أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، نوفمبر 17، 2011

مسرحيّة " كافتيريا "تقوم على تشتت العلاقة الإنسانية

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, نوفمبر 17, 2011  | لا يوجد تعليقات


مسرحيّة " كافتيريا  "تقوم على تشتت العلاقة الإنسانية


منصور عمايرة



    في تعقيبة في الندوة التقيمية لعروض مهرجان المسرح الأردني الثامن عشر 2011/11/18أشار المعقب منصور عمايرة من الأردن بأن العرض المسرحي المصري كافيتيريا  الذي عرض في مهرجان المسرح الأردني الثامن عشر 2011 على المسرح الرئيسي المركز الثقافي في أمسيتين، والعرض من إخراج محمد فؤاد، وتمثيل محمد فؤاد، ساره مدحت، رأفت البيومي، سارة رشاد، إيهاب مصطفى، تأليف موسيقي محمد حسن.
  بأن العرض المسرحي تمثل بتشكيل يقوم على الموسيقى أولغة الموسيقى، وعلى الجسد أو لغة الجسد، وتمثل بالسينوغرافيا، مع غياب للكلمة وإن حضرت على استحياء كذاكرة مخزونة تشارك في موضوع العرض المسرحي الذي يؤكد التشظي.
   الموسيقى المسرحيّة هي موسيقى ذات بعد تشاركي متواصل في العرض المسرحي، فهي لغة لها حضورها دائما، وتشارك بصياغة العرض وتنسجم معه، بل إن المخرج يعتمد عليها، وخاصة أننا نرى حضورية الجسد الراقص وهو الذي يتناغم مع الموسيقى الجوانية للجسد لتمثل بالنوتة الموسيقية على الخشبة، والموسيقيون هم أيضا أشخاص يؤدون العرض المسرحي.
   الجسد برز الجسد بحضورية دائمة في العرض، وارتكز العرض على دور الجسد الذي سيشكل إيقونات متنوعة للمتلقي، فالمتلقي يتواصل مع العرض من خلال هذا الجسد، والذي مثل الصورة في العرض المسرحي، وربما نقول إن حضورية الجسد هي ما يمثل العرض كمسرح صورة والذي يعتمد على البناء الموسيقي.
السينوغرافيا بسيطة " فقيرة تتكون من مجموعة من الكراسي والطاولات ، وأفراد يجلسون عليها ، قد تكون مثلت حقيقة ما هو موجود في مقهى الانترنت أو الكافيتيريا، وعدم الالتفاف إلى البهرجة في المقهى يشي بالعبثية المحيطة بنا، ولكن هذه العبثية هي ما يعرض على الخشبة المسرحيّة، والمخرج يحاول البحث عن مساحات فارغة ، تلك الفضاءات هي التي ستكون حلقة التواصل الجسدي من خلال الرقص الذي يعبر عن ماهية الانفصام القائم بين الناس وفي المكان أيضا. 
   الكلمة في العرض المسرحي بدت مشوشة، وكان لا بد أن تكون كذلك لتؤكد غياب الحوار اللفظي الذي يعني بالتالي التشتت، واستبدل هذا الحوار في مجمل العرض بحوار الجسد الذي شكل مسرح الصورة.

