أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأربعاء، مايو 18، 2016

قراءة في كتاب " مسرح محمد علي الخفاجي الشعري"

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 18, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

كثيرا ما ترددت للدخول إلى رحلة  الأديبة الباحثة عالية خليل إبراهيم ، لامتلاكها قدرة التبرير والنزوع إلى  النفي ، وعدم الرضوخ لأي رأي إلا بعد أيجاد ما يبرره اقناعيا ، اكتسبت  الباحثة هذه الخصيصة من قراءاتها الكثيرة في كتب الأدب والفلسفة ، وحينما  اختارت مسرح الشاعر علي الخفاجي الشعري لمستلزمات نيل شهادة الماجستير ،
أوجدت تعريفا للمسرح الشعري مقتصدا من باب تبريراتها الاندفاعية في الاختيار ، فكما هو معروف أن المسرح الشعري ( جنسا أدبيا وفنيا له هويته الخاصة ) ، ويعتبر ( ملتقى لآداب وفنون من النادر أن نجدها مجتمعة في جنس آخر .. منها الشعر والدراما والسنوغرافيــا وتقنيات الممثل والأزياء والماكياج والموسيقا .. )
إذن المعنى من هذا الاختيار يعتبر التبرير الأول أما التبرير الثاني وهو اختيار الشاعر الكبير محمد علي الخفاجي موضوعا للبحث ، كونه رائد من رواد المسرحية الشعرية الحديثة .
ومن هذين المنطلقين اعتمدت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي لبنية النص المسرحي وانطلقت لدراسة القصيدة الدرامية والدراما الشعرية عند الخفاجي
باعتباره دائب الاشتغال على التداخل ألأجناسي بين النوعين ، وحتى تبرر دراستها أكاديميا وتلم الموضوعة الرئيسية وتجليها من بعض جوانبها قسمتها إلى فصول ومباحث وبدأت في مصادر المسرحية الشعرية ومرجعياتها عند الخفاجي ، وكانت أولى دراستها هو التراث العربي باعتبار التراث ( يشمل جميع عناصر الثقافة المكتوبة والمنقولة والشفاهية للأمم والشعوب ) ، وربطت علاقة هذا بالمسرح وهي علاقة امتدت جذورها إلى المسرح الإغريقي ( وتوطدت أواصر هذه العلاقة في مسيرة المسرح العربي ، فأصبحت ظاهرة استخدام المرجعية التراثية في المسرح من أكثر الظواهر رسوخا وتأثيرا في المسرح العربي والعراقي على حد سواء حيث اعتمد الخفاجي على النصوص الدينية المقدسة وتلك الطقوس والاحتفالات الشعبية .
وظهر من خلال البحث تعدد مستويات حضور التاريخ عند الخفاجي بالتوظيف المباشر أو في استلهام الطاقات الرمزية والإيحائية للتاريخ ومحاولة ( بث روح جديدة في الموضوع والنص التاريخي من خلال ربطه بالواقع المعاصر ) ، ودلت الباحثة على أن الأخذ من التاريخ يتطلب قدرة إبداعية تتعلق بموهبة الشاعر وقدرته على قراءة التاريخ ، قراءة منتجة ابداعيا ووعي لحركة التاريخ واختيار الحقبة الصالحة للتوظيف الدرامي وهكذا فعل الشاعر الخفاجي تارة بصورة مباشرة كما في مسرحية ( ثانية يجيء الحسين ) وتارة أخرى استلهم الطاقات الرمزية كما في مسرحية ( الجائزة ) ، ففي المستوى المباشر كان التداخل بين النصوص التاريخية وبين نصوص المسرحيات تناصا كما عدته الباحثة وهي أبرز ظاهرة عمل عليها الشاعر وعدت الباحثة الفعل والشخصية مصطلحا يطلق عليه ( الموضوع )  فالفعل هو ( ماذا حدث ) ؟ والشخصية من يقع عليها الحدث ( فالمتن الحكائي للتاريخ هو الموضوع التاريخي بأحداثه وشخصياته ) .
وكانت استفادة الخفاجي من النصوص الدينية المقدسة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف قد تمثلت في مسرحية ( نوح لا يركب السفينة ) كدراما شعرية متخيّلة ، أما في مسرحية ( أبوذر يصعد معراج الرفض ) فكان هناك تداخل وتحاور مع النص المقدس سواء في التضمين أو الاقتباس ، أما المراجع والمصادر التي رجع إليها الشاعر الخفاجي هي التراجيديا الإغريقية ، وصنفت الباحثة ثلاث مسرحيات وعدتها ضمن المأساة بالرجوع إلى تعريف أرسطو للتراجيديا كونها ( محاكاة لفعل جليل كامل له عظم ما ) ... الخ ، وحاولت تطبيق تعريف أرسطو وأخذت الفعل الجليل كونه فعل مترابط يشتمل على البداية الوسط  والنهاية ومن خلال البحث ظهرت شخصية الباحثة بحضورها النقدي التطبيقي وتحيل الى اللغة الشعرية عند الخفاجي ، بانها تناسب الموقف التراجيدي والشخصية التاريخية وتعتمد على الفعل المنظور حتى تصل إلى ( تنقية العواطف وتهذيبها وموازنتها ) وهي حالة التطهير ، ومن خلال تجوال الباحثة  عالية خليل في دخولها إلى عالم محمد علي الخفاجي حيث كان حضورها  واضحا بشخصية الباحث الناقد المحلل وبالاعتماد على مصادر ومراجع مهمة ، كي تكون أطروحاتها علمية رصينة ومن بين أطروحاتها ( أن نظام الشطرين والقافية الموحدة يعيق البناء الدرامي للمسرحية ، ولا يواجه الشعر الحر مشكلة من ذلك النمط ، فهو قد تخلص نهائيا من أسار البيت الواحد والقافية الواحدة ) .
واعتمدت على دعوة الشاعر والكاتب المسرحي العربي علي أحمد باكثير في الاعتماد على الشعر المرسل والعمل البحور المتجانسة ، كي تبرر استخدام الخفاجي لتقنيات المسرحية الشعرية الحديثة والشاعر الخفاجي هو محور دراستها  ثم أنها بينت تأثره بصلاح عبد الصبور الذي تأثر بالشاعر والناقد الانجليزي  ت . س إليوت مما أثبتت أن الرؤى والأفكار المطوحة في الشعر ، هي رؤى وأفكار كونية وعكفت على مقارنة بين اختيار عبد الصبور للحلاج واختيار الخفاجي للحسين وذكرت بهذا الصدد أراء الدكتور محسن أطيمش في التقريب بين الحلاج والحسين بدراساته المستفيضة عن المسرحيات الشعرية و أظهرت الباحثة اهتمام الخفاجي لتقنيات العرض المسرحي مثل الإضاءة والديكور والأزياء وكذلك تقنية التمثيل الصامت كما استخدم الرقص التعبيري ثم بعد ذلك ركزت على أنماط المسرحية وعناصر بناءها وهي لا تختلف عند الخفاجي حيث تمثلت بالصراع والشخصية والحوار ، بيد أنها شخصت مستويين من حضور هذه العناصر . المستوى الأول التاريخ والمعاصرة واستعملت مصطلح ( الاقتصاد )  في اللغة وتعني به التكثيف العالي ومصطلح التوتر وتعني به أسلوب المفارقة و( المفارقة بوصفها أسلوبا لغويا ) تقوم على أساس التناقض الحاصل بين طرفين متقابلين في تشكيل واحد ، والاستخدام الآخر عند الخفاجي وهي الصورة الشعرية ، ثم تعرضت بصورة منفصلة لمسرح الطفل عنده ، لأن مسرح الطفل يعد من أكثر أشكال ألآداب والفنون ملائمة للأطفال والظاهر أن الشاعر الخفاجي قد أهتم بدقائقه وخضع لاشتراطات الفئات العمرية والعقلية والثقافية للأطفال ، وفي فعل البناء الدرامي استعرضت الكاتبة الوحدات البنائية الأرسطية والتقنيات الأخرى وربطتها مع المسرح الحديث والمعاصرة ، حيث بدأ المسرح الحديث يعتمد على الإيقاع الدرامي بخلق انسجام بين أجزاء العنصر المسرحي الواحد أو بين العناصر كلها واعتمدت لدراستها البناء الدرامي على بنية التوازي أي الربط بين البداية والوسط والنهاية وهي مراحل احتدام الصراع في تسلسل زمني سببي واضح وأيضا على البنية الأستعارية المركبة لأنها تتحقق بربط القصة في تسلسلها المنطقي وبمستويات متعددة ومتناقضة من التفسيرات ، وقد استطاعت الباحثة عالية خليل إبراهيم أن تمسك بموضوعاتها وتقدمها بجهد أثمر عن دراسة مبحثية ركزت على إبداع الشاعر الكبير محمد على الخفاجي في المسرح الشعري وهذه الدراسة ستكون بكل تأكيد مرجعا للباحثين والدارسين.

-------------------------------
المصدر : وجدان عبد العزيز - ملاحق المدى

تابع القراءة→

الثلاثاء، مايو 17، 2016

الخصائص المتميّزة في مسرح كركلا… الاعتماد على أبجدية عالمية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 17, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

يضيف مسرح «كركلا» الألوان الناشطة بصريا على التعبير الجسدي المتوازن مع فضاءات مسرحية تتألف من لوحات مشهدية متنوعة بصريا، وحركيا حيث يلعب الايقاع الحسي دورا مهما في ابراز الخصائص المتميّزة في مسرح «كركلا» بشكل خاص مع الحفاظ على الأضواء، والمؤثرات البصرية والسمعية حيث يؤدي الرقص التعبيري أدواره التعبيرية والدرامية الحركية لتشمل التأثيرات الفعل المؤدي الى خلق مصطلحات فنية خاصة بمسرح «كركلا» الراقص من حيث الرسم بالأجساد على إيقاع الصوت، لتتشكّل الألوان ضمن لوحات فنية بصرية  تختلط فيها الملابس، وألوانها مع الرؤية الزخرفية لمسرح غني بالتداخلات والتحوّلات والتغيّرات التعبيرية المثيرة للدهشة والتي تعصف بالوجدان والحس الادراكي حيث يلعب الجمال التعبيري دورا مهما في خلق المشاهد المختلفة كل دقيقة، وكأن مدة المسرحية أو مدة العروض الراقصة هي معرض تعبيري تجسيدي يقتصر على الجماعة والفرد بمعنى من الكل الى الجزء، وبالعكس ضمن دائرية تصميمية تتكرر فيها الخطوات، ولكن ضمن نغمة موسيقية تتقابل فيها الادوار الدرامية على مسرح فني مكتمل الأركان.
ترحل بكل الحواس الجمالية في مسرح «كركلا» فهو الخروج من الواقع الى الواقع عبر الخيال الزاخر بالفضاءات التخيّلية المتأثرة بالسينوغرافيا، فالأضواء والألوان والكتل الراقصة الموحية بلوحات تجريدية ورومانسية وواقعية تتغيّر بدينامية على المسرح تترك المشاهد في لحظة نشوة بصرية ترتبط بانفعالات الراقص والمشاهد على السواء. يقول الاميركي جوليان غرين Julien Green في مذكراته «كان حلما حقيقيا، أكثر بكثير من الحياة اليومية. وهذا يؤكد اعتقادي ان الانسان الذي يحلم يكون فنانا ذا موهبة تفوق كثيرا موهبة الانسان الذي يكون يقظا. لا تقدر الكلمات على التعبير عن الوقت الذي تستغرقه الرؤية قي ثوانٍ»، في المشاهد التعبيرية الراقصة ضمن مسرحيات «كركلا» بشكل عام تولد لغة تحاكي الرائي بمختلف لغات العالم لتنكسر مرايا الجمود الصامت بالأحلام التي ترحل بك نحو الواقع، وكأن «عبد الحليم كركلا» يلعب على تحجيم الحدث ضمن مفاهيم مسرحية تؤدي دورها في إيصال الفكرة تعبيريا من خلال العناصر الفنية الحركية ضمن فضاءات المسرح، والرواسب الحسية التي تسمح للرائي التقاط الاشارات من الراقصين التعبيريين، وكأن المسرح هو القلب النابض بالحياة، المأخوذ بالأحلام المؤدية الى الواقع الممزوج بالحوار المفتوح بين البصر وبقية الحواس حيث الوصول الى ذروة الحدث من خلال النغمة والايقاع، والخطوات الراقصة والفضاءات الداخلية المرسومة براقصين أو بعالم مرئي يخلق البهجة في النفس.
يجمع مسرح «كركلا» بين التوليفات الحسية من مفردات فنية مشتركة تتميّز بالدهشة والاستبصار المبني على انعكاسات مسرحية تنسجم مع الازمنة المجتمعة في مكان واحد، وهو خشبة المسرح أو الفضاء الداخلي الانعكاسي الذي يضيء الفضاءات الخارجية المفتوحة على ايحاءات زمكانية محصورة بالمعنى التعبيري المؤدّى من قبل الراقصين والموسيقى، والألبسة التي تلعب دورا مهما ايضا تنسجم مع اللغة اللونية التي تتواءم مع تكنيك الضوء، وعظمة المشهد الانساني، ومعانيه التمثيلية المؤداة برقصات قوية مسرحياً تتوحد مع الرسم الحسي الترابطي بين الجسد والايقاع السمعي والبصري، ليختزل الف كلمة بتعبير جسدي راقص ملون بتلوينات الواقع والخيال، والهادف الى تحويل المادة المكتوبة الى ايحاءات راقصة مؤداة على خشبة مسرح هي بمثابة فضاءات مسرحية مفتوحة.
تتفوّق التعبيرات الراقصة التي تفوح من أجساد الراقصين، وما تحمل من معاني تأثيرية تتداخل وتتقارب وتتماثل فيما بينها بحيث لا تقتصر على العروض الراقصة المختلفة المشاهد في كل الفصول المسرحية بل تعتمد على الفن الحسي المندمج مع الفنون الراقصة بأنواعها من باليه أوبرالية ورقص شعبي يحمل في طياته تراثيات جمالية، وما الى ذلك من الأنواع الأخرى التي تجمع ما بين الشرق والغرب، وحتى بلغة استشراقية معاصرة مرسومة بتعبيرات فلكلورية غنية بتفاصيل شرقية ذات أصول عربية، ولكن ضمن أسلوب الفن التعبيري الراقص والمعاصر.
تصاحب الحركة التعبيرية ذات الرؤية الفنية مؤثرات تتمثل بالانفعالات الذهنية حيث يتأثر الرائي بمؤثرات الراقصين من فرح وحزن وغضب، فالاستعراض الكلي  للمعنى التمثيلي المفتوح تأويليا على تعبيرات مستوحاة من قصص واساطير واحداث تاريخية، وحتى أدبية تترجم المضمون التشكيلي المنبعث من الألوان والأضواء والسينوغرافية الديناميكية، والمنسجمة مع الاداء الحركي، والبلاغة التعبيرية المنبعثة من ليونة الأجساد وحركتها المتكاملة مع الرقص بشكل عام.
تتضافر العناصر البشرية في مسرح «كركلا» التكويني من حيث العنصر الحركي والموسيقى بمختلف حيثياتها المؤثرة سمعيا وبصريا في تكوين لوحات تعبيرية بشرية تترجم المضمون الدرامي الحركي الناطق فنيا بالجمال، وبمختلف المواضيع المحسوسة وجدانيا والمنبعثة من تصميمات كل مشهد اندمج بشكل كلي مع المعنى والعناصر المسرحية الاخرى من مؤلفات موسيقية، وما الى ذلك مما يهدف الى إيصال المضمون بشكل بصري مقروء حسيا من قبل الرائي، وبشكل اختزالي زاخر بالتحسينات البديعية، كاللباس والاضواء والسينوغرافية، وهذا يكشف مدى قوة الأداء الاحترافي في مسرح كركلا الفني.
توافق حركي وسمعي متجانس مع الرؤية العامة التي يتأملها كل من الراقص والرائي على السواء مما يؤثر على الاشباع الفني المرتبط بتنمية الفهم والادراك عن طريق المشهد التعبيري الراقص، المحمّل بالمشاعر الجمالية من تخيّلات داخلية وخارجية تمتزج بالفضاءات المتنوعة، وبموضوعية راقصة وذاتية تعبيرية تنبعث منها روح الجماعة، والقدرة الكامنة في الكل الحركي المؤدي الى نجاح المسرح التعبيري الراقص لكركلا الذي يجعل الرائي مقيّد بالخيال والتخيّل والتفكر والتأمل مما يحفز المشاعر على المتابعة لكل مشهد ديناميكي احترافي يجسّد الحدث بلغة تعبيرية راقصة تجيّش بالانفعالات والمشاعر، وحتى بعقلانية انسانية تتناغم مع المحاكاة التمثيلية وتعدد الوانها ومعانيها وابجدياتها الراقصة  المتوافقة مع الاطر الفنية المتخيلة والواقعية.
ان مسرح كركلا يعتمد على أبجدية عالمية يحاكي من خلالها الشعوب كافة، وبمختلف المستويات الفنية التي تكشف عن قيمة الحركة والايماء والتعبير الصامت في حياة الانسان، فلا تكتمل الحضارات ما لم تستطع محاكاة الشعوب بابسط التعبيرات واصعبها في آن، لأن الحركة في  المفاهيم البصرية تكشف عن كل ما هو داخلي وصامت ويرتسم في الفضاءات بحرية حركية مناسبة لكل راقص استطاع منح جسده تعبيراته الانفعالية المتفاعلة مع الرؤية أو الفكرة والتصور العقلي المراد إيصالة جماليا من خلال المسرح التعبيري الراقص.

