أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأربعاء، مايو 19، 2010

الفنانة زينب صوت من المنفى وصور في ذاكرة الإبداع العراقي / جمانة القروي

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الأربعاء, مايو 19, 2010  | لا يوجد تعليقات


                                                                          الفنانة زينب مع الفنان الرائد يوسف العاني



هل يذكرنا الناس الذين سيأتون بعد مائة عام أم ينسوننا؟ هذه الجملة قالها الكاتب العظيم تشيخوف في مسرحية " الشقيقات الثلاث " وكأنه كان يتنبأ بالمستقبل ويخاف الأيام التي قد تعبث بذاكرة الناس فلا يعودون يتذكرون مبدعيهم وصانعي تراثهم .. فهل يذكر العراقيون الفنانة زينب ؟؟ انها فنانة مسرحية معطاءة .. عرفتها مسارح بغداد والمحافظات، ممثلة ملتزمة وظفت فنها من اجل مسرح عراقي تقدمي هادف يرفع من مستوى الذوق الفني العام. مناضلة تقدمية شجاعة وقفت حياتها وفنها من أجل قضية شعبها ووطنها.. فهل بقي أحد من جيل الخمسينيات والستينيات الذي سحق تحت رحى التعذيب والإرهاب والمقابر الجماعية يتذكر صرختها وهي تقول " أنه أمك يا شاكر "!!! وهل يعرف جيل السبعينيات والثمانينيات .. جيل الحصار والحروب والقمع من هي " سليمة الخبازة " في (النخلة والجيران) لرائعة غائب طعمة فرمان؟ .. وأنى لهم ذلك وسلطة الموت والخوف حرفت تاريخ العراق وطمست كل ما هو تقدمي ووطني؟ ... من هي زينب ؟؟ امرأة متسلحة بالطيبة والبساطة ، ذات قيم ومبادئ.. مناضلة إيمانها ثابت بقضايا شعبنا الأساسية .. فنانة ذات موهبة إبداعية رفيعة .. ولدت فنانة الشعب زينب " فخرية عبد الكريم " في بغداد بين أحضان عائلة وطنية معروفة في مقارعتها للظلم والتعسف والاستعمار والإقطاع ، كان والدها يعمل مديرا للزراعة ، وبحكم ذلك انتقل وعائلته إلى العديد من المحافظات العراقية ومنها محافظة الناصرية " ذي قار " حيث نشأت وترعرعت هناك.. ثم انتقلت إلى محافظة الكوت " واسط " لتكمل فيها المرحلة المتوسطة.. ثم عادت إلى بغداد وهناك تابعت دراستها الإعدادية ثم دخلت دار المعلمين العالية وتخرجت فيها .. في عام 1948 دخلت المعترك السياسي ، فكان لها دور بارز ومتميز في الكفاح الذي خاضه شعبنا ضد معاهدة بورتسموث وحكومة صالح جبر إبان وثبة كانون المجيدة ، حيث كانت زينب في مقدمة المظاهرات الطلابية التي اجتاحت بغداد آنذاك.. انتمت إلى الحزب الشيوعي عام 1950 .. وساهمت بشكل فعال في المظاهرات التي اجتاحت بغداد في تشرين الثاني عام 1952 وما رافقها من المعارك الدموية التي خاضها شعبنا ضد حكوماته الرجعية .. التحقت الفنانة زينب بفرقة " المسرح الحديث " سنة 1959 ، حيث قدمت أول أدوارها وهو أم شاكر في مسرحية " انه أمك يا شاكر " .. مع الفنان يوسف العاني .. ثم توالت أعمالها المسرحية والتلفازية والسينمائية والإذاعية .. إلى جانب موهبتها الفنية ، كانت تكتب القصة القصيرة وكذلك التمثيليات الإذاعية ، كان يُسمع لها كل أسبوع تمثيلية إذاعية من تأليفها .. استمرت الفنانة زينب في عطائها الفني إلى أن وقع انقلاب 8 شباط عام 1963 المشؤوم ، فخرجت لتؤدي واجبها الوطني في الدفاع عن ثورة 14 تموز المجيدة مع جماهير الشعب من اجل بقاء شعلة الثورة وهاجة ، إلا أن أعداء الشعب القتلة كانوا قد صمموا واعدوا كل شيء من اجل وأعداد الثورة. فاضطرت للهروب إلى كردستان والمكوث هناك حوالي سنة ونصف السنة، إلا أنها عادت إلى بغداد عام 1965 لممارسة نشاطها في المنظمات النسائية وعملت مدرسة في مدرسة النجاح الأهلية. أعيدت زينب إلى وظيفتها أسوة بباقي المفصولين السياسيين عام 1968 حيث عينت في مدرسة ثانوية المنصور ثم أصبحت فيما بعد مشرفة تربوية .. في نفس العام مثلت مع الفنان خليل شوقي فيلم " الحارس " الذي حاز على الجائزة الفضية لمهرجان قرطاج السينمائي في تونس .. أزدهر عطاء الفنانة زينب في السنوات التالية من خلال فرقة " المسرح الفني الحديث " فمثلت أدواراً جادة وهادفة في مسرحيات " تموز يقرع الناقوس "و"الخرابة " و"الخان "و "بيت برنادا ألبا " التي حازت فيها على جائزة أحسن ممثلة في العراق أما دورها في مسرحية " النخلة والجيران "فقد كانت نقلة هامة في حياتها الفنية ، فمن منا لا يذكر " سليمة الخبازة "؟؟ لم يقتصر عطاؤها الفني على السينما والمسرح ، بل قدمت أعمالا كثيرة للإذاعة والتلفاز ومن أهم تلك الأعمال " الربح والحب " ، " بائع الأحذية " وقد نالت عن هذين العملين الجائزة الأولى في مهرجان الخليج التلفازي. اقترنت الفنانة زينب بالمخرج والفنان لطيف صالح عام 1970 ليكون رفيق مشوارها الفني والسياسي، وعملت في نقابة الفنانين وفي اتحاد الأدباء ورابطة المرأة العراقية منذ تأسيسها. 


