أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الثلاثاء، أبريل 05، 2016

لغة الجسد في عروض مسرح الشباب في العراق..(الواقع والتوصيات)/ أ. م. د. أحمد محمد عبد الأمير

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الثلاثاء, أبريل 05, 2016  | لا يوجد تعليقات


يكتسب الشاب وعيه بذاته من خلال اكتشافه لدواخله الدفينة كما أنه يدخل في علاقات مع العالم الخارجي، من خلالها تنشأ الحاجة لأن يبدل العالم أو ذاته أو طريقة التعامل معه، وتتخذ هذه الحاجة أنماطاً أدائية مختلفة كانت اللغة الجسدية (الإيمائية) أولى لبنات تشكلها في عمل فني حركي يعبر عنه .
يثير مصطلح (مسرح الشباب) مفاهيم وخصائص عدة منها: أنه يختص بفئة عمرية محددة تهتم بطرح أهم قضاياهم واهتماماتهم الثورية والتغيير والتطوير في الأداء الحركي، وكذلك عدم التبعية للأساليب والتجارب السابقة لهم ولا سيما التي تتسم بالأسلوب الأدائي الرتيب والجامد. الشباب فئة عمرية تميزت بالطاقة والحيوية البدنية، والحسية، والوجدانية، تساهم هذه العناصر في تحديد أهم خصائص تجاربهم الفنية ومنها: الاعتماد على الإيماءة الجسدية (لغة الجسد) في التعبير عن تلك الطاقة والحيوية البدنية، والإيقاع الحركي المرن، والتجريب الأدائي الحر، وبالمقابل ضعف الاعتماد على الكلمة المنطوقة وانحصار قيمتها معهم، على الرغم من أن كلاهما (الصوت ولغة الجسد) ينبعان من نفس المنبع وهو البدن. مرد ذلك إلى ضعف التواصل الشفاهي لديهم وعدم اكتمال خبرتهم اللغوية (أو عدم اكتمال نضوج القدرة الذهنية) بمقابل نمو الإمكانات البدنية وجاهزيتها الأدائية .. فيكون التوجه نحو فنون الحركة والتمثيل الصامت (البانتومايم، المايم الجسدي، والمايم الموضوعي، والمايم الذاتي، مايم خيال الظل..)، وفنون الرقص (الباليه، الرقص الدرامي، الرقص الحر، البريك دانس، والهب هوب..)، وفنون الحركة (الجمناستك، الجمباز، الأكروبات ..) سائد في نشاطاتهم الفنية منذ زمن طويل واتسمت بسماتهم، إذ عرف الكثير من مؤسسي ورواد تلك الأنماط والأنواع كانوا من فئة الشباب. مع العلم أن الأمم المتحدة قد حددت المرحلة العمرية للشباب ما بين (14 – 29 سنة) .
تعد لغة الجسد (الإيماءة) جزءاً من نشاطنا وسلوكنا الاجتماعي – وفقاً لرؤية (ميرلو بونتي) – ويرى (فرويد)” عندما تصمت الشفاه تتكلم الأصابع”، بل تتعدى أحياناً ذلك النشاط، عبر محاولتها إعادة صياغة الوجود وفق رؤيا أدائية فنية خاصة تتجاوز عادية الإنشاء والبث. وهذا ما يفسر استمرار وديمومة ذلك الفن العتيق، إلى جانب الاهتمام والشغف به، والعيش وسط الصمت ليأخذ حيزاً يتجاوز كل النشاطات اللغوية. فضلا عن أنها أبرز نشاط بدني مستثمر في عروض الشباب، فالأوضاع التي تتخذها الإيماءة في عروض مسرح الشباب ناتجة عن خضوعها لمنظومة نفسية وبيولوجية ودلالية متكاملة من ناحية (الشكل والمضمون)، أي احتوائها الجانب المعرفي والجمالي معاً والذي يبعدها بكل الأحوال عن صورة الواقع بدرجة ما، فهي محملة بدلالات مقصودة الإنشاء وخاضعة لفكر هادف يسعى لتحقيق غرض دلالي معين، وتحقيق غرض ما نبيل، وبذلك تبتعد لغة الجسد (الإيماءة) – في عروض الشباب – عن كونها سلوكاً عادياً أو نشاطاً إنسانياً تواصلياً فحسب .
