أخبارنا المسرحية

أحدث ما نشر

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، مايو 31، 2016

أليـات تكـامل السـينوغرافيـا في عروض مسرح الطفل / د. فاتن جمعة سعدون

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 31, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


مشكلة البحث والحاجة اليه
تشكل ابعاد الخبرة المسرحية المختلفة جانبا مهما من حياة معظم الناس ، والمسرح احد وسائل الترفيه والأستمتاع والمنفعة المتعددة، وغاية الممثل التأثير في مجموعة المتلقين وبالتالي بالمجتمع سواء كانت الاثارة ايجابية او سلبية فالمسرح يقدم للمتلقي التنبيه في عالم غالبا ما يكون مهددا باشكال عدة من الملل والرتابة، وبما إن البشر كائنات محبة للاستطلاع والخبرة والجدة لذا نجده يتعامل بكفاءة مع المثيرات التي يقدمها المسرح ، ويتاثر ويستجيب لها  وهذا هو اساس سر الوجود لتحقيق التغيير والاثارة في جوانب الحياة . بالنتيجة فالمسرح يمنحنا الخبرة البديلة بالمواقف التي لا نواجهها في الحياة للممثل والمتلقي على حد سواء.                                                                       
إن الممثل الذي يحتاج اليه المسرح يحتاج الى من يهيء له المسرح وياتي له بالجمهور ويعد له المخرج والمستلزمات الفنية .
فالمسرح يحتاج المخرج والمصمم الفني (السينوغرافي) ذو الخيال الواسع الخصب الذي يكشف له الطريق وينفذ ما يحوي في راسه من بنات افكاره، يبني وينظم مسرحا مثيرا جذابا من المواد التي بين يديه مهما تكن هذه المواد ،وهذا يتم بوجود عوامل اساسية بالدرجة الثانية بعد الممثل هو (السينوغرافي) الذي تقع على عاتقه سينوغرافيا العرض، فالسينوغرافيا خضعت لصراع يعتمد على البعد الحضاري والثقافي، والعرض المسرحي مستويات مركبة وليس نصامقروءاً   فالمسرحية مشروع خطاب مسرحي قبل إن تجسد على الخشبة موجودة بالفعل بوساطة الاخراج ومشاهدتها من قبل المتلقي، لذلك كان الخطاب المسرحي مطالبا بان يتوافر فيه النص ... الاخراج ...الجمهور، واساس تشكيل ذلك النسق الخطابي المسرحي يتجلى في السينوغرافيا لذا برزت الحاجة الى دراسة السينوغرافيا وتمحورت المشكلة بالسؤال التالي: على ماذا يستند مصمم السينوغرافيا في تكاملية العرض المسرحي الموجه للاطفال؟                               

اهداف البحث
يهدف البحث الحالي الى التوصل لالية التكامل في العرض المسرحي المقدم للاطفال.

حدود البحث
الحد الجغرافي: جمهورية العراق ـ مدينة بغداد.
الحد الزمني : 2008ـ 2009

منهج البحث
المنهج الوصفي التحليلي

تحديد المصطلحات
الالية  (عرفها السالم ) :  بانها "لفظ يطلق مجازاً على عملية الاداء الشامل للممثل ، في العروض المسرحية بما تتضمنه من تكامل العناصر الدالة في الاداء(الصوتي- الحركي) تعاقبياً وتزامنياً "(1)
عرفتها (خيون) :"نمط بناء العلاقة التركيبية بين علامات العرض المسرحي تزامنيا لانتاج دلالات  الموقف الدرامي "(2).                                                                                           
التكامل عرفته (العامري) :"عملية دمج وتوحيد لمجموعة العناصر المادية المشبعة، مبنية على اساس جملة من المبادئ والمناهج الواعية والتي تسهم في تفعيل التحكم بالعلاقات البنائية اثناء عملية التشكيل ،فهو يعمل على ربط المفردات والاجزاء مع بعضها الاخر لينجز شكلا تصميميا بالمعنى المتعارف عليه او تصميما مبتكرا في الزي التصميمي الكلي ومن الممكن ربط هذا التصميم بتصميمات اخرى مثل الديكور وعناصر مرافقة لانتاج صورة بصرية لها دلالاتها المعبرة "(3).                                   
السينوغرافيا حددها (مارسيل فريد فون) :بانها"معالجة الفضاء معالجة درامية ...بهدف تقديم عرض"(4).                                                                                                       
كما حددها ايضا بانها :"فن تنسيق الفضاء ،والتحكم في شكله بغرض تحقيق اهداف العرض المسرحي ،او الغنائي ، او الراقص الذي يشكل اطاره الذي تجري فيه الاحداث"(5).                                 
السينوغرافيا :" فلسفة علم المنظرية الذي يبحث في ماهية كل ما على خشبة المسرح , وما يرافق فن التمثيل المسرحي من متطلبات ومساعدات تعمل في النهاية على ابراز العرض المسرحي جميلاً، كاملاً، متناسقا ومبهرا امام الجماهير "(6).                                                                            

التعريف الاجرائي :                                                                                           
السينوغرافيا : فن تشكيل الفضاء المسرحي من خلال تفاعل عناصر العرض كافة من ممثل، زي، لون، ملمس، ماكياج، ملحقات، صوت، ضوء، خط ، شكل، كتلة، حركة، بما يضمن وحدة نظام انشائي للعرض المسرحي .                                                                                            
مسرح الاطفال عرفه ( حبيب) : " هو العرض المسرحي الذي يقوم على وفق مقومات الدراما، على أن يأخذ بالاعتبار في تركيبه العلاماتي قدرة الطفل على فك شفرات المشهد المسرحي التربوية والتعليمية والجمالية بيسر " (7) .                                                                                                               

الفصل الثاني
المبحث الاول
عنـاصر السـينوغرافيـا
يعد التنويع في تشكيل فضاءات مساحة العرض المسرحي المقدم للطفل من اهم عناصر تحقيق نجاح العرض المسرحي .وان الملامح التشكيلية من خلال فن الرسم والتصوير انتقلت الى فن المسرح من خلال اللوحات والمناظر الحية التي يقوم بتشكيلها الممثلون على المسرح وعلى اعتبارها "منظر ثابت يؤديه ممثلون لا يتحركون "(8). فان العناصر المكونة للفنون التشكيلية من ضوء ولون وكتلة، فضاء، دخلت الى المسرح مكونة مع عناصر العرض المسرحي فن قائم بذاته، فالسينوغرافيا "فن نابع من الفن التشكيلي، والتشكيل الخاص لنص معين"(9).
فالمفهوم السينوغرافي واحد في كل الفنون ،في المسرح او السينما او العمارة ، والاختلاف بينهما في الوظيفة والتقنية . 
ان المسرح هو الذي مهد لهذا الفن لذا فان بعض السينوغرافيين لم يخرجوا من دائرة المسرح .
استطاعت السينوغرافيا ان تكون "الفن الذي يرسم التصورات من اجل اضفاء معنى على الفضاء "(10). فالسينوغرافيا خضعت لصراع اعتمد البعد الحضاري والثقافي مرتكزا له.
شهد مطلع القرن العشرين نشاطا مسرحيا تعددت فيه الاتجاهات المسرحية التي حاولت البحث عن مفاهيم وصيغ جديدة للوصول الى عروض مسرحية تتجاوز حدود التقليدية في طرح المفاهيم الفلسفية والجمالية لنظرية العرض المسرحي، ولهذا استحدثت وظائف واستخدامات لاشكال جديدة لخشبة المسرح بل والبناية نفسها، كما وظفت نظريات لبعض التقنيات العلمية الحديثة في مجال العرض المسرحي ،وهذا كله كان نتيجة لتجارب رواد المسرح الحديث.
ان العمل الفني ليس نتاجا اليا كما يقول (هيجل) فلا سبيل لتقييده بقاعدة، فان التنظيم السينوغرافي بوصفه فن، وكما يراه (مارسيل فريد فون) فانه "ليس هناك قاعدة تحكم هذا العمل "(11) ، وهذا يتطلب تظافر جهود المخرج والسينوغرافي فهو "رجل له خبرة بالرسم والتصوير والنحت والعمارة والمنظور، يبتكر ويصمم وينفذ ما يتاح له من اشكال معمارية فنية وكل انواع الديكور اللازمة للمسرح"(12).
فالسينوغرافي ليس منفذ لافكار المخرج بل "يعتمد رؤياه التي استخلصها من العمل الدرامي بحيث تكون له وظيفة تصب في النهاية في خط الاخراج المتبع"(13)، وهذا يؤكد ان على مصمم السينوغرافيا حين قبوله بالعمل المسند اليه فانه يخضع مناقشته لخشبة المسرح او مكان العرض وتكويناتهما مع المخرج لاعطائه التصورات والاراء ومشاركته الفعالة التي ستقود الى رؤية شاملة وتفهم ديناميكي للعرض.
                      
أـ المساحة (المكان): تداخلت امور اخرى بالاضافة الى الاسس الجمالية في اعادة النظر في المساحة المسرحية من خلال ظهور التقنيات الكهربائية واستخدامات البروجكتور ومن خلال سهولة حركته والتحكم فيه مما يسمح تركيز المتفرج في لحظة معينة الى اية شخصية او مساحة ، فاللجوء الى الاضواء اصبح وسيلة لخلق فضاء درامي لحظوي ،في الفضاء المسرحي تخلق  الاضاءة فضاءاً مسرحيا في اعادة تكوين مستمر ويعتبر الحدث اقوى حيث يعمل بحرية اكثر دون ان يكون مقيداً بمحددات معمارية اضافة الى ادخال التقنيات الصوتية الاكثر حداثة وتوضيحها السمعي ،فجرت اطارات الحدث الدرامي على جانب المتفرج او خلفه ، وان مجمل هذه التقنيات لا يمكن ان يستخدم في افضل اشكالها الا في مساحة مسرحية مجردة بالكامل وموحدة في تنظيم سينوغرافي كامل. فالوظيفة الاكثر وضوحا للمسرح في كل اشكاله المتنوعة ، هي انه " يقدم لنا التنبيه في عالم غالبا ما يكون مهدداً لنا باشكال عدة من الملل وبشكل مريع"(14). اضافة الى التحول الذي حدث في انماط الادراك لدى المتفرج ، فالفضاء المسرحي والعلاقة التي تحددها هذه المعمارية بين الجمهور والعرض من جهة، وبين السينوغرافي من جهة اخرى، من خلال استعمال المخرج للفضاء المتصل بالعرض، وعبر تحويل الفضاء المسرحي الى فضاء دلالي شامل مهياً للتغيير والاسقاط وتوحيد مختلف العناصر الداخلية والخارجية للعمل ومحو الحدود بينهما مع وضع مجمل هذه العناصر في حركة تداخل عضوي وجمالي فيما بينهما .
ان العلاقة بين الممثل والمتفرج تعد معيار في تجسيد المكان ، وخلق الفضاء الذي هو " تناغم بين العقل والروح والجسد"(15). حددت (سامية اسعد) المكان المسرحي بقولها هو " خشبة المسرح او المكان الذي يضم خشبة المسرح والمكان الذي يجلس فيه المتفرجون "(16). وبهذا يكون مكان العرض المسرحي الذي يضم المسرح والصالة مكاناً محسوس .

ب ـ الفراغ (الفضاء): ان السينوغرافيا عنصرا جوهريا يدخل في صلب تاسيس معمارية المشهد، اذ يرتبط كل عنصر بالعنصر الاخر عضويا، ولا يستغني احدهما عن الاخر في بناء المشهد المسرحي، فالفضاء المسرحي بحد ذاته "هو مفهوم واسع المعالم يستوعبه العقل ويمليه على الاحاسيس فيتجسد، وهو ليس بمكان الحركة الدرامية فحسب بل فكرة في الراس ايضا"(17). فتصميم الكتل، وحساب تأثير الديكور، يخضعان للهندسة المعمارية،وان توافق تصميمات الضوء ومنحه لوناً مخصصاً يخضع هو الاخر للمسالة العقلية وهذا يشمل تصميم فصالات الزي وتنفيذها، ان ما يوحد كل هذا ويضعه في نظام واحد هو قدرة العقل على تصميم فضاء ملائم يتفق مع المتطلبات الجمالية التي يشيد عليها العرض المسرحي بوصفه فناً اذ يتم الانصهار في انشائية فضاء العرض لغرض التلاحم الذي لابد منه بين المرسل والجمهور عندما يوضع في فضاء حسي. فالبعض يعد الفضاء المسرحي ، المبنى والمعمار والاطار الملموس الذي يجري فيه العرض المسرحي ، اما البعض الاخر فيعد ان الفضاء المسرحي لا يقتصر على المكان الذي يقع فيه العرض المسرحي، عليه يكون تصميم الفضاء خيالي متجسداً في المؤلف ومن ثم المخرج والممثل ويكون عيانياً في العرض المقدم وخيالياً في ذهن المتفرج .                                                                                                                                                                    

ان السينوغرافيا تبدأ في افكار المؤلف التي يبثها في نصه الدرامي التي قد تجد صداها لدى المخرج، الذي يريد للممثل ان يؤدي ضمن سينوغرافيا هي في الاصل متخيلة حتى اثناء التمرين المسرحي، غير انها تصبح واقعاً عيانياً في العرض، ومن هنا يتجه العياني الى الخيالي الذي ينفتح هو الاخر على مستويات تاويلية لاتعد ولا تحصى، اي ان عناصر السينوغرافيا تمتلك مستوى من مستويات تأويلية تضع العرض في معان متعددة ،فالامر هنا يتعلق بفضاء خيالي اساسي تكون له الاسبقية من ناحية ربطه بالفضاء المادي ، فان محاولة تمثيل العلاقة بين الفضائين الواقعي والخيالي قد اوجدت متغيرات ملحوظة في تاريخ هذه العلاقة . 
استمرت العناية بالفضاء المسرحي مع تطورات اساليب المخرجين والمصممين باستخدام لغة التقنيات ، ومهما تعددت ، وتباينت المذاهب الفنية والاتجاهات الاسلوبية فلا سبيل للاستغناء عن دور الفضاء ووظيفيه في الدراما المسرحية . والزمن عنصر هام واساس ذلك لان " قياس الفضاء امر ملازم للزمن ، والزمن ملازم لقياس الفضاء "(18). فالزمن عنصر يوضح ويعضد مفهوم الفضاء وان " اي محاولة لدراسة الفضاء بمعزل عن زمانيته ، ستكون محاولة مختلفة الجوانب، بل ان هذا الفصل بين الزمان والمكان هي من طبيعة فلسفية تتعلق برؤية ما، لعلاقة الانسان بالكون والمجتمع الذي يعيش فيه"(19).
   
ج ـ العمارة :
1ـ الخط : التصميم موجود في كل الفنون ، علماء الجشتالت نظروا الى التصميم بعده العامل المرتبط بالاغلاق او باكتمال العمل. النقطة هي اول صلة بين الفنان والوسط الذي يبدع من خلاله سواء كان بالنسبة للكاتب او الرسام او الموسيقي او اي مبدع اخر . والخط اكثر عناصر التصميم مرونة وكشف ، عندما نغضب او نتوتر او تشرد اذهاننا ونكتب او نرسم خطوط على الورق غالبا ما تمثل هذه الخطوط حالة ما خاصة بنا. الفنانون عبروا عن انفعالاتهم ورؤاهم بالخطوط، عن كراهيتهم للوحشية والحروب، وعن حبهم للطبيعة والجمال. فالخطوط قد تكون مستقيمة او عمودية او منكسرة او قد تاخذ اشكال اخرى. وقد تكون ضعيفة او قوية، متفرقة او مجتمعة. فالفنان قد يستخدم الخطوط باشكال مختلفة، قد تكون متوافقة او متعارضة وفي مواضع مختلفة لتجسيد حالات نفسية وانسانية معينة يريد تصويرها وبذا يكون قد عبر بشكل مباشر او غير مباشر عن خبراته الخاصة. لذلك فان" دراسة الخطوط من الامور المهمة، ذلك لانها قد تمكننا من معرفة الطرائق والاساليب الخاصة التي يفكر من خلالها الفنانون ويشعرون، ومن ثم تساعدنا على التذوق والاستجابة لابداعاتهم"(20) فالخطوط تشترك في صفة هي الربط بين الموضوع الذي بجسد من خلال الشكل والفكرة التي يراد التعبير عنها ضمن احداث المسرحية ، وهي تعمل على تجميع العناصر البصرية لدى الاطفال بهدف الخروج بالتصميم المناسب من الناحية الفنية والجمالية وخلق ايقاع يجمع بين الاجزاء الاخرى في وحدة واحدة. 
2ــ الشكل: هو احد العناصر المهمة للعرض المسرحي لارتباطه بالادراك الحسي، المعرفي، والتجربة الانسانية . وفي اي عمل فني لا ينفصل الشكل عن المضمون، فالمصمم يشكل المادة ليعبر عن المصمون عن طريق عناصر التشكيل  المكونة من الخط والملمس  واللون. فالشكل هو المظهر الخارجي للرؤية، اما المضمون هو جوهر العمل الفني

الشكل عبارة عن " فكرة تظهر للعيان بعمل بصري محكم الاتقان ، ويشكل جوهر التكوين باعتماده على الكثافة والتباين والقيمة لتحقيق مستوى ادراكي ،وبذلك يخلق تاًثيراً للفكرة التي يحملها "(21). يدرك الطفل الاشكال المالوفة لديه فهو يتعرف عليها بشكل تدريجي من ناحية الحجم واللون والملمس .
ان للاشكال دلالة نفسية ، فبوساطة رؤية فكرة المصمم التي وضعها في شكل فني ذي قيمة جمالية ومعرفية تنتقل الى اعماق المتلقين لتثير لديه انفعالاته العاطفية والنفسية ، ويتعزز ادراك الطفل للشكل اذا رافقه تميز بصري وتفرد في الملمس والخط واللون ، كون الاطفال يتميزون بالتقليد الشديد ودقة الملاحظة والقدرة على التركيز وعلى توازن الاشكال ومدى تطابقها مع الواقع الحياتي . و"تساعد التماثلات في القيمة واللون والمواضع المكانية على خلق علاقات تكوينية ، او شكلية ضمنية، انها تعمل على تشكيل انماط مهيمنة تعمل بدورها على توحيد العديد من الاشكال الاصغر في وحدات او اشكال جديدة اكبر"(22).

3ـ الكتلة : هي العنصر المهم بعد الفضاء المسرحي بسبب اشغالها مساحة كبيرة منه ، ويرتبط تكوينها الفيزيائي بمحتوى العرض المسرحي جماليا وفلسفيا واجتماعيا ، ولا يمكن فصل الكتلة عن الفضاء اذ لايمكن فهم احدهما الا من خلال فهم الاخر . 
الكتلة على المسرح كفيلة بان تجعل القائمين على المسرح من ايجاد الموازنة بين عموم الكتل الموجودة في العرض ، ومن ثم دراسة تأثيرات كل منها على الاخرى، وهذا يتطلب وجود الجانب المعرفي والحسي لخلق حالات انسجام بين العلاقات التي توجدها تلك الكتل والاجسام والمكونات الاخرى للعرض المسرحي. وتلعب الاضاءة المسرحية دورا هاما كونها توفر الرؤية للمشاهد ، وبالتالي تساعد في اظهار القيمة الفنية والجمالية للعرض . لذا على كل الفنيين والمصممبن ايجاد علاقة ترابط بين كل الكتل والاجسام والاشكال الموجودة على خشبة المسرح لتلافي الاخطاء التي تخلق حالة الارباك في الصورة المسرحية لدى المتلقي ( الطفل). ويعد وجود الكتلة في العرض المسرحي دلالة مقصودة يخاطب من خلالها وجدان المتلقي ومن ثم تؤثرفيه، كونها قوة تعبيرية ، وترتبط الكتلة بحركات الشخصيات فتبدو من خلالها ثقل الحركة او رشاقتها .