--------------------------------------------------
المصدر: ضحى عبد الرؤوف المل - ”اللواء”

تابع القراءة→

صدور كتاب "إضاءات في نظرية الدراما" لمؤلفيه د.سافرة ناجي.. وحمد حماد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 17, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تعد نظرية الدراما من الفنون التعبيرية الأولى التي كشفت عن توق الانسان الى المعرفة، وقد جسدت تساؤلاته الوجودية في متون محاكاتها ، إذ تمثل حقيقة وجود الانسان وجدلية الوجودية القائمة على أن الصراع متن الدراما الرئيس، وما الحياة الانسانية إلاعبارة عن صراعات متعددة الاسباب، ومن الصراع نتجت المعرفة، وعند تأمل واقع الحياة بشكل مجرد نجد أن كل ما أنتج الفكر الانساني هو عبارة عن أدراك لماهية صراعاته الروحية والمادية، فالدراما هي الادراك الاول للوجود الذي يحقق صداه الاول في الاسطورة، وما الاسطورة إلا تعبيراً عن شكل الصراع الميتافيزيقي، فكان صورة تعبيرية شفاهية مثلت المدرك العام لسؤال الانسان الأول عن أثر الصراع في حياته، ومن هذا المنطلق في قراءة الدراما جاءت فكرة كتاب (إضاءات في نظرية الدراما) لمؤلفيه( د.سافرة ناجي.. وحمد حماد )والذي  جاء في مقدمته. أن أثر الصراع في حياة الانسان كان أحد الاسباب التي أدت الى أن يقييم طقوسه الدينية، ومن جدلية الدراما نتج الدين، وهذا موقف معرفي تحول بالفكر البدائي الاول الى أن يصيغ لهُ رموز تمثل صراعه الميتافيزيقي. ومن الواحد الى الكثير التي أدت الى أنشاء بنى أجتماعية قوامها الفرد ثم العائلة فالقبيلة الى أن توسعت القبائل في دول وأمبراطوريات، وخاصة الانسان الى تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع أستلزم وسائل عديدة وفكر يحدد ويوصف هذه العلاقة.

وعن مجمل أشكالية هذا أخترع وسيطاً للتفاهم، يمكن أن يكون فضاء تواصل ووسيلة من وسائل التفاهم التي أنتجها الفكر الانساني في صورة رموز اللغة على مستوى الصوت أو العلاقة الدرامية بصيغ متنوعة مما ولد نوع من التداخل الفكري في نصوصها، وأذا أخذت الدراما من الاسطورة موضوعاً، لأن الدراما في مولدها الفكري هي السا بقة ولكن مدلولها الحركي المشهدي هي اللا حقة لان فنون المشاهدة الدرامية بحاجة الى بنى معرفية متقدمة من شأنها أن تستوعب الشكل الفني الحي لارسالية الدراما وفنونها، سيما وأن كل التأكيدات والبحوث الفلسفية وآراء المنظرين تؤكد أن المحا كات غريزة أنسانية كامنة في وعي ولا وعي الانسان، هذا المتن التعبيري الذي يواكب ويستجيب الى الفكر، ليكون فضاءاً إبتكارياً للإنسان المعاصر. ولانها تحاكي ماهية الوجود حددها الكثير بأنها تتسم بالتقليد لهذه الماهية، وهذا الالتباس المفاهيمي حاولنا في دراستنا أن نضيئة، وعلى ضوء هذا لم نعيد شرح تفاصيل العناصر المشكلة لإجراءات الدراما في التراجيديا والكوميديا، وأنما قد تم أضائتها من خلال جدليتها المعرفية بوصفها سؤال الانسان الأول/ سؤال الوجود، وتفصيلاً لفكرة الدراسة أشتغلنا على الفكري المعرفي بوصفها دالة الوجود الحضاري للفكر الانساني والشكل له، لهذا حددنا بالعناوين التي ضمتها متن هذه الدراسة، ونعتقد أن هذه الدراسة ستفيد الباحثين والدارسين والمهتمين بفنون الدراما، وكلنا وعي وأدراك أن المعرفة دائرة مفتوحة في السؤال المغاير لمحولات ما أنتج الفكر الانساني، وهذا ما يؤكد عليه قانون الدراما بأنها ذات سيا قات متحولة من أجل إعادة صياغة معنى آخر لهذا الوجود.

وفي استهلال أول تحت عنوان (الدراما سؤل الوجود)  تعد الدراما من الفنون العقلية- الحسية التي تستبطن سؤالاً إشكالياً حول ماهية الوجود الإنساني وحركية تفاعله معه وتعاطيه وماينتج عن هذا التعاطي من موقف جديد.. ولان الانسان والوجود عبارة عن ثنائيات متضادة تحقق وجودها من خلال الصراع بين هذه المتضادات، سيما وأن كل محمولات الوجود هي صورتي ظاهره وباطنه، ولكل من هذه الصورة دوال مفاهيمية يحققها الاستنتاج الذهني لها، ليشكل بذلك موقفاً جديداً، وعلى ضوء هذه التناقضات تحقق الدراما دالتها في أنها مستقرء هذا الوجود من خلال ثنائية التضاد بين العقل والحس وعلى ضوء هذا تعرف الدراما.. وفي باب الفصل الاول الموسوم (محاولة التوفيق بين المتضادات الوجودية لأنتاج موقف جديد) نقرأ: تعد الدراما وعي الإنسان الاول بالوجود، ولكي يعبر الانسان درامياً عن وعيه فهو بحاجة الى أن يبحث عن صياغة معينة أو أطار تعبيري يمكنه من أن يبلور أفكاره عبر أداة التعبير المختارة. وفي الباب نفسه: أن مفهوم الدراما قا ئم على خلق المدركات الواعية بالوجود. بوصفها فن إعادة تركيب مستمر بتجربتنا.. وأنها عملية جدل للاتصال الانساني.