الرقص ثاني أهم نشاط بدني بارز في فعاليات الشباب الرياضية والفنية والجمالية وهو علامة دالة إلى النشاط البدني والطاقة الجسدية والحس العالي بالإيقاع الحركي، فضلا عن ذلك أن أغلب المؤسسين لهذا النمط من الأداء الفني هم من عمر الشباب والفتوة أمثال الراقصتان (ازادورا دنكان، وسانت دينيس) الأمريكيتان مؤسستا الرقص الدرامي الحديث كانتا في عمر الفتوة، كذلك الحال مع الأنماط الأدائية الأخرى المعتمدة على توظيف الجسد ولغته (البانتومايم، والمايم، والجمباز والسيرك ..). عموماً، يعد الرقص أقدم الفنون وأعرقها، إذ يخاطب الآخرين بلغة الحركة للتفاعل مع المجموع والتعبير عن مظاهر الحياة. وعلى نحو يكون فيه المؤدي والمشاهد مشتركان معاً في إنتاج المعنى ضمن إطار الحدث ذاته، أو الطقس الروحي الذي يحيطهما من هنا أكتسب الرقص المعبر خصوصيته وهويته الثقافية التي تجسد صورة هذا المجتمع أو ذاك من خلال تقديمها على هيأة فعل معبر(1).
يعرف صاحب المقال الرقص الدرامي: بأنه : نمطاً مسرحيا يركن إلى انسجام التشكيل الحركي تماشياً والإيقاع الموسيقي ليرسم صورة جمالية في وعي المتلقي، يلبي ويعتمد في الوقت ذاته عن حاجات نفسية ويخدم أغراضاً فلسفية وجمالية وشعورية، ليقدمها في عملاً أدائي تعبيري واحد .
وبهذا المعنى يصبح العرض الدرامي الراقص تجسيداً أو خلقاً للواقع بفعاليته وديمومته ذاتها التي تحدث بشكل ملموس، لذا فقد تمتع بخصوصية شعورية الحياة نفسها، بمعنى أنه مسرحة للواقع، يقدم المعنى أو ينتجه في وعي المشاهد من خلال قيمة فكرته الفلسفية الأساس، والتي تنقل حالة شعورية وفكراً ذهنياً على نحو ما مع ملاحظة قابلية حركاته للتحول، الأمر الذي يجعل منه وبكل الأحوال قابلاً للفهم وفقاً للسياق الذي يرد فيه(2).                                                      على وفق ذلك، يعمل الرقص الدرامي على تفعيل الوعي وتعميق قراءته للواقع من خلال تقديمه بصورة جمالية، ذلك أن الأنشطة الاعتيادية تبدو ذات طابع غرائبي حينما تقدم في إطار فني يدفعنا بالنتيجة إلى إعادة اكتشاف ماهيتها من خلال تشكلها الظاهراتي. كما أن للرقص الدرامي وظيفة الإضاءة الرمزية للحقائق الإنسانية التي لا يمكن التعبير عنها لغوياً، وذلك من خلال المزاوجة بين الوظيفة التعبيرية والحركة الدالة (3). لذا يمكن القول بأن فن الرقص الدرامي ومن خلال حركاته المعبرة كدلالات وعلامات يساعد على احتواء تاريخ الإنسانية، من خلال إدراكه (تشخيصه) وإعادة إنتاجه (تجسيده) شعورياً كما يظهر لتجليات الوعي والوجدان، إذ يرتبط فيه التجسيد الخارجي بالتعبير الجسدي عن المشهد الطبيعي، أي أن خصائص الحركة الأدائية المعبرة تصبح بهذا المعنى متخطية لنمطية الأسلوب أو المنهج، أو حتى مجرد التعبير عن شيء معين، بل تصبح طاقة معبرة عن فلسفة كاملة يتلازم فيها التمظهر الخارجي مع المضمون.