4- الضوء واللون : الضوء واللون صنوان متلازمان ، بدون احدهما لا يوجد الاخر، وان علاقة الضوء الطبيعي واللون متلازمة في العين من خلال الظاهرة الاساسية للاحساس البصري الطبيعي الملون . تقوم الاضاءة بوظيفة جمالية اضافة الى دورها في التعبير عن الجو العام للعرض ، ومهمتها الرئيسية تسيير الرؤيا. وفي مسرح الطفل يتوخى من الاضاءة الايضاح التام للموجودات على المسرح، ويستخدم فيها " الالوان الزاهية والمتعددة لكي تعطي للعرض المسرحي بهرجته الفنية، اضافة الى ادخال المتعة الى نفوس المتلقين (الصغار)"(23). واهمية الاضاءة تتجلى في كونها تنطوي على امكانية 
التحول من جو نفسي الى جو نفسي اخر مما يدفع بالمتلقي (الطفل) الى الاندماج والمشاركة في لحمة العرض المسرحي، وتلعب الاضاءة الملونة في ذلك دورا مؤثرا، اذ تركز انتباه الطفل في المشهد، ويؤكد لديهم انطباعا نفسيا ، وتنمي تحسسهم الجمالي، وتؤدي بالتالي الى الارتقاء بذائقتهم الجمالية . 

اخذت الاضاءة تؤدي دورها الفاعل في العرض المسرحي من حيث علاقتها بالكتل المجردة، لكونها تشكل وسيلة رئيسة من بين الوسائل التي تقوم بخلق الفضاء الفعلي من الفضاء المسرحي.
يرى(ابيا) ان الاضاءة لغة مسرحية تعوض عن النص المكتوب وتضيف ابعادا وقيما فلسفية وجمالية لتعميق الفعل المسرحي وتجسيده، لذا فهو يربط بين تاثيرات الاضاءة ولونها مع الموسيقى وحركة الممثلين لخلق الموقف المسرحي ، فالاضاءة هي حالة بنيوية كاملة لخلق الفعل الادائي للعرض المسرحي ، والذي لا تكتمل الا باكتمال العناصر السينوغرافية . 
الضوء الملون يؤدي دورا كبيرا في اضاءة مناطق المسرح التي يقوم عليها الفعل، وتاكيد صفتي الزمان والمكان للنص المسرحي ، ولكل مشهد علاقة لونية مكونة لموضوع محدد ، ومعطية له الحياة عن طريق تحريك الضوء من النور والظلال والمساقط ،و"اي تغيير يحصل في لون الضوء سوف يغير من قيمة الهيئة التشكيلية بمجموع مقوماتها "(23). 
فالاضاءة تعتمد كليا على الالوان وتفاوت موجاتها ودرجات اشعاعها والقدرة على التلوين بمقادير تتناسب والاغراض الفنية من ضوء، وظل، وظلام، ودرجاتها المتفاوتة في البعد والقرب .
اما ملمس سطوح الاشكال فهي تؤثر في عكس الضوء الى عين المتلقي لان السطح الخشن يبدد اشعة الضوء بخطوط وزوايا غير منتظمة فيصل الضوء الى العين ضعيفا، بينما يعكس السطح الاملس ضوء متناسق الى عين المتلقي بفعل انتظام خطوط السقوط وزواياه والانعكاس.
يؤخذ بنظر الاعتبار اختلاف اللون على القماش او الخشب المراد اظهاره في المنظر المسرحي، وبين اللون في الطبيعة المراد التعبير عنها بوساطة ذلك المنظر والضوء واللون المسلط عليه .لذلك فان الضوء واللون يؤديان دورا مهما في تكوين الفنون المرئية وتنسيقها.
ان الاضاءة المسرحية لم تقتصر فعاليتها على المصابيح والمصادر الضوئية ، وانما اصبحت نتاجاتها ذات فائدة جمة للمسرح والمنظر المسرحي . من هذه الاختراعات ما احدث انقلابا في المفهوم التقني للاضاءة واللون من جهة، والمنظر المسرحي من جهة اخرى  فهوالليزر الذي دخل مفاصل الحياة الفنية والاجتماعية.

5ـ الصوت: الايماءات الصادرة من الصوت تخلق صورة ذهنية في عقل الانسان تتصف بالايحاء لخلق صورة متخيلة متسلسلة في ذهن المتلقي . وهناك صور تخلق او تتكون في ذهن المتلقي من جراء الاصوات التي يسمعها ، كون الكلمات لا تعبر عن افكار ومعان محددة . فالصوت يقوم بمهمة متداخلة في تاثيره لخلق استجابة على خشبة المسرح بين مجموعة الملقين ، بمعنى ان الممثل عبر الصوت يخلق 
ايهاماً بصورة معينة لدى المتلقي والممثل الاخر الذي يزامنه لحظة الاداء. ويتطلب التواصل بين الملقي والمتلقي الى عدد من الشروط الواجب توافرها بأن يستطيع كل منهما رؤية وسماع الاخر ، وان تتوافق انظمتها الاشارية والايحائية بعيدا عما يعوق هذا الاتصال كون الضوضاء يعد احد معوقات التواصل. فالصوت بعناصره كافة موسيقية كانت او مؤثرات او لغة فانه يمكن التخلي عنه لحظة استكمال 
سينوغرافية من خلال الصمت .
ان توظيف الجهاز الصوتي لأنتاج اللغة وتوصيلها من المهارات البشرية المعقدة التي طورها الانسان، وتتجلى"المهارة اللغوية في ثلاث جوانب الجانب السيكولوجي والتعبيري العاطفي والادراكي وتستغرق أجادة كل جانب من هذه الجوانب وقتاً طويلاً يتحدد وفق المهارات الجسدية لكل منها "(25).
ان كل صوت او حركة على المسرح يتضمن دلالة، فالدلالة هي السمة التي تشترك فيها كل الاصوات والحركات على المسرح .
ان التواصل بين الطرفين يقتضي "تحويل الرسالة الى شفرة تتخذ شكل الاشارة العلامية الصوتية والحركية. وبعد ذلك تاتي مهمة بث وارسال الاشارة العلامية، وفي حالة العرض المسرحي يستخدم المؤدي البشري صوته في بث الاشارة العلامية عبر الموجات الصوتية التي يولدها ...وبعد ذلك تاتي مرحلة الاستقبال، فالتواصل لا يكتمل الا حين يتلقى الاشارات شخص يستطيع ان يفك الشفرة المتضمنة في الاشارة العلامية وان يحول المعلومات التي تصل الى عينيه واذنه الى رسالة متسقة "(26). 

المبحث الثاني
مصادر السينوغرافيا في العرض الموجه للطفل
تعد الحكايات الشعبية والخرافية والخيالات والاحداث والشخصيات التاريخية والوقائع اليومية مادة خصبة ينهل منها مسرح الطفل، هذا الثراء يشمل العناصر المسرحية بمجملها من احداث ومناظر وموسيقى وشخصيات، غير ان الشخصية المسرحية بشكل خاص، هي اكثر هذه العناصر افادة، الامر الذي يكسبها المرونة والغنى والقدرة على تجاوز حدودها التقليدية المعروفة.
ان مصمم السينوغرافيا لا يعتمد في عمله على كتب الازياء، وانما يعتمد على القصص الملونة، لذا عليه قبل تصميم سينوغرافيا العرض ان يسترشد بجميع المراجع. فتصميم سينوغرافيا العرض المسرحي بطريقة تكفل التناسق في عموم عناصر السينوغرافيا من ناحية اللون والتصميم، بغض النظر عن مدى سعة خيال مصمم السينوغرافيا فأنه يبني الطراز الذي يختاره على سينوغرافيا عصر أوعصرين مستعينا بخياله في كثير من اللمسات المبتكرة.
 فالمناظر الذي يتوقع الطفل رؤيتها تتأثر بالصورة التي يطالعونها في الكتب وما علق باذهانهم من المسرحيات المدرسية او الافلام السينمائية، ونتيجة لذلك تتضارب المستويات لدرجة تجعل المتلقين يتوقعون رؤية  عناصرالسينوغرافيا حتى يكتشفوا ما يقدمه اليهم مسرح الاطفال.
فالاطفال يفضلون المناظر الكثيرة المتباينة المتلاحقة كالبرق، وقد علمتهم الافلام ان يتوقعوا التغييرات السريعة. ورغم انهم يدركون استمالة هذه الامور على المسرح ، عليه " يحدث كثيرا من التنويع بقليل 
من التغيير اذا استغل تباين الالوان في الاضاءة ،واذا استخدم المسطحات التي تنطوي على مفصلات او المناظر الثابتة.(27).
ان الاطفال ذوو توجهات عامة متشابهة وميول متماثلة ، الا ان في سن البلوغ تظهر الفوارق الفردية وتبدو الاختلافات بين الاطفال جلية، اذ تتضح الميول والاتجاهات وتنغرس الطبائع والعادات ، بمعنى ان التكوين النفسي للطفل غير متبلور اذ يعتمد البناء النفسي للطفل على الدوافع الغريزية ـ الفطرية ، ثم تاتي طبيعة الحياة الاجتماعية ـ الثقافية المحيطة بالطفل التي تنظم احواله ، ومنها تنبثق التباينات الفردية في المراحل اللاحقة من العمر . 
قسم العلماء المراحل العمرية الى:
1ـ مرحلة الطفولة المبكرة والتي تبدا من عمر (6ـ 9) سنوات.
2ـ  مرحلة الطفولة الوسطى والتي تبدا من عمر (9ـ12) سنة.
3ـ  مرحلة الطفولة المتاخرة والتي تبدا من عمر (12ـ 15) سنة.
اذ لا توجد حدود فاصلة بين المراحل العمرية. الا ان هناك عوامل اجتماعية واقتصادية وبيئية تلعب دوراً هاماً في حياة الطفل، وقد توجد فروق فردية في العائلة الواحدة تجعل من الاخوة على درجة من التباين الا ان هذا الامر لا ينبغي وجود حدود وسطية عامة ناتجة عن ملاحظة سمات وخصائص مشتركة ادت الى تقسيم موضوعي للطفولة . الا أن العديد من الباحثين في علوم الاجتماع والنفس والتربية المختصين بالطفل وجدوا ان طفل السادسة وما بعدها يكون مؤهلا لتلقي وادراك الفعاليات والنشاطات التربوية والاجتماعية ، نظرا لاتساع وتفتح قدراته الحسية ـ العقلية وبالنتيجة يكون مستعدا لاكتساب الخبرات الموجه وغير الموجه، وفي الحالتين تمثل الخبرة مثيرا يضفي الى استجابة أنية وبعدية، والتراكم الخبري يعني تراكم معلومات وتخزينها في الذاكرة." ان معظم ما نتعلمه يصل الينا من خلال حواسنا ،وحينما نخزن المعلومات في العقل الباطن ، فأن الانطباع الحسي يخزن المعلومات بشكل لا يمكن محوه مدى الحياة، الا اذا ازيل بسبب امراض معينة "(28). ويندرج الموضوع الممتع والرائق واللذيذ والمريح في قائمة المثيرات الحسية ـ الجمالية ولما كان " الجمال هو الفكرة حين تدرك في اطار حسي "(29). ان اي نوع او درجة من الادراك الحسي للفكرة لدى الطفل لابد ان ترتبط او تنبثق عن موضوع جمالي بصورة مباشرة او غير مباشرة ، سواء كان الطفل يخوض التجربة شخصياً 
او غير شخصياً ، بمعنى اخر سواء كان الطفل جزء من التجربة اي متلق لها كأحد اطرافها ، او كان
شاهداً حاضراً خلالها ، او معزولاً عنها ، كما في حالة الرواية ، او القصة، والعرض المسرحي ، مع ملاحظة التباين في مستوى ما يمكن ان يتلقاه ، كأن يكون الطفل ــ المتلقي ــ في غمرة التجربة ، مما يجعل مدى ادراكه اعمق، واثر ما يتلقاه أبعد واوسع .

