أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

السبت، أبريل 09، 2016

محسن العزاوي.. التنوع والتعددية في عمل الإخراج /د. فاضل خليل

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, أبريل 09, 2016  | لا يوجد تعليقات

مجلة الفنون المسرحية
الفنان محسن العزاوي 

فهو في كليهما – التمثيل والاخراج - قل نظيره ـ ممثل مجتهد ، ومخرج مشاكس . ذو خيال يقظ ، لخياله قدرة اقتراح الحكايات المغايرة والمماثلة غالبا لحكايات نصوصه التي يختارها – مهما كانت غرائبيتها العجائبية – وبذات القيمة ، بل أحيانا بقيم أعلى ، أو بحال قريب من أفكار من يشتغل لهم وكأنه استقاها من ارث مجتمعه لا من التراث المغاير.

له رأي في المسرح – اليوم - لا ينطق عن الهوى ، مفاده : بأن عروض مسرح اليوم سيئة اذا ما قورنت بعروض الأمس والماضي القريب . ! لقد فقد المسرح _ في رأيه _ الكثير من واجباته ، حتى أنه بسببها فقد بريقه ووظيفته الاجتماعية التي تمكنه من إدراك وسطه الاجتماعي ، لابد لمسرح – المستقبل - اذا ما اراد اللحاق بمسرح الأمس وجمهوره وبمسرح العالم المتقدم ، أن يقابل خمول اليوم بمنشطات تتجدد على الدوام . وهذا يستحيل من غير ما توفير المال والقيادة والخزين المعرفي النشط ، والمحفزات التي تعرف طريقها الى ما هو معرفي وثقافي . يقول محسن العزواي : ان الوسط الفني اليوم منقسم الى مجاميع مبعثرة ومنقسمة . اضافة الى ان هناك شحة في نسائه ، وشحة في مؤلفيه ايضا ، وهو العائق الذي يعترض طريق تقدمه وانطلاقته . رغم ذلك – العزاوي يقول : - لو خيروني قبل أن أختار طريق الفن لما اخترت غير طريقه . ومهنة الاخراج بالتحديد رغم غياب المواهب وغياب الوعي والالتزام ، وشيوع ظاهرة الغرور ، وكره المسرح .
هذا هو محسن أحمد العزاوي الذي عرفته منذ أكثر من أربعين عاما باختصار . الذي قبل أن ألتقيه ، التقى والدانا بمهنة الحلاقة . لقد أكد محسن العزاوي في بعض لقاءاته على أنه ابن حلاّق انتقَّل من شمالي ديالى بعد الحرب العالمية الأولى ، واستقرّ في مدينة الناصرية التابعة إلى لواء المنتفك آنذاك . وعن طريق مجايليه من اقرانه وعارفيه في مدينة الناصرية ، كان اسمه يتردد كثيرا على ألسنة مثقفيها وادبائها وفنانيها من معارفه الداعمين لتوجهاته الفنية من أمثال الأخوين نعمة وعبد الرزاق رشيد الناصري ، و نزار عباس ، ولطيف أطيمش ، ويحيى عبد المجيد ، واسماعيل فتاح الترك ، والقائمة تطول لتضم عزيز عبد الصاحب ، والروائي – ضائع الصيت – عبدالرحمن مجيد الربيعي – فلقد كانت له محاولات مسرحية ناجحة - . ولأنه ينتمي الى عائلة متوسطة الحال او تقل ، صار يزاول اعمالا لسد احتياجاته الخاصة فتنقل من بائع للصحف ، وعامل للبناء ، و( صانع حلاق ) مع أخيه عدنان . وصف مرحلة الحلاقة التي امدته بالمادة الروائية المستقاة من أحاديث الزبائن الجالسين بين يديه للتزين والحلاقة التي الهمته بالافكار الدائرة في رؤوس زبائنه ، تلك الرواية التي أشاد بها أساتذته . لكنها سرقت منه وتم نشرها في احدى الصحف الامر الذي دفع بسارقها الى تعويضه بمبلغ دينار واحد نقله من الناصرية الى بغداد حيث التقديم الى معهد الفنون الجميلة . ولتمسكه بكلمة ( الاشتراكية ) انتمى الى أكثر من حزب . كل هذا وغيره رسخه في ذاكرتي شخصا استثنائيا واسما مهما . هو ( محسن أحمد العزاوي ) الذي التقيته فيما بعد وفي ذات البناية ، عندما كنت انتظر دوري للمثول امام لجنة قبول المتقدمين لدراسة الفنون في اكاديمية الفنون الجميلة . 
