أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، أبريل 05، 2016

جان جينيه وتدمير الأبويـــة / ا.د. عقيل مهدي يوسف

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 05, 2016  | لا يوجد تعليقات

   

لم تشكّل الكتابة عند جان جينيه بعداً مرآوياً للواقع بل استطاع بنصوصه المسرحية ان ( ينفي ) الواقع الاجتماعي الضاغط ، باختلاق قوانين جمالية شكلانية حّرة تتوازى مع توقه الذاتي الى الحرية ضد الاستلاب الواقعي الذي أجبره على الرضوخ في سجونه ، ومؤسسات عقابه ، وعاداته ، وطغيانه التأريخي ، على الآني.
أراد جينيه أن ينفي قوانين الواقع الاجتماعية السائدة في زمن الكولونيالية والرأسمالية ، ويجلب بديلاً عنها قوانين الشكل الفني الوهمية ، والمصطنعة ، والزائفة عن الأيدلوجيات المكرسّة او الشمولية ، حتى إن ظهرت في نصوصه ، عذابات ذاته المضطهدة والمستلبة وهي مفعمة بالكراهية ، والقلق ، والتمرد على طمأنينة زائفة وسط عالم من القسوة والرعب .
أراد أن يكرس لعبته الجمالية باستبدال وهم الواقع بوهم الفن ، أراد أن يدمر البنية الراسخة التي تلمّ شتات الواقع المتشظي ، بوحدة تخيلية ، من نمط أرفع ، وأكثر عاطفية ، ومثالية ، لايوجد فيها كائن أعلى سلطوي ، وآخر أدني تابع .
ان فئات مجتمعه المسرحي ، من زنوج ، وعرب ، وفهود سود أمريكيين ، وجنود حمر ألمان وخدم ، ورهبان ، ومجرمين ، وشاذين ، وجنرالات فرنسيين .... أصبحوا بعد أن أنعشتهم الرؤى الإخراجية لنصوصه ، كائنات خيالية لاتحيا الا في مسرحه الفردي الخاص.
يقول سارتر عن مسرح جان جنيه بأن أفكاره حلقة دائرية متزايدة السرعة باستمرار وإن قالب تفكيره مثل قرص متعدد الألوان ينتج الأبيض ، منطقة زائفة ، كينونة ومظهر ، يجذبه للمسرح ، الزيف ، الخداع ، التصّنع ، والمسرح أبرز أنواع الزيف وأكثرها حذاقة ، وشيطنة ، واصطناع .
إن جينيه يقلب أوضاع ممثليه وشخصياته بلعبة الأقنعة ، أبيض يضع قناع أسود ، وأسود يضع قناع أبيض ، ونسوة ينقلبن على طبائعهن البشرية فيظهرن بمظهر الرجال، ورجال يظهرون بمظهر النساء ، كأنها شخصيات مخترعة لاحقيقة لها خارج نطاق خشبة المسرح .
وحتى جمهوره يصيبه وبـاء جينيه الانشطاري ، فيتحول بدوره الى كائنات مراسيمية تسهم في طقوس وثنية مابعد الحضارات وبتراتيل مابعد المسرح ، والدين.
شخوصه تملصّت من منظورها النفسي والاجتماعي وكينوناتها الطبيعية الحيوية ، اللصيقة بنفعية المصالح والمآرب الأرضية ، لتتحول الى طيف أقنعة تقود الى متاهات من التوهم ، واصطناع الرغبات الغرائزية لتتقابل عبرها اللذة بالمنظومة الأخلاقية ، التي يصّر على التصدي لها ، بروحه العارية ، التي تزداد شبقاً عند التحامها مع الواقعي الساخر والمبتذل ، يدهشه البعد الفضائحي ( لذاته ) التي لاتحب ستائر ، وقواطع الحجب ، بقدر بحثها عن حقيقتها الوجدانية ، العاطفية ليحتمي بشظايا تدميرها  ، من التدميرية الحقيقية التي تزخر الحياة بها ، لاسيما في فرنسا الكولوينالية  وأوربا الخارجة من حروبها الضارية ، والماحقة لكرامة الإنسان ووجوده ، او بما أفرزته من نظم شمولية ، وشبكة عقائدية ، لاصطياد البؤساء من الناس ، واللقطاء ، والمتسولين ، والمتخلفين عن ركب الصناعة في بلدانهم الفقيرة
أراد جينيه في مسرحه ان يصدم جمهوره لمرتين ، مرّة في زيادة حدة الواقع الاجتماعي المتردي الخشن ، وأخرى في تأكيد كثافة فنه الجديد ، بتهديم الشفرات الفنية التقليدية المقننة ، وسعيه الى ابتكار شفرات فنية متعارضة مع المكرس ، سواء باللغة او التقنيات او اكتشاف سنن ( ماوراء المسرح ) meta- theater وهنا، تتعمق ( مسافة جمالية ) من نمط مبتكر تنزع الجمهور بعيداً عن عاداته ، وأعرافه الامتثالية ، والاندماجية مع ثقافة شائخة ، مريضة ، يحق لمثله أن يثور على مردودياتها النفعية ، ويثور على قوالبها الأيدلوجية ، والتجارية ، والتكنلوجية .
جينيه يقف بانحلاله الأخلاقي ، ورغبته العارمة لتدمير ذاته ، وثوابت مجتمعه ، وثقافته البرجوازية ، يقف ضد محاولات تحذير الناس ، وإشاعة النزعة الاستهلاكية بما تروجه الشركات والمصانع الرأسمالية من عبادة ( فيتيشية ) للسلعة ، وما تجرّه من أحادية تنميطية للذات الإنسانية ، ومن كبت ومصادرة تحت وطأة الإعلانات الترويجية الطاغية في رأسمالية السوق . هذا التململ من حالة ( التشيؤ ) او تسليع الكينونة البشرية ، أطرّ تجارب جينيه المسرحية ، وخلق الانطباع عنه ، في انه كافح ضد تجريـد الإنسان من صفاته الإنسانية ، حتى ان كانت صادمة لايطيقها الذوق العام ، المتشكل من كتلة صلدة ، صماء . أراد أن يقوض الحذر العام الخاص بثبات مايسمى بـ ( الهوية ) المتعالية ، في محاولة منه لتقويض هذه الهوية المفترضة الزائفة - أيضا – بنفي الذات في علاقتها بالموضوع وتهشيم المفهومات والتصورات عن عالم ميت ، قديم ، لاشأن له بعوالم فردية متنوعة تريد أن تؤكد كيفيات نظرية جديدة في التعامل مع العالم ، وموضوعاته ، بطرائق ذاتية خاصة بأساليب رؤى مغايرة .
في مسرحية ( الخادمات) تظهر غرفة نوم السيدة ، مؤثثة على طراز لويس الرابع عشر  الخادمة ( كلير ) ترتدي قميصها الداخلي لهجتها مأساوية ، مبالغ فيها تقول الى الخادمة ( سولانج ) :
   هــذه القفازات الأبدية علّقيهـــا فوق البالوعــة .
سولانج : ( تجلس القرفصاء ، تبصق على الحذاء الجلدي اللامع ، لتلميعه
كليـر: انظري الى صورتك في حذائـي ( ...)
  السيدة : ما أشد غبطتي عندما أحمل عنه صليبه ، سأتبعه من مكان الى مكان ، من سجن الى سجن ، ماشية على قدمي اذا لزم الأمر  سأتبعه حتى الى منفى المذنبين .
سولانج : إننا فاتنات مفعمات بالسرور وأحــرار .