أـ  النص :  لابد من توضيح عناصر المسرحية ومقومات العمل المسرحي لان ذلك ضروري لكل 
من يرغب بالتمثيل والاخراج المسرحي ، او يقوم بتدريب الاطفال على التمثيل ، كون ان جميع 
المسرحيات التي عاشت مدة من الزمن اعتمدت على مبادئ وعناصر اساسية ، ومن هذه العناصر 
*ـ الشكل والمضمون : المسرحية تتخذ شكلاً معيناً ، أما أن تكون مأساة او ملهاة او تراجيكوميديا او ميلودراما ، وموضوع المسرحية ينبغي ان لايتنافى مع المعايير الاخلاقية او الجمالية ، ولا ينفصل موضوعها عن شكلها فأذا كانت ذات شكل مأساوي كان الموضوع مأساوي وهكذا . الملهاة التي تصاغ في قالب مسرحي جاد تكون مناسبة للاطفال ذلك انها تملأ نفوس الاطفال بالراحة التي يحتاجونها ، وتزيد متعتهم وتمنحهم احساساً متزناً، بمعنى تحتوي على الفكاهة لتخفف من حدتها ، حتى وان لم يقدم موضوعها فكاهة يجب ان تقدمه بعض شخصياتها ، لان الاطفال لا يحبونها فحسب ، بل لان لها تأثيراً طيباً على اعصابهم، كون المسرحية الفكاهية بأكملها تكون أقل تأثيرأ في نفوس الاطفال من المسرحية الجادة التي تشتمل على بعض المشاهد الفكاهية ، وتكون مناسبة للمرحلة العمرية متضمنة معايير اخلاقية واجتماعية محتوية قدرأ كبيرأ من القيم الجمالية . ومن الموضوعات التي تصلح ان تكون مسرحية للاطفال هي: 
1ـ القصص الشعبية والخرافية : مثل حكايات الف ليلة وليلة .
2ـ الاساطير : فالكثير من الاساطير تكشف عن قصص درامية الا انها يستحيل تحويلها الى مسرحية للاطفال لوجود الغموض فيها ، والذي لا يفهمه الطفل ، والبعض الاخر يشتمل على امور خارقة لكن هناك بعض الاساطير يمكن مسرحتها بشكل يناسب الاطفال.
3ـ القصص الشعرية : من الممكن مسرحة بعض القصص الشعرية كون اغلبها تدور حول حدث واحد تصلح لمسرحيات قصيرة اكثر منها لمسرحيات طويلة ، كون ايقاع الكلام المنظم يزيد من تشويق الاطفال ويساعد في حفظ الصغار لها.
4ـ حكايات البطولة : عموم الاطفال يعشقون البطولة ، فمسرحة قصص البطولة الواقعية منها وحتى الخرافية قد تكون مصدر ترويج والهام للاطفال.
5ـ المشكلات المعاصرة: قد تتناول المسرحيات االمعدة للاطفال مشاكل اجتماعية وانسانية كمشكلة الحرب والسلام .
6ـ القصص التاريخية : كون التاريخ يزخر بشخصيات عظيمة تجسد قيما نبيلة فهذه الشخصيات تكون مادة خصبة لمسرحيات الاطفال .
أما الشخصيات في مسرحيات الاطفال ان تكون مقنعة ذات حضور فني، تمتلك القدرة على التأثير في المتلقي ( الطفل) ممثلة للنوع ، وان تكون نمطية اي انموذج بالنسبة للسلوك الذي تمثله ، فاذا كان موضوع المسرحية يدور حول مهنة من المهن فأن الشخصية الرئيسة تعكس نمطية المهنة وخصوصيتها ، وتتميز بالعناية برسم الهيئة العامة للشخصية بحيث يكون متناغمأ مع السلوك الداخلي لها.وتمتاز الشخصية بالقدرة على تصوير ابعادها الحضارية والفكرية . والاهتمام بما يصدر من الشخصية من كلام داخلي للكشف عن ابعاد الشخصية ، اي الصفات الجسمية والعمرية التي تميز كل شخصية عن طريق ما تقوله وما تظهره من وعي يأتي متناسقأ مع هيئة الشخصية المتمثلة ( بالزي والماكياج 
وملحقات الشخصية) وكذا الحال مع البعد النفسي الذي يميز كل شخصية والتي تنعكس بدورها على كل اقوال وتصرفات الشخصية بحيث يتميز البعد النفسي للرجل المتهور والاهوج عنه عند الرجل المتزن الهادئ وحتى الصفات الاجتماعية التي تتميز بان تكون الخلفية الاجتماعية والمستوى الاقتصادي ونوع المهنة يجب ان ينعكس اثرها في سلوك واقوال الشخصية ، وهذه الابعاد متداخلة مع بعضها ومؤثرة بعضها في البعض الاخر .
*ـ البناء الدرامي : يتخذ البناء الدرامي شكل هرمي يبدأ بالازمة التي يتمخض عنها الصراع الدرامي في النمو والتطور والصعود الى الحدث الدرامي لتصل الى الذروة ، ثم تنحدر الى الحل الذي تنتهي اليه  وهذه الاحداث تسير بتفاصيلها المختلفة بحيث تجعل الوصول الى النتيجة أمر حتمي، لان البناء الدرامي السليم يعمل على اثارة التشويق وشد الانتباه واثارة رغبته في معرفة ما سيحدث وهذا يتم من خلال رسم الشخصيات المؤثرة في المتلقي وشعورهم بالتعاطف معها ، لتثير فيهم عاطفة الشفقة والخوف والاعجاب كونها تنمي في الطفل الاحاسيس الطيبة والادراك السليم وتتميز مسرحية الاطفال بان تكون نهاياتها عادلة كون الطفل لديه احساس حاد بالعدالة ويسعد للمسرحية التي يتوزع فيها الثواب والعقاب والنصر للمظلوم ، والعقاب للظالم ، كون الطفل بحاجة الى معرفة المقاييس الصحيحة للعدالة ، وهذا بالتالي يسهم في بناء الضمير لديه ويقوي من عزيمته في مواجهة الظلم والصعوبات في مستقبل حياته، ويتم هذا بالابتعاد عن التعقيد وتشابك الاحداث فوق مستوى مدركات الطفل ، ومراعاة قدرته على المتابعة والتذكر والفهم والاستيعاب والربط والقدرة على تركيز الانتباه .
*ـ الصراع: أما أن يكون صراع داخلي بين مجموعة من الدوافع النفسية لدى الشخص ، واما ان يكون صراعأ خارجيأ بين عدة افراد ينتمون الى فئات مختلفة متصارعة . وتنشأ الحركة الدرامية عن الصراع، فالحركة الدرامية تبدأ من المشكلة الى الحل في المسرحية هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى تعد الحركة الدرامية عامل من عوامل التشويق الرئيسة ، والتشويق يقتضي التعاطف مع الشخصيات ويجعل المتلقي في حالة ترقب دائم لهذه الشخصية ويتلهف عليها ورغبته في ان تتغلب هذه الشخصية على كل الصعوبات ، ينبغي ان يكون عنصر الصراع في مسرحيات الاطفال بما يدور في مجال اهتماماتهم .
ب-الممثل :الممثل يختزل في اداءه على خشبة المسرح كل الجهود المبذولة من قبل كل من المؤلف  و   المخرج والمصممين والفنيين ، لان العرض المسرحي فعل يؤديه الممثل ، كون الممثل حامل رسالة العرض من خلال تقمصه لشخصية ما من الشخصيات المسرحية ليرتبط نجاح العرض واخفاقه الى حد بعيد بقدرة الممثل الى تقمص الشخصية وتبني افعالها وردود افعالها وفق ايقاع يكشف عن ابعادها وسلوكها وعلاقاتها مع الشخصيات الاخرى من جانب ، وعلاقتها واثرها وتأثرها بالحدث من الجانب الاخر.
فالطفل يتفاعل مع حركة الممثل اكثر من تفاعله مع الحوار ، لذا على الممثل ان ينظر الى الحياة بنظرة الاطفال ، وقد يتدخل الطفل في مجريات العرض يقترح على الممثل الحلول وينبهه الى الاخطار المحيطة به، ف " السرور الذي يجلبه مسرح الاطفال يعد مسوغأ كافيأ لوجوده...فمسرح الاطفال وسيلة لايصال التجارب السارة الى الاطفال ، تجارب توسع مداركهم وتجعل عقلهم اكثر قدرة على فهم الناس"(30).
فالشخصية المسرحية تبدأ حياتها مع بداية العرض المسرحي وتنتهي بانتهائه ، وهي شخصية منمذجة تستقي كثيرأ من سمات الشخصية التي تعيش في الواقع ، وتختلف الشخصيات المسرحية عن بعضها البعض بالرغم من انتمائها الى الجذر الخيالي نفسه .تقوم الشخصيات في مسرح الطفل بتجسيد الخصال النبيلة ، كالشجاعة والصدق والشهامة ، كما يفضل عدم نسيان الشخصيات القادرة على الاضحاك والترفيه ، هذه السمات تجعل الشخصية المسرحية حية ومقنعة وقادرة على التأثير في الطفل اذ يرتبط بها ويتفاعل معها في علاقة تقمص مميزة على وفق سلسلة من العمليات المترابطة .
ان الشخصية في مسرح الطفل " لابد ان تتوافر على سمات وخصائص تتميز بها، ولعل الوضوح والتمايز والتشويق من اهم هذه السمات"(31).وهذا يعني ان تكون الشخصية في مسرح الطفل حاملة لسمات الشخصية الحياتية بعد ما يتم بناؤها على وفق الاشتراطات الفنية والجمالية للعرض المسرحي ، فالاطفال " يريدون ان تكون الشخصوص حقيقية ، كالتي يرونها في حياتهم ، ويتوقعون ان تكون اكثر منها امتاعأ"(32)، كما انه من الضروري ان تمتلك كل شخصية دوافع ومثيرات تميزها عن الشخصيات الاخرى لان " الطريقة النافعة في الرعاية الشخصية هي تشخيص صفات مفردة"(33)، كما ان الطفل " يستسيغ الشخصيات المميزة المرسومة ببراعة "(34)، فضلا عما يمنحه هذا التمايز من فرصة للطفل في ان يفصل بين شخصيات جانب الخير وشخصيات جانب الشر.
ج ـ الطفل : الدراما والمسرح وجهان لعملة واحدة، ووحدتهما هي التي تؤدي الى وجود فن مسرحي ينبض بالحياة، فالدراما تتولد من الفكر والعاطفة والخيال، وهذه جميعها تحتاج الى المسرح الحي الذي يتألق بمختلف التعابير الجميلة من حركة ورقص وغناء وتمثيل، والدراما مهمة للاطفال لانها عبارة عن نشاط لعب، واللعب بالنسبة للطفل هو حياته، وعن طريقه يتعلم، ويقبل على العالم بفرح ونشاط. والاطفال يحبون المسرح كثيرأ خصوصأ ذلك النوع الملائم لطبيعتهم، والمرحلة العمرية التي يمرون 
بها، وحين يشاهد الاطفال مسرحية ما مثلاً، من الممكن ملاحظة فرحتهم بذلك وسماع ضحكاتهم المميزة وهي تملأ المكان.
والدراما كلمة يونانية انتقلت الى اللغة العربية لفظأ لا معنى وهي نوع من انواع الفن الادبي ارتبطت من حيث اللغة بالرواية والقصة ، واختلفت عنها في تصوير الصراع وتجسيد الحدث وتكثيف العقدة... والدراما كلمة كانت تطلق على كل ما يكتب للمسرح او على مجموعة من المسرحيات التي تتشابه في الاسلوب او المضمون.
تطورت الدراما على مر العصور ونتج عنها اشكال مثل الاوبرا والبالية والمسرح الايحائي ومسرح العرائس والمسرحيات الموسيقية والسيرك.
فالدراما شكل من اشكال الفن الادبي القائم على تصور الفنان لقصة تدور حول شخصيات تدخل في احداث، وتتسلسل احداث هذه القصة من خلال الحوار المتبادل...بين الشخصيات ومن خلال الصراع الذي ينشأ ثم يتأزم ثم ينتهي عن طريق المصالحة او الفصل بين القوى المتصارعة وتتجسد هذه الصورة عن طريق الممثلين والديكور والازياء والاضاءة والموسيقى.وللدراما أثار جانبية على الفرد سواء كان راشدأ ام طفلا " ان الدراما تعمل على ايجاد فرد سعيد ومتوازن ، وعن طريقها يتعرف المربي على الطفل وامكانياته ويصبح شخصأ ودودأ صديقأ للطفل قادرأ على فهمه وحل مشكلاته "(35)
فالمسرحية نموذج ادبي وشكل فني يتطلب لكي يحدث تأثيرا حقيقيأ كاملآ ، اشتراك عدد من العناصر الادبية اهمها الحبكة ، والبناء الدرامي، الحركة والصراع، الشخصيات والحوار، مع عدد من العناصر غير الادبية منها الازياء، الاضاءة، الموسيقى، والمسرحية عملية تغيير ديناميكية هرمية تتميز بالتفاعل والحركة والصراع الذي ينمو حتى يصل الى الذروة ثم ينحصر بعد ذلك وينتهي بسقوط الشخصية الرئيسية او بحل المشكلة بسبب الصراع. وهناك اشكال محددة لمسرحيات الاطفال تناسب مراحل النمو المختلفة وتوضح ذلك من خلال الاتي:
1ـ مسرحيات مرحلة الواقعية والخيال المحدود من سن 3_5 سنوات ، والطفل في هذه المرحلة يحب الدمى ويحاول ان يفهم العالم من حوله لذلك نجده يكثر من الاسئلة ، وسمات هذه المسرحية في هذه المرحلة العمرية نجد انها تستخدم العرائس، والرسوم المتحركة، تعتمد على الحركة اكثر من اعتمادها على الكلام، تعتمد عالم الطيور والحيوانات، تعتمد على المحسوسات، تتميز بانها بسيطة، مشوقة، وتتميز بنوع من الايهام بالالوان والاضاءة وغيرها.
2ــ مسرحيات الخيال الحر من سن 6ـ 8 سنوات ، الطفل في هذه المرحلة يكون قد الم بكثير من الخبرات المتعلقة بالبيئة التي يعيش فيها ويطمح للتحليق بخياله الى عالم اكثر رحابة لذلك يجد في المسرحيات الخيالية سحرأ ، وتتصف مسرحيات هذه المرحلة بأنها تتضمن العرائس او المسرح البشري او الاثنين معأ، انها تكون خيالية، تشتمل على نوع من التوجيه التربوي والاجتماعي، تحتوي على نوع من المغامرات، تكون واضحة وفكرتها بسيطة.
3ــ  مسرحيات مرحلة البطولة والمغامرة من سن 9ـ 12 سنة ، يرغب الطفل في هذه المرحلة 
باحكايات البطولية والمثيرة، واشد ما تستهويه المسرحيات الطويلة ذات المناظر الكثيرة التي يمتزج فيها الخيال بالحقيقة وتنتهي بانتصار البطل ، حتى البنت في هذه المرحلة ترغب المضمون نفسه الذي يرغبه الولد ، الا انها تميل الى الواقعية وتكتفي بالقليل من المواقف المثيرة، وان تكون للمسرحية بطلة بدلآ من البطل ، واهم سمات مسرحيات هذه المرحلة البطولة والشجاعة والمغامرة ، الواقعية ، المعلومات العلمية ، التوجيه التربوي والاجتماعي والتأكيد على القيم الدينية والاخلاقية والانتماء القومي باسلوب غير مباشر .
4 ـ مسرحيات المرحلة المثالية من سن 12ــ15 سنة يميل الطفل في هذه المرحلة الى الرومانسية والى قصص المغامرات الممزوجة بالعاطفة ، وقد يشاهد دراما الكبار ، ويراعى في هذه المرحلة التأكيد على المثل العليا ، وان تكون المسرحية ذات اهداف تربوية ، وان تتضمن معلومات تأريخية ودينية تخاطب العقل.(35) 
د ـ رؤية المخرج والتنسيق مع الفنيين: سينوغرافيا العرض المسرحي تجعل من النص المكتوب دراما لها كل مقومات العالم الواقعي، المناظر والديكور عنصر مهم في المسرحية، والتأثير البصري للديكور مع بقية العناصر السينوغرافية الاخرى كالازياء والماكياج ومكملات الهيئة والاضاءة والموسيقى، الاطفال يتأثرون بالالوان اكثر مما يتأثرون بالزي، ويتجاوبون مع الالوان الزاهية الاطفال يتأثرون بالالوان اكثر مما يتأثرون بالزي، ويتجاوبون مع الالوان الزاهية.يعرف المنظر الموضوع على خشبة المسرح بأنه مجموعة من التركيبات الخاصة المصنوعة من الخشب والقماش او البلاستك او من 

خامات اخرى لكي تعطي شكلآ لمكان واقعي او خيالي على ان تربط ايحاءاته بمضمون النص المسرحي. فالمنظر هو الوحدة الفنية التي تعطي للعمل المسرحي قيمته الجمالية والدرامية، وعلى السينوغرافي ان يراعى امكانيات المسرح وقدرته على ابراز المكان والزمان ، ومن سمات الديكور اختصار الحوار، وربط الاحداث بالواقع، وتشكيل الانطباع الاول عن المسرحية، وعلى مهندس الديكور ان يترجم النص ناقلآ المحتوى والجو الاخلاقي والتاريخي مراعيأ قواعد المنظور، وان تكون المسرحية ذات مناظر جذابة ، وان يراعي السينوغرافي ان تكون المناظر متعددة ومتباينة ، كون الاطفال الفوا كثرة تغيير المناظر في الافلام، ولكن نظرأ لان تعدد المناظر في المسرحية محدود، فهي بحاجة الى التجديد والتنويع.
اما الازياء فمهما يكن الزي الذي يضعه السينوغرافي بالتعاون مع المخرج متقن يراعى فيه الوضع الاجتماعي للشخصية ليبدو ملائمأ وطبيعيا للشخصية التي ترتديه. في الازياء التاريخية على المصمم مراعاة الدقة التاريخية لذا على السينوغرافي والمخرج جمع المعلومات الكاملة عن الشخصيات قبل البدء بالعمل لتكون هيئة الشخصية متوافقة متجانسة مع الحركة . اما في حالة ازياء الشخصيات غير التاريخية فعلى السينوغرافي الاستناد الى خياله والهامه مراعيأ الذوق والوحدة .والاطفال يتأثرون بالالوان اكثر مما يتأثرون بالزي، ويتجاوبون مع الالوان الزاهية.يقبل المخرجون على استخدام خامة الستان والحرير في ازياء مسرحيات الاطفال لما لها من بريق يبهر الاطفال. وكذا الاقمشة الذهبية والفضية شائعة الاستعمال.
على السينوغرافي مراعاة ان تكون الاقمشة منقوشة فهي تضفي اناقة وروعة ، كون غالبية الاطفال يميلون الى الالوان المزركشة الصارخة ويفضلونها على التفاصيل الدقيقة فهي لها
 قيمة كبيرة في المسرح، فهم اقل اهتماما بها من الكبار ، لذا على  السينوغرافي وبالتعاون مع المخرج ان يعتني بالمنظر العام للزي ، وان تكون الوانها زاهية مراعياً زمن واجواء المسرحية. اما الماكياج فهو يهدف في المسرح الى مساعدة الممثل في تغيير مظهر الوجه ليجعله مطابقااًلضرورات الاضاءة، وللتعبير عن الدور، وللمكياج هدف أخر هو اكساب الوجه تعبيرأ يعكس حالة نفسية معينة، واخصائي الماكياج يراعي الا يكون الماكياج مرئيأ للصفوف الاولى الا انه يجب ان يكون بارزاً بشكل كاف لآحداث الاثر المطلوب في عيون المتلقين الاكثر بعداً، والماكياج لا يمكن ان يتم الا اذا انتظمت الاضاءة، وليس الوجه وحدة هو الذي يطلى بل ان جميع اجزاء الجسم التي تظهر على المسرح يجب ان تصبغ بالوان ملائمة مع طبيعة الاضاءة و" اذا لم يكن للماكياج القدرة على تجسيد الشخصيات الخيالية فيمكن للمخرج استبداله بالاقنعة "(37). 
اما الملحقات المسرحية ، فالملحقة او الاداة او المكملات التي تنتقل من مجرد ماديات الى الفعل الحيوي مثل القبعة، الساعة، القلم، المروحة اليدوية.                                          
وتقسم الملحقات المسرحية الى ثلاثة انواع:                                                               
1ـ ملحقات يدوية ، وهي الاشياء التي يستخدمها الممثل كالسجائر، والمناديل، والكتب.          
2ـ ملحقات المنظر ، وتكون ثابتة فوق خشبة المسرح ولا تستخدمها الشخصية كمطفأة السكائر، 
الشمعدان الموضوع على جدار المسرح.                                                 
3ـ ملحقات التزيين، كالستائر والصور المعلقة ( 38).                                  
وللملحقات المسرحية اهمية في العرض المسرحي كونها تساهم في توضيح نوع المسرحية، وفي تحديد الشخصيات وتوضيح الازياء، فالشخصية التي ترتدي بنطالا وقميصا اذا وضعت المريلة اصبحت الشخصيىة تشير الى الطباخ، اما اذا اضيفت الى الشخصية بدلا عنها سماعة حول الرقبة تصبح الشخصية طبيبأ . وتساهم الملحقات في توضيح الزمان والمكان والحالة الاجتماعية ، وتسهم ايضا في خلق الايهام بالواقع بشكل عام وشد انتباه المشاهد وتشويقه لمتابعة العرض المسرحي . وفي مسرح الاطفال تستخدم الملحقات المسرحية فتزيد من جمال المسرحية وتأثيرها وتعبر عن طبيعة النص ومكانه وزمانه وشخصياته فيدرك الطفل مباشرة ما يريد المخرج ايصاله له.                                                                           

ما اسفر عنة الاطار النظري
1ـ السينوغرافيا كمفهوم واحد في كل الفنون ، في المسرح، السينما، والاختلاف بينهما 
في الوظيفة والتقنية.
2ـ يرتبط المنظر من ناحية الشكل والمضمون بعناصر العرض المسرحي الاخرى ، ويعد جزء من السينوغرافيا.
3ـ تلعب العلاقة بين المتلقي والممثل دوراً في اهمية تحديد مكان العرض المسرحي وخلق الفضاء المتناغم ما بين الجسد والروح والعقل. 


الفصل الثالث
اجراءات البحث

عرض مسرحية في انتظار الطيور 
تأليف:عواطف نعيم.
اخراج:اقبال نعيم.
سينوغرافيا العرض:هيثم عبد الرزاق.
تصميم الازياء وتنفيذها والمكياج:عماد غفوري.

الحكاية:
تدور الاحداث في قصر حاكم ، لديه ثلاثة ابناء وبنت وحيدة. كانوا سعداء يلعبون ويمرحون، شغوفين بحبهم لوالدهم.
في احد الايام دخل عليهم الوالد ومعه سيدة تبدو شريرة وقد اختارها زوجا له واما لاولاده ، الا ان الابناء نفروا منها ، ولم يأنسوا لوجودها رغم حبهم الشديد لوالدهم لاحساسهم بأنها شريرة.
تزوجت (جمانة) الاب لطمعها في ثروته ، تريد ان تستحوذ على امواله ، وكل ما يملك وتغادر ، لا يهمها اي شيء .
حولت الابناء الاثنين الى طيور في الصباح ، وعند المساء يردون الى جنس البشر من خلال السحر.ابلغت (جمانة) البنت بان حل هذا اللغز هو بالذهاب ليلا الى المقابر لتقطف العشب الشوكي وتحيكه ثيابا لاخوتها وعندما تنتهي عليها ان تلبسهم الثياب في نفس الوقت وعند غروب الشمس ليبطل ، وينتهي مفعول سحر المراة الشريرة (جمانة) ويعودوا بشرا.علما بان اخوتها عند المساء يعودوا لطبيعتهم كبشر ، ومن ثم يتحولوا طيورا عند شروق الشمس.
في احد الايام يمر الامير والوزير والمهرج في الغابة يجدوا البنت لا تتحدث مع اي انسان بحسب طلب الشريرة (جمانة) كي يتحقق فك السحر من اخويها . فقرر الامير عطفا منه على الفتاة ان ياخذها معه الى قصره ومها العشب الشوكي لانها ابت ان تتركه  هدفها ان تغزلة ثياباً لاخويها .