إذ تعيد تنظيم أجراء الوجود الملموس واللا ملموس في صيغ أخرى، وبما أن الدراما معرفة مؤجلة لخلق الصور الذهنية على مستوى النص.. إذ تسعى لتؤسس الى تحقيق معنى اخر مجرد، ففنون الدراما هي إستجابة لكل ماهو أشكالي وفظيع، أنها تعلم الانسان عدم التوقف أو العودة الى الوراء أو الانكماش.. فالدراما تجاوز للواقع بما هو موجود...الدراما والميتافيزيقي.. عنوان محبث .جاء فيه:ان محمولات الدراما الفكرية تنطلق من محاكاتها للحضور المادي للإنسان وجدلية علاقة الغيبية مع الطبيعة ذات المعطيات الماورائية ‘وتشترك كل من الدراما والميتافيزيقيا في انهم فضاءات انشائية معرفية تحاول أن تعبر عن الوجود،أوتجد دالة تشير له معبرة عنه بشكل ما وفضاء المقارنة بين الدراما والمتافيزيقيا في أنهما من(الآن)المتفاعل مادياً في التعاطي مع الوجود،ويعرَّف المذهب الميتافيزيقي على انه((اتجاه أدبي وفلسفي يبحث في ظواهر العالم بطريقة عقلية وليست حدسية صوفية ويمزج العقل بالعاطفة ويبتدع اساليب أدبية تجمع  بين المختلف والمؤتلف من الاخيلة الفكرية والظواهر الطبيعية ))كما جاء في هذا الباب .الطروحات المتافيزيقية تكتنز جدلية الدراما الفكرية من خلال الواقع  والمشا بهة معه رمزيا إلا انها ايضاً تعارضه في سؤال ماهوي لما بعد الوجود ، لذلك فأن الدراما هي فعل السؤال الدائم عن كل ماهو كامن خلف ماأظهر لنا الضوء من اشكال ،وبمعنى آخران كل مايظهر مع اكتشافه فانه يستتر شيئا آخرغير منظور ،لهذا في كل مرة تقدم الدراما قراءتها له بشكل تعبيري جديد فمرة من خلال الاسطورة وثانية من خلال الشعر واخرى من خلال الملحمة،فهي تقدم توازناً من خلال الذاتي والمحسوس والمادي والموضوعي في صياغة جمالية لاكتشاف الوجود ،لذلك فأن قراءة عقلية حسية لتغيير ظواهر الوجود بتعدد اشكالها،.ومن خلال ما تقدم يمكن القول بأن الدراما هي القراءة الكلية الجدلية الفكرية لظاهرة الوجود الانساني بكل مايظهر ويحتجب عن العقل الانساني،فهي فضاء ادرك العالم (المثل\الميتافيز يقيا)،تعمل على ادراك عالم المثل من خلال العالم المحسوس ،التي يظهرها الخيال القادر على صياغة ما تفترض الدراما ان يكون عليه العالم من حوله ،ومن هنا يمكن القول ان علاقة الدراما بالميتافيزيقيا هي البحث عن اسرار الوجود وسؤالها الاستفزازي له مدركات حسية .وفي (الدراما والاسطورة)نقرأ:تعد الدراما تجسيدا للصراع الدائر في الحياة ،في محاولة للكشف عن جوهر هذا الصراع ،اي انها ليست مجرد تصوير للصراع،لكونها تضفي عليه ادراكها وفهمها لقوانينه ،فتقدمه بحلّة جديدة من خلال الرؤية والمعالجات التي تطرحها للحياة في صورة درامية واعية .كما جاء في الكتاب:هل ان الاسطورة الحديثة تتوازى مع الاسطورة القديمة؟-ان الاسطورة لاتشكل بؤرة لنصها الجديد من كونه يعتمد على الابتكار والخلق،فهي تنشأ من اعماق الذات الانسانية المعاصرة لتنسجم مع مشكلاتها وقلقها المعاصر،ومع هذا فأن الاسطورة القديمة والحديثة يتوازيان مع كونهما يمثلان صورة من الخلق الألهي،ومن هنا نستخلص بأن الاسطرة الدرامية هي سلوك اجرائي فني يختص بالبناء وآليات التشكيل الداخلي للنص،من غير ابتكار قيمة معيارية لمثله الجديد،إذ ترسم رؤيتها عبر اسطورتها الجديدة.وقد استشهد المؤلف بمعادلة (الأسطورة+دراما=اسطرة)ومن ذلك نستخلص بأن الدراماهي الفكر المؤسطر لقيم المثال ،ولهذا تعد الاسطرة هي الاجراءات التقنية التي يجريها الكاتب في تشكيل البنى الداخلية للنص الدرامي ،أي ان الاسطرة هي كل ما يقدمه المبدع في شكل تعبيري عن الواقع الانساني.وعليه نجد ان الدراما واجراءها الاولي الراسخ في الاسطورة هي الشكل الاول الذي ظهرت به الدراما المتوافقة مع فكر الانسان البدائي آنذاك .وفي باب (الدراما والرمز)ان محاكات الدراما الاسطورية تتخذ  من الرمز مدخلاً لايجاد معادلات موضوعية لحركية الوجود.لذلك نجد الدراما توظف أو تستعير تعابير رمزية لتمثل مفاهيم  لانكون قادرين على تحديدها أوادراكها تمام الادراك .وفي (الدراما والشعر)يتداخل نسقي الدراما والشعر على أعتبار ان الشعر شكل من اشكال المحاكات التي لهما نظامهما المتداخل درامياً لذلك فأن العلاقة بين مفهوم الدراما لمدركات الواقع الانساني والشعر ،أوغنائية الوجدان الذاتي هي علاقةحركية متداخلة في البوح ،إذ كلاهما يجمع بين المنطق الخاص للبوح الفردي وبين المنطق العام للبوح الجماعي مادامت الدراما تمثل فضاء هذه الحركة بانساقها المتداخلة جمالياً،لهذا يعد الشعر عند(ارسطو)هو "فن المحاكات:ان الشاعر محاك مثله مثل المصور أو أي محاك آخر"، مايؤكد على عمق التداخل بين الدراما والشعر،ولاسيما كلاهما يكشف عن حاجات الانسان  ويناقشها جماليا، لذلك تعد الدراما هي"ذلك النوع الفني الذي يمثل التركيب النهائي للشعر عموما".وفي(الدراما والفلسفة)كتبوا:تعد الفلسفة هي السؤال الذي يبغي الحقيقة وادراكها،وعلاقة الدراما بالفلسفة هي علاقة تحقق المجرد عند زجه في فضاء التجريب الجمالي ،  وهذا يشير الى ان الدراما هي فضاء فحص التساؤلات الكونية   لان"الفلسفة تنتج نظاماً مترابطاً من المفاهيم التجريدية تدعي تفسير العالم،والدراما تقدم نظامها المترابط لمفاهيم الفلسفةالمجردة في حدها الجمالي وتوظيفها في خلق نظام انساني ذو نظام تراتبي،وبناء على هذانجد ان تعاطي الدراما مع الفلسفة هو أحد التقنيات الفكريةالتي كشفت عن الوجود وصراعه الفكري في ماهية الكون والاشياء ،وعليه فان الدراما والفلسفة هما حدي الوجود.وتناول الكتاب عدة محاور مثل :الدراما واللذة الجمالية،والدراما والقدر،والدراما والملحمة،وفي هذا المحور:تنفرد الدراما عن الملحمة في انها تكشف عن الشخصية ،سيما الملحمة تشرح كل شي للمتلقي وتغلق عليه دائرة البحث أو التوقع لما يمكن ان يحدث لمستقبل قص الحدث،والابرز في ذلك ان المشكلة العامة هي التي تتحكم في الملحمة،بينما الشخصية في الدراما هي من يمنح المشكلة قيمتها،ولاسيما فيالدراما الحديثة.كما جاء في الكتاب محاور:الدراما والشكل،والدراما وقانون التراجيديا، وقانون الكوميديا الدرامي، وثنائية التضاد،والدراما وقانون الحبكة،وايقاع الفعل الدرامي،والدراما ومفهوم البطل التراجيدي،والدراما وتقنية الاكتشاف والتحول،والدراما والزمن والمكان،والعقدة والفعل،والدراما ومفهوم التما ثل،والدراما ومفهوم السرد،وفيه:الوجود عبارة عن سرد متواصل وحكاية انسانية طويلة،وما الافعال الانسانية إلاشكل من اشكال الحكاية حتى وان تعددت انساقها الثقافية ،لذلك يعني السرد بصوت عال ،وبما ان الدراما تمتاز بخصوصية زج جميع الاجناس الفنية الاخرى في خطابها ،فعندما تستعير اللغة لتقديم الفعل الدرامي عن طريق الشخصيات فهي تمارس عملية السرد ولكن بتقنية التقديم لا العرض.اما محاور الكتاب الاخرى:الدراما ومفهوم التطهير،والدراما والاسلوب،ومنه الاسلوب الدرامي له قيمة اسلوبية خاصة به تحددها طبيعة الموضوع المحاكى وهذا نجده حاضراًفي الفنون المجاورة للدراما،إلا ان الاسلوب الدرامي هو الانحراف بالكا مل عن الواقع بغض النظر عن الشكل الذي يظهر فيه،فهو يكتنز الانحراف متناًجمالياً.وفي محور الكتاب الاخير الدراما والمجتمع  ،نجد ان هناك تخصصاًفي المتن الداخلي لهذه النصوص،وعليه نجد ان علاقة المجتمع بالدراما الآن تغيرت من منظور الخصوصية البحتة شكلاً ومضموناً،ليكون محاكاتها موضوعاً انسانيا عاماًبالدال العام وشيوع المدلول..ومن خاتمة الكتاب نختزل :الدراما متن تعبيري ذات مسارات فكرية تبحث عن حقية الوجود عبر نسقاها الاجرائي الرئسيين التراجيديا والكوميديا.وما الفلسفة واسئلتها عن الحقيقة إلا أنثيالاًعن الدراما،سيما وان الدراما تؤكد على فاعل ومحرك الوجود (الانسان)بما يمتلك من قدرة تخيلية على صنع الرمز، فان المثل وصورتها(الافلاطونية)ما هي إلا من صناعة هذا الفاعل،فحقيقة المثال هو الانسان ،ولتحقيق ذلك فانها تؤكد على قانون تقديم الفعل لاسرده،لان الاول ينتج فكر والثاني يكمم الفكر،لذلك قانون الدراما انتاج المدلولات اللامتناه ،لهذا نؤكد ان الدراما هي الفن التعبيري الاول وما الاسطورة والغنائية والملحمية إلاموقف جمالي من مواقف الدراما من الوجود،وكما تأكد ذلك في ان الدراما قانون متحول دائماً لكل عصر جديد فأن الاسطورة هي تعبيردرامي عن الوجود ومحدداته الفكرية  آنذاك ،وكما في باقي فنون التعبير..

----------------------------------
المصدر : دار الشؤون الثقافية العامة 
تابع القراءة→

الاثنين، مايو 16، 2016

"علامات العنف الرمزي في عروض المسرح العراقي"اطروحة الدكتوراه

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 16, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

جرت مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة (علامات العنف الرمزي في عروض المسرح العراقي) للباحث  (صميم حسب الله يحيى)  قسم االفنون المسرحية ( الإخراج المسرحي) وتالفت لجنة المناقشة من الاساتذة الافاضل:ا.د. عقيل مهدي يوسف (رئيسا)، ا.د.عبود حسن عبود المهنا(عضوا)، ا.د. عباس محمد ابراهيم(عضوا)، ا.د. محمد عبد الرحمن الجبوري(عضوا)، ا.د. سعد عبد الكريم خيون(عضوا)، ا.د.صلاح مهدي القصب (مشرفا)

ويبدا الباحث من اسهام الدراسات الإجتماعية التي تطورت في النصف الثاني من القرن العشرين في صياغة مفاهيم جديدة تنسجم مع التحولات الإجتماعية التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية، ويأتي (العنف الرمزي ) بوصفه أحد المفاهيم التي تبحث في السلوك الإجتماعي العنيف الذي تأسس على وفق تعبير (العنف الناعم) إذ يتخذ من بعض الثوابت الإجتماعية أدوات تسهم في إنتاج العنف الرمزي، ولاسيما ما يتعلق بهيمنة السلطة بأشكالها المتنوعة ، وقد إختار الباحث دراسة(العنف الرمزي) لما يتضمنه من مرتكزات إجتماعية تدخل في بنية المجتمع العراقي بالتزامن مع مرحلة التحول السياسي بعد (2003) إذ أسهم في الكشف عن العديد من مرتكزات العنف الرمزي داخل البنية الاجتماعية ،  فضلا عن أنَّ المسرح العراقي لم يكن بمعزل عن تلك التحولات السياسية والاجتماعية عن طريق عروض مسرحية عدّة  كشفت عن المهيمنات الإجتماعية وحاولت التصدي لها، وتعريف المجتمع بخطورة سيطرتها على السلوك الإجتماعي ، فضلا عن أنَّ الباحث أفاد من (العلامات ، والرموز ، والصور) التي يظهر فيها (العنف الرمزي) داخل البيئة الإجتماعية ، وعمل على توظيفها في منظومة العرض المسرحي (السمعية والبصرية) من أجل التعرف على (علامات العنف الرمزي في عروض المسرح العراقي)؛ لغرض الوصول إلى غايات البحث عمل الباحث على تقسيم البحث على أربعة فصول جاءت كما يلي:   الفصل الأول : الإطار المنهجي ويتضمن :
مشكلة البحث : وقد عمل الباحث على صياغتها في السؤال التالي:
(هل يتوافر العرض المسرحي العراقي على علامات سمعية وبصرية تسهم في الكشف العنف الرمزي؟)  

أهمية البحث :
 تكمن اهمية هذا البحث في:
1.يفيد البحث المشتغلين في الحقل المسرحي عن طريق التعرف على علامات (العنف الرمزي) (السمعية والبصرية) التي تتوافر في العرض المسرحي.
2.يمكن ان يمثل البحث إغناءة نظرية في المكتبة العراقية و العربية، في دراسة علامات العنف الرمزي في العرض المسرحي.
3.يفيد الباحثين في علم الاجتماع، بالتعرف على مناطق إشتغال جديدة بالمصطلح الإجتماعي.  

هدف البحث:
يرمي البحث التعرف إلى : علامات (العنف الرمزي ) في عروض المسرح العراقي .

-حدود البحث :
الحد الزماني : (2008- 2014)  ، ويعود السبب في إختيار هذه المدة الزمنية إلى التحولات الإجتماعية التي جاءت بعد مرحلة (الإقتتال الطائفي) ، فضلا عن إن تلك التحولات أسهمت في تنشيط حركة المسرح العراقي ، والعمل على مواجهة العنف عن طريق العروض المسرحية .
الحد المكاني: العروض المسرحية التي قدمت على مسارح بغداد، للتنوع الإجتماعي في هذه المدينة الأمر الذي كشف عن رؤى إخراجية متنوعة تتناول الوضع الإجتماعي.
الحد الموضوعي: ويتمثل في دراسة علامات العنف الرمزي في عروض المسرح العراقي.
-تحديد المصطلحات:
 (العلامات  - العنف الرمزي)
الفصل الثاني : الإطار النظري  وإشتمل على ثلاثة مباحث، فضلا عن الدراسات السابقة ،ومؤشرات الإطار النظري :
المبحث الأول : مفهوم العنف الرمزي وإنعكاساته في الحقل الثقافي.
1-مفهوم العنف الرمزي
2-السلطة الرمزية والتواطؤ الإجتماعي
3-العنف الرمزي في فلسفة الثقافة
المبحث الثاني : تداولية الأنساق العلامية في العرض المسرحي,
1-العلامة المسرحية
2-الأنساق المسرحية
3-التداولية في الخطاب المسرحي
المبحث الثالث: تمظهرات العنف الرمزي في المسرح العالمي.
1-اللغة الدرامية
2-التطهير
3-التغريب ، الجستس

هدف البحث:
يرمي البحث التعرف إلى : علامات (العنف الرمزي ) في عروض المسرح العراقي .

-حدود البحث :
الحد الزماني : (2008- 2014)  ، ويعود السبب في إختيار هذه المدة الزمنية إلى التحولات الإجتماعية التي جاءت بعد مرحلة (الإقتتال الطائفي) ، فضلا عن إن تلك التحولات أسهمت في تنشيط حركة المسرح العراقي ، والعمل على مواجهة العنف عن طريق العروض المسرحية .
الحد المكاني: العروض المسرحية التي قدمت على مسارح بغداد، للتنوع الإجتماعي في هذه المدينة الأمر الذي كشف عن رؤى إخراجية متنوعة تتناول الوضع الإجتماعي.
الحد الموضوعي: ويتمثل في دراسة علامات العنف الرمزي في عروض المسرح العراقي.
-تحديد المصطلحات:
 (العلامات  - العنف الرمزي)
الفصل الثاني : الإطار النظري  وإشتمل على ثلاثة مباحث، فضلا عن الدراسات السابقة ،ومؤشرات الإطار النظري :
المبحث الأول : مفهوم العنف الرمزي وإنعكاساته في الحقل الثقافي.
1-مفهوم العنف الرمزي
2-السلطة الرمزية والتواطؤ الإجتماعي
3-العنف الرمزي في فلسفة الثقافة
المبحث الثاني : تداولية الأنساق العلامية في العرض المسرحي,
1-العلامة المسرحية
2-الأنساق المسرحية
3-التداولية في الخطاب المسرحي
المبحث الثالث: تمظهرات العنف الرمزي في المسرح العالمي.
1-اللغة الدرامية
2-التطهير
3-التغريب ، الجستس
4-مسرح القسوة
5-المسرح النسوي
الدراسات السابقة 
مؤشرات الإطار النظري 
أما الفصل الثالث تضمن (إجراءات البحث) :
تناول الباحث فيه الجوانب الإجرائية للبحث ، والقيام بدراسة إستطلاعية، لغرض تحديد مجتمع البحث، وإختيار عيناته إستناداً إلى مؤشرات الإطار النظري، وتقسم الدراسة على قسمين :
القسم الاول: إعداد أداة البحث والمتمثلة بإستمارة الإستبيان من قبل لجنة  خبراء .
القسم الثاني : تحديد عينات البحث الاكثر تمثيلاً للمجتمع ، إذ إعتمد الباحث على لجنة محكمين من المتخصصين في مجال الفنون المسرحية،  وعلى ضوء ماتقدم تم إختيار مجتمع البحث وعيناته، والتي تألفت من خمسة عروض وكما هو مبين :
1-مسرحية: قلب الحدث – إخراج مهند هادي /2008
2-مسرحية : حلم في بغداد – إخراج أنس عبد الصمد/2009
3-مسرحية : روميو وجولييت في بغداد – إخراج مناضل داود/2012
4-مسرحية: عزف نسائي – إخراج سنان العزاوي/2013
5-مسرحية : موت مواطن عنيد- إخراج هيثم عبد الرزاق/2014
وينتهي الفصل الثالث بتحديد خلاصة للنتائج .
أما الفصل الرابع إشتمل على مناقشة نتائج البحث والإستنتاجات، والتوصيات والمقترحات، ويثبت الباحث أبرز الإستنتاجات التي توصل إليها :
1.أسهمت التداولية في إنتاج علامات العنف الرمزي على مستويين ،أحدهما إرتبط بالملفوظ النصي الذي ينقسم هو الآخر على قسمين ، القسم الأول(الملفوظ النصي المباشر) و القسم الثاني(الملفوظ النصي المضمر) ، أما المستوى الثاني إرتبط بالتعبيرات الحركية والإيماءات التي تمثل رموزاً إجتماعية (جستس) ،وتتكشف فاعليتها العلامية عن طريق مزاوجتها بالملفوظ النصي .
2.إتخذ (التواطؤ الإجتماعي) أشكالاً متنوعة داخل البيئة الإجتماعية ، الأمر الذي أسهم في إنتاج أنواع مختلفة من العلامات في العرض المسرحي ، ولاسيما تلك التي إرتبطت بالملفوظ النصي ، أو بالفضاء المسرحي. 
وأخيراً ثبت الباحث قائمة بالمصادر والمراجع والملاحق ، وخلاصة البحث باللغة الإنكليزية.