                                ( ستـــــــــــار )

 قدمت أعمال جينيه في فرنسا ، وكانت القضية الأخلاقية تنظر من زوايا نظر مختلفة ، يساهم في صنعها المخرجون والنقاد ، والجمهور بأصنافه المختلفة.
وكذلك فهمت أعماله بطرق متنوعة في ألمانيا ، وفرنسا ، وأوربا.
وحاول بعض مخرجينا العرب أن يقدموا أعمال جينيه من منظورات مختلفة أيضا.
يقول جينيه :
 ( .. أعتقـد أن العرب لاتهمهم أعمالي في هذه المرحلة . )
ويعقّب ( أنا أعرف العرب عندهم حساسية " أخلاقية ، مفرطة .)
ان بطله الفرنسي أكثر حرية في رفضه ، بعد أن تحرر مما أسماه بالإرهاب العسكري ، والسيطرة الدينية الكنسية ، حتى ان كان رفضه غامضاً ، الأمر الذي يذكر جينيه بأعمال كافكا ، وبطله في رواية ( القضية ) ، الذي كانت حياته معرضة للخطر ، لكنه في الوقت نفسه كان يمثل دوراً غرامياً ، هزلياً مع إمرأة !
استطاع – جينيه – كما يذكر ان يكون أدبياً ، وسط اللصوص ، والبوهيميين في فترة خاصة .
لقد كانوا يتكلمون فرنسية سليمة ، وكانوا يقرأون كتباً جيدة ، ربما هنا نفهم مغزى ردّه على أحد منتقديه ، الذي لم يقتنع باللغة العالية ( للخادمات ) ، وقوله :
  وما أدراك بأنهن لايتحدثــــن هكذا .
يكتب ناقد عن جينيه بأنه كان يتوجه تدريجياً الى ممارسة الشر والجريمة ، وبالولاء نفسه الذي يتوجه فيه القديس الى الفضيلة والطهارة .
  ( ... ) يحوّل الجبن والقتل والخداع الى فضائل لاهوتية ، منطق شهواني لبيدي لنصوصه ويصف الناقد أسلوبه ، في رواية ( سيدتنا ذات ألأزهار ) بانه مستوى عالي من السفسطة والثقافة والفكر ، غنى في المفردات وحذاقة في التركيب والمبالغة في الاستعارات ، والإحساسات الهارمونية في الوزن ..
وشعره المسرحي ، محدّد بعنف مروّع ، وعدوانية شعر يغمر الحاضرين ويشوشهم ويثير خجلهم وسخطهم ..
كما يجد غولدمـان ( الماركسي ) في جينيه ( واقعيــة ) ويجـــد جوفيه ان جينيه ( طبيعي ) ، ويجده ليتزو بأنه ( برختي ) .  وآخر وجد في جينيه ممثلاً لما وراء المسرح بوثائقه النقديـــة المستمرة عن صورة الأنثى الأصلية وهي ( الدعـارة ) من خلال قنـوات ( سادية شعائرية ) خلقها الرجل بخياله ( زبائن ) الماخور !
الهام شعري ، وكبح الذات والسيطرة عليها بروح تدميرية سافـرة .
أعتقد  باتريك أو هيجنيز بان جينيه أول من فتح الأبواب على جمال الشذوذ الجنسي ، وعلى الحزن الكامن فيه .
رغبة جينيه الشاذة ، والمزدوجة ، يوجزها هو بنفسه حين سكن في فندق الهلتون بالمغرب العربي ، بقولـــه : ( .. لأنني كلب قذر ، أحبّ أن أرى هؤلاء الأنيقين يخدمون كلباً قذراً مثلي ! ) .
وهو بالطبع يستبطن مشاعرهم تجاهم ، وقناعتهم الطبقيــة والأخلاقية ، بأنه مجرد كلب قـــذر !
لم تدع قراءته لما يكتبه الغربيون عن ( الأدب العربي ) ان يلّم بحقيقة الإبداع في عالمنا العربي ، لذلك يسارع بالحكم بأنه أدب لايمس القضايا العالمية ، بل حتى أنه قاصر على ملامسة الشعور العربي نفسه .
ولايخفى جينيه سبب منعه من الدخول الى أمريكا ، بسبب شذوذه الجنسي ، ولصوصّيته السابقــة .
ويضيف : ..  أيضاً لا أستطيع دخول ( روسيا ) لأن جدانوف صادر كتبي في عهد ستاليـــن .
ويذكـــر ان كاسترو الزعيم الكوبي ، كان صديقـه
( لكني – كما يقول جينيه- لا أقبـل منه أية دعوة رسمية )
يرى - جينيه  - ان رجال البوليس لم يكونوا إنسانيين قط ، ويوم يصيرون إنسانيين ، فأنهم لم يعودوا رجال أمن .  ومن تجريداته في الحكم على الكتاب ، كان يعتقد بان كامو ينفعل أكثر مما يفكر ، وان فكتور هيجو كاتب ديماجوجي .