تأتي الطيور (الاخوة) الى قصر الامير حيث اختهم ، يلعبون ويمرحون معها وبصحبتهم المهرج .
ابلغ الوزير الامير بخروج الفتاة ليلا الى الغابة وانها ساحرة ستجلب الشرور على المدينة الامنة .
فقرر الامير والوزير حبس الفتاة وحرقها عند غروب الشمس ، كونها هذه عادة اهل تلك المدينة .
تنتهي الفتاة من حياكة الثياب لاخوتها ورمتها على اجسادهم ، حتى تحولوا الى طبيعتهم الانسية شابين جميلين محبين لاختهم ، ويخبرون الجميع بقصتهم ، طلبت الفتاة من الامير ان يسمح لها بان تعود واخوتها الى قصر ابيهم ليخلصوه من شرور السيدة( جمانة).
دلالات عناصر السينوغرافيا 
اعتمد (عماد غفوري) في تصميم الازياء على المزاوجة بين عناصر الزي التي تحمل شفرات واشارات دلالية معاصرة ، تمثل باستخدام اللون والخط والملمس الذي شكل ايقونة الزي، كما ان الالوان تجسد الزي بوصفها علامات رمزية دالة، لتبث دلالات سيكولوجية تعبر عن دوافع الشخصيات وافعالها، وهذا متاتي من التحليل الدقيق للشخصيات وفق الروية الفلسفية للمخرجة والتي سلطت الضوء على الصراع بين شخصيات العمل الرئيس، والذي تمحور حول شخصية ( جمانة الساحرة) زوجة الاب التي جاءت ازياؤها بلون احمر قرمزي دموي دلالة الشر والحرب والدم من خلال ملمس الزي الذي جاء متوسط الخشونة مزدوج الدلالة ،كون الشخصية من الطبقة الغنية ـ بحسب ادعاء الشخصية ـالا ان ملمس الخامة جاء على عكس ذلك لفصح عن طمع الشخصية وحبها للمال والاستحواذ على ثروة الاب ، وهذا جاء واضحا من خلال خطوط والوان المكياج التي كانت قاسية ، حادة، شريرة ، ماكرة، وتاكد هذا ايضا من خلال ملحقة الشخصية (المظلة) الحمراء لاضفاء جو السحر والمؤامرة واللعب بمقدرات الابناء، فهي تتحرك في فضاء ممتلىء مادي،غني بالاحداث والمشاعر، كما يرتبط تشكيل هذا الفضاء بشكل كبير بحركة هذه الشخصية (افعالها) وظهورها ونمو الاحداث التي تسهم فيها.
ان اختراق الشخصيات للفضاءات المكانية ووجهات نظر هذه الشخصيات ومميزاتهم الخاصة، تساهم في اعطاء صورة واضحة عن الفضاء الدرامي الذي يساهم هو الاخر في الكشف عن الفضاء النفسي والاجتماعي للشخصيات المعنية، فأي تغيير في الفضاء المكاني سيؤدي حتما الى نقطة حاسمة في الحبكة والمنحنى الدرامي للخطاب، وكذلك في تركيب الحوار التداولي ووظيفته اللغوية والدرامية، فظهور شخصية (جمانة الساحرة) في فضاء مكون من شرائط عريضة مكونة ستائر من القماش ذو خامة بملمس ناعم شفاف ساحر بلون ازرق (سمائي) والذي يدلل على صفاء الجو ونقاءه، واللون الوردي الساحر الحالم الذي يأخذنا حيث التحليق في عالم من الخيال، والاخضر المزدوج الدلالة ما بين الحياة والموت، وهنا جاءت دلالته الاستمرارية والحياة، والاصفر الليموني دلالة الفكر والذهن الصافي والذي يبعث على نقاء الذهن وتحفيزه على الابداع والبناء، والبنفسجي الذي يحمل دلالة الشموخ والعظمة والملوكية والابهة .
جميع هذه الالوان للشرائط( الستائر) جاءت منسدلة منسابة من اعلى المسرح الى الاسفل .انقلب الفضاء فجأة بدخول (جمانة الساحرة)الى اللون الاحمر الدموي القاسي ليعطي مع لون الزي للشخصية اكثر ثراءا ويؤكد دلالة المكر والخديعة والقسوة والظلم والجور على الابناء.
ظهرت شخصية (الحاكم) في فضاء مكون من ستائر من قماش الستن بلون سمائي ، دلالة النقاء والصفاء ويؤكد عمق الشخصية وانتماءها لجو العائلة وحبها الذي يغلب عليه حب الذات ، وهذا اكدته الشخصية بالاتيان بشخصية ( جمانة الساحرة) لتحل محل الام للابناء . واللون الوردي البارد ليؤكد السحر ويعزز الحب بملمسه الناعم الذي يضيف سحرا على المسرح من خلال الخطوط العمودية للنسيج التي تفصح عن سمو ورفعة وشموخ الشخصية.ان ارتباط الفضاء الدرامي مع الإحداث وسلوك الشخصيات يعطي للخطاب الدرامي تماسكه النصي والدلالي ، ويقرر الاتجاه الذي سيأخذه الحوار لتشييد هذا الخطاب، فالفضاء المكاني هو احد المكونات الأساسية التي يتراكب عليها الحدث. شخصية الأميرة (نور) دخلت في فضاء مكون من ستائر شفافة بلون سمائي مدعم باللون الوردي ذات ملمس ناعم بخطوط مستقيمة أفقية كونت لحمة النسيج لتؤكد مدى عمق الشخصية، ونقاؤها وبساطتها وحبها لإخوتها التي ضحت لأجلهم الكثير . يبدو من خلال العرض نجد إن شخصية (نور) كانت إسقاط لشخصية (الكترا) لسوفوكليس، جاء هذا واضحا من خلال وجه الشخصية الذي اكدته دلالة المكياج التي جاءت لايضاح ملامح الوجه والفتوة والشباب والحيوية من خلال خطوط المكياج المستقيمة الواضحة البسيطة لتؤكدصفاء الشخصية، ونقاؤها ومحبتها، تعزز هذا باكمال زي الشخصية بملحقة التاج الذي جاء بلون سمائي مدعم بلون وردي ليؤكد دلالة الطهر والنقاء والحلم والحب والشفافية، جاء واضحا من خلال الاضاءة بلونها الابيض والاصفر الليموني المفصح عن دخيلة الشخصية (نور) الواضحة والمحبة للاخرين .استخدام الفضاء المسرحي وتنوعاته اعطى للعرض جمالية من خلال انتقال الأميرة (نور) من جو الاسرة والالفة الى جو المقبرة بالبحث عن العشب الشوكي تم ذلك من خلال تحريك الهيرسات الارضية والممثلة على ارضية المسرح ساقطة. كانت الستائر الخلفية (المنظر الخلفي) بلون ابيض . اما الارضية وضعت عليها مظلات بلون سمائي واحمر .
اكدت لنا الاضاءة بلونها الازرق ذو دلالة الصفاء والنقاء براءة شخصية الاخوين الاكبر والاصغر وحبها وتمسكها بالحياة وبالحب لوالدهم واختهم الوحيدة ، تعزز بوجود الفضاء ذو اللون الابيض النقي الطاهر لنسيج الالخامة الناعمة الملمس والهادئة النقية بخطوط لحمة النسيج البسيطة من خلال ارتداء الشخصية للون الزي الابيض بملمسه الناعم من قماش الستان ، بخطوط أفقية بسيطة كونت لحمة الخامة، وملامح وجه الشخصية بخطوط بسيطة غير حادة مستقيمة واضحة بلون تبطين (اساس) مناسب للون بشرة الممثل تؤكد دلالة النقاء والصفاء . جاءت ملحقة الاخوة (الطيور) مكونة من اجنحة بلون ابيض لتكمل مظهر الطير الودود، المحب ،النقي، الحر، الذي يجوب السماء فرحا بنفسه ، تعزز من خلال الاضاءة ذو اللون الازرق الذي يفصح ويؤكد براءة الشخصية ، وحبها، وتمسكها بالحياة وبالترابط الاسري .
الامير (ياقوت) توشح الفضاء بنسيج من خامة الستان الناعمة التي تبعث على الخيال والحلم بخطوط عمودية واضحة غير معقدة تدلل علة السمو والرفعة والشموخ بالوانها الوردية التي تؤكد عمق الشخصية واهميتها وقلبها الكبير وعطفها الذي غمر (نور) .الظاهر من العرض المسرحي ازياء (الامير) المكونة من قطعتين بلون سمائي مدعم بالابيض ذو ملمس ناعم من قماش الستان اللماع بخطوط مستقيمة واضحة دلالة الغنى والابهة، وهذا جاء واضحا من خلال خطوط المكياج البسيطة النقية والتي جاءت لايضاح ملامح الوجه من خلال المكياج التصحيحي لملامح الشخصية الحياتية لتأتي مماثلة للشخصية الممثلة .
الوزير(عرقوب) تزي بزي ذو خامة ناعمة بخطوط منكسرة حادة قاسية شكلت لحمة النسيج بلونها البيج والقهوائي. ولون المكياج الاساس كان بخطوط حادة ، قاسية، ماكرة، مخادعة، شريرة، دلالة الجهم والعداء والخبث ، لحقت بالشخصية قبعة كبيرة بلون ذهبي جاءت ثقيلة على الراس لاضفاء ثقل الشخصية وشرها وعدم حب الاخرين لها ، اكدته دلالة الاضاءة الرمادية ، القاسية ، الماكرة.تؤكد مدى كره الشخصية للناس وادعائها والتظاهر بحبها للامير وحرصها على مصلحته.
فضاء المسرح خالي من الستائر الملونة لتؤكد حالة الخوف والترقب ، بملمس خشن حاد قاسي ذو مكر وخديعة شرير ، بخطوط ناعمة بسيطة غير معقدة ، للايهام باهمية الشخصية وحبها لرئيسها وحرصه عليه . جاءت هذه الشخصية إسقاط لشخصية (ياغو) في مسرحية عطيل لشكسبير .
(المهرج)يرتدي بدلة مكونة من قطعتين من القماش ذو الملمس الناعم بخطوط مستقيمة واضحة بلون وردي واخضر دلالة التمسك بحب الحياة والناس وتعاطفه مع شخصية (نور)احساسا منه بأنها بريئة .
خطوط مكياج مستقيمة أفقية بسيطة غير حادة بلون اساس تبطين ابيض لابراز وتكبير ملامح الوجه والمبالغة فيها.
ملحقة الشخصية مكونة من مظلتين بلون سمائي مدعم بالابيض تخفي الشخصية وجهها بعض الوقت للابتعاد والاختلاء بنفسها بعيدا عن الشر وقسوة الحياة ومكر (الوزير).
الاضاءة مزيج من الالوان الباردة (الوردي والاخضر والازرق)تفصح عن الهدوء النفسي للشخصية المسرحية.  الفضاء بلون اخضر، اصفر، بنفسجي، بخامة ناعمة الملمس بخطوط أفقية واضحة لتؤكد دلالة حب الحياة والناس والجمال والرقة .وفي الطبيعة كلها اعتمدت على شيئين اجساد الشخصيات والفراغ، وفي الفراغ الحالم في معظم لحظات العرض المسرحي وجدت الشخصيات اماكنها وتحركت داخله.إن اهمية الوصف الفضائي ، تنبع من مستوى الوظيفة الاستعمالية او المعنوية لمفردات هذا الفضاء(العلامات) وتعدد هذه الاستعمالات او ضرورتها .إن البيئة الموصوفة تؤثر في الشخصية المسرحية وتحفزها على القيام بالاحداث وتدفع بها الى الفعل ، حيث إن وصف البيئة تمثل بوصف مستقبل الشخصية ، فالتأثير كبير ما بين الشخصية المسرحية والفضاء الذي تعيش فيه ، بحيث يصبح بالامكان إن تكشف بنية الفضاء المكاني الدرامي عن الحالات الشعورية والحركية التي تعيشها وتقوم بها الشخصيات الدرامية ، او إن الحالات الشعورية للشخصية تقدم لنا الفضاء المكاني من وجهة نظر معينة ، كما إن هذا الفضاء يمكن إن يسهم في التحولات الداخلية التي تطرأ على الشخصية.


  الفصل الرابع
النتائج
1ـ اشتمل مفهوم السينوغرافيا على عناصر العرض المسرحي كافة بوحدة تشكل هي واداء الممثلين مع رؤية المخرج السمة النهائية لاتجاه العرض المسرحي بمجمله مضافا اليها عنصري الصوت والضوء واللون.
2ـ تحمل السينوغرافيا معان كثيرة قد تكون واضحة او غير مباشرة في ثنايا التصميم من خلال الزي واللون والمكياج وكتل الديكور رغم محاولة السينوغرافيين تجاوز هذه الاطر.
3ـ ضاعف المخرج من جهده لخلق فضاء مسرحي لعدم الوضوح في الرؤية السينوغرافيا .

الاستنتاجات
1ـ حمل الديكور والالوان تاويلات عدة في العرض المسرحي.
2ـ تستمد السينوغرافيا صفاتها وتطورها من الفنون والعلوم لما تلعبه من دور كبير في تطوير عمل السينوغرافيا وتسهيل مهمتها .
3ـ اضيفت السينوغرافيا خبرات ومجالات اوسع للعمل تفيد المخرج في اهدافه وما يناسب وظائف العرض المسرحي.

الهوامش
1ـ فائز طه سالم: اليات تكامل الوظائف المرجعية والادائية للافعال الصوتية والجسدية للممثل المسرحي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، بغداد : جامعة بغداد ، كلية الفنون الجميلة ، 2005، ص5.
2ـ سرى جاسم خيون : اليات التكامل بين دلالات الزي في العرض المسرحي العراقي 1990ـ 2000، رسالة ماجستير غير منشورة ، بغداد: جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، 2009. ص 5.
3ـ فاتن علي حسين العامري : التكامل في تصميم الاقمشة والازياء والعلاقات الناتجة في المنجز الكلي، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، بغداد: جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، 2005، ص7.
4ـ مارسيل فريد فون: فن السينوغرافيا ، في مجلة السينوغرافيا اليوم، ت: حمادة ابراهيم واخرون، 1993، ص7.
5ـ المصدر السابق نفسه ، ص7.
6ـ كمال عيد: سينوغرافيا المسرح عبر العصور ، دار الثقافة للنشر ، ط1، القاهرة: 1998، ص1.
7ـ حبيب ظاهر حبيب: التشفير الصوري في مسرح الطفل ـ المتغيرات الفكرية والجمالية ـ المسرح العراقي انموذجاً ، اطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة بغداد ،كلية الفنون الجميلة ، 2004، ص13.
8ـ فرانك م. هوايتنج : المدخل الى الفنون المسرحية ، ت: كامل يوسف واخرون، وزارة التربية والتعليم ، القاهرة: دار المعرفة ، مطابع دار الاهرام ، 1970، ص298.
9ـ غدار طاهر : الحرب في لبنان انتجت الانحطاط ، في مجلة التضامن ، لندن : السنة السادسة ، العدد (288) ، 1988، ص32.
10- مارسيل فريد فون، مصدر سابق، ص8.
11ـ المصدر السابق نفسه، ص8.
12 ـ ـــ: الرواد في مجال التصميم المسرحي، في نشرة الجمعية الدولية ، العدد( 42), النمسا: 1979، ص8.
13ـ غدار طاهر : مصدر سابق، ص40.
14ـ جلين ويلسون: سيكولوجية فنون الاداء، ت: شاكر عبد الحميد، الكويت:المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ، يونيو، حزيران، 2000، ص16.
15ـ احمد السنوسي: مفهوم الفضاء المسرحي واهميته ، في مجلة فضاءات مسرحية، تونس: العدد(3،4) ، السنة الاولى، د.ت، ص54.
16ـ سامية اسعد: المكان في المسرح المعاصر ، في مجلة عالم الفكر ، المجلد الخامس عشر، العدد(4)، يناير ، فبراير ، مارس، 1985، ص87.
7 1ـ احمد السنوسي: مصدر سابق، ص54.
18ـ عارف ابراهيم الخفاجي:اشكالية الفضاء في الرسم المعاصر ، دراسة تحليلية ، اطروحة دكتوراه غير منشورة، بغداد: كلية الفنون الجميلة، 1999، ص14.
19: اكرم اليوسف: الفضاء المسرحي دراسة سيميائية ، دار مشرق مغرب، دمشق: 1994، ص39.
20ـ شاكر عبد الحميد : التفضيل الجمالي دراسة في سيكولوجية التذوق الفني ، سلسلة عالم المعرفة ، يناير، 1978، ص251.
21ـ جلال جميل : مفهوم الضوء والظلام في العرض المسرحي، اطروحة دكتوراه غير منشورة، بغداد: جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، 1997، ص32.
22ـ شاكر عبد الحميد، مصدر سابق، ص256.
23ـ منتهى محمد رحيم : مسرح الطفل في العراق وخطة التنمية القومية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، بغداد: جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، 1988، ص134.
24ـ فرج عبو : علم عناصر الفن ، ج2، بغداد: كلية الفنون الجميلة، دار دلفين ، ميلانو ، ايطاليا، 1982، ص59.
25ـ جوليان هلتون : نظرية العرض المسرحي، ت: نهاد صليحة، دار الثقافة والاعلام، الشارقة: 2001، ص212.
26ـ المصدر السابق نفسة، ص222.
27ـ وينفريد وارد: مسرح الاطفال ، ت: محمد شاهين الجوهري ، بغداد: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، المطبعة العصرية ، 1986، ص42.
28ـ هايز جوردون: التمثيل والاداء المسرحي، ت: محمد سعيد ، ط1، الجيزة : اكاديمية الفنون ، مركز اللغات والترجمة، دار هلا للنشر والتوزيع، 2001، ص41.
29ـ ولتر ستيس: فلسفة هيجل (فلسفة الروح) ، ت: امام عبد الفتاح امام، م2، بيروت: لبنان، 1982، ص131.
30ـ وينفريد وارد، مصدر سابق، ص45.
31ـ هادي نعمان الهيتي : ادب الاطفال فلسفته وسائطه ، العدد(3)، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب ودار الشؤون الثقافية العامة، بغداد: 1986، ص318.
32ـ وينفريد وارد، مصدر سابق، ص162.
33ـ جون ايكن : كيف نكتب للاطفال، ت: كاظم سعد الدين ، بغداد: دار ثقافة الاطفال، 1988، ص 136.
34ـ نفس المصدر السابق ، ص140.
35ـ بيتر سليد : مقدمة في دراما الطفل ، ت: كمال زاخر لطيف ، الاسكندرية : منشاة المعارف ، د.ت، ص45.
36ـ ينظر: محمد حامد ابو الخير ، مسرح الطفل ، القاهرة: الهيئة المصرية للكتاب، 1988، ص88.
37ـ المصدر السابق نفسة ، ص90.
38ـ ينظر : حمادة ابراهيم : معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، القاهرة: مطبعة دار الشعب، 1971، ص265.

قائمة المصادر
1ـ احمد السنوسي: مفهوم الفضاء المسرحي واهميته، في مجلة فضاءات مسرحية، العدد( 3،4)، السنة الاولى، تونس: د.ت، ص 54.
2ـ اكرم اليوسف: الفضاء المسرحي ـدراسة سيميائية، دار مشرق مغرب، دمشق: 1994، ص39.
 3ـ بيتر سليد: مقدمة في دراما الطفل، ت: كمال زاخر لطيف، منشأة المعارف، الاسكندرية، د.ت،ص 45 .
 4ـ جلين ويلسون: سيكولوجية فنون الاداء، ت: شاكر عبد الحميد، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، يونيو، حزيران، 2000، ص 16.                
5ـ جلال جميل: مفهوم الضوء والظلام في العرض المسرحي، اطروحة دكتوراه غير منشورة، بغداد: جامعة بغداد،كلية الفنون الجميلة، 1997، ص32. 14      
6ـ جوليان هلتون: نظرية العرض المسرحي، ت: نهاد صليحة، دار الثقافة والاعلام، الشارقة: 2001، ص212.
7ـ جون ايكن: كيف تكتب للاطفال، ت: كاظم سعد الدين، دار ثقافة الاطفال، بغداد:  1988، ص136.
8ـ ينظر: حمادة ابراهيم: معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، مطبعة دار الشعب،القاهرة : 1971 ، ص265 .
9ـ سامية اسعد: المكان في المسرح المعاصر، في مجلة عالم الفكر، العدد(4)، يناير، فبراير، مارس، 1985، ص87.    
10ـ سرى جاسم خيون: اليات التكامل بين دلالات الزي في العرض المسرحي العراقي 1990_2000، رسالة ماجستير غير منشورة، بغداد: جامعة بغداد ـ  كلية الفنون الجميلة، 2009، ص5.
11ـ شاكر عبد الحميد: التفضيل الجمالي دراسة في سيكولوجية التذوق الفني، سلسلة عالم المعرفة، يناير، 1978، ص251.
12ـ عارف ابراهيم الخفاجي: اشكالية الفضاء في الرسم المعاصر، دراسة تحليلية، اطروحة دكتوراه غير منشورة، بغداد: جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، 1999، ص14.
13ـ غدار طاهر: الحرب في لبنان انتجت الانحطاط ، مجلة التضامن،السنة السادسة ، العدد(288) ، لندن: 1988، ص 34.
14ـ فاتن علي حسين العامري: التكامل في تصميم الاقمشة والازياء والعلاقات الناتجة في المنجز الكلي ، اطروحة دكتوراه غير منشورة، بغداد: جامعة بغداد ـ  كلية الفنون الجميلة، 2005،ص7
15ـ فائز طه سالم: اليات تكامل الوظائف المرجعية والادائية للافعال الصوتية والجسدية للممثل المسرحي، رسالة ماجستير غير منشورة، بغداد: جامعة بغدادـ كلية الفنون الجميلة، 2005، ص5.
 16ـ فرانك م هوايتنج: المدخل الى الفنون المسرحية، ت: كامل يوسف واخرون، وزارة التربية والتعليم، القاهرة: دار المعرفة، مطابع دار الاهرام، 1970، ص 298.
17ـ فرج عبو: علم عناصر الفن، ج2، دار دلفين، ميلانو : ايطاليا، 1982،ص509.
18ـ كمال عيد : سينوغرافيا المسرح عبر العصور، دار الثقافة للنشر ، ط1، القاهرة: 1998، ص1.
19ـ مارسيل فريد فون: فن السينوغرافيا ، مجلة السينوغرافيا اليوم، ت: حمادة ابراهيم واخرون، 1993 ص7.                                        
20ـ __،__: في مجال التصميم المسرحي، في نشرة الجمعية الدولية، العدد(42)، النمسا: 1979، ص 28.
21ـ منتهى محمد رحيم: مسرح الطفل في العراق وخطة التنمية القومية، رسالة ماجستير غير منشورة، بغداد: جامعة بغدادـ كلية الفنون الجميلة، 1988، ص134.
22ـ ينظر: محمد حامد ابو الخير: مسرح الطفل، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة:1988، ص88.  
23ـ هادي نعمان الهيتي: ادب الاطفال ـ فلسفته ـ فنونه ـ وسائطه ، العدد(3)، القاهرة: الهيئة المصريةالعامة للكتاب، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد: 1986،ص318.
24ـ هانز جوردون: التمثيل والاداء المسرحي، ت: محمد سعيد، ط1، الجيزة: اكاديمية الفنون، مركز اللغات والترجمة، دار هلا للنشر والتوزيع، 2001، ص41.
25ـ ولتر ستيس:فلسفة هيجلس ـ فلسفة الروح ـ م2، ت: امام عبد الفتاح امام، بيروت: لبنان، 1982، ص131.
26ـ وينفريد وارد: مسرح الاطفال، ت: محمد شاهين الجوهري، بغداد: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، المطبعة العصرية، 1986، ص242.