قرب تمثال اغريقي كان يزين مدخل البناية التقيته . ومنه عرفت مقدار حبه وامتنانه لسنوات دراسته في معهد الفنون الجميلة ، الذي يصف سنواته بل ايامه فيه كانت من أجمل أيام حياته . حيث اساتذته ، ذوو المزايا الخاصّة بل والنادرة ، والبناية التي تشرف على البلاط الملكي حيث ملك العراق يمارس فيه اعماله ، يقول " تخرّجت منه و قد أدّيت فيه خلال السنوات الثلاث – وهي مدة الدراسة فيه آنذاك – ما لا يقل عن 200 مشهد مسرحي ، ابتداء من العام 1957م وحتى تخرجي منه نهاية العام 1960م ". حدثته عن سابق معرفتي به عندما كنت أقطن مدينته الناصرية . فتحمس لي وعرض علي وساطته لدى اعضاء لجنة الاختبار ، ولا أتذكر وقتها هل وافقته ام لا . واستمرت لقاءاتنا بعدها في الفضاءات الفنية المتعددة التي يلتقي فيها الفنانون عادة . ولم يكن من طبع محسن العزاوي التعالي على الوجوه الجديدة امثالنا ، وهو الذي شجعني مثلما شجع اقراني على تكرار اللقاءات به ، ومعه تعرفنا على ما تبقى من اساتذة معهد الفنون الجميلة من امثال : فاضل قزاز ، محسن سعدون ، خالد سعيد ، عبدالوهاب الدايني ... وسواهم .
تعرف الإخراج العربي المعاصر ، على نوعين من الاخراج أو قل نزعتين هما : المقلدة للمسرح الأجنبي ، التي استفادت حرفيا من التجربة ، وقلدتها في أدق تفاصيلها ، تلك النزعة التي تبدأ بالنقاش وتأثيرات ( البخيل لـموليير ) به حد نقلها الحرفي الى المسرح العربي عن المسرح الفرنسي نصا ، واخراجا ، وتمثيلا ، ومضمونا ، وشكلا . محسن العزاوي لايحسب عليها ، لكنه يحسب على النزعة الثانية ، التي تخلصت من التأثيرات الأجنبية واعتمدت على مخزون بلدانها في استثمار المضامين والأشكال ، وفي الرجوع الى التراث العربي الذي أبعد تجاربهم كثيرا عن التأثيرات الأجنبية . وعليه فان تأجيلي التعرض لتجربته كل هذا الوقت كان لاسباب واحد منها الذي نوهت اليه وثانيها يكمن في تجاربه وما يكتنفها من تعقيد ، فالكثير من تجاربه التي استوقفني كانت مدهشة ، لاسباب المشاكسة ، والتحدي ، والتنوع ، وهو رأي يتفق معي فيه ( يوسف العاني ) حين يصف تجارب محسن العزاوي : على انها محاولات تميزت بالتعددية ، والتنوع في الاختيار الذي تميز فيه . فهو حتى في اختيار نصوصه لم يكن سهلا ، لقد كان يختارها بما يتفق مع التوجهات المختلفة وسياسة كل واحدة من الفرق التي تعامل معها . لقد تميزت تجاربه بالتنوع الذي يصل حد التناقض الذي لا تجمعه وحدة اسلوبية أو فنية . ان التنوع بالمضامين والاشكال أخرج عروضهم المسرحية من مسرح العلبة والقاعات المغلقة إلى فضاءات أكثر رحابة اتسعت لجماهير أوسع فذهبوا من أجلها الى : الساحات ، والمقاهي ، والمدارس ، والمعامل ، والمستشفيات وفضاءات أخرى تنوعت بتنوع الموضوعات التي تناولتها . كانت المرحلة تعج بالجديد ما دعا الى استقطاب مريدين متميزين في الاجيال اللاحقة . ولم تقتصر نصوصهم على النصوص المعاصرة وحسب وانما عالجوا كل النصوص بعقلية الحاضر ، ولا ننسى تجارب محسن العزاوي في تقديمه للكلاسيكيات ومنها ( روميو وجولييت – لـ شكسبير ) ، أو الاحتفاليات في تقديمه لـ ( باب الفتوح – لـ محمود ذياب ) أو ( الغرباء لا يشربون القهوة ) وسواها على مستوى الاخراج ، أو أدواره المتميزة في المسرح ومنها على سبيل المثال دوره في مسرحية ( البيك والسايق – للمخرج ابراهيم جلال ) . وهكذا فقد كان للتنوع في التأليف الذي لم يستثن المحليين الى الكتاب العالمين ، فقدم مثلما قدم جيله عروضا للعديد من الكتاب الكبار أمثال : ( سوفوكلس ، وأرستوفان ، شكسبير ، وموليير ، وغوركي ، تشيخوف ، واونيل ، وابسن ، ودورينمات ، وبيتر فايس ، وميكان تيري... وسواهم ) من الكتّاب برؤى ومعالجات معاصرة.

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9