يعيد جان جينيه في مسرحياته دائماً ، تفحص مفهوماتنا الأخلاقية – والاجتماعية والعقائدية بوعي شقي لواقع شقي هو الآخر ، ومن خلال لغته المتخيلة يرسم فضاءاً جديداً يجمع فيها تفكك الأسرة الغربية ويلاحق كيفية تصدع قلبها المدني ، ويدرسها لا كما يبحث المحللون عن ( الأرض ) بل يتأملها بذكاء عاطفي – وجداني ، على ضوء معطيات جديدة ، مفارقة ، ومتغيرات حاصلة ، ليعيش في وسائل بشرية ، متطرفة ، نابذة للأخلاق المتداولة ، ولقدريتها المرسومة بشكل قبلي للحياة ، انه يخلق عالمه لحظة بلحظة ، بمثل ما يفعل في الحياة ، تراه فاعلاً في المسرح في الخادمات تبزغ المعجزة لا في انتظار المخلص ، بل انه يمارس ببساطة دور الهيمنة للسيدة الغائبة من قبل الخادمـــات أنفسهن .
انه يمثل عالمه الجمالي ويتكيف معه ويوحده بعد ان كان منفصلاً في عالمين متميزين ، الحياة والفن حيث يزج نفسه ، ويذوب في عوالمها المتخيلة العجائبية ، بمثل ركوبه كوارث الحياة . ثمة تطابق بين شخصية الراغب بتدمير الحياة  بمثل شوقه العارم بتدمير أشكال المسرح ، وتدمير المجتمعات الغربية ، وما كرسته من ثقافات متتالية في تاريخها فهو يعتقد بان شكل المسرح لم يعد مجدياً ... وأشكال الكتابة الموجودة حتى الآن استهلكت بما فيه الكفاية ويؤكد تأييده للصوص العالم كلهم ضد الأمريكان الأغنياء ويضيف :
 ( إننا كلنا سراق ، إنما هناك اللص الشريف ، وهو الذي يسرق الأغنياء ويعطي شيئاً للفقراء ، وهناك اللص الخائن المجرم ، الذي يسرق الفقراء ويتقاسم مع أمثاله ، ماسرقـــه . )
  وفي علاقته مع الديــن ، يرى بان الإنســـان قد يكون وفيّاً بدون دين ، او خائناً ، وله ديـــن .
ولايضمر إلحاده ، فهو يقدسّه ، بمثل مايقدسّ الآخر دينه السماوي . هو يشعر بأنه طفل مهجور ، بلا أم لا أب .
ويقول : ( تسولت لفترة من حياتي ، وكنت أنام في الشوارع وتحت الجسور .)
وكان في حياته البائسة يسرق ، وينام مع الرجال من أجل لقمة العيش !
كان جينيه عازماً على حضور مهرجان المسرح العالمي الأول في العراق ، وحين سأل عن عزمه لحضور المهرجان أجاب :
    ... طبعاً .. هذا اذا لم يعقني المرض أو أي أمر يمنعني من الحضور ،
     لقد وجَهّوا لي دعــوة رسميــة .
يعرف جينيه العربية الدارجة ( المغربية ) ، ويستطيع أن يتهجّى الحروف العربية ، ويكتبها بدون أخطاء كان كما يقول محمد شكري عنه ، إنسانياً جداً مع الشباب السود والسمر ، ويشفق على البائسين . ويتناول كثيراً من الأقراص المخدرة ، فلا يعود يتذكر جيداً مايحدث له، لم يكن صريحاً مثل تنسي ولميامز ، بل كان مغروراً .
ذهب النقاد في تقويمه مذاهب شتى ، حسب منطلقاتهم الفنية والجمالية والأيدلوجية ، اتفقوا على ان مسرحه ضرباً من الأحاجي ، وعواطفه يتداخل فيها الحب بالكراهية ، والحسد في الازدراء .
ويعتمد على المراسم المازوكية والسادية ( كما في الخادمات مثلاً ) وكأن الشر في داخل جينيه هو استعارة فنية من حقائق الدنيا نفسها ، وما رجل المصارف سوى سارق محترم !
وما الراهبـة الا بغـي متساميـــة .
بمثل هذا الرفض الشنيع لأخلاقية الواقع ، يعبّر عن كم هائل من محركات الروح التدميرية ، التي دشنها في سلوكه العام ، على مستوى الشخص الاجتماعي ، وكذلك عبّر عنها في سلوكه الإبداعي ، وهو يكتب نصوصه المسرحية .
عبّر عن تدميريته هذه ، بما يسمّى بـ( التماهي الاسقاطي )  حيث صبّ سوءه وعدوانيته على مجتمع البرجوازيين ، مثل السيدة في مسرحية السود ، وجنّب الخادمات اللواتي يتعاطف معهن من هذه الشرور ، وكأن يقدم ( هوام ) Phantasy   على شكل نصوص حسّية مسرحية ، من قتل واغتصاب وتدمير ، كاستعارة لأشكال إشباع بدائية ، ورغائب جنسية مكبوتة .
