح.. تتحول.. تحاول يا بناء الله.. ان تتكامل مع الله تتماثل.. تعشق.. تتعاشق.. ولفرط عشقك يعصي عليك
البوح.. فلا تبح.. تبقى كالمجروح.. معلقا في سمو تكسر الروح.. تخلق ألف روح.. لأنك تتصوف.. لأنك ملهوف.. تتعرف.. لأنك تخرق الصفوف صفا، لأنك تحترق.. تخترق.. تعبر الى اللامألوف المألوف.. راكضا.. لاهثا.. ملهوفا».
عمل قاسم على التجريب كثيرا، وكان يجرب جميع الأساليب في الكتابة والإعداد والإخراج، منطلقا من مقولة بيتر بروك الشهيرة: «لا شيء صائبا أبدا لذا علينا أن نديم التفكير والتعبير والابتكارات».
كذلك انشغل قاسم محمد بالتراث كثيرا فدرسه دراسة متأنية وغرف منه الكثير ليعد من خلاله الكثير من الأعمال المسرحية أبرزها مسرحية «بغداد والأزل بين الجد»، و»الهزل وراس المملوك جابر» و»كان ياماكان» و»طال حزني وسروري في مقامات الحريري».
الكتابة عند قاسم محمد كما يذكر في رسائله هي كالإبداع المسرحي خروج وولوج! خروج عن العالم الساكن، وولوج الى عالم الأحياء والإبداع والابتكار وهي ايضا مقاومة الفناء في عالم كل ما يحيطنا فيه عنصر من عناصر الافناء. إذن علينا أن نواصل العطاء (الزين) ولا بأس أن نلقي بهذا (الزين في شط مياه الناس)!، كما كان قاسم محمد واحدا من أهم كتاب ومخرجي مسرح الطفل في العراق لا بل حتى من مؤسسيه. وأذكر لحظة وفاء نادرة قوبل بها قاسم محمد حين أطلق اسمه على دورة مهرجان مسرح الطفل في نفس العام الذي رحل فيه. وأثناء المهرجان فتح الفنان د.شفيق المهدي خطا مباشرا على الهاتف الجوال مع قاسم محمد في الشارقة وقال له اسمع جمهورك يهتف يا فناننا الكبير، فرد قاسم والسعادة تملأ نفسه: إنه وفاء ووفاء من نوع آخر. ويؤمن هذا الفنان الجليل بأنه توصد أبواب العالم الواقعي القريب.. يمكن لخيالك أن يخلق عالما خياليا وبعيدا، ويمكن للخيال ان يستحضر الأشكال والتكوينات العظيمة وكذلك الرؤى التي تسحر الألباب. لذلك كان قاسم محمد يعمل بخيال كبير.

--------------------------------------
المصدر : قحطان جاسم جواد - الصباح 
تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9