الرقص هو لغة الجسد المؤداة بإيماءات وتحريض وتفعيل مع الروح، ولهذا فهو يشكل علاقة تواصلية مع الآخر المحيط به، والموجه خطابه قصدياً إليه، كما أنه وفي الآن ذاته محاولة للاستمرار في الواقع والتفاعل معه والتحاور جدلياً مع قضاياه الوجودية. والرقص بمعناه الواسع هو انتفاضة جسدية قد تكون أو تبدو غامضة أحياناً. لكنها تبقى بكل الأحوال انتفاضة يقيمها ويحكيها الجسد، إنه غوصاً في أعماق الذات ليساهم في إغناء كينونتها الإنسانية، إنه تعميق وتوسيع حدودها وثراء معناها: كما ويمكن القول بأن الرقص الدرامي (كوجيتو) ديكارتية، يؤكد عنفوان الإنسان من الداخل ما دام هناك تقويم متواصل لهذا الداخل وهكذا (أنا أرقص إذن أنا موجود)، فالرقص توازن الروح مع الجسد وتوازن الجسد مع الواقع، وتوازن الروح مع الروح من خلال الجسد، وتعبيرا عن طاقة الشباب وهويتهم الفنية .
شهدت عروض الشبابية الإيمائية الصامتة في العراق طفرة مهمة في العقد الأخير من القرن العشرين (2000م – 2014م) على المستوى التمثيلي (التمثيل الصامت بأنواعه المتعددة: البانتومايم، والمايم)، والأداء الراقص (الدرامي والحر والتعبيري) برزت فيها عدة فرق ومجاميع وورش مهمة قدمت تجارب جمالية مهمة وأنواع وأنماط أدائية مختلفة ما بين الحديثة والمعاصرة، معتمدين على انفتاح حركة التنقل والسفر والمشاركات الخارجية والتواصل الالكتروني المتمثل بالتلفاز وشبكة الانترنيت، فتحت تلك الوسائط المجال واسعا للمعرفة والاطلاع والاحتكاك، إلا أنها عانت من تلكؤ وقفزات جمالية وأدائية متباينة (وبالخصوص فنون الرقص) دلت على وجود إشكالية في الجانب المعرفي ناتج ذلك عن ابتعاد أغلب المؤسسات التعليمية والفنية عن تدريبها وتدريسها ضمن منهاج دراسي، وعدم وجود بني تحتية ومدربين خاصين، ولد ذلك قصورا معرفيا واضحا، فضلا عن ذلك لا بد من الإشارة أن الرقص فن وافد وليس جزءا من البنية الثقافية المحلية وتطور ومر بعيدا عنا قرن كامل على حداثته ومعاصرته، فلا يمكن التنبؤ أن يكتب له الديمومة والاستمرار في العراق .
** نتائج البحث في التعبير الجسدي في عروض الشباب تشير إلى النقاط التالية:
عروض تميزت بدرجة ما بالطاقة والحيوية البدنية، والحسية، والوجدانية، ساهمت في تحديد أهم خصائص تجاربهم الفنية، وأن الاعتماد على الإيماءة الجسدية (لغة الجسد) عبر عن تلك الطاقة والحيوية البدنية .
ضعف الاعتماد على الكلمة المنطوقة وانحصار قيمتها، على الرغم من أن كلاهما (الصوت ولغة الجسد) ينبعان من نفس المنبع .
تنوع لغة التعبير الحركي ما بين فنون التمثيل الصامت (البانتومايم، المايم الجسدي، والمايم الموضوعي، والمايم الذاتي..)، وفنون الرقص ( الرقص الدرامي، البريك دانس، والهب هوب..) .
أمكن لها أن تقدم مدلولات متعددة ومتغيرة ومتحولة وفقاً لجدل وجودي مستمر في محاولة لوضع حلول فلسفية لقضايا النزاع (الكونية، الإنسانية) القائمة بين: (الأنا، وإمكانياتها)، (الحلم، الواقع)، (الفرد، المجتمع)، (المجتمع، السلطة) ..