قامة المسرح الفارعةإختارت “ فنانة الشعب الراحلة “ زينب المنفى الإجباري بعد أن قامت السلطة المجرمة بتشديد الخناق عليها وذلك بمنعها من دخول مبنى الإذاعة والتلفاز وجرى توقف عرض المسلسلات التي كانت الراحلة تكتبها للإذاعة مثل (أمل والريح) و(ما فات القطار )و(في مهب الريح) و(الساقية المهجورة) وتعددت المنافي (في عدن وسوريا وصوفيا والسويد وغيرها). كان الوطن والمسرح هاجسها الدائم فكانت تقوم بتشكيل الفرق المسرحية مع زوجها الفنان لطيف وبمشاركة نخبة رائعة من الممثلين العراقيين التقدميين، في الوقت الذي تقوم به بتمثيل أغلب الأدوار الرئيسية. ففي عدن ساهمت بإنشاء فرقة الصداقة وفي سوريا فرقة بابل وفي السويد فرقة مسرح سومر ، ومن المسرحيات التي قدمتها في الغربة : ثورة الموتى ، القسمة والحلم ، المملكة السوداء ،رئيس المملوك جابر ، غرف التعذيب ،والأم والتي هي رواية للكاتب مكسيم غوركي، والجوع ، ويا غريب إذكر هلك ، وقارب في غابة وغيرها الكثير وحينما مكثت في دمشق كان أكثر أعمالها لإذاعة صوت الشعب العراقي. هذه الإذاعة كانت تبث من العاصمة السورية دمشق البرامج والأناشيد الوطنية للدعاية والتحريض ضد النظام العراقي المنهار ! وكانت الراحلة تملك ثقافة عالية عكستها كتاباتها الدرامية ومنها : ليطة والريح والحب وتحقيق مع أم حميد وبائعة الأحذية ، ونحن نتذكر بألم بالغ رحيل الإبنة البارة لشعبنا العراقي الذي غيبها الموت عنا في وقت مبكر وهي في أوج عطائها الفني ، لا يسعنا إلاّ أن نشاطر رفاقها وأصدقاءها ومحبوا فنها الأصيل ، الحزن والألم في داخل العراق وفي الدول التي يتواجد بها أبناء العراق وما أكثرها !! ونطلب من الحكومة العراقية بأن تقيم لها تمثالاً يتوسط إحدى ساحات بغداد الرئيسية وأن تجمع تراثها الفني من مسرحيات الى أفلام وغيرها وأن تقوم بتعريف المجتمع العراقي بها وخاصة الجيل الجديد !! وأن تصدر طابعاً عراقياً لتخليدها وقبل ذلك كله على الحكومة أن تمنح عائلتها راتباً تقاعدياً مع جميع مستحقاتها الأخرى .
ستبقى فنانة الشعب زينب في قلب كل عراقي أصيل ، الخلود لها ولفنها الرفيع ويا أحباءنا أوقدوا الشموع وضعوا الزهور على قبر زينب في الثالث عشر من آب ذكرى رحيل إبنة الشعب العراقي والقامة الفارعة للسينما والمسرح العراقي الملتزم ، بعد صراع مرير مع مرض السرطان ، الذي قضى عليها في نهاية المطاف ، بعد أن وقفت شامخة ومتحدية له مدة طويلة الى حد ما ! ( الفنانة الرائعة زينب ) حيث توقف قلبها الحنون عن الخفقان في مثل هذا اليوم في مدينة يوتوبوري السويدية وهي بين رفاقها وأصدقائها من الفنانين والأدباء والشعراء وغيرهم ، بعد شهور عديدة عاشوها بحزن وألم حينما سمعوا بصراعها مع المرض ولم تنقطع زياراتهم عنها حتى آخر لحظة من حياتها المليئة بالعطاء وبحب الناس ، وتوافد المشيعون عليها من عدة دول بالإضافة الى المدن السويدية وكانت عيونهم تغرق بالدموع وهم يعزون زوجها الفنان لطيف الذي وقف بصبر رجولي الى جانبها كل لحظة وكان يشد من أزرها لتحمل الألم والمعاناة ، والذي كانت خسارته لها لا تقدر بثمن. 
 

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9