   -------------------------------------
المصدر : مجلة كلية الآداب العدد 95

تابع القراءة→

اشكالية المصطلح في نقد المسرح العربي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, مايو 31, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

في ظل انفتاح النقد العربي الحديث (الأدبي والفني) على المناهج النقدية والعلوم الإنسانية في الغرب، من خلال الترجمة، صارت تنهال عليه معارف ومفاهيم ومصطلحات شتى، أخذ النقاد والدارسون، يتعاملون بها، أو يوظفونها في كتاباتهم ومقارباتهم (التنظيرية والتطبيقية). وقد شمل ذلك كل أنواع النقد (الأدبي والمسرحي والسينمائي… إلخ).إشكالية غياب الدقة. لكن ثمة إشكالية كبيرة نتجت عن ذلك هي غياب الدقة، والقصور المعرفي والمفهومي في استخدام المصطلح، وجهل دلالته أحياناً، والخلط بينه وبين مصطلح آخر له اشتغاله في حقل آخر غير الحقل الذي يشتغل فيه الناقد، أي توظيفه في منهج نقدي غير المنهج الذي تشكّل في رحمه، علماً أن المصطلح وثيق الصلة بالمنهج، ويفقد شرعيته خارج توظيفه.وتُعزى هذه المشكلة إما إلى ضعف في ثقافة الناقد والدارس ومحدودية خبرته، أو إلى الفوضى في ترجمة المصطلحات إلى العربية وتعدد مرادفاتها إلى درجة التنافر أحياناً، بحيث يصعب على هذا الناقد “المسكين” الأخذ بالأدق منها.إساءات.في النقد المسرحي العربي تبدو هذه المشكلة واضحةً يجب الوقوف عليها، وتنبيه النقاد والدارسين والمشتغلين في المسرح إليها، فهو يعاني من جملة معضلات واضطرابات تتعلق بكيفية التعامل مع المصطلحات النقدية أو توظيفها في قراءة وتحليل التجارب المسرحية (النصوص والعروض والظواهر). وكثيراً ما أدى الفهم المغلوط لتلك المصطلحات في الممارسات التطبيقية إلى الإساءة إلى هذه التجربة المسرحية أو تلك أكثر من الإسهام في تحليلها، أو استكشاف أبنيتها السيميائية وجمالياتها، أو شعريتها (بالمعنى الذي حدده جاكوبسن وتودوروف)، أي الخصائص التي تصنع فرادتها، وتهتك الستر عن خباياها، ما جعل من تلك المصطلحات، في أحيان كثيرة مجرد كيانات بلا ذاكرة ولا تاريخ ولا قيمة معرفية. من هذه المصطلحات، مثلاً: المسرح النسوي والمسرح النسائي، السيميائية وعلم الدلالة، الميتامسرح، التفكيكية، والمكان والفضاء (وهي غيض من فيض كما يقال). في ما يتعلق بـالمصطلحين الأولين كثيراً ما نقع على مقالات نقدية مكتوبة عن تجارب مسرحية تقف وراءها كاتبات ومخرجات وممثلات عربيات على أنها تنتمي إلى “المسرح النسوي”، وحين نشاهد تلك التجارب، ومن ثم نقرأ المقالات المكتوبة عنها، نجد أنها لا علاقة لها بـ “المسرح النسوي”، وإنما هي مما يُصطلح عليه بـ “المسرح النسائي”، الذي  يشير إلى نوع من النشاط المسرحي تقوم به نساء كاتبات ومخرجات وممثلات متمرسات أو هاويات. ويستند هذا التحديد إلى ما يحدث وراء خشبة المسرح، لا إلى ما يُقدَّم عليها، ولا يخلو بعض تجارب هذا النوع من المسرح، أحياناً، من رؤية ذكورية. في حين أن مصطلح “المسرح النسوي” يشير إلى التجارب المسرحية التي تحمل وجهات نظر نسائية بحتة تشكل محاولات لتحدي التقاليد المسرحية (الذكورية) التي تسعى إلى قولبة صورة المرأة، وتعكس الأبنية الاجتماعية التي تحصرها في الأدوار الثانوية والتابعة، أو تروج لها بوصفها قطعةً تزيينيةً” أو “شيئاً جميلاً. ومن الواضح أن تحديد هذا المصطلح يستند إلى ما يحدث على خشبة المسرح، أو ما يُقدَّم عليها من خطاب مسرحي ذي طابع نسوي. ويحدث العكس، أحياناً، أي نقرأ مقالةً نقدية عن عرض مسرحي نسوي بوصفه عرضاً “نسائياً”، لمجرد أن المؤلف أو المخرج امرأة.ركائز نقدية أما مصطلح “التفكيكية” فإنه كثيراً ما يُستخدم عن جهل في النقد التطبيقي وعلى المستوى الأكاديمي، في حين أن تفكيك عناصر العرض المسرحي شيء والمنهج أو النظرية التفكيكية في النقد شيء آخر لا يصح الخلط بينهما، فالركائز التي اعتنى بها دريدا في منهجه التفكيكي هي ركائز نقدية على غرار الركائز البنيوية أو السيميائية أو التأويلية، ولا نريد أن نحدد خصائصها، فبإمكان القارئ الرجوع إلى المصادر التي تبحث فيها.في هذا السياق نجد العديد من المقالات النقدية التي يشير فيها أصحابها إلى أنهم يهدفون إلى “تفكيك” هذا العرض المسرحي، أو هذا النص، أو ذاك، وما إن تنتهي من القراءة حتى تجد أن ما قدمه الناقد ليس إلا انطباعات، أو كتابة إنشائية تستخدم المصطلحات النقدية على نحو عشوائي، خالطة الحابل بالنابل.خلط عجيب ويخلط بعض نقاد المسرح بين مصطلحي “السيمياء” و”علم الدلالة”، فيستخدم الثاني في سياق تحليله للعلامات البصرية والسمعية في هذا العرض المسرحي أو ذاك، أو العكس، غافلاً عن أن “علم الدلالة” ترجمة لمصطلح “السيمانطيقا” (Semantic)، وهو علم لغوي يبحث في الدلالة اللغوية، ويلتزم فيه حدود النظام اللغوي والعلامات اللغوية، دون سواها، ومجاله: دراسة المعنى اللغوي على صعيد المفردات والتراكيب. ويمكن توظيفه، بالطبع، في دراسة النص المسرحي، في حين أن مصطلح “السيميائية” هو ترجمة لمصطلح ((Semiologyأو((Semiotics، ويشير تعريفه، بوصفه مقاربةً نقديةً للعرض المسرحي، إلى دراسة النسق العلاماتي للعرض المسرحي، وتحليل شفراته، والتركيز بصورة خاصة على بيان كيفية انتظام هذه العلامات والشفرات في أنساق دالة، والكشف عن مكوناتها، وآلية اشتغالها، وصولاً إلى استنطاق شعرية العرض. والأغرب من ذلك أن بعضهم يستخدم مصطلح “السيميائية” بمعنى “الرمزية”.عدم إدراك الحدود وينسحب الأمر كذلك على استخدام مصطلحات “الفضاء الدرامي” و”الفضاء المسرحي” و”المكان المسرحي”، وعدم إدراك الحدود الفاصلة بينها في التجربة المسرحية، فنقرأ عند هذا الناقد أو ذاك وصفاً أو تحليلاً للفضاء المسرحي بوصفه مكاناً مسرحياً! أو بالعكس نقرأ عن أشكال مختلفة من أمكنة العرض (مسرح علبة، مسرح دائري، مسرح هواء طلق… إلخ) بوصفها فضاءات مسرحية! في حين ميّز النقد المسرحي الحديث، بشكل عام، بين “الفضاء الدرامي” و”الفضاء المسرحي”  مقابل “المكان المسرحي”، على أساس أن الأول هو من نتاج مخيلة الكاتب المسرحي، ويُعدّ فضاءً مجرداً على القارئ أن يشيّده عبر مخيلته ليحدد من خلاله إطار تفاعل الحدث والشخصيات. وهو يحتاج إلى “مكان مسرحي”، أياً كان شكله وطرازه المعماري (خشبة مسرح علبة، مسرح دائري، مقهى، ساحة احتفال… إلخ) كي يتحقق ويصبح ملموساً، ويتمكن من عرض خصوصيته، أي يصبح “فضاءً مسرحياً”، وقد يكون أميناً، إلى حد ما، لما رسمه المؤلف في النص، أو مختلفاً كلياً عنه في الشكل (تعبيري أو رمزي أو تجريدي أو سوريالي أو واقعي). 

--------------------------------------
المصدر : شبكة أخبار العراق
تابع القراءة→

الاثنين، مايو 30، 2016

جماليات الأزياء المسرحية - دراسات نقدية جمالية في أزياء العرض المسرحي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الاثنين, مايو 30, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

 كتاب( جماليات الأزياء المسرحية _ دراسات نقدية جمالية في أزياء العرض المسرحي )من تأليف  اللأستاذ الدكتور حيدر جواد كاظم ألعميدي  أستاذ التقنيات المسرحية في قسم الفنون المسرحية / كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل  عن دار الرضوان للنشر والتوزيع في الأردن – عمان ومؤسسة الصادق الثقافية في العراق – بابل ، يقع الكتاب في 208 صفحة من القطع الكبير ، ويعد هذا الكتاب الثالث له بعد كتابيهُ ( تأويل الزي في العرض المسرحي ) و ( الأزياء المسرحية .....المضمون والدلالة في العرض المسرحي التاريخي ). 

ضم هذا الكتاب في ثناياه ، خمس دراسات ، عنوان الأولى منها : ( التاريخانية في أزياء العرض المسرحي ) ، والتي تم فيها قراءة الحدث التاريخي ، قراءة ممحدثة ، قراءة معصرنة ، من خلال الزي المسرحي ، من خلال إدماجه وتداخله ونقله للأفكار التاريخية والمعيشة في الحقب التاريخية الموغلة في القدم إلى الآنية المعيشة ( ها هنا الآن ) ، محققا ً مفهوم ( تاريخانية الزي ) في العرض المسرحي . مؤكدا ً الزي في العرض المسرحي على وحدة الانتماء ، وهذا الانتماء هو الذي يؤسس التاريخانية الأصيلة القائمة على الانتماء المتبادل بين الحقيقة التاريخية وحقيقة الفهم التاريخي . أما الدراسة الثانية ، فجاءت تحت عنونة ( التورية الزمكانية في أزياء العرض المسرحي ) ، والتي تم فيها قراءة المعاني المضمرة ، المستترة ، المسكوت عنها في خطاب الزي في العرض المسرحي والموارى عنها بالمعنى القريب . انطلاقا ً من إن الزي المسرحي يستبطن جدلا ً مستمرا ً بين الأوجه الخطابية أي السكت المسرحي ، مما يولد دلالات هي عبارة عن دورات أوجه خطابية ظاهرة ومحتملة تستلزم رتبا ً هرمنيوطيقية تأويلية وتفسيرية . لعب معنائي حر يتحرك ذهابا ً وإيابا ً على خشبة المسرح ، ممتلكا ً زمكانه الخاص في الحاضر وان كان يرتدى في عمل مسرحي قديم . أما الدراسة الثالثة ، حملت عنونة ( التواصلية في أزياء العرض المسرحي ) ، والتي تم فيها قراءة مفهوم المسافة الجمالية في الزي المسرحي ، الذي لايصوغ معناه بنفسه ، انه لايتألف ولا يتكون في دلالة عرضية – من العرض – إلا عن طريق فعل المشاهدة – التلقي – التواصل إذ يضع تفاعل الزي والمتلقي له في العرض المسرحي مسائل التلقي والتأويل في إطار أكثر سعة لقضية التواصل ، حيث المتلقي والتواصل يؤلفان عناصر قضية تواصلية أكثر سعة . في حين جاءت الدراسة الرابعة موسومة بـ ( دلالات ملمس الزي في العرض المسرحي ) والتي تم فيها قراءة
تابع القراءة→

الأحد، مايو 29، 2016

بيت المدى يحتفي بأحد رموز المسرح العراقي محسن العزّاوي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأحد, مايو 29, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

سنوات طويلة وتأريخ كبير ترك خلاله أثرهُ على خشبات المسارح التي مرّ بها ، في زواياها ، وجدرانها ، فجميعها باتت تحمل شيئاً من صداه وبعضاً من روحيته ، ليرفض البعض أنّ نسمّيه رمزاً مسرحياً ، مُعدّينه قارة تحمل الكثير من أبواب المسرح ومدنه التي تحتاج منّا  مفتاحاً سحرياً ليفتتحها ، فكان منجزُ رائد المسرح العراقي المخرج والفنان محسن العزاوي  جديراً بإقامة جلسة للاحتفاء به في بيت المدى صباح يوم الجمعة .

رسم خارطة المسرح العراقي
وقد ذكر مقدّم الجلسة جبار محيبس أنه "في الوقت الذي يصنع العراقيون اليوم ملحمتهم نعمل نحن  في خندق الإبداع والجمال على قيادة إبداعنا  وثقافتنا من خلال هذه الجلسة الأسبوعية المنتظمة لبيت المدى  ، حيث تخصّص هذا الاسبوع برواد المسرح العراقي ، وعلى رأسهم الرائد المخرج والممثل محسن العزاوي وهو من قادة الحركة المسرحية ومؤسسيها ، بل إنّ المسرح في عصره مرّ بأوج عطائه ." مؤكداً أنه " صاحب قيمة فنية كبيرة  في رسم خارطة المسرح العراقي."

الأبرز في المسرح العراقي 
  اللقاء الأول ، الصدفة الاولى تلك التي تجمعنا بحب وتترك أثرها في أرواحنا أبداً ، فمهما مرّ عليها من غبار السنين ، ومهما أمطرت عليها سماء الهموم لن  تُمحى ، فنعود لاستذكار ذلك اللقاء بعد سنوات طوال ، وهذا ما ذكره المخرج المسرحي سامي عبد الحميد حين تحدث عن محسن العزاوي قائلا " لقائي الاول بالعزاوي كان عام 1966 ، وقتها كنت رئيساً لقسم المسرح في دائرة السينما والمسرح ، وشاركني العزاوي مسرحية " الحيوانات الزجاجية " وقد جسّد شخصية رئيسية في المسرحية وكان تمثيله شفافاً ورقيقاً راقياً ." شهادةٌ يجد عبد الحميد أن من واجبه البوح بها بحق العزاوي كمخرج قائلاً " إنّ محسن العزاوي مخرج رائع نجده قد تناول كل الاعمال المسرحية ، وخصوصاً في ما جسده وتناوله من مسرحية " طنطل " لطه سالم ." ويؤكد عبد الحميد قائلاً " لابد أن نذكر أن العزاوي كما هو ناجح في الإخراج فهو ناجح جداً في إدارة الكادر والحدث والعمل المسرحي ." وعمّا قدمه العزاوي من مسرح كوميدي شعبي واستعراضي يذكر عبد الحميد " أن أرقى كوميديا شعبية عراقية قُدمت كانت على يد العزاوي ، فلو نذكر مسرحية " دعوة بريئة للحب " نجد أنها كانت مثالاً للمسرحية المهذبة الرشيقة ،ولأول مرة مثل فيها الفنان عزيز خيون تمثيلاً لا مبالغة فيه ، وقد عُدّت بحق كوميديا راقية عكس كل ما يُقدّم اليوم من مسرح كوميدي مبتذل." وأكد عبد الحميد قائلاً " يجب أن نذكر أن الفرقة القومية والوطنية للمسرح العراقي مرّت بقمة تألقها وعطائها على يد محسن العزاوي ،لذلك علينا أن نطالب ببقاء العزاوي كمدير للفرقة القومية والوطنية للمسرح العراقي ،لأن هذه الفرقة يجب أن يقودها الشخص الابرز في المسرح العراقي ."   

التجربة الجيكيّة 
تعوّد المسرح العراقي على دراسة التجارب الانكليزية والامريكية ، وقد مارس التجارب البريطانية والامريكية والالمانية في المسرح ، ولكن ما فاجأ المسرحيين أن يمارسوا التجربة الجيكسلفاكيّة ، وهذا ما تحدث عنه الكاتب المسرحي د.عقيل مهدي عن التجربة التي جاء بها محسن العزاوي للعراق قائلاً  "  إن العزاوي مثل طليعة من المسرحيين الكبار في العراق الذين اقترب عندهم التجريب بالمحلية بقضية المسرح الذي سميناه بـ "الاحتفالي" ، فهو جعل منه بوابة مهمة للمسرح العراقي التي تتعلق بالجانب الرأسمالي ، وفجاءنا بتجربة المسرح الجيكسلفاكي التي أهدتنا الكثيرين من كبار الادب والثقافة والفن العراقي أمثال فخري العقيدي ، عادل كوركيس ،سليم الجزائري بعد أن تعودنا على تجارب  مسرح لندن وأمريكا وألمانيا ."  وأضاف المهدي قائلاً " وبما أن العزاوي وليد التجربة الجيكسلفاكية فنجده يجنح إلى الجانب الموسيقي بشكل منفتح ، ولم يكن يتعمق في شخصيات أبطاله بل حاول طرح الشخصيات بشكل تقديمي ملحمي.

المفتاح السحريّ والتصميم العماريّ 
قد تُشبّه التجارب المسرحية بالتصاميم المعمارية وبقاموس المخرج المسرحي صلاح القصب ، الذي استذكر المعمارية الراحلة زها حديد من خلال جلسة محسن العزاوي ، ذاكراً " أن التجربة أو المحيط الذي تحرك به الفنان المصمم المعماري محسن العزاوي أشبه بما قدمته المعمارية زها حديد ، ففي الوقت الذي يتّبع جميع المعماريين قواعد منسوخة ومتشابهة من خلال هيمنة العمارة والخطوط المستقيمة السطوع واستخدام الموروث ، نجد أن زها حديد اخترقت هذه القواعد المستنسخة ، وهذا بالضبط ما ينطبق على المخرج المسرحي محسن العزاوي الذي نجده  قد اخترق القواعد المسرحية واقتحم موج التيار المسرحي الخطير، وهذا النوع  من المسرحيين مَن يبحث عنهم المسرح ." 