-------------------------------------
المصدر : كلية الفنون الجميلة 
تابع القراءة→

منتدى المسرح.. ذائقة الجمال وذاكرة المسرح العراقي / احمد الماجد

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 16, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

ارتبط منتدى المسرح ،الذي يقع في بيت السنك القديم، بذائقة الجمال في ذاكرة كلّ فنان عراقي، وبالزمن المسرحي الجميل، وسط المكان الأقرب إلى قلوب أهل المسرح، بل هو بوابة المرور، وشهادة الخبرة والمنشأ لكل فنان عراقي أراد الفوز بمكانة فنية فوق الخشبة أو وراء شاشات السينما والتلفزيون. إن “بيت السنك” البغدادي القديم، والذي يتوسط شارع الرشيد، ما إن تدخله حتى يأسرك سحر الشرق العربي الأصيل، وعبق بغداد بلياليها الألف، بإطلالته المميزة على نهر دجلة، وبما يحويه من ثراء تاريخي وغنى تراثي ذو جذور ممتدة إلى حقب، حيث كان هذا البيت مقرا للبعثة البريطانية في أوائل العشرينات، ليكون هذا البيت على موعد مع الشهرة والتاريخ، حينما اختير ليكون منطقة للإبداع، نقشت على جدرانه بيادر الألق، بروائع العروض المسرحية العراقية، وتألق في باحته العديد من القامات الفنية، أورثوا من جاء بعدهم الكثير من البهجة والإبداع، ولن تتسع هذه الصفحات لمجرد سرد الذين مرّوا من هنا، ابتداء من ابراهيم جلال، سامي عبدالحميد، يوسف العاني، شفيق مهدي، فاضل خليل، سامي قفطان، محسن العزاوي، نزار السامرائي، محسن العلي، شذى سالم، التفات عزيز، مقداد مسلم، هاني هاني، مقداد عبدالرضا، عقيل مهدي، قاسم محمد، حكيم جاسم، محمد سيف، إقبال نعيم، علي الشيباني، حسب الله يحيى، باسم الأعسم، سرمد البدري، عقيل ابراهيم العطية، عزيز خيون، عبدالعزيز عبدالصاحب، حميد مجيد، عواطف نعيم، صلاح القصب، جميل ناصيف، رشيد ياسين، الدكتور ميمون الخالدي، عبدالخالق المختار، أحلام عرب، غازي فيصل، شفاء العمري، عبدالرزاق ابراهيم، موفق الطائي، يوسف السواس، حيدر منعثر، قاسم زيدان، نغم فؤاد سالم، والقائمة تتشظى بالجمال وتطول.. مسرحيون ونقاد لهم في كلّ شبر من هذا البيت ألق وإبداع وذكرى. لقد جاءت الفكرة في إنشاء منتدى للمسرح، نتيجة لاحتياج الفنانين إلى وجود فسحة من الحرية للاحتفاء بأبي الفنون وتقديم العروض بعيدا عن الروتين الرسمي والأطر الوظيفية، وفي جو فني جدا، يكون القائمون عليه من جلدة الفنّ نفسها، كي يعبرو بالمسرح إلى الضفة الأخرى. ويذكر الدكتور عقيل مهدي، أن منتدى المسرح العراقي مر بمراحل عدة حملت كل منها اسما، فكان الظهور في العام 1969 باسم نادي السينما والمسرح، وكان مجرد طموح كبير وهيكل إداري على الورق فقط، وفي العام 1978 تحول الاسم الى نادي المسرح، مع ظهور مسرحية (مسافر ليل) لصلاح عبدالصبور واخراج الراحل هاني هاني، ولم يسجل له اي نشاط آخر حتى العام 1982 حينما انتقلت دائرة السينما والمسرح الى بنايتها الجديدة في منطقة الصالحية ببغداد، حيث كان نشاط النادي في هذا العام يقتصر على استضافة عروض طلبة معهد الفنون الجميلة التي لم تثر اي اهتمام نقدي اوصحفي لتواضعها الفني، إلى أن ظهر في العام 1983 منتدى المسرح، بعد ان انيطت ادارته للفنان مقداد مسلم فبدأ المنتدى عمله الفعلي وكان اول انتاج للمنتدى مسرحية “المشاكس” في 7/7/1983. ثم توالت بعدها العروض والمهرجانات المسرحية ليتحول هذا البيت القديم إلى أرض فنية حديثة، يجتمع فيها المسرحيون والفنانون كل ليلة، يناقشون أمورهم وهموم المسرح والفن العراقي والعربي، لينطلق بعدها مهرجان منتدى المسرح في العام 1984، ويعد مهرجان منتدى المسرح العراقي أهم مهرجانات العراق المسرحية وأطولها عمرا رغم توقفاته، حمل شعار التجريبية ابتداء من دورته الثانية حتى الدورة الخامسة ليتخلى عنها بعد ذلك، وهو بذلك سبق مهرجان القاهرة التجريبي في تبني شعار التجريبية. وجاءت فكرة تغيير بيت السنك، البيت البغدادي التقليدي المبني وفقا للشروط الاجتماعية والاقتصادية والدينية وتقاليد العائلة العراقية التي بلورت شكله معماريا، إلى منتدى للمسرح من أجل استبعاد الشباب الهواة عن مركز المحترفين “بناية مسرح الرشيد” وحصرهم في بيت قديم، بعيد عن كل الأنظار هم وحماسهم المتّقد الذي كان يساريا نوعا ما، ليتحول هذا المكان بسعي الشباب وابداعهم الى ثروة وطنية جديدة اسست للمسرح العراقي برمته. ويذكر الناقد عباس لطيف، أن ظهور التجارب الطليعية والمنحى التجريبي في الخطاب المسرحي العراقي أدى إلى اتخاذ بيت بغدادي بطرازية قديمة وتراثية كفضاء مسرحي لتكريس توجه جديد يتيح مساحة كبيرة لكسر المألوف التقليدي والتخلص من مسرح العلبة الايطالي كمؤشر استشرافي لما سيؤول اليه هذا الاتجاه المغاير والتجديدي والذي لم يأت من فراغ او ينبثق كنوع من الترف الفني بقدر ما كان يمثل ضرورة حتمتها الحاجة الابداعية والتطويرية لمجمل تاريخ المسرح العراقي. كما منح التنوع المعماري المخرج المسرحي اكثر من فرصة لاستثمار معطيات المكان، سواء في استخدام الحجرات وابوابها وشبابيكها، او في توظيف السلالم و الطوابق، وما تمنحه للعرض من مستويات جمالية وفكرية، لان معمارية هذا البيت بحد ذاتها هي فلسفة، تمنح اشتراطاتها ومعطياتها لتغذي المخيلة الجمالية الابتكارية التي تبدع العرض. إن بيت السّنك الذي يحوي منتدى المسرح هو حياة أخرى غير حياة الصخب التي تشهدها بغداد ليلا ونهارا وخاصة شارع الرشيد، حجرات هذا البيت لها سحر أوراق الكتب الصفراء المتشبعة بالزمن وهي تتراصف مع بعضها في كتابة وارشفة ماضي المسرح وحاضره بل ولا أبالغ إن قلت مستقبله، ذلك المستقبل الذي نتمناه لعراق الكلمة وبغداد الأزل، بين ما كان من جَدّ، وما وقع من هزل.

-----------------------------
المصدر : جريدة المدى

تابع القراءة→

الظاهراتية وتأثيرها على أداء الممثل في عروض المسرح العراقي / د.علي عبد المحسن علي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 16, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