لها القدرة على خرق مفهومي الزمان والمكان وذلك عبر تنقلها الدلالي المرن ورصدها لمتغيرات العصر ومستجداته من قضايا وطروحات وأزمات إنسانية وقابليتها في الانتقال أو التنقل بين أشكال الواقع المفترض، وما ينبغي له أن يكون، وما هو كائن بالفعل .
استحدثت أشكال أدائية معبرة تعتمد مبدأ التجريب في توحيد واستكمال جمالية الشكل ودلالية المضمون عبر الجمع ما بين أنماط أدائية عدة مختلفة أو إدخال أجناس فنية لا مسرحية كالسينما والتقنية الرقمية على المسرح .
حاولت أن تكشف البعد الثقافي للمجتمع وتصور أزمة الذات الفردية إزاء المجموع على المستوى الاقتصادي والديني والنفسي والفكري، كما حاولت أن توسع من الأفق المعرفي للمشاهد بكل القضايا المهمة التي تخص الإنسان ابتداءً من الواقع وحدوده وانتهاءً بالحلم غير المتحقق .
تجارب كُثفت واُختزلت عبر إيماءات معينة لتعبر عن محنة إنسانية لا تملك أحياناً (في العرض) اسماً أو حتى هوية  بعيداً عن الشرح والتفصيل ومعبر عن الملامح الداخلية للشخصية.
التركيز على نمط التمثيل الإيمائي الصامت دون الأنماط الأخرى على اعتباره قريبا من الثقافة الإنسانية ويمتلك المقبولية الاجتماعية على خلاف فنون الرقص .
شبكة الانترنيت كان لها الدور الكبير في التواصل التقني لمسرح الشباب وتطوير إمكاناته الأدائية مع فنون الحركة الحديثة والعمل على اختصار المسافات الثقافية والمكانية ما بين الداخل والخارج، والبعض لجأ إلى استنساخ بعض مشاهده .
ضعف المرونة وقلة الحيوية والخفة الحركية للمؤدي الشاب، مرد ذلك إلى غياب البرنامج التدريبي البدني الخاص بالممثل الصامت أو الراقص. إذ يعتمد في الغالب على فتوة الممثل وحيوية جسده .
الخلط غير المنهجي ما بين الأنماط الأدائية المختلفة في التجربة المسرحية أوقعها في ضبابية التصميم وغموض الشكل الأدائي ودلالاته، دل على قصور معرفي في الأنواع والمناهج الأدائية المختلفة وقلة خبرة في التصميم الحركي . يعود ذلك إلى الأسباب التالية:
ـ عدم وجود مدارس متخصصة في التدريب الحركي لفنون التمثيل الصامت والرقص الدرامي داخل المؤسسات الأكاديمية والفنية التي تفك الاشتباك المعرفي والأدائي ما بين فنون الأداء الحركي .
ـ عدم الاهتمام باللياقة البدنية للمؤدي الشاب وغياب البرنامج التخصصي بالممثل الإيمائي الصامت والراقص الدرامي .
ـ قلة تواجد الفرق والورش المتخصصة في التمثيل الصامت والرقص الدرامي وينحصر ذلك في: (فرقة مردوخ)، و(فرقة أكيتو للرقص الدرامي)، (فرقة الديوانية للتمثيل الصامت/ لمنعم سعيد)، (ورشة دمى للتمثيل الصامت وخيال الظل /في بابل د. أحمد محمد)، و(فرقة مستحيل/ لأنس عبد الصمد) والتجمعات الشبابية في البصرة، فضلا عن قلة الدعم المادي والإعلامي .
ـ النظرة الدونية نحو فنون الرقص في الثقافة الاجتماعية المحلية أعاقت استمرار فنون الرقص وفرقه والمجموعات في العراق كنشاط فني وجمالي .
ـ قلة الاختلاط الخارجي المشارك في المهرجانات المسرحية وندرة المشاركة في مهرجانات الرقص والتمثيل الصامت .
ـ عمل الرقص الدرامي على إثارة الدهشة لدى المتلقي العراقي، وتعمل على جذب الانتباه عبر تزامن حركية الأداء ووحدة التعبير ليغدو حدثاً ينشط في ترك بصماته كأثرٍ جمالي في وعي مشاهده .