خفايا حياتي 
لم يشأ المحتفى به المخرج والممثل العراقي محسن العزاوي الحديث عن شأنه المسرحي ، وفضّل الحديث عن بعض من خفايا حياته الشخصية ذاكراً " سمّيتُ محسن من خلال جارتنا اليهودية ، ودرست الابتدائية وفي هذه المرحلة لم تكن لي ميول مسرحية ، أو لم أكن مكتشفاً هذا الميل ، ولكن في هذه المرحلة خصّني الأستاذ عبد الرحمن والد الفنانة سناء عبد الرحمن بقراءة قصائد الرصافي وغيره من الشعراء في إحدى المسرحيات ، وبعدها جسدت دور المرأة في مسرحية خاصة بالمنفلوطي ، حيث كانت الحاجة ماسّة لمن يجسّد دور امرأة ، وقد استنجدوا بأخي عدنان الذي كان متفتحاً على الظواهر الثقافية والفنية وهنا جسدتُ هذا الدور ". وخلال مرحلة الابتدائية تعرف العزاوي على كبار الأدباء والمفكرين الاجانب أمثال دستوفيسكي وتولستوي وغيرهم من خلال إسناد مهمة تنسيق الكتب في المكتبة المركزية ذاكراً " كنت أتناول طعامي وأنا منكبّ على هذه الكتب ، مهلي بقراءاتي ." المرحلة المتوسطة كانت بداية تنبه العزاوي لخطورة المسرح وجماله وحساسيته الفنية ، وهذا ما دفعه للمجيء إلى بغداد ودخول منافسة أمام لجنة مقيّمة له برئاسة الراحل حقي الشبلي ، ويذكر العزاوي " نتيجة إدراكي مدى أهمية التمازج والتفاعل بين الفرد والمسرح اتجهت إلى بغداد حيث لم أكن أملك إمكانية ولا لباساً لائقاً بالمقابلة إلا إنني استلفتُ مالاً من أخي وبدلة من جاري وقدّمت عرضاً صغيراً أمام اللجنة وقد وافقوا على أدائي ، وشكلت هذه النتيجة فرحاً عظيماً وانتقالة كبيرة لي ." هنالك سرّ حول ميل العزاوي للاستعراض والموسيقى في عروضه المسرحية ، وهنا يذكر العزاوي كاشفاً هذا السر " اهتممتُ جداً في الموسيقى بأعمالي ، ذلك أني كنت أدرس في معهد الفنون التذوّق الموسيقي ، فوجدته فعالاً ومهماً في العروض ."

مسرح العمال 
جلسة تضجّ بمداخلات الحاضرين الذين تميزوا بكونهم من نخبة المسرح العراقي ، فيذكر السينوغراف بشار طعمة قائلاً " اكتشفني العزاوي من خلال اهتمامه بمسرح العمال ، حيث خرّج هذا النشاط عددا كبيرا من المسرحيين المميزين ، وقد اكتشف العزاوي موهبتي في السينوغراف والإضاءة ، كما أن الروائي حميد المختار كان واحداً من اكتشافات مسرح العمال ."  وأضاف طعمة " بعد أن ولدت موهبتي على يد العزاوي وتطورت ، شاركته في الكثير من الاعمال المسرحية مثل " البيتونة " وأيضاً شاركنا في الكثير من المهرجانات في العراق ، منها مهرجان بغداد الدولي."
البوّابة 
لم يكن بشار طعمة الوحيد الذي تأثر بفن العزاوي ، فهنالك من كان غافلاً عن المسرح ليكتشفه من خلال متابعة مسرحيات العزاوي أمثال الأستاذ والاكاديمي حسين علي هارف الذي ذكر " تعلمتُ الكثير من مسرح العزاوي رغم أنه لم يدرسني في قاعات الدراسة ، إلا أنه كان مِن ممثلي العراق المفضلين لديّ ، لأنه شامل وديناميكي يحاول من خلال اعماله نحت أداء الممثلين ، كما أنه مولع بالموسيقى والحركة في عروضه ." ويضيف هارف " لم أكن أفكر بميلي إلى المسرح ولكني مع بدء متابعاتي للعروض التي قدمها العزاوي وأخرجها أصبحت أفكر بهذا الفن العظيم الذي يحمل الكثير من العمق والذكاء والتميز.

الوسيط السينمائيّ
 في المسرح 
وعن دخول عالم المسرح ، وتواجد العزاوي في هذا العالم الكبير يذكر الفنان سعد عزيز عبد الصاحب أن " الحديث عن العزاوي طويل ، فالعزاوي لم يأتِ فارغاً من مدينته ولا هاوياً كما لم يتبع مزاجه في عشق المسرح ، بل جاء محملاً بالكثير من الاعمال والافكار المسرحية التي أضافت إلى المسرح العراقي." ويضيف عبد الصاحب " تميز مسرح العزاوي بنصوصه وتقاناته وخيالاته العميقة ، كما أنه من الأوائل الذين اشتغلوا على الوسيط السينمائي في المسرح وهي اختراع واحتكار يحسب له ويسجل باسمه ."

 المسرح الكوميديّ
الكثير من المسرحيين العراقيين سواء أكانوا أكاديميين أو تدريسيين أو رواد المسرح من مخرجين وممثلين يعدون تجربة العزاوي هي الأكثر تميزاً في تأريخ المسرح العراقي ، حيث يؤكد المسرحي زهير البياتي " أن تجربة العزاوي باتت من التجارب المهمة والمميزة في مجال المسرح العراقي ، وخصوصاً في مجال المسرح الكوميدي الذي بات اليوم يعاني من اهمال وابتذال ، في حين أن العزاوي - ويجب أن لا نغفل عن هذا - هو من أهم من قدم مسرحاً شعبياً كوميدياً ."


-----------------------------------------------------
المصدر :  زينب المشاط تصوير/ سلام صبري - المدى 

تابع القراءة→

الجمعة، مايو 27، 2016

" المسرح المتوهج وفيزياء الصورة " أطروحة دكتوراه

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, مايو 27, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

تمت  مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة «المسرح المتوهج وفيزياء الصورة» للباحث المسرحي جبار محيبس مجيد نهير المياحي على قاعة الدراسات العليا لقسم السمعية والمرئية في كلية الفنون الجميلة في الوزيرية، وتألفت لجنة المناقشة من الدكتور عقيل مهدي يوسف رئيسا، والاستاذ المتمرس دكتور صلاح القصب مشرفاً وعضوية الأستاذة رياض شهيد وعبود المهنا ومحمد علي كاظم وجاسم كاظم عبد.
والرسالة تتمحور حول  فيزياء الصورة من خلال رؤية المسرح متوهجا وبصوره المختلفة 
وجدير بالذكر ان المخرج والكاتب جبار محيبس نال شهادة الماجستير عن رسالته الموسومة «المغايرة في تجارب المسرحيين الشباب في العراق»،  اخرج وكتب العديد من الأعمال المسرحية التي كانت تثير جدلا في المسرح العراقي الذي وصفه محيبس بالمسرح المغيّب قائلا:»لـ (ايلاف): لديّ مشروع عمل اسمه (الفرار) تأليف الكاتب الصيني الحائز على جائزة نوبل للاداب عام 2000  غاو سينجيان،تتحدث عن ظروف مشابهة للظروف التي يعيشها العراق مع فارق معروف، اثنان من الشخصيات يهربان من مظاهرة فتلاحقهم الكلاب ورجال البوليس فيختفيان في احد الهياكل،فيدخل عليهما رجل هو الاخر ملاحق ايضا ولكن ليس من المظاهرة، بل تم اخباره عن طريق الهاتف في بيته انه ان بقي في البيت سيقتل،وهكذا نجد  ان ظروف المسرحية تشبه ظروفنا.
واضاف: لدي فكرة ان اقدمها ضمن مساحة تتجاوز الثلاثة كيلومترات، بدء من مدخل شارع الرشيد / سوق هرج الى تمثال الرصافي، وكل البيوت والمناطق تشارك بها، بمعنى ان كل طابوقة في تلك المنطقة من الممكن ان تشارك بالاشتراك مع النهر والجسور.
وتابع: هي اشبه بمظاهرة غريبة سريالية ملحمية فيما لو توفرت النية الصافية والصادقة لدى الجهات المعنية لتوفير فرصة عمل لتحقيق هذا المشروع.
وأوضح: المسرحية عمل كوني يشارك فيه الناس من اصحاب المحال التجارية والاكشاك والمساجد والكائس والبيوت المحترقة،وهو تجسيد لعنوان اطروحتي (المسرح المتوهج في الصورة المسرحية)، هو مسرح جديد لكنه يستند الى تجارب عالمية بشكل او بآخر، ملحمي طقسي وديني، فيه اسرار وحكايات في غرائبية وفيه صدمة ودهشة وفيه مسرح الشارع وما بعد مسرح الشارع،فيه كل شيء، واتمنى ان تكون فعلا تظاهرة ليأتي الجميع ويشاهدها اذا ما توفرت النية الصافية لانتاج هذا العمل والذي رغم محدودية شخصياته الا اني اميل الى الصورة المدهشة والكبيرة،
واستطرد جبار قائلا: ما زال العمل مؤجلا ولا زلت ابحث عن جهة شريفة تتبنى العمل،فالاعمال المسرحية تمنح للعلاقات والمؤسسات ولا اخفيك ان افلاما ومسرحيات منحت لاشخاص لا علاقة لهم بالكتابة ولا بالاخراج، وهناك مخرجون اصبحوا تحت مؤثرات السوق،اما الابداع فحال الضيم حاله،
واضاف: ابحث عن تنفيذ هذه الفرصة مثلما فعل استاذي الكبير الدكتور صلاح القصب الذي ما زال يبحث عن جهة منتجة لعمله (ريتشارد الثالث عشر) منذ اكثر من ثلاثة عشر عاما،ولا اعتقد ان دائرة السينما والمسرح ستتبنى هكذا عملا، لانها دائرة ينجح فيها السماسرة والمرابون ولا استطيع ان اتلفظ بالفاظ اخرى لانها ليست من تربيتي، دائرة تبنت شخصين هما جزء من انتاج المرحلة السابقة وما زالت تغذيهم حتى تكاد تفرغ البلد من اسمائه.
وختم جبار محيبس حديثه بالقول: المسرح العراقي الان يراوح في مكانه، ليست هناك قفزة ولا صدمة ولا دهشة ولا ابهار ولا تجديد، هناك كلمة للينين يقول فيها (ان اخلاق الشارع انعكاس لاخلاق السلطة)،والوضع الان مغيم والمسرح مغيب وسيطرة قوى ظلامية على المشهد المسرحي والثقافي وبالتالي نحن بحاجة الى التغيير.

تابع القراءة→

الخميس، مايو 26، 2016

'وفاة بائع متجول' .. آخر نموذج كلاسيكي للمسرح الحديث في القرن العشرين

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية آرثر ميلر تتناول موضوع الصراع بين الأجيال بشكل عكسي، موضحة عدم تقدير جيل الشباب أو الأبناء، لتضحيات الآباء.


رغم أن آرثر ميلر كتبها عام 1949، إلا أن مسرحية "وفاة بائع متجول" لا تزال تسيطر على ذهن كل مفكر في العالم، وكل مهتم بالدراما وبالمسرح.

تتناول مسرحية آرثر ميللر "وفاة بائع متجول" موضوع الصراع بين الأجيال بشكل عكسي، موضحة عدم تقدير جيل الشباب أو الأبناء، لتضحيات الآباء، أو الجيل الذي سبقه. وهذه المسرحية حصلت على جائزة "بوليتزر" و"جائزة نقاد الدراما" الأميركية، التي منحت لها، وترجمت إلى أكثر من خمس وعشرين لغة.

ففي الوقت الذي حرق فيه محمد البوعزيزي نفسه أمام السلطات الغاشمة التي تحاصر وضعه الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، فإن السلطات العربية الحاكمة، بشكلها التقليدي التسلطي القديم النزعة والتفكير، لم تُقدِّر تطلعات الشباب العربي، الباحث عن لقمة العيش، والكرامة الإنسانية، والعزة الوطنية، والدفع الحضاري، الذي حققته مختلف شعوب العالم، بينما بقي الوطن العربي، الغاصّ في الذهب الأسود النفطي، يتراجع إلى الوراء، نجد أن العكس هو الذي يحصل في هذه المسرحية، إذ أن الجيل الجديد هنا هو الذي لم يقدر تضحيات الجيل القديم ونضاله لخلق المعطيات الجديدة، التي يتمتع بها الجيل الجديد.

ودعني أقدم لك موجز قصة المسرحية، بطريقتي الخاصة، أن "ويلي لومان" أب يعمل بائعاً لأدوات مطبخية، متجولاً بعربته في الشوارع، فتجده يحقق إيراداً مالياً، يجعله يشتري لأسرته بيتاً صغيراً، فيه معظم مستلزمات العيش. بحيث يدفع ثمنه بالتقسيط، لمدة خمس وعشرين سنة.

يتخيل الأب أنه بعد هذه المدة الطويلة، سوف يتخرج أولاده من الجامعات، ويعملون في مهن مرموقة، ويتحملون مسؤولية العائلة، فيتقاعد الرجل ويعيش بقية حياته بين أبنائه الذين سيفرح بهم، ويعتمد عليهم، وبالمقابل هم سيفتخرون به لتحقيق هذه الإنجازات الرائعة، فيعيشون معاً بسعادة تامة، حققها الأب بعمله بائعاً متجولاً.

ولكنه بعد الخمس والعشرين سنة، التي تنتهي فيها أقساط البيت، يجد أن البيت قد صار قديماً، فتصدع وتداعت جدرانه، وأن الثلاجة والغسالة وأدوات المطبخ والجلوس صارت مهترئة.
وعندما يجلس مع أولاده الذين صاروا مهنيين متطورين، خاصة عندما يكون أحدهم مع زميله الجامعي، فيتحدث معه حول آخر مستجدات الهاتف المحمول، أو مخططات العمارات، أو العمليات الجراحية بالليزر، أو بالروبوت، وعن اتصالات الإيميل والفيس بوك والوتس أب وسكايب وغيرها كثير لا حصر له من التقنيات الحديثة، نجد الأب بالمقابل يتحدث معهم عن أدوات المطبخ، التي يبيعها بعربته المتجولة في الشوارع، وأن الصحون البلاستيكية ارتفع ثمنها، والقلايات الحديثة صارت لا تلصق أبداً.

وهكذا وجد الأبناء أن أباهم (دَقّة قديمة)، مما صار يخجلهم وجوده معهم بحضور رفاقهم، فطلبوا منه أن لا يجلس معهم عندما يكون مع أحدهم صديق، أو زميل.

ولهذا يُحبط الأب الذي كان يعتقد أنه حقق أهدافه بالبيت والأولاد، فاكتشف أن البيت صار خرباً، والأولاد صاروا لا يستنظفون الجلوس مع أبيهم، وأنه قد عاد إلى مرحلة الصفر من جديد.

لم يكن أمامه إلا أن يقوم، فيُحمِّل عربته بأدوات المطبخ، ويعود للشارع، يصيح بأعلى صوته منادياً ليبيع كما كان يبيع من قبل، فيتحدث مع معارفه وزبائنه في الشارع، وهم كثر، واستمر يدفع عربته هكذا، إلى أن وجدوه ميتاً في أحد الأزقة.

وعلى كل حال، فإن هناك تدافعاً بين الأجيال، فالآباء لا يفهمون الأبناء، والأبناء يريدون أن يتخلصوا من جيل الآباء، لتكون الحياة لهم وحدهم، ولتحقيق رغبات الأبناء في العيش بسعادة من دون ولي أمر.

وتقول بعض التحقيقات في قضية الوفاة أن الأب "ويلي لومان" لم يمت ميتة طبيعية، بل إنه هو الذي دفع نفسه للعمل الشاق وهو العجوز المريض المتحرك في الشوارع، تحت شظف العيش، إنما يكون قد قام بالانتحار، من أجل قيام أبنائه المأزومين اقتصادياً، باستلام مبلغ تأمينه على الحياة، من شركة التأمين، مضحياً بنفسه لأولاده، وذلك للحصول على احترام أولاده، ومحبتهم وتحقيق سعادتهم، ذلك الاحترام الذي لم يستطع الحصول عليه وهو عائش بينهم ويخدمهم، فقرر أن يحصل على احترامهم بالوفاة، وترك الحياة نظيفة أمامهم من أية أشياء قديمة تنغص عليهم متعة اللهو والسعادة.

وعلى الصعيد الوطني أو السياسي البوعزيزي، فإن أولياء الأمور من الحرس القديم لا يريدون أن يخلعوا، ويتركوا الطريق للجيل الجديد، أو على الأقل، كما يقول المثل: "مُرّ، ودعهم يمرون".

وهكذا يستمر الصراع بين القديم والحديث، بصور شتى، صارت تتصدرها المظاهرات الشعبية، بما يقابلها من الكبت الحكومي. فاحترنا كيف نتفاهم.

وهذه المسرحية لآرثر ميللر، المتوفى سنة 2005، والذي عُرف بمزجه للرمزية مع الواقعية في مسرحياته الاجتماعية، وهي عديدة، تعتبر أكثر المسرحيات الأميركية شهرة، وهي تدرس الآن في مختلف أنحاء العالم، بصفتها آخر نموذج كلاسيكي للمسرح الحديث في القرن العشرين.