مشكلة البحث:-
        ظهرت المدارس النقدية لتؤكد ضرورة انتاج معنى جديد ، فالتفكيكية التي نسبت الى (جاك دريدا) الذي أكد على أهمية الجانب الكلامي والذي اسماه (ميتافيزيقيا الحضورة) يشير فيه إلى أهمية جانب الكلام باعتباره نظاما مرئيا .  نقد استجابة القارئ،ذلك الاتجاه الذي اسند إلى (نورمان هولا ند)  و (هارولد بلوم) يؤكدون فيه إن للنص قراءات المتعددة ؟ لان القراءة الواحدة للنص الأدبي لا تكفي ويكمن السر في ذلك إلى إن المعنى النصي يخلق وينتج في كل مرة إنتاجا جديدا يختلف عن الإنتاج السابق . رواد النقد الحديث (ألن تيت) و (ر.ب. بلاكمز) و  (وليام . ك . وميزات الابن) ، نبهوا إلى أهمية معالجة ت . س . اليوت للقصيدة والذي هو الآخر اعتبرها شعرا وليس شيئا آخر ، لأنها شكلا مكتفيا بذاته وبالتالي فالعمل الأدبي مستقل كل الاستقلالية عن الكاتب لذلك ينبغي دراسة العمل الأدبي ككيان مستقل عن توجيهات الكاتب وانتماءاته الاجتماعية والدينية ، وتأثيرات الجانب النفسي والأخلاقي عليه . الشكلانيين الروس (فكتور شكلوفسكي) و (يان موكاروفسكي) و (رومان ياوبسن) اعتمدوا على فرضية التعارض ما بين اللغة الأدبية أو الشعرية واللغة الاعتيادية وهذا التعارض ناجم عن إعطاء اللغة الاعتيادية الأهمية من قبل الاتجاه لشكلاني لأنها مسؤولة عن نقل الرسالة إلى المستمعين من خلال الاستناد إلى العالم الخارجي لهذه اللغة ، واللغة الأدبية تهتم بجلب الانتباه إلى الخصائص الشكلية الذاتية أي إلى العلاقات الداخلية فيما بين الإشارات اللغوية نفسها .
     نظرية الأساطير ونقد النماذج تعتمد على ركنين أساسيين الأول هو كتاب (الغصن الذهبي) لمؤلفه (السير جيمس فريز) والذي يؤكد على أهمية الأساطير والطقوس في حياة المجتمعات والركن الثاني نظريات (كارل جوستاف يونك) النفسية التي استخدمت مصطلحات مثل النماذج الأولية ، الصور الأولى ، المتبقيات النفسية وهي عبارة عن النماذج التي يرثها الإنسان عن أسلافه من البشر ، ومن مروجي هذه النظرية (نظرية الأساطير) (مود يوكين)و(ج. ويلسن نايت) و (روبرت كريفز) و (ريجارد جيس) و (جوزيف كامبل) و (نورثروب فراي) . الاتجاه الهيرومونتيكي الذي سعى الى تحليل وتفسير وتوضيح معنى العمل الأدبي وشرح جنسه وتركيبه وموضوعاته وبالتالي الوقوف على المعنى العميق من العمل الأدبي ، وقد تم تبني هذا الاتجاه لغرض تفسير الكتاب المقدس (الإنجيل) والوقوف على معانيه المستترة : وتحليل القواعد الصحيحة له لغرض ترتيبه بطريقة صحيحة ، ومن رواد هذا الاتجاه عالم الدين الألماني (فردريك شيلر ماخر) و (فيلهلم ديلتي) ولا يتم تفسير وتحليل العمل الأدبي بدون تفسير وتحليل المؤثرات الاجتماعية والنفسية التي تركت آثارها على الكاتب الأدبي . ويعد المفكر الألماني (ادموند هوسرل ،) و (مارتن هايدكر) و(موريس مارلو بونتي) من النقاد الظاهراتيين الذين أكدوا على ضرورة المساهمة الواعية ما بين منتج العمل الأدبي ومتلقيه ، الكاتب والقاري . النص المسرحي يعد عملا ادبيا يتلقاه المخرج ويعيد انتاجه وكذلك الممثل لذلك تساءل الباحث هل يمكن أن يؤثر النقد الظاهراتي على أداء الممثل في عروض المسرح العراقي ؟ لذلك صاغ الباحث عنوانه بالطريقة الآتية :- (الظاهراتية وتأثيرها على أداء الممثل في عروض المسرح العراقي) .
أهمية البحث والحاجة إليه :-
     تكمن أهمية هذا البحث : 
1-دراسة الظاهراتية وتأثيرها على أداء الممثل في عروض المسرح العراقي 
2-يخدم هذا البحث كل من الممثلين والمخرجين والنقاد المسرحيون .
هدف البحث :-
    دراسة تأثير نظرية النقد الظاهراتي (ألذرائعي) على أداء الممثل في عروض المسرح العراقي.
حدود البحث:- 
1-الحدود الزمنية:- 2000-2009 لان في عروض هذه الفترة جانبا ظاهراتيا .
2-الحدود المكانية :- العروض المسرحية التي قدمت في دائرة السينما والمسرح في بغداد ، لان الممثلون في هذا المسرح لهم تجارب كثيرة في مجال التمثيل . 
3-الحدود الموضوعية :- تأثير النظرية الظاهراتية في النقد الأدبي على أداء الممثل في عروض المسرح العراقي .
 تحديد المصطلحات
المصطلحات الواجبة التحديد هي:-
1-الظاهراتية 
الظاهراتية(الفينومينولوجيا،phenomenology)  تعني اشتقاقا ما يبدو وما يظهر، أنها عودة إلى الأشياء ذاتها (1-ص70) .
الظاهراتية :- تيار فلسفي تبناه كل من (ادموند هوسرل) و (رومان انكاردن)و(مارتن هيدغر) و(موريس ميرلوبونتي)و(جان بول سارتر) و(ماكس شيلر)و(جورج بوليه)،ظهر هذا المصطلح في بداية القرن العشرين، وهو يدرس كافة أنواع الخبرة الانسانية من التصورات ، الفكر،التخيل الشعور،الرغبة،الاختيار،الوعي الجسماني، الفعل الرمزي والتمثيلي،النشاط الاجتماعي، النشاط اللغوي، الغرض من كل ذلك هو دراسة الأشياء أو الموجودات كظواهر ومعاني موجودة في خبرتنا الواعية (2-ص159) . 
الظاهراتية :دراسة الشعور الخالص وأفعاله القصدية باعتباره مبدأ كل المعرفة( 3،ص83) .
2-الأداء :- الأداء يعرف أيضا بأنه " سلسة من الأنشطة المحددة الموضوعة بنظام معين داخل إطار كي تعرض على أشخاص يقومون بدور المشاهدين،ومسؤولية هذا المشاهد هي أن يراقب طويلا نشاط هؤلاء المؤدين دون أن يشارك مباشرة في هذه الأنشطة "(4-ص8) .
ويعرف أيضا بأنه "سلوك يتم بقدر معين من المهارة في مجال معين، وهو يتطلب قدرا مناسبا من التدريب والاستعداد والتهيؤ؛ حتى يصل المرء إلى مرحلة التمكن والكفاءة "    (5-ص66) . ويعرف أيضا بأنه " تجسيد العواطف والانفعالات لكي تظهر من خلال صوت وحركة وإيماءات وانفعالات ممثل الشخصية " (6-ص36) .   
عالم اللغات والأجناس الأمريكي(ريتشارد بومان) له وجهة نظر تجاه الأداء إذ يقول "إن كل أداء يشتمل على وعي بالثنائية،ومن خلال هذه الثنائية يتم تنفيذ فعل ما بعد وضعه في صورة ذهنية مقارنة بنموذج آخر مثالي له،أو أنموذج أصلي موجود في الذاكرة . وفي العادة تتم هذه المقارنة بواسطة الشخص الذي يراقب هذا الفعل-مثل جمهور المسرح، أو مدرس الفصل، أو العالم –ولكن الركيزة الأساسية في هذه العملية ليست هي المراقب الخارجي، بل هي ثنائية الوعي"(5-ص13) .  
الأداء أيضا " كل نشاط الفرد الذي يحدث خلال فترة ما تتميز بوجود هذا الفرد بطولها أمام مجموعة من المشاهدين، وانه يترك أثره على هؤلاء المشاهدين " (5-ص36) .
      إن الظاهراتية تعتمد على أفق التوقعات بالنسبة للقاريء أو المتلقي لذلك يؤكد الباحث إن أفق التوقعات هذا ينطبق على الممثل المسرحي باعتباره قارئا للنص المسرحي ويملا الفراغات الموجودة فيه وفقا للرؤية الفنية الإبداعية ووفقا لحضوره على خشبة المسرح ويرى الباحث كذلك ان مبدأ الصورة الذهنية الذي أكدت علية الظاهراتية يصل إليه الممثل من خلال ابتكاراته الأدائية واستخدامه لكلمة (لو السحرية) من كل ذلك يؤكد الباحث ان الظاهراتية تؤثر في أداء الممثل ، ويرى الباحث ان مسالة العلاقة بين المتلقي والعمل الادبي عند الظاهراتية له ما يبرره في اداء الممثل والمتمثل بالمسافة الجمالية بين الممثل والعرض المسرحي . 
الإطار النظري – المبحث الأول - مفهوم الظاهراتية
ارتبط مفهوم الظاهراتية بالفيلسوف الألماني (فردريك هيغل) قبل ارتباطه بالمفكر (ادموند هوسرل) ، فالروح تمر بثلاثة مراحل حسب هيغل هي"1- الروح الذاتية وتتناول العقل البشري منظورا إليه ذاتيا. 2-الروح الموضوعية وتنتقل من الذات إلى الموضوع الخارجي. 3-الروح المطلقة وفيها وحدة الشكل والمضمون" (7-ص151-153) . وهذا التطور في مستويات الروح يعكس مراحل تطور الفكر والوعي والنقد ، والأخير يعد نشاطا فكريا، والفكر يرتبط بكل من الذات والموضوع في علاقة جدلية، والاثنان أي الذات والموضوع مدركان ،إلا إن هيغل يركز على الموضوع الذي يحمل سمة جمعية وشمولية تتعلق بأفعال الجماعات وواجباتها تجاه بعضها البعض . إن هيغل يربط الجانب الأول من الروح بالحواس والإدراك الحسي لذلك تتعلق الروح بالشيء الحسي،ويربط الجانب الثاني بالتخيل الذي هو موضوع الروح في صورة أو تمثل،والجانب الثالث بالهدف أو الغاية أنها الروح المطلقة "التي تسعى دائما إلى إشباع حياتها الداخلية العليا العميقة(الفكر) فتجعله موضوعا لها"(8-ص28). وبذلك يكون (هيغل) قد اضفى على الظاهراتية معنى خاصا انه علم تجربة الوعي ويدل موضوع الوعي على الحقل الذي يظهر فيه موضوع لذات معينة لتكون بالضرورة وعيا بموضوع معين ووعيا بالذات في الوقت نفسه ،هذا من جانب ومن جانب آخر ترتبط التجربة حسب هيغل بالصيرورة التي يتكفل الوعي بالقيام بها ، فهيغل يؤكد على جانب ظاهراتي مهم هو الفكر وأهميته لأنه أسمى الموضوعات. المفكر الالماني (ادموند هوسرل) الذي أكد على معالجة المشكلات الفلسفية من خلال وصف كبريات أنواع التجارب الإنسانية،لان لكل تجربة من تلك التجارب شكلا خاصا تقتضيه طبيعة الشيء الذي يتم تناوله للوصول إلى شكل التجربة، وبالتالي يؤكد (هوسرل) على أهمية دراسة الخبرة الإنسانية بصورة مستقلة عن القيم والأحكام الذاتية حتى يتم إدراك الظاهرة والوعي بها وبالتالي الوعي بالوجود وبالمحصلة الدخول إلى جوهر فلسفة هوسرل إلا وهو(القصدية) التي يقول عنها هوسرل"الوعي دائما قصدي"(9-ص53) وتعد القصدية المحور الأساس في فلسفة (هوسرل)،التي تعتبر وسيطا ما بين العارف والمعروف أو المدرَك والمدرٌك ،لغرض الوصول إلى فعل الإدراك الذي يتطلب بدوره تحريك الإدراك نفسه وهذا لا يتم إلا بان ندرك الظاهرة المراد إدراكها. والقصدية لا ترتبط بالارادة المقتصدة بقدر ما تعني الموضوع الذي يرتبط ارتباطا مباشرا مع الذات المفكرة أو فعل التفكير.   
      تمكن (هوسرل) من إيجاد مفهومين يرتبطان بفعل القراءة النقدية للمنجز بكافة أشكاله وهما (النوئزيس)و(النوئيما) ، فالأول هو المتجه إلى الفعل بمعنى القطب الذاتي ، والثاني هو القصد الموضوعي ، أي الموضوع المشار إليه ، ويتواجد الاثنان داخل الخبرة القصدية التي تسمى ب (فعل التفكير) لإنتاج مضمون" وهذا المضمون هو المعنى الموضوعي للشيء كما هو معطى في فعل التكوين"(10-ص30) ويرى الباحث إن السبب في ذلك يكمن في إن الموضوع والكينونة يرتبطون مع بعضهما ولا يوجد شيء من دون شخص ولا شخص من دون شيء،لذلك كان سعي (هوسرل) إلى الجمع بين الذات والفعل وهذا الدمج أو الجمع يسفر عنه مفهوما جديدا من مفاهيم (هوسرل) ألا وهو (التعالي) الذي يعرفه بأنه"المعنى الموضوعي الذي ينشا بعد إن تكون الظاهرة معنى محض في الشعور إلى ما بعد الارتداد في عالم المحسوسات الخارجية " (11-ص162) أما القصدية فترتبط  عند (هوسرل) بالكيفية التي ينجز بها العمل الأدبي،والقصدية استخدمت فيما لدعم الجانب الموضوعي للنص الأدبي مما يعطي حضورا مميزا له، وهذا الحضور ناجم عن استحالة فهم دلالة النص بمعزل عن قراءة ذلك النص بمعزل عن المتلقي مما يدل ذلك على إن الظاهراتية نابعة من التأويل،والتأويل الظاهراتي هو" فعلا لإنتاج المعنى و لتأسيسه،الذي لا يتجه إلى المعنى أو المرجع،ولا يرتد عنهما،فهو فعالية الفهم التي توفر المعنى"(12-ص31)  وهذا المعنى لا يعد بؤرة ولا هوية ولا بؤرة مفردة بل ممارسة وفعالية مرتبطة بالوعي لدى القارئ،والوعي يبدأ من جانب مهم ألا وهو المرجعيات الفلسفية والإيديولوجية للقارئ ،من هنا يؤسس (هوسرل) لعلم جديد ينبثق من شعور القارئ ،والمنطق الشعوري لا يقتصر على تحليل التجارب الحية للقارئ وتحليل مضامينها ولكنه في نفس الوقت الأنا الخالص والإدراك الباطني ويتم ذلك بإتباع ثلاثة طرق هي " الأول بناء التجربة السابقة على الحكم أو التجربة من حيث هي استقبال محض للعالم الخارجي يمكن إدراكها إدراكا مباشرا بالحدس أو بعد الإيضاح ثم إدراك علاقاتها وأسسها . الثاني بناء الفكر الجملي وموضوعات الذهن وذلك بمعرفة البناء العام للجمل ونشأة أشكال المقولات ونشأة الموضوعات ودالات الأحكام. الثالث بناء الموضوعات على وجه العموم وأشكال الأحكام العامة وذلك ببناء العموميات التجريبية من اجل الحصول على العموميات الخالصة عن طريق الرؤية الحدسية للماهيات"(13-ص40)  الأساس في تلك المبادئ الوعي الذي يعد حاضرا لدى القارئ من اجل المشاركة في العملية الإبداعية، من اجل إبراز الهوية الحقيقية للصورة عند ذاك يعمل الخيال المبدع بحرية لان القارئ على يقين تام بان المواضيع التي تملا عقله هي ملكه الخاص .
       أما(فولفكانك ايزر) فيؤكد على مسالة مهمة هي ان للنص الأدبي قطبان ،هما القطب الفني أو الاستطيقي ، وقطب التحقق الذي يتم بواسطة القارئ ، مما يجعل العمل الأدبي غير مساو للنص ، أو مساويا لتحقيقه وإدراكه إذ يقع في منزلة بين منزلتين ، وهذه العلاقة الجدلية المستمرة ما بين القارئ والنص تعمل على محورين هما " المحور الزمني والمحور الفضائي: وكما إن الوجوه المختلفة لتجربة القراءة تحل محل الوجوه السابقة ، وتعمل على إعادة النظر في الإدراك النصي ثم تحل محلها وجوه أخرى ، فان البنى الثيمية المختلفة أيضا تتنافس فيما بينها من اجل المركز ويدفع بعضها بعضا إلى الأرضية الأمامية والخلفية"  (14-ص34)        وبالتالي يتفق ايزر مع هوسرل على إن طبيعة تجربة القاري متجددة بتجدد وعيه ، لذلك تستند عملية القراءة لدى(ايزر) على ثلاثة  أسس هي : 1-النص .   2-القارئ   
3- الظروف التي تحكم عملية التفاعل بينهما للوصول إلى المعنى الذي لا يعد موضوعا قابلا للتحديد بل هو اثر تجربة المرء وهذا الأثر يعتمد على الصور الذهنية وهذه الصور قابلة للتجدد، وبذلك يقوم نهج (ايزر) على الجانب التالي:- " تظهر كل صورة ذهنية فردية على أرضية خلفية لصورة ذهنية سابقة فتعطي موضوعا في الاستمرارية الإجمالية ، وتنفتح للمعاني التي لم تكن ظاهرة حيث أنشئت الصورة الذهنية أول مرة . وهكذا فان محور الزمن يكيف وينظم المعنى الإجمالي من حيث الأساس فيجعل كل صورة ذهنية تنحسر إلى الماضي، فيخضعها إلى تغيير لا مناص منه ، وهذا بدوره يؤدي إلى صورة ذهنية جديدة"(15-ص44) وهذا التحول من صورة ذهنية لأخرى جديدة يتطلب الخيال الذي يتميز به القارئ والية الخيال الأدبي لدى القارئ تعتمد على ما اسماه ب(التركيب السلبي)(15-ص43) ويتركز بإضفاء سمة الحاضر على غير المعروف أو الغائب والسبب في ذلك يكمن في أن النص الأدبي لا يمتلك حقائق بقدر ما يمتلك خطط لتحفز القارئ على إعادة تركيب الصور الذهنية الجديدة من خلال خزينه المعرفي والصور الذهنية والأحاسيس السابقة. أكد (ايزر) على مفهوم مهم ألا وهو (القارئ الضمني)(16-ص69) وبموجب هذا المفهوم يتم التحول من البنيات النصية إلى الخبرات الشخصية للقارئ الذي يمتلك نشاطا إدراكيا ناجما العلاقة التفاعلية ما بين النص والقارئ ، فالقارئ يقيم ما يقراه في ضوء أحداث الماضي وتوقعات المستقبل، مما يؤدي إلى عملية تركيبية لا يقوم بها النص الأدبي وحده ولا خيال القارئ وحده بل يشترك الاثنان، فهذه العملية التركيبية يحدثها القارئ من خلال خياله الإبداعي، ذلك الخيال الذي تحكمه مجموعة الإشارات التي يطرحها النص الأدبي . مهمة القارئ إذا هي رصد ما يغفله النص من فجوات ومليء تلك الفجوات من خلال إقامة علاقات بين النص والعلاقات الموجودة بين شخصياته وبين القارئ وعلاقاته الاجتماعية مع المحيط الذي يعيش فيه ونتيجة لذلك فان عملية القراءة تحمل بعدا تفاعليا بين الاثنين . (رومان انكاردن) هو تلميذ (هوسرل) ، استخدم مبدأ القصدية في تحليل عملية القراءة لان العمل الأدبي يمتلك وجودا ملموسا، قائما على فرضية إن المواضيع الروائية لا تبنى فقط على أساس العلاقات التجريدية المنتظمة التي تتركها تجربة القارئ السابقة بل تشتمل كذلك على المعاني المكتسبة التراكم الكامل للأوامر والصور الذهنية والأحاسيس السابقة للقارئ(17-ص55) وبالتالي فالعمل الأدبي يعد طاقة ديناميكية فاعلة من خلال تفاعله مع القارئ . 