روبرت بروستاين يوصف جينيه بأنه سيمائي ، إبداعي ، خصي ، بميوله الراديكالية الميتافيزيقية ، وهو معادل عصري لديانات الغموض والأسرار ، وانه يبرر فشله في مسرحية الخادمات ، بأنه راجع الى تحيّزه اذ يجعل الشخصيات على المسرح تشبيهات حسب لما هو مفروض ان يمثلوه .
لقد أراد جينيه ان يرّد الاعتبار لما هو خسيس !
بان يجعل من الرجس شيئاً أنيقاً ، غنائياً ، شاعرياً ، انه ( هدّام ) ضد المدنية والمجتمع المحترم ، ويبحث عن اللعنة من جنسه البشري ، كأنه يعيد توصيف رامبو لنفسه وهو يكتب ( كانت النكبات ربي . لقد حططت نفسي في الوحل ، وجففت نفسي في هواء الجريمة .)
هل وصل جينيه في مسرحه حقاً الى تقديم صورة فنية ، لإبادة الجنس الأبيض بأسره ، كما يدعي بروستاين ؟ حتى القضاة هم متلازمون مع الحياة .
يقول القاضي في مسرحية ( الشرفة ) : ان وجودي بصفتي قاضياً هو فيض منشق من وجودك بصفتك لص .
هل هذه الروح العدوانية ، تعبرّ عن نفسها بالحروب التي خاضها الغرب الكولونيالي ، بوصفها من أمراض الجسم الرأسمالي نفسه ، ومن إفرازات التدميرية الاحتكارية ضد المستهلكين ، المحاصرين بأشدّ أنواع الاستغلال ، والتهميش والإبادة ؟
يذكر كريستوفر إنيز – بأن قهر الشعوب المستعمرة في مسرحيات جينيه ، لايطرح بغرض ابراز التحرير السياسي ، ان البؤس الذي تعانيه هذه الشعوب يتم إعلاء قيمته باعتباره خطوة ضرورية في طريق السمو والتأله الروحي الذي يعتمد بشكل كبير على قسوة المستعمرين وظلمهم ويضيف إينـز :
   لقد احتلت الرموز الجنائزية مركز الصدارة في مسرح جينيه محل علامات رمزية أخرى مثل القبضات المضمومة والأعلام الحمراء التي عرفها المسرح السياسي .
في قراءة للمسرح المعاصر ، يثبت جان بير رينجير بان مسرح جينيه يعتمـد على ( التمسرح ) ، وعلى تأكيد الإيهام بكل صوره ، ذلك لان جينيه يرفض العالم الواقعي ، ويروم خلق عالم تسوده ( الطقسية ) و ( الموت ) .
وهنا تبرز الحالة التدميرية بربطها للعالم الحسيّ الواقعي ، بعالم الفن ، باختلاط عجيب ، وليس مثل جان جينيه من ارتبطت حياته بانحرافاتها الشنيعة ، بانحرافات فنه المأخوذ بانزياحاته الشاذة ، الخارجة على قوانين الحياة ، ينتقم من الأبوية في الفن ، وهو ما تبينّه رسائله الى مخرج أعماله ، لأنه ان كان لايفهم كثيراً في الإخراج المسرحي ، فانه يفهم نفسه أكثر من أي إنسان آخر.


المصــــادر

1-                       جان بيير رينجير / قراءة المسرح المعاصر
          ترجمة : أ.د. حمادة إبراهيم
          مطابع المجلس الأعلى – القاهرة : 2004 .
2-                       كرستوفر إينز / المسرح الطليعي / القاهرة
          مطابع المجلس الأعلى القاهرة .
3-                       بامبر جاسكوني / الدراما في القرن العشرين .
          ترجمة : محمد فتحي – دار الكتب العربي للنشر والتوزيع .
4-                       محمد شكري / جان جينيـه في طنجــة .
          منشورات الجمل ط2 : 2006 .
5-                       روبرت بروستاين / المسرح الثوري .
          ترجمة : عبد الحليم البشلاوي – القاهرة.
6-                       مسرح العبث / ترجمة د. عبد العزيز حمودة .
         المطبعة الثقافية – القاهرة : 1970 .
7-                       جان جينيه / الخادمــــات.
         ترجمة : سمير احمد ندا
         مطبعة دار التأليف بمصـر .
8-                       يوسف عبد المسيح ثروت / دراسات في المسرح المعاصر .
         مكتبة النهضة ط2 – بغداد : 1985 .

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9