ـ عمل الرقص الدرامي للتجارب المحلية إلى ترجمة إشكاليات الحياة وتقلباتها إلى صور حركية جمالية معبرة في مجال أوسع مما في اللغة اللفظية والتي جعلت من هذه الترجمة مجرد ترديد لمجرياتها، وفرضت بالمقابل أساليباً أدائية تقليدية استنفذت معناها، إلى حد قد تفقد معه سحرها وجاذبيتها. لكثرة تداولها واستخدامها المتكرر. وهو ما حدى براقصي ومصممي الرقص الدرامي (الكوريوكراف) الحديث إلى البحث عن أشكال أدائية ذات قوة مؤثرة تخلق واقع جمالي جديد أكثر من مجرد افتراضه .
ـ تتميز لغة الجسد، بقدرتها على تقديم الهوية المحلية والإقليمية أيضاً، كما أن بمقدورها التعبير عن المكان والزمان وعن المحتوى النصي للعرض، والأهم من ذلك هو في قدرته على التفاعل مع مكونات خشبة المسرح .
لا مستقبل على المدى البعيد للرقص الدرامي في العراق على اعتباره بعيدا عن البنية الثقافية المحلية على خلاف بقية الأنواع الأدائية المعتمدة على التمثيل الإيمائي الصامت الذي يمكن التنبؤ باستمراره وتطوره على المدى البعيد .
** يوصي صاحب المقال بما يلي :
العمل على إقامة ورش متخصصة في التعبير الحركة (التمثيل الصامت، الرقص الدرامي) يقدمها فنانون متخصصون يتم ابتعاثهم من محافظات مختلفة تستمر لعدة أيام يكون مرافقا للمهرجانات المسرحية .
إعادة الاعتبار والاهتمام بدروس اللياقة البدنية في منهاج المؤسسات الأكاديمية والفنية والفرق الجماهيرية مع ضرورة وجود برنامج تدريبي خاص ومدرب متخصص .
ضرورة وجود قاعات خاصة بالتدريب على عروض المسرح الحركي التي تحتوي على أرضية مطاطية صالحة للتدريب، إذ تفتقر معظم المؤسسات إلى تلك القاعات، التي لا تتطلب مبلغا ماديا باهضا .
تبادل الخبرات ما بين المؤسسات الأكاديمية من خلال إبتعاث أساتذة لهم خبرة بالتعبير الحركي والتدريب البدني كون تلك المؤسسات الرافد التربوي الأساس لمسرح الشباب .
يُوصي صاحب المقال بإعادة تدريس مادة التمثيل الصامت لطلبة الأقسام المسرحية نظراً لما له من دور كبير في إثراء مخيلة الطالب وجعلها مولدة للتنوع الأدائي أكثر من السابق.
تدريس مادة فن الرقص الدرامي لطلبة الدراسات الأولية، نظراً لما هذا الفن من قدرة على تنمية جمالية الجسد وتحرير الأفكار وتنشيط قوى الذهن والمخيلة .
يوصي صاحب المقال ببرنامج تدريبي بدني للممثل الإيمائي، فلغة الجسد يعتمد بالدرجة الأولى على الحركة أو الفعل .كما ويعاني أكثر الممثلين من الحالة الذهنية في أثناء التمرين، وأن الحالة الذهنية الطبيعية للممثل وما يصاحبها دائما من حرية كاملة في حركة الجسم هو ناتج الاسترخاء التام للعضلات. وللحالة الذهنية والتركيز دورا مهما في الإدراك الحسي في التمثيل الصامت، التي تتطلب تركيزا ذهنيا عاليا وتحفزا للطاقة البدنية واسترخاء تاما للعضلات تعينه على الوثوب الحركي والتشخيص والتجسيد الحركي لكل العناصر البنائية للعرض الصامت، فما معروف في التمثيل الصامت هو القدرة الإيمائية الناتجة عن الذهن الواثب والجسد المتمكن من أداء الحركات بسرعة ودقة عاليتين، فالحركة والتدريب الرياضي والنشاط ضروريان للممثل الإيمائي، إذ يرى الممثل الإيمائي الفرنسي (اتيان ديكرو): إن ممثل المسرح الصامت يجد راحته في عدم الراحة. فيحتاج الممثل الإيمائي الصامت إلى التمارين الرياضة قبل البدء بالتمارين المسرحية، وهي :
الركض (5 – 15 دقيقة) يوميا أو ثلاثة أيام في الأسبوع في حالة عدم وجود تمرين مسرحي، تساعد على: تنشط العضلات، والدورة الدموية، وتفعل عمل الدماغ، ومرونة المفاصل.. مما يمنح الممثل لياقة بدنية جيدة وتحسن المزاج العام .