     (هانز روبيرت ياوس) هو الآخر احد رواد المنهج الظاهراتي ، أشار إلى مسالة مهمة ألا وهو دور الجمهور أو القارئ في عملية تلقي النص الأدبي وإنتاجه وإعادة كتابته وإعطاءه شكلا مميزا من خلال أفق التوقعات ، تلك النظرية التي استلهمها(ياوس) من نظرية       (هانز جادامير)* التأويلية التي تعتمد على النص باعتباره عملية حوار دائمة بين الماضي والحاضر، مما يؤدي إلى تفاعل الآفاق ، وبموجب ذلك التفاعل يصعب أو بالأحرى استحالة فصل معاني النصوص عن تاريخ استقبالها، إلا إن (ياوس)طور مفهوم أفق التوقعات ليؤكد فيه على إن العمل الأدبي يتألف من اتحاد محورين هما أفق التوقع المفترض في العمل ، وافق التجربة المفترض في المتلقي ، ونتيجة لذلك يتشكل معنى النص الذي يتجدد بصورة الدائمة ، فتغير المعنى يؤدي إلى تغير شروط التلقي الاجتماعية والتاريخية ، المتلقي وفقا لكل ذلك يمتلك القدرة على استقبال التجربة الفنية وإنتاجها والاتصال بها وفق شروط وضعها (ياوس) ألا وهي:-    
1-دراسة اثر التجربة الجمالية التي يقيمها المتلقي مع العمل الأدبي من خلال جدلية العلاقة 
بينهما .
2-إعادة تكوين أفق التوقع للمتلقي ، بمعنى إعادة تكوين نسق المرجعيات التي تشكلها ثلاثة عوامل رئيسية: التجربة التي يمتلكها الجمهور عن الجنس الأدبي ، ثم شكل الأعمال السابقة وموضوعاتها ، ثم التعارض القائم بين اللغة الشعرية ولغة الممارسة .
3-تحديد نوعية الأثر الذي يحدثه العمل في المتلقي من خلال دراسة درجة المسافة الجمالية من خلال علاقة أفق توقع المتلقي مع تجربة العمل الأدبي.
4-إعادة تكوين أفق التوقع للمتلقين ابتداء بما كان موجودا في اللحظة الأولى لتلقي العمل ، أي بين تجربة التلقي في الماضي والحاضر تحديدا لتباين عمليات التلقي .
5-ضرورة وضع كل عمل في السلطة الأدبية التي يشكل جزءا منها، إذ إن الأعمال اللاحقة تستطيع أن تحل معضلات كانت قد تركتها الأعمال السابقة معلقة .
6-أهمية إدراك نسق الأعمال المتزامنة وذلك بإحداث مقاطع في مسار التسلسل التاريخي للأعمال الأدبية ، استهدافا لدراسة استراتيجيات الناقد في مرحلة من التطور والتحولات والتمفصلات لكل حقبة .
7-الربط بين التاريخ الخاص الذي يشكل التاريخ الأدبي ، والتاريخ العام ، وذلك بحثا عن إظهار الوظيفة الاجتماعية للإبداع ، لا من حيث أن التاريخ الاجتماعي ينعكس في النصوص الأدبية ، ولكن بهدف دراسة تأثير الإبداع على القاريء (16-ص17) . 
وتبعا لكل ذلك لا يتم قراءة العمل الأدبي بدون التفاعل بين شروط وأسس هذا العمل والوعي الاجتماعي والتاريخي للمتلقي ونتيجة لتلك الجدلية يتألف الإبداع الخاص بالقاريء .
المبحث الثاني - الظاهراتية في العرض المسرحي
بما أن الظاهراتية في العرض المسرحي ترتكز على القراءات المتعددة له من قبل المتلقي وتختلف هذه القراءات باختلاف ثقافة وفكر المتلقي وتوجهاته السياسية والفكرية والتاريخية وكذلك القراءات المختلفة للمخرج المسرحي ، وبالتالي فان هناك تاثير للظاهراتية على العرض المسرحي، فالمكان في النص يعيد المخرج انتاجه وفق معنا جديدا يرتبط بالمكان الذي يعيش فيه المخرج وفقا للمنظر المسرحي ، والشخصيات كذلك يسهم المخرج في ايضاحها للممثل وفقا لمعنى جديد يرتبط بمتطلبات العصر وحاجاته الضرورية  ترتبط بمفهوم القصدية ، لذلك فلكل عرض مسرحي قصدية معينة ، فهو يحتوي موضوعا يرتبط ارتباطا مباشرا مع الذات المفكرة . العرض مسرحي  يحوي موضوع او فكرة اساسية او هدف اعلى وهذا الموضوع يعيد المخرج انتاجه وفق رؤى ومنطلقات سياسية واجتماعية وتاريخية جديدة، عاشها المخرج لذلك فهناك تاثير للظاهراتية على العرض المسرحي . ان مفهوم القصدية الموجود في الظاهراتية  مناظر بالأساس إلى مفهوم فني ألا وهو الوحدة ، أي وحدة الشكل الفني الذي يتأتى أساسا من الهدف الأعلى وخط الفعل المتصل للنص المسرحي الذي يسعى المخرج لإبرازه ، وهنا يأتي التفهم العميق من قبله للقوانين التاريخية ، تلك القوانين التي يتطور على أساسها المجتمع الإنساني ، وبالتالي فمعرفة المخرج للهدف الأعلى يمكنه من التعمق في جوهر الأحداث والقوى المحركة لها ومعرفة الظروف التي تعيش فيها الشخصيات، وطبيعة الصرع الذي تواجهه هذه الشخصيات   (17-ص49) وبذلك فالهدف الأعلى يعد بمثابة العمود الفقري للعرض المسرحي إذ يتحتم على المخرج وكادر العمل معرفته ، يقول (ستانسلافسكي) "إن التعبير عن أفكار ومشاعر وأحلام الكاتب .آلامه وأفراحه الأبدية هو المهمة الأساسية للعرض المسرحي"(17-ص58) فمهمة المخرج تنحصر في معرفة تلك الأفكار والمشاعر وإعادة صياغتها بصورة تتلاءم مع متطلبات العصر الذي يعيشه الهدف الأعلى للنص الدرامي لا يمكن تصويره أو تجسيده من قبل الممثل بدون معرفة المخرج للوسيلة التي تكشف عن الفعل ، والفعل هو الحالة العامة التي تتيح لشيء ما أن يولد بين بداية ووسط ونهاية ، وهناك دوافع لهذه الأفعال تدفع الشخصيات إلى ارتكاب فعل ما والفعل يؤدي إلى الصراع ، والذي يعد " قانون من قوانين الحياة الأساسية فالكائنات الحية تتصارع من اجل البقاء" (18-ص167) وهذا الصراع له أسباب إما فكرية أو سياسية أو دينية أو اقتصادية، والصراع الدرامي على أنواع هي:-
1-الصراع مع الشخصية أو الأشخاص الآخرين وهو صراعا اجتماعيا. 2- الصراع مع الطقس أو مع الجانب الجغرافي للأرض ، فالرعد على سبيل المثال قد يكون سببا في صراع الشخصية الدرامية . 3-الصراع مع العادات والتقاليد والثقافات والديانات. 4-الصراع مع النفس كما هو الحال في شخصية هاملت في مسرحية هاملت . 5-الصراع مع القدر أو الآلهة كما هو الحال في مسرحية بروميثيوس في الأغلال . وبالنتيجة معرفة المخرج المسرحي للهدف الأعلى للنص الدرامي تمكنه من معرفة الفعل والدرامي وطبيعته وما يسفر عنه من صراع ، وذلك يرتبط بمفهوم القصدية .  من جانب آخر يعد المخرج القاريء الأول للنص المسرحي وبالتالي فمهمته الأساسية هي مليء الفراغات التي تم نسيانها من قبل المؤلف المسرحي من خلال قدرته على التحليل والتأمل والتجربة، لأننا هنا بصدد نوعان من المخرجين:- الأول:-المخرج المفسر الذي يفسر النص الدرامي. الثاني:-المخرج المبدع الذي يمتلك من رؤية الأحداث المسرحية في أفق تطورها وانسيابيتها بصورة متدرجة وفقا للسبب والنتيجة التي تحكم هذه الأحداث، وهو المخرج الذي ينبغي أن نعرج عليه، انه المخرج الذي يساعد الممثلون في تطوير مهاراتهم الحركية والإلقائية وتطوير قدراتهم الذهنية (الاستجابة السريعة للأحداث ، الاستجابة للإيقاع) وقدراتهم الحركية (القدرة على الارتجال الحركي ، الرقص بأنواعه) ، انه مخرج قادر على إيجاد الفعل الرئيسي المحرك للشخصية الدرامية (العمود الفقري) لها الذي يتولد من الفعل الرئيسي للمسرحية ، فعلى سبيل المثال العمود الفقري ل (بلا نش دوبوا) في مسرحية وليامز(عربة اسمها الرغبة) يمكن أن يكون تجد عشا (19-ص12) وبالتالي فمهمة هذا المخرج تكمن في اكتشاف الكيفية أو الطريقة التي يعمل بها الممثل بالإضافة إلى مطابقة فعل الممثل للتشكيل العام للعرض المسرحي وفق رؤية إخراجية حديثة تتمشى مع التطورات الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية للعصر. الصور الذهنية التي أكدت عليها الظاهراتية مرتبطة بقدرة القارئ على التخيل ، والفنون بكافة أنواعها ومنها المسرح تعتمد على الخيال والتخيل، والخيال يعرف بأنه" الملكة المولدة للتصورات الحسية للأشياء المادية الغائبة عن النظر وهي على نوعين: أما أن نستعيد الصور التي شاهدها صاحبها من قبل وتسمى عندئذ (المخيلة المتذكرة) أو (المستعادة)أو تعتمد صورا سابقة فتولد منها صورا جديدة وتسمى عندئذ(المخيلة الخلاقة) " (20-ص8) والنوع الثاني تحديدا هو الذي أكد عليه (ياوس) كما مر بنا في مسالة الانتقال الحاصل في الصور الذهنية من الماضي إلى الحاضر. 
         (جان بول سارتر) يربط بين الخيال وأسلوب خلق الصور الذهنية هذه الصور التي يشبهها (سارتر) بالعالم الحقيقي، ويعرف الأخير أسلوب خلق الصور الذهنية بأنه " فعل يحاول أن يجسم موضوعا غائبا أو لا وجود له، عن طريق محتوى مادي أو نفسي لا يقدم في مثل هذه الهيئة بل في هيئة مشابهة للموضوع الذي نهدف إليه" (15-ص28) وبذلك فالصور الذهنية التي أكد عليها (سارتر) يمكن خلقها بصورة مشابهة لها ، وهذا الخلق يعد محاكاة للجوهر وليس محاكاة مشابهة للواقع ، تلك المحاكاة التي أكد عليها (أرسطو) في كتابه فن الشعر عندما أعطى الأهمية للشعر على التاريخ ، لذا نرى (أرسطو) يؤكد بأنه ليس من مهمة الشاعر أن يروي ما حدث بل إن مهمته تتلخص بمحاكاة الجوهر في المادة الشعرية(21-ص24) وبالتالي فعمله يرتبط بالفلسفة أكثر من التاريخ ومجرد سرد الأحداث لان الفلسفة تعبر عن الكلي ، أما التاريخ فهو يعبر عما هو جزئي. المخرج المسرحي يعد شاعرا يمتلك الخيال الخصب الذي يمكنه من الإبداع والابتكار، فهو يقرا النص قراءات متعددة لاستكشاف الجانب الفكري والصوري فيه وإدراك مضامين وأبعاد النص مع مجموعة العمل المسرحي ويحول مادته الخام إلى عرض مسرحي ذو طابع حسي لذلك فالخيال في الظاهراتية موجود كذلك لدى المخرج المسرحي . 
       المخرج المسرحي  يتمتع بمخيلة إبداعية تمكنه من اكتشاف طبيعة الجو المسرحي الذي يتولد من أهداف الشخصيات ونواياها المعلنة والمخفية ومن المسافات الاجتماعية بين شخصية وأخرى وما يحيط بالشخصية الدرامية من إضاءة وديكور مسرحي وموسيقى ومؤثرات مسرحية وما تتعامل به من إكسسوار وماكياج وحتى الزي الذي ترتديه الشخصية الدرامية ، والجو المسرحي ديناميكي متحرك يستمد هذه الحركة من حركة الأحداث الدرامية وتغيراتها من زمان لآخر ومن مكان لآخر، وكذلك من تعدد القراءات الفنية للمخرج ، فعلى سبيل المثال لا الحصر في الفصل الأخير من (الأخوات الثلاث) على مسرح موسكو الفني توحي الملابس التي ترتديها الشخصيات ذات المعاطف المحكمة الأزرار والقلنسوات الطويلة بفصل الخريف، بالإضافة إلى العزف على البيانو كل ذلك أعطى جوا مسرحيا خريفيا(18-ص99) الجو المسرحي من جانب آخر يحدد الحالة النفسية-الجسمانية للشخصيات المسرحية والسرعة الإيقاعية ، وما دام الباحث تناول الإيقاع ينبغي إن يعرج على مفهومه ، إذ إن كلمة الإيقاع اشتقت من الأصل اليوناني القديم(reyo) وتعني باللغة العربية انسياب الماء ، وفي اللغة الانكليزية المقياس أو الاتزان أو التوقف في الغناء والموسيقى وفي الحركات المختلفة ، والإيقاع بعد ذلك عبارة عن تواتر الوحدات السمعية والبصرية في مجموعة منتظمة ومتكررة ومتنوعة ومتحركة ، هذه الوحدات أو المجموعة نسميها ضربات يتخللها فواصل أما زمنية كما هو الحال في الموسيقى أو مساحية كما هو الحال في اللوحة التشكيلية أو زمنية-مكانية كما هو الحال في العرض المسرحي (22-ص70) . وبذلك فالقصدية في الظاهراتية  لها ما يناظرها عند المخرج المسرحي وتتمثل بعناصر الوحدة والهدف الاعلى للعرض المسرحي وتمكن المخرج من تحديد خطوط الصراع والايقاع العام للعرض المسرحي .
المبحث الثالث – الظاهراتية في اداء الممثل
       ان مسالة الوعي بالذات والموضوع الذي اكد عليه هيغل ، له ما يناظره في اداء الممثل المسرحي ، فالاخير يستخدم تجاربه اليومية من خلال الذاكرة الانفعالية في تجسيد الشخصية الدرامية ، وتقديم صورة جديدة لموضوع ما ، والامثلة على ذلك كثيرة منها قيام الممثلون الاغريق بتصوير شخصيات وهم على وعي بذواتهم اولا والموضوع الذي يقدم على خشبة المسرح من خلال تطوير قدراتهم على اداء الادوار المختلفة . الممثل المسرحي يقوم بالاستفادة من تجاربه والظروف السابقة التي عاشها ، بعد ان تمكن من استقبالها واعادة انتاجها بما يتلائم ومتطلبات الشخصية الدرامية ، بعد ان قام بقراءة النص الدرامي واستخراج البناء الجملي منه مستخدما عنصر التحليل ، تحليل النص وتقسيمه الى وحدات وضربات . يجد الباحث ان الامثلة على ما ذكر كثيرة منها ان ممثلا اغريقيا يدعا (بولس) من منطقة (ليجينا) " الذي قدم دور الكترا اخرج من القبر الجرة التي بها رماد ابنه واحتضنها كما لو كان بها رفات (اورستيس) ، وملا المكان ، ليس بمظهر الاسى او تقليد له ، ولكن بحزن حقيقي . وهكذا ، بينما كان الامر يبدو ان هناك مسرحية تمثل ، كان في الواقع حزنا حقيقيا يعرض " (23-ص 88) فالممثل الاغريقي هنا استفاد من تجربة سابقة مرت بحياته هي فقدان الابن في تجسيد شخصية الكترا ، تلك الشخصية التي مرت بحالة مماثلة لحالة فقدان الممثل لابنه فهي تفقد اخيها . مثلما ينتج القاريء معنا معينا ، كذلك الحال مع الممثل الذي ينتج هو الاخر معنا معينا وهذا المعنى ناجما عن فهم دلالة النص ودلالة الشخصية ، وبالتالي فهو يملي فراغات النص التي تركها المخرج المسرحي ، لابراز الممثل الجانب الابداعي له ، واستخدام الخيال والذي يطلق عليه ياوس المخيلة الخلاقة ، ويجد الباحث ان الممثل الاغريقي استخدم عنصر الخيال او التخيل في تصوير نماذج عامة من الشخصيات او اشكال مثالية ، فعمله لا يقتصر على محاكاة التفاصيل الواقعية للحدث فحسب بل قام بصياغة معاني اكثر عمقا ودلالة من خلال تخيل الفعل المسرحي . ومسالة الاستفادة من الذاكرة الانفعالية موجودة في اداء الممثل في العصر الحديث . ان مسالة ارتباط الموضوع بالذات المفكرة عند هوسرل، له ما يناظره عند الممثل المسرحي ، فالموضوع هو الصورة الفنية التي يبغي الممثل ايصالها الى المتلقي بطريقة معينة وتختلف تلك الصورة باختلاف ابعاد الشخصية الدرامية ، وهذا الموضوع يرتبط ارتباطا مباشرا بذات الممثل المفكرة ، والتي تعتمد هي الاخرى على عنصر مهم من عناصر تحقيق التاثير على الجمهور ، الا وهو الحضور وهو نوع من الجاذبية التي يمتلكها الممثل ، وفقا لجانبين هما الاغواء والاقناع ، لذلك فالممثل ينبغي ان يمتلك القدرات الاتية :-
1-القدرة على التحليل :- تحليل الشخصية وظروفها وعلاقاتها بالشخصيات الاخرى ، وتحليل البيئة التي خرجت منها .
2-القدرة على التفسير :- تتضمن تفسير افعال الشخصية ، وتفسير الاحداث .
3-القدرة على تشكيل الشخصية :- بمعنى وضع الشخصية في صورة بصرية ومرئية وفي الوقت نفسه جعلها مسموعة وملفوظة .
4-القدرة على التجسيد والعرض :- بمعنى ان يمتلك الممثل الطاقة والوضوح اللذان يمكنانه من توصيل المعنى الى الجمهور . وهذه الصفات التي ينبغي توفرها لدى الممثل تكسبه القدرة على اكتشاف الدور ، لان الدور يتم اكتشافه وفقا لخبرة الممثل ، وبالنتيجة قدرة الممثل على انتاج معنا وصورة جديدتان . 
