أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الجمعة، مايو 31، 2013

مفهوم التشاركية في مسرح المخرجين / صميم حسب الله

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الجمعة, مايو 31, 2013  | لا يوجد تعليقات



اقترنت الدراسات البنيوية بدراسة النصوص على اختلافها بمعزل عن مرجعيات المؤلف الاجتماعية والنفسية وغيرها ، وقد ظهرت دراسات حديثة تعد أن قراءة المنجز الأدبي تبدأ من العنوان الذي اختاره المؤلف ليكون مفتتحاً لمنجزه ، ومن هذا المنطلق فإننا سندخل في قراءة كتابنا هذا الذي جاء تحت عنوان (مسرح المخرجين) تأليف (ديفيد بردبي– ديفيد ويليامز، ترجمة أمير سلامة، القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 1997) ، الذي دفعنا إلى التساؤل حول قصدية اختيار ذلك العنوان الذي كان يفترض به أن يشخص (مسرح المخرجين ) عن مسارح اخر ، مثل مسرح المؤلفين ، ومسرح الممثلين ، ومسرح مصممي السينوغرافيا وغيرها من المسميات ، إلا ان مرتجم الكتاب يكشف لنا في مقدمته عن السبب وراء تلك التسمية " أن مسرح المخرجين لا يشكل في تقديري اتجاها خاصاً أو مدرسة بعينها وإنما يعد ظاهرة أو تطوراً طبيعياً لتعاظم دور المخرج في المسرح" (1) ، وبذلك يكون (مسرح المخرجين) عنوانا مجردا من خصوصية السمة التي أنيطت به ، ويعود ذلك إلى المؤلف بدء كتابه هذا بدراسة فصل كامل عن (صعود المخرج) وكيفية تحول تلك الوظيفة من المؤلف إلى الممثل إلى المدير الفني ،وانتهاءً بالمخرج الذي عمل (الدوق ساكس ماننغن ) على تقنين وظيفته ، التي باتت بمعزل عن وظائف العاملين في صناعة العرض المسرحي ، وأعتقد ان هذا الفصل لايقدم طروحات جديدة بخصوص التطور التاريخي للمخرج ، ذلك أن العديد من الدراسات قد سبقته إلى ذلك ، وربما باستثناء إشارته إلى ان "إدورد جوردون كريج اطلق أسم المخرج المسرحي ، وأصبح من الواضح أنه كان أول شخص يستخدم هذه الكلمة في معناها الحديث، باختياره لهذا المصطلح كان يقصد أن يؤكد على دور المخرج باعتباره المهيمن على كل النشاطات المميزة الخاصة بخشبة المسرح ، مثل الإيماءة والحركة ، الصوت ، الإضاءة ، التصميم والحوار"(2) ، وأتقاطع هنا مع فكرة هيمنة المخرج التي يشير إليها المؤلف ، وذلك يتعلق باستخدام مصطلح (الهيمنة) الذي يرتبط بالسلطة والسياسة وإنما يعود بالاساس إلى أن جميع المخرجين المشاركين في هذا الكتاب وبحسب المؤلف نفسه اعتمدوا على توظيف مبدأ التشاركية في إنجاز العرض المسرحي ، وهي سمة حاضرة في جميع تجاربهم المسرحية ، حيث يذكر المؤلف أن " علاقة التعاون الوثيقة بين المخرج والمصمم منذ اللحظة التي يبدأ فيها العمل لتقديم عرض معين ، وهذا هو اهم ملامح مسرح المخرجين المعاصر ، وعلى سبيل المثال فإن بيتر بروك كتب يقول – إن العلاقات المبكرة تقوم بين المخرج والموضوع ومصمم الديكور، والمصمم المتميز هو من يشرع في وضع تصوره خطوة خطوة مع المخرج" (3)، وبالرغم مما تقدم فإن المؤلف يعمل على تقديم عدد من المخرجين الذين اثاروا الجدل في الحياة المسرحية المعاصرة وتقف في مقدمتهم:
(جون ليتوود) : التي كانت تعمل" على إثارة الاسئلة بشأن كل النشاطات المستقرة في المسرح البريطاني "(4) وكانت تمتلك نزعات سياسية داعية إلى تكوين مسرح "يكون مصدراً لإمتاع عامة الشعب وأيضاً لإثارة الجدل السياسي ومثلها مثل بريخت كانت تتميز بشخصية كاريزمية برغم انها أخضعت ذاتها لمناهج العمل الجماعي، ومثله طورت نمطاً للإخراج ينبثق أساساً من معتقداتها السياسية" (5).
بالرغم مما يقدمه المؤلف من تجارب مسرحية للمخرجين إلا ان الكتاب يحتوي على العديد من الاستعراضات التاريخية التي تكشف عن حياة المخرجين وتحولاتهم السياسية ، واعتقد انها غير ضرورية في هذا النوع من الدراسات التي يفترض بها ان تكون متخصصة بالتجربة الاخراجية .
وفي إشارة إلى مفهوم التشارك الذي عملت عليه ( ليتوود) فإن " مبدأ التعاون هو لب مشروعها كمخرجة مسرح وهو مبدأ يتعارض مع عادات المسرح الانكليزي وأيضاً مع ممارسات المخرجين العالميين" (6) فضلا عن ذلك فإن تنوع تجارب (جون ليتوود) قادها إلى البحث عن مشروعها الخاص في المسرح الذي كان يرتكز في " إخراجها للكلاسيكيات على إكشاف الصوت الشعبي الذي كانت تعتقد أنه الخاصية الأساسية في عظمة كتاب المسرح مثل شكسبير وجونسون"(7)، وبذلك تتمحور تجربتها الاخراجية في الكشف عن التأثير الشعبي في المسرحيات الكلاسيكية ، الامر الذي دفعها إلى ان تكون قريبة من (بريخت) وتفكيره في المسرح الملحمي ، فضلا عن ذلك فإنها عملت على إتباع (بريخت) في تثقيف " الممثلين الذين يجب أن يكون لديهم فهم عميق للتاريخ إذا كان عليهم أن يخرجوا رواية تقع في الماضي وتناسب الحاضر "(8) .
وقد استمر تأثير (بريخت) في اعمالها التي كانت تقدمها والتي لم تكن تنسجم بطبيعة الحال مع اشتراطات المسرح الانكليزي التقليدي ، إلا ان ذلك لم يمنعها من العمل على تحطيم " بنية المسرح البريطاني، وهي ايضاً إلى حد معين اعادت تنظيمها خارج الاشكال القديمة وبدأت ثورة ذاتية في المسرح في الأسلوب الذي تخرج به المسرحية ونوع المسرحيات التي يتم إخراجها، وأيضاً في الاسلوب الذي تكتب بها المسرحية وفي الاسلوب الذي يتعاون به المخرجون والممثلون مع المؤلف"(9).
(روجيه بلانشون) : لم يكن بعيدا عن التأثر بمسرح (بريخت) إلا انه اختار الذهاب بعيدا في عمل المخرج ، بمعنى أنه " ينبغي ان يتوافق بالتوازي مع ذات الحالات التي يخوضها المؤلف المسرحي، إن عمل المخرج يجب ان ينظر إليه كنوع من الكتابة التصويرية التي توظف لغة المسرح الخاصة (الحركة ، الصوت ، الايماءة ، اللون )"(10).
ولم يكن تأثير (بريخت) عليه يقتصر على الشكل بل تعداه ليكون حاضراً في كيفية تحليل الاحداث وتوظيف الشخصيات ، فضلا عن ذلك فقد " تعلم بلانشون أيضاً من بريخت مفهوماً جديداً لأهمية الحكي في المسرح، لقد استخدم بريخت كلمة (ملحمي) لهذا المسرح كي يؤكد على ان الحقيقة بالنسبة إليه هي ان الحدث والموقف أكثر أهمية من دراسة الشخصية"(11).
(إريان مينوشكين) : لم تختلف عن سابقيها في توجهاتها السياسية والتي تعبر عنها في العروض المسرحية التي قدمتها، إلا انها اختلفت عنهم في أسلوب المعالجة الإخراجية ، وتعود مساهمتها الفاعلة في المسرح إلى انها " انتقدت المخرج الكلي القدرة بالرغم من انها لم تقاوم إغراء الديكتاتورية، وكان تميزها الأكبر انها طورت بأكثر مما فعلت (ليتوود) البحث في انماط التمثيل الشعبي والاقنعة، وفنون المهرجين وفنون الاكروبات"(12).

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9