تمارين (الهاثا يوغا ): قبل البدء بالتمارين، لمدة (5 – 10 دقائق) وهي تمارين يومية، أو ثلاثة أيام في الأسبوع ، مع استخدام الموسيقى المناسبة أو بدونها شريطة العزلة والهدوء التام، باستخدام تمارين التركيز وتحفيز الطاقة المعروفة في مرحلة (الهاثا يوغا) الملائمة للممثل المسرحي مما يساعده على التركيز بشكل صحيح وتنشيط الطاقة الذهنية والبدنية بشكل واضح .
الاهتمام بالعضلات وجعلها نشطة وقوية تساعد الممثل في القيام بالحركات القوية كما تمنح للممثل قواما جميلا، فالمتلقي يرغب في رؤية جسد جميل (مثالي) مما يسقط عليه مفهوم الجسدنه (المطروح من قبل علماء النفس) أي تبادل الأدوار الجسدية ذهنيا، مما يحقق المتعة الذهنية والبصرية. يقول الفرنسي (جاك ليكوك): جئت الى المايم من خلال الرياضة .
تمارين المرونة والخفة للجسد الكامل تبدأ من الرأس إلى الأطراف السفلى، تساعد الممثل ليمتلك جسما مرنا وتبعده من التشنجات والتمزق العضلي .
تمارين الأكروبات الضرورية لاكتشاف قدرات الجسد والجرأة الذاتية في أداء الحركات الصعبة، وتشكيل الوضعيات الجسدية الضرورية في التعبير الحركي المعاصر القائم على الحركة السريعة والتشكيل البنائي الأجساد المؤدية شأنه شأن كل فنون الحركة، إذ عرف الممثل (شارلي شابلن، واتيان ديكرو، ومارسيل مارسو، توماشفسكي) من ممارسة التمارين الأكروباتيكية . يرى المخرج البولندي (توماشفسكي): فنان المايم المثالي لاعب رياضي حساس .
تمارين الإيقاع (الرقص): لأجل الوصول إلى حالة المرونة والانسجام الدقيق بين التعبير المرن ومضمون الدراما عليه أن يتعلم الرقص المصاحب للموسيقى إذ تمنح جسد الممثل قدرا عاليا من السيطرة والخفة والسرعة الأدائية ولا بد من التنويع في نماذج الموسيقى والإيقاعات، من مثل تمارين (ارو بسك)، إذ تدرب (مارسيل مارسو) على الرقص وطبقه في أعماله، كذلك منهاج فرقة المخرج البولندي (توماشفسكي) .
تمارين الاحماء ضرورية لتهيئة الجسد وقل إجراء التمارين المباشرة للعمل الإيمائي الصامت ( 10 – 15 دقيقة ) وكما مبين في الأشكال .
Ahmeed_pantomime@yahoo.com
fin.ahmed.mohammed@uobabylon.edu.iq
د. احمد محمد عبد الأمير / باحث أكاديمي مخرج ومؤلف مسرحي مؤسس (ورشة دمى للتمثيل الصامت وخيال الظل)/ جامعة بابل كلية الفنون الجميلة

** المصادر:
([1]) كرومي، عوني وآخرون: تقنيات تكوين الممثل المسرحي، بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 2002، ص 162 .
(2) كرومي، عوني وآخرون: المصدر نفسه، ص 163 .
(3) كاي، نك: ما بعد الحداثة والفنون الأدائية، ت: نهاد صليحة، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999، ص 122 و 131 .

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9