      وفقا لمنهج ايزر ، فالمتلقي ينتج صورة ذهنية جديدة بالاستناد الى الصورة الذهنية الفردية السابقة ، والممثل يعد متلقيا للنص بعد المخرج المسرحي ، فهو يقوم باعادة انتاج الصورة الذهنية السابقة التي عاشها في تجاربة الجسمانية السابقة في الحياة ، مقدما صورة ذهنية جديدة للشخصية الدرامية من خلال عنصري الصوت والجسد . الشخص الموهوب هو الشخص الذي يمتلك قابليات وامكانات معينة على التدريب والتمرين ، ويمتلك جسم وصوت يمكن تدريبهما لتحقيق فعالية مسرحية وتاثير فني معين ، فهو يمتلك رغبة في مشاركة خبراته مع الاخرين والتعاون معهم ، ويكون مدركا وملاحظا للعالم من حوله الى درجة استجابته الحسية والانفعالية تكون اكثر كثافة وشدة من تلك التي يتمتع بها الشخص العادي . يؤكد الممثل الفرنسي (فرانسيسكو) (1726-1750) ان قدرة الممثل تكمن في جعل الجمهور يشعر بان الانفعالات التي تمر بالشخصية الدرامية تجتاحه ، وذلك لا يتحقق ما لم يكن الممثل مؤمنا وصادقا في تجسيده للدور المسرحي ، لذلك فالممثل يعيد انتاج الصورة الذهنية السابقة وفقا لضرورات فنية خاصة ووفقا لحالة الصدق في تجسيد الشخصية الدرامية .
     المتلقي وفقا لهانز روبرت ياوس يقوم باعادة تكوين افق التوقعات ، كذلك الحال مع الممثل الذي يقوم باعادة تكوين افق التوقعات وفقا لاستخدامه للتجارب الحياتية السابقة واعادة تشكيلها وفقا للمتطلبات الجديدة للشخصية الدرامية بابعادها الثلاثة الطبيعي والاجتماعي والنفسي ووفقا للظروف الزمانية والمكانية الخاصة بالشخصية الدرامية ، وكل ذلك لا يتحقق ما لم يمتلك الممثل تكنيك داخلي وتكنيك خارجي . التكنيك الداخلي يرتبط بقدرة الممثل على استدعاء الحالة النفسية الصحيحة وفقا لمباديء التركيز ، وتحرير الجسد من التشنج ، اما التكنيك الخارجي فهو يرتبط  بالشعور بالحقيقة والشعور بالشكل ، عند ذاك يتمكن الممثل من تكوين افق التوقعات بينه وبين المتلقي . يرى الباحث ان تلك المباديء الخاصة باعادة تكوين افق التوقعات للمتلقي ، تقود الممثل الى الى معايشة الشخصية الدرامية والتركيز والملاحظة والتحكم في النفس وازالة التوتر او التقمص ، لذلك يقول الممثل الانكليزي هنري ارفنج " ان مهمة الممثل هي في المقام الاول ان يعيد تقديم الافكار الصادرة عن عقل المؤلف فقد جعلها في النهاية خاضعة لافكاره هو وفرض على الجمهور ان يقبل مفاهيمه حتى حين كانت تتناقض تناقضا واضحا مع النصوص " (24-ص342) واعادة تقديم افكار المؤلف هي بالاساس اعادة تكوين افق التوقعات . ان مسالة تحديد الاثر الذي يحدثه المتلقي ، والذي اشار اليه ياوس ، والذي من خلاله يقوم المتلقي باقامة علاقة بينه وبين تجربة العمل الادبي ، فالممثل يعد قارئا للنص المسرحي ، يقوم بتحديد المسافة الجمالية بينه وبين المتلقي من خلال اقامة علاقة بين تجاربه السابقة وبين تجارب وطموحات واهداف الشخصية الدرامية التي تطمح لتحقيقها ، يقول الباحث المسرحي الروسي (يوري داودوف) " ان الممثل يعيش في عوالم ثلاثة ، عالم العمل الفني الروحي ، والثاني هو العالم التجريبي فوق الخشبة وعلاقاته المتبادلة مع الممثلين الاخرين ، والعالم الثالث هو عالم الحقيقة الاجتماعية لحالة التقبل الجماهيري ، اي في الكيان الاجتماعي لعملية الفرجة المسرحية " (25-ص36) ودائرة الاستقبال ورده (feed back effect ) بين الممثل والمتلقي لا تتم ما لم يحس الممثل بوجهة نظر المتلقي ، لذلك يعمد الممثل الى بناء العمل من الداخل وفي هذه الحالة يصبح الممثل متلقيا لوجهة النظر هذه بالاضافة الى كونه متلقيا للنص المسرحي ، ونتيجة لذلك فهناك اثر يحدثه الجمهور على الممثل والعكس صحيح ، اي ان الممثل يؤثر بطريقة واخرى على الجمهور .             
مؤشرات الاطار النظري
1- التجربة ترتبط حسب هيغل بالصيرورة الناتجة عن وعي الذات بالموضوع .
2-ان مفهوم القصدية الموجود في الظاهراتية  مناظر بالأساس الوحدة الذي يستخدمه المخرج المسرحي ، أي وحدة الشكل الفني الذي يتأتى أساسا من معرفة الهدف الأعلى وخط الفعل المتصل للنص المسرحي ومن معرفة الايقاع العام للنص وخطوط الصراع .
3- الصور الذهنية التي اكدت عليها الظاهراتية مناظرة للصور الذهنية التي ينتجها المخرج المسرحي وفقا للخيال الابداعي .
4- ان مفهوم افق التوقعات الذي اكد عليه ياوس هناك ما يناظره في اداء الممثل 
4- ان الظاهراتية تؤكد على قدرة المتلقي على اعادة تكوين افق التوقعات وكذلك الحال مع المخرج المسرحي الذي يقوم باعادة تكوين افق التوقعات وفقا لرؤية عصرية حديثة للنص المسرحي تتناسب ومتطلبات العصر .
5- ان مسالة الوعي بالذات والموضوع الذي اكد عليه هيغل هناك ما يناظره في عمل الممثل الذي يستخدم ذاكرته الانفعالية في تجسيد الدور المسرحي .
6-ان مفهوم افق التوقعات الذي استخدمه ياوس ، استخدمه كذلك الممثل المسرحي وفقا لاستخدامه للتجارب الحياتية السابقة واعادة تشكيلها وفقا للمتطلبات الجديدة للشخصية الدرامية بابعادها الثلاثة الطبيعي والاجتماعي والنفسي ووفقا للظروف الزمانية والمكانية الخاصة بالشخصية الدرامية .
7- ان قدرة القاريء على انتاج صور ذهنية جديدة وفقا لايزر له ما يناظره في اداء الممثل اذ يقوم بانتاج صور جديدة عن طريق عنصر الخيال واستخدام كلمة لو السحرية .
8- المتلقي عند الظاهراتية يقوم بمليء فراغات كذلك الحال  مع الممثل الذي يملي فراغات النص لانه قاري للنص يقوم بتحليل وتفكيك وتفسير وتجسيد النص المسرحي .
9- ان مسالة وجود علاقة بين المتلقي والعمل الادبي له ما يناظره عند الممثل فالمسافة الجمالية بين الممثل والجمهور تتحدد من خلال تفاعل الممثل مع رغبات وطموحات الجمهور لذلك يصبح الممثل متلقيا لردود افعال الجمهور وبناء على ذلك يعمل الممثل على تقويم البناء الداخلي للشخصية الدرامية . 
الفصل الثالث         
إجراءات البحث 
ا-منهج البحث :- المنهج المتبع في التحليل هو المنهج التجريبي .
ب- اداة البحث :- اعتمد الباحث على ما اسفر عنه الاطار النظري في تحليل العينة .
ج- عينة البحث :-اعتمد الباحث على إحدى العروض المسرحية العراقية التي شاهدها من خلال قرص مدمج (cd) لغرض التحليل ، وهي(صدى) والمسرحية من تأليف مجيد حميد ، إخراج حاتم عودة ، تمثيل سمر قحطان وبشرى إسماعيل،تقديم الفرقة القومية للتمثيل ، قدمت على المسرح الوطني-بغداد بتاريخ2008.
قصة المسرحية 
تتناول المسرحية قصة شخص عاد إلى أمه بعد غياب طويل استغرق سنوات طوال إلى البيت الذي هجره ، ذهب ليمارس مهنة القتل بحق إخوانه الذين كانت أمه تفضلهم عليه ، انه يعاني من عقدة الشعور بالنقص ؛ بقي معذب الضمير لان والدته لم تستقبله بحفاوة على وفق تصوره ، بل رفضته ؛ لان يداه ملطختان بالدم ، فقد قتل فضلا عن إخوانه المرأة التي كانت شريكة حياته ، قتل زوجته ، أما ألان فقد تخلت عنه حتى والدته ، وتركته وحيدا فريدا .
يقول الابن مخاطبا والدته بعد إن فشل في احتضان والدته وكسب ودها:-
"كنت أتوقع هذا ، كنت أتوقع هذه المقابلة الجافة منك" . هذا الحوار ينم عن وعي الممثل بالذات والموضوع الذي اكد عليه هيغل مما يدل على مقدار التركيز الذهني والبدني الذي يتمتع به الممثل للوصول إلى الهدف الإبداعي ، من خلال لحظتان تتبع أحداهما الأخرى ، الأولى اتخاذ القرار والتي تعود للفنان (سمر قحطان) ، والثانية تنفيذه وتعود للشخصية الدرامية . والممثل سمر قحطان يعيد انتاج افق التوقعات التي اكد عليها ياوس باعتباره متلقي للنص المسرحي بعد المخرج ، وقد قام بقراءته وتحليله واعادة تركيبه وفقا لابعاد الشخصية الدرامية (الطبيعي والاجتماعي والنفسي)   . في موضع ثاني من حوار شخصية الابن إلى أمه إذ يقول " صحيح إننا كنا يوما نحب القتال لأتفه الأسباب ولكني نسيت " وهذا ينم على قدرة الممثل سمر قحطان على انتاج صور ذهنية جديدة ، وهذه الصور مشابهة للصور الذهنية الجديدة التي اكد عليها ايزر والتي يقوم المتلقي باعادة انتاجها ، والصور الذهنية التي يعيد الممثل انتاجها ناجمة ان استخدام الممثل للخيال الابداعي الناجم من توظيف كلمة (لو ) السحرية في تلك العملية ، لذلك يسال الممثل نفسه لو كنت مكان الشخصية (شخصية الابن) ماذا افعل ولماذا افعل وكيف افعل  . مثلما اكدت الظاهراتية على قدرة المتلقي على مليء فراغات النص ، كذلك الحال مع الممثل (سمر قحطان) الذي قام بمليء فراغات النص المسرحي بعد ان قام بقرائته عدة مرات وتحليله وتفسيره وتشكيله بصورة جديدة منسجمة مع متطلبات العصر الذي يعيشه الممثل وتناقضاته السياسية والاجتماعية والفكرية ، ويجد الباحث ما يؤكد ذلك من خلال قيام شخصية الابن بإخراج السجادات الواحدة تلو الأخرى من طشت الغسيل ورميها بعيدا .  ان اقامة علاقة بين المتلقي والعمل الادبي التي اكذ عليها ياوس مشابهة للمسافة الجمالية التي تحدثها الممثلة (بشرى اسماعيل) فهي تتلقى ردود افعال الجمهور وتعيد انتاج البناء الداخلي للشخصية من افعال وردود افعال ورغبات وامزجة ، لذلك تقول شخصية الام "كاذبون انتم أيها الأبناء ، ملعونون إلى يوم يبحثون" . لاحداث التاثير بالمتلقي ، وبالتالي فالممثلة بشرى اسماعيل تتلقى من الجمهور ردود الافعال وتستثمرها لتجسيد الشخصية الدرامية . ان الممثل سمر قحطان يعيد انتاج افق التوقعات التي اكد عليها ياوس باستخدام الذاكرة العاطفية التي اكد عليها ستانسلافسكي من خلال حوار الابن الاتي :- "إنا اعرف إن مجيئي إلى هنا خطا أساسا (البصق على الأرض) " لذلك يجد الباحث ان هناك تاثير لا يستهان به للظاهراتية على اداء الممثل في عروض المسرح العراقي . 
نتائج البحث
1-الوعي بالجانب الذاتي والموضوعي ، فالممثل سمر قحطان والممثلة بشرى اسماعيل ، يتمتعان بقابليات وقدرات خاصة ، برزت من خلال تطوير امكانياتهم الذاتية ، والتمارين المختلفة التي استخدماها لتطوير المنظومة الصوتية والجسدية ، اما الجانب الموضوعي فيتمثل بقدرتهما على تجسيد الشخصية الدرامية وفقا للصورة الجمالية التي يبغي الخرج ايصالها للمتلقي .
2- الممثل سمر قحطان يمتلك القدرة على اعادة انتاج افق التوقعات التي اكد عليها ياوس لان هذا الممثل قام بقراءة وتحليل النص وتفسيره وتجسيد الشخصية الدرامية وفقا لمتطلبات العصر الذي عاش فيه الممثل .
3- ان الصور الذهنية التي ينتجها المتلقي حسب ايزر ، انتجها الممثل سمر قحطان من خلال استخدامه للخيال الابداعي المتمثل بكلمة (لو) السحرية .
4- ان الممثل سمر قحطان يقوم بمليء فراغات وثغرات النص ، لان الممثل هو المبدع الثالث بعد المؤلف والمخرج المسرحيان ، للوصول الى الايقاع العام للعرض المسرحي وخطوط الصراع الدرامي .
5-ان اقامة علاقة بين المتلقي والعمل الادبي وفقا لياوس ، تتمثل من خلال العلاقة بين الممثلة بشرى اسماعيل والجمهور المسرحي ، والقائمة على امكانية تلقي الممثلة لافعال وردود افعال الجمهور لتطوير سلسلة الافعال وردود الافعال الخاصة بالشخصية الدرامية .
6- ان الممثل سمر قحطان يستخدم افق التوقعات التي اكد عليها ياوس في تجسيد الشخصية الدرامية ، من خلال الاستفادة من الذاكرة الانفعالية والتجارب السابقة التي مر بها الممثل .
الهوامش                                                     
*هانز جورج جادامير ناقد ألماني من أب كيميائي من ابرز أعماله النقدية الحقيقة والطريق والفلسفة الهرمونتيكية، كانت لتلك الأعمال أصداء واسعة في نظرية الاستقبال ، أكد في هذه الأعمال على حقيقة هامة ألا وهي إن حقيقة النص يمكن الوصول إليها من خلال الفهم النابع من السياق الإنساني ، وبالتالي يمكن فهم وتحليل الأعمال الفنية من داخل سياقها التاريخي ومن داخل السياق الخاص بالمؤلف (الباحث) . 
مصادر البحث
1- ينظر، جاكوب كورك ، اللغة في الأدب الحديث-الحداثة والتجريب ، ترجمة ليون يوسف وعزيز عمانوئيل ، دار المأمون للترجمة والنشر ، بغداد،1989.
2- ينظر، بسام فسطوس ، المدخل إلى مناهج النقد المعاصر، ط1، دار الوفاء لدنيا الطبع،الإسكندرية2006.
3-ينظر، سعيد علوش،المصطلحات الأدبية المعاصرة،منشورات المكتبة الجامعية،الدار البيضاء ،1984.
4-  جلين ويلسون ، سيكولوجية فنون الأداء، ترجمة د. شاكر عبد الحميد، مراجعة د. محمد عناني، عالم المعرفة- سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت، العدد 258 حزيران 2000.                                                                                                                      
5-  مارفن كار لسون ، فن الأداء(مقدمة نقدية)، ترجمة منى سلام ، وزارة الثقافة- مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، مطابع المجلس الأعلى للآثار، د.ت .
6- إبراهيم الخطيب وآخرون، فن التمثيل، الموصل، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1981.            
7- عبد الفتاح الديوي ، فلسفة هيغل، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة،1970.
9- رمضان بسطاويسي،جماليات الفنون، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ، 1998.
10- المدارس النقدية الحديثة في معجم المصطلحات الأدبية، م.ه.أبرامز، ترجمة د.عبد الله معتصم الدباغ ، مجلة الثقافة الأجنبية، بغداد-وزارة الثقافة والإعلام-دار الشؤون الثقافية العامة،عدد3،1987 .
11- سلفرمان هيو ، نصيات بين الهرمينوطيقيا والتفكيكية، ترجمة حسن ناظم وعلي حاكم ، ط1، المركز العربي،الدار البيضاء ،2002.
12-رينيه ويلك و أوستن وارن، نظرية الأدب ، تعريب د.عادل سلامة ، دار المريخ للطبع والنشر، المملكة العربية السعودية ،1992.
13-  د.حسن حنفي ،مقدمة في علم الاستغراب ،مركز الكتاب للنشر، القاهرة، ط1 ، 2009.
14- وليم راي ، المعنى الأدبي من الظاهراتية إلى التفكيكية ، ترجمة د.يوئيل يوسف عزيز ، دار الحرية للطباعة-بغداد ، ط1،دون تاريخ.
15- سوزان بينيت ،جمهور المسرح-نحو نظرية في الإنتاج والتلقي المسرحيين، ترجمة سامح فكري، مراجعة ا.د.نهاد صليحة،القاهرة ،مطابع المجلس الأعلى للآثار،ط2،دون تاريخ.
16-ينظر، د.يوسف نور عوض، نظرية النقد الأدبي الحديث، دار الأمين للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط1 1994.
17-ينظر، ألكسي بوبوف ، التكامل الفني في العرض المسرحي، ترجمة شريف شاكر،وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق ،1976.
18-أبي الفضل جمال الدين محمد مكرم ابن منظور، لسان العرب،مجلد33،بيروت-دار صادر،دون تاريخ،ص167.
19-ينظر، احمد زكي، اتجاهات المسرح المعاصر، فنون العرض-الجزء الأول، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،2005.
20- د.نجم عبد حيدر، خيال وابتكار،ج1،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،دار الكتب للطباعة والنشر-جامعة الموصل،1999.
21-ينظر، أرسطو، فن الشعر، ترجمة وتقديم وتعليق د.إبراهيم حمادة، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، دون تاريخ.
22-ينظر،الكسندر دين،أسس الإخراج المسرحي،ترجمة سعدية غنيم،مراجعة محمد فتحي،القاهرة مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب-المكتبة العربية،د.ت.
23- ادوين ديور ، فن التمثيل الافاق والاعماق ، ج1، ترجمة مركز اللغات والترجمة-اكاديمية الفنون ، وزارة الثقافة-مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، مطابع المجلس الاعلى للاثار، د.ت .
24-ادوين ديور ، فن التمثيل الافاق والاعماق ، ج2، ترجمة مركز اللغات والترجمة-اكاديمية الفنون ، وزارة الثقافة-مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، مطابع المجلس الاعلى للاثار، د.ت .
25-فيوليتا راينوفا ، المسرح والمتفرج ، ترجمة د. محمد عبد الرحمن الجبوري ، الموسوعة الصغيرة ، وزارة الثقافة والاعلام-دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد-العراق ، 1991.