---------------------------------------------
المصدر : صبحي فحماوي - ميدل ايست اونلاين 
تابع القراءة→

أخلاقيات النشر الصحفي في المسرح / د. محمد حسين حبيب

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية


    نشرت صحيفة المدى العراقية في عددها 3551 بتاريخ 19/1/2016 وفي صفحتها الثانية عشر - مسرح - مقالا بعنوان ( الاشتغالات التقنية لمسرح ما بعد الدراما ) لكاتبه ( بشار عليوي ) .. ولا نحتاج اليوم الى ثمة ممهدات ما تتعلق باهمية الاخلاق الصحفية لاي ناشر والامانة والمصداقية التي تفرضها على الصحفي هذه المهنة الشريفة والتي من شانها ان تهدم كيانات برمتها اذا خرجت عن مسارها الاخلاقي اوالعلمي .. مباشرة ساسوق للقارىء الكريم مجموعة ملاحظاتنا عن هذه المقالة وعملية السطو على حقوق الاخرين التي بدت واضحة في المقالة السالفة الذكر .. وهي : 1- اخر سطرين ونصف نهاية مقالة عليوي مسروقة نصا من ( فاطمة اكنفر) ومن مقالتها  المنشورة في موقع الحوار المتمدن بعنوان ( مسرح ما بعد الدراما واستراتيجية تقويض المعايير درامية التقليدية ) الرابط :  http://m.ahewar.org/s.asp?aid=475510&r=0&cid=0&u=&i=0&q= 
2 - ومن مقالة الناقد (عواد علي) الموسومة (التجريب المسرحي وما بعد الحداثة ) والمنشورة في موقع رصين الالكتروني  - الرابط : http://rasseen.com/art.php?id=e05f9ee88d2bd6567cd34c66db3446be3c4e101f
ونقطة 3 اعلاه من مقالة عليوي نصها : (( ان العرض المسرحي ما بعد الدرامي شيء يحدث بصورة دائمة دون نهاية يتأرجح بين الحضور والغياب , وبين الزعزعة والتكريس , ويتبلور في شكل تساؤلات تشكك في كل الحدود والكلمات .)) ... هي منقولة نصا من (عواد علي) . مع تغيير الكلمة الاخيرة فقط لتكون ( الكلمات ) بدلا عن ( الممكنات) . --- كذلك نقطة 4 نصا من عواد علي ايضا .. واليكم بعض من نص مقالة  الناقد (علي) من موقع (رصين ) والمنقولة اصلا عن صحيفة الراي بحسب اشارة الموقع : ((التجريب المسرحي وما بعد الحداثة .. الراي - عواد علي - رافق التجريب المسرحي، بمفهومه العام، فن المسرح منذ نشأته في الحضارات القديمة؛ فالممثل اليوناني ثيسبس، الذي طور الأناشيد الديثرامبية -تلك التي كان المنشدون في الاحتفالات الدينية الطقسية يمجدون بها الإله ديونيسوس- إلى عرض مسرحي "مونودرامي"، من خلال عربته الجوالة، كان مجرباً.
والشاعر الدرامي أسخيلوس، الذي أضاف ممثلاً ثانياً، وطوّر الفعل الدرامي، كان مجرباً.
وسوفوكليس، الذي أضاف ممثلاً ثالثاً، كان مجرباً، لأنه عمّق عناصر البناء الدرامي، ووسع آفاق العرض المسرحي. .... )) الى ان يصل الناقد عواد علي في نهاية مقالته بالقول : (( العرض المسرحي ما بعد الدرامي، شيء يحدث بصورة دائمة من دون نهاية، ويتأرجح دائماً بين الحضور والغياب، وبين الزعزعة والتكريس، ويتبلور في شكل تساؤلات تشكك في كل الحدود والممكنات، بل يهدد الشروط التي يضعها هو نفسه لتحققها وتعريفها. إنه يتحقق في صورة سلسلة من المراوغات القلقة المتقلبة للتعريفات والقواعد، على حد تعبير الناقد الأميركي مايكل فريد، وعدم استقرار أو ثبات المعنى، وفي تدعيم عوامل الاختلاف والتناقض.
من خلال متابعتنا للمسرح العربي، مشاهدةً وقراءةً، خلال ثلاثة عقود، نجد أن العروض التجريبية الناضجة للمخرجين العرب تتركز في عدد محدود من البلدان العربية، التي ظهرت فيها تجارب مهمة حمل بعضها منحى حداثياً، ولامس بعضها الآخر أفق ما بعد الحداثة.
وتجلت مظاهر ذلك التحول في تغيير بنية الخطاب المسرحي التقليدي، وابتكار أشكال ورؤى وتقنيات أدائية جديدة على المسرح العربي، خصوصاً تلك التجارب التي توجهت إلى الإعلاء من سلطة "التلقي" برؤية معاصرة، مجردةً النصوص التي اشتغلت عليها من سياقاتها الأدبية، ومُقْصيةً مبدأ المماثلة، ومحاوِلةً الاقتراب إلى صياغات تشكيلية، بصرية للخطاب المسرحي، وإطلاق العنان للتخييل الحر، والانزياح عن الإطار المرجعي، إذا جاز لنا أن نستعير هذا المصطلح من نقد الشعر، وإضفاء منحى تركيبي غامض على شبكة العلاقات بين الشخصيات والمَشاهد والثيمات وعناصر التعبير الجسدي، بجعلها تتداخل بعضها مع بعض، بحيث يجد المتلقي نفسه أمام دهشة والالتباس يرغمانه على المشاركة في إنتاج البنية الدلالية للعرض المسرحي، أو تأويله. )) انتهت مقالة الناقد عواد علي . مع ملاحظة ان السطور التي اسفلها خط هي السطور المسروقة في نقطة 3 و 4 من مقالة عليوي .
4 - سطور عليوي هذه من مقالته اعلاه نفسها  : (( فإن الوسائل المسرحية المستعملة لا تخضع لاختيارات تراتبية بما في ذلك " العلامات " ومادامت قاعدة هذا المسرح هي اختراق المقولات، فإن المتفرج يجد نفسه " غارقاً " في هذه العلامات. )) ...  منقولة نصا من مقالة (د. حسن المنيعي) - عنوانها ( المسرح العربي ما بعد الدراما ) موجودة بعد هامش رقم 6 في مقالة المنيعي - والمنشورة في موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثالث - عبر الرابط الالكتروني : http://theaterarts.boardconception.com/t336-topic 
وكذلك السطور الاخيرة من مقالة عليوي- مسروقة نصا من (د. المنيعي) ايضا - تحت عنوان ( بعض مواصفات مسرح ما بعد الدراما ) ... علما ان (المنيعي) قد اشار الى مصادر اقتباساته عن (هانز ليتمان) هامش رقم 2- وهي موجودة في مقالة المنيعي - الهوامش تاكيدا على امانة المنيعي العلمية والبحثية والمصداقية . 
5 - وكذلك سطور عليوي هذه : ((إن مسرح ما بعد الدراما هو  طقس/ شعيرة يسعى إلى تغيير المتفرج، لأن الفضاء المسرحي يتحول إلى استمرار للواقع , وهو مسرح ملموس يعرض نفسه فنّاً في )) مسروقة نصا و ايضا من مقالة الدكتورحسن المنيعي نفسها . 
6 -  وكذلك سطور عليوي هذه : ((, يُمكن القول أن وجود "مسرح ما بعد الدراما " ليس  نَفْياً للمسرح الدرامي الذي يظل حاضراً في الأشكال الجديدة التي تتبلور انطلاقا من بنيته العامة , بل انه مسرح لا يهتم بالصراعات بقدر ما يهتم بوسائل التعبير وتنوعها والزمن هو المركز في العمل المسرحي، وهو فن ممدد يعكس حالة ويتعارض مع الزمن الغائي الذي  يقوم عليه المسرح الدرامي , ومسرح لا يرتكز على مبدأ " الحدث " و " الحكاية " وإنما يقدم موقفاً أو حالة، كما أن الفضاء يعد فيه عنصراً فاعلا لا محايداً )) .... مسروقة نصا من مقالة د. حسن المنيعي نفسها . .. ويمكن للقارىء الكريم مراجعة جميع اشارتنا ومصادرها المثبته اعلاه ضمن روابطها الالكترونية وهي مواقع معروفة ومتداولة وتنشر لاسماء نقدية وبحثية معروفة ايضا . 
اضافة : اما المبادىء التسع الاخيرة التي جاءت في نهاية المقال فهي مسروقة نصا من ( بانوراما المسرح مابعد الدراما - هانز تيز ليمان - مجلة فصول ع 73 - 2008 - والشكر يعود لتذكيرنا بها الفنان عباس رهك حينما قدم عنوان وخطة بحثه ولقد اعتمد رهك على هذه المبادىء ذاتها في مشروعه البحثي للدكتوراه في موضوعه عن مسرح ما بعد الدراما . 
تابع القراءة→

'ملوك الحرب' ثلاث مسرحيات في مسرحية تسائل ثيمة السلطة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية
كيف يمكن للحاكم أن يحكم بلدا في ظرف عصيب صاخب بالتمرد والدسائس والحروب؟ تلك فكرة مسرحية “ملوك الحرب” التي استوحاها المخرج الهولندي إيفو فان هوف من مسرحيات شكسبيرية ثلاث هي “هنري الخامس” و”هنري السادس” و”ريتشارد الثالث”، وصاغها في شكل مسرحيات متسلسلة، وقد حازت الإعجاب عند عرضها مؤخرا على مسرح “شايو” بباريس، رغم طولها (أربع ساعات ونصف) وعقبات دبلجة لغتها الهولندية إلى الفرنسية.


ما المراد بالحكم؟ وما هي هذه الحرفة الغريبة التي تتمثل في أن يمسك المرء بين يديه مصير بلد ومصائر ملايين من البشر؟ وما هي السبل الكفيلة بممارسة السلطة بطريقة عادلة وفعّالة؟ هذه الأسئلة التي شغلت شكسبير في زمنه، يعيد المخرج الهولندي إيفو فان هوف طرحها في مسرحية “ملوك الحرب”، التي عرضت مؤخرا على مسرح “شايو” الباريسي، لمساءلة طبائع الحكم في زمننا الحاضر، على ضوء سير ملوك إنكلترا الغابرين على امتداد قرن.
إيفو فان هوف، الفلمندري ذو الثمانية والخمسين عاما، الذي كنا قدمنا لقرائنا الكرام إخراجَه لمسرحية أرثر ميلر “منظر من الجسر”، هو صاحب فرقة “تونيلغروب” بأمستردام، عُرف بميله إلى الأعمال الكلاسيكية مثل مسرحيات شيلر وكوشنر علاوة على شكسبير، مثلما عرف بأسلوبه في معالجة تلك الأعمال بالاستفادة من تقنيات السينما عند أبرز أعلامها كبرغمان وكسّافيتس وأنطونيوني وفيسكونتي، ولكنه لا يحصر نفسه فيها، بل يتعامل أيضا مع الجديد المستحدث كإخراجه منذ بضعة أشهر في نيويورك الكوميديا الموسيقية “لازاروس” لدفيد بووي.


السلطة واللذة

في عمله الجديد “ملوك الحرب”، يستمد فان هوف من شكسبير سير ثلاثة ملوك إنكليز، مختلفي الطبائع والمصائر، ويعرضها في شكل مسلسل تاريخي درامي ليسائل ثيمة السلطة في ظرف تستعر فيه الحروب والنزاعات والمؤامرات، فيقدمهم في حالات انتصارهم وانكسارهم، ويصورهم وسط الصخب والعنف، وفي أوقاتهم الحميمة، وهم يواجهون ضغوطا قوية من جرّاء أزمات لا حلّ لها أحيانا.

كل ذلك يأتي في ثوب عصري، حيث شاشة عريضة تعتلي الخشبة تعرض أفلام فيديو وشعارات ومقالات وردودا على السكايب، وصوت إذاعة لندن يعلو بين الحين والحين. وحيث الأحداث تدور في ما يشبه غرفة قيادة عمليات حربية تخلق جوا من العنف والترقب، والأبطال في ألبسة عصرية يرددون خطابا شكسبيريا كلاسيكيا، وفي الخلفية موسيقى تتراوح بين الأغاني الباروكية والألحان الرومانسية والأناشيد الجنائزية، دون أن يُفقد هذا الخليطُ المسرحية دلالتها العميقة، وهي أن التاريخ يعيد نفسه وإن بدا الزمن متشظيا، وأن الصراع على السلطة دائم لا يزول، وأننا نشهد، من خلال ما تنتهي إليه المسرحية، ما نعيشه اليوم في

جهات كثيرة من العالم من عسف وجور واستبداد وتعطش إلى سفك الدماء، إشباعا لرغبة متأصلة لدى الإنسان في الوصول إلى السلطة، أوليست “ألذّ من اللذّة” كما يقول الجاحظ؟

أبطال في ألبسة عصرية يرددون خطابا شكسبيريا كلاسيكيا، وفي الخلفية موسيقى تتراوح بين الأغاني الباروكية والألحان الرومانسية
وخلافا لما يوحي به العنوان، ليست الحرب في حدّ ذاتها هي التي تسترعي اهتمام فان هوف، بل ما يجري في الكواليس أثناءها، وقبل اندلاعها وبعد وضع أوزارها، إذ يتساءل، كما تساءل من قبله شكسبير، كيف يمكن أن يتحول بلد يشهد حالا من الازدهار والاستقرار، كما كانت إنكلترا خلال القرن الخامس عشر، إلى بلد تهزه الاضطرابات والقلاقل، وتستشري فيه حروب مدمرة، وصفها توماس هوبز بحرب الجميع ضد الجميع، وما دور العامل البشري في تلك الفوضى.


ثلاثة سلوكيات

في نسق سريع، وفضاء يذكّر بغرفة الحرب اللندنية التي كان تشرشل يقود منها حربه ضد ألمانيا النازية، يحلل فان هوف ثلاثة سلوكيات، أو لنقل ثلاثة محركات فعل ممكنة، الأول هو العقل، مع هنري الخامس الذي سوف يفرض نفسه بفضل ذكائه وبعد نظره وإحساسه بالمسؤولية، وبالتضحية أيضا.

فرغم قلة خبرته، استطاع أن يصون مصالح بلاده بالزواج من فرنسية من السلالة الملكية هي كاترين دو فالوا كي يضمن السلام لمملكته، ويصونها من العدوان، ويخصص جهده لمواجهة الطامعين في عرشه، فهو أول الملوك وأفضلهم، ذلك الذي نظر إلى الحكم كقدر ومهمة.

والثاني هو القلب، ممثلا هنا في هنري السادس، الملك الورع الذي تمنعه طيبته، وسذاجته أيضا، من تبين الدسائس التي تحاك حوله، سواء من بطانته أو من زوجته، ويبذل قصارى جهده في الحفاظ على سلامة الحرمة الترابية لمملكته قبل أن يزاح عن الحكم.

والثالث هو اليد، ممثلة في ريتشارد الثالث، الولد الفظ الذي كان يفتقد في صغره للعطف والحنان، فلما كبر قرر الانتقام من كل من حوله، فمضى يشبع تعطشه للنفوذ كي يبطش بكل من يخالفه الرأي، حتى أخيه هنري السادس، في عملية خنق مرعبة لم يتجنب فون هوف عرضها على الجمهور في أجلى عنفها وبشاعتها.

ريتشارد الثالث هو رمز الشرّ ، يسكنه جنون العظمة، ولا هدف لديه إلاّ خلوده على العرش، حتى بعد أن خرق معاهدة السلام التي عقبت حرب الوردتين (1455 /1485) بين أسرة لانكاستر (وشعارها الوردة الحمراء)، وأسرة يورك (وشعارها الوردة البيضاء) حول أحقية كل منهما في عرش إنكلترا.

لقد وُفّق فان هوف في جعل هذه الملحمة التاريخية المعقدة واضحة، وتقديمها كمرآة لمرحلتنا الراهنة وقادتها السياسيين المتصارعين على السلطة، المنشغلين بالسيطرة والهيمنة أكثر من انشغالهم بمصائر شعوبهم.

---------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب

تابع القراءة→

'عالم الأمس' ذكريات ستيفان زفايغ الأوروبي الخائب تمسرح في باريس

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

"عالم الأمس" سيرة ذاتية دوّن فيها الكاتب النمساوي ستيفان زفايغ ما عاشه في مدينته فيينا أيام عزّها وأيام ذلّها، وفي منافيه الأوروبية والأميركية بعد أن استبيح وطنه، وشهادة على ما حاق بأوروبا من دمار خلال النصف الأول من القرن الماضي، ووصية لأصدقائه وقرائه قبيل انتحاره. هذا الكتاب، الذي لم يسبق إعداده للمسرح بخلاف نصوص الكاتب الأخرى، وقع عرضه أخيرا على خشبة ماتوران بباريس.



في كتاب “عالم الأمس” للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ يتحدث ستيفان زفايغ (1881 /1941) عما عاشه وما شاهده منذ طفولته السعيدة وشبابه التائق إلى مستقبل أجمل في بلد كان القلب النابض لأوروبا الوسطى مدينته فيينا، إلى أن عصفت به رياح التطرف ممثلة في تنامي القوميات وصعود الفاشية والنازية، وكان من أثرهما اندلاع حربين مدمرتين آلت الأولى إلى تفكك الامبراطورية النمساوية المجرية، وانتهت الثانية إلى جعل النمسا محمية نازية، فنابت عن السلم مجزرة مروّعة، وحلّ الميز العرقي محل التعدد والاختلاف، وعبادة الشخصية محلّ حرية الفكر، وهتلر وغوبلز وهيملر مكان ريلكه وبتهوفن وبراهمس.
يروي ذلك ليس من باب الحنين إلى ماض تولّى، بل بهدف ترك أثر لمن يأتي بعده، لعله يتعظ بما جرى ويعيد إلى أوروبا أنوارها. أوروبا التي قال عنها عام 1941 في مقدمة كتابه “الوطن الحق الذي اصطفاه قلبي، أوروبا، ضاع مني منذ أن استبدت به للمرة الثانية حمّى الانتحار، ومزّقته حرب أهلية. ضدّ إرادتي، كنت شاهدا على أفظع هزيمة للعقل، وأكبر انتصار همجيّ للعنف. لم يوجد قطّ – ولا أقولها بفخر، بل بشعور بالخجل- جيل كجيلنا هَوى من تلك القوة الفكرية إلى هذا الانحطاط الأخلاقي”.

في هذا الكتاب يتنقل زفايغ بين الخاص والعام، فيذكر مسيرته الدراسية التي بدأها بالفلسفة قبل أن يفضل عليها الفنون، ويعدد أسفاره عبر أوروبا وأميركا والهند، حيث التقى كل مرة بفنانين وكتاب وموسيقيين استنجد بهم عند اندلاع الحرب الأولى وحثهم على التضامن ضدّها والتنديد بها.

ومع ذلك انتهت بسقوط الإمبراطورية ودخول مرحلة من البؤس المعيشي والثقافي، لم تحل دون بروزه بكتابات جلبت له اهتمام القراء والنقاد بداية من 1923، ليعيش مما تدره عليه من عائدات عيشة مرفّهة، حتى وصول هتلر إلى السلطة في ألمانيا، وقرار النازيين بمصادرة مؤلفاته، ومطاردة اليهود عامة، مما اضطره إلى مغادرة فيينا نهائيا باتجاه لندن عام 1934، لكي يواصل النضال كما قال “لأجل حريته الداخلية والخارجية”، ومنها إلى أميركا ثم إلى البرازيل، حيث انتحر عام 1942، تاركا هذا الكتاب كوصية.

ستيفان زفايغ: من عرف الضوء والظلام، العظمة والانحطاط هو وحده من عاش حقا

ستيفان زفايغ: من عرف الضوء والظلام، العظمة والانحطاط هو وحده من عاش حقا
يقول في خاتمة كتابه “ظِلّ الحرب لم يفارقني، فقد غلّف بالحداد كل فكرة من أفكاري، إن بليل أو نهار. لعلّ ظلها المظلم يتبدّى أيضا في صفحات هذا الكتاب. ولكن كل ظل، هو في النهاية سليل النور، ومن عرف الضوء والظلام، الحر ب والسلم، العظمة والانحطاط هو وحده من عاش حقا”.

فكيف يمكن إعداد نص كهذا للمسرح؟ في ديكور خلاصته ستار وكرسيّ وإكسسوار لا يتعدى كتابا وقبّعة، يعتلي الركح شخص وحيد لا ليقلد الكاتب، بل ليروي على لسانه نصف قرن عاشه مثقف رأى مدينته وقارته وحياته تتفتت بفعل التعصب الأعمى، ذلك أن المخرج باتريك بينو اختار التركيز على كلمات زفايغ وأداء جيروم كيرشر، الممثل الوحيد الذي يظهر على الخشبة ليسرد على امتداد ساعة أهم ما جاء في “عالم الأمس”، حسب النص الذي استخلصه الكاتب لوران سكسيك مؤلف رواية “آخر أيام زفايغ”.

وقد التقى النص المقتبس بالأداء البسيط في ظاهره البليغ في جوهره ليضفيا على المشهد راهنية مرعبة. ذلك أن صعود القوميات الذي يتحدث عنه زفايغ، وانتصار الشعبوية، ومجيء هتلر الذي وعد الجميع بكل شيء قبل أن يكشف عن وجهه المرعب، وانفجار الحلم الأوروبي وجعل الثقافة في المقام الأدنى، تنطبق تقريبا على عالمنا اليوم.

ننجذب منذ البداية إلى المصير التراجيدي لهذا الكاتب الكبير الذي يسرد في لغة أنيقة صافية انقلاب عالم، من الجمال إلى الفظاعة، ويصف الفردوس المفقود بأسلوبه المميز، حين كان كبار الكتاب والفنانين منشغلين بالآداب والفنون ولم يتنبهوا إلى أن العالم يتغير، وأن فردوسهم لن يلبث أن يتحوّل إلى جحيم، وتندفع آلة الدمار تحطم بلا هوادة الجميع.