  مسرحيّة كافتيريا تقوم على تشتت العلاقة الإنسانية على مستويين المستوى الذهني الذي يبدو أنه يعود أدراجه إلى الوراء، ليحكي شيئا ما قد يبدو مفهوما للآخر ولكنه يحكى من منظور فلسفي خاص ورؤية أحادية، فالحديث عن الدائرة خطاب علمي فلسفي، للدائرة نقطة بداية ونهاية ولكنهما تجتمعان عند نقطة البداية، وكأن الإنسان يدور في حلقة مفرغة غير قادر على جماع ذهنية ثابتة حول ما يدور في المجتمع على الصعد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
   والمستوى الثاني المستوى النفسي المشتت أيضا وبدرجة أكثر تشتتا من التصور الذهني، الذي يبدو الشخص من خلاص التصور الذهني كأنه يخاطب نفسه وهو بالفعل يخاطب نفسه، أما الجانب النفسي التشتت القائم على رغبات يراد تحقيقها من خلال الذات ولكن عبر التواصل مع  الآخر، وهذا الآخر هو بالتالي يعاني من التشتت فالانقطاع بالتواصل عندما يلتقي جسد الممثلة بالممثل يشي بتأزم الوضع النفسي للإنسان غير القادر على التلاحم وبناء تشكيلية جسدية واحدة تعانق الروح، هذا الفشل سينسحب بتواصل آخر ولكن يبدو أقل حميمية تتتخلله جدلية الرغبة والرفض، وكأن كل واحد يغني على ليلاه، وهو بالفعل كذلك، لنجد حالة من التفسخ العاطفي.
   ثم إن هذه المسرحيّة القائمة على التشتت الذهني والنفسي تدرك كتصور ذهني ببعد غيبي أخروي الذي يبدو كالحلم لمحاولة التطهير من خطأ فيدعو الله ليغفر له... وتمثلت هذه اللوحة من خلال سينوغرافيا شخصيات يرتون أزياء بيضاء وفضافة على الطريقة الدرويشية " الله حي " ... وهذه الثياب البيضاء هي البحث عن النقاء في هذا التشتت الذي يحيط بالإنسان سواء في المكان أو علاقته مع الآخر وعلاقته مع الذات أيضا.
   إن قضية التواصل الإنساني في هذه المسرحيّة تنتقل من حالة القيد التي تعبر عن قيود تمنع من تحقيق الذات، وفي المقابل تبدو هناك حالة انفلاتية تحاول أن تنفك من قيود المجتمع، وكل هذه التصورات تقوم على الذات والانطلاق من الذات كحالة انفصامية مع المجتمع.
المسرحيّة " تشكيل " جسدي موسيقي، أصوات قد تكون مبهمة إلى درجة اللاشيء والتي تعبر عن الانفصام واللامعنى، وتنسحب هذه الأصوات كوقفات ذاتية انفرادية تتحدث عن رؤية مجترأة ومكرورة من دون معنى، والتي تأتي على شكل انبثاق نفسي مأخوذ من مخزون الذاكرة الماضية وهي بالتالي مخزون الدرس " مدرسي " يتحدث عن شكل هندسي يصل إلى خواء بالمعنى عندما يدور الإنسان على الدائرة التي تمثل حلقة مفرغة تنتهي من نقطة البداية.
   إن الحركات الجسدية التي صاحبتها الموسيقى تشي بمقدرة جسدية ذات تعبير فردي غير منسجم مع الآخر، ولكن هذه التعبيرات الجسدية التي خضعت لتدريبات معينة لتبرز كبعد رئيسي في المسرحيّة نيابة عن الكلمة كانت ذات المستوى النفسي والذهني الذي تؤكده المسرحيّة.
ربما يطرح هنا قضية الصورة في المسرح أو مسرح الصورة، ليأتي المتلقي يحاول تجميع قدراته الذهنية للإمساك بحالة من التلقي والتواصل الذي يقود إلى التأويل والفهم، ومع أن المسرحيّة تبدو ذات ثيمة بسيطة تدور حول التشتت على المستوى الذهني والنفسي، يستطيع متلق أن يصل إلى تصورات عن المسرحيّة قد تكون متقاربة جدا مع تصورات متلق آخر ، فأفق التأويل ليس طويل المدى، وربما ما ينطبق على أفق التوقع لدى المتلقي، ولم تستطع المسرحيّة خلق فجوة ما بين أفق توقع المتلقي وتصورات المسرحيّة، ليأتي العرض المسرحي منسجما مع تصور المتلقي...مهما يكن نتبين أن المسرحيّة عبارة عن رؤية تصويرية قائمة على سينوغرافيا جسدية تعبيرية راقصة حاولت قدر الإمكان التقاطع مع الثيمة العامة للمسرحيّة القائمة على التشتت... فالكافتيريا عرض مسرحي لغته الجسد. إن هذه الكوريغرافيا ليست حركات جسدية تعتمد على طاقة الراقص، إنا هي الشعور بالجسد والإحساس به ، وهي تمثل لنا موضوع المسرحيّة ، وهي التي تقبض على المتلقي ليتابع العرض المسرحي أو " التشكيل المسرحي " في مسرحية كافتيريا.