-------------------------------------------------------------
المصدر :  مجلة مركز بابل للــدراسات الإنسانية المجلد /4- العدد 1
تابع القراءة→

الأحد، مايو 15، 2016

بالصور: ملابس مسرحيات شكسبير في معرض «مولان» الفرنسي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, مايو 15, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية









تشكّل الملابس، وهي الجندي المجهول في مسرحيات وليام شكسبير، محور معرض جديد يكشف الجهد الكبير الذي يبذل في تصميم ملابس أبطال وبطلات أعمال الشاعر والكاتب المسرحي الانكليزي. حرائر مقصّبة بالذهب وساتان باروكي مطرز بأحجار شبه كريمة… قد يتفهم المرء إن قررت فرق المسرح التي تحتاج دائماً الى دعم مادي خفض كلفة ملابس المسرحيات الشكسبيرية. إلا انها لا تعمد الى ذلك، خصوصاً بسبب الغرور الذي كان يتّسم به عصر الملكة اليزابيث الاولى وهوس الناس بالملابس الانيقة، كما تقول مصممة الملابس المسرحية البريطانية جيني تيراماني التي تعرض ثلاثة من ملابسها في المعرض.
فقد كلّف طوق عنق صممته في 2012 من أجل مسرحية «ريتشارد الثالث» في مسرح غلوب في لندن، أكثر من ألفَي دولار. وتوضح: «هذا السعر لا يقارن بأسعار هذه الاطواق التي كانت توضع في بلاط الملكة اليزابيث وكانت تكلّف بالقيمة الراهنة 10 و20 بل مئة مرة أكثر من المبلغ هذا». وكان أكبر هذه الاطواق يزيد على قدم (0,304 متر) مع عرض كبير جداً وكانت تحتاج الى إطار مصنوع من أسلاك معدنية لتثبيت الكشاكش حول العنق.
وتوضح تيراماني الحائزة جوائز عدة: «كانت معقّدة جداً بحيث كان خدم متخصصون يحتاجون الى أيام لإعادة الياقات الى شكلها بعد غسلها وتغميسها في النشاء وإعادة التخريمات الى شكلها الاساسي وكيّها». ومن الاشكال الضخمة الأخرى التي كانت رائجة في نهاية القرن السادس عشر، إطار حديدي يوضع حول الخصر ليحمل تنورة واسعة وثقيلة جداً، أما لدى الرجال، فكانت هناك السترة الضيقة المبطّنة بحيث تشكّل انتفاخاً عند مستوى البطن.
ويضم المعرض الذي افتتح في «المركز الوطني لملابس المسرح» في مدينة مولان في وسط فرنسا، مجموعة كبيرة من الأزياء تغطّي قرناً من العروض المسرحية. ومن أهم الملابس فستان ذهبي صمّمه الفرنسي تييري موغلر لمسرحية «ماكبيث» في إطار مهرجان «أفينيون» للمسرح عام 1985.
وفستان موغلر من بين ثلاثة فساتين لليدي ماكبيث في المعرض وقد «بالغ» المصصم الفرنسي كعادته في نحت الفستان مانحاً إياه مقاسات كبيرة مع تنورة على شكل علبة وأكمام على شكل أجنحة.
ويقول مؤرخون إن حب حقبة اليزابيث الاولى للفخامة كان عائداً جزئياً الى توسّع طبقة التجار التي كانت تلجأ الى الملابس للاشارة الى ثورتها الجديدة وطبقتها الاجتماعية. وهذه المبالغة في الملابس تحولت الى تحدٍ للنظام الاجتماعي القائم الى حد تدخلت فيه الملكة اليزابيث الاولى في محاولة احتوائها.
وبسبب القلق من عدم القدرة من تحديد أفراد الطبقة النبيلة من ملابسهم، تحرّك البرلمان معدلاً قوانين الاستهلاك.
فحُدّد الانفاق الشخصي على الملابس وفُرضت قيود على الالوان والاقمشة التي يمكن شخصاً أن يرتديها وفقاً للطبقة الاجتماعية التي ينتمي اليها.
فالحرير البنفجسي مثلاً، كان حكراً على العائلة المالكة في حين أن الدوقات واللّوردات كان في إمكانهم استخدام هذا اللّون على بعض القطع مثل السترة بأزرار أو الجوارب. حتى الاحذية كانت تخضع لقيود تشير الى أي فئة ينتمي الفرد.
لكن تيراماني التي فازت بجائزة «توني» هذه السنة على الملابس التي صممتها لمسرحية «تويلفث نايت» تقول إن القوانين لم يكن لها تأثير كبير. وتوضح أن «هناك حالات مسجلة لأشخاص انتهكوا القوانين وعوقبوا على ذلك لكن لا يمكن القول إنه كان لها تأثير كبير. كان الناس يسعون الى لبس أكبر كمية ممكنة من القماش ليشيروا الى أنهم أثرياء. كان مجتمعاً مهووساً كلياً بالمستوى الاجتماعي».
وأستمر المعرض حتى مطلع كانون الثاني /يناير.

-------------------------
المصدر : أ ف ب – وكالات

تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9