والممثل ينجح في نقل تلك الخلجات التي تنتاب كاتبا مرهف الحس مثل ستيفان زفايغ، هذا الكاتب الذي يذكّر في وجه من الوجوه بسليم النية أحد أبطال فولتير، ذلك الذي لا ينفك يبحث عبر ترحاله عن شيء ما، فيظل في تيه دائم. وهو حال زفايغ الذي لم يكن منفيّا بما تحمله كلمة النفي من إحالات، بل كان يبحث بكيفية تكاد تكون طوباوية عن مجتمع فاضل يمكن أن يعيش فيه سعيدا، تحدوه روح إنسانية عالية، تكاد تكون أنانية.

وظل منذ مطلع ثلاثينات القرن الماضي يتنقل عبر المدن كمن يبحث عن شيء ضيّعه ولم يعد يدري كيف يمكن العثور عليه؟ كالباحث عن فردوس الطفولة المفقود، حتى انتهى به البحث إلى الانتحار في منفاه البرازيلي.


--------------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب 

تابع القراءة→

مسرحية 'الشريط الأخير' تستعرض الذاكرة المتذبذبة لعجوز بيكيت

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية
شكّل عرض “الشريط الأخير” لصامويل بيكيت نهاية مغامرة أقدم عليها فريديريك فرانك، مدير مسرح “الأثر” بباريس، ليجعل منه مختبرا للأعمال المسرحية الجادة، وفاء لوالده بيير فرانك، الممثل والمخرج المسرحي المعروف، فقدّم أعمالا حديثة ساهم في إخراجها وأداء أدوارها ممثلون كبار، ولكن الجمهور خذله، إذ “خلط الثقافة بالترفيه، والترفيه بالاستغباء”، كما قال. الطريف أن التجربة بدأت بهذا النص عام 2012، وها هي تنتهي به.


كتب صامويل بيكيت مسرحية “الشريط الأخير” التي تعرض حاليا في مسرح “الأثر” الباريسي عام 1958، عندما أصبح مؤلفا دراميا معروفا، تلقى أعماله النجاح حيثما عرضت، أي أنها جاءت عقب مسرحياته المشهورة مثل “في انتظار غودو” و”نهاية اللعبة”، ولكن أسلوبها أقرب إلى “الساقطون جميعا”، أول مسرحية إذاعية كتبها بيكيت بالإنكليزية بطلب من “البي. بي. سي”، و”فصول بغير كلام” في جزأيها الأول والثاني.
وكان خلال تلك الفترة قد بدأ يجرب، في نطاق اشتغاله على استقطابية الكتابة الدرامية، كتابة مسرحيات كوريغرافية، حيث تتجسد الحركة وحدها وسط غياب كلي للمنطوق، وتمثيليات إذاعية تعتمد على الكلمات وحدها ولا وجود فيها للحركة، فكانت مسرحية “الشريط الأخير” في ترجمتها الفرنسية أو “شريط كراب الأخير” في لغتها الأصلية مزاوجة بين ذينك القطبين ضمن عمل واحد، ولو أن الاقتصاد في الكلام وفي الحركة يطغى عليها.
يمكن تلخيص بنية مسرحية “الشريط الأخير” في ما يلي: مقطع أول؛ فصل خال من الكلام. ومقطع ثان؛ استماع متشظٍّ -متسارع حينا ومعاد حينا آخر- لشريط مغناطيسي، تقطعه فصول صغرى بلا كلام أو قراءتين، إحداهما لعبارة على دفتر والثانية لتعريف من القاموس. والمقطع الثالث؛ فصل صغير بلا كلام يتبعه تسجيل لحديث منفرد بصوت البطل، ومقطع رابع، استماع جديد لجزء من الشريط يليه فصل صغير بلا كلام.

ورغم الجمود الركحي الظاهر، فالمسرحية تروي حكاية، في إطار السردية الدرامية التقليدية، عن كاتب عجوز يدعى كراب، يستمع إلى شريط مغناطيسي كان سجّله قبل ثلاثين سنة خلت، حينما كان على مشارف الأربعين، قبل أن يشرع في تسجيل حديث آخر، على آلة التسجيل نفسها.

ولا يلبث المتفرج أن يكتشف أن ذلك طقس من الطقوس التي دأب عليها كراب في عيد ميلاده، منذ أن كان شابّا، حيث يستعيد الوقوف عند حالته الصحية والنفسية ويسجّل الأحداث الهامة للعام المنقضي، مثلما يكتشف أن الشريط الذي يسجل فيه كراب أقواله قد يكون آخر شريط في حياته، وأن النهاية المحتومة صارت وشيكة.

هذه المسرحية، التي قدّمت في فرنسا أول مرة عام 1960 بإخراج روجيه بلين وبطولة رونيه جاك شوفّار، نهض بها عملاقان من عمالقة المسرح في أوروبا، هما المخرج الألماني بيتر شتاين والممثل الفرنسي جاك فيبر.

البطل كراب، كما يقدمه بيكيت، عجوز وحيد أشعث الشعر مشوش الهندام متهالك على مكتبه، على يمينه آلة تسجيل، وعلى يساره مكبر صوت
اختار شتاين أن يكون كراب حاضرا على الخشبة قبل دخول الجمهور إلى القاعة، في هيئة تذكّر بفلاديمير وإستراغون في مسرحية “في انتظار غودو”، سواء من جهة لباسه أو من جهة البعض من حركاته، وإن بدا الحيز الزمني هنا أكثر واقعية.

وكراب، كما يقدمه لنا بيكيت، هو عجوز وحيد أشعث الشعر مشوش الهندام متهالك على مكتبه، على يمينه آلة تسجيل، وعلى يساره مكبّر صوت، ينتظر الظلمة كي يقوّم جذعه وينهض لتسجيل “الشريط الأخير” مثلما اعتاد أن يفعل في عيد مولده كل عام، وتلك طريقة لمحاورة الرجل الذي كان، واستعادة النسخة الصوتية الأصلية لحياة طافحة بالآمال الخائبة، والعلاقات الغرامية البائدة، والإشراقات الخاطئة.

يظهر كراب في هيئة مضحكة، فثيابه ليست ثياب كاتب عجوز، بل ثياب مهرّج، ذلك أن شتاين آثر الرجوع إلى الصيغة الأولى التي وضعها بيكيت عام 1958، والتي اعتمد فيها على التمثيل الإيمائي (البنتوميم)، حيث يطغى صمت رهيب، يقطعه الممثل بحضور ركحي مهيب، يشدّ الجمهور دون حركة أو كلام، فإذا تحرك فبمقدار، وإذا تلكم فبمقدار أقل، فيتبدّى الصمت والحركة البطيئة مثل طقس لا يتغير.

وبذلك أمكن للمخرج شتاين أن يغوص بالمتفرج في عالم آخر، قديم وخارج عن الزمن في الوقت ذاته، حيث لا تبدو اللعبة الوجودية مع آلةِ تسجيلٍ عتيقةٍ مهملةً ولا غيرَ لائقة، وقد نجح المخرج في إيجاد توتر دائم بين الحاضر والماضي، بين صوت العجوز الحيّ وصوت الشاب المسجّل، وحركات الممثل المضحكة وزمجراته وأنينه، ساعده بقدر كبير أداء الممثل جاك فيبر، الذي استطاع أن ينقل غموض ذلك الرجل العجوز وهو يواجه أحلامه الماضية، ووحدته التي تسير بنفسها إلى النهاية، في تكشيرته وتذمره وأنّاته وحسراته التي تأتي في الغالب في شكل تلميح يدركه المتفرج الفطن، فيحسّ بألمه ويتعاطف في سرّه معه.

صحيح أننا لا نمسك بكل هذا الماضي الذي يعود إليه كراب، لأنه يستحضره بشكل متقطّع لا ينظمه ترتيب، ولكن موسيقى ناعمة تنسل في الخلفية توحي بدفء حانة والتماعة بحيرة تحت شمس واهنة وجمال محبوبة في عمق مركب، فيظهر كراب على همسها كمن يعيش لحظات عمره الأخيرة، مميلا رأسه على مكتب يتأرجح مثل سفينة ثملة بعبارة رامبو، إذ ينحل الشريط الأخير في وهم خرير هادئ.

-------------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب


تابع القراءة→

التأثير المتبادل بين العرض والمتلقي / حيدر الحيدر

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

مساحة العرض ومساحة المتلقي تشكلان مساحتين  مهمتين في العملية الإخراجية ، لهما أهمية كبيرة في تبادل التأثير،

والتي تشكل أهمية فكرية وجمالية في وحدة الناثير .

وتنطلق وحدة التاثير من :

 ( وحدة النص / إنشائية العرض / موقف المتلقي )

1ـ وحدة النص :

ما يثير النص من معانى وأفكار في غريزة المتلقي ، وذلك من خلال الافكار والشخصيات والأحداث والحوارات والحبكة وايقاعية النص المسرحي .

2ـ انشائية العرض :

التأثير البصري لوحدة العرض والمتجسدة في رؤية العرض ورؤيا المخرج وتحويل النص الى شبكة صورية مؤثرة على وعي المتلقي وكل احاسيسه وتصوراته.

وتتشكل عناصر تأثير العرض على المتلقي من خلال :

( انشائية المكان / رسم الحركة الاخراجية /التكوينات والتشكيلات /

الضوء واللون / طريقة اداء الممثل وقوّة تأثيره على المتلقي /

المكياج والاكسسوار / الموسيقى والمؤثرات )

كل هذ العناصر تشكل بيئة العرض ومناخه وتؤثر حسياً وعاطفياً على المتلقي

3ـ موقف المتلقي :

الموقف الذي يتخذه المتلقي وهو موقف نقدي فكري جمالي ، لأنه يرى من خلال العرض نفسه ويرى المحــــــــــيط الذي يتحرك في داخله .

– في وحدة العرض الملحمي : يكون المتلقي حكماً يناقش ثيمة ما قدمه العرض من افكار ، ليقف امام ذلك التغريب التاريخي والسياسي والاجتماعي

* في وحدة العرض الدرامي : فعالية المتلقي هي فعالية حسية ، ومعنى ذلك ان العرض يحفز احاسيسه ومشاعره وكل ما يتعلق بالقضايا السايكولوحية ، لأن المتلقي سيندمج بوحدة العرض الدرامي والافكار والمواقف .

تابع القراءة→

مسرحية مطر صيف.. جدل الإفاقة والإغفاء / محمد عطوان

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, مايو 26, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية مطر صيف للكاتب العراقي المُتميز علي عبد النبي الزيدي، والمخرج المتألق علي عادل، صالة العرض: مسرح التربية في مدينة البصرة، السينوغرافيا: مصابيح إضاءة بألوان متعددة تُوجّه بحسب مقتضيات المشهد وحركة المُمثلَّين. جدارٌ مكتوبٌ عليه تواريخ حروب ووقائع مفصلية مر بها العراقيون في الربع الأخير من القرن المنصرم، مع ما تلاها من أحداث في عام 2003.  بدلة رجل حائلة اللون مُعلَّقة على مسمار في جدار المنزل، مُعلّقة إلى جوارها عباءة سوداء أيضاً..

مُفتَتح العرض: امرأة في العقد الرابع من العمر تسير أول الأمر بواسطة كرسي للعجزة (كناية عن تعب ما).. تروح عيناها تَجولُ في زوايا المكان الموحشة، ويتلوى جسدها طرياً من على مقبضَي الكرسي الحديدي الصلد، وسط إضاءة تتعقب التواءاتها والتفاتاتها.. فجأةً؛ تنتفضُ لنفسِها وتنهضُ راكلةً كرسيَها بقدمها اليسرى جهة الخلف، وتصيح ــ بعبارتها الرغائبية متوسلة حضور غائبها ــ “الآن موعده.. الآن يأتي الغالي، والوالي، وشمعة البيت”.. كانت تنتظر عودة من لم يأت بعد، ومن وارته الحروب المتتالية عنها طويلاً، حتى استحال قوامه إلى طيف، ورغبة متكررة في الاستحضار ليس إلا..

إنها تحاول استعادته واستحضاره مراراً في مخيلتها.

تصيحُ: “عشرون عاماً من الغياب” وقد غادرت ثيابي الألوان.. وجرّدها الغسل. عشرون عاماً والش?عر غزاه الشيب وأعياهُ الصبغ، مُكابدات تتلوها مكابدات، دونما حائل يعينها على تعطيل زمنها وانتشاء جسدها. عشرون عاماً تترقب مجيئه في سرها، حيث لا ذنب للغائبين في مضارب الهجر، وتعلم أن الحربُ وحدُها صيرتهُ من الغائبين.

وانها غالباً ما جهدت تتوسل حضوره، وتُكيِّف طرائق مجيئه فتقول: “لم يبقَ للعمر متسع للملامة والعتاب”، تعال “فأين أنت؟”، تعال وأطرقْ باب الدار أو باب الجسد. بغتةً، يدخل الزوجُ، بخطوات متثاقلة، وببزة عسكرية متهرئة.. وأحسب أن دخوله لم يكن يعني لها سوى رغبةً وتمنّياً، أو محض فكرة، وإن تجسدت واقعاً للعيان..

إن مجيئه لا يلبي متطلبات الغرام. فهو زوج متهالك أعيته الحروب. ولكثرما كان يفزعها خواره، وتثاقل خطواته، حتى دفعها ذلك الى الصراخ ــ بزفرة ألّم عميقة ــ “يا يُمة.. يا يُمة”.

وحتى ان كلمته التي كان يرددها مراراً “أحتاجُكِ” ما هي إلا صدى وجواباً تعبيرياً دفيناً عن عطش الزوجةِ نفسها للكلمة ذاتها، وحاجة عميقة فيها إلى تردادها.

إن للغياب سرائره العجيبة، فتبدلات العمر فيه تكون محضَ كذبٍ وتحبيكٍ لا حد له، حيث المَشاهدُ الحياتية التي يعيش الناس تفاصيلها ليست سوى مرايا ووجوه أيامهم الأولى حسب.. وإن تمايزت صورها على حائط العمر، يظل أولئك الناس يستفيئون بضلالها المتراخية.. تنبجس متحفزة في كل رغبة عندهم، كما لو أن دولابها يراوح في الزمان.

تقول الزوجة لزوجها: لم تَغب عني كثيراً، ربما “تأخرتَ بضع دقائق”.. سيما أن العمر ــ عندها ــ يمثل البداية البكر، وانكشافَ السر على السر، وانفضاحَ اللذة الأولى ذات موعد.لذلك تُذكّره بأن: “أكلته المُفضَّلة لا تزال تغلي على النار”.. وفي مشهد استعاري آخر مجاور تقول: كم مرةً كنتُ فيها أشتعلُ وانطفئ.. ومراراً “أضعُ لكَ عطري”.. لكنها، رغم المراودات المتكررة التي كانت تعيشها؛ لم تزح عباءتها عن رأسها.. تُخبره: لقد كانت “عباءتي على رأسي”.. والجسد البض، بمفاتنه يغلي، ويتقلبُ بين جوى الحرمان والحقيقة العارية.. جسدها الذي زاحمت سَكينتهُ الحروبُ غيلةً، واحالت فورانه إلى رغبةٍ مؤجلةٍ/ كينونةٍ معطلة.. لا يملك جسدٌ آخر أن يُشبع رغائبه المتفتقة.. لا يُشبِعه جسدٌ آخر لمَّا يحيلهُ إلى مجال للانتهاك، وموضوعٍ للحروب واهوالها..

يتأرجح الحوار في براعة حركية ــ تكنيكية، بين ثنائيتي النسيان والتذكر، والإفاقة والإغفاء على فجيعة ما يصنعهُ الغياب.. يُفيقُ الزوجةَ هول استجماعُ صورة زوجها، وهيئته الشبحية العائدة للتو، فتقول: “طلبتُ منهم أن يُعيدوك إلي شاباً في مصانعهم الخاصة”.. لا جسداً مُعاقاً.. وهنا حيث المصانع تُلجئ النسوة إلى قبول مقولة التشابه ــ التي يكشف عنها أفلاطون ــ لحل أحجية حضور الغائب، من خلال إعمال ملَكتي الخيال والذاكرة.. حيث بالتشابه عزاء من لا عزاءَ له.وبينما تستأنفُ إغفاءتها قليلاً، سرعان ما يُفيقها شُبهةُ الـ “أصل” من جديد، أو ما يُشار إليه بوهم الأصلية، وما يعنيه الأصلي للزوجة في مصانع الاستنساخ. فالمُفارقة التي يصنعها الاستنساخ هي: أن لا تاريخ آخر يُعيد لنا إنتاج الأصلي بوصفه أصلياً… وأنه لا أصلَ لِما هو مُكرَّر بحسب بودريار، ولا حدَ للأشياء التي يُعاد تصنيعها… فليس استحضار الغائب استحضار أصل بالفعل، إنما استحضار صورة عنه، ورغبة في جمع نتف وأشلاء من الماضي.. ماضيه، فنتوهّم كما لو أن صورته هي الأصل ذاته بكل حضوره.. وما العَالمُ إلا صورة لا صلة لها بأصل مُحدد في الواقع، أو كما يقول سارتر: ما العالم إلا في صورة أمام الإنسان. وعلى ذلك تُطلق الزوجة عبارتها الاستسلامية: “الأشياءُ الحقيقية التي تغادرُ لا تعود، ولكن يمكن لأشلائها أن تعود”.. لذلك تُساءل الزوجة من تتوهم حقيقيته أو أصليته: “أين كنت؟”.. شاجبة في سرها ثيمتي الحرب والموت. فيَردُ عليها بتثاقل: “أنا متعب… رأسي يحتاج إلى كلمات يُدركها”.. حيث عندد هذه العبارة بالتحديد تستفيق الزوجة على فجيعتها المُتفاقمة: “كان لابد من اختراع وسيلة مريحة لإيجاد الرجال؛ صنعوهم وأرسلوهم إلى الحبيبات والزوجات والأمهات دفعة واحدة”… لئلا يعودوا محض أطياف مُتعبين (يعودون في أخيلتهن طبعاً): “لو أعادوك إلي شاباً لما كنتَ مُتعباً”.. وإذ يبدو الزوج على هذا النحو فإن طيفه المتهالك يكشفُ لها عن حقيقة طيفها هي أيضاً.. وجهُها يابسٌ لا يتقبلُ الألوانَ، والجَمالُ الذي فيها غائب هو الآخر بغياب الزوج.وبين إفاقة وإغفاء، يسمعان مجدداً طرقات على الباب.. والزوجةُ ــ كعادتها ــ فإنها تنتظر زوجاً مُستنسَخاً، يُنكره القلب ويَقبله الجسد.. فتسخر من فِصامِها المرير مرددةً: “يا للمهزلة؛ زوجةٌ تنتظرُ زوجاً يأتيها زوجان!”. يدخلُ الزوجُ في المشهد الأخير، كائنٌ آليٌ، بثيابٍ بيضاء ناصعة، يُديرُ حواراً حميماً لا يكّلُ ولا يمل يردد نغمته الواحدة “لقد عدت يا حبيبتي”، وقد وظَّف دلالاته العميقة الممثِلُ علي عادل ببراعة ادائية هائلة، إلا أنه، مع الحميمية القصوى هذه، يظل حواره مصُطَنعاً عقيماً عاجزاً عن ردم هوة الشوق والعناق المُنتظرَين من قبل الزوجة الحبيبة المُمثِّلة أسل الغزي… تتوالى وتتعالى طرقاتُ الباب من جديد.

-----------------------------------------
المصدر : جريدة الزمان 
تابع القراءة→

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

المقالات المتميزة

احدث المنشورات في مجلة الفنون المسرحية

أرشيف مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

موقع مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

الصفحة الرئيسية

مقالات متميزة

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9