   قد يقال بأن مثل هذا العرض الذي يعبر عن حالة هذيانية "غير مترابطة" يمثله تيار الوعي، فيعبر عنه ليكون مسرحا يعطي تصورات عن الحياة الإنسانية التي باتت تعاني من فجوات، حيث وجد الإنسان نفسه غير قادر على ملء هذه الفجواب للإمساك بتلابيب الحياة ... فالمخرج جعل العرض قائما على التداعي الحر للأفكار والرؤى.
   إن التصور المسرحي أو " التشكيل المسرحي " في كافيتيريا يعبر عن تجمع شتات أناس مختلفين بالرؤى والتصورات لديهم اغتراب في الرؤية والتفكير، يشي بعدم المقدرة على التجانس لخلق تواصل. فهذا التشظي يبين عن اللامبالاة.
   إن المسرحيّة التي تبدو كطيف حلمي من تصميم وأخراج محمد فؤاد قد يبين عن مثلبة يتراكض وراءها الكثير من المخرجين العرب الشباب ، وهو ما يتعلق بالإعداد للعرض المسرحي، فتكون الفكرة من قبل المخرج ويقوم المخرج بالإخراج، ويقوم بالتمثيل أيضا، وبما أنني متحيز للنص الأدبي المسرحي لخلق عرض مسرحي يبنى على النص، أقول أن هذه المسألة يجب أن يعرض عنها المخرج المسرحي، لماذا لأن من شروط المسرح الأساسية هي التواصل من أجل إحداث تغيير ومتعة وتسلية وتأمل أيضا، لهذا وجب على العرض المسرحي أن يكون أصلا متواصلا مع نص مسرحي أدبي، ولماذا مرة أخرى لأن النص المسرحي باق والإعداد المسرحي زائل، فالفرق كبير بين الكائن الحي والميت، لأننا نريد من المسرح التواصلية والاستمرارية والتراكمية، وخير ما يمثل هذا أن تجتمع عناصر المسرح والتي أعتبرها تتمثل بالنص أولا ويكون نصا أدبيا، ثم الإخراج ، ثم الممثل ، ثم النقد " وطبعا يكون المتلقي جزءا من النقد " هنا تكتمل الحلقة المسرحيّة، وبالتالي هذا هو المسرح... لماذا نبذل جهودا بخلق مسرحيات ميتة، ويمكننا أن نخلق مسرحيات ذات قراءات متعددة العروض، لأن ما يقوم به مخرج ما لإخراج مسرحيّة حتما يختلف تصوره عما يقوم به مخرج آخر، وهكذا يجدد المسرح، وهنا لا أقصد إحياء المسرح ، بل بث الحياة فيه بشكل مطرد.
   وبالعودة إلى الكلمة، إن الكلمة هي التي توجد الصورة وهي بالتالي صورة على اعتبار أن المعنى مطروح في كل مكان، لكن ما يبرز جمالية المعنى وحضورية المعنى وبالتالي التواصل هو التلفظ وهو الكلمة، وسنجد أن " الكلمة الصورة " هي التي تعطينا معنى كاملا.
إن عرض الكافيتيريا المشتت يحاول بناء رؤية تشتتية للمتلقي، ليثير أسئلة حول هذا التشظي، يعني مشاركة المتلقي بالعرض من خلال إيمانه بما توصل إليه العرض لحالة التشتت والتشظي.
ينظر إلى هذا العمل المسرحي، والذي تألف من مجموعة من الشباب المتحمس، والذي يملك رؤية لتشكيل وجود ما من خلال هذا العالم الذي يبدو مبعثرا، لكن لم لا نلملمه ؟ فالحياة تواصلية.
فريق مسرحية كافتيريا - التشكيل المسرحي - قدم عرضا جيدا متناسقا مع كل العناصر التي شكلته.


      منصور عمايرة / الأردن  
buqasem_21@yahoo.com
18-11-2011  عمّان


0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9